الأحد، 4 يناير 2009

TUNISNEWS

8 ème année, N° 3148 du 04.01.2009

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف: يوميات المقاومة:غزة رمز العزة (9)

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:بالتزامن مع العدوان على غزةالبوليس السياسي يدوس،مجددا الحقوق الدستورية للمواطنين..!

كلمة:تونسيات مقيمات بغزة لكلمة: نطلب منكم ان توقفوا هذه المذبحة

كلمة : المركزية النقابية تؤيّد إضراب قفصة

البديـل عاجل : مسيرات للتنديد بالعدوان الصهيوني ومساندة أهالي غزّة

الرابطة الإسلامية في السويد   :بيِـــــــــــــــــــــان

إسلام أونلاين نت : معضلة إسرائيل في غزة.. أين « الأشباح »!

إسلام أونلاين نت :غزة المكشوفة تتسلح بالأفخاخ..الأنفاق والإرادة

رياض الشعيبي: استراتيجيات معركة غزة

عبد السّلام بو شدّاخ :  من أجل نصرة أهلنا في غزة

طارق الكحلاوي : مصر وغزة.. و«الأمن القومي»

توفيق المديني:هل من رهان بعد على مقولة الشارع العربي»؟

رشيد خشانة : الروس والأوروبيون فلسطينيون أكثر من العرب

آمال قرامي :  غزّة…. والرابح الأكبر

فهمي هويدي: اللعب علي المكشوف

 الأخضر الوسلاتي: غزّة الأبيّة

شعر علي بوراوي  :يَا عَمّي مَحْمُودْ

الخبر: القضية فجرتها  »الخبر » من تبسة: زيت مغشوش يهدد جريدة تونسية بالزوال

مراسلون بلا حدود : تعرّض صحافيين مستقلين للتنكيل

البديـل عاجل  :هل يتنحى السيد عبد السلام جراد عن مركزه كأمين عام للاتحاد؟

الصباح: تركيبة جديدة للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة

أصحاب مبادرة STOP.MOUATINOUN:تنويه وتعليق عريضة ضد صحيفة مواطنون

صلاح الجورشي : حسيب بن عمار وربيع الصحافة في تونس

احميدة النيفر: الحوار الإسلامي المسيحي (2).. هل يثمر اللقاء والمشي قهقرى؟

محمد العروسي الهاني : يوم 3 جانفي 1934 يبقى العلامة البارزة في حياة الحزب و النضال البورقيبي و درسا بليغا لمن يتعاطى السياسة


 

Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:

 


 

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في  07 محرم 1430 الموافق ل 04 جانفي 2009

يوميات المقاومة غزة رمز العزة (9)

– عبر العديد من المصلين في تونس عن بالغ استياءهم  من عدم تعرض الأئمة في صلاة الجمعة إلى ما تشهده غزة من عدوان همجي على الشعب الفلسطيني الأعزل و المحاصر و الصامد و المجاهد و اعتبروا ذلك مظهرا من مظاهر الحصار المفروض على الشعب التونسي لمنعه من التعبير بحرية و تلقائية عن تضامنه الواسع مع غزة رمز العزة.  

1) ولاية سوسة: خيمة متواصلة: في دار الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة تتواصل التفاعلات لنصرة غزة و ذلك بتواصل فعاليات الخيمة المفتوحة لجمع التبرعات المالية. مسيرة في مدينة السواسي بولاية سوسة: نظمت اليوم الأحد 04/01/2009 صباحا بمدينة السواسي مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للمجزرة في ظل تخاذل عربي و تواطىء دولي و رفعت فيها شعارات تدين الهجمة الشرسة من قبل الصهاينة على شعبنا الأعزل في فلسطين و قد انظم اليها العديد من المواطنين حيث وصل عدد المشاركين فيها الى ما يزيد عن 500 . 2) ولاية أريانة: تجمع اليوم الأحد 04/01/2009 على الساعة العاشرة صباحا حوالي 200 نقابي و سياسي أمام مقر الاتحاد الجهوي بأريانة و رفعوا شعارات تساند شعبنا في غزة و تدين العدوان عليه من قبل الصهاينة ثم تحولوا إلى داخل الاتحاد حيث ألقيت محاضرة حول ؛؛ صمود غزة و حريتها ؛؛ و استتبعت بمداخلات من العديد من الحضور و مقترحات للتحرك في الأيام القادمة. 3) ولاية صفاقس: نظم الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس  بمشاركة ما بين 2000 الى 3000 نقابي و سياسي مسيرة تضامنية مع غزة  حيث اعترض لها البوليس و قمعها بالقوة و لكن المشاركين فرضوا أنفسهم.  4- ولاية جندوبة انتظمت اليوم 04/01/2009 في مقر الحزب الديمقراطي التقدمي بولاية جندوبة ندوة برئاسة الأستاذ أحمد نجيب ألشابي و الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي السيدة مية الجريبي و كان موضوعها العدوان الغاشم على أهلنا بغزة  و قد حضرها العديد من الفعاليات السياسية و النقابية بالجهة. 5- ولاية قفصة انتظم في مقر الاتحاد الجهوي بقفصة اجتماع نقابي بحضور سبعة من المركزية النقابية برئاسة السحيمي و دار النقاش حول ثني الاتحاد الجهوي بقفصة  عن عزمه القيام باضراب يوم الثلاثاء في كل القطاعات و رغم ان النقاشات طالت حتى المساء إلا أن الاجتماع خرج بإصرار الاتحاد الجهوي على دعوته لتفعيل الإضراب يوم الثلاثاء 06/01/2009 في كل القطاعات. 6- ولاية قبلي حاول بعض السياسين و النقابيين يوم السبت 03/01/2009 الخروج بمسيرة من مقر الاتحاد الجهوي بقبلي إلا أن الحضور كان ضعيفا و لم تنجح في الخروج  و قد ساهم التجمع – الحزب الحاكم – بتنظيم مسيرة صغيرة بمفرده و محاولته إضعاف مسيرة الاتحاد، و تفيد مصادر نقابية من نقابة التعليم أنها ستعمل على القيام بمسيرة بعد رجوع المعاهد و المدارس لاستئناف الدروس. 

و حرية و انصاف :

1/ تدعو الشعب التونسي و قواه الحية من أحزاب و منظمات و جمعيات إلى الاستمرار في التعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الصامد و المجاهد في غزة ضد العدوان الصهيوني الهمجي و كل من يقف معه بالوسائل السلمية المتاحة. 2/ تدعو السلطة للكف عن قمع التحركات المساندة للشعب الفلسطيني و احترام حق التونسيين و التونسيات الدستوري في التعبير و التنقل و الاجتماع و التظاهر السلمي. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


 » الحرية للدكتور الصادق شورو  »  » الحرية لجميع المساجين السياسيين  » الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 04 جانفي 2009

بالتزامن مع العدوان على غزة   : البوليس السياسي يدوس ، مجددا ،  الحقوق الدستورية للمواطنين    ..!

 
فيما تتواصل حرب الإبادة التي تشهدها غزة وسط تواطؤ القوى الكبرى و تخاذل الأنظمة العربية ، لا تزال السلطات تصر على الرد القمعي العنيف على كل مظاهر التفاعل العفوي المتضامن مع صمود نساء و رجال غزة  في وجه الإجتياح البربري  غير المسبوق ، فبعد التصدي بالهراوات لمظاهرات النقابيين و تشتيت مسيرات المحامين عمدت قوات البوليس بمدينة منزل بورقيبة إلى احتجاز 15 فتاة وامراة و اقتحام منازل عدد آخر بعد مشاركتهن في مسيرة تنديد بالعدوان على غزة إثر صلاة الجمعة يوم 02 جانفي 2008  و من بين الموقوفات الشقيقتان أسماء وخولة البجاوي و الشقيتان  سماح وريم الخميري  اللتان تم اعتقالهما من بيتهما بعد صلاة الجمعة و أطلق سراحهما على الساعة الثامنة ليلا ، علما  أن أسماء  البجاوي قد تعرضت للإعتداء بالضرب بحضور والدها رضا البجاوي في المركز من قبل  العون عادل مغروم .. و إذ تعبر الجمعية عن استنكارها لمجابهة التعاطف العفوي للمواطنين مع صمود إخوانهم في غزة  بالعصي و الإعتقالات و اقتحام المنازل ، فإنها تطالب باحترام مشاعر الشعب التونسي و الحق الدستوري للمواطنين في التظاهر السلمي ، و تعبر عن تخوفها من انطلاق حملة ترهيب للتلاميذ و الطلبة ( بمناسبة العودة إثر العطلة  المدرسية  ) لإثنائهم عن التعبير عن تعاطفهم مع إخوانهم في غزة ..                                           عن فرع بنزرت                                              رئيس الجمعية                                    الأستاذة سعيدة العكرمي


تونسيات مقيمات بغزة لكلمة: نطلب منكم ان توقفوا هذه المذبحة

 

 
محمد ظافر عطي و مروى الرقيق   تعيش العائلات الفلسطينية في غزة هذه الأيام وضعية صعبة للغاية منعكسة  أيضا على عائلات الجاليات العربية الأخرى و منها العائلات التونسية التي اكتفت السلطات التونسية بمهاتفتها للاطمئنان عل أحوالها دون أن تقوم بأي خطوة عملية كالتدخل لدى المنظمات الدولية أو السلطات الإسرائيلية من أجل إخراجهم. هذا الموقف يأتي متزامنا مع الصمت المطبق من قبل وسائل الإعلام الرسمية. هذه الحالة لا تعود كلها بالضرورة إلى الحصار الصهيوني فقط و إنما تعود إلى مشكلة عدم توفر الوثائق اللازمة للخروج من غزة.         حول وضعية التونسيين المقيمين  هناك في ظل الأحداث الجارية كان لكلمة اتصال مع السيدة « ليلى الهدمي » تونسية الأصل و المتزوجة من فلسطيني  و الغير قادرة على العودة إلى تونس نظرا للحصار الموجود حاليا و لعدم حيازة زوجها و أحد أبناءها على وثائق الهوية.. فكان الحوار التالي …       تونسية تعرض منزلها للقصف في غزة تصف حالتها لكلمة تعرض منزل السيدة »فاطمة  بوبكر الدريدي » بمنطقة تل الهوى، حي الوزارات، في غزة إلى القصف مما أدى إلى تدميره كليا و تلف كل المخزون الغذائي.هذه اتصلت بالسفارة التونسية برام الله فإنها لم تتلقى  أي رد إلى حد الآن. و قد توجهت السيدة فاطمة المصابة بمرض في القلب عبر موقعنا بنداء غالى السلطات التونسية قصد التدخل عند الجانب الإسرائيلي لإخراج العائلات التونسية من غزة معبر بيت حانون متسائلة: هل نحن أبناء تونس أم لا؟ كلمة اتصلت بهذه السيدة و كان معها هذا الحوار… الرابط: http://www.kalimatunisie.com/ar/11/80/171/  

 
 
 (المصدر: موقع مجلة « كلمة » (محجوبة في تونس) بتاريخ 04  جانفي 2009)  

المركزية النقابية تؤيّد إضراب قفصة

 

 
 
نشرة لطفي حيدوري  قفصة- كلمة- خاص أقرّت اليوم الأحد الهيئة الإدارية الجهوية باتحاد الشغل بقفصة بحضور سبعة أعضاء من المكتب التنفيذي دعوة الإضراب الجهوي يوم الثلاثاء 6 جانفي المقبل. وفشلت بالتالي كل مساعي إفشال تحرك نقابيي قفصة بعد اتخاذهم قرارهم المذكور يوم الخميس المنقضي إثر منعهم من الخروج في مسيرة والاعتداء عليهم من قبل قوات حفظ النظام وأعوان البوليس السياسي. وكان والي قفصة قد دعا الأحزاب السياسية (باستثناء التكتل الديمقراطي) ومنظمات المجتمع المدني إلى اجتماع يوم الجمعة 2 جانفي للتنسيق في إعداد مسيرة (وطنية) بقفصة ليوم السبت، دعوة ردّ عليها في نفس اليوم الاتحاد الجهوي للشغل بعقد هيئة إدارية الرابعة من نوعها خلال الأسبوع المنقضي أعاد فيها تأكيد قرار الإضراب. وسيّرت الولاية مظاهرة « وفاقية » أجمع شهود عيان على فشلها في تعبئة مواطني قفصة.  من جهته طار كاتب عام الاتحاد الجهوي عمارة العباسي إلى العاصمة وأجرى يوم السبت عددا من الاتصالات تقرّر على إثرها دعوة الهيئة الإدارية الجهوية للانعقاد للمرة الخامسة. وفي تصريحات خاصة لكلمة أكّد عضو بالهيئة الإدارية الجهوية لاتحاد الشغل بقفصة أنّ أعضاء المركزية النقابية زكّوا إضراب الثلاثاء القادم وأنّ عضو المركزية النقابية محمد السحيمي أمضى على القرار النهائي. وأضاف مصدرنا أنّ من قرارات اجتماع اليوم تكليف أعضاء من المركزية النقابية بمتابعة تنفيذ الإضراب الجهوي ميدانيا يوم الثلاثاء في قفصة. وقد حضر اجتماع اليوم أغلبية القيادة النقابية (محمد السحيمي، عبيد البريكي، بلقاسم العياري، منصف الزاهي، مولدي الجندوبي، حسين العباسي، رضا بوزريبة) فيما تغيّب علي رمضان الذي يتولّى نيابة الأمين العام الموجود بسوريا رفقة كل من محمد سعد ومحمد شندول. يذكر أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل قد استنكر بشدّة في بيان له صدر إثر مشاركته في مسيرة غرة جانفي بالعاصمة اعتداءات عناصر الأمن غير المبرّرة على المشاركين في المسيرة، كما عبّر عن « مؤازرته اللاّمشروطة لكافة النقابيين والشغالين في الجهات الذين تمسّكوا بحقّهم في التظاهر تنديدا بالعدوان على غزّة، مستنكرا اعتداءات قوات الأمن عليهم ».
    (المصدر: موقع مجلة « كلمة » (محجوبة في تونس) بتاريخ 04  جانفي 2009)


 

مسيرات للتنديد بالعدوان الصهيوني ومساندة أهالي غزّة

   

في سوسة: مسيرة حاشدة مستقلة وناجحة بكل المقاييس تحت ضغط الشارع في كافة الجهات، وأمام إصرار نقابيي جهة سوسة على فرض حقهم- مثل غيرهم في كافة بلدان العالم – في التظاهر والإحتجاج على المجازر في غزة ومن أجل مساندة المقاومة الفلسطينية الباسلة، اضطرت السلطة التونسية للتراجع و »التنفيس » الظرفي في درجة الإحتقان لغاية التضليل والإيهام بالدفاع عن القضية الفلسطينية، أمام هذا وذاك تجمّع النقابيون والحقوقيون والديمقراطيون والشبيبة الطلابية المناضلة يوم السبت 3 جانفي بمقر الإتحاد الجهوي للشغل ونزلوا للتظاهر بأعداد غفيرة (ما يزيد عن 1500) مرددين شعارات الإدانة والشجب للعدوّ الصهيوني الغاشم والأنظمة العربية العميلة، ومطالبين بحقهم المشروع في التعبير المستقل عن غضب طفح به الكيل، وكاشفين الأقنعة عمّن يتظاهر للدفاع عن فلسطين ومن يتظاهر بالدفاع عن فلسطين من أمثال عصابات الشعب الدستورية وقيادات الحزب الحاكم الذي لم يقدر حتى على القيام بمسيرة شكلية تستر عورته كان قد برمج لها في الحادية عشر ليتخلى عنها بسرعة بغاية احتواء مسيرة اتحاد الشغل والمجتمع المدني في الساعة الواحدة بعد الزوال، إذ فشل فشلا ذريعا في ذلك وظل أضحوكة النقابيين، وهو الحزب الظالع في حشد الآلاف في المؤتمرات الصورية ومهازل التزكيات والإستفتاءات الإنتخابية والإستعراضات الهستيرية التي مجّها التونسيون. لقد وجّهت القوى النقابية والحقوقية والشبابية في هذه المسيرة الحاشدة المستقلة والجريئة التي دامت حوالي ثلاث ساعات وجابت الشوارع الرئيسية للمدينة صفعة قوية لمن مارس عليها العنف والإرهاب يوم الخميس الفارط ولقنت الحزب الحاكم درسا بليغا في النضال القومي والوطني الصادق، كما وقفت هذه القوى التقدمية بدورها على أهمية عملها المشترك ووحدتها المناضلة، وأن النضال وحده – وليس التهادن – هو القادر على تغيير موازين القوى سواء كان في فلسطين أو تونس أو غيرها سواء تعلق الأمر بالملف القومي أو الوطني أو الإجتماعي، وأن البدائل الديمقراطية المستقلة عن السلطة وأعوانها وخدمها هي الوحيدة القادرة على رسم معالم الحرية والديمقراطية، وأن القضية الفلسطينية شأنها شأن القضايا الوطنية والإجتماعية لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تكون محطة للعمل المشترك مع حزب الفاشية ووكلاء الإستعمار كما مارس ولا يزال يمارس البعض في مثل هذه المناسبات، كما لا يمكن أن تنطلي علينا أقاويل من نوع أن السلطة قامت بهذه الخطوة أو تلك لفائدة الشعب الفلسطيني، فسياسة الحزب الحاكم ظلت معادية للقضية الفلسطينية على طول الخط والتآمر عليها ظل هو سيد الموقف (ولا يسع المجال لذكر الأمثلة). أما التوظيف الديماغوجي والسمسرة بالقضايا العادلة فكان ولا يزال الملاذ الأخير الذي تلتجئ إليه أنظمة العمالة والخيانة الوطنية عندما تحشرها الجماهير في الزاوية وتخلع عنها أقنعة الرياء وتكشف حقيقتها البشعة وهو ما لم تدركه أو لا تريد إدراكه أيضا الأحزاب الإصلاحية الدائرة في فلكها.   مواطنو بنزرت في مسيرة شعبيّة لمساندة غزّة جابت صبيحة اليوم السبت 03 جانفي 2009 شوارع مدينة بنزرت عاصمة الجلاء مسيرة شعبيّة لمساندة غزّة والشعب الفلسطيني في حرب الإبادة الجماعيّة التي يتعرّض لها على أيدي الآلة العسكريّة الصهيونيّة والمدعومة من طرف الإمبريالية الغربية. هذا وقد إنطلقت المسيرة من أمام مقرّ الجهوي للإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت بعد أن رفض المكتب التنفيذي الجهوي وكلّ النقابيين بالجهة أن تكون المسيرة مشتركة مع التجمّع الدستوري الديمقراطي حيث أنّ السلطة كانت تريد تنظيم مسيرة موحّدة مع الحزب الحاكم والمنظمات التابعة له وهو الشيء الذي وقع رفضه من طرف كلّ النقابيين والمكتب التنفيذي الجهوي. ولقد رفعت خلال المسيرة العديد من الشعارات المندّدة بالعدوان والتي تعبّر عن مدى الترابط بين الشعب التونسي والشعب الفلسطيني ومنها: – شعب عربي واحد وطن عربي واحد –  الموت لإسرائيل –  حرب الشعب هي الحل ضد الغاصب والمحتل –  غزّة غزّة رمز العزّة –  عملاء الإمبريالية هزّو أيديكم على القضيّة –  لا مصالح صهيونية على الأراضي التونسيّة جبنيانة وفي جبنيانة انطلقت ظهر اليوم على الساعة الثانية بعد الزوال مسيرة حاشدة ضمّت حوالي 2500 متظاهر، وجابت شوارع المدينة رافعة شعارات التضامن والمساندة لفلسطينيي قطاع غزّة كما أنشد المتظاهرون نشيد الأممية. وعلى صعيد آخر، عبّر هؤلاء بالمناسبة عن تضامنهم مع مناضلي الحوض المنجمي.   (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 3جانفي 2009)   

الرابطة الإسلامية في السويد السلام عليكم جميعا ورحمة الله تعالى وبركاته بيـــــــــــــــــــــان

 

الأخوة الأحباب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته                    وبعد،   في هذا الظرف العصيب الذي كثر فيه الأعداء والمتربصون والمتواطئون والساكتون وعز فيه النصير والمعين إلا العون من رب رحيم،  في هذا الظرف يجب على كل صادق أبي أن يشهد شهادة حق ويعمل ما في وسعه على وقف الظلم وكبح آلة القتل والدمار التي لم يسلم منها الأطفال الأبرياء في منازلهم والمصلين العابدين في مساجدهم والعمال الكادحين في أماكن عملهم ولهذا فقد اتخذت الرابطة الإسلامية في السويد خطوات عملية للمساهمة في صد العدوان ونصرة المظلومين وكشف المؤامرة و المتواطئين. ومن هذه الخطوات: 1.      تنظيم اعتصام يوم السبت 27/12 2.      تنظيم مظاهرة يوم الجمعة 02/01/2009 3.      تنظيم مظاهرة مشتركة غدا الأحد على الساعة 14.00  يكون التجمع بساحة سارغل توري وسط استوكهلم 4.      تنظيم مظاهرات قادمة يعلن عنها في حينها … 5.      تم إصدار بيانات صحفية تندد بالعدوان وقتل الأبرياء وتجويع شعب غزة 6.      إدانة موقف الحكومة السويدية  والإعلام السويدي المنحاز للعدو  وإدانة المواقف العربية المتخاذلة 7.      تخصيص خطب الجمعة للحديث عن العدوان وكشف جرائم الصهاينة 8.      تنظيم حملة لجمع التبرعات في المساجد وقد شرع في ذلك بداية من الجمعة 02/01/2009 9.      دعوة أعضاء الرابطة وبقية المسلمين للتبرع ب 10% من راتب شهر 12  على الأقل. 10. تنظيم صلاة التهجد والقيام في المساجد والدعاء لإخواننا في غزة  وقد شرعنا في هذا بداية من الليلة في مسجد استوكهلم الكبير ، المركز العام للرابطة وشارك في الصلاة العشرات بإمامة الدكتور هيثم رحمة 11. الصيام والدعاء خلال الإفطار والأفضل تنظيم إفطار جماعي وقد نظمت ذلك الرابطة في استوكهلم يوم الخميس 01/01/2009 ومثل هذا العمل يجب أن يتكرر ويستمر 12. تنسيق الجهود مع جميع الشرائح والاتجاهات الأخرى المناهضة للحرب والعدوان وقد عقد اجتماع في هذا الغرض مع  » شبكة ضد الحرب » التي نشطت في السابق ضد غزو العراق وتضم العشرات من المنظمات وقد تم الاتفاق على العديد من الخطوات المشتركة يشارك فيها الجميع وسوف يعقد اجتماع آخر يوم الاثنين بالمسجد. 13. قامت الرابطة بالاتصال بالكنيسة السويدية للاتفاق على خطوات مشتركة وموقف داعم وواضح ضد الحرب والعدوان وهناك تجاوب كبير والحمد لله 14. قامت الرابطة بطلب مقابلة مع وزير الخارجية لكن الرد كان مخيبا للآمال حيث أشير علينا بمقابلة السفير المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا مما قدرناه استهانة بمشاعر المسلمين ومعاملتهم كمواطنين من درجة ثانية. ونحن بصدد إعداد رسالة في هذا الشأن توجه لرئيس الحكومة ولوزير الخارجية. 15. الدعوة لتكوين تنسييقية بين المؤسسات الإسلامية لوضع برنامج مشترك للتحرك وأدعو الاتحادات المركزية للاجتماع غدا الأحد بعد صلاة العشاء على الساعة 18.30 بالمركز العام للرابطة.   هذا جهد المقل وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وإليه ننيب والسلام عليكم ورحمة الله Mahmoud Khalfi, Chairman, Islamiska Förbundet i Sverige Direct: +46 8 509 109 10 | Mobile: + 46 704 86 99 53 Kapellgränd 10, 116 25 Stockholm Phone: +46 8 509 109 00 | Fax: +46 8 509 109 11 www.islamiskaforbundet.se 

 

معضلة إسرائيل في غزة.. أين « الأشباح »!

 

 
 
صالح النعامي- أحمد الغريب أسهب معلقون إسرائيليون عسكريون اليوم الأحد في عرض التكتيكات الإسرائيلية التي تستهدف تصفية أكبر عدد ممكن من مقاتلي المقاومة، أو الإيقاع بهم من خلال هجومها البري الذي بدأ في قطاع غزة مساء أمس. غير أن مصادر عليمة بالمقاومة أكدت لمراسل « إسلام أون لاين.نت » في غزة أنه في اليوم الثاني من هجومها البري لم تنجح إسرائيل في قتل أو القبض على مقاتل واحد من المقاومة. وأضافت تلك المصادر أنه: « منذ اليوم الأول للهجوم البري أدرك الإسرائيليون أن مقاتلي المقاومة بمثابة أشباح لا يدرون أين هي، ولا متى ستخرج لملاقاتهم، وتحول الأمر إلى معضلة لجيش الاحتلال ». ونقل أليكس فيشمان، المعلق العسكري بصحيفة « يديعوت أحرنوت »، عن مصادر عسكرية قولها إن للحملة البرية هدفين أساسيين، هما « قتل أكبر عدد ممكن من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وتقويض معنويات قيادة ونشطاء حركة حماس ». وذكر في تقرير نشرته الصحيفة اليوم أن الجيش قرر في أول تكتيكات حربه البرية أن تصل قواته إلى « تخوم المناطق السكنية » الفلسطينية لإغراء نشطاء الفصائل المختبئين داخل الكتل السكنية أو في مخابئ تحت الأرض بالخروج لملاقاتهم. وأردف قائلا: « هذا التكتيك يفترض أن يدفع عناصر القوة الدفاعية لكتائب القسام إلى مغادرة مواقعها؛ مما يسهل استهدافهم بشكل مباشر، بعد أن فشلت عمليات القصف من الجو حتى الآن في تمكين القوات الإسرائيلية من استهداف قادة وعناصر القسام ». في المقابل، نقل مراسل « إسلام أون لاين.نت » عن مصادر قسامية قولها: « سنبقى أشباحا وسنباغتهم وقتما نقرر على طريقة الأشباح أيضا ». نيران المدفعية أما التكتيك القتالي الثاني لقوات الاحتلال البرية، فيشير فيشمان إلى أنه: « يقوم على أساس التوسع في استخدام نيران المدفعية »؛ لتقليص فرص استهداف الجنود من جهة، وتمهيد الطريق من جهة أخرى لاقتحام مناطق سكانية مزدحمة يمكن أن تجري فيها اشتباكات مع مقاتلي المقاومة المتحصنين، بحسب المصدر نفسه. غير أن هذا التكتيك ربما يؤدي في النهاية إلى إيقاع عدد كبير من القتلى في صفوف سكان غزة المدنيين، كما يشير، ويضيف فيشمان: « قررت قيادة الجيش في هذا الصدد أن تعطي الأولوية أمام الضباط الميدانيين للقيام بكل ما من شأنه عدم المساس بالجنود، في الوقت الذي تعهدت فيه القيادة السياسية الإسرائيلية بالتصدي للاحتجاجات الدولية التي ربما تندلع بعدما تظهر صور القتلى المدنيين الفلسطينيين في وسائل الإعلام ». وأضاف فيشمان أن « التكتيك الثالث يفترض أن العملية البرية ستستمر لعدة أيام »، على أمل أن تجبر هذه المدة الطويلة أشباح المقاومة على الخروج من حصونهم لنفاد إمداداتهم من الغذاء والمؤن. قصف ثم اقتحام أما عاموس هارئيل، معلق الشئون العسكرية بصحيفة « هاآرتس » الإسرائيلية، فيبدي تفاؤلا أكبر بقدرة الجيش على اصطياد « أشباح المقاومة » خلال العملية البرية. ويقول هارئيل في تقرير نشرته الصحيفة اليوم: « الجيش لديه اعتقاد بأن الاجتياح البري من شأنه أن يسحق القوات النظامية لحماس، والتي لم تصاب حتى الآن إلا بخسائر قليلة ». ومتفقا مع فيشمان، كتب هارئيل أن إسرائيل ستتبع إستراتيجية قتالية تقوم على بذل أكبر جهد للحفاظ على أرواح جنودها، خاصة في مناطق القتال المزدحمة؛ حيث لن تتردد القوات في القيام بعمليات قصف عنيفة قبل أن تقرر اقتحامها من عدمه. وذكر في هذا الإطار أن الجنود الإسرائيليين لا يخرجون من آلياتهم إلا في مناطق تكون سيطرتهم فيها كاملة، وغالبا ما يكون ذلك في مناطق جنوب غزة، قرب منطقة الحدود المصرية مع القطاع؛ حيث يعتبر الاحتلال أن تواجد عناصر المقاومة فيها ليس بدرجة كبيرة، كما هو الحال في وسط وشمال القطاع. عناصر القسام وذكر مراسل « إسلام أون لاين.نت »، نقلا عن شهود عيان في منطقة رفح الفلسطينية قرب الحدود مع مصر، أن قوات الاحتلال قامت اليوم بتجميع السكان في بعض المناطق، مثل الجراجات والساحات، وشرعت في استجواب عشرات الشباب، أملا في اكتشاف العناصر المنتمية لكتائب القسام أو الفصائل الأخرى. و »فشلت عمليات القصف الجوي والبحري على مدار ثمانية أيام قبل انطلاق الهجوم البري في استهداف قادة وعناصر القسام، ولم تسفر عن مقتل وإصابة سوى عدد قليل منهم »، بحسب مصادر فلسطينية وإسرائيلية متطابقة. ويأمل جيش الاحتلال تحقيق إنجازات على الأرض تجبر حماس على قبول الشروط الإسرائيلية لتهدئة جديدة، وإبداء موقف أكثر مرونة فيما يتعلق بالجندي جلعاد شاليت، الأسير لدى الحركة منذ يونيو 2006. وتابع حديثه بالقول: « إن دخول القوات الإسرائيلية لقطاع غزة يعجل من قرب التوصل إلى حل سياسي للأزمة، خاصة مع توافر أنباء عن وصول وسطاء من الرباعية الأوروبية، وكذلك توقع وصول مندوب عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي »، مشيرا إلى أن ترجمة تلك المواقف من قبل العسكريين تؤكد أنه لم يتبق أمام الجيش الإسرائيلي سوى أسبوع واحد فقط من أجل تحقيق ما يريده من إنجازات على أرض الواقع. أشار الكاتب إلى أن لدى هيئة الأركان العامة الإسرائيلية اعتقاد بأن التطورات السياسية ستؤدي إلى وقف سريع للعمليات، ولكن لدى القوات الإسرائيلية العاملة في القطاع قدرة على البقاء لعدة أسابيع، بما في هذا تنفيذ عمليات نوعية، تتضمن اعتقال ما أسماه بعناصر إرهابية والبحث عن مخازن السلاح. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 4 جانفي   2009)  


 

غزة المكشوفة تتسلح بالأفخاخ..الأنفاق والإرادة

 
 
محمد الصواف غزة – استدراج جنود الاحتلال إلى أفخاخ وكمائن.. مدينة أنفاق في عمق الأرض.. التواري عن الأنظار.. صواريخ الرعب.. تنظيم عسكري متقن.. ركائز خطة محكمة أعدتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس لمواجهة الاجتياح البري الإسرائيلي لقطاع غزة الذي بدأ مساء أمس بعد 8 أيام من القصف الجوي والبحري العنيف أسفر عن سقوط أكثر من 470 شهيدا وألفي جريح، بحسب مصادر في المقاومة. وبدت ملامح نجاح هذه الخطة مع الساعة الأولى من بدء إسرائيل الاجتياح، وذلك رغم علم الاستخبارات الإسرائيلية بها منذ شهور وبكامل تفاصيلها كما تؤكد وسائل إعلام إسرائيلية، حيث قتل ضابط وسقط عشرات الجنود الإسرائيليين جرحى -بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية- في أول كمين نصبته لهم القسام على الحدود شرق قطاع غزة وتم خلاله تفجير عدة عبوات مضادة للأفراد. كما نقلت وكالة « رويترز » عن حركة حماس أن كتائب القسام أسرت جنديين إسرائيليين في غزة، وهو ما كان قد وعد به خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة، حال إصرار إسرائيل على تنفيذ عملية الاجتياح البري، قائلا: « سنأسر أكبر عدد من الجنود »، وتوعد بأن مفاجآت كثيرة في انتظار القوات البرية. واكتفى الجيش الإسرائيلي تعليقا على ذلك بالقول: « لا علم لنا بذلك ». وبحسب مصادر من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، فإن القسام أعدت مدينة أنفاق تحت الأرض، زرعتها بالألغام الأرضية المضادة للدبابات وأخرى مضادة للأفراد، وهذا يفسر القصف الجوي الشديد الذي نفذته الطائرات الإسرائيلية طوال يوم أمس للمناطق الزراعية والشوارع، استخدمت خلاله قنابل ارتجاجية تهز الأرض بعنف حتى تنهار الأنفاق المحفورة في عمقها. وفضلت المصادر نفسها عدم الإفصاح عن نتائج هذا القصف الإسرائيلي. وتعد الأنفاق النافذة الأمثل لتخفي المقاتلين في قطاع غزة بسبب طبيعة أرضه السهلية المنبسطة والتي تجعل أي هدف فوقها مكشوفا. كمائن وأفخاخ كما أعدت « القسام » كمائن وأفخاخا في عدد من المنازل القريبة من الحدود في عدة محاور بزرع قنابل بداخلها وأفراد مختفين حولها؛ حيث تعلم أن جنود الاحتلال سيحتلون بعضها لاستخدام سطوحها في تنفيذ عمليات عسكرية. وبحسب مراسل « إسلام أون لاين » فقد بدا نجاح القسام في هذا التكتيك بوقوع عدد من الجنود في فخ أحد هذه المنازل فجر اليوم، وظلوا محاصرين لساعات تحت وابل قصفه من جانب القسام بالرصاص الثقيل والقذائف مضادة للدروع، وهو ما حاولت طائرات الأباتشي إسرائيلية عبر القصف العنيف وقذائف المدفعية إنهاءه، وغير معلوم مدى نجاحها أو فشلها في ذلك حتى الآن، وإن تواردت أنباء عن وقوع عدد كبير من الإصابات في الجنود الإسرائيليين. وفشلت أرتال الدبابات الإسرائيلية حتى صباح اليوم من التوغل داخل غزة باتجاه المنازل والشوارع رغم حجم الغطاء القصف الجوي المكثف والقصف المدفعي المتواصل من البحر؛ حيث لم تتقدم سوى عشرات الأمتار وهي مساحة معتادة على استقبال الدبابات الإسرائيلية حتى في فترة التهدئة لأنها منطقة مفتوحة. واستخدمت الكتائب، إضافة للكمائن، قذائف الهاون الثقيلة في ضرب الدبابات المرابطة على الحدود، وجرى ظهر اليوم حسب شهود عيان، انسحاب لدبابات توغلت في حي الزيتون بمدينة غزة أمس. تنظيم غير مسبوق ومن بين الشواهد والمؤشرات على إحكام تجهيزات المقاومة للاجتياح البري الإسرائيلي أن كتائب القسام تبدو هذه المرة منظمة أكثر من أي وقت مضى، ومما تم الاعتياد عليه في المواجهات السابقة؛ حيث استخدم أفرادها وسائل غير معلومة للاختفاء عن الأنظار حتى حول منصات إطلاق الصواريخ التي أعدوها للانطلاق عن الطريق التحكم عن بعد، بحسب مصادر قسامية. ونُصبت كمائن وأفخاخ في أماكن إستراتيجية تسعى لاستدراج قوات الاحتلال نحوها، ويدل على نجاح هذا التكتيك العدد الكبير من الجرحى الإسرائيليين على الحدود خلال ساعات قليلة من بدء الاجتياح الذي يجري ظهر الأحد على 6 محاور. تكتيك آخر تتبعه المقاومة -وفق المصادر القسامية- يتمثل في أن الأحاديث المتبادلة بين أفراد القسام والتي تلتقطها أسلحة الإشارة الإسرائيلية، ويسمعها بوضوح أي أحد يملك جهاز لاسلكي لا يمكن من خلالها فهم أي إشارة لما تنويه القسام في اللحظة المقبلة، سوى عبارات من قبيل « سيتم التنفيذ وفق الخطة المعدة »، دون استطاعة أحد معرفة أي ملمح لهذه الخطة، أو عبارات مشفرة. ولم تعد القسام مجرد فلول من المقاتلين، بل إنها بمقاتليها الـ10 آلاف -إضافة إلى 10 آلاف آخرين مدربين احتياطيا- مقسمة إلى ألوية وتخصصات في العمل العسكري، منها قوة خاصة مختصة فقط بترتيب وتنفيذ تكتيكات وعمليات الهجوم، ولا تنتظر لحظة الدفاع. وهاك سلاح متخصص -رغم بساطته- في مقاومة الطائرات الإسرائيلية في الجو عن طريق رشاشات ثقيلة محمولة كالآر بي جي التي تستهدف طائرات الأباتشي بشكل خاص لتحليقها على ارتفاعات منخفضة. ويكتسب هذا السلاح خطورة وقوة خاصة بحسب وصف عدد من مقاتلي القسام؛ لأنه يشوش على طائرات الأباتشي خاصة القريبة من الأرض؛ فتفقد الرؤية الواضحة؛ حيث إن هذه الطائرات تضطر للاختفاء فور استخدام القسام هذا السلاح؛ وهو ما يفسر تراجع مرات استهداف هذه الطائرات للمقاومين في الفترة الأخيرة. وحصلت القسام على هذا السلاح من مخازن السلطة الفلسطينية بعد أن سيطرت حركة حماس بشكل كامل على قطاع غزة في 14 يونيو 2007. سلاح « الرعب » ورغم كثافة الغارات الجوية الإسرائيلية فما زالت كتائب المقاومة تحافظ على « سلاح الرعب » وهو إطلاق صواريخها بكثافة على المستوطنات والبلدات الإسرائيلية؛ حيث أطلقت منذ مساء أمس صواريخ باتجاه بلدة سديروت ما أوقع عددا من الجرحى الإسرائيليين، وكذلك عدة صواريخ باتجاه النقب جنوب إسرائيل، وصاروخين على موقع رعيم العسكري، وصاروخين آخرين على بلدة نتيفوت. ودفعت هذه الصواريخ سلطات الاحتلال إلى حث سكان البلدات والمستوطنات القريبة من غزة حتى مسافة 40 كيلو مترا على الذهاب إلى الملاجئ، وكانت مصادر إسرائيلية عسكرية قد أعلنت أن القسام تمتلك صواريخ يصل مداها إلى 60 كيلو مترا. وتوقع الهجمات الصاروخية القليل من الخسائر في الأرواح، لكنها تلحق أضرارا بالمباني وتشيع الرعب والذعر في البلدات الواقعة على حدود غزة، بحسب تعبير « رويترز ». تنسيق فصائلي وإلى جانب عمليات كتائب القسام، أكد مصدر من الكتائب لمراسل « إسلام أون لاين » وجود تنسيق عالي المستوى بين القسام وسائر فصائل المقاومة وفي مقدمتها كتائب سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- كما أكدت ألوية الناصر صلاح الدين -الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية- التنسيق بين فصائل المقاومة لصد الهجوم الإسرائيلي على غزة. « المقاومة في غزة لن تمحى مهما فعلوا.. وستبقى غزة شوكة في حلق إسرائيل.. هذه قناعتنا وهذا إيماننا الراسخ وإرادتنا الصلبة التي لن تكسرها آلة الدمار والوحشية مهما فعلت.. فهي أهم أسلحتنا في هذه الحرب ».. تضيف مصادر المقاومة. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 4 جانفي   2009)   


استراتيجيات معركة غزة

 
رياض الشعيبي- كاتب تونسي
 
في كل مرة تتعرض فيها منطقة عربية أو إسلامية لاعتداء خارجي إلا ويتصاعد الهتاف والصياح بالحناجر والكلمات، لكن سرعان ما تبح الأصوات وتجف الأقلام. ليس ذلك لفتور في المشاعر ولا لإنهاك في القوى، وإنما في اغلب الأحيان لضعف في الوعي بالأبعاد الإستراتيجية لهذه المرحلة التي تمر بها الأمة وخطورة المعركة التي تخوضها، أو ربما أيضا للضبابية التي تلف وعي الناس بالوسائل المتاحة لمقاومة مشروع الهيمنة الإسرائيلية ومن خلفه كل القوى الغربية المستكبرة. فلا يمكن اليوم أن ننظر إلى الأحداث في غزة على أنها مجرد هجوم إسرائيلي جديد على الشعب الفلسطيني، أكثر خطورة من الاعتداءات السابقة. كما لا يجب أن تعمينا قوة الدماء المتدفقة على أرضها عن محاولة قراءة أبعاد هذه الهجوم ورهاناته. فغزة منذ مدة حملت قيمة رمزية تتجاوز بعدها الجغرافي ولا حتى موقعها التاريخي في الصراع الدائر بالمنطقة. لقد شهدت أرض غزة انسحابا مخزيا للقوة العسكرية الإسرائيلية ولكن أيضا انكماشا استراتيجيا في المشروع الصهيوني. كما عزز هذا البعد  تمترس المقاومة وراء انجازاتها والإيمان بجدوى مشروعها، لذلك يتمثّل الهدف الإستراتيجي لمعركة « الرصاص المتدفّق » في غزة، من الجانب الصهيوني، في إعادة التأكيد على أن إسرائيل دولة حدودها تنتهي عند قدم آخر جندي من جنودها، فحيثما تمكن جيشها من الوصول فتلك حدودها.  وهذا منطق خطير لا يتجاوز فقط الشرعية الدولية، بل يرسي كذلك منطق القوة بديلا عن قوة المنطق. ومثلما قصفت إسرائيل العراق من قبل وكذا مصر وتونس فقد لا نتفاجأ يوما عندما نجدها على عتبات أقاصي الخليج أو حتى تخوض معاركها في باكستان. ومادامت القوة تصنع منطقها، فان إسرائيل تتجاوز شيئا فشيئا الفضاء السياسي الذي أريد لها أن تشغله في السياسات الدولية القديمة منها والحديثة. من جهة ثانية فان تناقض مشروعي المقاومة والتطبيع قد بلغ مداه. فوصول حماس إلى السلطة في غزة قد ووجه برفض إسرائيلي قاطع منذ اليوم الأوّل وقد وقف وراء هذا الموقف طابور طويل من الرسميين العرب والنخب الداعمة لها التي ما انفكت تبحث عن مبررات تحالفها مع المشروع الإسرائيلي. والغريب أنّ هذه الأطراف تزداد في كل يوم صلفا ووقاحة باقترابها من منظومة التفكير الصهيوني والبحث عن المسوغات له بل والتماهي معه كما حصل في قضية غلق المعابر وإثارة النعرات الإيديولوجية. ففي اللحظة التي ينزف فيها الدم الفلسطيني دفاقا، تطالعنا بعض الأصوات المدينة لظلامية حماس ومشروعها القروسطي، وذلك في الوقت الذي لم نسمع فيه أن حماس فرضت تصورها المجتمعي ولا بادرت بتطبيق الحدود ولا أغلقت على نساء غزة أبوابهن. لكن خطاب الإدانة الذي يروج له البعض الآن يعكس هذا الوعي بأهمية المعركة الدائرة وبأبعادها الإستراتيجية في تحديد مستقبل المنطقة. لذلك يجيش فريق التطبيع الجيوش، فالإسرائيلي يقتل بالرصاص في غزة والطابور الخامس يدين ويجرم الشهداء حارما إياهم حتى من شرف الاحترام في موتهم. إنّ الأوساط التي راهنت على الديمقراطية الأمريكية تجد نفسها اليوم متحالفة مع قوى الاستبداد والجميع في خندق واحد مع الصهيونية الإسرائيلية. وسواء عقد القران بين كل هؤلاء وفق أصول التعامل المدني أم كان زواجا عرفيا أم التقاء ميداني، سواء كان هذا أو ذاك فان النتيجة واحدة وهي ازدياد مسافة الفرز بين الاستراتيجيات في المنطقة. فليس البحث عما إذا كان هذه الأنظمة المستعربة والمستسلمة قد وافقت أو شجعت العمل الإسرائيلي العدواني في غزة أم لا وإنما أين تقف هي اليوم، في أي معسكر وعلى أي جانب؟ أما تبرئتها من الاتفاق السياسي مع الإسرائيليين فلا ينقص من جرمها شيئا إن هي عبرت عن توافقها معهم وتبنت منطق الهمجية العمياء الذي يسود الآن غزة. بالمقابل نجد استراتيجية المقاومة التي تتشكل في ميدان المواجهة قبل أن تخط في عقول المثقفين. وفي الحقيقة لقد كان السؤال خطيرا عن طبيعة مشروع المقاومة. فقد تسرب شيء من الشك في صلاحية هذا المشروع في زمن عنوانه النجاعة والفاعلية. وانتقل مسار الالتفاف حول مشروع المقاومة بمحطات هامة. ففي البداية كانت المقاومة مصنعا لإنتاج الاستشهاديين، وكنا نعزي أنفسنا بان جنة الشهداء خير من الخضوع للذل والاستعمار. وفي الحقيقة كانت الشهادة الوجه الآخر لإستراتيجية المقاومة: الإقرار بالضعف وقلة الحيلة. وكنا نرضى من مقاومتنا ذلك ونحيي في أبنائها شجاعتهم في الذهاب إلى الموت بإراداتهم. لكن كنا نخفي في أنفسنا مرارة العجز وقلة الحيلة. ومرة أخرى يستبق الفعل النضالي وعينا وينقل المقاومة من التعاطي السلبي مع الواقع إلى مشروع مقاوم قادر على إفراز خياراته وفرض صلاحيتها. فنلتحق بهذه الرؤية التي صنعتها المقاومة ولم تصنعها عقول المثقفين. ثم تأتي المرحلة الثالثة التي يبدو أن عدوان السبت اليهودي الآثم قد فسح المجال واسعا لبلورتها، لكننا نعجز مرة أخرى أن نستبق فعل المقاومة لنستوضح رؤيتنا. فالمقاومة تصنع رؤيتها ومن ثم تدعونا لاستنطاقها. وإذا ما أردنا أن نستوضح رهانات المقاومة في معركة غزة، فما علينا إلا أن ننتظر ككل مرة الرؤية التي تخطها هذه المقاومة. وهنا بالتحديد يبرز الفارق بين استراتيجيا المقاومة واستراتيجيا التطبيع. فالمقاومة تزرع رؤيتها عبر فعل نضالي متجذر في الواقع ثم تحيله إلى العقل فيبحث له عن منطق غالبا ما نسميه استراتيجيا المقاومة. أما قوى التطبيع فتأسر نفسها في أطرها النظرية ومقولاتها المستلبة ثم تعجز عن إيجاد منطق لهذه المقولات فتستعيذ عن قوة المنطق باستراتيجيا القوة. فمنطوقهم الخبز والدواء ومكنونهم الموت والبلاء.   

 

من أجل نصرة أهلنا في غزة اللهم إننا مغلوبون فإنتصر

 

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ،   قد يصاب بعض الناس من أهل الغيرة والحمية ، وخاصة الشباب بنوع من الإحباط أو اليأس وهم يشهدون ما يجري في غزة من حرب صهيونية قذرة ، وحق لهم أن يتألموا ..  ولكن ربما تصرف بعضهم تصرفاتٍ غير مشروعة ، لا يرجعون فيها لعالم معتبر ، ولا سياسي حاذق ولهؤلاء نقول : السكينة السكينة .. يمكنكم أن تصنعوا شيئا في نصرة المسلمين بطرق  مرجوة النفع مأمونة العواقب ، إزاء ما يجري من حرب وحصار لإخواننا في غزة . بإمكاننا أن نقوم بجهود نصرة شرعية مؤثِّرة إن شاء الله تعالى ، على المدى القريب والبعيد ، وهذه بعض الأمثلة للوسائل المشروعة المتاحة أذكرها على سبيل الحصر :  المثال الأول : الدعاء لإخواننا في غزّة في مواطن إجابة الدعاء ، والقنوت لنازلتهم ، وقد أفتى بذلك في هذه القضية بالذات سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله لكل من سأله .  كيف وأنَّ حاخامات يهود يدعون إلى الصلاة من أجل تحرير جندي ظالم ، وفي عدد من دول العالم هب الصهاينة لنصرة إخوانهم الصهاينة في أرض الإسلام المحتلة بشكل عجيب ..  فما أهوننا إن لم نرفع أيدينا إلى الله عز وجل نطلب منه الغوث لأهلنا في غزة ، ونتضرع إليه طلبا للطفه سبحانه بالأجنة في بطون الحوامل ، والصغار في أحضان الأمهات ، والشيوخ في قارعة الطريق ، والمصابين والمرضى في عنابر المشافي وغرف الإنعاش . والثاني : الدعم المعنوي من خلال تثبيت أهلنا في غزة ، بكل الوسائل الإعلامية المتاحة ، ومن أيسرها المجموعات البريدية والمنتديات الفسطينية التي يكثر زوارها هذه الأيام ، وغيرها ، وكشف الحقائق الشرعية في مفهوم النصر ، وحكم الشارع في اتخاذ الشهداء ( ويتخذ منكم شهداء( .. مع التأكيد في وسائل الإعلام والمنتديات العربية والإسلامية على عظم إثم التثبيط ، فضلا عن عواقب الخيانة والغدر بأهل الرباط ، والتحذير من العمالة للعدو .. وكشف كل مؤامرات الخيانة لتتضح الحقيقة للناس ويميز الله الخبيث من الطيب .  قال تعالى في سورة التوبة  :  » إن الله إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله « (التوبة111.(   أخرج النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  » أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ». وأخرج الشيخان أنه قال:  » لا تختلفوا فإن من كان قبلكم إختلفوا فهلكوا « . كما أخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة الباهلي أنه قال :  » لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من جابههم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك  »  قالوا : أين هم؟ قال عليه الصلاة والسلام :  » ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس « . أخرج الإمام أحمد عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :  » ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يدع الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر « .   إن الأمل عند إزدحام النكبات بعضها فوق بعض . إن الأمل هو ذلك الرجاء المنبلج من سديم الليالي الحالكات إن الأمل عمل وطمأنينة يبثهما الله سبحانه في صدر المؤمنين كلما إدلهمت الخطوب و غلقت الابواب الا بابه.. أما في ساعة الرخاء ورغد العيش فإن الأمل يكاد يستوي مع اليأس بسبب ما يختلط عليك من بسمة منافق بغيض القلب عليم اللسان وأخرى لمؤمن يجر وراءه من السذاجة جبالا ..  إختبر الآن : في هذه الأيام حيث تتكالب قوى الشر شرقا وغربا في مقدمتها العرب بعد العجم تهوي متسابقة لإستئصال حركة حماس الفلسطينية لتقدمها عربون هدية إلى الصهاينة والصليبيين والمنافقين .. في هذه الأيام مناسبة لإختبار الأمل في صدرك .. إنما الأمل الصادق عندما تضرب أمام عينيك كل المقومات المادية التي أعدت للصمود والحياة والمقاومة .. عندها تفيئ إليه وحده سبحانه مجردا من كل قوة مادية ضربها العدو .. الأمل الصادق هو الزهد الصادق .. كلاهما : يقين بما في أيدي الرحمان سبحانه ويأس بما في أيدي الناس .. أخرج الترمذي عن أبي هريرة عليه الرضوان أن رجلا من أصحابه عليه الصلاة والسلام مر بشعب فيه عيينة ( تصغير عين ) من ماء عذبة فأعجبته  وقال : لو إعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب ولن أفعل حتى أستأذنه عليه الصلاة والسلام فلما ذكر له ذلك قال له عليه الصلاة والســـــلام :  » لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ أغزوا في سبيل الله. من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة « . والفواق هوالزمن ما بين الحلبتين.  أمارة الفقيه في عصرنا أنه ينبئك أن مقاومة المحتل للأرض الإسلامية فريضة الفرائض الإسلامية وعزيمة العزائم التي لا يتقدمها إلا إخلاص التوحيد وإقام الصلاة. وأما أمارة المتلبس بالفقه والفقه منه براء هي أنه ينبئك أن مقاومة العدو المحتل نافلة أو مجرد مباح أو ربما إلقاء باليد إلى التهلكة أو أنها مهمة الحكام والأمراء والجند أو غير ذلك من الخلط الشنيع بإسم العلم الإسلامي ..  إذا كان الله سبحانه قد إبتلى كل جيل بإبتلاء معين ( الفتح سابقا أو نشر العلم إلخ .. ) فإن أجيالنا المعاصرة مبتلاة بالمقاومة فهي واجب وقتها بعد إخلاص التوحيد وإقام الصلاة مباشرة ..  أمارة الرشد أن ينبئك الراشد أن المقاومة فرض كفاية وعين معا. هي فرض كفاية فيما لا بد فيه من تخصص فني أو علمي وفيما لا بد فيه من إيقاظ حراك إعلامي أو غير ذلك وهي فرض عين على كل مؤمن ومؤمنة : مقاومة بالقلب ومقاطعة لبضاعة المحتل المغتصب للارض ولمن يساندوه وتنفيرا عن التطبيع بكل أشكاله وصوره ومقاومة باللسان والقلم وفي الأسرة وفي الفنون وغير ذلك .. أما أمارة الغبي على إيمانه أن ينبئك بأن المقاومة هي مقاومة عسكرية فحسب أما ما دون ذلك فهي أعمال لا تسمن ولا تغني من جوع .. قال سبحانه :  » عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا « . (الإسراء8.( أرجح أقوال العلماء : …  » فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ». أرجح الأقوال في هذا الوعد الأول ( الوعد : ميعاد العقاب تبعا لقوله سبحانه : وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ) .. هو أن الذين سلطهم سبحانه على بني إسرائيل عقابا لهم على الإفساد الأول والعلو الأول هم : البابليون الذين أذاقوهم من العذاب ألوانا ولا ينفي ذلك قوله ( عبادا لنا ) لأن كل المخلوقات عباده حتى الكافرين منهم والظالمين ويعزره أن المسلمين لا يجوسون خلال الديار نكالا وشماتة وإيغالا في الإنتقام.  …  » فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا « .  أرجح أقوال العلماء في هذا الوعد الثاني هو أن الذين سلطهم سبحانه على بني إسرائيل عقابا لهم على الإفساد الثاني والعلو الثاني هم : الروم الذين سحقوهم سحقا كما تنقل الروايات قبل أن يرحمهم سبحانه بالإسلام الذي إعترف بدينهم ( إعتراف وجود وليس إعتراف شرعية دينية ) فعاشوا في حماه مكرمين لهم معابدهم مواطنين مكرمين بل وزراء في حقبات معروفة.  السنة هي : العود من بني إسرائيل إلى الإفساد والعلو يقابله عود منه سبحانه..  » وإن عدتم عدنا « . هل من وميض أمل أبهر من أن ينسب العود تنكيلا وإنتقاما إليه سبحانه؟   فإذا فهم بعض المسلمين المتأخرين ( زمانا وعقلا ) أن العود منه سبحانه بمعجزات وكرامات وخارقات فإن سنة أخرى جاهزة :  » وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم « . تحقق عود بني إسرائيل إلى الإفساد والعلو في فلسطين فكن في جند عوده سبحانه. هل من ريب في أن ما يحدث في فلسطين منذ 1948 ليس هو الإفساد والعلو في الأرض؟  يكفي أن نذكر مجازر دير ياسين وتل الزعتر وقانا وصبرا وشاتيلا وجينين وغزة في هذه الأيام إذا ذكرت ذلك وأيقنت دون تردد أن عود بني صهيون يتحقق يوما بعد يوم دون رادع ولا زاجر ولا نصير إلا مقاومة باسلة يتيمة يتكالب العالم على وأدها .. إذا كان منك ذلك فلا مناص لك من أن تكون جنديا من جنود الله سبحانه و تعالى في مقامك الذي فيه أقمت.  تأكيدا لما خلده الله سبحانه و تعالى  في القرآن الكريم اذ قال سبحانه و تعالى في سورة الاعراف :  » وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب « . (الأعراف 167.( ليس من سبب لتأذنه سبحانه بذلك قضاء مقضيا سوى عودهم إلى الفساد والإفساد والعلو في الأرض إحتلالا للأرض ونهبا للثروات وإرهابا للبشر وإمتصاصا لأموال الشعوب  بإسم المحرقة النازية وإذلالا للحكام والأمراء وحتى العلماء من مثل بعض المشائخ الذين دنّسوا الأزهر الشريف بمصافحة للمجرمين السفاحين من بني صهيون ..  فلا بد من العودة للرشد و الاوبة الى الله سبحانه وتعالى  و هي سنة مسنونة لا تتخلف ووعدا قاطعا ثابتا لا يتأخر أن ينطلق بين أيدي مظاهر العلو الصهيوني المعاصر وليس إنتفاضة 87 ثم إنتفاضة الأقصى 2000 وإرهاصات إنتفاضة ثالثة سوى قطرات ندية وتباشير عود يجيش الرحمان سبحانه جنده ..  لا بد لتلك العودة أن تصدر و تنطلق من أبواب المساجد في طول البلاد الإسلامية وعرضها حتى تحمله الأيدي المتوضئة الطاهرة ثم تكون لها أيد أخرى وزيرا ونصيرا ثم تلحق بها وضوء .. ان رفض التطبيع اصبح الآن فريضة عينية مفروضة على كل مسلم ومسلم ومؤمن ومؤمنة وحر وحرة فوق هذه الأرض .. وليس التطبيع صورة دبلوماسية ظاهرة بل هو مد جسور التعامل مع العدو الغاصب للأرض وللعرض ..  ان الدعوة لمقاطعة البضاعة الإسرائيلية وكل بضاعة غربية أو عربية تسند إقتصاد العدو المحتل بأي شكل من أشكال الإسناد .. ان البضاعة الإسرائيلية والبضاعة الداعمة لها هي سحت أفظع من الربا ألف ألف مرة وأدعى لغضب الرحمان سبحانه مرة بعد مرة لأنه ركون إلى الذين ظلموا ومؤذن بالنار والعياذ بالله .. ان تحقيق أقصى درجات التوحد العربي والإسلامي في كل دائرة ممكنة تمكينا لثوابت الإسلام العظيم في نفوسنا وبناء لجدار سميك في وجه كل أشكال الظلم المحرم على الانسان نفسه وجعله الله جل وعلى بين عباده محرما .. لكل مسلم ومسلم ومؤمن ومؤمنة وحر وحرة كفل من المقاومة مكفول بحسب موقعه وعمله بالقلم والصورة والكلمة سلاحه و كذلك ا لسياسي والمبدع بالرسم والصورة و كذلك والقاضي في محكمته والعامل في مصنعه و التاجر في متجره و رجل أعمال كذلك وإن كان سجينا  او مريضا او متصوف في صومعته. علينا ان نتوجّه الى الله جميعا بقلوب خالصة مطمئنّة بالدعاء والضراعة الى الله عيى ان يفرّج كربتنا و يرفع عنا البلاء: اللهم إننا مغلوبون فإنتصر .. اللهم أحصهم عددا وأقتلهم بددا ولا تذر منهم أحدا.. اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك وعظائم آياتك .. اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم وإملأها سعيرا ولهيبا .. اللهم أقذف في قلوبهم الرعب وآتهم من حيث لا يحتسبون .. اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك .. اللهم سلط عليهم خلف من سلطت على بني النضير وبني قريظة وخيبر .. اللهم سلط عليهم المقاومين المجاهدين في سبيلك يؤزونهم بالعذاب أزا .. اللهم سدد سهامهم وصوب رميهم وعززهم بجند من عندك لا نراها نحن ولا الاعداء .. اللهم ألقم المنافقين من الحكام  ومن والاهم حجرا ساخنا وملا حاميا .. اللهم إنتقم للثكالى والأرامل واليتامى .. اللهم إنتقم للمساجد التي هدمت وللبيوت التي مزقت وللأشجار التي جطمت حطمت .. اللهم مجري السحاب ومنزل الكتاب وهازم الأحزاب إنصر المدافعين عن بلادهم وأهزم الغزاة.. آمين آمين آمين ..   احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس  

مصر وغزة.. و«الأمن القومي»

 

طارق الكحلاوي من دون شك لا يمكن بأي حال تبرير الاعتداء على قنصلية أو ممثلية مصرية من قبل أي جمهور عربي. كما أن بعض الحشد الإعلامي الذي ركز جل وقته على الموقف المصري في خضم القصف الإسرائيلي على غزة كان في غير مكانه ولا يعكس مصلحة إدارة الصراع الحقيقي. ولا أعتقد أن السيد حسن نصرالله سينظر بعين الرضا في سياق زمني آخر لبعض تفاصيل خطابه هذا الأسبوع، خاصة تلك التي تعلقت بعدد الموتى الذي لا يمكن بعده للشرطة المصرية أن «تقتل» مواطنيها. لكن من غير الفعال، أيضا، أن تنخرط القيادة المصرية وآلتها الإعلامية في خطاب يضع الحكومة المصرية واختياراتها الاستراتيجية وأداءها الإعلامي في مرتبة المقدس من خلال المساواة بين مصر الحكم ومصر الوطن. مجرد فطرة أي مشاهد عربي لما يجري تجعله يعرف أن مصر أكثر تعقيدا من أن تختزل في الموقف الحكومي أيا كانت خياراته. هذا إذا تركنا جانبا توصيف واقع العلاقة بين ممارسة السلطة والتمثيل السياسي الشعبي في السياق المصري وهي العلاقة التي لا يمكن أن تكون مرضية حتى في إطار الحريات الإعلامية المميزة لمصر عربيا. كما أنه من غير الدقيق تصوير حنق بعض الشارع العربي على الموقف المصري بأنه مجرد تعبير «غوغائي» مثلما سمعت أكثر من مرة في بعض المواقع الإعلامية المصرية إلى الدرجة التي يصبح فيها جوهر الجدال هو ما إذا كان الذين هجموا على القنصلية المصرية في عدن «يمنيون» أم «غير يمنيين». كأن من غير الممكن أن يحتج يمني على سياسة مصرية ما. ففي «دفاع» من هذا النوع يتم صب الزيت على النار لا غير. لكن لنأمل ألا تذهب أزمة الثقة تجاه القيادة المصرية هباء. لنأمل أن يكون الجدال الراهن فرصة يتم فيها نقاش هادئ وجدي، مصري وعربي، حول رؤية القيادة المصرية للوضع في غزة من حيث أبعادها الاستراتيجية مثلما تتكشف عبر ما حدث في غزة. لنترك جانبا الاتهامات التعميمية والمؤدلجة التي تضع الموقف المصري في أطر لا يمكن إثباتها عدا أنها تحاكم النوايا. فأول المصادرات التي على أي راغب في نقاش مماثل تثبيتها هو أن الظروف الجيوسياسية المصرية لا يمكن أن تسمح لأي قيادة فيها أن تكون ذيلا لأي طرف إقليمي أو دولي. وهنا علينا التفريق بين الخيار الاستراتيجي ومواقع أخرى تتناسب مع أطراف ضعيفة بالقوة. ومن هذه الزاوية تحديدا تكون توقعات الجمهور العربي مما ستفعله مصر دائما أكثر ارتفاعا ومن ثم تكون خيبتها أكثر حدة. لكن رغم ذلك لا يمكن لأحد أن يدعي أن جيوسياسية مصر الخصوصية تعني تاريخا أحادي الطابع تتطابق فيه سلوكات القيادات المصرية المعاصرة. حيث لا يمكن مقارنة الخيارات الاستراتيجية التي اعتمدتها القيادة الناصرية مع تلك التي اعتمدتها القيادة الساداتية.. وهكذا دواليك. وحتى نجرب فهم الاستراتيجية المصرية الراهنة لنرجع إلى أحداث غزة. لا يمكن عدم ملاحظة التوافق بين الخطاب الإسرائيلي المرافق للهجوم على غزة مع خطاب بعض الأطراف العربية الموسومة بـ «الاعتدال» خاصة الطرف المصري. وبعيدا عن قراءة النوايا يجب أن تتم مساءلة جدية لمدى الحكمة من أن يردد الرسميون المصريون للنقطة الرئيسية في حملة العلاقات العامة الإسرائيلية، أي تحميل «حماس» المسؤولية عن «رد فعل» إسرائيلي بمعزل عن كل التوصيفات اللاحقة التي تسمي «رد الفعل» هذا بـ «العدوان» و «الهمجية» و «انعدام التوازن». ردد رئيس الدبلوماسية المصرية لأكثر من اللازم ما سيصبح جزءا من ميراثه السياسي: «لقد حذرنا حماس». ولكن هل المسألة فيما يجري الآن في غزة هو أن حماس لم تقتنع أو تمتثل للتحذير من هجوم إسرائيلي؟ ينقل تقرير صادر أخيرا (19 ديسمبر) عن «مجموعة الأزمات الدولية» أن قيادات «حماس» كانت تعرف جيدا أن عدم تمديد «التهدئة» سيعني هجوما عنيفا. كان النقاش (ولا يزال مع منتصف الأسبوع الماضي بين جل المحللين الجديين) هو مدى اتساع هذا الهجوم خاصة نحو عملية برية. تقارير أخرى عربية أشارت إلى أن «حماس» أعدت خطة ونفذتها لإخفاء الهيكل الأساسي من جهازها السياسي والعسكري. الخطأ الميداني الأساسي أي السماح بإقامة حفل تخرج كلية الشرطة والذي حصدت منه الهجمات الجوية الإسرائيلية أرواحا كثيرة هو خطأ ناتج بالتحديد عن انسياق مصري في الحملة الإعلامية الإسرائيلية. ليست تقارير إسرائيلية فقط تقول ذلك (مثلا تقرير صحيفة «هآرتس» 28 ديسمبر) أو تصريحات قيادات «حماس»، بل أيضا أداء القيادة المصرية ذاتها. إذ بعد الثماني والأربعين ساعة التي تمسك فيها الموقف المصري بجملة «لقد حذرنا حماس» لم تخف أوساط مصرية إعلامية مستقلة ومؤثرة دهشتها من صمت وزير الخارجية المصري أمام تهديدات تسيبي ليفني بالهجوم على غزة من القاهرة. فقط بعد ذلك قرر السيد أبوالغيط الظهور إعلاميا للدفاع تحديدا عن «خفايا» الزيارة والتي قال إنها كانت تتعلق أيضا بـ «تحذير» لكن في اتجاه آخر أي من القاهرة إلى تل أبيب. وهنا نأتي لخطاب الرئيس مبارك الذي أتى في نفس السياق. كان ركن الزاوية في الرؤية التي دافع عنها الخطاب هي ربط فتح معبر رفح بالسقوط في فخ إسرائيلي. مشروع «غزة أولا» الذي تم تداوله إسرائيليا بالتأكيد ليس مشروعا خيريا بل هو مثلما وصفته القيادة المصرية مشروع تصفوي يدخل في إطار مشاريع «الوطن البديل» التي سادت في الأوساط الإسرائيلية خاصة قبل بدء «عملية السلام» بداية التسعينيات. بدأ التركيز المصري الرسمي على مشروع «غزة أولا» في سياق الجدال حول معبر رفح بشكل خاص عند اقتحامه في بداية العام الماضي. لكن الرؤية المصرية بهذا الصدد تقوم أولا بمصادرة غير واقعية وهي أن مجرد فتح المعبر بالتعاون مع الحكومة المقالة سيعني بالضرورة إنهاء الحدود المصرية الفلسطينية وهروبا فلسطينيا جماعيا نحو سيناء. حركة المعبر كانت منسابة في وقت الإشراف الأوروبي والسلطة الفلسطينية على المعبر ولم يحدث أن قرر الفلسطينيون الهجرة الجماعية إلى مصر لمجرد فتحه. حتى في أجواء الحصار حرص الفلسطينيون على الرجوع إلى غزة بعد اقتحام المعبر. لكن الأهم من ذلك أن ظروف الحصار الإسرائيلي تجعل من المصلحة الوطنية المصرية قبل مصلحتها القومية، إن كان هناك فرق، أن تفتح المعبر ومن ثمة تفشل الحصار لكي تفشل أي سبب يدفع الفلسطينيين للخروج من غزة. يقدم الخطاب المصري غلق معبر رفح ضمن سياق الحرص المصري على «مصلحة الشعب الفلسطيني أولا». لكن ذلك لا يبدو دقيقا. المشكلة التي تبدو -عقلانيا وواقعيا- السبب الرئيسي وراء الموقف المصري والتي يقع تقديمها عادة بين ثنايا التعليقات الإعلامية غير الرسمية هو الذي يذكر بالالتزامات الدولية فيما يخص ضبط الحدود بما في ذلك «اتفاقية السلام» المصرية الإسرائيلية. المفارقة الراهنة بالنسبة للقيادة المصرية هي أنه بالقدر الذي تفهم فيه أنها لا يمكن أن تتهرب من «دور قومي» ما وبالقدر الذي تصعد فيه هذا الفهم بلاغيا إلى مستوى يقدم استراتيجيتها ضمن إطار «الزعامة العربية»، بنفس القدر تميل بشكل حاسم نحو وضع الانكفاء الذاتي ورفض لعب دور «الرعاية القومية». بالقدر الذي تتحدث به عن أن خياراتها ناتجة عن «فلسطين أولا» فهي تحسم مواقفها نتاجا لمبدأ «مصر أولا». المفارقة قوية إلى الحد الذي لم يعد من الممكن أن نفهم إذا ما كان هناك إدراك بالخلط بين الاستراتيجيتين على مستوى الخطاب. طبعا من حق القيادة المصرية أن تختار الاستراتيجية التي تناسبها. لكن حتى نعود إلى موضوع مسؤولية «حماس» فإنه من غير الدقيق الاستمرار في التركيز على موقف «عدم تمديد التهدئة» من دون الإشارة إلى أنه موقف لا يخص «حماس» وحدها أو بعض الحركات «الأصولية المتطرفة» بل يشمل تحالفا فلسطينيا في قطاع غزة يضم فصائل من تنظيمات يسارية حتى إلى فصائل قريبة من «فتح». حيث ترغب حملة العلاقات العامة الإسرائيلية تصوير ما يجري على أنه صراع بين «أصوليين متطرفين» و «معتدلين». كأن الصراع السياسي بين الفلسطينيين حول طريقة إدارة الصراع لم يوجد قبل عشرات السنين حتى من ولادة «حماس». كما أنه من غير الدقيق الحديث عن «رفض تمديد التهدئة» من دون الإشارة إلى أنه كان من قبيل المعجزة أن أمسكت «حماس» بالوضع الأمني وفرضت التهدئة عدا ردود الأفعال التي تنشأ عن خروقات إسرائيلية بما في ذلك ما حدث يوم 4 نوفمبر الماضي. الحكومة المقالة كانت تشتكي من هذا الوضع للقيادة المصرية وعرضت على «مركز كارتر» مراقبة الهدنة. السيدة كارين أبوزيد ممثلة «الأونروا» في غزة صرحت هذا الأسبوع بأن الفصائل الفلسطينية في غزة التزمت بـ «التهدئة» مقابل خرقها من قبل الطرف الإسرائيلي وتشديد الحصار الذي طال المساعدات الدولية الإنسانية. تبقى أرضية وحيدة يمكن أن نسأل على أساسها القيادة المصرية بمعزل عن تعريفها لمساحة «الأمن القومي» لمصر: هل يمكن لقيادة مصرية حكيمة وفي سياق المصلحة المصرية أن تبقى مكتوفة الأيدي وهي تحت حصار قاتل وفي سياق «تهدئة» لا يحترمها الجانب الآخر؟ لا يمكن لأحد أن ينظر إلى «حماس» كملاك أو أنها لا ترتكب أخطاء، غير أنه لا يمكن توقع الثناء عند رمي القيادة المصرية المسؤولية عليها خاصة تحت شعار الحرص على «المصلحة الفلسطينية».   أستاذ « تاريخ الشرق الأوسط » في جامعة روتغرز — Tarek Kahlaoui Assistant Professor Art History/History departments Rutgers University 60 College Avenue (office # 203) New Brunswick, NJ 08901   Email: kahlaoui@rci.rutgers.edu Tel: 732-932-7041 Fax: 732-932-1261 http://arthistory.rutgers.edu/faculty/bios/kahlaoui/ http://history.rutger    (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 4 جانفي  2009) الرابط: http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=68140&issueNo=377&secId=15                            


   

هل من رهان بعد على مقولة الشارع العربي»؟



 
توفيق المديني من نواكشوط إلى صنعاء والقاهرة ودمشق ومدن العراق والسودان، خرج عشرات الآلاف من الجماهير العربية للتنديد بالعدوان الصهيوني الغاشم على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، وعلى تواطؤ النظام الرسمي العربي مع الكيان الصهيوني. لقد فجرت الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة الطاقات المكبوتة في الشارع العربي، حيث عمت عواصم المراكز الإقليمية في العالم العربي مظاهرات قوية تندد بالحرب الأميركية –الصهيونية تجاه الأمة العربية، وتطالب بضرورة تدخل الأنظمة العربية لوقف العدوان. وتصدر هذه المظاهرات الأجيال الجديدة من الشباب التلميذي والطالبي الذي كثيرا ً ما قيل إنها مائعة وتعمل فيها الثقافة الاستهلاكية الأميركية، وأنه ليس بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل تناقضات حادة من الطراز الذي كان قد دفع بآبائهم إلى معاداتها طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. كما لعبت القوى السياسية المعارضة على اختلاف أطيافها الايديولوجية والسياسية دورا بارزا في تحريك الشارع العربي، ولاسيما في مصر. كما أكدت هذه المظاهرات الشعبية الحاشدة عن عمق الطلاق التاريخي بين جماهير الشعب العربي ومعظم الحكومات العربية، لجهة وقوف كل منهما على طرفي نقيض، من حيث الموقف من الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني. غير ان الذي كرس هذا الافتراق الكبير والشاسع في موقف الشعب العربي عن موقف الحكومات هو ما بدأ يتكشف من أن بعض الحكومات العربية كانت متواطئة مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة، علما ً بأن العدوان لا يستهدف فلسطين فحسب، بل إنه يستهدف الأمة العربية والإسلامية كلها. وتميزت المظاهرات الشعبية بردود أفعال واحدة وبرفع شعارات واحدة، وأكدت مرة أخرى أن الحركة الشعبية لها نزوع أصيل إلى التحرر والمواجهة مع العدو الصهيوني، تجلى دائما في نزوعها الوحدوي التحرري، واذا كان المدخل الديمقراطي هو المدخل الضروري، بل المدخل الوحيد الممكن لاطلاق سيرورة هذه الحركة الشعبية على الصعيد العربي، فإن مقاومة الإمبريالية،لا سيما الإمبريالية الأميركية والكيان الصهيوني ومقاومة التواطؤ مع العدو القومي للأمة، وما سينجم عنه من بلايا، هي الوجه الآخر لهذا المدخل ومن دونه يفقد المدخل الديمقراطي نفسه طابعه القومي التقدمي.فالنزوع إلى استعادة المرحلة التحررية التي شهدها العالم العربي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي يكاد يشمل اليوم مختلف القوى الاجتماعية والأحزاب السياسية في العالم العربي، حيث جعلت هذه الأخيرة من مقاومة الإمبريالية الأميركية والعدو الصهيوني شعارا نضالياً، ومعياراً أخلاقياً قيمياً تقوم في ضوئه أنظمة الحكم، وبنى الأحزاب، وأنماط السلوك والعلاقات الاجتماعية السياسية. غير أن النظام الرسمي العربي الشمولي،الذي تتحكم فيه ايديولوجية شمولية،باتت أيديولوجيته هذه بمنزلة الدين الجديد للدولة العربية، التي تستبعد سائر الايديولوجيات الأخرى المقاومة الإسلامية والوطنية ويقمعها. وقد تحول المجتمع العربي، بعد اختراقه وتكييف أو تنسيق بناه الاجتماعية، انطلاقا ًمن ارتباط أنظمة الحكم العربية بمراكز الرأسمالية الغربية، واختيارها طريق التنمية الاستهلاكية المشوهة، التابع في إطار البقاء كجزء تابع للاقتصاد الرأسمالي العالمي، حيث أدى ذلك في ظل العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة إلى وقوع الدول العربية في أزمات اقتصادية خانقة تحملت الطبقات الشعبية إسقاطاتها السلبية والمدمرة، في ظل توزيع غير عادل للدخل القومي، والانفاق المتزايد على التسلح، وانخفاض شديد في معدلات الانتاج، وعدم اهتمام أنظمة الحكم العربية بالمشاركة السياسية، وتدهور الديمقراطية وانتهاك حقوق الانسان حين تركزت السلطة في أيدي الأقلية المستغلة التي تستخدم أسلوب القمع والقهر للحفاظ على سلطتها وتكريس استغلالها للحفاظ على مصالحها الخاصة، تحول هذا المجتمع إلى جمع أوحشد غير منتوج من أفراد استلبت فعاليتهم السياسية، وصاروا مربوطين بالدولة والسلطة، رباط الأمن أولاً، وبالصفة التوزيعية غير العادلة للدولة التي احتكرت مصادر الثروة والقوة والسلطة في المجتمع ثانياً. وكان من الطبيعي أن يقود ذلك كله إلى سيادة حالة الاستلاب السياسي التي يعيشها المجتمع العربي، الذي تهشمت قواه الاجتماعية، وفقد فعاليته السياسية، وانخرط في نمط الاستهلاك الذي عممته الرأسمالية الحديثة المتوحشة، وبات أقرب إلى المجتمع الجماهيري منه إلى المجتمع المدني المنتج. وأمام إخفاق الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة في صنع العملية الديمقراطية، باعتبار أن الديمقراطية قضية مجتمعية، وبسبب من بنية هذه الأحزاب التي تجعل النفوذ فيها يبدأ من القمة متجها ً إلى القاعدة، وهذا وضع مقلوب من الناحية السياسية والدستورية، من شأنه أن يجعل نفوذ الزعماء في الحزب على الكتلة الشعبية مطلقا ً أو شبه مطلق، ولا يسمح للجماهير هنا بمناقشة الزعماء والحساب. فأصبحت هذه الأحزاب موسومة بالسلبية السياسية، سواء من حيث ذوبانها في السلطة واندماجها في عالمها، أو من حيث معارضتها لها على أساس برنامجها ذاته، ورؤيتها ذاتها. لذلك تجدنا أمام مشكلة نظرية وعملية قوامها خروج القوى السياسية ذات الايديولوجيا العصرية والمناهج الحديثة من عالم المجتمع، وذوبانها أو الغاء نفسها إيجابيا ً أو سلبيا ًفي عالم السلطات الحاكمة، وبزوغ حركة الشارع العربي العميقة الجذور في المجتمع تطرح في الغالب أهدافا ثورية كالصراع ضد الإمبريالية الأميركية والوجود العسكري الأميركي، ومقاومة العدو الصهيوني، وتحرير فلسطين، وتحرير العراق من الاحتلال الأميركي، ولكنها تفتقد إلى المشروع العربي الراديكالي، الذي وحده قادر أن يؤطر حركة هذا الشارع العربي في حركة سياسية واعية ومنظمة، وتتمتع باستراتيجية واضحة لخوض الصراع مع العدو القومي للأمة. إذا كان العدوان الصهيوني على غزة أدى إلى توحيد موقف الشارع العربي من إسرائيل والأنظمة العربية المتواطئة مع العدو، فإن السؤال الذي يطرحه المحللون هل يستطيع هذا الشارع العربي أن يشعل شرارة انتفاضة شعبية واسعة في المنطقة قد تغير صورة الوضع أو الأنظمة المستسلمة فيها، وتتفاعل كفاحيا مع حركة المقاومة الفلسطينية؟ كاتب من تونس
(المصدر: صحيفة  اوان (يومية – كويتية) بتاربخ يناير 2009)
 

                            

الروس والأوروبيون فلسطينيون أكثر من العرب

 

 رشيد خشانة يحتاج الموقف الدولي من العدوان الأخير على غزة إلى قراءة لا تُفتش فقط عن مواطن القصور فيه وإنما عن جذور هذا القصور ودوافعه ومسؤولية العرب في تجاوزه لتفعيل المساندة الدولية لقضاياهم. وأول ما يمكن استنتاجه من ردود الفعل الدولية على الغارات الإسرائيلية الوحشية على غزة أن العالم بحاجة إلى أوروبا قوية وروسيا قوية كي يستقيم التوازن الدولي. ففي مقابل الموقف الأميركي الذي أعطى إسرائيل كل الذرائع لتبرير عدوانها وصدّق على وجهة نظرها في انحياز مطلق (ومألوف)، أتى موقف الاتحاد الأوروبي أقل انحيازاً إذ طلب من الإسرائيليين وقف الغارات على الفلسطينيين. وبذل المندوب الروسي في الأمم المتحدة فيتالي شوركين جهوداً كبيرة لمجابهة المندوب الأميركي زلماي خليل زاد خلال المشاورات التي جرت في مجلس الأمن لاستصدار القرار الأخير، ووُفِّق في تحقيق الإجماع على النص الذي تم اعتماده. لا شك أن إسرائيل اختارت التوقيت المناسب لعمليتها بين إدارتين أميركيتين وفي ظل انتقال رئاسة الاتحاد الأوروبي من فرنسا إلى تشيكيا، بالإضافة لانشغال العالم بأعياد الميلاد. إلا أن الموقفين الأوروبي والروسي كانا غير كافيين بالنظر لحجم الغارات التي أقدمت عليها إسرائيل والخسائر البشرية المُريعة التي أسفرت عنها. الموقف الأوروبي تضرر من الانقسامات والتجاذبات الداخلية، فلكي تكون أوروبا قوية على المسرح الدولي ينبغي أن تكون موحدة أولاً. والجدل العلني بين فرنسا التي تتولى رئاسة الاتحاد وتشيكيا التي ستتسلمها منها مطلع العام الجديد، أضر بصورة أوروبا وقلل من هيبتها. ولا يمكن توقع مواقف نقدية تجاه الدولة العبرية من الرئيس المقبل للاتحاد فاتسلاف كلاوس الذي يترجى الولايات المتحدة أن تضم بلده إلى مظلة (أو مذلة) الدرع الصاروخي في أوروبا. ويُتوقع مع ابتعاد رئاسة الاتحاد عن المنطقة جغرافياً بانتقالها من باريس إلى براغ مع مطلع السنة، أن يغوص الأوروبيون أكثر في خلافاتهم ويُديروا الظهر تقريباً للشرق الأوسط وحرائقه التي ما إن يخمد واحد منها حتى يلتهب آخر. وربما لن نأمل حتى بانتقادات من نوع التي وجهها لإسرائيل رئيس الوزراء الفنلندي ماتي فانهانن خلال تولي بلده رئاسة الاتحاد الأوروبي بكونها تُفرط «في استخدام القوة ضد الفلسطينيين بصورة غير متناسبة» على رغم أن هذا الكلام لم يتجاوز بيانات الشجب التقليدية. أما روسيا فتتعرض لأوضاع اقتصادية صعبة بسبب عدم قدرتها على الاستمرار في إنفاق مليارات الدولارات على دعم عملتها التي تتعرض لضغوط كبيرة تؤدي إلى انخفاض قيمتها مع هبوط سعر النفط الذي يأتي على رأس الصادرات الروسية. وتُعتبر روسيا من أكبر ضحايا الأزمة المالية العالمية إذ خسرت أسواق الأسهم الروسية نحو سبعين بالمئة من قيمتها بعدما وصلت إلى أعلى مستوياتها في مايو الماضي. مع ذلك كان الرئيس مدفيديف يُهدد قبل ثمان وأربعين ساعة من العدوان على غزة بأن روسيا تحتفظ بحق استخدام القوة للدفاع عن مصالحها، مؤكداً أن الحرب مع جورجيا أثبتت أنه لا مفر أحياناً من اتخاذ إجراء صارم. ومن المستبعد أن تتخذ روسيا اليوم مثل تلك الإجراءات الصارمة. كما أن أوروبا غير راغبة الآن بممارسة ضغوط جدية على إسرائيل لوقف استهداف الفلسطينيين في غزة. وأساس الترددين الأوروبي والروسي هو ميوعة الموقف الرسمي العربي وانقسامه بين مُباركٍ في السر لضرب «حماس» وداعٍ لاجتماع عاجل لدرس الوضع. ومن البدهي أن الروس والأوروبيين لا يمكن أن يكونوا فلسطينيين أكثر من العرب. والأرجح أنه لو وُجد موقف عربي حازم تجاه إسرائيل لالتقطت موسكو الفرصة ربما لتوجيه رسالة قوية لواشنطن رداً على خطط نشر أجزاء من نظام الدفاع الصاروخي في بولندا وتشيكيا. لكن الخيار العربي يتحدد دائماً بتنزيل سقف الإجماع إلى موقف الأضعف بيننا وليس العكس، مما يجعلنا حالاً لا تستحق البناء عليها أوروبيا وروسيا.    (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 29 ديسمبر 2008)

غزّة…. والرابح الأكبر

   

 
آمال قرامي الجمعة 2 كانون الثاني (يناير) 2009 الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على المدنيين في غزّة وانتهاك حقهم في الحياة أفرز ردود فعل اتسمت، في الغالب، بالانفعالية. حنق شعبي وخيبة أمل في الحكّام العرب ورغبة في إبراز روح المقاومة: مظاهرات في الشارع العربي، شعارات، تنديد، مطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل وانتقاد لمصر، وشتم وسبّ ودعاء على الطغاة: ’جبابرة بني إسرائيل’. والمتأمّل في تحرّك الجماهير على امتداد الأيام الأخيرة يتفطّن إلى تصنيف جديد وضبط لقائمة أعداء الأمة و أبنائها. أما الأعداء التقليديون فهم: ـ حكومة إسرائيل ممثلة في مجموعة من الوزراء على رأسهم أولمرت وليفني، اللذين برزت صورهما في جلّ المظاهرات العربية سواء في العالم العربي الإسلامي أو في أوروبا وأمريكا. ـ يُضاف إلى هؤلاء الساسة المعاصرين، اليهود بصفة عامة. فالدعاء يوجه إلى اليهود واللعنة، والشتم والسخط عليهم أجمعين، ويتم استرجاع آيات قرآنية تصف خيانة هؤلاء وفساد نواياهم منذ غابر الأزمان. ـ السياسة الأمريكية المتواطئة مع إسرائيل ممثلة في بوش. ـ الحكّام العرب والوزراء بلا استثناء. فهم الذين خذلوا الأمّة وفتحوا الباب أمام إسرائيل لتدك سكان غزّة دكا لم يكتفوا بالصمت بل إنّ منهم من منع الشعب من حق التظاهر وجمع التبّرعات. ـ جامعة الدول العربية: هيكل بلا روح ولا فاعلية ، كلام ولا أفعال.. أما الأعداء الجدد فهم: ـ مصر، وسياسة مبارك. فهو الذي خيّب أمل المسلمين ولم يرق إلى نموذج عبد الناصر. لم يكن على قدر آمال القوميين ولا الإسلاميين، لم يضطلع بدور رئيسي مأمول. ولذلك انتُقِدت السياسة المصرية وأدائها في هذه الحرب اشدّ انتقاد. ـ مجلس الأمن الدولي، الذي أكّد مرة أخرى أنّه لم يعد هيئة محايدة بل هو تحت هيمنة أمريكا وإسرائيل. ـ المفكّرون الذين ’يميلون على هوى أمريكا وإسرائيل’، فينتقدون سياسة حماس وتشتت الفلسطينيين ويحمّلونهم المسؤولية عمّا جرى. ـ الفئات المستلبة التي انشغلت عمّا يجري في غزّة بالاستعداد لحفلات رأس السنة الميلادية: هيفاء وهبي في هذا النزل، ونانسي عجرم في ذلك الملهى الليلي… لم تحرّك سواكنهم صور الأبرياء: أطفال قطّعت أجسادهم، نساء شوّهت ، رجال بترت أعضاؤهم… دماء تسيل. وبنى أساسية تنهار.. ـ الاتحاد الأوروبي الذي عجز عن أن يكون في مستوى الآمال المعلّقة عليه فلم يستطع أن يواجه أمريكا وإسرائيل، حفاظا على مصالحه. ـ الإعلام الغربي الذي لم ينهض بدوره الرئيسي، امتنع عن طواعية عن تغطية العدوان على غزّة متعللا بأخلاقية تحول دون عرض الصورة. أمّا مناصرو الأمّة وأملها المستقبلي فهم: ـ نصر الله، الزعيم الروحي والمنتقد اللاذع لأمريكا وإسرائيل، الحاكم المنشود وصاحب الخطاب المسموع. نصرالله يذكّر بحادثة كربلاء وبالخطيئة الأولى والتخاذل الأصليّ. ـ الدعاة والشيوخ والعلماء. فهم أصحاب الخطاب التعبويّ ’الفعّال’. ـ قناة الجزيرة. وهي التي منحت الفرصة لتعود بقوّة بعد تراجع لوحظ في الأشهر الأخيرة على مستوى الأداء. عبارات الشكر والتنويه وخطاب مدح للتغطية الإعلامية الهامة، الوحيدة التي بثّت صور الفاجعة الإنسانية، أشلاء وجثثاً ورؤوساً وأمعاء و …. علّها تحرّك الضمير الإنسانيّ. وهكذا كان الرابح الأكبر المدّ الأصوليّ. من العراق إلى مصر إلى المغرب إلى لندن… تهتف الجماهير: ’كلّنا حماس’. كلّ الجماهير، وخاصّة الأجيال الجديدة تقف تحيّة إكبار وإجلال لأبناء حماس الصامدين ولشهداء غزّة. ’سيري سيري يا حماس إنت المدفع واحنا نسلمك الأرواح’، لبيك يا حماس، …. جسور المحبّة والولاء تمتد باتجاه ’حزب الله’ وكلّ الثقة توضع في رمز أثبت ’قوّته ’في الغزو الإسرائيلي على لبنان: نصرالله. بالروح بالدم نفديك يا نصرالله… يا حبيب الحسين لبيك لبيك’.وهكذا كان نصرالله صنو صلاح الدين الأيوّبيّ. مزيد الإيمان بأهميّة الجهاد. فهو الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام المسلمين. فأمام صمت الحكّام وتخاذلهم وخوفهم على مصالحهم لم يبق أمام الغيورين على الإسلام سوى العمليات الاستشهادية ’خبّر خبّر اليهود… جيش محمّد على الحدود’. وأمام صمت المفكرين لم يبق سوى شيوخ الإفتاء والدعاة وغيرهم من علماء الأمّة لشحذ الهمم ولهجاء ’أشباه الرجال’. بادر الشيوخ بالاتصال بالساسة والتعبير عن مواقفهم وانطلقوا في الدعاء على اليهود… والدعاء لشهداء غزّة وللصامدين في لغة خطابية صارت معهودة. وهكذا تسقط الدعوات لحوار الاديان وحوار الثقافات والحضارات، يتوارى الخطاب العقلاني ليفسح المجال للخطاب العاطفي الانفعالي. تهتز الثقة في خطاب حقوق الإنسان ،وفي إيطيقا الإعلام ودوره في نقل الحقيقة…. الرابح الأكبر ليس إسرائيل وليست السياسة الأمريكية ولا الأوروبية … الرابح الأكبر الخطاب الديني المتطرّف: التعبئة الدينيّة التي تنهض بها كلّ الحركات الجهادية وغيرها. يستشهد نزار ريان ويخلفه ألف رجل. كلّما سقط زعيم، وُلِدَ ألف تابع ومناصر في فلسطين ومصر والمغرب والأردن وهولاندا وألمانيا و…. أرشيف الذاكرة يطفو على السطح: كربلاء واستشهاد الحسين، هزيمة 67، صبرا وشاتيلا، وأحداث أخرى، أغاني ملتزمة لمارسال خليفة وغيره ، أبيات لمحمود درويش وأخرى لسميح القاسم،….’وين الملايين’. فيض من العبارات: الخزي والعار والخذلان و… ننتظر مزيدا من الكره والمقت والدوغمائية وحرصا أكبر على الانغلاق الفكري وسعيا إلى إقامة الجدران العازلة بين الأنا والآخر سواء في الداخل أو الخارج … ننتظر تصفيات جسدية وتاريخا من العنف اللفظي والرمزي والمادي. العنف يوّلد المزيد من العنف، والصمت العالمي أمام المجازر التي ارتكبت في حقّ المدنيين يجعل الخطاب الحقوقي، ومنظومة القيم الحداثية في مأزق. هناك إنسان تُحفَظ حقوقه وهناك نصف إنسان تُنتَهك حقوقه أمام الملأ وما من رادع… amel_grami@yahoo. com * جامعية تونسية http://www.metransp arent.com/ spip.php? page=article&id_article=5121&lang=ar      

 

اللعب علي المكشوف

 

فهمي هويدي   إحدي الملاحظات المهمة التي يستخلصها المرء من ملابسات المذبحة الجارية في غزة، أن اللعب في الساحة السياسية العربية أصبح يتم علي المكشوف، فالإسرائيليون أصبحوا يعلنون أن ثمة تأييداً وتشجيعاً من بعض الأنظمة العربية للعملية التي قامت بها، ولا يترددون في إجراء اتصالات والقيام بزيارات في العلن مع بعض حلفائهم العرب، قبل أيام أو ساعات من عمليتهم العسكرية في إيحاء للجميع يثبت التنسيق والتطابق في المواقف ووجهات النظر، وبعض رجال السياسة العرب أصبحوا لا يخفون مشاعرهم، حتي سمعنا أحدهم يقول بكل جرأة ما يفيد بأن فلسطيني غزة يستحقون المذبحة التي تعرضوا لها، لأن قياداتهم حذروا وأنذروا ولم يتجاوبوا مع النصائح التي أسديت لهم، والسيدة ليفني ـ وزيرة خارجية إسرائيل ـ لم تتردد في أن تعلن علي الملأ أن الدولة العبرية وبعض الدول العربية تقف في مربع واحد في مواجهة حماس وحزب الله وإيران.   موالاة العدو أصبح يتم الجهر بها في وسائل الإعلام، حتي بتنا نفاجأ بكتابات تنضح بتلك الموالاة في بعض الصحف المحترمة التي اعتدنا منها الرصانة والتعبير المحافظ والمسئول، بل قرأنا في بعض الصحف المحسوبة علي الحزب الحاكم أن إسرائيل بعد اتفاقيات السلام لم تعد عدواً للأمة العربية، وأن إيران هي العدو الآن، وبمناسبة الأطراف «المحافظة» فإن بعض الدول العربية التي اعتادت أن تتعامل بحساسية وحذر مع إسرائيل، وما برحت تردد علي ألسنة مسئوليها أنها ستكون آخر المطبعين، فوجئنا بها وقد تخلت عن ذلك الحذر، ولم تعد تكتفي بالاتصالات السرية مع العدو، وإنما دخلت في اللعب علي المكشوف من بابه الواسع، إذ مرة واحدة وجدنا قيادتها وقد ظهرت مع رئيس إسرائيل في لقاء رتب تحت غطاء مؤتمر دولي «للحوار» أقيم في نيويورك، وكان ذلك بداية للقاءات أخري تلاحقت في عدد من العواصم الأوروبية.   لم يقف الأمر عند ذلك الحد، وإنما أصبحت مقاومة الاحتلال جريمة وتهمة، تُسَب من خلال المنابر الإعلامية الرسمية ليل نهار، وأصبح الانحياز إلي المقاومة تأييداً للإرهاب ودعوة إلي التطرف وانطلاقاً من «أجندات» أجنبية، بالمقابل فإن المفرطين والمفاوضين والمستسلمين هم «المعتدلون» الذين يتصدرون الواجهات وتحتفي بهم وسائل الإعلام، دون أن يتساءل أحد عن أي «أجندة» ينحاز إليها هؤلاء.   في خطاب هذا الزمان أصبحت المقاومة هي المشكلة وليست الحل، لذلك فإن السباب والشتائم التي توجه إلي دعاة الممانعة أفراداً كانوا أو جماعات، لا يقصد بها سوي الموقف الرافض للتسليم، وكما مُنح ياسر عرفات جائزة نوبل لأنه اتفق مع اسحاق رابين، ثم جري حصاره وتسميمه وقتله لأنه لم يسلم بطلبات باراك، فإن الأسلوب ذاته جري تعميمه علي العالم العربي، فمن استسلم فاز بالرضا ومن امتنع حلت عليه اللعنة.   ذلك شديد الوضوح في الساحة الفلسطينية الآن، فالسلطة في رام الله مشمولة بالرضا والهبات والمساعدات لأنهم قبلوا بقواعد اللعبة، والمقاومون في غزة محاصرون ويراد لهم أن يلقوا مصير عرفات، حيث لا فرق بين القتل بالسم أو القتل أثناء المذبحة بصواريخ طائرات «F16».   من كان يتصور أن يشارك الطرف العربي في حصار غزة وتجويعها؟ ومن كان يصدق أن يهب بعض الناشطين الأوروبيين لإغاثة المحاصرين عبر البحر، في حين يغلق «الإخوة العرب» طريق البر، ولا يفتحون المعبر إلا بعد أن يتحول الأمر إلي فضيحة عالمية؟ من كان يصدق أن تتحرك القوافل من قلب القاهرة لإغاثة المحاصرين في غزة، ثم تفاجأ بأرتال الشرطة تقطع عليها الطريق، وتجبرها علي العودة من حيث أتت؟   ليس صحيحاً أن حماس هي الهدف، لأن المقاومة هي الهدف الحقيقي، بعدما أصبح الموقف واضحاً ومحسوماً لصالح التفريط في القضية وبيعها بأي ثمن، ومن يسبح ضد التيار يجب أن يسحق بكل قوة علنًا وفي وضح النهار، حتي يكون عبرة لغيره.   ذلك قليل من كثير في اللعب علي المكشوف مع الإسرائيليين، أما اللعب مع الأمريكيين فحدث فيه ولا حرج، والخوض فيه يحتاج إلي كتاب لا زاوية صباحية، ثم إنه حافل بالخطوط الحمراء والمعلومات الملغومة.   (المصدر: صحيفة « الدستور » (يومية – مصر) الصادرة يوم 4 جانفي 2009)  


    غزّة الأبيّة تساقط كلّ الّذي حولها وضاعت كرامتهم وصاروا عبيدا لمن كان بالأمس عبدا فلم يبق غيرك فيهم كريما ولم يبق غيرك فيهم عظيما فمنهم عدوّ ومنهم عميل ومنهم ضعيف ومنهم جبان ومنهم لهذي القضيّة خان ومنهم يبيع الكرامة من أجل مال قليل ومنهم غبيّ ومنهم بخيل وتبقى الشّعوب تذكّي العزائم للصّامدين وتعطيك دفعا لكي تصمدين فأنت الشّراع وأنفاسهم مرجل والرّياح تهبّ لدفع سفينتك المبحره نحو برّ الأمان فشدّي بحبل الصّمود فإنّي عهدتك دوما أبيّه ولن تخذلي كلّ هذي الشّعوب ولست كمن ضيّعوها القضيّه ولا من ركعت لذاك الغريب وإنّي عهدتك يا غزّتي غي البلاء عصيّه فهذي الشّعوب بكلّ البقاع تلوّح باسمك يا غزّة الإنتصار فيا غزّة الرّفض لا تركعي وعند الشّدائد لا تفزعي وعينيك شدّي عليها ولا تدمعي فلا الوقت وقت البكاء ولا الوقت وقت العويل فمهما يزيد من الشّهداء ليرووا القطاع بأزكى دماء فنصرك آت وليس بعيد وفجرك قادم ستشرق شمس بعيد الغروب ويسفر صبح يمزّق ليل الظّلام الكئيب فطوبى لغزّة أرض الصّمود وأبناء غزّة أهل الفداء فإنّي أيا غزّة الأوفياء أرى النّصر آت وربّ السّماء         الأخضر الوسلاتي     باريس أوائل جانفي 2009         الحرب على عزّة  


 

يَا عَمّي مَحْمُودْ

شعر علي بوراوي   يَا عَمّي مَحْمُودْ                             جُودَكْ فَاتْ اِلْجُودْ شُـفْـتَكْ اِتْقَــبّــلْ في ليفْنِي                  أو تِــلْــــثِــمْ لَـخْدُودْ خَـبّـرْنِي شِـنْهِي طَـعْــمَـتْها                شِيــكَـلْ أوْ  تَلْمُودْ؟ وَإلاّ رْئاسَـتْ رام الله                       والرِّئــاسَـهْ سْعُودْ كْتَـبْـهَالَكْ  بُوشْ وْسَجّلْهاْ                  فِـي وْصَايَا نَمْرودْ   يا عمّي محمود اِشرَحْلي                  كيـــفَاشْ تَـمْ البِيعْ شَعْطوكْ فيها غزّة اصْحَابَكْ              كيفْ اِسْهِرْتُو جْمِيعْ وِنْتَ تْصدّق كِيــفْ اِيـقُولُوا              شْتَاكْ اِيــوَلّــي رْبيعْ تَخْرَبْ غزّة يْطِيــحْ  سْمَـاهَا             وْيُسْكُـنْـهَا الجَرْبُوعْ سَاعَتْها محمود اِيفاوِضْ                 جَاهِزْ للتّوْقِــيعْ في يْــمِيـنَهْ « سَـلامْ » الــذّلّهْ              وْفِي اليُسْرَى التّطْبِيعْ   يَا مَــحمودْ تْعَالَى تْكَـلّمْ                 خَبِّـــرْنِــي أشْ ثَـــمْ؟ قَــدّاشْ اِقْــبَــضِتْ في غَــزّة؟         بْـقَـــدّاشْ لِـتْــرْ الــدّمْ؟ بْـقَــدَّاشْ الــفِـدَائِي بِــعْــتَـهْ            وِالبَــابَــا وِالأُمْ؟ وِبْــقـــدّاشْ بِعْتْ الكُلّيّة                واللّــــي يِـــتْــعَــلّــمْ؟ وْقَــدَّاشْ اعْطُوكْ عْلَى الجامَعْ         وْكُلْ اِلّـــي تْــهَــدّمْ؟ وقدّاش اطْلَبِتْ فِــي الشُّرْطِي          وِالسّــــكّانْ حْــزِمْ؟ ذِبْـحَـتْهُــمْ بِالغَـــدْرْ طْــيَايِــِــرْ         وِصْوارِيخْ حْـمِــمْ لا اسْـتَـثْـنَتْ شَـايِبْ يِـــتْــهَــجّــدْ      وْلا مْـنِــعْ رَاعِـي غْـنَمْ وْلَا صْغِــيرْ اِلْ مِتْــحَضِّن أمَّهْ        عَــلْ عُـمْــرَهْ تِــفْــطَــمْ وْلاَ مْنِعْ اِطــْبيـبْ اِلِّــي يْــدَاِوي        وِالإسْـعَـافْ حْـــرِمْ وْلَا خَلّوا إغَــاثــهْ تُــدْخُـــلْ           كَـــانْ صُوتْ اِلبَــارُودْ كْلامِــي لِــِيــــهْ شْــــهُــــودْ خَـــبّــرْنَــا بـْــــقَــدّاشْ الصَــّفْــقَـهْ تْـكَـلّـم يَا مَحْمُودْ   تْــكَــلّـــمْ يا مَحمُودْ العَابِـسْ          مْنِينْ جَاكْ التّأيِيدْ؟ شْـكُـونْ اِلِّـــي شَاوَرْلَكْ بِيدَهْ          اُووِعْــدَكْ بالتّـمْـدِيــدْ؟ وَاشْ غَــرّكْ بِــتْــرَابْ بْــلادَكْ      يَاضَـايَعْ يَــا بْـلِيـدْ قُـــولْ آش شَـــدّتْ لِيــــدْ؟ مَا بْقَاشْ السِّــرْ اِلْ يِــِتْخَبّي         وْ مَا بْقَى حَتّي كُودْ الكُلْ واضَحْ مجْرُودْ عَـلـَى الـمُـبَاشِــرْ يِــتْــعَـدّى: الشّاهِدْ وِالمَشْهُودْ   يا عمّي مَحمُودْ اسْمعْني            خَبِّرْنِي آشْ صَارْ عْلاشْ خْرَبْتْ الدَّارْ؟ عْلاشْ هَــذا الخُــنّـارْ رْفَـعْ صُـبْـعَه وَاشَارْ، لِلِّي حْـذاهْ قْعُودْ قال » الكُلْ رْقُودْ » زُعَمَاءْ اِلْمَنْطْقَهْ                     شْرَانا الـلِّيــكُودْ وْعَرّانَــا قُدّامْكُمْ                   وَعْـطَانَا جْــرُودْ.   يا عَــمّي محمود                  جِــيـتَكْ اِنْعَزِّيكْ بْمَا صُنْعَتْ إِيــدِيكْ آش لَزّكْ عَلْ غَـدْرْ             بَهْــلَكْ وُمّالِيــكْ؟ هذا عار عليك                 خِــزْيَــهْ يَـــلْــصَـقْ فِيـكْ اُو يَلْصَقْ في زُوْجْتَكْ            وْفِي ذْرَارِيكْ عَــارْ بْــلاشْ حْــدُودْ طُـــبْــخَــهْ بُوشْ وْلِيــــفْـنِي  عْلَى حْطَبْ اِلْعُودْ وْعِمْلوا زَرْدة مْـتَـبّــلَهْ بِبْــخُورْ وْعُــودْ تْلاقُــوا فيـها سْمَــاسْــرَهْ اُوبَـــرْشَــهْ قـــْرُودْ وِشْــــْيَاطِيــنْ اِمْـعَــدْلَهْ السّاعَــهْ وِالكُودْ عَــلْ قِــصّتْ لُـــخْدُودْ.   يَا مَــحْــمُودْ الرّمــْزْ لِلْخِسّهْ وِالــذُّلْ عْــلاشْ الخُـوفْ اِلـْــكُـــلْ؟ غَزّة رَاهِي مْــسَــيْـجَـــهْ بْـمَـلْــيُونْ فْــحَـــلْ وِيـــــذَا تْــمَـــسْ شْـجَـــرْ، وِيـــذَا طِيــرْ رْحَـــلْ نْــهِــبُّو الكُـــــلْ اِنْـــــذُودْ وْيِــِتْــحَــوّلْ لَــحْـجَرْ                قْــنَابِـلْ فِــيــدْ جْــنُــودْ غَــضْبَـتْ اِلْــمَظْــلُومْ               لا تْوَقّـــــفْــهَا حْـــدُودْ وْلا تْطــفّي نِيــــرَانْــهَا             الغِــرْبَــــانْ السّـُــــــودْ وَحْـــــدَا، يْـهَــدّي لْــهِـيــبْهَا:       العَــدْلْ المَنْــشُــودْ.   باريس  في 4 جانفي 2009  


القضية فجرتها  »الخبر » من تبسة زيت مغشوش يهدد جريدة تونسية بالزوال
 
أجل القضاء التونسي، أمس، النظر في قضية مدير ورئيس تحرير أسبوعية  »الموقف »، لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض، إلى الرابع والعشرين من الشهر الجاري.   رفع القضية مسؤولو خمس مؤسسات تونسية خاصة، تطالب فيها الأسبوعية بتعويض قدره 300 ألف أورو، نظير الخسائر التي تكون قد سببتها لهم بعد نشرها مقالا حول زيت مغشوش يباع في تونس. لكن رئيس تحرير  »الموقف »، رشيد خشانة، صرح لوكالة الأنباء الفرنسية أن جريدته لم تقم سوى بـ »التعليق على خبر صدر في جريدة  »الخبر » الجزائرية في شهر مارس الماضي »، يتعلق بتوزيع زيت مغشوش عندنا قادمة من تونس. وقد تم تأجيل هذه القضية أربع مرات  »بطلب من المدعين »، حسب إدارة الأسبوعية، كون مسيري المؤسسات المعنية بالزيت المغشوش المكتشف في الجزائر، تواجه صعوبات في تقدير خسائرها الحقيقية. بمعنى أن جريدة  »الموقف » مدانة في كل الأحوال ويبقى فقط تحديد المبلغ الذي يجب أن تدفعه للمدعين لتعويض خسائرهم. وتعتبر إدارة  »الموقف » القضية خالية من أي أساس وأن  »السلطات التونسية تسعى لخنق الجريدة ». أما الحكومة التونسية فتتبرأ من أي مسؤولية في هذه القضية، داعية إدارة أسبوعية  »الموقف » لتحمل مسؤولياتها الشرعية. وكانت  »الخبر » قد نقلت بتاريخ 30 مارس الماضي تصريحا عن مدير التجارة لولاية تبسة، كشف فيه عن نتائج تقرير الخبرة العلمية التي أخضعت لها عينة من زيت المائدة التونسي المهرب، والتي أجريت من طرف المخبر الجهوي للنوعية بقسنطينة، حيث أثبتت نتائج التحليل احتواء هذه المادة على عدة عناصر معدنية ثقيلة وسامة تهدد صحة المواطن. ووجه نفس المسؤول نداء للمواطنين لعدم اقتنائه ومقاطعته نهائيا. كما تحصلت  »الخبر » آنذاك على نسخة من بطاقة التحليل النوعي لزيت المائدة التونسي تحت رقم 1304 المؤرخة في 5 مارس 2008 حيث تبين، حسب النتائج الأولية لتقرير الخبرة المعد من قبل مخبر جهوي متخصص بولاية قسنطينة، أن زيت المائدة التونسي يحتوي على نسبة 4, 41 مغ من الرصاص في اللتر الواحد، بينما لا يتجاوز في الحالات العادية نسبة 0, 1 مغ في اللتر الواحد، وكذا نسبة 0, 28 من النحاس و1, 18 من الحديد، إضافة لبعض العناصر الثقيلة الأخرى عالقة وبقايا البلاستيك. وهذا يعني أن زملاءنا في تونس لم يخطئوا في حق المؤسسات التي تحملها مسؤولية خسارتها جراء هذه القضية، إلا إذا كان الغش في المواد الصناعية صفة حميدة عند الحكومة التونسية، ما دام ذلك يدر عليها أرباحا من جارتها الجزائر. وإذا كانت العدالة التونسية تدين جريدة نقلت للرأي العام التونسي أخبار السلع المغشوشة المنتجة في بلادهم، فإنه يحق لرؤساء المؤسسات الجزائرية أن يخافوا على مستقبل مؤسساتهم أمام المنافسة غير الشريفة لجاراتها عند دخول منطقة التبادل الحر العربية مرحلة العمل الفعلي. أما مستقبل أسبوعية  »الموقف » فلا يمكن الخوف عليه لو كانت عدالة البلدان المغاربية تتعاون فيما بينها لإثبات براءة المتهمين. غير أن الواقع أثبت وجود تعاون واحد في كل القطر المغاربي هو التعاون على القمع وعلى التهريب والغش والتسلط… (المصدر: صحيفة « الخبر » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 4 جانفي 2009)

 


تعرّض صحافيين مستقلين للتنكيل

 

  تستنكر مراسلون بلا حدود تصرّف السلطات التونسية حيال عدة صحافيين مستقلين في تونس ولا سيما في خلال تغطيتهم تظاهرة سلمية نظّمت احتجاجاً على الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة في 30 كانون الأول/ديسمبر 2008. في هذا الإطار، أعلنت المنظمة: « تضاف أعمال العنف التي مارستها الشرطة إلى اللائحة الطويلة للصحافيين التونسيين المستقلين ضحايا تنكيل أجهزة الاستخبارات. فتسعى دكتاتورية الرئيس بن علي إلى إسكات الصحافة المستقلة بشتى الوسائل، بما في ذلك العنف الجسدي. بناء عليه، تناشد مراسلون بلا حدود المجتمع الدولي التصرّف من أجل حماية حرية التعبير في تونس ». في 30 كانون الأول/ديسمبر 2008، تعرّض ثلاثة صحافيين للاعتداء فيما كانوا يسعون إلى تغطية تظاهرة سليمة نظّمها الحزب الديمقراطي التقدّمي التونسي. فأقدم عناصر من الشرطة بلباس مدني على الاعتداء على مراسل قناة الجزيرة القطرية لطفي حجي، ما أدى إلى كسر نظارتيه. وقد اعتدوا وأهانوا مراسل الموقع الإخباري إيلاف والعضو في أسرة تحرير أسبوعية الموقف اسماعيل دبارة الذي أشار إلى أن شرطيين هددوه بالاعتداء عليه جسدياً وقد تولوا مصادرة هاتفه الجوال ومحفظته وأوراقه الشخصية بالقوة. وطال الاعتداء أيضاً مراسل الصحيفة القطرية العرب والصحافي في الموقف محمد الحمروني فيما كان يتوجه إلى مكان التجمّع. وقد هدده المعتدون عليه بمعاقبته على مقالاته في جريدة العرب. وأضاف قائلاً: « أحمّل الحكومة المسؤولية الكاملة عن هذه الأعمال ». على صعيد آخر، حاصرت مركبات الشرطة منزل الصحافي لطفي حيدوري (جنوب تونس العاصمة). في اتصال مع مراسلون بلا حدود، اعتبر الصحافي أن هذا الحادث يهدف إلى ترهيب أسرته وزوّاره: « إن الاعتداءات الأخيرة المرتبطة بتغطية التظاهرة، والتهديدات الموجهة ضد سليم بوخذير، وحملة التشهير بسهام بن سدرين لتشكل أدلة على تصرّفات السلطات الرامية إلى إسكات الصحافة المستقلة ». في 20 كانون الأول/ديسمبر 2008، أقدم مراسل صحيفة محلية مقرّبة من السلطة على تهديد سليم بوخذير الذي تلقى أيضاً اتصالات هاتفية من هذا النوع تفيد بإعادته إلى السجن إذا لم يتخلَّ عن ممارسة مهنة الصحافة. ويأتي هذا الحدث إثر توليه منصب مراسل مراسلون بلا حدود. وأخيراً، تتعرّض سهام بن سدرين منذ بضعة أشهر لحملة تشهير من تنظيم السلطة على عملها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.   (  المصدر : موقع منظمة « مراسلون بلا حدود » بتاريخ 2 جانفي 2009 )

هل يتنحى السيد عبد السلام جراد عن مركزه كأمين عام للاتحاد؟

   

يجري الحديث هذه الأيام في أوساط مضيقة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل عن اعتزام الأمين العام السيد عبد السلام جراد التنحي عن مسؤولياته كأمين عام وفسح المجال لعضده الأيمن الحالي السيد علي رمضان لخلافته في هذا المنصب. ويقول الذين يتناقلون هذا الخبر أن السيد جراد قد يتولى الأمانة العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الذي سيعقد مؤتمره قريبا وربما في غضون أشهر قليلة. ويرى هؤلاء أن ما يسمى بمجموعة « القراقنة » قد وجدت في هذه الطريقة الحل الأمثل لضمان بقاء الأمانة العامة في أحد أبنائها. ويؤكدون جدية الأمر ويعتبرون أن تردد الأمين العام على سوريا في المدة الأخيرة يأتي في إطار الإعداد لهذه الخطوة. ويؤكد البعض، استنادا إلى بعض الأخبار الواردة من دمشق أن السيد عبد السلام قد قام بالترتيبات اللازمة لذلك ويبدو أنه توصل في ذلك إلى تفاهمات أولية مع السيد حسن جمام الأمين العام الحالي للمنظمة النقابية العربية ومع عدد من الوفود الممثلة وخاصة الوفد المصري والوفد الجزائري.

ملف يستحق الاهتمام والمتابعة.

عضو بالاتحاد الجهوي للشغل بتونس يتردد في الساحة النقابية بتونس العاصمة خبر توقيف محمد علي خذري عضو الاتحاد الجهوي للشغل بالعاصمة تونس لدى فرقة الشرطة الاقتصادية ويبدو حسب الأخبار المتداولة أن السيد خذري مطلوب لدى هذه الفرقة بتهمة التدليس والتحيل، ويأتي هذا الخبر في ظرف يجري فيه الحديث عن ملف سوء التصرف الذي اصطف فيه السيد خذري إلى جانب القيادة النقابية عندما أثارت هذا الملف لإزاحة الكاتب العام توفيق التواتي على خلفية خلافات نقابية يحبذ عدم الكشف عن خلفيتها وعدم الافصاح عن حقيقتها. جلسة استعجالية تقدم السيد توفيق التواتي بشكوى للدوائر القضائية لتوقيف تنفيذ قرار تجميده دون احترام مقتضيات القوانين الداخلية للاتحاد العام التونسي للشغل. ولأن الملف المقدم للقضاء تضمن جملة من المؤيدات والقرائن فقد قررت دائرة المحكمة الابتدائية بتونس عقد جلسة استعجالية في القضية يوم الثلاثاء 6 جانفي الجاري. ورغم انه ينتظر تأجيلها في مرة أولى إلا أنه يتوقع أن يقع البت فيها بسرعة بالنظر لحجم الاخلالات التي تضمنتها. ويعتقد الكثير من متتبعي تطورات ملف جهة تونس أن القيادة النقابية لم تحسب حسابا لحجم التعقيدات التي ستتعرض لها جراء فتح هذا الملف. وربما تفطنت اليوم إلى كونها سقطت في مطبّ صعب، لذلك يقول البعض أن القيادة بدأت تبحث عن طريقة للخروج من الورطة رغم أنّ الأحقاد الشخصية لا تشجع بعض أعضائها على إيجاد حل مع الكاتب العام المجمد (توفيق التواتي). فهل نرى في القريب جولة مفاوضات في هذا الغرض؟ هذا ما يلمح له الكثير من مقربي الأمين العام. فشل تظاهرة حول غزة لاحظ النقابيون بجهة تونس الغياب التام لنقابيي الجهة عن التظاهرة التي نظمها ما تبقى من أعضاء الاتحاد الجهوي بعد تجميد الكاتب العام توفيق التواتي وتغيير أقفال مكاتب ثلاثة أعضاء آخرين (لطفي اللطيفي وروضة الحمروني وراضي بن حسين) حيث لم تحضر إلا قلة من النقابيين لا يتجاوز عددهم 6 أفراد فقط. ويبدو حسب ما يفسره العديد من النقابيين أنّ ذلك يعود لموقف النقابيين من الطريقة التي تعاملت بها القيادة مع أزمة الاتحاد الجهوي وتنصيب عناصر على رأسه لا تحوز على رضى النقابيين من الجهة. وربما هذه أولى علامات العزلة التي توجد فيها مجموعة الخمسة التي تلقى مساندة قيادة الاتحاد. وللإشارة فقد تمّت دعوة ممثل عن اتحاد عمال فلسطين بتونس والشاعر الصغير أولاد احمد اللذين أجبرا على الانسحاب لغياب الجمهور.   مساعي خفية للمصالحة تروج أخبار حول مساعي بعض أعضاء قيادة الاتحاد لإجراء مصالحة مع أعضاء الاتحاد الجهوي راضي بن حسين وروضة الحمروني ولطفي اللطيفي شرط تخليهم عن زميلهم الكاتب العام توفيق التواتي غير أن هذه المساعي لقيت رفضا تاما من الثلاثة المذكورين الذين يتمسكون بمعالجة ملف الاتحاد الجهوي بتونس بطريقة نقابية وبصفة علنية. ماذا طرأ على علاقة الأمين العام ببعض المقربين منه؟ تتناقل الساحة النقابية خبر اللقاء الذي جمع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل السيد عبد السلام جراد بمنسق قسم العلاقات الخارجية المدعو فتحي بن علي شهر الدبك. ويقال أنّ الأمين العام أمر الدبك وفي حنق كبير الكف عن التدخل في شؤون الاتحاد الجهوي بتونس وعن الاتصالات وحملات التشهير ضد البعض لتلافي المشاكل والتعقيدات. ويروج البعض أن اللقاء تناول مسائل أخرى تتعلق بأداء القسم (الذي أصبح يشرف عليه الأمين العام بنفسه منذ انتقال محمد الطرابلسي للعمل بمصر) وخاصة ببعض الجوانب الخاصة بالتصرف المالي. ويبدو أن الأمين العام سجل جملة من المآخذ على منسق القسم فتحي الدبك وبات يخشى أن « تفوح » رائحة التجاوزات في الساحة النقابية التي أصبحت متحسسة وتتابع بانتباه تصرف أعضاء القيادة والأمين العام والعاملين حوله.   تجمع نقابي بجهة تونس… ورائحة أزمة تعبق أرجاء الاتحاد   نادى السيد توفيق التواتي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس، أكبر اتحاد جهوي في الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة النقابية الوحيدة بالبلاد، لاجتماع الإطارات النقابية بالجهة ليقدم لهم وجهة نظره من الأزمة التي ظهرت في المدة الأخيرة وأخذت منعرجا حاسما على حد تعبيره في البيان الذي وزعه وكنا نشرناه في عدد سابق من البديل. ولكن قوات من البوليس كانت قد أحكمت سيطرتها على مداخل الأنهج المؤدية لبطحاء محمد علي، حيث المقر المركزي للاتحاد، ومنعوا عددا من النقابيين الوافدين لحضور التجمع قبل أن تصدر لهم الأوامر في آخر وقت بالانسحاب و »عدم التدخل » في هذا الخلاف النقابي الداخلي. وقد أكد شهود عيان أن مسؤول الأمن بإقليم تونس تدخل بنفسه وطلب من أعوانه الانسحاب. وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل طلب طوال اليومين السابقين لتاريخ التجمع، أي منذ مساء الأربعاء 24 ديسمبر 2008، من الكتاب العامين للجامعات بالضغط على نقابييها وإطاراتها لعدم تلبية الدعوة وعدم الحضور للتجمع. ويبدو أن طلبه هذا لم يجد وقعا لدى الإطارات النقابية واضطر للتدخل بنفسه ومكالمة الإطارات النقابية حتى القاعدية منها (أعضاء النقابات الأساسية) ليثنيهم عن الحضور. وقد ذكر البعض أنه هدّدهم وأنه كان في حالة من التشنج والغضب الواضح. وإلى جانب ذلك نشط عدد من أعضاء الاتحاد الجهوي الذين هم على خلاف مع التواتي ليطلبوا هم بدورهم من النقابيين عدم الحضور. وأكد الكثير من النقابين أن كل من نور الدين الطبوبي ومحمود عاشور وخميس صقر، أعضاء الاتحاد الجهوي، كانوا قد كالموهم أكثر من مرّة ليؤكدوا عليهم بعدم الحضور. البعض الآخر قال أن عناصر عاملة كموظفين وقتيين أو مكلفين بمهمة لدى الأمين العام أو بعض الأقسام مثل السادة مصطفى بن أحمد (عضو المكتب التنفيذي سابقا) وفتحي بن علي شهر الدبك (معلم) لعبوا هم أيضا دورا في محاولة إقناع النقابيين بعدم الحضور. ولم يكن مفهوما بالنسبة للكثير من النقابيين لماذا حرص الأمين العام وشغل كل هذا الجهاز لمنع اجتماع نقابي؟ الإجابة على ذلك حملت تأويلات كثيرة ومناقضة ولكن اغلبها التقت حول أن الأمين العام كان يخشى أن تتسرب خلال هذا الاجتماع معلومات محرجة له ولبعض الأقرباء المحيطين به حول أمور مالية ونقابية وربما أيضا أخلاقية. ومهما كان من أمر فقد حضر عدد كبير من الإطارات النقابية، يتجاوز عددهم حسب التقديرات الـ 300 إطار بعضهم جاء لنصرة التواتي وزملائه (راضي بن حسين وروضة الحمروني ولطفي اللطيفي) وبعضهم الآخر ربما جاء بدافع الرغبة في الإطلاع على فحوى الخلاف الذي فجّر أزمة الاتحاد الجهوي بتونس. وقد لوحظ ضمن الحضور عناصر نقابية قيادية كانت أزيحت من الاتحاد وافتعلت ضدهم ملفات نقابية مثل السيد عبد الرزاق البجاوي الكاتب العام السابق للاتحاد الجهوي ببنزرت أو تم التخلي عنهم في المؤتمر الأخير بالمنستير مثل السيد سليمان الماجدي عضو القيادة سابقا وحتى بعض الوجوه القيادية التي ابتعدت منذ مدّة طويلة نسبيا عن الاتحاد.   توفيق التواتي يكشف كان السيد توفيق التواتي وزّع على الحضور بيانا بعنوان « بيان توضيحي للرأي العام النقابي » لخص فيه بصورة مركزة حقيقة أسباب الخلاف بين الاتحاد الجهوي بتونس العاصمة والقيادة المركزية للمنظمة النقابية. ولكن الملفت للانتباه هو المعطيات الخطيرة التي كشف عنها بخصوص جوانب كثيرة من تصرف قيادة الاتحاد في مالية المنظمة وجوانب أخرى. السيد التواتي بيّن كيف أنّ الخلاف نقابي وأنّ افتعال مسألة الملف المالي ضده هو غطاء للتغطية على توجه التصفية المتبع الآن في الاتحاد والذي قد خلف بعد بعض الضحايا، وعاد بهذا الخلاف إلى المؤتمر الاستثنائي للاتحاد في جزيرة جربة سنة 2002 الذي أقرّ مسألة تحديد حقّ تحمّل المسؤولية في القيادة لدورتين فقط. وتدرّج في التحليل ليقدم كل المناسبات التي ظهر فيها تباين بين وجهات النظر بينه وبين الأمين العام وصولا إلى مؤتمر المنستير الأخير، سنة 2006، وترشحه هو على رأس قائمة أثارت غضب الأمين العام ضده. ثم استعرض المواضيع والمناسبات التي اختلف فيها مع الأمين وخاصة حملة إحالة النقابيين على لجنة النظام الوطنية وملف بنزرت وملف نابل وملف نقابيي الحوض المنجمي، إلخ. لذلك يعتبر السيد توفيق التواتي أن المسألة تتعلق بخلاف نقابي يتمحور حول مسألة الديمقراطية الداخلية وطريقة تسيير المنظمة. ويوجه تهما خطيرة للأمين العام… أما ما فاجأ النقابيين الذين حضروا التجمع هو سيل المعطيات التي قدمها حول مسألة التصرف المالي حيث وجه تهما مباشرة للأمين العام بالذات منها مثلا أن الأمين العام قبض من متسوغ نزل أميلكار مليار و200 مليون من المليمات واستحوذ عليها لخاصة نفسه ولم يقدّم حولها أيّة معلومة لا لهياكل الاتحاد ولا لمجلس إدارة النزل الذي يشغل السيد توفيق التواتي عضويته. وذكر التواتي أيضا أن متسوغ النزل صرّح بهذا المبلغ على أعمدة الصحف ولم يصدر عن الأمين العام ما يفند ذلك مطلقا وكان التواتي وهو يقدّم هذه المعطيات يستشهد بعدد من الوثائق في حوزته احضرها عمدا للتدليل على صحة تصريحاته. وقال في معرض حديثه أنه يتحدى الأمين العام وأيّ كان غيره أن يقدم دليلا مضادا لما صرح به. ومن التهم الموجهة للأمين العام أيضا تلاعبه بقوانين الاتحاد المتصلة بالتصرف المالي حيث قال التواتي أن الأمين العام هو أوّل من خرق المنشور المالي حيث استغل مركزه القيادي لشراء ذمم النقابيين سواء بدفع هبات وإعانات أو بإرسال نقابيين وحتى موظفين في دورات تكوينية نقابية في سوريا مثل أحد موظفي مصلحة المحاسبة وسائقه الخاص. وتساءل ماذا يمكن أن يتعلم سائق في دورة تكوين نقابي؟ ومن الملفات التي اعتبر السيد توفيق التواتي أن الأمين العام للاتحاد مورّط فيها هو ملف مؤسسة كوسوب للخدمات التجارية البحرية بصفاقس التي يتولى صهر محمد شعبان الكاتب العام للاتحاد الجهوي هناك مسؤولية رئاستها وذكر بالخلاف الذي شبّ بين الأمين العام ومساعده السابق سليمان الماجدي بسبب هذه المؤسسة. وقال التواتي أن سبب إزاحة الماجدي من الاتحاد يعود في الحقيقة لتمسك هذا الأخير بضرورة خضوع مؤسسة كوسوب لإشرافه بصفته عضو المكتب التنفيذي المسؤول عن تسيير مؤسسات الاتحاد. وأضاف أن من يريد أن يحشر أنفه في هذه المؤسسة التي لا يعرف أحد شيئا عن التصرف في أموالها غير اللوبي المحيط بالأمين العام يصبح محل نقمة وغضب الأمن العام وجمع من المقربين منه. ثم قدّم إشارات يبدو أن الحضور فهم مغزاها، حول مظاهر أخرى من سوء التصرف وخاصة أساليب شراء ذمم بعض الوجوه النقابية المعروفة بما تدعيه من « يسارية » والتي يقع استعمالها أبواق دعاية ملمحا لأحد الوجوه النقابية الذي يحمل صورة غيفارا على صدره وعلى ظهره ليجاهر بيساريته وبرز وكأنه يحمل لواء المعارضة ولكنه تحوّل إلى مجرّد متسوّل يتمسّح على أبواب مكتب الأمين العام ويعيش على الفتات ويلعب دور بوق دعاية. ولبعض أعضاء القيادة… وفي معرض حديثه عن سوء التصرف الحقيقي الذي ينخر المنظمة النقابية أشار السيد التواتي إلى سوء التصرف في مؤسسات الاتحاد الأخرى وخاصة تعاونية الاتحاد وبين بصفته عضوا بمجلس الإدارة كيف تم تعيين مدير لتسيير هذه المؤسسة الذي التزم ببرنامج عمل لإنقاذها وتمكن من تحقيق برنامجه قبل الأوان بل حولها إلى مؤسسة رابحة بعدما كانت تشرف على الإفلاس. ولأن هذا المدير « زوّالي » ومن جهة الكاف فقد تمّت إزاحته بدون وجه شرعي ولا سبب معقول وقال التواتي أنه اتضح فيما بعد لكي يقع استبداله بابن خالة الأمين العام المساعد علي رمضان رغم أن هذا المدير الجديد لا يتمتع بالمؤهلات الكافية لتسيير مؤسسة في حجم تعاونية الاتحاد علما وأنه متخرج من معهد الصحافة ولا علاقة له بالتصرف المالي. واعتبر السيد توفيق التواتي أن الأمين العام متواطئ في هذا القرار الذي يندرج ضمن المحسوبية والعقلية العشائرية الطاغية داخل الاتحاد العام التونسي للشغل بل والتي أصبحت منهج تسيير قائم بذاته. وفي جانب آخر من تدخله عرّج التواتي على المعاملات المنافية لأبسط قواعد التصرف السليم في أموال الاتحاد والتي لا يقع كشفها للنقابيين وذكر في هذا الباب كيف أن أحد أعضاء القيادة الحالية ما أن أصبح عضوا بالمكتب التنفيذي (وكان قبل مؤتمر المنستير الأخير كاتبا عاما لاتحاد جهوي بتونس الكبرى) حتى اشترى له الأمين العام سيارة فخمة من نوع بيجو 407 وللاحتفاء بهذه المناسبة السعيدة أقام عشاء دعا له عددا من مقربيه كانت كلفته 600 دينارا طلب من الاتحاد أن يدفعها ولما عارضت المصالح المالية بالاتحاد طلبه لم يتورّع عن التهجم على الاتحاد وعلى الأمين العام نفسه مهددا بالقيام بحملة ضده فما كان من هذا الأخير غير الموافقة على تكفل الاتحاد بدفع فاتورة العشاء المذكور. ولبعض الهياكل والوجوه النقابية الأخرى… ومن جهة أخرى أشار السيد التواتي لعدد من الملفات المالية المنشورة على نظر لجنة المراقبة المالية ولكنها وبقرار من القيادة ومن الأمين العام شخصيا ما تزال نائمة على الرفوف. وخصّص في هذا الباب فقرة من خطابه لما حدث في جهة قفصة محملا المسؤولية للكاتب العام هناك عمارة العباسي الذي لا تجرأ القيادة النقابية على طرح الملف المالي المتعلق به والذي أصبح معروفا لدى العام والخاص في جهة قفصة وفي الوسط النقابي عامة. ولمّح التواتي في تدخله لملفات مالية لاتحادات جهوية أخرى ولأحد الكتاب العامين لجامعة معروفة (ويبدو أنه يقصد بذلك التأطير والإرشاد ومسألة استقالة بدر الهرماسي الكاتب العام على خلفية الملف المالي المفتوح) وموقف القيادة منه وطريقة تعاطيها مع ملفه الذي ألحت إطارات نقابية من القطاع على ضرورة النظر فيه. وفي رده على بعض المآخذ الموجهة إليه كحجج على سوء التصرف أكد السيد التواتي على تمسكه بحقه في الحصول على نسخة من الملف المالي وبيّن للحاضرين سلسلة المراسلات التي بعث بها للمكلف عن المالية وعن النظام الداخلي ولكنهم لم يستجيبوا لطلبه فيما يسرّبون بعض النسخ المزوّرة وبعض الإشاعات المغلوطة وقال أنه يتحداهم إن كانوا قادرين على تقديم البيّنة ضده. ولو كانوا قادرين لما لا يمكنوه من نسخة من الملف التي وعدوه بها من قبل. وقال أنه سيلتجئ لمحامي لتسخير عدل منفذ لطلب الملف وأكد أنه لن يتردّد في اللجوء للقضاء إذا ما استوجب الأمر ذلك. وفي الردّ على بعض التهم الموجهة ضده مثل ملف الاتحاد المحلي بجبل الجلود استظهر السيد التواتي بنسخ من فواتير الهاتف الخاص بهذا الاتحاد والتي تتضمن مبالغ مالية كبيرة صرفها الكاتب العام سليمان حرحيرة على الهاتف الوردية (téléphones roses) وقال أنه حينما كان صارما مع هذا الشخص لكي يحمّله مسؤولية تلك المصاريف ويلزمه بدفعها لجأ للأمين العام ولعلي رمضان كي يحمونه ويغضوا عنه الطرف لا لشيء إلا ليصطف إلى جانبهم وليعززوا به صفوف المعارضين له في إطار الإعداد لحملة تصفيته. العديد من النقابيين اندهشوا لهذه التفاصيل ولما يحصل في الاتحاد العام التونسي للشغل علما وأن السيد التواتي أكد على أن ما كشف عنه من معطيات هو قليل من كثير ستأتي ساعة الكشف عنه كاملا وتعريته بأكثر تفاصيل.   (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 3جانفي 2009)   


خــــــــــــاص  : تركيبة جديدة للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة

 

تونس-الصباح: بعد المصادقة على القانون المتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. الذي ارتقى بالأحكام المنظمة لهذه المؤسسة التي تم إحداثها بمقتضى أمر مؤرخ في 7 جانفي 1991، إلى مرتبة القانون وإقرار استقلاليتها الإدارية والمالية ومراجعة تركيبتها بما يدعم التواصل بين الدولة ومكونات المجتمع المدني ويعزز اختصاصها.    تم بمقتضى أمر صادر بتاريخ 30 ديسمبر 2008، تحديد تركيبة الهيئة تحصلت « الصباح » على نسخة منها. وتتكون التركيبة الجديدة من 15 شخصية وطنية، و12 ممثلا عن المنظمات غير الحكومية الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، وممثل عن مجلس المستشارين، وممثل عن مجلس النواب، فضلا عن ممثل عن كل وزارة من الوزارات المكلفة بالعدل وحقوق الإنسان، والداخلية، والشؤون الخارجية، والصحة، والتربية والتعليم العالي، والشؤون الاجتماعية، والشباب والطفولة، والثقافة، والمرأة والاتصال.   وتتكون قائمة الشخصيات الوطنية الذين تم تعيينهم من السادة: حسونة بن عياد، الحبيب سليم، حاتم قطران، محمد الفريوي، الهادي بن معيز، علي بلهاني، آمنة عويج، ريم بلحاج، كلثوم بن حسين، عبد الوهاب محجوب (أساتذة تعليم عالي). والسادة عبد الله الهلالي (قاض)، عبد الله الأحمدي، سمير العنابي (محاميان)، برهان بسيس (صحفي)، بشير قدانة (طبيب). وتم تعيين كل من السيد الصحبي القروي كممثّل لمجلس النوّاب، والسيدة نعيمة خيّاش كممثّلة لمجلس المستشارين.   أما ممثّلو الجمعيّات النّاشطة في مجال حقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة فقد تم تعيين السادة محمّد شندول عن الإتحاد العام التّونسي للشغل، سعاد خلف اللّه عن الإتّحاد الوطني للمرأة التّونسيّة، عبد اللّطيف الصدام عن منظمة الدّفاع عن المستهلك، منذر الرزقي عن المنظمة التّونسيّة للتربية والأسرة، توفيق ونّاس عن الهلال الأحمر التّونسي، جمال الدين عبد اللطيف عن الإتّحاد التّونسي للتضامن الاجتماعي، فاطمة موسى عن جمعيّة بسمة للنهوض بتشغيل المعوقين، الشاذلي الصرارفي عن المنظمة الوطنيّة للطفولة التّونسيّة، محمّد الهاشمي بلوزة عن اتّحاد الكتّاب التّونسيّين، إلياس بن مرزوق عن جمعيّة أطبّاء بدون حدود، عز الدين القرقني عن جمعية الدراسات الدولية، محمد بن سدرين عن جمعية إدماج المساجين المفرج عنهم.    وتضم اللجنة الإستشاريّة (ممثّلي الوزارات) السادة محمد الكاظم زين العابدين عن وزارة العدل وحقوق الإنسان، مصطفى العلوي عن وزارة الداخلية والتنمية المحلية، محمّد الشقراوي عن وزارة الشؤون الخارجية، نجيب عيّاد عن وزارة التربية والتكوين، كمال بن مسعود عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، محمّد الزبير عن وزارة الشؤون الاجتماعية، محمد بلعائبة عن وزارة الصحة العمومية، أبو بكر بن فرج عن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، إبراهيم الوسلاتي عن وزارة الشباب والتربية البدنية، عائدة غربال عن وزارة شؤون المرأة والأسرة، عادل الشاوش هلال عن وزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين.   دعم استقلالية الهيئة وإضفاء مزيد من المرونة على تسييرها وكان القانون المتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية قد تمت المصادقة عليه خلال شهر جوان من السنة المنقضية وهو يهدف إلى الارتقاء بالأحكام المنظمة لهذه المؤسسة التي تم إحداثها بمقتضى أمر مؤرخ في 7 جانفي 1991، إلى مرتبة القانون وإقرار استقلاليتها الإدارية والمالية ومراجعة تركيبتها بما يدعم التواصل بين الدولة ومكونات المجتمع المدني ويعزز اختصاصها. ويقر القانون دعم استقلالية الهيئة وإضفاء مزيد من المرونة على تسييرها من خلال منحها الشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتنويع مصادر تمويلها مع المحافظة على طابعها غير النفعي. وتمكينها من إنشاء فروع لها داخل الجمهورية. وينص القانون على توسيع مهام الهيئة من خلال إقرار حقها التلقائي بأية مسألة تتعلق بدعم حقوق الانسان والحريات الأساسية وحمايتها دون التوقف في ذلك على تكليف مسبق. وتخويلها علاوة على التقرير السنوي الذي تقدمه إلى رئيس الجمهورية، إمكانية إصدار بلاغات حول نشاطها. فضلا عن تخويلها إمكانية لفت نظر رئيس الجمهورية في أي وقت إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان التي تقف عليها بمناسبة أداء مهامها. مع إمكانية تقديم ما تراه من مقترحات إلى رئيس الجمهورية حول ملاءمة التشريع الوطني وتطبيقاته لمقتضيات الصكوك الدولية والاقليمية ذات العلاقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. إلى جانب مساهمتها في إعداد الخطط والبرامج المتعلقة بالتربية على حقوق الإنسان. كما يمنح القانون الهيئة مهام أخرى تتمثل أساسا في المساهمة في إعداد مشاريع التقارير التي تقدم لهيئات ولجان الأمم المتحدة والهيئات والمؤسسات الاقليمية وإبداء الرأي فيها ومتابعة الملاحظات والتوصيات الصادرة عنها وتقديم مقترحات بشأنها. وينص القانون أيضا على تطوير أساليب عمل الهيئة من خلال إقامة علاقات مع المنظمات غير الحكومية والجمعيات والهيئات المعتنية بحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الجمعيات والهيئات المعنية بمكافحة كافة أشكال التمييز والعنصرية وبحماية الفئات التي تعد اعتبارا لخصوصياتها مستهدفة بصفة خاصة وغيرها من المجالات ذات العلاقة ودعم التعاون بينها بما يكفل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في شتى مظاهرها. وتتركب الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية- التي يترأسها حاليا السيد منصر الرويسي- كما جاء بالفصل 7 من رئيس ومن 15 شخصية وطنية مشهود لها بالنزاهة والكفاءة في ميدان حقوق الإنسان والحريات الأساسية ويمثلون مختلف التيارات الفكرية والجامعات والخبرات، وممثل عن مجلس النواب، وممثل عن مجلس المستشارين، و12 ممثلا عن المنظمات غير الحكومية الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، وممثل عن كل وزارة من الوزارات المكلفة بالعدل وحقوق الانسان والداخلية والشؤون الخارجية والتربية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والصحة والثقافة والشباب والطفولة والمرأة والاتصال. علما وأن رئيس الجمهورية يعين رئيس الهيئة وكافة أعضائها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بموجب أمر.   تعزيز منظومة حقوق الإنسان والحريات الأساسية يذكر أن رئيس الدولة تولى بتاريخ 16 جوان الماضي ختم القانون المتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويعتبر القانون خطوة اخرى تقطعها تونس على درب تعزيز منظومة حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها تنضاف الى مجمل ما اتخذه رئيس الجمهورية من مبادرات عديدة في هذا المجال آخرها الإجراءات المعلنة في خطاب الذكرى العشرين لتحول السابع من نوفمبر والمتعلقة بالخصوص بمزيد تطوير المنظومة الجزائية الوطنية. يذكر أيضا أن رئيس الدولة كان قد أعلن خلال موكب تقبل تهاني أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين بتونس بالسنة الإدارية 2008 عن تطوير الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وذلك بالارتقاء بالأحكام المنظمة لها إلى مرتبة قانون وتمكينها كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان من الاستقلال الإداري والمالي ومراجعة تركيبتها بما يدعم التواصل بين الدولة ومكونات المجتمع المدني وتعزيز اختصاصها تأكيدا لدورها في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها.   رفيق بن عبد الله    (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 جانفي 2009)   

تنويه وتعليق عريضة ضد صحيفة مواطنون

 

إن المبادرين بالعريضة الموجهة لصحيفة مواطنون وبعد أن بادرت أسرة التحرير مشكورة بالاعتذار للشعب التونسي  على المقال الاستفزازي لمشاعر المسلمين وتبرّأت من كاتبه المدعو فتحي بالحاج يحيى ومما ورد فيه من استهتار بالإسلام بتأكيدها على اعتزازها وكذلك حزب التكتل بالهوية العربية الإسلامية، مع التذكير بأننا قد تفطّنا إلى هوية الكاتب الذي أراد أن يتخفى بكل غدر وخوف وراء أسرة التحرير لتمرير سموم حقده على الإسلام والمسلمين     من خلال الفخ الذي نصبه لنفسه بحكم هستيريا الحقد التي تكبل قلمه والذي جعلته يهذي بفقرات  متكررة  حرفا حرفا في مقالين في نفس العدد من مجلة مواطنون ومن ذلك الفقرة التي ورد فيها « … اشكالات لا مخرج منها حيث يتداخل العقل بالوجدان والمقدس بالمدنس…. »، وعلى هؤلاء أن يدركوا أنهم لا يستطيعون استبلاه  القارئ الذي يكسب من الفطنة والذكاء الذي يجعله يتفطّن لمثل هذه الهفوات المفضوحة وهو ليس في مستوى من البلادة والسذاجة التي تجعل البعض يخفي هويته عمدا وخوفا في مقال ويكشف عنها في مقال آخر في نفس العدد بإدراج فقرة كاملة من المقال الأول فيه.  كما أن القارئ ينتبه بفطنته إلى الأمر الغريب الآخر والمتمثل في أن المقالين يوردان ردودا مباشرة على مقال نشرته صحيفة مواطنون نفسها ولكن في العدد الموالي وليس السابق حيث يتناول بالاستهزاء  وبتشويه حاقد موضوع المجاهد اليمني –ومن ورائه مفهوم الجهاد والشهادة-  الذي وردت قصته بإخراج سيئ ومريب ومثير للتساؤل في العدد الموالي بتاريخ 24 ديسمبر تحت عنوان « المكان الوحيد الذي سأذهب إليه من هنا هو السماء » وهذا يعني بأن هناك تواطئ مشبوه من قبل فئة مدسوسة داخل الصف الصحفي لمواطنون تمرر المقالات وتعد الردود عليها حتى قبل نشرها لخدمة أهداف اللوبي المعادي للهوية الإسلامية وبالتالي  تحاول هذه الفئة الآثمة الجذب إلى ما تبتغيه السلطة من إحداث القطيعة بين حزب التكتل والفئات الواسعة من الشعب التونسي المسلم  الغيور على دينه خلال دس هذه المقالات الرخيصة الاستفزازية وإلا كيف نفسر الإصرار المستمر للصحفي الصحبي صمارة وهو صحفي قار بمواطنون على استهداف الفكر الإسلامي تارة والحركة الإسلامية تارة أخرى بمقالات مليئة بالتشويه والكذب الرخيص والنبش في تاريخ صراع الفصيل الذي ينتمي له  مع الطلبة  الإسلاميين عندما كان مراهقا في الجامعة، وهو يعلم أن التكتل يلتقي في صراعه ضد الاستبداد مع حركة النهضة في تحالف 18 أكتوبر ويلتقي معها ومع بقية الأطراف على الأهداف المشتركة للتحالف وكأنه يؤدي دورا بالوكالة مدسوسا لتقويض هذا التحالف الهادف إلى التوحد في وجه الاستبداد وهو ما يجب أن ينتبه إليه كوادر حزب التكتل قبل فوات الأوان. كلمة شكر وامتنان إلى كل من أمضى على العريضة لقد تقاطرت الإمضاءات على العريضة بشكل لم نكن نتوقعه، فقد شارك مفكرون و جامعيون من تونس وحتى من دول إسلامية شقيقة، كما شارك عديد المدونين والصحفيين والحقوقيين والناشطين السياسيين ، هذا إلى جانب عدد كبير من المواطنين ، وإذ نبارك فيهم جميعا غيرتهم على الإسلام ونشكر لهم حرصهم على تبليغ سخطهم على هذا المقال الاستفزازي للمدعو فتحي بالحاج يحيى، وبعد الاعتذار المقبول الذي تقدمت به مشكورة أسرة تحرير صحيفة مواطنون وتبرئها من الأفكار التي أوردها كاتبه، فإننا نعلن عن توقف قبول الإمضاءات   وحفظ العريضة والإمساك عن الكشف عن الممضين عليها كبادرة حسن نية من جانبنا وللتأكيد على أن الهدف ليس التجريح في أسرة مواطنون أو التكتل ولكن رفضنا المبدئي لأن تصبح منابرنا الوطنية أبواقا للطعن في ديننا وإسلامنا ومنابر للإسلامافوبيا وهذا هو الهدف المحدد الذي حرك هذا الجهد الذي حقق أهدافه ونتمنى تفهم كل من شارك في دعم هذه العريضة لهذا الموقف.   أصحاب مبادرة STOP.MOUATINOUN

 

حسيب بن عمار وربيع الصحافة في تونس

 

 
 صلاح الجورشي   هناك فترة زمنية في تاريخ تونس المعاصر يطلق عليها الكثيرون مرحلة ربيع الصحافة. وهي تمتد من أواخر السبعينيات إلى مطلع التسعينيات. فبالرغم من أن التشريعات المتعلقة بحرية التعبير والصحافة لم يطرأ عليها في ذلك التاريخ تغيير حيث بقيت تتسم بالتشدد، كما تعرض العديد من الصحف للمصادرة وإحالة مديريها إلى القضاء، إلا أن المناخ السياسي العام قد شهد خلال تلك المرحلة انفراجا ملحوظا مما أعطى فرصة لانطلاقة حركية غير مسبوقة منذ استقلال البلاد، وفتح المجال أمام عودة تشكل مجتمع مدني مندفع، وانبعاث صحافة مستقلة ومعارضة نشيطة. عند الحديث عن تلك المرحلة لا يمكن عدم التوقف عند شخصية السيد حسيب بن عمار الذي انتقل إلى رحمة الله مؤخرا وخسرته الساحة السياسية والإعلامية التونسية. ورغم أن الاستقالة من الوزارة ممارسة لا توجد في القاموس الرسمي، حيث إن الوزير يعين أحيانا حتى دون استشارته، لكي يُقال فيما بعد, وقد يكون آخر من يعلم بذلك، غير أن هذا الرجل كان من بين الوزراء الستة الذين استقالوا بشكل جماعي في إحدى الفترات الصعبة التي مر بها نظام الرئيس بورقيبة في مطلع السبعينيات، رغم أنه كان وزيرا للدفاع، وذلك تضامنا مع زميلهم السيد أحمد المستيري الذي أعلن معارضته الصريحة والمباشرة لسياسة الحزب الدستوري، وللرئيس بورقيبة شخصيا. وقد تم طردهم جميعا بسبب ذلك من صفوف الحزب الحاكم، ليجد السيد حسيب بن عمار نفسه وبقية رفاقه في الموقع المواجه للدولة، وإن اختار موقع المعارض المستقل. عندما فشلت محاولة إصلاح نظام الحكم من داخله، انخرط المرحوم في جهد جماعي ليبرالي بهدف ممارسة ضغوط سياسية سلمية وهادئة على السلطة عسى أن تتخلى عن الأحادية والانفراد بالرأي واحتكار أجهزة الدولة، وتقبل بتغيير أسلوب إدارة الشأن العام. وفي هذا السياق حصل حسيب بن عمار على ترخيص بإصدار صحيفة «الرأي» التي كانت أول صحيفة مستقلة تصدر في تونس بعد قيام نظام الحزب الواحد في مطلع الستينيات. وقد أسهمت هذه الصحيفة -إلى جانب عناوين إعلامية أخرى صدرت فيما بعد- في تغيير ليس فقط المشهد الإعلامي في تونس، ولكنها أيضا بدلت المشهد السياسي برمته. أثرت الفترة التي قضيتها ضمن فريق صحيفة «الرأي» كثيرا في مسيرتي المهنية والفكرية والسياسية. كانت تلك الصحيفة مدرسة رغم أنها لم تكن مؤسسة إعلامية بالمفهوم التقليدي والمهني، حيث برز من خلالها الكثير من الكتاب والإعلاميين وشخصيات سياسية تحملت مواقع قيادية في منظمات المجتمع المدني أو الأحزاب، ومنهم أيضا من أصبحوا فيما بعد وزراء ومسؤولين في الدولة. ولعل أهم ما ميز تلك الصحيفة، الحرية الواسعة التي كان يتمتع بها الصحافي أو الكاتب بعيدا عن أية رقابة أو وصاية من صاحب الجريدة ومديرها. لا يعني أنه لم يكن يتابع ما يكتب أو لم يكن لديه من يساعده على قراءة المقالات قبل نشرها، وإنما كان حريصا على عدم إشعار الجميع بأنهم مقيدون، وإنما كان يكتفي بمناقشتهم وإشعارهم برفق أن حماية الصحيفة واستمرار صدورها مسؤولية الجميع، خاصة أن وزارة الداخلية كانت تتربص بها، وقد أوقفتها أو سحبتها من السوق مرات عديدة، كما أحالت مديرها إلى القضاء في أكثر من مناسبة. وخلافا لكثير من مديري الصحف كان حسيب بن عمار يتمتع بقدر واسع من الشجاعة، ولم يسبق له أن تخلى عن الصحافيين أو الكتاب الذين عملوا معه، بل كان يدافع عنهم ويعمل على حمايتهم حتى لو لم يكن مقتنعا بوجهات نظرهم. وكان رحمه الله عندما يضغط عليه مسؤول كبير من أجل إلغاء مقال أو حذف خبر أو إدخال تعديل على نص من النصوص الذي اعتبرته الرقابة قد تجاوز إحدى الخطوط الحمراء، يرفض الخضوع لذلك الابتزاز. وعندما يفشل في إقناع مخاطبه يقول له في خاتمة الحديث «نحن نقوم بعملنا وأنتم قوموا بعملكم»، رغم أنه كان يعلم أن ذلك الموقف قد يكلف الصحيفة توقفا عن الصدور لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر. في لحظة دقيقة، أدرك هذا الرجل أن دور صحيفة «الرأي» قد انتهى، فقرر أن ينسحب من الساحة الإعلامية والسياسية رغم المحاولات التي بذلها البعض لإقناعه بضرورة الاستمرار. لكنه بعد ذلك لم ينقلب على عقبيه، حيث حافظ على استقلاليته، وتحمل مسؤولية تأسيس وإدارة «المعهد العربي لحقوق الإنسان». ورغم أن للمعهد دورا إقليميا، إلا أن «سي حسيب» بقي قريبا من ساحة المجتمع المدني، حيث لا يُنسى موقفه عندما انحاز بوضوح إلى جانب «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» في مواجهتها الأولى مع النظام في مطلع التسعينيات، وهي المنظمة التي أسهم في تأسيسها، وبقي غيورا عليها. كان يريد أن يقول الشيء الكثير قبل وفاته، لكنه كان يفضل الصمت. ولا أدري إن كتب مذكراته التي طالما ألححت عليه لكي يشرع في إنجازها، وأبديت استعدادي لمساعدته في ذلك، لكن للتاريخ فقد أطلعني على مقتطفات من وقائع حدثت أمامه أو معه، تسلط أضواء كاشفة على جوانب من شخصية الرئيس بورقيبة، وذلك في مشاهد وتعليقات نادرة. هذه النوعية من مديري الصحف التي كان يجسدها المرحوم حسيب بن عمار وعدد قليل من الشخصيات الأخرى هي التي أسهمت في قيام ربيع الصحافة في تونس، وبانقراض هذه النوعية تعرضت المهنة الصحافية إلى انتكاسة شديدة، حيث تراجعت أخلاقياتها، وضعف أداؤها، وغلبت التجارة والمصالح الذاتية على المضامين، وانعدمت الثقة بين الصحافي وإدارة المؤسسة التي يعمل بها والتي يفترض أن تحميه وترعى حقوقه فأصبحت تنظر إليه كمجرد قطعة غيار تستبدلها حسب الطلب أو عندما تستنفد أغراضها، أو في أحسن الأحوال تبث في نفسه الرعب، وتجعل منه قلما يكتب من أجل البقاء مقابل أجر زهيد. وهو ما أدى إلى تعميق الهوة بين الصحف القائمة وبين الكتاب الأحرار، حيث توقف الكثير منهم عن الكتابة، أو رحلوا إلى أرض الله الواسعة. فتراجع نتيجة ذلك كله -إضافة إلى الضغوط السياسية- أداء المؤسسات الإعلامية، وانعدمت أو كادت مقالات الرأي، كما تراجعت مساحة الخبر الذي هو أس الصحافة وعمودها الفقري. وبذلك تشابهت العناوين وجفت كثير من الأقلام.    (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 29 ديسمبر 2008)    

 

الحوار الإسلامي المسيحي (2).. هل يثمر اللقاء والمشي قهقرى؟

 

احميدة النيفر للمؤرخ هشام جعيّط بحث في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي مضى على نشره ما يناهز ثلاثة عقود بعنوان «أوروبا والإسلام: صدام الثقافة والحداثة»، وبالعودة اليوم إلى هذا التأليف لاستجلاء جوانب من قضية الحوار الديني نتأكد -أو نكتشف- ما لهذا الباحث من نفاذ بصيرة لا أدلّ عليه من سلامة أهم ما ورد في عمله هذا من تحليلات متعلقة بالغرب وخصوصياته وبالعالم الإسلامي وتوجهاته رغم مرور السنين العديدة على نشرها. إذا كان الكتاب لا يتناول خصوصية الحوار الديني مباشرة فإنه ظل براهنيته ممتلكا قدرةً على إضاءة ما استجد من تطوّر في العلاقة الإشكالية بين الغرب والإسلام، فقد قدّم جعيّط تشريحا لنشأة المركزية الأوروبية ذات الاعتقاد الراسخ في إشرافها على التاريخ البشري بما حددته من معايير وقيم لنفسها وللآخرين. إلى جانب ذلك تبسّط المؤلف في قراءة موضوعية لصلابة النواة الثقافية في المجتمعات المسلمة بما يجعلها رافضة للتنازل عن وعيها التاريخي لكن دون قدرة على صياغة حداثتها الخاصة. ما يفيدنا به هذا السبر المتأنّي للعلاقة بين أوروبا والعالم الإسلامي هو أن كل صيغة تفاعل بينهما من قبيل الحوار الإسلامي المسيحي لن تكون مجدية أو مفضية إلى نتائج حقيقية، طالما بقي الجانبان المتحاوران ضمن شروط وعي تاريخي تقليدي لعلاقة الخصوصي بالعالمي، طالما لم يستقر في وعي المتحاورين أنهما دخلا عصرا جديدا بمقتضيات حضارية مغايرة وطالما تغذت الرابطة بينهما من النفي المتبادل، المكتوم أو المعلن، بما يجعل الطرف الأقوى حضاريا «يفكر ذاتَه كنهاية للعالم» فإنّ الجهود الحوارية لن تتجاوز حدود المجاملات والظرفيات، ولن تكون في النهاية إلاّ تكريسا لذهنية الهيمنة وواقعها. ويمكن اختزال ملخص رؤية جعيّط لإشكالية العلاقة بين أوروبا والعالَم الإسلامي في إحدى جمل الكتاب التي تؤكد أنّه «لا نقاش اليوم بين أوروبا والإسلام، لكن هناك نقاش بين كل أوروبي مع ذاته ومع العالَم، وبين كل مسلم مع ذاته ومع أوروبيته». تلك هي خلاصة ما انتهى إليه المؤرخ العربي في دراسة علاقة الفكر في أوروبا الغربية بعالم المسلمين في ثمانينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت تغيرت معطيات عديدة في المشهد الدولي وفي فضاء العلاقة بين أوروبا والإسلام بما يستلزم قدرا من التنسيب لما انتهى إليه جعيّط من نتائج، لكن ذلك لا يعني أن شبكة التحليل التي اعتمدها المؤلف أو المعطيات التي أتاحت له عرض كل من الذات التاريخية الأوروبية والكيان الإسلامي الثقافي أصبحت جميعها وكأن الدهر أخنى عليها. يظل ما اعتمده جعيّط في طرحه التاريخي-الفكري متماسكا ممتلكا لفاعلية كبيرة في تبيان مآل أحد مجالات العلاقة بين أوروبا والإسلام، وهو الحوار الديني اليوم، خاصة في لحظة انكشاف مفارقة جديدة لافتة لم تكن واردة في سبعينيات القرن الماضي. في تلك الأيام حين انطلقت لقاءات الحوار الإسلامي المسيحي، كان الجانب الكاثوليكي هو المبادر إلى الحوار والأكثر جرأة في تناول القضايا الإيمانية والعقدية والحضارية الشائكة المشتركة، أما الطرف المسلم فقد غلب عليه التحفّظ إن لم يكن رافضا للمبادرة وغير مهتم أو غير قادر على خوض غمار مسائلها خارج خطاب دفاعي تمجيدي. ذلك ما جعل «هانز كونغ» (Hans Küng) أحد أبرز المتابعين للحوار من الجهة المسيحية وأكثرهم حرصا على مراجعة البناء الفكري والعقدي الخاصين يقول في سخرية مُرّة: «ليس للمسلمين مزاج للحوار ». يومها كانت الفكرة السائدة لدى عموم المحاورين المسلمين أنهم في ورطة أو ضحية مؤامرة لا قبَل لهم بتجنبها، بينما كان قسم مهم من الجانب المسيحي المحاور يشعر بخيبة أمل كبرى لأنه ظل دون مجيب، بينما كان السياق يستدعي مساهمة للمسلمين بما يخفف جديّا أعباء تديّن كان يواجه تحديات خطيرة في العالم. كان عموم السياق المسيحي الكاثوليكي منخرطا في أجواء المجمع الفاتيكاني الثاني الذي لم يُعقد لمعالجة هرطقة أو إثبات عقيدة بقدر ما كان مواجهةً لحقيقة الكنيسة في عمقها وما بدا من تخلّي المؤمنين عنها وإعراض المجتمع الأوروبي عن انقساماتها وعدم توافقها مع أحوال العصر. كان التساؤل المسيحي في حِبريّة البابا يوحنا الثالث والعشرين (1958-1963) إصلاحيا، تواصلت بعده نسبيا النظرة النقدية إلى الذات مع خليفتيه، بولس السادس ويوحنا بولس الثاني المتوفى عام 2005، بما سمح بتوجه مسكوني إلى كل المسيحيين وبانفتاح على الأديان غير المسيحية بروح التفهّم والمحبة. أما اليوم، فقد تواصلت مفارقة الحوار الإسلامي المسيحي لكن في الاتجاه المعاكس، فقد أصبحت الجهة الأكثر مبادرة إلى الحوار هي الجهة المسلمة (رسالة 138 عالما ومفكرا، دعوة إلى كلمة سواء، الندوة الدولية في رحاب الأمم المتحدة..) في حين افتقد الجانب المسيحي الكاثوليكي عند مواصلته الحوار مراجعته النقدية للذات ولنظرتها إلى الآخر، بما أفقد مستقبل الحوار جانبا مهما من معناه ومن مصداقيته. بدت بذلك وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني التي نصّت على أن «تدبير الخلاص يشمل أيضاً أولئك الذين يؤمنون بالخالق، وأوّلهم المسلمون الذين يعلنون أنهم على إيمان إبراهيم، ويعبدون معنا الله الواحد، الرحمن الرحيم، الذي يدين الناس في اليوم الآخر»، بدت وكأنها تدخل مطاوي التاريخ. ألا يحق عندئذ أن نتساءل عن تفسير لهذا «الانقلاب» الذي حال دون مواصلة الإصلاحات الكبرى خاصة في العلاقة بالآخر؟ كان اعتلاء «بينيديكتوس السادس عشر» الكرسي البابوي منذ ثلاث سنوات تعبيرا واضحا عن اتخاذ كنيسة روما وجهة مغايرة قامت على العودة إلى الذات باعتماد فكر قائم على الأصول فقط، قصد إعادة تموقع الهوية المسيحية في عالَم الحداثة وما بعدها. لكن هذا التوجه لا يمكن أن يعدّ انقلابا مفاجئا من قبل البابا الحالي على نصوص المجمع الفاتيكاني الثاني وروحه بعد إمساكه بعصا بطرس الرسول، لقد كان قبل ذلك طوال السنوات ينظّر دون كلل مع رجال دين آخرين من أجل بناء عقدي وفلسفي يواجهون به ما يعتبرونه احتضار «الحضارة الأوروبية»، كانوا ضمن تمشٍّ إنقاذي يعتبرون أنّ مقاتل أوروبا ثلاثةٌ: تراجعها الديموغرافي، وتزايد نسبة المهاجرين المسلمين إليها، وتواتر مؤشرات ضعف الشجاعة الأخلاقية للأوروبيين ونكوصهم عن القتال من أجل أية قضية، حتى حريتهم. كان لا بد من التصدي لما كان يسميه الكاردينال «راتسنغار»، قبل أن يُنتخب حبرا أعظم للكنيسة «الإغواء العَدَمي» المهدد لمستقبل المسيحية بعناصره الثلاثة: قارة أوروبا والمؤسسة الكنسية والعقيدة الكاثوليكية، وبالعودة إلى كتابه الصادر عام 2003 بعنوان «الإيمان والحقيقة والتسامح» نجد بناء جدليا بين تلك العناصر غايته الإحياء الثقافي الأوروبي، تلك الأطروحة التي ترى أن الثقافة الأوروبية هي التي جسّدت أفضل تجسيد الحَدَثَ القُدُسيَّ واقعاً تاريخيا وبناء فكريا من خلال جذورها اليهودية المسيحية ملقّحة بنسغ العقلانية اليونانية، من هذه «الأبوية الأوروبية» التي لا تتردد في تركيز مقولة «وحدة مسالك التاريخ البشري ومطابقتها للتاريخ الأوروبي» رُفضت أية مثاقفة ترمي إلى تبيئة الرسالة المسيحية خارج النسق الثقافي الأوروبي، إلى جانب ذلك اعتُمدت أطروحة الإحياء الثقافي الأوروبي منذ عقود لإدانة تيارات التجديد الكاثوليكي في صياغاتها المختلفة سواء ما تم على يد «ليوناردو بوف» (Leonardo Boff ) أو «هانز كونغ» أو «أوجين دريورمان» (Eugen Drewermann) أو»ريمون بانيكار» (Raymond Panikar). بانتصار تيار لا يعي عالميةَ رسالته الدينية إلاّ في نمط ثقافي واحد، تتراجع مقولة التعدد الثقافي، ومعها فكرة المساواة بين الطاقات الكامنة في المجتمعات الإنسانية، ففي مثل هذا السياق الذي يحتكر فيه الطرف الرسمي الكاثوليكي سبل الخلاص الإلهي يغدو أمر الحوار مؤجلا لانتفاء الحقيقة الأساسية للحوار الديني، حقيقة الإقرار بأن التعدد الديني يمثّل ضمن وحدة المصير التاريخي الجامع للمؤمنين المشيئةَ الإلهية. هو حوار مؤجل إذن أو بسرعتين مختلفتين، لكنها تبقى على أية حال فرصة تاريخية يمكن للفكر الإسلامي أن يجدد فيها رؤيته لذاته وللعالم ولما يسميه جعيّط الالتفات إلى القيم التي لم يدركها أو لم يبحثها.    (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 31 ديسمبر 2008)   

بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين تونس في 03- 01- 2009 بقلم محمد العروسي الهاني مناضل – كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلاميالرسالة 529 على موقع تونس نيوز

يوم 3 جانفي 1934 يبقى العلامة البارزة في حياة الحزب و النضال البورقيبي
و درسا بليغا لمن يتعاطى السياسة في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج

 

يوم 3 جانفي 1934 يعتبر يوما خالدا في تاريخ الحركة الوطنية التونسية فقد قام الزعيم المحامي الشاب الحبيب بورقيبة رحمه الله و هو في سن 31 سنة بمغامرة تلريخية يوم الثالث من جانفي 1934 بعد ان حصل خلاف بين الزعيم الشاب الحبيب بورقيبة و رفاقه و جماعة الحزب القديم. و جاء الى مدينة قصر هلال للاتصال بمناضلي قصر هلال و شرح مواقف الشبان الذين وقع اعفائهم من مسؤولياتهم في اللجنة التنفيذية للحزب. و قد اراد الزعيم بورقيبة شرح مواقف اخوانه و اطلاع المناضلين الاحرار بكل التفاصيل بوضوح و صدق. لكن جماعة قصر هلال رفضوا الاستماع اليه و بعد حوار طويل طلبوا منه العودة بعد الافطار لأن القوم في شهر رمضان و الحوار يصعب قبل الافطار و بعد ساعة من حلول موعد الافطار عاد الزعيم الشاب رفقة صديقه الزعيم الطاهر صفر رحمه الله. و اجتمع بالقوم في دار عياد بقصر هلال و بعد حوار دام 4 ساعات كاملة رفعوا الزعيم على الأعناق و هتفوا بحياته و حياة تونس و عاهدوه على النضال الى ساعة الخلاص و بعد هذا الحوار ادرك الزعيم بورقيبة بأنه موهوب من الله تعالى في لغة الخطاب و سحر البيان و البلاغة فاعتزل الصحافة و اصبح خطيبا ملهما و جاء موعد المؤتمر الخارق للعادة يوم 02/03/1934 بقصر هلال و انعقد المؤتمر بحضور 60 نائبا من كامل التراب التونسي و كانوا هم الرواد و الطلائع لميلاد حزب جديد مناضل و مكافح و قوي و منذ يوم 02/03/1934 اصبح الزعيم  له الشريعة الدستورية و التاريخية و كاتبا عاما للحزب الحر الدستوري التونسي الجديد و أسندت رئاسة الحزب للدكتور محمود الماطري و بقية المسؤوليات للإخوان الطاهر صفر و البحري قيقة و محمود بورقيبة و في 03/09/1934 جاء موعد المحنة الأولى وقع اعتقال الزعيم الحبيب بورقيبة و صديقه الطاهر صفر و عمد الاستعمار الفرنسي لنفيهما في قبلي التراب العسكري .  وفي 3 أكتوبر 1934 وقعت نقلتهما إلى برج البوف مع الدكتور محمود الماطري و البحري قيقة و محمد بورقيبة السجن ببرج البوف إلى سبتمبر 1936 و لم يرضخ الزعيم و لم يستسلم للاحتلال وواصل النضال الوطني على امتداد أكثر من 22 سنة من 1934 إلى 1956 ثم رئيسا للحكومة و الجمهورية من 1956 إلى 1987  تاريخ احالته على الشخوخة. المحن و الشدائد و المواقف كانت المحنة الثانية:  يوم 9 أفريل 1938 حيث قرر الحزب الحر الدستوري بزعامة الحبيب بورقيبة القيام بمظاهرات و مسيرات فاعلة ضد البطش و الظلم الاستعماري و ما أشبه اليوم بالأمس و ما أشبه الليلة بالبارحة و خرج الشعب التونسي في مظاهرات غاضبة يومي 08- 09 أفريل 1934 في شوارع العاصمة و قاد المظاهرة الأولى الزعيم المنجي سليم و المظاهرة الثانية الزعيم علالة بلهوان رحمهما الله و كعادتها و ظلمها و طغيانها عمدت فرنسا الاستعمارية مثل اليهود اليوم في غزة فلسطين و أطلقوا النار على المتظاهرين العزل فاستشهد عدد كبير من المناضلين      و سالت الدماء في شوارع العاصمة و عمدت سلطات الاحتلال إلى اعتقال الزعيم الحبيب بورقيبة وبقية الزعماء و رمتهم في السجون مثلما تفعل اليوم دولة الكيان الصهيوني الإسرائيلي مع إخواننا في فلسطين. و في عام 1944 افرجوا عن الزعيم بورقيبة بعد اتهامات خطيرة و محاكمات كادت ان تؤدي به الى حبل المشنقة لولا ألطاف الله و اسراره الربانية و حفظه لعباده و هي معجزة من المعجزات الالاهية، حيث اتهموه بالتعاون مع المحور و لكن الأيام سفهت أحلامهم و فندت اقوالهم ؟؟؟ المحنة الثالثة : قرر الزعيم الراحل بورقيبة مغادرة البلاد بقرار مدعم من الديوان السياسي للسفر الى مصر للتعريف بالقضية التونسية و شرح مطالب الحزب و الاتصال بالدول الغربية من مصر و تكوين مكتب المغرب العربي بمصر و كانت الجامعة العربية تطلب من الزعيم بورقيبة الصبر و التريث و الانتظار حتى تنتهي قضية فلسطين و بعدها تهتم بقضية تونس و لكن الزعيم بورقيبة لم ينتظر الجامعة العربية و فهم الادوار و الاطراح و قرر الاعتماد على الله اولا و الاعتماد على شعبه ثانيا. و عاد عام 1949 الى ارض الوطن و شرع في عقد الاجتماعات في كامل انحاء تراب الوطن و قرر تهيئة المعركة الحاسمة بسلاح المقاومة و الكر و الفر و السياسة. و في 18/01/1952 علمت سلطات الاحتلال ان الزعيم بورقيبة قرر الشروع  في المعركة الحاسمة الفاعلة بالمقاومة و السلاح مثلما تفعل اليوم حركة حماس و الجهاد الاسلامي في غزة، فعمدت فرنسا الاستعمارية لاعتقال الزعيم فجر يوم 18 جانفي 1952 من فراشه و هو مريض و امام ابنه الوحيد و زوجته. اعتقلوه  و رموه في السجن ثم ابعدوه الى جزيرة بفرنسا و بقي في السجون الى يوم 31/05/1955 و بعد ان اعلن منداس فرانس رئيس الحكومة الفرنسية في 31/07/1954 مبدأ الاعتراف بالاستقلال الداخلي الى تونس. و من 18/01/1952  قامت الثورة الوطنية المباركة و صعدت الجبال و قاومت الاحتلال ببسالة و شرف و كرامة و صمود و أعطت دروسا للاستعمار الفرنسي في الصمود و المقاومة مثلما تفعل اليوم  حركة حماس و الجهاد الاسلامي. و في غرة جوان 1955 عاد الزعيم الحبيب بورقيبة الى أرض الوطن حاملا لواء النصر و السيادة و الاستقلال و الحرية و استقبله الشعب في سيل عارم و أمواج من البشر و كان التنظيم شعبي بفضل الدستور بين المناضلين و الوطنيين و لم يخافوا من البوليس الفرنسي و العساكر و الجند الفرنسية و ان النصيرة الحاشدة يوم غرة جوان 1955 نظمها مناضلي الحزب الحر الدستوري التونسي و لا دخل للبوليس الفرنسي فيها؟ و هذا معنى آخر و درس آخر من دروس الوطنية لمن يفهم السياسة اليوم حتى يستفيقوا من سباتهم العميق و يدرك ان السياسة تخطيط و حكم و ليس أمن و قوة ؟؟؟  تلك ملحمة الزعيم الحبيب بورقيبة و بصمات 3 جانفي 1934 نحتاج اليها اليوم في معركة الشرف بغزة المناضلة بدعم من أصحاب الشرف  و الكرامة و الشهامة و لاسترجاع الحقوق المسلوبة و ذلك بالمقاومة و النضال مثلما فعلت تونس و الجزائر و المغرب و ليبيا و كل بلدان العالم فالمقاومة هي الحل الأمثل و لا حلول و لا اعتراف بالحق الفلسطيني الا بالمقاومة و على قادة مصر العربية أن يدركوا ان المقاومة هي الحل الأمثل و عوض ان يدعو قادة مصر حركة حماس بضبط النفس و عدم توجيه الصواريخ الى العدو الصهيوني عليهم فتح الحدود و مساعدة المقاومة مثلما فعلت تونس مع الجزائر في محنتها و كفاحها ضد الاستعمار الفرنسي و قد صبرت تونس على القصف بالطائرات و القنابل في ساقية سيدي يوسف و لم تخاف من فرنسا. و خلاصة القول ان بورقيبة و زعامته و تاريخه و الاستراتيجية التي اعتمدها في الكفاح هي مرجع لكل الشعوب في جميع انحاء العالم و على الاخوة في مصر ان يستخلصوا من كفاح الزعيم التونسي كل العبر و لنا عودة للموضوع في حلقات قادمة ان شاء الله.   محمد العروسي الهاني    مناضل تونسي 22.022.354   

Lire aussi ces articles

9 mars 2009

Home – Accueil TUNISNEWS 8 ème année, N° 3212 du 09.03.2009  archives : www.tunisnews.net   Tunisie :La répression s’intensifie contre le mouvement

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.