الجمعة، 12 يونيو 2009

 

TUNISNEWS

9 ème année, N 3307 du 12.06 .2009

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

إيلاف:تونس تنفي قمع المدافعين عن حقوق الانسان

المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين:بيــان

مدونة « صحفي تونسي:إعــــــلان الصباح:رابطة حقوق الإنسان بين خيارين .. وحلّ وفاقي في الأفق

الشيخ راشد الغنوشي:« حركة الاتجاه الإسلامي » سلف النهضة.. السياقات والآثار؟ عزالدين محمود :نداء ودعوة عماد الدّين الحمروني: الولاء للوطن الصباح :«فوبيا النت» في تونس: البنات لـ«التشات» والعلاقات الافتراضية… والشباب للألعاب الصباح:توحيد التقويم الهجري والاحتفال بالأعياد الدينية: الخلاف مستمر بين القرار السياسي.. الفقهي.. والبحث العلمي وزير إماراتي للصباح: فرص هائلة لتوظيف تونسيين في الإمارات تستهوينا تجارب تونس في مكافحة انحلال الشباب وتطرفه

مراد رقية:وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعلن من طرف واحد عن زواج التاريخ والجغرافيا في اطار الضغط على التكاليف وتجويد نظام الدراسات؟؟؟

محمـد العروسي الهانـي :فكرة بعث جمعية الوفاء للمحافظة على التراث الوطني البورقيبي « طارق الكحلاوي:الخـطاب آمال قرامي في منتدى التقدم: قراءة في خلفيات الفتاوى المسيئة للإنسان* رويترز:نساء ينافسن الرجال في انتخابات بلدية بالمغرب ويتعهدن بتسيير أفضل صامدون:بيريس: نظام الحكم في الأردن حليف لإسرائيل وإسرائيل محظوظة لوجود حدود مشتركة للبلدين عبد الباري عطوان:دروس من الانتخابات الايرانية

فواز جرجس:إيران والعالم بعد الانتخابات الرئاسية مصطفى الخلفي :الإسلاميون وأسئلة ما بعد خطاب أوباما؟


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

     جانفي2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm   فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:


أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 18 جمادى الثانية 1430 الموافق ل 12 جوان 2009

أخبار الحريات في تونس


1) جمعية النهوض بالطالب الشابي تتعرض لاعتداء سافر: تعرض مقر جمعية النهوض بالطالب الشابي مساء يوم الثلاثاء 9 جوان 2009 لاعتداء سافر تمثل في إقدام مجهولين على خلع الباب الخارجي للمقر و باب مكتب الهيئة المديرة وكذلك باب خزانة الوثائق، ولم تلاحظ سرقة أي شيء رغم وجود عدة أجهزة بالمقر. وفي اليوم الأربعاء 10 جوان قدم الأستاذ هشام القرفي رئيس الجمعية المذكورة بلاغا للشرطة التي حلت بالمكان وقامت بمعاينة الأضرار الناجمة عن هذا الاعتداء السافر و الجبان.    2) بعث إلينا السيد رياض بن محمد لزهر اللواتي بالرسالة التالية: إني الممضي أسفله رياض اللواتي صاحب بطاقة تعريف وطنية رقم 08312626 سجين سياسي سابق (ضمن مجموعة أريانة) أحيطكم علما باني و منذ خروجي من السجن في نوفمبر 2005 و انأ أتعرض إلى مضايقات شبه يومية من طرف الشرطة السياسية (فرقة مكافحة الإرهاب) بحي النسيم برج الوزير ولاية أريانة و في المدة الأخيرة تزايدت هذه المضايقات. ـ يوم الثلاثاء 26 ماي 2009 على الساعة 11.00 صباحا قام 4 أفراد من الشرطة السياسية على متن سيارة مرسيدس بيضاء اللون و يلبسون الزى المدني بمحاولة اقتيادي من أمام مقر عملي (حانوت عطار) بالقوة إلى منطقة إقليم أريانة فرقة مكافحة الإرهاب تحت رئاسة محمد الغربي. ـ وفي نفس اليوم وعلى الساعة 15.30 تم القبض على احد زبائني و هو المدعو محمد أمين الزلطني ( بمحلي التجاري ) و فتشوا بيته فوقع لزوجته انهيار عصبي و هي حامل في اشهرها الأخيرة و اقتادوه إلى مقرهم و اعتدوا عليه و قاموا بتعذيبه و ضربه بهراوة غليظة (يد بالة) تسببت له في أضرار لازالت آثارها على بدنه إلى اليوم . ـ يوميا يمرون أمام محلي التجاري و يقومون باستفزازي – أوقفوا يوم الثلاثاء 2 جوان 2009 المدعو أنيس السليتي و اقتادوه إلى مقر فرقة مكافحة الإرهاب و أعادوا استدعاءه يوم الأربعاء 3 جوان 2009 . ـ في إحدى المرات و على الساعة السادسة و خمس و أربعين دقيقة صباحا وعند فتحي للحانوت وجدت سيارة تابعة للشرطة أمام المحل تنتظر كل زبون يدخل إليه ويقومون بإيقافه وسؤاله عن علاقته بي و لماذا يشتري من عندي حتى أنهم أوقفوا الخباز و اقتادوه إلى مركزهم وبحثوه حول علاقاته بي و لماذا يتعامل معي. الإمضاء رياض اللواتي     عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


تونس تنفي قمع المدافعين عن حقوق الانسان


GMT 0:15:00 2009 الجمعة 12 يونيو أ. ف. ب.  
تونس: نفت السلطات التونسية الخميس ترهيب وقمع المدافعين عن حقوق الانسان، مؤكدة انها لم تعمد الى عرقلة انشطتهم. واكد مصدر حكومي في العاصمة التونسية « ليس ثمة اي ترهيب او قمع ايا تكن طبيعته في تونس ضد المدافعين عن حقوق الانسان ». واضاف المصدر ان « المدافعين عن حقوق الانسان وكذلك اعضاء جميع الاحزاب السياسية والجمعيات، يتمتعون بكامل حقوقهم ويقومون بأنشطتهم من دون ادنى معوقات ويتنقلون ويعبرون عن ارائهم بحرية ». وانتقد محام تونسي معارض زار الاربعاء وزارة الخارجية الفرنسية، ما يتعرض له مواطنوه الناشطون في مجال حقوق الانسان والمعارضون، وذلك في مؤتمر صحافي عقده في باريس في مقر منظمة العفو الدولية للدفاع عن حقوق الانسان. وقال محمد عبو ان هؤلاء الناشطين يتعرضون « للترهيب » و »القمع الاقتصادي » في حين « يفلت الشرطيون من العقاب ». ورد المصدر الحكومي التونسي « انه لمن الخطأ الايحاء بوجود افلات من العقاب في تونس، فجميع المواطنين متساوون امام القانون ». ورفض هذا المصدر ايضا مضمون تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية عن تونس. وقال ان هذا التقرير « يستند الى ادعاءات غير مؤكدة تروجها جهات لا تخفى مواقفها المعادية لتونس ». وفي تقرير اصدرته في اذار/مارس، اكدت منظمة العفو الدولية ان المدافعين عن حقوق الانسان « غالبا ما يكونون ضحايا اعمال تحرش وترهيب. فهم يتعرضون للمراقبة من قبل عملاء الدولة الذين يشوشون على اتصالاتهم ويمنعون المنظمات غير الحكومية من عقد جمعياتها العامة ويمنعون افرادها من الوصول الى مكاتبهم ». (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 12 جوان 2009)  

تونس في 12 جوان 2009 بيــان  

تلقى المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين يوم الخميس 11 جوان 2009 دعوة من عدد من الزميلات والزملاء لعقد اجتماع فوري للمكتب التنفيذي الموسع يوم 13 جوان 2009، وذلك دون التنصيص على صفات أعضاء المكتب التنفيذي في هذه الدعوة. وإذ يستغرب المكتب التنفيذي هذه الدعوة وتوقيتها والحال أنه سبق له أن قرر عقد اجتماع للمكتب التنفيذي الموسع في 30 جوان 2009 مباشرة بعد الجلسة العامة التي ستنعقد في 26 جوان، وأعلن عن ذلك في بيانه الصادر يوم 6 جوان 2009، فهو يعتبرها غير مؤسسة وغير قانونية. علما بأن المكتب التنفيذي لم يغلق باب الحوار مع الزملاء الموقعين على الدعوة رغم أنهم فضلوا الالتجاء لإصدار البيانات التشكيكية عبر الصحف دون عرضها على النقابة، وذلك عوض التعامل المباشر مع زملائهم في المكتب التنفيذي من خلال الآليات الديمقراطية والقانونية للنقابة واستنادا إلى روح الزمالة الصحفية التي تسمو فوق كل الخلافات والاعتبارات الأخرى أيا كانت. ويعتبر المكتب التنفيذي أن الدعوة التي تقدم بها الزملاء لا يتوفر فيها شرط النصاب القانوني المنصوص عليه بالفصل 38 من النظام الداخلي، خاصة وأن أغلبية الثلثين المطلوبة لم تعد متوفرة للمتقدمين. ذلك أن ثلاثة منهم فقدوا عضويتهم في المكتب التنفيذي الموسع إثر حلّ اللجان التي كانوا يترأسونها، بناء على توصية الجلسة العامة الأخيرة. فيما تم تجميد عضوية زميل رابع بمقتضى القرار الصادر عن المكتب التنفيذي في 6 جوان 2009 على خلفية التحقيق المجرى في تسريب وثيقة داخلية للنقابة إلى جهات رسمية. وقد تم إعلام هؤلاء الزملاء رسميا بالقرارات التي تخصهم وتجعلهم بالتالي فاقدين لأية صفة تؤهلهم لحضور اجتماعات المكتب التنفيذي الموسع. والقرارات المتخذة ضد هؤلاء الزملاء تبقى سارية المفعول، ما لم يقع إبطالها بشكل قانوني طبقا للإجراءات المنصوص عليها في القانون الأساسي والنظام الداخلي للنقابة. وقد استند أصحاب الدعوة في مكتوبهم على المطالب التي ضمنوها في محضر العدل المنفذ الذي قام بإيداع عريضة الإقالة في النقابة. وقد شابت محضر الإيداع هذا خروقات قانونية استوجبت الطعن فيه قضائيا. وسيتم النظر في هذا الطعن من قبل المحكمة الابتدائية بتونس خلال جلسة حددت ليوم 29 جوان 2009. لذلك لا يمكن الاستناد إلى الطلبات الواردة في محضر عدل التنفيذ طالما أنه محل طعن قضائي. إضافة إلى أنه سيتم عرض التوقيعات المشتبه فيها الواردة بعريضة الإقالة على خبير عدلي في الخطوط. ويؤكد المكتب التنفيذي أنه لم ولن يتهرب من عريضة الإقالة المعروضة عليه. وسبق له الإعلان في بيانه الصادر بتاريخ 2 جوان 2009 أنه سيبُتّ في هذه العريضة ويحدد موقفه منها حال تعليق القائمات النهائية للمنخرطين، علما بأن آجال الانخراط في النقابة تنتهي رسميا يوم 15 جوان 2009. ويستغرب المكتب التنفيذي مطالبته بالبتّ في عريضة الإقالة وما يستتبعها من إجراءات، قبل تعليق القائمات النهائية للمنخرطين التي سيتم بموجبها ضبط من له حق المطالبة بإقالة المكتب التنفيذي من عدمه. فتوفر الصفة شرط أساسي لتكون عريضة الإقالة قانونية، مثلما أوجبه الفصل 39 من القانون الأساسي. ويحمّل المكتب التنفيذي أصحاب الدعوة مسؤولية كل التبعات التي ستنشأ عن اجتماعهم غير القانوني إذا تمسكوا بعقده. ويؤكد المكتب أنه لن يعترف بشرعية هذا الاجتماع وكل القرارات التي قد تتمخض عنه باعتبارها قرارات باطلة، وكل ما بُني على باطل فهو باطل. كما يؤكد أنه يرفض أي تعاط مع الأزمة الحالية خارج الأطر القانونية والشرعية للنقابة، وينبّه من منطلق شعوره بالمسؤولية وحرصه على وحدة النقابة وشرعية تمثيليتها لعموم الصحفيين التونسيين بأن الاحتكام لسلطة القوة ومنطقها الأرعن من شأنه أن يحدث شرخا غير قابل للرأب في صلب المهنة وهيكلها النقابي. كما ينبّه إلى أن الأعمال الانقلابية التي حصلت في منظمات أخرى من المجتمع المدني لن تنجح في النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وستتكسر أوهام أصحابها ومن يسندهم على الأسوار المنيعة لنقابتنا التي ستبقى عصيّة على الطامعين والمتسلطين. ويدعو المكتب التنفيذي كافة الزميلات والزملاء إلى عدم الالتفات لما يروجه البعض من أنه لا تراجع عن قرار إسقاط المكتب التنفيذي المنتخب للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، زاعمين أن رئيس الدولة شخصيا هو الذي حسم الأمر ولا مجال لمراجعته فيه. ويؤكد المكتب التنفيذي أن نقابتنا قادرة على تجاوز أزمتها فقط من خلال تغليب العقل والحكمة والاحتكام للقانون. حتى تكون إرادة الصحفيين هي العليا، وهي إرادة يحترمها المكتب التنفيذي الذي يلتزم بتنفيذ قرارات الصحفيين بقطع النظر عما إذا كانت لفائدته أو ضده. والمكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الذي يقود اليوم باستبسال معركة استقلالية النقابة باسم كل الصحفيين ونيابة عنهم، لن ينثني أمام الضغوطات وجسامة التحديات، ويؤكد بأن إرادة الصحفيين التونسيين ستكون هي الغالبة. عاشت نضالات الصحفيين التونسيين عاشت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن المكتب التنفيذي الرئيس ناجي البغوري  Zied El-Heni                     زيــاد الهــانــي             http://journaliste-tunisien-13.blogspot.com


إعلان

تم الجمعة 12 جوان 2009 حجب مدونة « صحفي تونسي » للمرة الثانية عشرة دون سند قانوني وجاء الحجب الجديد على خلفية نشر تدوينة حول عملية فساد واستغلال نفوذ تورط فيها عماد الطرابلسي يمكنكم الدخول للنسخة 13 من المدونة عبر الرابط التالي http://journaliste-tunisien-13.blogspot.com يعيش المواطن تحيا الجمهورية Zied El-Heni         زياد الهاني http://journaliste-tunisien-11.blogspot.com

رابطة حقوق الإنسان بين خيارين .. وحلّ وفاقي في الأفق


تونس – الصباح ـ في خطوة غير متوقعة، قررت محكمة التعقيب أمس، قبول القضيتين المتعلقتين بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان شكلا، ورفضهما اصلا، وهو ما يعني من الناحية العملية، اقرار الحكم الاستئنافي الصادر منذ العام 2001، والقاضي بابطال المؤتمر الخامس للرابطة وجميع القرارات والهيئات المنبثقة عنه… وكانت مجموعة من الرابطيين (مسؤولون عن فروع وبعض المنخرطين)، رفعت دعوى قضائية مباشرة إثر انعقاد المؤتمر الخامس المنعقد سنة 2000، طعنت من خلالها في نتائج المؤتمر «استنادا إلى جملة الخروقات القانونية المسجلة»، حسب اعتقادهم، وطالبوا بابطال هذه النتائج من قرارات وهيئات منبثقة عن المؤتمر، بما في ذلك – بل وأساسا – إلغاء عملية دمج بعض الفروع التي كانت الهيئة المديرة قررته بذريعة الضغط على النفقات والمصاريف وتفعيل هياكل المنظمة في الجهات.. في تلك الأثناء، وقبل صدور الحكم الابتدائي، رفعت المجموعة دعوى استعجالية، طالبت فيها بتعيين حارس قضائي على المنظمة، وهو ما قضت به المحكمة من خلال تعيين السيد رؤوف منجور، باعتبار حياديته عن طرفي النزاع… وبالتزامن مع ذلك، قررت المحكمة الابتدائية في فيفري من سنة 2001، إبطال المؤتمر الخامس للرابطة وجميع القرارات والاجراءات الصادرة عنه، لكن الهيئة المديرة للرابطة، استأنفت الحكم الابتدائي، وطعنت في قرار تعيين حارس قضائي على المنظمة.. غير أن محكمة الاستئناف، وإن أكدت الحكم الابتدائي فيما يتعلق ببطلان المؤتمر الخامس والاجراءات المنبثقة عنه، الا أنها كلفت الهيئة المديرة للرابطة (القائمة حاليا) بمهمة الإعداد من جديد للمؤتمر «طبق الصيغ المستمدة من القانون الأساسي والنظام الداخلي»، وفق الصيغة القانونية للمحكمة.. لكن «المجموعة الرابطية» التي فجرت القضية، عادت لترفع دعوى قضائية لدى محكمة التعقيب، طالبت من خلالها بنقض القرار الاستئنافي جزئيا خاصة فيما يتعلق بتعيين الهيئة المديرة الحالية كمتصرف قضائي بغاية إعادة انجاز المؤتمر الخامس، وإعادة مؤتمرات الفروع.. فيما تقدمت الرابطة بدعوى مماثلة تضمنت 8 طعونات في الملف القضائي المقدم للمحاكم ضد الرابطة… دعاوى جانبية… وكانت السنوات الماضية شهدت بالتوازي مع هذه التطورات، رفع دعاوى قضائية عديدة من بعض الفروع طالب بعضها بابطال مؤتمرات الفروع، فيما طالب آخرون بعدم مشروعية فروع محددة (الزهراء وحمام الأنف على سبيل المثال) بالنظر إلى خضوعهما لقرار الدمج المرفوض من عدة فروع.. وهكذا قضت الرابطة نحو عشرية كاملة في هذا المسلك القضائي، دون التوصل الى نتائج من شأنها اخراج المنظمة من «عنق الزجاجة» الذي دخلته. وعلى الرغم من المبادرات الكثيرة والمتعددة التي تقدم بها حقوقيون وشخصيات رابطية من الهيئات القديمة والجديدة، لتسوية الخلاف وغلق ملف التقاضي، بقيت دار لقمان على حالها، بل إن «تدخل» الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات، التي يرأسها السيد منصر رويسي، لايجاد مخرج لهذه الأزمة، لم تتمخض عنه نتائج ملموسة في ضوء تباعد وجهات نظر الأطراف المعنية إلى حد التناقض أحيانا… فهل يكون قرار محكمة التعقيب الصادر أمس مدخلا لأفق جديد للرابطة؟ معادلة التوازن… السيد محمد جمور، محامي الرابطة والعضو المنخرط في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، قال في تصريح لــ«الصباح» ان قرار محكمة التعقيب، «أبقى على معادلة التوازن في هذا الملف، فقد أقر مطالب الطاعنين في الحكم الاستئنافي، من حيث بطلان جميع اجراءات وقرارات المؤتمر الخامس من ناحية، ولكنه أبقى – من ناحية أخرى – على الجزء المهم، وهو تكليف الهيئة المديرة الحالية بإعادة تنظيم المؤتمر. وحول ما إذا كان هذا القرار القضائي النهائي، بمثابة الرسالة للهيئة المديرة لكي تنجز المؤتمر بعد أن أغلق المسلك القضائي، أعرب جمور عن أمله في أن تتجه التأويلات لقرار محكمة التعقيب في هذا الاتجاه.. وشدد على «دور السلطة في تيسير عقد المؤتمر»، لكنه أقر «بضرورة تنازل طرفي القضية»، مؤكدا أن «لا أحد على هذه الضفة أو تلك، يمكن أن يعد نفسه من الرابحين مما جرى للرابطة». وقال محامي الرابطة: «أتمنى أن يكون القرار فاتحة خير للرابطة». نحو الحل الوفاقي لكن السيد الشاذلي بن يونس، الرابطي وأحد الأطراف التي رفعت دعوى قضائية لإبطال المؤتمر الخامس، انتقد القرار الصادر عن محكمة التعقيب، خاصة فيما يتعلق بالابقاء على تكليف الهيئة المديرة للرابطة كمتصرف قضائي عهد إليها بإعادة تنظيم المؤتمر بعد إعادة مؤتمرات الفروع. وقال «ان قرار المحكمة لم ينصفنا في هذا الجانب، إذ ليس من المنطقي أو المعقول تعيين أحد طرفي النزاع متصرفا قضائيا».. إلا أن بن يونس، اعتبر في المقابل أن الحكم التعقيبي «أنصفنا، لأنه أكد صحة دعوانا بخصوص بطلان انتخابات الجلسة العامة لسنة 2002 وتأكيد خرق الهيئة المديرة للقانون، وبالتالي عدم شرعية قيادتها للرابطة».. ولم يخف بن يونس من ناحية أخرى ترحيبه بالتداعيات الممكنة للقرار القضائي، قائلا في هذا السياق: «لم يعد ثمة من خيار سوى البحث عن حل وفاقي جدي لإنهاء هذا القوس في تاريخ الرابطة».. ودعا إلى «الاسراع بتشكيل لجنة لوضع مسار الحلول الوفاقية» على السكة، لكنه لم يستبعد «الخيار القضائي المتوفر»، إذا ما أحس الرابطيون بعض التسويف أو التلكؤ في التعامل مع هذا المستجد.. يذكر في هذا السياق، أن الحلقة الأخيرة في مجال التقاضي، تتمثل في رفع دعوى استعجالية لإنهاء وجود الهيئة المديرة الحالية ضمن مقر الرابطة، الأمر الذي دعا السيد الشاذلي بن يونس إلى استبعاده دعما لخيار التسوية لملف الرابطة. مرحلة تاريخية جديدة من جهته، اعتبر السيد عبد الرحمان كريم، المحامي والحقوقي والرابطي المستقل في تصريح لـ«الصباح»، أن الهيئة المديرة للرابطة، باتت بين خيارين: إما الانصياع للحكم القضائي، والاسراع بإنجاز المؤتمر الوطني ومؤتمرات الفروع الواحدة والأربعين، أو عدم التغاضي عن قرار المحكمة وانتظار تبعات أخرى بما سوف يدخل الرابطة في «حالة اللاشرعية».. واستبعد كريم اتجاه الهيئة المديرة نحو الخيار الثاني، لأن الرابطة «متمسكة بالشرعية، وتعمل في إطار القانون، ديدنها الوفاق وليس الصدام» على حد تعبيره.. وأكد لـ«الصباح» أن من شأن هذه النهاية القضائية، «وضع حد للمواقف غير المعتدلة، أو تلك التي تحرص على أن تكون في الجهة القصوى من أية تسوية».. ووصف القرار القضائي بكونه «تدشين لمرحلة تاريخية» في حياة الرابطة وتاريخها.. فهل يغلّب الجميع لغة الوفاق ويتجه نحو التسوية السياسية، أم تغيب الحكمة في اللحظة التي يجب أن لا تغيب عنها؟ صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 جوان 2009)


« حركة الاتجاه الإسلامي » سلف النهضة.. السياقات والآثار؟

 


الشيخ راشد الغنوشي
 
في تاريخ كل بلد محطات فارقة يتكثف فيها التاريخ ويتهيأ لتحولات نوعية تظل تلقي لأمد بعيد بظلالها على جملة الأحداث، ولا تجدي كل محاولات تهميشها بله شطبها جملة. وليس من قبيل التبشير المجاني اعتبار الإعلان عن حركة الاتجاه الإسلامي (سلف النهضة) في 6 يونيو/حزيران1981 الذي يحتفي به النهضويون التونسيون هذه الأيام من هذا القبيل، فلقد ظلت جملة سياسات السلطة وحلفائها منذئذ محكومة أو موجهة على نحو آخر به، فهو، الحاضر الغائب، كابوس يطاردها وتطارده بكل أجهزتها بهدف اقتلاعه من الأذهان وتحييده في الواقع. وما إن تبدو وكأنها قد تخلصت منه حتى يطل برأسه في شكله المعتاد أو في أشكال أعتى، كما هو باد في السنوات الأخيرة من خلال الصحوة الجديدة العارمة. فما هي السياقات لولادة هذا الحدث وما آثاره؟ 1- محليا: انطلقت أوائل السبعينيات دعوة إسلامية إحيائية لإعادة الوصل بين الدين والحياة الحديثة التي صاغها عهد الاستقلال على أنقاض الإسلام أو بمعزل عنه أو توظيفا له. وجاء التحول من دعوة إحيائية عامة لا تلامس السياسة إلا من بعيد، إلى حركة سياسية، في سياق تحولات كبرى في البلاد، كانت تعبيرا عن أزمة سلطة تشخصنت في زعيم البلاد الحبيب بورقيبة (المجاهد الأكبر، كما أطلق على نفسه). وكانت شيخوخته قد طالت والأمراض فتّت في عضده، فتمحورت الصراعات حول من سيخلفه؟ ورغم أن الطبيعة الاجتماعية كانت غالبة على الأحداث الكبرى التي عصفت بالبلاد منذ نهاية الستينيات، فإن مرض الزعيم والصراع على خلافته مثلا العامل الرئيس وراء الأحداث التي هزت الدولة، كانتفاضة يناير/كانون الثاني 1978 التي زلزلت الثقة في النموذج التنموي السائد وفي زعامته وما يتصل به من فكر وقيم، وهو ما أدى إلى تداعيات أخرى منها اندلاع العنف في قفصة في يناير/كانون الثاني 1980 على يد مجموعة من شباب تونس المهاجر تلقوا الدعم من جارتي البلد. ورغم أن وزنهم لم يكن يمثل تهديدا حقيقيا للدولة فإنها بسبب ما تعيشه من شبه فراغ في الزعامة استبد بها الهلع لدرجة استنجادها بالجيش الفرنسي والمغربي، تنفيذا لبند غير مكتوب في وثيقة الاستقلال، بينما المتسللون أفراد معدودون بأسلحة خفيفة. وفي أجواء من الاضطراب والحيرة وكمخرج من حالة الانسداد طرح الوزير الأول الجديد السيد محمد مزالي مشروعا للإصلاح السياسي تنفيسا للاحتقان، من طريق السماح بتعددية سياسية محدودة، عبر عنها رئيس الدولة في مؤتمر حزبه في التاسع من أبريل/نيسان 1981 « لا يمانع من تأسيس جمعيات سياسية ». 2 – قد هيأت لهذا التطور سوابق سياسية وإعلامية وفكرية في البلاد ضغطت من أجل حصوله رغم أن ولادته كانت قيصرية، سفحت فيها دماء غير قليلة. ومن تلك السوابق ما كان قد حصل منذ بدايات السبعينيات من انشقاق داخل الحزب الحاكم قاده عدد من زعاماته المهمة رفضت انفراد « المجاهد الأكبر » المطلق بالسلطة، وعلى رأسهم السيد أحمد المستيري. ولم يلبث هؤلاء أن أسسوا النواة الأولى للغراس الديمقراطي في البلاد، فأسسوا الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وجريدة الرأي ثم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، ولم تأت نهايات السبعينيات حتى كان بالبلاد قاعدة لمؤسسات مجتمع مدني: جمعيات وأحزاب وصحف، بل مضى الأمر أبعد من ذلك، تطويرا لعلاقات تنسيق بين جماعات المعارضة بتوجهاتها المختلفة: ليبراليين واشتراكيين وشيوعيين وإسلاميين. حتى إن الحركة الإسلامية كانت تنشر في نهايات السبعينيات بياناتها في جريدة الرأي دون اسم عدا توقيع شيخيها مورو والغنوشي، ما حمل صاحب الجريدة السيد حسيب بن عمار رحمه الله، ضمن تصنيفه للبيانات أن يطلق اسم الاتجاه الإسلامي على بياناتنا، فارتضيناه. وإنه لمن الإنصاف اعتبار السيد أحمد المستيري أبا شرعيا للمشروع الديمقراطي المجهض في تونس الذي تتلمذ عليه الكثير، منهم الجيل الأول من أبناء الحركة الإسلامية الذين ردوا بعض جميل الأستاذ المستيري، فاستجابوا لندائه لهم وهم في ردهات المحاكم صائفة1981 لدعمه في معركته الانتخابية، فأوعزوا إلى قواعدهم بذلك، ففعلوا، فتحقق له فوز باهر، لولا عودة حليمة إلى عادتها القديمة في التزييف، شاهدة على نفسها بالفشل في أول اختبار. 3- إن كل حديث في تونس عن بدايات الانفتاح الديمقراطي التي طالما تعرضت ولا تزال للإجهاض ما ينبغي أن يقلل من أهمية دور منظمة الشغيلة التي ارتبطت منذ نشأتها بالأحداث الكبرى في البلاد، فاعلا أساسيا فيها، إيجابا أو سلبا، فقد كانت حاضرة في الأحداث الفاصلة. وحيثما ما مالت حسمت. كان دورها مشهودا في بلورة وتعميق فكرة الاستقلال وربطها بالنضال الاجتماعي. وفي المعركة داخل الحركة الوطنية بين جماعة الديوان السياسي (حزب بورقيبة) وجماعة اللجنة التنفيذية (حزب الثعالبي)، مالت مع الأولى فرجحت كفتها وهمشت الأخرى. وفي المعركة بين ابن يوسف وبورقيبة انحازت إلى الأخير، فسلمته البلاد. وفي سياق معركتها لانتزاع استقلالها من براثنه خلال السبعينيات التقط المجتمع بعض أنفاسه فنشأت نوى لحياة إعلامية وسياسية وجمعياتية، وأمكن للجامعة أن تحصل على قدر كبير من استقلالها فتخرّج أجيالا مسيسة تسهم في الحد من طغيان الدولة. غير أن اتحاد الشغل في خضم معركته مع السلطة في نهاية السبعينيات -وكان زعيمه التاريخي المرحوم الحبيب عاشور في غياهب السجون- استطاعت السلطة أن تنسج مع قيادته اليسارية خيوط تحالف لمواجهة العدو الجديد (الإسلاميين)، أخذت حراب السلطة تتجه نحوه، فتشكل زواج شاذ بالإعلان عن جبهة انتخابية بينهما، بينما كانت الاعتقالات والمحاكمات في صفوف الإسلاميين على أشدها. وكان ذلك بداية لتحالف قطاع من اليسار ضد الحركة الإسلامية وضد الديمقراطية، أسهم ولا يزال في إجهاضها رغم ما حصل من تطور إيجابي من خلال ولادة حركة 18 أكتوبر/تشرين الأول في السنوات الأخيرة، فرزا بين يسار مناضل ويسار انتهازي، ظاهرة موجودة في كل التيارات للأسف. وما استطاعت منظمة الشغيلة أن تنهض من تلك الوهدة، فمهما أمعنت السلطة في القمع ومصادرة الحريات ونهب حقوق الشغالين، أمعنت المنظمة في التذيل رغم سخط وتململ قواعدها، بذريعة مقاومة الأصولية، وما من أصولية في البلاد بل في العالم طرا أقسى وأنكى من أصولية نظام السوق الذي يطيح كل يوم بالملايين في لجج البطالة والفقر والحروب، ويوشك أن يدفع البلاد إلى المزيد من التأزم وحتى إلى هاوية الإفلاس والاضطرابات الاجتماعية العاتية وقد بدأت طلائعها. وهذا ما حمل قطاعات متزايدة من المواطنين على البحث عن مفر من الجوع ابتغاء لما به يتبلّغون، ولو بالارتماء في لجج البحار أو هروبا إلى البلاد المجاورة، وهو ما تكرر حصوله مع عشائر تونسية عبرت إلى الجوار الجزائري. والجدير بالملاحظة أن ضرب الحركة الإسلامية جاء عقب ضرب اتحاد الشغل سنة 1986 خطوة ضرورية لفتح الطريق أمام الخطة التي اعتمدتها الدولة أو اضطرت لها 1986، خطة دمج تونس في البوتقة الرأسمالية، فكان لزاما تجريد الجسم الاجتماعي من أقوى أجهزة دفاعاته التي يمكن أن تتصدى لخطة الدمج، اتحاد الشغل والاتجاه الإسلامي. وافق هذا التطور الجاري في المجتمع توجها صوب تحول ديمقراطي، مع أزمة عميقة وحالة انسداد يعيشها النظام، ما دفعه للإقدام على اتخاذ إجراءات تنفيسية، لم تمس من بنية الدولة التسلطية الشمولية المتمحورة حول زعيمها وحزبها. توافق ذلك مع وضع داخلي تمر به « الجماعة الإسلامية » متمثلا في انكشاف تنظيمها لأول مرة لدى أجهزة الأمن بما لم يبق معه مبرر لاستمرار الإسرار به وعدم الإعلان عنه للناس سبيلا لتأمينه في الحضن الشعبي، لا سيما والدولة قد فتحت الطريق إلى ذلك، فتمت بلورة مشروع للإعلان عن الحركة وطرحه للحوار مع صفها. وخلال شهرين أمكن إجراء استفتاء عليه، فحصل على أكثر من ثلثي الأصوات، فانعقد مؤتمر للحركة أقر الإقدام على هذا التحول من جماعة دعوية إلى حركة شاملة ستتطور إلى حزب سياسي بمرجعية إسلامية في نهاية الثمانينيات، تاركة لمجلس الشورى وضع التفاصيل. وفي صبيحة الخامس من يونيو/حزيران 1981 انعقدت « الهيئة التأسيسية لحركة الاتجاه الإسلامي » (الاسم البديل للجماعة الإسلامية) بمنزل الشيخ المرحوم محمد الصالح النيفر وحضور الشيخ عبد القادر سلامة -وكانا جسر التواصل بين المؤسسة الزيتونية المغتالة وبين الجيل الجديد للحركة الإسلامية- وذلك بمشاركة ثلاثين مندوبا قدموا من أنحاء البلاد. وضمت الهيأة ثلاث نساء. وتم الاتفاق على « البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الإسلامي ». وفي اليوم الموالي انعقدت بمكتب الأستاذ عبد الفتاح مورو ندوة صحفية تم الإعلان فيها عن ولادة حركة سياسية وعن مكتبها السياسي وهيأتها التأسيسية. 4- ولم يكن هذا التطور للحركة الإسلامية معزولا عن سياق التطورات الجارية بالبلاد مثل انتفاضة 1978 وكذا تنامي الحركة الديمقراطية، ولا عن سياقات التطور في المنطقة العربية والإسلامية، وبالخصوص في مصر بعودة الإخوان المسلمين إلى ساحات العمل.. وكذا اندلاع الثورة الإسلامية في إيران 1979، كان لكل ذلك تأثير غير قليل في تسييس الحركة الإسلامية وتعميق رؤيتها الاجتماعية والسياسية باعتبار الإسلام غدا منظورا إليه ليس مجرد دعوة عامة إلى الصلاح، بل هو أيضا ثورة المستضعفين على الاستكبار الدولي وعملائه المحليين، كما هو ثورة على الفراعين والمتأهلين. 5- آثار الإعلان: لقد كانت للإعلان عن حركة الاتجاه الإسلامي والوثيقة التي صاحبته (البيان التأسيسي) ووقائع الندوة الصحفية، آثار واسعة وعميقة ممتدة في كل الاتجاهات: أ- لا نكون مغالين إذا اعتبرنا أنه على الصعيد الوطني لا تزال البلاد على نحو أو آخر لم تخرج عن سياقات ذلك الحدث وما قاد له من تداعيات أفضت إلى استدعاء ابن علي وزير الداخلية يومئذ الرئيس الحالي للإنقاذ، إنقاذ المشروع البورقيبي وما ارتبط به من مصالح وعلاقات وثقافة، إنقاذ تأكدت الحاجة إليه وخصوصا بالنظر لنتائج انتخابات 1989 التي بوأت النهضة –حسب اعتراف السلطة- في الأقل زعيمة للمعارضة، بنسبة قاربت 20% النسبة التي قررت السلطة -بعد أن أفاقت من ذهولها واستردت أنفاسها- توزيعها رشى على كيانات لا تحصل مجتمعة حتى على 1%. لقد ظل ذلك الحدث حتى يومنا هذا العامل الأساسي الحاضر الغائب الموجه لمعظم سياسات السلطة الداخلية والخارجية هروبا من شبح الكابوس النهضوي. ب- مثل الإعلان على الصعيد الثقافي الحضاري تجسيدا لعودة الإسلام المهمش إلى قلب التاريخ فاعلا في مراكز الحداثة، في المعاهد والجامعات والنقابات ونوادي الثقافة فضلا عن المؤسسات التقليدية. ج- مثل البيان التأسيسي أول وثيقة إسلامية حديثة على صعيد الحركة الإسلامية وبالخصوص في العالم العربي وثيقة تتبنى بوضوح وحسم الخيار الديمقراطي دون تلعثم ولا استثناء ولا تردد، وترفض مطلقا العنف سبيلا للتغيير وتعلن انحيازها للعمال والمستضعفين ولحركات التحرر مثل الكفاح ضد التمييز العنصري في جنوب أفريقيا والمناصرة لحقوق النساء، كما أخذت على عاتقها الإسهام في مهام التجديد والاجتهاد. وعندما تحدى صحفي في ندوة الإعلان، رئيس الحركة لاختبار حدود التعددية في تصوره: ماذا سيكون موقفه لو أن غالبية التونسيين اختارت في انتخابات حرة الحزب الشيوعي؟ لم يتردد رئيس الحركة في التصريح بأنه لن يسعنا غير احترام إرادة الشعب. كان ذلك الموقف متقدما على صعيد الحركات ذات الخلفية الأيديولوجية، إسلامية وماركسية وقومية على حد سواء، فلا يزال معظمها يتطور في اتجاه تبني ديمقراطية حقيقية أي بلا إقصاء ولا وصاية على الشعب. وما احتسته النهضة كأسا واحدة، بقبولها ديمقراطية بلا استثناء ظل الآخرون يتجرعونه على دفعات. وكثير منهم لما يبلغ النهاية، ومعظمهم لا يزال متشبثا بحق الوصاية على الشعب، وكل له استثناءاته وشياطينه التي تستحق الإقصاء. ولا يقتصر الأمر على البعد السياسي للديمقراطية: القبول بالنظام التعددي دون إقصاء وبالمواطنة أساسا للحقوق والواجبات وتداول السلطة سلميا عبر انتخابات تعددية نزيهة.. إنما يتجاوزها إلى الأبعاد الاجتماعية انحيازا إلى مبدأ العدالة الاجتماعية وما يقتضيه من انحياز للمستضعفين وللنقابات المدافعة عن حقوقهم ومناصرة لحقوق النساء وهن القطاع الأوسع من المستضعفين إلى جانب الأطفال. ولقد ذكرت لي ناشطة إسلامية مغاربية أن أدبيات النهضة المدافعة عن حقوق المرأة مثل كتاب « المرأة بين القرآن والمجتمع » كن يتداولنه سرا، لما حمله من دعوة للمساواة لم تكن يومئذ مستساغة في الوسط الإسلامي في نهاية السبعينيات والنصف الأول من الثمانينيات. لقد كان لتلك الأدبيات ولا يزال تأثيراتها على الصعيد المحلي وعلى امتداد الإسلام، ولم يحدّ من ذلك التأثير غير ما تعرضت له التجربة ولا تزال من عمليات إجهاض واغتيال، حرم تونس –كما ذكر مرة الزعيم محمد المصمودي- من تجربة ثرية كانت ستتعزز مكانتها في العالم بعد أن غدا الإسلام عنصرا فعالا في السياسات المحلية والدولية على نحو أضحى معه الحكم على نظام يقوّم بمدى ديمقراطيته، وديمقراطيته في بلاد العرب والمسلمين تقوّم بمدى قدرته على دمج إسلامييه. من هنا ارتفعت في الميزان الدولي حظوظ دول كالمغرب وتركيا وماليزيا بسبب نجاحها في إشراك إسلامييها في المنتظم الديمقراطي بينما غدت دول مثل تونس ومصر لا تذكر إذا ذكرت إلا في سياق التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان (يكفي للتأكد متابعة بسيطة لبرنامج المغرب العربي في الجزيرة). وخلاصة: واضح لكل متابع للحالة التونسية أن خطتي السلطة في تجفيف منابع التدين واستئصال النهضة قد منيتا بالفشل الذريع، وذلك بالقياس إلى رد فعل المجتمع الحاسم إقبالا على سمت التدين، شهادة على أن هويات الشعوب أصلب وأعمق من كيد الدول. أما النهضة وهي تحتفي بذكراها الثامنة والعشرين فتسجل اجتيازها بفضل الله امتحان الوجود بنجاح، وفشل ما استهدفت به من مخطط استئصال، وهاهم بنات النهضة وأبناؤها يعودون ليندمجوا -رغم كل المعوقات– في أنسجة مجتمعهم عنصر فعل إصلاحي مطلوب، فتلتحق تونس بركب أمتها المتجه قدما لاستئناف وتصحيح مسار المشروع النهضوي بقيادة الإسلام العظيم… حقيقة ينطق بها كل شيء. فإلى متى تستمر أنظمة في تجاهل حقيقة لم يعد للدول الكبرى ذاتها مناص من الاعتراف بها عنصرا فاعلا؟ إلى متى يستمر تسليم ملف الحركة الإسلامية إلى أجهزة الأمن بدل التناول السياسي والفكري؟ الثابت أن أنصار الإسلام والحرية على سلم صاعد على امتداد العالم وفي مسيرة تتعاظم، وأن خصومهما في حالة اضطراب وتراجع. « والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون » (سورة يوسف 21).  

 
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 12 جوان  2009)
 


نداء ودعوة

**ملاحظة أرسلت هذا التعليق لنشره داخليّا  فرضه الأخ نور الدين ختروش  لما فيه من توجيه ** أشكره وليس لي إلاّ أن أحترمه  على إجتهاده لحسن  أداء مسؤوليّته  كمنسّق بحياديّة فلنتعاون لضمان  نجاح مشروع المبادرة بعد متابعتي ومواكبتي  لما ورد في  البيان التأسيسي و مشروع اللائحة العامة,  الى الورقتين الأخ محمد زريق والأخ الحبيب العويلي  الى الإستفتاء  ونتائجه … والتعليقات  الى غير ذلك …. أقول. من بوادر الخير والتطوّر  الإيجابي  في التفكير لمعالجة  قضية  المهجّرين  ولادة هذا المنظّمة  مع   تبنّي  تجزئة  المطالب المطروحة من طرف المعارضة وعلى رأسهم الحركة الإسلاميّة.  لكن الإزدواجيّة  وعدم التقيّد بهدفها   وهو العودة الكريمة  و الآمنة  لا يبشّر بخير.    الخطاب والسقف  لازال نفس المضمون  *الحق ّ يفتك ولا يعطى * الحياة مغالبة أكثر و أفضل منها مطالبة*   مطالبنا لن نتنازل عنها * العفو التشريعي العام* إسترداد الحقوق والتعويضات *   الحق لا يستجدى و لا يؤخذ بيد صاغرة في ظلمة ليل حالك إنما ينتزع إنتزاعا من يد من أفسد الحرث و النسل و حارب الخالق و الخلق *  الى غير ذلك. ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.  رغم شرعيّة مطلب العفو التشريعي العام .  فإنّ هذا يتناقض مع هدف المبادرة  المقيّد بمطلب العودة الكريمة والآمنة,   والتي ولدت نتيجة  إنغلاق الأبواب  وإنعدام الأفاق مع السلطة في إيجاد حلّ جماعي, وبروز خيار الخلاص الفردي . وهنا لا نريد أن نحمّل  المسؤوليّة لأحد لأنّنا سواء في الخطأ سلطة ومعارضة…… والأجيال بدأت تدفع الثمن, من ولد بعد  سنة 1991 يعيش نتائج صراع من قبله.    إذا نجاح المبادرة  لا يتحقّق  إلاّ بتكاتف الجهود  بعقلانيّة و بحكمة  وبعزيمة الإنجاح …….. إذأ علينا أن نعمل  ونتّخذ الأسباب  والوسائل على الحصول على مطلب ما مضمونه  العفو  الرآسي, أيّ طلب العفو الرّآسي من رئيس الدولة , ومن يرفض هذا التمشّي  فليعلن ذلك وندعو له الله أن يعينه  على إفتكاك  حقوقه  فكّا   وإنتزاعها نزعا  …كما يقول بعض الإخوة . إخواني  وضع  البلاد والعباد وعلى رأسهم المعارضة  ليس مخفي على أحد,  وعليكم أن تفكّروا في ما تستطيعون فعله ولا تفكّروا في ما تتمنّون.  لو خيّرنا ؟؟؟ لطلبنا عفو تشريعي عام لإسترداد الحقوق  للضحايا منذ 1956 الى  الآن, لكن ليس لنا حلّ غير توريث هذا المطلب للإجيال القادمة كما ورثناه ممن ناضل قبلنا  من اليوسفيين الى الإسلاميين وما بينهما من قوميين ويساريين.  وربّما سيلتحق بهم التجمّعيين في المستقبل. يومنا علينا ويوما عليكم  ودائما على الشعب. لو لن  نستثمر الوقت والسنين التي قضيناها في المهجر , حتّى نحسن إدارة هذه المعركة ونحقّق ما نخطّط له بأقلّ الأضرار الماديّة و المعنويّة,  وذلك بتحديد مطلبنا  في عودة كريمة وآمنة  والخروج  والإبتعاد على المطالب العامّة.  وهذا يتطلّب العمل  بجديّة ومسؤوليّة. الإلتقاء على مطلب واحد عودة كريمة وآمنة  هذا يتطلّب العمل على  طلب  إيقاف التتبّع القضائي (إيقاف الأحكام السجنيّة والمراقبة الإداريّة)  مع ضمان التمتّع بالحقوق المدنيّة كاملة. وهنا أريد أن أوضّح  الحقوق المدنيّة  أيّ أن المتمتّع بهذا الطلب   مع حصوله على الجواز السفر  وحرّية التنقّل داخل و خارج تونس  له الحق في الإتجاه  لأيّ محضن  سياسي موجود يمينا أو يسارا,  أو أن يسعى لإيجاد محضن سياسي آخر عبر القانون. إذا المطلوب = – 1- التمسّك بالمطلب الرئيسي  = عفو رآسي أيّ  الحقوق المدنيّة بعد إيقاف التتبع القضائي للمحكومين بالسجن أو مراقبة الإداريّة + جواز سفر+ حريّة التنقّل  داخل وخارج تونس + حريّة التنظّم في إطار القانون  ….   – 2- علينا العمل على تشكيل  فريق  لفتح  الحوار والتفاوض للحصول  على عفو رآسي,  وليس تشكيل محكمة  وإقرار حكم إلغاء الأحكام والتمتّع بالحقوق الدستوريّة و التعويضات ووو…   – 3- تحديد الجهة  المستهدفة  وهو  رئيس الدولة السيد زين العابدبن بن علي رئيس الجمهوريّة التونسيّة  وليس السلطة في المطلق لا نريد لا وزارة العدل ولا وزارة الداخليّة  و سبق أن وقع تفاوض مع من يمثّل الرّئيس.   – 4 – حسن إختيار القيادة = الفريق الممثّل *المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين* للتفاوض .    5 – الإختيار  يتمّ  على كيفيّة أداء نضالهم   التاريخي  في  ما سبق ومواقفهم في مضمون  لغة التخاطب مع السلطة.  *وإعلان  تصوّرهم  على الملأ يوم المؤتمر في كيفيّة  إدارتهم  لهذه المعركة  * الرجل المناسب في المكان المناسب * نريد فريق مطالبة وليس فريق مغالبة.      6 – إستبشرنا خيرا  بوجود أسماء في  القائمة لكن رجاءا  لو طلب منها  تحمّل المسؤوليّة عليها أن تعتذر.  لانّ ليس  لها ما تقدّمه  للمبادرة  ولكن لها أن تستفيد منها وتدعمها لتعميم النتائج الإيجابيّة المرجوّة.   – 7  – حسن الخطاب في حسن الكلام, أيّ أن نتخيّر الألفاظ  في التخاطب  وأثناء المفاوضات مع من يمثّل الرّئيس وأن يتّسم ب= –  الشجاعة في قول الكلمة الطيّبة –  إظهار حسن الظنّ بالطرف الآخر –  التذكير بمقولة * تونس   مفتوحة  للجميع* – التركيز على إظهار  سمعة  التونسيين  وإبراز روح الفخر والإعتزاز  بوطنهم . –  التركيز على الكلمات  الطيّبة والمبشّرة الصادرة من طرف الآخر – ممثّل الرئيس. –  حسن إختيار المكان = لو خيّرتم ؟  أن يكون عبر السفارة التونسيّة ببرن.    أدعو كل الإخوة   للحرص على إستقلاليّة المنظّمة  والتمسّك بمطلبها ورفض ربط  أيّ مطلب آخر  ليس في مقدورها ويتجاوزها.  وعلى المؤتمرين أن يطالبوا على كل من أراد الترشّح للمسؤوليّة أن يعلن عن  رؤيته أثناء المؤتمر  وعلى الملأ. رأي شخصي  أدعوا تأييد فريق مطالبة وليس فريق مغالبة.    بالنهاية * لو رجّحت الكفّة عن طريق الديمقراطيّة التقليديّة لنهج خطاب المغالبة. وأخرجت  المبادرة عن نهجها. ليس  للطرف اللآخر إلاّ الإعلان على مشروع موازي إن لزم الأمر.   إنتهى عهد الإنسحاب. أبناء النهضة  معنيين أكثر من غيرهم  بنجاح المبادرة  ولذلك عليهم أن يتخذوا أسباب نجاحها.  نسأل الله أن تكون  مبادرة خيرا وليس مبادرة حق العودة  فحسب   ولنا لقاء إنشاء الله أخوكم عزالدين محمود  سويسرا   ezdmahmoud@hotmail.com


باسمه تعالى الولاء للوطن  

الجاهل في إصطلاح بلغاء العرب ليس من لا علم له و لكن من لا سلطة لعقله على علمه ، يواصل « الجهلة ممّن إمتهن العمل السّياسي » في بلدنا العزيز تونس خصوصا قافلة ‘المتاجرين بحقوق الإنسان » من اليسار البورجوازي اللّقيط ، مسلسل الإرتهان في أحضان الإستكبار العالمي ، بدعوى طلب الّنّصرة لحقوق المستضعفين في بلادنا ، مطالبين سلطات النّهب الغربي بالضّغط على الإدارة التّونسيّة  لحملها على « تطبيق » الاتفاق الموقع في 1995 بين الاتحاد الاوروبي وفرنسا حول احترام حقوق الانسان.  ما هذا الخواء الفكري وانعدام الشّعور الوطني ، حتّى تصبح عندنا طبقة سياسيّة في مجمعها تسترضي رغبات الغرب الإستعماري و تتبارى فيما بينها على من يعطي آيات الولاء و الذل أكثر فأكثر ، خصوصا في مواسم الحصاد الأكبر، الإنتخبات الرّئاسيّة والنّيابيّة و المزايدة فيما بينهم في حربهم ضد هويّة شعبنا المسلم و ضد أهمّ إنجازاته ، الدّستور و النّظام الجمهوري و خصوصا ضد الحركة الوطنيّة. لقد إستطاع شعبنا الفتيّ المخلص لدينه ووطنه و عبر مسيرة طويلة و شاقّة التّصدّي لنخبه « المتفرنسة » و حافظ رغم الحملة الشّرسة التّي قادها اليسار المتصهين منذ أكثر من أربعة عقود ، على دعائم هويّته العربيّة الإسلاميّة و على وحدته وإستقلال قراره الوطني. إنّنا أمام إستحقاق مهمّ ، لا يجب التّقليل منه وهو الإنتخابات الرّئاسية والنّيابيّة في شهر أكتوبر القادم، وهي فرصة لتجاوز الماضي و إعادة الثّقة بين شريحة كبيرة من أبناء شعبنا و أجهزة الدّولة وبناء وفاق وطني يحمي بلدنا و شعبنا من التّدخّلات والضّغوطات الخارجيّة و يبعث الحياة والعزّة الوطنيّة و يبني دولة الإنسان،  لأنّ دولة الإقطاع المالي والسّياسي إلى زوال. بلدنا اليوم يجب أن يتجاوز خطر التّغريب والتّكفير، خطرالأفكار المميتة والأفكار الميّتة و يسعى لإنتاج ثقافة وطنيّة أصيلة، قائمة على ثوابت الشّرع الإسلامي و تراث الحركة الوطنية الإصلاحية ، الباعث للحداثة و النّهضة في بلادنا منذ عهد حمّودة باشا(١٧٨٢ـ١٨١٤). يحاول أحزاب و جمعيّات اليسار البورجوازي و حلفائهم من أتباع ّالمحميّات الأمريكية » في الخليج ، العزف على نفس الإيقاع الممل ، وتصوير معارك وإنتصارات وهميّة و ممارسة الزّعامة عبر الفضائيّات وعلى صفحات الأنترنات و النّفخ من جديد في التّهويل من الخطر الأصولي الزّاحف على تونس العلمانيّة!! من جهة، و دعوة شيوخ النّفط التّكفيريين لنصرة الإسلام في بلادنا أمام الأصوليين العلمانيين من جهةأخرى!! هذه حال نخب تونس الحديثة، صدق الشّاعر عندما قال » مفكرونا على رصيف الفكر عاطلون، من مطبخ السّلطان يأكلون، بسيفه الطّويل يضربون، مفكّرونا ما مارسوا التّفكير منذ قرون، مفكّرونا يحيون في إجازة وخارج التّاريخ يسكنون » للأسف ، الذين يكسبون من بلادنا على حسابنا من الأجانب أكثرألف مرّة من أبناء هذه البلاد و أنّ الذين يبيعون بلادنا من أولادها أكثر بكثير من الذين يموتون في سبيلها، إنّ فرنسا الإستعماريّة لم تكن يوما ما إلى جانب حقوق شعبنا ، بل حتّى اليوم تمارس الهيمنة المطلقة على إقتصادنا و ثقافتنا و تمارس العنصريّة و القتل داخل مراكز أمنها و سجونها ضد مواطنيها ذوي الأصول المغاربيّة والإفريقيّة. لا نريد وصاية من أحد، و لا نقبل أن يدافع عن المظلومين في بلادنا من كان و لا زال أساسا لهذا الظلم، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون، نعم يجب نصرة المظلومين ، فهذا واجب ديني و وطني و إنساني و لكن ليس بإرتكاب ظلم و جرم أكبر و تعريض الإستقلال و السّيادة الوطنيّة إلى الخطر، إنّ تحقيق الحقوق السّياسيّة هو مطلب شرعي و دستوري و لا تمارس الدّيمقراطيّة إلاّ بوجود حق الإختلاف ووجود الرّأي و الرّأي المخالف و النّضال من أجلها شرف لكلّ مواطن عزيز و حر. « أطلب العزّ في لظى و ذر الذلّ و لو كان في جنان الخلود » السيّد عماد الدّين الحمروني تونس ١٢ جوان ٢٠٠٩


«فوبيا النت» في تونس: البنات لـ«التشات» والعلاقات الافتراضية… والشباب للألعاب

* 72% من «المبحرين» أصبحوا إنطوائيين.. و57% فقدوا التواصل مع الأهل * 69% أدمنوا «الحاسوب» بلا شفاء… والخبراء يؤكدون أنّ 8 ساعات في الأسبوع كافية * رخص المراكز العمومية للأنترنات.. لمن يستحقها.. تماما مثل رخص المدارس!


تونس – الصباح – ولع كبير يبديه المراهقون والشباب بالوسائل الحديثة للاتصال على غرار شبكة الأنترنات والفضائيات والهاتف الجوّال.. لذلك لم يعد من السهل عليهم بعد أن هاموا بها الى حدّ الإدمان، الإقلاع عن استعمالها.. فكثيرا ما تجدهم يقضون أوقاتا طويلة في «التشات» والحديث مع أصدقاء وصديقات افتراضيين أو تراهم يجلسون ساعات عديدة أمام شاشات التلفزة يشاهدون أغاني مصوّرة وأفلام الحركة و«اللّوفت ستوري»… وإذا لم يفعلوا هذا أو ذاك ينهمكون في مداعبة أزرار هواتفهم الجوّالة ومشاهدة «ألبومات صورهم والاستماع إلى الموسيقى وكتابة الإرساليات القصيرة (آس.آم.آس) وغيرها من الخدمات التي توفّرها لهم هذه الأجهزة. فإذا اعتبرنا استنادا إلى بعض الدراسات الوطنية الحديثة أن 59 بالمائة من الشباب المستخدمين للأنترنات يؤكدون على أن هذه الشبكة العنكبوتية روت ظمأهم المعرفي ووجدوا ضالتهم فيها واعتبروها وسيلة كافية للترفيه والتسلية والتثقيف… وإذا أشرنا إلى أن 70 بالمائة من الشباب يعتبرون أن التلفزة هي وسيلتهم الأولى للترفيه… وإذا نظرنا إلى التطوّر المذهل لعدد المشتركين في شبكة الهاتف الجوّال والذي قارب تسعة ملايين يمكن فهم الأسباب التي حرّكت عددا كبيرا من المهتمين بالتربية وعلم النفس وعلم الاجتماع وجعلتهم يطلقون صيحات الفزع وينذرون بأخطار الاستعمال السيّء والمبالغ فيه لهذه الوسائل وتأثيره على التنشئة الاجتماعية للأفراد ويذكّرون بأن الشيء إذا جاوز الحدّ… انقلب إلى الضدّ… وينبّهون إلى بروز ظاهرة إدمان حقيقي على هذه الوسائل. ونقرأ في دراسة حديثة أجراها مركز الطب المدرسي والجامعي بنابل حول الشباب والإدمان على الأنترنات ما يؤكّد هذه المخاوف إذ أنّ 69 بالمائة منهم أقرّوا بأنّهم لا يستطيعون الإقلاع عن عادة الإبحار على الشبكة حتى لأيام معدودة لأنهم يشعرون بالفراغ حينما يبتعدون عن رفيق حياتهم «الحاسوب»… وتشير دراسة أخرى إلى أن التلميذ يقضي سنويا 900 ساعة في المدرسة.. وحوالي 1023 ساعة أمام التلفزة وذلك دون اعتبار الوقت الذي يقضيه أمام شاشة الحاسوب أو يداعب أزرار هاتفه الجوّال… أصبحت الوسائل الحديثة للاتصال ملازمة للحياة اليومية للأفراد وهو ما يعني استحالة الاستغناء عنها… وفي هذا الصدد يقول الأخصّائي التربوي عبد الله عطية متفقد التعليم الثانوي متحدثا عن الأنترنات «يجب الإقرار بأن الأنترنات هي حقيقة علمية واجتماعية… ولكن المشكل ليس فيها.. بل في كيفية استعمالها والتعامل مع هذا المنتج الإعلامي الجديد.. وذكر أن هذه الوسيلة توفر المادة بكمّ هائل… وتوفر المعلومة السريعة وتمكّن من ربح الوقت وتسهل البحث وتختصر المسافات وتجعل الفرد يحسّ وكأنّ العالم في كفّه… فباستطاعته في لمح البصر وهو جالس أمام حاسوبه زيارة متحف اللّوفر مثلا أو الحديث مع أشخاص آخرين في الضفّة الأخرى من كوكب الأرض… ويؤكّد الخبير على أنّ استعمالات الأنترنات متعدّدة ومتنوعة.. وهو ما كشفت عنه دراسة مركز الطب المدرسي والجامعي.. ولكن نتائجها بينت أن السواد الأعظم من الشباب يبحر على الأنترنات إمّا للألعاب أو للدّردشة (التشات) ويفضّل الفتيان الألعاب.. وتقر الفتيات بميلهن الكبير للدردشة «التشات» وإقامة علاقات عاطفية رومنسية افتراضية عن بعد دون الكشف عن هوياتهنّ الحقيقيّة.. وأكدت الدراسة أن الشباب المدرسي والجامعي يقضي جلّ أوقات فراغه أمام الحاسوب والتلفزة.. ولكن ما هي البرامج التلفزية التي يحبّذها الشباب ويدمنونها، يقول الأستاذ طارق بن الحاج محمد الباحث في علم الاجتماع التربوي انه من بين البرامج التي تسحر الشباب التونسي وتجعله أسيرا لشاشة التلفزة نجد الأفلام.. وبين أن 82 بالمائة من الأفلام التي تبثها القنوات التلفزية فيها إشارات عنف… كما نجد القصص الخيالية التفاعلية (Loft Story) وتشهد هذه النوعية من المادة الاعلامية إقبالا منقطع النظير رغم أنها تكرس سلوك التلصص وقيم الاستعرائية والأحلام الزائفة بالشهرة وتكسّر الجدار بين الفضاء الخاص وقدسيته والفضاء العام بما يعنيه ذلك من فقدان الإنسان لخصوصياته… ونجد تلفزيون المسابقات والربح والجوائز المغرية وهي تروج لمبدأ الربح السريع والمفاجئ والسهل وتقدم مادة فقيرة ثقافيا ومعرفيا.. ونجد تلفزات الرسوم المتحركة التي أصبحت تركّز أكثر فأكثر على الصّخب والضّجيج والعنف بدلا من المضامين التربوية الأخلاقية… إدمان.. فعزلة ولا مبالاة ليست التلفزة وحدها لها هذه السلبيات بل الأنترنات أيضا… لكن ما يتميّز به مستعمل الأنترنات هو الميل إلى العزلة.. وفي هذا الصدد ينبه الدكتور عماد رقيق الطبيب النفساني إلى أنّ الإدمان على الوسائل الحديثة للاتصال عامّة والأنترنات بصفة خاصة يؤثّر على علاقات الفرد الإنسانية والاجتماعية ويقلص من شعوره بالانتماء إلى وسطه العائلي ويزرع فيه اللامبالاة ويقضي على مختلف الأنشطة الترفيهية والرياضية الأخرى التي يفترض أن يقوم بها. وذكّر الدكتور أن عديد الأولياء يوفرون لأبنائهم هذه الوسائل رغبة في التخلّص من مشاكلهم ومشاغلهم فهم يحبّذون رؤية أبنائهم في غرف موصدة أمام شاشات التلفزة والحاسوب والجوّال عوضا عن ارتياد فضاءات أخرى بعيدة عن رقابتهم وأنظارهم وهو خطأ لا يُغْتَفَر لأنهم بهذا العمل يعرّضونهم إلى مخاطر قد تكون أكبر.. والشعور بالعزلة أحد هذه المخاطر.. وفي نفس الصدد يرى الأستاذ عبد الله عطية أن الأنترنات لها تأثير على التنشئة الاجتماعية للأفراد وقال الخبير التربوي «أكيد.. مثلها مثل التلفزة – ستسبب الأنترنات أزمة تواصل شفاهي وكتابي» وأضاف أنّ الوقت الذي نقضيه أمام الحاسوب أو التلفزة أكثر من الوقت الذي نقضيه مع بعضنا البعض في المنزل كما أنها أصبحت الفضاء المرجعي الذي نعود اليه ونستأنس به كلما أردنا الإجابة عن أسئلة خامرتنا وهو أمر خطير لأنه يقلص من العلاقات الإنسانية ويساهم في تحنيط العقل وتعويده على الكسل. وفي نفس السياق تشير نتائج دراسة مركز الطب المدرسي والجامعي بنابل الى أن 72 بالمائة من الشباب التلمذي والجامعي المبحر على الأنترنات أصبح أكثر ميلا للعزلة والانطواء ممّا كان عليه في السّابق… وأبرزت الدراسة أيضا أن 57 بالمائة من الشباب بدؤوا يفقدون حرارة التواصل مع أفراد عائلاتهم نظرا لأنّهم يقضون القسط الأكبر من أوقات فراغهم أمام شاشة الحاسوب كما أكدوا على تراجع علاقاتهم الاجتماعية لأنهم لا يجدون الوقت الكافي لها.. اعطني سمكة! ولا تقتصر سلبيات الاستعمال على بروز ظاهرة الميل إلى العزلة.. بل هناك خطر أكبر ويتمثل حسب الدكتور عماد الرقيق في إضعاف الذاكرة واستهلاك القدرات الذهنية… ويقول الأستاذ عبد الله عطية «بدلا عن تعليمنا الصيد.. تعطينا السمك جاهزا..» وهو يرى أن أجمل شيء في المعرفة هو البحث عن المعلومة وليس المعلومة في حدّ ذاتها.. كما أن أجمل شيء في الحياة هو التواصل المباشر مع الآخر لأن ذلك فيه حرارة جميلة وممتعة… ولاحظ أن تعامل الناشئة مع العائلة أصبح بسبب إدمانها على وسائل الاتصال.. تعاملا سطحيا سريعا ومتأثرا بنسق الحياة اليومي.. وأصبح التواصل مع آلة الحاسوب أكثر من التواصل مع الإنسان وهذا يعدّ على حدّ تعبيره انحرافا ويولد نوعا من العزلة ومن المفارقات أن المبحر على النات يكون منفتحا على كلّ العالم ويتحوّل العالم بأسره أمامه إلى قرية صغيرة لكنه في المقابل يكون منعزلا عن أقرب الناس إليه أي العائلة… وأكد الخبير التربوي على أن الاستعمال المكثّف للأنترنات يؤثر على التحصيل المدرسي وفسّر أنّ التلميذ عندما يكلفه المربّي بإنجاز ملف أو بحث يذهب إلى مركز عمومي للأنترنات أو يبحر في منزله إن توفر له ذلك ويحصل على كمّ غزير من المعلومات دون أن يستوعب محتواها أو يعي معانيها فالاستعمال موجود.. لكن استثمار هذا الاستعمال بالكيفية اللازمة والصحيحة غير متوفّر.. هذا الأمر تؤكده الدراسة سالفة الذكر إذ تشير إلى أن 72 بالمائة من المراهقين والشباب المتمدرسين يعترفون بأن إدمانهم على الأنترنات أثر سلبيا على مردودهم الدراسي.. وقالوا إنّ كثرة الابحار على هذه الشبكة تسبب في إحساسهم بالارهاق والنعاس خلال الدراسة الى جانب سوء التركيز والبهتة. التربية التكنولوجية أمام غزو وسائل الاتصال الحديثة جلّ البيوت التونسية، أصبح من الضروري ترشيد استهلاك ما تتيحه هذه الوسائل من معارف ومعلومات.. وفي هذا الصدد يرى الاستاذ عبد الله عطية «ضرورة احتواء هذه الوسائل الحديثة للاتصال، والانتقال عند التعامل معها من الدور المحايد إلى الموقع الفاعل وذلك من خلال حسن التربية على التعامل معها وتوظيفها حتى لا ندمنها». ولا يختلف الدكتور عماد الرقيق مع الأستاذ عبد الله عطية في الاقرار بأن كثرة استعمال الأنترنات والتلفزة والجوال تولد التبعية لهذه الوسائل.. إذ أنّها تحرّك هرمونات في المخ فتجعل الإنسان يحسّ بالإنجذاب إليها ونسيان كلّ شيء آخر مهما كانت أهميته وبالتالي فإنها تجعله في تبعية لها. ولا شك أنّ هذه التبعية الجسدية والنفسية هي أحد مظاهر الادمان على الوسائل الحديثة للاتصال وهي التي تجعل مستعملي هذه الوسائل غير قادرين على الانضباط زمنيا معها.. وتؤكد دراسة مركز الطب المدرسي والجامعي هذا الأمر.. وتشير إلى أنّ 72 بالمائة من الشباب لا يستطيعون ضبط وقت محدد للإبحار على شبكة الأنترنات والالتزام باحترام وقت معين لهذه المهمّة لأنهم يتجاوزونه بكثير.. بل تذهب الدراسة الى أبعد من ذلك وتكشف أن 57 بالمائة من الشباب حاولوا التحكم في الوقت حينما كانوا أمام الحاسوب يبحرون على النات، لكنهم لم ينجحوا وأن 69 بالمائة منهم فقدوا الرّغبة في ممارسة أنشطة ترفيهية أخرى إضافة إلى الإبحار… وتنسحب حالة الذهول التي يعيشها مستعمل الأنترنات.. ذهول ينسيه أن الوقت يمرّ.. على مشاهدي التلفزة أو بالأحرى على الذين يبالغون في مشاهدتها.. ويرى الأستاذ طارق بن الحاج محمد الباحث في علم الاجتماع التربوي أنه بات من الضروري الحدّ من إدمان الناشئة على التلفزة ويعتبر أنّ كبار السنّ يجب أن يكونوا قدوة لهم في ذلك من أجل إعادة غرس قيمة الوعي بالزمن في نفوسهم منذ نعومة أظافرهم لأن إطالة الجلوس أمام الشاشة تولّد لديهم الاستهانة بالزمن كقيمة حضارية وتحرمهم من ممارسة تجارب أخرى أكثر ثراء مثل المطالعة التي تحرّر الخيال.. ولا تأسره. أما دراسة مركز الطب المدرسي والجامعي فتخلص الى التأكيد على ضرورة ترشيد الوقت المخصص للإبحار على شبكة الأنترنات.. وبينت أنّ تخصيص 8 ساعات أسبوعيا للإبحار أمر مقبول ومفيد.. لكن أن يخصّص الشباب أو المراهقون 38 ساعة أسبوعيا وهو الزمن الذي يقضيه أغلبهم، فهذا يجعلهم عرضة للإدمان على الأنترنات.. وفي نفس السياق دعا الدكتور الرقيق إلى ترشيد الاستهلاك وتأطيره ليكون المستعمل واع ومسؤول.. رهان على رياض الأطفال … الكل تحدّث عن أهمية التربية على الاستعمال الرشيد لوسائل الاتصال الحديثة وخاصة الأنترنات.. لكن من المسؤول عن هذه التربية؟.. عن هذا السؤال أجاب الخبير التربوي عبد الله عطية: «إنّني أراهن على رياض الأطفال وعلى كلّ مؤسّسات التربية والتنشئة الاجتماعية وعلى وسائل الاعلام وخاصة المرئية منها لأنّها تصل إلى بيوت كل التونسيين تقريبا». وأكّد محدثنا على ضرورة الوعي أيضا بأهمية المراكز العمومية للأنترنات وقال: «لا بد أنّ تعطيها لمن يستحقها فعلا.. لأن فتح  مركز عمومي للأنترنات هو بمثابة فتح مدرسة.. ولا بد أن يكون في أياد أمينة.. ولا بد أن يكون أصحابها مربّون قبل كلّ شيء لأنّ كل ما يفتح للعموم يصبح مكانا خطرا إذا أسيء استعماله ولم تتوفّر فيه جملة من الضّوابط والأخلاقيات… ويعتبر الدكتور الرقيق أن العائلة هي المسؤولة على التربية وهو ما يوافقه فيه الأستاذ طارق بن الحاج محمد مؤكّدا على ضرورة ترغيب الناشئة في المطالعة واللعب المفيد الذي ينمي الخيال والإبداع. لكن لئن أبدى جلّ الباحثين مخاوفهم من الغزو الثقافي الناتج عن الفضائيات والأنترنات والجوّال ودعوا إلى تحصين الشباب من العولمة الاتصالية تنبه دراسة أجراها الطبيب النفسي والباحث في مجال الطفولة والشباب وتنمية الموارد البشرية والخبير الأممي بالتعاون مع ثلة من الجامعيين إلى منافع الثورة الاتصالية سواء على التعليم أو التكوين أو في الحصول على المعلومة إلى جانب التعريف بالقضايا العادلة والقضايا العالمية كالفقر، وتوفير فرص التلاقي بين الباحثين والشعوب وفرص تشكيل رأي عام عالمي.. ونقرأ في هذه الدراسة وعنوانها: «الإصلاح السياسي مدخل لمصلحة قضايا الشباب ماي 2008»: «توفّر شبكات الاتصال الالكترونية فرصة للشباب للتعبير الحرّ وبناء شبكات الاتصال الواسعة مع أقرانهم وتسهل الأنترنات تداول المعلومات خارج سيطرة الرقابة التقليدية كما تمكن الشباب من فرض إبداعه عبر المدونات والمواقع التشاركية ومنتديات الحوار الالكتروني وإن التخوّفات من بعض الانزياحات الأخلاقية لا تبرّر مطلقا التضييق عليها.. فقوى الخير الكامنة في التكنولوجيات الحديثة ليست وهمية… قد يأتي اليوم إذن ليتخلّص فيه الجميع من «فوبيا» الأنترنات.. ويقول الأخصائي التربوي عبد الله عطية: «لابدّ أن يأتي يوم نتجاوز فيه صدمة الاستعمال الأوّل للأنترنات كما تجاوزنا في ما مضى صدمة استعمال التلفزة والهوائيات والهاتف الجوّال.. وبمرور الوقت ستصبح الأنترنات شيئا عاديا للغاية.. ففي وقت من الأوقات وهذا عاشه الكثير من الناس كنّا نخاف التلفزة.. وكنّا نخجل كثيرا ونحن  مع بقية أفراد العائلة من مشاهدة امرأة تغنّي في التلفزة.. لكن الآن تغير الحال.. وها نحن اليوم نخاف الأنترنات واستعمالاتها خاصّة إذا كانت في غير محلّها وشجّعت على العنف أو الإرهاب.. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 جوان 2009)


توحيد التقويم الهجري والاحتفال بالأعياد الدينية: الخلاف مستمر بين القرار السياسي.. الفقهي.. والبحث العلمي

الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي: توحيد التقويم الهجري قرار سياسي بالأساس الدكتور محمد الأوسط العياري: القرار لابد أن يكون علميا ليحقق الوحدة بين الشعوب


تونس – الصباح ـ تمثل الاختلافات المتكررة والمتواصلة حول التقويم الهجري ومحاولات توحيده بين الدول والشعوب الإسلامية منذ عشرات السنين، أحد ابرز الملفات الثقيلة العالقة والإشكالية القائمة بينها. وقد أدى هذا الاختلاف إلى تضارب في تقويم الأشهر القمرية، وانجر عن ذلك خلاف بارز بخصوص الاحتفالات بالمناسبات والأعياد الدينية.  
هذا الموضوع كان بالأمس محل بحث في ندوة علمية مشتركة بين وزارة الشؤون الدينية في تونس ومجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، وقد حضره الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي والدكتور عبد السلام العبادي أمين المجمع، وثلة من الباحثين العلماء كان من بينهم الدكتور محمد الأوسط العياري صاحب الاختراع العلمي « الشاهد ». كيف طرحت الندوة من خلال وجهات نظر الحاضرين إشكالية توحيد التقويم الهجري والخطى المقطوعة ضمن هذا الملف؟ وماذا عن الاشكاليات التي تعترض مسألة توحيد التقويم؟ هل هي فقهية أو علمية أو سياسية بالأساس؟ الأستاذ أكمل الدين إحسان أوغلي أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي اعتبر أن الواقع المعاش في العالم الإسلامي يشير مع الأسف إلى أن وشائج الروابط التي تجمع بين أممه قد تراجعت رغم حرص أطراف عديدة على رص صفوفها. وبين أن « حال اليوم يبرز صورة من التشتت، واختلاف الرأي، وتفرق الكلمة »، وذلك على الرغم من أن تطبيق ما جاء في النصوص الدينية بشأن التقويم، وتوحيد مواقيت المناسبات أصبح أمرا يمكن التوصل إليه بفضل فهم معمق للتراث الفقهي، وكذلك التطورات العلمية والتقنية الحاصلة. وبين الأمين العام للمنظمة أن الحملات قد توالت وتكاثرت للمس بالرموز الدينية والنيل مما هو مقدس في الإسلام، والعمل على تفرقة الصف الإسلامي، وأن موضوع ضبط التقويم الهجري وجعله موحدا قد أصبح من الضروريات لكي لا تمس المصالح الإسلامية العليا. وأكد أنه لا يوجد أي تناقض بين العلم والدين في مجال التقويم، والقضية لا تعدو أن تكون سوى قضية قرار سياسي، يرجح قولا على آخر بينما يتساوى القولان في الحجة الشرعية. وبين أن عدم الإقدام على حل هذه المعضلة بات يخلق وضعا من الحرج لا فقط في الصف الإسلامي بسبب ما نتج عنه من تضارب في احياء المناسبات الدينية، واستهلال الأشهر القمرية, وصوم رمضان وغيرها من المناسبات التي تجمع بين شعوبه، بل أمام العالم، الذي باتت أطراف منه تتندر بهذه الظاهرة وخلاف المسلمين حولها. منظمة المؤتمر الاسلامي ومساعي توحيد التقويم الهجري أفاد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي أن هذا الموضوع كان على الدوام محل اهتمام داخل المنظمة، وقد صدرت عدة قرارات في شأنه، وعملت على دعوة الدول المنظمة إلى الإنظمام إلى عضوية اللجنة الخاصة بالتقويم الهجري الموحد التي أقرها مؤتمر اسطنبول سنة 1978، كما أكد مؤتمر القمة الاسلامية العاشر المنعقد في بوتراجا ـ ماليزيا سنة 2003 اللجنة في دورتها التاسعة إلى إعداد تقويم هجري موحد تلتزم به الدول الاسلامية. وصدرت أيضا عدة بيانات عن المنظمة بهدف ضبط الخلاف المتكرر سنويا بشأن بدء شهر الصيام والعيدين وغيرها من المناسبات الدينية. الجانب العلمي وتوحيد التقويم الهجري خص الدكتور محمد الأوسط العياري « الصباح » بتصريح في هذا الموضوع وذلك على هامش الندوة حيث أشار إلى أن التوفيق بين الأبحاث العلمية الجارية في غرض التقويم والبعد االفقهي والسياسي المتصلان به يقترب ويتدعم يوما بعد يوم، وبين أن التوفيق في هذا المجال من ناحية علمية بحتة بات أمرا ثابتا، لكن المسألة تكمن في اقتناع الاطراف الفقهية والسياسية بهذا البحث العلمي والعمل به. وبين أنه وقع تصميم منظومة « الشاهد » لتمثل الاجابة العلمية الصحيحة في موضوع التقويم والرؤية وما يتصل بذلك من مناسبات دينية، كما أثبتت منظومة « الشاهد » التوافق مع الروزنامة والرؤية بكل أنواعها في كل الحالات ومهما اختلفت مجالات الرؤية سواء قامت على العين المجردة أو المجاهر العلمية، وأيضا حتى في حالات الطقس المغيّم بالسحب. وأكد أن الهلال واحد ومتى ظهر لطرف في مكان ما فإن رؤيته تسحب على الجميع، وأضاف أن الرؤية يمكن ضبطها والاتفاق بشأنها حسابيا وعلميا. وبين الدكتور محمد الأوسط العياري أن مسألة الرؤية قامت اليوم على تحاليل ضافية ومقنعة وعلمية، وأنه لا يمكنها أن تخضع لحل وبعد سياسي، بل الاقتناع بتمش علمي يسقط كل الفرضيات الأخرى لأنها لا تستند إلى بحث علمي صحيح.  وبخصوص منظومة « الشاهد » أكد ان مساندة ما توصلت له محل تقدير عديد الدول والفقهاء والمجامع الفقهية، وقد تجاوبوا معه، وأفاد أن الجانب العملي فيها جاهز للتطبيق، وقد انطلق الدفع من تونس, ولم يبق إلا العمل على اقناع بقية الاطراف المعنية وتوحيد الجهود من أجل تعميمها. وأكد أنه سيكون هناك في قادم الايام دعم كبير لـ »الشاهد »، من أجل تجاوز وضعية التقويم وما شابها من اختلاف. علي الزايدي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 جوان 2009)


وزير إماراتي للصباح:

فرص هائلة لتوظيف تونسيين في الإمارات تستهوينا تجارب تونس في مكافحة انحلال الشباب وتطرفه


تونس ــ الصباح 
أعلن السيد ابراهيم عبد المالك محمد الامين العام لمجلس الشباب والرياضة ( برتبة وزير) رئيس الوفد الإماراتي الحكومي الشبابي الذي يزور تونس منذ أيام ـ في حديث للصباح ـ عن وجود فرص لهائلة توظيف مزيد من الخبراء والفنيين التونسيين في الامارات وخاصة في امارة دبي.. لا سيما في قطاع الشباب والرياضة والقطاعات المرتبطة به مثل الثقافة والصحة ومعالجة الادمان ومراكز مراقبة استعمال المنشطات.. .فضلا عن فرص انتداب الرياضيين والفنيين في الانشطة الشبابية والدراسية ودورات التدريب التي تهم الشباب في مختلف المجالات.. وأورد السيد ابراهيم عبد المالك محمد أن الجانب الإماراتي مهتم بتجارب تونس في معالجة عدد من أخطر المشاكل الشبابية في العالم وفي المنطقة العربية ومن بينها الفراغ وما يتسبب فيه من ضياع وانحلال أخلاقي من جهة ، ومن تطرف ديني وتشدد سياسي وانغلاق فكري من جهة ثانية . الشاب والمخدرات وأوضح المسؤول الإماراتي في حديثه للصباح أن زيارته لمؤسسات ثقافية وشبابية في تونس العاصمة وخارجها مكنته والوفد المرافق له من الاطلاع المباشر على نماذج من الأنشطة والبرامج الموجهة الى الشباب التونسي لصقل مواهبه وصرف طاقاته نحو الإبداع والابتكار.. عوض اهدارها في سلوكيات خطيرة ومنحرفة تؤدي منذ سنوات بمزيد من الشباب العربي نحو التسكع والانحلال والانحراف والجريمة المنظمة وتعاطي المخدرات حينا..  ونحو التطرف والتشدد الديني والسياسي حينا آخر.. تونس المحطة الاولى وفي هذا السياق أورد المسؤول الاماراتي أن الوفد الذي يقوده اختار ان تكون تونس محطته الاولى ضمن رحلة استكشاف لنماذج معالجة مشاكل الشباب والتفاعل مع مشاغله.. ستشمل الشقيقتين مصروالاردن وبعض البلدان الغربية مثل كندا وبريطاينا.. وقد تمكن الوفد الاماراتي من لقاء وزير الشباب والرياضة السيد سمير العبيدي وعدد كبير من أعضاده.. .ومن مسؤولي قطاع الشباب والعلاقة بالمنظمات المهنية والاجتماعية والشبابية في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي برئاسة السيد حفيظ الرحوي..  » وكانت حصيلة تلك الاجتماعات واللقاءات اعجاب الوفد الرسمي الاماراتي والخبراء المرافقين له بخيار الاعتدال والتوازن في تونس بين التمسك بالهوية العربية الاسلامية وبين تبني خيارات عقلانية وتحديثية في التفاعل مع المشاغل الثقافية والجنسية والتطلعات الجديدة لجيل المستقبل.. .ومن بينها اهتماماته الرياضية والفنية..  » نجاح.. لكن وتعقيبا على سؤال اخر للصباح حول مستقبل التعاون بين تونس والامارات في مجال  » التعاون الفني وتوظيف الكفاءات التونسية » سجل الامين العام للمجلس الاماراتي للشباب والرياضة أن  » الخبراء والفنيين والرياضيين التونسيين الذين وقف توظيفهم في الامارات عامة ـ وفي دبي خاصة ـ برهنوا على كفاءة عالية وعلى مهنية واقتدار وعلى إخلاصهم.. وهو ما يشجعنا على توظيف مزيد من الكفاءات التونسية في الإمارات وفي دبي.. وتعهد المسؤول الإماراتي بتوظيف مزيد من الكفاءات التونسية في الإمارات.. خاصة في قطاعي الشباب والرياضة.. تطبيقا لمقررات اللجنة المشتركة التي عقدت العام الماضي برئـاسة وزيري خارجية البلدين.. مجلس اعمال تونسي ــ اماراتي  دعا السيد عبد المالك محمد الجانب التونسي الى تقديم عروض مفصلة وواضحة لقائمة الكفاءات والخبراء الذين تقترح توظيفهم في الامارات ومؤهلاتهم.. وتعهد بالعمل على اتاحة الفرصة لعدد كبيرمنهم كي يوظفوا في بلده.. خاصة أن كثيرا من المسؤولين الاماراتيين ـ هو من بينهم ـ سبق أن عاشوا مدة في تونس وانتموا الى مؤسسات مشتركة تونسية ـ اماراتية.. او تونسية ـ خليجية.. فضلا عن وجود ارادة سياسية عليا في تونس والامارات لتطوير العلاقات الثنائية نوعيا في مختلف المجالات.. بعد نجاح خطوات التقارب الاقتصادي في الاتجاهين خلال الاعوام القليلة الماضية.. وهو ما كرسه تاسيس مجلس مشترك للاعمال قبل أيام عين على رأسه رجل الاعمال التونسي السيد عبد الوهاب شعبان . كمال بن يونس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 جوان 2009)


وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعلن من طرف واحد عن زواج التاريخ والجغرافيا في اطار الضغط على التكاليف وتجويد نظام الدراسات؟؟؟

 


 
مراد رقية
لقد طلعت علينا وزارة الاشراف كعادتها ونحن في خضم امتحانات  نهاية السنة الجامعية بجملة من القرارات الاستراتيجية المصيرية والتي لعلها تدخل في اطار احتفالات الخمسينية وتندرج ضمن رتل تحسين وتجويد نظام الدراسات بالأساس في سعب الدراسات والعلوم الاجتماعية؟؟؟ وتنقسم هذه الاجراءات الى ثلاثة أنواع منها الاجراء المتمثل في الغاء الاجازة الأساسية والاكتفاء بالاجازة المهنية، أو دمج أكثر من شعبة في بوتقة واحدة(فلسفة،علم اجتماع،علم نفس)،أو التجميع الجغرافي كما حصل لشعبة الفرنسية ب9 أفريل المنقولة الى منوبة.الا أن الاجراء الأهم فهو القرار المتخذ بدمج شعبتي التاريخ والجغرافيا لمختلف كليات الآداب وهي كليات تونس وسوسة وصفاقس؟؟؟ وبرغم صدور قانون الأحوال الشخصية فان هذا الزواج المفاجىء الذي لم يعلم به العروسين مسبقا خلافا للمعهود والمتعارف عليه ذلك أن الرسالة المبرقة أو الفاكس وصل الى العمادات حوالي الحادية عشر صباحا وطلب منها الادلاء برأيها الذي يبدو بأنه لم يكن مطلوبا ولا مرغوبا في حدود الثالثة بعد الزوال مما جعل صبغة الزواج المعجّل تكون صبغة تقليدية بحتة كما كان الحال قبل صدور مجلة الأحوال الشخصية؟؟؟ ولعل الغريب في الأمر أن هذا الزواج  غير المتكافىء هو غير متطابق مع توجهات الوزارة المعتمدة وهي منظومة أمد،ومع مشروع السياسة التعاقدية خصوصا وأنه سوف تقترن بتناقص عدد الطلبة الموجهين الى أقسام التاريخ وبتشجيب عدد ساعات العمل المتوفرة لهيئة التدريس في مرحلة أولى مما يؤدي حتما الى وجود بطالة تقنية اضطرارية أكيدة ، اضافة الى أنه سوف يؤدي لاحقا الى انتفاء الحاجة الى المرحلة الثالثة لعدم وجود انتدابات جديدة في أسلاك التعليم العالي الانساني-الاجتماعي؟؟؟  وحتى التمديد للسلك « أ » أي للأساتذة وللمحاضرين لما بعد الستين والى حدود الخامسة والستين أو السبعين لم تعد منه حاجة البته خاصة لتقلص الطلبة في مختلف المراحل وخاصة منها المرحلة الثالثة أو الدراسات العليا؟؟؟ لقد اتفق الزملاء عبر مختلف أقسام التاريخ ومن الناحية المبدئية على معارضة هذا المشروع المسقط الذي لم تتحقق حوله أي استشارة لأنه يهدد عملهم ،ويهدد مستقبل الدراسات التاريخية والانسانية والاجتماعية في زمن العولمة الجارفة التي كان من المفترض معها دعم هذه الاختصاصات لارتباطها بالحفاظ على الهوية وعلى الخصوصية التي يبدو بأنها لم تعد عملة رائجة ومرغوبة هذه الأيام؟؟؟وبرغم أن وضعنا في قسم التاريخ بسوسة هو وضع خاص يتميزبوجود »هجرة أدمغة وكفاءات » ناتجة عن التحاق زملاء الصنف »أ » بمخابر ووحدات بحث كليات تونس خاصة منها كلية 9 أفريل مما أدى الى افراغ قسم التاريخ بسوسة برغم تأهيله منذ سنوات من أي نشاط بحثي حقيقي  فتحول الى معهد كبير مما يجعل هذا الاصلاح أو هذا « الزواج المعجل » غير ذي تأثير فعلي عاجلا أو آجلا فاننا منسجمون وملتزمون بموقف باقي الأقسام الأخرى عبر المطالبة بالابقاء على خصوصية قسمي التاريخ والجغرافيا حفاظا على حقوقنا في بناء مجتمع المعرفة والمعلومات والامتياز الذي يجسمه شعار « معرفة متأصلة » وهو شعار الخمسينية؟؟؟ ولعلي فهمت الآن وبعد صدور هذا القرار بعد أن قوّم مقررا لجنة التأهيل بشعبة التاريخ بسوسة ملفي سلبيا بين4 أفريل و8 ماي2009 بأن السبب  هو انتفاء الحاجة الى مدرسي الدرسات العليا تناغما مع تصفية الدراسات الانسانية بالدمج القسري  وبتغييب الخصوصيات بين الشعبتين العديلتين؟؟؟ولعل ما يزيد الأمر تشويقا أن الفكرة أي فكرة الزواج المعجل قد انطلقت ونبعت بحسب مصادر معلومة مطلعة من بعض أساتذة فسم التاريخ بمنوبة الحريص على تطبيق مبدأ التقريب بين الأزواج المنفصلين ولم شملهما بعد طول فراق وفرقة رغبة في توفيق رأسين في الحلال وفي الضغط  على التكاليف خصوصا بعد التمديد للصنف « أ » وانتفاء الحاجة الى المزيد من اطار التدريس في شعبة التاريخ؟؟؟ فهل تقدم الوزارة فعلا ومع انطلاق السنة الجامعية القادمة التي يصادف انطلاقها انتخابات أكتوبر2009 على استكمال تحقيق هذا الزواج غير المرغوب وغير المتكافىء بين الطرفين المترابطين مع عدم وضوح صورة ومستوى حقوقهما غير المعلن عنها ،وغير الموثقة خاصة في مستوى العصمة وتبعاتها الأسرية والانفاقية قبل العلمية التي لا تأتي الا في مرتبة متأخرة؟؟؟؟؟؟
 
 


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 630 على موقع تونس
بقلـم : محمـد العروسي الهانـي مناضل دستوري – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي محمـد العروسي الهانـي

:فكرة بعث جمعية الوفاء للمحافظة على التراث الوطني البورقيبي فكرة شاملة من القمة إلى القاعدة


عندما فكرنا في شهر أفريل 2005 في ميلاد وبعث جمعية الوفاء للمحافظة على التراث البورقيبي الشامل والوطني لكافة رموز الحركة الوطنية ومناضلي الحزب. كانت الأهداف واضحة والنوايا طيبة وسليمة والغاية وطنية لدعم الذاكرة الوطنية. وعندما تبلوت الفكرة يوم 15 ماي 2005 شرعنا في إعداد البيان وميثاق الجمعية وأهدافها طبقا لقوانين بعث الجمعيات الوطنية جمعية الوفاء للمحافظة على الإرث الوطني والبورقيبي بفرنسا وفي 22/05/2005 اجتمعت نخبة من أبناء الحزب الحر الدستوري التونسي ومناضليه لتركيز وتأسيس هيئة الجمعية التأسيسية كان هدفنا واضح وغايتنا دعم الذاكرة الوطنية والحس الوطني واستمرارية شعلة النضال والوفاء للرموز والزعماء والشهداء الأبرار دعما لدور الجمعيات الوطنية وقد ذكرنا فقرة من خطاب الرئيس زين العابدين بن علي في يوم 23/4/2005 واستشهدنا بها وهي فقرة هامة تشير إلى دعم فكرة بعث الجمعيات ذات الطابع الوطني والبعد الأخلاقي والوطني. وفي غرة جوان 2005 يوم العيد الوطني أطلق عليه رواد الحركة الوطنية يوم النصر المبين عيد النصر وأصبح عيد النصر الذي اقترن بعودة الزعم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة حامل لواء النصر المبين وبشائر الاستقلال الداخلي هذا اليوم اخترنا أن نقدم فيه ملفنا للحصول على التأشيرة القانونية لبعث الجمعية لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وأغلقت الأبواب ولم نظفر على نتيجة يومها أدركنا صعوبة الأمر وعدم التحمس وربما تأويل المقاصد. والتجأنا إلى أعلى هرم الدولة ووجهنا ملفنا إلى الساهر على تطبيق القانون وراعي الحقوق والضامن لتنفيذ الدستور سيادة الرئيس زين العابدين بن علي وذلك يوم 13/6/2009 أي قبل أربعة أعوام وطلبنا من سيادته أعطى الإذن لإنجاز التأشيرة وقد أكدت مرارا أن المعضلة الأساسية تتمثل في أن الرسائل والملفات لم تصل إلى صاحب القرار والكلمة الفصل ولو بلغ إلى علم الرئيس مباشرة نية وهدف ملفنا ومطلبنا الوطني والأخلاقي لبادر سيادته بإعطاء الإذن للحصول على التأشيرة القانونية وربما لبادر سيادته بدعوتنا والحوار معنا وأذهب أكثر من ذلك يأذن سيادته بمساعدتنا وتمكيننا من مقر يليق بحجم واسم الجمعية وأهدافها في دولة القانون والمؤسسات لكن رغم مرور 4 أعوام كاملة يوما بيوم أعتقد أن الرئيس لم يطلع على ملف طلب الجمعية وقانونها الأساسي الهادف. وبعد هذه المحاولة نشرنا يوم 25/6/2005 عبر موقع تونس نيوز خبر تكوين الجمعية وأهدافها وأسماء المؤسسين للجمعية أما الصحف المحلية فقد لازمت الصمت الرهيب وفي كل ذكرى 13 جوان من كل سنة أعيد الحديث والتحسيس والإشارة إلى موضوع الجمعية التأسيسية الوطنية. وفي كل سنة أجدد الكتابة بموضوعية وأذكر بأهداف الجمعية وأكرر الطلب للحصول على التأشيرة. وفي كل سنة تشارك الجمعية في إحياء ذكرى وفاة الزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله في مدينة المنستير وتحضر موكب الترحم وتنشر نشاطها عبر هذا الموقع. وفي سنتي 2008 – 2009 كتبت 8 مقالات متوالية حول خصال ومناقب الزعماء والشهداء والمناضلين الذين التحقوا بالرفيق الأعلى خلال سنتي 2008 – 2009 وقد ذكرت خصالهم ومناقبهم وتضحياتهم ونشاطهم خاصة في غياب تأبين بعضهم أو عدم نعيهم في الصحف المحلية وعندما أطلع عددا هاما من المناضلين على المقالات المؤثرة في الداخل والخارج اتصلوا بي هاتفيا شاكرين هذا المجهود وبعضهم قالي لي بصدق ووفاء يا سي الهاني بارك الله فيك أنت وفي للأحياء والأموات وأنت صاحب وفاء واليوم أدركنا وفهمنا أن بعثكم لجمعية الوفاء سنة 2005 هي غاية نبيلة وشريفة وسامية وأن الجمعية لا تنحصر على الرموز والزعماء والشهداء والزعيم الرمز الحبيب بورقيبة رحمهم الله بل هي جمعية جامعة شاملة بأتم معنى الكلمة من القمة إلى القاعدة وما كتابتكم مؤخرا على وفاة المناضل عبد الرحمان بن رحومة إلا تأكيد على نبل الرسالة وصدق المقاصد وبعد النظر والقيم الأخلاقية والوطنية التي تتحلون بها. قال الله تعالى:  » لمثل هذا فليعمل العاملون  » {صدق الله العظيم}.

محمـد العـروسـي الهانـي مناضل معتمد متقاعد، الهاتف: 22.022.354


الخـطاب

طارق الكحلاوي (*)  أصبح من قبيل الكليشيهات الآن الحديث عن دور القارئ في إعادة صناعة النص. النظرية النقدية المعروفة باسم «رد فعل القارئ» التي تطورت بسرعة في الأوساط الأكاديمية الأنغلوسكسونية في ستينيات القرن الماضي من قبل جامعيين مثل الأميركي ستانلي فيش فرضت على الواقع الراهن لنقد النصوص عامل القارئ وتأثيره على التلقي النهائي للنص بمعزل عن محتوى ذلك النص. لكن من البيّن أيضاً أن النصوص بما هي تركيبة قائمة الذات أو «واقع موضوعي» قائم بذاته في ظل ظرفه التاريخي العام يمهد لتضارب ردود فعل لقرائه. خطاب أوباما الأخير في جامعة القاهرة أو «الرسالة إلى العالم الإسلامي» يتيح بشكل خاص الأسس التي تجعل قارئيه / مستمعيه يصنعون منه أكثر من خطاب وأكثر من نص. ربما ما زلنا نحتاج إلى الأرقام التي تعكس بدقة عدد الذين اهتموا فعلاً بالاستماع إلى «خطاب القاهرة». لكن ردود الفعل المتباينة على الخطاب في الشارع العربي تحيل على حزمة من التباينات لا تنبع فقط من تباينات توقعات القراء والمستمعين للخطاب بل أيضا تباينات محتواه. ورغم كل التباينات لا يمكن تجاهل ما يبدو أنها «بديهيات» الخطاب أو المعطيات التي لا أعتقد أنها يجب أن تفاجئ أحدا والتي من بينها: أولاً، ومثلما أشرت سابقاً «الخطاب» ليس إلا حلقة جديدة لخطابات سابقة و»الرسالة» إذاً هي مجموعة من الرسالات بدأت منذ لحظة تسلمه مقاليد السلطة وتواصلت عبر خطب، وعبر إشارات رمزية أيضا. بدأ أوباما بالتوجه إلى المستمع والمتفرج المسلم بشكل مبكر منذ توليه مهام منصبه في يناير الماضي، وذلك عبر حوار تليفزيوني ركز فيه لأول مرة على أصوله العائلية الإسلامية وهو ما كان مادة لتعليق الإعلام الأميركي (سلباً وإيجاباً) لبعض الوقت آنذاك، ثم قام بزيارة تركيا التي كانت حلقة من حلقات حملة العلاقات العامة هذه والتي يقوم بها شخصيا وليس من قبل موظف بيروقراطي في وزارة الخارجية مثلما حصل في السنوات الماضية. وكذلك يبرز التشديد الإعلامي المصري على أهمية الخطاب تحديداً من حيث هو «خطاب القاهرة» بل من حيث هو أيضاً «تركيز على الدور المصري الريادي» في المنطقة جزءاً من الخطاب ذاته، برغم أن هناك ما يكفي من المؤشرات الموضوعية إلى أن الدور المصري المأمول أميركياً هو رافد للدور التركي الذي يحظى بثقة أكبر نظراً لثقله الاستراتيجي والعسكري الأقرب لمنظومة الحلفاء الأميركيين. ثانيا، ترددت بشكل واسع، حتى في الإعلام الأميركي وليس العربي فحسب، مقولة الهوة بين المبادئ العامة المعلنة وتفاصيل السياسة التنفيذية في «خطاب القاهرة». في الموضوع الأكثر حساسية وثقلا أي الصراع العربي- الإسرائيلي قدم الرئيس الأميركي الجمل المعتادة المحيلة على ضرورة أن يقدم الطرفان «تنازلات صعبة» في سياق «حل الدولتين». لكن لم يقدم مثل سلفه إطارا زمنيا لذلك كما لم يبادر إلى طرح أي مرجعية واضحة بما في ذلك القرارات الأممية لتأطير «حل الدولتين». ثالثا، وهذه نقطة ترددت بشكل خاص من قبل المستمع العربي، برغم إعلان الخطاب وتأكيده على الرغبة في التصرف بشكل متوازن بين الطرفين الأميركي والمسلم/ العربي أو الإسرائيلي والعربي/الفلسطيني فإن الخطاب لم يمثل قطيعة عن المصادرات الكبرى في خصوص طبيعة الصراع في المنطقة، إن لم يكن بإبرازها بوضوح بل من خلال الصمت. لم يتم إبراز المآسي المنجرّة عن احتلال العراق مقابل التركيز على المآسي المنجرّة عن عملية 11 سبتمبر. وكذلك التأكيد على «معاناة الفلسطينيين» وضرورة أن يقوم الإسرائيليون بـ «ضمان أمن الفلسطينيين» وأن «توقف حماس العنف» (تجنب هنا استعمال لفظ «الإرهاب») صمت في نهاية الأمر عن وضع تحديد أصل الصراع بما هو الاحتلال. كما أنه صمت مثلاً عن الأوضاع الراهنة، فالحديث عن «معاناة الفلسطينيين» تم في سياق الصمت على وضع الحصار القائم في غزة. في مقابل هذه «البديهيات» يجب النظر إلى ما بدا أنه المصدر الرئيسي لترحيب بعض القراء والمستمعين الذين أشادوا بالخطاب أي معظم المعطيات المتعلقة بالنظر إلى الإسلام شكلاً ومضموناً. فرغم أنها تقارب ربما النصوص المدرسية المبسطة فإن الفقرة التالية من الخطاب أساسية بما هي تعبير عن موقف مهم على خلفية الرؤى المتباينة في واشنطن إزاء الإسلام: «الحضارة مدينة للإسلام الذي حمل معه في أماكن مثل جامعة الأزهر نور العلم عبر قرون عدة الأمر الذي مهد الطريق أمام النهضة الأوروبية وعصر التنوير.. وأظهر الإسلام على مدى التاريخ قلباً وقالباً الفرص الكامنة في التسامح الديني والمساواة ما بين الأعراق». وهنا لا يمكن النظر إلى خطاب من هذا النوع على أنه «مجرد أقوال». إذ إن موقف أوباما هو بمستوى الفعل بما هو يعبر عن موقف في سياق صراع حقيقي قائم على قدم وساق ضد الرؤى الإسلاموفوبية المتضمنة في الخطاب النيومحافظ الذي ساد واشنطن خلال السنوات الماضية بما في ذلك عبر أقلام ومنابر تصدر أحكامها التعميمية حول الإسلام والمسلمين بما هم مصدر حتمي لكل تخلف وإرهاب وهو ما تم تلخيصه في المصطلح المثير للجدال «الإسلاموفاشية». وكانت آخر تمظهرات هذه الرؤى بين بعض قطاعات «الاستبلشمانت» في واشنطن استدعاء بعض النواب الجمهوريين والاحتفاء في أروقة الكونغرس بوجه إسلاموفوبيا بارز مثل السياسي الهولندي غيرت فيلدرز. وهذا الموقف كان أكثر وضوحاً في الجملة التالية: «وأرى في ذلك جزءا من مسؤوليتي كرئيس للولايات المتحدة حتى أتصدى للصور النمطية السلبية عن الإسلام أينما ظهرت». كما أن الرغبة في مخاطبة المسلمين من أكثر من عاصمة ومنبر بخطاب «إيجابي» من هذا النوع واقع خطابي ضمن هذا الصراع. موقف أوباما الذي يدافع بشكل واضح عن مبادئ علمانية أساسية مثل «حرية العقيدة» لم يسعَ لجعلها في علاقة تضاد حتمية مع المنظومة الإسلامية خاصة عندما ركز على وجود واقع التعايش الديني في سياقات إسلامية مثلما شهد هو نفسه في طفولته في إندونيسيا، وهو الأمر الذي يبدو أيضاً متضمناً في تركيزه، بشكل متباين عن الخطاب الأميركي السياسي الكلاسيكي، على المكون المسيحي في «معاناة الفلسطينيين» إلى جانب الغالبية المسلمة. كما لم يسع إلى جعلها نقطة خلافية بقدر ما حاول جعلها ركيزة لنبذ الخلاف الطائفي خاصة السني-الشيعي. في الواقع يمثل خطاب أوباما في هذا الشأن تركيزا على نسق عام للتجربة العلمانية الأميركية والتي بنيت على أساس احتواء تهميش الشعور الديني عوض تهميشه، إذ كان معظم «الآباء المؤسسين» متدينين بما في ذلك كاتب وثيقة الاستقلال وأكثرهم علمانية توماس جيفرسون وتم طرح تمييز الوظيفة السياسية عن الدينية على أسس دينية أحياناً. ومن هذا المنظور تأتي الفقرات المتعلقة بالنقد الضمني في «خطاب القاهرة» الموجه للتجربة العلمانية الفرنسية تجاه جاليتها المسلمة خاصة في علاقة بقضية الحجاب: «من المهم بالنسبة إلى الدول الغربية أن تتفادى منع المواطنين المسلمين من ممارسة ديانتهم كما يشاؤون، مثلا عبر فرض الثياب التي على المرأة ارتداؤها»، وكذلك: «ينبغي عدم إخفاء العداء حيال ديانة معينة تحت ستار ادعاء الليبرالية». وليس هذا الموقف منفصلا عن تجند الأوساط الحقوقية الأميركية بما في ذلك المقربة من وزارة الخارجية الأميركية منذ سنوات في الوقوف ضد القانون الفرنسي المتعلق بمنع الحجاب في المؤسسات العامة. ما يستحق الاهتمام في خطاب أوباما ليس «البديهيات» المذكورة أعلاه فحسب بل أيضا الكلام المعادي لخطاب الكراهية التعميمي ضد الإسلام والمسلمين والذي هو بمستوى الفعل في سياق الصراع الدائر في واشنطن وخارجها. طبعا هناك جدال عن سبب هذا الموقف المعادي للإسلامفوفوبيا وتشكيك من قبل البعض في صدقيته ومدى ارتباطه بالصراع في المنطقة خاصة تراجع النفوذ الأميركي إثر احتلال العراق. لكن كل تلك الأسئلة تتجاهل في نهاية الأمر الأثر الواقعي لهذا الخطاب والذي يفعل فعله بمعزل عن أسبابه. يكفي ملاحظة رد الفعل الأوساط الإسلاموفوبية التي واصلت الحديث عن «استسلام» أوباما و»تمسحه» غير الضروري للمسلمين حتى نفهم واقعية هذا الصراع. وتلك، على الأقل، قراءة كاتب هذا المقال لـ «خطاب القاهرة». (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 7 جوان 2009)


آمال قرامي في منتدى التقدم: قراءة في خلفيات الفتاوى المسيئة للإنسان*


  1 – نبذة عن الإفتاء في العصور القديمة يقوم الإفتاء  في جوهره على السؤال (، سؤال وجواب،وسائل ومجيب)ويجد مرجعه في النص القرآني من خلال صيغ مختلفة ارتبطت بقضايا متنوعة ‘يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس(البقرة 2/219) و(الآيات  189،215،217،222 من نفس السورة    ) و’يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن (النساء 4/127) ونجد صيغا أخرى في سور عديدة (المائدة، والأنعام،.. )  وبالرجوع إلى السيرة النبوية نتبيّن أنّ الرسول نهض بوظيفة الإفتاء في قضايا شغلت المسلمين ولم يعثروا لها على حكم شرعي في القرآن.(الوضوء من ماء البحر، الفأرة التي تقع في السمن،…)و على نهج الرسول سار الصحابة  فاضطلعوا  بوظيفة الإفتاء. والفتيا هي الحكم الصادر عن المفتي على غير وجه الإلزام. وهي بهذا المعنى متصلة بالاجتهاد فلا تصدر إلاّ عن مجتهد اشترط أن يكون عالما بعلوم اللغة العربية وبالأدلة وماهرا في علم أصول الفقه متمكنا من تطبيق الأحكام على النوازل ،خبيرا بأحوال الناس ،متبصرا ومتأنيا في إصدار الأحكام فضلا عن عدالته. يُبين الإفتاء عن تقسيم الأدوار والوظائف بين الناس وتمييز مراتبهم وفق ثنائية الخاصة/العامة، و ثنائية العالم/الجاهل. فالعامي حسب علماء الأصول مكلّف بتنفيذ الأحكام وغير مكلّف بمعرفة الأحكام إذ هو مشغول بأمر المعاش وقاصر عن فهم مقاصد الشرع. وفي المقابل احتكر العالم سلطة المعرفة وتميّز بعلو المنزلة وكان مقامه في الأمّة مقام النبيّ .يقول الشاطبي متحدثا عن المفتي:  » هو مخبر عن الله كالنبيّ وموقع الشريعة على أفعال المكلفين بحسب نظره . وأمره نافذ في الأمة لذلك من شروطه أن يكون عالما لا جاهلا بأنّ الإخبار عن الله لا يقوم به جاهل . »(الشاطبي، الموافقات، ج4، ص283)  ويتبين الناظر في تاريخ نشأة الإفتاء أنّ الممارسة سبقت التنظير  إذ لم يخضع الإفتاء في صدر الإسلام للضبط والتقنين ولكن مع تعقّد مختلف بنى المجتمع وظهور تحولات عديدة في نمط العيش وطبيعة العلاقات الاجتماعية ودخول أجناس كثيرة في الإسلام واتساع نفوذ الخلافة الإسلامية  ازدادت الحاجة إلى الإفتاء بحكم ظهور قضايا ونوازل جديدة. كما أنّ وعي المسلمين بأهميّة الإفتاء جعلهم يبادرون بضبط شروط المفتي و حدود وظيفته خاصة بعد أن تمأسس الإفتاء فصار خطة شرعية موصولة إلى المؤسسة السياسية باعتبار أنّها تندرج ضمن الإمامة الكبرى أي الخلافة. فلا غرابة والحال هذه أن يتم تنظيم نشاط الإفتاء بتحديد مكان انتصاب المفتي ، وهو عادة المسجد وتحديد مراتب المفتين. فأصحاب الوجاهة يجلسون بالمساجد العظام بإذن من السلطان، ويخضعون لمراقبة  وتأتيهم الأسئلة من جميع الأمصار من القضاة   والفقهاء والعوام في حين أن بقية المفتين ينهضون بوظيفتهم في مساجد العوام، وهم لا يمثلون السلطة الرسمية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنّ تصدي غير الأكفاء للإفتاء قد أحدث حالة من الفوضى(الفساد)  تطلبت تدخل السلطة السياسية لردع من انتحلوا هذه الخطة فأحدثوا البدع هذا من جهة ،ولتسييج مجال الإفتاء من جهة أخرى. لقد كان نشاط الإفتاء محكوما بخصوصيات السياق وكان المستفتِي في الغالب، يراعي المقام فلا يطرح سؤالا خاصا بحياته الحميمة أمام الملأ بل يؤثر طرحه بعيدا عن الأنظار وكانت الوثائق والعقود تقدم للمفتي حتى يتقصى ويدرس الحالة من كلّ الجوانب. وكانت وظيفة المفتي أساسية تتمثّل في خدمة مصالح الناس وتيسير أمورهم بما يتلاءم مع أحكام الشرع خاصة إذا علمنا تفشي الأميّة وصعوبة معرفة كلّ أوامر الشرع.  ولكن ما وضع الإفتاء في العصر الحديث؟ 2- الفتاوى المعاصرة: النقلة النوعية في السنوات الأخيرة لفت تعاظم شأن الإفتاء الرأي العام العربي والعالمي في السنوات الأخيرة، ولكن أغلب الفتاوى التي شغلت الناس وأثرت في نفوس الجماهير(سلبا أو إيجابا) لم تصدر عن المؤسسة الرسمية بل كانت فتاوى فردية تعكس اجتهادا شخصيا (أساتذة فقه أو حديث … أو دعاة أو شيوخ الاتجاهات الإسلامية)، وصدرت أحيانا عن أشخاص مغمورين(وعاظ الشوارع أو الأرياف،أقطاب الطرق الصوفية  الجماعات الدعوية ) ولم تكن محل إجماع . من المعلوم أن بروز المفتي المهيمن على الجماهير صاحب السلطة والمنزلة الرفيعة قد اقترن بظهور الثورة الإعلامية وتعدد قنوات الاتصال والتواصل. فبات  المفتي يحتل الصدارة في الفضائيات ومواقع الأنترنت ومنابر النقاش وغيرها كما أنّ المفتي صار وجها بارزا لا يستغنى عنه في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب والافتراضي.وصار التنافس على أشده بين المفتين الرسميين والمفتين غير الرسميين ، وبين المفتين والدعاة الإسلاميين، و بين المفتين والفقهاء ، و بين المفتين والمفتيات اللواتي أصبحن « يزاحمن الرجال » في مجال معرفي كان على الدوام حكرا على الرجال. وهذا التنافس الشديد على المواقع والشهرة والوجاهة أفرز حركية شفعت بفوضى وحالة من الانفلات عممت فصرنا نتحدث عن « عولمة الفتيا ». ويمكن القول إنّ المفتي الذي شغلت فتاواه الناس يصنعه الإعلام. لم تعد المساجد فضاءات ينتصب فيها المفتون بل صاروا في التلفاز والمذياع والمواقع (فلا المكان هو نفسه ولا الزمان هو الزمان) ولم يعد السؤال موجها بطريقة مباشرة أو عن طريق واسطة تجوب الأمصار لتبلغ السؤال : أسئلة الجمهور صارت على مسمع ومرأى الجميع وحدّث ولا حرج عن مضمون الأسئلة : أسئلة عن الجنس والمأكل والمشرب ووسائل الزينة (الرموش الاصطناعية ، الشعر المستعار التنميص،العدسات، الكعب العالي….)وغيرها. اتسعت دائرة الإفتاء ومعها تكاثر عدد المتصدين للفتوى. و يتعيّن على دارس الفتاوى الصادرة في السنوات الأخيرة أن يفصل بين صنفين من الفتاوى : الفتاوى الإيجابية التي تقيم الدليل على وجود حراك في مجال الإفتاء، وهذا الوجه من الاجتهاد في الفكر الإسلامي  هو في الواقع ،محدود ومعتّم عليه في الغالب تقلل وسائل الإعلام من شأنه  لأنه يفتقر إلى عنصر الإثارة بالنسبة إلى ثقافة العصر حيث يتم البحث عن الخبر الغريب والعجيب الذي يشدّ انتباه الناس . وهكذا يغيب في السجال الدائر حول منتجي الفتاوى ومضمونها جهد فئة تحاول أن تسد الفجوة بين الواقع المعيش المتحوّل وأسئلته التي تؤرق ضمير المسلم المعاصر ومقتضيات النصوص الدينية. نذكر من بين هذه الفتاوى فتوى تبيح التحوّل الجنسي صدرت عن الخميني في إيران وأخرى صدرت في الكويت، وفتوى سعاد صالح بشأن النقاب إذ رأت أنّه ظاهرة غريبة عن الإسلام. كما أنّها أفتت بجواز الصلاة في مساجد الفنانين، وفتوى الدكتورة عبلة الكحلاوي عميدة كلية الدراسات الإسلامية بتحريم تصدير الغاز المصري إلي إسرائيل، وفتوى صدرت في السعودية منذ أسبوع تعتبر أنّ الرياضة بالنسبة إلى المرأة ضرورة شرعية، والفتوى التي تبيح للمرأة الترشح لرئاسة الدولة، وفتوى أصدرها مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة أباح فيها للمرأة العمل في وظيفة مأذون لعدم تعارض ذلك مع أحكام الشريعة الإسلامية مذهب أبي حنيفة، وفتوى الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر بإجازة إجهاض المغتصبة في أي وقت وقبل مرور 120 يوماً علي الحمل وفتوى بتحريم الخفاض وغيرها من الفتاوى التي تنم عن وجود محاولة لتفعيل حركة الاجتهاد بالرغم من التعتيم الإعلامي على هذا الجهد. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى وجود صنف آخر من الفتاوى يقع ‘في منزلة بين المنزلتين’ ويتصف بسمتين: إرباك المنظومة التقليدية واستفزاز المؤسسة الرسمية. ونذهب إلى أنّ هذه الفتاوى تقيم الدليل على وجود مأزق فكريّ لم يستطع حسم المرجعيات والتعامل مع مستجدات الواقع تعاملا يخرج المسلم المعاصر من حالة الانفصام التي يعاني منها. كفتوى المرجع الشيعي فضل الله بحق المرأة في ردّ الاعتداء الموجه لها من الزوج بضربه ، وفتوى سعاد صالح بعدم أحقية الرجل في الخروج من بيته إلى عمله إلا بإذن زوجته، وفتوى الشيخ القرضاوي بإباحة المشروبات بنسب كحول « ضئيلة”، وفتوى جواز ترقيع غشاء البكارة التي أصدرها مفتي مصر علي جمعة، وفتوى صحّة صيام الفنّانات  حتّى لو قمن بتصوير مشاهد تمثيليّة غراميّة في نهار رمضان وأفتي المفكر الإسلامي جمال البنا بجواز تبادل القبلات بين الشباب والفتيات غير المتزوجين معتبرا أن ذلك يأتي في إطار الذنوب الصغرى التي تمحوها الحسنات كما أنّه رأى أنّ تدخين السجائر في رمضان لا يفطر وأجاز للمسلم المتزوج من اثنتين في المجتمعات الغربية، تطليق أحداهما على الورق في حالة تعرضه لإشكالات قضائية، وإبقائها « كعشيقة »بشرط أن تكون في نيتهما استمرار علاقتهما الزوجية، والفتوى التي أباح فيها حسن الترابي  زواج المرأة المسلمة من الرجل الكتابي مسيحياً كان أو يهودياً. وبقطع النظر عن مضمون هذه الفتاوى وتهافت منطقها الداخلي فإن تهميشها يعد تهميشا للقوى الإسلامية المعتدلة في مقابل الإعلاء من شأن أصوات تنتج خطابا هشا.   3- الفتاوى المسيئة للإنسان  آثرنا الحديث عن الفتاوى المسيئة للإنسان سواء كان رجلا أو امرأة( وإن كانت أكبر نسبة من هذه الفتاوى المهينة تستهدف النساء،)لنشير إلى أنّ انعكاسات هذه الفتاوى تشمل الجنسين معا ، والمسلم و’غير المسلم’، والغني والفقير، والكبير والصغير إلى غير ذلك من التصنيفات التي تعكس التراتبية داخل المجتمع والنظام التمييزي السائد حسب الجنس والدين والعرق والطبقة. ولسنا بحاجة إلى تعداد كلّ هذه الفتاوى باعتبار شيوعها وسرعة انتشارها إنّما يقتضي المقام عرض بعض النماذج كالفتوى التي تبيح للمرأة العاملة إرضاع زميلها ، وفتوى تحريم الأنترنت على المرأة إلا في حضور محرم، والفتوى التي تبطل زواج من يخلعان ملابسهما كاملة أثناء ممارسة الجنس، وفتوى التبرك ببول الرسول وعرقه وفضلاته وبصاقه، والفتوى التي تمنع ألعاب البوكيمون، والفتوى التي تقول بجواز قتل أصحاب القنوات الفضائية التي تبث برامج « تحث على الفتنة والفساد والسحر والشعوذة »، وفتوى تحريم تعلّم اللغة الإنجليزية لأنّ اللسان العربي شعار الإسلام وأهله وفتوى الشيخ سليمان الخراشي في جواز نهب أموال العلمانيين وانتهاك حرماتهم. وفتوى الشيخ عبد الله بن جبرين في الجهاد ضد الشيعة ووجوب البصق في وجوههم وفتوى للشيخ محمد صالح المنجد التي تمنع مشاركة الكفار أعيادهم لأنه من التشبه وفتوى للشيخ محمد المغراوي رئيس « جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش »، بخصوص زواج البنت الصغيرة . وفتوى سعاد صالح عميدة كلية الدراسات الاسلامية للبنات بإخصاء كلّ الشواذ إخصاء كيميائياً فتوى تذهب إلى أنّ كلّ من يبث المسلسل التركي ‘نور’هو « عدو لله ولرسوله” فهذه المسلسلات تؤدي إلى انتشار الثقافة العلمانية . تقوم الإساءة في جوهرها على إلحاق الضرر بالآخر وعدم الإحسان إليه وأن يفعل به ما يكره وهو فعل قبيح مشين وبالنظر إلى هذا الصنف من الفتاوى نتبيّن الآتي: 1-أنّها تمثّل اعتداء على منظومة قيمية يتمسك بها الإنسان بقطع النظر عن معتقده وعرقه ولونه وجنسه ، وهي التي ترسي قواعد العيش معا في ظل المجتمع نذكر في هذا الصدد فتوى الشيخ عائض الدوسري في جواز الدسيسة ضد الشيعة وأصحاب الأفكار المنحرفة لإبعادهم عن التأثير على المسلمين، وفتوى الشيخ علي الخضير في جواز الكذب وشهادة الزور على المخالف لنصرة الدين وأهله وفتوى الشيخ سليمان الخراشي في جواز نهب أموال العلمانيين وانتهاك حرماتهم، وفتوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في جواز اختراق المواقع وتخريبها والتجسس على الايملات وذلك لنصرة منهج السلف الصالح. فأين هذا من منظومة القيم الدينية والأخلاقية التي قام عليها الإسلام؟ 2- تعدّ هذه الفتاوى مهينة لكرامة المرء  مخبرة عن الفجوة بين الفتوى وأسئلة العصر والقيم السائدة فيه نشير في هذا السياق إلى فتوى شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بجلد الصحفيين ، فتوى الشيخ الداعية غازي الشمري نصح فيها الزوجات بلعق الصديد الخارج من أنوف أزواجهن مبيّنا أنّ ذلك من حق الأزواج عليهن وناسبا ذلك للرسول، فتوى الاستمتاع بالخادمات على أنهن ملك اليمين… 3- تروج هذه الفتاوى لثقافة الكره والخوف: كره النساء : Misogynie))وكره المخالف عقديا وأيديولوجيا ومذهبيا (فتوى عدم مناصرة حزب الله واعتباره من الرافضة لابن جبرين)وحتى المختلف على مستوى الهيئة ونمط الحياة وأسلوب العيش وكره الإبداع والفنون ….كره الحياة فضلا عن توجس الريبة من الآخرين والشكّ في نواياهم. 4-تعيد هذه الفتاوى إلى الأذهان الصور النمطية التي تكرس دونية بعض الفئات كالمرأة والأقليات وغير المسلمين …في مقابل الإعلاء من شأن فئات أخرى كالرجل والمسلم. نذكر على سبيل المثال فتوى صدرت من الشيخة والداعية الإسلامية  » أمّ أنس  » بأن جلوس المرأة على المقعد مدعاة للفتنة، يؤدى إلى كثير من الرذائل،. أما الجلوس على الأرض  فإنه يذكر المسلم بخالق الأرض وهو «الله» وهذا يزيد فى التعبد والتهجد والإقرار بعظمة الخالق « وفتوى الشيخ صالح بن غانم السدلان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء باجازة زواج الوناسه بشرط علم الزوجة وفتوى المجمع الفقهي الإسلامي بجواز عقد نكاح المسيار وغيره. 5-تسترجع هذه الفتاوى البنى الذهنية القديمة القائمة على الثنائيات المتقابلة رجل/امرأة، مسلم/غير المسلم، سني/شيعي، ملتزم /غير ملتزم،إسلامي/علماني…. ومن ثمة فإنها تحاول إرساء قواعد الفصل والفرز بين أبناء المجتمع الواحد . 6-تصادر هذه الفتاوى حق الفرد في التفكير والتعبير والأمن على ذاته وممتلكاته والحق في المعرفة والعمل والإبداع والحياة، وتخرق حقوقا تضمنتها الدساتير بحكم مصادقة الدول على قوانين حقوق الإنسان وحقوق الطفل وعدد من الاتفاقيات الدولية.(فتوى زواج القاصر) 7- أخطر ما في هذه الفتاوى أنّها تتجاوز الإساءة المعنوية إلى انتهاك حق الحياة وذلك عندما تصدر أحكام هدر الدم فتعيد إلى أذهان وقائع ‘محاكم التفتيش’. فلئن كان قول المفتي غير ملزم باعتباره مجرد اجتهاد يترك للمرء فرصة الخيار إمّا أن يعمل بمقتضاه أو يتركه  أو يطلب رأي شيخ آخر فإنّ إصدار فتاوى هدر دم بعض المفكرين أو الشخصيات الفنية أو غيرها يتجاوز العنف المعنوي والنفسي واللفظي والرمزي إلى العنف المادي بانتهاك حق الآخر المخالف في الحياة. كفتوى رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح اللحيدان بجواز قتل أصحاب القنوات الفضائية التي تبث البرامج الخليعة وفتوى الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي بإهدار دم المغني الكويتي عبد الله الرويشد، وفتوى مائة عالم باعتبار الذين منعوا فتحوا معابر رفح خونة ومرتدين.وهذه الفتاوى المسلّطة على المبدعين تؤدي إلى تعميم الجهل وترسيخ الأميّة القانونية وتحول دون أنسنة الإنسان.إنها تعيد إلى الأذهان الصور الدموية الوحشية في تاريخنا: قصة جعد بن درهم في عصر الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك الذي أهدر دمه بفتوى تكفيرية فما كان من والي الكوفة خالد بن عبد القصارة  إلا أن أحضره يوم عيد الأضحى وبعد خطبة العيد نزل عن المنبر قائلا لقد اخترت أضحيتي وشحذ سكينه وذبح جعد بن درهم من الوريد إلى الوريد على مرأى الجميع.(تاريخ ابن الأثير ج 4 ص 255) ويمكن القول إنّ هذه الفتاوى تسيء إلى الإنسان وإلى الإسلام  على حدّ سواء، إن كان ذلك على المستوى الداخلي أو الخارجي. فقد ارتفع عدد المتفصّين عن الإسلام في السنوات الأخيرة، ومن بين الأسباب التي يعلّل بها بعضهم الخروج من الإسلام’ خوفهم من دين يُقهر فيه البشر ولا مجال فيه للرحمة  والإخاء والتضامن والتسامح والمودة والمرونة إنّما هو سيف مسلّط على الرقاب ‘ وخوف النساء من دين صادر فقهاؤه فيه حقّ الفتيات في التعليم والعمل وحق اختيار الزوج ….وحكموا عليهن بالوأد من جديد’ . أمّا على مستوى الخارج فإنّ هذه الفتاوى تسيء إلى الإسلام  وتساهم في صناعة صورة عن الإسلام والمسلمين تستغل في الحرب الإعلامية الطاحنة التي تفعّلها جهات متعددة وخاصة الأصولية الدينية المسيحية واليهودية التي تعيد إنتاج رؤى قديمة حول الإسلام. وممّا لاشكّ فيه أنّ هذه الفتاوى تسيء إلى ماضي حضارة عريقة أنتجت أعلاما كوّنوا مجدها (الإمام مالك والشافعي  وابن حزم والشاطبي  والطبري وابن كثير والطبرسي والفارابي والخوارزمي والغزالي وابن خلدون وابن رشد….)هي فتاوى تدعي محاكاة السلف والسير على منوالهم ولكنّها في الحقيقة تسيء إليهم خاصّة حينما تصدر عن أناس يطلقون الفتاوى ثمّ سرعان ما يتراجعون ،يضربون بشروط المفتي وضوابط الإفتاء عرض الحائط  فيساهمون بذلك في بث الفوضى من حولهم حتى قيل نحن في زمن فتاوى ( away Take ) 4- قراءة في الخلفيات   تجد أغلب الفتاوى المسيئة للإنسان لها سندا لها في المرجعية الأصولية الدينية  (يسميها البعض الوهابية، ويسميها البعض الآخر التيارات الإسلامية المتشددة /الإسلاموية المتطرفة …،)  ولئن تعددت مشاربها فإنّها تلتقي في مقصد واحد ألا وهو خدمة أهداف مشروع ‘الإسلام السياسي’ من خلال العمل على إقامة الدولة الإسلامية المنشودة وتطبيق تمثّلReprésentation) )للشريعة الشريعة الإسلامية. ولا يتسنّى تحقيق هذه الأهداف إلاّ بضرب المشروع الحداثي ونسف منظومة حقوق الإنسان فلا غرابة والحال هذه أن نتبيّن من وراء هذه الفتاوى محاولة لانتزاع صفة تميّز الإنسان عن غيره من الموجودات وهو أنّه حرّ مسؤول وقيّم على نفسه ومتحمّل تبعات أفعاله، وهو بالمفهوم الديني ‘مكلّف ‘ قبل حمل الأمانة .  وفي الوقت الذي أصبحت فيه حقوق الإنسان لغة العصر واتسعت مجالاتها بظهور الجيل الثالث لحقوق الإنسان (مثل الحق في بيئة نظيفة والحق في الماء وغيرها) بات همّ منتجي هذه الفتاوى التحريم : فتاوى تحريم الفن، فتاوى تحريم بعض الكتب تحريم التلفاز ، الهاتف الجوال،الأنترنت ، الميسانجر ، الشات ، قيادة السيارة ـ تصوير الوجه ، تحريم الكراسي والمقاعد وما أشبهها من آرائك ونحوها وتحريم التصفيق و تحريم نظام « البوفية المفتوح وتحريم أكل الزلابية ولبس التنورة وجمع شعر الرأس إلى فوق أو جمعه للخلف أو فرق شعر الرأس واستخدام المساحيق العصرية وتغيير لون الشعر ولبس البنطال والكاب وخاتم الخطوبة وفتح محلات تصفيف الشعر الكوافير النسائية ولبس القلادة التي وضع اسم الله عليها ووضع الرموش الصناعية ووضع الأظافر الصناعية والرسم على الظهر أو البطن والنقش على العضد أو الكتف على شكل تنين ولبس اللون الأبيض في الزفاف ووضع التاج على الرأس .. إلى غير ذلك وتحريم القول بدوران الأرض وتحريم لعبة كرة القدم وتحريم إهداء الزهور .وليست هذه الفتاوى إلاّ شاهدا على تجرّؤ منتج الفتوى على القول نيابة على الله ورؤيته للعالم وللكون من حوله عالم تتسع فيه دائرة الحرام في مقابل تضييق دائرة الحلال، عالم يسعي فيه رجل الدين إلى امتلاك وعي الفرد والهيمنة عليه يفرط في العسر ويتجاهل قواعد التيسير. وتصبح الفتوى من خلال الطرح الأصولي المتشدّد آلية لمقاومة التحديث الكاسح سواء كان ماديا (المنتجات الجديدة) أو فكريّا(العلمانية ،الليبرالية، النسوية، …)ولئن ظهرت الفتوى في لبوس ديني يستند إلى أقوال العلماء(ابن تيمية ،ابن قيم الجوزية…  )ويجتر فتاوى قديمة كانت وليدة بيئتها وعصرها فإنّها تخبر في الحقيقة عن عجز  أصحاب هذه الفتاوى عن مواجهة ما ترتّب عن التحوّلات الطارئة في نمط العيش والتفكير والسلوك وغيرها من المظاهر اليومية من نتائج. كما أنّها تثبت عدم قدرة هؤلاء على إنتاج حلول جذريّة للخروج من المآزق والأزمات التي تتخبّط فيها المجتمعات الإسلامية المعاصرة . وهذه الخلفية الأيديولوجية تعمل على الترويج لأنموذج للاجتماع العمراني يحلّ محلّ مشروع إرساء ‘المجتمع المدني’ قوام هذا المشروع نسف مفاهيم عديدة كمفهوم الشخصية القانونية ومفهوم  المواطنة ومفهوم الأهلية المدنية  وغيرها وتأصيل أنموذج المجتمع العشائري يتمأسس فيه التمييز بين الرجل والمرأة ،العالم والجاهل، الكبير والصغير، السيّد والعبد، المسلم وغير المسلم، الشيخ والمريد، المعلم والمتعلّم…وهكذا ينقلب الخطاب الإفتائي من مجرد إبداء رأي إلى خطاب تعبوي تحريضي. ولا تستهدف هذه الفتاوى المستندة إلى مرجعية أيديولوجية تروّج للإسلام السياسي الفرد فحسب بل هي مشروع يهدف إلى الإطاحة بدولة المؤسسات التي يحكمها الدستور والقوانين. كما أنّ بعضها يدعو إلى العصيان المدني والتمرّد على القوانين المنظّمة للعلاقات الاجتماعية وعدم الاحتكام إلى سلطة القانون  وحث الجماهير على الامتثال إلى سلطة المفتي. ونظرا إلى ‘عولمة هذه الفتاوى’ فإنّ عدوى تسريب مثل هذه الأفكار تتجاوز الرقعة الجغرافية التي صدرت فيها. فما معنى أن يفتي مفتي مصري أو سعودي بأنّ من حقّ التونسي أن يعدّد الزوجات وأنّ الزواج العرفي حلّ من بين الحلول المقترحة في ظلّ دولة لا تعمل بالشرع؟  بل ما معنى أن يفتي مفتي تونسي بأنّ الطلاق يتم مشافهة ؟ وأن يفتي شيخ تونسي آخر بأنّ ضرب الزوجات يندرج في إطار التأديب في دولة تفاخرت بمنح المرأة التونسية حقوقا تجعلها أنموذجا يقتدى به؟ هذا هو المزلق الخطير الذي نواجهه اليوم حين نعمل على تجميد صيرورة تطوير القوانين ونفقد مجلات الأحوال الشخصية أو قوانين الأسرة أو المدونات فاعليتها.   ليست هذه الفتاوى في اعتقادنا، إلاّ علامة على جدل السياسي والديني ومحاولة رجل الدين أن يسترجع موقعا يضمن له الهيمنة على الجماهير وكلّ ذلك يتمّ باسم الدين. إنّه واقع يكشف عن ‘ اختطاف المشهد الثقافي وارتهانه’ وتأزّم الفكر الدينيّ وتكلّس نسغ كان من المفروض أن يؤدي إلى تجديد الاجتهاد. ولا نبالغ إن قلنا إنّنا نعيش زمن الخواء الفكري حيث يهيمن الديني على الثقافي والعلمي والسياسي وتسيطر حالة من الخوف من التفكير.          ولا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ فوراء إنتاج هذه الفتاوى مخطط يستهدف تغيير العقليات وجعلها مهيأة لقبول نمط مختلف تأسس عليه العلاقات الاجتماعية والأدوار بين الجنسين وفق منطق ارتدادي ‘نكوصي’ ، وهو ما جوّز للبعض الحديث عن ردّة المجتمعات المعاصرة وعن زمن الانحطاط العربي وعن حلول ثقافة التراجع ،وعن أزمة الرجولة التي هبّت من سباتها لتسترجع ‘الزمن الجميل’ . فإذا اعتبرنا أنّ أغلب منتجي هذه الفتاوى هم رجال فإنّ التأسيس لعودة النظام الأبوي/ البطريكي مفهوم من خلال تفكيك الفتاوى التي تروّج لثقافة كره النساء وتدعو إلى الحجر عليهن في البيوت وتصميت ‘سليطات اللسان’ صاحبات القلم اللواتي فارقن خدورهن وبتن يروجن لأفكار دخيلة على مجتمعاتنا تروم القضاء عليها وفق ‘نظرية المؤامرة.’ وليس يخفى أنّ هوامات fantasmes)) هؤلاء الرجال مجال خصب للتحليل والتفكيك . إنّ المجتمع الذي يحلم به منتجو هذه الفتاوى تقوم فيها العلاقات على الصراع والصدام والعدوانية فالكره ليس موجها للنساء فحسب بل هو كره الشيعة/ السنة والعكس بالعكس، وكره المسيحيين(وبالخصوص الأقباط  ) وكره البهائيين  وكره فئات متعددة تجسّم المغاير . إنّه مجتمع التمييز وتنميط السلوك والهيئة ونمط العيش وغيرها من مظاهر الحياة، وهو مجتمع أحادي النظرة والتفكير منغلق على ذاته يعجّ بالمتناقضات والأزمات.كما أنّه مجتمع تسود فيه علاقات التسلّط والهيمنة حيث المهيمن والمهيمن عليه.          نخلص إلى القول إنّ خلفيات هذه الفتاوى المسيئة للإنسان مركبة ومعقدة منها الأيديولوجي ومنها الاجتماعي ومنها السياسي ومنها الثقافي ومنها الفكري ومنها الديني ومنها النفسي. فبريق  الشهرة جعل المنافسة على البروز على الركح الإعلامي على أشدّها ، الكلّ يريد أن يدلي بدلوه في سياق ازداد فيه تواكل الفرد على الدعاة والشيوخ وفي زمن يستقيل فيه المرء عن مهامه ويتنازل عن حريته واستقلاليته لفائدة من احتكروا ‘النطق باسم الله’ : يقبل بعبودية الإنسان للإنسان. وهكذا تتضارب بعض الفتاوى ويشتد التوتر بين مفتي الجمهورية وشيخ الأزهر أو بين المفتي الرسمي والداعية أو بين المفتي والمفتية الكل يحرص على أن يبدو متميزا. ونذهب إلى أنّ هذه الفتاوى لا تعبّر عن قلق منتجها وتأزّمه(المؤسسة الرسمية للإفتاء والدعاة) فحسب بل هي مصورة لواقع الفرد عموما(تراجع الروحي في مقابل الإسلام الطقوسي الاستعراضي) ولواقع الأنظمة العربية التي تختار في الغالب التواطؤ النسبي باتخاذ الصمت موقفا وقبول هذه الانتهاكات في حق الإنسان. على سبيل الخاتمة هل يكفي التحليل والفضح والتشهير والتنديد بهذا الصنف من الفتاوى؟ هل يكفي نزع القداسة عن منتجي هذه الفتاوى؟ أم يجب الانتقال إلى خطوات أخرى تقوم على إطلاق دعوات إلى الرأي العامّ في شكل عرائض موجّهة إلى جمعيات حقوق الإنسان، والتعامل مع هذه الفتاوى المهينة للإنسان والمنتهكة لحقوقه من خلال الدعاوى، ونعني بذلك  اللجوء إلى القضاء لمحاسبة من اعتدوا على الكرامة الإنسانيّة  واستهزؤوا بالقوانين والمواثيق الدولية وروّجوا للعنف والإطاحة بالرؤوس وهو إجراء يسعى إلى إيجاد سابقة في مجال التشريع . هذه خطوة من بين خطوات ولكنّنا نعتقد أنّ للإعلام مسؤولية تاريخيّة يتعيّن عليه النهوض بها. فقد تجاوزنا مرحلة الشغف بالاطلاع على آخر البدع في مجال الإفتاء وملاحقة الخبر المثير وإثارة الرأي العام بمواجهة هذا المفتي بذاك الداعية .وهو ما جعل  محمد السمّاك يعتبر أن ‘العمل الإرهابي ليس شيئا في حد ذاته التشهير هو كل شيء’ . إنّ الوعي بالمزالق والانزياحات يدعو نساء الإعلام ورجاله إلى الكف عن الانسياق وراء متابعة هذه الفتاوى والترويج لها فذاك مسلك آخر نحو نسف العقلانية وسعي إلى شغل الرأي العام ب’التافه من الأمور’ . والناظر في الفضاء الافتراضي ،المدوّنات و منابر النقاش ، وبالخصوص منتديات الفايس بوكFace book) )يلحظ أنّ المواجهة  صارت وفق استراتيجية مختلفة فإزاء ثقافة الموت يتمّ الترويج لثقافة الحياة،( نصوص درويش ونزار بيرم التونسي وتميم البرغوثي وخطب الزعيم بورقيبة  وأغاني فيروز وسيد درويش ومارسال خليفة)وإزاء  الخطاب الدعوي القائم على الترهيب هناك منتج ثقافي  يكرس القيم الإنسانية(نصوص جمال البنا وأمينة نصير)ويتطلّع إلى الارتقاء بالفرد وأنسنته بالعمق. فسيفساء الأذواق وتعددية الرؤى والمرجعيات إذا استطاعت التأصل والمقاومة فإنها ستثبت  أن بالإمكان أن نلتقي جميعا حول فكرة المواطنة  التي تعمل على إرساء ثقافة التبصّر والمسؤولية والحرية لا ثقافة ضرب الوصاية وتجذير التبعيّة والتواكل والانهزامية فهل بإمكاننا أن نتصالح مع زماننا وأن نكون أبناء عصرنا نعيش داخل التاريخ لا خارجه ؟     * قدّمت الدكتورة آمال قرامي هذه المحاضرة في إطار منتدى التقدم لحزب الوحدة الشعبية يوم الجمعة 29 ماي 2009 بمقر جريدة « الوحدة ».  
 


نساء ينافسن الرجال في انتخابات بلدية بالمغرب ويتعهدن بتسيير أفضل


الرباط (رويترز) – تعلق عدد من الحقوقيات والسياسيات امالهن على الترشيحات النسائية في الانتخابات البلدية المغربية يوم 12 من يونيو الحالي متعهدات بتسيير أفضل للشان المحلي بعد أن عدل المغرب قوانينه الانتخابية ورفع من تمثيلية النساء بتخصيص لوائح اضافية لهن في خطوة غير مسبوقة. وقالت بسيمة حقاوي مرشحة عن حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل لرويترز « أنا وكيلة لائحة ما لحظته أن الناس يتعاملون معي كمرشحة بغض النظر عن جنسي لان الناس محتاجون أكثر الى من يخدم مصالحهم. » وأضافت « المغرب خطا خطوات كبيرة جدا أصبحت نسبة تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة أعلى هذا شيئ مفرح. » وارتفع عدد الترشيحات النسائية في هذه الانتخابات البلدية والمحلية التي يشارك فيها 30 حزبا سياسيا الى 15 بالمائة مقارنة مع انتخابات 2003 التي لم تتجاوز فيها النسبة 4.8 بالمائة. وبلغ عدد المرشحات 20 ألفا و458 مرشحة مقابل 5187 في الانتخابات البلدية للعام 2003. ويعتمد المغرب على نظام الاقتراع باللائحة. ويتم تخصيص لوائح جماعية تضم في أغلبها رجالا وقد تضم امرأة أو اثنتين وتكون في المدن الكبرى والمتوسطة. ويشمل نظام اللائحة اللائحة الفردية التي تقتصر على مرشح واحد لكل حزب وغالبا ما تكون في المدن الصغرى والمناطق الريفية. وأما اللوائح النسائية فلا تضم أي رجل في قائمة الترشيح. وقالت بسيمة « على المراة أن تسعى لتقديم الافضل وليس أن تقدم ما لم يستطع الرجال تقديمه. » وتأسست في العام 2006 حركة « من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء في أفق المناصفة » من طرف عشر جمعيات حقوقية وترى حقوقيات وسياسيات أنه « بالرغم من عدم تحقيق نسبة الثلث الا أنهن في الطريق الصحيح. » وقالت بسيمة « أنا أومن بالاشياء التي تأتي بالتدرج وتأخذ الوقت الكافي في النضج لانها تكون تابثة ومنظمة بينما الاشياء التي تأتي بسرعة وتحرق المراحل تكون عرضية ولا تستمر. » وقالت نزيهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية و الاسرة التضامن لرويترز » المغرب يسير بخطى عملاقة نحو تمثلية أفضل للنساء في الشأن المحلي فقد انتقلنا من 0.65 في المائة في الانتخابات السابقة الى أكثر من 10 في المائة في هذه الانتخابات. » وأضافت « بغض النظر عن الارقام الاهم هو الحركية الهائلة الموجودة في صفوف النساء في جميع مناطق البلاد اذ ما يميز انتخابات 2009 هو الدخول الوازن للنساء المرشحات وان شاء الله ينجحن كمسيرات. » واعتبرت نزهة الصقلي أن الادوار التي تلعبها المرأة في تدبير شؤون أطفالها وبيتها وأسرتها يساعدها على تدبير الشأن المحلي « اذ هناك فئات اجتماعية مرتبطة بتدبير المرأة كالاطفال والمسنين والمعاقين فليس من المعقول أن تكون المرأة حاضرة في تدبير الشأن العائلي وتغيب عن تدبير الشأن المحلي لان هذا يشكل اختلالا كبيرا على مستوى الديموقراطية المحلية. » ويفاخر المغرب بأنه سن قوانين وتشريعات تعطي للمرأة حقوقا كقانون الاسرة في العام 2004 الذي أعطى للمرأة حقوقا في الزواج والطلاق وحضانة الاطفال كما أصبح بامكان الام المغربية أن تمنح جنسيتها لاطفالها. ووصلت 10.6 في المائة من النساء المغربيات الى البرلمان في الانتخابات التشريعية للعام 2007 وتضم الحكومة الحالية سبع وزيرات في خطوة غير مسبوقة. وقالت خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان المستقلة وعضو الحركة من أجل الثلث في أفق المناصفة « كمتحدثة باسم الجمعية وعضو في الحركة من أجل الثلث أرى أن وضعية المرأة المغربية في الهيئات المنتخبة لا تزال بئيسة جدا وبعيدة عن الديموقراطية. » وأضافت لرويترز « على النساء أن يخضن نضالا مع أحزابهن من جهة لضمان تمثيلية أفضل كما يجب أن يناضلن من أجل ديمقراطية حقيقية في المغرب بشكل عام. » وقالت « النساء ينتظرن من النساء أشياء أفضل لكن لا يسمح لهن بالمشاركة الفعلية في القرار السياسي لان هذه الهيئات نفسها ليس لها سلطة أصلا. » ويرى عدد من الحقوقيين والسياسيين أن جميع السلطات مركزة في يد الملك ويطالبون ب »دستور ديموقراطي » يضمن « المساواة بين الرجل والمرأة و أن يكون الشعب هو أساس ومصدر كل السلطات. » كما يوفر للحكومة كافة السلطات التنفيذية وللبرلمان كافة الصلاحيات التشريعية وأن « يكون القضاء كسلطة وليس مجرد جهاز. » ويطالبون بضرورة « الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. » من زكية عبد النبي (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 12 جوان 2009)

بيريس: نظام الحكم في الأردن حليف لإسرائيل وإسرائيل محظوظة لوجود حدود مشتركة للبلدين


قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس إن نظام الحكم في الأردن حليف لإسرائيل وإن إسرائيل محظوظة لوجود حدود مشتركة للبلدين. وجاءت أقوال بيرس هذه خلال حفل الاستقبال الذي أقامه سفير نظام الحكم في الأردن لدى إسرائيل علي العايد بمناسبة عيد الاستقلال الثالث والستين للأردن ومرور 10 سنوات على تولي عبد الله الثاني العرش في عمان. وقال سفير نظام الحكم في الأردن لدى إسرائيل بهذه المناسبة إن حل الدولتين هو الطريقة الوحيدة لضمان إمكانية عيش إسرائيل بسلام وأمن. وبدوره شكر المنسق الأمني الأميركي الجنرال كيث دايتون، على هامش الحفل « شكر المملكة الأردنية على مساهمتها في تدريب أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أداء مهام حفظ النظام والأمن في الضفة الغربية ».  المصدر: صوت إسرائيل والتلفزيون الإسرائيلي (المصدر: موقع « صامدون » (فلسطين) بتاريخ  12 جوان 2009)  


دروس من الانتخابات الايرانية


عبد الباري عطوان تجربة الانتخابات الرئاسية التي تابعناها عبر شاشات التلفزة طوال يوم امس، تستحق منا كعرب الكثير من التأمل لاستخلاص الدروس والعبر، ومعرفة الاسباب التي جعلت من ايران قوة اقليمية عظمى مرهوبة الجانب من الدول الكبرى، بينما نحن العرب نحتل مكانة متدنية في دوائر التأثير السياسي والعسكري في المعادلات الدولية. اكثر من 70 بالمئة من اصل 46 مليون ناخب ايراني توجهوا الى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس المقبل، اصطفوا في طوابير بهدوء انتظارا لدورهم للادلاء بأصواتهم دون تسجيل اي مخالفة، او حادثة تعكر الاجواء الامنية. اثناء الحملات الانتخابية شاهدنا المرشحين الاربعة يتواجهون امام عدسات التلفزة، يشرحون برامجهم الانتخابية، ويدافعون عن سياساتهم، ويتبادلون الاتهامات، ويردون على اسئلة المذيع المحرجة دون اي تردد، في سابقة لم نر لها مثيلا الا في الانتخابات الرئاسية الامريكية. ندرك جيدا ان الانتخابات الايرانية تخضع لمعايير مختلفة عن معايير نظيراتها في العالم الغربي، وان اللجنة المختصة بالحفاظ على الدستور هي التي ‘تغربل’ المرشحين للرئاسة، وتختار عددا قليلا منهم يجب ان تتوفر فيهم صفات محددة مثل الانتماء الى المذهب الشيعي، والايمان بقيم الثورة الخمينية، وولاية الفقيه، والتمسك بنظام الملالي، ولكن علينا في الوقت نفسه، ان نتابع مدى تطور العملية الانتخابية في السنوات الاخيرة، واتساع دائرة المشاركة الشعبية فيها، وتعرض المرشحين للرئاسة للمرشد العام بالنقد وعدم الحياد ولسياسات الرئيس بالتفنيد بل واتهامه بالغوغائية، وتدمير سمعة البلاد وتعريضها للعزلة الدولية، واغراقها في ازمات اقتصادية طاحنة ادت الى زيادة نسبة التضخم الى اكثر من عشرين في المئة وتفاقم معدلات البطالة. هذا النموذج الديمقراطي ورغم تحفظاتنا على بعض جوانبه، غير موجود في الغالبية الساحقة من دولنا العربية، والكبرى منها على وجه الخصوص، نقولها وفي قلوبنا حسرة على اوضاعنا المتدهورة، واموالنا المنهوبة، وحقوقنا الوطنية والانسانية المهدورة. لا نستغرب، ولن نستبعد، ان نتعرض لحملة شرسة من قبل البعض المتأثر بعمليات ‘الشيطنة’ المكثفة التي تمارسها حاليا الاوساط الاعلامية التابعة لدول محور الاعتدال ضد ايران، واحلالها محل اسرائيل كعدو اول للأمة العربية، تحت مسميات طائفية، وقومية. وعدم استغرابنا هذا يعود الى تجربتنا السابقة مع الاوساط الاعلامية نفسها، عندما ‘شيطنت’ النظام العراقي السابق العربي القومي لاطالة امد الحصار على العراق، وتسهيل مهمة القوات الامريكية في احتلاله وقتل مليونين من ابنائه، نصفهم بسبب الحصار الذي سبق الغزو، واتهمت كل من يقف في خندق الدفاع عن هذا البلد العربي بالدكتاتورية ومساندة المقابر الجماعية، والان بات هؤلاء يتباكون على العراق بعد ان طُمست هويته العربية، والتوازن الاستراتيجي الذي حققه مع ايران ويشتكون مر الشكوى من تغلغل النفوذ الايراني فيه. لسنا معجبين بايران ونظامها، كما اننا لسنا غافلين عن طموحاتها الاقليمية، ودورها في العراق حاليا، ولكننا نضرب بها مثلا لاظهار مدى تخلف امتنا العربية، وتراجع مكانتها بين الامم الاخرى، ونبين كيف ان ايران، التي خرجت مهزومة او غير منتصرة، من حرب استمرت ثماني سنوات، استطاعت، في اقل من عشرين عاما، تطوير قدرات عسكرية جبارة، ومكانة اقليمية ودولية متقدمة، وديمقراطية لا يشكك الا اصحاب الآراء المسبقة في نزاهتها. نعم هناك تجارب عربية ديمقراطية، شاهدنا انصع صورها قبل ايام في لبنان وقبلها بشهر في الكويت، واخرى جرى اجهاضها في موريتانيا، ولكن جميع هذه التجارب تأخذ مكانها في الاطراف وليس في دول المركز الفاعلة المؤثرة، مثل مصر وسورية والمملكة العربية السعودية، محور الثقل الاقتصادي والاستراتيجي والبشري في الوطن العربي. وهنا بعض الامثلة: اولا: السلطات المصرية عدلت الدستور بضغط من الحكومة الامريكية، وبما يسمح بالغاء الاستفتاء على تجديد انتخاب الرئيس، ومنافسة مرشحين من الشعب له في انتخابات من المفترض ان تكون حرة نزيهة. ما حدث ان الدكتور ايمن نور رئيس حزب الغد الذي تجرأ على منافسة الرئيس في الانتخابات، وفاز بالمرتبة الثانية، اقتيد الى السجن في تهم ملفقة، وخسر زوجته وصحته وحزبه، ولم يخرج الا مع وصول الديمقراطيين الى حكم البيت الابيض تحسبا. اما المرشحون المحتملون في الانتخابات المقبلة فقد بدأت عمليات إبعادهم وحصارهم منذ زمن بعيد، فالسيد عمرو موسى جرى ‘تصديره’ الى جامعة الدول العربية مبكرا، في ‘رشوة سياسية’ محسوبة بعناية، ولا يمر يوم دون ان نقرأ تقارير اخبارية عن مضايقة الداعية عمرو خالد من قبل النظام ومنعه من القاء محاضرات دينية في بلده، لانه يمكن ان يشكل خطرا على مرشح المستقبل جمال مبارك بسبب شعبيته. ثانيا: المملكة العربية السعودية التي تمثل الاقتصاد الاكبر عربيا، عرفت نصف انتخابات بلدية قبل اربعة اعوام. اي ان ينتخب الشعب من الرجال نصف المجالس البلدية، وتعين الحكومة النصف الثاني، وحتى هذا التطور الذي جاء بضغوط امريكية ايضا، تعرض لعملية اجهاض مؤخرا، فقد تأجلت الانتخابات البلدية التي كانت مقررة الشهر الماضي لثلاث سنوات تحت ذريعة اصلاح النظام. ثالثا: اذا كانت مصر سمحت بتعديل الدستور بما يسمح بنزول مرشحين لمنافسة الرئيس، فإن الدستور السوري مقدس لا يمس وبالتالي فهو محصن من التعديل، فما زال الرئيس هو المرشح الوحيد في استفتاء بـ’نعم’ او ‘لا’. ومن الطبيعي ان يقول الشعب ‘نعم’، ولا فرق مطلقا ان قالها او لم يقلها على أي حال. ولا يمكن ان ننسى في هذه العجالة ان هناك دولا لم تسمع بانتخابات الرئاسة مثل ليبيا، او تعدّل الدستور للسماح لرئيس مريض (الجزائر) بالترشح للانتخابات مرة ثالثة ورابعة وخامسة، ولعل احد المرشحين للرئاسة في تونس قد بزّ الجميع عندما ‘بدأ من الآخر’ مثلما يقول المثل الشعبي، وتوجه الى صناديق الاقتراع مصوتا للرئيس، معلنا الولاء له امام عدسات التلفزة. الاقبال الشعبي المكثف على صناديق الاقتراع (70′) في اكثر من مئتي الف مقر انتخابي على طول البلاد وعرضها يؤكد ان العملية الانتخابية تحظى بالحد الادنى من القبول، وان الرئيس الجديد سيملك تفويضا من القاعدة الانتخابية لتطبيق برنامجه الانتخابي الذي اوصله الى الرئاسة. القاسم المشترك للمرشحين الاربعة الابرز في الانتخابات الايرانية هو اتفاقهم على نهضة بلادهم، وتعزيز مكانتها، والدفاع عن مصالحها، وحقها في امتلاك برنامج نووي مستقل، بل وتطوير اسلحة نووية، وان اختلفوا فحول طرق الوصول الى هذه الاهداف. فايران هي الدولة الوحيدة المستقلة فعلا، ولا ترتهن في قرارها لاي جهة خارجية، ولا تمد يدها طلبا لتسول المساعدات. مرة اخرى احب ان اؤكد اننا لسنا من انصار المشروع الايراني، بقدر ما نحن محبطون من غياب المشروع العربي، بسبب تفرغ دول محور الاعتدال لقتل هذا المشروع بتعليمات امريكية واضحة وصريحة، فقد اصبح دور هذا المحور هو التخريب وليس البناء، ومساندة حروب الآخرين، ولهذا تتعاظم المشاريع غير العربية في المنطقة، وليس صدفة ان كل القوى الاقليمية العظمى الديمقراطية في المنطقة (تركيا، ايران، اسرائيل) ليست عربية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 جوان 2009)

إيران والعالم بعد الانتخابات الرئاسية

 


فواز جرجس         في البداية، لا بد من توضيح النقطة التالية: بغض النظر عمن يخرج منتصرا في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 12 من يونيو/حزيران الحالي، لا السياسة الخارجية لإيران ولا مكانتها الجيوستراتيجية ستشهدان تغيرا كبيرا. فرغم أن الرئيس هو الوجه الإنساني الذي يجسد ويمثل النظام الإسلامي الحاكم بإيران, فإنه ليس صانع القرار الأول ولا القائد الأعلى للقوات المسلحة. وفضلا عن ذلك ليس هو من يتخذ قرارات الحرب والسلم. بل إن سلطته التنفيذية تكمن في السياسات المحلية، وخاصة إدارة الاقتصاد وتأطير النقاش الأخلاقي، وتمثيل إيران في الساحة الدولية. فأكثر الشخصيات قوة وتأثيرا في إيران اليوم ليس شخصا منتخبا وإنما هو المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي، ويساعده مجلس الأمن القومي الذي يضم عشرات الزعماء السياسيين, وهؤلاء هم من يتولون معا مسؤولية صياغة السياسة الخارجية, بما في ذلك الملف النووي والعلاقات مع القوى الغربية. فهم من يضعون الخطوط العريضة لإستراتيجية إيران وسياستها الخارجية، تاركين للرئيس هامشا محدودا للمناورة يحدد من خلاله العلاقات الدولية للبلاد. ومع ذلك، فإن شخصية الرئيس وأسلوب خطابه يلعبان دورا هاما في علاقات طهران الخارجية، فإما أن يدفعا إلى تصعيد التوتر مع العالم أو إلى تخفيفه، كما ظهر جليا في الأسلوبين المتناقضين للرئيس محمود أحمدي نجاد « التصادمي » وسلفه محمد خاتمي « التصالحي » ففي حين تسببت نبرة أحمدي نجاد الاستفزازية في مزيد من القطيعة مع الدول الغربية، لقي تأكيد خاتمي على الحوار الحضاري والعيش المشترك ترحيبا حارا في العواصم الأوروبية، ناهيك عن عدد كبير من الدوائر الأميركية.  » يرى الإيرانيون أن بلدهم حقق جل أولويات سياسته الخارجية, فبعد ثلاثة عقود من العداء والمعارضة الأميركية النشطة اضطرت واشنطن أخيرا إلى الاعتراف بشرعية الجمهورية الإسلامية وبدورها كدولة محورية في المنطقة  » العلاقات مع الغرب.. الاستمرارية أيا كان الفائز في الانتخابات، فإن الاستمرارية ستكون السمة المميزة لسياسة إيران الخارجية ولبرنامجها النووي. ولا شك أن ثمة توافق في الآراء في أوساط النخبة الحاكمة، بما في ذلك الإصلاحيون والمحافظون, وقد مكن هذا التوازن والإجماع المحلي في السياسة الخارجية إيران من تحقيق أقصى ما يمكن من المصلحة الوطنية للبلاد. فالمسؤولون الإيرانيون مقتنعون بأن النهج الحالي للسياسة الخارجية لبلادهم أكسب الجمهورية الإسلامية مكانة مرموقة، واعترافا دوليا, ومما لا شك فيه أن أصدقاء وأعداء إيران معا يعترفون أنها أصبحت لاعبا أساسيا وقوة إقليمية لا يستهان بها. ويرى الإيرانيون أن بلدهم حقق جل أولويات سياسته الخارجية, فبعد ثلاثة عقود من العداء والمعارضة الأميركية النشطة اضطرت واشنطن أخيرا إلى الاعتراف بشرعية الجمهورية الإسلامية وبدورها كدولة محورية في المنطقة. فإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما, عكس إدارة سلفه بوش لا تهدف لتغيير النظام في طهران, بل تسعى إلى الانخراط في مقاربة دبلوماسية مع حكام إيران الحاليين. وقد أظهر الزعماء الإيرانيون -وخصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة- وزنهم ونفوذهم الإقليميين في العراق ولبنان وفلسطين وأفغانستان وباكستان, مما يدل على بروز هذا البلد كقوة إقليمية رائدة. ولم يجرؤ أي من المرشحين للرئاسة على التعبير عن معارضته للتوجهات الأساسية لعلاقات طهران الدولية، على الرغم من انتقاد أهم المرشحين الإصلاحيين والمحافظين للخطاب المتطرف لأحمدي نجاد لا سيما إنكاره المحرقة، الذي أجج عداوة الغرب لطهران وأثار انتقادات دولية لها. وقد تعهد كل من المرشحين الإصلاحيين، حسين موسوي ومهدي كروبي بانتهاج سياسة خارجية مع الغرب تكون مبنية على الانفراج كما أعربا عن استعدادهما للاجتماع مع الرئيس باراك أوباما إذا كان ذلك سيساعد في خدمة المصالح الوطنية الإيرانية. ومع ذلك، لم يتعهد أي منهما بالخروج عن الخطوط العريضة التي حددها المرشد الأعلى خامنئي ومجلس الأمن القومي. وردا على سؤال حول مدى استعداده للتفاوض مع الرئيس أوباما بعد أن انتقد أساليب أحمدي نجاد الاستفزازية تجاه الولايات المتحدة، قال موسوي إن نبرة أوباما التي يسمعها اليوم تبدو مختلفة, وإن إيران ستستفيد من أي علاقات سلمية وتعاونية تبنيها مع الدول الكبرى. وأضاف « لكن هذا لا يمكن أن يكون على حساب قيمنا ومبادئنا, ولن نقبل بدفع تكاليف لا تطاق مقابل هذه العلاقات » وأكد موسوي -الذي عمل رئيسا للوزراء في الفترة من 1981 إلى 1989 في ظل حكم الرئيس الإيراني آنذاك خامنئي والذي تدعمه في الأساس نخبة طهران المتعلمة- على هذا المبدأ الذي التزم به جميع الرؤساء الإيرانيين. وليس هناك ما يبعث على الاعتقاد بأن الرئيس الإيراني القادم سيكون قادرا أو مستعدا لإعادة النظر في هذا المبدأ الإستراتيجي المتجذر في السياسة الإيرانية, خاصة أنه أثبت فاعليته في نظر النخبة الحاكمة. إذ استطاعت الجمهورية الإسلامية أن تتغلب على ضغوط وتهديدات الولايات المتحدة, كما تمكنت من فرض الاعتراف بأهمية دورها، لا سيما بالنسبة إلى التحديات المستمرة في العراق وأفغانستان, فضلا عن الصراع العربي الإسرائيلي. لقد تمكنت إيران من جني ثمار حرب بوش العالمية على الإرهاب, بعد أن أطاحت هذه الحرب بنظام حركة طالبان في أفغانستان، الذي كان عدوا لدودا لطهران، وبنظام صدام حسين الذي يعتبر المنافس التاريخي لإيران في المنطقة، فحولت بذلك إدارة بوش بسرعة كبيرة, إيران إلى قوة عظمى لا ند لها في الخليج العربي. ولا شك أن غزو الولايات المتحدة وحلفائها للعراق غير ميزان القوى الاجتماعي السياسي في بغداد ومنح السلطة في هذا البلد لتحالف تتزعمه قيادة شيعية حريصة على علاقات ودية مع طهران. وبحكم مشاركتها, تمكنت إيران اليوم من أخذ مكان الولايات المتحدة باعتبارها أكثر الفاعلين تأثيرا على السياسة العراقية واستطاعت تشكيل تحالف بين معظم الفئات الاجتماعية الرائدة في هذا البلد، وخاصة الشريحة الشيعية التي تمثل نحو 50٪ من السكان، والأكراد السنة الذين يمثلون حوالي 18٪ منهم.  » امتد النفوذ السياسي الإيراني إلى أبعد بكثير من العراق, فغدت إيران اليوم تحمل راية « الممانعة » و »المقاومة » للتحالف الأميركي الإسرائيلي في الشرق الأوسط، بل استثمرت رؤوس أموال مهمة لمساعدة حركات « المقاومة » في العراق ولبنان وفلسطين  » وقد امتد النفوذ السياسي الإيراني إلى أبعد بكثير من العراق, فغدت إيران اليوم تحمل راية « الممانعة » و »المقاومة » للتحالف الأميركي الإسرائيلي في الشرق الأوسط، بل استثمرت رؤوس أموال مهمة لمساعدة حركات « المقاومة » في العراق ولبنان وفلسطين كجيش المهدي (مليشيات مقتدى الصدر) وحزب الله وحماس. وأصبحت إيران الشيعية تحظى بقبول وإشادة جزء كبير من شريحة السنة العرب والمسلمين رغم أنوف حكام بلادهم، ورغم حملة منسقة من جانب المؤيدين للغرب في الدول العربية السنية « المعتدلة » التي لم تأل جهدا في تأجيج المشاعر المعادية للشيعة (المناهضة لإيران) بين سكانها. وتحتاج الولايات المتحدة لإيران لضمان انسحاب منظم وهادئ لقواتها من العراق، كما تحتاجها لضمان سلاسة المرحلة السياسية الانتقالية التي ستلي ذلك. ويقر المسؤولون الأميركيون بضرورة المساعدة الإيرانية في تحقيق الاستقرار في أفغانستان التي مزقتها الحرب وفي الحد من الأعمال العدائية في الصراع العربي الإسرائيلي. وفي الوقت الذي بدأ فيه الموقف الأميركي الإقليمي ينحسر تنامى النفوذ الإيراني على نحو لافت مما حدا بطهران إلى رفع سقف مطالبها من إدارة أوباما. ويعتقد زعماء إيران بأن تحديهم ومثابرتهم وصبرهم مكنهم من تحقيق مكاسب سياسية وإستراتيجية لبلدهم، وأنهم وإن أبدوا استعدادهم لمقايضة تلك الأصول فإنهم يدركون قيمتها. وسواء اتفقنا أو اختلفنا فإن ما لا يقبل مجالا للشك هو أن إيران الصاعدة موجودة هنا لتبقى على مدى المستقبل المنظور. لهذه الأسباب مجتمعة لا يرجح أن يعيد الرئيس الإيراني المقبل النظر في تقييم السياسة الخارجية الإيرانية ولا في الوضع الإستراتيجي لهذا البلد, وكل ما ينبغي للمجتمع الدولي أن يتوقعه هو تغييرات طفيفة في التكتيك والأسلوب، وخاصة إذا تمكن إصلاحي مثل موسوي أو كروبي من هزيمة الرئيس الحالي المحافظ أحمدي نجاد. ويكمن سيناريو التغيير الأكثر احتمالا في الكيفية التي سيتعامل من خلالها خامنئي والنظام الإسلامي مع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تواجهها إيران (المزيد حول هذه النقطة لاحقا)، وفي ما إذا كان التقارب مع الدول الغربية سيبدو مفيدا في التغلب على المشاكل الاجتماعية الملحة لإيران. البرنامج النووي الإيراني بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال الرئيس أوباما إن حصول إيران على سلاح نووي لن يمثل تهديدا لإسرائيل والولايات المتحدة فحسب وإنما سيكون « زعزعة عميقة » لاستقرار المجتمع الدولي بأسره. وقال إنه لن يسمح للمحادثات المقترحة مع الجمهورية الإسلامية في الاستمرار إلى الأبد، إلا أن الانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران من شأنها أن تكشف ما إن كانت هناك فرصة لتحقيق تقدم في هذا الملف قبل نهاية العام. لكن إذا كان أوباما يعتقد أن انتخاب رئيس إصلاحي سيحدث تحولا في سياسة إيران النووية، فسوف يتفاجأ عندما يعلم أن لا وجود لأي فرق بين مواقف المرشحين الرئيسيين بشأن البرنامج النووي. أضف إلى ذلك أن قرار إجراء محادثات مع الولايات المتحدة هو من مسؤوليات خامنئي ومجلس الأمن القومي. والواقع أن الإيرانيين بغض النظر عن نحلهم ومذاهبهم, متفقون على أن بلادهم ينبغي أن يسمح لها بتطوير التكنولوجيا النووية والحصول على المعرفة العلمية اللازمة لتحقيق مزيد من التقدم. ورغم أن إيران حققت خطوات حاسمة في برنامجها النووي في ظل حكم أحمدي نجاد، فإن برنامجها لتخصيب اليورانيوم شهد أكبر تطور له في حقبة رئاسة سلفه محمد خاتمي, وكلا الرجلين يسعى لجعل الرأي العام يعترف له بالجميل في مسألة إحراز التقدم الأهم الذي شهدته الأنشطة النووية الإيرانية، وهو ما يعكس الإجماع الوطني في دعم هذا البرنامج. وهناك إجماع في أوساط المؤسسة السياسية الإيرانية بشأن « حقوق إيران الثابتة » في الحصول على التكنولوجيا النووية, كما عبر عن ذلك كبير مفاوضيها النوويين سابقا ورئيس برلمانها الحالي علي لاريجاني, وهو منافس لأحمدي نجاد. ولا يرجح أن تكون لدى الرئيس الإيراني القادم الإرادة ولا الرغبة في الإذعان لمطالب القوى الغربية بوقف تخصيب اليورانيوم. فالمرشد الأعلى للثورة ومجلس الأمن القومي مصممون على المضي قدما في البرنامج النووي للبلاد مهما كلف الثمن، مشددين في الوقت ذاته على أن تخصيب بلادهم اليورانيوم هو لإغراض سلمية وليس لتطوير أسلحة نووية. وقد قال الرئيس أوباما في أحدث تعليق له حول البرنامج النووي الإيراني إنه يتوقع أن يتبين له قبل نهاية العام الجاري ما إن كانت إيران تبذل « جهودا تنم عن حسن النية لتسوية الخلافات القائمة » في إطار المحادثات التي تهدف إلى إنهاء برنامجها النووي وهو ما قد يعني أن المعسكرين يتجهان نحو المواجهة وقد لا يكون ذلك بعيدا, اللهم إلا إذا أعاد النظام الإيراني النظر في القيمة الإستراتيجية لبرنامج طهران النووي.  » ما سيعرض على إيران بشأن البرنامج النووي ربما يكون ضئيلا جدا ومتأخرا للغاية، فإيران تمتلك بالفعل البنية العلمية الضرورية, والعلماء الإيرانيون في سباق مع الزمن لتحقيق اختراق نووي يضعون بموجبه العالم أمام الأمر الواقع  » ولتجنب المواجهة وإيجاد حل مقبول لهذا البرنامج, يتعين على الزعماء الغربيين أن يأخذوا معضلة الأمن التي تمثل هاجسا لنظرائهم الإيرانيين على محمل الجد. فالدافع الرئيسي للجهود الإيرانية لتطوير أنشطة نووية يكمن في البحث عن الرادع النووي اللازم لمواجهة إسرائيل النووية وللتصدي للتهديد الأميركي. فالقادة الإيرانيون يعتقدون أن امتلاك رادع نووي هو صمام أمان بقاء الجمهورية الإسلامية وهو الذي من شأنه أن يثني أميركا عن إسقاط نظامهم الحاكم على غرار ما فعلته في أفغانستان والعراق. لقد مثل غزو واحتلال العراق ناقوس خطر لزعماء النظام الإيراني, فأحسوا -وحُق لهم في ذلك- بالتهديد من جراء وجود 150 ألف جندي أميركي في باحتهم الخلفية. ولن يُتوصل إلى حل للبرنامج النووي الإيراني ما لم يكن هناك اعتراف بالمخاوف والتوجسات الإيرانية, فالتحدي الحقيقي يكمن في التصدي لهاجس الأمن في إيران وفي توفير وسائل بديلة وضمانات تغني عن السعي لامتلاك السلاح النووي. لكن ما سيعرض على إيران ربما يكون ضئيلا جدا ومتأخرا للغاية، فإيران تمتلك بالفعل البنية العلمية الضرورية وهي على وشك إزالة آخر العقبات التكنولوجية لبناء سلاح نووي. والعلماء الإيرانيون في سباق مع الزمن لتحقيق اختراق نووي يضعون بموجبه العالم أمام الأمر الواقع. الساحة المحلية وفي إيران، كما في جميع البلدان الأخرى، يبقى المحك السياسي الحقيقي في الحملات الانتخابية محليا. فعلى الرغم من عدم وجود اختلافات جوهرية تذكر بين المتنافسين على منصب الرئيس بخصوص القضايا الخارجية والسياسة النووية فإن الموضوع الذي يحظى بأكبر قدر من الجدل هو الوضع الاقتصادي, وقد جعل تذبذب سوق النفط وتراجع عائداته والأزمة المالية العالمية إيران تمر اليوم بأزمة اقتصادية عصيبة, فاقتصاد البلاد يعاني من ارتفاع معدلات التضخم ومن معدل بطالة يصل إلى 30% (حسب بيانات غير رسمية) مما يعد أحد أعلى معدلات البطالة في المنطقة، وذلك على الرغم من صادرات البلاد النفطية الضخمة. وقد أدى ما يشهده الاقتصاد الإيراني من تعثر إلى تزايد الاستياء الشعبي من حكومة أحمدي نجاد وتراجع تأييدها بين الجمهور الإيراني. وقد انتقده الإصلاحيون والمحافظون المعارضون له على حد سواء، واتهموه علنا بقضاء أغلب وقته في استفزاز إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وعدم تخصيص ما يكفي من الوقت لإصلاح اقتصاد بلاده المنهار. وقد اتهم موسوي -وهو أبرز منافسي أحمدي نجاد- الرئيس الإيراني الحالي بما سماه « توسيع نطاق الفقر تحت ذريعة العدل الإداري » وقال إن الرئيس تجاهل الاقتصاديين الذين حذروا من أن خطته لتقديم التبرعات النقدية مباشرة إلى الناس ستؤدي إلى مفاقمة التضخم وتستنزف عائدات النفط التي تمثل 70% من ميزانية الدولة. وأضاف قائلا « للأسف نعتقد إن بإمكاننا أن نحل مشاكل الفقراء من خلال التبرعات، في حين أن الذي ينبغي علينا فعله هو خلق فرص العمل وضخ المال حيثما كان الناس في حاجة إليه ».  » أيا كان المرشح الذي سيفوز في انتخابات الثاني عشر من يونيو/حزيران, فإنه سيرث أزمة اقتصادية خطيرة, وربما لجأ الرئيس الجديد إلى السياسة الخارجية كما فعل نجاد لتحويل انتباه الرأي العام عن الوضع الاقتصادي الخطير  » كما أنحى المرشح المحافظ الوحيد المنافس لأحمدي نجاد باللوم في متاعب إيران الاقتصادية على الرئيس الإيراني, وأضاف محسن رضائي -وهو القائد السابق للحرس الثوري- أنه انضم إلى المرشحين للانتخابات الرئاسية لإنقاذ البلاد من « طريق الدمار » الذي انتهجه أحمدي نجاد، مما يعد اتهاما صريحا لزميل محافظ. وقال رضائي « لا توزعوا الأموال على الشباب, بل وفروا لهم الوظائف المدرة للدخل الجيد, فالظروف الاقتصادية الراهنة تهين كرامة الإيرانيين ». وأيا كان المرشح الذي سيفوز في انتخابات الثاني عشر من يونيو/حزيران, فإنه سيرث أزمة اقتصادية خطيرة وجمهورا إيرانيا مضطربا بدأ صبره ينفد. ومن المرجح أن لا تكون الشؤون الخارجية في قائمة الأولويات, لكن ربما لجأ الرئيس الجديد إلى السياسة الخارجية كما فعل أحمدي نجاد لتحويل انتباه الرأي العام عن الوضع الاقتصادي الخطير. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 12 جوان  2009)  


الإسلاميون وأسئلة ما بعد خطاب أوباما؟


مصطفى الخلفي 2009-06-12 ثمة أسئلة كثيرة تطرح على الإسلاميين وعلاقتهم بالسياسة الأميركية في العالم والمنطقة في مرحلة ما بعد خطاب أوباما، وهي الأسئلة التي شكلت المواقف والبيانات الصادرة بعد الخطاب إجابات أولية عنها، رغم ما غلب عليها من طابع المواقف المعدة سلفا والتي لم يكن الخطاب سوى مناسبة لتكرارها مع شيء من التعديل، مع إشاعة خطاب انتظاري يعفي الذات من مسؤولية الدفع في الانتقال من الأقوال إلى الأفعال، وهو ما يفرض إعادة التفكير في الأسئلة الأساسية المرتبطة بالخطاب وما بعده. ليس غرض هذه المقالة تحليل الخطاب أو استعراض المواقف التي صدرت، وإنما التقدم نحو تقديم عناصر إطار منهجي يساعد على التفكير فيما حصل، وهو ما نعتبره مدخلا أساسيا لتجاوز حالة من المراوحة في تحليل أوباما بين النظر إليه باعتباره حدثا وتحولا في مسار السياسة الأميركية في المنطقة، أو اعتباره بمثابة خطاب يعكس استمرارية غير معلنة وبمفردات جديدة للسياسة الأميركية. والمثير أن بعض البيانات والتصريحات لم تر حرجا في الجمع بين الموقفين في نفس البيان، دون امتلاك القدرة على الحسم الواضح، فمن جهة لم تكن قادرة على تجاهل ما رأت فيه تحولا وإلا كان موقفها سكونيا لم ينتبه لما بذل من جهد في تقديم شيء ولو كان معنويا للمسلمين في العالم، ومن جهة أخرى لم تستطع تجاوز حالة اللاثقة والتي تراكمت طيلة عقود من السياسات الأميركية المنحازة والسلبية في المنطقة. الواقع أن هناك ثلاثة أسئلة جوهرية، تتيح من جهة بناء الموقف المطلوب ليس من الخطاب فقط بل وما بعده، كما يمكّن التركيب بين أجوبتها من الخروج من نفق الانتظارية الذي يقبع فيه البعض. أول هذه الأسئلة، يتعلق بفهم طبيعة التحول وتقدير مداه ومجالاته ومؤشراته، وينجم عن ذلك أسئلة فرعية تبدأ بتفسير العوامل التي أدت لحصوله، ومدى استمراريتها، وهل الأمر يتعلق بحسابات أميركية داخلية أملتها ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية والمصالح الأميركية المهددة، أم بحسابات أميركية خارجية ذات علاقة بالمقاومة التي واجهت السياسة الأميركية في العراق وأفغانستان، وحالة الممانعة الشعبية تجاه القبول بخيارات الحرب الأميركية على «الإرهاب»، فضلا عن الفشل الذريع لسياسة الحصار التي استهدفت الشعب الفلسطيني، أما وقد اجتمع فيها كل ذلك لتضاف له أزمة الضمير الأميركية التي برزت بحدة بعد انكشاف سياسات التعذيب التي انتهجت. أما ثاني الأسئلة، فيهمّ تحديد العلاقة بين التحول وشخص الرئيس الأميركي أم أنه يتجاوزه لوجود تحول متنامٍ في المؤسسة الحاكمة بمختلف أجهزتها حول الموقف من العالم الإسلامي، خاصة في ظل الطبيعة المعقدة لبنية صناعة القرار وتنفيذه في الولايات المتحدة، ويرتبط بذلك التساؤل حول مدى وجود فرصة ينبغي عدم هدرها، أم أنه مجرد موقف نتج عن توازن سياسي حرج مهدد بالانهيار في أي لحظة، كما يثير ذلك أيضاً التساؤل عن احتمالات تحول الموقف الأميركي ليصبح موقفاً يشمل مجموع العالم الغربي ككل. النوع الثالث من الأسئلة يحيلنا على ما بعد الخطاب، والعمل المطلوب لتحويل ما أعلن من نوايا ووعود إلى أفعال وبرامج عملية، ويرتبط به أيضا ما يهم مواجهة المقاومة التي بدأت تنشأ داخل وخارج أميركا للتوجهات المعلن عنها في الخطاب، ذلك أن التحول المسجل لم يتحقق بمجرد صحوة ضمير أو نتج عن مفاوضات بل نجم عن التفاعل الميداني بين السياسات الأميركية وبين مناهضيها من جهة، وفشلها في حماية وتحقيق المصالح الأميركية من جهة أخرى، وهو التفاعل الذي حكم السياسات السابقة كما سيحكم السياسات القادمة، وأي غياب عن مسرحه قد يدفع في عودة القديمة. ما سبق عينة من الأسئلة المفصلية في اللحظة الراهنة، والتي قد يساعد الانخراط في تفكيكها على تجاوز منطق التفسير التآمري الذي ينتج السلبية والانسحابية وفي الوقت نفسه تجاوز منطق التفسير بالنوايا الحسنة والذي يولد هو الآخر الارتهان لمبادرات الآخر والتحول لمجرد قطعة غيار في جهاز اشتغاله. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 جوان   2009)  

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

5 mai 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1446 du 05.05.2004  archives : www.tunisnews.net لجنة الصحافيين: دعـــوة – الصحافة الالكترونية في تونس

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.