TUNISNEWS
7 ème année, N° 2206 du 06.06.2006
اللقاء الإصلاحي الديمقراطي: لماذا هذا الرعب لماذا هذا التصعيد ؟ إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: بـلاغ إعلامــي القدس العربي: الرئيس التونسي يعيّن مـسـؤولـيْـن لتولي إدارة الأمن والحرس الوطنيين يو بي أي: الرئيس التونسي يعيّن مـسـؤولـيْـن لتولي إدارة الأمن والحرس الوطنيين الصباح: الاحتكام إلى الدستور والقانون الوسط التونسية: هذه الثانية يا رئيس الجمهورية والثالثة ثابتة الوسط التونسية: على خلفية أنباء عن محاولة انقلابية قبل شهرين و تدنيس المصحف بسجن برج الرومي: إحالة القنزوعي إلى مهام أخرى نبيل الرباعي: وأخيرا سقط المجرم محمد علي القنزوعي افتتاحية الموقف: إمتهان للنخب التونسية المختار اليحياوي: صورة الجلاد: هذه قصة أخرى من حكايات الجلاد في هذه البلاد محمد بوسنينة: المعاهد التكنولوجية .. إشكاليات تسبب تراجع المردودية والنجاعة عبد الحميد الحمدي: بعد تدنيس القرآن الكريم وإقالة القنزوعي: دعوة لإغلاق سجن برج الرومي الشروق: بالمناسبة: إلى أين تأخذنا «ماكينة» الكذب والاشاعات؟! برهان بسيس: مـرة أخــرى: المصحف فوق الرماح!؟ الطيب السماتي: المعارضة السورية تدعو لإسقاط النظام و تطالب الأجهزة الأمنية بتحمل مسؤولياتها مصطفى عبدالله الونيسي: الديمقراطية: الوجه الآخر للإصلاح ! ! الصباح: قناة تونس 7 تقتني حقوق بث مقابلات تونس وحفل الافتتاح والدورين نصف النهائي والنهائي القدس العربي اي آر تي تختطف سلطة الكرة:قطع الحبل السرّي بين تلفاز الانظمة والشعوب عابد شارف: جمود اتحاد المغرب العربي يقلق أوروبا «الحياة» تحاور الفكر العربي: أين نحن في العالم؟ متى ينتهي الانحدار؟ أي دور للمثقف؟ …
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
بســم الله الرحمــان الرحيــم اللقاء الإصلاحي الديمقراطي
لماذا هذا الرعب لماذا هذا التصعيد ؟
تشهد الساحة السياسية هذه الأيام تحولا وتصعيدا خطيرا في تعامل السلطة مع أطراف المجتمع المدني، وكأن إذنا مسبقا وراحة بال وثقة في النجاح جعل منهجية العصا والترويع هي الغالبة على الإطار، ومهيمنة على منهجه، ودافعة للبلاد نحو المجهول. ضُرب العلم وأحد أقطابه في تونس، ممثلا بداية في الدكتور المنصف بن سالم، فاعتدي على حريته وحرية أهله، ثم منعت بنات تونس المتحجبات من دخول الجامعات وإجراء الامتحانات، و ضُربت الصحافة ممثلة فيما تعرض له الصحافي الشاب سليم بوخذير من جور واعتداء، ثم تلاه تعرض سلك المحامين إلى محاولة تهميش استقلاليته وتقليص دوره، فاعتدي على بعض أساتذته..، ولم تتوقف منهجية العصا، بل طرقت مناطق كنا نظنها محرّمة، فاعتدي على تجمع للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهي تحاول عقد مؤتمرها السادس ولم ينج أعضاءها ولا المنتسبين إليها ولا المدعوون الأجانب الذين حلوا ضيوفا عليها من اعتداء وصدّ ومنع وطرد. إن هذه الهيستيريا التي ألمّت بالسلطة في تونس ودفعتها إلى هذا السواد الذي غطى المشهد السياسي التونسي وأطفأ أي محاولة لإنارته، هذه الهيستريا زادتها تمكينا واستفحالا ما ثبت من اعتداء مريع على القرآن الكريم، وأكد أن منهجية جديدة بدأت تنسج أطرافها في تونس وهي غلق كل سبل الحوار وتمتين الإقصاء والترويع، والاستخفاف بكل ما هو مقدّس، كان حرمة إنسان أو وطن، أو حرمة كتاب كريم. أمام هذا المشهد الخطير الذي يجعل كل البلاد واستقرارها على كف عفريت، يعظم مسؤولية التفاعل والتفعيل، ويوجب مخاطبة كل الأطراف بخطاب واضح وصريح لا ينتابه أي مجاملة أو تملق أو خوف، فالوطن في خطر ومسؤولية الجميع عظيمة في هذا السياق. واللقاء الإصلاحي الديمقراطي من منطلق استجابته لتحمل دوره كاملا في التصدي لهذا المسار المتصاعد نحو مناطق الخطر يدعو إلى ما يلي : * يؤكد على استنكاره وتنديده بما تتعرض له أطراف المجتمع المدني أفرادا ومجموعات من اعتداء وترويع، ويقف بكل ما أوتي من مساحة فعل إلى جانبهم، من مواطنات شريفات وسلك المحامين والصحافيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. * يعتبر أن المساس بالمقدسات وعلى رأسها ما تعرض له القرآن الكريم من تدنيس، أمرا خطيرا لا يجب الاستهانة به واعتباره من العموميات، بل يؤكد عمق الحالة الأخلاقية المتدهورة تجاه المقدّس عموما سواء كان كتابا شريفا أو إنسانا مكرّما. * يرى أن المسؤولية الأولى في هذا التصعيد تعود أساسا إلى أطراف في السلطة استطاعت أن تهيمن على مواقع القرار وتدفع بالبلاد نحو مناطق التوتر والمواجهة، ناشدة مصلحتها على حساب مصلحة الوطن. * يدعو المعارضة إلى عدم الاستجابة لمسلسل التصعيد و عدم بناء مشروعها المقاوم على ردات الفعل والمواجهة، وعدم السقوط في محاولات الاستفزاز والإثارة، كما ينبه اللقاء إلى مزيد من الرشد والوعي في تبني منهجيات الدعوة إلى التصعيد والمواجهة دون فهم كامل بثقافة التونسي وعقليته، وتفهم ما يستطيع حمله وتحمّله، و دون اعتبار لمتطلبات المرحلة، و فقه بالتحولات الخارجية الحاصلة. و اللقاء يعتبر أن هذا المسار التصعيدي الجديد قد وقعت تجربته في التسعينات ضد أطراف أخرى من المجتمع المدني ممثلا في الحركة الإسلامية، وقد أثبت عقمه وفشله ولم يزد أصحابه إلا تمكنا وثباتا وانتهى إلى ظهور حالات من التطرف والمغالاة بعدما أقصيت الوسطية والسلمية من المشهد. وهذه العودة المنشودة للحوار لن تكون ناجحة وتؤتي أكلها إذا بقيت في إطار الترقيع والتلفيق واستماتة في الإقصاء، لذلك فإن إلزاميات هذه المرحلة الدقيقة ومسؤلياتها العظيمة تتمثل أساسا في عدم غلق قنوات الحوار ورفض الإقصاء والتهميش، والدخول في مسار سياسي سليم يستوعب كل الرؤى والأطروحات، ويتأسس على إفراغ السجون كلية من مساجين الرأي، ومصالحة وطنية لا تلغي ولا تقصي ولا تهضم حقوقا ولا تسكت عن واجبات، وتمكّن لديمقراطية سليمة وغير مغشوشة. عن اللقاء الإصلاحي الديمقراطي د.خالد الطراولي باريس في 5 جوان 2006 الموافق ل 9 جمادى الأولى 1427 المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بـــلاغ إعلامــــي
تونس في/ 06/ 06 2006 إثر التحاق عدد من أعضاء إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل يوم أمس الاثنين 05/06/2006 بمقر وزارتي « التشغيل و الإدماج المهني » و « التعليم العالي » للمطالبة بحل عديد من الملفات التي أودعت لدى الوزارتين في فرص سابقة، قامت قوات البوليس كعادتها بإغلاق مدخل وزارة التعليم العالي أمام أعضاء الإتحاد و عددهم 14 عضوا و اقتادتهم عنوة إلى منطقة الأمن بباب بحر، و قد طلب منهم بعد اعتقال دام عدة ساعات الإمضاء على التزام بترك النشاط صلب الاتحاد و التهديد بتهمة الانتماء لجمعية غير قانونية.
و أمام حالة الارتباك التي صاحبت الإجراءات البوليسية نتيجة تنظيم تحركات أعضاء الاتحاد و رفضهم الجماعي و القطعي التخلي عن حقهم في الشغل و تمسكهم باتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل كهيكل شرعي يتبنى الدفاع عن هذا الحق، فقد تم الإفراج عن 13 عضوا في حدود الساعة الثانية ظهرا مع الاحتفاظ بالرفيق سالم العياري و محاولة مقايضته بالعمل مقابل التخلي عن الاتحاد.
و قد اعتصم بقية الرفق أمام مقر المنطقة مطالبين بإطلاق سراحه أو إعادة اعتقالهم، و جوبهوا بجملة من المضايقات و الاستفزازات في محاولة لإبعادهم من أمام منطقة البوليس.
و في حدود الساعة الخامسة قام أعضاء الاتحاد بمساندة بعض الحساسيات السياسية و النقابية بالاعتصام داخل بهو المنطقة حيث تم الإفراج عن الرفيق سالم العياري بعد ساعات من الهرسلة و التهديد بالسجن.
و بناء على جملة الأحداث و المعطيات يعلن أعضاء الاتحاد:
§ تمسكهم باتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل. § تمسكهم بحق الجميع في الشغل. § مقاومتهم لكل أساليب الهرسلة المتبعة ضدهم. § رفضهم تخلي المسؤولين الإداريين عن مسؤولياتهم و تحويل الملفات إلى وزارة الداخلية.
هذا و يدعو أعضاء الإتحاد كافة المعطلين من ذوي أصحاب الشهادات و اللجان الجهوية مساندتهم و الالتحاق بالاتحاد على أرضية الأهداف المعلنة في البيان التأسيسي لتوحيد الصف و تدعيم الحركة النضالية.
قائمة الموقوفين:
سالم العياري، الحسن الرحيمي، فلة الرياحي، شريف الخرايفي، مسلم الفرجاني، سامي العماري، عفيف الهادفي، الصحبي سمارة، وليد الطرخاني، عادل بن الحاج حسن، طارق قويدري، لسعد الغرياني، وليد العزوزي، وليد حمام. عن الهيئة التأسيسية لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل unionchomeur1@yahoo.fr E-MAIL : TEL :97433958
اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بــــــــلاغ إعلامــــــي
تونس في01 / 06 /2006 في إطار مواصلة التحركات الميدانية قام ممثلون عن الهيئة التأسيسية ″لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل″بالعودة لوزارة التربية و التكوين المهني بعدما تقدم الاتحاد بمراسلة لحل الملفات لذوي الأولوية و أصحاب الحق في الشغل.
ولكن أعوان الوزارة قاموا بمنع أعضاء الهيئة من الدخول حيث قاموا بإغلاق باب الوزارة بالمفتاح لمنع الهيئة من ارتياد الوزارة ومناقشة المسؤولين في ما سبق ذكره كما تم منع المواطنين وبحضور البوليس الذي التحق بكل تشكيلاته من الدخول إلى الوزارة لقضاء شؤونهم وقد عبر البعض منهم عن استياءهم وغادروا المكان وهم يتساءلون عن جدوى وجود وزارة تغلق أبوابها في وجهم ، أما أعضاء الهيئة فقد اعتصموا أمام مقر الوزارة بعد رفضهم محاورة أحد المسؤولين والذي أراد محاورتهم خارج الوزارة بدعوى أن الوزارة تحضر للامتحانات وغيرها من الحجج الواهية المألوفة، وقد اعتدى أعوان الإدارة وبوليس الوزارة على الرفيق (سالم العياري) أحد أعضاء الهيئة التأسيسية عند محاولته الدخول إلى الوزارة وقد أصيب في يده بعد غلق الباب عليه كما قام البوليس بتطويق المكان ومحاولة طرد أعضاء الهيئة من أمام الوزارة والذين واصلوا اعتصامهم رافعين لافتات الاتحاد حتى مقابلة المسؤولين وتقديم الملفات وفي الأخير رضخت الوزارة وذلك بتفويض مسؤول عن إدارة التعليم الثانوي لمقابلة ممثل عن الهيئة وقد قدمت له الهيئة قائمة اسمية ملحقة بملفات المعطلين عن العمل.
وعليه يعلن ″اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل ″ استنكاره لما أقدمت عليه وزارة التربية والتكوين المهني ويؤكد مواصلته النضال من أجل تشغيل المعطلين عن العمل بكل الأساليب المشروعة.
كما يهيب الاتحاد بكل مكونات الحركة الديمقراطية مساندته من أجل أهدافه وحقه المشروع ويدعوا كل المعطلين عن العمل للالتحاق بالاتحاد على أرضية أهدافه المعلنة. عن الهيئة التأسيسية اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل
بيان
على اثر ايقاف 14 مناضلا من الاتحاد العام لطلبة تونس وحملة الشهائد المعطلين عن العمل، بعد قيامهم بجملة من التحركات وتوجههم لوزارة التشغيل ووزارتي التعليم العالي والتربية والتكوين للمطالبة بتشغيلهم، يهمنا ان نتوجه الى الراي الوطني والعالمي بالاتي :
لقد راسلنا منذ بداية السنة وزارة التربية في عديد الحالات من ضمنها من تجاوز التسع سنوات بطالة ومن قضى عديد السنوات يعمل بصفة معلم معوض، الا اننا وقفنا على حقيقة ما يتداوله الشارع من ان عملية الانتداب اصبحت تخضع للمحسوبية والرشوة والترضيات مما حول وزارة التربية الى سوق تتغير فيه تسعيرة الانتداب من متدخل الى اخر. كما اننا نفتح باب التساؤل عما اذا كان هناك من يعاني من العطالة من ابناء المسؤولين والوزراء واعضاء الحكومةمثلما يعاني ابناء شعبنا، وعليه فاننا نعلن عن:
1- وقوفنا المبدئي الى جانب رفاقنا الذين اختاروا خوض معركتهم العادلة حتى النهاية. 2- دعوتنا الى فتح تحقيق حول المحسوبية والرشوة والترضيات في الانتداب حتى وان كان المنتدب ممن يتكلم باسم الاتحاد على غرار منير خير الدين الذي تحول الجهاز الامني وسيطا ينتدب له المناضلين وهو ما وقع مع الموقوفين بدعوتهم الى الالتحاق بلجنة السيد خير الدين باعتباره معتدلا ولما لا بمجموعة الشيوعيين الديمقراطيين. 3- ان هذا الملف هو ملف خلاف رئيسي مع وزارة التربية وسيكون الملف الاساسي في انطلاقة السنة الجامعية المقبلة والموضوع الرئيسي لتحركاتنا.
ختاما نهيب بكل القوى الوطنية القوف الى جانبنا حتى تحقيق اهدافنا
عاش الاتحاد العام لطلبة تونس مناضلا،مستقلا وديمقراطيا
عن المكتب التنفيذي شاكر عواضي
عاملات فنطازيا تساندن
المجتمع المدني التونسي: تحية إلى اليسار والى الأمام :
بعد احتفالهن بكل فخر واعتزاز بمرور سنة كاملة من النضال تعلن عاملات فنطازيا رسميا أن الشكل النضالي المقبل الذي سيتم اللجوء إليه بعد الاعتصام والإضراب عن الطعام هو التضامن المطلق مع المجتمع المدني التونسي وذلك يوم 7 نوفمبر 2009 إيمانا منهن بأن المعارضة خيار جماهيري لا بد من دعمه والترويج له اعتمادا على الشعارات المركزية التالية: 1- الديمقراطية : »ماء جهنم » كلما سكبته في الشارع أصبح دما وطنيا رخيص الثمن 2- التعددية : غلام سياسي إشهاري يضحك يوما ويبكي سنوات 3- النضــال: طبق سياسي بغلال البحر لتجريب الروح الوطنية ممزوجة بشراب الروم. مواطن متربص بشركة طارق ابن الوطن :(صوت من لا صوت له)
الرئيس التونسي يعيّن مـسـؤولـيْـن لتولي إدارة الأمن والحرس الوطنيين
تونس ـ يو بي أي: أعلن مصدر رسمي امس الاثنين أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قرر تعيين مسؤولين جديدين لتولي ادارة الأمن الوطني والحرس الوطني. وقالت وكالة الأنباء التونسية نقلا عن رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي، الذي اجتمع امس مع بن علي بحضور وزير الداخلية رفيق بالحاج قاسم، ان الرئيس التونسي قرر تعيين عبد الستار بنور مديرا عاما للأمن الوطني خلفا لمحمد علي القنزوعي الذي سيدعي لمهام أخري. وأضافت أن بن علي قرر أيضا تعيين عبد الرحمن الامام مديرا عاما للحرس الوطني (الدرك). ولم توضح الوكالة التونسية طبيعة المهام الأخري التي سيتولاها محمد علي القنزوعي الذي كان يتولي الأمن الوطني بصفة مساعد لوزير الداخلية (كاتب دولة لدي وزير الداخلية مكلفا بالأمن الوطني). كما لم توضح أيضا الأسباب الكامنة وراء هذه التغييرات الأمنية. يشار الي أن هذه هي المرة الثانية التي يعفي فيها محمد علي القنزوعي من مهامه كمدير عام للأمن الوطني، اذ كانت الأولي بعد أيام قليلة من الاعتداء الارهابي الذي استهدف معبد الغريبة اليهودي بجزيرة جربة التونسية في الحادي عشر من نيسان/ابريل 2002. وتولي القنزوعي خلال فترة ابتعاده عن الأمن الوطني التي تواصلت لأكثر من ثلاث سنوات، عدة مناصب هامة منها سفير تونس لدي سورية، ليعود الي منصبه السابق في 21 تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 6 جوان 2006)
الاحتكام إلى الدستور والقانون
كمال بن يونس قرر سيادة رئيس الدولة زين العابدين بن علي أمس إدخال تعديل جزئي على الحكومة والادارة العامة للامن الوطني والادارة العامة للحرس الوطني.. هذا التعديل يكرس الحقوق والمسؤوليات التي ضمنها الدستور لرئيس الدولة من حيث حقه في تعيين أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين في الدولة ..وكل تعديل – شاملا كان أم جزئيا – يكرس قاعدة التداول على المسؤوليات ..حسب خصوصيات كل مرحلة ومستجداتها السياسية والامنية ..وفق الأولويات السياسية للدولة بثوابتها ومتغيراتها .. وقد جاء هذا التعديل في مرحلة سياسية تشهد حركية وديناميكية على صعيدي المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني.. تعاقبت خلالها المستجدات السياسية ..وهو ما يستوجب مواكبة لها حسب حاجيات الدولة ومصالحها العليا خلال المرحلة القادمة ..ضمن الثوابت والأولويات التي رسمها رئيس الدولة.. وإن كل القوى الوطنية تتطلع وراء كل تعديل سياسي إلى مزيد الحزم في تكريس الدستور والقانون والمبادئ التي دعا لها بيان السابع من نوفمبر ..ومنها التفاعل إيجابا مع ما بلغه الشعب التونسي من نضج ووعي ثقافي وسياسي عبر تطوير واقعه الإعلامي والسياسي حتى يعكس تطلعات الأجيال الجديدة من الشباب من الجنسين ..والتفاعل مع مشاغلها ومطالبها المشروعة في إطار القانون.. إن الامن والاستقرار أولوية الاولويات ..فلا تقدم ولا تنمية ولا ديمقراطية مع الفوضى والتسيب .. في نفس الوقت فإن بيان 7 نوفمبر راهن منذ اليوم الاول للتغيير على التوازن بين الحقوق والواجبات ..بين مكافحة الفوضى والتسيب من جهة ومحاربة الظلم والقهر من جهة ثانية ..وفق نصوص القانون والدستور ..دون تجاوزات في هذا الاتجاه أو ذاك .. إن حماية أمن البلد والمجتمع مسؤولية جماعية بين كل المواطنين.. ورجال الامن من كل الاختصاصات يلعبون دورا كبيرا في مكافحة الانحراف والجريمة والتجاوزات للقانون في مجالات عديدة ..والمطلوب تطوير أساليب التحرك الامني في نطاق إحترام مبادئ حقوق الانسان والخيار الديمقراطي الذي تم التنصيص عليه بوضوح في فصول عديدة من الدستور التونسي والقوانين المنظمة للحياة الإعلامية والسياسية .. وعسى أن تشهد المرحلة القادمة تحمسا جماعيا أكبر لمشروع بناء تونس الغد ..بما يضمن مصالح الشعب التونسي حاضرا ومستقبلا.. (المصدر: افتتاحية جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 6 جوان 2006)
على خلفية أنباء عن محاولة انقلابية قبل شهرين و تدنيس المصحف بسجن برج الرومي:
إحالة القنزوعي إلى مهام أخرى
الوسط التونسية – خاص- مُـرسـل الكسيبي اجتمع الرئيس بن علي صباح يوم الاثنين الخامس من جوان بالسيدين محمد الغنوشي الوزير الأول ورفيق بلحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية .
وأعلن الوزير الأول أن الرئيس بن علي قرر تعيين السيد عبد الستار بنور مديرا عاما للأمن الوطني وتعيين السيد عبد الرحمان الإمام مديرا عاما آمرا للحرس الوطني.
وسيدعى محمد على القنزوعي إلى مهام أخرى . وبحسب مصادرنا في تونس فان قرار التعديل الأمني البارز أتى على خلفية محاولة لامتصاص حالة الغضب العارم التي عمت الشارع التونسي والمجتمع المدني بعد تأكد أنباء تدنيس المصحف الشريف بسجن برج الرومي بمدينة بنزرت التونسية. هذا وأكدت بعض المصادر الأخرى للوسط أن التحوير الأمني الهام أتى أيضا على خلفية صراع غير معلن على هرم السلطة بعد تسرب أنباء عن محاولة انقلابية من داخل بعض أجنحة الحكم… وقد أكدت نفس المصادر بأن خيوط محاولة انقلابية تكون قد اكتشفت منذ ما يزيد عن شهرين تحديدا,فيما أضافت جهات أخرى قريبة من دوائر الحكم بأن شخص محمد علي القنزوعي لم يكن منذ فترة محل ثقة الرئيس بن علي وأنه كان على علاقة وثيقة بأطراف تطمح إلى خلافته في مؤسسة الرئاسة. وفي سؤال توجهت به الوسط التونسية لإحدى الشخصيات البارزة التي لازالت على صلة وثيقة بجهات مسؤولة عن خلفيات تنحية القنزوعي فان الجواب جاء قاطعا بأن القنزوعي لم يكن يوما ما محل ثقة شخصية من قبل الرئيس التونسي وانما ثمة أطراف أخرى نافذة في الحكم دفعته الى مثل هذا الاختيار. (المصدر: مجلة « الوسط التونسية » الألكترونية الصادرة يوم 6 جوان 2006)
هذه الثانية يا رئيس الجمهورية والثالثة ثابتة
عبدالباقي خليفة -الوسط التونسية – خاص قبل عدة سنوات حذر الشيخ عبد الرحمن خليف رحمه الله الرئيس بن علي من محاولة انقلاب ،ولكن الرئيس سرعان ما قلب ظهر المجن للشيخ وسلط عليه كلابه في البرلمان مما اضطر الرجل الطيب، طيب الله ثراه ، لترك زريبة الخنازير، كما كان يُطلق على البرلمانات الاوروبية في القرون الوسطى، بعد أن عجز عن تنظيفها . ولم تكن تلك المرة الاولى التي ينقلب فيها بن علي على من قدم له مساعدة ، ولم تكن المرة الاولى التي يلدغ فيها أناس مستعدين لاحترام تعهداتهم وكلمتهم ، فقد تم اضطهاد وقمع المعارضة ولا سيما المعارضة الاسلامية ، بشكل يذكر بالستار الحديدي ،والتمييز العنصري في جنوب افريقيا ،و معاناة الفلسطيين على يد النازيين الجدد من الصهاينة في فلسطين ، ومذابح البوشناق والالبان المسلمين على يد الفاشيين الجدد في يوغسلافيا السابقة . واليوم يتم انقاذ بن علي مرة أخرى من مشروع انقلاب ، فما هو فاعل ؟ ! هل سيستمر بن علي في احتضان الافاعي ،مغتر بلين ملمسها ، بعد أن ظهرت له في أشكال قطط وديعة ، قتلتها الغيرة . هل سيستمر في الاستماع للمنافقين الذين يقولون له كلاما يظهر الولاء والاخلاص و يبطن الخيانة و انتظار ساعة الانقضاض ، لتداول مواقع الاستبداد ، وتشبيب الديكتاتورية والقمع وارهاب الشعب ولا سيما المعارضة . ألم يأن لبن علي وهو في هذه السن ،أن يفكر في التاريخ ، وفي الناس الذين يحترمون تعهداتهم لانها دين بالنسبة لهم ، وليست مجرد اتفاقات سياسية ،لا تساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه . إننا لا نقول هذا الكلام من منطلق ضعف، بل بمدى شعورنا بالمستقبل المظلم الذي ستواجهه بلادنا في حال استمر الوضع على ما هو عليه: * شعورنا بأطماع الاجنحة داخل الحكم في السيطرة على البلاط . * بعمل البعض على تدخل فرنسا عسكريا في تونس في حالة اندلاع حالة من الفوضى بالبلاد . * بعمل البعض الآخر على تدخل أميركي في بلادنا يسبق الحضور الفرنسي . * والخوف من انقسام الاجهزة ومحاربة بعضها البعض * بتهافت بعض الوكلاء على تقديم أنفسهم كبدائل جديرين بالثقة والمحافظة على مصالح هذا الطرف أوذاك . والحل في نظري كما أطرحه على الرئيس بن علي يتمثل في الآتي: 1 ) إصدار عفو عام عن المساجين والمغتربين ووقف التتبعات القضائية الجائرة بحقهم و منح التونسيين بالخارج جوازات سفرهم المحجوزة . 2 ) إلغاء المنشور 108 سئ الذكر 3 ) السماح للاحزاب و التنظيمات السياسية باصدار الصحف و النشاط العلني 4 ) النسج على منوال النموذج المغربي في المصالحة الوطنية وتعويض ضحايا التعذيب في عهد القنزوعي 5 ) تعهد الاحزاب والتيارات السياسية بدعم الرئيس بن علي في إطار اتفاق دستوري يمنع منعا باتا لا يقبل المراجعة و التصويت الترشح لمنصب الرئيس أكثر من دورتين ( بعد عمر طويل ) 6 ) يراجع قانون الصحافة و قانون تنظيم سلك المحاماة و جميع القوانين الجائرة 7 ) اشراك التيارات والاحزاب السياسية في ايجاد حلول اقتصادية لمشاكل البطالة و الشباب 8 ) افساح المجال للاحزاب السياسية في وسائل الاعلام الوطنية كالمشاركة في الندوات و اللقاءات المختلفة دون انتقاء أو إقصاء 9 ) إعادة الممتلكات المصادرة من المعارضين فورا 10 ) إعادة تأهيل المساجين و تمكين الكوادر منهم من العودة لإعمالهم السابقة ووقف الملاحقات البوليسية و التوقيع في مراكز الشرطة . هذه شروط وقف الطوفان القادم لمن ألقى السمع وهو شهيد فهل تستثير هذه في بن علي العقلاني مكامن العقل والسياسة والكياسة ، أم تدفع ببن علي الصدامي للتكبر في غرور. هذه الثانية يا بن علي والثالثة ثابتة كما يقولون. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد. (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الالكترونية يوم 6 جوان 2006)
وأخيرا سقط المجرم محمد علي القنزوعي
بقلم : نبيل الرباعي « أعلن الوزير الأول أن رئيس الجمهورية قرر تعيين السيد عبد الستار بنور مدير عام الأمن الوطني وتعيين السيد عبد الرحمان الإمام مديرا عاما آمر الحرس الوطني وسيدعى السيد محمد علي القنزوعي إلى مهام أخرى ». انتهت قمة المعلومات وحلت قمة انتهاك حرية الأشخاص وقمع تحركات المعارضين السياسيين ، المحامين ، الحقوقيين والطلبة وذلك بتنصيب محمد علي القنزوعي ككاتب دولة مكلف بالأمن الوطني.
منع انعقاد مؤتمر رابطة حقوق الانسان ومحاصرة مقرها وإعلان حالة الطوارئ ومنع قياداتها ومنتسبيها من الحضور وإجبارهم على البقاء في منازلهم. استدعاء الأستاذ الشيخ المناضل عبد الفتاح مورو العديد من المرات ومضايقته وتهديده من طرف أمن منطقة قرطاج. منع ارتداء الحجاب. استدعاء رموز المعارضة ومضايقتهم. منع الطالبات المتحجبات من إجراء الامتحانات النهائية. مضايقة الإسلاميين من جديد ومطالبتهم الحضور لدى مراكز الأمن للامضاء. محاصرة أمنية لقصر العدالة كسابقة لم تشهدها البلاد من قبل والاعتداء الجسدي على المحامين. منع مجموعة حركة 18 أكتوبر من الاجتماعات والتحركات ومضايقة أفرادها. تدنيس القرآن الكريم بالسجن المدني ببرج الرومي من ولاية بنزرت اللعين تعذيب المساجين بالسجون.
تكوين مجموعة ما اصطلح على تسميتهم بالمبادرة الباريسية هدفها الأساسي ضرب المعارضة في الداخل والخارج وإذلال كل المعارضين واستقطاب من اختلفوا مع توجهات حركة النهضة وأعيتهم أعباء الهجرة والبعد عن الأهل والذين ينتظرون الفرج للعودة إلى أرض الوطن أمثال الأخ الأزهر عبعاب وبهذه المناسبة أدعوه إلى الرجوع إلى الجادة وعدم العيش في الأحلام ومغالطة نفسه والرأي العام وليتذكر نفسه يوم كان زعيم الكتلة الراديكالية في الطلبة الإسلاميين وأحد مهندسي خطف العميد. وكل هذا تعفين للأوضاع ورفع سقف التوتر وفبركة المشاكل مع مكونات المجتمع المدني وكل هذا وإن دل على شيء فإنه يدل على تآمر ضد رئيس الدولة بقيادة المجرم محمد علي القنزوعي ويرى بعض المطلعين على الوضع السياسي بتونس أن هذه الهجمة الهستيريا التي تستهدف الحريات العامة والخاصة والتعدي على حقوق المواطنة تقوي نقمة الناس وبذلك تهيأ أرضية ملائمة لمحاولة الانقلاب والإطاحة بنظام بن علي. وفي الأخير أدعو فخامة رئيس الدولة إلى بعث لجنة للتحقيق في التجاوزات سالفة الذكر وذلك لتصفية وتنقية الأجواء السياسية واتخاذ بعض الإجراءات الإنسانية كاطلاق سراح المساجين وعودة المغتربين بدون قيد أو شرط. حرر بتونس في :الاثنين 05 جوان 2006 * سجين إسلامي سابق الهاتف : 361.487 98 E-mail : rebai_nabil@yahoo.fr
افتتاحية الموقف:
إمتهان للنخب التونسية
ما تعرض له رموز من النخب التونسية يوم السبت 27 ماي الماضي من إهانات وعنف منفلت وإذلال مقصود، لمجرد محاولتهم حضور مؤتمر جمعية قانونية، هو لحظة لا يمكن أن تُنسى أو تُطوى في لفائف التاريخ. فبعد نصف قرن من الإستقلال تتعامل الدولة وممثلوها مع المسؤولين في منظمات وطنية وأحزاب شرعية بأسلوب يدوس الكرامة ويخدش الكبرياء ولا يليق إلا بمجموعات موتورة تطلق الألفاظ النابية وتستعمل قاموسا حزبيا من أسفل السلم، بينما كان يُفترض أن تكون محايدة في الصراعات وأن تسهر على حماية المواطن والذود عن كرامته مهما كانت آراؤه ومواقفه.
والأنكى من ذلك أن السيدات هن اللائي تعرضن لأقصى درجات العنف وأفظع أنواع التنكيل وأقسى الشتائم وكن مستهدفات بصفتهن نساء في ظل حكومة يزعم إعلامها أن المرأة حظيت بما لم تحظ به من قبل من مكاسب وحقوق. بلى، لقد حظيت المرأة (وخاصة المثقفات) بقدر غير مسبوق من المهانة وإهدار الكرامة الإنسانية على نحو لم يجد له أحد تفسيرا ولا تبريرا.
وفي الوقت الذي كانت وجوه من النخبة التونسية تُسام العسف والمهانة بقدر لم تتخيله أبدا في ظل دولة الإستقلال، كان الحكم يضرب مثلا على النمط الذي لا يرتضي سواه لنخبنا: نمط التزلف والرياء، فهو يغدق الجوائز مكافأة لمن يتقن حمل المباخر ويتجاهل، بالمقابل، من صانوا محراب الإبداع وأثروا المشهد الثقافي وكانوا على درجة كبيرة من عزة النفس من أمثال توفيق بكار وفاضل الجعايبي وهشام جعيط ومنصف الوهايبي وجليلة بكار وغيرهم كثير.
وما من شك في أن هذين الأسلوبين في التعامل مع النخب يدلان على تعمَق القطيعة بين الدولة وشرائح مهمة من المجتمع، بالإضافة لما يرمز إليه انتشار التململ والغضب بين أسرة التربية بمختلف مراحلها، كما أكدت ذلك الإضرابات المتكررة، وبين المحامين والقضاة والصحافيين… وحكومة هذا حالها لا يمكن أن تجد سوى القوة لغة للتعاطي مع المجتمع، لكن إلى متى سينفع هذا الأسلوب؟
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)
صورة الجلاد
هذه قصة أخرى من حكايات الجلاد في هذه البلاد
علاقة الإنسان مع السلطة في المجتمع المتخلف، و علاقة هذه معه خاصة جدا. السلطة لا تعرف من الأساليب للتعامل سوى الإرهاب و القمع، سوى الإخضاع دون حدود أو هي تنحو منحى التضليل… ليس هناك علاقة تكافئ أو حوار بين السلطة و الجماهير في المجتمع المتخلف. ليس هناك اعتراف متبادل و سير متبادل للالتقاء عند نقطة تحفظ توازن العلاقة في مناخ مرن و متكيف. السلطة لا تريد مواطنين بل أتباعا، إنها تخشى المواطنة التي تعبر عن ذاتها، تخشى المواطنة التي تنزلها من مكانتها الجبروتية إلى مستوى اللقاء الإنساني. فالسلطة قطعية تصاب بالذعر من اللقاء الإنساني مع المواطن، ذلك اللقاء الذي يتضمن اعترافا متبادلا و تسائلا متبادلا في الوقت نفسه. إذ أن السلطة في المجتمع المتخلف تخشى وضعها موضع التساؤل و هو شرط الاعتراف بشرعيتها. د. مصطفى حجازي : التخلف الاجتماعي – صفحة 195 المصدر منظمة حقوقية وطنية قانونية و معترف بها لمن لا يفهمون القانونية إلا في ما يعترف به السلطان للرعية. خلاصتها » أن السجين أيمن بن بلقاسم الدريدي المحال بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب في القضية التحقيقية عدد 1/1110، تعرض لتعذيب فضيع بالضرب بالفلقة والدهس بالأرجل والضرب على كامل أنحاء الجسم، يوم الخميس 04 ماي 2006، وذلك من طرف مجموعة من الأعوان بإذن من مدير السجن المدعو عماد العجمي لأنه اشتكى لعائلته من حبسه في عزلة في زنزانة انفرادية منذ نقلته من السجن المدني بتونس في خلاف تام لقانون السجون. وإثر ذلك تقدم محاميه بشكاية في حقه من أجل التعذيب وغيرها من الجرائم المصاحبة مطالبا بفتح تحقيق عاجل وعرضه على الفحص الطبي بصفة عاجلة لمعاينة الأضرار الحاصلة له وحتى لا تندثر آثارها بمرور الوقت. فسجلت الشكاية بالمحكمة الابتدائية ببنزرت بتاريخ 17 ماي 2006 تحت عدد 2006/11018 وأذنت النيابة بجلب الشاكي من السجن لسماعه وحرر عليه يوم 20 ماي 2006 من طرف السيد مساعد وكيل الجمهورية. وبلغ لعلم الرابطة أنه كان من نتيجة ذلك تعرض السجين أيمن الدريدي لاعتداء جديد من طرف نفس المدير وأعوانه الذي زيادة على الاعتداء الجسدي قام بضربه بمصحف ثم ركل المصحف عند سقوطه أرضا. وأمام احتجاج السجين أيمن الدريدي على هذا الاعتداء الشنيع عاقبه مدير السجن بوضعة في السيلون ومنع عائلته من زيارته. وقد أعلمتنا والدته أنها تحولت إلى السجن يوم 25 ماي 2006 ويوم 01 جوان 2006 وفي كل مرة يطردها الأعوان بدعوى أن ابنها معاقب وممنوع من الزيارة. وبلغ لعلم الرابطة أن هذا السجين دخل في إضراب عن الطعام احتجاجي وهو لا يزال يواصله وقد أصبحت حالته الصحية متدهورة جدا. »
انتشار هذا الخبر عقبه صدر توضيح رسمي ورد فيه « نفت وزارة العدل التونسية حدوث أي تدنيس للقرآن الكريم في سجن برج الرومي بمدينة بنزرت أو في غيره. وقالت الوزارة في توضيح بعثت به للجزيرة إن مصالح السجون التونسية تحرص على إتاحة الفرصة لجميع السجناء للقيام بواجباتهم الدينية, واستدركت أن البحث جار للوقوف على ملابسات ما وصفتها بادعاءات… » و في اليوم الموالي 4 جوان 2006 ورد خبر مقتضب في مختلف الصحف مضمونه » أعلن مصدر رسمي أنه تبعا للبيان الصادر بإمضاء السيد على بن سالم و لما تضمنه هذا البيان من مزاعم بسوء معاملة مساجين و مس بحرمة المصحف الشريف أذنت النيابة العمومية بفتح تحقيق قضائي حول الملابسات المتعلقة بهذه المزاعم و تحديد المسئوليات. و تبين من البحث المجرى في الغرض مع مختلف الأطراف المعنية أن هذه المزاعم مختلقة و لا أساس لها من الصحة وتم تبعا لذلك و طبق ما يقتضيه القانون الاحتفاظ بالسيد على بن سالم و تقديمه لقاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية ببنزرت الذي أذن بالإبقاء عليه بحالة سراح اعتبارا لتقدم سنه و لحالته الصحية و بمواصلة الأبحاث في الموضوع… »
قد يبدو المهم في هذه القضية التنازع حول الجلاد و الضحية و لكن البيانات الرسمية لم تنظر للموضوع من هذه الخلفية. بل أنها حددت مهمة البحث في الوقوف على ملابسات هذه الادعاءات التي تبين لها أنها مختلقة ولا أساس لها من الصحة لتتحول التهمة من الجلاد إلى من تجرأ على طلب الإستنجاد.
الثابت الوحيد الذي يمكن تحصيله من هذه الواقعة يقع في الحقيقة خارج إطار أحداثها ليذكرنا بأن القاضي و الجلاد كائنان لا يلتقيان بمعنى أن وجود أحدهما ينفي وجود الآخر من أساسه لأنهما نقيضان لا يمكن أن يجتمعا في نفس القضية و لا حتى في نفس البيئة الاجتماعية فوجود الجلاد ينفي وجود القاضي من أساسه كما أن و جود القاضي لا يبقي مجالا لظهور الجلاد.
البيانات الرسمية جاءت منطقية من حيث المنهجية إذ تجاوزت مسبقا مجرد فرضية وجود الجلاد و لم يبقى لنا سوى البحث في فرضية و جود القاضي في هذه البلاد. و لكن لماذا هذا العناء و القضية قد حسمت بصفة رسمية بإيقاف المتهمين حيث « تم صباح اليوم السبت 03 جوان 2006 إيقاف السيد علي بن سالم رئيس فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من طرف الشرطة، و تم إقتياده إلى مقر فرقة الأبحاث العدلية ببنزرت، كما تم بعد ذلك إيقاف السيد حمدة مزغيش عضو هيئة فرع بنزرت من المدرسة التي يشتغل فيها معلما بجرزونة، فيما أوقف السيد لطفي الحجي عضو هيئة الفرع و رئيس نقابة الصحفيين التونسيين أمام مقر الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية بالعاصمة بعد خروجه من ندوة صحفية كانت تعقدها الهيئة المديرة الجديدة للفرع. كما تم إحتجاز السيد محمد بن سعيد الناشط الحقوقي المعروف في بنزرت بعد أن دخل إلى مركز الفرقة للسؤال عن السيد علي بن سالم. » هكذا انتهى التحقيق إلى أن كل القضية تتلخص في هضم جانب جلاد و كشف عدالة زائفة على رءوس الأشهاد بعد أن أصبحنا في هذه البلاد بحاجة لتبرير عدم اعتقالنا ووضعنا مع المساجين بعد أن شفع للسيد على بن سالم كبر سنه (75 سنة) و حالته الصحية ( عملية لتسريح شرايين القلب منذ أسبوعين) من أن يقع في قبضة الجلاد عماد. الحوار الخفي الذي يخفيه هذا الفصل الجديد من قصة الجلاد يلخصه الموقف الرسمي للرابطة التونسية لحقوق الإنسان في هذه الكلمات: » و تذكر الهيئة المديرة بكل قوة بأن من دور الرابطة قيادة مركزية و فروعا التنبيه إلى الخروقات التي يحصل لها العلم بها، وهو ما قام به فرع بنزرت الذي تحرّى من موضوع بيانه و نسب الأخبار المضمنة به إلى مصادرها و هي « عائلات المساجين ».و كان أحرى بالسلط المعنية فتح تحقيق جدي في موضوع ذلك البيان »وفي هذا الحوار الذي تحاول فيه الرايطة التوجه للسلط المعنية يرفض الناطق الرسمي باسم السلطة الخفية إكساء أي صفة مؤسساتية على مصدر القضية و يشخصه في فرد خارج عن القانون أدين قبل الحكم في القضية. عندما نتأمل مليا المشهد و نتجرد تماما من كل الاعتبارات تقابلنا صورة المصدر الرسمي و لا نسمع غير صوت الجلاد، تقابلنا صورة الوزير و لا يصلنا غير صدى صوت الجلاد، تقابلنا صورة القاضي و لكننا لا نسمع منه سوى صوت الجلاد. و بقدر ما تنمحي تفاصيل معالم صور الناطق الرسمي و الوزير و القاضي و تتحد صورتهم تنجلي صورة الجلاد ليتحد الخطاب مع الصورة في هذه السلطة الغبية بما يحكمها من عنجهية موغلة في التخلف و الشراسة البدائية حتى لا نحتاج إلى أدلة إثبات بأنها تدوس كل المقدسات و تنتهك كل الحرمات لأنها كما أثبتته بطريقة تعاملها مع هذه الواقعة صارت بحالة انفلات و كل ما عداها مجرد بيادق ترتعد في يدها و تتحرك بمشيئتها و تنطق بإرادتها. فما جدوى كل هذا الرياء و الصورة واضحة بكل صفاء على نحو قال شاعرنا الكبير: لا رأي للحـــق الضعيف و لا صــــدى و الـــرأي رأي القــاهــر الغــــلاب فافعــل مشـيـئتـك التي قد شئتـها و ارحم جلالك من سماع خطابي المختار اليحياوي – تونس في 04 – 06 – 2006
المعاهد التكنولوجية .. إشكاليات تسبب تراجع المردودية والنجاعة * ما علاقة إدارة تلك المعاهد بتجهيز المعاهد التحضيرية؟ وبمنظومة أمد؟
تونس ـ كتب محمد بوسنينة * طفت إلى السطح خلال والأشهر الماضية قضية المدرسين بالمعاهد التكنولوجية العليا بأصنافهم المتنوعة، وهي قضية برزت بالخصوص منذ افتتاح السنة الجامعية الحالية، بسبب حكاية إنهاء العقود، والتعاقدات أو الإنتدابات الجديدة، وما رافق ذلك من إشكاليات طرحت بالضرورة على مستوى كل من وزارتي التعليم العالي والتربية والتكوين، ومآسي عاناها الكثيرون ممن فوجؤوا بإنهاء تعاقدهم وإحالتهم على سوق البطالة القسرية. وربما تعود في مفتتح السنة الجامعية المقبلة. والواقع أن قضية المدرسين تطرح قضايا أعمق في المعاهد التكنولوجية، تتعلق بالتصرف في تلك المؤسسات، وليس بموضوع الخيارات والتوجهات المرتبطة بها، حتى أن بعض المدرسين أصبحوا يعتبرون وضعها شبيها بالملكية المشاعة لإدارتها العامة، بسبب المدى الواسع من الإستقلالية الذي تتمتع به تلك الإدارة، بما يجعل الوزارة تبدو كأن ليس لها سوى الإشراف النظري عليها. وقد لا يكون هذا الرأي بعيدا عن الواقع، فأكثر من عقد ونصف من إدارة وحيدة لتلك المؤسسات تجعلها فعلا في حكم شبيه، بقطع النظر عن النجاعة والمردودية العلمية والفنية، وتجعل التصرف فيها خاضعا لمقاييس هي أقرب للذاتية منها للمقاييس الموضوعية. تكوين .. تشغيلية .. تنمية وعندما أقرت الدولة مبدأ بعث المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية كان ذلك ضمن رؤية تكوينية وتنموية معيّنة. كان المنطلق في التصور الشمولي للتعليم الجامعي هو تجسيم اللامركزية الجامعية بتقريب المؤسسة الجامعية من مواقع إقامة الطلبة وبعث أقطاب جامعية جديدة لتخفيف الضغط على الأقطاب التقليدية من جهة والمساهمة في التنمية الجهوية إقتصاديا واجتماعيا وعلميا من جهة أخرى. وبالنسبة للمعاهد التكنولوجية كان ذلك، وبشكل خصوصي، تجديدا في التكوين العالي، بإحداث نمط تكويني شبه جامعي يستوعب جزءا من الأعداد المتزايدة للطلبة الجدد، ويكون منفتحا على الجهة، يتفاعل مع محيطها التنموي والعلمي بما يمكن أن يوفره لها تطوير الشعب القصيرة من قدرة على تلبية حاجياتها الإقتصادية وخاصة متطلبات المؤسسة من فنيين وتقنيين سامين وإطارات متوسطة كفيلة بسد تلك الثغرة التأطيرية في نظام الإنتاج ودعم قابلية التشغيل. وبالفعل كان هناك إقبال على الدراسة في الشعب القصيرة بتلك المعاهد نظرا للحاجة الملحة للتشغيل بالنسبة للطلبة، إذ تم استيعاب أعداد كبيرة منهم في عدة اختصاصات، كان نمط التكوين النوعي فيها متلائما مع ما تحتاجه المؤسسة، والمحيط الإقتصادي عامة. وقد برز ذلك في الأعداد المتزايدة من الطلبة المقبلين على هذا النمط من التكوين، إذ تطور من حوالي 15500 في السنة الجامعية 2000 / 2001 إلى أكثر من 40 ألفا حاليا. على أن هذا التطور الكمي يعود بالدرجة الأولى والأساسية إلى خيار نشر المعاهد التكنولوجية بكل الولايات في إطار سياسة الترابط بين المحيط والتكوين والتشغيل وليس لنجاح تصرف وحدانية الإدارة. وهو ما حمّل ميزانية الدولة والمجموعة الوطنية أعباء مالية كبيرة كانت دائما تتحملها من أجل تنمية رأس المال البشري. فالإعتمادات المخصصة هذه السنة مثلا لبناء معهد تكنولوجي بمدنين لا تقل عن 11 مليون و850 ألف دينار، وآخر في قليبية بما لا يقل عن 4 ملايين و550 ألف دينار. بينما تقدر قيمة التجهيزات عموما بسبعة ملايين دينار، والدراسات بما لا يقل عن 800 ألف أخرى، دون احتساب النفقات العادية المقررة للتصرف والأجور وغيرها. لكن هل حافظت هذه المؤسسات فعلا على رسالتها التكوينية والإقتصادية؟ أم أن تغيرا ما حصل أثناء السير؟ وبفعل لمن؟ تخفيض ساعات الدرس وانعكاساته وبالعودة إلى قضية الإنتداب والتعاقد، يبدو أن القرار المتعلق بها لم يعد خاضعا للسلطة المطلقة للإدارة العامة كما كان في السابق، لكن تبقى لها صلاحية التجميع والإختيار والإنتقاء، وهو ما يجعل القرار الصادر لاحقا من سلطة الإشراف محدود المجال ومنقوص الفاعلية لارتباطه فقط بما يتم انتقاؤه وتقديمه لها. بل إن الإنتداب أو التعاقد الجديد، أو فسخ ما هو قائم، قد لا يعكس أيضا حقيقة الأسباب المؤدية لذلك بالنظر للواقع القائم داخل تلك المؤسسات، أو بعضها على الأقل. فتلك الأسباب هي التي تنبئ عن الأساس. فهناك جانب أساسي مرتبط بكل ذلك ويتعلق بحجم ساعات التدريس المقررة أو المطلوبة من كل مدرس، لا سيما المتعاقدون أو التكنولوجيون. هذا الحجم مرتبط بساعات الدروس النظرية والتطبيقية وبالتأطير. وبعض هؤلاء مطلوب منه 23 ساعة أسبوعيا. جانب منها للتدريس وجانب لتأطير الطلبة. لكن بعض ذلك غير حاصل في واقع الأمر، لأسباب تتصل بسير التكوين، وتغيره، وطبيعة التسيير، وحتى بأسباب تتعلق بالتجهيزات ومن يسيطر عليها، والعلاقات الذاتية وغير ذلك. ولو كان هذا الحجم من ساعات التدريس محترما دائما لربما كانت العقود المسقطة أو التي يتم الإستغناء عنها أقل عددا. ولكن السؤال المشروع الذي يطرح هنا هو لماذا تخفض ساعات التدريس؟ وهل لذلك ارتباط ما بالبرامج وبالمواد التي يتم تدريسها؟ ثم كيف ومن يقرر ذلك؟ لتبين هذا الوضع لا بد من مقابلة بسيطة بين البرامج المقررة للتدريس بشكل أساسي وبين ما هو جار اليوم. ولنأخذ لذلك وعلى سبيل المثال المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بنابل. التقني السامي بين الأمس واليوم فهذه المؤسسة كانت تعتبر، مع معهد رادس، أنموذجية لأنهما كانا الأساس للفكرة الأصلية لهذا النمط من التكوين. وكانت تلك المؤسسة تسمى المعهد التقني العالي بنابل، وتوفر دراسة تقنية متينة لمدة ثلاث سنوات. ويقول بعض أساتذتها القدامى والحاليين أنها كانت تقدم تكوينا جيدا وثريا، فيتخرج منها التقني السامي وهو بالفعل جيد التكوين من الناحيتين النظرية والتطبيقية، بما يكاد يعادل المهندس، وقد وجد العديد من خريجيها مواقع متقدمة في عالم الصناعة، وفي النسيج الإقتصادي من خلال شركات هامة في مجالات متعددة، وكذا في التكوين المهني. وحتى بعد أن تحولت إلى معهد عال للدراسات التكنولوجية يوفر تكوينا لمدة خمس سداسيات، حافظت ولمدة، على نفس المستوى من حيث البرنامج وتوفر الأساتذة الجامعيين الذين كانوا يدافعون عن ذلك، وعن مجالات تخصصهم، ويوفرون تأطيرا مناسبا للطلبة ولزملائهم من المتعاقدين والتكنولوجيين ومساعدي التكنولوجيين. لكن هؤلاء يشيرون إلى أن الأمر بدأ في التراجع خلال السنوات الأخيرة، وخاصة منذ عام 2003. فلم يعد التكوين، بجانبيه النظري والتطبيقي، بذات الصلابة والمتانة. وانخفض مستواه وكأن المطلوب هو أن يمنح للطالب تكوين فني أدنى ـ سميغ ـ ! وفقدت شهادة التقني السامي ذاك البريق وتلك القوة التشغيلية التي كانت تميزها. ومن الغريب فعلا، كما يتحدث عن ذلك بعض إطار التدريس، أن تنعقد لجنة ما في معهد ما بمجرد اتصال هاتفي، فتخفض ساعات تدريس نلك المادة، أو تلغى مادة، بدون أثر أو محضر جلسة أو قرار لمجلس علمي، وبدون مرجع أو سند من القانون! كيف يتم ذلك؟ من يقرره؟ يحتاج هذا لتدقيق إداري من سلطة الإشراف. وبالمقارنة بين ما كان مقررا في السابق من برامج لإحدى المواد الرئيسية، ومن خلال الوثائق، نجد أن حجم ساعات التدريس الأسبوعية قد سجل انخفاضا بشكل واضح، علما بأن مجموع الساعات المطلوب تدريسها لتخريج فني سامي في هذا المجال يراوح 2300 ساعة في كل واحد من اختصاصات تلك المادة حسب ما هو محدد في الوثيقة التوجيهية لهذه المادة لسنة 1995. كما سجل خفض في تدريس مواد هامة مثل الرياضيات والإعلامية، أو حذف تدريس الفيزياء في مجال آخر، إلى غير ذلك مما يبرز واقع التغيير في محتوى التكوين، ويؤثر بالتالي على المستوى المعرفي للمتخرجين، وهو ما يحتاج لوقفة جديدة من الخبراء ربما لإعادة النظر في محتوى البرمجة والتوجهات. لا شراكة اليوم.. على صعيد آخر، تغيرت صيغ إنجاز مشاريع التخرج من معهد نابل الذي نتحدث عنه كمثال. ففي السابق كانت تلك المشاريع تنجز بالشراكة مع المحيط الإنتاجي، فتنجز مشاريع مرتبطة بحاجيات المؤسسة وأساليب إنتاجها، وكان رؤساء بعضها يشرف بالشراكة مع الأستاذ المؤطر على تلك المشاريع، بما يسهل لاحقا انتداب المتخرج الجديد، بل ويتولى رؤساء مؤسسات إنتاجية الإشراف على لجان التخرج بما يرسخ الوجهة التي بعثت من أجلها المعاهد التكنولوجية وهي الترابط بين المعهد والمؤسسة والتفتح على المحيط الجهوي. كما كانت مشاريع تخرج أخرى تنجز بالشراكة أيضا مع مركز الدراسات العلمية والتكنولوجيا الصناعية بفرنسا بما ييسر تجسيم اتفاقية كانت سارية لاستقبال تلك المؤسسة للخريجين الأوائل بأقسامها. أما اليوم فإن هذا التعاون والشراكة لم يعد له وجود تقريبا لا على المستوى الوطني ولا الخارجي، وأصبحت مشاريع التخرج تعتمد الأساليب النظرية التي لا ترتبط بشكل وثيق بالمحيط الصناعي والإنتاجي، وهو ما انعكس سلبا على محاضن اختصاصات المعهد التي تراجع عنها الطلب من جانب الصناعة إلى درجة أنها أصبحت شكلية وغير ذات نجاعة. فموضوع التعاقدات والإنتدابات من عدمها ليس موضوعا منفصلا بل هو مرتبط وثيق الإرتباط بالجوهر، أي بقضايا التصرف في الموارد البشرية من إطار التدريس، وبالبرمجة وتوجهاتها ومحتواها، وبمشاريع الشراكة وانعكاساتها على نمط التكوين وكذلك بقضية التمويل. إزدواجية .. وتداخل وفي هذا المجال ، مجال التمويل، تجدر الإشارة إلى وجود مسألة لا بد من إثارتها دون تفصيل، أشار لها بعض المدرسين، وتتصل بالتجهيزات. فالمعروف أن هناك فصلا قانونيا وهيكليا بين الجامعات التي تقدم تكوينا جامعيا ضمن مؤسساتها من كليات ومعاهد ومدارس عليا، وبين المعاهد التكنولوجية التي تقدم تكوينا تقنيا على مستوى التقني السامي وتتبع إدارة عامة غير مرتبطة عضويا بأي من الجامعات. ومع ذلك فإن التجهيزات الفنية والعلمية الخاصة بالمعاهد التحضيرية العليا، العلمية منها والتكنولوجية، تتم عن طريق إدارة المعاهد التكنولوجية. فماذا تعني هذه الإزدواجية في التجهيز رغم عدم الإرتباط في أي مجال آخر؟ ففي بلد مثل فرنسا تحتل التجهيزات العلمية بالمؤسسات التعليمية الجامعية أهمية بالغة الخطورة. ويتم توظيفها وتنظيم توزيعها بشكل متكامل بين المؤسسات الجامعية التي تكون متشابكة في ما بينها برؤية متكاملة في مجالات البحث العلمي، فتنجز المشاريع البحثية اعتمادا على حسن توظيف واستعمال التجهيزات والمخابر بما يوفر الجدوى والنجاعة وتكامل أهداف البحوث العلمية أو التنموية المطروحة. لذلك يطرح تساؤل عن قضية الجدوى في مجال تحديد واختيار وتوزيع ثم توظيف تلك التجهيزات عندما تكون خاضعة لتصرف المعاهد التكنولوجية، بينما البحث العلمي الجامعي يتم في غيرها. وربما لا يكون هذا التداخل هو الوحيد بين الهيكل المسير لتلك المعاهد وبين الجامعات. فالمعروف مثلا أن نظام ـ أمد ـ، أي نظام الدراسة الجامعية الذي أصبح يعتمده الإتحاد الأوروبي والمرتكز على ـ إجازة ماستير دكتوراه ـ وتستعد تونس ربما للإرتباط به، ينطبق على التكوين الجامعي فقط. لكن ليس من الواضح أن هذا النظام ينطبق على المعاهد التكنولوجية، التي يتوجه طلبتها في أحسن الحالات إلى النظام الدراسي الفني المتوسط في فرنسا والذي لا يمنح إلا الديبلوم الجامعي الفني. لهذا ربما يكون اهتمام إدارة تلك المعاهد بذاك النظام في غير محله ما لم يتم توضيح الأمر بشكل مفصل وجلي للطلبة وللرأي العام، حتى يمكن تفادي المصاريف والنفقات المترتبة عن الدراسات والملتقيات والسفريات المتصلة بكل ذلك. * صحافي تونسي
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
بعد تدنيس القرآن الكريم وإقالة القنزوعي:
دعوة لإغلاق سجن برج الرومي
عبد الحميد الحمدي- الدنمارك
قبل عدة أشهر عندما أثيرت مسألة تدنيس القرآن الكريم في معتقلات غوانتنامو سيئة الذكر، هب الإعلاميون والسياسيون الأمريكيون من ذوي الأقلام والعقول النيرة للتنديد بما حصل والتبرؤ منه، لا بل ومتابعة كل من تثبت إدانته بهذا الفعل الشنيع الذي يمس بعقيدة ملايين البشر ويهدد مستقبل الحوار بين الثقافات والحضارات الذي ينادي إليه الجميع. ومع أنني أفهم كغيري من المتابعين الأبعاد السياسية والإعلامية لتلك الضجة إلا أنني لا أستطيع إلا أن أحترم كل من ندد بذلك تماما مثلما يندد غالب المسلمين بالأعمال الإرهابية المتهورة التي ترتكب هنا وهناك باسم الإسلام وهو منها براء.
ومع أن إقدام جنود أمريكيين على مثل تلك العملية البشعة في زنزانات غوانتنامو كان أمرا مفهوما ليس فقط لاختلاف الثقافات بل ولربما لجهل أولئك الجنود بمكانة المصحف عند المسلمين فإن ما أثار الاستغراب في الأيام الأخيرة ما اقترفه سجان عربي في بلد إسلامي عريق يحتضن أحد أبرز قلاع الثقافة الإسلامية وأكثرها إشعاعا في التاريخ الإسلامي لشمال إفريقيا، وأقصد هنا ما أشارت إليه بعض وسائل الإعلام العربية والدولية وأكدته منظمات مدنية وحقوقية في تونس عن إقدام سجان تونسي على ضرب معتقل رأي بالمصحف ثم ركل المصحف بقدمه، ولم يتبع ذلك اعتذار رسمي من الحكومة التونسية ولا متابعة قانونية لشخص لم يتعد على حرية شخص بل على عقيدة التونسيين.
لقد أصبح مفهوم الوطنية زئبقيا إلى حد كبير في ظل ثورة الإتصالات وانتقال العالم إلى قرية عالمية كونية حتى أنه إذا اشتكى عضو منه في البصرة أو سامراء أو حديثة , قامت له المظاهرات المؤيدة في نيورك ولندن وكوالالمبور. مع ذلك يبقى الإنتماء للوطن بفهومه الجغرافي يحمل كثيرا من المعاني والقيم التي يتصل بعضها بالشخصية والهوية الوطنية لا بل إن بعض الآثار تربط بين الإيمان وحب الأوطان. ووفقا لهذا المفهوم نمييز عادة بين الكتاب والمفكرين والدعاة والحزبيين , على حسب انتماءاتهم الجغرافية , أو الوطنية , ونعد كل متجاهل لثوابت الأغلبية من المواطنين , أومعاد لقضاياهم بالمتواطئ أو المتعالي , وأحيانا إذاوقف ضد هذه المصالح , نصفه بالخيانة الوطنية.
من هذا المدخل يؤلمني ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من تدنيس للمصحف الشريف في بلاد الزيتونة والقيروان والذي زاد ألمي , الكيفية التي تعاملت بها الحكومة التونسية مع هذا الحدث العظيم , عوضا أن تستنكر هذا الفعل الإجرامي وتعد المسلمين عامة وأبناء تونس خاصة بتحقيق فوري في الأمر على الأقل تأسيا بأمريكا حين أشيع تدنيس المصحف في سجن غونتنامو لكن مع الأسف الشديد سارعت كعادتها بالتكذيب والإنكار , وأبشع من الحكومة صمت القبور لبعض أحزاب المعارضة , التي تقوم ولا تقعد لمجرد أن عونا أمنيا ضرب أحد الرفاق أو الرفيقات بصفعة كف , وكأن الرفاق أكثر حرمة من كتاب الله العزيز , أنا هنا لا أبرر للأمن سلوكه الفاجر بضرب أصحاب الرأي من بني البشر, وإنما أنبه هؤلاء لمسؤولياتهم , وأنتقد تعاملهم ومعاييرهم مع كل ما له صلة بالدين سواء تعلق الأمر بالقرآن الكريم أو بحجاب المرأة التونسية أو بالتعليم الديني , أين الهمامي والشابي وبولحية ومواعدة وبن جعفر وبن سدرين والنصراوي وأم زياد والطالبي وغيرهم من كل هذا , هل هذه الإنتهاكات لا تهمهم ؟؟
لقد بلغ الأمر مرحلة من الخطورة لم يعد من الممكن الوقوف فيه على الربوة والصمت ومتابعة المشهد من بعد، ذلك أن تاريخ العالم ومنه تاريخ تونس الحديث يكتب بنضالات أبنائه وتضحيات نخبه التي لا ينسى. وعليه فإن النظر إلى القضايا الحقوقية والقانونية وخصوصا ذات الصلة بالشأن الديني المقدس لا تحتمل الصمت ولا تقبل الإنصات لما يفعله المتهورون والمعادون للثقافة الإسلامية منهجا وعقيدة وهوية.
مرة أخرى أوجه ندائي لسيادة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي المسؤول وحده أمام الله على هذه الانتهاكات التي يتعرض لها القرآن الكريم بأن يوجه بالتحقيق في هذه المسألة الخطيرة وأن يأمر بغلق هذا السجن السيئ الصيت « برج الرومي » ويطلق محابيسه من أصحاب الرأي المغاير الذين لم يثبت أنهم استخدموا السلاح ضد أحد.
أما دعوتى لنخبتنا المحروسة المناضلة المرابطة من أجل حماية الحريات النقابية والإعلامية والمدنية أن يتقوا الله في كتابه فعنده يجتمع الخصوم « يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم » , « ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا » – صدق الله العظيم
بالمناسبة: إلى أين تأخذنا «ماكينة» الكذب والاشاعات؟!
حين يصبح الكذب والإشاعة مطية البعض لتحقيق أهداف أو خدمة مآرب سياسية فإن المتابع يدرك رأسا بأن هناك خللا منهجيا فظيعا في أساليب وخطط ـ هذا البعض ـ وجب التوقف عنده اجلاء للحقيقة وانصافا لها… وتعرية لهذه الاساليب التي تنطلق من الباطل وتنتهي اليه… والمتابع يدرك دون عناء أن بلادنا تتعرض منذ فترة لنمط جديد من الحملات المضلّلة التي تعتمد ترويج الاشاعات والاكاذيب السخيفة التي لا يصدقها عقل ولا تتقبلها اذن انسان عاقل متزن… حملات تعتمد أسلوب التطبيل والتهليل للاشاعة وللكذب، معوّلة على ما يمكن ان يلحقه الباطل من أذى بالناس أو بالقادة او بالدول والشعوب في انتظار ان يدمغه الحق فيزهقه…
ولقد بدأ هذا المسلسل الجديد الذي حيكت حلقاته بخبث وحقد كبيرين بالترويج لأكذوبة أن «الصلاة في المساجد التونسية باتت خاضعة للاستظهار ببطاقة مغناطيسية» هكذا وبكل وقاحة وبكل جهل وبكل تجنّ على الواقع وعلى الحقيقة… وتدرك الاغلبية الساحقة من التونسيين بطلان هذه الاشاعة السافلة… ويعتقد كل التونسيين باستثناء بعض أصحاب الانفس المريضة ان مثل هذه الاشاعة لا تستحق حتى عناء الرد عليها لانها عارية من الصحة وخالية من أي منطق او صواب لأن كل المصلين في تونس وهم يؤمون آلاف المساجد، وجلّها بني ووسع منذ تغيير السابع من نوفمبر للامانة وللتاريخ، يرون بالعين المجردة ويلمسون لمس اليد كذب وبطلان هذه الاشاعة… لأنهم يدخلون المساجد والجوامع لاقامة الصلوات الخمس وصلاة الجمعة دون حسيب او رقيب ودون حاجة لمثل هذه البطاقة المضحكة ـ المبكية التي اختلقها خيال مريض… خيال فاته التنبه الى أن اعدادا هائلة من التونسيين تفيض بهم المساجد في صلوات الجمعة خاصة ويضطرون الى تأدية صلواتهم في الهواء الطلق، فكيف يكون حال بطاقات هؤلاء المغناطيسية؟ وكيف يتم الاستظهار بها؟ وأين هي تلك الآلات أو الابواب التي لا ترى والتي يفترض ان يستعمل فيها المصلي بطاقته ليسمح له بالصلاة وفق هذه الاشاعة السافلة؟
ولعل ما يزيد الامر غرابة هو تلك السرعة التي تلتقط بها فضائيات يفترض انها تحترم نفسها وتحترم أصول العمل الصحفي واخلاقيات المهنة، هذه الاشاعات ترتمي علىها وتحولها الى مادة لبرامج تدعي لنفسها الجدية دون مراعاة لأبسط قواعد المهنة ممثلة في التحري والتثبّت من الخبر والانصات للرأي الآخر…
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد… بل ان أكذوبة جديدة ظهرت لتأخذ المشعل ـ وأي مشعل ـ عن الاولى بعد ان بان كذبها وبطلانها… وتتمثل في أكذوبة «تدنيس القرآن الكريم في أحد السجون التونسية»… ومع أن السلطات المختصة باشرت التحقيق في هذه الادعاءات وأصدرت بيانا رسميا في المسألة يفترض انه وضع النقاط على الحروف، فإن أي عاقل ومنصف وصاحب بصر وبصيرة يدرك أن تونس القيروان وجامع عقبة، وتونس جامع الزيتونة المعمور، وتونس جامع العابدين الذي انتصب شامخا في مكان كانت تهيمن عليه كاتدرائية وجاء ليكون عنوانا لهوية هذا الشعب ونصرة لعقيدته وتجسيدا للتسامح ولتعايش الاديان… وتونس كل الأعلام والفقهاء والمفكرين السابقين واللاحقين الذين اثروا الحضارة العربية الاسلامية ايما اثراء… وتونس التي تبني المساجد بالمئات وتوسعها بالمئات لتكون قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين… وكل ذلك وفق سياسة واضحة المعالم تستهدف العناية بالدين وبأماكن العبادة وبالقائمين عليها… وكذلك في إطار مشاريع رئاسية معلنة لتوسيع وتجميل بيوت الله… وتونس البلد الذي طبع القرآن بصفة رسمية وفي شكل رشيق وأنيق وسمّاه مصحف الجمهورية التونسية ويروّجه في الداخل والخارج… تونس هذه لا يمكن أن تفكّر مجرد التفكير في الإساءة للقرآن الكريم ولا يمكن أن يفكر فيها أحد مهما تقلصت درجة إيمانه في أن يمس المقدسات والمحرمات وفي طليعتها كتاب الله العزيز…
فلماذا يتعمد طيور الظلام الترويج لمثل هذه الإشاعات الهابطة؟ ولماذا يصل الحقد بهؤلاء إلى هذه الدرجة من الحقارة؟
سيكون من الغباء القول بأن مثل هذه التحركات هي عشوائية ومعزولة… فعلى العكس هي مدروسة بعناية ويراد من ورائها تحقيق جملة من الأهداف لعل أهمها:
ـ الترويج للأكاذيب والإشاعات والتعويل على الضباب والشك والتساؤلات التي تنشرها بغية الإساءة للنموذج التونسي الذي بنى تجربة ناجحة بالإنسان وللإنسان والتي نحتت معالم شخصية وطنية متعلمة مثقفة متأصلة في جذورها ومتمسكة بهويتها ومنفتحة في نفس الوقت على الحضارة الكونية ورافضة لكل تزمت أوانغلاق… ـ محاولة خلق حالة من العداء والسخط على تونس من خلال العزف على وتر المشاعر الدينية وما تؤججه من عواطف وما تبنيه من مواقف معادية لتونس يراهن البعض على أنها سوف تكون قد أخذت مداها وفعلت فعلها قبل أن تعرف الحقيقة ويزهق الباطل… ـ محاولة التحريض على استعداء تونس من خلال تصويرها في تلك الصورة المزعومة لبلد يمزق فيه القرآن الكريم… وما توحي به هذه المزاعم من مقارنات مع فظاعات جرت في معتقلات غوانتانامو وأبو غريب وغيرهما… وهي مقارنات مؤذية لتونس ولصورتها ولشعبها وكذلك للحقيقة في انتظار أن يتبيّن ا لعالم الخيط الأبيض من الخيط الأسود… ـ التركيز في هذه الفترة بالذات التي يبدأ فيها ا لموسم السياحي في تونس على ترويج الإشاعات والأكاذيب لإفساد هذا الموسم… ونحن في هذا الإطار نسأل: هل هو من قبيل الصدفة أن تطلق إشاعة «الصلاة بالبطاقة المغناطيسية» ثم إشاعة «تمزيق القرآن» وفق هذا التسلسل وفي هذه الفترة بالذات؟ وهل من البراءة ومن الحرص أن يتعمد تونسي أو جماعة من التونسيين ترويج مثل هذه الأكاذيب والإشاعات بالتزامن مع انطلاق الموسم السياحي وما يدره من مواطن شغل ومن موارد على البلاد وعلى العباد وما يوفره لمئات الاف التونسيين من عوائد في زمن صعدت فيه أسعار المحروقات إلى السماء وشفطت معها موارد ومقدرات كانت مقررة أصلا لدعم المجهود التنموي وإشاعة التنمية في كامل ربوع تونس فإذا بها تطير في الهواء وتصرف لسد ما خلّفه ارتفاع أسعار ا لمحروقات من أعباء إضافية!
وبالمحصّلة ألا يعد كل هذا دعوة للإرهاب الأعمى كي يأتي ويضرب في تونس لـ»تأديبها» لا لذنب ارتكبته في حق ديننا الحنيف وإنما بالاعتماد على هذه الأكاذيب المضللة والإشاعات الحاقدة؟ ثم إلى أين يمضي مسلسل الاستعداء على تونس والبعض يحاولون ارتهانها بين جماعة يستقوون بالأجنبي وجماعة يحرّضون عليها الإرهابيين؟ أسئلة تبقى مطروحة أمام هؤلاء وهؤلاء إن كانت لهم ضمائر وأبصار… أما الشعب فيدرك جيّد الادراك الغثّ من السمين.. ويفهم طبيعة الزبد الذي يذهب جفاء أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض… * ع. م . م. __________________________________________________ (المصدر: صحيفة الشروق الصادرة يوم 6 جوان 2006)
البعد الآخر
مــــــرة أخــــــــرى: المصحف فوق الرماح!؟
بقلم: برهان بسيس
تروي أخبار القرون الوسطى الحافلة بسيرة الرهبان والقساوسة أنّ مدينة فلورنسا عاشت لسنوات ممتدّة في قبضة راهب خطيب فرض بقوّة كلمات القداسة ومواعظ الآخرة إرهابا حقيقيّا على السكان الذين انقسموا بين تابع مهووس أو ضحية مسكين للرّاهب جوردانو. «دعونا نقتل خونة المسيح.. دعونا نطرد روح الشّيطان الساكنة في زوايا المدينة» قيل أن جوردانو كان غالبا ما يردّد هذه الكلمات ناحبا باكيا لتسير وراءه الجموع باكية دامعة فتحرق وتقتل وتخرّب. عادة ما كان خونة المسيح الذين تنزل عليهم لعنات الرّاهب جوردانو هم أولئك الذين رفضوا دفع الضريبة للحبر الكنيسي وهذه الضريبة هي بالذّات جوهر المعركة المتواصلة إلى اليوم باسم الدين والمقدّسات مظلّلة بنفس روح الزّيف والمغالطة والدّجل متنكّرة وراء نفس الأقنعة الناطقة زورا باسم الدين لتصفّي حساباتها مع خصومها السياسيين. جوردانو العصور الوسيطة ترك مكانه اليوم لهواة اللعبة الخطيرة التي حوّلت وجهة الاختلاف السياسي إلى برزخ الإيمان والكُفر في ظِلّ مناخات مشحونة بكل صنوف التوترات والاختلالات النفسية والاجتماعية والسياسية التي تجعل من الدين الأداة الأكثر إغراء وسهولة لتوظيفه في معارك الخصام السياسي، لكنّ اللاّفت هذه الأيّام أنّ الأمر لم يعد اختصاصا محتكرا من طرف تيارات التطرّف الديني بل تعدّى إلى استقطاب لاعبين جُدد أغرتهم ديماغوجيا الرّهبان في ظلّ أزمة المصطلح السياسي الحديث ليقتحموا فجأة ساحة الصراع السياسي المشروع والطبيعي بأزياء جديدة وأسلحة مُبتكرة في ما يشبه قياسا – رغم الاختلاف النوعي – استعادة مشهد الحروب القديمة في أكثر لحظاتها درامية ومخاتلة حين رفعت الرماح عاليا وقد تدلّت من على أسنّتها المصاحف!!! لقد تعرّضنا الأسبوع الفارط في تونس إلى ما يشبه هذه الخديعة!!! بيان خطير باسم رابطة حقوق الإنسان أسرع لاهثا لغرفة أخبار الجزيرة ليرسم في جدول أهمّ أخبار اليوم بالمضمون والصيغة التي يشتهيها التكفيريّون ليصقلوا على رحاها سيوفهم وسكاكينهم «ألا إنّه يا حماة الإسلام قد دُنِّس المصحف الشريف في تونس» بدا هذا البيان نقلة نوعية في عمل ونشاط الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي دخلت هيئتها في ما يبدو – أو لنقل بعض منتسبيها – مرحلة من التخبّط في مسار طلب العون والمساندة تجاوز هذه المرّة الفضاء التقليدي للشبكة الدولية للمنظمات والجمعيات الحقوقية أو بعض الحكومات الغربيّة المتعاطفة ليمرّ فجأة إلى استدراج واستعطاف جيوش الجهاديين والتكفيريين في ما يشبه الرّسالة المشفّرة التي تستدعي الارهابيين للاهتمام بالبلد واستهدافه. لعبة التطرّف الديني أصبحت مغرية للجميع سواء بالتبنّي المُباشر أو بالتحالف أو بالصّمت وكأنّ قدرا سياسيا يحكم علينا ألا نفلت من أصول عقل الخديعة بذات الصياغة التي أخرجها معاوية حين أعيته الحجّة وتساقطت أوراق سنده السياسي في خصومته مع عليّ فكانت خدعة رفع المصاحف وإقحام المصحف في معركة الالتفاف على الخصم توظيفا وسطوا على سموّ وقداسة القرآن لتصفية الحساب مع خصوم سياسيين. والحقيقة فإن الاستدراج قد بدأ قبل ذلك عبر مقدّمات مشحونة بالإشاعات والادّعاءات السخيفة التي حرّكتها مراكز قوى أصوليّة عبر أجهزتها ومواقعها الإعلامية أبرزها الرواية الخيالية عن البطاقة المغناطيسيّة المعتمدة في بلادنا لدخول المساجد لتنتهي الهجمة التصاعدية الى هذه المحطة الجديدة من الاستهداف وهي مؤشّرات لانتقال نوعي في مسار الاختلاف والصراع بنقل معركة الدسّ والمغالطة الى حقل حسّاس وحارق يعتمد ركوب المشاعر الدينية وتوظيفها عبر قصص مفتعلة للتشويه والتزوير كمُقدّمة لفائدة سيناريوهات أخطر تقحم البلاد لا قدّر الله في أعمال استهداف يدفع ثمنها الجميع دون استثناء. لا أعتقد أنّ هُناك ما يبرّر هذا المنعطف الخطير للمقارعة السياسية التي ينبغي أن تبقى مهما كانت الاحترازات والمطاعن ضمن دائرة التعاطي المدني والسياسي لأنّ لعبة إخراج المارد الحارق من قمقمه واستدراجه بتعويذة الدين والمقدّس لن تُعْفي أحدا من دفع الثمن خاصّة أنّ الأمر تماما كما تحسّس الأطفال للعبهم الخطيرة يبدأ مزاحا ولهوا لينتهي جدّا وخرابا. الحذر والحكمة واجبان!!! (المصدر: صحيفة الصباح الصادرة يوم 6 جوان 2006)
بسم الله الرحمان الرحيم جندوبة، الثلاثاء 7 جوان الطيب السماتي « هاي الرجال »
المعارضة السورية تدعو لإسقاط النظام و تطالب الأجهزة الأمنية بتحمل مسؤولياتها
عندما طالبت، سنة 2001 منذ دخولي المعارضة السياسية و بعدما تعرضت له من ظلم قضائي، باستقالة الرئيس بن علي و إسقاط النظام السياسي، أول من جاهرني باستغرابه من مطلبي هو الأخ المحترم لطفي الحجي عندما زرته في مكتبه أيام كان ينشط بمجلة حقائق، ثم اتهمني عدد من الإخوة « بالجنون ».
مع مرور السنين لاحظت أنني اعقل العقلاء و ارشد الرشداء، حيث عبر عدد كبير من المعارضين السياسيين، و إن كان بخجل، عن نفس الشيء، فقامت تظاهرة هامة جدا تحت شعار « يزي فك » و آخر ما ظهر رسالة من احد عظماء المعارضة المحترم الدكتور المرزوقي الذي أكد وجوب « استئصال » و »اجتثاث »هذا النظام من جذوره كما أكد انه لم يعد من المعقول المطالبة بإصلاحات و ترميمات.
الحمد و الشكر لله، لم اعد أنا المجنون الوحيد في هذا الوطن المسلوب الحقوق. اليوم تتعالى أصوات المعارضة السورية بتمامها و كمالها لتدعو بإسقاط النظام السياسي و تطالب الأجهزة الأمنية بتحمل مسؤولياتها… ما أروعك يا عربي عندما تطالب بتحريري.
فإلى متى ستبقى معارضتنا السياسية التونسية رهينة رعبها و خشيتها من المطالبة »بالصحيح »؟ يعني الطالبة بإسقاط النظام السياسي. ماذا يجب أن يفعل بنا النظام السياسي أبشع مما فعل بنا حتى تتحرك فينا مشاعر الوطنية و نطالب بحقنا الشرعي؟ أرجوكم كونوا في مستوى المسؤولية، لقد تعبنا، تعبنا، تعبنا ، لم نعد نتحمل أكثر… النواب، كل النواب يرتشون، يسرقون، يعبثون، ينهبون إلى درجة لفضتهم المؤسسات المالية و أعادت صكوكهم بدون رصيد الوزراء، كل الوزراء يرتشون، يسرقون، يعبثون، ينهبون إلى درجة لفضتهم المؤسسات المالية و أعادت صكوكهم بدون رصيد أبناء و عائلات و خليلات الوزراء و النواب يرتشون، يسرقون، يعبثون، ينهبون إلى درجة لفضتهم المؤسسات المالية و أعادت صكوكهم بدون رصيد العائلة الحاكمة و خاصة عائلة الطرابلسي يرتشون، يسرقون، يعبثون، ينهبون إلى درجة لفضتهم المؤسسات و لم المالية تعد صكوكهم بدون رصيد
فأين المعارضة السياسية؟ بكل احترام لكم جميعا لم اعد أثق فيكم و الشعب ايضا لم يعد يثق فيكم، لذا و في غياب رجال ذكور فاني أناشد المحترمات الرجال الإناث، المحترمة سهام بن سدرين، المحترمة أم زياد، المحترمة آمال بلحاج و كل الرجال النساء تونس الفاضلات، أرجوكن طالبن بإسقاط النظام السياسي…و اعلمن أن كل الشعب ينتظر منكن إشارة الانطلاق…انطلقن بنا يا رجالاتنا الإناث، كن قوامات علينا، أرجوكن، أتوسل لكن.
ينصركم الله الطيب السملتي 21840725
الديمقراطية: الوجه الآخر للإصلاح ! !
مصطفى عبدالله الونيسي. ounissimustapha@hotmail.fr تقديم : لعله من المفيد أن ننبه القارئ الكريم ،بادئ ذي بدء،إلى أن المقصود في هذا المقال ليس موضوع [ الديمقراطية] في حد ذاته ، لأن ذلك في تقديرنا لا يمكن أن يتسع له مجرد مقال ،و إنما المقصود هو محاولة بيان كيفية طرقنا و تناولنا للموضوع ،أي بلغة أخرى توضيح المنهجية التي نقترحها لدراسة الديمقراطية . فهذا المقال لا يعدو أن يكون مجرد طرح عام لإشكالية الديمقراطية في واقعنا العربي و الإسلامي. الديمقراطية: من الغلبة إلى الشورى،ومن الشمولية إلى التعددية : يكاد يُجمع الباحثون الجادون اليوم على أن الأنظمة الديمقراطية و التعددية ة خاصة في صورتها المعاصرة ولو على خلفية علمانية هي ،موضوعيا،أقل الأنظمة سوءا إذا ما قارناها بغيرها من الأنظمة الشمولية و الإستبدادية سواء كانت هذه الأنظمة ملوكية أو رئاسية أو عسكرية ….
و تداركا لما سببه غياب النموذج الإسلامي ألأمثل للحكم، من مآس ودماء و فراغ سياسي وصمت مُطبق و رتابة مملة وغير عادية بالمرة كما هو حالنا في الوقت الراهن من ناحية ،و بحثا عن التطوير و التحسين لبدائلنا السياسية و الإجتماعية في إطار ثقافتنا العربية و الإسلامية ،و اختراقا لهذا الصمت وكسرا لهذه الرتابة و اهتماما بما يحقق سعادة الإنسان وكرامته بصفة عامة من ناحية ثانية ،رأينا من المناسب و المفيد أن نتناول ، بقد ر ما تسمح به امكانياتنا المتواضعة و ظروفنا الموضوعية، بالتأمل و النظر موضوع [الديمقراطية]كنظام و أسلوب للحكم و أداة للتغيير و التحسين و إدارة الإرادة الشعبية العامة بالطرق السلمية و مُحاربة الإستبداد ، أنى كان شكله وصورته ، من منظور إسلامي حتى نقف على مدى انسجام هذا الأسلوب في الحكم مع روح التشريع الإسلامي و مقاصده من عدمه . و لأن الديمقراطية ،كمعطى حقيقي نظري و ميداني في نفس الوقت،قد فرضت نفسها في الواقع الغربي كممارسة سياسية متقدمة و نوعية ،فإن دراستها بأكثر جدية من خلال منطقها الداخلي ،الذي يمثل روحها و جوهرها ،عبر تحليل مفرداتها و تفكيك مركباتها هي عملية ضرورية و حيوية من أجل المسك بجُملة أطرافها واستيعاب منطلقاتها التاريخية و فهم خصائصها و أبعادها و معرفة مدى امكانية الإستفادة منها و الإستنارة بها في أدارة شئوننا السياسية العامة في بلداننا العربية والإسلامية التي لا تزال تبحث عن ذاتها و عن دورها الذي يجب أن تلعبه بين الأمم. و الذي يهمنا بالأساس في الديمقراطية ،ليس هو المصطلح و إ نما هو المضمون ولذلك فنحن نناقشها باعتبارها عقلية و أفقا واسعا ومُنفتحا يسمح بالأخذ و العطاء ابتداء. و نناقشها، أيضا، باعتبارها خيارا أوليا لنمط من أنظمة الحكم ،برغم ما قد يُقال فيها،مُغايرا لأنظمة الحكم الإستبدادي و الشمولي . فدراسة الديمقراطية و فهمها و فهم آلياتها يساهم بل و يؤدي إلى توضيح المواقف و تجذيرها إزاء الإستبداد بكل أشكاله و صوره،وهو ما يعني في كل الأحوال الإنتهاء إلى استنباط و اقتراح صور أخرى بديلة هي أفضل وأجمل وأعدل وأرحم في إدارة الشأن العام و التداول على السلطة بعيدا عن إراقة الدماء والإنفراد بالحكم و احتكار وسائل القهر و الغلبة . مُرادنا هو القضاء على الإستبداد و الدفاع عن حريتنا و كرامتنا ،المُنتهكتين و المهد ورتين في أوطاننا العربية و الإسلامية ،و من شروط تحقيق ذلك إرساء نظام سياسي عادل يكون مركز الثقل فيه للمجتمع و مؤسساته المدنية و تكون الأولوية فيه مُتجهة نحو استنباط حلول جذرية و شرعية لقضية التمثيل و التناوب على السلطة على خلفية القضاء على الفساد و تحقيق العدالة والتنمية و صيانة الحريات العامة و الخاصة في أطار دولة القانون و المؤسسات . هذه الأهداف وغيرها ، لو تحققت ، لمثلت في جوهرها ،تقريبا، الوجه السياسي للنهضة. و لا عجب ،إذا، أن تكون الوسيلة لتحقيق هذه الأهداف و إنجازها هي طريقنا للخلاص المنشود أو ما أسماه البعض بالإستقلال الثاني2،سواء تحقق ذلك عن طريق الديمقراطية أو غيرها من المسميات لأن غايتنا القُصوى هي خلاصنا و عزتنا و كرامتنا وليست هي الديمقراطية أو أي وسيلة من الوسائل الأخرى.
و بناء عليه نُقدر أن الديمقراطية ،كآلية من الآليات،هي وسيلة مناسبة لتحقيق خلاصنا و حقنا في حياة كريمة إلى حد بعيد لو واءمنا بينها و بين ثقافتنا الإسلامية و خصوصياتنا العربية . الديمقراطية بين الداخل و الخارج: لا أحد ينكر أن محاولة التأصيل هذه ليست عملية سهلة وأنه تحول دونها شبهات و إشكاليات لابد من الإجابة عليها ووضعها في سياقها الموضوعي و التاريخي.
ومن بين هذه الإشكاليات نذكر على سبيل المثال إشكالية الديمقراطية بين الداخل و الخارج؟ فهل الديمقراطية هي مجرد نتاج محلي وطني أم هي نتاج عالمي أجنبي أم هي الإثنان معا و في نفس الوقت؟ إن خيارنا ،حتى لا تكون الديمقراطية مجرد فكرة مُسقطة على واقعنا و دخيلة عليه و غريبة عن طبيعة فكرنا السياسي و الإجتماعي ،هو مقارنتها في خصائصها و أبعاد ها و مقاصدها بأصول الحكم النظرية و الكلية للنظام السياسي الإسلامي على مستوى المبادئ و الغايات و المقاصد من خلال ما توفر لنا من نصوص القرآن و السنة الصحيحة و الثابتة أولا،ثم التعرف و الإطلاع على التجربة التاريخية للحكم ميدانيا و محاكمتها و تقييمها على ضوء تلك النصوص في ظل الدولة الإسلامية ابتداء من تجربة الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم و خلفائه الراشدين رضي الله عنهم أجمعين و مرورا بالتجربة الأموية و العباسية و الفاطمية و العثمانية و غيرها و انتهاء بالتجربة الحديثة للدولة القطرية لما بعد الإستقلال ثانيا. و ذلك حتى نقف على حجم الإنفصام و التنافر من جهة و نُدرك مساحة الإنسجام و التطابق من جهة ثانية بين الديمقراطية في صورتها المعاصرة و حقيقة نظام الحكم و طبيعته في بلداننا العربية و الإسلامية على مستوى المبادئ النظرية من ناحية و على مستوى الواقع السياسي و الإجتماعي و الثقافي…..من ناحية ثانية لنحدد بناء على كل ذلك موقفا من الديمقراطية ،قبولا أو رفضا أو تعديلا و تحسينا ،أقرب ما يكون للموضوعية . و لتوضيح الصورة أكثر في الأذهان ،و لتقليل مواطن الإلتباس إلى أبعد حد ممكن ، رأينا أنه من المفيد إحصاء السلبيات و الإيجابيات لكل من الإستبداد والديمقراطية بالإستناد إلى ما أُنجز في هذا المجال من دراسات حتى نعرف أي الظاهرتين أقرب إلى روح التشريع الإسلامي و مقاصده العامه،علنا نُدرك تبعا لذلك أيهما [ الإستبداد أو الديمقراطية] أليق بالإنسان و أضمن لكرامته و صيانة حقوقه من الإنتهاك و التلاعب. وهو ما سيُحيلنا إلى دراسة مصا د ر [الشرعية] للحكم في النظام الإسلامي و الديمقراطي و الإستبدادي و المقارنة بينها حتى نعرف مساحات الإ تفاق و الإختلاف . الأنظمة السياسية و مصادر الشرعية: إن دراسة مصادر الشرعية و كيفية التعامل معها هي وحدها التي ستُحدد طبيعة أي حكم ،هل هو حكم شمولي آحادي استبدادي أم هو حكم شوري تعددي ديمقراطي .و تحكيما لهذا المنطق و هذه المنهجية قد نخلص إلى أن الصفة التي يدعيها أي نظام لا قيمة لها اطلاقا ،و إنما طبيعة الحكم و الآثار المترتبة عليها لأي نظام من الأنظمة هي التي تحدد مدي ديمقراطية هذا النظام أو استبداديته. فكم من نظام ادعى أنه اسلامي ولكنه كان نظاما سياسيا، ذا طبيعة فاشية و استبدادية، وكم من أنظمة ملكية توفرت فيها أقدار هائلة من الديمقراطية3. و قد عاش العالم العربي و الإسلامي في ظل الدولة الإسلامية التجربتين،فنظام الحكم في التجربة النبوية و جزء كبير من الخلافة الراشدة كان نظاما شوريا قائما على البيعة العامة و رضا الأمة ، و في المقابل كان نظام الخلافة منذ العهد الأموي تقريبا إلا بعض الإستثناءات القليلة قائما على القهر و الغلبة و الإنفراد بالحكم إي على الإستبداد. والديمقراطية ،كإجراء لإدارة الشأن العام بالطرق السلمية،و كممارسة سياسية نضالية تراكمية متقدمة توصلت البشرية إلى فرضها ، وقد شاركت أغلب ولأمم و الشعوب بشكل أو بآخر في بناءها و تطويرها و تحسينها عبر تجارب متعددة و مختلفة و تضحيات جسام حتى غدت هذه الأخيرة مكسبا انسانيا لا غبار عليه بل و[حكمة] عالمية يرفعها المضطهدون في كل مكان و يلتجئون إليها لمقاومة الإستبداد و مُطاردة المستبدين،و هي من هذا الدور الذي تلعبه تستمد شرعيتها لا غير . فهذه الحقيقة [ الديمقراطية ]، التي يراها و يسمعها و يعيشها الكثير من المناضلين الذين يقيمون في الغرب هروبا من الإضطهاد في بلدانهم الأصلية،كيف سيتعامل معها المُشرع الإسلامي؟ هل فيها ما يستعصي على التجاوز و التطوير؟ وهل يجوز للمشرع الإسلامي و خاصة في عصر العولمة هذا أن يقف منها موقف العداء أو الحياد أو لا حرج عليه دينيا و سياسيا أن يُعمل نظره في هذا المُعطى الموضوعي مُجتهدا في تحري الصواب و الحكمة والمصلحة من أجل تحسين أوضاعنا السياسية و الإجتماعية ، و لما لا تحقيق شيء من أحلامنا؟ هل التشريع الإسلامي ،أو بصفة أدق [الفقه الدستوري]أو ما يُعرف عند القدماء ب[السياسة الشرعية]،له من المواصفات و الخصائص ما يسمح له باستيعاب الديمقراطية واحتواء ما كان على شاكلتها من آليات للتغيير و مناهج لمقاومة الظلم و الإستغلال من ناحية و إدارة الشأن العام و تحسين الأوضاع السياسية و الإجتماعية لشعوبنا العربية و الإسلامية من ناحية أخرى؟بل إننا نتساءل ،إذا ما أردنا أن ندفع بعملية الإصلاح في الإتجاه الصحيح،أليس من واجب المشرع الإسلامي أن يتجاوز مستوى الإكتفاء بإعطاء مجرد رأيه في الديمقراطية كمعطى سياسي واقعي ،إلى مستوى اقتراح التعديلات و التحسينات اللازمة وإعطاء الإضافات المطلوبة [ لأنسنة ] الديمقراطية وتفعيلها أكثر خدمة للبشرية و صيانة لحقوق الإنسان و كرامته؟ الديمقراطية بين الخطاب و الممارسة: لعله من المفيد أن نعترف ابتداء أن هناك فرقا بين النظرية و التطبيق و بين الخطاب و الممارسة. وهي قاعدة تكاد تكون ثابتة يمكن أن نطبقها على كل النظريات و في كل المجالات. فالمحظور ليس تواجد شيء من التفاوت بين النظرية والواقع ، وإنما المحظور هو أن تُصبح النظرية نقيضا للممارسة و التطبيق . فلا ينبغي ،إذا،أن نخلط بين الد يمقراطية كمبدإ و أفق رحب للممارسة السياسية كما أسلفنا و التجاوزات الكثيرة التي تمارسها بعض القوى الإنتهازية أو المحا فظة التي لا يخلو منها زمان ولا مكان للمزايدة و تحقيق بعض المصالح الحزبية و الفئوية . فهذه الأخطاء لا يمكن أن يُحتج بها على فسا د الديمقراطية ، ولا التذرع بها لرفض هذه الأخيرة. إن ما ينبغي التسليم به ابتداء ، أيضا،أن الديمقراطية ،ولئن كانت إيجابياتها أكثر بكثير من سلبياتها حسب العديد من الدراسات التي سنأتي على ذكرها،فهي لم تبلغ مثالها و هي لا تزال بعيدة على أن تُصبح نهاية التاريخ كما يدعي فوكويوما وغيره. و عليه فهذه المرونة التي تحتوي عليها الديمقراطية تفرض علينا ،بدل الرفض و الإنغلاق على الذات،بذل الوُسع لتوفير الشروط المناسبة و استنباط الضمانات القانونية و الدستورية لتحسين هذه الآلية بما يخدم مصلحة الأمم و الشعوب و خاصة منها الفقيرة و المتخلفة. فمنهج الإسلام في البناء و التأسيس هو دائما التدرج و تهيئة الأرضية الصالحة لذلك و هو ما يُعرف عند الأصوليين بتحقيق [المناط]. الديمقراطية و ردود بعض المدارس الفكرية:إن من الصعوبات التي تعترض المصلحين في كل زمان هو هذه الحساسية المُفرطة إزاء كل ما هو جديد، وهو ما يُمثل في أحيان كثيرة ضغطا سياسيا و نفسيا على المصلحين لا يُستهان به. و بناء عليه فإن مواقف مختلف الأطراف من الديمقراطية في الساحة العربية و الإسلامية يمكن أن نقسمها بإيجاز شديد إلى ثلاثة مواقف أساسية و هي :الرفض المطلق أو القبول المطلق أو القبول المشروط . 1.العلمانيون: إن مواقف هؤلاء من الديمقراطية ليست متجانسة . فليست مواقف الليبيراليين هي نفسها مواقف الإشتراكيين، و لكنهم يشتركون في القبول العام بها دو ن التفصيلات و خاصة بعد سقوط المعسكر الشرقي بزعامة ما يُعرف سابقا بالإتحاد السوفياتي، إلا أن هذا القبول لم يكن دائما قبولا مبدئيا وإنما هو قبول مُسيس فرضه الأمر الواقع الذي عُرف سياسيا بالنظام العالمي الجديد و خاصة في عالمنا العربي و الإسلامي. و في هذا النطاق تجدر الإشارة إلى أن قسما كبيرا من العلمانيين، و خاصة منهم الملحدين ،قد تبنوا الديمقراطية تكتيكا على خلفية سحب البساط من تحت أقدام القوى الإسلامية الصاعدة ،وحتى لا نُعمم فإن جزءا مهما من هؤلاء هم في حقيقتهم استيئصاليون و متطرفون استعملوا الديمقراطية للمناورة و الضغط و الإحراج بعيدا عن هوية المجتمع و دينة و خصوصياتة و هم لتحقيق ذلك تحالفوا مع الشيطان ناسين أو متناسين أنهم أُكلوا يوم أكل الثور الأبيض و قد ظنوا خطأ أن ذلك هو السبيل لمنع الإسلاميين من حقهم في العمل السياسي، و هو ما أضر أيما ضرر بالمجتمع المدني و مؤسساته و ساهم في تغول الدولة ووأد السياسة ، وكان الخاسر الأكبر هي الشعوب. 2. الإسلاميون : تتوزعهم ثلاثة مواقف نسردها كالآتي :
الموقف الأول : يعتبر الديمقراطية بدعة ،و شركا بالله و انحرافا عن الصراط المستقيم. وهذا الموقف لا يحتاج إلى تعليق.
الموقف الثاني : يعتبر أن للديمقراطية بعض الإيجابيات ولكن السلبيات أكثر بكثير من الإيجابيات و أنها بالنتيجة صنيعة اغريقية غربية تقوم الشرعية فيها على أساس أن الشعب يحكم نفسه بنفسه بعيدا عن الحاكمية العليا لله تعالى و خير من عبر عن هذا الرأي هو المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ الفاضل محمد قطب حفظه الله تعالى في كتابه [مذاهب فكرية معاصرة].
الموقف الثالث : يعتبر أن الديمقراطية مكسب انساني ينبغي الدفاع عنه و خاصة إذا ما أضيفت إليها بعض الشروط و التحسينات التي تجعلها منسجمة مع خصوصيات ثقافتنا العربية و الإسلامية، وهي بهذه الشروط تصبح ضرورة لأنها تستجيب لكثير من مطالب شعوبنا في الحرية و الكرامة الإنسانية. وهي و لئن كانت معبرا لتحقيق مكاسب جمة كلها كانت في خدمة الإنسان و الإنسانية حتى في صورتها الغربية إلا أنها لا تزال قابلة للتحسين و الإضافة . و نحسب أن من هذه المرونة التي اتسمت بها الديمقراطية و القدرة العجيبة التي تميزت بها في التأقلم مع مختلف الأفكار التقدمية استمدت هذه الأخيرة شرعيتها و قوتها و حيويتها،فظلت دائما حقيقة منسابة و منفتحة و لم تكن حقيقة جامدة و متكلسة. ولهذا التيار في الفكر الإسلامي ، ولئن كان حديثا مقارنة مع غيره،أنصاره و رموزه الفكريه و السياسية و نذكر من هؤلاء فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي ود.محمد عمارة والشيخ أ. راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس ود.خالد الطراولي رئيس اللقاء الإصلاحي الديمقراطي حفظهم الله جميعا. ولكن هذا التيار لايزال في بداية الطريق،و لم يستطع بعد أن يفرض نفسه و يعرف بأرائه ، فمواقفه لا تزال مهزوزة،ينقصها المراكمة والجرأة في إعلان ما يؤمن به بشكل منتظم و دائم. ونحن في هذا المقال،انطلاقا من واقع المحنة ،و استفادة من التجربة السياسية الطويلة ، ومتابعة أعرق الديمقراطيات الغربية على امتداد خمسة و عشرين سنة من جهة،و استعانة بنصوص الوحي المعصوم و استيئناسا بمقا صد الشريعة من جهة أخرى،أردنا ان نعرف هل لنا الحق كإسلاميين أن نتبن الديمقراطية ، بعد أن نكون قد أضفنا إليها بعض التحسينات و التعديلات،بشكل واضح و جريء و الدفاع عنها ، لا تكتيكا ومناورة و لا باعتبارها مكسبا وهميا لا يزال مشبوها و دخيلا على الفكر الإسلامي ، بل باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الفكر الإسلامي الأصيل و قيمة ثابتة من قيم الإسلام في تغيير المنكر و تثبيت المعروف و العمل النافع للناس جميعا ؟ إنني أتساءل ما المانع من أن نتصف بالإضافة إلى الصفة الإسلامية التي هي الأساس بالصفة الديمقراطية ،مُتجاوزين مرحلة التردد و التلكإ و الإحتكام في أحيان كثيرة إلى أعراف وسلوكيات و خلفيات ما أنزل الله بها من سلطان .
إن ما نريد أن نصل إليه في هذه المقاربة ، و نحن في وضع المُحاط به و البعيد عن أهله ووطنه وشعبه،هو الإنخراط المباشر و لو من وراء البحار في المعركة الحقيقية ضد الإستبداد بمختلف أشكاله و صوره و الذي لا يمكن أن نختلف حول مفاسده التي لحقت و ستلحق بشعوبنا و أوطاننا .هذه جملة من القضايا العامة ، بإيجاز شد يد ،التي سنحاول علاجها أو قل النظر فيها عسانا نستطيع في آخر الدراسة أن نجيب على السؤال المفصلي و الأساسي و الذي هو :هل تُعد الديمقراطية في صياغتها الإسلامية ،لو وُفقنا لذلك،الوجه الآخر للإصلاح و خاصة منه السياسي؟ هذا ما سنُحاول بإذن الله تعالى الإجابة عليه في الأيام القادمة إن أذن الله بذلك. أسأل الله تعالى أن يوفق العاملين لنصرة دينه لما يحبه و يرضاه،إنه سميع مجيب.
مصطفى عبدالله الونيسي ليلة الإثنين 05.06.06 الهوامش:
1. ابن القيم: الطرق الحكمية 2. أول من سمعته يستعمل هذا المصطلح هو د. منصف المرزوقي 3.كالملكية الدستورية >>