الأربعاء، 1 فبراير 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2081 du 01.02.2006

 archives : www.tunisnews.net


كلمة: رسالة الى محمد عبو كلمة: أخبار تغني عن التعليق كلمة: دهـالـــيز الجمعية الألمانية التونسية للثقافة و الاندماج: بيان علي بن سعيد: واقع الأحزاب والتنظيمات السياسية في تونس خلال سنة 2005 خالد إبراهيم العمراوي: تونس : نعم لاستيراد الإباحية والعُري لا لاستيراد العفاف والحجاب الهادي بريك: دروس وعبر من هجرة سيد البشر
مرسل الكسيبي:الحركة الاسلامية:لامناص من تغيير الخطاب والوجوه والسياسات

فهمي هويدي: مساندة الانتفاضة الثالثة مسؤولية الجميع د. أحمد القديدي:ما اسم ساحة دمشق؟ اسمها تشرين سيدي محمد كريشان: التجربة الدنماركية

د. محمد لطف الحميري : عندما يستسمح الحاكم شعبه.. !!


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

 

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

رسالة الى محمد عبو  

آلاف العرائض ومئات البطاقات من هولندا لمساندة محمد عبـّو أطلق الفرع الهولندي لمنظمة العفو الدولية يوم 10 ديسمبر 2005 حملة من أجل إطلاق سراح 10 سجناء رأي يمثلون حالات من عشر دول تحتجز مساجين رأي في سجونها (تونس، سوريا (أطلق سراح السجين السوري وليد البنّي أيّام عيد الأضحى في بداية شهر جانفي 2006)، السودان، أريتريا، البيرو، الصين، روسيا البيضاء، تركمانستان، كوبا، بيرما) وقد اختير من تونس الأستاذ المحامي محمد عبّو السجين منذ شهر مارس 2005. وكان يوم 10 ديسمبر 2005 بمقرّ فرع العفو الدولية بأمستردام- هولندا مفتوحا لتوقيع العرائض والمناشدات لإطلاق سراحه. كما فتحت المشاركة لكلّ المهتمّين في العالم على موقع الفرع الهولندي على شبكة الإنترنت www.amnesty.nl. هذا ونظّمت حملة تحسيسيّة وجمع التوقيعات وإرسال بطاقات المساندة لعائلة سجين الرأي محمد عبّو في تونس، قامت بها فروع المنظمة في جميع أنحاء المملكة. كما نظّمت من 12 إلى 22 ديسمبر 2005 زيارات لعدد من المعاهد الثانوية في مختلف المدن الهولندية قام خلالها ممثل المجلس الوطني للحريات لطفي حيدوري بالتحسيس بقضية الأستاذ عبّو والدعوة إلى المساهمة في حملة العفو الدولية من أجل إطلاق سراحه وذلك عبر حصص بيداغوجية لمستويات مختلفة من أقسام الدراسة. وقد شملت الزيارات معاهد (Etten Leur, Barendrecht, Leiden, Amsterdam, Gouda, Eindhoven, Delft, Bleiswijk, Dongen , Utrecht) وقد اشتملت الحملة داخل المعاهد على دروس حول مفاهيم حقوق الإنسان وأوضاعها داخل الدول التي تنتهكها والتي من بينها تونس واعتبار قضيّة الأستاذ السجين محمد عبّو نموذجا لانتهاك الحقوق والحريات وغياب المحاكمة العادلة. كما نظّمت مجموعة أمنستي بمدينة أبلدورن Apeldoorn تظاهرة يوم 10 ديسمبر 2005 بمقرّ بلدية المكان لجمع التوقيعات وبطاقات المساندة التي أرسلت إلى زوجة الأستاذ عبّو وأبنائه. كما نظّم معهد النخبة في « ليدن » سهرة تنشيطية وفنّية أدارتها مجموعة من التلاميذ خصصت لدعم الحملة لفائدة السجين محمد عبّو من تونس والسجين « نيكولا ستاتكيفيتش » من روسيا البيضاء، تخلّلتها فقرة خصصت لقراءة رسالة رمزية موجّهة إلى محمد عبّو في سجنه (أنظر نص الرسالة الملحق) تلتها تلميذة ناشطة في المجموعة التلمذية للعفو الدولية بالمدينة. وأبلغ الفرع الهولندي للعفو الدولية المجلس الوطني للحريات بحصوله على آلاف التوقيعات المطالبة بإطلاق سراح محمد عبّو والتي تمّ توجيهها إلى سفارة تونس في « لاهاي » بهولندا. كما تلقّت عائلة محمد عبّو ما يزيد عن 1500 بطاقة من مختلف معاهد المدن الهولندية. رسالة الى محمد عبو، تونس السيد المحترم عبو، لقد كانت ليلة باردة عندما اتصل هاتفيا صديقك عماد. سأل ابنك إذا كنت قد وصلت المنزل. ولم تكن قد وصلت. زوجتك سامية فوجئت لأنها كانت تعتقد أنّك عند عماد. عماد قبض عليه في هذا اليوم ولكن أطلق سراحه في الحال لأنهم كانوا قد ألقوا القبض على الشخص الخطأ. كما قال. لقد اختلط عليهم الأمر لأنّ عماد كان يسوق سيارتك وأنت كنت تنتظر عماد في مقهى ويبدو أنّهم وجدوك هناك. وحسب قول زوجتك فإنّ أوراق إلقاء القبض عليك تم ترتيبها لاحقا. تاريخ إلقاء القبض عليك كان تاريخا عجيبا وهو يوم 31 سبتمبر 2004 هذا اليوم ليس له وجود. إضافة إلى أنّك كنت قد اعتقلت بتاريخ 1 مارس 2005 ولقد استغرق الوقت يومين حتى اتضح مكان تواجدك. في الأسابيع اللاحقة لم يسمح للمحامين لمدة أيّام طويلة أن يزوروك. لماذا كل هذه الاشياء الغامضة ؟ ماذا فعلت بالله عليك ؟ أنت محامي وتكتب مقالات بانتظام وأنت لا تسكت على ما يحدث . في اليوم السابق لاعتقالك ظهر مقالا منك على الانترنت، في هذا المقال أعطيت تعليقا استنكاريا عن الفساد داخل عائلة الرئيس التونسي بن علي. هل كان هذا سبب اعتقالك؟ أنت انتقدت أيضا دعوة رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون إلى لقاء قمة عن مجتمع المعلومات والذي عقد في بلدك في شهر نوفمبر الماضي. وكان الغرض من هذه القمة أن تؤدّي إلى السماح لكلّ الناس في جميع أنحاء العالم بالدخول إلى شبكة الانترنت ولكن تونس تعتبر مكانا غير طبيعي لتنظيم هذا المؤتمر . الحكومة التونسية تعطّل بانتظام السماح بالدخول الى صفحات الانترنت. إلى جانب ذلك فهي تراقب الصفحات التي يزورها التونسيّون ، ورغم ذلك لم يكن هذا الانتقاد هو السبب الرسمي لاعتقالك. لقد اتهمت بسبب مقال كنت قد كتبته منذ نصف عام سبق قارنت فيه التعذيب في السجون التونسية بالتعذيب الذي يقوم به الأمريكان في سجون أبو غريب في العراق. وعليه قد تكون قد سببت في إحداث خلل في النظام العام وأيضا سببت في إهانة القضاء. لماذا تم القاء القبض عليك بسبب هذا المقال بعد نصف عام من كتابته؟ وفيما بعد اتهمت بسبب شيء مختلف كلّيا: وهو أنّك منذ ثلاث سنوات كنت قد اعتديت بالأذى على زميل لك ، لم تتواجد أيّة أدلّة على ذلك. هل جلبوا تلك التهمة لك لكي ينزلوا بك المزيد من العقاب؟ أنت مسجون في زنزانتك وأنت تشعر بالتأكيد بالعزلة ولكن كُن على علم بأنك لست وحدك فهناك أكثر من تسعين محاميا قد سجلوا أسمائهم من أجل المرافعة عتك. هناك محامون أجانب وأيضا مراقبون كانوا حاضرين أثناء نظر قضيتك. ولكن للأسف لم تنجح هذه الجهود لم تنجح بعد. أنت لك ثلاثة اطفال ولدين وبنت. لقد قالت زوجتك أنّهم صُعقوا وكانوا خائفين عندما سمعوا عن اعتقالك . ولكنّهم الآن فخورين. كانوا يقولون أنّ السجن للمجرمين واللصوص وليس لرجال مثل أبيهم وهذا فعلا هو الواقع . أنا والكثيرون معي نرى أنّه من غير المتصور أنّ أناسا مثلك لايمكنهم التعبير عن رأيهم ولهذا سنظل نكافح من أجل إطلاق سراحك ولن ننساك.

 
(المصدر: مجلة كلمة عدد 40 )


 

أخبار تغني عن التعليق

   

سامي نصر

جريــــمة الاستنجاد برئيس الجمهوريّة

يعتبر ثلب رئيس الجمهورية جريمة يعاقب عليها القانون ويصبح الاستنجاد به جريمة يستحق فاعلها الإيقاف والملاحقة. هذا ما حصل للسيد الطاهر الحرزي والد السجينين إبراهيم وعلي. فقد وجّهت عائلات الشبان الموقوفين بمقتضى قانون « مكافحة الإرهاب » – التي تؤكّد مصادر مطلعة داخل قطاع المحامين أن عددهم بلغ بعض المئات أغلبهم متهم بالسعي إلى الالتحاق بالمقاومة العراقية – رسالة جماعية إلى رئيس الجمهورية يلفتون نظره إلى « مدى التعذيب الذي تعرّض له [الأبناء] عند البحث في مقرّات وزارة الداخلية » ويلتمسون منه إطلاق سراح أبنائهم المعتقلين في السجون التونسيّة منذ شهور.

الغريب في الأمر أن أحد أعوان السجن المدني بتونس اعتبر أن المسالة تكتسي خطورة قصوى إذ بادر يوم 5 جانفي الماضي بضبط السيد الطاهر الحرزي خلال حصة الزيارة العائلية وهو بصدد عرض الرسالة على بعض العائلات وقاده إلى إحدى مكاتب السجن حيث احتجز بعض الوقت وتم إخضاعه إلى الاستنطاق وتم تسجيل محضر في الغرض(!) من قبل ضباط إدارة السجن الذين حجزوا الرسالة ثم وقع تسليمه إلى أعوان منطقة باب سويقة أين تم استجوابه من جديد وتسجيل محضر آخر ضدّه، وأجبر على التوقيع على التزام بعدم تكرار هذه « الجريمة » مرّة أخرى كما حرم من استرجاع الرسالة التي جمع فيها 15 توقيعا.

إضرابات الجوع داخل السجون التونسية متواصلة

السجين عبد الغفار قيزة عبد الغفار قيزة المسجون ضمن ما يعرف بمجموعة جرجيس أصيب منذ أشهر بشكل خطير من مرض السلّ أحدث حسب مصادر طبية قامت بفحصه أضرارا بليغة بالرئتين مما انجرّ عنه تدهورا هاما ومزمنا على طاقته في التنفّس. تؤكد أسرته هذا الشاب أنّ مرضه نتج عن التعذيب الذي تعرض له داخل مقرات وزارة الداخلية عند اعتقاله في فيفري 2003 ونتيجة خضوعه إلى عذاب « البانو » حيث يتمّ وضع الضحية المعلقة من الساقين إلى السقف داخل إناء كبير مملوء بالفضلات البشرية أو بمواد كيميائية حارقة وذلك إلى حد الاختناق والإغماء وتجبر على ابتلاع الماء الملوث الذي يتسرّب أحيانا داخل الرئة.

عبد الغفار قيزة المولود سنة 1982 والذي يقضي في عقوبة ب13سنة يقيم حاليا بالسجن المدني بتونس داخل غرفة بها عددا من لمدخنين قرّر أن يعلّق إضراب الجوع الذي بدأه يوم 4 جانفي 2006 للتمتّع بعناية صحية لائقة بحالته وذلك بعد أن تلقّى تطمينات صريحة في هذا الصدد من قبل مدير السجن الذي التقى به خلال الأيام القليلة الماضية. وتذكّر بضرورة تخفيف مشقة التنقل عبر مسافات طويلة لزيارته وذلك بنقله إلى سجن قريب من مقر إقامتها بمدينة جرجيس في أقصى الجنوب التونسي. عبد اللطيف بوحجيلة سجين إضرابات الجوع علمنا أن السيد عبد اللطيف بوحجيلة سجين الرأي حرم من الزيارة العائلية الأسبوعية يوم الثلاثاء 24 جانفي 2005 بحكم عقوبة سلطتها عليه إدارة سجن 9 أفريل. وعبد اللطيف بوحجيلة أعلن دخوله في إضراب جوع مفتوح منذ يوم الأحد 15 جانفي 2006 للمطالبة بالتمتع بحقّه في العلاج. وتجدر الإشارة إلى أن هذا السجين يشكو من داء الربو ومن ضعف في الكلى، وكان قد أجريت عليه عملية جراحية قبل ثلاث سنوات في مستشفى شارل نيكول.
مع العلم أن السيد عبد اللطيف بوحجيلة المسجون منذ أكثر من سبع سنوات والمحكوم بـ11 عاما سجنا قد شنّ إضرابات عديدة عن الطعام لفرض احترام حقوقه كسجين رأي و يفوق مجموعها الـ927 يوما…
وليست المرة الأولى التي يحرم فيها بوحجيلة من زيارة عائلته، فقد منعت عنه لمدة شهرين متتاليين في الصائفة المنقضية. (المصدر: مجلة كلمة عدد 40 )

 
دهـالـــيز
لطفي حيدوري

جراد لايعترف بالجمعيات المحظورة

صرّح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في اجتماع للمنظمة بنزل أميلكار بتونس في 3 جانفي 2006 بأنّ التعامل سوف يكون مع « الجمعيات المعترف بها رسميا دون سواها » في معرض حديثه عن الإعداد للمنتدى الاجتماعي التونسي.
كما انتقد بعض الجمعيات والمنظمات دون أن يسمّيها وقال إنّها لايحاسبها أحد في عملها عكس الاتحاد الذي يرعى مصالح الشغالين والنقابيين ويخضع لمحاسبتهم.
وفي تعليقه على هذا الموقف قال الأستاذ فتحي الشامخي الناطق باسم راد أتاك تونس لكلمة : « يبدو أنّ هذا التصريح موجّه للسلطة في الوقت الذي تدفع فيه « السيزل » الاتحاد للمشاركة في مسارات المنتدى. » وذكّر محدّثنا بأنّ ميثاق « بورتو أليغري » الذي يمثّل أرضية المنتدى لا يقصي أيّ طرف للأسباب المذكورة في كلام عبد السلام جراد. وقال الشامخي أنّه بالنسبة إليه « لانتنازل عن حقنا فليس جراد هو الذي يسمح بالمشاركة وفي نفس الوقت يجب ملازمة الحذر وتجنّب أيّ جدل معه والدفع باتجاه انخراط الاتحاد في حركية المجتمع المدني لإنجاز المنتدى الاجتماعي التونسي لأنّ ذلك يُعدّ من مصلحة تقدم المسار وتقدم المشروع. »
والمعلوم أنّ الاتحادات الجهوية في جندوبة والمهدية والقيروان وسوسة قد نشطت في السنوات الأخيرة إلى جانب المنظمات المستقلّة دون استثناء في عدة تظاهرات حقوقية واجتماعية وخاصّة الاجتماعات التحضيرية التي عقدت إعدادا للمنتدى الاجتماعي التونسي في المنستير والقيروان والمهدية. وكان قد انعقد يوم 3 ديسمبر 2005 بالمقر المركزي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان اجتماع تحضيري شارك فيه الاتحاد العام التونسي للشغل للنظر في نسق الإعداد للمنتدى الاجتماعي المغاربي، وحضرته منظمات تونسية معترف بها وغيرها كالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات وجمعية النساء الديمقراطيات وراد أتاك تونس وجمعية النهوض بالطالب الشابي. كما شارك اتحاد الشغل ضمن الوفد التونسي ومن ضمنه المجلس الوطني للحريات غير المعترف به رسميا في المنتدى المدني بالليكسنبورغ في أفريل 2005، وحضر ممثلون عن الاتحاد في الاجتماعات التحضيرية في تونس مع سائر المنظمات.

هل تختطف نقابة الصحافيين ؟

أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في مطلع السنة الجديدة عن أولويتين يطمح لإنجازهما وتتمثل في بعث نقابة عامة للصحافيين ونقابة للمتقاعدين. ويعود آخر عهد للمنظمة الشغيلة للحديث عن نقابة الصحافيين إلى بداية التسعينات. ثمّ أُعيد طرحه بجدّية ببعث نقابة الصحافيين التونسيين على يد مجموعة من الصحافيين المستقلّين، ثمّ ترويج السلطة لمشروع اتحاد للصحافيين. وعلى إثر إفشال عقد مؤتمر نقابة الصحافيين تلقّى اتحاد الشغل في شهر سبتمبر الماضي مساءلة من السيزل حول موقفه من النقابة.
وكان ممثلون عن اتحاد الشغل قد عرضوا على مؤسسي نقابة الصحافيين التونسيين دعما كاملا مشروطا بالعمل تحت مظلّة الاتحاد وسقفه غير أنّ الحوار بين الطرفين لم يحسم في أي اتجاه. كما عبّر محررو الردّ على السيزل عن عدم علمهم باعتزام النقابة عقد مؤتمرها في السابع من شهر سبتمبر 2005.
ويخشى الصحافيّون من الانضواء في نقابة عامة تضمّ التقنيين والإداريين والعملة بما يقزّم حضورهم. لكنّ تأسيس نقابة للصحافيين باتحاد الشغل يرفع قيودا كثيرة ومخاوف كانت تحدّ من انخراط العديد منهم في نقابة مستقلّة لا تسمح السلطات وأجهزتها الأمنية بنشاطاتها إضافة إلى مضايقات مديري الصحف ورؤساء التحرير.

الورشة الثانية بالقاهرة للتدريب على مراقبة حالة حرية التعبير

انعقدت بالقاهرة أيّام 23 إلى 26 جانفي 2006 ورشة تدريبية عن مراقبة حالة حرية التعبير وتنظيم الحملات وأمن وسلامة تقنية المعلومات والاتصال. وقد نظّم هذه الورشة مركز استلام وتوزيع تنبيهات وبيانات الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير بالتعاون مع المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحرية الصحافة والمرصد الوطني لحرية الصحافة والإبداع والنشر (تونس) بدعم من مؤسسة المجتمع المفتوح- برنامج الشبكة الإعلامية.
وكانت القاهرة قد احتضنت في شهر مارس 2005 ورشة أولى مماثلة وأشرف عليها مكوّنون من خبراء عرب وأجانب.
وقد ساهمت الخبيرة القانونية بمنظمة العفو الدولية سارة حمود في ورشة هذه السنة إلى جانب كمال العبيدي مستشار إيفيكس بالمنطقة وكريستينا ستوكوود من أيفيكس وأليجا زروان عن الشبكه العربيه للمعلومات عن حقوق الانسان(هيومن رايتس ووتش سابقاً) و وُوجتك بوغص من منظمة الخط الأمامي.وشارك في الورشة نشطاء من لبنان وسوريا ومصر وتونس واليمن والكويت والبحرين والعراق.
وخلصت الورشة إلى تحديد ثلاث أولويات عاجلة للعمل بالمنطقة العربية تتمثل في :
1 – وضع حدّ لظاهرة الإفلات من العقاب في جرائم الاغتيال والاختفاء بسبب الدفاع عن حرية التعبير. 2 – إطلاق سراح سجناء الرأي وإلغاء التشريعات المخالفة للمعايير الدولية وللحق في التعبير. 3- تحرير المؤسسات الإعلامية والانترنت من سيطرة الدولية.

تفجير « الغريبة » متخلّد بذمّة القضاء التونسي

رغم تعدد ملفّات القضايا المفتوحة في إطار قانون مكافحة الإرهاب فإنّ القضيّة الوحيدة في تونس التي وصفت دوليا ومحلّيا بكونها اعتداء إرهابي لم يتمّ البتّ فيها إلى حدّ الآن رغم مرور 4 سنوات على إيقاف المشتبه في تورّطة في الحادث الذي استهدف تفجير معبد الغريبة بجربة في 11 أفريل 2002. وكان عميد قضاة التحقيق لدى محكمة تونس الابتدائية المتعهد بالقضية قد رفض قبول نيابة عميد الهيئة الوطنية للمحامين الأستاذ البشير الصيد الذي كلفته أسرة الموقوف بالدفاع عنه، و قد استظهر قاضي التحقيق المذكور بمكتوب يطلب فيه الموقوف نيابة كلّ من الأستاذين عبد الله الأحمدي و عبد العزيز الصيد دون سواهما، وهو إجراء اُعتبر أنّ الهدف منه منع إطلاع بعض المحامين على الملف.
يذكر أنّ قاضي التحقيق قد أصدر قراره في ختم البحث و أنّ النيابة العمومية طلبت الإحالة وفق فصول تنصّ على عقوبة الإعدام.
ولا تزال ملابسات ذلك الحادث الذي ذهب ضحيّته عدد من السيّاح الألمان بالإضافة إلى منفّذ التفجير غامضة. فقد صرّحت الحكومة التونسية أوّل الأمر بأنّ الحادث مجرد حادث مرور، غير أنّ وصول المحققين الألمان إلى مكان التفجير قلب المعطيات ليؤكّد فرضية الدافع الإجرامي، هذا بالإضافة إلى التحقيق مع عدد من الأشخاص في فرنسا وألمانيا.
وكان وزير الداخلية التونسي آنذاك عبد الله الكعبي قد أقيل من منصبه هو ومدير الأمن الوطني محمد علي القنزوعي إثر ظهور نتائج التحقيق الألماني.
وتتولّى مصالح فرقة أمن الدولة التونسية منذ سنتين إيقاف عشرات الشبان التونسيين على خلفية نيّتهم الالتحاق بالقتال في العراق ضد القوات الأمريكية دون أن يثبت في حقهم القيام بأيّ عمل إرهابي أو حيازة لوسائله، باستثناء محاضر استنطاق تم انتزاعها تحت التعذيب الوحشي قبل إحالة أصحابها على المحكمة بانتظار أحكام قاسية صدرت في حق بعضهم وستشهد هذه السنة عديد المحاكمات الأخرى.

إعلان 2006 سنة الرقابة في تونس:

ينتظر أن يعلن قريبا أن يكون شعار السنة الجديدة هو الرقابة. فقد قطعت كلّ الاتصالات الالكترونية عن النشطاء والجمعيات بدون استثناء في تونس منذ إضراب 18 أكتوبر، ولا تزال متواصلة إلى يومنا هذا حيث لايمكن لهؤلاء استخدام البريد الالكتروني إلاّ في مراكز الانترنت العمومية. وتتنصّل شركة الهاتف اتصالات تونس من مسؤوليتها وكذلك مزوّدي الانترنيت المعتمدين في تونس الخواص والحكوميين.
كما حجز عدد هذا الشهر من مجلة الحياة الثقافية التي تصدرها وزارة الثقافة بسبب افتتاحية أغضبت الوزير وقد يكون من تبعاتها إقالة حسن بن عثمان مدير التحرير من منصبه، وقد تولّت مصالح الوزارة نفسها مصادرة العدد من نقاط البيع.
أمّا أسبوعية أخبار الجمهورية فقد عرضت تفاصيل القضية التي ستكون لها تداعيات اجتماعية (وضع العمّال) واقتصادية (هروب المستثمرين) مدعمة بالوثائق، حول تراجع وزارة النقل عن الترخيص الذي منحته للشركة الصناعية المغاربية بالقيروان والذي يسمح بجولان عربات جديدة من نوع USUSI. وقالمدير الجريدة منصف بن مراد في افتتاحيته إنّ القرار الوزاري مخطئ وخطر على مستقبل البلاد خاصة إذا فقدت الاستثمارات الخاصة الثقة في القانون والدولة. وزادت الصحيفة فنشرت خبرا عن الزيادة المنتظرة في أسعار الخبز.
أمّا جريدة الموقف فقد تولّى البوليس السياسي وأعوان أمن بالزي الرسمي جمعها من الأكشاك، وفي العاصمة ساعدهم في المهمّة السيد الدعداع المسؤول في صحيفة لابراس.

خسائر حمادي العتروس

سوف تتكبّد الشركة المغاربية للصناعات الميكانيكية خسارة مبدئيّة بسبعة مليارات دفعتها المؤسسة للدولة عند وصول المعدّات وإخراجها من الميناء كأداء على القيمة المضافة ومعاليم ديوانية، وهو المبلغ الذي لا يمكن استرجاعه إلاّ بعد بيع الشاحنات المصنّعة. وتقول مصادرنا أنّ الأزمة يحرّكها اختلال التوازن الذي خلقته السيارات الجديدة وتضررت منه شركة فورد، ويبدو أنّ منافسي حمادي العتروس صاحب USUSI وراء الكارثة التي حلّت به.

الرقابة على الثقافة والإدارة في الحياة الثقافية

منذ تأسيس مجلة الحياة الثقافية في بداية السبعينات لم تستقرّ هيئة واحدة في إدارتها، وكانت تتشكل في الأغلب من الجامعيين الذين لهم صفة استشارية شكلية. ولم تنتظم في صدورها إلاّ بتعيين مدير التحرير الحالي حسن بن عثمان حيث حافظت على انتظامها شهريا منذ سنة 1996. وكانت المجلة قد شهدت تلك السنة أزمة مشابهة ولكن مع وزير الصحة آنذاك، أمين عام الحزب الحاكم حاليا، الهادي مهنّي. وذلك عندما رفض مدير المجلّة عفيف البوني نشر مقال لسالف الذكر رأى أنّه لا يصلح للنشر. فأقيل وألغي منصب المدير وأدمج في مهام رئيس التحرير بصيغة مدير تحرير.
ولا تتولّى هيئة التحرير مهام الرقيب في المجلة ويقوم بها غيرهم من الموظفين فقد سبق أن صودرت سنة 1998 دراسة لمحمد الصالح مولى عن الأصولية أعلن عن نشرها في أحد الأعداد. كما صودرت دراسة نقدية للطفي اليوسفي في نقد كتاب لعبد المجيد الشرفي قبل طبع المجلة…

الرقابة من جهة حقوقية

قامت إدارة المعهد العربي لحقوق الإنسان بحذف اسم السيد مراد علالة سكرتير تحرير المجلّة العربية لحقوق الإنسان التي يصدرها المعهد المذكور من قائمة هيئة التحرير في أرشيف النسخة الالكترونية من المجلّة. ويأتي هذا الإجراء غير المبررّ ضد حقوق السيد مراد علالة على إثر النزاع القائم بين مجموعة من موظفي المعهد الذين يعملون منذ أكثر من عشر سنوات ووقع طردهم تعسفيا من قبل رئيس المعهد الطيب البكوش منذ أربعة أشهر ولجوئهم إلى القضاء بعد أن لم تفلح جميع الوساطات في ثنيه عن قراره. استثناء
سقط نشاط المجلس الوطني للحريات من تظاهرات 10 ديسمبر التي غطّتها صحف المعارضة. ففي حين لم تعره أسبوعية الموقف اهتماما، ذكرت الطريق الجديد في صيغة المسند إلى المجهول أنّه « أُسندت جائزة الهاشمي العياري لحقوق الإنسان للمكتب الشرعي لجمعية القضاة ».
وكان المجلس قد أسند الجائزة السنوية لحقوق الإنسان لجمعية القضاة خلال احتفال وقع تنظيمه في مقر التكتل من أجل العمل والحريات. وفي السنة الماضية سُلّمت الجائزة في مقر رابطة حقوق الإنسان، حيث لايُسمح للمجلس بإقامة أيّة تظاهرة بمقرّه أو بأيّ فضاء عام آخر.

السلطات التونسية تبرر التعذيب ما لم يخلّف علامة عليه

ردّ مصدر رسمي مسؤول من وزارة العدل التونسية أنّه لا يوجد أيّ دليل على تعرض السجين رمزي بالطيبي إلى « معاملة قاسية » أثناء التحقيق معه في وزارة الداخلية في مارس المنقضي. واعتبر أنّ رفض المحكمة لمطلب المتهم بعرضه على الفحص الطبّي سليم لأنّه لم يكن هناك ما يدعوها للاقتناع بوجاهة مطلبه و »صدق ادعاءاته ».
وكان رمزي بالطيبي قد ألقي عليه القبض يوم 15 مارس 2004 في محلّ الانترنت الذي يشتغل به في ضاحية الكرم، وذلك في اليوم نفسه الذي قام فيه بنشر بيان تحذيري موجّه للحكومة التونسية في موقع « الإخلاص » الحواري الذي يديره. وكان قد نقله عن موقع « القلعة » الحواري أيضا. وهذا ما سجّل عليه عند استنطاقه في وزارة الداخلية وأقرّه أمام القاضي. غير أنّه لم يحاكم وفق مجلّة الصحافة (الفصول 42 أ, 43 أو44) بارتكاب جريمة نشر، بل حسب القانون الجنائي عدد 222 من أجل التهديد بما يوجب العقاب الجنائي، رغم أنّه كان مجرّد ناقل للبيان مثل أي وسيلة إعلام ولم يرتكب فعل التهديد بصفة مباشرة. وحوكم بأقصى العقوبة المنصوص عليها في القانون : بخمس سنوات سجنا وألف دينار خطيّة، خففت إلى 4 سنوات سجنا في الاستئناف.
وكان رمزي بالطيبي قد ألقي عليه القبض بعد أن ضبطته الرقابة المشدّدة المسلّطة على الانترنت ساعات قليلة بعد أن نشر البيان المذكور الذي نشرته جماعة مجهولة في موقع القلعة الحواري بعنوان « تهديد إلى الحكومة التونسية بخصوص زيارة المجرم الإرهابي شارون » بإمضاء « جماعة جند الإسلام الجهادية ».
وقد تعرض إلى تعذيب شديد ذكره أمام المحكمة التي رفضت اعتماد أقواله ورواه لعائلته مستشهدا بأسماء جلاّديه.
هذا وقد تمّ غلق محلّ الانترنت الذي كان يعمل به وحجز أجهزة الحاسوب المتوفّرة به.
كما رفضت محكمة التعقيب يوم 15 ديسمبر الماضي الطعن بالتعقيب في الحكم الاستئنافي الصادر في حقّه. (المصدر: مجلة كلمة عدد 40 )


 

تمييز بين الصحف

طلبت « الموقف » من الجامعة التونسية لكرة القدم اعتماد مراسلها القار في كندا الزميل الطيب معلى مبعوثا خاصا إلى ألمانيا لتغطية فعاليات كأس العالم لكرة القدم التي يشارك فيها منتخبنا الوطني, لكن مسؤولا في الجامعة أفادنا أن تونس تحصلت على عشرين اعتمادا من الجامعة الدولية لكرة القدم و أن « الموقف » ليست من بينها لأن الإعتمادات ستوزع على « الصحف المختصة في الرياضة ». فهل أن في تونس عشرين صحيفة رياضية ؟ و إذا كانت الصحف الأخرى التي حصلت على الإعتماد صحفا جامعة فما المانع من أن تكون من بينها صحيفة معارضة ؟ هذا و كتبت الصحيفة لكل من السيد رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم و السيد وزير الإتصال و العلاقات مع مجلسي النواب و المستشارين لإشعارهما بهذه المعاملة التمييزية و طلب تدخلهما لتمكين مبعوثها الخاص من تغطية فعاليات كأس العالم.

 
المصدر: صحيفة الموقف، العدد 343 بتاريخ 20 جانفي 2006
 


 
الجمعية الألمانية التونسية للثقافة و الاندماج بيان
نحن  في الجمعية الألمانية التونسية  للثقافة و الاندماج  من موقع الحفاظ على هويتنا ، وسعينا لتحقيق التّعايش الايجابي في المجتمع الغربي تلبية لقوله تعالى : يا أيها الناس إنا  خلقناكم من ذكر وأنثى  و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم :
1.      نرفض و نستنكر بشدة ما أقدمت عليه  إحدى الصحف الدانمركية من استهزاء و تهكّم على الدّين الإسلامي من خلال الصور المهينة للرّسول محمد عليه الصلاة و السلام. 2.      نعتبر أنّ ما حدث ليس إلاّ دعوة عنصرية  لتأجيج نار الفتنة و الكراهية بين الأديان.          و انتهاك لحرية المعتقد  و تجاوز لكلّ المواثيق الدّولية و الإنسانية التي   تنادي باحترام الأديان و حرية المعتقد و التعايش السلمي بين الناس. 3.       وهو نكسة و تراجع ممن يدعون إلى  الحرية والديمقراطية و دعوة  لنشر الفوضى بين النّاس في البلد الواحد و الاعتداء على الحق الشخصي  للأقليات المسلمة هناك و للمسلمين عامة.
وإننا  إذ نهيب بالجهود التي قامت بها العديد من الدول العربية و الاسلامية والعديد من المنظمات الدولية الاسلامية والعربية رسميا وشعبيا   ردا على هذه  الجريمة ،و التحركات الاحتجاجية التي قامت بها الشعوب المسلمة في البلدان العربية فإننا :
ندعو  الاحرار في ألمانيا  إلى:
الإنخراط في عمليّة الإحتجاج ضد هذه الهجمة  الإقصائيّة بكل الأشكال المشروعة الواسعة  ومنها الدعوة إلى مقاطعة  المنتجات الدنمركية  تكثيف الضغط على حكومة الدنمرك بإرسال الرسائل و العرائض المندّدة بمواقفها المعادية للاديان  إلى سفارتها في برلين  . ندعو المنظمات الدولية الحقوقية وكل الأحرار في العالم ممن يؤمن بالحرية الشخصية و حرية المعتقد  للتّصدي لهذه الهجمة .      ندعو الحكومة الدنمركية إلى الاعتذار رسميا عن كل ما صدر وجبر الضرر من خلال بث صورة حضارية مشرقة مقبولة صحيحة عن نبي الاسلام عليه السلام  . 
عن مكتب الجمعية الألمانية التونسية للثقافة و الاندماج                                              رشيدة النفزي  


 

واقع الأحزاب والتنظيمات السياسية في تونس خلال سنة 2005

 

علي بن سعيد*

أحزاب غير معترف بها قانونيا :

 

              وهي الاحزاب التي رفضت السلطة الاعتراف بها قانونيا على مختلف مشاربها السياسية والفكرية  رغم مماطلتها في بداية عهد بن علي وربحت الوقت معها ثم سحبت منها البساط عبر استراتيجيا محددة تقوم على ضربها بالآخر الايديولوجي والسياسي وعزل قياداتها التاريخية عبر السجن والتآمر وبث الفتنة والتفتيت والنفخ في صور أخرى لهذه التيارات ثم بررت سياسيا ضربها ومنعها من التواجد العلني والقانوني ، يقول الصادق شعبان المنظر السابق لسياسة بن علي ( الرئيس الحالي لمركز الدراسات الاستراتيجية) :  » …. منعت أحزاب تعيش من هذا بطبيعتها ، كحزب النهضة الذي هو جزء من شبكة اسلامية متطرفة وبعض الحركات القومية التي هي مكاتب وطنية لتنظيمات اقليمية ، وحزب العمال الشيوعي الذي هو بقاء روحي لعالمات شيوعية قبرت منذ عقدين ……

 » [1] بل انه يعتبر ان ما توفر  يغني عن الاعتراف بهذه الاحزاب :   » … ثمانية أحزاب اليوم يوفرها بن علي لكل النخب بعدما كان حزبا واحدا، وفكرا واحدا، وخيارا واحدا …. » [2]

           عمليا لا تزال الحركات والتنظيمات غير المعترف بها تحدث الحركية السياسية رغم تضاءل وجودها وتاثيرها لعوامل مختلفة ومتعددة … لكن كيف تتراءى هذه الاحزاب او ما بقي منها اليوم وكيف تاثرت بتطور الحياة السياسية بل بجمودها وماذا تغير في واقعها سنة 2005 ؟          

 

            على انه من الاجحاف اعتبار كل تلك الحركات في مقام واحد بل هو مناف لواقع الامر وللأوضاع الحقيقية لتلك الاحزاب كما ان تعامل هذه الاحزاب مع السلطة ومع التطورات الحاصلة خلال السنة المنقضية ليس متماثلا بالطبع.

 

1.    التيارات الاسلامية :

 

           يربط  عديد الصحافيين والسياسيين والخبراء الحركة الاسلامية التونسية بحركة النهضة التي يتزعمها السيد الغنوشي وفي ذلك مغالطة كبرى سياسيا ومنهجيا فحركة النهضة  ليست الا أكبر التمثلات السياسية للحركة الاسلامية  وهذه الاخيرة تعتبر ضاربة الجذور في تاريخ تونس المعاصر منذ بداية القرن وما قبله أيضا منذ فتح البلد ودخول الاسلام اليه.

             ورغم اشارتنا الى بعض القوى والمجموعات في اطار فقرة التيارات الاسلامية الا اننا نؤكد على أن الحركة الاسلامية هي أساسا كل فعل اسلامي ينطلق عبر عمل حركي من اجل الدين والانسان قائم على الفكر الاسلامي الوسطي المعتدل ودون حصر الدين في الزوايا او في اطار طقوس لا ترتبط  عبر التمثل الكامل للاسلام دين الشعب بالفعل اليومي الكادح  للأنسان من أجل سعادة الناس كل الناس مهما اختلفوا ، بل الارض كل الارض …. 

أ – حركة النهضة :

        

           على اثر محنة التسعينات شهدت حركة النهضة ( الجماعة الاسلامية في السبعينات والاتجاه الاسلامي في الثمانينات) ، اكبر احزاب المعارضة سياسيا وجماهيريا  تغييرات كبرى فتحولت القيادة للخارج في ما استهلكت الحياة اليومية ومراكز البوليس والسجون عناصر الداخل عبر محاصرة رهيبة ويومية وبعد طعن الجميع للنهضويين والذي تواصل الى حدود وضوح بداية افتراس آلة القمع للتيارات الاخرى بالتتالي وبداية ظهور عصابات المافيا المتنفذة ماليا وامنيا وسياسيا …

مع بداية سنة 2005  بدأت الحركة تسترجع عنفوانها السياسي عبر خروج الفرد النهضوي من حالة التخدير التي طبعته طيلة الفترة الاولى من العقد الحالي والتخلص من إطار  التسعينات ( تجنب السياسي والانخراط في الاجتماعي وملاحقة لقمة العيش وترك الساحة للغير من يساريين وقوميين وسلفيين …) خاصة بعد مغادرة عديد القياديين السجن وتواترالحديث عن حوار السلطة مع النهضة اضافة الى سقوط اجندا السلطة التونسية أمام خيارات المعارضة ( رفض الشغالين المشاركة في مجلس المستشارين – تحرك التعليم العالي – ردة فعل الشارع على دعوة شارون – التحركات الطلابية- نضالات الصحافيين والمحامين- عزل قيادة اتحاد الكتاب …..)  وبالتلي خرجت الحركة من اطار الى آخر :

 

§

                                      الاطار السابق :

1-     أي من قيادة الخارج الشابة التي لم تستطع لاسباب عدة تاطير كامل الطيف الاسلامي في المهجر ( ولا حتى الاستقطاب في صفوف المهاجرين  وتركت ذلك للتيار السلفي وخاصة في صفوف العمال المهاجرين في ايطاليا )  ولا النجاح الاعلامي ( توقف قناتي الزيتونة والرأي – عدم اصدار دوريات فكرية وسياسية ولا حتى ثقافية ،رسمية للحركة سوى اختيارا او عجزا …)  إضافة الى تواتر الانسحابات ( مرسل الكبيسي – بوعبداللبوعبدالله- …) وعدم القدرة على توجيه الداخل … إضافة الى نجاح  فرق الاشباح والانتانات الامنية للسلطة ( بلجيكيا – سويسرا – ايطاليا…) من ترصد الانشطة وبث الفتنة ومحاولة تشتيت الشمل النهضوي خاصة والاسلامي عامة .

2-     جمود الداخل والانصراف الى الحياة الاجتماعية اليومية وعدم القدرة على استعادة المبادرة  رغم الاقتناع بعدم وجود التنظيم في ظل النظام الحالي  والعجز عن فرض جملة من الخيارات والانتظار الطويل لعل الاحداث تتطور في صالح المشروع الاسلامي ككل ….والانصراف على العمل الاستقطابي في صفوف العمال والطلبة ( 400 ألف طالب السنة الحالية ….) والفلاحين الصغار…..

 

§

        الاطار الحالي :

           

حسن ادارة قيادة الحركة لعملية الالتقاء مع أطياف المعارضة ( الحزب الديمقراطي التقدمي – البوكت – التكتل – المؤتمر من أجل الجمهورية ….)  وعودة فعل عناصر الداخل اعلاميا وسياسيا وعودة الوئام الداخلي بين الاسلاميين وتطور الخطاب السياسي لقيادة الخارج وحضور الحركة الاعلامي في متابعة اليومي في تونس وحسن ادارة المعارك الاعلامية والفكرية حتى أنه نقل أخيرا                                                                                                                          عن أحد مستشاري بن علي قوله :  » …النهضة هي الطرف الوحيد الذي يمارس السياسة في البلاد… « [3]

           وتبقى حركة النهضة رغم ذلك في حاجة الى اعادة تقييم واستثمار لمسارها في المهجر من اجل الداخل ومن اجل الوطن ككل باعتبارها محركا اساسيا للشارع والدفع من اجل اعادة الثقة للمناضل الاسلامي في وجوب الحضور الفعلي والميداني عبر الوعي بتطورات الاحداث وشدة ضعف النظام وانحسار خياراته وان المعركة الحقيقية هي في بناء المرحلة المقبلة لاخراج البلد من القاع الذي اوقعها فيه حزب الدستور عبر واقعية سياسية تؤطر ما هو دولي وعربي مع نبض الشارع من اجل مصلحة الشعب وتمكينه من القدرة على الدفاع عن مصالحه ومجالاته الحيوية بغض النظر عن هوية الحزب الماسك بالسلطة.

            أما مستقبل الحركة السياسي فهو مرتبط بديناميكية القيادة التاريخية سوى الحالية او في المرحلة المقبلة عبر اعادة هيكلة المؤسسات القيادية والعلاقة بين السياسي والمجالين الدعوي والثقافي وحسن توظيف التجربة التاريخية للحركة ومسار تجربة المهجر والقدرة على دفع قيادات شابة عايشت مآسي الداخل ، الى تولي شأن الحركة في تفاعل تام مع الساحة العربية والتبني المطلق ميدانيا واستراتيجيا لمطلب وحدة المغرب العربي كخطوة أولى للوحدتين العربية والاسلامية بعد القدرة على الحضور الفعلي وسرعة التاقلم مع المستجدات في الساحة الداخلية عند أي تغيير مرحلي وظرفي للسلطة السياسية وهو قدرها الآني في احسن الحالات نتيجة امكانيات المعارضة وطبيعة فعل الشارع واوضاع إقليمية ودولية متغيرة وأعتماد نظام بن علي على مؤسسات أمنية متعددة تراقب حتى إستنشاق الهواء.

 

ب – اليسار الاسلامي  :

  

         عمليا آلت هذه التجربة ( تجربة الاسلاميين التقدميين ) الى الاندثار والتلاشي ( رغم تأكيد السيد الجورشي على عكس ذلك في أحد كتبه الأخيرة [4] وفي افتتاحية العدد الاول من نشرية المنتدى [5] ) بسبب :

§

        عدم قدرة مناضليها على التمسك بخياراتها وبسبب الاختلاف المنهجي بينهم فقد غابوا عن الساحة بغياب النهضة وتحت ضغوط المحاصرة الامنية ويقتصر نشاطهم  الحالي على تنشيط منتدى الجاحظ في اطار ضيق ونخبوي رغم تعدد المحاور والقيمة الفكرية للمحاضرات والندوات .

§

        الاختلاف السياسي الميداني فالسيد حميدة النيفر ابتعد عن السياسي واقتصر نشاطه على البحث الاكاديمي منذ مغادرته منصب مستشار لوزير التربية أما السيد صلاح الدين الجورشي فهو اقرب للعمل الحقوقي والانساني  رغم تقربه وارتباطه بمشاريع الاصلاح المفروضة من الخارج وقربه من الدوائر الغربية وبالناشط المصري سعد الديم ابراهيم وبالسيدين خميس الشماري ومحمد الشرفي والوجه الطلابي وأحد مناضلي الوطد[6] سابقا محسن مرزوق والجامعي محمد الجويلي ، أما السادة محمد القوماني ومهدي المبروك وعبدالعزيز التميمي والحبيب بوعجيلة والتوزري فقد اختاروا النضال السياسي الميداني داخل الحزب الديمقراطي التقدمي …..في حين غادر الساحة كليا آخرون لم تعد التجربة بالنسبة لهم اسوى ماض بعيد كالسيد زياد كريشان القريب اليوم  من القيادات الامنية والذي ترأس مؤتمر منزل تميم ( وهو المؤتمر الوحيد للمجموعة )    في الثمانينات بينما اختار آخرون النشاط النقابي الصرف كالسيد العربي طراد عضو جامعة الاسكان باتحاد الشغل …

§

        عدم جدية السلطة في فتح مجالات الفعل السياسي والثقافي ( محاصرة النشاط في التسعينات والهجومات الاعلامية متهمة العناصر بالولاء السري للنهضة كالسيد أنس الشابي ( مقالات جريدة الصحافة سنوات 1993-1994 و1995) – عبدالعزيز الجريدي ( مقالات سخيفة ومجانية طوال الــ 15 سنة الماضية  وتهجم على الجورشي وعلى التجربة وخاصة في مقالاته الاخيرة …. ) والصادق شعبان ( نقل عنه قوله الجميع من الاسلاميين يستحق السجن فمن لم يشارك في الفعل نظر وماذا يفعل هؤلاء انهم ينظرون في الفكر الاسلامي ….)

             عمليا رغم انتهاء التجربة الا ان بعض عناصر المجموعة قادرة على الفعل الميداني من اجل بلورة مستقبل تونس الغد في أي اطار سياسي سوى تنظيميا او فكريا لطبيعة عامل السن او التجربة الفكرية والسياسية .  

 

ب – حزب التحرير :

               وهو فعليا فرع للحزب الذي أسسه تقي الدين النبهاني في القدس سنة 1952 ، وبانتشاره في عديد الدول العربية كالعراق وسوريا ولبنان ومصر وبعض الدول الاروبية كالمانيا وبريطانيا انضم اليه عديد التونسيين ومنهم السيد محمد فاضل شطارة الذي عاد الى تونس واستقطب بعض الانصار ومنهم محمد الجربي الذي خلفه في منصب النقيب وانتشر الحزب واساسا في مدينتي قبلاط ومنزل بورقيبة وحوكم منه اكثر من 228 عنصرا بين سنوات 1983 في المحاكمة الاولى والتي عرفت محاكمة عديد العسكريين من اتباع الحزب  و1991 في المحاكمة الثانية بعد قمع ممنهج ، وكان للجنة المحلية جناح طلابي الا ان نشاطه انحصر وتوارى تماما عن الساحة التونسية رغم مغادرة قياداته وعناصره للسجون الى الحصار اليومي عبر الرقابة الادارية المتواصلة والهرسلة والتفتيت …        

 

ج – الجبهة الاسلامية :

             

وهو تيار قريب فكريا وسياسيا وتنظيميا من جبهة الانقاذ الجزائرية الا انها عمليا تفرع تاريخي وليس فكري عن الدعوة والتبليغ التونسية منذ مارس  1988 تاريخ صدور البيان التاسيسي وتكوين مجلس القيادة الذي ترأسه السيد محمد خوجة بعد أن تم تاسيس منطقة بصفاقس وأخرى بالعاصمة بينما تولى المؤسس محمد علي الحراث مسؤولية العلاقات الخارجية مما مكن عديد العناصر من المغادرة الى الجزائر ومن ثم الى بيشاور بباكستان وقد تمت محاكمة حوالي 120 عنصرا باسم الجبهة ( المقربون من الحراث وأغلبهم رواد مسجد القصر قرب سوق العصر بالعاصمة ) ،  في حين تدعي السلطة وأجهزتها الامنية أن حوالي 25 عنصرا انشقوا على الجبهة واسسوا ما يسمى بالتكفير والهجرة ، يقول شعبان في كتابه المأخوذ مضمونا من التقارير المصاغة في مخافر الداخلية التونسية :  » جماعة التكفير والهجرة انسلخت عن الجبهة الاسلامية وهي مجموعة صغيرة تشكل رافدا للنهضة وأشرف على التنظيم حسن الهرمي …… وقد حوكم أنصار الحركة وعددهم 25 …. « [7]  

         أما عمليا فمستقبل هذا التيار يتسم بالغموض من حيث أنه يصعب اعادة تشكيل الجبهة من جديد نتيجة تطور الوضع في تونس بما لا يخدم المقولات التقليدية للجبهة …

 

د- التيار السلفي : ظهر هذا التيار بمختلف تشكيلاته لعدة عوامل لعل اهمها :

§

        غياب حركة النهضة أكبر القوى السياسية في تونس والتمثل السياسي للحركة الاسلامية  والملاحقة الامنية المتواصلة لانصارها والمتعاطفين معها وجنوح عناصرها وناشطيها الى ايقاف عملية الاستقطاب اليومي ….

§

        غياب الادبيات الاسلامية وغلق الزيتونة ومحاصرة كل نفس اسلامي عبر محاصرة مظاهر التدين والزي الاسلامي عبر التضييق الدوري على النساء اللاتي يرتدينه.

§

        استراتيجية بعض القيادات الامنية التي لعبت في آواخر التسعينات ، امام فشل خطة القتل النهائي لارصدة الحركة الاسلامية وتفتيت النهضة ومن ثم احتواء التيار الاسلامي ، إذ عمدت هذه القيادات الامنية لطبيعة حقدها او اجندتها المناصبية او ماضيها السياسي المرتبط في فشله بصعود الاسلاميين  ( وطد ، طود ، بعث عراقي، بعض الناصريين)  على ابراز وخلق تيارات اسلامية تصارع النهضة وتدخلها في معارك هي في غنى عنها أصلا فتم تشجيع جملة من الادبيات وفسح مجالات لذلك ، الا ان تطور الاوضاع الدولية والاقليمية ( 11 سبتمبر وما احدثه من استقطاب للقاعدة وأحداث العراق ) خيب تلك المشاريع بل انقلبت على السلطة رأسا في علاقاتها بالملف الذي ارادت توظيفه ضد التيار الاسلامي المعتدل ( والا لماذا اغلقت السلطة بعض الملفات سنة 2003 بعد فتح تحقيقات وتعذيب عناصر ثم ترك سبيلهم ليغادر بعضهم الى خارج تونس والى العراق أساسا اضافة إلى  تورط بعض القيادات الامنية في الجهات  في مساعدة عديد العناصر في الالتحاق بالقاعدة وتلقي عمولات مالية وخدمات أمنية وتوفير اطار امني ووثائقي لذلك ، ولعل غموض ملف السيد نبيل عبيد دليل على ذلك….. )

§

        عمليا ينقسم هذا التيار الى عديد التشكيلات أقرب منه الى التنظيمات : 

1-     السلفية الجهادية : وهو التيار الذي يؤمن بافكار القاعدة ويتبنى اطروحاتها بغض النظر عن علاقاته التنظيمية بها وتنحدر عناصره من بنزرت والاحياء الشعبية بالعاصمة ( التضامن – المروج – الزهور…) وتؤمن عناصره بالنضال في اطار القومية الاسلامية والاتجاه الى العدو المباشر ثم الثانوي ، الا انه عمليا لا مستقبل لهؤلاء لطبيعة المجتمع التونسي ولطبيعة الحياة الاجتماعية الراهنة وعودة نفس الاعتدال في صفوف الشباب المتدين ومرتادي المساجد وترتبط آفاقه بفعل القاعدة على المستوى الدولي او حدوث حروب اقليمية ….. خاصة بعد فرار اهم عناصره في ديسمبر الماضي ..

2-     السلفية المهادنة : وهي اساسا بعض العناصر التي تتصف بالجبن والنفور مما هو سياسي وتتبنى بعض مقولات جماعة الدعوة والتبليغ واغلب العناصر وقع تاطيرها عبر المؤسسات الامنية والرسمية ( إدارة الشعائر الدينية …) وتتداول عناصره وثائق مشبوهة من مثل  » بطلان اجتهادات الغنوشي  » ،  » انحرافات النهضة والترابي والاخوان …  » و  » … تقلبات الغنوشي وانحرفاته …. » أما عمليا فيرتبط مستقبل هذا التيار بمستقبل السلطة الحاكمة …وتتواجد أغلب العناصر بالعاصمة ( رادس – باب الجديد …) والمنستير والقيروان .

3-     السلفية الاصلاحية : وهو تيار يلامس التيارين السابقين فكرا وممارسة واقرب الى الفكر الاخواني والمنهج السعودي في التدين ( فكر محمد عبدالوهاب وادبيات سلمان العودة وعائض القرني واساسا كتاب « لا تحزن » ويؤطر هذا التيار العديد من الطالبات ويتعاطف معه قطاع عريض من الموظفين الصغار ولعل الاقبال على بعض الكتابات في المعرض السابق للكتاب او الحضور المكثف في المعرض لانصار هذا التيار مثال على ذلك …  وينحدر المناصرون من رادس والمدينة الجديدة ومنزل بورقيبة والملاسين ومدن الجنوب الشرقي أساسا ( صفاقس – قابس – مدنين- ماطر …).

 

د – تيارات إسلامية أخرى :

 

§        جماعة الدعوة والتبليغ :

             وهو تيار اسلامي دعوي ظهر في بداية السبعينات   يؤمن بنشر الدعوة الاسلامية والتغاضي عن النشاط السياسي مما مكنها من هامش بسيط من حرية العمل في التسعينات رغم محاكمة اكثر من 65 عنصرا من انصارها في مدينة اريانة في نهاية التسعينات الا ان السلطة عادت وضايقت اغلب العناصر وعمد جهاز الاستعلامات الى اختراق وتطويع بعض العناصر رغم الاخفاق في ذلك واقعيا مما جعل ادارة الحدود والاجانب تتخذ قرارا بعدم تجديد جوازات سفر اغلب العناصر سنة 2003 .

§

        أنصار الحركة الاسلامية : وهو تيار اسلامي ظهر في منتصف التسعينات حوكم جل عناصره وأغلبهم من انصار حركة النهضة نشطوا بهذا الاسم لغياب قيادة الحركة في الداخل وبعض العناصر الاخرى مواطنين عاديين آمنوا بضرورة المساعدة المعنوية والاجتماعية لاقربائهم وجيرانهم من الاسلاميين بعد محنة 1991 …

 

§

        الشيعة في تونس :

 

              في البداية ظهروا في بداية الثمانينات وكانوا قلة ومن بينهم مبارك البعداش العضو السابق في الجماعة الاسلامية بتونس ومن اهم مناضليها في مدينة قابس والسيد التيجاني السماوي صاحب كتاب « ثم أهتديت » ، لم يتطور عددهم نتيجة للمساندة السياسية التي قدمتها الحركة للثورة الايرانية من خلال مجلة المعرفة والتظاهرات السياسية التي أقامها طلبة الحركة في الجامعة ، الا انه و نتيجة للحرب مع العراق والتحفظ على مسار الثورة الذي ابدته الحركة فقد تطور عدد المناصرين حول مؤسسة آل البيت وظهور تيار طلابي يومها باسم خط الامام ( نسبة للامام الخميني )  ثم انتشر التيار بعد محنة حركة النهضة في بداية التسعينات ودخول الاجهزة الامنية على الخط وتطور العلاقات الرسمية بين النظامين التونسي والايراني وتبادل الزيارات فاستقبلت قيادات الاجهزة الامنية عديد العناصر المتشيعة وأساسا السماوي وبعداش بعد تعيين الأخير على رأس التنظيم في تونس وتنقله المستمر الى ليبيا ( والذي يفتخردائما بأنه ساهم في غلق مكتب حركة النهضة في طهران ) والسيد السماوي على شمال افريقيا ( أستاذ التعليم التقني الذي يملك عديد العقارات وله قصر كبير ببلدية بومهل…) حتى وصل الامر الى أن قابل بن علي السيد بعداش في سنة 2004 بدون الاعلان عن ذلك رسميا ، ثم حدثت بعد ذلك جملة من التطورات فقد راجع النظام الايراني جملة من السياسات المرتبطة بالعلاقات الخارجية في آخر عهد خاتمي وبالتالي حدثت جملة من المتغيرات تولى السيد عماد الدين الحمروني المسؤولية الاولى في التيار بل أصبح يمضي باسمه عوضا عن بعداش الذي عزل قبل ذلك وقد قيل ان أحد ابناء السماوي نبه احد ضباط الحرس الثوري الايراني في لقاء بباريس ان والده ما هو الا بيدق وعميل للنظام التونسي وان لقاءات برج السدرية يحضرها ضباط امن تونسيين

( ورغم ذلك لا يزال السماوي وبعداش من الاسماء المشهورة في عديد المواقع الشيعية المعروفة والمشهورة كموقع المستبصرون ) ، يتواجد انصار التيار في احياء المنيهلة ورادس ومرناق وولايات صفاقس وجندوبة ومدنين وباجة ومازالت تربط بعض عناصره الحالية علاقات مع أجهزة الامن وأبرزهم محمد الهنشيري الذي يتعمد نقل سكناه من مكان الى آخر ويعمد للاتصال بالقيادات الوسطى النهضوية السابقة لغاية الاستمالة وهو توجه ومسار أمني تونسي معروف منذ سنوات ، لكي تفقد الحركة توازنها القيادي مستقبلا…

 

§

        الجهاد الاسلامي :  تواجد هذا التيار في منتصف الثمانينات الا انه سرعان ما غاب عن الساحة بعد اعدام النظام البورقيبي لمؤسسه الضاوي والذي سلمته السلطات السعودية يومها .

          و لم تظهر تيارات اسلامية أخرى معروفة على الساحة الا ان أجهزة الامن تدعي بوجود تيارات أخرى من مثل :

§

        حركة الشهيد التي تقول السلطة أن مؤسسها عبدالرزاق الهمامي  » المـتاثر بخطب الخميني وعرف حركته بانها تنظيم اسلامي للمقاومة الشعبية ضد النظام الطاغوتي الحاكم من أجل بناء الدولة الاسلامية …. » [8] ،

§

        شعبة الحق المؤسسة حسب رأيهم من طرف سامية المناعي  » … وهي تدعو الى التوبة والرجوع الى اليقين ويضم نساء مترددات على جامع الزيتونة ….ومن ميزة ما تدعو اليه ارتداء اللباس الاسود المسدول على كامل الوجه واليدين وحلق الرؤوس وقد حوكم 14 عنصرا من بن عروس وتونس …. » .[9] 

§

        وحركة التغيير الاجتماعي 

§

        حركة الجماعة الاسلامية  [10]   

 

2.    التيارات اليسارية :

 

أ‌-       التيارات المتفرعة عن الشعلة :

 

        

 عرف تيار الشعلة باسم اتحاد النضال الماركسي اللينيني التونسي الذي بعث سنة 1975 كنتيجة لوحدة حلقتين نشآتا مطلع سنة 1972  هما « التجمع الماركسي اللينيني التونسي و  الحلقات الماركسية اللينينية على قاعدة اتفاق كلي تقريبا حول المسائل الجوهرية السياسية والنظرية التنظيمية [11] تحوصله جملة من الوثائق اهمها :  » الثورة التونسية طبيعتها ومهامها  » و  » آفاق مشتركة للعمل » حيث تم اعتبار فكر ماوتسي تونغ  مرحلة جديدة وبالتالي تكونت كتنظيم ماوي تنخره أمراض عديدة كالدغمائية والتعصب والسكتارية ومرد هذه الامراض الى الايديولوجيا « البورجوازية الصغيرة الفلاحية » والمبنية على اساس الفردانية ومنذ انشقاقهم عن العامل التونسي ( بعضهم فقط ) استفحل هذا الغرور الفئوي والفرداني الى أن اضحى قاعدة ايديولوجية لهذه المجموعة فتفرعت عن الشعلة شيع متعددة :

 

1-                                     الوطد وتفرعاته : وهو التيار الذي تفرع عن الشعلة وركز نشاطه في الحركتين التلمذية والطالبية ورفضت قيادته في السبعينات هوية ايديلوجية معينة وهو تيار بوليسي النشأة والمسيرة ( وهذا لا ينفي صدق بعض مناضليه وانصاره في نضالهم … ) واكتفى مناصروه بالمزايدة بما يسمى بالخط الوطني الديمقراطي وبالنضال ضد الاصلاحية وبــ  » الارض لمن يفلحها  » بل والحديث المتواتر عن الفلاحين ومنذ بداية الثمانينات ارتبطت تحركات قيادته باجندا السلطة بعد وصول قيادته التاريخية الى مسؤوليات كبرى في أجهزة الدولة ( رؤساء فرق أمنية مركزية – رؤساء مناطق الشرطة والحرس – بعض مصالح وزارة التربية – نقابتي الثانوي والابتدائي – لجان التفكير والدراسات ….) بل أن السيد نجيب الشابي يؤكد في تقييماته لتاريخ اليسار الماركسي أنه لا وجود لتيار يدعى الوطد بل أنهم صناعة تاريخية للسلطة البورقيبية …. غاب تيار الوطج الجناح الطلابي للوطد واحدى تشكيلاتهم عن الساحة الجامعية منذ سنة 1994 ولم يعلن عن عودته الا في سنة 2000 من أهم رموزهم التاريخية النوري بالضياف – محمد سفيان بن فرحات ( الموظف السامي باحد الوزارات حاليا ) ومحمد الناصر و زهير الذوادي ورضا لينين الذي انضم للتجمع منذ سنة 1993 وشكري بلعيد الذي ظهر على الساحة من جديد ومحسن مرزوق المقرب حاليا من الدوائر الاكاديمية الغربية والقاضي حاليا محرز الهمامي الذي ترشح باسمهم في انتخابات المجلس العلمية سنة 1982 في حقوق تونس …

             عمليا تضاءل هذا التيار بتفرعاته المختلفة رغم تاريخه التآمري على القوى السياسية وعلى الاسلاميين أساسا…  وبالتالي لا مستقبل سياسي ينتظره في تونس اللهم الا دور أمني محدد….

      

2-                       لجان المبادرة :  والذين تحولوا عمليا الى تيار نقابي والنضال من اجل وضع مريح داخل اتحاد الشغل وهو تيار مبني على الزعامات ومنقاد بنظرية الصراع الخطي الماوية ولا يختلف هؤلاء عن القوميين وهم اقرب اليهم فكريا لكنهم يبنون تحالفاتهم والنقابية أساسا على تطورات القضية الفلسطينية مما جعلهم في بداية التسعينات يتحالفون مع حركة النهضة ( نتيجة المسار النضالي لحركة حماس الفلسطينية … )  والاسلاميين في الجامعة عبر جناحهم في الجامعة المعروف بالمود ( مناضلون وطنيون ديمقراطيون  والذين التحقوا يومها بالاتحاد العام التونسي للطلبة في المؤتمر الرابع سنة 1990 ) رغم انهم كانوا الطرف الذي ساهم في انجاز المؤتمر 18 للاتحاد العام لطلبة تونس . ولقد تمت محاكمة الكحلاوي سنة 1994 مع جملة من رفاقه وقد نقل عنه قوله في بداية سنة 2003 أن السلطة في تونس قوية ولابد من التفاوض معها في حين صوت ممثلهم في الهيئة الادارية لاتحاد الشغل  ضد مساندة بن علي في الانتخابات الرئاسية الفارطة مع رفضهم ضمنيا لحركة 18 أكتوبر …

         يرتبط مسار هذا التيار بمستقبل الحركة النقابية في تونس وتطور فعلها النقابي وطبيعة علاقتها بالسلطة الحالية …….    

 

ب‌-                حزب العمال الشيوعي التونسي  :

 

            هو تواصل وقطع مع تجربة العامل التونسي ، تم تأسيسه نتيجة قراءة لتاريخ اليسار في تونس الذي فقد وجوده التنظيمي تحت وطأة الملاحقات والمحاكمات فأكد على انتماء تونس للامة العربية الواحدة واعتبر الصين دولة غير اشتراكية بل وتحريفية وبقي وفيا لخط أنور خوجة في ألبانيا ورغم عدم الاعتراف به ممن طرف نظام بن علي وايقاف صحيفته « البديل » سنة 1991  فقد افقده تحالفه غير المعلن مع السلطة مصداقيته السياسية يومذاك بسبب « استمرار تشبثه بنهجه الدغمائي وقراءته غير الدقيقة لطبيعة الحركة الاسلامية التونسية واهدافها وكذلك تقويمه غير الصائب لطبيعة سلطة السابع من نوفمبر التي استخدمته هو والمعارضة العلمانية كرصاص في مواجهة الحركة الاسلامية

… » [12] 

            أما السلطة فإنها لم تغير موقفها من الحزب واعتبرته تنظيم متطرف ، وهو ما يؤكده الوزير السابق الصادق شعبان في أحد كتبه :  » هناك حركة أخرى محظورة وهي حزب العمال الشيوعي التونسي وهي تنظيم يساري متطرف ، لا يؤمن هو الآخر بالقيم الجمهورية ويريد التــــأسيس لمجتمع دون طبقات تذوب فيه سلطة الدولة وهو لا يؤمن بالديمقراطية وسلطة الاغلبية وانما بسلطة الطبقة الكادحة لذلك لم يحصل هذا الحزب على التــــــــاشبرة القانونية للنشاط لمخالفته لقانون الأحزاب

.. »[13] ويضيف قائلا :  » وإن الاعتراف به يؤدي الى تقليص حظوظ اليسار المعتدل ، الذي تحتاج اليه الديمقراطيات جميعا …. »[14]

وفعلا سارعت السلطة الى اجراء محاكمة لعناصره القيادية ( محمد بم ساسي – حمة الهمامي – الكيلاني …) وبمجرد الافراج عن المعتقلين سنة 1996 عرف الحزب انشقاقات عدة:

1-     الحزب الاصلي الذي بقي تحت قيادة حمة الهمامي والذي رأى انه لابد من التشدد مع السلطة مع بقاء ابرز العناصر كالجامعي صالح الحمزاوي وعبدالمؤمن بلعانس …

2-     تيار الشيوعيين الديمقراطيين:  بزعامة الكيلاني المنظر السابق للحزب وانشق معه الاستاذ التوكابري ونوفل الزيادي أي جملة من مناضلي ولايتي نابل وقفصة

3-     تيار النقابيين الراديكاليين  : بزعامة الوجه الطلابي السابق الطاهر قرقورة وهو تيار مشبوه في علاقاته بالوجه الامني محمد الناصر الذي لعب ورقة الضغط على خطيبة قرقورة يومذاك باعتبارها موقوفة لديه……

 

          والحزب اليوم سري النشاط  يناصره أغلب اليساريين وصبغته التنظيمية عمودية منغلقة إذ لا يعرف المناضلون بعضهم توجد على رأس التنظيم لجنة مركزية بـــ 83 عنصرا وهيئة سياسية من 13 قياديا أما الخلايا فهي خماسية ( بطال – عامل – طالب – تلميذ – مسؤول عن منظمة ) وله جناح شبابي يعرف باسم  » إتحاد الشباب الشيوعي التونسي » والذي يضم التيار الطلابي الذي يعرف تاريخيا باسم  » النقابيون الثوريون  » و يتواجد الحزب في بعض الولايات الساحلية ( سوسة – قابس – بنزرت ) وفي العاصمة والكاف وجندوبة  وقفصة وله حضور في عديد الكليات والمعاهد ( بدأ في التقلص منذ نهاية التسعينات ) له تواجد في بعض النقابات كأساتذة الثانوي وعمال البريد وسكك الحديد والنقل رغم تقلص  حضوره  منذ محاكمة 1992 حيث خفت تواجده في المركزية النقابية وفي الجمعيات وفقد حضوره في الكليات الكبرى ….            

 

         عمليا اكتسب الحزب حضورا اعلاميا وسياسيا بعد قيادته موضوعيا لتحرك 18 اكتوبر 2005 ووقدرته على التخلص من رواسب ايام تواجد الكيلاني داخل صفوفه القيادية فاصبح حزبا سياسيا بالفعل . يقرأ التوازنات الداخلية والخارجية ويرتب اولوياته بدون تحجر فكري مما حدا بالسيد صادق شعبان أن  يقول مدعيا على الحزب :  » … قد يلجأ بعضهم الى شخصنة المنافسة ، واعتماد الشتم والكذب غالبا ما يربط علاقات ببعض رجالات الصحافة الاجانب ….. يبتعد سلوكه عن أخلاق المنافسة المعهودة سلوكيات تشوه المعارضة المؤسساتية كما تشوه سمعة الوطن كله …. تؤثر في تقييم الاجانب لديمقراطيتنا ……من امثال هذه الحركات ……..الحزب العمال الشيوعي الذي انسلخ عنه شق هام آمن بالمشاركة وبخطاب متجدد

…….. » [15].

 

          يبدو مستقبل الحزب كبيرا فهو الحزب اليساري  القادر ( مثله مثل التكتل والتقدمي )  على جمع شتات مناضلي اليسار غير المتورطين مع السلطة والمبدئيين لواقعيته السياسية ونضالية عناصره وحضوره الفكري ووضوح خطه الايديولوجي والديناميكية السياسية للقيادة الحالية وطبيعة علاقاته السياسية في الخارج .

 

ت‌-   تيارات يسارية أخرى :

 

§

                                         الشيوعيون الثوريون : تنظيم تروتسكي محدود الحركة ، نشط في بعض الكليات ( 9 أفريل ، كلية الآداب منوبة ، الحقوق …..) ولهم امتداد في عديد النقابات تمت محاكمة 13 عنصرا من التنظيم في اواسط التسعينات…رغم التحاق عديد التروتسكيين بالسلطة كالسيد منصف قوجة بينما رفض البعض ذلك كالسيد جلبار النقاش القيادي السابق لآفاق والعامل التونسي ……

§

                                         الشيوعين الديمقراطيون : وهم انصار محمد الكيلاني الذين خرجوا معه من حزب العمال وهو تيار ضعيف عددا وحضورا سياسيا له حضور طلابي من خلال الامين العام عزالدين زعتور الذي روج عنه انه سلم جزء من اموال المنظمة الطلابية للتنظيم  ، كما انه تيار غير مبدئي في تحالفاته  يصدر كراسات دورية تقدم قراءات في مستجدات الاحداث ……

§

                                        الحزب الوطني الديمقراطي : هو احد تمثلات العائلة الوطنية والمعروفة بالشود( شيوعيون وطنيون ديمقراطيون ) على أن للمسألة بعد تكتيكي لبعض زعماء الوطد لمسألة بناء الحركة الديمقراطية ( أي منطق لا ندفع معكم  لكننا نلتحق حسب الظرف وفي صورة نجاح المسار …) ، وبعد آخر زعاماتي وشخصي للسيد عبدالرزاق الهمامي أحد الوجوه المنظرة تاريخيا في تيار الوطد …..أما مستقبل الحزب فهو مرتبط بطبيعة زواج القيادة التاريخية للوطد بالسلطة الحالية ومستقبل هذه الاخيرة من عدمه حيث يعتقد بعض أولئك انهم الورثاء الطبيعيين لبن علي بعد ان خدموه طويلا ونتيجة حتمية لسقوطه القريب حسب رأيهم وتحاليلهم …

§

                                         حزب الخضر : عمليا هو تيار يساري ومجموعة من مناضلي اليسار الماركسي الذين لم يتموقعوا داخل احد التنظيمات اليسارية الموجودة على الساحة وبالتالي ركبوا ساحة البيئة وهو احد عناصر التحالف اليساري المشكل اخيرا من التجديد والشود ومجموعة الكيلاني ……

  

 التيارات القومية :

 

            بعد تشكيل الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من طرف السلطة وإعلانه كتنظيم يتبنى الفكر القومي في نوفمبر 1988  ويطرح عبر مؤسسه التجمعي سابقا السيد التليلي جمع شمل الحركات القومية في تونس ونتيجة لمفاوضات متعددة التحق عديد المناضلين السابقين بتنظيمات قومية بينما ظل البعض الآخر رافضا لهذا الحزب الجديد ومحافظا على الاشكال التنظيمية السابقة رغم ان البعض الآخر التحق سنة 1994 ( بعض العصمتيين والقادة التاريخيين لحركة الوحدويون الاحرار والجبهة القومية التقدمية لتحرير تونس وبعض مناضلي اللجان الثورية التونسية … )  ومن هذه التنظيمات : 

 

أ – الوحدويون الناصريون :

         

              وهو تواصل لــ » التجمع الديمقراطي الوحدوي الناصري » والذي بدوره بديل عن

 » حركة التجمع القومي العربي » التي اسسها الصيد سنة 1981 ، اذ عرف الحزب في بداية التسعينات مشاكل عديدة بعد ايقاف وسجن الصيد نتيجة وجوده في طور النشوء انذاك مما عرضه للاندثار الكامل واقعيا ( انسحاب السيد الحبيب المخ وآخرون بعد انسحاب السيد محمد الهادي الوسلاتي منذ التأسيس ) الا ان السيد الصيد عاود لم الشتات بعد التحاق بعض عناصر التيار الطلابي الناصري « الطلبة العرب التقدميون الوحدويون »، وبعد امضاء بيانين باسم  : « الناصريون – تونس » ومنذ احداث مارس 2005 ( ردة فعل الشارع التونسي على دعوة شارون ) أصبح الامضاء هو  « الوحدويون الناصريون – تونس » ، على أن بعض الناصريون رفضوا دخول هذا الحزب نتيجة جملة من العوامل :

§

      البعض تمسك بالتنظيم الناصري خارج اطار حزب الصيد ، وانقسمت العناصر الطلابية المعروفة بميولاتها الناصرية الى مؤيد للصيد وآخر مناوئ له …. رغم حضور بعض الناصريين في قيادة نقابة التعليم الثانوي ( لسعد اليعقوبي وزهير المغزاوي وغيرهم …….) .

§

      البعض لا يؤمن بتشكل الناصريين داخل حزب بعينه وآمن بالتواجد في أحزاب أخرى

( الوحدوي – الوحدة الشعبية – الديمقراطيين الاشتراكيين …) . 

§

      البعض اعتزل السياسة وآمن بالتواجد الفعلي في المرحلة الراهنة بمؤسسلت الدولة والاصراف لمصالحه الخاصة …

             لقد خيب الناصريون في تونس امل النخبة السياسية وامل الجماهير بل امل انصارهم فهم يغيبون عن ساحة الفعل السياسي الداخلي ولا يتواجدون الا في ظل نضال قومي كما لم يقدموا قراءة تقييمية ، لا لمسارهم التاريخي ( التنظيم الحزبي – العمل النقابي – العلاقة بالنظام الليبي – العلاقة مع التنظيمات الناصرية العربية….  ) ولا للاحداث المستجدة ولا شكلوا ورقة ضغط على السلطة السياسية عبر تأسيس حزب قوي يتبنى جملة من المطالب الداخلية اضافة لاختلافهم حول اسس التحالف مع الاسلاميين ……

          عمليا يصعب جمع شتات الناصريين في تونس وبالتالي فمستقبل التيار الناصري لن يكون واضحا من الناحية الاستشرافية كما لن يكون في اطار « الوحدويون الناصريون » للطبيعة لقيادية للسيد البشير الصيد ( وهو ما يراه رفيقه السابق ثابت قويدر الذي رفض التصويت له في انتخابات العمادة ) وقد يعمد بعض الناصريين في ظرف سياسي مناسب الى تاسيس تيار ناصري قادر على الاستقطاب واخراج التيار القومي الناصري من حالة الركود والتقوقع والانتظارية …. 

 

ب – البعثيون :

          

            بعد سقوط النظام العراقي السابق تلاشى حضور البعثيين في تونس وغابوا عن الساحة تماما رغم ان ذلك حدث منذ التسعينات ويتشكل البعثيون اليوم :

§

                          حركة البعث – تنظيم تونس : والتي يقودها اليوم السيد الهادي المثلوثي على ان الامضاء في بعض الاحيان يقع تحت لافتتة  » حزب البعث العربي الاشتراكي – تونس  » شارك بعض مناضليها في التحركات ضد زيارة شارون وتمت محلكمة السيد المثلوثي بعد كتابته لمقال  » لا للتطبيع والمطبعين  » ( ضد مشاركة وفد صهيوني في اجتماعات الجمعيات الجغرافية العالمية سنة 2008 بتونس ) الا ان القضية حفظت بشكل سريع ، وكانت حركة البعث  شهدت مقتل امينين عامين في الثمانينات  ( الصادق الهيشري سنة 1985– فوزي السنوسي سنة 1988 ) واستقالة عفيف البوني وتحوله للحزب الحاكم سنة 1991 ( يعاني حاليا أزماته المالية بعد افلاس مشاريعه الاقتصادية والمطبات التي اوقعته فيها السلطة بعد أن وعدته بتولي حقيبة وزارة الثقافة ) ومغادرة الامين العام الرابع السيد المبروك المنصوري للاقامة في سوريا…..

 

§

                        البعثيون السوريون :

 

               لا يتشكل هؤلاء في تنظيم بعينه انما ينتمون في احزاب اخرى ( الحزب الديمقراطي التقدمي – الوحدوي – حزب الوحدة الشعبية …..) ومن ابرز الوجوه البعثية التونسية القريبة من سوريا المناضل القومي الدكتور محمد صالح الهرماسي والجامعي التهامي العمدوني الرئيس الحالي لاحد الجامعات السورية والصديق الشخصي للرئيس الراحل حافظ الاسد …..

 

§

                        بعثيون عراقيون :

 

              يتواجد هؤلاء في مؤسسات الدولة بدون الانتظام الحزبي فالسيد عياض الودرني ( الوزير مدير الديوان الرئاسي ) معروف بميولاته البعثية تاريخيا وكذلك السيد سعيد ناصر رمضان اضافة للسيد علي الحمروني ، والميداني بن صالح الذي خدم بن علي اكثر مما خدم حزب البعث ( استقال منه رسميا في افريل 1980 ) إضافة الى العديد من القيادات العسكرية والامنية والرؤساء المديرين العامين ومستشاري الوزارات ….        

 

ج – اللجان الثورية :

         

              نشطت هذه الحركة أساسا بمدن الجنوب التونسي ( بن قردان – جرجيس – الحامة) وبن عروس ايضا ، يتمتع التنظيم بدعم كامل من النظام الليبي ولم يتجاوز نشاطها يومها اصدار بعض البيانات من حين إلـى آخر ، قاد التنظيم السيد صالح التايب ( موظف بصندوق الحيطة الاجتماعية بمدنين ) في حين تولى العمل العلني والاعلامي السيد الماطري ،الا ان حرب الخليج ومستجداتها وموقف العقيد يومها الذي لم يستسغه الشارع التونسي حدت من شعبية التيار داخل الصف القومي في تونس .

           وقد تمت محاكمة بعضهم سنة 1993 ( أكثر من 37 عنصرا ….. )  الا انه بسرعة وقع حفظ القضية بعد تدخل العقيد الليبي وتوسط السيد التليلي الذي ضمن دخول بعض العناصر الى الحزب ( مناضلي قابس – الحامة )  مم مكن العناصر من العودة الى وظائفهم  ، أما عمليا فقد جمدوا نشاطهم ويعتبرون البشير الصيد تمثلهم السياسي رغم الاختلاف معه سابقا ورغم التحاقهم بكل من الوحدوي والديمقراطيين الاشتراكيين حيث دخلت اهم عناصر التنظيم الى المجلس البلدية في الجنوب عبر لافتة الديمقراطيين الاشتراكيين …..

 

د- تيارات قومية أخرى :

 

              عمليا تتواجد في تونس عديد التيارات القومية الاخرى ولكن تقلص حضورها السياسي وتأثيرها في الاحداث والمسار السياسي بالبلاد من مثل  حركة طلائع الوحدة  التي أسسها وقادها السيد عبدالرحمان الهاني والد الصحفي زياد الهاني الذي كان عضوا في قيادتها … وهي الحركة التي رفضت الدخول في الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ….

 

3.     التيارات الليبرالية  :

 

§

        التجمع المغاربي الموحد : يرتكز الحزب حسب تصريح أهم مؤسسيه على  » العناية بالاقتصاد والسياسة الليبرالية وهو حزب مستقبلي له بدائل في مجالات مختلفة بامكانها تطوير الحياة السياسية والاقتصادية عندنا ….. »[16] ولقد قدم ملفا للحصول على التاشيرة في مناسبتين ……

§

        حزب العمل والعدالة : وهو حزب نشطه في بداية التسعينات النقابي السابق التيجاني عبيد وبرغم نشاطه الكبير على المستوى الاعلامي بالخصوص الا ان الحزب لم يحقق الانتشار على الساحة يومها ( بداية التسعينات …)

§

        الحزب الليبرالي المتوسطي : وهو الحزب الذي تقوده نائلة حشيشة شرشور وهي المرأة التي هاجمتها الصحافة الناعقة أخيرا ( الحدث – الشروق – الصريح …) نتيجة تصريحاتها في واشنطن …..

 

·

        كاتب وباحث تونسي  


[1]  الصادق شعبان  » من ديمقراطية المعتقدات الى ديمقراطية البرامج ، البناء الديمقراطي في تونس  » الدار العربية للكتاب ، ص 78

[2]  نفس المصدر ص 108 .

[3]  في اطار تقييم انعقاد قمة المعلومات بتونس وما ترتب عن تحرك 18 اكتوبر 2005 .

[4]  الاسلاميون التقدميون ، صلاح الدين الجورشي ، مصر 2003 طبع مركز بن خلدون

[5]  رفضت السلطة عبر إدارة الشؤون السياسية ، السماح بنشرها وأجرت بحثا امنيا للسيد الجورشي التزم من خلاله بعدم نشرها . 

[6]  مقرب حاليا من مراكز الدراسات الامريكية وينوي بعث منتدى الكواكبي بتونس .

[7] الصادق شعبان ، بن علي والطريق الى التعددية  ، دار سيراس للنشر ،  ص 52 الهامش 44 .

[8] الصادق شعبان ، بن علي والطريق الى التعددية  ، ص 52 الهامش 47.

[9]  نفس المصدر الهامش عدد 48 .

[10]  نفس المصدر ص 52 ، الهوامش 42 و 43 .

[11]    لمزيد الاطلاع  أنظر محمد الكيلاني ، الحركة الشيوعية في تونس 1920-1985  والحبيب القزدعلي تاريخ الحركة الشيوعية التونسية ، منشورات كلية الآداب ….

[12]  توفيق المديني المعلرضة التونسية ، ص 130 منشرات اتحد الكتاب العرب بدمشق ، الفصل 11 :  » حزب العمال الشيوعي التونسي » .

[13]  الصادق شعبان  ، بن علي والطريق الى التعددية  ، ص 131 .

[14]  الصادق شعبان  ، بن علي والطريق الى التعددية  ، ص 132.

[15]  الصادق شعبان ، مصدر سابق ص 45 .

[16]  حقائق عدد 389 من 05 الى 14 مارس 1993 ، ص 11


 
بسم الله الرحمن الرحيم   

تونس : نعم لاستيراد الإباحية والعُري لا لاستيراد العفاف والحجاب

  بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.   قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } [الأنفال: 36] .   لقد أحدثت تصريحات الوزير التونسي للشؤون الدينية  » أبو بكر الأخزوري » رجة إعلامية، لإنكاره الحكم الشرعي المتعلق بخمار المرأة، في حوار أجرته معه إحدى الصحف التونسية. كما أن لقاءا آخر أجرته إحدى الفضائيات مع أستاذة جامعية تونسية زاد الموقف اشتعالا، إذ أنكرت هي الأخرى أن يكون للخمار أصل في الإسلام، واعتبرته موروثا إغريقيا ورومانيا. فكان لهذين الخبرين أثر عميق في نفوس المسلمين، فانبروا، ولازالوا يردون ويعلقون ويحبرون المقالات على ما ورد فيهما من زور وبهتان وتطاول على دين الله.   وقد بادرت « إسلام أون لاين.نت  » بالإتصال بالوزير التونسي لاستفساره عما نسب إليه من أقوال، وكشف الغطاء عن أبعاده السياسية، إلا أنه امتنع عن الحديث، وقالت سكرتيرته: إن الوزير لا يمكنه الرد على استفسارات الصحافيين، لأن (سعادته) منشغل بترتيب سفره إلى بلاد الحرمين لأداء فريضة الحج، وهو يحيلكم إلى السيد « منير الرمضاني » مدير وكالة تونس للإتصال الخارجي. إلا أن هذا الأخير لم يتسن الإتصال به، كما أن الدكتور  » جلول الجريبي » رئيس المجلس الإسلامي الأعلى, رفض بدوره الإدلاء بأي تصريح. وهكذا باءت كل الإتصالات برموز النظام التونسي بالفشل بعد أن تجاسر وزير الشؤون الدينية على دين الله وأهدى للسلطة الجائرة هدية العيد لتذبح بها المسلمين وتهتك بها أعراضهم وتكشف عوراتهم، ثم طار إلى الحج.   وهذا الحوار الذي أثار حفيظة المسلمين جاء إثر حديث خاص أدلى به وزير الشؤون الدينية للبلاد التونسية « أبو بكر الأخزوري » للصحيفة التونسية « الصباح » التي ارتأت أخذ رأيه فيما طرح من نقاط تتعلق بالشؤون الدينية في تونس أثناء مداولات مجلس المستشارين، والمصادقة على ميزانيات الوزارات ومنها وزارة الشؤون الدينية لسنة 2006. وقد نشرت الصحيفة المذكورة هذا اللقاء بالوزير في عددها الصادر يوم 27 ديسمبر 2005.   ومما جاء في هذا الحوار أن الوزير أكد سعيه مع بعض المسؤولين إلى قطع الطريق أمام كل ظاهرة دينية لها طابع شرقي. مثال ذلك الفضائيات التي تقتحم البيوت وتبث فيها برامجها الدينية ذات المسحة الشرقية، وكذلك الصحف المحلية التي تنقل بعض الفتاوى الشرقية، كفتاوى الأزهر والسعودية. كما تطرق في حديثه إلى مراجعة وتنقية المقررات المدرسية في مادة التربية الإسلامية، والتصدي لما هو ماضوي فيها ويدعو إلى الإنغلاق،  » وبالتالي إعداد جيل جديد له نظرة شجاعة في النقد والتحليل والتعليل ورفض كل ما يجر إلى الوراء » حسب تعبيره. كما أشار في كلامه، وهو يتحامل على الطابع الشرقي في البلاد، إلى المنشورات التي صدرت، والتي بمقتضاها لا تسند الرخص إلا بعد التأكد من الإلتزام بالمواصفات المعمارية التونسية، ويقصد بذلك كما بيّن هو، شكل الصومعة والأقواس والمنبر والمحراب. ولذلك (والكلام له) فإن التوجهات الجديدة تشمل رسكلة الأئمة والمؤدبين وتوحيد الآذان بالتونسي في كافة الولايات.   وفي سؤال للصحيفة عن نسبة تنامي ظاهرة إرتداء الحجاب بالبلاد، وما هو موقفه من هذه الظاهرة ؟. قال :  » بالعكس ظاهرة الحجاب تراجعت، وعندما نقول تراجعت، فإننا نعي ما نقول، ونستند إلى معطيات موضوعية. فالحجاب دخيل ونسميه بالزي الطائفي، باعتبار أنه يخرج من يرتديه عن الوتيرة، فهو نشاز وغير مألوف ولا نرضى بالطائفية عندنا. ثم إن تراجع هذه الظاهرة واضح لأن الفكر المستنير الذي نبثه كفيل باجتثاثه تدريجيا بحول الله. ولكن مع هذا نحن ندعو إلى الزي التقليدي الخاص بنا، وخطاب الرئيس  » بن علي » في 25 جويلية الفارط يوضح ذلك… إننا نرفض الحجاب الطائفي ولباس « الهٌركة البيضاء » واللحية غير العادية التي تنبئ بانتماء معين… إننا من الحداثيين ونرفض كل انغلاق ». هكذا وبمنتهى الصراحة والوقاحة يتحدث عن تصديه بمعية الزمرة الحاكمة لكل مظهر ديني شرقي، ويعمل على تشجيع الناشئة على النقد والتعليل للموروث الثقافي الذي فيه التخلف وعدم مسايرة الحداثة، كما أنه سعيد بولي نعمته في حملته لاجتثاث اللباس الشرعي من البلاد، ومنع المسلمات من الإلتزام بحكم الله. وحتى اللحية و » الهركة  » أي القميص الخليجي الأبيض الذي لا علاقة له بالدين، ويلبسه الرجال في حر الصيف لم يمنعا منه، لأن هذه المظاهر بالنسبة إليه تنبئ بتوجه سياسي مرفوض .   فهو إذا يعتبر الحجاب (أي الخمار) والجلباب لباسا طائفيا لا بد من مقاومته واجتثاثه. ويستند في ذلك إلى خطاب رئيس الدولة  » زين العابدين بن علي » في ذكرى إعلان الجمهورية في 25 يوليو الماضي، الذي جاء فيه أنَّ الحربَ على الحجابِ مستمرةٌ، وأنه لا عودةَ للحجابِ الذي وصفه بالزي الطائفي. ويعتمد أيضا على المنشور 108 المعروف في الأوساط التونسية، ولا يستند في ذلك كله لا على آية ولا على حديث، وهو الذي من المفترض أن يكون متضلعا في الدين باعتباره رجلا يعنى بالشؤون الدينية في بلده، ومن واجبه التصدي لكل من يحرم على المسلمات لبس الحجاب، وليس العكس. غير أنه من الواضح أن المنصب الذي أسند إليه لم يكن لكفاءته العلمية وتفوقه في العلوم الشرعية، وإنما كان لبراعته في استعمال معاول هدم الدين، وطمس معالمه. ولذلك اعتمد إغفال جميع النصوص المتعلقة بلباس المرأة المسلمة، كقوله تعالى: { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31]. وقوله : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب:59]. كما أغفل الأحاديث النبوية، كحديث عائشة رضي الله عنها الذي أورده الطبري في تفسيره لآية الخمار، حيث روى عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت : » دَخَلَتْ عَلَيَّ ابْنَة أَخِي لِأُمِّي عَبْد اللَّه بْن الطُّفَيْل مُزَيَّنَة, فَدَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَعْرَضَ, فَقَالَتْ عَائِشَة : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهَا ابْنَة أَخِي وَجَارِيَة. فَقَالَ:  » إِذَا عَرَكَتِ الْمَرْأَة لَمْ يَحِلّ لَهَا أَنْ تُظْهِر إِلَّا وَجْههَا, وَإِلَّا مَا دُون هَذَا », وَقَبَضَ عَلَى ذِرَاع نَفْسه, فَتَرَكَ بَيْن قَبْضَته وَبَيْن الْكَفّ مِثْل قَبْضَة أُخْرَى « . وكذلك الحديث الذي أورده أبو داود في سننه :  » عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏أَنَّ ‏ ‏أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ‏ ‏دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَقَالَ يَا ‏‏أَسْمَاءُ ‏إِنَّ الْمَرْأَة َ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْه. »  فهذه النصوص الشرعية لا عبرة لها في نظر وزير الشؤون الدينية. بل يذهب إلى أبعد من ذلك حينما اعتبر الإلتزام بها نشازا وخروجا عن الوتيرة، ودعوة للطائفية الدخيلة على النسيج الوطني للبلاد التونسية. كما أن الأمر لم ينته عند هذا الوصف الذي صرح به الوزير، وإنما تعداه ليصل إلى أستاذة علوم تفسير القرآن بالجامعة « الزيتونية » في تونس « مُنجِية السُوائحي »، لتقول في لقاء مع الفضائية اللبنانية )إي إن بي _ ANB) نهاية ديسمبر الماضي.  » أن الحجاب من الموروثات الإغريقية والرومانية، وليس أمرا إسلاميا أصيلا. كما نفت أن يكون الشرع قد حث على الحجاب أو على شكل معين له، وإنما ترك الأمر للعادات والتقاليد، ما دام المقصود من أي لباس هو العفة والحياء « . وترى، وهي الأستاذة في علوم تفسير القرآن، أن الآيات والأحاديث الأنفة الذكر لا تفسر إلا بحسب أسباب نزولها، حيث قالت إنها نزلت في وقت ما لتميز بين الحرائر والجواري في اللباس حتى لا يتعرض لهن الصعاليك في المدينة، أما اليوم فلا معنى لهذا بعد انعدام واقع الجواري، وحيث أصبحت المرأة تشارك الرجل في الحياة. ولذلك فهي ذاتها لا تمتنع من الظهور أمام الأجانب وهي سافرة.   وعليه فإن هذه الحملة الشرسة التي يشنها النظام البوليسي في تونس على الحجاب، وعلى كل مظهر إسلامي يُزعم أن له طابعا شرقيا دخيلا على البلد، لا نراها في المقابل تشمل كل المظاهر الأخرى المستوردة من بلاد الغرب، أو تتصدى لها على اعتبارها دخيلة ونشازا. وإنما نجد النظام وأزلامه يشجعون المواطنين على التمظهر بها بإسم الإنفتاح والحداثة. فكل هذه الأشكال التي تحمل الطابع الغربي الصرف مسموح بها في البلد. رغم أن هذه الأشكال والسلوكيات لا تمت بصلة إلى ثقافة الشعب المسلم في تونس. وهذا مناقض لمزاعم التمسك بالأصالة التونسية. ولذلك نجد في تونس ما يسمى بالمنشور 108 الذي أصدره الهالك « بورقيبة » سنة 1981. والذي بموجبه تمنع المحجبات من مزاولة تعليمهن ويمنعن من الوظائف في الدوائر الحكومية. وحتى الحوامل يحرمن من دخول المستشفيات لوضع حملهن حتى يخلعن الخمار. وكذلك لا يسمح للمحجبات بزيارة أزواجهن في السجون إلا إذا نزعن خمورهن. كما يلاحق الأمن المحجبات في الطرقات والأسواق ويرغمهن على خلع خمورهن والتعهد لدى مخافر الشرطة بعدم ارتدائهن له من جديد. نرى في المقابل أن لا قانون ولا منشور يمنع الفتيات اللائى يلبسن  » الدجينز » الملتصق باللحم والتنورة الكاشفة للبطن والفساتين القصيرة الفاضحة. كما أنه لا يمنع الشباب المتغرب من التزين بحلقة الأذن. ومن المظاهر الأخرى التي لا يتصدى لها النظام، ولم يتحدث عنها وزير الشؤون الدينية، ولم يعتبرها دخيلة على البلد ولا على الدين الإسلامي، مظهر الإحتفال بعيد ميلاد المسيح على النمط الغربي المسيحي، واقتناء المواطنين المسلمين لشجرة الميلاد. بل الدولة ذاتها تحتفل به، وهي التي نصبت هذه السنة شجرة ميلاد عملاقة وسط أهم مراكز التسوق في منطقة  » لافياتْ  » بتونس العاصمة، وزينتها بأبهى زينة ورصعتها بالفوانيس المضيئة بالليل والنهار. يخال لمن يراها أنه يعيش في إحدى العواصم الغربية، أو أن الإستعمار الكافر لم يغادر البلد بعد. وأكثر من ذلك كله ما حدث في أيام « قرطاج » المسرحية بتونس، التي كانت ما بين 24 نوفمبر و 3 ديسمبر 2005. تحت عنوان  » الإنفتاح « . فبحكم هذا الإنفتاح عرضت مسرحية إيطالية راقصة بعنوان  » سهرة وديكاند  » احتوت على مشاهد عُري فاضحة. حيث فوجئ الجمهور في نهاية العرض بلوحة تجرّدَ فيها الممثلون والممثلات من ثيابهم نهائيا وخرجوا عراة بالكامل كما ولدتهم أمهاتهم، وسط دهشة الحضور وصيحاتهم الإستنكارية. لكن صاحب العرض الإيطالي رد على النقاد الذين اعتبروا ذلك المشهد مستفزا للمشاعر ومناقضا للأخلاق، وأن هذا يحصل لأول مرة في بلد مسلم، وخلال عرض مسرحي في مهرجان دولي للمسرح، قائلا: إن مسرحيته تلك « محاولة للتحرر من العوائق، ورغبة منه في التخلّص من كل العادات والتقاليد البالية، لاستشراف عالم جديد ». وأضاف  » إن هذا العمل هو مزيج لثلاثة إنتاجات تلتقي كلها حول مفهوم واحد، وهو تأصيل قيمة الجسد ».   هذه هي الحداثة والإنفتاح التي يتحدث عنها النظام التونسي ومنهم هذا الوزير الفاشل، الذي يقاوم بحزم وشدة استيراد العفة والفضيلة من المشرق الإسلامي ويوصد أمامها الأبواب، بينما يغض الطرف عن الرذيلة والإباحية والفاحشة المستوردة من الغرب الكافر، ولا يُغلّقُ في وجهها الأبواب، ولا يعترض على السلطة التي تستورد هذه الأنماط الغربية التي هي بالفعل دخيلة على المسلمين في بلدهم. ومن المفارقات العجيبة أن يُتهمَ الحجاب في بلده بأنه من أصول إغريقية ورومانية, وأما العُري الذي يعرض من خلال المسرح في مهرجان حرصت الدولة على تسميته بمهرجان قرطاج تخليدا لذكرى روما، يُبرَّأ من هذه التهمة، ويعتبر من الثقافة المحلية. وكذلك تقسيمهم للإسلام إلى شرقي وغربي، ودعواهم إلى التمسك بالإسلام الوطني ذي الطابع التونسي. بينما لا نرى هذا التقسيم أو الفصل بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية، ولا نرى أي نوع من الحفاظ على الطابع المحلي للثقافة، وإنما نجد مزجا وخلطا بين ثقافتين متناقضتين كل التناقض.   فتونس التي رزحت تحت الحكم الروماني المسيحي لمدة ثمانية قرون، ثم جاء الفتح الإسلامي ليحررها من براثن الرومان ويصهرها في بوتقة العالم الإسلامي، يتداول عليها اليوم حكام يريدون مسخها وسلخها بالكامل عن هويتها الإسلامية، والعودة بها إلى فسطاط الغرب الكافر. فالهالك « بورقيبة » المعجب « بالأتاتوركية » قام مباشرة بعد إعلانه عن تأسيس الجمهورية التونسية بإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية. وأغلق جامع الزيتونة الذي كان بمثابة الأزهر في شمال إفريقيا. وضم جميع » الأحباس » للدولة، أي الأوقاف. وطاف على النساء في موكب شعبي وتحت هتاف الجماهير، يخلع عنهن النقاب واللحاف الأبيض الذي يسمى  » السَفْساري ». وسميت تلك الحملة بـ  » تحرير المرأة « . كما حرم تعدد الزوجات، وحدد المهور، وأحل التبني الذي حرمه الإسلام، وأباح الإفطار في شهر رمضان من أجل التنمية الإقتصادية، لأن الصيام حسب اجتهاده يضعف البنية ويقلل من الإنتاج، وأعطى مثالا بنفسه حيث احتسى أمام الجميع كوبا من العصير قبل موعد الإفطار. كما جعل من يوم الأحد عطلة لنهاية الأسبوع على غرار الدول الغربية، فتعسر على المسلمين أداء صلاة الجمعة. إلى غير ذلك من الأعمال التي تستهدف اجتثاث الإسلام ومسخ هوية الشعب المسلم في تونس. ثم جاء خلفه الرئيس « بن على » ليواصل مشوار سلفه، فضيق على المسلمين وملأ بهم السجون, وأغلق المساجد ولم يسمح بفتحها إلا لدقائق معدودات تكفي للصلاة ثم المغادرة على الفور حتى لا يتجمع فيها المسلمون. وها هو اليوم لا يزال يشن حملاته المسعورة على الحجاب. ولكنه في المقابل يعمل على فسح المجال أمام انتشار الجريمة والمخدرات والشذوذ الجنسي، والفساد المالي. كما أنه أغمض عينيه عن حملات التنصير التي انتشرت في البلاد، وكذلك السياحة الإباحية. إلى غير ذلك من المظاهر التي تكشف مدى تفاقم الفساد المنتشر في البلاد.    أيها المسلمون إنكم من دون شك مستهدفون من خلال هذه الحملة التي يشنها عليكم النظام الجائر في تونس، فهو يعمل بأقصى جهده على مسخكم وفصلكم نهائيا عن جسم أمتكم الإسلامية بعد ما فصلكم الإستعمار الكافر عنها بالحدود المصطنعة. فلا تستسلموا لهذه الخطة الشيطانية التي يغذيها الغرب، وتمسّكوا بدينكم وهويتكم وابذلوا في سبيلهما المهج والأنفس. واعملوا مع بقية الأمة على الإطاحة بعروش هؤلاء الحكام الذين جثموا على صدورنا، فإن الأمة الإسلامية اليوم تسعى جاهدة لتغيير وضعها المتردي، وتعمل على استئناف الحياة الإسلامية بإعادة الخلافة، فلا تتخلفوا عن الركب، ولا تتقاعسوا عن حمل الدعوة، فلا نجاة لكم إلا بعودة الإسلام إلى معترك الحياة متمثلا في الخلافة الإسلامية.   أما أنتم يا أهل القوة والمنعة في تونس، يا رجال الأمن ارفعوا أيديكم عن الحرائر، فإنهن نسائكم وبناتكم. فلا تهتكوا أعراضكم بأيديكم، ولا تكشفوا عورات نسائكم وبناتكم. أوَ ليست فيكم نخوة الرجال وغيرتهم على النساء. أوَ تحاربون عفة بناتكم وتدفعوهن دفعا إلى الدعارة. أوَ تخربون بيوتكم بأيدكم وتنشرون الرذيلة والفاحشة بين أهاليكم. فاتقوا الله وتوبوا إليه، فإنكم لا تنكلون بنساء غيركم وإنما تنكلون بنسائكم وأعراضكم.    ولا ننسى هنا أن نقول لمن تابع الخبر وتدفقت ردودهم عليه من مختلف أقطار العالم الإسلامي. يا ليتكم كنتم بنفس الحمية والحماس والمسؤولية والتصدي لكل أحكام الكفر التي تطبق عليكم. فليس النظام التونسي فحسب الذي يطبق أحكام الكفر على المسلمين، وإنما كل الدول الموجودة في العالم العربي والإسلامي، وبدون استثناء تطبق على المسلمين أنظمة الكفر، ودساتيرها دساتير رأسمالية علمانية تفصل الدين عن الحياة. فأزيلوا عن أعينكم الرماد الذي تذروه بعض الدول في وجوهكم فسترون أن تلك الأنظمة التي لا تقاوم الحجاب كتونس، تطبق عليكم أحكام الكفر في كل مجالات الحياة. فلماذا لا ترى منكم تلك الأنظمة الحملة نفسها التي قمتم بها ضد منع الحجاب في تونس؟ إن هذه الدول وتلك الأنظمة ليس لها أي صفة شرعية ويجب عليكم العمل على قلعها ومحوها كليا من الوجود وتنصيب خليفة واحد مكانها ليوحد العالم الإسلامي ويحكمه بكتاب الله وسنة رسوله.   13 جانفي 2006     خالد إبراهيم العمراوي المصدر : www.hizb-ut-tahrir.info    

 


 

دروس وعبر من هجرة سيد البشر الحلقة الثالثة  : أمين رحلة الهجرة مشرك بالله

هو عبدالله إبن أريقط إستأجره عليه السلام بمقابل ليكون دليلا في طريق الهجرة من مكة إلى المدينة أي مستأمنا على رحلة مصيرية تدوم أسبوعين على الاقل وتقطع ما لا يقل عن نصف ألف ميل وتضم أول رجلين مطلوبين بما لا يحصى من الاموال والجوائز والعطايا من أكبر قبيلة عربية . أسأل دوما نفسي ماذا يكون موقف رهط من الناس اليوم يحكمون على الاسلام بالعزلة عن محيطه وعلى غير المسلمين ـ بل حتى العصاة من المسلمين ـ بالموت … ماذا يكون موقفهم لو عاصروا نبي الرحمة عليه السلام ؟ أليس من المناسب لهم أن يعترضوا عليه عليه السلام لاستئجاره مشركا دليلا في رحلة الهجرة ؟ وهل تراهم يعدمون حيلة ؟ يوفرون له أكثر من دليل من المسلمين . هل تدبروا هؤلاء حقيقة معنى قوله  » يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله « ؟ هل علم هؤلاء أن التقديم بين يديه عليه السلام منهي عنه حتى بعد موته ؟ التقديم اليوم بين يديه يكون بالاعتراض على منهج حياته القائم على التمييز بين الامر الديني الخالص فلا يحسن فيه سوى الاتباع وليس التقليد كما يريد هؤلاء وبين ما عداه فلا يصلح فيه سوى الابتداع مشاركة للناس من كل دين وملة . هل أنه عليه السلام لم يختر المشرك عبد الله إبن أريقط أمينا على أكبر راحلين وأخطر رحلة غيرت وجه التاريخ الانساني بأسره سوى لتفوقه الكبير جدا على كل المسلمين يومها في حسن معرفة الطريق و مستواه المهني أم أن ذلك إقترن مع عوامل أخرى ؟ للاجابة على ذلك السؤال لا بد لنا من معرفة شخصية وقبيلة وماضي ذلك الدليل ولكن المؤكد أن الرجل كان على قدر عال جدا من الامانة والثقة والشهامة فضلا عن تفوقه المهني ولا ينقص ذلك كله من قدره أخذه لاجره مقابل ذلك . ومن المؤكد كذلك يومها أن أغلب المسلمين سبق لهم أن هاجروا إلى المدينة ولكن المؤكد في المقابل بأنه عليه السلام لم يخطط لاتخاذ دليله في رحلة يجب أن يأخذ لها كل الاحتياطات بين يوم وليلة فلم لم يختر مسلما أقل مهنية من إبن أريقط ولكنه  » في كل الحالات  » أكثر أمانة وثقة ورباطة جأش ؟ منهج الحكم بالجملة على الناس مهلكة ينقاد بها كثير من المتدينين اليوم . فكل مسلم عندهم لا بد أن يكون أكثر أمانة وثقة ورباطة جأش وشجاعة وصدق وحلم وكرم من غير المسلمين . بيد أن ذلك لم ينطق به وحي ولم تجد به تجربة . أما الوحي فكان دوما يلتزم الموضوعية فيقول  » ومن الناس …  » ويقول  » ومنهم … » ويقول  » ومن أهل الكتاب … » وغير ذلك من الصيغ التي لا تظلم غير المسلمين . فالمكيال بالجملة لا يكون دوما إلا مخطئا غارقا في وحل التعصب . وهذه التجربة مبسوطة أمامنا نحن اليوم وأمام كل مسلم عاش في عصر ما ومصر ما . ألم يمدح عليه السلام في أكثر من موقف مشركا لخلق كريم فيه ؟ المسلمون الذين يتحركون اليوم على أساس بسط أسس التعاون والمشاركة مع غير المسلمين فيما ليس من الامر الديني المقيد بنص ثابت صحيح صريح أو موقوف فلا يسمح بالاجتهاد فيه … هل تراهم أقرب إلى إتباع منهجه عليه السلام ؟ بعض الناس حتى يلبس عليك ذلك يغضي عن تلك الحسنة متتبعا عورات ذلك التنزيل وعيوب ذلك التطبيق . وبعضهم لا يقصد تلبيسا ولكن السذاجة الفكرية تغلب عليهم فلا ينتبهون لقضية منهج تناول القضايا فسرعان ما يحشرون أنفسهم في الجزئيات . تلك الجزئيات التي يمكن أن يغشاها العيب والقصور و هل نجى منه هو نفسه عليه السلام ؟ طبعا لا . ألم يكتشف المشركون له لقاء سريا هو بيعة العقبة الثانية الامر الذي أدى إلى وقوع بعض المبايعين في الاسر وتعذيبهم من لدن قريش وبعضهم فك نفسه من ذلك عبر الجوار؟ من المؤكد أنه عليه السلام وهو يستأجر مشركا يستأمنه على أخطر رحلة طرا كان يقصد من جملة ما يقصد تعليمنا نحن ـ أجل نحن بالذات لحما ودما ـ مبدأ إسلاميا عظيما فيما سماه الفقهاء السياسة الشرعية المحكومة بفقه المصلحة المرسلة مفاده أنه لو لم يتم التمييز بكل دقة بين ما هوثابت وما هو متغير فإن الحياة تؤول من اليسر إلى العسر والاسلام صريح في نبذ العسر وإطراح العنت ووضع المشقة . أظن أن الامر اليوم  مبسوط إلينا بأكثر وضوح فهل يستطيع مسلم اليوم أن يستغني عن صناعات المشركين وأعمال أهل الكتاب في كل المجالات والميادين حتى لو كان يقطن أقاصي الارض أو أدانيها ؟ الغريب في الامر أنك تجد من يعيش في قلب أروبا ثم لا يستحي أن يدعو من خلال أسماء مستعارة لا يعلم سواه سبحانه حقيقتها ومقاصدها ودواعيها إلى نبذ التعاون مع غير المسلمين ويحشد لك من سورة التوبة وغيرها بوصفها آخر ما نزل آيات كثيرة ويتحدث بمنطق من نصب الخلافة الاسلامية الواحدة العظمى في أبهى مظاهر قوتها وإنبساطها وهو عالة على أهل الكتاب في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه وفي كل صغيرة وكبيرة من حياته .

تدبر هذا مليا وضعه دوما بين عينيك وأنت تتفكر في الاسلام وسياساته في كل الميادين :

نبي الرحمة عليه السلام يختار مشركا بالله سبحانه دليلا مستأمنا  على أخطر رحلة تحدد مصير الانسان ـ كل إنسان ـ وتمهد لاندياح الاسلام في ا لمشارق والمغارب ويستأمنه على نفسه وعلى نفس صاحبه الصديق فلا يخاف منه غدرا ولا خيانة ولا تلاعبا ويدفع له من ماله أو من مال المسلمين مقابلا ماديا . هل جاء تشريع فنسخ ذلك المنهج أم أن الحاجة إليه ماسة اليوم وكيف يكون الموقف من ذلك ؟
الهادي بريك / ألمانيا  


 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحركة الاسلامية:لامناص من تغيير الخطاب والوجوه والسياسات
 
مرسل الكسيبي
 

وقع انتصار حماس الانتخابي مازال يدفعني الى الحديث عن الكثير مما أخفيته بين دفتي صدري يوم أن تيقنت بأن هزيمة بعض الحركات الاسلامية في مواجهة السلطان العربي ,لم تكن وليدة تعنت الأنظمة العربية في استيعاب تجربة الرأي الاخر فقط ,وانما مالم يدركه كثير من قادة هذه الأخيرة هو أن سياساتهم وطبيعة خطابهم وتعجلهم في الهرولة باتجاه السلطة أضف الى ذلك حرص البعض على عدم التجديد والتشبيب كان وراء تواصل الكثير من الكوارث والمصاب في الجسم السياسي العربي والاسلامي

الواقعية والاعتدال الذين تحدثت عنهما كمطلب ملح لابد أن يحكم سياسة حماس في المقبل من المراحل ولاسيما بعد أن وجدت نفسها اليوم في مواجهة اكراهات مدريد وأوسلو وحزمة أخرى من الاتفاقات السرية ذات الطابع الدولي الثقيل,هذه الواقعية لاتطلب اليوم فقط ممن أصبح على أعتاب ادارة الحكم والسلطة كما هو حال حماس في أيامنا هاته ,بل انها مطلب ملح يمضي على كل الحركات الاسلامية التي تنشد تغيير واقع مجتمعاتها باتجاه الأفضل ,سواء تموقعت هذه الحركات داخل قبة البرلمان كما هو شأن اخوان مصر والأردن وتجمع الاصلاح باليمن والعدالة والتنمية المغربية… ,أو تموقعت داخل أجهزة الحكم قيادة وتوجيها كما هو شأن عدالة وتنمية تركيا أو المؤتمر الوطني السوداني أو حتى التجربة الايرانية

واذا كانت هذه الصفات مطلوبة بالحاح اليوم ممن هو في سدة الحكم أو ممن هو في محل الشراكة فيها ,فانه أحرى وأجدر بمن هو في حالة الاقصاء والاضطهاد والمعارضة الاجتماعية التي لم تأخذ شكل المعارضة السياسية القانونية والشرعية ,أن يعرف بأن هذا الاعتدال وهذه الواقعية صمام أمان للخروج بالمنطقة العربية من حالة الاحتراب الداخلي المستمر ,سواء تعلق الأمر بالعلاقة مع السلطة أو تعلق الأمر بالعلاقة مع مكونات الفضاء السياسي المعارض

 ومن البديهي بمكان أنه لاينبغي على الحركة الاسلامية اليوم أن تشعر بالحرج عندما يزايد عليها  خصومها يمينا أو شمالا بتهم التفريط في الثوابت ,وكأن المقصود بالأمر أن يكون أصحاب الصفة الاسلامية أصحاب غلو وتشدد حتى يكتب لهم التمتع بالصفة الاسلامية النقية ,ولعلني أكون واضحا عندما أقصد بذلك بعض دعاة التيارات الاسلامية المأزومة والمغالية تعسفا في فهم النصوص واطلاق الأحكام الجاهزة ,كأن يدعو بعضهم من باب الجهل بثوابت الاسلام الى حرمة عدم تطبيق أحكام الشريعة السمحاء في شكل متدرج ومرحلي يراعي أقضية الناس وحاجاتهم ,ولربمايشعر البعض بالحرج العظيم أمام هول الخطاب الكارثي الذي تقدمه القاعدة كنموذج للاسلام وتحاول أن تسوق من خلاله العالم والمنطقة الى حالة غليان عام تنهار على اثره دول كاملة تحت اصر ووزر الاحتلال ,وهو الذي حدث فعليا على اثر غزواتها المزعومة حيث انهارت دول عربية واسلامية أمام وقع عساكر التكنولوجيا الفضائية في مواجهة جيوش عربية واسلامية تفتقد الى أبجديات سلاح الطيران 

اننا بلا شك أمام احراجات مرحلة جديدة وحساسة يمكن أن يقودنا البعض فيها من أنصار الغلو اليساري أو الجنوح اليميني الى حالات انهيار جديدة تقود المنطقة العربية والاسلامية الى حالة مواجهة مفتوحة مع الغرب والقوى المتوغلة فيه ,أو ربما الى حالات مواجهة داخلية تستنزف قدرات مجتمعاتنا وطاقات بلداننا في واد غير ذي زرع أو ثمر مفيد ,ولعلني احذر في هذا السياق من تداعيات ردة الفعل غير المحسوبة على استفزازات اعلامية تحركها بعض اللوبيات في الغرب قصد تأليبه بكل قواه ضد كل ماهو عربي واسلامي

واذا كنا جميعا نغار على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونرفض المساس بكرامته ودعوته وشخصه وجوهر العقيدة التي دعى لها,فانه حري بنا أن نكون من الحكمة بمكان عند التعاطي مع هذا الفخ الذي وضعه البعض على صفحات الاعلام الاسكيندينافي وهاهو اليوم ينتقل الى احدى الدوريات الاعلامية الفرنسية

و من الواقعية والاعتدال المطلوبين من الأمة والشعوب المسلمة ومن يمثلها في الحكم والمعارضة وعلى وجه الخصوص الحركات الاسلامية التي هي محل دراسة هذا المبحث أن تلتزم بأقدار عالية من الرؤية النافذة والبصيرة الثاقبة بحيث لاتؤسس سياساتها على ردود الأفعال والانسياق العاطفي امام ضغط شرائح معتبرة من الجماهير ,فكما هو معلوم أن القيادة لابد أن تكون على درجة عالية من العلم والحكمة والاتزان بحيث أنها ترشد مسارات الناس وتطلعاتهم ولاتتركها للشعاراتية والمناسباتية وروح الثأر والانتقام أو غيرها من أشكال الأحكام الجاهزة على كل من اعتلى السلطة وسير الشأن العام

انه من الثابت والثوابت أن من أسباب فشل الجماعات والهيئات والأحزاب في تحقيق مرادها الخيري ,هو انسياقها غير المدروس أمام قدرات غيرها وليس أمام قدراتها الذاتية والموضوعية وقبل كل ذلك ماتتحمله البلدان والمجتمعات والأوطان ,ولعلني أذكر أن تجربة الانقاذ الجزائرية شكلت اغراء جماهيريا انساقت وراءه بعض حركات الاسلام بمنطقة المغرب العربي ,حتى الت الأمور الى حالة فشل ذريع سواء لأصحاب هذه التجربة في الجزائر او لشقيقات لها من دول الجوار

انه من الواقعية بمكان ومن الاعتدال والوسطية في الطرح ألا تكلف نفس الا وسعها ,وهو مايمضي أيضا على الهيئات والجماعات كما البلدان ,حيث أنه لايطلب على سبيل المثال من قادة الشأن الاسلامي من القائمين على شؤون حركات الاحتجاج الاسلامي أن يحاكوا تجربة حماس في الانتخابات كما لمح الى ذلك الأستاذ عزام الهنيدي زعيم كتلة الاخوان في البرلمان الأردني ,لمجرد أن هذه الأخيرة فازت في الانتخابات بأغلبية مريحة تخول لها تشكيل حكومة مازلنا لانعلم الى حد الان حجم مايحيط بها من مؤامرات ومحاصرات ,كما أنه لايطلب من قادة الشأن الحركي الاسلامي معانقة تجربة  العدالة والتنمية في تركيا دون اكتناز مكامن الاقتدار الاقتصادي والمالي والخبرة السياسية التي أتيحت لمثل هذا التيار

انه محكوم على أصحاب الشأن في اتخاذ القرار لدى هذه الحركات بأن يسايروا الطموح بحسب القدرات والامكانات ,ولعله ان الأوان بأن تراجع بعض الحركات الاسلامية المعاصرة التي تعثرت مسيرتها وتخلفت عن مسار تصاعدي مليء بالانجازات لدى حركات أخرى  أخطاءها وليس اخطاء واثام حكوماتها في حق الحرية فقط 

اذ أنه من السهل أن نتهم بعض حكوماتنا بالتخلف والتسلط وقد يكون شأن معظمها كذلك ,ولكن من الصعب أن تراجع هذه الأحزاب والحركات خطابها على ضوء خصوصيات ومتطلبات الواقع العربي والاسلامي العام ,فمثل هذا الواقع لابد أن يخرج بلا رجعة من حالة الاحتراب والصراع الداخلي الى حالة البناء الجماعي والوطني الشامل الذي يتعاون فيه الجميع على النهوض بالأوطان والمجتمعات 

فالسياسات الحركية الاسلامية لابد أن تعدل باتجاه خطاب طمأنة الجماهير والحكومات وعدم اشعار ذوي الشأن بالاستهداف الذي يحملها على غلق الباب أمام ارادة الاصلاح التي يحملها جمهور الحركات الوسطية المعتدلة,كما أن هذا الاعتدال وهاته الواقعية لابد أن تتجه صوب القوى الوطنية المؤثرة سواء كانت من اليسار أو اليمين وكذلك تجاه النخب النافذة في الوظيف العام ,اذ أن هذه النخبة تعتبر تيارا صامتا لكنه يمثل عصب الدولة الهادئ الذي يستحيل دونه سير الشأن العام ,ولعله من الغفلة بمكان أن يعزف الخطاب السياسي والحركي عن الاهتمام برأس المال وذوي الوجاهات الاقتصادية حيث يشكل هؤلاء فيتو قوي على كل الحكومات سواء تشكلت باتجاه المحافظة أو باتجاه الحراك الاصلاحي العام

ومن مقتضيات المرحلة التي أود أن أكون قاسيا فيها الى حد العظم مع من يمثل قادة الحركات الاسلامية الوسطية في بلاد العرب ,قضايا تجديد الدماء وتشبيب الهياكل والأطر ,حيث أن من أسرار نجاح عدالتي وتنميتي تركيا والمغرب في التعاطي مع الشأن العام وجود وجوه شابة من الجيل الثاني على رأس هذه الحركات ,ولعل أسماء أوردوغان وغول وسعد الدين العثماني خير دليل على ذلك

ان الحركات الاسلامية يوم أن أوكلت أمرها للأسماء الكبيرة بحجم حسن الترابي سنا وميراثا وتاريخا دون أن تجدد دمها القيادي وجدت نفسها أمام حالة صدام مع سنن الله في الكون ,حيث ان التداول غلاب ومن عطله عطل ارادة الله في الجماعات والمجتمعات

ولذلك فان رجلا بحجم اربكان يجد نفسه اليوم بعيدا عن الأضواء ولكن مشروع الاسلام المتدرج والعقلاني يسير في تركيا على انغام العضوية الكاملة في الاتحاد الأوربي,وكذلكم شأن الطبيب الجراح الخطابي الذي غادر رئاسة حزبه في العدالة والتنمية المغربية ليسلم المشعل للدكتور العثماني وهو رجل في اواسط العقد الخامس

ومحصلة الأمر عندئذ أن الحركة الاسلامية العربية المعتدلة والتي تحرص على وسطية المنهج وتدرجه في تلبية حاجات الشعوب وأقضيتها ,تجد اليوم نفسها اذا أرادت فعلا النجاح في مسار الاصلاح الداخلي والوطني وفي النهوض بواقع الأمة ملزمة ولامناص من ذلك بتغيير خطابها وسياساتها وووجوهها اذا أرادت أن تختزل على أبنائها وشبابها مسيرة العذابات والالام التي لم تتحملها المعارضات العربية الأخرى ,ولكن حان لنا التساؤل عن حقيقة هذه العذابات وجوهرها فيما اذا كانت فعلا مجرد ابتلاءات اقتضتها الارادة الالهية ,أم أنها أكبر من ذلك تعود الى حيث اتجه الخطاب الالهي « قل هو من عند أنفسكم » 

فهلا وقعت المراجعة بل قل المراجعات؟

 
مرسل الكسيبي
كاتب واعلامي تونسي مقيم بالغرب
1-02-06
الموافق للثاني من محرم 1427 هجري


مساندة الانتفاضة الثالثة مسؤولية الجميع

فهمي هويدي
ما أسفرت عنه الانتخابات الفلسطينية يمثل في أغلب الظن إفقاراً للقضية، ذلك أن القطاعات الحديثة، التي تضم متعلمي الطبقة الوسطى والنساء المتحررات وأبناء الأقليات الدينية، سيتعاظم استلابها حيال موضوع أمسى في عهدة «حماس»، فهي تمعن في تغييب الموضوع الفلسطيني، عبر دمجه في الموضوع الديني الغيبي، فضلا عن عدم امتلاكها أي تصور للسياسة والعلاقات الدولية، ناهيك عن عدم خبرتها فيها، أما الذين يتذرعون بالقهر الفلسطيني، الذي هو صارخ بالتأكيد، لتجميل «حماس»، فإن أصحابه ينسون كم كان الألمان مقهورين بمعاهدة فرساي وبانهيار اقتصادهم يوم اقترعوا لهتلر، آنذاك قام الألمان بعملية انتحار جماعي، وهذا ما قام به الفلسطينيون.
الكلام ليس من عندي بطبيعة الحال، وما تضمن رؤية سوداوية، مسكونة بالازدراء والغِل، لم تصدر عن أحد من غلاة الليكوديين في إسرائيل، ولا عن رمز من رموز المحافظين الجدد في أميركا الذين يملؤهم الحقد على العرب والإسلام والمسلمين، لكنه نص جمعت فيه بعض الجمل التي وردت في تعليق لأحد الكتّاب العرب ـ صدّق أو لا تصدق ـ نشرتها صحيفة عربية، لم ير في فوز «حماس»، إلا أنه بداية ترويع المجتمع الفلسطيني، وإفقار وتغييب القضية عبر دمجها في الشأن الديني الغيبي، وانتحار جماعي للفلسطينيين أشبه بتجربة النازيين في ألمانيا، إلى غير ذلك من النتائج الكارثية، التي لم ير فيها أي إيجابية أو بارقة أمل في الحاضر أو المستقبل.
بذات النظرة السوداوية رأى آخرون من دعاة ثقافة الاستسلام المشهد، وتعددت تعبيراتهم عن هجاء ما جرى التنديد به، ومنهم من لطم الخدود وشق الجيوب في ثنايا الولولة على أوسلو وخريطة الطريق، ومنهم من لم ينشغل إلا بالإلحاح على الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح المقاومة، وكأن المشكلة هي فقط في كيفية توفير ضمانات الأمن وراحة البال لإسرائيل، من دون أدنى إشارة إلى أية حقوق أو ضمانات للشعب الفلسطيني، وكأن الفلسطينيين هم المحتلون والغاصبون والمفترون، بينما الإسرائيليون هم الضحايا المغلوبون على أمرهم.
وكان مثيرا للدهشة أن نفرا من هؤلاء تنافسوا في تقديم النصائح التي تستهدف حصار «حماس» وتوريطها، ومن ثم إفشال مهمتها، بالدعوة إلى مقاطعة حكومتها تارة، وبتسويغ وقف المعونات المالية الدولية تارة أخرى، وبحشد كل الأسئلة المطروحة على العمل الوطني الفلسطيني منذ عام 48 وحتى الآن، ووضعها جميعا أمام «حماس» لكي تحلها تارة ثالثة، وبمطالبتها بتنفيذ شعار تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر الذي نادت به في الثمانينات تارة رابعة.. وهكذا حتى يبدو لمتابع تلك الحملات ان المعركة الحقيقية ليست بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، لكنها بين دعاة الانبطاح والاستسلام وبين «حماس»!.
وإذا أعمتهم المرارات والحسابات الذاتية عن رؤية الحقائق الناصعة التي كشفت عنها الانتخابات، التي كان بطلها الحقيقي هو الشعب الفلسطيني ذاته، فإنهم لم يروا أن عملية التصويت كانت بمثابة انتفاضة ثالثة، اثبت فيها ذلك الشعب الباسل أنه، رغم القبضة التي تمسك بخناقه والضربات التي قصمت ظهره، لا يزال منحازا إلى المقاومة والصمود، كما انه بموقفه عبر عن غضبه إزاء العجز السياسي أمام إسرائيل، ورفضه للفساد الذي استشرى والتفلت الأمني الذي عجزت السلطة عن احتوائه، فضلا عن ذلك فإنه لم يأبه بالتهديدات وحملات التخويف التي صدرت من العواصم الغربية، ملوحة بقطع المعونات إذا فازت «حماس» في الانتخابات.
لقد أداروا ظهورهم لذلك كله، وصبوا جام غضبهم على «حماس» التي فازت، والجماهير التي صوتت لها، الأمر الذي أنساهم أن تركيع الفلسطينيين لا يزال هدفا استراتيجيا، لا خلاف عليه في إسرائيل بالأخص بين الأحزاب الرئيسية الثلاثة، وانه لأجل ذلك حاصروا أبو عمار وقتلوه، وابتزوا أبو مازن طيلة الوقت، ثم لم يعطوه شيئا، رغم أنه أعطاهم الكثير وتمنع عن الركوع، حلما في تغير الظروف الراهنة المحلية والإقليمية، التي تهتز فيها الأرض بشدة تحت أقدام الأميركيين من جراء فشلهم في العراق. فغاية ما هناك أن تتعامل إسرائيل مع «حماس» كما تعاملت مع حكومة «فتح».
لا أريد أن أهوّن من الأمر، لأنني مدرك ان التحدي الذي تواجهه «حماس» كبير وجسيم، لكني في الوقت ذاته استغرب كثيرا أن يكون موقف البعض من تلك التحديات هو الضغط لإفشال «حماس»، وليس السعي لمساندتها وإعانتها، لأجل الوطن والقضية وليس لأجل «حماس»، باعتبار أن ذلك الموقف الأخير هو الذي يمليه كل عقل رشيد وضمير وطني مستقيم.
في هذا الصدد فإنني استحي أن أقول إن بعض المنتفعين بالسلطة، الذين استسلموا للهوى والطموح وتقلبوا في المغانم، وجدناهم يقفون بدورهم في الصف الأول من دعاة حصار «حماس» وإفشالها، فمنهم من سارع إلى إعلان مقاطعة حكومتها، ومنهم من اعتبر الالتحاق بالحكومة «عارا» يلاحق أي «فتحاوي»، ومنهم من استبق وطالب بإلحاق الأجهزة الأمنية برئاسة السلطة مرة ثانية بعدما ضمت إلى الداخلية، لكي يستخدم تلك الأجهزة في تكريس الانقلاب وتخريب التجربة، ومنهم من هدد «بتصفية» (!)، كل من يحاول كسر احتكار فتح لأجهزة الدولة، هكذا بمنطق قطّاع الطرق وزعماء العصابات.
إننا إذا طرحنا السؤال حول كيفية إعانة «حماس» وإنجاح مهمتها ـ انجاح الانتفاضة الثالثة أن شيءت الدقة ـ فإن الرد يستدعي مجموعة من العناصر، بعضها يخص «حماس» ذاتها، والبعض الآخر يخص القوى الوطنية الفلسطينية، والبعض الآخر يتعلق بالموقف العربي.
« في ما يخص «حماس»، فإنها تواجه موقفا عصيباً للغاية، ليس فيما يتعلق بإسرائيل وحدها، وإنما في الداخل الفلسطيني أيضا، سواء في ما يخص انتقال السلطة التي احتكرتها «فتح»، أو في مواجهة الفساد المتفشي الذي كانت بعض رموز فتح ضالعة فيه، وفي كل الأحوال فإن وحدة الصف الوطني تظل هدفا ينبغي الحفاظ عليه، بل الانطلاق منه، وبالتالي فإن «حماس» يتعين عليها أن تمد أيديها للجميع بصرف النظر عن انتماءاتهم، وأن تعلي في ذلك من شأن الالتزام بالقضية والوطن، وتعتبره مقدما على الالتزام بالحركة، إذ تظل «حماس» فصيلا معتبرا في الحركة الوطنية وليست ممثلا وحيدا لها. وعلى «حماس» أيضا أن تدرك أن التوافق الوطني نهج ينبغي أن تعض عليه بالنواجذ، وهو لا يتحقق بأن يفرض طرف برنامجه على الآخرين، وإنما باستعداد كل الأطراف للقاء في منتصف الطريق، وإذا حسب أن قضية التحرير والملف السياسي بالتالي على رأس أولويات العمل الوطني، فإن ذلك يعني بالضرورة أن يتراجع أي شأن آخر لإتاحة الفرصة للتركيز على استحقاقات ذلك الملف. والتوافق المنشود يفترض ألا يمثل فقط التقاء على النهج والأساليب أو المشاركة في السلطة، لكن الذي لا يقل أهمية عن ذلك كله أن يعبر عن الاتفاق حول ترتيب الأولويات، وتحديد القضايا الأساسية التي ينبغي التركيز عليها في المرحلة الراهنة.
وعن التفكير في مسألة البرنامج فإن «حماس» لها أن تفرق بين استحقاقات الضرورات وقضاء الخيارات، فثمة ضرورات يمكن أن تنهض بها أطراف أخرى غير الحكومة (منظمة التحرير مثلا)، وإذا استحكمت الضرورات ولم يكن هناك مفر من التعامل معها، فقد تجيز المحظورات، حسب القاعدة الشرعية المعمول بها، ولـ «حماس» أن تهتدي في تعاملها مع مختلف الملفات بالقواعد المتعارف عليها عند الأصوليين في التغيير، التي تراعي سنة التدرج فيما يراد تغييره، وتدقق في الموازنة بين المصالح والمفاسد، أو بين المفاسد والمفاسد، حيث تحتمل بعض المنكرات مؤقتا، إذا كان تغييرها سيؤدي إلى ما هو أنكر وأسوأ عملا بقاعدة اختيار أخف الضررين وأهون الشرين.
« بالنسبة للقوى الوطنية الفلسطينية فهي مطالبة بأن ترتفع فوق خلافها مع «حماس» إن وجد، بحيث تظل عند التزامها بتحرير الأرض من الاحتلال، عن أي طريق جاء، إذ ليس هذا وقت الشماتة في أحد أو تصفية الحساب مع أحد، والانسحاب أو المقاطعة الآن ليست موقفا من «حماس» وإنما هو في حقيقة الأمر تخل عن المسؤولية الوطنية في ظرف تاريخي دقيق وإخلاء لجبهة لا يزال القتال فيها مشتعلا، ورحى الحرب مستمرة، من ثم فالمشاركة مع «حماس» في الحكومة يمثل استمرارا للمقاومة من موقع آخر، وإسداء النصح لها ضرورة تفرضها المسؤولية الوطنية، كما أن وجود معارضة قوية ونزيهة لها في المجلس التشريعي يسهم بطبيعته في ترشيد المواقف والحفاظ على عافية وحيوية المجتمع الفلسطيني.
« أما الموقف العربي فيحزنني أن أقول إنه يمثل إحدى الحلقات الضعيفة في المشهد في شقه المتعلق بالأنظمة بوجة أخص، ولا مفر من الاعتراف في هذا الصدد بأن ضعف الموقف في هذه الزاوية، كان أحد العوامل التي أثرت سلبا باستمرار على مسار القضية الفلسطينية، ولو كان هناك موقف عربي متماسك وقوي لاختلف الأمر تماما، ولتغيرت خرائط المنطقة، وربما امتحن هذا الموقف خلال الأيام المقبلة، إذا ما قررت أوروبا وأميركا وقف المساعدات المالية لحكومة السلطة الفلسطينية الأمر الذي يثير سؤالا حول موقف العالم العربي في هذه الحالة، وهل سينضم إلى المقاطعة، أم يحاول مد يد العون للفلسطينيين بصورة أو أخرى.
على أي حال فالمراهنة الآن هي بالدرجة الأولى على تضأمن الشعوب العربية، والنخب الوطنية، والشريفة، وهي وفيرة والحمد لله، وما النماذج التي سبقت الإشارة إليها إلا شذوذا واستثناء، وبثورا على الجسم لا أكثر.
أن إنجاح الانتفاضة الفلسطينية مسؤولية الجميع، وخذلانها جريمة تاريخية لا تغتفر.    المصدر صحيفة الشرق ا الأوسط بتاريخ 1 فيفري 2006
 


 

ما اسم ساحة دمشق؟ اسمها تشرين سيدي

د. أحمد القديدي :
يوم التاسع من أبريل 2003 هو اليوم الشهير المشهود الذي دخل فيه الأمريكان بغداد وكانت الصور التي بثتها الفضائيات تنقل ما يحدث في ساحة الفردوس مما شاهده الناس في كل أصقاع الدنيا حين حاول بعض العراقيين الإطاحة بتمثال صدام حسين ولم ينجحوا سوى بمساعدة الدبابة الأمريكية في رمز ذي معان من رموز التاريخ الحديث. لا شك في أن القراء الأعزاء العرب يتذكرون تلك المشاهد في لحظة من لحظات المفارقات العجيبة للسياسة والحضارة تعيد للأذهان ما وقع لآخر الخلفاء العباسيين في نفس بغداد عاصمة العالم الإسلامي يوم العاشر من فبراير من عام 1258 على يد المغول حيث نقل لنا الطقطقي أقرب المؤرخين إلى عصره في كتابه الفخري في الآداب السلطانية كيف انغمس المستعصم بالله في الملذات والصراعات الطائفية وأهمل شؤون الدولة وضاعت حقوق الأمة إلى أن وصلت قوات هولاكو حفيد جنكيز خان إلى أبواب بغداد ثم إلى أبواب قصره واغتالته واغتالت ولديه الاثنين، وصار ما صار من مجازر وحرق كنوز مكتبة بغداد إلى أن احمرت مياه دجلة بالدماء واسودت بحبر الكتب الملقاة فيها. وظلت منطقة الأعظمية إلى زمن قريب تحمل أثار تلك الهمجية وكانت من قبل متنزه العباسيين ومرتع العلماء وجنة الشعراء وقبلة الفقهاء وديوان الترجمة والتأليف.
إنها المصائر العربية المتقاربة في أحداثها والمتشابهة في تداعياتها من فبراير 1258 إلى أبريل 2003 ونحن مطالبون بأن نتجاوز البكائيات إلى الاعتبار لأن الله سبحانه في كتابه العزيز لم يترك مناسبة تاريخية ذكرها إلا وأمرنا بالاعتبار مناديا إيانا بأولي الألباب أي ذوي العقول ونصحنا جل من ناصح بألا نترك على قلوب أقفالها. واليوم ونحن نقف على أعتاب عصر رهيب لم نعد ندرك فيه من هو العدو ومن هو الحبيب ، كما لم نعد نعرف فيه ما هو الحق وما هو الباطل وأين موقع الخطأ من موقع الصواب، من واجبنا أن نقرأ الأحداث بعيون أخرى حفاظا على ما تبقى من عروبتنا. وأتذكر حين أرى الضغوط على دمشق بعد زلزال عبد الحليم خدام رسما كاريكاتوريا على صفحات المجلة الأمريكية/ انتليجنس ريفيو صدر في أبريل 2003 نرى فيه جنديين أمريكيين يقفان في ساحة الفردوس ببغداد ويسأل الأول زميله : »هذه ساحة الفردوس ببغداد وما اسم الساحة الرئيسية في دمشق؟ ويجيبه الثاني: « اسمها ساحة تشرين سيدي ». وكما أدرك القارئ الكريم فان القصد من ذلك الرسم المعبر هو أن الرسام الأمريكي الذكي يريد أن يقول لنا بكل وضوح ومنذ التاسع من أبريل 2003 بأن ساحة الفردوس هي الحلقة الأولى من مسلسل قادم،قد تدور حلقاته في ساحات عواصم عربية وإسلامية أخرى. وبالرغم من سيل المواد الإعلامية الغزير الذي امتلأت به وسائل الاتصال في العالم بعد شن الحرب على العراق فأنا لم أنس ذلك الرسم وظل الجنديان اللذان يتحاوران حول الساحات في ذاكرتي إلى اليوم.
هذا هو المشهد الشامي كما يظهر للعالم: دمشق تبدو مثل عين الإعصار وقلبه الحي وحوالي دمشق نجد بيروت لم تزل تبكي شخصياتها المغتالة من رفيق الحريري إلى جبران تويني مرورا بسمير قصير، وفي ضواحي بيروت ما تزال جراح الخيام الفلسطينية تنزف تحت ألوية وكالة الغوث الأممية ، وفي كل لبنان وخاصة في جنوبه ما يزال حزب الله يوقد لهب الكفاح المشروع ضد العدوان والاحتلال، وعلى مسافة قريبة من مدينة صور الأثرية ينتصب الجيش الإسرائيلي في المنطقة ويواصل بناء جدار الميز وينتهك الأرض ويغتال الشباب الفلسطيني ويفرض شروط المنتصرين على الجميع بما في ذلك مرتفعات الجولان، في أمان دائم وفره له الغطاء الغربي الكامل ، حين اصطفت أغلب الدول الأوروبية وراء الرؤية الأمريكية، ونحن حين نلتقي ببعض أصحاب القرار الأوروبيين ممن تربطنا بهم صداقات قديمة نلومهم على هذا الاصطفاف غير الطبيعي والذي يحدث شرخا في عالم متعدد الأقطاب ما لبثت تنادي به أوروبا، نجدهم يردون علينا بأدب بأن مأساة العرب هي عربية ـ عربية، وبأن منطق الدول لا يقف أمام الترددات والتظلمات والتشكيات ، بل هو منطق المصالح وسبق الزمن في زمن لم يجد فيه العرب بعد طريق التأثير على مجرى الأحداث الدولية. وقد يجاملني بعض هؤلاء بالقول بأننا أمة لها حضارة ولا بد لها من يقظة بعد غفوة ومن صحوة بعد كبوة. وهو كلام لطيف لا يغني ولا يسمن من جوع. لأن الحقيقة المرة التي نهرب من مواجهتها هي أننا عجزنا عن إصلاح أنظمتنا السياسية بما يتلاءم مع التحولات العالمية من حولنا ثم عجزنا جميعا عن تنسيق مواقفنا وتوحيد سياساتنا إزاء الأحداث التي تهز منطقتنا. وظلت طبيعة النظام السوري هي عينها التي يستهدفها المستهدفون اعتمادا على نفس نقط الهشاشة والضعف، بعد أن تأملنا الإصلاح العميق من الرئيس الشاب المثقف بشار الأسد. فالإصلاح من الصلاح ومنه أيضا المصالحة بين شرائح الشعب إذا ما ارتاح كل طرف إلى التوجهات الجديدة العادلة ووجد نفسه في حمى القانون العادل من ظلم طائفة وقمع عشيرة وجور حزب.
إننا نفهم أن يلتفت السوريون إلى الجار الإيراني ولكن لا نفهم أن يعوض ذلك الالتفات ضرورة الالتحام بالواقع العربي وضرورة التعاطي مع الغرب من منظور المصالح السورية العليا لا من زاوية الايدولوجيا والتحدي، اللهم إلا أن تكون لنا القوة الكافية وطنيا وقوميا لرفع تلك التحديات بدءا بتحرير الجولان المحتل منذ أربعين عاما! alqadidi@hotmail.com 
 (  المصدر صحيفة الشرق القطرية بتاريخ 1 فيفري 2006  )


 
التجربة الدنماركية

محمد كريشان
أخيرا اعتذرت الصحيفة الدنماركية عن الرسوم الساخرة المسيئة للرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم، لكن لا أحد يدري الآن ما إذا سيكون ذلك كفيلا لوحده بإنهاء الضجة الكبيرة التي أثارتها هذه القضية خاصة بعد ما سارت علي خطي ذات الصحيفة تضامنا صحف نرويجية وسويدية، فالمهم هنا أن معركة رأي عام وضغوطات استطاعت أن تجبر الصحيفة في النهاية علي الاعتذار رغم كل التشدد الذي أبدته في البداية وكذلك الرأي العام الداخلي في البلد والحكومة التي قال رئيسها ان حرية الصحافة والتعبير مطلقة و غير خاضعة للنقاش مما دفعنا نحن المتخلفين و المعادين للحريات للتأكيد علي ضرورة التفريق بين حرية إبداء الرأي، وهي مقدسة فعلا، وبين الاستهزاء والإساءة لنبي له مليار ونصف المليار من أتباعه في العالم من بينهم 200 ألف في الدانمرك نفسها.
ربما يكون سلاح مقاطعة البضائع الدنماركية التي فعـّـلت بشكل كبير ومتسارع هذه الأيام هي التي جعلت القضية تتحول في النهاية إلي قضية مصالح تجب مراعاتها وليس قيم احترام للآخر يجب صونها فالشعب الدنماركي بملايينه الخمسة يعتمد أساسا علي الزراعة وتربية الأبقار ومنتجاتهما وحين تشير بعض التقارير إلي أن نصف هذا الإنتاج الزراعي والحيواني يصدر للسعودية فإن توقف الرياض وحدها عن الاستيراد سيصيب نصف الاقتصاد الدنماركي الزراعي والحيواني بأضرار فادحة جعلت مثلا أحد أصحاب المصانع الكبري وهو لارا هود يقول إن هذه المقاطعة لو استمرت عدة أشهر سنخسر المليارات وسنسرح من العمال والموظفين 30 ألف موظف وعامل.
لا يستبعد أن يكون اعتذار الصحيفة الدنماركية جاء بضغوط داخلية وازنت في نهاية المطاف مكرهة بين الحسابات جميعها في قضية بدأت تكبر ككرة الثلج وجعلت المفوضية الأوروبية تتحدث عن أن المقاطعة للبضائع الدنماركية هي بمثابة مقاطعة لمجمل البضائع الأوروبية وأنه إذا ما اتضح أن حكومات خليجية تقف رسميا وراء ذلك فإن الأمر يصبح بالغ الخطورة وقد يرفع لمنظمة التجارة العالمية. وقد يكون الاعتذار آخر ملجأ استقر عليه الرأي بعدما اتضح عقم التوضيحات الدبلوماسية لسفراء الدنمرك في دول الخليج وإعلاناتهم مدفوعة الأجر علي صفحات كاملة من جرائدها لا سيما وأن الرأي العام الذي تحرك بقوة في هذه الدول لا يمكن أن يهدأ من غضبته تصريحات من نوع تلك التي أطلقها الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في كوبنهاغن الذي أقنعته بسهولة كـ مسلم التفسيرات التي سمعها هناك.
ربما تكون هذه التجربة الدنماركية ، الأكثر جدية بالتأكيد من تجربة عادل إمام مع شقرائه الحسناء في الفيلم الذي يحمل هذا الاسم، تجربة قادرة علي أن تتكرر في قضايا أخري، وهي كثيرة ، بعيدا من ناحية عن الهبات العاطفية اللحظية ومن ناحية أخري عن القنوات الرسمية فقد بدا اليوم جليا أن صور البضائع الدنماركية، وقد ألقي بها خارج رفوف المجمعات التجارية، أبلغ ألف مرة من سعي السفراء العرب في الدنمارك للالتقاء برئيس وزرائها الذي رفض حتي مجرد استقبالهم. المصدر القدس العربي القطرية بتاريخ 1 فيفري 2006  


 

عندما يستسمح الحاكم شعبه.. !!

بقلم د. محمد لطف الحميري :
قرر العاهل المغربي الملك محمد السادس أن يبتدع بدعة حسنة في سلوك الحاكم العربي عندما عبر في خطاب إلى شعبه في 7-1-2006 عن مواساته لضحايا أعمال القمع والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي مارسها نظام والده الراحل الحسن الثاني، وطلب من عائلات الضحايا وكل من مسته الدولة المغربية بسوء أن يصفح الصفح الجميل.
خطوة العاهل المغربي يرى فيها كثيرون أنها ما كانت لتحدث لولا الضغوط الخارجية المطالبة بالديمقراطية والإصلاح، وارتفاع أصوات منظمات المجتمع المدني المغربية والأحزاب السياسية التي أصبح صوتها مسموعا بين شرائح الشعب المغربي، بل ويلقى هذا الصوت هوى في النفوس نتيجة ارتفاع موجات التبرم والسخط على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة ووصول معدل البطالة إلى مستوى قياسي وانتشار أحياء الصفيح في ضواحي أغلب المدن المغربية وما ينتج عن ذلك من أخطار أمنية واجتماعية وسياسية.
وبغض النظر عن تلك الآراء فإن خطاب الملك المغربي لم يكن وليد تجليات آنية وعاطفية، إذ قرر الملك قبل ذلك تأسيس هيئة انصاف ومصالحة في 7-1-2004 وأوكل لها مهمة إعداد تقرير مفصل حول ما شهده بلده من انتهاكات لحقوق الإنسان خلال فترة زمنية قد تصل إلى نصف قرن بدءا من 1956 وحتى عام 1999م، وشكل أعضاء الهيئة من أناس أغلبهم تعرض للاعتقال والتعذيب في سجون لم يكن يجرؤ أحد على مجرد الإشارة إلى أماكنها أو ذكر أسمائها، ولذلك فقد قدم أعضاء الهيئة تقريرهم المكون من 700 صفحة والذي استغرق انجازه عاماً واحداً إلى الملك ليقف على ظروف الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي لآلاف من مواطنيه.
قد يقول قائل إن خطاب السماح والصفح للملك المغربي لايكفي لطمر مآسي وآلام ما يسميها المغاربة بسنوات الجمر والرصاص وأن التحرر من شوائب ماضي الحقوق السياسية والمدنية والتطلع إلى المستقبل لايمكنه أن يتحقق ما لم يتم إقرار مبدأ عدم الإفلات من العقاب لكل من وقف من المسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين خلف تلك الانتهاكات، وإقرار الآليات المناسبة للتعويض المجزي لضحايا تجاوزات السلطة.
لكنني أقول إن ما أقدم عليه الملك محمد السادس يعد خطوة جرئية لم نألفها في واقعنا السياسي العربي، الذي عادة ما ينظر فيه الحاكم لشعبه على أنه عبارة عن قطيع من الماعز والأغنام يمكنه أن يذبح منه متى شاء أو يسحله إذا ما حاول الهرب من الذئب إلى حديقة قصره الآمنة . يمكن لخطوة الملك المغربي أيضا أن تكسر كثيرا من الحواجز النفسية لدى حكام عرب آخرين، ان خطاب الملك المغربي يمثل ثقافة جديدة تؤمن بالمصالحة الحقيقية للحاكم العربي مع شعبه، وإذا لم يحدث ذلك فيمكن أن نسمع ونرى بديلا خطيرا تدفع ثمنه الأنظمة قبل الشعوب والمشهد العراقي ليس عنا ببعيد.
 المصدر صحيفة الشرق القطرية بتاريخ 1 فيفري 2006


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.