28 décembre 2004

د. عمر النمري

drnemri@hotmail.com

توطئة:

تعيش تونس قرابة عقدين من الزمن أزمة سياسة خانقة تجلت في مصادرة الحريات العامة وانفراد السلطة الحاكمة بإدارة شؤون البلاد مع إقصاء متعمد لمكونات المجتمع المدني واستبعاد خاص لذوي التوجه الإسلامي من أي فعل سياسي وصل إلى حد اعتبارهم مواطنين من درجة ثانية أو ثالة حيث حرموا من حقوق المواطنة جميعها واودعوا في السجون وسلطت عليهم أصناف شتى من العذاب أو شردوا في بلدان العالم وتمت ملاحقتهم في المهاجر.

ولقد تميزت العشرية الأولى بتقارب واضح بين السلطة والمعارضة غير الإسلامية – الا ما قل و ندر- في محاولة للتخلص من خصم سياسي شاب بتلفيق تهم الإرهاب والعنف لحركة النهضة والاستقواء عليها بالسلطة الحاكمة طمعا في حدوث انفراج سياسي يحقق لهم بعض المصالح الحزبية ويفتح لهم أبواب المشاركة السياسية وتحقيق أقدار من « الديمقراطية » [1][1] . لكن هذا الحلف لم يدم طويلا حيث وجد بعض أقطاب المعارضة غير الإسلامية أنفسهم في مواجهة مع السلطة الحاكمة ونالهم ما نال غيرهم من ظلم وحبس وتهميش ووجدوا أنفسهم في خندق واحد مع حركة النهضة في مواجهة السلطة الحاكمة. أرادت حركة النهضة أن تستفيد من هذا الوضع الجديد فحاولت تجميع قوى المعارضة في كتلة واحدة لمواجهة السلطة ، ولكن جهودها باءت بالفشل في الغالب وظل عدم الثقة والشك سيد الموقف ولم تحظ حركة النهضة حتى بقبول أطراف المعارضة لها ضمن جبهة واحدة لأسباب واهية منها أن الواقع الدولي لايسمح بذلك وكأن حركة النهضة حركة إرهابية وثيقة الصلة بما تروج له أمريكا في حربها على الإرهاب؛ واكتفى بعض أطراف المعارضة بالتنسيق مع النهضة في بعض المواقف الضاغطة على النظام لابتزازه وتحقيق بعض المكاسب السياسية الضيقة.

للأسف كان الموقف من النهضة في الحالتين لا يخلو من انتهازية سياسية مقيتة، ولم يشذ عن هذا الموقف إلا القلة القليلة التي كانت تعتذر بأن الواقع الدولي لايسمح بالتحالف أو الدخول في جبهة موحدة مع أصحاب التوجه الإسلامي عموما.

في مقابل هذا الموقف المتردد لأغلب أطراف المعارضة السياسية من السلطة نجد موقفا متصلبا من طرف القيادات النافذة في حركة النهضة تمثل في القطيعة مع السلطة وإشاعة روح اليأس من أي محاولة تقارب معها متسلحين بتصلب السلطة تجاه ملف الإسلاميين وبمقالات فكرية تقسم المجتمع إلى طائفتين متصارعتين البتة؛ يمثل الطرف الأول السلطة الحاكمة – أي سلطة- ويمثل الطرف الثاني مكونات المجتمع المدني المختلفة من أحزاب سياسية وتجمعات حقوقية …فباءت كل محاولات الوساطة مع السلطة بالفشل لأسباب منها: غرور السلطة وتصلبها تجاه ملف الإسلاميين واعتقادها بأن استئصال العناصر القيادية في النهضة كفيل بالقضاء على الفكرة الإسلامية وهو أمر أبعد من المحال وأبعد من نجوم السماء كما يقال؛ لعمق الجذور التاريخية لهذا التوجه في نفوس أبناء تونس الزيتونة والقيروان والفتوحات الإسلامية العظيمة. ومن هذه الأسباب أيضا رفع حركة النهضة لسقف مطالبها السياسية ، وهي وإن كانت مطالب مشروعة في عرف الديمقراطية إلا أن بعضها غير قابل للتحقيق في ضوء اختلال ميزان القوة الحالي لصالح السلطة الحاكمة.

تسعى هذه الورقة إلى الوقوف على أهم الأسباب التي أدت إلى الاستبداد السياسي في تونس وتقترح بعض الحلول التي يراها صاحب المقال ممكنة وكفيلة بأن تحقق أقدارا من الحرية والديمقراطية المتدرجة على المستوى القريب، وتحقيق التداول السلمي على السلطة على المدى البعيد .

الأسباب الحقيقة للأزمة السياسية في تونس

هناك أسباب ظاهرة وأخرى خفية، وهناك أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة، قد يتفق معي القارئ الكريم في بعضها ويختلف في البعض الآخر، ولكني سأقصر جهدي هنا على استقصاء الأسباب التي أعتقد أنها أبلغ أثرا في استدامة الأزمة السياسية في البلد؛ وعلى رأسها:

1.    انفراد الحزب الحاكم بإدارة شؤون البلاد منذ الاستقلال وعدم استعداده لإشراك الفعاليات السياسية والقوى الناهضة في البلد في تحمل مسؤولياتها كاملة في النهوض بالبلد وغلق الباب أمام أي مطالبة من هذا النوع بقطع النظر عن هوية المطالبين بذلك سواء كانوا يساريين أو عروبيين قوميين أو إسلاميين؛ ما أدخل البلد في دوامة من العنف والعنف المضاد وأفضى إلى حالة من الاستبداد والانغلاق السياسي.

2.    مخاوف المعارضة غير الإسلامية – وهي تمثل أقلية في البلد ولاتحظى بدعم شعبي كاف- من اكتساح الإسلاميين للمقاعد البرلمانية في انتخبات ديمقراطية حقيقة، نزيهة وشفافة ما يقلب المعادلة ويعود بنا إلى المربع الأول ويخرج بنا من مرحلة حكم حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ويدخل بنا في مرحلة حكم حركة النهضة الإسلامية؛ أي استمرارية حكم الحزب الواحد بقطع النظر عن اختلاف المناهج والبرامج، وتشترك السلطة الحاكمة مع المعارضة في هذه المخاوف وإن كانت أحسن منها حالا لاستئثارها بمقدرات الدولة وتمكنها من استخدامها لدعم الآلة الدعائية الجبارة لتزين وتلميع صورتها لدى الشعب التونسي فضلا عما يتمتع به الحزب الحاكم من رصيد نضالي تاريخي أفضى إلى استقلال تونس رغم الأحمال التي أثقلت كاهله أثناء حكمه لتونس لخمسة عقود من الزمن.

3.    الخوف الطبيعي والمبرر من فوز أي حزب سياسي مهما كانت مشاربه السياسية وأطروحاته الأديولوجية بنسبة عالية من أصوات الناخبين من أن يتحول إلى نظام مستبد إذ لاديمقراطية حقيقية في مناخ سياسي يفوز فيه حزب حاكم بنسبة تصل إلى 66% الأمر الذي يمكنه من تعديل القوانين التشريعية القديمة وسن قوانين تشريعية جديدة مستغنيا بذلك عن أصوات الأقلية في البرلمان وإن كانت هذه الأقلية تمثل افتراضيا 34%. وأنا أتفهم هذه المخاوف جيدا وأشارك الحزب الحاكم والمعارضة في هذا التوجس؛ ورغم أني عضو في حركة النهضة انخرطت في مؤسساتها المركزية على مستوى المكتب السياسي والمكتب التنفيذي ومجلس الشورى لمدد متقطعة إلا أني لا أتمنى لحركة النهضة ان تفوز بهكذا نسبة ما يمكنها من الانفراد بالسلطة والاستغناء عن بقية الفرقاء السياسيين لأسباب عدة يأتي على رأسها اعتقادي الجازم بأنه لا ديمقراطية حقيقية في مناخ سياسي يفوز فيه حزب ما بهكذا نسبة كما أسلفت سابقا، ولإيماني العميق بضرورة التمييز بين عدل الإسلام المطلق وسموه كدين إلهي تجلت تطبيقاته في أبهى حللها إبان الخلافة الراشدة، وبين الكسب البشري لهذا الدين في محاولة لتنزيله واقعا في حياة الناس؛ وتاريخنا الإسلامي، القديم والحديث،  يزخر بكثير من التجارب البشرية التي عرفت الظلم والقهر والاستبداد في أجلى صوره أيضا.

4.    تمسك النظام الحاكم بالسلطة وخوفه من عواقب المظالم التي اقترفها في حق الشعب وعدم التوصل إلى حل وفاقي تسترد فيه الحقوق وترفع فيه المظالم ويؤمّن فيه الحاكم إذا ما اضطرته الظروف إلى التخلي عن السلطة لصالح خيار الشعب؛ بل ظلت الصورة الرمزية للاستبداد السياسي في البلاد العربية عموما هي قدوم الحاكم إلى السلطة على ظهر دبابة وخروجه على ظهر أخرى مما يضطره إلى الاستماتة في الدفاع عن النفس حتى آخر رمق في حياته إذ لا أمل له في الحياة بينما تحفظ مكانة الرؤساء السابقين في الدول الديمقراطية بعد تخليهم عن الحكم حيث يستمرون في خدمة بلدانهم والقيام بأدوار مركزية فيها .

5.    خوف الدول الغربية ذات المطامع والنفوذ من امتداد الإسلاميين إلى السلطة وتوجسها من المفاجآت غير المحسوبة وبالتالي انحيازها المستمر إلى السلطة الحاكمة ودعمها لها رغم تدهور وضع حقوق الإنسان في أكثر من مناسبة وذلك حرصا منها على استقرار الوضع وحفظا لمصالحها.

مقدمات بين يدي الحل المقترح

1.    لامجال للقضاء على الفكر بالإقصاء

لقد أخطأت السلطة التونسية عندما ظنت بأنها بالقضاء على العناصر القيادية في حركة النهضة ستقضي على الفكرة الإسلامية ولقد خابت خطتها بشقيها : استئصال القيادة وتجفيف ينابيع التدين؛ ستَبلى حركةُ النهضة وسيقضِي قادتها كما سيَبلى الحزب الحاكم وسيقضِي قادتُه أيضا وسيبقى الشعب التونسي متمسكا بهويته العربية والإسلامية يتوارث ذلك أجيالُه جيل بعد جيل، وسيبقى الإسلام العظيم وما يحمله من قيم العدل والحرية ونصرة المظلوم والثورة على الطغيان مصدر إلهام لشعب تونس الزيتونة والقيروان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولعل الواقع اليوم أكبر دليل على ذلك حيث شهد المجتمع التونسي صحوة إسلامية من جديد رغم غياب حركة النهضة في السجون أو المهاجر قرابة عقد من الزمن، وهذه رسالة يبنبغي أن يعيها أصحاب التوجه اليساري في تونس، ويصطلحوا مع هوية شعبهم إذا أرادوا أن يحصلوا على دعمه السياسي لهم وإلا فلهم البشرى بأن يظلوا أقلية في المجمتع التونسي إلى أبد الآبدين والأيام بيننا، ولهم أن يلحظوا سقوط المنظومة الشيوعية وفشل الفكر الاشتراكي في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية بوجه عام، وفشل المشاريع العربية التي قامت على هذا الأساس عموما.

2.    الورقة الإسلامية عنوان المرحلة

لقد أضحت الورقة الإسلامية ورقة رابحة ورائجة لدى الشعوب الإسلامية وأصبح ينظر للإسلاميين على أنهم قادة حركة التحرر الثانية؛ وهو أمر ظاهر للعيان لا يماري فيه إلا جاحد أو جاهل، وهو أمر لا تختص به تونس دون غيرها من البلاد العربية والإسلامية؛ ويعود إلى أسباب عدة لعل منها:

·                فشل مشروع السلطة في التبشير بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية شأنه شأن بقية مشاريع حركات التحرر المختلفة في العالم الإسلامي التي خَلَفَت الاستعمار المباشر.

·                بروز ظاهرة الانترنت والقنوات الفضائية وانتشار الوعي الديني ورغبة الشعب التونسي في العودة إلى أصوله العربية الإسلامية.

·                ومن مسبباته الصلف الأمريكي المؤدلج وانتفاضة الشعب الفلسطيني المباركة التي وضعت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في قالبها العقائدي، أضف إلى ذلك قضايا الأمة الكبرى الملتهبة في أنحاء العالم الإسلامي الرحب ابتداء بكشمير مرورا بأفغانستان والعراق ما جعل الصحوة الإسلامية عنوان المرحلة وأضحت بذلك الورقة الإسلامية هي الورقة الرائجة لدى الشعوب الإسلامية.

3.    صعوبة وصول الإسلاميين إلى السلطة

رغم أن الورقة الإسلامية هي خيار الشعوب الإسلامية ورغم الاحتمال الكبير للإسلاميين في الفوز في أي انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة إلا أنه من الصعوبة بمكان أن تتاح لهم الفرصة لحكم البلاد  كحزب أغلبية، فالوضع القطري والإقليمي والدولي لايسمح بذلك فضلا على أنه في الحالات التي وصل فيها فريق من الإسلاميين للوصول إلى الحكم بطريقة أو أخرى كما حصل في السودان تبين أن الحفاظ على السلطة أصعب من الوصول إليها لا لأن الشعب تنكّر لهم ولكن نتيجة الضغوط الخارجية وتدخل الدول الكبرى ذات النفوذ والمصلحة؛ حيث أصبح العالم قرية واحدة تتشابك فيها المصالح وتتعارض ، وهو أمر تفهمته الحركات الإسلامية، وأبدت استعدادها للتعامل معه بحكمة فدخلت في وفاقات سياسية مع الأنظمة الحاكمة وما تجربة الشيخ محفوظ النحناح – رحمه الله – في الجزائر وحزب العدالة في المغرب وتجربة حزب الإصلاح في اليمن إلا مثال صريح على ذلك. وقد عبرت حركة النهضة عن هذا التفهم أيضا في مؤتمرها السابع سنة 2001، واعربت عن عدم دخولها في منافسة حادة مع النظام لا على مستوى الرئاسة ولا على مستوى البرلمان.

4.    الحزب الحاكم مرشح لأن يحكم تونس لعقدين من الزمن

ومما ينبغي ملاحظته أيضا أن الحزب الحاكم في ثوبه القديم أو الجديد مرشح لأن يحكم تونس لعشرية أو عشريتين على أقل تقدير  وذلك لما توفر عليه من خبرة تراكمت عبر الزمن ولما يتمتع به من قبول لدى المنظومة الدولية ولما يتمتع به من علاقات دولية موسعة هي ثمرة 50 سنة من الحكم الفردي لتونس استولى فيها على مقدرات الدولة وامكانياتها الضخمة واستخدمها لخدمة أهدافه الحزبية ؛ وهو أمر ينبغي أن يلاحظه هؤلاء الذين يراهنون على تثوير الجماهير لتغيير الحكم في تونس فأقصى ما تحققه ثورة الجماهير هو اختلال الأمن واضطرار النظام لأن يجدد نفسه كما حصل في انقلاب 1987؛ تغيب وجوه وتحضر وجوه أخرى ولكن الأمر لايخرج عن دائرة الحزب الحاكم في مجمله.

5.    أمريكا والتبشير بالديمقراطية

ومما ينبغي ملاحظته أن تبشير أمريكا ببسط الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا إنما نتج عن قناعة بعض الساسة في المطبخ السياسي الأمريكي بأن خطتهم السابقة في دعم الأنظمة العربية على مافيها من ظلم واستبداد لم يعد الحل المناسب أمام انكشاف وضع الحكام بفعل الثورة التكنولوجية والعولة الإعلامية، وتصاعد وعي الجماهير بما عليه وضع الحكم في أوطانهم، وصعود نجم الإسلام السياسي بوجه عام؛ ما أضحى معه الطريق الأسلم هو التخلي عن دعم هذه الأنظمة جزئيا والضغط عليها لتحقيق أقدار من الحريات والانفتاح السياسي وربما دفعها للقبول بالإسلام السياسي المعتدل كسن في دولاب الحكم على أن يظل بعيدا عن قيادة البلد؛ وهو أمر ينبغي أن تلحظه السلطة الحاكمة والفرقاء السياسيون في تونس بما في ذلك حركة النهضة حتى يتوافقوا على خيار تونسي داخلي لا حل يفرض علينا من الخارج.

ملامح الحل المقترح

مرحلة الديمقراطية الوفاقية المتدرجة

ويكمن الحل في تقديري عبر المرور بمرحلة « ديمقراطية وفاقية متدرجة » وأقصد بذلك أن يتنادى الفرقاء السياسيون – حزب حاكم ومعارضة: إسلامية وغير إسلامية – إلى حل وفاقي يضمن للجميع حق المشاركة السياسية دون إقصاء لأحد مهما كانت مشاربه السياسة والفكرية ضمن توجه ديمقراطي متدرج لا ينطوي على مفاجآت ويأخذ بعين الاعتبار الموازنات القطرية والإقليمية والدولية. وهو أمر يمكن تحقيقه بسهولة إذا صدقت النيات من خلال التحكم في القوائم الانتخابية والنزول في الانتخبات بقوائم محددة.

ومن شروط نجاح هذا الحل الوفاقي في المرحلة الأولى:

·                إخلاء السجون التونسية من سجناء الرأي مهما كانت انتماءاتهم الحزبية.

·                رفع القيود عن التدين والسماح بأقدار من الحريات العامة واحترام الفرقاء السياسيين جميعهم لهوية تونس العربية والإسلامية.

·                السماح بحرية الرأي والتعبير والتنظم سماحا يتناسب مع شروط هذه المرحلة .

مرحلة الديمقراطية الحقيقية والتداول السلمي على السلطة.

شروط لا بد منها

1.    لاديمقراطية حقيقة ما لم تراع حقوق الأقلية مهما كانت مشاربها السياسية وأطروحاتها الأديولوجية؛ بل إن الديمقراطية الحقيقية ضمانة أساسية لكفالة حقوق الأقلية مهما اختلفت أراؤها وبرامجها السياسية.

2.    لاديمقراطية حقيقية لا يعترف فيها برأي الآخر مهما كان ضعفه بل الحجة بالحجة والدليل بالدليل وعلى الشعب الترجيح بين المتعارضين؛ والمتتبع لواقع النخبة التونسية على مختلف مشاربها السياسية يجد نفسه أما تهمتين:

·   تهمة موجهة إلى الإسلاميين بأنهم شموليون وأصحاب رأي أحادي ويزعمون امتلاك الحقيقة المطلقة.

·   وتهمة موجهة للعلمانيين بزعمهم احتكار الديمقراطية وامتلاك الحقيقة المطلقة المتصلة بها فهم أساتذتها وسدنتها يدخلون فيها من يشاؤون ويخرجون منها من يشاؤون وهم بذلك أكثر شمولية من الإسلاميين وأخطر على الديمقراطية منهم.

3.    لاديمقراطية حقيقية في مناخ سياسي يفوز فيه حزب حاكم بنسبة تصل إلى 66% بقطع النظر عن مدى نزاهة الانتخابات وشفافيتها؛ الأمر الذي يمكنه من تعديل القوانين التشريعية القديمة وسن قوانين تشريعية جديدة مستغنيا بذلك عن أصوات الأقلية في البرلمان وإن كانت هذه الأقلية تمثل افتراضيا 34%.

4.    لاشرعية حقيقية لأي سلطة ما لم يتم اختيارها من الشعب عبر انتخابات ديمقراطية حقيقية ، نزيهة وشفافة.

هذه الشروط تدفع المرء للتساءل عما إذا كانت هناك امكانية فعلية لتحقيق ديمقراطية حقيقية في المرحلة الراهنة في تونس الحبيبة؟

أدع السؤال للقارئ الكريم للتأمل فيه مليا، ولكني شخصيا لا أعتقد بإمكانية ذلك في الوقت القريب وذلك لعدم وجود اتفاق بين الفرقاء السياسيين على الالتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية أي الالتزام بنائج الانتخابات وخيار الشعب لمظنة صعود الإسلاميين عبرها إلى الحكم وهم أوفر حظا من غيرهم كما أسلفت ولانعدام وجود توازن – بمقياس الصوت الانتخابي –  بين مختلف الفرقاء السياسيين الأمر الذي قد يرتد بنا إلى قيادة الحزب الواحد ذي الأغلبية المطلقة ويزداد الأمر خطورة في أذهان الفرقاء السياسيين إذا كان الحزب الفائز ذا توجهات إسلامية يضيف إلى رصيده الشعبي شرعية دينية يصعب معها زحزحته عن الحكم بعد الوصول إليه عبر العملية الانتخابية.

ويمكن للنظام أن يسعى خلال هذه المرحلة إلى تهيئة مناخ سياسي يتيح الفرصة لإجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية ومنافسة سياسية شفافة ونزيهة في المستقبل تفضي إلى التداول السلمي على السلطة وذلك من خلال السماح بنشوء أحزاب إسلامية[2][2] متعددة – وغيرها – لكسر الاستقطاب الحالي بين النهضة والحزب الحاكم بما يتيح توزع أصوات الجماهير المناصرة للتوجة الإسلامي على أكثر من حزب وما قد ينتج عن ذلك من تحالفات متعددة قد يكون بعضها في صورة تحالف حزب إسلامي مع السلطة الحاكمة ، أو تحالف حزب إسلامي مع حزب عروبي ، أو تحالف حزب إسلامي آخر مع أطياف المعارضة الأخرى، أو تحالف الإسلاميين مع بعضهم البعض وهذا كذلك مفيد لأنه تحالف متنافسين فهو أدعى للعدالة والديمقراطية وأبعد عن الاستبداد وغلبة الحزب الواحد؛ حتى إذا قدر للتحالف الإسلامي – كحالة قصوى – مثلا أن يفوز بالأغلبية فلن يكون ذلك مدعاة للاستبداد لكونه مكونا من كتلة من الأحزاب التي وإن اجتمعت على أديولوجية مشتركة إلا أنها بلا شك ذات مصالح مختلفة وذات أفهام متنوعة وبرامج مختلفة لإدارة البلد .

إنه مما يحز في القلب أن يرى المرء العالم يتحرك من حوله نحو مزيد من الديمقراطية والتسامح، وما الحراك السياسي الدائر في المغرب والجزائر هذه الأيام إلا مثال على ذلك، ثم يلتفت إلى بلده فلا يجد إلا القطيعة والانسداد السياسي ، ولقد كتبت مقالا سابقا في Tunisnews  بتاريخ 14-11-2004 بمناسبة إطلاق سراح المساجين السياسيين من أعضاء حركة النهضة وثمنت هذه الخطوة وهنأت رئيس الدولة السيد زين العابدين بن علي على ذلك، ولكن ما راعني الا والجهات الرسمية تعلن من جديد بأنه لاوجود لمساجين رأي في تونس بل كل ما لديها مجموعة من سجناء الحق العام، الذين نالهم عفو الرئيس.

ولقد شاركت عبر الهاتف مؤخرا في ندوة عقدتها قناة المستقلة الفضائية حضرها السيدان : سمير العبدلّي ، وبرهان بسيس، دارت حول حقوق الانسان وأفاق الانفتاح السياسي في تونس ، وشارك فيها عبر الهاتف أيضا كل من السيد سمير عطية ومحمد العماري، خرجت منها مسرورا ومرتاحا إلى التفهم الذي أبداه الجميع والرغبة الصادقة في التجاوز عن الماضي والنظر إلى المستقبل بروح ملؤها التفاؤل والسعي لإجاد حل للمشكل السياسي في تونس ، ومن المسائل التي أجمع عليها المتحدثان والمتدخلون أيضا – رغم اختلاف توجهاتهم الفكرية – مسألة إطلاق سراح جميع المساجين السياسيين وغلق هذا الملف نهائيا وهو أمر أتمنى أن يجد آذانا صاغية لدى السلط في تونس وعناية خاصة من طرف رئيس الدولة السيد زين العابدين بن علي حتى تتم الفرحة للجميع.كما أتمنى على د. محمد الهاشمي حمدي أن يسخر قناته لحوارات مستقبلية حول المشكل السياسي في تونس وأفاق حله يستدعي لها نخبة من المعارضة وممثلين عن السلطة؛ إذ بمثل هذا الحوار الهادئ والرزين يمكن أن نصل إلى وفاقات ونجنب بلدنا كثيرا من الويلات ولنعتبر بجيراننا في المغرب والجزائر فرغم ما حصل في الجزائر من جراحات ودماء إلا أن الرئيس الجزائري أبوتفليقة أبدى حزما ظاهرا على المضي في عفو تشريعي عام يمهد له بإجراء استفتاء عام في البلد ، ولئن كان الوضع في الجزائر يحتاج لمثل هذا الاستفتاء الشعبي لاختلاط السياسة بالثأر في الأزمة الجزائرية فإن الوضع في تونس لايحتاج لأكثر من قرار رئاسي وإرادة صادقة لدى الجميع للتجاوز عن الماضي.

الأجدر بتونس وأهل تونس وحكام تونس أن ينظروا إلى المستقبل ويتخطوا المرحلة الماضية بما فيها من آلام وأضغان من أجل بناء وفاق وطني حقيقي ينعم فيه الجميع بالحرية والأمن والسلامة وتتكاتف فيه الجهود من أجل تونس ونهضة تونس ورقي تونس بين الأمم فليس الآخرون بأجدر منا بذلك.

د. عمر النمري – كاتب تونسي مقيم بلندن

drnemri@hotmail.com

[2][2]  أعرف جيدا قانون الأحزاب الذي لا يجيز قيام أحزاب في تونس على أساس الدين أو اللغة أو العرق ، ولكنه أمرا دستوريا مهدت له إرادة سياسية ، يمكن أن تمهد لعكسه إن بانت المصلحة في ذلك وآلية الاستفتاء آلية جيدة للحسم في مثل هذه المسائل سبق العمل بها في مسائل مشابهة مثل الدورات الانتخابية لرئيس الدولة.

                            مائة مصباح من مشكاة النبـــــــــــــــــــوة

                                    الحلقة الثامنة والعشرون

أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال  » سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجلان تحابا في الله إجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منها حتى يعود إليها ورجل دعته إمرأة ذات مال وجمال فقال إني أخاف الله ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل أنفق في سبيل الله مالا فلم تعلم شماله ماذا أنفقت يمينه « .

ـــــــــــــــــ

شواهده الايات الجامعة المحيطة بأكثر خصال المؤمن كأية البر في البقرة مثلا وغيرها كثير.

موضوعه : ظل الايمان في الدنيا طريق إلى ظل الله يوم القيامة .

ـــــــــــــــ: شعب الايمان متعددة لا تحصى وكلها سبل إلى الجنة .

ـــــــــــــــ: المؤمن عابد وهو إمام وعابد وهو أخ للانسان وعابد وهو يعرك المال والزينة.هذا حديث جامع شامل بحكم إحاطته بمعاقد حياة الانسان فهو يتناول الشأن السياسي بتعبيرنا المعاصر ويجمع إليه شؤون الشباب وما يتعلق بها من تنشئة وتربية وتعليم وكذلك شؤون الاخوة الانسانية المبنية على الحب وشؤون العبادة سيما الصلاة وشؤون الجماعة من خلال صلاة الجماعة وقضايا الجمال والزينة ومتاع الدنيا بالعلاقة مع الجبهة الداخلية للانسان صحة وقوة وضعفا وترهلا وقضايا المال والكسب وعدالة التوزيع الاقتصادي . وهل الانسان فردا وجماعة سوى قلب يحب وينكر وأسرة تتربى مع مطلع كل شمس على قيمة معينة من الصلاح أو الفساد وتعايش مع الاخر المختلف فيما هو دون الدين أو فيما هو فوقه ضمن جماعة إما أن تتآخى وإما أن تتخاصم وكسب دنيوي أبرز ما فيه المرأة والمال وبعد سياسي إما أن يسوده العدل وإما الظلم.

فالاصناف السبعة من الامة تغطي سائر مظاهر حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية والسلوكية والعبادية .

العدل أرحب الابواب لظل الله يوم القيامة فكيف السبيل إلى الامامة العادلة : الترتيب الوارد في الحديث النبوي ليس إعتباطيا فكل شئ عند رسوله عليه السلام بقدر مقدور وحديثه عن الامامة العادلة في المقام الاول يعني أمرين لا ثالث لهما أولهما أن الانسان مكرم بالامامة في الدين والدنيا معا وكل مؤمن هو إمام لمن يليه من المؤمنين أقل منه حظا فضلا لمن سواهم فإن لم يطعم ذلك فليس له من الامامة من قطمير وليست الامامة تعني العصمة بل تعني رجحان رصيد بنك الايجابية على رصيد بنك السلبية كما تعني القيومية على تكاليف التعليم والتوجيه والارشاد والقدوة والبذل والثبات والاخلاص وخاصة عند الازمات والنكبات فالانسان خلق ليكون إماما لا مأموما فمن أمن فلا مناص له من تقمص مكانه منها ومن أبى فهو مكرم أبدا أما المعنى الثاني لايراده عليه السلام مقام الامامة العادلة في الدرجة الاولى فهو أن العدل صنو الامامة وقرينها الذي لا ينفصل عنها فالانسان إمام بالعدل والعدل خلق يتحرق عليه قلب مؤمن يرجو ما عند الله سبحانه ويخاف عذابه قبل أن يكون محصورا في ناحية سياسية لحياة شعب أو أمة تماما كالشورى فكلها في الاسلام أخلاق كالكرم والشجاعة والحياء . لماذا يكون باب الامامة العادلة أرحب أبواب ظل الله سبحانه ؟ لان الله أودع في كونه ناموسا إسمه  » أحب الناس إليه سبحانه أنفعهم لعباده  » ولاشك أن الامام عامة أنفع الناس لعباده فكيف إذاكان ذلك الامام يتبوأ مقام القيادة السياسية فلا ريب أنه بإمامته وبعدله معا يكون أكثر الناس للناس نفعا ومن ثم إلى الله قربا. وفي ظني أن الله برحمته سبحانه يجزي كل من عمل بإخلاص وجد وعلم وبصيرة لا بتنكب وغوغائية علىدرب توفير شروط قيام الامامة العادلة عملا بقانون  » الدال على الخير كفاعله « .وبالنظر إلى واقعنا المعاصر فإن العمل الجماعي علىدرب توفير تلك الشروط كفيل بتوفير سائر السبل الستة الاخرى المفضية إلى ظله سبحانه يوم القيامة فبالعدل يجد المسجد تحت الشمس مكانا والعابد فيه حرية وكذلك الناكح تعففا والكاسب مالا بسطا وخفضا والتآخي إمتدادا الخ…

الاسرة هي البوابة الرحبة ا لثانية إلى ظله سبحانه : الشاب الناشئ في عبادة الله سبحانه لابد له من أسرة تكتب بمداد الود ونور الرحمة ثم تنجب الولد فتربيه بالقول والعمل وتتعاون في ذلك مع البيئة الصالحة وكل صالح سليل أسرة صالحة كنحلة تضع للناس شفاء ولذلك فإن الامة بخير كلما كانت فيها مؤسسة الاسرة وقيم التربية والتعليم والتعاون وسائر ما يتعلق بها مصونة وكل إعتداء على قيمة الاسرة سواء في جانب الام أم الابوة أم الطفولة والشباب هو إعتداء على مستقبل الامة أي مستقبل الاسلام أي مستقبل البشرية جمعاء ورغم أن محضن الاسرة لا يكفي اليوم خاصة لتنشئة الشاب العابد بحكم تغول وظائف البيئات الاخرى وخاصة الاعلام الكار بجحافله يحتكر التنشئة والتربية ويفتكها من الاسرة رغبا ورهبا في قعر بيت الاسرة فإنه لا مناص من تثبيت دعائم الاسرة وفق قيم الاسلام إستبعادا لاكثر الاخطار وتحملا لادناها وبالخلاصة فإن الاسرة التي عينها عليه السلام في الدرجة الثانية هي آخر قلاع الامة وحصونها.

الاخوة الانسانية هي البوابة الثالثة إلى ظله سبحانه : الاخوة البشرية بل الكونية قبل أن تكون واجبا شرعيا أو ضرورة واقعية هي حقيقة سننية وسببية وخلقية وكونية وإجتماعية في المنظور الاسلامي بحكم قانون  » ياأيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة « . ومن شأن الوحدة الاصلية أن تورث الحب فإذا أبى ذلك آب لعدم إعترافه بذلك فإن الحب يستحيل تعاونا فإن إستحال ذلك آن أوان التعايش السلمي وليس بعد ذلك حبة خردل من إنسانية وليس بعد ذلك سوى الاحتراب المشروع والمقتول فيه شهيد والظالم فيه باغ عاد . ولم إحتلت الاخوة هذه الدرجة المتقدمة ؟ ليس ذلك لسواد عينيها بل لوظائفها ومقاصدها وهي إرجاع الناس إلى الاصل الاول الاصيل أي الوحدة الخلقية فضلا عن وحدة المصير والرسالة وهي كذلك تنمية موارد التعاون بين الناس على الخير وهي كذلك تضييق مجالات الاحتراب وفتح مساحات السلام والحرية فكيف لا يجازى المجاهدون في ساحة المؤاخاة الانسانية بنية تحقيق تلك المقاصد العظمى النبيلة بوضعهم في أقرب الطوابير إلى ظله سبحانه يوم لا ظل إلا ظله . وربما الاهم من ذلك كله أو هو من صلبه هو أن الانسان أول مايتبلى في الانتصار على هوى نفسه الامار له دوما بالرفعة على غيره فإن قمع هواه ووصل درجة الحب فالتآخي فالتعاون فبث السلام فقد إنتصر في الساحة المحددة للمعركة الازلية وما دونها ثانوي صغير ومثل هذا الجهاد يجازى بذلك بل باكثر منه.

المسجد والجماعة هي البوابة الرابعة إلى ظله سبحانه : أروع سؤال يسأله الانسان الناجح هو لم كانت الصلاة عماد الدين ولم كان الدين عماد الاسلام ولم كان الاسلام عماد الحياة ولم كانت الحياة عماد الوجود ؟ والجواب بإقتضاب شديد هو أن الصلاة كفيلة لو إلتزم بها المصلي قلبا وقالبا وليس طغيانا لهذا على ذاك أو إخسارا لهذا من ذاك بإرجاع الانسان إلى أصله أي إلى روح الله فيه وكلما فعل ذلك بوعي وإلتزام إنقمعت دواعي الطغيان فيه فبسقت أشواق الانسانية فيه فنفع نفسه ونفع الناس ولو ترك سدى لرتع في بيداء الفواحش وركض فمات شر ميتة كما ماتت الضفدعة النهمة تورما من شرب الماء فالانسان بدون صلاة هو عدو نفسه حتما وحتى يتعدى نفع الصلاة إلى الناس فرض الله سبحانه علينا مرة واحدة في الاسبوع صلاة جماعة وهي صلاة الظهر من يوم الجمعة ورغب فيما دون ذلك من الصلاة وخاصة في الاعياد والمناسبات وليس ذلك لسوى إشعار الانسان أنه يعيش في جماعة لها عليه حقا وله عليها حقا وهو إشعار يقول بأن المؤمن مهما كان مصليا وعابدا ومخلصا فإنه معرض حتما للبوار لو لم يعبد مع سائر ا لعابدين وهذا الضرب من المعاني اليوم نحسب أنه أشد بروزا لما آلت إليه حياتنا من تعقد وتشابك وتجمع يستحيل معه الانفراد والتفرد والابتعاد والتقوقع وخير ما يرفع عز المسلمين ويبني هيبتهم المساجد الفاخرة العظيمة المتألقة بمآذنها تجبى إليها نفائس الدنيا من كل صوب وحدب إيذانا بأن المسجد مكان عبادة محرم لا يحسن غير رفع شعائره وتعظيم حرماته تصدح تكبيراته فتوقظ النومان وتنبه الغفلان وتبعث على الامل وتنشر التوحيد وما يعمرها من مناشط بعد ذلك كفيل بتحرير العقول وتزكية النفوس والعض بالنواجذ على التجمع والوحدة خير يحفظ على المسلمين بركة الله عليهم لذلك إستحق أهل الصلاة والمساجد الفيء إلى ظله الممدود سبحانه .

ثلاث بوابات أخرى نعجل فيها القول : الانفاق والعفاف وحياة القلب : لم يبتلينا سبحانه بأشد من المال والمرأة فالفائز فيهما سوي الخلق والنفس ناجح في دنياه مستحق لظله سبحانه أما المترف النهم فيهما كالذباب فهو لما حشر نفسه فيه وليس لدمعة خالصة له سبحانه من جزاء سوى ظل ممدود وماء مسكوب فهي أحق بالامن يوم يفزع الامنون من مكره في الدنيا .

                                                         الهادي بريك / ألمانيا