الجمعة، 3 فبراير 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2083 du 03.02.2006

 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان –  فرع القيروان: بيان

احتجاجات نقابية وشعبية على الإساءة إلى الرسول الأكرم  صلّى الله عليه وسلّم في بنقردان

الطاهر العبيدي: يومية فرنسية تكرر نشر الصور المتهكمة على رسول الله مرسل الكسيبي: صدى الرسوم في ألمانيا أولئك أفسدوا حوار الحضارات عبد الحميد الحمدي:واجب الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم عبدالحميد العدّاسي: هذه الاحزاب، فماذا نحن فاعلون؟! د. رجاء بن سلامة: ردود الفعل الكاريكاتوريّة على الرّسوم الكاريكاتوريّة

إحسان عافي: دعوة إلى الإبتعاد عن « التّبوجيد والتّبوهيل »     علي شرطاني: اليسار وديمقراطية رفض الآخر أ. عبد الرؤوف العيادي:نهاية مرحلة « التنافس الحزبي » وبداية « مرحلة العمل الوطني من أجل البديل الديمقراطي نورالدّين الخميري: عندما يصبح الوطن غير الوطن الاستاد عزالدين شمام: حماس المنتصرة ولعبة الضغوط و التوازنات تركي علي : أميركا و «حماس» والأحكام الأيديولوجية د. محمد صالح المسفر: ضجة كبري في فلسطين والعرب يتفرجون


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان –  فرع القيروان  القيروان 03 فيفري 2006 بيان
 
تعرض عدد من المعلمين النقابيين  للاعتداء يوم الخميس 02فيفري 2006 بينما كانوا في طريقهم إلى الإدارة الجهوية للتعليم لتبليغها احتجاجهم على تصرفها تجاه مطالبهم المهنية وحمايتها لمسؤولين إداريين وبيداغوجيين .فقد اعترضت  جحافل من البوليس بالزي المدني طريقهم ومنعتهم من الوصول وتعرض بعضهم إلى العنف المادي واللفظي. وفرعنا: – يؤكد مساندته للمعلمين والنقابيين  بالجهة ووقوفه إلى جانبهم في الدفاع عن المؤسسة التعليمية وحمايتها من التجاوزات. – يندد بالعنف الذي مافتئ يستهدف كل أطياف المجتمع المدني بالجهة ويذكر بما تعرض له العديد من النقابيين والحقوقيين والسياسيين والطلبة بجهة القيروان من تجاوزات خطيرة في الأشهر الأخيرة. – يعتبر ان الحق النقابي هو من الحقوق الأساسية للمواطنين وان انتهاكه من أية جهة كانت يمثل خرقا سافرا للقانون . – يدعو مرة أخرى السلطة للتخلي عن الأسلوب الأمني في مواجهة التحركات السلمية واحترام حقوق المواطنين في التعبير.   عن هيئة الفرع الرئيس مسعود الرمضاني

 


بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم  ورحمة الله وبركاته

احتجاجات نقابية وشعبية على الإساءة إلى الرسول الأكرم  صلّى الله عليه وسلّم في بنقردان

  بدعوة من النّقابات المهنيّة في مدينة بنقردان بالجنوب التونسي تجمّعت حشود عمّالية وشعبيّة بمقرّ الاتحاد المحلّي للشغل بعد صلاة الجمعة يوم 03 – 02 – 2003 للتعبير عن غضبها الإسلاميّ على ما نشرته الصحيفة الدنماركيّة الحاقدة وغيرها من رسوم كاريكاتوريّة حمقاء تنتهك حرمة الرسول محمّد  صلّى الله عليه وسلّم  وتمعن في الإساءة إلى نبيّ الرحمة ورمز عزّة المسلمين مستهترة بمقدّسات هذه الأمّة، وقد طلبت عناصر الأجهزة الأمنية من المتجمعين أمام مقرّ الاتحاد عدم مغادرته مازجة في خطابها بين اللغة الديبلوماسية المرنة والتخويف باستخدام القوّة لمنع المحتجين من الالتحام بالشوارع وجماهير الشعب وحاولت ضرب طوق من البوليس السري حول المكان وشكّلت حزاما جسديّا أمام المتجمعين الّذين أصرّوا على الخروج إلى شوارع البلدة وفرضوا إرادتهم في تدافع مع العناصر الأمنية التي أسقط في أيديها وغلبتها قوّة الدّفع الجماهيريّ، فانطلقت الجموع الغفيرة الغاضبة تجوب الشوارع وتتكاثر أعدادها في مشهد عزّة جدّدت فيه الجماهير ولاءها لهذا الدين وبيعتها لرسولها الخاتم عبر الشعارات التي ردّدتها الحناجر واللافتات الّتي رفعتها السواعد، وقد أحرقت الحشود العلم الدنماركي ومزقت ما لم يحترق منه وطالبت بمقاطعة البضائع الدنماركية واستنكرت هزال الموقف السياسي الرسمي من الأحداث، وبعد جولة حاشدة عادت الجموع إلى مقرّ الاتحاد حيث ألقى بعض المشاركين في التظاهرة الشعبية كلمات مؤثّرة وضّحوا فيها أهداف الاحتجاج وجدّدوا الحديث عن مطالب التحرّك الذي كان حضاريّا سلميّا فرض فيه المشاركون إرادتهم وعبّروا عن وعي عال وسلوك متّزن ورغبة حقيقية من أبناء هذا الشعب الجريح في التعبير الحرّ المعتدل عن آرائهم الّتي صادرتها دولة القمع وتكميم الأفواه في تونس الخضراء التي ستظلّ منغرسة في هويّتها وفيّة لأمتها منخرطة في همومها رغم أنف العصابة النوفمبريّة . * الرجاء نشر هذا النصّ في نشريتكم الغرّاء وإبلاغ قناة الجزيرة بهذا التحرّك لعلّ انتشاره الإعلامي مفيد لبقيّة أرجاء الوطن والسلام ( المصدر مراسلة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 3 فيفري 2006 )   


يومية فرنسية تكرر نشر الصور المتهكمة على رسول الله

الطاهر العبيدي
في عددها الصادر يوم الأربعاء 1 فيفري 2006، نقلت الجريدة الفرنسية اليومية  » فرانس سوار » التي تعني  » فرنسا المساء »، تكرار نشر الصور الكاريكاتورية، المسيئة للنبي محمد صلع وعددها 12 صورة، منقولة عن الصحيفة الدانماركية  » جيلاندز لوستن « ، والتي أثارت مشاعر غضب واستياء واحتجاجات شعبية ورسمية في العالمين العربي والإسلامي، ولا زالت تثير كثيرا من الردود والتنديدات المتذمّرة من الإساءة للمقدّسات، بلغت حد المقاطعة للمنتوجات والبضائع الدانماركية، تعبيرا عن الرفض بالاستخفاف بالرموز الإسلامية، مما حدا بالصحيفة الدانماركية إلى  نشر رسالة اعتذار، ولا زالت السلطات الدانماركية تمتنع عن الاعتذار بحجّة عدم مصادرة حرية التعبير.  وجاء عنوان الصحيفة الفرنسية في الصفحة الأولى  » نعم لنا الحق في رسم كاريكاتور عن الله  » رافقه تعليق يقول:   » إن نشر 12 صورة كاريكاتورية في الصحافة الدانماركية، أثار صدمة في العالم الإسلامي، لأن رسم الله ونبيه محرّم، بيد أن العقد الديني لا يمكن أن يفرض على مجتمعات ديمقراطية لائكية، فإن فرانس سوار تنشر الصور المجرّمة »   افتتاحية الصحيفة الفرنسية اقترن نشر الصور الكاريكاتورية بافتتاحية عبّرت فيها الصحيفة الفرنسية بوضوح، بأنها تتحمّل تبعات إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل، وأنها مستعدة لدفع الضريبة في سبيل حرية التعبير، مضيفة إن كان الإسلام يحرّم نشر صور محمد وصور الله بدعوى تحريم التجسيد، فإن هذا القانون لا يلزم غير سكان الضفة الأخرى، هؤلاء الأسرى داخل أفكارهم، ولا يلزم مجتمعات ديمقراطية لائكية، بيد أن هؤلاء غير قادرين على استيعاب هذه الحقيقة، مسترسلة في القول نحن لا نعتذر أبدا من أجل أن نكون أحرارا في التفكير وفي الكتابة وفي القول، ولنا الحق في رسم محمد، ورسم الله، والمسيح ويهوى، وبوذا وهذا يسمى حرية التعبير في بلد لا ئكي، ولئن غضب هؤلاء المؤمنين بديانتهم بجانب ثقافات أخرى في بلد دولته دون ديانة رسمية، فإننا أيضا نكون قطعيين في ممارسة حرية التعبير، وفي ظل هذا اللاتسامح الديني الذي لا يحتمل أي نقد، يجب أن تقع ثورة على المفاهيم المكبلة للعقل، وتواصل الصحيفة افتتاحيتها مستخلصة القول، ليس لأن الإسلام يحرّم أشياء على أتباعه، يجعل من غير المسلمين الخضوع لقوانينه، وتعرّج في استغراب مبطن، ممن يرجى طلب الاعتذار من الإخوان المسلمين، من سوريا، من الجهاد الإسلامي، من وزارات الداخلية للبلدان العربية، هؤلاء الذين يرفضون منح الحرية لمواطنيهم، إنه عالم بالمقلوب؟ لتختم الصحفية افتتاحيتها بالقول كفاية دروس، هذه الصور وقع تجريمها دون أي مبرر عنصري، فهي صور طريفة وأخرى أقل طرافة، غير أنها لم تتجاوز الحق في حرية التعبير.
 
الكاتب العام لمنظمة مراسلون بلا حدود في نفس الصفحة التي نشرت فيها الرسوم الكاريكاتورية وحول هذه القضية، حاورت الصحيفة  » روبار مينار » الكاتب العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، المعروفة بالدفاع عن الصحفيين في العالم، الذي أجاب، أنا لا أفهم الجدل حول هذه الرسومات، مضيفا أن حرية الصحافة من الحقائق الثابتة، حتى وإن كانت لاذعة، وأنا لا أعرف حدودا لهذه الحرية، سوى سببين الدعوة للعنف، وتشويه أعراض الناس، معتبرا أن الدانمارك هي نموذجا لحرية الصحافة في العالم، وهي من بين الدول الخمس الأوائل في العالم، التي تعتبر قدوة في حرية التعبير والصحافة.   وللإشارة فإن صحيفة  » فرانس سوار » تعرّضت في السنين الأخيرة إلى هزات مادية صعبة، وعانت من التخبط في الأوضاع المالية الضاغطة، وصلت بها إلى تسريح عدد من العاملين، وتعاني من هبوط مبيعاتها بشكل كبير، وتراجع قرائها حتى باتت في أسفل درجات الترتيب للصحف الفرنسية اليومية، وانفض من حولها القراء، وقد وصلت في العديد من المرات إلى حافة الإفلاس، غير أنها في المدة الأخيرة أنقذت ماديا، بواسطة شرائها من طرف رجل أعمال فرنسي مصري الجذور يسمى  » ريمون لكح  » ويرى بعض الملاحظين أن صحيفة  » فرانس سوار » اختارت الالتجاء إلى نشر هذه الصور المسيئة للنبي محمد صلع، تحت عنوان حرية التعبير، والحقيقة أنها بهذا الفعل تبحث عن الشهرة وتسليط الأضواء، في محاولة منها لشد الانتباه، بغية جذب القراء وجلب التعاطف الإعلامي، بعدما أصبحت عنوانا لا يثير فضول القارئ الفرنسي.    أصـــــداء في اليوم الثاني من نشر الصور الكاريكاتورية، أي في الثاني من شهر فبراير 2006، صدرت صحيفة « فرانس سوار » بعنوان آخر على صدر الصفحة الأولى، يقول  » النجدة لقد أصبحوا مجانين » وفي الداخل عنونت بالخط الكبير  » اللاتسامح الديني أو اللائكية » تطرقت إلى بعض ردود الفعل بعد نشر الرسومات، ذاكرة أن كامل اليوم ظل هاتف الجريدة يستقبل المكالمات الهاتفية الكثيرة جدا، المتراوحة بين الغضب والتهديد والتفهم والاستفسار، ملمحة أن الجريدة كما ذكر العديد من  القراء الذي هاتفوهم تمر بظروف صعبة، غير أن لا تنازل عن حرية التعبير، وعرّجت على ردود فعل الصحافة العربية ومختلف المنابر والفضائيات، التي تحدثت عن الجريدة، وتعداد الإذاعات والمحطات والمنابر الأوروبية التي وجدت شجاعة في نشر الرسومات، معتمدة على جرأة  » فرانس سوار » وكأنه استبشار خافت، بهذه الخبطة الإعلامية،..   هذا وقد اتخذت الخارجية الفرنسية مسافة من الصحيفة، من خلال تصريح وزير الخارجية  » دوست بلازي » الذي قال أننا لا نسمح بالاعتداء على المقدسات الدينية واحترام ثقافات الآخرين. وقدم مالك الصحيفة رجل الأعمال الفرنسي من جذور مصرية، اعتذاره ترجمه في إقالة رئيس ومدير الجريدة  » جاك لوفران »، مع العلم أن المغرب وتونس منعت صحيفة  » فرانس سوار » التي بها الصور الكاريكاتورية من الدخول، احتجاجا على عملية النشر التي تدل على موقف مشابه ومساند ضمنيا للصحيفة الدانماركية، واستقبل عميد مسجد باريس، ورئيس مجلس الديانة الإسلامية بفرنسا السفير  الدنماركي، بطلب من هذا الأخير لزيارة المسجد وعرض وجهة نظره من قضية الرسومات، في محاولة لامتصاص الغضب الإسلامي المتنامي تجاه الدانمارك.. وللتذكير فإن فرنسا يوجد بها أكثر من 5 ملايين مسلم، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية والثقافية المتطورة، بين فرنسا والعالم العربي مما يجعل السلطات  الفرنسية في حالة حرج من نشر هذه الرسومات التي تأجج مشاعر العدى والكراهية، وتبقي الأسئلة مشتعلة حول ردود أفعال الجالية المسلمة، تجاه هذه الإساءة  خصوصا وأن فرنسا لا زالت تلملم جراحات أحداث الشغب، التي اجتاحت الضواحي في الفترة الأخيرة، والتي تسكنها أغلبية من الشباب ذوي الجذور المسلمة الغيورين على المقدسات، رغم أن الغالبية غير متدينة.


بسم الله الرحمن الرحيم
 
صدى الرسوم في ألمانيا
التقرير كما نشره موقع الحوارنت على الصفحة الرئيسية
التقرير كما نشر على صحيفة سعوديات المستقلة على صفحة استقبالها الرئيسية
التقرير كما نشرته مجلة العصر على صفحتها الرئيسية
 
نذكر الاخوة الكرام بأننا كتبنا التقرير لموقع الحوار نت لكن ذلك لايمنع الاستفادة منه على مواقعكم الموقرة ونعدكم مستقبلا في تونس نيوز أو نواة أو موقع اللقاء بمراسلات خاصة,

هذا ونذكر الاخوة بأن نشرنا للتقرير على مواقع صحيفة سعوديات ومجلة العصر جاء نتيجة ارتباطات مهنية وتطبيقية

 

صدى الرسوم في ألمانيا أولئك أفسدوا حوار الحضارات مرسل الكسيبي reporteur2005@yahoo.de  
 
الحوار نت-تقرير خاص من ألمانيا

تداعيات أزمة الرسوم الكاريكاتورية وتطوراتها ألقت بظلالها الحزينة والمؤلمة على الصحافة الألمانية ,فبين ناشر لبعض تلكم الصور الوضيعة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبيل يومين كما هو شأن دي فيلت احدى كبريات الصحف العريقة في الجمهورية الفيديرالية ,وبين داع الى اعادة النظر في حدود حرية التعبير والصحافة وبعض المفاهيم العلمانية كما هو شأن الصحفي الألماني بيتر فيليب الذي كتب قائلا « لكن في الوقت عينه، لا بدَّ من اعادة التفكير ومراجعة مسألة الفصل بين الدين والدولة في المجتمعات العلمانية. وكما جرى النقاش بُعيّد مقتل المخرج الهولندي « تيو فان غوغ »، يتعين على الأقل إعادة التفكير والبحث فيما إذا كانت بعض قوانين حرية الصحافة والرأي يجب أن تبقى على حالها بلا روابط، أو إذا ما كان عليها أن تُعدَّل لتصبح مثل كافة الحريات الأخرى، التي تنتهي حدودها حيثما تبدأ حرية الآخرين الحدود في هذه الحالة هي حرية الممارسة الدينية وحق الأقليات بالحماية وعدم الملاحقة أو حتى التجريح وحسب. للأقلية الدينية الحق بالحماية من هذه الاعتداءات –والمسلمون أقليةٌ في الديمقراطيات الغربية، ومن واجب الأكثرية أن توفر وتضمن هذه الحماية. وإلا فلن يبقى من أُسس الديمقراطية الكثير » غير أن بعضها الاخر نحى وجهة ليبيرالية ليبدي مخاوفه من سطوة رجال الدين والديانات على واقع حرية الاعلام وهو ماأكدته صحيفة التغس تسايتونغ اليسارية حيث كتبت في أحد تعليقاتها مايلي « هذا مطلب لا يمكن تحقيقه، إذا كنا لا نريد أن يحدِّد لنا القساوسة أو الأئمة أو الحاخامات ما نقرأ أو نسمع أو نشاهد. هذه السلطات الدينية أثبتت نفسها ولأمدٍ طويل باعتبارها سلطات مضطهدةً لحرية الرأي » أما عن الجانب الاسلامي والجاليات المسلمة فان مواضيع خطب الجمعة لم تخل هذا اليوم في أول جمعة من السنة الهجرية الجديدة من التطرق الى الموضوع من منطلق الغيرة على النبي محمد صلي الله عليه وسلم وما حمله الى الناس كافة من رسالة اصلاحية عالمية وخيرية,اذ لوحظ أن بعض الأئمة امتشق بلسان عربي مبين شأن بعض من أساء اليه عليه أفضل الصلاة والتسليم ليبين أن هذا الأمر من أمارات كماله الخلقي والخلقي ومن دلائل اكتمال الرسالة التي حملها بل دلل من خلال بعض النصوص المأثورة ومن خلال بعض شواهد الصحابة الكرام على أن بعضهم كان يؤكد على أنه كلما اتجه الأمر الى القدح والتحقير والاستنقاص من قدر النبي المصطفي وخاتم النبيين الا وكانت القرائن مبشرة بقرب انتصار هذا الدين العظيم ولقد أخذني الشغف بالموضوع وماأحدثه من صدمة عظيمة في نفوس الأقلية المسلمة بألمانيا الى الرغبة في معرفة مشاعر المتعبدين في فريضة الخطبة والصلاة فكان أن لامست في الوجوه انكسارا وشعورا بالاذلال وخشوعا أمام هيبة ونورانية من استهدف بالصور الوضيعة تحت يافطة حرية التعبير وعودا الى وضع الأمور في اطارها الفكري والتحليلي فان هذه الصور واعادة نشرها على نطاق واسع في أكثر من بلد غربي يكاد يكون قد أحدث شرخا عميقا في مستوى العلاقات القائمة بين دول الجنوب المسلم ودول الشمال متعددة الأعراق والديانات ,ولعل من أقدم على هذا العمل سواء بشكله القصدي أو العفوي لم يدرك بأن مثل هذا العمل يمكن أن يتطور الى هدية في يد اليمين المتطرف في بلاد الغرب أو الى حجة ليس من السهل دحضها في يد بعض الجماعات الدينية التي تؤمن بالعنف المسلح في بلاد العرب والمسلمين وللأسف الشديد فان جماعات اليمين الأوروبي والغربي تبحث عن كل ماهو غير مسؤول لتحاصر بذلك عبر ردود الفعل غير المسؤولة لبعض المسلمين عبر حرق بعض أعلام دول عضوة بالاتحاد الأوربي أو عبر الاعتداء على مكاتبها الديبلوماسية ,لتحاصر بذلك وجود الاسلام على أرضها أو لتشدد الخناق على الأقليات المسلمة أو تنحو بشكل أو باخر نحو اضطهادها أما عن الجماعات السرية في عالمنا العربي أو الاسلامي والتي طالما طعنت في أطروحة الوسطيين المعتدلين من الذين قرروا خوض الغمار الانتخابي والمشاركة الهادئة والسلمية والايجابية في الحياة العامة ,فانها اليوم تجد نفسها أمام هدية غير مسبوقة من قبل الغلاة الجدد اذا صح التعبير من أجل تحفيز الأنصار من حولها وتضخيم الدعايات بأن مايواجهه المسلمون هو عين الحرب الصليبية الجديدة ومن هنا الانقضاض على ماحققه أنصار ودعاة الحوار بين الحضارات ولعل ماتفعله بعض الجهات غير المسؤولة في بعض وسائل الاعلام الغربية ,من شأنه أيضا أن يقرب المسافات بين الشعوب والحكام ,بعد أن بات من السهل اقناع كل ذوي العقول حتى من داخل الجهات الرسمية والأحزاب الحاكمة بأن الخطر يتهدد الجميع وأن عقائد الاسلام باتت عرضة للاستهزاء والسخرية ,وهو مالم يضعه المشرفون على هذه الصحف قيد الحسبان اننا اليوم نجد أنفسنا أمام موقف شعبي ورسمي عربي واسلامي متناغم ,فماأقدمت عليه الحكومة التونسية والمغربية من ايقاف دخول جريدة لوسوار لأراضيها الوطنية ,وماأقدم عليه قادة الايسيسكو في نص بيانهم الختامي من توصيات في قمة تونس وكذلكم الموقف السعودي والكويتي المتقدم يضاف الى ذلك الموقف الليبي سواء عبر غلق السفارات في العاصمة كوبنهاغن أو من خلال استدعاء السفراء ,كل ذلك يدل على أن نشر الصور على الصحيفة الدانماركية قبيل بضعة أشهر تحول الى كرة ثلجية ضخمة اما أن تؤدي الى الوصول الى نتائج ايجابية ترسي حوارا عادلا أو حقيقيا بين الشعوب والحضارات أو أن تتحول لاقدر الله الى نسف كلي الى ندوات ومؤتمرات وخطط واستراتيجيات استنفذت مئات الملايين من الدولارات من اجل ترسيخ قيمة الحوار بين الحضارات فكيف سيكون موقف الغرب أمام هذا التدهور الخطير والدراماتيكي الذي لن يصب الا في مصلحة دعاة وسماسرة الحرب ؟ اللهم سلم الجميع مرسل الكسيبي كاتب وصحفي تونسي مقيم بألمانيا reporteur2005@yahoo.de في 3-02-2006 الموافق للرابع من محرم 1426 هجري


بسم الله الرحمن الرحيم

واجب الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم

 
 عبد الحميد الحمدي:
 عضو المجلس الإسلامي الدنماركي
 
 في مثل هذه الأيام المباركة قبل ألف وأربع مائة وستة عشرين عاما نظر الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة وهو يودعها بعدما ضاقت عليه بسبب المنع والصد عن تبليغ دعوة الله، وما لقيه أصحابه من إيذاء وحصار طويل، وقف والحزن يعصر قلبه وهو يودع وطنه الحبيب مكة قائلا: « والله إنك لأحب البقاع إلى الله وإلى قلبي ولو أن أهلك أخرجوني ما خرجت » أو كما قال.
كانت الهجرة النبوية مظهرا رائعا من مظاهر الجهاد والتضحية فقد استطاع صلى الله عليه وسلم وهو في حماية ربه ووقايته اختراق سور السيوف المسلطة والرماح المشرعة من كهول وشباب قريش حول بيته وهنا تقف الدنيا خاشعة وترقبه واجفة منتظرة نتاج هذا الصراع بين الحق والباطل والكثرة والقلة ويتساءل هذا الكون أينصر الحق مع قلة أهله وضعفهم ويعلو الدين ويسمو التوحيد فتحل عبادة الله محل عبادة الأوثان وتقوم الحرية والعدالة مكان العبادة والطغيان مع كثرة أهلها وقوتهم أو تكون الأخرى فيسود الظلم والبلاء ويفسد الضمير الإنساني؟
ويرد القدر الجواب الحاسم لقد كتب الله للإسلام أن ينتصر وللشرك أن يندحر في هذا الغار في ذلك الجبل الأجرد والليلة المظلمة الحالكة واللحظة الرهيبة بتقرير مصير الإسلام ويهيء الله للإنسانية جمعاء أن تنال كرامتها وتسترد عزتها ويقضي الله للعقل الإنساني أن يكسر أغلاله ويودع خسرانه ويستقبل سعده وعزته ومجده. فقد أثبت التاريخ أن الهجرة انتقلت بالمسلمين من حالة الضعف إلى حالة القوة ومن الفرقة إلى الوحدة فاجتمعت كلمتهم وقويت شوكتهم وانتصروا على أعدائهم ونشروا كلمة الحق. وبين قوسين أذكر بشيء من الحسرة والألم أن هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه أوجدت مهاجرين وأنصارا اتحدت كلمتهم فأصبحوا إخوانا متحابين فما أحرانا نحن أبناء الحركة الإسلامية أن نستفيد من هذه الذكرى العظيمة والرجوع إلى الأخوة الصادقة التي عوض أن تزيده الغربة والهجرة المزيد من التلاحم أم كما هو حالنا: لقد كنا قبل مغادرتنا الأوطان إخوة متحابين في الله فانقلب وضعنا في ديار الغربة رأسا على عقب، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل لأننا ابتعدنا عن تعاليم ديننا أم أن السبل تفرقت بنا فاختلفنا على ما كان يجمعنا؟ وهنا أغلق القوسين.
أذكر هذا والرسول العظيم الذي دعا العالم بأجمعه إلى المحبة والتعايش والسلام، يتعرض إلى سيل من الصور المسيئة إلى شخصه عليه الصلاة والسلام وإلى عقيدته التوحيدية الربانية من قبل ثلة من المتطرفين المنتفعين في عدد من الدول الأروبية. هؤلاء الذين جمع بينهم الحقد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. كانت البداية قبل بضعة أشهر من الدنمارك حين عمدت صحيفة يولاند بوستن الدنمركية إلى نشر صور كاريكاتورية تسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تسيء إلى مليار ونصف المليار من المسلمين الذين يكنون لرسول الله محبة لا تعادلها محبة وهو أكبر كتلة عقائدية تعيش على سطح الأرض بدعوى حرية الإعلام والتعبير، وهذه دعوى باطلة لأن حرية الفرد تنتهي حين تمس عقائد الآخر، فما بالك حين يكون الاعتداء على خير خلق الله والمبعوث رحمة للعالمين!
لقد شعر مسلمو الدنمارك منذ البداية أن ما وقع ليس مجرد مصادفة أو شيء عابر وإنما هو حدث جلل وخطير يستعي تحركا فوريا للحد من هذا التصرف الأبله غير المسؤول، وحددنا بأن يكون تحركنا داخليا أي داخل الدنمارك بالطرق المعهودة في الرد على مثل هكذا تعد، فاجتمعت الهيئات الإسلامية الممثلة للجاليات المسلمة في الدنمارك وانبثق على هذا الاجتماع لجنة سميناها:  » اللجنة الأروبية للدفاع عن خير البرية »، وحددنا برنامج عمل منظم ومحدد على النحو التالي: 1 ـ الإتصال بإدارة الصحيفة أولا لحثها على التراجع عما صدر منها والاعتذار عما اقترفته بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على أن تنتهي المشكلة عند هذا الحد، لكن مع الأسف اللامبالاة كانت هي الجواب. 2 ـ خاطبنا الحكومة وشرحنا لها الموقف مطالبينا إياها بالضغط على الجريدة لكي تتراجع فكان الرد أن هذا من قبيل حرية التعبير التي لا يحق للدولة أن تتدخل فيها. 3 ـ اتجهنا إلى المنظمات الحقوقية والمدنية الدنماركية وطلبنا منها أن تنصفنا وتدفع بالصحيفة إلى الاعتذار فكان التجاوب ضعيفا ولا يرتقي إلى المأمول. 4 ـ اتصلنا بسفارات الدول الإسلامية طالبين منها القيام بدورها المنوط بها فاستجاب 11 سفيرا وكونوا وفدا طلب مقابلة رئيس الوزراء الدنماركي فرفض الطلب بدعوى أن الأمر متعلق بحرية التعبير. 5 ـ اللجوء إلى القضاء برفع شكوى شرحنا فيها الأمر كله وطالبنا بمعاقبة المتعدي، لكن مع الأسف جاء الرد بالرفض بحجة أن هذه القضية لا تستحق النظر فيها أمام المحاكم الدنماركية.
بعد كل هذه الخطوات التي لم تفلح في الحد من هذه الإساءات الموجهة إلى حبيبنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم استنجدنا بالعالم العربي والاسلامي فذهبت وفود إلى كل من مصر ولبنان لشرح الأمر كله فكانت الاستجابة من الأزهر الشرف ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية في المستوى المطلوب، حيث طالبوا حكومة الدنمارك بالتراجع والاعتذار وينتهي الأمر عند هذا الحد، لكن مع الأسف لم يتحقق هذا أيضا.
ومع بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وبعد تدخل حكومة المملكة العربية السعودية بسحب سفيرها ولحقتها بعض الدول كليبيا والأردن وسوريا وغيرها وأخذت المقاطعة التجارية للدنمارك من السعودية ودول الخليج تسير بسرعة كالنار في الهشيم، أخذ الموضوع منعطفا آخر تماما، وبدأ الإعلام الدنماركي يستشعر خطورة ما جرى، فكان اعتذار الصحيفة ثمرة لهذا الاحتجاج الإسلامي. ولا شك أن هذا كله يأتي مصداقا لقول الله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله » وقوله  » إنا كفيناك المستهزئين » وقوله « ورفعنا لك ذكرك » وقوله إن « شانئك هو الأبتر ».
أذكر هذه التفاصيل عما تعرض له شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم والجهود التي بذلت من قبل مسلمي الدنمارك وأنا أستحضر قصة الحبيب المصطفى مع أحد كفار المدينة المنورة حيث كان يضع له الأشواك والمؤذيات في طريقه كل ليلة فلما غاب مرة عن هذا الصنيع سأل عنه صلى الله عليه وسلم فأبلغوه بأنه مريض فعاده وكان ذلك سببا في إسلامه، تماما مثلما جرى هذه الأيام في الدنمارك حيث دفعت هذه الصور خمسين شخصا دنماركيا لاعتناق الإسلام عن طيب خاطر.  » يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ». صدق الله العظيم.


هذه الاحزاب، فماذا نحن فاعلون؟!

 

كتبه: عبدالحميد العدّاسي   آذت قريشُ الرسول صلّى الله عليه وسلّم إيذاء شديدا مفتتح الدعوة وخلال كلّ الفترة التي سبقت فتح مكة ما دفعه إلى الأمر بقتل بعضهم:  » اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة « . غير أنّ عفوه وكرمه قد شمل كلّ من أدركته عناية الله منهم، وقد كان دور المسلمين فاعلا في التدخّل لدى الرسول الكريم وتأمين المذنبين والتماس الصفح عنهم لديه صلّى الله عليه وسلّم.   أشباه القرشيين من أهل الجاهلية ونظائرهم من صحافيي جريدة اليولاندس بوستن التابعة للحزب الحاكم بالدانمارك نشروا منذ 30 سبتمبر 2005 صورا كاريكاتورية سيّئة ومتخلّفة وناطقة بما يدّخره الباطن من حقد على الإسلام والمسلمين متستّرة وراء حريّة التعبير التي تمنع الإعتراف بالإسلام كدين ووراء الديمقراطيّة التي تعاملنا نحن الوافدين في عهد اليسار الحاكم على أنّنا من صنف ثالث أو رابع في المجتمع الدّانماركي الذي يؤثر عنه كلّ خير قبل هذه الأيّام العجاف. وقد كان يمكن اجتياز هذه الحادثة الأليمة ونسيانها بالعفو والصفح كما فعل صلّى الله عليه مع أهل مكّة ومع المهدور دمهم، لو وجدت محاولات رأب الصدع وإصلاح الخطإ آذان الجريدة أو الحكومة الدانماركية صاغية. غير أنّ نظرة الدون إلى المسلمين بسبب صنائع حكّامهم فيهم جعلت المعنيين يصمّون آذانهم ويستخفّون بردود الأفعال منهم شأنهم في ذلك شأن الذي خاطبه القرآن بقوله: «  وإذا قيل له اتّق الله أخذته العزّة بالإثم فحسبه جهنّم ولبئس المهاد « .
واليوم وبعد أربعة أشهر تبدأ الاحتجاجات الصادقة المدافعة عن رسول البشرية صلّى الله عليه وسلّم فتبْهَتُ الجريدة وتبْهَتُ الحكومة ويكثر الهرج وتتبارى الخلائق في الوطنية والإخلاص إلى الدانمارك وتشتدّ المراقبة على الأفواه المهمّة فتحصى عليها كلّ الأحرف المغادرة للشّفاه.
وقد ابتلينا هنا في الدانمارك – إلى جانب قلّة عددنا – بتصدّع بنائنا: فهذا الشيخ  » أبو لبن « ، الوجه المعروف بالعاصمة كوبنهاغن، يقول كلاما للجزيرة مفاده أنّه سيكون مسرورا إذا قاطعت الدول الإسلامية البضائع الدانماركية نصرة للرّسول الكريم، كي يقول بعد يوم واحد للوسائل المحليّة ما يناقضه، حيث نُقل عنه قوله: » نحن ضدّ الحصار وسنعمل على قبر الخلاف بين الدانمارك   والمسلمين « ، ممّا جعل المتربّصين أو المراقبين يصفونه بذي الوجهين، ليجد بعد ذلك عضو البرلمان الدانماركي  » الناصر خضر  » – السوري المولد والمنشأ الدانماركي الجنسية المسلم المتحضّر كما يحلو له نعت نفسه – الفرصة سانحة كي يغرز أشواكه في جسم الرجل المتأرجح حيث يعلّق:  » أنا مسلم أيضا وقد تعلّمت من إسلامي أنّ المسلم لا يكذب ( وذلك حقّ ) وخاصّة إذا كان أماما مثل أبي لبن ( وهذا باطل لأنّ المسلم لا يكذب أبدا وإنّما فعلها نكاية في هذا الإمام ) « ، بعد أن كان غرزها في المسلمين من قبله عندما قال ناصحا للدّانماركيين: – وهو عندهم من الشخصيات المهمّة –  » أجده أمرا جيّدا أن تنشط المساعي الدبلوماسية والحوار لوقف هذه  الخرافات في الدانمارك، أمّا أن يكون هناك اعتذار فهذا ما لا أذهب إليه لعدم وجود ما يستدعي الاعتذار أوّلا، ثمّ لأنّ ذلك يعني الإذعان إلى الأصوليين. ثمّ يعلّق بعد ذلك فيقول: ينتقد بعض المسلمين الصور الكاريكاتورية لمحمّد صلّى الله عليه وسلّم ( الصلاة والسلام من عندي ) ثمّ يساعدون في حرق علم الدانمارك « .
القضيّة اليوم خطيرة جدّا، والبعض من المغالين يحدّثون النفس بحرق المصحف الشريف والاعتداء على أوّل مقوّم للمسلمين، فما نحن فاعلون وماذا أنتم فاعلون، والأحزاب الأوروبيّة قد عبّرت بجاهلية على مساعدة الدانمارك والوقوف معها في حربها ضدّ  » مقاومة الإعلام الحرّ  » وقبول كلّ ما يتقيّأه التافهون، والصحف اليوم في فرنسا وألمانيا والنرويج وأيسلندا والمكسيك حسب موقع الدي آر دي.كو  قد نشرت كلّها تلك الصور موضوع الاحتجاج، وسولانا يهدّد بسلاح منظّمة التجارة العالمية وتجميد العضويات فيها. وبعض المسلمين ممّن هبطت هممهم وضعف إيمانهم في هذه البلاد قد استبدلوا الذي هو أدنى باللذي هو خير؟!   سيجعل الله بإذنه مخرجا لا محالة، ولن يكون كلّ الدّانماركيين على شاكلة اليولاندس بوستن، ولا السياسيون في الدانمارك على شاكلة مَن عاب على السفير في السعودية تصرّفه الحكيم الداعي إلى الاعتذار، بعد أن لاحظ عمق الجرح الذي تركه ذلك التصرّف الأرعن. ففيهم الكثير الذين يقبلون التعايش وفيهم الكثير الذين يستنكرون هذا الاعتداء الصارخ على المقدّس. ولكن كيف يمكن منع هذه الأحداث ومثيلاتها في المستقبل؟… أحسب أنّه يحسن بنا ما يلي:   –        لا بدّ من العلم والترقّي فيه، ولا بدّ من فهم الإسلام فهما سليما متطوّرا يمنع الرقاب القصيرة من التطاول، فقد تندّر بعض الوضيعين في الإذاعة الدانماركية بصورنا في بلداننا الأصلية فنحن عندهم قوم متخلّفون، نتسلّط على المرأة ونمنعها حتّى من سياقة السيارة في بعض بلاد الإسلام وغيرها من النكات التي لا ترقى للذكر أو النشر.   –        لا بدّ مِن أن تُشاع الحرّيات العامّة والخاصّة وأهمّها حرّية التعبير. إذ بشيوعها نُلجِم الأفهام التي تتّهمنا بعدم التعوّد على الحرّيات، ثمّ نعلّمهم كيف يكون التعبير الحرّ وكيف تُجتبى مفرداته وتُنتقى مواضيعه. ولقد كنّا والله إذا نطقنا أخرسنا الألسنة وإذا عبّرنا استحوذنا على الألباب.   –        لا بدّ كذلك من شيوع الديمقراطيّة التي تُعِزّ أهلها وترفعهم، كي نبرهن زيف وكذب هذه الديمقراطيات وهؤلاء الديمقراطيين الساقطين الذين بنوا مجدهم على مخازن الأسلحة الكاتمة لأنفاس الضعفاء من المسلمين والصالحين. ولا بدّ في الختام من انتفاضة شاملة على الذات نرجّها فننبّهها إلى أنّ الأمر جدّ. وسوف نكون قادرين بإذن الله على منع الأقزام من تسلّق جُدُرنا، والله ناصر من ينصره….         


 

ردود الفعل الكاريكاتوريّة على الرّسوم الكاريكاتوريّة

د. رجاء بن سلامة*   هل رسول الإسلام والإسلام نفسه مهدّدان إلى هذا الحدّ بالانهيار والتّلاشي جرّاء الرّسوم الكاريكاتوريّة المنشورة في صحيفة دانماركيّة، حتّى تتعالى صيحات الفزع من كلّ مكان، وتبادر الحكومات إلى سحب سفرائها، ويبادر المتفقّهون بالمطالبة بمقاطعة البضائع الدّانماركيّة، وتبادر الهيئات الإسلاميّة الموقّرة إلى الاحتجاجات الرّسميّة؟   الموقف فعلا أكثر كاريكاتوريّة من الرّسوم نفسها، لأنّ الكاريكاتور التي أنتجه الصّحفيّ الدّانماركيّ هو من باب الخيال الفنّيّ، أمّا الكاريكاتور الذي تنتجه الشّعوب الإسلاميّة والعربيّة منها بالخصوص فهو من باب الواقع المرير الذي تتحوّل مرارته إلى فكاهة سوداء مبكية مضحكة: تخيّلوا جيشا من المقاتلين المدجّجين بأحدث الأسلحة ينبرون جميعا لمطاردة بعوضة، مهلّلين مكبّرين، معتقدين أنّ تلك البعوضة ستلحق دمارا شاملا ببلادهم وتنتهك حرماتهم ومعتقداتهم وثوابتهم؟ من يسيء حقّا إلى هذه الدّيانة التي يعتنقها منذ خمسة عشر قرنا آلاف الملايين من البشر: الرّسّام الذي رسم الكاريكاتور، أم ردود الفعل الغوغائيّة التي تطالب بإعادة بوليس الفكر ومحاكم التّفتيش؟ أليست المطالبة بمحاكمة الصّحفيّين من أجل إبداء الرّأي إرهابا فكريّا؟ هل نلوذ بالإرهاب الفكريّ إذا ما أعوزنا السّبيل إلى الإرهاب الفعليّ؟    نريد كلّ يوم أن نثبت إلى العالم أنّ الإسلام بمنأى عن الإرهاب والإرهابيّين، وأنّ الإرهابيّين الذين يروّعون الأبرياء في كلّ مكان ليسوا من الإسلام في شيء، وأنّ الإسلام دين محبّة وتسامح، ونقدّم في كلّ يوم الدّليل على أنّ الإسلام الذي نريده، ونذود عنه يسير في اتّجاه الصّدام مع الآخرين، و في اتّجاه الحرب الصّليبيّة المعكوسة، وفي اتّجاه الأفق الضّيّق، والعبوس اللاّهوتيّ.   هل تسيء الرّسوم حقّا إلى الإسلام والمسلمين؟ هل تقلّص عدد المسلمين وخرجوا من دين اللّه أفواجا بعد أن كتب سلمان رشدي « الآيات الشّيطانيّة »؟ وقديما، هل انهار الإسلام جرّاء ما كتبه أهل البدع، وما نظمه أبو نواس وعمر الخيّام والمعرّيّ من أشعار ساخرة مشكّكة؟ ألا ينبغي أن يوجد الباطل لكي يوجد الإيمان، ولكي يمتحن المؤمن نفسه إزاء أهل الباطل؟ ثمّ ماذا يترك المؤمنون للّه حتّى يتحوّلوا إلى قضاة في الدّنيا قبل الآخرة؟ ثمّ إن كان تحريم تمثيل الأنبياء والصّحابة يلتزم به المسلمون المؤمنون، فلماذا يريدون فرضه على الأمم الأخرى، التي واجهت سلطة رجال الدّين طيلة قرون، لكي تصل إلى التّحقيق الفعليّ لحرّيّة الرّأي والمعتقد؟   يحقّ لنا أن نشكّ شكّا معرفيّا لا تفتيشيّا في إيمان هؤلاء المطلقين لصيحات الفزع. فالمؤمن إذا كان راسخ الإيمان لا تهمّه مواقف الآخرين من معتقداته. إنّ الهوس هو الخوف ممّا لا يخيف في الواقع الخارجيّ، وإنّ هؤلاء المطلقين لصيحات الفزع يخافون من ذواتهم التي أصبحت غير قادرة على امتحان إيمانها إزاء اللاّإيمان. إنّهم غير قادرين على مواجهة امتحان الحداثة الفكريّة لمعتقداتهم، ولذلك فإنّهم يلجّون في الاستغاثة، ويريدون لعب دور الضّحيّة لكي يبرّؤوا أنفسهم من شكوكهم المكبوتة.   وهناك منسيّ في كتابات هؤلاء الذين انبروا يصيحون: واإسلاماه، ومنهم من صاح بالمناسبة « واحجاباه »، معتقدا أنّ الحجاب هو الفريضة الأولى للإسلام (انظر المقال شبه التّكفيريّ الذي كتبته السيّدة إقبال التّميميّ على صفحات إيلاف يوم 1 فبراير 2006). هذا المنسيّ لدى جنود محاكم التّفتيش العربيّة ممّن يعدّون أنفسهم مثقّفين وكتّابا هو الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان والمادّة 19 منه تحديدا، وقد بحّت أصواتنا ونحن نذكّر بها: « لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود. »     ربّما يكمن المشكل في انتماء الشّعوب الإسلاميّة إلى زمنين في نفس الوقت، زمن العولمة والمكاسب المدنيّة والإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وزمن مصادرة فكر غير المسلمين وتسليط حكم الرّدّة على المسلمين. نريد أن ننتمي إلى الزّمنين معا، ونريد أن نستعمل مبادئ الزّمن الدّيمقراطيّ (المطالبة بالمحاكمة، استعمال القنوات الدّبلوماسيّة، التّوجّه إلى الأمم المتّحدة…) لجرّ البشريّة إلى الزّمن اللاّهوتيّ المظلم (تكميم الأفواه، ومصادرة الآراء والتّعبيرات الفنّيّة)، ولتصدير بؤسنا المدنيّ والفكريّ إلى كلّ العالم.   الهيئات الإسلاميّة الموقّرة التي تبادر اليوم إلى الاحتجاج على رسوم صحفيّ من الدّانمارك، أليس من الأولى بها أن تساعد المؤمنين على إبداع أشكال من التّديّن تحترم المكتسبات المدنيّة الحديثة، وأن تعلن تعليق حكم الرّدّة، بناء على أنّ القرآن نفسه لا يقرّه، وتقرّ بمبدإ العدالة والمساواة للجميع، وتقرّ فعليّا بمبدإ التّسامح؟ فما معنى التّسامح إذا كنّا لا نسمح بأيّ هامش للآخرين حتّى يبدوا آراءهم ممّا نعتبره حقائق ثابتة؟   لا حدّ لهذا الهوس الشّعبيّ والرّسميّ الذي ترامت أطرافه: ربّما سنطالب في يوم من الأيّام بمحاكمة فولتير لسخريّته من الأديان، وماركس لاعتقاده بأنّ الدّين أفيون الشّعوب، وفرويد لاعتباره الإله بديلا عن الأب واعتباره الدّين وهما، وسارتر لوجوديّته الملحدة… وأن نطالب الحكومات المسؤولة عن رفاتهم بالاعتذار للمسلمين وبإحراق كتبهم ومنعها من التّداول، لأنّها تسيء إلى الإسلام. وربّما طالبنا الأمم المتّحدة أيضا بسحب المادّة 19 من الإعلان العالميّ عن حقوق الإنسان، وبالاعتذار عن المبادئ التي تجعل أيّ صحفيّ أو كاتب يبدي رأيا أو يرسم كاريكاتورا يسيء من بعيد أو قريب إلى الإسلام.   rajabenslama@yahoo.fr * تونس 2 فبراير 2006 (المصدر: موقع شفاف الشرق الأوسط  بتاريخ2  فيفري2006 )


 

دعوة إلى الإبتعاد عن « التّبوجيد والتّبوهيل »

 
تعليقا على نقطة (1) في ما كتبه من سمّى نفسه بوجادي أريد أن أسوق التّالي: هذا التّصريح يحمل العديد من المغالطات (نحسب أنّها عن جهل بناءا على إسم الكاتب) : 1. الصّحيفة الدّنماركية هي أشهر صحيفة يومية في تلك البلد (حوالي 150،000 نسخة يوميا) 2.  لقد بحّ مسلمو الدّنمارك من طلب الاعتذار من طاقم تحرير الجريدة، لكن بدون جدوى! كذلك رفض الوزير الأوّل الألتقاء مع مبعوثي الدّول الأسلامية! بعد هذا كلّه إستنجد بعض مسلمي الدّنمارك بإخوانهم في بعض الدّول ذات الأغلبية المسلمة. هذا ما يفسّر بطء ردّ المسلمون و ليس الحسابات الضيّقة. أنّي أستغرب منك سوء الضنّ هذا وأنت البوجادي المسكين اللّذي طالما نبذ نظريات المؤامرات وإتّهم المسلمون بها . 3.  أريد أن « أوشوش » قليلا في آذان اللّبراليين العمي بأن يتوقّفوا قليلا و يتفكّروا في بعض القيم لدى من إتّخذوهم أسيادا. فبربّكم (أو لنقل بدولاركم) كيف تفسّرون إحتقار الجريدة لطلبات قرّائها وكذلك الوزير الأوّل لمبعوثي الدّول الإسلامية لشهور و ما إن فعّلت الشعوب المسلمة مقاطعتها لسلع الدّنمارك حتّى هبّت الجريدة للإعتذار والوزير للإستجابة للّقاء! سبحان اللّه ! أين مبادئ حرية التّعبير؟ من الواضح أنّ الدّولار أرفع منها ومن حقّ الفرد في الأحترام! لعلّك  يا بوجادي على هذا الضوء تفهم الفرق بين حماس (وكلّ مسلم يعتزّ بدينه) ومن تجعلهم مثلك الأعلى. كذلك يتّضح لنا كيف أنّ عبّاد الدّولار يضغطون على حماس إعتقادا منهم أنّ الدّولار يشتري الهمم. خطأهم في ذلك، كما في العراق المجروح، أنّهم يريدون تبديل معتقدات الشّعوب الأسلاميّة بمعتقداتهم الدّنياوية البحتة. وللّذي أغرقهم أكثر في الوحل هو توهّمهم بأنّ أمثالك، يا بوجادي، كثيرون في البلدان الأسلامية.

1. Les caricatures de ce journal conservateur danois que personne ne connaissait sont apparues au mois de septembre, les islamistes ont crié au scandale vers la fin du mois de janvier, quatre ou cinq mois après. Ça c’est de la manipulation, ils ont utilisé cette histoire au moment du problème nucléaire de leurs maîtres à penser iraniens et la proclamation des résultats de  triomphe de Hamas, tout ce bazar pour détourner l’attention de l’opinion publique. C’est comme ça qu’on utilise la religion pour des fins mesquines.

إحسان عافي

 

اليسار وديمقراطية رفض الآخر

في ثقافة العنف

(الحلقةالأخيرة)
  فهو الذي كان يفعل ذلك مستندا إلى فهمه هو للدين، والذي ليس في الحقيقة فهمه، ولكنه الفهم الذي ترتب له وترسخ لديه من خلال فهم المؤسسين للفلسفة الوضعية من اليهود والنصارى، والتي كانت النظرية الماركسية خلاصتها النهائية. وما هذا التصلب وهذا المستوى من الإستبداد الذي عليه النظام، وما هذه المساندة والموالاة والمعاضدة له من طرف مختلف بطون طائفة اليسار الماركسي والقومي العربي ـ باستثناء بعض الجهات والعناصر الوطنية الحرة طبعا، وما من جهة إلا خلا فيها وطنيون وأحرارا وان قلواـ إلا لسيطرة عناصرها المتسللة والملتحقة بالإنقلابيين على الأوضاع بالبلاد بعد7 نوفمبر الأسود وإبرام صفقة التحالف معهم لإقامة نظام 7 نوفمبر الرهيب. وما مواصلة إصرارهم على إقصاء الحركة الإسلامية وتهميشها وعدم الإعتراف لها بحقها في الوجود السياسي القانوني ،وعدم موافقة بعض الجهات المحسوبة عليهم على إطلاق سراح المساجين السياسيين، ورفض أو تجاهل الدعوة إلى سن قانون للعفو التشريعي العام، إلا دليلا على الإنسجام في الموقف في ذلك بين أولئك المحافظين على مواقعهم في السلطة، و أولئك الداعمين لهم خارجها منهم، وبين هؤلاء الذين أصبح لهم رأي آخر وغادروا مواقعهم القديمة للإلتحاق ببعض من لازم الصمت والحياد بعيدا عن النظام، حيال ما كان يحصل من مجازر في حق الأبرياء من أصحاب الحق، لتهميش الساحة السياسية بإدارة الصراع في ما بينهم، وربح أكثر ما يمكن من الوقت لصالحهم، و إضاعة أكثر ما يمكن من الوقت على غيرهم ممن يختلفون معهم وعلى البلاد وعلى الشعب كله.وليس بالضرورة أن يكون هذا الذي يحصل في البلاد بالصورة التي مازال حصوله متواصلا بها في إطار خطة متفق عليها، كتلك التي كانوا يستهدفون فيها الحركة الإسلامية بالإستئصال، ولكن تلك حقيقة المشهد، وذلك ما تقتضيه طبيعة الأطراف على اختلاف مواقفهم ومواقعهم في الإيمان بالعنف والإستئثار بالسلطة والإستمرار في السيطرة على دوائر أخذ القرار. وليس ما هو حاصل اليوم من تهميش وإلغاء لمنظمات المجتمع المدني الآخذ في التشكل وبناء الذات، ومن عنف يمارس على المجتمع وعلى الديمقراطيين والأحرار، والذي يتجلى في منع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من عقد مؤتمرها السادس، ومن منع كل هيئات فروعها المنتخبة من مزاولة أنشطتها بقوة البوليس، ومن مصادرة حق الصحافيين الأحرار في بعث نقابتهم الحرة، ومن افتكاك لجمعية القضاة ومحاصرة وتشتيت هيئتها الشرعية، ومن منع الكثير من العناوين الصحفية والمنابر الإعلامية من الحق القانوني في مزاولة نشاطها والقيام بمهمتها الإعلامية، ومن عدم الإعتراف للكثير من الجمعيات والأحزاب بحقها القانوني في الوجود، إلا نتيجة صراع هذه الأجنحة في ما بينها، لما أصبحت عليه عناصرها من اختلاف في المواقع والمواقف، ولما أصبحت عليه مصالحها من تناقض.      هذا الشعب الذي ترتكب بعض مكونات الحركة العلمانية الهجينة المزيفة اللاديمقراطية وجل مكونات طائفة اليسار الماركسي والقومي العربي تحديدا في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين عموما وفي تونس خصوصا الجرائم في حقه باسمه، وهي المستولية عليه ،والتي جعلت منه أشباحا وأحياء في حكم الأموات، ليس مطلوبا منه إلا أن يكون سامعا طائعا لها دون أن يكون له رأي في ماضيه ولا في حاضره ولا في مستقبله، وهي التي سلبت منه حريته وإرادته وكرامته وسط مزاعم الدفاع عنه وحمايته من الظلامية، والحيلولة دونه ودون أعداء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، الذين يمثلون خطرا عليه وتهديدا على مكتسباته، بالسعي لإقامة نظام سياسي ديني شمولي استبدادي. وهو خطاب مغشوش مسموم، ووهم ليس لها عليه دليل. وهو الذي يكتوي بنار استبدادها وقهرها وقمعها له وتسلطها عليه. كان يمكن أن يكون هذا الخطاب، وهذا الموقف وهذا الإفتراء مقبولا، أو يمكن أن يكون  مقبولا، لو لم تكن هي التي مارست عليه كل صنوف التنكيل والبطش و الإستضعاف. كان يمكن أن يكون ذلك مقبولا منها لو كانت هي البديل الذي يطرح نفسه مكان الإستبداد والدكتاتورية القائمة على مرجعية غير مرجعيتها أو فكر غير فكرها وثقافة غير ثقافتها.كان يمكن أن يكون ذلك مقبولا منها لو كان هذا الشعب قد ضاق ويلات نظام الديمقراطية الإسلامية أو ديمقراطية الإسلام أي نظام الشورى الإسلامي. أما أن تكون هذه النخبة المتغربة بوضوح في هذه الحركة التي كانت من بين ما أنتجت حركة الغزو الغربي الصليبي لبلادنا، والتي سبق ولوقت قريب أنها كانت تعلن رفضها الواضح والصريح لعقيدة الشعب والعمل على نقضها، ولا تخفي مناهضتها لثقافته وتراثه ونمطه المجتمعي والحضاري، واعتبار ذلك من القديم الذي يجب هدمه، والإساءة لتاريخه العربي الإسلامي، ولأمجاده ورواده ورموزه، تقدم نفسها اليوم على أنها المنقذ له، والعاملة على الإرتقاء به في دنيا الحضارة والتقدم والرفاه والحداثة ،والحامية له من طرف لا ديمقراطي. وهو الذي في الحقيقة أوضح في موقفه من الديمقراطية وأقرب إلى مفاهيمها الحقيقية والصحيحة منها على اختلاف ألوانها وأطيافها، فهذا ما يبقى غير صحيح وغير مقبول. وهو لعمري ضرب من ضروب الخداع والتضليل والدس الذي يجب فضحه وإماطة اللثام عنه وتوضيحه. وجماهير شعبنا هي التي تعلم في النهاية من هو الأصلح لها والأصدق معها في التعاطي مع قضاياها المصيرية المختلفة. وان ذلك لآت لا محالة بإذن الله، فان لم يكن اليوم فغدا.قال تعالى« ..ولا يزيد الظالمين ظلمهم إلا خسارا« . وبعيدا عن ثقافة الإستجداء والنفاق والمغالطة، والتزاما بثقافة الوضوح والصدق والإستهداء أقول: أنه على النخبة « العلمانية »واللائكية اليسارية أن تكون واضحة في خطابها وفي مواقفها من مختلف القضايا، وأن تكون صادقة وتتعهد بالتزام الصدق في التعامل مع الشعب، وأن تبتعد عن المغالطة والخداع والكذب والتشويه ،وأن تعتني بتقديم مشروعها السياسي والثقافي والإجتماعي والإقتصادي والإعلامي. وأن يكون ذلك على حسابها لا على حساب غيرها من المختلفين معها والمخالفين لها ،عوض الإعتناء بمواجهة خصومها والمختلفين معها والمخالفين لها بغير علم بمواقفهم وبأدبياتهم وبإبداعاتهم وانطلاقا من مرجعياتهم .أو بتجاهل لكل ذلك أو جهل به. واستنادا إلى وهم لا أصل ولا سند له، وليس من صلاحية لها به سوى البحث من خلاله على مبررات لمواقفها المناهضة لهم، حتى لا تراجع خطابها ومواقفها وعلاقاتها. إن الذي يجب أن تعلمه النخبة العلمانية واليسارية الماركسية والقومية العربية أن، الحركة الإسلامية ليست في حاجة لمساندتها ولا لدفاعها عنها، وهي التي لم تفعل ذلك كذلك ولن تفعله. ولا للتحالف، ولا حتى على العمل المشترك معها، وهي التي لم تقبل به يوما، وهي التي قبلت به مع النظام على حسابها وعلى حساب الشعب والوطن. وهي الحقيقة التي لايستطيع إنكارها إلا جاحد لمعلوم من التاريخ والواقع بالضرورة . وهي التي مازالت لم تبلغ بعد مستوى النضج الذي يمكن أن يرفعها إلى ذلك المستوى. وهي التي كانت ضحية بطشها وقمعها وإقصائها وتهميشها، والعمل بحزم على استئصالها، وإجازة استعمال كل الوسائل الخسيسة لذلك، بعدما أجمعت جل مكوناتها على ذلك في نظام تحالف7 نوفمبر الرهيب. ولا يعني هذا التعميم حقيقة عدم وجود بعض الإستثناءات المشهود لها بالصدق والنزاهة والحياد والوطنية الصادقة وان قلت، مقارنة بالمجموع العام ،بقدر ما كانت هذه النخبة في الحقيقة في حاجة إلى هذا التحالف وهذا التنسيق والعمل المشترك.وإذا كان لابد من قبول للحركة الإسلامية بذلك معها فلن يكون ذلك طمعا فيها ولا خوفا منها، ولكن لأن المرجعية الإسلامية تفرض عليها ذلك، لما في ذلك من مصلحة للشعب وللوطن وللأمة ولعموم المستضعفين في الأرض . وإذا كانت النصوص في مرجعية النخبة في الحركة العلمانية اللائكية لا تسعفها في إدراك المصلحة الوطنية وفي العمل المشترك وفي التحالف مع المخالفين لهم في الرأي، فان المرجعية الإسلامية لا تترك مجالا للإسلاميين في الحركة الإسلامية لعدم الإعتراف بالآخر المخالف وعدم التعامل والإلتقاء معه على ما تتحقق به المصالح وتدرأ به المفاسد. وهي التي أوجبت على المسلمين من قبل الإلتقاء والتعامل مع المختلفين معهم في العقيدة من اليهود والنصارى والمجوس والمشركين، وهو الوجه الأكثر خطورة وحساسية والأكثر إثارة للجدل من مسائل الخلاف في الرأي والتعاطي مع الشأن العام والخاص مع أبناء الوطن الواحد والشعب الواحد والأمة الواحدة. وبذلك فانه لا يمكن أن يكون من قبيل الخداع والإفتراء وشهادة الزور القول، بأن الديمقراطية هي خيار مبدئي استراتيجي على الطريقة الإسلامية لا نخشاه، كما لا يخشاه الديمقراطيون الحقيقيون في الثقافة العلمانية الأصيلة على الطريقة العلمانية، لا كما لا يؤمن بها « العقلانيون التقدميون »في عموم مكونات طائفة اليسار الماركسي والقومي العربي، وذلك ما هو متأكد مرجعيا وموضوعيا ماضيا وحاضرا. وهو موقف قديم وواع وناضج ومسؤول، دفعنا ثمنه غاليا وما زلنا من قبل قوى الظلام التي منها من لم يدركه إلا مؤخرا، ونحن نحسبه له ولو لم يكن على قاعدة واضحة وعلى أساس مبدئي، وإنما لغاية حزبية تم التأكيد عليها والإقرار بها. ومنها من لم  يدركه إلى اليوم. ومنها من سوف لن يدركه إلى أن يأتي عليه الفناء وهو على ذلك.
   لا ديمقراطية بدون احترام إرادة الشعب وهويته: فعلى هذه التنظيمات الهزيلة أن تكون أكثر صدقا وأكثر وضوحا وأكثر تواضعا للشعب. وأكثر التزاما بقضايا الوطن والأمة والإنسان عموما. وأكثر نكرانا للذات وأكثر حرصا على مصلحة الوطن والشعب من حرصها على مصالحها الذاتية والحزبية والفئوية. وأكثر احتراما لهوية الشعب العربية الإسلامية .وأن تقبل بالثقافة الديمقراطية وبالمنهج الديمقراطي الذي لا يقبل الإستثناء والإقصاء والتهميش مهما كانت الإختلافات. وأن تعترف للشعب بحقه في إقصاء من يريد هو إقصاءه وتهميش من يريد هو تهميشه واستثناء من يريد هو استثنائه . وليست هذه الإجراءات والأعمال ممكنة ولا جائزة لغيره من الجهات والأطراف والفئات والتنظيمات والحركات والأحزاب مهما كان موقعها ومهما كانت إمكانياتها وقدراتها.فلا معنى للديمقراطية بدون ممارسة الشعب حقه في الإختيار الحر لمن يربد أن يحكمه. ولا ديمقراطية بدون سلطة الشعب وحكم الشعب وسيادة الشعب كل الشعب.فديمقراطية النخبة المتعالية على الشعب والمتجاوزة له، ليست إلا كديمقراطية اسبرطة التي تعتبر الديمقراطية فيها فاقدة لمعناها لو كان للأجانب وللنساء والعمال والرقيق حق فيها. وهي التي لا تستمد معناها وقيمتها إلا من مشاركة من يعتقدون أنهم وحدهم أصحاب الحق الشرعي فيها من القضاة والمفكرين والجنود. فهي ديمقراطية بدائية. وهي ديمقراطية الإقصاء والتهميش والإستثناء تماما كديمقراطية اليمين الدستوري الذي اختار أن يكون اليسار الماركسي والقومي العربي حلفاء له في نظام تحالف7 نوفمبر الرهيب، بإضافة نوعية كانت النخبة اليونانية في بلاد الإغريق  متنزهة ومترفعة عنها، وهي التي كانت مكونات هذا النظام قد أجادتها وأبدعت فيها .وهي إضافة استئصال الآخر المخالف والأكثر انتشارا والأكثر تمثيلا للرأي العام. والأكثر تمثلا لثقافة الشعب والأصدق تعبيرا عن هويته الوطنية والقومية والدينية و الحضارية والتاريخية. فالديمقراطية تقتضي من النخبة أن تكون ممثلة لكل شرائح المجتمع بكل توجهاتها بدون استثناء لأي جهة فيه. وهي التي تقتضي من هذه النخبة والتنظيمات الحزبية والإجتماعية والمهنية من اتحادات ونقابات وجمعيات ثقافية وحقوقية وإنسانية وخيرية ومؤسسات إعلامية ومراكز قوى اقتصادية وطنية أن تكون خادمة للشعب وفي خدمة الوطن والمواطن والإنسان عموما،على قاعدة ما ورد في الحديث النبوي الشريف من أن »خير الناس أنفعهم للناس ». فالمعادلة اليوم مقلوبة رأسا على عقب. وعلى هذه النخب « التقدمية والعقلانية والحداثية اليسارية الماركسية منها والقومية العربية ـ وفي ظل غياب حركة ديمقراطية ليبرالية حقيقية أصيلة باتت غير ممكنة الوجود، لاسيما وأن المثال الديمقراطي الغربي قد أصبح مطعونا فيه، وانهار نهائيا على أعتاب بغداد ،ومن قبل على أرض الإسراء والمعراج وعلى جبال وتلال وسهول مزارع الخشخاش بأفغانستان وغيرها من الكثير من بلاد العالم ـ أن تراجع حساباتها، وترفع وصايتها على الشعب، وتنتهي من التعامل معه على انه قاصر وعلى أنه متخلف. وهو الذي أن كان له شيء من ذلك فليس إلا بفعلها. وهي التي ظلت تمارس عليه العنف وتخضعه للصخرة والإمتهان منذ أن ارتضاها الغزاة الفرنسيون بديلا عنهم. و أن عليها امتهانها له وركوبه وجعله خادما لها. وهي التي تريد أن تحكمه وهو الذي في الأدب الديمقراطي وفي الثقافة الديمقراطية يجب أن يكون حاكما لها وهي التي يجب أن تكون محكومة من قبله وله عليها المراقبة والمحاسبة .وهي التي تختار له ولا تريد له أن يختار. وهي التي تمنعه من حرية الإختيار وتريد أن يختار من تريد أن يحكمه ليكون هو المحكوم من خلالها. ولا تريده أن يختار من يريد أن يحكمه ليكون هو الحاكم لنفسه من خلاله. وذلك هو معنى حكم الشعب لنفسه بنفسه. وتلك هي الديمقراطية في آخر ما انتهت إليه من مستويات التطور. فهي التي مازالت تفرض عليه اليوم أن يختارها لتحكمه، وتعتبر ذلك اختيارا لها منه، وتعبيرا حرا منة عن إرادته. وهي التي تفرض عليه من مواقع السيطرة والإشراف وإدارة الشأن العام والتحكم في مقدراته والتصرف في إمكانياته ومكتسباته أن لايختار غيرها، وتعتبر ذلك خدمة ونصحا لها منه ورعاية منها له . فإذا كانت الديمقراطية لا تعطي الحق إلا للشعب في إقصاء من يريد إقصائه وتهميش من يريد تهميشه واستثناء من يريد استثنائه وفي رفع من يريد رفعه وفي خفض من يريد خفضه وفي القبول بمن يريد القبول به وفي رفض من يريد رفضه، مع الإحتفاض  له بحقه في الوجود و وفي التمتع بكامل حقوق المواطنة، فأي معنى للديمقراطية عند النخبة المتغربة التي تعطي الحق لنفسها في إقصاء من تريد إقصاءه، وفي تهميش من تريد تهميشه ،وفي استثناء من تريد استثنائه، بل وفي استئصال من تريد استئصاله من خلال السلطة ومن خارجها، بعيد عن رأي الشعب وعن إرادة الشعب وعن حق الشعب في ذلك أو في غيره، وفي رفع من تريد رفعه وخفض من تريد خفضه والقبول بمن تريد القبول به ورفض من تريد رفضه، بذريعة الدفاع عن الحرية والديمقراطية والمساواة والعدل وحقوق الإنسان، ولا يكون ذلك منها عادة و دائما وبحكم طبيعتها التغريبية بمنأى وبعيدا وبمعزل عن الأجنبي . فمن أين لهذه النخبة بهذا الحق. ومن أعطاها هذا التفويض وهذه الوصاية والنيابة عن الشعب، إذا ما استثنينا ارتهانها للأجنبي ـ لتقوم مقامه في ما له فيه وحده ديمقراطيا الحق، وفي ما ليس لها ديمقراطيا الحق فيه؟ ليس التهميش والإقصاء والإستثناء الذي تمارسه هذه النخبة ومكونات حركة ليسار خصوصا إلا هدما للديمقراطية التي لا إيمان لها في الأصل بها و إلا اعتداء على الشعب وعلى حق الشعب الذي له وحده هذا الحق، وله وحده هذه الصلاحية التي يستعملها ويمارسها بإرادة حرة في إطار فرص اختيار يعطيها لنفسه وينظمها عن طريق نظام إداري وطني حر جاد ومحايد حيادا حقيقيا، ونظام قضائي مستقل، يقوم عليهما رجال صدقوا ما عاهدوا الله ثم الشعب عليه ،لإقامة نظام جمهوري ديمقراطي تعددي حقيقي، ليس فيه سلطان لجهة على جهة، ولا لطرف على طرف، ولا لفئة على فئة، ولا لحزب على حزب، ولا لطائفة على طائفة إذا ما أخذنا بالإعتبار هذا التقسيم الطائفي الجديد الذي ابتدعته الحركة العلمانية، والذي لا علم للشعب التونسي ولا قبل له به، والذي شرعته في المنشور رقم 108 السيئ الذكر، والذي جاء مانعا للباس الشرعي للمرأة المسلمة، ولا لفرد على فرد، ولا لمجموعة على مجموعة، ويستوي فيه كل الناس على أساس من المواطنة، برهم وفاجرهم، كبيرهم وصغيرهم ،نسائهم ورجالهم، غنيهم وفقيرهم، حقيرهم وجليلهم، أسودهم وأبيضهم. ولا يعرف الإقصاء والتهميش فيه إلا من أقصى وهمش نفسه، وشذ عن الصواب واصطدم بأصالة الشعب التي هي عروبته وإسلامه وتاريخه وأمجاده وحضارته وتراثه. وأصر على إعمال معاول الهدم في ثوابته ومميزاته وخصائصه ونمطه المجتمعي وكل أو حتى بعض مقومات شخصيته وأصر على أن لا تكون عزته إلا بالأجنبي، وبثقافة الأجنبي وبعاداته وتقاليده، وبأمجاده وتاريخه ،وبنمطه المجتمعي والحضاري . فإذا لم تكن الديمقراطية إلا الآلية الأكثر تطورا في العالم لإدارة الحكم وممارسة السلطة، فإنها لا يمكن أن تكون حكرا على نخبة دون أخرى، أو على فئة دون أخرى، أو على حزب دون آخر، أو على شعب دون آخر، ولا على أرض دون أرض، ولا على أمة دون أمة ،ولا على ثقافة دون ثقافة. وهي الآلية التي لا حرج للمسلمين عند استكمال الشروط اللازمة لإقامة حكم الإسلام أن يقيموه عليها. فهي آلية مثلى متطورة حري بالمسلمين أجراء مزيد التطوير عليها لتكون إطارا أنسب لمضمون ثقافي عربي إسلامي متطور ليست المسؤولية على تطويره وتجديده وإثرائه حكرا على الإسلاميين وحدهم في هذا الإنقسام الحاد الذي يشق مجتمعات شعوب امة العرب والمسلمين كافة بفعل ثقافة التغريب التي أصبحت الحركة العلمانية اللائكية تنظر إليها على أنها الثقافة الوحيدة التي يمكن أن يقوم عليها النظام الديمقراطي، وإنما تقوم المسؤولية في ذلك على كل التنظيمات والأحزاب والفئات والشخصيات والفعاليات والكفاءات في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين وخارجها أينما كان لأي مسلم وجود. ويمكن أن يكون الصراع الذي يدور في ما بينها من أجل الحرية والعدل والمساواة والأخوة والوحدة والإستقلال في إطار هذا المضمون الثقافي، وهذه الثقافة العريقة التي لا قيمة ولا معنى لوجود لنا بدونها. بل إن أي وجود لنا بدونها هو في الحقيقة  كاللاوجود تماما. ولعلنا ننهي بذلك هذا الجدل العقيم الدائر اليوم بين مختلف أطياف النخبة المختلفة الإنتماءات والمشارب والإتجاهات والأفكار والثقافات بخصوص هذه القضايا وغيرها من المسائل السياسية والثقافية و الإقتصادية والإجتماعية والإعلامية والعلمية وغيرها.  كان ينبغي على الحركة العلمانية عموما، وعلى اليسار الماركسي والقومي العربي تحديدا، أن يواجهوا القضايا المصيرية للشعب وللأمة وللإنسان بأكثر صدق وبجدية أكثر. وأن يؤكدوا إيمانهم بالديمقراطية في مفهومها الشامل وقبولهم بها. وهي الحالة التي تقتضي من اليسار الماركسي والقومي العربي التخلي نهائيا عن ثوابت وحتميات المرجعية الماركسية اللينينية .وان يبحث لنفسه عن إثبات هوية حقيقية ثابتة وواضحة له بعد ذلك. وأن ينتهي عن إقحام نفسه في التجمعات والتنظيمات والأحزاب الديمقراطية. بل على الأحزاب العلمانية أن تنتهي عن احتكار الصفة الوطنية والديمقراطية، باعتبار أن الوطنية حقا لكل تونسي مهما كان إيمانه ومعتقده، ومها كانت قناعاته وثقافته وتفكيره. وأن الديمقراطية هي كذلك حق لكل تونسي قابل بالحل الديمقراطي وبالنظام الديمقراطي. وعليها أن تعلن وتشهر بكل شجاعة ووضوح صفتها العلمانية التي هي عنوانها وهويتها الحقيقية. كما على الإسلاميين أن ينتهوا عن مواصلة إطلاق هذين الصفتين على هذه الأحزاب والتنظيمات التي جعلت من ذلك حجة لها على ديمقراطيتها وعلى عدم ديمقراطية التنظيمات والحركات والأحزاب الإسلامية التي ليست لها مشكلة مع الديمقراطية ومع الديمقراطيين الحقيقيين ومع النظام الديمقراطي. مما حدا بالإستئصالي صالح الزغيدي بالقول: »أين الجدية والمبدئية عندما يقول البعض بأن حركة النهضة جزء من الحركة الديمقراطية في حين يواصل الغنوشي الحديث عن « الإسلاميين والديمقراطيين »ويفصل بينهما فصلا واضحا؟ »1 . ذلك أن ما نشاهده اليوم وما نعيشه وما نسمعه من إيمان بالديمقراطية من خلال مختلف مواقع الإستبداد والإلغاء والتهميش والإستثناء، ومن خلال نفس المواقع القديمة، وعلى أساس النظرية القديمة، هو خداع وغش وتزوير لا يجوز لمن يحترم نفسه قبل احترامه لغيره، ولمن يريد أن يكون منسجما مع ذاته وأن يجعل نفسه محل احترام وتقدير الآخرين له أن يكون عليه، وأن يسمح به لنفسه بكل المقاييس الديمقراطية والإنسانية والأخلاقية.ثم يكون الأمر أكثر خطورة عندما تكون هذه الجهات المعلوم كفرها بالديمقراطية والحريصة اليوم على احتكار إطلاقها على نفسها، والتي كانت ولزمن ليس بالبعيد تتبجح بالرفض والمناهضة لها، وتفخر بذلك وتحرص على المجاهرة به، مستمرة في حملتها على الحركة الإسلامية وعلى حركة النهضة الإسلامية تحديدا، وتحرص على تقديمها على أنها حركة لا ديمقراطية على خلاف ما تقدم به هي نفسها. وعوض أن تسلك هذه التنظيمات والشخصيات والأحزاب طريقها إلى الديمقراطية بمراجعة فكرها وثقافتها وخطابها وممارساتها وعلاقاتها اللاديمقراطية، انبرت تبحث عن ذلك في تكفير الآخرين المخالفين لها والمختلفين معها، ونفي الصفة الديمقراطية عنهم. وكأنها بذلك وبذلك فقط تكسب هذه الصفة التي ربما أصبحت تعتقد أنها لا يمكن أن تنجر لها إلا من خلال ذلك. وكأنها تصبح ديمقراطية أو يصبح النظر إليها على أنها كذلك بمجرد أن تنفي ذلك عن الإسلاميين، وبمجرد أن تطلق ذلك عن نفسها وتجعل منها عنوانا لها. وهي التي مازالت لا تقبل ولا تريد أن تقبل أن الوطنية والديمقراطية هي صفات وقواسم وقيم مشتركة بين كل المؤمنين والقائلين بها. ولا يجوز لأي جهة إسلامية كانت أو علمانية أن تحتكرها لنفسها. كما لا يجوز للحركة الإسلامية وللإسلاميين عموما أن يحتكروا الصفة الإسلامية، ولا أن يكونوا ناطقا رسميا باسم الإسلام. ولكن من حقهم أن يطلقوا على أنفسهم هذه الصفة وأن يكون لهم فهمهم للإسلام من خلالها وأن يكون لهم مفهومهم للحرية وللديمقراطية وغير ذلك من المفاهيم لكل القضايا من خلال ذلك الفهم. واستنادا إلى هذه القاعدة العقلانية الواعية والمسؤولة، فانه لا يمكن أن يكون هناك اعتراض على اخذ الصفة الديمقراطية إذا كانت الجهة التي تطلقها على نفسها ديمقراطية حقيقة قولا وفعلا نظريا وعمليا، وإذا كانت لا تنصب نفسها وصية على الديمقراطية. ولا تحتكر هذه الصفة لنفسها ولا تكفر الآخرين بها مهما كان موقفهم منها ومهما كانت درجة  خلافها معهم ومهما كان موقفهم منها، وهي التي لا يكون منها ذلك أبدا حين تكون كذلك، مثلما هي عليه الحال في الديمقراطيات الغربية في أوطان الشعوب الغربية. والذي بات من المعلوم انه ليس بدعا في العالم أن تكون هناك أحزاب وتنظيمات وحركات سياسية ديمقراطية في العالم حاملة للصفة الدينية مسيحية كانت أو يهودية أو وثنية، والتاريخ يثبت أن الديمقراطية لم تكن يوما في تاريخها نشأة وتطورا كافرة أو ملحدة ولكنها كانت على الدوام مؤمنة ،وبذلك واستنادا إلى التاريخ القديم والحديث والى الواقع، فان الإلحاد وحده هو الذي ليس له أصل في الديمقراطية ولا علاقة له بها .ولا يمكن بهذا المنطق واستنادا إلى هذه القاعدة أن تكون الديمقراطية ملحدة ولا كافرة ولا يمكن لها إلا أن تكون مؤمنة. ولذلك فان باب نبذ الأديان ونفي وجود الله وإنكار الإيمان بالغيب وبما وراء الطبيعة، والدعوة إلى الإلحاد والى الإيمان بالطبيعة وبالمادة وحدها انسجاما مع العقيدة اليهودية التي لا إيمان فيها بغيب ولا بتنعيم على حد تأكيد بعض المطلعين، هو الذي كان المدخل الأساسي والرئيسي للماركسية اللينينية للكفر بالديمقراطية والدعوة إلى إلغائها وهدمها وعن طريق العنف والقوة فقط، لما تعتبره فيها من عبودية وسخرة واستغلال وامتهان من الإنسان لأخيه الإنسان. وبما أن الماركسية اللينينية لا يمكن أن تكون مؤمنة ولا يمكن إلا أن تكون كافرة ملحدة، فكيف يمكن للماركسيين عموما ولليسار الماركسي في تونس أن يكون مؤمنا ليكون ديمقراطيا ؟ وكيف يمكن أن يكون ديمقراطيا من غير أن يكون مؤمنا؟ وكيف لا يمكن اعتباره بذلك حركة تكفيرية سواء بالإستناد إلى المقاييس والقواعد الديمقراطية أو بالإستناد إلى المقاييس والقواعد الدينية أو بالإستناد إلى المقاييس والقواعد الماركسية اللينينية. فإذا كانت الماركسية واضحة في موقفها من الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان فلما لا يكون الماركسيون ومن يحذو حذوهم من بعض الجهات في الحركة القومية العربية واضحين في موقفهم من كل هذه المبادئ والقيم وهم على ذلك ؟ ولذلك فان أقل ما يمكن أن يقال لهؤلاء ،هو أن يكفوا عن تكفير الآخرين بما هم في الحقيقة كافرين به، وعن إنكارهم على الناس ما هم مؤمنون به ،وعن احتكار صفة ما هم مدعوون مرجعيا وثقافيا للكفر وعدم الإيمان به، والعمل على هدمه وإلغائه عن طريق القوة والعنف. ولذلك نقول من باب النصح، أنه ينبغي لمن كان بيته من زجاج أن لا يرمي الآخرين بالحجر. ولو أن ما يسمى »الإئتلاف الديمقراطي التقدمي » وغيره من الجهات المتصلة ببطون طائفة اليسار الماركسي وبعض الملتحقين بها من اليسار القومي العربي اكتفوا باحتكار الصفة الديمقراطية دون غيرهم ممن ليسوا على مرجعيتهم وليسوا على رأيهم لهان الأمر،ولكن الأغرب من ذلك أن هذه الفئات والأطراف قد تعدت ذلك إلى القول بعدم ديمقراطية المخالفين لهم من الإسلاميين القائلين بالديمقراطية والقابلين بها، خلافا لرأيهم في المسألة، وخلافا لموقفهم منها، وخلافا لما يقولون به وما هم به مؤمنون . فأين العقلانية من كل هذا وأين المصداقية؟ والكل يعلم أن الحركة القومية العربية في الوطن العربي لم تكن حركة ديمقراطية، وأن الأنظمة التي قامت على أساسها وعلى المنهج السياسي والمذهب الإقتصادي الإشتراكي كانت ومازالت كلها أنظمة دكتاتورية، وأن الحركة الشيوعية التي وجدت في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي وفي العالم لم تكن في يوم من الأيام حركة ديمقراطية. وأن النظام العالمي الذي أقامته والمعسكر الشرقي الذي كان مشكلا على أساسها كان نظاما دمويا استبداديا فاشيا كما يعلم كل ذلك كل العالم، وكما يعلم كل ذلك اليسار الماركسي نفسه وكما كان يريد دائما أن يكون، وكما ظل دائما على ذلك ومازال، وهو الذي لا يمكن إلا أن يكون كذلك، وهو الذي لا يمكن أن يكون على خلاف ذلك. إن الذي يجب أن يكون واضحا، أن ما أوره من القول بأن الحركة القومية العربية والحركة الشيوعية هما حركتان لا ديمقراطيتان وغير مؤمنتين بالديمقراطية بحكم افتقارهما لأي ثقافة ديمقراطية وبحكم مناهضتهما ورفضهما لها وحربهما المعلنة عليها، وهما مبدئيا وتاريخيا كافرتان بها، وليست مجرد مسألة خلافية أو فيها نظر كما يختلف الإسلاميون في وينقسمون في شأنها على الأقل، بل هما حركتان استبداديتان ليس لهما إيمان إلا بالدكتاتورية . ليس ذلك افتراء على أحد، ولا على أي جهة من هذين الجهتين لمجرد الإختلاف معهما، ولا مغالطة لأحد بشأنهما، وليس ذلك تشويها لهما أو تشهيرا بهما، ولا دعاية ضدهما ولا تكفيرا وتخوينا لهما، ولكنها طبائع الأشياء وحقائقها نظريا وواقعيا ،وقد عبرت عن نفسها بذلك على امتداد عقود من الزمن، ولكنه القول الذي تؤيده النظرية وتؤكده الأحداث والوقائع والأوضاع. وهو حقيقة عاشها العالم كله عقودا من الزمن ومازال يعيشها. وليس ذلك تبرئة كذلك للحركة الإسلامية من نزعة الإستبداد فيها، والتي اكتسبتها وبدرجات متفاوتة بعد ذلك منذ الإنقلاب الأموي. ومن تحجر عليه بعض فصائلها وتنظيماتها وبعض رموزها وشخصياتها وبعض العناصر القيادية الفكرية والميدانية فيها وهو تحجر ليس أقل خطورة من تحجر اليسار الماركسي والقومي العربي ومن تزمتهما وتطرفهما. إلا أن الفرق في ذلك أنه إذا كان للعنف والإستبداد أصل في الماركسية والذين انتقلا منها بالعدوى للحركة القومية العربية ،فانه لا أصل لهما في الإسلام، وليسا متأصلين في الحركة الإسلامية.ولكن التيار الوسطي الغالب والأكثر اعتدالا في أوطان أمة العرب والمسلمين وفي العالم ،وبالرغم من تحفظه على بعض ما في الديمقراطية من سلبيات ومفاسد ومثالب، إلا أنه قابل ومؤمن بها .وهو الذي تدعوه مرجعيته الإسلامية إلى الإيمان والقبول بها إيمانا مبدئيا وصادقا. لأن هذا المبدأ الإسلامي يمثل روح الديمقراطية الغربية، وهو في حاجة إلى آلياتها المتطورة التي تجعل من هذا المبدأ اظافة إلى قيم ومبادئ وحكم إنسانية أخرى نظاما ديمقراطيا إسلاميا في إطاره الثقافي العربي الإسلامي يكون جامعا بالتأكيدـ إذا ما أحسنت دراسته وإقامته وتثبيته ـ لكل محاسن وايجابيات النظام الديمقراطي الليبرالي الغربي، وكل محاسن وايجابيات نظام الحكم في الإسلام .ولم يثبت لأي كان من أهل الأمانة والتجرد والصدق وأحسب أن لا أحد  من هؤلاء يستطيع أن يثبت أن النظام الإسلامي أي نظام الشورى الإسلامي أو ما يستحق أن يسمى اليوم نظام الديمقراطية الإسلامية كان من حيث الأصل وفي الكثير من تجاربه في مواعيد كثيرة من التاريخ أنه كان نظاما استبداديا تسلطيا قمعيا. سواء بالإستناد لمرجعية الإسلام المتمثلة أساسا في القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو للواقع والتاريخ . وإذا كان هناك ما يمكن أن يكون مبررا للحركة الإسلامية، استنادا إلى مرجعيتها وخصوصية ثقافتها لأن يكون لها موقف مغاير منها، فأي مبرر يكون لمختلف مكونات الحركة العلمانية اللائكية في مناهضتها للديمقراطية، وفي استبطان الرفض لها وإظهار القبول بها؟ وهذا ما أرى أن حركة اليسار الماركسي والقومي العربي تعيشه سواء داخل السلطة أو خارجها من إظهار للإيمان بالديمقراطية والقبول بها، وإخفاء لموقفها المبدئي الرافض لها و الإنتقال بذلك إلى تكفير الإسلاميين بها، والقول فيهم بما تقول وبما لا يقولون. وهم الأقرب في الحقيقة مرجعيا مبدئيا وواقعا وتاريخا منها إليها .
 لا وحدة وطنية ولا تنمية بدون ديمقراطية: ولذلك فليس اقل لهذين الحركتين وللتيارات والتنظيمات والفئات والشخصيات المنتمية لهما وكل من له ضلوع في هذا التوجه التكفيري من أن يكف عن الإساءة بعضهم لبعض وعن الإساءة لغيرهم ممن يختلفون معهم بالإنتهاء عن القول فيهم بما ليس فيهم من رفض للديمقراطية وعدم قبول بها، وبما فيهم هم من إيمان وقبول بها واحتكار لها، وهم في الحقيقة الرافضون لها وعير القابلين بها. وأن يسارعوا إلى مراجعة مواقفهم من خلال أي موقع هم فيه، وتعديل خطابهم بما يجعل الكل أقرب بعضنا من بعض. لأنه لا ديمقراطية بدون بعضنا بعض. ولا ديمقراطية بفئة دون أخرى، أو بحركة دون أخرى، أو بحزب دون حزب. فالديمقراطية هي أداة للجمع والتقريب بين أبناء الشعب الواحد إذا ما تفرقت بهم السبل.ولا يمكن لأي منا أن يكون ديمقراطيا بدون قبوله بالآخرين، لأن الوطن للجميع، ولا خير ولا صلاح له بدون الجميع المختلف المتنوع على قاعدة قول الله تعالى: « …ولا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك ولذلك خلقهم … »وليس لأحد الحق في أن يزايد على الآخرين في مجال الأدب الديمقراطي والثقافة الديمقراطية وفي الممارسة الديمقراطية. وعلينا أن نعمل جميعا إسلاميين وعلمانيين وقوميين ويساريين ومن ليس معنا في هذه التقسيمات كلها اختلافا وائتلافا بكل ما نفوت به الفرصة عن الإستبداد والدكتاتورية، وعن الأجنبي كي لا يتدخل تدخلا سافرا في شؤوننا الداخلية. وعلينا أن نعمل جميعا على أن نلتقي على كلمة سواء بيننا بأن لا يسيء احدنا للآخر، ولا يخونه ولا يتهمه بما ليس فيه. وليعترف بعضنا ببعض نحن أبناء الوطن الواحد والتاريخ الواحد واللغة الواحدة والحضارة الواحدة والأمة الواحدة والمنحدر والنسل والأصل الواحد »كلكم من آدم وآدم من تراب »وهو ما نلتقي فيه مع باقي مكونات الجنس البشري من خلال دعوة الإسلام إلى وحدة الإنسانية بكل ألوانها وأعراقها و ألسنتها وعقائدها وعاداتها وتقاليدها وثقافاتها. وهي دعوة أوسع من الدعوة إلى توحيد العمال،  ومن الدعوة إلى الوحدة العربية فقط. وتاريخ الإسلام خير شاهد على ذلك، بقطع النظر عن بعض الأخطاء و الإنحرافات والتجاوزات التي قد تكون حصلت هنا وهناك في أماكن مختلفة وفي أوقات وفترات ومراحل مختلفة عبر تاريخ طويل من المدنية والحضارة من قبل أطراف وجهات مختلفة . وإذا كان لا حديث عن الديمقراطية بدون اختلاف، فانه لا حق للحركة الشيوعية والقومية العربية في مجرد الحديث عنها، لأنهما الحركتان اللتان لا تقران نظريا وتاريخيا بوجود الإختلاف والقبول به. وهما اللتان لا تقبلان إلا بالرأي الواحد. ولا تقولان إلا بالفرد الواحد وبالحزب الواحد وبالطبقة الواحدة. وأن الحركة الإسلامية وحدها هي التي تستطيع الحديث عن جدارة عن الديمقراطية من خلال إيمانها بالإختلاف بين سائر البشر. وما من مؤمن بالإختلاف إلا ويجب أن يكون قابلا به، وأن يكون له من الأدوات والوسائل والآليات ما يكون قادرا على تنظيمه، أو أن يكون مستعدا للقبول بكل آلية مناسبة لذلك. ومن ثمة يأتي قبول الإسلاميين من خلال الإسلام كما يفهمونه بكل ما في الديمقراطية من منافع وايجابيات آليا وفكريا وثقافيا . وكم تكون مخطئة تلك التيارات والفصائل والجهات والأطراف والشخصيات التي لا تقول بالديمقراطية في الإسلام.تلك الديمقراطية التي تقبل بالإختلاف العرقي والديني والأتني والطبقي والسياسي والثقافي والطائفي والإجتماعي، وتحافظ فيه على الشخصية الإسلامية والخصوصية الإسلامية والنمط الحضاري الإسلامي في البلاد العربية الإسلامية، وتحافظ فيه كل الشعوب والقبائل والأعراق  بخصوصياتها الدينية واللغوية والثقافية في إطار تمتع كل فرد فيها بالمواطنة الكاملة . فعلى الحركة اليسارية خصوصا وعلى الحركة العلمانية عموما أن تقبل بهذا الإختلاف وهذا التنوع. وأن تعمل على الجمع بدل التفريق. وعلى القبول بالإختلاف بدل رفضه بل وعلى القبول بالمخالف بدل رفضه واستثنائه وإقصائه وتهميشه. وبذلك و بذلك فقط يمكن أن تكون حركة ديمقراطية . كما على الإسلاميين في الحركة الإسلامية أن يحسنوا تنزيل برنامج النظام الإسلامي والرؤية الإسلامية للإنسان والكون والحياة، في إطار آليات النظام الديمقراطي الذي يبقى على سوءاته كما نراها اليوم في العالم واختلافنا معه في أكثر من مسألة وفي أكثر من وجه من وجوه الإختلاف ـ كما تختلف معه كل مكونات الحركة العلمانية نفسها، سواء منها الأصيلة التي أنشأته وطورته، أو تلك الزائفة التابعة المخالفة والمعادية له، من حيث تشعر أو لا تشعر، ومن حيث تقصد أو لا تقصد ،ومن حيث تريد أو لا تريد، وهي التي شوهته وأخرته وأخرت وتأخرت به ـ هو الأفضل محليا وإقليميا ودوليا قبل بلورة نظام إسلامي يجب أن يكون هو الأفضل حين تراعى فيه خصائص الإسلام وثوابته الكونية والإنسانية والعالمية بما يتناسب وعالمية الإسلام الذي أراده الله رحمة للعالمين »…إنا أرسلناك رحمة للعالمين » « يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا« وأن يتحملوا مسؤوليتهم في القبول حتى بمن لم يقبلوا بهم، إلا أن يكون عرضا انتهك أو دم سفك أو رزق قطع في حق فرد أو مجموعة أو خيانة وطنية صريحة واضحة…فلا تفريط في حق الأفراد والمجموعات أيا كان أصلها أو فصلها أو معتقدها. ولا تنازل عن حق الشعب والوطن والأمة وأي مظلوم على وجه الأرض.فان تلك الحقوق وتلك الجرائم لا تسقط بالتقادم. ومن فرط فيها وأسقطها وهو قادر على غير ذلك، فان لعنة الله وملائكته ورسله ثم عباده الصالحين ولعنة التاريخ ستظل تطارده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فلعل الإسلاميين في الحركة الإسلامية يمكن أن يكونوا هم الأصدق من منطلق مبدئي  تفرضه عليهم نصوص الوحي اليقينية الورود والثبوت في الإعتراف بالخلاف والقبول به، وفي الإعتراف بالمخالفين والقبول بهم. ولعلهم يكونوا بذلك الأقدر على ذلك، وهم الذين عليهم المسؤولية الأكبر على التسامح، في غير إفراط ولا تفريط ، وعلى الجمع والتوحيد بعيدا عن التوتر والتشنج ما استطاعوا، وبعيدا كذلك عن سياسة وثقافة الإستجداء والتسول والتذلل. وهي مهمات كبيرة وصعبة، ولكن ذلك هو قدرهم في هذا الزمن الرديء، وفي هذه المرحلة الشاقة من عمر الكون وفي حياة الأمة والإنسان.هذا الزمن الذي أصبحت فيه أمة العرب والمسلمين منقسمة على نفسها أكثر من أي انقسام عليه أية أمة أخرى من أمم العالم. حتى أصبح الإستثناء فيها أصل والأصل فيها استثناء. وأصبحت تداعى عليها فيه الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها. والذي ساد فيه منطق القوة وضاعت فيه قوة المنطق رغم التطورات والإبداعات العجيبة التي انتهى إليها فيه العقل البشري . هذا الزمن الذي أصبحت فيه وحدها مدعوة للإلتزام بالدعوة إلى سبيل الله الذي هو نظام الحق والعدل والحرية والمساواة والأخوة والأمن والسلم والوحدة الإنسانية، بالحكمة والموعظة الحسنة. في علاقة مباشرة ،وهي علاقة صراع وتدافع مع قوى دولية وإقليمية ومحلية لا تؤمن بهذا المنهج في الدعوة إلى ما تدعوا إليه، ولكنها مؤمنة بمنهج النبذ والإقصاء والتهميش والإلغاء والإستئصال، بغطاء إعلامي استهلاكي خادع ومغشوش، يحرف الكلم عن مواضعه ويقلب الحقائق ويزيف المشاهد والوقائع والأحداث والأقوال والأفعال ويزور التاريخ… وفي النهاية ليس أمام أبناء أمتنا وعالم المستضعفين عموما، وليس أمام أبناء شعبنا تحديدا إلا أن  نتحمل مسؤولياتنا جميعا في حاضرنا ومستقبلنا وطنا وشعبا، كجزء لا يتجزأ من شعوب أمة العرب والمسلمين ومن عالم المستضعفين والمظلومين والمقهورين في العالم عموما، وأن يعترف بعضنا ببعض، وأن يقبل بعضنا ببعض، وأن يصبر بعضنا على بعض، وأن نعمل سويا بالرغم من الخلافات والإختلافات التي بيننا، والتي لا حق لأحد أن ينهيها، وليس ذلك ممكنا لأحد، لأن ذلك ناموسا كونيا لا تستقيم الحياة على وجه الأرض بدونه ،وبالرغم من الظلم والقمع والإستبداد والهيمنة، على إنهاء الإستبداد أولا، ثم على كيفية إدارة شؤون بلادنا وشعبنا كلنا جميعا ثانيا بدون إقصاء ولا تهميش ولا حسابات ضيقة شخصية أو فئوية أو حزبية أو جهوية أو ما إلى ذلك، عن طريق حوار وطني  شامل ومتواصل وبالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. ومن يشذ عن ذلك فان شذوذه لا يكون إلا في نار جهنم و بئس المصير، ونعمل كلنا جميعا، ونقبل قبولا مبدئيا صادقا بأن يكون الشعب الذي هو السيد هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، في غير ضغط ولا تسلط ولا وصاية عليه ثالثا.وليكون الإصلاح والبناء والتشييد والإستقلال السياسي والإقتصادي والتميز والتنوع الثقافي والكسب العلمي والتقني والمعرفي هو هدفنا جميعا وغايتنا في غير تعويل على أحد، إلا ما كان تعاونا مع كل أبناء أمة العرب والمسلمين في إطار خطة شراكة إستراتيجية متميزة تنتهي إلى وحدة معينة على النحو الذي يتم الإتفاق عليه، والحرص على التنسيق مع أحرار العالم وقوى الخير فيه مستفيدين من تنوع ثقافاتنا ومن علاقة كل جهة أو طرف مع من له علاقة بهم في كل أنحاء العالم، في غير ولاء لغير الشعب والوطن والأمة ،ولصالح الإنسان أينما وجد، لمزيد إحكام العلاقات المناسبة التي تتحقق بها الحرية ويتحقق بها الرفاه والنماء والطعام لكل الأفواه والكساء لكل الأجساد والدواء لكل المرضى والمعرفة لكل صاحب حق فيها. والتي يسود بها الأمن والسلام و الإستقرار في العالم . « تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين » 
 

1صحيفة الطريق الجديد عدد:45 جانفي  2006 

 علي شرطاني              قفصة  تونس

 

 

نهاية مرحلة « التنافس الحزبي » وبداية « مرحلة العمل الوطني من أجل البديل الديمقراطي »

 

أ. عبد الرؤوف العيادي ليس للجدل- الذي دار خلال نقاشات المضربين، بالمساندين وبغيرهم من المنتمين إلى المجتمع المدني والسياسي خلال الأسابيع الأخيرة، ضمن عمل تقييمي لإضراب18 أكتوبر وما آثاره من حملة تضامن لدى قطاعات واسعة من النخبة- حول ما إذا كانت المبادرة تلك شكلت حركة حاملة للمشروع وطني أم هي مجرد محطة ضمن الحراك الاحتجاجي المطلبي الذي يتواصل منذ عشرية كاملة ونصف العشرية- أهمية إلاّ بالقدر الذي يربط تلك المبادرة بالأفق الذي يراها منفتحا عليها. فالقضية تختزل في الخطّة المستقبلية المطلوب اعتمادها وَ الأهداف المرسومة لـَها على المدى المنظور وليس في تقييمها كتحرك أنجز وانتهى وَ بقى تقصي آثاره وتداعياته- ضمن ما هُـو مكرس من خيارات ومواقف حزبيّة ثابتة قائمة منذ قيام نظام بن علي. لذلك يكون العمل التقييمي رهينا في أساسه بالخيارات المستقبلية، منطلقا من المعطيات القائمة- لتأكيد الخيارات القديمة أو لمراجعتها وطرح خيارات جديدة بديلة، ويكون التوصيف القائل بأنها مجرد حلقة من سلسلة أو تدشين لحركة وطنية مرتبطا بطبيعة الخطة المعتمدة في التعامل مع النظام القائم. وإن أهَـمّ مَا ينبغي التعرف عليه في هذا الصدد هُـو ملامح الخطة أو الخيارات التكتيكية التي يرسمها كل طرف والتي يمكن تصنيفها صنفين، صنف يرى مواصلة العمل « داخل » نظام بن علي و إدراج تحركاته وفق مواعيد أجندته- باستغلال المناسبات الانتخابية قصْد نيل بعض المغانم التنظيمية بتحقيق الامتداد التنظيمي عبر استقطاب المزيد من الكوادر أوْ حتى « مقايضة بعض المقاعد بالبرلمان » بسياسة الوفاق مع السلطة البوليسية- اعتقادا من أصحاب هذا الخيار أنهم يعملون بذلك شيئا فشيئا على تغيير ميزان القوى ليصبح في يوم مَا لصالح القوى الديمقراطية (التقدمية)!. وطبيعي أنّ من يأخذ بهذا الخيار سوف لن يرى بل سوف يقصر رؤيته على مَا يجعل حركة الإضراب مجرد حلقة أو محطة في مسيرة التعديل الكمي لميزان القوى الذي يتحقق ضمن خطة « التنافس الحزبي » أو التنظيمي. لذلك يمكن القول إن هذا الصنف لا يرى إلى حد الآن بديلا عن التنافس الحزبي أو بين « التيارات » في إطار الحيّز وبالشروط التي يُتيحها ويسمح بها النظام القائم- وهو غير مستعد لدعم حركة18 أكتوبر2005 إلا بالقدر الذي لا يخرج عن تصوره ولا يعدّ مراجعة للخطوط الحمراء للنظام القائم وخاصة منها التعامل مع الحركة الإسلامية. أما الصنف الثاني فكان يتمسك بطرح البديل الديمقراطي انطلاقًا من تقييم لنظام بن علي، الذي أقام سلطة بوليسية مارست الوصاية والإقصاء والقمع، بما يجعل  » التنافس الحزبي » والعمل التنظيمي الحر والمستقل جريا وراء سراب، لا جدوى منه ولا فائدة، بعد تعطيل آليات الحوار واحتكار الإعلام وَ تزوير الانتخابات وجعل القضاء تحت الوصاية. وَ هو يرى بأن الخطة البديلة هي في بناء جبهة ائتلاف واسع كفيل بتكتيل القوى السياسية والحقوقية والنقابية قادرة على فرض البديل الديمقراطي عبر مراحل تبدأ بالدعوة إلى المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي سيضع الأرضية السياسية لهذا البديل على أساس من عدم الإقصاء لجميع التيارات بما فيها حركة النهضة. وللتذكير فإن خطة البديل الديمقراطي، لم تتبلور بمناسبة إضراب18 أكتوبر2005 وإنما سبق أن طرحت بمناسبة الانقلاب على الدستور سنة2002 وَ خلال انتخابات أكتوبر2004 الرئاسية منها والتشريعية كما جرت محاولة بمدينة أكس الفرنسية في ماي2003 لبعث الائتلاف الديمقراطي، إلاّ أنها أجهضت لاعتبارات عديدة خاصة بكل واحد من الفرقاء و الواضح أن الاعتبار الأساسي الذي ظهر فيما بعْد هو الأخذ بخطة « التنافس الحزبي » عبر المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية- ولم تفد محاولة البحث عن مبررات أو مسوغات خاصة- من جوهر الأمر- في حين خير فصيل آخر البحث عن مقايضة شرعية النظام بإطلاق سراح المساجين السياسيين. لذلك فإنّ تقييم حركة18 أكتوبر2005، في أفق طرح البديل الديمقراطي يجعلها حركة تحمل مشروعا وطنيا سياسيّا، توفرت شروطه الأساسية عند تنفيذ إضراب الجوع بما انطوت عليه من ملامح وما قطعته من خطوات باتجاه تجسيم العمل الوطني نلخصها فيما يلي: أولا: أنها من خلال رفعها للشعارات الثلاث: حرية التعبير، حرية التنظيم تحرير المساجين السياسيين، حققت إجماعا لدى تيارات مختلفة ترمز إلى أهم الحركات السياسية بالبلاد حَوْل تقييم أوضاع الحريات والحقوق بتونس بما يدين تجربة نظام7 نوفمبر الذي نكث عهوده في تحقيق الحرية وصون الحقوق الذي برّر بها انقلابه على حكم بورقيبة- وأصبح الجميع يتفق على وصف النظام بالدكتاتوري. ولكون هذا التقييم السلبي صدر عن عدة تيارات سياسة وتنظيمات حقوقية ونقابيّة فإنه أكسى الحركة طابعا سياسيا، وإن كانت العنوانين التي أدرجت تحتها المطالب أخذت شكل المطالب الحقوقية. ثانيا: أن روح التجميع والتخلي عن عقلية الإقصاء عبْر انفتاح التحرك على التيار الإسلامي، وكذلك بالتخلي عن مشاريع العمل وفق المعايير الأيديولوجية أوْ التجانس الأيدلوجي، إنما يؤشر إلى ميلاد نواة قوى ديمقراطية اكتست طابعا وطنيا سياسيا واضحا، جعل الطرح الديمقراطي البديل يتجسّم في الواقع كيانا قابلا للنمو والتطور. ثالثا: أن إضراب18 أكتوبر2005، ولأنه شكل مبادرة سياسية كشف عن حاجة المجتمع إلى مجال سياسي بعد أن استعاض به النظام المجال الأمني على مدى عشرية كاملة ونصف العشرية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك واقع استشراء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، فإن تلك الحركة كانت كفيلة بإظهار المأزق الذي يتخبط فيه النظام يعاني من الـفــراغ الــســيــاسي وَ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية عجزه عن التخلي عن المعالجة البوليسية للقضايا ذات الطبيعة السياسية. إن مستقبل أي حركة يبقى رهينا لدعم المكتسبات التي حققتها وللروح الإيجابية في تعاطي القائمين عليها من أحزاب وتنظيمات مع الواقع الذي يشكو عدة أمراض وانحرافات، فالأمر يحتاج اليوم الإرتقاء بما يمكن وصفه بنواه العمل المشترك التي شكلتها مجموعة المضربين ثم عبر قيام هيئة18 أكتوبر للحقوق والحريات إلى بناء جبهة سياسية تكرس التعديدية وتتسع لكل من يسعى لبناء نظام سياسي ديمقراطي حقيقي بديل، ينهي الوصاية الخارجية والداخلية وَ ينبذ سلوك الإقصاء، ويقدر على تحقيق الإنسجام بين الخطاب والفعل. إنها مهمة تاريخية تقضي بناء المجال السياسي بالمجتمع أو تحريره من وصاية البوليس عليه الذي قلص حدوده إلى ما تقتضيه مصلحة النظام في البقاء لا غير. وطالما كانت المهام من هذه الطبيعية الوطنية فإن سلم الأولويات لدى جميع التيارات والتنظيمات يعاد تصوره وفق هذا المعطى الجديد الذي خلقته حركة 18 أكتوبر 2005. أما المدخل الحزبي والفردي المستقل في لعبة الانخراط في « التنافس الحزبي » فيبدو على ضوء ما تقدم من بيان من مخلفات لعبة النظام الأمني الذي يدنو من نهايته.

 
(المصدر: مجلة كلمة عدد 40 )


بسم اللّه الرّحمان الرّحيم

 عندما يصبح الوطن غير الوطن

 

 

غريب أمرك يا وطني والأغرب فيك أن يحكمك زمرة من الخونة وسفّاكي الدّماء.

بهذه الكلمات امتزجت لغة التحدّي بمرارة الحرمان وشوق الأحبّة عند والدة أحد المساجين السّياسيين بولاية جندوبة وهي تناشد أحرار العالم لمساعدتها على إطلاق سراح ابنها ولتكشف للعالم جرحا مازال ينزف ولتوقظ قلوبا قد كادت محنة الغربة تنسيها عظمة المأساة .

قالت بكلمات بسيطة مشحونة بالألم والحزن بعدما طال بقاء ابنها كلّ هذه السّنوات القاحلة وراء القضبان القاسية والجدران الغليضة حيث يجفّ نبع الحنان وتنطفئ شعلة الحبّ والحرّية

قالت بعدما عدّدت لي التّهم الموجّهة إليه والأحكام القاسية التي صدرت بحقّه

قالت بعدما اغرورقت عيناها بالدّموع وهي تحدّثني عن عمليّات المداهمة والتّفتيش والكلمات البذيئة التي تطفح من أفواه البولييس

قالت وهي تقاوم عوامل الضّعف في نفسها وتحمل شمعة الأمل في ليل قاتم دامس

قالت دون تلكّأ:

اسمع ياولدي حينما يموت الحلم في وطني وتنعدم الحرّية تصبح الحياة بلا معنى ولا قيمة ومن ثمّ يتعذر العلاج ويتأكّد الفشل

كانت كلماتها تشعّ بالأمل واليقين والرّجاء وهي تواجه قلقا أرهقها طوال هذه السّنين

كانت كلماتها تطنّ أذني وجعلتني أشعر بالوحشة والوحدة والغربة وأدرك أنّ الطريق شاق وطويل يغشيه العذاب والألم وبدأت ذكريات المحنة تحول بخاطري فتذكّرت عمليّات الإعتقال ومداهمات البوليس وعصى الجلاّد وحالات التّعذيب وبذاءات المباحث وليالي الجوع والحرمان فتسارعت دقّاة قلبي وجمدت أطرافي فحاولت جاهدا أن أخفّف عنها المعاناة فتلعثم  لساني لكن سرعان ما تداركت أمري وقلت في ضعف وأنا أحاول أن أكتم أحزاني:

نحن مدينون لكم بالكثير يا أمّاه ونشارككم الآلام والأحزان ولا شكّ أنّ الأقدار ستنتقم فنحن لم نفعل شيئا نستحقّ عليه مثل هذه العقوبة

قاطعتني بلطف وهي تحاول التغلّب على الرّعب الذي ملأ قلبها طوال هذه السّنين لتقول :

كلّ شئ جميل ياولدي في هذا البلد دمّر والجنّة التي يتحدّثون عنها أكذوبة كبرى وكلّ شئ حتّى الضمير أصبح يباع ويشترى والمشاهد التي تعرض في التلفزيون وتكتب في الصحافة عن أنجازات السّابع من نوفمبر كلّها خداع وهراء والحياة في بلدي أصبحت كئيبة تعسة حيث اتّسعت دائرة الإضطهاد والتهميش والإقصاء وأطلقت يد البوليس وتفاقمت ضاهرة الرّشوة والمحسوبيّة واشتدّت محنة المساجين  ثمّ أجهشت بالبكاء لتحدّثني عن الأحلام المزعجة التي تملأ قلبها جرّاء المداهمات وعمليّات التفتيش والكوابيس التي تشلّ حركتها وصور الهموم والأسى لفراق ابنها الذي لا يفارق خيالها ليلا نهارا

 لقد كانت لحضات قاسيّة مع الأمّ العجوز لحضات يصرخ فيها الحرمان والذكريات الجريحة وفي ثنايا ذلك كلّه ليس هناك بوادر أمل للخروج من سلبيات الواقع الحالي وإطلاق سراح المساجين السّياسيين.

لقد أثارت كلماتها في ذهني العديد من القضايا ووجدت نفسي عاجزا عن تفسيرسلوك هذا النظام وتعنّته ورحت أبحث عن أجوبة للمأزق الذي آلت إليه أوضاع البلاد .

وضمن قراءة سريعة لمختلف الأحداث  اتضح لي أنّ تعطّل الحياة السيّاسيّة لم تفضي إلاّ إلى مزيد من حالة التذمّر والغضب لدى المواطن ناهيك عن تغذيّة حالة اليأس والإنحراف لدى الشباب

إذا ألا يحتاج الوضع إلى معالجة حكيمة ومراجعات عميقة بهدف تعزيز الوحدة الوطنيّة ؟

أليست السّلطة مدعوّة بشكل ملح لرفع القيود وفتح حوار جاد مع كلّ قوى المجتمع والإستفادة من كلّ الطاقاة الوطنيّة المخلصة  ؟

 أليس الوطن بحاجة  لكلّ أبنائه مهما اختلفت مشاربهم السّياسيّة ؟؟

 ألم تكن الأنظمة التي تصادر الفكر وتخشى الرأي الآخر محكوما عليها بالعجز والفشل ؟؟   

فما الذي يمنع السّلطة إذا من القيام بإجراءات عمليّة للخروج من النفق المسدود الذي وصلنا إليه ؟

 

أما آن الأوان أن يزرع الأمل وينعدم الألم ويصبح الوطن هوّ الوطن ؟؟؟   

 

نورالدّين الخميري ـ بـــون ـ  ألمانيا

 

ابسم الله الرحمان الرحيم

حماس المنتصرة ولعبة الضغوط و التوازنات

مهما افلح المتابعون للشان الفلسطيني في البحث عن وجوه التشابه بين الحالة المستجدة بعد صعود حماس الى السلطة وحا لات تقدم التيار الاسلامي في مصر والاردن والمغرب وحتى في تركيا التي اكتسح فيها حزب العدالة والتنمية السلطة ضمن معادلة وطنية و اقليمية وحاجة دولية ( الولايات المتحدة خاصة) مستعدة لتقبل القادم الجديد.فلن يعثروا على حالة اكثر تعقيدا . ان تعقيدات الحالة الفلسطينية قائمة اصلا في محورية القضية الفلسطينية في معادلة الصراع الدولي وتقاطعها مع استراتيجيات الهيمنة المتلاحقة فادا اضفنا اليها حماس كلاعب نوعي طيلة عقدين (مند الانتفاضة الاولى) وتاثيره المتزايد منداوسلو على الداخل الفلسطيني بتصليب خط الممانعة وتطوير ادوات المقاومة مع الابقاء دائما على بوابة السياسي مفتوحة للتعاطي النزيه والبراغماتي مع الفرقاء السياسيين في الداخل والتواصل مع  الامة والعالم.ان حساسية دور حماس في الداخل كونها تواجه الاحتلال الصهيوني من جهة وتتصدى لمهمة الاستقلال الوطني في سياق تصفية تركة اوسلو وما فرضته من استحقاقات مهينة.
تجد حماس نفسها تجاه خطين متصاعدين من الضغوط تشترك فيها قوى دولية واخرى اقليمية بين هده وتلك هناك اطراف فلسطينية محسوبة على فتح وعلى جهات امنية فلسطينية هي ثمرة اوسلو ولعبة مراكز القوى التي نخرت في السلطة و سينحصردورها في البداية في افشال كل محاولات التقريب بين فتح و حماس والسعي لقطع الطريق امام حماس ادا نجحت في تشكيل الحكومة لمواجهة الفساد ومحاسبة بعض رموزه وتاليب قيادات الاجهزة الامنية والاصرار على بقاءه بيد ابي مازن ودحلان وهوشق يخدم مصالح الامريكيين متدرعا باحترام الالتزامات الدولية وليس له في المدى المتوسط اية خطوط حمراء بما فيها الاحتراب الداخلي.ولعل السيناريو الاسوا الاقدام على انقلاب امني باسناد امريكي .وادا كان الطرف الدولي بما فيها امريكا واوروبا يلوح بعصا المال السياسي للضغط على حماس و السلطة لفرض تنازلات جديدة فان الطرف العربي بقيادة مصر وبمؤازرة اردنية ودول خليجية سيمارس ضغطا سياسيا يطالب باحترام التزامات السلطة وبالاعتراف بالكيان الصهيوني لجر حماس كما مع فتح على مسار التسوية وهي مجرد ادوات في استراتيجية المحاصرة الامريكية.
ولعل فرادة الحالة الفلسطينية تنبع من تزاوج نادرفي تجارب الثورات والتحولات التاريخية مابين قيم الثورة المستمرة وبناء الدولة في ظل استمرار المواجهة مع الاحتلال وفي اغلب الثورات كان الانتقال من انجاز التحول الى مواجهة اسئلة الدولة انتقالا دراماتيكيا دمويا يؤسس لمنطق الدولة . في وجه الثورة (انما تاكل الثورة ابناءها ) ان وصول حماس كحركة مقاومة الى السلطة على طريق الدولة الموعودة يلقي عليها بثقل كبير لاتسطيع ان تقوم عليه لوحدها فالمشروع الوطني الفلسطيني لم يولد مع حماس ولن يقف عندها بل هي لبنة من لبناتها وعلى هدا الاساس مطلوب اليها خوض تجربة الانفصال والاتصال مع تركة فتح في السلطة واعادة بناء التوازنات الداخلية التي تثبت السلم الاهلي الفلسطيني بتوجيه المقاومة نحو المحتل. كما ان انهاء فوضى السلاح التي طالما تدرعت به اسرائيل والولايات المتحدة واعتبرته السلطة عائقا امام بسط هيبتها ان دلك يمر عبر توحيد فصائل المقاومة في تعبيرة وطنية تتوافق على مشروع مقاومة يراعي المناط والظرف . لن يكون بامكان اية حكومة قادمة سواء كانت تكنوقراط اووحدة وطنية … ان تدير ظهرها للقرار الدولي بل مطلوب امتصاص دكي للمعادلات الدولية والاقليمية الضاغطة عبر انجاز تسويات منسجمة مع الحق الفلسطيني الدي تاه في دوامة اوسلو. لكن يجب ان يفهم اولائك الدين يطالبون حماس ان تلتزم بالتعهدات السابقة متدرعين بالقانون الدولي ان الاتفاقيات تمت بين سلطةالاحتلال وسلطة ليست لها مقومات الدولة بشكل يجعلها محل مسائلة وطعن . ان اسهام حماس في صياغة الواقع الفلسطيني و تحديد ملامح مشاركة واسعة في القرار شعبيا وديمقراطيا يمر عبر دخولها الى منظمة التحرير الفلسطينية وادارة حوار فلسطيني شامل لبناء شراكة حقيقية على اساس الكفاءة والاقناع. هده الشراكة ستخفف الضغوط على حماس وعلى أي فصيل فلسطيني مستقبلا.
قد يتساءل البعض عن سلم اولويات حماس في هده المرحلة فالملاحظ ان الشعب الفلسطيني رشح حماس للعب دور ريادي في الحياة الفلسطينية على قاعدة برنامج سياسي عنوانه المقاومة اولا فلقد خبر الشعب الفلسطيني على الارض نتائج اوسلو الكارثية وعلىهدا الاساس تخطىء حماس ادا دخلت نفق التسويات المميتة التي عرت فتح .   الاستاد عزالدين شمام Chammam2005@yahoo.fr

 

أميركا و «حماس» والأحكام الأيديولوجية

تركي علي
الربيعو      الحياة     – 03/02/06// في دراسة كتبتها الصحافية الأميركية جويس ديفيس بعنوان»الإسلاميون والأنظمة العلمانية :هل العنف ضروري؟» تتطرق الى المأزق وازدواجية المعايير التي تركن اليها الإدارة الاميركية في رؤيتها الى الحركات الإسلامية بعدما أصبحت قوة لا يمكن التغاضي عنها وصوتاً انتخابياً لا يمكن تجاهله. فمن وجهة نظر ديفيس تجد السياسة الأميركية نفسها مع تنامي الحركات الاسلامية ووصولها الى الحكم نتيجة العملية الديموقراطية، أمام خيارين: إما أن تدعم التحول الديموقراطي الذي يبدو مؤكداً أنه سيأتي بالإسلاميين الى السلطة،أو أن تتخلى عن المبادئ الديموقراطية بدافع الخوف من الإسلام السياسي.
واقع الحال، كما في التصريحات التي أدلى بها الرئيس جورج بوش والمسؤولون الأوروبيون بعد فوز «حماس» بثلثي المقاعد في الانتخابات الأخيرة، يشير الى استمرار تلك الازدواجية والدفع في اتجاه معادلات مستحيلة الحل. فالتحول الديموقراطي الذي يأتي بالإسلاميين الى السلطة يصبح غير مرغوب فيه لأنه لا يأتي بالموالين ممن اختاروا اللحاق بالسياسة الأميركية، و»حماس» كقوة تحرر تتناقض كليا مع آخر حالة كولونيالية في التاريخ الحديث ممثلة بالاستيطان الصهيوني في فلسطين تصبح مرفوضة، وتكثر الحجج عليها بهدف الانقلاب على العملية الديموقراطية، وتتكاثر الألفاظ الخطابية لصناع القرار السياسي في الغرب الذي يجهلون على ما يبدو واضحاً الحركات الإسلامية. فـ»حماس»، بحسب خطاب الإدارة الأميركية، «منظمة إرهابية» تهدد مستقبل إسرائيل وهنا تكمن مفارقة الديموقراطية المفصلة على مقاييس الإدارة الأميركية.
وفي السياق نفسه يأتي هجوم بعض الليبراليين العرب الذين ينعي كثيرون منهم العملية الديمقراطية في مصر وفلسطين بحجة أنها أتت بالرعاع الذين يجهلون قيمة الديموقراطية الى السلطة، وهي تهم تنم عن عدم معرفة بالحركة الإسلامية وبالتحولات الديموقراطية التي طالتها في العقدين الأخيرين من القرن المنصرم. وصول «حماس» الى السلطة يطيح عند الإدارة الأميركية بالتمايز السائد بين الحركات الاسلامية المعتدلة وتلك الراديكالية، فتصبح الأخيرة هي القاعدة في خطاب أميركي ايديولوجي وخطاب سلطوي وليبرالي عربي يسهل وضع الإسلاميين جميعاً في سلة واحدة بهدف إدانتهم، وهذه ليست شيمة العقل السياسي ولا العمل الفكري.
تدرك الولايات المتحدة أن الانقلاب على نتائج العملية الديموقراطية التي أحسنت «حماس» الانتظام فيها، وكذلك «الإخوان المسلمون» في مصر من قبلها، من شأنه ان يؤجج العداء لأميركا وأن يدفع الى مزيد من تشويه صورتها التي لم تتحسن أبدا في عالمنا العربي الاسلامي، كما تدرك في الوقت نفسهوأن السكوت على نتائج الانتخابات سيأتي بقوى سياسية جديدة تسبب لها الإرباك عاجلا ام آجلا.
التصور الذي يحكم العقل السياسي الاميركي نتاج أحكام ايديولوجية مسبقة تجهل التطورات التي طالت الحركات الإسلامية التي جعلت من الديموقراطية نهجا لها والتي قطعت مع النهج الراديكالي السابق الذي انتهجه كثير من الحركات الإسلامية في العقود المنصرمة. وبالتالي فالمطلوب من الإدارة الاميركية ليس الاعتراض على نتائج الانتخابات التي جاءت بـ»حماس» الى السلطة، لأن ذلك يفضح مراميها ويشكك بأهدافها التي تطمح من خلالها كما تزعم أن تجعل من الشرق الأوسط منارة للديمقراطية كما روّج لذلك الكثير من المحللين في أعقاب احتلال العراق، بل الانخراط في تشجيع العملية الديموقراطية. فمن مصلحة الولايات المتحدة، وانسجاما مع شعاراتها الفضفاضة ورسالتها الخالدة في الديموقراطية التي ما ملّ المحافظون الجدد من تكرارها، أن تشجع التحول الديموقراطي في العالم الاسلامي حتى وإن جاء بالاسلاميين الى السلطة، لأن من شأن العملية الديموقراطية أن تنحي جانبا ردود الفعل العنيفة عند هذه الحركات وتدفعها الى الالتزام بالنهج السياسي والديموقراطي.
كاتب سوري (المصدر: صحيفة   الحياة  بتاريخ3 فيفري2006  )

 

ضجة كبري في فلسطين والعرب يتفرجون

2006/01/31 د. محمد صالح المسفر
ضجة وأي ضجة هذه التي تحدث في فلسطين !! حزب اخرج من السلطة في وضح النهار مطرودا بإرادة شعبية بعد أن حكم سنين طويلة أثري بعض رموزه، لم يحقق هذا الحزب أي نصر سياسي يعتد به، ولم يجتث فقر كوادره علي الأقل، عاشت فلسطين أثني عشر عاما علي وعود سياسية، من اوسلو إلي كوبنهاغن إلي مدريد إلي عواصم أوروبية وأخري عربية وأمريكية والحال هو الحال مزيد من تجريف الأراضي وتسارع في إتمام بناء جدار الفصل العنصري الذي ابتلع الأرض واعتقال الناس وقتل القيادات البارزة في مقاومة الاحتلال وما خفي كان أعظم.
هذا الحزب لم يحظ بتأييد كوادره في الانتخابات التشريعية ناهيك عن العامة الذين هم ليسوا تابعين لأي حزب سياسي في فلسطين، وانبري تجار اوسلو وتفاهمات شرم الشيخ والعقبة يتباكون علي مستقبل الشعب الفلسطيني بعد أن قال هذا الشعب البطل المجاهد كلمته في حق هؤلاء التجار، قال بصوت صامت علي أوراق وضعت في صندوق محكم الإغلاق لا لهذه القيادات التي لم تحقق له أدني مطالبه. فلا أسير أطلق سراحه من كماشة جيش الاحتلال، ولا مبعد عاد إلي وطنه ولا شجرة زيتونة اقتلعت وأعيد غرسها، ولا بيت هدمته عصابات قطعان المستوطنات أعيد تشييده، ولا.. ولا.. النتيجة أن الشعب رفض هذه السلطة بفكرها ورجالها ووعودها ومشاريعها، لم يسلِم كرادلة ذلك الحزب بان مشاريعهم السياسية كانت مشاريع وهمية لا تبني دولة ولا تردع عدوا ولا تستقطب مناصرين لقضية هذا الشعب الذي كان يخدر عبر شاشات التلفزة بوعود عرقوبية . خرج الكرادلة واحدا بعد الآخر أمام عدسات التصوير يتبادلون التهم ويحذرون العالم من المستقبل الذي لم يعد لهم دور في صياغته في فلسطين، خرجوا علينا يقولون بأنهم لن يشاركوا في أي سلطة تأتي ما لم يكن لهم في برنامجها السياسي القول الفصل، خرجوا علينا وكأنهم يوحون إلي الدول المانحة بوقف كل الدعم المالي والسياسي للشعب الفلسطيني عقابا لهذا الشعب لجرأته في التصويت لحزب غير حزبهم.
في معظم دول العالم حزبان أو ثلاثة تتنافس هذه الأحزاب للوصول إلي سدة الحكم، وكل فترة زمنية تجري انتخابات بفوز احدهم وبفشل الآخر ولم نجد أن من فشل في الحصول علي الأغلبية يستعدي علي بلده وأمته والعالم مثل ما فعل الأخوة في فتح عندما فشلوا في الانتخابات.
لقد راح احدهم يقول إن الدول المانحة لن تدفع للسلطة الفلسطينية ما التزمت به تلك الدول سابقا لان حماس أصبحت في سدة الحكم، وبدلا من أن تستخدم هذه النتيجة لصالح العمل الوطني الفلسطيني راح حزب الكرادلة يستعدي علي حركة حماس العالم وخاصة الدول المتاحة. واندفعت الإدارة الأمريكية نحو تجفيف المنابع المالية للشعب الفلسطيني وتبعتها جماعات سولانا في بروكسيل وكذلك فعلت حكومة العدو الإسرائيلي في الاستيلاء علي حقوق السلطة الواجبة الدفع الشهر القادم.
كنت أتمني أن أري التهاني من حزب فتح تنهال علي حزب حماس وتناشد منظمة فتح العالم كله أن يمد يد العون والمساعدة للسلطة الفلسطينية الجديدة. ولكن مع الأسف الشديد راحوا علي كل الصعد يحرضون العالم أو يوحون له بعدم تقديم المساعدات المادية والسياسية لحركة حماس التي حظيت بتأييد شعبي فلسطيني منقطع النظير. ما هو الدور العربي المطلوب في هذه الظروف ؟ حقا، إن الكرة في ملعب الدول العربية القادرة علي التأثير سياسيا واقتصاديا ومعنويا في هذه المسألة، وأتمني من الله أن لا يضيعوا هذه الفرصة العظيمة كما أضاعوا فرصا كثيرة سابقا. في اعتقادي أن الدور الذي يجب أن يؤدي في هذه الحالة هو مناصرة حركة حماس للقضاء علي الفساد والمفسدين ومناصرتها ودعم مواقفها وبرنامجها السياسي الذي يتحدد بانسحاب القوات الإسرائيلية إلي حدود الرابع من شهر حزيران (يونيو) عام 1976، وإعلان قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها مدينة القدس وإطلاق كافة المعتقلين في السجون الإسرائيلية وتسوية قضية اللاجئين طبقا لقرارات الشرعية الدولية، والتعهد بدفع تعويضات لكل ما هدمته إسرائيل خلال اجتياحاتها المتكررة لأراضي الضفة الغربية وغزة، وهناك سوابق لمثل هذه التعويضات أرست قواعدها وحددت قيمتها إسرائيل مع المانيا وما زالت تتلقي تلك التعويضات حتي هذه الساعة عن أفعال يدعي اليهود أنها حدثت ضدهم منذ اكثر من ستين عاما.
لقد حان الوقت للزعماء العرب لتفعيل مبادراتهم السلمية وكان اخرها مبادرة الملك عبد الله آل سعود في قمة بيروت العربية، كما أنبه إلي مخاطر الدفع بحركة حماس بعد فوزها بجدارة في الانتخابات إلي زاوية ضيقة يجعلها تتخذ مواقف متشددة دفاعا عن مشروعها السياسي وعن الناخبين الذين بايعوها طبقا لذلك المشروع.
إن النظام العربي في حاجة ماسة جدا لمناصرة حركة حماس وتفعيل دورها في فلسطين في هذا الزمن، وذلك لتخفيف الهجمة التي تشنها الإدارة الأمريكية علي كثير من هذه الأنظمة العربية وخاصة مصر والسعودية. ان مخاطر تجويع الشعب الفلسطيني بقطع المساعدات الغربية عنه لاجبار منظمة حماس بتقديم تنازلات أمر لا يخدم الأنظمة العربية، وعلي ذلك فاني أناشد الحكومات العربية التي حباها الله بسعة في المال أن تسد حاجة الشعب الفلسطيني ولا تخضعه للحاجة المذلة، ونذكر هذه الأنظمة بأنها قدمت مساعدات مالية وعينية إلي الحكومة الأمريكية تقدر بمليارات الدولارات عندما تعرضت بعض مدنها للكوارث الطبيعية، وقدموا أموالا طائلة لخسائر أمريكا في ما يعرف بكارثة/غزوة نيويورك المعروفة بـ 9/11 وكما نعلم أن أمريكا دولة فاحشة الثراء ولا تحتاج إلي مساعدات من دول العالم الثالث، أما الشعب الفلسطيني فانه في أمس الحاجة للدعم المادي والمعنوي والسياسي. (المصدر: صحيفة القدس العربي بتاريخ 1جانفي2006  )


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.