الجمعة، 16 ديسمبر 2005

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2034 du 16.12.2005

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــــــلاغ الموقف: عميد المحامين في ندوة صحفيّة: نرفض صيغة المعهد الأعلى للمحاماة كما أعلنتها وزارة العدل الصباح: المفاوضات الاجتماعية : اتفـاق في قطاع البنوك الصباح: مداولات مجلس المستشارين حول ميزانية الدولة لسنة 2006 الشروق: الزنايدي: الحكومة تسعى الى توفير زيت الزيتون بأسعار مرشدة وملائمة لواقع السوق  الشروق: حلّ مشكلة زيت الزيتون في دعم الانتاج وليس في التسعير أفق: مارسيل خليفة يندّد بمقاطعته في تونس علي محمد شرطاني:  من بعض مظاهر الفساد المالي بمدينة قفصة
سليم بوخذير: في مسالة الشرف والشرفاء ……..والحج والحجج ولطفي حجي …..ونشر الغسيل  وابو غسا……..لة حبيب أبو وليد المكني: بن علي يسير على نفس النهج فتحي الشامخي: تونس: الدين الخارجي استنزاف للاقتصاد خميس الشماري للموقف:نقاشات واسعة أفضت إلى بعث هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات خميس بن علي الماجري: السّلطة في تونس تكذب على رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم
محمد علي خليفة :الدفاع عن المقدّس… مسؤولية الجميع القدس العربي: المهرجان الدولي للصحراء بدوز- سهرات فنية وصباحات للشعر وعروض حنيش الحياة: بوتفليقة غادر المستشفى الى مركز للنقاهة وطبيب فرنسي يرجح إصابته بالسرطان القدس العربي: اشاد بتصريحات الرئيس احمدي نجاد وقال انها تعبر عن رأي الامة الاسلامية القدس العربي: المرشد العام للاخوان المسلمين في مصر يصف اسرائيل بانها ورم سرطاني خالد الحروب: ديموقراطيا وليبرالياً: من حق الإسلاميين أن يحكموا إن فازوا بالانتخابات السيد يسين: عجز ديمقراطي أم أزمة مجتمعية ؟


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

أنقذوا حياة محمد عبو أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف: 71.340.860 الفاكس: 71.351831   تونس في: 16ديسمبر 2005  

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

 
في يوم الخميس السادس عشر من ديسمبر 2005 و حوالي الساعة الحادية عشر صباحا وقع اقتياد السجين السياسي السابق و عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين السيد لطفي العمدوني من طرف أحد أعوان الشرطة الذي اصطحبه إلى مقر منطقة القرجاني للأمن الوطني على متن سيارة للشرطة و بقي محتجزا هناك إلى حدود الساعة السابعة و النصف مساء. و قد كان الغرض من إيقافه طيلة ثمان ساعات و نصف دون سابق إشعار هو التحقيق معه حول نشاطه في الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و وقع تهديده بإجراء تتبع عدلي ضده في صورة مواصلة نشاطه في الجمعية كما حرص أعوان الشرطة على تسجيل جميع أرقام الهاتف المخزنة بذاكرة هاتفه الجوال. علما بأن السجين السياسي السابق السيد لطفي العمد وني قضى عقوبة بخمسة عشر سنة و قد وجد كل الأبواب موصدة أمامه للعمل بما يوفر له ضرورات الحياة و قد اضطر للعمل بالأسواق الأسبوعية كتاجر متجول في غير أيام الدراسة رغم خضوعه للمراقبة الإدارية اليومية.

رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري


 

تلقت « تونس نيوز » طـلـب المـسـاعـدة التالي من السيد سليمان سلطاني المقيم حسبما يبدو في سوريا وهي إذ تنشرها تدعو كل مسؤول أو شخص قادر على مساعدته أن يتصل به مباشرة

على العنوان التالي: sulimansoltany@yahoo.com 

 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تحية طيبة وبعد،

 

منذ أعوام وأنا أطالب بحقي بأن أملك جنسيتي الأصلية وهي التونسية ولكن حتى الآن لم أجد حلاً لهذه المشكلة.

وأية مشكلة أن أعود إلى أحضان وطني ومعي ما يثبت أن والد أبي يحمل الجنسية التونسية ولكن لظروف ما تم تنازله عن الجنسية وهل أحمل أنا وزر غيري بالرغم من أن عمي وعائلته يحملون الجنسية التونسية.

حاولت أكثر من مرة مقابلة السفير في دمشق ولكن كان يقوم بتحويلي إلى القنصل ولكن بلا جدوى فهو يقوم بتصعيب الأمور أكثر من اللازم.

 ولذلك لم أجد منفذا إلا أنتم فأرجو من سيادتكم أن تأخذوا الموضوع على محمل الجد وأن تحاولوا مساعدتي قدر الإمكان أو أن تقوموا بتحويلي إلى أشخاص يستطيعون مساعدتي.

 

جازاكم الله خيرا

15  ديسمبر 2005

 

 
عميد المحامين في ندوة صحفيّة:

نرفض صيغة المعهد الأعلى للمحاماة كما أعلنتها وزارة العدل

محمد فوراتي   نفى عميد المحامين عبد الستار بن موسى وجود أي حوار جدي بين الهيئة ووزارة العدل. وقال في ندوة صحفية أن كل المشاريع التي تقدمت بها الهيئة للوزارة لم يقع أخذها بعين الاعتبار. وساق مثالا على ذلك مشروع إحداث المعهد الأعلى للمحاماة الذي كان مطلب الهيئة منذ سنوات. وأكد العميد أن الهيئة قررت مع وزارة العدل تشكيل لجنة مشتركة لدراسة مشروع المعهد كما قامت بمدّ الوزارة بمشروع متكامل. ووقع الاتفاق على عدّة جزئيات تهم المناظرة و طبيعة المعهد ومدّة الدراسة وغيرها ولكن الهيئة فوجئت بعرض مشروع قانون على مجلس الوزراء دون عرضه على الهيئة. وقال العميد  » بالإضافة إلى أنه لم يقع الاستماع إلى مقترحاتنا لم نتمكن من الحصول على مجرد نسخة من المشروع الذي سلمته الوزارة إلى مجلس الوزراء رغم طلبنا الرسمي بذلك « . وأضاف  » معهد محاماة بهذه الصيغة الأحادية لن نتعامل معه لأنه سيجعل الهيئة مجرد طرف استشاري وسيهمّش مصالح المحامين ». و أكد العميد أن المعهد بصيغته المعلن عنها في الصحف سيساهم في إغراق القطاع وفي تردي وضع المحامين على مستوى التكوين وعلى المستوى المادي.   وبخصوص مشاغل المحامين الأخرى قال العميد أنه لم يتحقق منها شيء مثل حماية مجال التدخل وتوسيعه والتغطية الاجتماعية وغيرها. وأضاف  » ليس هناك نيّة صادقة للحكومة للحوار مع المحامين فهي لا تعتبر المحاماة مرفقا عموميا وشريكا في اصلاح المؤسسة القضائيّة ». كما أكد العميد أن وضع المحامي المادي أصبح مقلقا ويحتاج إلى إصلاحات جدية، فالمحامي لم يعد قادرا في كثير من الأحيان على دفع مصاريف المكتب. ولكن عميد المحامين أكّد في المقابل حرص الهيئة على الحوار الجدي والبناء وليس الحوار الشكلي. كما أكد حرص الهيئة على احترام هيبة القضاء لأنها من هيبة المحاماة وهو ما جعل الهيئة تقف مع المكتب التنفيذي الشرعي لجمعية القضاة التونسين، قائلا أن الهياكل المنصبة سرعان ما يذهب ريحها كما حدث في اتحاد الشغل والمحامين قبل ذلك. كما أعلن العميد عن عقد جلسة عامة للمحامين في الأيام القادمة ستناقش كل القضايا المطروحة على القطاع .   (المصدر: موقع pdpinfo نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 338 بتاريخ 9 ديسمبر 2005)   
—————————————————————————————–

مقتطفات من مشروع الهيئة لإحداث المعهد الأعلى للمحاماة

 

الفصل الأول: أحدث بموجب هذا القانون معهد أعلى للمحاماة وهو عبارة عن مؤسسة ذات نفع عام تتمتع بالشخصيّة المدنيّة وبالاستقلال المالي.   الفصل الثالث: تتمثل مهمّة المعهد في تنظيم مناظرة وإسداء دروس تتعلق بالكفاءة لمهنة المحاماة وبأخلاقيات المهنة.   الفصل الرابع: يهدف المعهد إلى تمكين الملحقين به من تكوين مهني أساسي يشتمل على الإلمام بالمعارف القانونية والتمرّن على تحليلها وتطوير القدرات التطبيقية والتشبّع بآداب مهنة المحاماة وأخلاقياتها، كما يهدف إلى تأطير التمرين و رسكلة المحامين المباشرين وتطوير قدراتهم وتأهيلهم الخاص.   الفصل الخامس: يشرف على تسيير المعهد مجلس إدارة يتألّف من قاضيين ساميين يعينهما وزير العدل وحقوق الإنسان ومن أستاذين جامعيين مبرزين في الحقوق يعينهما وزير التعليم العالي ومن عشرة محامين من ذوي الأقدميّة التي لا تقلّ عن خمسة سنوات لدى التعقيب يعينهم عميد المحامين.   الفصل السابع: يختار مجلس الإدارة محاميا مديرا عاما للمعهد يكون الممثل القانوني له والناطق الرسمي باسمه.   الفصل الثامن: ينتدب مجلس الإدارة كاتبا عاما وأمين مال كما ينتدب مديرا مكلفا بالتكوين الأساسي ومديرا مكلفا بالتكوين المستمرّ   الفصل العاشر: ينتدب مجلس الإدارة الاطار العلمي من بين المحامين والقضاة السامين والأساتذة الجامعيين بعد استشارة هيئة المحامين ووزارة التعليم ووزارة العدل كما يحدث مجلسا علميا يؤطر برامج أقسام التكوين الأساسي والتمرين والتكوين المستمرّ والتخصص.   الفصل الحادي عشر: يتمتع المعهد بالاستقلال المالي وله ميزانية خاصة…   الفصل الثاني عشر: يتولى مجلس الإدارة في بدء كل سنة قضائية ضبط الميزانية السنوية للمعهد بناء على مشروع يعدّه أمين مال المعهد الذي يمسك تحت مسؤوليته دفترا مدققا للموارد والمصاريف.   الفصل الثالث عشر: يتمّ الدخول للمعهد بعد اجتياز مناظرة وطنيّة سنوية بنجاح تجري بكليات الحقوق ويقع ضبط برنامج المناظرة بقرار مشترك بين هيئة المحامين ووزارة التعليم العالي ووزارة العدل.   الفصل السابع عشر: تتكون لجنة الامتحان من خمسة محامين من ذوي الخبرة الصناعية يختارهم عميد المحامين ومن 3 أساتذة جامعيين مبرزين يعينهم وزير التعليم العالي والبحث العلمي.   يرأس اللجنة عميد المحامين أو مدير المعهد.   الفصل العشرون: تضبط برامج الدراسة بالنسبة للتكوين الأساسي من قبل مجلس الإدارة وتدوم مدّة التكوين الأساسي سداسيتين وتتوج بشهادة الكفاءة لمهنة المحاماة.   (المصدر: موقع pdpinfo نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 338 بتاريخ 9 ديسمبر 2005)   


المفاوضات الاجتماعية

اتفـاق في قطاع البنوك

عملت «الصباح» من مصادر نقابية مسؤولة أنه تم التوصل أمس إلى اتفاق بين الحكومة واتحاد الشغل والجامعة المهنية للبنوك بخصوص قطاع البنوك.   ويقضي هذا الاتفاق بالزيادة في أجور موظفي وعمال القطاع البنكي الى جانب الاتفاق حول جوانب ترتيبية عالقة لسنوات عديدة.    وقال مصدر نقابي في تصريح خص به «الصباح» ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه أمس ينص إلى جانب الزيادة في الأجور على جملة من المسائل ذات علاقة بالجوانب الترتيبية من بينها مسألة ترقية الاطارات البنكية التي تقرر أن تصبح عبر اللجان المتناصفة، بعد أن كانت تمر عبر الادارة التي تحتكم فيها إلى السلم الوظيفي.    كما نص الاتفاق على الترفيع في أجور المتقاعدين من القطاع البنكي وإيجاد صيغ مرنة لأصناف «رؤساء الأقسام خارج الرتبة» بالاضافة إلى ذلك تم الترفيع في سقف القروض المسندة من طرف الصناديق الاجتماعية، فيما نص هذا الاتفاق على حماية المسؤول النقابي.    يذكر أن هذا الاتفاق يلغي اضراب القطاع البنكي الذي كان مقررا ليوم 22 من الشهر الجاري بعد أن تأجل  في وقت سابق (8 ديسمبر الجاري).   صالح عطية    (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)  


مداولات مجلس المستشارين حول ميزانية الدولة لسنة 2006 المصادقة على ميزانيات وزارات الفلاحة والصناعة والتجارة والبيئة:

أسعار زيت الزيتون.. القروض الفلاحية.. التجارة الموازية.. التصدير

   

باردو ـ الصباح دفع الاستثمار في القطاع الفلاحي والتجارة الالكترونية كانت من ابرز المواضيع التي اهتم بها اعضاء مجلس المستشارين مساء امس الاول لدى مناقشتهم تقرير اللجنة الرابعة حول ميزانية الدولة لسنة 2006 ذات الصلة بوزارات الفلاحة والموارد المائية والصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والتجارة والصناعات التقليدية والبيئة والتنمية المستديمة.   وقد توجهت اهتمامات 60 تدخلا لاعضاء المجلس واستفساراتهم نحو عدد من القطاعات المرتبطة بالوزارات محل المناقشة.   ففيما يتعلق بقطاع الفلاحة استفسر المستشارون عن الخطة الوطنية لتعبئة الموارد المائية وما انجز في هذا المجال قصد الاطمئنان على الموارد المائية التونسية داعين الى دعم الجمعيات المائية في المناطق التي توجد بها واحات قصد تأمين موارد مائية مستديمة للواحات القديمة التي تشكو نقصا في المياه وذلك بقصد دعم مردودية الواحات من الانتاج.   واستفسر المستشارون عن وجود برنامج لتوسيع الفلاحة السقوية في منطقة الشمال الغربي في حين دعا بعضهم الى تفعيل دور هياكل الارشاد والتكوين الفلاحي والبرمجة والتقييم لفائدة المستثمرين في المناطق السقوية اضافة الى دعم الري التكميلي بالتوازي مع احداث المناطق السقوية.   وفي السياق ذاته استفسر احد المستشارين عن افاق قطاع الارشاد الفلاحي متسائلا عن صحة ما يروّج عن اعتزام الوزارة التعويل على القطاع الخاص في هذا المجال.   اسعار زيت الزيتون    كانت اسعار زيت الزيتون لهذه السنة محور مداخلات عدد من المستشارين  حيث اكد احد المستشارين على ان اسعار تداول زيت الزيتون في الاسواق  العالمية تعد فرصة لدعم اقتصادنا داعيا الى عدم التدخل لتعديل اسعار الزيت كما دعا الى التحكم في مسالك ترويج هذه المادة واستفسر احد المستشارين عن ملامح خطة وزارة الفلاحة والموارد المائية للتوسع في غراسة اشجار الزيتون.    القروض الفلاحية وفائض الانتاج    وعلى اعتبار ما يتعرض له بعض القطاعات من مشاكل ظرفية على غرار قطاع الدواجن اقترح احد المستشارين مراجعة  فوائض القروض الفلاحية معتبرا ان هذه الفوائض لا يمكن ان تكون بنفس النسبة التي تسند الى القروض الاخرى كما دعا المستشار  ذاته الى اسقاط ديون الفلاحين المتخلدة بذمتهم قبل سنة 1987.    وتساءل أحد المستشارين عن امكانية اعداد خطة وطنية تاعمل على استيعاب الفائض من الانتاج الفلاحي قصد تصنيعه واعداده للتصدير كما اقترح بعض اعضاء المجلس تطوير الصناعات الغذائية على مستوى التعليب والتغليف حتى تتمكن من منافسة الصناعات الغذائية العالمية.    الترويج ودفع التصدير    تساءل احد المستشارين عن امكانيات النهوض بالاختصاصات الجهوية في مجال الصناعات التقليدية حتى نمنع التقليص من فرص البيع لمنتوجات الجهات من هذه الصناعات كما استوضح بعض المستشارين عن مراحل تقدم القانون الخاص بالحرف والتراتيب المعتمدة لاسناد شهادة حرفي متسائلين عن وجود مرجعية واضحة في تصنيف منتوجات الصناعات التقليدية واقترح احد المستشارين وضع برنامج لاحداث سوق حرفية في كل الجهات السياحية لدفع ترويج هذه المنتوجات. واقترح المستشارون دعم الايام التجارية التونسية خارج ارض الوطن لما لهذه التظاهرات من انعكاس ايجابي على مستوى الترويج للمنتوجات التونسية في الاسواق الخارجية.    وفي ظل الازمة التي يعيشها قطاع النسيج جراء المتغيرات الاقتصادية العالمية تطرق المستشارون الى امكانية عمل وزارة الاشراف على ايجاد حلول استثنائية للمحافظة على هذا القطاع وعلى مواطن الشغل فيه.    نشاط الغرف التجارية   اكد احد المستشازين على ضرورة تكثيف الجهود من اجل توفير مزيد من الرعاية والاهتمام للغرف التجارية وذلك عبر تمكينها من الاعتماد على التمويل الذاتي الذي يدعم قدرتها على القيام بالدور المنوط بعهدتها وذلك على غرار ما هو معمول به في البلدان الاوروبية.    التجارة  الالكترونية   وفيما يتعلق بقطاع تطوير التجارة الالكترونية اقترح احد المستشارين التفكير في احداث مركز فني للنهوض بالتجارة  الالكترونية وتساءل بعض المستشارين عن وجود مخطط لتفعيل ميدان التجارة الالكترونية باعتباره احد اهم آليات الاستثمار الحديثة في العالم.    تأهيل المؤسسات الاقتصادية   تطرّق المستشارون فيما يتعلق بالقطاع الصناعي الى مسألة نأهيل المؤسسات الاقتصادية متسائلين عن الاجراءات التي اتخذتها الوزارة لتفادي الاشكاليات التي حالت دون تطور القطاع والوصول الى المحافظة على مكانة منتوجاتنا في السوق العالمية وعما وصلت اليه وزارة الصناعة في مشروع تركيز المرصد الوطني للصناعة.   قانون البيئة والاجندا 21 المحلية   الاسراع ببعث مجلة قانون البيئة كان من ابرز الاقتراحات التي دعا اليها عدد كبير من المستشارين حيث اكدوا على ضرورة مضاعفة عدد البلديات المنخرطة في برنامج تهيئة المحيط والعمل على ايجاد حلول واضح لتجنيب منطقة حمام الزريبة التلوث اضافة الى التساؤل عما اتخذته وزارة البيئة والتهيئة الترابية من اجراءات لمزيد دعم الأجندا 21 المحلية.   تغطية: سامية الجبالي   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)

 

أعضاء مجلس المستشارين في مناقشة أبواب ميزانية الدولة لسنة 2006:

حلّ مشكلة زيت الزيتون في دعم الانتاج وليس في التسعير

 

* باردو ـ الشروق :

أثار المستشارون في الجلسة المسائية لأمس الاول جملة من المسائل المتعلقة خاصة بالارتفاع المشط في اسعار زيت الزيتون وبأزمة قطاع الدواجن على ضوء المخاوف من ظهور مرض انفلونزا الطيور بتونس. كما أثار المستشارون مشكلة تقلّب منظومات الانتاج الفلاحي مثل اللحوم والألبان. جاء ذلك في اطار مناقشة مجلس المستشارين لابواب مشروع ميزانية الدولة لسنة 2006 .

ودعا المستشار المنجي البدوي الى التوجه اكثر نحو دعم وتشجيع زيت الزيتون المعلّب محذّرا من تدخل الدولة في ضبط الاسعار وقال انه ضدّ التسعير لأنه يضرّ بالفلاح وان الحل برأيه يكمن في تأقلم المستهلك مع واقع السوق ومع الاسعار العالمية.

وطالب الى جانب العديد من المتدخلين بايجاد حلول لترويج منتوجات الصناعات التقليدية واقترح احداث شركات تعنى بهذه المهمة.

 

* بقرة تونس

وتساءل المستشار محمد حسين فنتر عن اسباب اللجوء الى استيراد اللحوم والحليب وقال ان الاولى ان يتم الاعتناء اكثر بالبقرة التونسية.

المستشار محمد الصحراوي انتقد ـ من جانبه ـ أساليب عمل المجامع المهنية التي يطغى عليها الطابع الاداري واشار الى عزوف منتجي التمور عن استعمال الاكياس البلاستيكية الواقية (الناموسيات) لارتفاع أسعارها ممّا يعرض المنتوج الى التلوّث وقال ان المطلوب من الوزارة تشجيع المنتجين على اقتناء هذه الواقيات.

وطرح المستشار عبد الوهاب الباهي سلسلة من الاشكاليات من ذلك تساؤله عن الحلول المطروحة لمشاكل الفلاحين في المناطق السقوية كمشكلة نقص المياه وتساؤله ايضا عن حجم التجارة الالكترونية وعائداتها وعن مآل اتفاقية الغات وما حققته تونس منها.

وقال المستشار مبروك البحري إن بعض المنظومات الفلاحية تعاني الهزّات على مستوى الترويج والتعليب والخزن مثل منظومة الحليب والطماطم وقال انه لابد من العمل بعقود الانتاج التي تضمن للفلاح ترويج بضاعته عند تكدّسها، ولابد ايضا من دراسة حول الكلفة الحقيقية للانتاج الفلاحي حتى نضمن هامش ربح معقول للفلاحين.

وأشار المستشار الحبيب عمّار الى ثلاث مسائل قال انها مازالت تحتاج الى عناية أكثر اولها التجارة الالكترونية وتحديدا البيع والشراء عبر شبكة الانترنات واقترح احداث مركز للنهوض بهذه التجارة وثانيها مسألة التجارة الموازية وهي موضوع قديم جديد. يتطلّب حلولا عاجلة لحماية صحّة المواطن ومصلحة التجار المنظمين. أما المجال الثالث ا لذي تحدث عنه السيد الحبيب عمّار فيهم مهرجان التسوّق الذي يجب تطويره حتى يصبح مناسبة يُقبل فيها المواطن على شراء البضائع بأسعار مناسبة.

وشدّد المستشار فيصل التريكي على ضرورة هيكلة القطاع الفلاحي وتساءل عن خطة الوزارة للتدخّل وانقاذ المنتجين من بعض المشاكل الظرفية التي يواجهونها مثلما حصل مع مربّي الدواجن في الآونة الاخيرة. كما تساءل عن خطة التحكم في فوائض الانتاج الفلاحي.

 

* منظومة اللحوم

وأبرز المستشار كريم داوود ان منظومة اللحوم الحمراء مازالت تشكو من نقائص على مستوى الانتاج ودعا الى مزيد تشريك المهنة في عمليات وقرارات توريد اللحوم.

ووصف المستشار الشريف لبيض التصحّر بالسرطان البيئي الذي لابد من التصدّي له والوقاية منه حتى لا يتّسع ويتفاقم فيما قال المستشار محمدفتحي ملوكة ان انتاجنا من الزيتون متواضع جدا مقارنة باسبانيا وتساءل عن خطة الوزارة للنهوض بهذا الانتاج كما دعا الى مزيد حماية نباتاتنا من الآفات مثل الفأر والجراد.

وذكر السيد رشيد بن منصور الذي يعارض تسعير زيت الزيتون انه لو يدعم هذا المنتوج وتصديره فإن عائداته بامكانها ان تضاهي مداخيل قطاع السياحة.

المستشار علي السحيري طرح بدوره ملف تأهيل الفلاحة الذي بدونه لا يمكن أن نواجه المنافسة مع المنتوجات الاجنبية.

وخلافا لما طُرح بشأن التجارة الموازية قال المستشار عبد الرزاق السماطي ان ايقاف هذه الظاهرة صعب نظرا لاسعارها المغرية للمواطن ولدورها الاقتصادي والاجتماعي ولذلك لابد من معالجتها باعتدال.

ودعا المستشار محمد منصف الشابي الى التفكير الجدي في انشاء سوق اقليمية بتونس بفضاء شبيه بسوق الحميرية بدبي يتم فيه تبادل السلع التونسية والمغاربية والافريقية والاوروبية.

أما المستشارة حياة العواني فدعت الى تقييم آداء نيابات مركز النهوض بالصادرات بالخارج واقترحت التنسيق مع عدد من التونسيين المهاجرين وانتدابهم مقابل اجور لمزيد الترويج للسلع التونسية في بلدان اقامتهم.

 

* محمد اليزيدي

 

الزنايدي: الحكومة تسعى الى توفير زيت الزيتون بأسعار مرشدة وملائمة لواقع السوق

 

* باردو ـ الشروق :

قال السيد منذر الزنايدي وزير التجارة والصناعات التقليدية في رده على المستشارين إن التجارة الموازية ظاهرة عالمية وليست خاصة بتونس وان حجمها يتراوح ما بين 10 و15 من التجارة العالمية وهو يختلف من اقتصاد الى آخر.

وأضاف في السياق نفسه ان الحماية وارتفاع مستوى الجبائية يُعتبر عاملا هاما في نمو هذه الظاهرة التي تبقى في تونس تحت السيطرة مؤكدا على ضرورة تحديد المفاهيم والتفرقة بين عدة ظواهر بين الانتصاب الفوضوي وممارسة التجارة دون استيفاء الشروط القانونية وبين الاغراق والتقليد والبيع دون فواتير وهذه ممارسات تتم حتى في المسالك المنظمة.

وذكر الوزير أيضا ان معالجة موضوع التجارة الموازية تتم في اطار مشترك مع كافة الجهات المعنية وهي معالجة تشمل تشديد الرقابة الميدانية وتنظيم الاسواق بالتعاون مع السلط الجهوية وتوعية المستهلك بالتركيز على الجوانب التي لها مساس بصحته وسلامته كما تشمل المعالجة في جانبها الهيكلي السعي للتقليص من العوامل المحفزة على اللجوء الى المسالك الموازية وهو أفضى الى نتائج ملموسة في احتواء الظاهرة تمثلت خاصة في تقلص حجمها بصفة عامة والقضاء على المضاربات في سوق السيارات المستعملة.

 

* متابعة

وتحدث السيد منذر الزنايدي في سياق اخر عن التجارة الصغرى وبرامج تعصيرها وحمايتها من المساحات الكبرى، فقال إن الوزارة من الناحية العملية تتابع الوضع بصفة دائمة وترصد دوريا ظروف المنافسة بين مختلف مكونات التجارة وتراقب شفافية المعاملات بالفضاءات التجارية. كما تحدّث عن برنامج تأهيل مسالك منتوجات الفلاحة والصيد البحري فذكر ان هذا البرنامج شامل لكافة المنظومات والجهات ويضم حوالي 1131 مسلكا على ملك البلديات باستثناء سوق بئر القصعة ومركّب اللحوم وكلفته تصل الى 170 مليون دينار وسيتم تنفيذ الجزء الاهم منه في الفترة الممتدة ما بين 2006 ـ 2011 .

وأعلن الزنايدي في الاطار نفسه انه يُنتظر انهاء دراسة الجدوى المتعلقة بإحداث سوق جملة ثانية بإقليم تونس الكبرى في بداية السنة القادمة.

أما بخصوص ما أثير حول زيت الزيتون فأشار وزير التجارة الى تواصل ارتفاع الطلب على هذه المادة للموسم الثاني على التوالي في السوق العالمية. وقال ان تونس استفادت من هذا الوضع وسجلت تحسنا في عائدات صادرات زيت الزيتون التي بلغت 98 ألفا و113 طنا بمبالغ في حدود 405 ملايين دينار خلال الموسم الفارط ويتوقع تصدير 150 ألف طن في هذا الموسم بمبالغ قد تتجاوز الألف مليون دينار.

وبالنسبة الى السوق الداخلية قال الوزير إن خصوصية القطاع تقتضي التصدير دون اهمال السوق الداخلية التي تستهلك معدل 50 ألف طن من زيت الزيتون موسميا مقابل 160 ألف طن من الزيت النباتي الذي تصل مبالغ دعمه الى 58 مليون دينار.

وذكر ايضا ان ديوان التجارة تدخل في الموسم الفارط بكميات تعديلية بسعر 2900 مليم للتر وهو ما سبب خسارة هامة ومشيرا الى ان الحكومة بصدد دراسة الوضع حاليا. وهناك مساع لتوفير مادة زيت الزيتون بأسعار مرشّدة مع الاخذ بعين الاعتبار واقع السوق.

 

* محمد اليزيدي

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2005)


 

مارسيل خليفة يندّد بمقاطعته في تونس

اعتبر الملحن والمغني اللبناني مارسيل خليفة أن التراجع عن دعوته لحضور الملتقى الرابع لمسرح الطفل في تونس امر <<مؤسف ومذلّ>> مندداً بمقاطعته ومنع بثّ موسيقاه وأغانيه في تونس.   وكانت هيئة جمعية المسرح العربي بحمام سوسة (الساحل) وجهت دعوة الى خليفة لإلقاء كلمة خلال حفل افتتاح الايام الدولية الثامنة لمسرح الطفل التي تشارك فيها فرق من تونس والعراق مصر وفلسطين ولبنان وليبيا وسوريا والاردن والمملكة العربية السعودية ما بين 18 و25 كانون الاول الجاري.   ثم الغت الهيئة لاحقاً في برقية وجّهتها لمرسيل خليفة الدعوة <<لظروف قاهرة متصلة بالبرمجة والميزانية>>.   وعلّق خليفة على الاعتذار في مكالمة هاتفية مع فرانس برس من مقر إقامته في باريس واعتبره <<غير واضح وغير مقبول وسببه مباشر (…) ونتيجة ضغوطات>>. ودعا خليفة القائمين على الشأن الثقافي الى <<تحدي العراقيل ونزع ثياب الخوف>>. وعبر <<عن حزنه لقطع حبل التواصل مع جمهور حافظ في كل مرة على أن تجمعه به علاقة إنسانية وفكرية وثقافية صادقة وشفافة>>. واشار خليفة الى ان مقاطعته <<بدأت مع نهاية المهرجانات الصيفية>> وأكد ان <<مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية منعت بث اغانيه وموسيقاه ورفضت اجراء حوارات معه مباشرة بعد حفل قرطاج في آب الماضي على خلفية ما أبداه من مساندة للمساجين العرب>>.   وأحيا خليفة الذي يتمتع بشعبية واسعة في تونس بدأت في الثمانينات آخر حفل له في العاصمة التونسية في الصيف الماضي في اطار الدورة ال41 لمهرجان قرطاج الدولي حضره وزير الثقافة التونسي محمد عزيز بن عاشور والشاعر الفلسطيني محمود درويش وجمهور غفير تجاوز عدده 15 الفا.   وقدم خليفة في هذه السهرة التي استغرقت ثلاث ساعات باقة من اغانيه القديمة منها <<عصفور طل من الشباك>> اهداها للمساجين العرب في السجون العربية والإسرائيلية. واكد خليفة على ان <<ما يقوله في الحفلات في اي بلد في العالم نابع من القلب ويعكس ما يحس به>>، واشار الى انه <<يتضامن مع القضايا العادلة في قلب تونس وخارجها>>. ومنذ الصيف الماضي والاذاعة التونسية لا تبثّ الا نادراً اغاني مارسيل خليفة دون ان توقفها كلياً.   (المصدر: موقع « أفق » بتاريخ 16 ديسمبر 2005) وصلة الموضوع: http://www.aloufok.net/article.php3?id_article=2710


 

تقلص عجز الميزان التجاري الصناعي التونسي في 11 شهرا

 

تونس ـ رويترز: ذكر معهد الاحصاء التونسي امس أن عجز الميزان التجاري الصناعي التونسي سجل منذ بداية العام وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) تراجعا بنسبة 2.6 بالمائة ليصل الى 3.26 مليار دينار (2.42 مليار دولار).

واوضحت بيانات معهد الاحصاء أن نسق الصادرات سجل نموا بنحو 12 بالمائة ليبلغ 12.22 مليار دينار (9.09 مليار دولار) بينما زادت الواردات 8.5 بالمائة الى 15.48 مليار دينار (11.52 مليار دولار).

ويعزى الارتفاع في صادرات البلاد الى النمو الكبير في صادرات المحروقات بنسبة تجاوزت 50 بالمائة اضافة الى زيادة صادرات الصناعات الميكانيكية والكهربائية.

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم  16 ديسمبر 2005)

 

باختصار   لم أفهم وفهمي محدود كما تعلمون.. لماذا لنا مجلسان للنظر في نفس القانون. فكلاهما يناقش ويصادق على ذات التشريعات… ومداولاتهما تدوم في العام مئات الساعات. لي اقتراح لاقتصاد الطاقة، ولا أعلم هل سيحظى من الجهات المعنية بالموافقه.. لماذا لا يناقش المجلس الاستشاري ويقتصر دور البرلمان على المصادقة.   محمد قلبي   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)

من بعض مظاهر الفساد المالي

بمدينة قفصة  
علي محمد شرطاني
يجد المتنقل في أرجاء مدينة قفصة من مظاهر الفساد وتبديد المال العام ما يشد انتباهه ـ وبدون كثير عناء وخاصة منها تلك ذات العلاقة في مجملها ببرنامج تحسين مداخل المدن والعناية ببعض الجوانب الجمالية فيها.
ـ المظهر الأول:          ـ أميال من التحسينات على جانبي الطريق: فبقدر ما تعتبر عملية تحسين مداخل المدن  وإضفاء  كل ما هو ممكن من مظاهر الزينة عليها من الداخل والخارج عمل حضاري، ومظهر جمالي، واحترام  للذوق العام وارتقاء به، وظاهرة صحية، بقدر ما نعتبر هذا التحسين وهذا التجميل على النحو الذي يتم عليه وعلى النحو الذي نشاهده  لمدا خل ومخارج مدينة قفصة مثلا برنامجا خاطئا،  ليس من ورائه و بحسب ما كانت ودلت  عليه النتائج ـ في جانب كبير منها الى حد الآن على الأقل ـ إلا إهدارا لإمكانيات مادية هائلة أحيانا، وهي التي ليس لها من معنى أكثر من كونها فساد مالي واضح، وتبديد للمال العام في غير موضع مصلحة حقيقية . وبقدر ما هي مهمة لنا ويجب أن تكون في برامجنا المعمارية ـ ومن منطلق حضاري وأخلاقي وصحي ـ إلا أن الحرص عليها لم يكن هذه المرة إلا في إطار اللهث لإستكمال الشروط الصعبة والمكلفة اللازم توفيرها في مدننا ولبنيتنا الأساسية، ووفق رزنامة زمنية محددة،  وفق ما تقتضيه اتفاقيات الشراكة التي أسرعت القيادة السياسية لإمضائها ـ وكأنها في عجلة من أمرها في ذلك في غياب تام لمكونات المجتمع المدني الملتحق بالسلطة آن ذاك وفي تغييب كامل للشعب صاحب السيادة في الأصل ـ  مع الإتحاد الأروبي الذي تجاوز هذه المسائل منذ قرون من الزمن، والذي كانت نفقات أغلب دوله على ذلك من النهب الإستعماري لثروات شعوب مستعمراتها. وهي التي تعمل اليوم من خلال هذه الإتفاقيات على توفير الشروط اللازمة للدورة الجديدة للحركة الإستعمارية الجديدة القديمة، لتستولي من خلالها بوسائل وأساليب جديدة على ما لم تستولي عليه من قبل ومن خلال الوجود العسكري المباشر، بالوسائل والأساليب القديمة. كان ينبغي أن تكون مثل هذه العمليات في إطار برنامج وطني، وضمن خطة للتطور العمراني الهادئ  في مدننا، وبمبادرة منا وفق رزنامة نحددها بأنفسنا على ضوء إمكانياتنا المادية ومقتضيات المصلحة الوطنية والمحلية، بما يجعلنا نقيم مثل هذه المشاريع والإنجازات ونحافظ عليها . أما وقد جاء الكثير منها تحت ضغوط مواعيد ضرورة استيفاء شروط  تطبيق هذه الإتفاقية، التي تتطلب أن تكون البنية الأساسية لمدن بلادنا مناسبة لكل عمليات الترويج والتعامل التجاري والصناعي وغيرهما من المناشط الإقتصادية للمستثمرين الأجانب خاصة  والتجار. فقد كان من الطبيعي أن تكون مرتجلة ومتهافتة وغير مدروسة، لاسيما وأن الإتحاد الأروبي قد قبل بتقديم مساعدات مادية لتحسين هذه البنية الأساسية، وذلك ما زاد في التساهل في إنفاق مثل هذه الأموال وغيرها في غير مصارفها، أوفي ما أسندت لصرفها فيه، ولكن بأقل من الشروط والمواصفات المطلوبة للمحافظة على فا ئض ما ليبدد هنا وهناك، في الوقت الذي كانت البلاد في حاجة لصرفه في دعم البنية الأساسية، أو التهيئة العمرانية، أو حل أزمة السكن، أو بعث مشاريع لحل أزمة البطالة أو… فكثيرة هي المشاريع والتحسينات اللازمة، سواء داخل المدن أو في مداخلها ومخارجها، ولكن الأفضل أن يكون ذلك على الأقل، مما زاد من الإمكانيات المالية المتبقية نتيجة التقشف أو حسن التصرف في الميزانية و في الإعتمادات المادية المقررة لكل جهة. أما أن يكون المواطن يفتقر الى الضروري بل الى أكثر ضروريات الحياة وأشدها إلحاحا، والمال العام يهدر في الملاهي والمظاهر التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا نفع فيها لأحد ممن يفتقرون الى أبسط ضروريات الحياة …غاية ما في الأمر انه يمكن أن يكون في ذلك عدم قدرة على إنفاق المال العام في ما يجب أن يتوجه الإنفاق فيه إليه، أو تغطية على أموال تم صرفها في غير محلها وبعيدا عن الشأن العام، وتم نقلها لحسابات ولقضاء حوائج خاصة … ـ فأي معنى وأي مصلحة لحيطان من الحجر يتم بناؤها على إحدى جوانب الطريق الرئيسية  الرابطة لوسط مدينة قفصة بجهاتها وبالمناطق الشرقية باتجاه تونس العاصمة تارة، وعلى جانبيه أخرى، على امتداد أميال، في الوقت الذي لم يكن فيه مانع من تركهما بدون بناء . وإذا كان لابد من ذلك، فبعد التخفيف على الأقل من حدة أزمة السكن بالمنطقة، لأن ما تم رصده لذلك من أموال لإقتناء موادها الأولية، ولتغطية مصاريف اليد العاملة، وللفائدة الراجعة للجهة التي فازت بصفقة عرض إقامة أشغال المشروع، كافية لإنهاء معاناة عدة عائلات فقيرة تعاني من الإيجار، وحظوظ امتلاكها محل سكن على سبيل الملكية أمامها معدومة، وان كان ذلك مما يكتب له البقاء، ويظل في كل الحالات مكسبا، لأنه وان لم يتم صرفها بحسب الأولويات في ما من الأفضل أن يتم صرفها فيه، فإنها لم تذهب في النهاية الى الجيوب، ولم توجه كلها الى الحسابات الخاصة.
ـ المظهر الثاني:           ـ إلغاء ساحة وتهيئة أخرى: وأي معنى غير تبديد المال العام وسوء التصرف والفساد المالي والإستثراء على حساب المجموعة الوطنية،عندما يقع إلغاء كل ما بالساحة الواقعة أمام مبنى مقر المصالح الجمركية الواقعة على يمين المغادر لوسط مدينة قفصة المتجه غربا في طريقه الى معتمدية منجم المتلوي، والتي كانت تحتوي على أنصاب تمثل إبلا، وفيها دلالة على أن هذه المنطقة كانت ومازالت صالحة لتربية قطعان الإبل، بعد أن كان قد صرف على تهيئتها وإعدادها وإخراجها من المال العام ما لا يعلم إلا الله ثم الراسخون في العلم والمتورطون في الفساد واللصوصية والسرقة في تهيئتها وإقامتها، ليصرف بعد ذلك ما لا يعلم كذلك إلا الله ثم أولئك على إلغائها وإزالة وتدمير ما كان قد شيد عليها، لتعاد تهيئتها ثانية بما لا يعلم إلا الله ثم المشرفون على كل هذه العمليات لإهدار المال العام في ما لا مصلحة فيه لأحد غير أصحاب النفوذ والمسؤوليات الذين بدا واضحا أنه من السهل عليهم جدا إنفاق المال العام على إقامة أي شيء، ثم إنفاقه ثانية على إلغائه، في ظل سلطة الفرد وهيمنة الحزب والإطمئنان الى عدم وجود أي متابعة ولا رقابة ولا محاسبة، وهم الذين لا حضور ولا قيمة عندهم لرقابة الله عليهم ولا لحسابه لهم. ولم ينته إهدار المال العام عند ذلك الحد. ولا يأبون له إلا أن يتواصل. وهو الذي لابد له أن يمر بثلاث مراحل، تنتهي المرحلتين الأولى والثانية بالبناء والهدم، لتليهما مرحلة البناء مجددا. وفعلا فقد تم إحلال مكان  كل ذلك ساحة خضراء مازالت محتفظة بنضارتها وزينتها وجمالها، ومختلف ألوان وأنواع زهورها وورودها، ومختلف النباتات التي القي ببذورها إليها، حتى يأتي اليوم ـ الذي سوف لا يكون بعيدا لتصبح فيه كغيرها من الساحات والفضاءات والمعالم والنصب، التي لا تلبث محتفظة أو محافظا لها على تلك النضارة وذلك الجمال إلا قليلا، حتى يأتي عليها التصحر والجفاف والإهمال، ويتواصل وجودها كما لم تكن نضرة ولا جميلة ولا خضراء مزهرة من قبل . أقول هذا وأنا من منطلق مرجعي عقائدي أعتبر أن تلك النصب يمكن أن تكون من ممسكات الغيث. وأن إلغاءها وحده كاف لاعتباره انجازا مهما وشر أريحت البلاد منه، ولكن لا يصبح الأمر عندي كذلك عندما يتعلق بالفساد المالي، في وقت أصبح لا معنى فيه لتلك النصب وتلك الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وقد تعددت الأصنام والأوثان التي تضر ولا تنفع.
ـ المظهر الثالث:         ـ وإذا كانت مظاهر الفساد المالي لا تحصى ولا تعد ومن غير مبالغة. فأي مصلحة ولصالح من يتم إلغاء ما تم تثبيته من تماثيل للنعام بالساحة القريبة من السوق الأسبوعية لبيع الماشية، والواقعة على يمين المستعمل للطريق الرابطة بين قفصة ومعتمدية السند، وإبدالها بأخرى لغزلان على وضعيات مختلفة؟ وإذا سلمنا أن لكل ذلك دلالة ما باتجاه الريف، فلماذا تهدم الأولى وتشاد الثانية، إن لم يكن غير الفساد المالي وإهدار المال العام. ولعل وجه الصواب في هذا الأمر يقضي بأنه إذا كان لابد من شيء ما ذات دلالة، وإذا كان لابد من إنفاق وفساد وتبديد للمال العام ، فليكن لوضع  رسوم أو إقامة أنصاب وتماثيل دالة على سوق الحيوانات الأهلية على الأقل،لأن التلاعب بمكاسب المجموعة الوطنية ليس في إنفاق المال في ما انفق فيه بقطع النظر عن كونه ضروريا أو عير ضروري، ولكن في هذه العملية المتكررة لهدم ما لا ضرورة لهدمه وبناء وإقامة ما لا ضرورة لبنائه وإقامته.   ـ المظهر الرابع:            ـ تجميل المدخل المباشر لمدينة قفصة:            ولرب سائل أن يسأل فيقول :ما دلالة إنفاق عشرات الملايين من الدينارات في ما تم إقامته من بناء على جهتي نفس الطريق من الضفة الشمالية لوادي بياش، المقابلة للعابر له باتجاه وسط المدينة غربا، أي للقادم إليها من الشرق عبر الطريق السفلى المحاذية للجسر من الجهة الشرقية طبعا، حيث المدخل المباشر لها، و الذي مازالت كل السيارات الوافدة من مختلف أنحاء العالم بمختلف أنواعها وأحجامها، ليس لها من مكان تمر به، سواء من جهة الشرق أو الغرب أوالجنوب أوالشمال ذهابا وإيابا إلا هو، على النحو الذي تركته عليها سلطة الإحتلال الفرنسي، وبنفس البنية الأساسية. وكأني  بالبعد الأمني هو الذي ظل حاضرا دائما، والذي يقضي بأن لا أحد  يعبر مدينة قفصة في أي اتجاه إلا وليس أمامه إلا المرور أمام مبنى منطقة المدينة للأمن العمومي ومنطقة الحرس الوطني جوفا، وإدارة الجمارك للداخل لها أو للخارج منها غربا، والثكنة العسكرية وغيرها من مثل هذه المؤسسات  المتصدرة لكل الطرقات الرئيسية شمالا، والمطار العسكري للداخل إليها من جهة الشرق، وثكنة فرق التدخل السريع جنوبا. ويتمثل ذلك البناء في شكلين هندسيين مستطيلين، أقيم كل واحد منهما على ركيزتين قصيرتين من الحديد والإسمنت المسلح طبعا. وكان كل واحد منهما عبارة على مساحة من الحجر الأصفر المنقوش، يعلوها مصباح كهربائي. كتب على مساحة الشكل الواقع على يمين المتجاوز للوادي باتجاه وسط المدينة بالجهة الشرقية اسمها باللغة العربية، وعلى الثاني بالجهة الغربية اسمها باللغة الفرنسية. و قد تم تهيئة مساحة صغيرة خضراء زاهية مزدانة بمختلف أنواع وألوان الزهور تتخللها حجارة ملونة هنا وهناك أمام كل واحد منهما. وإحاطة كل واحدة منها كذلك  بحائط سميك من الحجارة يفصل بينها وبين باقي مجرى الوادي الذي هو مستودع كل أنواع الفضلات والأوساخ . وقد تم تكليف عامل يعتني بكل ذلك ويحرصه في الأيام الأولى، إلا أنه ـ وهوالمتاخم للوادي مباشرة ـ سرعان ما تحول الى أثر بعد عين، حيث لم يعد قائما منه الآن إلا البناء الذي لم يسلم هم الآخر من الإصابة والتشويه. وقد أضحى المكان كله اليوم مرتعا للأنعام السائبة.
ـ المظهر الخامس:       ـ تهيئة ثم إلغاء:    وعلى الجهة الأخرى المقابلة الواقعة على يمين المنتهي إليه باتجاه وسط المدينة، فبعد أن رسمت على مساحة من الأرض أشكالا هندسية مختلفة، وتم جلب الحجارة والرمل إليها، أي بعد ما أنفق على ذلك ما أنفق من المال العام، تم إلغاء كل ذلك وبنفقات جديدة للإلغاء طبعا، وهي اليوم منبت للشجيرات الطفيلية البرية في، وسط ليس ثمة أكثر منه قذارة و تراكم لكل أنواع الأوساخ وهو الأقرب لوسط المدينة أكثر من أي مكان آخر. أليس الجمال في النظافة أولا ؟ أليس إنفاق كل هذه الأموال في نظافة مدخل المدينة أفضل من تبديدها في مثل هذه الأعمال التي يكون مآلها في النهاية كمآل أم عمر فلا هي بقيت ولا بقيت الأموال؟ وأي معنى لهذا الإنفاق إذا لم يكن محققا للنظافة والجمال؟ أليس ما لم يتحقق به هذين الغرضين من الإنفاق في هذا المضمار هو فساد مالي؟
ـ المظهر لسادس :         ـ نوا فير معطلة وسط المدينة: فأن لم يكن غير الفساد المالي والتبديد المجاني للمال العام، فما فائدة المواطن والجهة والبلاد كلها من النوافير التي تم بعثها في أماكن مختلفة من وسط المدينة، والتي أصبحت في مجملها معطلة، فلا هي اليوم في مستوى الغرض الذي أنشأت من أجله من الناحية الجمالية، ولا حتى مما يمكن أن يكون لها من دور في تكييف الهواء شديد الحرارة صيفا وهي بين المعطلة في أغلب الأحيان والمعطلة دائما، كتلك الموجودة بالحديقة القاحلة وسط المدينة، والتي أصبحت أشبه بفسقية الأغالبة من حيث عدم صلاحيتها لما أنجزت إليه، وإذا ما استثنينا القيمة التاريخية لتلك، والجمال المعماري الذي تمتاز به عن هذه التي ولد الغرض منها ميتا منذ ولادتها، والتي لا قيمة تاريخية لها والتي لا قيمة جمالية لها ولا مظهر لها يزدان وسط المدينة به. وكذلك الشأن بالنسبة لبقية أغلب هذه النافورات الموزعة على بعض مفترق طرق  وسط المدينة، وبمعزل عن أي  ساحة ولو صغيرة خضراء تحيط بأي منها باستثناء واحدة.
ـ المظهر السابع:        ـ إلغاء شبكة الأضواء المنظمة لحركة المرور داخل المدينة: ثم أين تلك الشبكة الكبيرة للأضواء المنظمة لحركة المرور بوسط المدينة، والتي يقدر مدها بمئات الملايين. والتي ما إن تم تركيزها حتى تم إلغائها نهائيا، ولم يبق لها أثرا. ولا أحد يدري على أي أساس ولأي غرض تم بنائها، وعلى أي أساس و لأي غرض تم هدمها، عدى ما يتبادر الى الذهن من عدم القدرة على تسيير الشأن العام، والتساهل في إهدار المال العام. ولما يتحقق به لأصحاب القرار والمتنفذين من مصالح ومن منافع شخصية، ولإطمئنانهم لعدم وجود أي متابعة ولا ملاحقة ولا محاسبة. وليجد كل ذلك تفسيره في النهاية في الخطا وسوء التقدير في حال وجود حديث في هذا الأمر في يوم من الأيام .
ـ المظهر الثامن:         ـ هدم مشهد وإقامة آخر مكانه: ثم أي معنى كذلك غير الفساد وإهدار المال العام في غير محله، وتغطية السرقات، وإيجاد تسويات مالية وقانونية وإدارية لها ثم  لصرفه في المصالح الخاصة والإستئثار به للنفس من مواقع استغلال النفوذ وفي غياب لأي محاسبة ولو محتملة بعد ذلك، عندما تنفق أموال طائلة في رمز ثلاثي الأضلاع  لمنسج  « المرقوم » التقليدي الذي تم تثبيته بساحة أعدت للغرض بمفترق أهم ثلاثة طرق وسط مدينة القصر، وهي الطريق الرئيسية قابس تونس للمتجه شرقا والطريق الفرعية الرابطة بين المدينة نفسها ووسط مدينة قفصة عبر بساتين الواحة على الضفة الجنوبية لوادي » بياش ». والذي كان من الناحية الرمزية على الأقل ذات دلالة فيها تعبير عما تشتهر به ولاية قفصة كلها من صناعة تقليدية. ثم تنفق أموال طائلة أخرى على هدمه وإزالته وإزالة كل ما على الساحة معه بغير سبب ظاهر يذكر، ولتنفق أموال طائلة أخرى على إعادة تهيئة نفس الساحة، من حول ذراع ضخمة خارجة من الأرض وسطها، وتحمل في كفها كرة أرضية دون أي دلالات  ولا معاني تذكر لكل ذلك، سواء من الناحية الجمالية، والتي كان فيها الأثر على غاية كبيرة من البشاعة، والذي أحسب أنه لا ينال إعجاب حتى من كان وراء الفكرة ومن أنجزها، ولا من الناحية الفنية،ولا من الناحية التاريخية، ولا من الناحية الرمزية . وهو عمل لا يوحي من الذكرى إلا لبعض المطلعين ببعض الأساطير اليونانية القديمة. وبعد استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير. وتثبيت الذي هو أدنى حيث من الأفضل أن يكون  الذي هو خير، وحيث كان فعلا، وذلك في صورة ما إذا كان لابد من هذا أو ذاك، وقع الإختيار على أن المكان الأنسب للمنسج التقليدي ـ عوض إتلافه أو قبل ذلك أو في انتظاره ـ ساحة صغيرة أعدت له في غير إسراف هذه المرة، قبالة زاوية سيدي عمر، الذي يقضي الحكم الشرعي بهدمها، بعد أن أصبحت من بين ما تشد له الرحال من دون الثلاثة مساجد التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تشد الرحال لغيرها، وهي التي اليوم تحت الإشراف والسيطرة الأمريكية والصهيونية. وليكون كذلك قبالة مقبرة سيدي عبد الملك، ليستفيد ربما بذلك الأموات من سكان المقبرة، والأموات من الأحياء ضحايا الدجالين والدراويش من الذين يأتون من كل صوب وحدب لزيارة الزاوية. والذين تبارك لهم ذلك سلطة الإشراف وتساعدهم عليه.
ـ المظهر التاسع:         ـ إغراق الأرصفة والساحات بالمكعبات الإسمنتية أي دلالة؟: هي نفس الجهة التي أتاح لها بعض رموزها ووجوهها وعناصرها فرصة أخرى لمواصلة إحكام السيطرة على البلاد، لتظل متحكمة في  ثرواتها تبددها هنا وهناك كيف ما شاءت، بلا رقيب ولا حسيب، ومحكمة قبضتها على رقاب العباد في ما يشبه الصخرة، تفعل بهم ما تشاء بلا خوف من شيء ولا من أحد. هذه الجهة التي عززت نفسها بجهات أخرى  من ا لتي من المفروض أنها معارضة لها، والتي أصبحت بمثابة دم جديد في جسدها، وهي التي يجمع بينها كلها المنزع المادي الذي لا يمكن في اتجاهه العام إلا أن يكون صوب النهب والفساد والإستثراء غير المشروع. هذه الجهة هي التي أوقعت اقتصاد البلاد في أزمة هيكلية، وأغرقتها في مديونية ثقيلة كانت كافية لقبول عناصرها الجديدة بإعادة جدولة تلك الديون. وجعل البلاد في وضع سياسي، تم الإتفاق فيه على ضرورة المعالجة الأمنية لمختلف مكونات الحركة الإسلامية، وفسح المجال واسعا لما عدى ذلك أن يكون على أي نحو تريد أي جهة متنفذة أن يكون عليه، وسط صلاحيات واسعة تم منحها للجهات الرسمية وشبه الرسمية والجهات القريبة منهما، يسرت الطريق لإستغلال النفوذ والحصول على أكثر ما يمكن من الإمتيازا ت. ولعل هذه الصفقة من مختلف ألوان وأشكال المكعبات الإسمنتية التي أغرقت بها البلاد منذ وقت مبكر من « العهد الجديد »، كانت على ذلك الأساس وبتلك المقاييس. وإلا فأي معنى في ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد لإغراقها بتلك المادة لتغطية كل الأرصفة والساحات ـ في وقت بدأت الدولة تتخلص فيه من القطاع العام ـ وهي القابلة للتجديد دائما، بعد أن كانت البلاد قد اتجهت الى الإنفاق في الكثير من الجهات على تغطية الأرصفة خاصة، بتلك الحجارة الملساء المفروشة التي لا تكلف المجموعة الوطنية من الإنفاق سوى جلبها من نفس الجهات. وهي التي عانت ومازالت تعاني من الإنفاق على إزالتها. ولتضاعف الإنفاق الى أضعاف مضاعفة من أجل استبدالها بتلك المكعبات التي لا يعلم كل الناس لصالح من ولمن يذهب فيئها. والتي يبدو على ما رأيت أن هناك حرص على استهلاك أكثر ما يمكن منها. حيث لاحظت أنه نادرا ما يحافظ في كثير من الأرصفة والساحات على مكان لغراسة شجرة فيه إلا أن يكون مكانا قديما. أليس من باب الحكمة والربح الإبقاء على تلك الأرصفة والساحات بما حصل أن تمت تغطيتها به من حجارة. وإذا كان لابد من مادة أخرى، فلتكن لتغطية أرصفة و ساحات جديدة، أو تلك التي لم تكن قد تمت   تغطيتها حتى ذلك الحين، تجنبا لخسارة الإنفاق على إزالة ما تم وضعه.
ـ المظهر العاشر:         ـ مد نفق من الإسمنت المسلح عدة أميال لتصريف المياه: أما المظهر الآخر من مظاهر الفساد المالي، وبمبالغ مادية ضخمة هذه المرة، فيتمثل في مشروع تم بعثه في أواخر تسعينات القرن الماضي لتصريف مياه بعض روافد وادي الحلوـ وهو واد صغير بحي الرقوبة2  بالجهة الشرقية من منطقة بلدية قصر قفصة ـ وهي عبارة عن مساحة صغيرة من الأرض من آخر ما تبقى من فضاء يمكن أن يمتد إليه العمران بالمنطقة البلدية، بعد أن تم حجز المساحة الواقعة بين الطريق الرئيسية باتجاه تونس العاصمة وبين جبل عرباط  لصالح المطار العسكري الذي تم إنشاءه بمئات الملايين، والذي تمت معاضدته وتحويل جانب من المساحة التابعة له الى مطار مدني، في انتظار إلغائه نهائيا بعد أن « اقتضت( الحكمة) عند أهل لحل والعقد بالمدينة أن يقع الجمع بين المطارين على صعيد واحد تحقيقا للمصلحة وضمانا للسلامة »، أو إعلان  تحويله الى مكان آخر لأنفاق مئات الملايين على عملية الهدم والإلغاء، ومئات الملايين الأخرى على عملية البناء والإنشاء. أما المشروع فهو عبارة عن واد اصطناعي من الإسمنت المسلح يمر تحت الأرض لعدة أميال، لوصل المياه المراد صرفها بوادي المالح باتجاه معتمدية لقطار بالجنوب الشرقي من ولاية قفصة . هذه المياه التي يمكن أن تتجمع ـ وكان ذلك بسوء تصرف كذلك وبفعل فاعل وبعقلية غير مسؤولة ـ في كل مرة، وبعد كل  سنوات طويلة. والتي بدا توهما، وقيل أنها تمثل خطرا على ورشات ومخازن ومستودعات محطة القطار. وقد تناهى الى أسماعنا وقتها انه قد تم انجاز المشروع بما قيمته حوالي مليون دينار. ومنذ ذلك الوقت، وقد مر عليه اليوم ما يقارب العقد من الزمن، لم يصرف هذا النفق سوى بضع الهكتلترات من الماء. وهو الذي أزيل اليوم الكثير من أغطية منافذه ومتنفسا ته، ليتحول في بعض الأماكن الى مقبرة للنفايات وجيف الحيوانات ومصب للزبالة والأوساخ والفضلات من مختلف المواد، مما جعل منه مصدرا من مصادر التلوث، وانطلاق الروائح الكريهة منه. ولعله لم يعد اليوم بالإمكان أن تجد المياه طريقها عبره الى حيث يراد لها أن تنصرف. وردا على سؤال من يسأل: كيف يمكن اعتبار الإنفاق على مثل هذا الإنجاز من قبيل الفساد المالي، وصرف أموال المجموعة الوطنية في غير محلها نقول: أن كلفة انجاز المشروع كبيرة جدا مقارنة بالخسائر المحتملة التي يمكن أن تسببها المياه المحتمل احتباسها في جهة لا تعرف من الأمطار الغزيرة أكثر من مرة واحدة كل عشر سنوات تقريبا أولا، ثم أن فتح منافذ لتصريف هذه المياه في حال تجمعها كان ممكنا، وبتكاليف أقل، وبأقل الخسائر ثانيا، ثم لماذا يصرف مثل هذا أو ما كان حتى أقل منه في مشروع كهذا، أو نرهق أنفسنا في البحث عن كيفية إيجاد منافذ للمياه المحتمل تجمعها بكثرة، وبنفقات مهما كانت قليلة فهي في النهاية من قبيل صرف أمال المجموعة الوطنية في غير محلها، بعد أن أسيء استغلال المنطقة بكاملها، في الوقت الذي كانت كلفة حفر وبناء النفق تكفي لتغطية نفقات تهيئة المساحة مصدر المياه كلها عمرانيا. وبناء مساكن لمستحقيها من الفقراء والمحتاجين عليها. ولتأخذ المياه بذلك طريقها الى شبكة الصرف الصحي كغيرها من المياه المنحدرة وسط كل مناطق العمران الواقع تهيئتها عمرانيا . أليس ذلك هو المصرف الطبيعي والحقيقي للمياه مصدر الخطر ولأموال المجموعة الوطنية كذلك، حيث يحصل الربح وتدرأ الخسارة، وحيث يحصل النفع ويدفع الضرر، وحيث تتحقق المصالح وتدرأ في نفس الوقت كذلك المفاسد. لمثل هذه الإعتبارات نرى أن كل هذه المظاهر التي لا تتطلب من أحد العناء في البحث عنها، ولكن ذلك ما يراه ويشاهده كل عابر وكل مشاهد من كل الناس هنا وهناك من مظاهر الفساد المالي . ولم أورد ذلك إلا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.وإذا كانت الساحة العامة تشهد بكل هذه المظاهر للفساد المالي وسوء التصرف في المال العام واستغلال النفوذ، فكيف يمكن أن يكون الأمر والحال هذه، في ساحات ومواطن ومواقع أخرى، بعيدا عن الساحات الخارجية وعن أنظار الخاص والعام من الناس، وهم المتضررون بدرجة أولى من هذه السياسة في التصرف في المال العام. وهي مظاهر شاهدة على إهدار مئات الملايين من الدينارات. ولا يمكن أن يكون ذلك مجرد خطا أو سوء تصرف في بضع العشرات منها مما هو ممكن الحصول أحيانا. هذه هي حركة التنمية التي يصم المسؤولون من هنا وهناك آذاننا بالحديث عنها. وهذه هي بعض مصارف وإنفاق المال العام، وبهذا المستوى من سوء التصرف، وبهذه المظاهر التي لا يختلف اثنان على أنها من الشواهد الصارخة على الفساد المالي والإداري، يراد لبرامج التنمية أن تنجح. فحركة إفساد المال العام، ولو بهذا الحجم وفي هذا المستوى فقط، لا يمكن أن يصح الحديث فيها عن تنمية أو سياسة تنموية، ولو بالحدود الدنيا من أسباب النجاح. وإذا كان الفساد المالي بهذا المستوى من الظهور والإنتشار والكثرة في محيط ضيق جدا كالذي تمت الإشارة إليه، فكيف يمكن أن تكون في مستويات أكبر، وفي ساحات أرحب، وفي برامج أهم وأخطر؟ وكيف يستقيم الكلام عن المعجزة الإقتصادية التونسية التي تنفق أموال هائلة كذلك للترويج لها في واقع يعج بمثل هذه المظاهر فقط من إفساد المال العام؟  فأنا لا أرى من خلال ذلك إلا أن التنمية المتحدث عنها، ليست في جانب كبير منها إلا تنمية للأرصدة الخاصة، وتنمية للفساد المالي، وتوفير أكثر ما يمكن من الفرص لإهدار المال العام، في وقت تستفحل فيه الأزمات على كل صعيد، سواء في مستوى البطالة أو السكن أو البنية الأساسية، وآفات التصحر والإنجراف والإنجراد، ومشاكل نقص مياه الري واستصلاح الأراضي، والمشاريع الصناعية والتجارية والإقتصادية البديلة عن الفسفاط الآخذ في النفاذ والمتجهة مناجمه الى التوقف عن الإنتاج بفعل فساد طرق الإستغلال، ونفاذ المادة القابلة للإستخراج من بعض الأماكن تارة، واستحالة اللحاق بباقي المخزون لإرتفاع كلفة استخراجه تارة أخرى، في غياب خطة علمية محكمة لذلك. يحصل كل ذلك وسط لغط رسمي، وأبواق مأجورة يضاف الإنفاق عليها الى الفساد المالي، جادة في التضليل والتغطية على سياسة الفساد المالي والإداري والرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ،مشيدة بالمعجزة الإقتصادية في عالم يعاني من مصاعب اقتصادية ومالية كثيرة. فلا تنمية في جهات قاحلة ومساحات شاسعة صالحة للزراعة والرعي وتربية الماشية من غير برنامج جاد خاص لإحيائها، في أجواء من الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة، وتأكيد ثقافة الحق والواجب بين الناس ـ سواء ببحث جاد عن مصادر المياه فيها سطحية كانت أو عميقة، أو جلبها لها من أي مكان لبعث الحياة فيها، وتثبيت أصحابها عليها، لإحياء الأرض الموات، ولبعث مشاريع تنموية جادة، في أرض خصبة ومعطاء. وللتقليص من حجم البطالة على الأقل باتجاه إنهائها. ولتزويد السوق بمنتوج هي في أمس الحاجة إليه. ولنا في ذلك مثلا منطقة « السقي ».  ذلك السهل الخصب القاحل الممتد على امتداد مئات الأميال، ابتداء من سهول ولاية قابس مرورا بقبلي وانتهاء بقفصة. امتدادا جغرافيا سهلا واحدا، يتحقق به للوطن كله الإكتفاء الذاتي من الحبوب وحدها، في حال التوجه له الإصلاح والرعاية والتنمية. وتوفير مستلزمات النماء والحياة. إلا أن الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية بالبلاد لا تبعث على التفاؤل في الوقت الراهن. والمتأكد أن هذا المجهود التنموي الوهمي سيزداد ضعفا وانهيارا بتخلي الدولة عن ا لبرامج والمشاريع التنموية، واتباع نهج الخوصصة والتفويت في القطاع العام، ووضع عصب اقتصاد البلاد أما بيد الرأسمال الأجنبي وبشروطه التي عادة ما تكون معيقة للتنمية الوطنية،لاسيما وأنه لم يدخل بلادنا برغبة وطمع منه فينا، ولكن برغبة وطمع شديدين منا فيه، و بإلحاح شديد منا عليه مما أسال لعابه واشتد بذلك طمعه وألحت عليه رغبته. أو الرأسمال الوطني الذي مازال ـ إن وجد ـ ضعيفا، خاصة في ساحات المنافسة الإقتصادية العالمية التي لا نجاح فيها إلا لمن يستطيع الجمع بين الوفرة والجودة وقلة التكلفة، في ظل وضع سياسي وثقافي لم يتوفر فيه في أي يوم  من الأيام أي ظرف من الظروف المناسبة لأي شيء أن يتطور ويكتمل.وهو الذي في ظل ثقافة الإنتهازية والأنانية لا يستطيع أن يخدم البلاد، ولا أن يهتم بمستوى معيشة العباد، بقدر ما يتجه اهتمامه أولا و آخرا لخدمة مصالحه وتحقيق مآربه ومنافعه وأهدافه الشخصية دون أن يعني ذلك أنه ليس هناك وطنيين من أصحاب رؤوس الأموال ممن لا هم لهم مع هم هذا الوطن. لأنه لابد أن نتمثل الفرق بين الرأسمال الأجنبي الذي ـ و بالإستناد الى الثقافة البرجوازية الرأسمالية أوجد الدولة، وهو الذي أوجد هذه الأوضاع السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية، وبين الرأسمال الوطني الذي أوجدته. ونحن اليوم في الحقيقة في وضع بالغ الصعوبة والتعقيد، وليس أمامنا شئنا أم أبينا إلا أن نكون فيه وإلا فإننا سوف لا نكون.والذي لاشك فيه كذلك أنه لا يمكن أن نكون بالإستبداد وبالفساد المالي والإداري والأخلاقي والتبعية واستغلال النفوذ والذي لاشك فيه كذلك أنه لا يمكن أن نكون إلا بالحرية والديمقراطية والإستقلالية والوحدة الوطنية، والعدل والأخوة والمساواة وحقوق الإنسان.                                                                                                                                        نوفمبر: 2005                                                                                                  علي محمد شرطاني  

في مسالة الشرف والشرفاء ……..والحج والحجج ولطفي حجي …..ونشر الغسيل  وابو غسا……..لة

  بقلم سليم بوخذير  
 صحفي تونسي من غير سوابق    مااشبههم  ببعضهم ..كم هم متماثلون …كم هم نسخ متناسلة من بعضهم البعض ….*تقول * توائم يا صاحبي… نفس الشكل ونفس المضمون …حتى الثياب التي تغطيهم  هي نفسها .. الاسترة التي يتخفون  وراءها  عند الضرورة، ، وما ااكثر  ضرورة الاسترة عندهم ، هي واحدة ..حتى طريقة قدومهم اليك هي واحدة  …يتسربون  تسربا ……يزحفون  زحفا   لان الوقوف على اقدام امر لا يناسبهم …هو يتعبهم، لانهم لا يثقون اصلا في شيئ …حتى  في الارض ……يخشون  عندما يقفون  ان  تخسف بهم ،لانهم يعرفون  انهم  مذنبون  في  حقها  وغير اوفياء لدماء  الشهداء التي روتها  ،وانها غير راضية   فيخشون  ان اتهتز  بهم،   ولذلك هم  يزحفون   …  .ثم يتسللون  اليك  من الثقب الصغيرة … حتى ولو لم تمانع انت  في اان يدخلوا  البيوت من ابوابها …هم لا يعجبهم  ذلك …يحبون  دائما التسلل  ، لانهم اوفياء  الى دور اللصوص …ويحبون    كثيرا الثقب  والصغيرة  تحديدا ، لانهم صادقون  مع انفسهم في مسالة واحدة  وهي انهم  مقتنعون   بانهم   صغارا .. خلقوا لكي يكونوا صغارا  ويظلوا  صغارا  …تغريهم  قطع الجبن الصغيرة  مثلهم   من الكعكة الكبيرة   من حضرة  جناب  *العهد السعيد * و* نطحه الشديد *  ….ومن المستحيل ان  يعترفوا  او يظهروا لك  حقيقتهم   هذه .. ..فلا تسمعهم   يوما يشكرون لك السلطة التي نكلت بحقك  وحق المنظمة  التي تناضل في صلبها  في النشاط  والاستقلالية ، ،وان لزم  الامر قد تسمعهم  ينقدون لك  السلطة    لتصدقهم بعض الوقت ، ولكن وفي الوقت  المناسب  ، ودون سابق انذار ، يفاجئونك بانهم يشتمون ويحاربون كل  من يعارضها   اويحمل مشروعا مضادا لها …..يحاربون  بلا هوادة كل  من تناصبه هي   العداء  ، و يقولون لك ان هذ يحدث منهم  هكذا بالصدفة  وليس خدمة للسلطة لا  سمح  الله  وحاشا وكلا …  وحتى يصدقهم البلهاء  ، يرتدون  دائما رداء الاستقلالية …الاستقلالية عمن وممن تحديدا   وهل هي استقلالية ان استقالة من اداء الدور السليم  …تكتشف الاجابة عن هذا   بمرور الاحداث … واذا سالتهم  =  يا سادة  ان هذا  المشروع الذي تحاربون  لم تهاجمه غير السلطة …كل شريف  في الدنيا سانده ،يجيبونك ، بان المسالة …حدثت بالصدفة ..وان رايهم * المخالف * هذا  جاء ، وبالصدفة ،  متوافقا بالتمام والكمال …..و* كف وغرزة *  مع  موقف السلطات الكريمة … واذا  واجهتهم بان  هذه  التي هم بصدد اشعالها اسمها نار …وانهم انما يشعلونها  في توجهات مضادة لتسلط السلطة على المنظمة او الجمعية او النقابة التي  يدعون   الدفاع  معك عنها ،  يجيبونك مرددين =  * واش كان  عليك *…نحن المستقلون   نرى  اننا نحمي المنظمة بهذه الطريقة  ولا نقصد خدمة السلطة لا سمح الله ….نحن  مع المجتمع المدني والحرية  وحقوق الانسان ولكننا ضدك انت وضد حركة 18 اكتوبر في اطار حقنا في الاختلاف…) بالمناسبة هذا هو بالضبط  موقف راقصة بارعة  على طار *بوفلس * من هؤلاء في نقابة الصحافيين  التونسيين(   ..ويضيف اخرون من هولاء  في  ركن اخر ، بعد ان سمعوا بالتاييد الواسع جدا الذي لقيته حركة 18 اكتوبر ولمطالبها في الداخل والخارج وخشيوا ان يسقط عنهم القناع ويكشف بالتالي امر ولا ئهم الخفي  للعهد السعيد ونطحه الشديد ولكعكه المفيد ، اذا ما ااتخذوها هي تهمة للهجوم عليك، فيحورون  قليلا من التهمة ويقولون لك ما يلي = نحن لسنا  ضد مطالب حركة  المشروعة ،نحن ضد ان يشارك  فيها  رئيس نقابة الصحافيين وسندد بمشاركته تلك في كل مكان  ، واسمعوا وعوا …. وفي مكان اخر  تردد مجموعة  اخرى من هذا الرهط نفسه =  من قال لك اننا نحن المستقلون، مع استقلال القضاء  ومع قانون الاساسي   يضمن حرمة الفاضي ، ولكننا ضد احمد الرحموني  الذي يدافع عن  هذه المطالب جميعا … وفي ركن  اخر  يطلع لك  هؤلاء النمتناسخون من بعضهم البعض ليرددوا = نحن مع الرابطة  وتاريخيتها  ومع نبل نضالها  من اجل حقوق الانسان ..نحن مع  كل  هذا ولكنننا  ضد المختار الطريفي  في الراي  وضد رابطة تصدر بيانات كهذه ) يريدونها ان تصدر بيانات عن المخارق والزلابية بدل حقوق الانسان  حتى تعجبهم وتعجب من يحركهم  ( ،ويضيقون…  وهذا من صميم حقنا في الاختلاف… نحن *الشرفاء * الم  تسمع بنا…. )  يا هلا  يا ميت هلا بالشرفاء (….   …هكذا اذن ، وبعد ان  يحتلوا  بعض المقاعد الصغيرة الى جوارك ، يبدؤون شيئا فشيئا  ،  في افراغ السموم… ..ورمي السهام  …وزرع النار في كل شيء جميل  ….واطلاق البالونات  لصنع ضوضاء  على مقاس من ارسلوهم اليك منذ البداية ، اعني اولئك  الذين يتخفون هناك في اعالي ..الوزارات، والذين يرددون بعد  ان تتم  المهزلة …نفس الاكذوبة التي ملخصها =  *  لا دخل لنا في شيء …انها خلافات  داخلية  *..ثم يصمتون ، وفي اقصى الحالات يضيفون جملة واحدة هي= * المسالة من انظار القضاء ..ونحن لا دخل لنا  …*.   …..ما اشبه  السيناريوهات ببعضها .. ما اشبه الاساليب … وكم الحكاية  تتكرر الف مرة  ومرة  وبنفس الاطوار …نفس  االفقاقيع  ونفس الزحف  ونفس الاحتجاجات  وعلى أي شيئ ،وان اختلفت الاشكال…ونفس الثوب ونفس الصهوة التي يمتطونها في كل مرة … تحت اسم الديمقراطية وحق الاختلاف  وحق التعبير ، يناقشونك مثلا  في ان الحليب  لونه اسود وانت لا تعلم …او ان الديك  يبيض وانت لا  تفقه .. او  ان *عا الشيباني وسع *  هي اغنية  ذات مغزى كتبت ولحنت اساسا من اجل ان تنظم حركة االمرور   بالبلد  وانت لا تفهم …،  ثم حين تعترض  على رايهم بكل لطف …يطيرون فرحا  ..يزغردون في قرارة انفسهم  ويهللون خلف الاسترة في  اركانهم المظلمة ..ويرددون بينهم وبين بعضهم البعض ….=  اخيرا  نجحت الخطة  وتحققت  الغاية *النبيلة * التي ارسلونا  الى هنا  من اجلها. ..انها ببساطة  صناعة الخلاف  الذي بلا سبب  ….الخلاف الذي يحيكون معالمه  خطوة خطوة ، ثم يحين يتراءى لهم  انه  تحقق ….يبدؤون في صنع  ضوضاء له ..والهدف عندئذ  بالنسبة لهم  هو ليس  اساسا  صنع  ضوضاء للخلاف في  حد ذاته … هم اصلا غير مختلفين معك …  هم يعرفون حق المعرفة ان الحليب     لونه ابيض وان الدجاجة هي التي تبيض  وان  *عالشيباني وسع * هذه  ما هي  الا خزعبلة من الخزعبلات  التي لا تعني االخلزون في شيء …..ولكن  هدفهم  الاصلي من الضوضاء هو ان ينسى الناس اسمك واسم المنظمة التي يدعون النضال من  اجلها معك ….هدفهم ان لا يصير  لقضيتك أي ضوضاء  يزعج الاحمرة ذات الاذان الطويلة  التي تحركهم .. .فلا يصير على السنة المتابعين غير حكاية الخلاف  الذي بينك وبينهم ..وكيف انك  غير ديمقراطي  ولا تؤمن بحق االاختلاف .. وكيف ان الديمقراطيين  تركوك لانك  مستبد  ولم تمنحهم حق التعبير…  وحق الدفاع عن حق الديك في ان يبيض … وحق  الذود عن المعيز في ان  تطير .. وحق النضال من اجل حق  *عالشيباني وسع * في ان تدير حركة المرور بتونس …   وان لزم الامر تدخل صحافة  الداخل  على الخط وقتئذ ، فالمنظمة المحترمة التي  تناضل  انت ضمنها من اجل حق لهذا االشعب  المغلوب على امره …. وبعد ان كان  ذكر حتى  حرف من الحروف المكونة  لاسمها محرم  في كل الجرائد …تصير ، فجاة وبين عشية وضحاها ، متصد رة  للصفحات الاولى بها.. ..ولكن بعناوين غير التي تمنيتها يا صاحبي  …هذه الجريدة تكتب لنا  عن * الخلاف الحاد *.. وتلك تنقل و*بكل امانة*  اراء *الشرفاء *… .واخرى تتحدث  عن *المؤتمر الاستثنائي * وبيان* تصحيح المسار* …  وفي كل هذا طبعا تختفي أي وجهة نظر لحضرة جنابك الكريم .. تنسى كل الصحف حقك في ان  تنشرلك  ولو بضع دفاع  في االموضوع  الذي انت الطرف الاول والاخير فيه ..ومن تريده ان ينشر لك  يا ضاحبي وانت  ذلك الشرس المستبد غير الديمقراطي  الذي لا يعجبك العجب وتقصي الاراء الحرة … وتختفي طبعا  في نفس تلك المقالات، أي اشارة ايضا الى  اسم المحرك الاساسي ل *الشرفاء * الذين حاربوك ..يختفي اسم االقائد الاعلى للبيادق التي دخلت بيتك من الثقب ثم ارادت رميك انت من الباب وفي وضح النهار …طبعا لايذكرون  اسم االمحرك الاساسي  للمعركة ونعني السلطة *العزيزة * ،  وذلك لسبب بسيط وهو ان البلد ديمقراطي  والجمعيات والمنظمات  والنقابات مستقلة  وهذه *خلافات داخلية * لا دخل للسلطة  فيها اصلا .. بل وقد تكون لم تسمع بها اصلا …فالمسكينة   منشغلة بالتنمية  وليس لها وقت لتسمع …. …اه  كم من مؤامرة ترتكب  باسمك  يا حق الاختلاف …..وكم من مقصلة  تضرب بقوة باسمك  يا ديمقراطية … وكم من مذابح  تضرب عنق الشرف والشرفاء باسم الشرف والشرفاء … كم كرهت كلمة * ديمقراطية * و*حوار * وحق الاختلاف * و*شرف *  و*  شرفاء * ،  من فرط  ما افرغت من محتواها  لتكون  سيفا  مسلطا على الديمقراطيين والشرفاء الحقيقيين … هؤلاء الذين اعنيهم  من *الشرفاء * ظهروا في كل مكان جميل   اسسه الشرفاء الحقيقيون لهذا البلد …..هم ظهروا في االرابطة  وقبلها ظهروا في جمعية المحامين الشبان  ومنذ اشهر وهم يزرعون مخالبهم  النزقة  في جمعية  القضاة  الى ان اافتكوا مفاتيحها عنوة ، من دون ان يكون لوزارة العدل لا سمح الله أي  يد في الموضوع ….وقبلها ظهروا في  عديد نقابات ااتحاد الشغل ….  والاغرب  ان لهم رائحة  مميزة يشتركون فيها  في أي جمعية او نقابة او منظمة   يتوجهون  اليها …بامكانك  ان تشتم هذه االرائحة  جيدا في جلباب الاستقلالية الغامضة  الذي يرتدونه …، ولكن تشتمها ايضا  في جملة واحدة يرددونها  جميعا حيثما حلوا باي جمعية اومنظمة …*تقول عليهم * *قارينها *عند نفس المؤدب …انها الجملة الشهيرة التي  ملخصا * لا بد من  حماية المنظمة  من التسييس * …يكرهون التسيييس دون ان يفهموك ما الذي يعنونه  بالكلمة تحديدا ….يكرهون التسيييس ولا يكرهون  تسلط السلطة على الهيكل الذي  دخلوه معك  …يكرهون التسيييس الذي ضد السلطة ولا يكرهونه ااذا كان مكبرا مهللا لها …يكرهون التسيييس  وتحت يافطته يضعون  كل  هدف نبيل تناضل من اجله  …هؤلاء *الشرفاء *يرون مثلا  ان مطلب حرية  الاعلام بالنسبة للصحافيين تسيييس للنقابة ….ومطلب استقلالية القاضي و القضاء تسيييس لجمعية االقضاة .. ومطلب  حماية حرمة المحامي  من جور البوليس  وتسلط  الاحكام  والمحاكمات غير العادلة هو تسيييس لهيئة المحامين …ومطلب السماح بنشاط المنظمات والنقابات والجمعيات المحظورة هو تسيييس لنضال أي جمعية او منظمة …                                                *    *    *    * …..واخيرا ، بزغت   الانوار العجيبة  لهذا الرهط من  شرفاء اخر الزمان ، في نقابتنا نقابة الصحافيين  التونسييين ، فحللتم ااهلا ونزلتم سهلا  يا احلى من شافت عيوننا …وزارتنا البركة … ودوحي يا مباركة دوحي . ..بالله  عليك  يا مباركة ..   ….ونكتفي بها القدر من المقال ، لان ساعة نوم العبد الفقير لله قد حلت الان …واطمئنوا يا*شرفاء* النقابة ..حبري لم يجف ولكن هو ضغط النوم ليس الا الذي منعني من المروراليكم  الليلة بكل تفصيل … على اية حال  ساعود اليكم قريبا قريبا جدا  ولن اترككم  طويلا …  واطمئنوا لن اسميكم بالاسم …ساترككم تسمون انفسكم واحدا واحدا ، وتقولون = أي نعم نحن *شرفاء * النقابة…  ..ساترك مرافقكم هي التي تهمزكم  يا …………… ااطمئنوا ، لن اتاخر  عليكم كثيرا..   ساعود اليكم بعد….بعد الفاصل …. هل  هذا واضح …….يا جماعة.                                                                            * ليل تونس- في15 ديسمبر 2005


 

بن علي يسير على نفس النهج

 

كتبه حبيب أبو وليد المكني

 

شهدت تونس في الفترة الأخيرة حركية سياسية غير مسبوقة ضمن حدث إضراب الجوع الذي خاضه ثلة من قيادات المجتمع المدني و ما رافقه من تفاعلات إيجابية في مختلف جهات الجمهورية في حركة تضامن كبيرة برهنت على أن في تونس رجال يسمعون و يرون و أن حملات التضليل والتزمير التي ظل يرددها الإعلام الرسمي دون كلل أو ملل طي على مدى الخمسة عشر سنة الماضية لم تنطلي على النخب التونسية التواقة إلى غذ أفضل والمتشوفة للانبلاج فجر التغيير الحقيقي الذي تتفق فيه الشعارات مع الواقع المعاش.

 

لقد حسبت الجماعة المتنفذة في السلطة أن السياسة التي اتبعتها منذ انتخابات أفريل 1989 سوف تتكفل بالإجهاز على التقاليد النضالية التي تراكمت منذ ما قبل الاستقلال ، و أنها ستنجح في فرض الصمت على ما اقترفته من مظالم واعتداءات و جرائم . وقد هيأ لها خيالها أن ركوب الموجة العالمية المناهضة للخطر الأصولي بداية والإسراع بالانخراط في جبهة التصدى للإرهاب الدولي نهاية سوف يطلق يدها لتفعل ما تشاء بأحرار البلاد و عبيدها و تحصل فوق ذلك على دعم القوى الخارجية البعيدة و القريبة في أوروبا و أمريكا الشمالية.

 

و ليس عيبا أن نعترف أن هذه الجماعة المتنفذة في السلطة قد نجحت في فرض سلطانها على البلاد و العباد و تلقت الدعم الدولي دون حساب و أن المعارضة التونسية بمختلف ألوانها قد ارتكبت أخطاء جسيمة يدونها لم تكن هذه الجماعة لتحقق ما حققته و ليس هنا مجال التفصيل في هذه الأمور.

 

حسبنا اليوم أن نرى استفاقة ملحوظة قد حصلت و نأمل أن تنجح النخبة بها في استعادة ثقة الشعب فيها لتتوفر شروط انطلاق ملحمة جديدة من النضال يتحقق بها النصر على رموز الجهالة و الاستبداد و تدخل به بلادنا عهد الحرية والديمقراطية و يسترد فيها آلاف المكبوتين و المحاصرين و المسجونين و المغتربين حقوقهم و قد حصل ذلك في أقطار عدة شرقا و غربا و ليس هذا على تونسنا بعزيز.

 

ليست هذه أول مرة يخوض فيه التونسيون نضالا من أجل فرض الحريات و احترام الحقوق و إقامة دولة العدل والمؤسسات في الزمن الذي تصفه الجماعة المنتفعة بعهد التحول  ففد اندفع الإسلاميون منذ البداية في مواجهة شرسة مع السلطة لم تحقق الهدف منها رغم التضحيات الجسام التي لم تعرف بلادنا مثيلا لها في تاريخها الحديث  و دخلت جماعات يسارية في تحركات نقدرها حق قدرها لكنها أيضا لم تغير من النسق الذي  يعيشه شعبنا كثيرا و لو  أنها ستمثل بتراكمها الأساس الذي سيقوم عليه البناء اليوم   لكن الجديد هذه المرة هو هذا التوافق الذي حصل من أطراف مختلفة طالما ناصبت بعضها بعضا العداء لتبشر بإمكانية تأسيس عمل جبهوي مدروس يقوم على تبني جملة من المطالب الحيوية للتونسيين جميعا  تتلخص في فرض الحريات  العامة و الفردية و تسريح ما تبقى من مساجين سياسيين ورفع الحصار عن هيئات و منظمات المجتمع المدني وعليه فإننا لا نملك إلا أن نحيي ما أقدم عليه السيد محمد نجيب الشابي ورفاقه من تشكيل الهيئة التي ستتابع تحرك 18أكتوبر كما لا يسعنا إلا أن ندعو مختلف فصائل المعارضة و منظمات المجتمع المدني و كل أحرار تونس للالتفاف حول هذه الهيئة و مناصرتها قولا و عملا.

 

و لا شك أن الجماعة المنتفعة في السلطة من الوضع الراهن لن تتوقف عن حياكة المؤامرات و رسم الخطط التي تأمل بها أن تفرق ما اجتمع و تستعيد المبادة التي فقدتها باستحقاق هذه المرة  و لك أملنا في نضج القيادات المجتمعة وحرفيتها التي لا نجادل فيها.  

 

كما نعلم أن تاريخا طويلا من الأخطاء و الحسابات الضيقة و المشاحنات و الخلافات الشخصية و الو لاءات المغشوشة ومحاولات الانفراد بالساحة ، كما أن موروثا كاملا من ثقافة الاستبداد و سيطرة عقلية سوء الظن بالآخر و افتعال  إلا الصراعات الهامشية …كل هذا قد يجعل مهمة التجميع غاية في الصعوبة إلا أننا نطمئن للتصريحات التي أدلى بها عدد من أعضاء الهيئة و التي تؤكد أن الجميع قد استوعب دروس الماضي و لن يلدغ المؤمن من الجحر مرتين.

و لا بد أن القوم يعلمون أن الهدف الأول لنضالنا هو زحزحة هذا التوازن السياسي القائم في بلادنا ، ذلك التوازن اللعين الذي فرض على جيل الاستقلال أن بفشل إلى حد الآن في تحقيق جملة الأهداف التي قدم من أجلها التضحيات تلو التضحيات.

 

تلك هي الأرضية التي توافق عليها رجال حركة 18 أكتوبر أما ما يتعلق بالمناهج و الأشكال النضالية فلا نعتقد أنع من الصعب الاتفاق عليها إذ هي لا تخرج عن طبيعة مجتمعنا التونسي المسالم الرافض لكل تطرف و عنف و حروب أهلية  المناهض لكل تتدخل أجنبي بغيض الحريص على المحافظة على الاستقرار التي تنعم به بلاده في عالم اشتدت فيه الفتن و استأسدت فيه القوى الطامعة.

 

و لا يعيب المعارضة التونسية في شيء أن تعلن أن في بلادنا اليوم استقرار نريد له أن يتدعم بجعله مقاما على أسس ديمقراطية يحترم فيها المواطن و يقوم فيها الحاكم بدوره في حفظ الأمن و الدفاع عن البلاد و النهوض بها تنمويا وسياسيا و اجتماعيا …و في هذا الصدد يجدر بنا ألا ننسى أن هذا الاستقرار هو حصيلة ما يمكن أن نسميه توافقا غير معلن بين السلطة و المعارضة ، المعارضة و خاصة الإسلامية منها لأنها رغم تواصل مسلسل العنف و المحاصرة والتنكيل الذي سلط عليها ، لم تستجب لإغراءات اعتماد العنف المنظم كوسيلة للانتقام و التغيير و لا زالت تعبر عن استعدادها لطي صفحة الماضي و كان يمكن أن تلجأ إلى الرد على العنف بما يدخل للبلاد غي متاهة الفتنة و يعصف بالاستقرار الذي تتبجح به السلطة… سيما أن الوضع الإقليمي الذي كان سائدا في التسعينات من القرن الماضي كان مغريا. 

 

في هذا المجال، نعتي بذلك الحرب الأهلية التي أزهقت حوالي مائتي ألف من النفوس الغالية علن قلوبنا

إضافة إلى ما لا يحصى من الجرحى و المفقودين … كما يرجع فيه الفضل إلى معارضة الوطنية التي لنم تدع يوما للعنف رغم سياسة الاحتواء و المحاصرة و الإخصاء التي تمارسها الجماعة الإجرامية منذ الاستقلال … ثم بسبب طبيعة مجتمعنا التونسي المسالمة و في النهاية بسبب أن الدولة التونسية رغما عن كل شيء لم تستجب لدعوات الاستئصال و القتل المنظم و العشوائي و اقتراف المذابح و حفر المقابر الجماعية على النحو الذي عرفناه في أقطار عربية أخرى.

 

في بلادنا كذلك و خاصة إثر تحرك 18أكتوبر هامش ضيق من الحريات نربد له أن يتسع لمختلف الأطراف السياسية و الاجتماعية ليسمح لها بالتعبير عن نفسها في كنف الحرية و الديمقراطية و احترام القانون.

 

تلك هي بعض سمات الواقع الجديد التي تعيشه تونس ، إلا أن المتتبع للخطابات الثلات التي قرأها الرئيس التونسي أثناء و بعد حركة الإضراب المشار إلها يعجب من إصرار الجماعة على ترديد نفس الأفكار التي لا تعبر إلا على أفق ضيق أو خوف من المستقبل تغذيه الكوابيس التي تعيشها بفعل الجرائم التي ساهمت في اقترافها أو بسبب الأحلام المزعجة التي يراها الطغاة من مختلف المراتب وهم لا يمثلون في رأينا إلا جزء صغيرا من السلطة و إن علا صوته و قويت شوكته.

 

الخطاب الرسمي لا زال يردد الأفكار المكرورة في كل مناسبة تضطره فيها المعارضة إلى التعبير عن موقفه منها:

 

1-  حركة النهضة لا مكان لها في تونس و أنها خطر نجحنا في إبعاده و لعله يظن أن شرعيته في الحكم يستمدها من تحقيق هذا الجرم

2-  المعارضة الوطنية يجب أن تقنع بسياسة الديمقراطية قطرة قطرة فذلك ابتكار تونسي أصيل ، وعليها أن تكون مستعدة لإصدار بيانات التأييد و التهليل لكال تصريح يدلي به الزعيم الملهم و إلا فهي تفتقر للوطنية الصادقة و تستقوي بالأجنبي فتخون بلادنا و تستعدي عله القوى المتربصة و حتى تكتمل صورة التذكارية المترجمة عن الحماس.

و الوطني هناك حديث عن رفض التدخل الأجنبي و التذكير بالقرار المستقل و رفض تلقي الدروس و لا حاجة بنا إلى نقد هذا الخطاب الذي لا يستند إلى ارض الواقع.

3-  أن التنمية الاقتصادية و الاجتماعية لها الأولوية المطلقة على التسرع في الإصلاحات السياسية ..و هذه شعارات قديمة ورفعت في مختلف الديكتاتوريات التي صارت اليوم أثر بعد عين و دفنت في مقابر التاريخ التنمية قبل الديمقراطية هي اللافتة التي وقعت باسمها الحملات الهمجية التي لم تعرف البلاد لها مثيلا في تاريخها المعاصر.

 

أما الإجراءات المتخذة للاستجابة لمطالب الشعب فإنها تتلخص في:

* تكليف أحد الأسماء بالتحاور مع المعارضة لإضاعة الوقت و الالتفاف على تلك المطالب مع اعلان قرار الدعم السخي للأحزاب معارضة الديكور زيادة في تشليكها والتهوين من شأنها حتى يذهب في ظن المواطن أن المعارضة لاتعارض إلا للحصول على بعض فتات موائد السلطان.

* تسخين الدفوف و الطبول للتهليل و التزمير و الترويج لنجاحات السلطة و التنزيه بالمكاسب التي تحققت بفضل المزايا الفريدة التي يتمتع بها صانع التغيير الملهم و في مقدمتها الحكمة و بعد النظر وحسن التدبير وهي نفس المزايا التي كان يتمتع بها سلفه.

* أما النغمة الجديدة التي تزايد بها الجماعة المتنفذة على المعارضة فهي  إثارة روح مقاومة الاستعمار الفرنسي والتذكير بأن تونس قد استقلت و هذه لن تنطلي لأنها تتزامن مع اعتماد سياسة التطبيع مع الصهاينة و هذه لوحدها كافية لكشف نفاق الجماعة المتحكمة في رقاب التونسيين.

 

أدرك جيدا أن بعض ما جاء في هذا المقال لن يعجب السلطة التي لن ترض بأقل من الولاء المطلق و التزلف مثلما أنها لن تروق لبعض فصائل المعارضة التي ما زالت تعتقد أن المعارضة هي إلقاء الخطب النارية و اعتماد لغة التصعيد والوعيد علما بأننا قد جربنا هذه الأساليب نصف قرن من الزمان و لم نحقق بها ما نربد.

 

حبيب أبو وليد المكني 

benalim@yahoo.fr

 

(المصدر: قائمة مراسلات 18 أكتوبر بتاريخ 15 ديسمبر 2005)


وجهة نظر إقتصادية

تونس: الدين الخارجي استنزاف للاقتصاد

فتحي الشامخي (*)    

 

خلال ربع القرن الاخير، قام المجتمع التونسي بمجهود كبير بغية زيادة انتاجه. فقد تضاعف الناتج القومي الخام 2.6 مرات، اذ ارتفع من 8.5 بليون دولار سنة 1980 الى 22.4 بليون سنة 2003.

 

غير ان قسماً لا يستهان به من هذه الثروة قد تحول بواسطة الدين الى جهات خارجية مقتدرة. فقد قامت تونس بتسديد مبلغ 28.5 بليون دولار لخدمة الدين، وهذا يمثل اكثر من ثمانية اضعاف قيمة الدين الاساسية سنة 1980(1).

 

الا ان مجهود التسديد لم يسمح بتخفيف عبء الدين، بل على العكس، فقد زاد من 13.5 الى 16.5 بليون دولار ما بين 1980 و2003 (أي انه ضرب بأكثر من 4.5). اضافة الى ذلك، فقد زاد الدين أسرع من الناتج القومي. والأسوأ من ذلك ايضاً انه خلال هذه الفترة كان رصيد التحويلات الصافية لرساميل القروض المتوسطة والطويلة الأجل سلبياً(2). بمعنى آخر، صرفت تونس لقاء تسديد الديون اكثر مما قبضت من القروض الجديدة أي انها أصبحت مصدرة لرؤوس الاموال.

 

وهكذا، فإن تونس لم تستفد اطلاقاً خلال السنين الخمس والعشرين المنصرمة، من أي مدخول لرساميل القروض كي تتمكن من تمويل نموها. اذ ان الـ27 بليون دولار التي استلمتها بشكل قروض، لم تكن كافية حتى لتغطية خدمة الدين التي بلغت 28.5 بليون دولار! لا شك اذاً في ان الدين الخارجي يعمل كطريقة لنزيف الثروات، وليس كمصدر لتمويل «العجز الهيكلي» للاقتصاد المحلي. فإن آلية الدين بالطريقة هذه، تكون قد شجعت على تراكم بعض العجز من دون ان تؤدي اطلاقاً الى اطلاق الاقتصاد المحلي.

 

وبدلاً من ان تتحسن هذه الحالة، فقد ساءت بشكل ملحوظ منذ 1996، ما يعكس تفاقم الاجراءات النيو-ليبرالية تحت تأثير عقد الشراكة(3). وقد سمح هذا العقد بزيادة طفيفة في شد «زنبرك» الاقتصاد المحلي (ساحقاً في طريقه كل اشكال الحماية الاجتماعية)، رافعاً لذلك معدل نسبة النمو السنوية للناتج الداخلي الهام الى 4 في المئة خلال الفترة الاولى من اعادة الهيكلة النيو-ليبرالية (1987-1995) والى 5 في المئة خلال الفترة الحالية.

 

لكن هذا التحسن في النمو لم يخدم قط مصالح التنمية المحلية، اذ ارتفعت خدمة الدين، بين 1996 و2003، الى 12 بليون دولار. وفي الوقت ذاته، كانت التحويلات الصافية على الدين معدومة، وحتى سلبية بعض الشيء

 

من ناحية اخرى، تجاوز الاستثمار الخارجي المباشر 4 بلايين دولار. وتحول اكثر من ربع هذا المبلغ لشراء «القطع المختارة» بين الشركات الحكومية سابقاً، من طريق التخصيص: مصانع الاسمنت، شبكات الفنادق، المصارف، شركات التأمين… وهنا ايضاً لدينا مثال على الدور الحقيقي للاستثمارات الخارجية، التي تعمل بشكل مضخة شافطة للثروات اكثر منه محركاً للنمو الاقتصادي، بعكس ما تدعي الايديولوجية النيو-ليبرالية. فقد جنت الشركات العالمية هكذا ارباحاً تفوق الثلاثة بلايين دولار. على سبيل المقاربة، في الفترة الزمنية نفسها، قام العمال التونسيون العاملون في الخارج بتحويل 7 بلايين دولار تقريباً، ما عدا المبالغ التي يتم تحويلها بواسطة قنوات غير رسمية. اضافة الى ذلك، على عكس الاستثمار الخارجي المباشر، فإن هذه التحويلات المالية الايجابية ليس لها حتمية التحويل الآلي نفسها للارباح، محفورة، في رموزها الجينية، اذ انها اساسية لمعيشة الشعب محلياً، وتخدم النمو المحلي بشكل كامل. وما النسب الرئيسة للدين الا شواهد على التطور الكارثي للدين على اقتصاد تونس: فقد ارتفعت نسبة خدمة الدين الى الناتج القومي الخام من 41.6 في المئة سنة 1980 الى 61.3 في المئة في 1966، ثم الى 74 في المئة سنة 2003. اما نسبة هذه الخدمة الى صادرات البضائع والخدمات فقد ارتفعت من 96 في المئة الى 127 في المئة ثم الى 139 في المئة في السنوات نفسها.

 

اخيراً، ولمواجهة هذه الضغوطات المالية التي يمثلها الدين، تلجأ السلطات التونسية، بايعاز من الهيئات المالية العالمية، وبشكل مكثف، الى انواع الاقتراض الاكثر حفظاً من الناحية السياسية والاكثر كلفة على الصعيد المالي. وهنا ايضاً، نجد ان الدواء النيو-ليبرالي يزيد الداء تفاقماً.

 

ان تطور القروض المعقودة مع المنظمات المتعددة الجهات، وخصوصاً البنك الدولي، يدل بشكل واضح على هذا الاتجاه، اذ ان هذه القروض هي مقرونة بشروط صارمة فيما يخص السياسية الاقتصادية وهي ايضاً، في اكثر الاحيان، «قليلة الكرم» فيما يخص التكلفة المالية. فخلال المرحلة الاولى من اعادة الهيكلة، قفزت حصة القروض المتعددة الجهات ضمن الدين العـــــام بشكــل لافت، من 19 الى 40 في المئة من مجموع الديون الخارجية لتونس(4). وبعد 1996، وإن بقيت المنظمات المتعددة الجهات المانح الرئيس، الا ان حصتها تراجعت قليلاً لمصلحة «مفترس» جديد، ليس اقل خطورة من الاول: الاسواق المالية، التي زادت حصتها من 20 في المئة في 1996 الى نحو 38 في المئة في 2003. ان هذه القروض الخاصة معقودة بغالبية في السوق المحلية اليابانية وبشكل ثانوي في السوق الاميركية. ولا حاجة هنا الى التذكير بأن هذا النوع من القروض له قاعدة واحدة: البحث عن اكبر مردود مالي خلال اقصر مهلة ممكنة.

 

على سبيل المثال، فإن معدل الفائدة على القروض الممنوحة من الدائنين الرسميين قد بلغ 3.2 في المئة سنة 2002، بينما بلغ معدل الفائدة على القروض الممنوحة في القطاع الخاص 7 في المئة.

 

اضافة الى ذلك، فإن الفوائد التي تطبق على القروض الخاصة هي قابلة للتغيير، أي انها تتبع متغيرات المضاربات المالية في مختلف البورصات. وهنا ايضاً، نرى ان تونس لا تسيطر اطلاقاً على الدين.

 

اما القروض القصيرة الاجل، التي هي بحق صمام الامان لنهايات الموازنات الحكومية الصعبة فإن حصتها ضمن الدين الاجمالي تتبدل بحسب الظروف. كما ان اسعار النفط الخام المرتفعة حالياً تشكل ضغوطاً قوية على المالية العامة. وهذا يؤدي بشكل متصاعد الى اللجوء الى القروض القصيرة الاجل، التي بدورها تثقل كاهل خدمة الدين.

 

ان التجربة التونسية تبرهن بشكل واضح ان الدين يشكل عائقاً رئيساً في وجه التطلع المشروع للشعب التونسي الى حياة افضل، التي بدورها تمر بسد حاجاته الاساسية على اكمل وجه. مع العلم ان تونس تملك عدداً لا يستهان به من الميزات اهمها شعب شاب ومتعلم، ونمو سكاني مسيطر عليه، وزراعة متنوعة ونشيطة، ونسيج من الشركات الصغيرة والمتوسطة النشيطة، ومنـــاخ ممتع مع موقع جغــرافي جيد، وبنوع خاص تطلع شعبي قوي الــى التقدم والحداثة. الا انه، وبعد مرور خمسين عاماً على استقلالها، علينا التسليم بأن تونس لم تفلح في الافادة من ميزاتها المتنوعة. وهناك ما هو اسوأ من ذلك، اذ ان الشباب التونسي يدير ظهره اكثر فأكثر للبلد، ويسعى بشتى الوسائل الى بناء مستقبل في مكان آخر.

 

علينا اذاً، وبدون تأخير، ان ندخل مسالة الغاء الدين في البرنامج الاساسي للحركة الديموقراطية والاجتماعية. ان هذا المطلب هو في غاية الشرعية. اضافة الى ذلك، انه شرط لا بد من تحقيقه في سبيل سد الاحتياجات الاجتماعية الضخمة للشعب، ورفع العبء الذي يثقل حركة التنمية في تونس.

 

ان اعطاء دفع محلي لحركة المطالبة بالغاء الدين له اهمية قصوى، وذلك نظراً للاضرار الاقتصادية والاجتماعية التي يتسبب فيها.

 

(*) أستاذ في جامعة منوبة – تونس

 

الحواشي

 

1– الارقام الواردة في هذا المقال مأخوذة عن Global Development Finance وWorld Development Indicators التابعين لموقع البنك الدولي على الانترنت www.worldbank.org

 

2- «التحويل الصافي» على الدين هو الفارق بين خدمة الدين (التسديد السنوي – الفائدة مع الرأسمال – للبلدان الصناعية) والمبالغ التي يحصل عليها بشكل هبات وقروض جديدة في الفترة نفسها. وهذا التحويل الصافي يكون ايجابياً عندما يكون البلد قد استلم اكثر مما سدد ازاء خدمة الدين. ويكون سلبياً اذا كانت المبالغ المدفوعة اكبر من المبالغ التي تدخل البلد.

 

3- وقعت تونس في 17 تموز 1995 في بروكسيل، اول عقد اوروبي – متوسطي للتبادل الحر (عقد الشراكة) مع الاتحاد الاوروبي. وبعد بضعة اشهر، في الاول من كانون الثاني 1996، بدأت تونس بتطبيقه، في حين انه لم يدخل حيز التنفيذ من الجانب الاوروبي الا ابتداء من آذار 1998.

 

4- اهم الجهات المانحة لتونس هي البنك الدولي (15 في المئة من اجمالي الدين) والبنك الافريقي للتنمية (14 في المئة) والبــنك الاوروبي للاستثمار (نحو 5 في المئة).

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 16 ديسمبر 2005)

 


خميس الشماري للموقف:

نقاشات واسعة أفضت إلى بعث هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات

شهد الاجتماع الختامي والتقييمي للهيئة الوطنية لمساندة الإضراب عن الطعام من اجل الحقوق والحريات نقاشا ثريا، وجدلا واسعا حول المهام المطروحة على الأطراف التي ساندت تحرك 18 أكتوبر. و انتهت النقاشات بين الاطراف الوطنية والجهوية إلى بعث هيئة جديدة تضم مختلف الحساسيات وممثلي الجمعيات والشخصيات المستقلة. للإطلاع على مجمل خلفيات هذا النقاش اتصلنا بالسيد خميس الشماري الذي ترأس النقاش في جلستين فكان هذا الحوار.   كيف كانت ظروف الجلسة الختامية للهيئة الوطنية لمساندة الإضراب عن الطعام ؟   تقررت الجلسة التقييمة لمهام الهيئة الوطنية للمساندة من اجل الحقوق والحريات في البداية في مقر الرابطة وبدعوة من رئيسها. ولكن قرار السلطة بمنع هذا الاجتماع جعلنا نختار مقر التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات لجلسة أولى أفضت بعد نقاشات مطولة إلى عقد جلسة ثانية بعد الظهر في مقر الحزب الديمقراطي التقدمي.   وكان الحضور في الجلستين كثيفا وشهد نقاشا مطولا بين المشاركين من العاصمة والجهات التي كانت ممثلة بقوة.   ما هي أهم محاور الجلسة التقييمة وكيف كان النقاش ؟   بالنسبة لجلسة الصباح ألقت الأخت سناء بن عاشور تقريرا تقييميا حول تحرك 18 أكتوبر تم إعداده من قبل لجنة مضيقة تكونت من ستة أعضاء. وأثار هذا التقرير نقاشا ايجابيا حيث نوه كل المتدخلين بمحتواه وبالمساهمة الفعالة للأخت سناء بن عاشور خلال 32 يوما من الإضراب و في الفترة التي تلته. كما قدم الأستاذ العياشي الهمامي تقريرا ثانيا باسم المضربين نوهوا فيه بكل من ساندهم معتزين بالنتائج التي تحققت من تحركهم. وخلال النقاش أعطيت الأولوية لممثلي الجهات فكان النقاش جديا و جدليا حيث تبين أن هناك تصورين. الأول يعتقد بان التحرك الذي حصل له ايجابيات وحقق مكاسب ولكن يجب ترك الأولوية للأحزاب والجمعيات حتى تقوم بدورها مع ضرورة انهاء دور الهيئة الوطنيّة.   والرأي الثاني والذي ساندة جل الحاضرين وخاصة من الجهات فيرى ان التحرك صنع تعبئة كبيرة وحقق صدى واسعا، وان الزخم الذي تحقق من خلال التحرك يجب أن يتواصل مع التأكيد على وحدة الصف. وأكد أصحاب الرأي الثاني على تفعيل التحرك في اتجاهين أولا العمل الميداني بابتكار صياغة جديدة في التحرّك بصفة سلمية وبجراة حول المطالب الثلاثة المرفوعة. والثاني بعث فضاء للحوار الفكري والسياسي حول قضايا أساسيّة لها أهمية بالنسبة للقوى السياسية ولممثلي المجتمع المدني. وأشارت جل المداخلات إلى ضرورة مواصلة الحوار بين مكونات المجتمع حول مختلف القضايا بما يمكن من فتح ى إمكانية الوصول إلى عقد سياسي فيه ضمانات مجتمع الديمقراطي و كل ظروف ممارسة المواطنة في اطار دولة القانون والتعددية.   ما هي أهم النتائج العملية لهذا الحوار ؟   بعد نقاشات الظهر التي كانت مهمة رغم تغيب بعض الوجوه انحصر النقاش حول وفاق بين الحاضرين حول عديد الأفكار الأساسية نجملها فيما يلي:     اعتبار أهداف تحرك 18 أكتوبر القاعدة الدنيا للتحركات المستقبلية     ضرورة ابتكار صيغ وطرق جديدة في التحركات السلميّة والجماعية     ضرورة بعث علاقات ثابتة ومرنة مع الهيئات الجهوية التي تكونت بمناسبة الإضراب     بعث منتدى للحوار حول قضايا جوهرية تتعلق بالمطالب الثلاثة التي رفعها المضربون وألتف حولها المجتمع يكون هدفها تقليص الهوة بين مكونات المجتمع للوصول إلى عهد ديمقراطي     قدم المضربون قائمة أولى في أسماء تمثل مختلف الحساسيات والاحزاب السياسية التي انصهرت في التحرك والتي قبلت المواصلة وشخصيات مستقلة اتفقوا جميعا على بعث هيئة 18 أكتوبر من اجل الحقوق والحريات. وهذا ما تم خلال جلستين تاليتين يومي الاثنين والثلاثاء.   حاوره فوراتي   (المصدر: موقع pdpinfo نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 338 بتاريخ 9 ديسمبر 2005)

السّلطة في تونس تكذب على رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم

 

خميس بن علي الماجري

 

بيّن الكتاب العزيز الأمراض والأخطار الّتي تصيب العلماء في الأديان السّابقة وهي لاشكّ يمكن أن تصيب كلّ عالم  من العلماء والنّخبة المثقّفة بعدهم  .ولقد علّق أئمّة الإسلام رحمهم الله تعالى  وهم يفسّرون الآيات المتعلّقة بآنحراف علماء أهل الكتاب فقالوا بوجوب تنزّل تلك الأحكام على المسلمين ولو أنّ تلك النّصوص متعلّقة في الأصل بأهل الكتاب عملا بالقواعد المقرّرة في علم الأصول والّتي منها شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ ونصّوا على إعتبار عموم اللّفظ في كلّ آية دون خصوص السّبب .

قال الإمام الدّهلوي رحمه الله : … وبالجملة فإذا قرأت القرآن فلا تحسب أنّ المخاصمة كانت مع قوم إنقرضوا ، بل الواقع أنّه ما من بلاء كان فيما سبق من الزّمان إلاّ وهو موجود اليوم بطريق الأنموذج بحكم الحديث لتتبّعنّ سنن من قبلكم  . ص 26 الفوز الكبير .وقال إبن القيّم رحمه الله بعد ذكره لهذا الحديث النّبويّ الشّريف  : فأخبر أنّه لا بدّ أن يكون في هذه الأمّة من يتشبّه باليهود والنّصارى وبفارس والرّوم وظهور هذا الشّبه في الطّوائف ، إنّما يعرفه من عرف الحقّ وضدّه ، وعرف الواجب والواقع وطابق بين هذا وهذا ، ووازن بين ما عليه النّاس اليوم وبين ما كان عليه السّلف الصّالح . مسالة السّماع ص 350 .

 وهذه بعض النّماذج الّتي ذهب فيها أهل العلم انّ ما نزل على من قبلنا لنا منه نصيب .

قال الإمام إبن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى  وإذ أخذ الله ميثاق الّذين أوتوا الكتاب لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه . آل عمران 187. :  » هذا توبيخ من الله وتهديد لأهل الكتاب الذين أخذ الله عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا بمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وأن ينوهوا بذكره في الناس فيكونوا على أهبة من أمره فإذا أرسله الله تابعوه فكتموا ذلك وتعوضوا عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيف والحظ الدنيوي السخيف فبئس الصفقة صفقتهم وبئس البيعة بيعتهم » . ثمّ قال بعد ذلك  » وفي هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم ويسلك بهم مسلكهم فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتموا منه شيئا فقد ورد في الحديث المروي من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال  » من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار »

وقال في قوله تعالى : إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للنّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون  البقرة 159  . وقال رحمه الله تعالى:  » …هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدى النافع للقلوب من بعد ما بينه الله تعالى لعباده في كتبه التي أنزلها على رسله . ثم أخبر أنهم يلعنهم كل شيء على صنيعهم ذلك فكما أن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحوت في الماء والطير في الهواء فهؤلاء بخلاف العلماء فيلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون وقد ورد في الحديث المسند من طرائق يشد بعضها بعضا عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال  » من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار  » والذي في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدا شيئا » إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى » الآية .

وقال سيّد قطب رحمه الله تعالى في بيان الآية  » أهل الكتاب يعرفون مما بين أيديهم من الكتاب مدى ما في رسالة محمد – صلى الله عليه وسلم- من حق، ومدى ما في الأوامر التي يبلغها من صدق، ومع هذا يكتمون هذا الذي بينه الله لهم في الكتاب » ثمّ قال :  » فهم وأمثالهم في أي زمان، ممن يكتمون الحق الذي أنزله الله، لسبب من أسباب الكتمان الكثيرة، ممن يراهم الناس في شتى الأزمنة وشتى الأمكنة، يسكتون عن الحق وهم يعرفونه، ويكتمون الأقوال التي تقرره وهم على يقين منها، ويجتنبون آيات في كتاب الله لا يبرزونها بل يسكتون عنها ويخفونها لينحوا الحقيقة التي تحملها هذه الآيات ويخفوها بعيدا عن سمع الناس وحسهم، لغرض من أغراض هذه الدنيا.. الأمر الذي نشهده في مواقف كثيرة، وبصدد حقائق من حقائق هذا الدين كثيرة.. ﴿ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾.. كأنما تحولوا إلى ملعنة، ينصب عليها اللعن من كل مصدر، ويتوجه إليها – بعد الله – من كل لاعن!

وقال الشّيخ السّعدي رحمه اللّه تعالى في تفسيره للآية  هذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب, وما كتموا من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته, فإنّ حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله { مِنَ الْبَيِّنَاتِ } الدالات على الحق المظهرات له، { وَالْهُدَى } وهو العلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم, ويتبين به طريق أهل النعيم, من طريق أهل الجحيم، فإن الله أخذ الميثاق على أهل العلم, بأن يبينوا الناس ما منّ الله به عليهم من علم الكتاب ولا يكتموه، فمن نبذ ذلك وجمع بين المفسدتين, كتم ما أنزل الله, والغش لعباد الله، فأولئك { يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ } أي: يبعدهم ويطردهم عن قربه ورحمته…..

وهكذا أخي القارئ ما أريد أن اطيل عليك . فإنّ أهل العلم مجمعون على أنّ ما نزل القرآن إلاّ للهداية والبيان وما نزل على غيرنا إنّما المراد منه أن تستفيد الأمّة الخاتمة الشّاهدة .. ولكلّ سلطة علماء تختبئ وراءهم .وتتترّس بهم ،  وهؤلاء العلماء  يعرفون الحقّ أكثر من معرفتهم أبناءهم ولكنّهم يتعمّدون كتمانه قال تعالى الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 146 البقرة

وبيّن سبحانه أنّ سبب كتمانهم حبّهم للدّنيا فباعوا الحقّ بالمال والجاه .فقال : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم  174 البقرة . فتوعّدهم بالنّار الأليم  وعدم كلامهم . ولا يكفي أنّهم يعلمون الحقّ ثمّ يكتمونه بل يتطوّر بهم الحال أن يكذبوا على اللّه تعالى فيكتبون أمورا من عندهم تبعا لتحقيق مصالح مشتركة بينهم وبين سيّدهم وليّ أمرهم ونعمتهم  ثمّ  يصبحون في خطوة متقدّمة أن تجعلهم السّلطة سياجها للدّفاع عنها حيث يصبحون مؤسّسة الصّدّ عن سبيل الله عزّ وجلّ فتقدّمهم السّلطة للنّيل من المسلمين الّذين يصلحون ولا يفسدون . قال تعالى : يا أيّها الّذين آمنوا إنّ كثيرا من الأحبار والرّهبان ليأكلون أموال النّاس بالباطل ويصدّون عن سبيل اللّه والّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل اللّه فبشّرهم بعذاب أليم . 34 التّوبة 

وللسّلطة في تونس كما تدّعي علماء لا نعرفهم ولذلك لمّا خرّجت ما يسمّى وزارة الشّؤون الدّينيّة كتابا يتعلّق بالحجّ لم تذكر إسم واحد منهم لخوفها من العلماء إبتداء ولعدم ثقتها فيهم ،أولربّما لعدم وجودهم أصلا ،  ولذلك لا تعمل على إبرازهم إلاّ للدّيكور في مناسبتين إثنتين فقط في إفتتاح دورات مجلس النّوّاب أو كلمة المفتي لبيان توقيت دخول رمضان أو خروجه عملا بالحساب طبعا لأنّ سلطة تونس تعمل في تحديد المناسبات الدّينيّة بالحساب وتستأنس بالرّؤية . والمفتي بدوره تحت المراقبة المستمرّة داخل البلاد وخارجها خاصّة بعد تدخّله المباشر بعد تجرّؤ الشّرفي على إهانة الإسلام  . وقصّة إقالة أستاذنا الشّيخ المختار السّلاّمي  معروفة جدّا . وواللّه لقد حكى لي شيخنا محمّد الصّالح النّيفر رحمه الله تعالى أنّ بورقيبة أرسله كرئيس وفد حجيج تونس في سنة1962 تقريبا ، ثمّ لمّا رجع ووصل إلى المطار خضع لعمليّة تفتيش .

 

 لا يختلف إثنان ولو كانا مجنونين أنّ سلطة 7 نوفمبر لم تفلح إلاّ في الفساد والإفساد وغطّت ذلك كلّه بالدّيكور والتّزييف وآنظر إلى أحوال المجتمع التّونسي وما آل إليه من تيه وضياع وضنك : أوكار الزّنا والقمار والمخدّرات والجريمة والإغتصاب وبدأت ظاهرة الانتحار تنتشر فضلا عن انتشار الشّعوذة والسّحر وكثرة الطّلاق وهروب الصّبايا مع العجّز  والمواقع الإباحيّة في الانترنت دون غيرها تجدها دون مراقبة ولا تنس البذاءة  والتّطاول على اللّه تعالى هذا فضلا على غلاء المعيشة والفقر والرّشوة والمحسوبيّة وغلبة البوليس وعقوبة الوليّ بالسّجن أذا أدّب أبنته وووو، بخلاصة لمّا تنحّت الصّحوة في البلاد رتع فيها الفساد !والله المستعان  .لقد كانت الحركة الاسلاميّة ولله الحمد صمّام الأمان لشعبها وللبلاد والجميع يشهد لها بذلك ز فلله الحمد وحده .

ويخطئ من يعتقد أنّ اليسار وحده هو وراء خطّة تجفيف منابع التّديّن . وإنّي أذكر فيما أذكر أنّ الأستاذ الهاشمي الجمني أجرى حوارا مع الجنرال إبن علي في أحد  أعداد  صحيفة الأيّام التّونسيّة قال فيه إنّه سيقوم بإنجاز نوعيّ في مكافحة الأصوليّة يصبح مرجعيّة ومثلا عالميّا . 

 

إنّ أخطر شيء على الأمّة تزييف دينها  . ويأتي هذا التّزييف من جهتين من حاكم أوعالم أو منهما جميعا . وإنّ من أبرز الغباوات التي أوقعت السّطة فيها نفسها أنّها أقحمت الإسلام في الصّراع السياسيّ المرير الدّائر بينها وبين حركة النّهضة  فذهبت تحرّف الدّين ونكّلت بالمتديّنين و صنّعته حتّى صار مصدر ثروة وإبتزاز لتحمي به مشروعها الأمني الفاسد ويقولون كذبا وزورا هذا هو الدّين وهذه هي الشّريعة . قال تعالى فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ  79 البقرة .

  وممّا يدلّ على ذلك ما جاء في كتاب وزارة الشّؤون الدّينيّة التّونسيّة حيث زعمت السّلطة أنّها دراسة مرجعيّة أنجزها نخبة من العلماء وممّا جاء في هذا الدّليل :

وأنواع الإحرام ثلاثة، هي : أ- الإفراد : وهو الإحرام بالحجّ وحده، إذ يؤدي الحاجّ حجّه أوّلا ثمّ يحرم بالعمرة بعد الفراغ من أعمال الحجّ، وهو الأفضل عند المالكية ولا هدْي فيه، وبه حجّ النبيّ عليه الصلاة والسّلام، وهو المختار بالنسبة إلى الحجيج التونسيين  .

وهذا كذب رسميّ واضح من مؤسّسة دينيّة في زعمهم أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حجّ بالإفراد وهذا مخالف لما عند الأمة كلّها المجمعة لما ثبت لديها أنّ حجّته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كانت قرانا وقد كانت الوحيدة في السّنة العاشرة من الهجرة  وقال فيها  صلّى اللّه عليه وآله وسلّم « لو انّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة  »

أخرج مسلم عن جابر بن عبد اللّه في حديث مفصّل انّه قال: لسنا ننوي إلاّ الحجّ، لسنا نعرف العمرة، حتّى إذا أتينا البيت معه استلم الركن ـ إلى أن يقول: ـ حتّى إذا كان آخر طوافه (أي النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على المروة، فقال: «لو انّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليُحلّ وليجعلها عمرة» فقام سراقة بن مالك بن جُعشم فقال: يا رسول اللّه، ألعامنا أم لأبد؟ فشبّك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أصابعه واحدة في الأُخرى، فقال: «دخلت العمرة في الحج مرتين: لا، بل لأبد أبد… » صحيح مسلم:4/40، باب حجة النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ .

 »و أخرج مسلم عن عطاء، قال: حدّثني جابر بن عبد اللّه الأنصاري انّه حجّ مع رسول اللّه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عامَ ساق الهدي معه، وقد أهلُّوا بالحجّ مفرداً، فقال رسول اللّه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أحلُّوا من إحرامكم فطوفوا بالبيت و بين الصفا والمروة وقصّروا وأقيموا حلالاً، حتّى إذا كان يوم التروية فأهلّوا بالحجّ، واجعلوا التي قدمتم بها متعة» قالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمّينا الحج؟ قال: «افعلوا ما آمركم به فانّـي لولا أنّي سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به ولكن لا يحلّ منّي حرام حتّى يبلغ الهدي محله، فافعلوا . » صحيح مسلم:4/37، باب وجوه الإحرام.

 فالنبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم  ساق الهدي، وكيف يكون قد حجّ بالافراد وقد ساق ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم  هديه ؟  ولذلك لمّا سأله الصحابة رضي الله عنهم عندما أمرهم بالتحلّل وبقي نفسه على إحرامه، نبّههم  صلَّى الله عليه وآله وسلَّم  بأنّه ساق الهدي ولكنّه لو وُفّق للحجّ في المستقبل لما ساق الهدي، وإلى ذلك يشير قوله: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سُقت الهدي. »

 

 

 بعد هذه النّصوص الصّارخة الوضوح في دلالة أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حجّ بالإفراد كيف تقول حكومة بخلاف ما عليه الأمة منذ عهده صلّى اللّه عليه وآله وسلّم . ولا أذكر أنّ بورقيبة سبق ابنه البار بهذه الشّنيعة !!!

أليس الإعتداء على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالكذب عليه دليل واضح على أنّ خطّة جنرال 7 نوفمبر ليس هو فقط محاربة الإسلاميّين بل يشمل كذلك ضرب الإسلام ذاته !!! لا داخل الوطن فحسب بل حتّى خارجه في أرض الحرمين المباركين !فما الحجّ والزّكاة  إلاّ  مصدري  ثروة ولذلك راح يزوّر الحجّ على التّونسيّين حتّى لا ينحروا الهدي وما يدريك أنّ ثمنه يدخل جيوب القصر عن طريق إفراد مؤسّسة زوجته بالحجّ وما منتزه قمرت إلاّ دليل  .

 أفليس الإفراد بالحجّ من أجل الإستفراد بثمن هدي الحجّ؟  أفليس هذا هو مصداق قول اللّه تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أليم 34 التّوبة .

 والمرء الّذي يزيّف الدّين ويكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو حبر وراهب بل هو جعل من نفسه ربّا من الأرباب الكثيرة والمتعدّدة في الأرض .

فهل هناك تزوير أعظم من هذا التّزوير ؟ فإذا كان مزوّر الإنتخابات الرّئاسيّة ب99،99 في المائة إرتكب كبيرة سياسيّة فالمزوّر في الدّين لبس رداء الحبريّة وجلباب الرّهبانيّة !وماذا يساوي التّزوير السّياسي أمام التّزوير الدّيني ؟ 

وكذلك تلك الفتوى من وزير الشّؤون الدّينيّة الأسبق الشّابي الذذي لا يقيم الصّلاة أصلا  و الّتي أفتى فيها بأحقّية السّلطة في الزّكاة ومدّها إلى صندوق 26 / 26  . وهذا يعدّ من إنجازات 7 نوفمبر: إغتصاب  أموال المسلمين بعنوان الزّكاة !!!

إنّ السّلطة في تونس بحكم إسلام البلاد والعباد ملزمة أن تكون خادمة له ومبصّرة به بل حاكمة به بحكم المادّة الأولى في الدّستور لا محاربة له فارضة على النّاس نوع العبادة الّتي يريدون . ومن ثمّ لا تعجب من قوانين الغاب قانون المساجد ، منشور  108..وغيرها  لا يفهم منها إلاّ إلزام النّاس بدين السّلطة :التّزييف للسّرقة والتّمعّش .

 

انّ  السّلطة في تونس تميّزت بمحاربة كلّ من لا يوافق فرض تصوّرها للإسلام وحصر ه في مؤسّساتها ، وهذا تحكّم مرفوض وقد رفض الإمام مالك رحمه الله تعالى أن تفرض السّلطة في ذلك الوقت  الموطّأ على الأمّة وآستجابت لذلك .

ومن هنا فإنّ أهل السّنّة يرفضون أن تحصر الفتيى أو فهم الإسلام في يد أحد أو سلطة ولو كان خليفة شرعيّا راشدا ، ولذلك  منعوا تحكّم الأمر السّياسي في كلّ حال .قال شيخ الإسلام رحمه اللّه تعالى من نصّب إماما فأوجب طاعته مطلقا إعتقادا أو حالا فقد ضلّ في ذلك . مجموع الفتاوى 19 / 69 .

ولقد مارست السّلطة بعد 7 نوفمبر1987 على البقيّة الباقية من أهل العلم المتحرّرين الّذين لم يخضعوا لشروطها  أبشع صور الإحتقار والإذلال .بل لقد كانت القطيعة منهم واضحة خاصّة لمّا دخل الشّرفي إلى الحكومة مثل الّذي فعله الشّيخ محمّد الشّادلي النّيفر رحمه الله كما صرّح لي أنّه قابل الجنرال أكثر من مرّة لعزل الشّرفي  .

هذا ولئن نجح  بعضهم إلى حين  في إقناع الشّيخ عبد الرّحمان خليف حفظه الله تعالى للدّخول في مجلس النّوّاب وكان كلّما تدخّل في مداولاتها إلاّ وردّت عليه مباشرة إمرأة . أمّا شيخنا محمّد الأخوة رحمه الله تعالى فقد أطردوه من كلّية الشّريعة وحاصروه ليلا نهارا وقد قال لي رحمه الله تعالى : إنّه حتّى  إذا دخل البحر للسّباحة دخلوا معه . بل لقد هدّد وزير الشؤون الدّينيّة وقتها المسمّى بالشّابّي أن يحاكم أعضاء هيئة تدريس جامع الزّيتونة وهم شيوخ كبار في السّنّ من مثل المشائخ عبد العزيز الزّغلامي حفظه الله والأخوة والنّيفر  إنهم لم يتوقّفوا عن التّدريس في الجامع الأعظم  وفروعه في تراب البلاد والّتي إنطلقت منذ الأيّام الأولى بعد السّابع من نوفمبر . ولكنّها لمّا رأت أنّ الأمر سينفلت من بين أيديهم خاصّة بعد العودة القويّة للشّباب والشّابات إلى العلم الشّرعي بلغ مستوى أن تخلّى أعداد كبيرة من الطّلبة والطّالبات من التّعليم الرّسمي من أجل الإلتحاق بالتّعليم الزّيتوني وفروعه في كامل تراب الوطن ، نكصوا على أعقابهم وعاقبوا المشائخ وحاصروهم أيّاما في بيوتهم حتّى إنتهت إنتفاضة طلبة الزّيتونة الّتي دامت أيّاما في شهر ديسمبر من عام 1990 وأودع الّذين أودع الكثير منهم ذكورا واناثا في سجون البلاد .

فهل ستعيد سلطة التّزوير والتّمعّش  من الإسلام ،  النّظر في هذا الكتاب الرّسمي وتصّحّحه كما فعلت مع أحد الكتب المدرسيّة عندما فطّنت جريدة الفجر الغرّاء شعبنا سنة 1989 أنّ وزارة الشّرفي وضعت في خريطة فلسطين إسم إسرائيل عوض فلسطين ، فأعادت الوزارة بأموال الشّعب طبع ملايين النّسخ لذلك الكتاب المدرسي . فهل ستصحّح السّلطة أم ستركب رأسها كعادتها ؟؟؟  ألا هل بلّغت ! اللّهمّ فآشهد !!!

 

خميس بن علي الماجري .

mejrikhemis@yahoo.fr


الدفاع عن المقدّس… مسؤولية الجميع

محمد علي خليفة

 

ما فتئت الدول الغربية التي تدّعي لنفسها التقدم في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات الأساسية تروّج من حين إلى آخر لقيم ومفاهيم وممارسات منافية للقيم الإنسانية المصطلح عليها عرفا وشرعا بل تنخرط في حملة منظمة على الإسلام ورموزه وتتعمد التضييق على المسلمين حيثما كانوا.

 

وجاءت آخر هذه الممارسات من سويسرا وفرنسا بلد الثورة الكبرى ومهد الديمقراطية الحديثة حيث تعمدت الدولتان مؤخرا عرض مسرحية للفيلسوف الفرنسي فولتير كتبت منذ القرن الثامن عشر وتحمل عنوان «محمد أو التعصب» وفيها تجنّ واضح على الإسلام وقيمه السمحة وإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

وإذا كانت فرنسا قد استلهمت من كتابات فولتير أفكاره «التنويرية» للقيام بثورتها وتأسيس دولتها الحديثة فإن من العار عليها أن تنبش في الجانب «المظلم» لفكر فولتير وتعمد ـ في هذا الظرف بالذات ـ إلى إحياء هذه المسرحية التي كتبت منذ قرنين ونصف القرن في حركة استفزازية واضحة تستهدف مشاعر المسلمين في زمن صار الإسلام «عدوّهم» الأكبر وأصبح التصدي له «واجبا قوميا» حسب بعض الطروحات المتطرفة التي يتبناها بعض الساسة الأوروبيين خفية حينا وعلنا أحيانا أخرى.

 

ولم يكن عرض مسرحية فولتير هذه الذي أثار غضب الجاليات المسلمة في فرنسا وسويسرا سوى مظهر من مظاهر حملة منظمة تستهدف الإسلام وشخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم واتخذت في المدة الأخيرة شكلا أكثر شراسة ووقاحة.

 

ففي الدنمارك التي تصنّف من أولى الدول في العالم في مجال الحريات تعمّدت بعض الصحف نشر صور كاريكاتورية تسيء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم لكن الأمرّ من ذلك أن موقف الحكومة الدنماركية كان سلبيا جدا بل مخالفا لتعاليم الأديان السماوية وقرار الأمم المتحدة بعدم ازدراء الأديان حيث برّرت حكومة كوبنهاغن نشر تلك الرسوم بأنه يندرج ضمن حرية الصحافة والتعبير.

 

ومع أن الجاليات الإسلامية في أوروبا تحركت في وجه هذه الحملة حيث قرّر 21 مركزا إسلاميا بالدنمارك تدشين حملة تقضي باللجوء إلى الدول والمؤسسات الإسلامية وكبار علماء الإسلام لحشد دعم معنوي ضد إساءة الحكومة الدنماركية للإسلام والمسلمين وعقد اجتماع طارئ لمجمع البحوث الإسلامية في الدنمارك لبحث هذه القضية فإن خطورة المسألة تستدعي تعبئة عامة داخل المجتمعات الإسلامية للتصدي لهذه الحملة الشرسة.

 

ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن الغرب بسكوته عن الحملة التي تستهدف الإسلام والمسلمين مع أنه قادر على وقفها يمارس اليوم نقيض ما يقوله ويدعيه وهو الذي طالما تغنى بحقوق الإنسان والتسامح والحوار في ظل الاحترام المتبادل بين اتباع الأديان السماوية وبين مختلف الحضارات.

 

وما يأتيه الآن الغرب الذي يتشدق بكل تلك القيم المذكورة آنفا يندرج ليس كما يدعي في إطار الحوار بين الحضارات وإنما في سياق استراتيجية الصدام بين الحضارات وإلا كيف يصمت هذا الغرب أمام الإساءة المتكررة إلى أكثر من مليار وربع المليار مسلم في العالم؟

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2005)

 

 

المهرجان الدولي للصحراء بدوز:

سهرات فنية وصباحات للشعر وعروض حنيش

 

تونس ـ من صالح سويسي: استعدادات حثيثة تشهدها بوابة الصحراء التونسية دوز لاحتضان الدورة الثامنة والثلاثين للمهرجان الدولي للصحراء الذي يعتبر أعرق مهرجان عربي متخصص في ثقافات الصحراء وفنونها.

 

دورة هذا العام سوف تنتظم بين الخامس والعشرين والثامن والعشرين من كانون الاول (ديسمبر)، وسوف يفتتحها الدكتور محمد العزيز بن عاشور وزير الثقافة والمحافظة علي التراث علي أن يختتمها الأستاذ التيجاني الحداد وزير السياحة.

 

ويتضمن البرنامج ندوة دولية بعنوان الصناعات التقليدية من أجل التنمية وحوار الحضارات تحت سامي اشراف رئيس الجمهورية، ينظمها كرسي بن علي لحوار الحضارات والأديان الذي يرأسه الدكتور محمد حسين فنطر، ويشرف علي افتتاح هذه الندوة السيد منذر الزنايدي وزير التجارة والصناعات التقليدية، يشارك فيها حوالي 150 شخصية تونسية وعربية ودولية من الباحثين في جماليات الصناعات التقليدية إلي جانب المهنيّين الذين سيشاركون في المعرض الدولي للصناعات التقليدية وسيشارك فيها باحثون من اليابان والصين والهند.

 

برنامج المهرجان يتضمّن أيضا معرضا مشتركا للصورة الفوتوغرافية حول مدينة دوز لليابانية Tokumitsu والتونسي نجيب الشوك . كما يتضمن البرنامج ندوة عن الشريط المصور والبيئة بالتعاون مع جمعية الكتاب بتازركة ومساهمة الأساتذة علي سعيدان وحاتم الفطناسي ورضا ساسي وعماد بن حميدة ، إلي جانب ورشة للصورة الفوتوغرافية لأطفال المدينة وصباحات للشعر الشعبي وسهرة فلكية فنية ومعرض للفنون التشكيلية ومعرض للأعشاب الطبية والعرض الأول للشريط الوثائقي: دوز… بوّابة الصحراء انتاج شركة بالم للإنتاج السينمائي وعرض للفداوي بلقاسم بالحاج علي وقرية تراثية وعروض دولية من بلدان عربية مثل مصر والجزائر والأردن وأخري أوروبية وسهرة الموقف وهو شكل من أشكال الغناء البدوي.

 

و تبقي أهمّ خصوصية للمهرجان هي عروض ساحة حنيش التي يتابعها يوميا حوالي 100 ألف متفرج حيث يكتشفون نماذج من خصوصيات الحياة اليومية في الصحراء ويتمتعون بعروض الفروسية وسباقات المهاري وصيد السلوقي والمداوري والمرحول والدولاب.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ديسمبر 2005)


 

بوتفليقة غادر المستشفى الى مركز للنقاهة وطبيب فرنسي يرجح إصابته بالسرطان

الجزائر , باريس – محمد مقدم    

 

اكد مصدر جزائري مطلع ان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة غادر مساء الأربعاء المستشفى العسكري «فال دو غراس» في باريس إلى مركز خاص للراحة حيث سيواصل مرحلة النقاهة، بعد العملية الجراحية التي أجريت له لتعرضه إلى قرحة نزيفية في المعدة في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، في حين اعرب النائب والطبيب الفرنسي برنار دوبريه عن اعتقاده بان الرئيس الجزائري مصاب بسرطان المعدة.

 

وقال دوبريه الذي كان عضوا في الفريق المشرف على علاج الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران خلال فترة مرضه بسرطان البروستات، انه «من الصعب جداً الإدلاء بتشخيص» لمرض بوتفليقة. لكنه اضاف في تصريح الى اذاعة «فرانس انتير» الفرنسية: «اذا صح انه اصيب بنزف في الجهاز الهضمي فهو يعاني على الارجح من سرطان في المعدة».

 

وأضاف: «ادرك جيداً الصعوبات التي يواجهها الاطباء» المشرفون على علاج بوتفليقة. وأوضح ان هناك فرقاً بين سرطان «صغير يمكن استئصاله عن طريق الجراحة» وسرطان منتشر. وفي الحالة الثانية «لا يكفي استئصاله اذا تمكن ذلك، بل يجب بعد ذلك اخضاع المريض لعلاج كيميائي مركز»، مؤكداً ان «الامور تزداد تعقيدا نظرا لان (بوتفليقة) يعاني من اضطرابات في الكلى تفرض عليه غسلها على الارجح، اقول على الارجح. تصوروا ان يجري العلاج الكيميائي بموازاة غسيل الكلى، انه لأمر صعب للغاية». ويأتي تصريح دوبريه وسط تكتم شديد تلتزمه السلطات الفرنسية حيال الوضع الصحي للرئيس الجزائري، متذرعة بالسرية الطبية.

 

ولم يوضح المصدر الجزائري في تصريح الى «الحياة» اسم مركز الراحة الذي نقل اليه بوتفليقة، اوما اذا كان في فرنسا او في سويسرا حيث كان مقررا مبدئيا ان يكمل مرحلة النقاهة لفترة قصيرة بعدما أوصى الاطباء الفرنسيون بعدم عودته إلى الجزائر في الوقت الراهن.

 

وشدد المصدر على ان مغادرة رئيس الجمهورية المستشفى العسكري الفرنسي «مؤشر كاف على تحسن كبير في وضعه الصحي»، لافتا إلى أن الفريق الطبي الفرنسي وافق على طلبه استكمال المتابعة الطبية خارج المستشفى بعدما التأمت الجراحة في المعدة بشكل كبير.

 

وتزامنت مغادرة الرئيس بوتفليقة للمستشفى مع تزايد الإشاعات حول «ترد مفاجئ» في وضعه الصحي وأنباء عن نقله «في وضع سيئ إلى الجزائر»، خصوصاً في بعض القنوات الفضائية العربية ووسائل الإعلام الفرنسية، مما دفع صحفاً مغربية إلى طرح تساؤلات عن «المرض الغريب» الذي يعانيه.

 

وفي رد فعل عنيف استنكرت الإذاعة الجزائرية الرسمية، أمس، الكيفية التي تتعامل بها الصحف المغربية مع مرض الرئيس الجزائري. وجاء في التعليق الرسمي الذي بثته الإذاعة منتصف نهار الخميس اتهامات مثيرة بأن الصحف المغربية «تتحرك بإيعاز من القصر الملكي»، وأنها «انخرطت في الطرح المعادي نفسه الذي تداولته أوساط فرنسية معروفة بعدائها».

 

وتفضل السلطات الرسمية في الوقت الراهن الصمت ازاء ما يتردد من إشاعات حول الوضع الصحي للرئيس، باستثناء تصريحات سياسية يصدرها قادة أحزاب التحالف الحكومي.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 16 ديسمبر 2005)


 

مشعل: حماس ستصعد هجماتها اذا هاجمت اسرائيل ايران

اشاد بتصريحات الرئيس احمدي نجاد وقال انها تعبر عن رأي الامة الاسلامية

طهران ـ من باريسا حافظي:

 

قال خالد مشعل زعيم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في المنفي امس الخميس ان الحركة الفلسطينية ستصعد هجماتها علي أهداف اسرائيلية اذا شنت الدولة اليهودية هجوما علي ايران الحليف القوي للحركة في المنطقة.

وقال مشعل للصحافيين في طهران بعد ان أجري محادثات استمرت ثلاثة أيام مع كبار الساسة ومسؤولي الامن انه اذا هاجمت اسرائيل ايران فان حماس ستصعد وتوسع نطاق مواجهاتها مع الاسرائيليين داخل فلسطين .

وتتهم الولايات المتحدة واسرائيل ايران بتسليح وتمويل فصائل فلسطينية مثل حماس والجهاد الاســــلامي. وتقول ايران انها لا تقدم سوي الدعم المعنوي للجماعات الفلســـطينية.

وساند مشعل في تصريحاته كذلك البرنامج النووي الايراني المثير للجدل الذي تخشي الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ان يكون الهدف منه هو امتلاك قنبلة نووية.

وتنفي ايران أي طموحات لامتلاك سلاح نووي. وقال مشعل الذي ترجمت تصريحاته من العربية الي الفارسية انه حتي مع افتراض ان ايران لديها برنامج نووي عسكري فما الخطأ في ذلك اذا كانت اسرائيل وغيرها يملكونه.

وكان مسؤولون اسرائيليون قد حذروا من انهم قد يسعون لتدمير منشآت نووية ايرانية بنفس الطريقة التي قصفت بها اسرائيل مفاعل اوزيراك العراقي النووي عام 1981.

وتقول ايران انها سترد اذا تعرضت لهجوم. وصرح مشعل بأن من واجب حماس أن تساند ايران في حال تعرضها لاي هجوم من جانب اسرائيل.

وأضاف ان حماس وغيرها من الجماعات الاسلامية ستقف الي جانب ايران وتدافع عن حق ايران النووي الواضح. وأشاد مشعل كذلك بالرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد لتصريحاته التي وصف فيها محارق النازي بانها اسطورة مختلقة وطالب فيها بنقل اسرائيل الي أوروبا أو أمريكا الشمالية.

وصرح بأن هذه التصريحات شجاعة وصادقة وتعبر عما تقوله الامة الاسلامية خاصة الفلسطينيين. وقال ان العالم الاسلامي يجب الا يدفع ثمن مشكلات اليهود فهذا ظلم. وتابع أن ايران مدعاة للفخر. وأدينت تصريحات أحمدي نجاد علي نطاق واسع من جانب زعماء دوليين وصفوها بأنها غير مقبولة.

وقال مشعل ان انتهاء مهلة وقف اطلاق النار مع اسرائيل بحلول نهاية عام 2005 يعني الدخول في مرحلة جديدة من المواجهة.

وتابع انها ستكون مرحلة تحول من وضع التهدئة الي المواجهة المشروعة. واتفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون علي وقف اطلاق النار في شباط (فبراير) الماضي في اطار جهود للحد من القتال الذي بدأ في عام 2000 وتسهيل الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة المحتل.

ودعا عباس الفصائل الفلسطينية هذا الشهر لتجديد التزامها بهدنة مدتها تسعة أشهر مع اسرائيل.

 

(رويترز)

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ديسمبر 2005)


 

المرشد العام للاخوان المسلمين في مصر يصف اسرائيل بانها ورم سرطاني

القاهرة ـ اف ب: وصف المرشد العام للاخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف اسرائيل بانها ورم سرطاني ، واكد انه لو كان في السلطة لاجري استفتاء شعبيا حول اتفاقية السلام بين مصر والدولة العبرية.

وقال عاكف في مقابلة نشرتها امس صحيفة الاهرام ويكلي الناطقة بالانكليزية اننا لن نعترف باسرائيل ونأمل ان يختفي هذا الورم السرطاني .

واضاف اذا كانوا يريدون العيش معنا كمواطنين عاديين يشاركوننا الحقوق والواجبات فان هذا لا يمثل مشكلة ولكن اذا استمروا دولة محتلة ومستبدة فان هذا لن يحصل ان شاء الله .

وتأتي تعليقات عاكف بعد سلسلة من التصريحات التي ادلي بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد تدعو الي ازالة دولة اسرائيل من الشرق الاوسط ونقلها الي اوروبا او الولايات المتحدة او كندا او حتي الاسكا وتشكك في محرقة اليهود.

وردا علي سؤال حول موقفه من اتفاقات كامب ديفيد التي وقعتها مصر مع اسرائيل عام 1977 وفتحت الطريق لتوقيع معاهدة السلام بين البلدين، قال عاكف ان علي الشعب ان يقرر، واذا كنت في السلطة فانني ساعرضها علي الشعب .

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ديسمبر 2005)


ديموقراطيا وليبرالياً: من حق الإسلاميين أن يحكموا إن فازوا بالانتخابات

خالد الحروب (*)     

 

في القاهرة، وخلال الإنتخابات الأخيرة، عانقت صديقا قيادياً «اخوانياً» أحترمه بشدة وأعرفه من سنوت طويلة. باركت له الفوز بالإنتخابات وقلت له لو كنت مصرياً لصوت ضدكم على طول الخط بمقدار صلابة معزتي واحترامي لك. وعلق صديق ثالث بأنني متناقض مع نفسي إلى حد يقرب من النفاق، فكيف أعبر عن تلك العاطفة للصديق الإخواني ثم أتبنى موقفاً مضاداً له من ناحية سياسية وفكرية. ليس في الأمر نفاق ولا من يحزنون، فالموقف الديموقراطي الحقيقي بالنسبة إلي هو الإقرار بنتائج أي إنتخابات ديموقراطية مهما كانت، وأن العلاقات الشخصية يجب أن تكون أسمى من التوجهات السياسية, وإلا صرنا حيوانات سياسية ليس إلا.

 

الفزع الذي حل بدوائر كثير من المثقفين والسياسيين بعد النتائج الكبيرة التي حققها الإخوان المسلمون في الإنتخابات المصرية قليله مبرر لكن كثيره مبالغ فيه. فما حققه الإخوان ليس مفاجأة للذين يتابعون عن كثب تطورات الساحة السياسية والفكرية والشعبية العربية في العقدين الأخيرين. التصويت لللإسلاميين هو حاصل جمع عملهم الدؤوب، والنقمة الشعبية العارمة على الحكومات والأنظمة الفاشلة، والغضب المستمر على التدخلات الخارجية الغربية وإستمرار الإحتلال الإسرائيلي ووحشيته، والخوف على الهوية الثقافية من تيارات التعولم الغربي التي تكتسح العوالم غير الغربية، وضمور التثاقف العميق لصالح الدوغما والشعبوية، مضافاً إليه فشل التيارات السياسية الأخرى في تقديم بدائل يمكنها أن تواجه الأسئلة الكبرى الضاغطة على الشعوب العربية. أي تحليل متأنٍ للأوضاع في المنطقة يقود إلى أن السياسات المتطرفة والفاشلة الآتية من الداخل والتي تقودها الحكومات، والسياسات المتطرفة والفاشلة الآتية من الخارج والتي تقودها الولايات المتحدة، مؤداها زيادة التطرف العربي، وصب أصوات الناخبين لصالح الإسلاميين.

 

لكن، بعيدا عن تحليل أسباب النجاح وتوقعاته وسوى ذلك مما هو مهم بالقطع، هناك سؤالاً مبدئياً يستوجب النقاش والحسم في دوائر المثقفين الليبراليين والعلمانيين العرب ألا وهو أحقية الإسلاميين بالحكم اذا فازوا به عن طريق صناديق الإقتراع، ثم أثر إنخراطهم في السياسة على مسألة الدين والدولة بشكل عام. في مصر اليوم، وعلى إيقاع النتائج الإنتخابية التي صدمت كثيرين, نقاش عميق وساخن ومهم حول هذه المسألة، وهناك آراء متناقضة. وفي بقية البلدان العربية لا يقل النقاش عمقاً وسخونة. والرأي الذي يقول بأنه يجب قطع طريق الظفر بالحكم على الإسلاميين في مصر أو أي بلد عربي آخر حتى لو كان الطريق إلى ذلك تحالف الليبراليين والديموقراطيين مع أنظمة الحكم القائمة والتغاضي عن فسادها والدكتاتورية، رأي يحظى بتأييد ليبرالي وعلماني واسع، لكنه مثير للقلق. فهو توجه غير ديموقراطي ودكتاتوري في جوهره وقصير النظر من وجه تاريخية ومستقبلية.

 

لا يمكن أحداً أن يزعم بأنه ديموقراطي وأن يقول أنه لا يحق للإخوان المسلمين أن يستلموا الحكم اذا فازوا به عن طريق إنتخابات حرة ونزيهة. كما لا يمكن أحداً أن يبالغ في التظاهر بديموقراطيته ويقرّ لهم بذلك الحق منة أو تفضلاً. ولا يعني هذا طبعاً موافقة الإسلاميين أو الإخوان المسلمين في الحالة المصرية الراهنة على برنامجهم السياسي والفكري والثقافي. كما لا يعني أن تخوفات الكثيرين إزاء الإسلاميين وطرائق حكمهم إن أستلموا الحكم ليست في مكانها. كل ذلك مشروع بل ربما مطلوب حتى يضغط على الإسلاميين لتوضيح مواقفهم أكثر فأكثر من عدد لا يحصى من القضايا. لكن هذا أمر والإقرار بحقهم الديموقراطي أمر آخر.

 

الأثر الإيجابي لإنخراط الإسلاميين في السياسة بأوسع وأشمل صورها يستدعي التأمل هو الآخر. فمن زاوية تاريخية أبعد مدى، واقعية براغماتية، تواجه المجتمعات الإسلامية والعربية خيارات أخفها بالغ الأكلاف. واحد منها هو تحدي السير مع الخيار الديموقراطي إلى آخر المشوار بكل ما يعنيه هذا الخيار من معنى ومن دون تردد أو إستثناءات، مع إدراكها المسبق لما سيؤول إليه من نتائج لجهة تسليم دفة الأمور إلى التيار الإسلامي لجيل من الزمن.

 

خلال هذا الجيل ستمر المجتمعات بمرحلة لا بد منها تختبر فيها هذا التيار وطروحاته وهو في الحكم المنتخب، فإن نجح وحافظ على جماهيرية واسعة ومؤيدة له بعد مرور جيل من السنين فسيكون من حقه التحكم بمستقبل البلدان والمجتمعات التي يسيطر عليها لجيل أو جيلين آخرين قادمين. وإن فشل في قيادة تلك البلدان والمجتمعات بشكل يتساوق مع العصر ويخلق معادلات إجتماع وطنية ودولية متصالحة مع التناقضات المحلية والعالمية فإنه سيفشل على رؤوس الأشهاد، ومن دون التذرع بالقمع وبلعب دور الضحية. وعندئذ تتوسع وتتكرس القناعات العامة بالفشل الإيجابي لذلك التيار، والذي سيأخذ موقعه إلى جانب الفشل الأيديولوجي الذي قدمته الخيارات القومية والماركسية والملكية والعشائرية في المنطقة العربية. وهكذا تطوى إلى الأبد كل طروحات الخلاص الأيديولوجي وتتبدد الغيوم التي لبدتها في فضاء الوعي السياسي والإجتماعي العربي، وهو وعي قام على إنتظار شعارات الحد الأقصى التي تأتي بها الأيديولوجيات وتتلاعب عبرها بمشاعر الناس وإحباطاتهم. آنذاك، سيتاح للسياسة أن تأخذ شكلاً عقلانيًا ينبع من الواقع وإمكاناته، ويصبح للون الرمادي أنصار كثر، في مواجهة السذاجة السائدة حالياً التي لا ترى الأمور إلا بالأبيض والأسود.

 

الفشل الإيجابي المنتظر من تسلم إنخراط الإسلاميين في التسيس العام بل في الحكم سيؤدي إلى نزع الشعاراتية من خطابهم, إذ ستسقط بفعل السياسة ومواجهة الواقع، وسيدفع بهم نحو علمنة ممارسة السياسة خطوة خطوة وبحسب النموذج الإسلامي التركي. كلما كان الإسلاميون خارج لعبة السياسة كلما تمتعوا بدفء الإيديولوجيا وظلوا محافظين على طهرانية صورتهم وترف إستخدام شعارات الحد الأقصى التي تدغدغ الجماهير. وكلما دخلوا في السياسة أكثر كلما نضجوا ونضج معهم الوعي العام وصارت مفردات السياسة، لا الشعارات، هي التي تتحكم في برامجهم، وعنئذ فقط سيتخلون عن فكرة الخلط بين الشعار الديني والشعار السياسي كما مارسوها من خلال شعار «الإسلام هو الحل». وتدريجاً سوف يقود الإسلاميون علمنة الحياة السياسة العربية من دون أن يقصدوا أو يدركوا، بناءً على إيقاع ضرورات السياسة وليس تنظيرات الكتيبات والبيانات، وسيعزز كل ذلك فكرة فصل الدين عن الدولة.

 

صحيح أن هناك تباينات بارزة لدور الدين في السياقين الإسلامي والغربي، وأن الإسلام أختلف عن المسيحية إجتماعياً وسياسياً في طبيعة دوره التاريخي في قيام الحضارة العربية الإسلامية وإنتشارها. لكن تلك تباينات الماضي، حتى في طبيعة الدين وتعريفه بالنسبة الى المجتمع في كل من السياقين، أصبحت تتآكل في الحاضر وفي ضوء التطورات والإندفاعات الهائلة التي أصابت العالم، ومنه العالم الإسلامي. فشكل الإجتماع السياسي، الدولة الأمة أو الدولة القطرية، أنهى فكرة الخلافة، وأقصى فكرة الوحدة الإندماجية إلى شكل لا رجعة فيه، وأكثر ما صار يؤمل به في العالم بأسره هو الإتحادات الفيديرالية التي تحافظ على الخصوصيات ولا تطحنها. كما أن فيضان الديموغرافيا في العالم الإسلامي وبلوغ عدد سكان بقاعه المختلفة مئات الملايين، ومن شتى المشارب واللغات والتواريخ والولاءات الدولية لا يمكن نظمها وفق تصورات دينية بالكاد تستطيع تنظيم العلائق بين عشرات أو مئات الألوف من السكان وفق مركزية واضحة خلال حقبة الحكم الراشدي التي يُراد لها أن تكون بوصلة ناظمة لمستقبل مئات الملايين من المسلمين في كل زمان ومكان. ففي الجماعات الوطنية الملايينية المعاصرة صارت هناك أدوار إجتماعية وسياسية وتحالفية لمؤسسات وأعراف ومسلكيات لم يعد الدين سوى واحد منها، ويُظلم إن طُلب منه أن ينتظمها جميعاً لأنها تفيض عن حاجته وقدرته على التنظيم. بل إن «اللاتنظيم»، بمعنى عدم الخضوع للمنظومات الصارمة سواء كانت سياسية أو قيمية أو دينية، أصبح سمة جوهرية من سمات الإجتماع الإنساني المعاصر، وهي سمة مناقضة لفكرة التنظيم التي تعلي من شأنها الأديان كلها. وهذه الأديان واجهت وتواجه التحدي الذي برز على شكل تفاقم وتكرّس «اللاتنظيم» بإعادة إنتاج نفسها وإيجاد مواطىء قدم لها في الشكل الجمعوي الجديد كمكون من مكونات «اللاتنظيم» وليس بكونها القوة المركزية «المنظمة». أما اذا حاولت أن تستمر في القيام بدور مركزي تنظيمي صارم للمجتمعات كما قامت به في بعض الحقب الماضية، فإنها ستنتهي إلى أشكال متنوعة من الفاشيات لا أكثر ولا أقل.

 

وبالمجمل، وقصراً للإستطراد، هناك الكثير من التحولات الجذرية التي أصابت المجتمعات الإسلامية والعالم وعلاقتهما ببعض مما لا يتسع له المجال هنا ومما يؤكد أن فكرة تديين السياسة والإجتماع المحلي ثم الدولي لا يمكن أن تكون عملية وذات مردود تقدمي. ومهما أشير، كمسوغ سيكولوجي أكثر منه شيء آخر، إلى «الصحوات الدينية» في الشرق أو الغرب، في باكستان او الولايات المتحدة، فإنها في نهاية المطاف تظل صرخات خارج سياق التقدم الإنساني، ولا يمكن أن تمتلك الطاقة الإيجابية الفعالة ولا التحضر اللازم لبناء سلم عالمي، ذاك أن العداء والحرب والقطيعة متأصلة فيها بالجوهر والتعريف.

 

وهكذا، ومن ناحية واقعية، سيكون هناك إستمرار للتآكل النظري لمقولة عدم تطابق فكرة فصل المسجد عن السياسة مع فكرة فصل الكنيسة عن السياسة. فقد أثبت عدم الفصل العملي، وفي التطبيقات العربية والإسلامية المعاصرة، على إنطوائه على قوة تدميرية هائلة من ناحية واقعية. فبه وبمسوغاته تشجع ويتشجع مئات آلاف المراهقين في طول وعرض العالم الإسلامي لخوض غمار السياسة على حد سيف «الجهاد», وما يشغل بالهم ليس الصراع السياسي ومنافسة الآخرين عبر البرامج وآليات الإقناع, بل الإستشهاد وإطلاق الرصاص وإطلاق فتاوى التكفير في كل الإتجاهات وإبتداءا بمواطنيهم. أما المعتدلون منهم فإن وطأة القناعة العميقة لديهم بأنهم ينطقون بالحق الألهي ويمثلونه ويدافعون عنه في وجه تيارات متغربنة ومعلمنة ستظل تهدد أي مسار تعددي أو ديموقراطي حقيقي, لأنها تعبر عن معركة غير متكافئة أبداً من ناحية نظرية (النص الديني مقابل النص البشري). صحيح أن هناك إنكارات متفاوتة من جانب المعتدلين بأنهم ينطقون بإسم الحق الإلهي, لكن تلك الإنكارات تظل لفظية عندما تقارن بجوهر القناعات المترسخة في الأدبيات والخطابات المختلفة, وخصوصاً الداخلية والتي يُصار على أساسها تربية وإعداد الأفراد. والشيء المقلق، إن لم نقل المخيف هنا، هو أن تلك القناعات تخول وتمكن ممثلي الحق الإلهي وعبر النص المقدس شطب كل مخالفيهم بجرة قلم مهما بدو معتدلين.

 

لكن مرة أخرى، لا المتطرفين ولا المعتدلين يملكون القدرة الثقافية والحضارية الكافية لنقل المجتمعات الإسلامية إلى مرحلة متقدمة، ليس علمياً وتكنولوجيا وحسب وهو الجانب السهل في التقدم, بل إجتماعياً ووطنياً وتعددياً وتسامحياً. وعندما تتوضح حدود تلك القدرة وعجزها عن قيادة المجتمعات إلى ما هو أبعد من تطبيق المظاهر والفرعيات مثل فرض اللباس الإسلامي والسلوكيات المعينة، فإن الفضيلة الأساسية وربما الوحيدة التي ستخلفها عقود الإنشغال بالإسلام السياسي وتعبيراته وحركاته ستبرز في قلب التيار العريض للمجتمعات وعلى أنقاض فشل التيار الإسلامي وصيغه المخلتفة، وهي فضيلة البحث عن صيغ وسطية مجتمعية تعلمن الإسلام جوهرياً، ولن يكون ذلك من دون خضات كبرى وربما دموية، لكنها تنتهي إلى نهايات لوثرية وكالفنية وقريبا من صيرورات المسيحية وعلاقتها بالسياسية. كل ما سبق سيكون للإسلاميين ووجودهم في قلب العملية السياسة دور مركزي لتطوره ونضوجه.

 

(*) كاتب وباحث اردني/ فلسطيني، كامبردج (بريطانيا).

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 16 ديسمبر 2005)


عجز ديمقراطي أم أزمة مجتمعية ؟
 السيد يسين (*)   ظننت وهما أنني بعد أن قمت بتأصيل مفهوم العجز الديمقراطي كما يستخدم اليوم في علم السياسة المقارن‏,‏ أستطيع أن أنتقل للحديث عن مظاهر وأسباب وتفسير العجز الديمقراطي العربي‏.‏ غير أنني بعد تأمل طويل أدركت أن المسألة لا تتعلق بالعجز الديمقراطي في حد ذاته‏,‏ بل إننا في الواقع بإزاء أزمة مجتمعية شاملة‏.‏ وحين نقول أزمة مجتمعية فنحن نعني أنها تتعلق بالمجتمع ككل وبكل أقسامه السياسية والاقتصادية والقيمية والثقافية‏.‏ ذلك أن رد الأزمة الديمقراطية في المجتمع العربي المعاصر الي مجرد السلوك السلطوي لأهل السلطة بما يمثلونه من عصبيات وانتماءات طبقية‏,‏ وتشبث شديد بالحكم لدرجة الإغلاق التام لباب تداول السلطة تحسبا أن تأتي فصائل سياسية‏,‏ سواء عن طريق الانتخابات أو عن طريق الانقلابات‏,‏ يهدد أوضاعها السياسية وتهز امتيازاتها الطبقية‏,‏ بل إن المسألة تتعلق أيضا بسلوك الجماهير‏.‏ أي أننا أمام معضلة حقيقية تتعلق بسلوك النخبة السياسية وسلوك الجماهير أيضا‏,‏ في سياق اجتماعي وثقافي يسوده الفقر والأمية والاستغلال بما أدي الي ظاهرة الاغتراب الواسع المدي‏,‏ وتدهور الروح المعنوية للجماهير‏,‏ وسيادة اليأس بين صفوفها‏,‏ بعد أن تردت أوضاع الأحزاب السياسية المعارضة‏,‏ التي كانت كفيلة ـ لو قامت بأدوارها بفعالية ـ أن تدافع عنها وعن مصالحها الطبقية‏.‏ دراسة حالة نموذجية ولعل التطورات السياسية البالغة الأهمية التي حدثت في النظام السياسي المصري تمثل بكل مادار فيها حالة دراسية نموذجية‏,‏ تبرز الحقيقة التي أشرنا إليها وهي أننا بإزاء أزمة مجتمعية شاملة‏,‏ وليس مجرد عجز ديمقراطي يمكن أن يزول لو أصلحنا عددا من الملامح السلطوية للنظام السياسي الراهن‏.‏ وماحدث يجد بدايته في المبادرة التاريخية التي أقدم عليها الرئيس محمد حسني مبارك حين أرسل خطابه الشهير الي كل من مجلسي الشعب والشوري طالبا تعديل المادة‏76‏ من الدستور حتي تكون الانتخابات الرئاسية التي تتعلق باختيار رئيس الجمهورية تعددية‏,‏ لأول مرة في التاريخ السياسي المصري منذ تحول النظام السياسي المصري من نظام ملكي الي نظام جمهوري بعد ثورة يوليو‏1952.‏ ومما لاشك فيه أن تعديل المادة‏76‏ بالرغم من الملاحظات النقدية الموضوعية التي وجهت الي صياغتها‏,‏ والتي عبرنا عنها بكل صراحة في جلسة الاستماع التي عقدت في مجلس الشعب‏,‏ والتي دعيت فيها مع عدد من الشخصيات العامة لإبداء الرأي فيها‏,‏ قد أحدث حالة من الحراك السياسي غير المسبوق في التاريخ السياسي المعاصر‏.‏ فقد أدي هذا التعديل إلي إقدام كل الأحزاب السياسية المصرية ـ بالرغم من التفاوتات الضخمة في قوتها الجماهيرية ـ الي ترشيح مرشحين لها للتنافس مع رئيس الجمهورية الحالي‏,‏ والذي نزل الانتخابات باعتباره مرشحا للحزب الوطني الديمقراطي‏.‏ وذلك لأن تعديل المادة سمح للأحزاب السياسية المصرية كلها ـ هذه المرة فقط ـ أن ترشح مرشحيها للرئاسة من بين قادتها دون أي قيود‏,‏ في الوقت الذي وضعت فيه قيود صعبة أمام المستقلين‏.‏ وأعقب ذلك ـ طبقا للدستور ـ دعوة الناخبين الي الانتخابات النيابية لاختيار أعضاء مجلس الشعب‏.‏ هذه الانتخابات بالذات يمكن اعتبارها حالة دراسة نموذجية للأزمة المجتمعية التي تحدثنا عنها في صدر المقال‏,‏ والتي تتجاوز بكثير مشكلة العجز الديمقراطي التي أشرنا إليها‏.‏ لقد تجمعت في هذه الحالة بالذات عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تحتاج الي دراسة شاملة‏.‏ ولنبدأ بالعوامل السياسية أولا‏.‏ فيما يتعلق بسلوك النخبة السياسية الحاكمة ظهر بكل جلاء أنها لا تقبل ببساطة مبدأ تداول السلطة‏.‏ ولعل ذلك ظهر جليا وواضحا في الصياغة الدستورية المانعة للمادة‏76‏ من الدستور والتي اشترطت بالنسبة للأحزاب السياسية في الانتخابات الرئاسية القادمة أن يحصل الحزب علي نسبة‏5%‏ من الأصوات‏,‏ حتي يكون من حقه ترشيح أحد قياداته للانتخابات الرئاسية‏.‏ أما بالنسبة للمستقلين فعلي كل من يرغب منهم أن يحصل علي توقيع‏250‏ شخصا من أعضاء مجلسي الشعب والشوري وأعضاء المجالس المحلية في إحدي عشرة محافظة حتي يسمح له بالتقدم الي الترشيح‏.‏ وبغض النظر عن صياغة المادة‏76,‏ فقد أعلن قادة الحزب الوطني الديمقراطي في بداية الانتخابات أنهم حريصون علي تحقيق أغلبية مطلقة مريحة حتي يمرروا تشريعات الإصلاح الدستوري والسياسي التي يريدون تقديمها لمجلس الشعب بغير مشاغبات من أحزاب المعارضة‏.‏ ودارت المعركة في ظل هذا التوجيه الذي أثر ولاشك علي العنف الشديد غير المسبوق الذي ظهر في الانتخابات التي دارت في مراحلها الثلاث المختلفة‏.‏ أما أحزاب المعارضة المفككة فقد دخلت المعركة بغير إعداد مسبق‏,‏ محرومة من قواعد جماهيرية متماسكة بحكم حالة الضعف الشديد التي انتابتها نتيجة التضييق علي نشاطاتها الحزبية من ناحية‏,‏ وبحكم مشكلاتها الداخلية من ناحية أخري‏,‏ والتي تتمثل في شيخوخة القيادات‏,‏ وعدم قدرتها علي التطور‏,‏ والقضاء علي الديمقراطية الحزبية‏,‏ والانفراد باتخاذ القرار داخل كل حزب‏.‏ ولم يدخل الانتخابات ـ وهو علي أهبة الاستعداد تنظيميا وجماهيريا سوي جماعة الإخوان المسلمين المحظورة‏,‏ والتي أثبتت مع ذلك أنه أقوي حزب سياسي مصري بحكم أنه نجح من مرشحيها‏88‏ مرشحا في مجلس الشعب الجديد‏,‏ في الوقت الذي ضاعت فيه أحزاب المعارضة الأخري التي لم تحصل إلا علي مقاعد محدودة للغاية وغير مؤثرة‏.‏ إذا كان ماسبق هو عينة صغيرة من سلوك النخبة السياسية‏,‏ سواء منها نخبة الحكم أم نخبة المعارضة‏,‏ فإن موقف الجماهير في هذه الانتخابات كان له دلالات بالغة الأهمية‏.‏ وكانت أهم هذه الدلالات هو مقاطعة الجماهير في أغلبيتها العريضة للانتخابات‏,‏ ذلك أن النسبة المتفق عليها لمن شاركوا في التصويت لا تزيد علي‏25%‏ إلا قليلا‏,‏ ومعني ذلك أن ظاهرة اللامبالاة السياسية وصلت الي أقصي آمادها‏,‏ لأن الأغلبية العظمي من المصريين نتيجة عوامل متعددة أهمها الافتقار الي المصداقية للعملية السياسية كلها بما فيها الانتخابات‏,‏ جعلتها تحجم عن المشاركة‏.‏ وفي تقديرنا أن أحداث العنف الحادة ـ التي سادت الانتخابات ومن بينها استخدام البلطجة من قبل كل الأطراف بطريقة منهجية أدت إلي إفساد العملية الانتخابية في عديد من الدوائر ـ ستؤدي الي ترسيخ ظاه رة اللامبالاة السياسية‏.‏ ذلك أن المواطن الذي شهد هذه الانتخابات بالصوت والصورة بما دار فيها من بلطجة وعنف وسقوط القتلي والجرحي‏,‏ ماالذي يدفعه في المستقبل الي أن يخرج من سلبيته ويذهب للمشاركة في الانتخابات ؟ التي تحولت بكل المعايير الي عملية بالغة الخطورة علي الأمن الشخصي للمواطنين‏.‏ أما عن العوامل الاقتصادية فحدث ولا حرج‏!‏ فقد اجتمع عامل الغني الفاحش مع عامل الفقر الشديد لكي يؤثر تأثيرا حاسما علي نتيجة الانتخابات‏.‏ أنفق عديد من المرشحين ملايين الجنيهات ليس في مجالات الدعاية فقط‏,‏ ولكن في مجال الرشاوي الانتخابية‏,‏ التي تمثلت في إعطاء مبالغ مالية للناخبين لكي يصوتوا لهم‏.‏ وهذا ما أثار تساؤلات الجماهير هل الفوز بمقعد في مجلس الشعب يستأهل هذا الإنفاق المذهل أم أن ضمانات المقعد ـ التي تتمثل أساسا في الحصانة البرلمانية أحد عوامل الجاذبية‏,‏ إذ سبق للحصانة البرلمانية في حالات متعددة أن منعت التعامل القانوني السليم معه‏.‏ وهل مايتيحه المقعد البرلماني من نفوذ يساعد عددا من المرشحين في تمرير مشروعاتهم الاقتصادية أحد عوامل الإقبال غير المسبوق من طوائف شتي علي الترشيح ؟ ومن ناحية أخري‏,‏ فإن ظاهرة الفقر الشديد دفعت جماهير عديدة الي قبول الرشاوي الانتخابية‏,‏ مما يعني عدم اعتدادهم أصلا بمسألة الاختيار الحر المباشر للمرشحين في ضوء برامجهم السياسية التي ستحقق مصالح الناس‏.‏ وهذا يعني أن الغني الفاجر من ناحية والفقر الشديد من ناحية أخري أديا الي طبع عملية الانتخابات بهذا الطابع الفاسد‏,‏ الذي يفتقر إلي أبسط قواعد الديمقراطية‏.‏ غير أن العوامل السياسية والاقتصادية ليست سوي المقدمة لهذا الزحف غير الديمقراطي علي العملية السياسية‏.‏ وأمامنا العوامل الاجتماعية والتي تتمثل أساسا في سيادة القبلية والعصبيات وخصوصا في المناطق الريفية‏,‏ حيث الولاء أساسا ليس للحزب السياسي وإنما للقبيلة أو العصبية‏.‏ وتبقي أخيرا العوامل الثقافية‏,‏ والتي من أبرزها ظهور طاقات مكبوتة من العنف الشديد والتي أدت إلي استخدام البلطجة والأسلحة البيضاء‏,‏ وفي بعض الأحيان الأسلحة النارية‏,‏ لفرض مرشحين معينين‏.‏ نحن لسنا بصدد عجز ديمقراطي ولكن بصدد أزمة مجتمعية‏!‏   (المصدر: جريدة الأهرام المصرية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.