طلب شغل
طالب شغل الطالب كهل في سن 55 عاما لم يعش منها تحت أشعة الشمس الحرى إلا نصفها أما النصف الثاني فضللته غمامة السجن و الاختفاء. الحالة المدنية متزوج منذ 27 عاما لم يعش منها مع زوجه إلا سبع سنوات والبقية فراق المكره. أب لثلاثة أبناء لم يعرفوا من معنى الأبوة إلا الأذى، ملاهيهم أيام الأعياد ساحات السجون حيث العطش و الجوع إلى حد الإغماء دون نسيان حفاوة الاستقبال و ذلك بطول الانتظار من الصباح إلى المساء ثم إعلامهم في الأخير بان الأب وقع نقله أو يرفض الزيارة عيد بطعم الدموع. المستوى الثقافي جامعي من طلبة السبعينات الأقدمية المهنية أستاذ تعليم تقني لمدة سنتين بعدها أحيل على « المعاش » المبكر حيث اضطر إلى تعديل شهادته من »مهندس مساعد » إلى »مساعد تقني » الآن يبحث عن شغل بشرط قبوله وحارسيه. غالوي التونسي
بيان توضيحي حول الحادث الذي تعرضت له
أولا لقد سعدت كثيرا برسائل المساندة والدعم التي وصلتني من إخوة أفاضل لا أعرف أغلبهم والقاسم المشترك بيننا هو رفض الدكتاتورية والظلم. وصلتني رسائل من عشرات البلدان ولكن ما أثلج صدري أكثر هو وقوف أبناء وأحرار الشابة مسقط رأسي معي وهذا ليس بغريب على من يعرف تاريخ وحاضر هذه المدينة. تحية لأبناء وبنات الشابة الأعزاء وكل حر وشريف في تونس وخارجها.
ثانيا أريد إيضاح النقاط التالية حتى يتجلى اللبس والخلط.
1.أكرر القول بأن الجهة الداعية للرجلين ليست المؤسسة الإسلامية بجنيف بل هي مبادرة من جمعية أنشئت حديثا وتمثل هذه المحاضرة أول نشاط عام لها. وكان أحد أئمة المؤسسة قد وافق على أن تتم المحاضرة في المؤسسة الإسلامية ولكن رغم هذا فإننا نرفض أن تكون لهذه الخطوة انعكاسات جانبية من ردود أفعال لا تخدم مصلحة جاليتنا في جنيف ولن تكون هذه سابقة كي تتنافس الديكتاتوريات في جني ثمار سوء التقدير أو الفهم لدى البعض.
2.إنه وعلى عكس ما تروج له بعض الجهات المشبوهة فإن التونسيين المهجرين يقومون بواجبهم الوطني والقومي والإنساني والكل يشهد لهم بالكفاءة والقدرة والتواصل مع الغير لخدمة الصالح العام.
3.إن أساليب نظام بن علي في تخوين معارضيه وتشويه سمعتهم ومحاولة النيل منهم لن تعود عليه إلا بالخيبة والخسران ولن تزيد الأحرار إلا إصرارا على متابعة هذا النظام الدموي أمام كل الهيئات والمنظمات الدولية من أجل تعرية سلوكه ومتابعة رجاله سواء كانوا سياسيين أو لبسوا جبة « الدين » و « الدعوة ».
4.لن تزيدنا حملات التخويف والتخوين إلا إصرارا على مزيد من التضحية والبذل فلا خطاب بن علي أواخر شهر ماي الذي يخون فيه معارضيه ولا رسائل مئات « الجمعيات » التي لا يعرف أحد عنوانها ولا من المسؤول عنها ولا الحملات الإعلامية الرخيصة والمنحطة ولا « دعاء العلماء » يمكن أن ترفع وضيعا أو أن تغير الأمور. فالتاريخ وحده سيكتب أن « الجنرال بن علي » وحاشيته تعدوا على الحريات وهتكوا الحرمات وعروا الحرائر وعذبوا وسجنوا الأحرار. ولا خيار أمام « مشايخ الزيتونة الجدد » إلا أن يكون لهم موقف من كل هذا وأن نسمع منهم مواقف وطنية مشرفة ليعاملهم الشعب كرجال مخلصين لدينهم ووطنهم. وإني أستغل هذه المراسلة لنشر ردي على « عالمي الزيتونة » والذي لم أتمكن من إتمامه بحضورهما في ندوة في جنيف:
·من المعلوم أن إذاعة الزيتونة تم تأسيسها على يد صهر بن علي سنة 2007 وذلك بمناسبة الذكرى 20 من وصول الجنرال بن علي للسلطة والهدف المعلن منها هو « مواجهة الإسلام الراديكالي الذي يهدد السلطة وصعود المتشددين وضرورة العودة إلى قراءة علمية للقرآن والسنة » حسب تصريح « شيخ الزيتونة مشفر » لصحيفة « جون أفريك » في أكتوبر 2009.
· وسؤالي كالآتي: والآن وقد أزيح « الإسلام السياسي » مثلما يحلو للسلطة تسمية خصومها فما الذي يجعل السلطة تصر على التدخل في الأمر الديني وتشجيع الشعوذة وترميم قبور الصالحين والتشجيع على طلب البركة منهم. فهل بإمكان « شيخ الزيتونة مشفر » وهو خطيب مسجد العابدين في قرطاج أن يتحدث عن « الحجاب في الإسلام » وعن الفساد العام والانحلال الأخلاقي الذي جعل تونس تحتل المرتبة الأولى في العالم العربي في نسبة العزوبة والإجرام لدى الأطفال والتعدي على حقوق الناس ونهب ثروات البلاد على يد عصابات العائلة الحاكمة. لماذا يقبل « علماء الزيتونة » أن يقرؤوا خطبا كتبت في مقرات الأمن؟ هل يمكن لخطيب أن يخرج عن الموضوع المحدد سلفا؟ لقد وقف علماء الزيتونة الحقيقيون أمام دعوة بورقيبة للإفطار في رمضان وقاوموها ولكن لماذا يدافع « علماء الزيتونة الجدد » عن أي قرار سياسي ويلبسونه « جبة الدين » وآخر مثال على ذلك منع السلطات التونسية أداء فريضة الحج هذا العام وكان من أوائل المدافعين « شيخ الزيتونة مشفر ». كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بأن يدافعوا عن « قانون المدارس القرآنية لسنة 2005 » وتجيير الخطب الدينية أيام الانتخابات.
· وكنت أنوي أيضا التطرق في الندوة إلى بعض الأمور الدينية التي ذكرها المحاضر « شيخ الزيتونة مشفر »:
1.مثل حقيقة الحديث الصحيح الذي يتحدث عن اللون الأبيض والأسود
2.وكيف يطوع تفسير القرآن ليوافق أهواء وعقول بعض الناس وأذكر مثالين على ذلك حيث يفسر « السيد مشفر » أن « مرج البحرين » المذكور في القرآن هو بحر رادس الواقع في ضواحي تونس العاصمة وأن « مقتل الغلام » تم في المحمدية. فهل يسمح لنا « شيخ الزيتونة مشفر » بعرض هذه الاكتشافات على « هيئة أو مجلس علماء المسلمين » للنظر فيها وفي مدى توافقها مع التاريخ والواقع.
صدق أو لا تصدّق مناقشة صوتيّة للردّ على « شيخ الزيتونة مشفر »:
وفي الختام أجدد التأكيد على أن نضالنا ضد الظلم والدكتاتورية في أي مكان سيتواصل وأن مصاصي دماء الشعوب من حكام أو من يساعدهم لن يجدوا منا إلا الصبر والمتابعة والمقاضاة إن لزم الأمر وداعيا للجميع أو على الجميع بأن « يحشروا مع من يحبون ». أنور الغربي جنيف/سويسرا 14 جوان 2010
الهيئة المديرة للرابطة تتهم التجمّعيين بتعطيل مسار الحوار الرابطي
حرر من قبل معز الباي في الأثنين, 14. جوان 2010 اتهم بيان للهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السيدين عبد الوهاب الباهي والمنصر الرويسي بالتراجع عن مسار الحوار الرابطي الذي انطلق منذ أشهر بينها وبين الرابطيين الذين تقدّموا بشكايات ضد الرابطة للقضاء. وعبّرت الهيئة عن استغرابها لتواتر التصريحات الصحفية للسيد الشاذلي بن يونس ممثل الشاكين حول هذا الحوار وللسيدين الباهي والرويسي، والتي اعتبرها البيان متشائمة ومخالفة لمحضر اتفاق 20 ماي الذي أقرّ فيه عدم تقديم تصريحات صحفية حول مسار الحوار. وأكّد البيان أن الحوار اطلق يوم 12 أفريل الماضي على أساس الإعداد لمؤتمر وفاقي بسقف مبدئي أهمّ شروطه استقلال القرار الرابطي ويضمّ كل الرابطيّين، مفيدا أن الاتفاق المبرم يوم 20 ماي المنقضي أحرز تقدّما ملحوظا، إلا أن منع الاحتفال بذكرى تأسيس الرابطة ومحاصرة مقرّها، والذي كان من المقرّر أن يقع خلاله الإعلان عن التقدّم المذكور في علافة بما سمي بمسار الحوار الرابطي في إطار حلّ الأزمة، وهو ما اعتبره الكثيرون ضربة قاصمة لهذا المسار في حين أصرّت الهيئة المديرة على تجاوز ما اعتبرته نكسة ومواصلة الحوار للوصول إلى عقد المؤتمر الوطني قبل شهر رمضان القادم. غير أن اللقاء مع ممثّل الشاكين والسيدين عبد الوهاب الباهي ومنصر الرويسي يوم 26 ماي 2010 لامست خلاله لجنة الحوار الرابطي تراجعا عما تم الاتفاق عليه وتدوينه خلال جلسة 20 ماي 2010 خاصة بخصوص مسالة » إعادة مؤتمرات الفروع المتبقية (ستّة : منفلوري – السيجومي – الكاف – تطاوين – نابل الحمامات – القصرين سبيطلة) بهيئات وفاقية يتمّ تحديد التفاصيل بشأنها لاحقا » كما نصّ اتفاق 20 ماي ليتم الحديث من جديد عن « التطعيم بواحد أو اثنين دون المس بمؤتمرات الفروع التي وقعت وبالهيئات التي تم انتخابها خلالها … » كما جاء على لسان السيد بن يونس الذي أكّد هذا التراجع خلال الندوة الصحفية التي عقدها يوم 3 جوان 2010 حيث اتهم وفد الهيئة المديرة بالتعجيز. من جهتها اتهمت الهيئة المديرة السيدين الباهي والرويسي والسيد بن يونس بمحاولة تعزيز الشق التجمّعي وتقويته مطالبة في الآن ذاته السلطة برفع الحصار الضروب على المقر المركزي ومقرات هيئات الفروع. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 14 جوان 2010)
السفارة التونسية ببيروت تمنع مواطنا من حقه في جواز سفر
لا يزال المواطن التونسي النوّري بن مصطفى ضو ينتظر ان تسلمه السفارة التونسية ببيروت جواز سفره منذ اربعة اشهر .وكان ان تقدم الى السفارة بطلب تجديد لجوازه المنتهي الصلاحية بنهاية العام 2009 الا ان السفارة لم تسلمه الى حد هذا التاريخ لا الجواز الجديد ولا اعادت اليه الجواز القديم ..وتتضرع بانه لم يصلها بعد من تونس.وهذه ثاني مرة يتم منعه من حقه في الحصول على جواز سفر.اذ انه قبل 4سنوات حواولت السلطات القنصلية في السفارة الامتناع عن تمكينه من جواز سفر واصرت على حمله على العودة الى تونس وتسلمه من هناك الا تدخلا قويا وشديد اللهجة من السيدة راضية النصرااي المنا ضلة الحقوقية التي صادف وجودها في بيروت للمشاركة في مؤتمر خاص لمنظمة العفو الدولية مكنه من استلام جواز السفر 3ايام فقط بعد ان اتصلت السيدة النصراوي بالسفارة ملوحة بعقد مؤتمر صحفي ما لم يتسلم المواطن النوري ضو حواز سفر خلال 4 ايام .وهو اول جواز سفر يستلمه بعد حوالي15 سنة من مغادرة تونس اثر طرده من عمله بجهاز حرس الغابات بولاية قفصة و مطاردته بالانتماء لحركة محظورة(النهضة) الى ليبيا ومن ثم الى لبنان حيث يعمل ويقيم منذ ذلك التاريخ .وقد عاد مرة واحدة الى تونس بعد استلامه جواز السفر قبل حوالي 3 سنوات لتوديع والده الذي يحتضر الا استقبل في المطار من قبل البوليس واقتيد للتحقيق ليفرج عليه بعد يومين من الاحتجاز لينتقل بعدها الى مسقط راسه في قفصة وهناك لم يستطع المكوث الا حوالي 6ايام ولم يستطع حظور وفاة والده بسبب الرقابة الامنية الشديدة التي فرضت عليه والتي حعلت كل الناس يعرفهم يتهربون من زيارة بيت والده او حتى السلام عليه فقرر العودة الى بيروت دون حضور جنازة والده وتقبل العزاء فيه وقد سلب منه المبلغ الذي كان يحمله (تحويشة العمر)اذ هدده رجال الامن في المطار :امّا ان يترك المبلغ ويغادر و اماّ تسجل ضده قضية تهريب عملة صعبة واضطر الى ان يضحي بالمبلغ والذي كان قدره حوالي 10 الاف دولار بالرغم انها مسجلة على الجواز . وقد زادت متاعبه في بيروت اثر ذلك من قبل اجهزة السفارة بدفع افراد لبنانيين مرتبطون بالسفارة للدس عليه وافتعال المشاكل له وبث الاشاعات حوله ووصل الامر الى الدس عليه لدى الاجهزة الامنية اللبنانية وتحريضها ضده وطلب ترحيله خاصة بعد نشره رسالة في احد الجرائد كان قد بعث بها الى الرئيس التونسي يصف فيها ما تعرض له اثناء زيارته اليتيمة الى تونس بعد اكثر من 15 سنة وما لمسه وعاينه من » معجزة الاكذوبة الرسمية التونسية » وعلى اثر تلك المضايقات والملاحقات من قبل اجهزة السفارة في بيروت قرر التقدم بطلب الحماية من قبل وكالةالامم المتحدة للاجئين وقد بلغ مكتب الوكالة بالتهديدات التي تعرض لها . وهو يرجو ان يتم التحرك من قبل الهيئات الحقوقية لمساندته. بيروت- ابو ايلاف (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 15 جوان 2010)
برلمان تونس يقر قانونا يعاقب من يحرض ضد المصالح الاقتصادية
تونس (رويترز) – وافق البرلمان في تونس التي تسعى للحصول على رتبة شريك متقدم مع الاتحاد الاوروبي يوم الثلاثاء على قانون مثير للجدل ينزل العقاب بمن يقيم صلات مع جهات أجنبية للتحريض ضد مصالح البلاد الاقتصادية فيما يبدو انها رسالة شديدة اللهجة لمعارضي النظام. وقالت وكالة الانباء التونسية الحكومية انه تأكيدا على أهمية الامن الاقتصادي وتأمين مصالح المواطنين نظر المجلس في مشروع قانون لاضافة أحكام يعاقب بمقتضاها كل تونسي يتعمد اجراء اتصالات مع جهات اجنبية للتحريض على الاضرار بالمصالح الحيوية للبلاد. واضافت ان القانون حظي باجماع نواب الاحزاب السياسية. وقال محامون انه وفقا للفصل 61 مكرر من المجلة الجزائية فان مرتكب هذه الجريمة قد يواجه حكما بالسجن يترواح بين خمسة و12 عاما. وتأمل تونس في الحصول على رتبة شريك متقدم مع الاتحاد الاوروبي وبدأت بالفعل مفاوضات في هذا الشأن مما قد يمنح تجارتها العديد من المزايا التفضيلية لكن معارضين تونسيين يطالبون بعدم تمكين تونس من هذا الامتياز بسبب سجلها في حقوق الانسان. وتنقل العديد من المعارضين خلال الاشهر الماضية الى اوروبا وطالبوا العواصم الغربية بالضغط على تونس لتحقيق انفتاح ديمقراطي وتحرير الاعلام بدلا من تقديم مكافأت اقتصادية لها. وقالت وكالة الانباء الحكومية ان مشروع القانون يندرج في اطار تعزيز حماية مقومات الامن الاقتصادي في ظل التحولات التي يشهدها العالم وما تقتضيه من حفاظ على المصالح الحيوية لتونس من كل انتهاك على غرار ما هو معمول به في تشريعات العديد من الدول. وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي اتهم عددا من المعارضين في نهاية العام الماضي بأنهم مناؤون ويعملون على تشويه صورة تونس في الخارج (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 15 جوان 2010)
نص مداخلة وزير العدل وحقوق الإنسان السيّد الأزهر بوعوني
صادق مجلس النواب الثلاثاء 15 جوان 2010 على مشروع القانون الّذي تقدّمت به الحكومة بصفة استعجالية لإتمام المجلة الجزائية التونسية قصد تجريم تحريض جهات أجنبية على الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد التونسية من حيث أمنها الاقتصادي، وقد شهدت المناقشة البرلمانية تأكيدات واسعة من نواب الحزب الحاكم والأحزاب الوفاقية واساسا منها حركة الديمقراطيين الإشتراكيين وحزب الوحدة الشعبية والحزب الاجتماعي التحرري حول أهمية هذا التنقيح وضرورته في المحافظة على مكتسبات البلاد ومزيد العمل على حماية مصالحها الاقتصادية في الخارج في ظل واقع معولم كثرت فيه التحديات والرهانات والصعوبات كما شهدت الجلسة البرلمانيّة اعتراض نائبي حركة التجديد السيدان عادل الشاوش وطارق الشعبوني الذين ولئن عبرا عن رفضهما لكل أشكال التحريض على المصالح الاقتصادية التونسية في الخارج فقد اعتبرا أن الإطار العام السياسي في علاقة خاصة بالمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي غير ملائم لسن هذا القانون كما وصفا المقصودين بهذا التنقيح بأنّهم قلّة لا تستوجب سن نص قانون. في ما يلي نص المداخلة التي ألقاها السيّد الأزهر بوعوني وزير العدل وحقوق الإنسان ردّا على تدخلات النواب: إنّ كلّ الدول تعتمد لحماية أمنها الداخلي والخارجي من الانتهاكات الممكنة ، وتونس قد أدرجت منذ الاستقلال ضمن تشريعها الجزائي أحكاما تجرّم مثل تلك الأفعال وتنصّ على عقابها بالنسبة للأمن العسكري والدبلوماسي (الفصل 61 مكرر من المجلة الجزائية الفقرة ثانيا كما وقع تنقيحه في 10 جانفي 1957). وبمرور الزمن فرض تطوّر أشكال الاعتداء على أمن الدولة استكمال هذه الأحكام من الناحية الأصلية مثلما قامت به عديد البلدان عندما جرّمت الظواهر الجديدة للمساس من الأمن الوطني ،إنّ القانون المتعلّق بإتمام المجلة الجزائية التونسية يدخل في هذا الإطار وهذا الفصل يتعلق ببعض الجرائم على أمن الدولة الخارجي، ويتعلّق التنقيح بتجريم تحريض جهات أجنبية على الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد التونسية من حيث أمنها الاقتصادي وهو ينصّ على ما يلي: »ويعدّ مرتكبا لنفس الجريمة المبيّنة بالفقرة السابقة من الفصل 61 مكرّر ويعاقب بنفس العقوبات المنصوص عليها بالفصل 62 من هذه المجلة كل تونسي يتعمّد بصفة مباشرة أو غير مباشرة ربط اتصالات مع أعوان دولة أو مؤسّسة أو منظمة أجنبيّة القصد منها التحريض على الإضرار بالمصالح الحيويّة للبلاد التونسيّة وتعتبر مصالح حيوية للبلاد التونسية كلّ ما يتعلّق بأمنها الاقتصادي ونظرا لطبيعة الأفعال وخصوصياتها حدّدت الأحكام المذكورة صفة الجاني كونه حاملا للجنسية التونسية. أما فيما يتعلق بأركان الجريمة واحتراما لضرورة الدقة التي يقتضيها مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في المادة الجزائية فقد تمّ الحرص على أن تكون دقيقة بتحديد ركنها المادي وركنها المعنوي بما يجعلها مانعة لأيّ تأويل غير مقصود أو خروج عن أغراض التجريم، وبما لا يترك مجالا لأيّ اجتهاد قد يؤدي إلى التوسّع في ذلك التجريم فلا بدّ من تعمّد الجاني ربط اتصالات مع الجهة الأجنبية سواء بصفة مباشرة بلقاءات مع ممثلي الجهات المذكورة أو غير مباشرة بالمراسلة بمختلف أشكالها أو الاتصال بوسطاء وذلك للتحريض على الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد التي تكون حصرا في صورة الحال أمن الدولة الاقتصادي ، والتحريض يكون القصد منه الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد وهو ما يقصي أي تصرف بالقول أو بالفعل يخلو من ذلك القصد كأن يعبر البعض عن عدم اقتناعهم بأسس منوال التنمية المعتمد ، معنى ذلك أنّ عنصر التجريم لا يقوم إلاّ إذا أخذت الاتصالات بالجهات الأجنبية طابع التحريض على الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد. وخلافا لما يسعى البعض إلى إشاعته فإنه لا يمكن بأيّ صورة ربط أية علاقة بين هذا التجريم والحريات المكفولة بالدستور وخاصة منها حرية التعبير ، إنّ التعبير عن أي رأي ولو كانت نتيجته الضرر ليس مجرّما بل إنّ الفعل المستهدف في صورة الحال يتمثل في أعمال تحريض جهات أجنبية من قبل تونسي القصد منه الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد والمتمثلة حصرا في أمنها الاقتصادي كأن يقع تحريض جهات أجنبية على عدم إسناد قروض للدولة التونسية أو التحريض على عدم الاستثمار في بلادنا أو كذلك التحريض على مقاطعة السياحة في تونس مع ما لذلك من أثر على سياسة التشغيل وتنمية البلاد الاقتصادية ومن نافلة القول أن على كل دولة واجب حماية أمنها وخاصة إذا كان المستهدف هو وجودها وكيانها وتنميتها ». ونذكّر في هذا الصدد أنّ الدستور التونسي كفل الحقوق والحريات ونص على أنّ التمتع بها يكون كاملا على أنه أجاز الحدّ منها إذا كان ذلك الحد يرمي إلى تحقيق هدف ذي قيمة دستورية مثل أمن الدولة الذي لا يقوم أي بناء بدونه سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي وخاصة في مستوى ضمان الحقوق والحريات، كما أنّ فقه القضاء استقرّ على جعل ضوابط دقيقة ومحدّدة منها أن القيد على الحرية ينبغي أن يبقى محصورا في حدود ذلك الهدف بما لا يفرغ الحق من مضمونه مع توفر التوازن بين مقتضيات الهدف المنشود واحترام الحق المكفول أو الحرية المكرسة وقد صرح المجلس الدستوري الذي يراقب احترام هذه الضوابط بُعد النظر في هذا القانون بتلاؤمه مع الدستور. إنّ عدة تشريعات في عديد البلدان تجرّم الاعتداء على المصالح الحيوية للبلاد مع توسع كبير لمفهوم هذه المصالح في بعض هذه التشريعات بحيث تكون اقتصادية واجتماعية وثقافية وحتى بيئية بينما حصر النص التونسي تلك المصالح في الأمن الاقتصادي ، ويمكن على سبيل المثال الإشارة إلى الفصل 266 مكرر من المجلة الجزائية السويسرية الذي يجرّم ويعاقب بالسجن »كل من يتصل بجهات أجنبية لبث أخبار زائفة او مغرضة « وهو ما يتجاوز بكثير التحديد الوارد في النص التونسي » …بالإضافة إلى المادة 65 من قانون العقوبات الجزائري وما أفردته المجلة الجزائية الفرنسية من عنوان كامل تحت »المساس بالمصالح الحيوية للأمة ». إنّ سعي البعض الحثيث لإخراج هذا النص عن إطاره الصحيح أمر مردود ولا أساس له من الصحّة ، كماأنّ الرهان على الأجنبي مغلوط من أساسه وأنّ الوطن ليس للمقايضة وأنّ على كلّ التونسيين المحافظة على مكاسب بلادهم عبر الولاء المطلق والمفرد للوطن ولا لسواه. وما أؤكّدُ عليه في الختام ، إنّ مشروع القانون التونسي ليس مناسبتيّا ولا هو بالاستثنائي وهو ذو طابع عام ويمكن أن يمتدّ على مختلف أوجه الحماية الاقتصادية الممكنة للبلاد وأعتقدُ أنّ مقولة البعض بأنّ القانون وضع على المقاس خاطئة وهذا حكم جزافي فيه الكثير من التجنّي.ويعدّ ذلك حكما على النوايا في حين أنّه من حقّ الدولة أن تنظّم علاقات بعض أبنائها بوطنهم. (المصدر: موقع السياسية الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 15 جوان 2010)
صندوق المحامين خصوم العميد يهددون بمقاضاته
تسارعت في الاونة الاخيرة وتيرة الاحداث داخل الهيئة الوطنية للمحامين ومجلس ادارة الصندوق بعد قرار المجلس المنعقد يوم السبت الماضي والقاضي بسحب الدعوة المتعلقة باشغال الجلسة العامة لعدم وجود تقرير مالي معد من قبل الخبيرين المحاسبين وذلك عملا بأحكام الفصل 12من الأمرالمنظم للصندوق. وقد طرح هذا القرارعدة اسئلة تعلقت اساسا بالمستقبل المالي وآليات عمله مع الهيئة القادمة. وفي هذا الخصوص قالت مصادر من المحامين»أن الملف المالي للصندوق سيقع احالته إلى الهيئة القادمة التي من المتوقع أن تدعو إلى صياغة تقرير مالي جديد ومستقل يتم عرضه على جلسة عامة استثنائية». كما ستعمل الهيئة على تكليف مراقبي حسابات لاعداد قوائم مالية جديدة وفي حالة كشف خلل ما فان القوائم ترفع آليا إلى النيابة العمومية. وعن المسؤولية الجزائية قالت مصادرنا «أن رئيس مجلس الإدارة يبقى وحده المسؤول عن هذا الخلل دون سواه على اعتبار أنه الوحيد الذي يتصرف في الاعتمادات المالية ويمضي على وثائق الصرف». ومن جهتهم وفي رصد اولي لردود افعالهم حول الغاء الجلسة العامة اعتبر انصار العميد بشير الصيد أن «هناك من يحاول تعطيل أعمال الهيئة من بعض الأعضاء اضافة إلى اصرارهم على تعطيل وعرقلة المسار الاصلاحي للمهنة لأغراض انتخابية وسياسوية و شخصية مغرضة.»أوضحت ذات المصادر أن رفض اعتماد القوائم المالية جاء نتيجة لتعلات واهية من قبل الأعضاء بل انهم يدعون الى عدم عرضها على الجلسة العامة وهي محاولة لإخفاء الحقائق عن عموم المحامين وعن أنظار الجلسة العامة.»مؤكدين في هذا السياق تشبثهم بعقد الجلسة العامة الخاصة بالصندوق. خليل الحناشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 15 جوان 2010)
مؤتمر عربي للأمن السياحي بتونس وتخوّف من إجراءات لمزيد خنق حرية التنقل
حرر من قبل معز الباي في الأثنين, 14. جوان 2010 شكّلت مكافحة الإرهاب في المواقع السياحيّة ووضع خطط أمنية لمواجهة الإخلال بأمن المؤسسات والمواقع السياحية محور اهتمام المؤتمر العربي للأمن السياحي الذي احتضنته تونس يومي 9 و10 جوان الجاري بمشاركة ممثلين عن مختلف الدول العربية وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. وهو اللقاء الثاني لوزراء الداخلية العرب خلال الشهرين الماضيين، حيث يؤكّد المتابعون أن المجال الوحيد الذي يتجلّى فيه التعاون العربي هو المجال الأمني. وقد دعا المجتمعون في ختام مؤتمرهم إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في المواقع السياحية والأثرية. واعتبر أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب الذي اشرف على افتتاح المؤتمر أن السياحة العربية « باتت هدفا لقوى الشر والإجرام وخاصة المجموعات الإرهابية » حسب تعبيره، كما اعتبر « هذه الجماعات حالة من التردي والفوضى التي تجب محاربتها. » جدير بالملاحظة أن المنطقة العربية لم تسجّل هذه السنة عمليات إرهابية. ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات تهدف إلى طمأنة السياح خاصّة وقد أكّدت دراسات اقتصادية أن العائدات السياحية المصرية سجّلت تراجعا كبيرا منذ الثلاثي الثاني لسنة 2009 مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2008 نسبت الدراسات أسبابه للتخوّف من العمليّات التي تستهدف سيّاحا من الكيان الصهيوني. من جهة أخرى لا يخفي المتابعون تخوّفهم من أن يتخذ الأمن السياحي غطاء لمزيد التضييق على السياح العرب خاصّة وأن أجهزة الأمن في الدول العربية تقوم بمهامها ولا يرون ضرورة لمثل هذه المبادرات الجديدة التي يعتبرون ألا هدف لها غير خنق الحريات أكثر وخاصة حرية التنقل على غرار مختلف إجراءات وقوانين مكافحة الإرهاب. وهو ما يدعمه التعتيم على القرارات النهائية للمؤتمر وعدم الإعلان عن نتائجه رغم الاهتمام الذي أولته الصحافة العربية للموضوع والدراسات التي نشرت نتائجها لتسويغ ما سيفرزه من قرارات. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 14 جوان 2010)
بريد تونس: اترك عقلك وادخل!
سفيان الشورابي تُرى، ماذا يدور في خَلَد رجل الجمارك، حين يفتّش حقائبي كلّما عدت إلى بلدي؟ هل يعتقد أنه وقع على صيد ثمين؟ أيظن أنه يقوم بعمل بطوليّ لوطنه؟ ما الذي يجعله يساوي في تعامله الفظّ، بين صحافيّ ومهرّب شنطة، أو تاجر مخدّرات؟ المشهد نفسه يتكرّر كل مرّة: فور تسجيل جواز سفري على الحاسوب، تبرُق عينا الرجل الجالس خلف الشبّاك، وترسلان إشارات مبهمة مفادها أن شيئاً خطيراً تراءى له على الشاشة. يشير عليّ بالتنحّي جانباً، والانتظار ريثما ينجلي الأمر. أيّ أمر؟ سرعان ما يأتيني الجواب، مع اقتراب أحد أصحاب «الجثث الضخمة»، الذين يحومون عادةً في المكان، من دون أن تكون لهم هويّة واضحة. يهمس في أذني مرحّباً، ويطمئنني: ليس هناك أيّ مشكل معي. فهمت لاحقاً أنّ هذا السلوك معناه، أنني لست ممنوعاً من دخول البلد. الفكر ممنوع في البلاد التي كانت بالأمس نموذجاً للانفتاح والحريّة وفي تلك الأثناء، تتحرّك مجموعة من أصحاب «الجثث الضخمة» إلى صالة التفتيش، أراهم عن بعد يأمرون أعوان الجمارك بالتهيّؤ لاستقبال زائر جديد. حالما أمسك بحقائبي، تنهال الكواسر تنقيباً في محتوياتها. نعم، أنا مرحّب بي «جسدياً» هنا، أمّا «فكريّاً»، فلا مفرّ من الخضوع لسياسة الظلام الدامس. الأيدي الغليظة تعبث بالوثائق والكتب والمجلّات. والأدمغة مبرمجة على مجموعة من المفردات: كلمات مشبوهة، ممنوعة من دخول البلاد التي كان يُضرب فيها المثل عربيّاً، وتطرح نموذجاً للانفتاح والحريّة. أين نحن اليوم؟ ماذا يقول الغيارى على الديموقراطيّة وحقوق الإنسان في الغرب؟ هذا الفضاء المقفل تنبعث منه رائحة النتن، ومع ذلك أهلاً بكم إلى بلد السياحة والانفتاح… لكن لا تفكّروا. الثقافة سلعة مشبوهة، تُعرّض ناقلها للمتاعب. لا روايات، ولا قصص عربية وأجنبية، ولا معاجم ولا دوريّات: كلّها تبقى عند الرقيب. تُرى هل يقرأها على الأقل؟ لا، ليس مشهداً من فيلم عن الحقبة المظلمة التي سبقت سقوط جدار برلين… هذا ما حدث معي قبل أيّام في طريق عودتي من بيروت، محمّلاً بالكتب والمطبوعات، وأعداد من «الأخبار». ليس هناك في الدنيا مكان يُهان فيه المواطن الداخل إلى بلاده مثل المطارات العربيّة. جدران برلين لم تسقط في المقلب الآخر من المتوسّط، والديموقراطيات الغربيّة لا تريد لها أن تسقط على الأرجح. فرسان الحريّة ليسوا على عجلة من أمرهم. علماً أنّ كل يوم تأخير يرفع نسبة القهر والجهل والظلاميّة والتعصّب… لكن اطمئنّوا أيها الأصدقاء، فما زلنا نرصد شمس الحريّة.
(المصدر: صحيفة « الأخبار » (يومية – بيروت) الصادرة يوم 15 جوان 2010)
عاملات التنظيف … انهم يستحقون بعض الاهتمام وقليل من المساندة
15 جوان هو اليوم العالمي للتضامن مع عمال وعاملات التظيف والحراسة وهو مناسبة للوقوف على أوضاع هذه الفئات العمالية المهمشة والمحرومة من كثير من الحقوق ومن كل الامتيازات , ولأن عمال الحراسة حققوا بعض المكاسب مقارنة بعاملات التنظيف ستخصص هذه الورقة للحديث عن اوضاع هؤلاء العاملات تحديدا مع التنصيص على ان عمال الحراسة مازال ينقصهم الكثير أيضا . عاملات التنظيف انهن الفئة التي تتحصل على أدنى الاجور اطلاقا , ذلك ان بعضهن يتحصل على اقل من ثلثي الأجر الادنى المضمون رغم أنه لا يمكن تصور وضعيات حقيقية تعيش بمثل هذا الاجر لكنه حقائق موجودة … تصوروا عاملة تغادر منزلها الخامسة صباحا لتلتحق بعملها باكرا وتنجز مهمة التنظيف قبل التحاق الموظفين بمكاتبهم ثم تحصل في نهاية الشهر على 100 دينار او اكثر من ذلك بقليل وهو راتب قد لا يفي بمصاريف التنقل والاكل … والأكثر مرارة ان هذه الاجور الزهيدة لا تصرف في موعدها في أحيان كثيرة . اضافة الى ذلك تحرم اعداد كبيرة منهن من التغطية الاجتماعية والصحية ويتعرضن الى معاملات مهينة وظغوطات تفوق التصور ومنافية لكل الأعراف والأخلاق كما أنهن عرضة للطرد التعسفي ولكل أنواع التجاوزات الاخرى ومع ذلك هن صابرات ومكابدات وحريصات على ربع الرغيف الذي يحصلن عليه . ورغم هذا الكد والتعب والارهاق تحرم الكثيرات من عاملات النظافة من حق العلاج وحق التداوي والاكثر ايلاما من حق التقاعد … هل يمكن تصور عاملة قضت اكثر من نصف عمرها في التظيف ثم تحرم من حق التقاعد , كيف ستكمل ربع عمرها الاخير ؟ الاكيد لن يكون من خيار اخر امامها سوى التسول . ان هذا اليوم مناسبة لتعرية معاناة هؤلاء العاملات لكنه ايضا مناسبة للتفكير في السبل النضالية الكفيلة بتجاوز هذه المعاناة والارتقاء باوضاع العاملات الى مستويات افضل من حيث الاجور والتغطية الاجتماعية والصحية وضمان الحق في التقاعد وفي معاملات تحفظ الكرامة . ان هذه الاهداف البسيطة في ظاهرها عمل جبار يتجاوز القدرة النضالية والتعبوية لهؤلاء العاملات وهو ما يفرض التفاف كل الهياكل النقابية والحقوقية وقوى المجتمع المدني حول عاملات التنظيف وتقديم لكل اشكال الدعم والمساندة لهن في نضالهن من اجل تحسين اوضاعهن . ان تحسين أوضاع عاملات التظيف مسؤولية جماعية بل هي معركة نضالية يفترض ان يشارك فيها الجميع بفعالية وصدق ويفترض ان تستجيب فيها السلط ذات الاختصاص لنداءات هؤلاء العاملات والقوى المساندة لهن لأن اوضاعهن السيئة وما يتكبدنه من معاناة ومن ألم اساءة الينا جميعا . محمد العيادي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
تونس في 12 جوان 2010 بيان
الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الإخوة أعضاء المكتب التنفيذي الوطني الإخوة أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية الإخوة النقابيين نحن عمال و عاملات البنكية للخدمات المنضورين للاتحاد العام التونسي للشغل بجهة تونس نتقدم لكم بشرف كل رواد الحركة النقابية التونسية بالتوضيحات التالية: – إيمانا منا بانتمائنا للاتحاد بالمساهمة على غرار بقية عمال تونس للدفع بالعمل النقابي في بلادنا إلى ما تطمح إليه الطبقة الشغيلة لتحسين وضعهم الاجتماعي و محافظة على كرامتهم إلى المرتبة التي ناضل من اجلها حشاد و التليلي و محمد على و عاشور و ذلك بانخراطنا منذ نشأة مؤسستنا البنكية للخدمات بالاتحاد. – منذ حوالي 4 أشهر تقدمت مجموعة من العمال بعريضة سحب ثقة من النقابة الأساسية باسم الأمين العام للاتحاد و هو أمر بديهي و حق مشروع لكل منخرط علما و أن موضوع سحب الثقة له أسبابه من خلال عدة تصرفات لا مسؤولة للكاتب العام للنقابة الأساسية بتونس . – طال انتظارنا لعدة اشهر مما دفعنا في العديد من المناسبات للتجمع ببطحاء محمد علي لتحسيس هياكلنا النقابية بجدية مطلبنا و حقنا الشرعي في سحب الثقة من نقابتنا الأساسية التي انتخبناها نحن عمال و عاملات البنكية للخدمات. – لقد تمكّنا في العديد من المناسبات من مقابلة الأمين العام و الأمين العام المساعد المسؤول على النظام الداخلي و البعض من أعضاء المكتب التنفيذي و الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس و الكاتب العام للجامعة و عدة وجوه نقابية مسؤولة عبروا لنا على مشروعية مطلبنا و الاطمئنان على احترام قوانين منظمتنا. – توالت الأسابيع و لم يتّخذ أي قرار في هذا الشأن مما دفعنا للتجمع ثانية و ثالثة ببطحاء محمد علي و بأمر من الأمين العام للاتحاد أصدر الاتحاد الجهوي للشغل بتونس بلاغا يدعو فيه كافة المنخرطين بالبنكية للخدمات لحضور الاجتماع بدار الاتحاد بتاريخ 09 ماي 2010 للبت في عريضة سحب الثقة و كان ذلك يوم الأحد. – تجمع عمال و عاملات البنكية للخدمات نساءا و رجالا وأطفالهم لحضور هذا العرس الديمقراطي باعتبار ان قانون منظمتنا فوق كل اعتبار. – اشرف على هذا الاجتماع الأخ محمود عاشور الكاتب العام المساعد بالاتحاد الجهوي للشغل بتونس المسؤول على النظام الداخلي بمعية عضوين من الاتحاد الجهوي للشغل بتونس و تغيب الأخ نور الدين الطبوبي الكاتب العام للاتحاد الجهوي ,و حضرت الجامعة العامة للبنوك هذا الاجتماع . – تقدم الأخ محمود عاشور بمناداة الأعوان الممضيين على العريضة فطالبناه بمناداة كافة المنخرطين طبقا للنظام الداخلي للاتحاد و خاصة الفصل 83 منه. – ولم نتمكن من إقناعه باحترام تراتيب و إجراءات عملية سحب الثقة طبقا لقوانين منظمتنا. – تفاجأ الحضور بمغادرة أعضاء الاتحاد الجهوي قاعة الاجتماع و بقيت الجامعة معتبرة أن النظام الداخلي ينص على مناداة كافة المنخرطين و إن توفر حضور ثلثي المنخرطين يعتبر الاجتماع قانوني و بالتالي التثبت من مطلب سحب الثقة ليصبح المكتب النقابي منحلا قانونا و بذلك الدعوى لمؤتمر استثنائي. – ترقب الحضور من الساعة 12 إلى الساعة 2 بعد الزوال عندها رجع الاخ محمود عاشور وبقية أعضاء المكتب الجهوي عندها اعتقدنا ان الوعي و المسؤولية حملاهما على مواصلة الاجتماع بالرجوع إلى تطبيق القانون. – تفاجئنا من جديد أن أعضاء الاتحاد الجهوي لم يغيروا من موقفهم مغادرين قاعة الاجتماع على الساعة 3 بعد الزوال. – تقدم الكاتب العام للجامعة بقائمة كافة المنخرطين و امرنا بمغادرة القاعة و مناداتنا فردا فردا للدخول من جديد للقاعة و كان عدد الحضور 186 من مجموع 230 منخرط, هذا الحضور يتجاوز3/2 المنخرطين و بالتالي قد اعتبر ان اجتماعنا قانوني ثم وقع مناداة الحضور اسما باسم و التثبت من الهوية مع التوقيع و السؤال عن مدى تمسكهم بعريضة سحب الثقة و قد تمت هذه العملية النهائية بحلول الساعة السادسة مساءا بعد أن أمضى الحضور من جديد على عريضة موجهة باسم الأمين العام المساعد المسؤول على النظام الداخلي . و مرت الأسابيع و لم يصدر أي قرار و جددنا الاتصالات بكافة هياكل الاتحاد بما في ذلك الأمين العام الذي وعدنا بتسوية الوضعية في اقرب الآجال بإصدار بلاغ في مؤتمر استثنائي للنقابة الأساسية , و مر شهر على ذلك الاجتماع وتجمعنا من جديد يوم 11 جوان 2010 بدار الاتحاد العام التونسي للشغل و تمكنا من مقابلة الأمين العام للاتحاد الذي ابلغنا أن عملية الاجتماع لم يشرف عليها الاتحاد الجهوي و يرى من المستحسن انعقاد اجتماع ثاني في نفس المنظمة و دعانا للتنسيق مع الاتحاد الجهوي للشغل بتونس. – تقدم البعض من الزملاء الى مكتب الأخ نور الدين الطبوبي و بقيت البقية ببطحاء محمد علي ,قابلنا الأخ الكاتب العام بتشنج معتبرا أن هذه العملية منسقة من طرف المدير العام و كلنا مدفوعين من طرفه و أننا أصبحنا عملاء الإدارة العامة مما خلق توتّرا بينه وبين الزملاء و أصبح الحوار بينهم فوضويا و تلفظ بعبارات لا أخلاقية متجاوزا ابسط أدبيات الحوار مطالبا الحضور بمغادرة مكتبه. – فجأة بلغنا أنّ الأخ نور الدين الطبوبي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل تم نقله الى مستشفى شارل نيكول على اثر تعرضه لمس بكتفه الذي مازال متأثرا بالحادث الذي تعرض له. – كما ان زميلة لنا وقع الاعتداء عليها من طرف أعضاء من المكتب الجهوي مع تهديدنا بمغادرة دار الاتحاد الجهوي للشغل بكل الوسائل اللاّاخلاقية و استعمال وجوه غير نقابية للاعتداء علينا بالعنف. بقدر رفضنا لهذه الممارسات من أي طرف كان فإننا نعبر عن تنديدنا و استيائنا من كل من تجرّأ على الخروج عن أسباب الحوار. – تفاجئنا ببيان صادر عن الاتحاد الجهوي للشغل بتونس ممضى من طرف الكاتب العام للاتحاد الجهوي الذي ادعى فيه أن هذه العملية منسقة من طرف الإدارة العامة ضاربا بذلك عرض الحائط مطلبنا الشرعي في سحب الثقة من النقابة الأساسية متمسكا بالمكتب النقابي. و قد تأكد لنا أن الأخ محمود عاشور نجح في عدم احترام القانون منصفا بذلك كاتب عام النقابة الأساسية الذي هو أيضا أصيل جزيرة قرقنة. رغم هذه الأحداث لا يزال أملنا وطيدا في شخص الأمين العام و أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بتنفيذ القانون الداخلي لعقد مؤتمر استثنائي لانتخاب مكتب نقابة أساسية نزيه, معتبرين ان النقابة الأساسية الحالية منصبة و لا تمثل العمال محملين المسؤولية و كل الانعكاسات و الانقلابات التي ستنجر على عدم احترام القانون حتى لا تتاكد مقولة انصر ابن جهتك ظالما او مظلوما. عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا مستقلا و ديمقراطيا. الإمضاء عمال و عاملات البنكية للخدمات — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
رسالة مفتوحة لأعضاء المكتب التنفيذي التسعة : نسألكم الرحيل
تونس في 13 جوان 2010
محمد الهادي حمدة السيد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل السادة أعضاء المكتب التنفيذي التسعة المعنيين بأحكام الفصل 10 من القانون الأساسي للاتحاد تحية نقابية و بعد تنص أحكام الفصل 10 من القانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل ـ كما تعلمون ـ على عدم جواز الترشح لعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العام خلال المؤتمر الوطني العادي المقرر لشتاء 2011 لمن كان عضوا لدورتين بهذه الهيئة القيادية. و تأسيسا على ذلك و انطلاقا من صفتي كمنخرط بالاتحاد العام التونسي للشغل منذ ما يزيد عن العقدين و إيمانا مني بالدور الوطني و الاجتماعي للمنظمة و في إطار التقاليد العريقة التي أرستها الأجيال المتعاقبة من النقابيين في الحوار حول كل ما يخص الحياة النقابية و مع تقديري للوظيفة القيادية و التقريرية للهياكل النقابية مثلما يضبطها النظام الداخلي و القانون الأساسي للاتحاد و اعتبارا إلى أن العمل النقابي جزء من الشأن العام الوطني فإنه يطيب لي أن أرفع لكم الملاحظات التالية : 1) أن الفصل 10 من القانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل ليس فصلا ككل الفصول الأخرى التي تكوّن متن القانون الأساسي للمنظمة حتى يزعم أحد أعضاء المكتب التنفيذي (أنظر حديث السيد رضا بوزريبة عضو المكتب التنفيذي لجريدة الشروق بتاريخ 6/6/2010) ذلك و إنما هو الفصل الوحيد الذي يضع حدا لوجودكم على رأس الاتحاد و إن أي سعي للدعوة لمراجعته أو إعادة النظر فيه أو تعليق العمل به بأي صورة من الصور يعتبر سعيا مفضوحا لاغتصاب السلطة داخل المنظمة بدعوى تحكيم إرادة النقابيين أو استثنائية الظرف الذي وقع فيه إدراجه ضمن القانون الأساسي الأمر الذي ينسف فكرة تقييد الحاكم بالشرعية و القانون وهي الأساس في بناء الحكم الرشيد سواء تعلق الأمر بمنظمة أو دولة، ولقد حاولتم خلال مؤتمر المنستير ديسمبر 2006 فرض التراجع في إدراج الفصل المذكور ضمن القانون الأساسي للمنظمة إلا أنكم فشلتم في ذلك فشلا ذريعا و ذلك بالنظر لقناعة أغلبية المؤتمرين بفحواه و تمسكهم بأحكامه باعتبارها واحدة من ضمانات تداول النقابيين على مسؤولية قيادة المنظمة و لا نخال أن تلك القناعة تراجعت و ذلك التمسك خبا على مر الأيام و السنوات. 2) أن أحكام الفصل 10 من القانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل لا تسمح لكم بالترشح لعضوية المكتب التنفيذي خلال المؤتمر القادم و عليه فإن إشرافكم أو مشاركتكم بالصفة و الاسم في نشاط نقابي يسعى لمراجعة محتوى الفصل المذكور أو يحرض على إعادة النظر في إعمال أحكامه قبل انعقاد المؤتمر على خلاف التراتيب القانونية النقابية الجاري بها العمل أو اعتماد أساليب المناشدات البالية التي مجها التونسيون لافتعال مبررات عقد مؤتمر استثنائي غايته الانقضاض على أحكام الفصل 10 من القانون الأساسي يعد في نظر النظام الداخلي و القانون الأساسي للاتحاد فضلا عن الأعراف و التقاليد النقابية الديمقراطية المتوارثة منذ منتصف الأربعينات من القرن الماضي يعد انتهاكا للقانون يستوجب المساءلة القانونية ضمن فضاء المنظمة فضلا عن الاستهجان و الإدانة الأخلاقية و القانونية من قبل أوسع دوائر الرأي العام النقابي و الوطني و كافة مكونات الحركة النقابية و العمالية العالمية التي ينشط ضمنها الاتحاد العام التونسي للشغل حيث لا يعقل أن يصدر انتهاك القانون أو تعطيل إنفاذه عمن يسهر على إعمال أحكامه. 3) أن إحالة النقابيين المعروفين بتمسكهم بأحكام الفصل 10 من القانون الأساسي للاتحاد سواء تعلق الأمر بالنقابيين الذين أحيلوا بعيد لحظة محاولتكم الفاشلة فرض إعادة النظر فيه خلال مؤتمر المنستير ديسمبر 2006 أو ما بعدها فضلا عن عرقلة ترشح البعض منهم للمسؤولية النقابية أن إحالتهم على لجنة النظام و خاصة خلال الفترة المتبقية على انعقاد المؤتمر الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل شتاء 2011 تعتبر منزلقا خطيرا باتجاه مزيد تحويل لجنة النظام لوسيلة تصفية الخصوم النقابيين و عقابا على الهوية النقابية من شأنه مساعدتكم على البقاء لأطول مدة ممكنة على رأس الاتحاد و في مخالفة صريحة للقانون الأساسي و النظام الداخلي تتحملون فيه كامل المسؤولية أمام النقابيين و أمام التاريخ النقابي للبلاد و أمام الحركة النقابية العالمية. 4) أن حصيلة أدائكم على رأس الاتحاد العام التونسي للشغل طوال العقدين المنصرمين ليس أفضل ما يمكن أن يقدمه النقابيون التونسيون للحركة العمالية التونسية حتى في ظروف أشد قساوة من تلك التي توليتم في سياقها قيادة المنظمة سواء تعلق الأمر بأجور العمال التي لا يزال الأدنى الصناعي أو الفلاحي المضمون منها تحت خط الفقر بالمعايير الدولية على أساس دولارين للفرد في اليوم لمعدل عائلة تتكون من 5 أفراد أو المدونة الشغلية التي فرطت في استقرار العمل و ساهمت تبعا لذلك في تفشي أكثر أشكال التشغيل هشاشة أو منظومة الضمان الاجتماعي التي كانت السياسات التي توخيتموها قد أحدثت أبلغ الآثار المدمرة عليها و منها قبولكم تحميلها تكلفة التخصيص خلال مرحلته الأولى و إيقاف الانتداب بالوظيفة العمومية و تحميل الصناديق الاجتماعية تكلفة الزبونية الاجتماعية و السياسية و عدم اعتراضكم على سياسات الاعتماد على الاستجابة للطلب الخارجي و انعكاساتها الاجتماعية ممثلة في ما يسمى بالسلم الاجتماعية ضمن « المفاوضات الاجتماعية » و إطلاق أيدي الأعراف في التصرف بكل حرية في اليد العاملة و خاصة في القطاع الخاص أو صمتكم على الحيف الذي كرسه النظام الضريبي المعتمد رسميا منذ 1990 و غض الطرف عن احتداد الفوارق بين الجهات و التأمين على المرض و تبخر آمال الشغالين في الانتفاع بخدمات صحية في مستوى الطموحات الوطنية و موقفكم المخزي من الاحتجاجات الاجتماعية لمنطقة الحوض المنجمي و تزكيتكم لمرشح السلطة في الانتخابات الرئاسية مع يقينكم بمسؤوليته الدستورية و التشريعية و السياسية على حالة التدهور الاقتصادي و الاجتماعي التي آلت إليها الأوضاع في البلاد فضلا عن معاينتكم لتفشي الفساد في كافة الدوائر و تفاقم انتهاك حقوق الإنسان و إعراضكم عن تفعيل قدرات الاتحاد العام التونسي للشغل في مجال الدفاع عن الحريات الفردية و العامة و انفصالكم القصدي عن مدونة مطالب شبكة المجتمع المدني التونسي المتطلع لتحقيق الحقوق و الحريات لكل الناس. 5) إن محتوى الحديث الصحفي الذي أدلى به أحد أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل خلال الأيام القليلة الماضية و خاصة في شقه المتصل بالفصل 10 من القانون الأساسي للاتحاد و الذي لا نخاله معزولا عما يدور في الغرف المغلقة لا يمكن فهمه إلا في سياق الملاحظات التي ذكرناها آنفا وهي إشارات واضحة في سعيها المحموم نحو التقليل من شأن الفصل 10 و ووضعه على قدم المساواة مع بقية فصول القانون الأساسي بدعوى تحكيم الإرادة النقابية و الحال أنه وقع تحكيمها و أقرت الفصل المذكور في سياق أشغال مؤتمر المنستير ديسمبر 2006 فلماذا الإصرار على نفس المطلب إن لم يكن خلف ذلك مخطط للانقلاب على الشرعية ؟ 6) إن مغادرتكم للمسؤولية من على رأس الاتحاد العام التونسي للشغل سوف لن يصيب عمل المنظمة بأي أذى و سوف لن تربك المسارات النضالية للاتحاد لأن عراقة تاريخه و ثرائه بالإطارات و الخبرات و تراكم مهارات القيادة و التسيير فيه تؤمن له الاستمرار السلس و تفتح لقياداته الجديدة مجالا واسعا لإعادة تشكيل بنية الشرعية و الشروع في معالجة أزمة الديمقراطية التي تسببتم في احتدامها طوال العقدين المنصرمين إذ لا خوف على المنظمة إلا ممن جعلوا منها مزرعة خاصة و دجاجة تبيض ذهبا متاعا لهم و لمريديهم و أتباعهم. 7) يحتفظ النقابيون المنضوون تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل و المتمسكون بأحكام الفصل 10 من القانون الأساسي للاتحاد و ذلك في إطار إصرارهم على دمقرطة المنظمة و فتح الباب أمام تداول النقابيين على قيادتها و منع احتكار قيادة المنظمة في صفوة لا تجسم بالضرورة أفضل ما يوجد داخل الحركة النقابية فضلا عن ضحالة حصيلتها و ضمان حق كل النقابيين في تبوإ المناصب القيادية مثلما يضبطه القانون الأساسي و النظام الداخلي يحتفظون بحقهم في اختصامكم لدى المحافل و الهيئات المعنية بالشأن النقابي في العالم و الشبكة الدولية للنقابات العمالية. 8) إن المساعي الهادفة لتأبيد بقائكم على رأس الاتحاد من خلال افتعال ذرائع إعادة النظر و مراجعة الفصل 10 ستشكل فضيحة معنوية و أخلاقية ستبقى تلاحقكم أينما حللتم و لعل المسار التاريخي للحركة النقابية التونسية لا يزال يحتفظ في ذاكرته بالمكانة الرفيعة لمن أفنى العمر في خدمة الشغالين و من لا تزال اللعنة النقابية تلاحقه حيا أو ميتا. لقد عانت الحركة النقابية التونسية في آخر الأزمات و المآسي التي عاشتها من انقلاب الحكم على الشرعية من خلال توظيف ما سمي آنذاك بالنقابيين « الشرفاء » خلال الفترة 1985 ـ 1989 و دفع النقابيون فاتورة باهضة دفاعا عن الاتحاد العام التونسي للشغل من حرياتهم الشخصية و راحة عائلاتهم يومها صاح الرئيس السابق ببطحاء محمد علي صيحته الشهيرة « عاد الدر إلى معدنه » و كانت قبلها قد عاشت أحداث الخميس الدامية ذات يوم من شهر جانفي سنة 1978 و قدمت يومها الشهداء و الجرحى قربانا للحرية و فداء للحق النقابي المناضل و المستقل و الممثل للعمال. ولكي لا يعيد التاريخ نفسه في شكل مأساوي : نسألكم الرحيل محمد الهادي حمدة مقالات في نفس الموضوع : 1) تصريح بوزريبة للشروق http://archivesdemo cratiesp. blogspot. com/2010/ 06/blog-post_ 1468.html 2) ردّا على تصريح رضا بوزرية للشروق حول الفصل العاشر : أبواق الردّة تواصل النفير http://archivesdemo cratiesp. blogspot. com/2010/ 06/blog-post_ 9011.html 3) ملاحظات خاصّة بالحوار الذي أجراه عضو المكتب التّنفيذي رضا بوزريبة بجريدة الشّروق والمتعلّق بالتّقاعد والفصل العاشر http://archivesdemo cratiesp. blogspot. com/2010/ 06/blog-post_ 1963.html 4) دفاعا عن الفصل العاشر : لجان النظام و صناعة الولاء أو صوتكم يقوي سوطنا http://archivesdemo cratiesp. blogspot. com/2010/ 06/blog-post_ 10.html 5) لا أهميّة للفصل العاشر خارج سياق إعادة هيكلة متكاملة للاتحاد تضمن دمقرطة تسيير هياكله و لكنّه الحجر الأول المنتزع من هرم البيروقراطية المزمع هدمه (1) http://archivesdemo cratiesp. blogspot. com/2010/ 06/1.html 6) الفصل العاشر : ليس المهم مع من نمضي ولكن المهم إلى أين نمضي http://archivesdemo cratiesp. blogspot. com/2010/ 06/blog-post_ 9241.html المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « الرابط :
http://fr.groups. yahoo.com/ group/democratie _s_p
همــــــــوم مسترسلة
أيمكن القول – ونحن نعيش الكثير من الضيق والتشكيك والتتفيه، ونتعرّض للسجن والتهجير والقتل، ونفتن في تربية أبنائنا وفي « نفور » أحبّتنا منّا وهروب أقاربنا إلى الأقاصي حيث الذّئاب تحتفل بهم تأكلهم دون أن تبقي منهم القميص لمعرفة أخبارهم – … أيمكن القول؛ إنّ في ذلك خيرا؟!… إذا كنّا مؤمنين، فالجواب نعم! «عَجَبًا لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلا للمُؤْمِن: إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيرًا لَهُ، وإنْ أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا لَهُ». وسبحان الله ما أبلغ حبيبي صلّى الله عليه وسلّم « ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلا للمُؤْمِن »… وإنّي لأفهم من هذا التعبير الإعجاز؛ أنّ ذلك الخير لا يكون إلاّ للمؤمن وأنّ ذلك الخير لا يشعر به إلاّ المؤمن، إذ غير المؤمن (والإيمان يزيد وينقص وقد ينعدم) يرفض الضرّاء ويسخط عليها ولا يقتنع أبدا بها ولا بأسبابها أو آثارها، بل تراه يتحدّث – مع توخّي المبالغة أحيانا – عمّا سبّبت له الضرّاء من آلام وأمراض نفسية واجتماعية أثّرت علويّا على أسرته وعائلته فجعلت منهم زبائن دائمين في مستشفيات الأمراض العقلية وأثّرت سُفليا على الأبناء فجعلتهم متخوّفين من مستقبل تتربّص فيه الضرّاء بهم حيث ما نزلوا… فينسى أنّ الذي يقدّر هو الله سبحانه وتعالى، وأنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنّ الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك، كما بيّن ذلك سيّد البشريّة وخير ولد آدم عليه السلام محمّد صلّى الله عليه وسلّم… فبدل أن يقبل بقلب مطمئنّ ما حصل، ثمّ يبحث في الأسباب التي أعانت على حصوله قصد الاجتهاد في دفع الأسباب بالأسباب (والمؤمن يأخذ بالأسباب ويحاول دفع القدر بالدّعاء أو الهروب من القدر إلى القدر كما قال عمر رضي الله عنه)، تراه يتّكِئُ على السبب الأضعف والعامل غير المؤثّر، فعوض أن ينظر مثلا إلى تعدّي الظالم عليه وإجباره على الخروج من أرضه ودياره ينظر بالقصير إلى من صاحبه في رحلة الخروج فيرى فيه علّة الخروج ومآلاته مستشهدا بمآثر العرب – الذين منهم من تفرّغ لمحاربة « حماس » بدل الكيان الصهيوني – القائلين بمرارة ظلم ذوي القربى (والقولة صحيحة إذا أحسن استعمالها) حتّى أنّهم ليرون قرباتهم مظالم وقريبهم عدوّا لا يُصادق ولا يُصالح (والعدوّ عندهم يتقرّب إليه ومنه ويُصالح)… أحسب أنّه ليس من الحرص على الأجر عند الله سبحانه وتعالى الإكثار من الحديث عمّا لاقى الأهل في سبيل الله وعن الضريبة الباهضة التي دفعوها، في محاولة دنياوية لإبراز « الجرم » الضخم الذي ارتكبته قيادة الحركة الإسلاميّة وبعض منتسبيها، فلعلّ ذلك يفسد النيّة ويُخسر الأعمال والعاقبة، ولعلّه كذلك يُفسد الحقائق ويدلّسها… فإنّ كلّ ما طال العائلات (والجميع بدون استثناء قد طال عائلاتهم ما طالها، فليس من الحكمة التباري في ذلك) لم يكن بسبب هفوات الإسلاميين ولكن بسبب حقد أناس في المجتمع (النّظام الحاكم وبعض المثقّفين) على الإسلام والمسلمين… فلو كان السبب هو الخارج الهارب من البلاد للقي المقيم المحصر فيها عناية من الحاكم تخفّف عنه مصيبته في « عقوق » ابنه أو عائله المغادرين، ولكنّه الحقد على الإسلاميين وإبغاضهم بما تترجمه اليوم البرامج التلفزية والأنشطة الثقافية النّاخرة لعظام الهويّة والدّين والرّجولة والمروءة. وبما تترجمه محاولات إنعاش الفتنة بين أبناء تونس الجريحة من الإسلاميين، بعد أن فُتِحت الدّنيا عليهم. وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « … فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم »، ووالله لقد كنّا – ونحن حديثو عهد بالجراحات الصادمة الأولى – في ستر وفي خير كثير يسدله علينا فقرُنا لله ثمّ فقرُنا لبعضنا البعض، فلّمّا جاءت الدنيا تطاول البعض على الآخر، حتّى ما بات في لغتنا ما يجرّئ السامع على تنسيبنا إلى الإسلاميين!… ولعلّك إن لاحظت لبعضهم ملاحظة أو حاولت تعديل معوجّ جوبهت بالحديث عن الظروف النّفسيّة، وما خلّفته من تشوّش في التوجّه…، وعندي أنّ المؤمن الصادق والمسلم الحقيقي لا يُنزل نفسه العيادات النّفسية، فهي محلاّت الفاشلين والمذبذبين والمتردّدين… ومنها يأتي الخلط وفيها تنتهك الأعراض وتكشف الستر… أرأيتم إلى طبيب لا يداوي إلاّ بكشف ما ستره الله على « مريضه »؟!.. أنسيتم أنّ المؤمن يرى بنور الله، وأنّ من ستر مسلما ستره الله عزّ وجلّ يوم القيامة، فكيف يستر مسلما ويكشف عورات زوجه حتّى إنّهم ليتكلّمون عمّا يحدث وراء الحجب فوق الخشب (الطبيب وهي، وحدهما فيما لا يحقّ حتّى للزوج الاطّلاع عليه! حسبنا الله ونعم الوكيل) أو أهله بحجّة أنّ هذا الطبيب لا يداوي إلاّ بالكشف؟!… أسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية والمعافاة الدّائمة في الدنيا والآخرة، كما أسأله ألاّ يسلّط علينا بذنوبنا السفهاء، وسبحان الله العظيم ما أحلم سيّدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد قال لعمر رضي الله عنه لمّا استأذنه في ضرب عنق ابن سلول المنافق: دعه… لا يتحدث الناس أنّ محمدا يقتل أصحابه!… عبدالحميد العدّاسي الدّنمارك في 15 يونيو 2010
العودة الحرّة و خيار المصالحة مع الذات
لقد مرّت أربع سنوات على بداية معالجة ملف عودة بعض اللاجئين التونسيين بالخارج، برغم أن هذا الملف كان يُعدّ وقتئذ من المحرّمات عند حركة النهضة و بعض المزايدين من خارجها، الذين اتهموا كلّ من بادر بالعودة للوطن و القطع مع وضعية الغربة، بالارتداد و الخيانة و التفريط في « القضيّة »، فاستباحوا بموجب ذلك أعراض غيرهم و روّجوا الأكاذيب و الأراجيف بشأنهم في محاولة يائسة للصدّ عن هذا المنحى الطبيعي لكل لاجئ و حرمانه من ربط الصلة بأهله و وطنه. غير أنّ الواقع الفارض لنفسه من جهة، و إصرار المقتنعين بهذا المسار من جهة أخرى، قد أثمرا تناميا لهذا الخيار الحرّ فأنخرط فيه عشرات اللاجئين من عديد الدّول، عاد منهم إلى حدّ اليوم الكثير دون أن يتعرضوا إلي أذى، بل تمّت معاملتهم باحترام،لان مختلف الأجهزة المعنية التزمت بتنفيذ خيارات رئيس الدولة في هذا الشأن و التي عبّر عنها في عديد المناسبات العامّة وهو ما دعّم الثقة بين الطرفين وسفّه أحلام المتربّصين بهذا الخيار الطبيعي. كما إنني أعتقد أن التعجيل من طرف السلطات المعنية بتمكين بقيّة من عبّروا عن رغبتهم في الانخراط في مسار التصحيح و التسوية، من جوازاتهم و العودة إلي أهلهم ووطنهم، يساهم حتما في سحب هذه الورقة نهائيا من أيدي المزايدين و أصحاب المصالح الحزبية. و يجعل كلّ الذين ما زال بأنفسهم تردّد أن يبادروا لتخطّي الجدار الوهمي الذي يريد البعض أقامته بين تونس و أبنائها، لأن التوجه إلي قنصليات الوطن ليس خيانة و أن الهوية الوطنية تستخرج من تمثيليات الوطن و ليس من مكاتب أوطان أخرى. إن التطرّق لمسألة العودة يسوقنا إلى استخلاص جملة من الاستنتاجات : 1 – إن الملاحظ اليوم يتأكد إليه بكل وضوح أن الكفة قد رجحت لصالح خيار العودة ، هذا الخيار الحر و البعيد عن الوصاية بعد أن بادر الكثيرون ممن كان في أنفسهم بعضا من التردد، إلى كسر قيد المكابرة المزعومة، و تسفيه حملات التشويه و الترهيب التي قادها مريدو الحزبية الضّيقة ، المتمثلين إما في أشباح لا يجرؤون حتى على تحمّل مسؤولية ما يُحبرون، ويتوارون وراء أسماء مستعارة للتنصل من أية مسؤولية، ديدنهم السّب و الشتم و تشويه مخالفيهم.أو في بعض الوصوليين من صغار الأنفس، الذين وجدوا في فراغ ساحة حركة النهضة من الكثير من رجالاتها بسبب ضيق أفق قيادتها، فرصة للتسلّق و الظهور، ليحقّقوا بالتملق و المزايدة ما عجزوا عن تحقيقه بالعمل و الكفاءة. فسوّلت لهم أنفسهم الاعتداء على أعراض النّاس هذيانا وعربدة على صفحات المواقع الافتراضية، لا يحدّهم منكرا، أعمت الحزبية الّضيقة بصيرتهم فلم يعد للأخلاق الفاضلة عندهم معنى. 2 – إن خيار العودة الحرّة قد فرض نفسه وأحدث إرباكا حقيقيا لدى قيادة حركة النّهضة، فلم تستطع محاصرة رغبة مناصريها و أعضائها بل حتى كوادرها رغم كل مناورات الالتفاف على هذا الملف ممن امتهنوا المزايدة بمآسي و آلام النّاس، مثلما كان الحال بالأمس القريب مع قضيّة المساجين، التي كانت تمثّل لدى بعضهم ورقة سياسية توظّف في الصّراع دون مراعاة لجانبها الإنساني. لقد باءت بالفشل كل محاولات الصدّ و التهديد رغم الحشد السياسي و المادّي، التي تولّدت عنها مبادرات ميّتة و »جمعيات » أسّست لهذا الغرض بقيت أكشاكا خاوية تتخبط بين العجز على تحقيق بعض ما وعدت به وواقع لا تؤثر فيه العنتريات والشعارات « البراقة »، لعدم إدراك القائمين عليها والذين من وراءهم أن معارضة طبيعة الأشياء و تجاهل أحاسيس النّاس، هو مسلك مآله الفشل لا محالة. 3 – أما الحقيقة الأخرى التي نخلص إليها من خلال هذه التجربة، هي أن تصالح هؤلاء التونسيين مع أنفسهم ومع دولتهم ممكن إذا ما توفر شرطان أساسيان، هما الصدق و الوضوح. الصدق مع النفس من خلال تقييم تجربتنا بكل جرأة و موضوعية، و الوضوح مع الغير بالقطع مع ازدواجية الخطاب و تجارب الماضي الفاشلة، لأن الإصلاح لا يتحقّق إلا من خلال تكاتف جهود كلّ التونسيين بعيدا عن ثقافة العنف و الإقصاء. الأزهر عبعاب – باريس
بسم الله الرحمان الرحيم الأسد والثعبان
حدثنا الجد صالح أنه كان من بين المجموعة من الرجال الذين أخذتهم فرنسا من بلادنا أيام استعمارها لنا، وحولتهم كمحاربين في صفوفها، إلى بعض الأماكن والبلدان الإفريقية الأخرى، التي تريد السيطرة عليها.. يقول: كنا مجموعة من الرجال أنزلنا من عربات النقل العسكري، وكان علينا اقتحام الغابات وأسر بعض المحاربين الموجودين حواليها من الأفارقة سكان الأكواخ, دخلنا الغابة وبدأنا في مسح لها حتى انفجر لغم جانبنا مما أدى بحياة بعض رفاقنا.. بعد أن دفنا من توفي افترق ماتبقي من فيلقنا إما ذعرا، أو محاولة الإبتعاد عن الحقول والأماكن التي يمكن أن يكون بها ألغام.. وبقيت أنا وأحد معارفي.. توغلنا في الغابة حتى جن الليل فضعنا على بعضنا.. وكنا لا نستطيع مناداة بعضنا البعض حتى لا نكتشف.. صعدت أنا شجرة عظيمة، ولا أدري ماحل بصاحبي، وانقطعت أخباره عني حتى عدت بعد ثمانية أشهر من الحرب لأسرتي، فوجدته قد وصل هو كذلك إلى أسرته قبلي بيومين تقريبا.. جائني ليهنأني على السلامة، فتعانقنا وبكينا كثيرا، فوجدت بعض ملامحه قد تغيرت، حيث أصبح نصف شاربه أبيض والنصف الآخر أسود.. فسألته عن أسباب بياض النصف وبقاء النصف الآخر أسود فقص علي قصته العجيبة.. يقول صاحبي: بعدما ضعنا على بعضنا يومها وداهمني الظلام دخلت غارا لأحتمي به من برد الليل، ووحوش الغابة.. والتجأت إلى ركن حصين.. وكان التعب والبرد والنعاس أخذوا مني مأخذهم.. وفجأة بدأت الحيوانات والزواحف تدخل وتصطف داخل ذلك الغار، وكأنها أبناء أم واحدة.. كل له مكان مخصص به. وكان من بين الذين دخلوا أسد عظيم، وثعبان أسود غليظ كأنه عجلة جرار في عرضه، وطويل لم أر مثله في حياتي.. بل لم أسمع عنه حتى في الخرافات وأساطير الأولين.. له وبر منسدل على الجنبات وكأنه وبر خيل.. وبدأ يلتوي حول نفسه حتى وصلت طياته سقف الغار.. ولولا رأيته رأي العين لن أصدق أن هناك ثعابين تعيش في الأرض مثل تلك التي رأيت.. مكث الأسد مستقبلني، بيني وبين الثعبان، تارة ينظر لي وهو يزئر وكأنه يحذرني بأن نهايتي قريبة.. لكن عرفت فيما بعد أنه يلومني على دخولي ذلك المكان.. وتارة يذب التراب مثيرا غبارا على أطراف ذلك الثعبان..حاولت الإبتعاد من أمامه، لكن كلما تحركت ضربني بخفه الأمامي ضربة تكاد تشل حركتي.. كي لا أبتعد من وجهته.. عرفت كذلك فيما عرفت أنه إن ابتعدت من أمامه لا يضمن حمايتي.. بدأ الثعبان يتملل ويحاول الوصول إلي.. والأسد يحاول منعه والتصدي له.. راحت في تلك اللحظات العصيبة كل أوجاعي، وطار النوم من عيني كما بدأ يطير معها لبي.. أخذت أستحضر الشهادتين والمعوذتين.. وكيف إن التهمني هذا الثعبان لن يدري ولن يعرف أحد إن مت، بل كيف مت.. بدأت المعركة تحتدم بين الأسد والثعبان.. الأول يريد حمايتي والثاني يريد التهامي.. يحاول الثعبان الإلتفاف وخنق الأسد.. والضرغام يحاول تمزيق أطرافه بمخالبه وأنيابه.. أدركت حينئذ جسارة الأسد، وأنه ملك حقيقة بمحاولته حمايتي بما أنني في حالة ضعف وقتها.. وكيف أن طبعه المواجهة وليس الإلتفاف حتى لو كلفه حياته.. استمرت المعركة بينهما حتى بزوغ أول خيوط الفجر.. بدأت جميع الحيوانات تخرج ولم يبق داخل الغار إلا أنا والأسد والثعبان.. وهما يحاول كل واحد منهما قتل الآخر.. بدأ الثعبان يلتف حول الأسد ويحكم القبضة عليه.. والأسد قابض الثعبان بفكيفه ومخالبه الأمامية من رقبته.. ونصفه الآخر بين ثنايا أضلع الثعبان.. حرك الأسد ذيله في إشارة إلي، فهمت منها أنه يريدني أن أهرب.. بما أن الغار فرغ من ساكينه.. رفضت بيني وبين نفسي.. تذكرت أن معي سكينا من تلك التي يحملها كل محارب.. أخذتها وبدأت أنهش وأقطع جسد ذلك الثعبان بكل قواي، والدماء تتطاير علي.. مولولا والدموع تنهمر من عيني.. مستعينا بالأسد.. ومستمدا منه شجاعة لم تكن عندي من قبل.. بعد حوالي أربع ساعات أخرى هدأت حركة كل من الأسد والثعبان.. وارتخت أطرافهما.. أخذت أهزّ وأحرك الأسد.. وأحاول أن أنتشله من بين ثنايا وأضلع ذلك الثعبان.. فوجدته بلا حراك قد فارق الحياة.. كما فارق الحياة أيضا ذلك الثعبان.. أخذت أخرج من الغار تارة وأنا أستغيث.. ثم ماألبث أن أرجع أتحسس أنف ووجه الأسد لعله مازال به رمق من الحياة.. بعدها أخذت أجري وأنا أهذي وأصرخ داخل الغابة.. نادبا ولاطما وجهي.. أنتف النصف الأيمن من شاربي مرددا: مات.. مات.. مات.. حتى قبض علي بعض سكان تلك الغابة.. وتركوني عندهم مدة من الزمن كانت كافية بأن هدأت روعي وأرجعت عقلي إلى سابق رشده.. فنظرت إلى الماء أين انعكس فيه وجهي.. فوجدت نصف شاربي.. ذلك النصف الأيمن الذي نتفته قد أصبح أبيض.. والنصف الآخر بقي على سواده.. وهذه قصتي وغرتي..
فتحي العابد
عودة الصفة الاستشارية في الأمم المتحدة الى اللجنة العربية لحقوق الانسان
باريس ـ نضال حمادة الانتقاد قررت لجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة إعادة الصفة الاستشارية للجنة العربية لحقوق الانسان اعتبارا من 27 تموز / يوليو المقبل. ووقف وراء قرار تجميد الصفة الاستشارية للجنة العربية لمدة عام بعض الدول العربية و »إسرائيل » وذلك لاسباب متعددة اهمها ادعاء إسرائيلي بأن اللجنة العربية تخصص لانتهاكات الكيان الاسرائيلي أربعين بالمائة من نشاطاتها. كما اتهمت مصر اللجنة العربية بأنها تدافع عن منظمات محظورة في مصر (حركة الإخوان المسلمين والدعاوى القضائية المتعلقة بالتنظيم الدولي وما يسمى خلية حزب الله) في حين ان الحكومة الجزائرية اعتبرت المحامي رشيد مصلي المندوب السابق للجنة، إرهابيا وطالبت بطرد اللجنة نهائيا من الأمم المتحدة. ومن المعروف أن هذه اللجنة ترفض المقاربة الغربية لحقوق الانسان وتعتمد الشرعة الدولية مرجعا لها، وتطالب باحترامها. كما تعتبر ان الحكومات الإسرائيلية المتتابعة قد ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وأن هذه الجرائم ستزداد في غياب المحاسبة الدولية والقضائية. كما أنها دافعت عن قناة المنار في أوروبا، وقناة العالم وتيسير علوني في اسبانيا، وكانت وراء تشكيل التنسيق العالمي لإغلاق غوانتانامو في 10/1/2003، وهي تعد إحدى المنظمات العشر الأولى التي طالبت الأمم المتحدة بتقرير رسمي عن السجون السرية الأمريكية. ومن محاسن الأقدار ان القرار صدر في نفس اليوم الذي تعود فيه اللجنة العربية لحقوق الانسان الى الأمم المتحدة الدراسة المشتركة بشأن الممارسات العالمية في ما يتصل بالاحتجاز السري والسجون السرية في سياق ما سمي بمكافحة الارهاب (تقرير مفصل من 198 صفحة)، ويشكل هذا التقرير إدانة صارخة للإدارة الأمريكية السابقة والإدارة الحالية، وهو يتضمن معلومات موثقة وشارك في تحريره مانفريد نوفاك، المقرر الخاص لقضية التعذيب ومارتن شينين، المقرر الخاص لحماية حقوق الانسان في ظل محاربة الإرهاب، وشاهين سردار علي، من الفريق الخاص للاعتقال التعسفي، وجيرمي ساركين، رئيس فريق العمل الخاص بالاختفاء القسري في الأمم المتحدة. وكانت اللجنة العربية التي نشأت في 17 كانون الثاني /يناير عام 1998 بمبادرة من عدد من المثقفين العرب الناشطين للدفاع عن حقوق الإنسان، وفي مقدمتهم هيثم مناع ومنصف المرزوقي وفيوليت داغر ومحمد حافظ يعقوب والراحل محمد سيد سعيد وناصر الغزالي، قد أصدرت 72 كتابا حول حقوق الإنسان وقرابة 80 تقريرا إثر بعثات تحقيق ميدانية ومراقبة قضائية وانتخابية. وقد أرسلت بعثات تحقيق لكل مناطق الصراع والأزمات كالعراق ولبنان ودارفور واليمن وفلسطين (قضية الجدار، تهويد القدس، مجزرة جنين، أوضاع عرب 48، بعثتا تحقيق إلى غزة..). وتعتبر « إسرائيل » هذه اللجنة رأس الحربة في ملفات الملاحقة القانونية أمام المحاكم الأوروبية والمحكمة الجنائية الدولية. وقد دعت اللجنة العربية بعد العدوان على غزة إلى تشكيل التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب الذي يضم اليوم أكثر من 400 منظمة عالمية من القارات الخمس. كما ساهمت اللجنة في الدفاع عن حرية الصحافة وحرية التعبير في اوروبا والعالم العربي، وكانت احدى المنظمات المطالبة بعودة التصويت على اتفاقية الأمم المتحدة لحماية الصحفيين، وقد تبنت منذ اليوم الأول لاعتقال مراسل قناة المنار في المغرب عبد الحفيظ السريتي وارسلت 13 مراقباً قضائياً لحضور محاكمته وتفنيد الادعاءات حول تورطه في قضايا إرهاب. كما وتمكنت من الحصول على الاقامة الجبرية في المنزل كبديل للحكم بالسجن سبع سنوات على تيسير علوني. كما ويسجل لها النجاح في إطلاق سراح مصور الجزيرة سامي الحاج والعاملين في الميدان الخيري والانساني من معتقل غوانتانامو. وأثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 كانت اللجنة أول من أرسل بعثة تحقيق بشأن الجرائم الإسرائيلية دخلت عن طرق الأراضي السورية وقدمت إلى لجنة حقوق الانسان في الأمم المتحدة حينئذٍ توثيقا بالجرائم الإسرائيلية.
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة والسلام على أفضل المرسلين
تونس في 10/06/2010 بقلم محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي الرسالة رقم 822
قرار الرئيس في تطوير الحوار الاعلامي جاء تجسيما لنداء النخبة وطموحات المواطنين واقتراحات اصحاب الاقلام الجريئة
شكرا لرئيسنا منذ عام 2005 وعبر المواقع الالكترونية كتبت 37 مقالا حول تطوير الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب.. ونشرت 19 مقالا في كتابي بعنوان « الوفاء الدائم للرموز والزعماء والشهداء ».. وقد اطنبت في الحديث بجراة وشجاعة عن وضع الاعلام واسباب ضعفه وادائه وتعثر مسيرة الاعلام في بلادنا.. وقدمت عديد المقترحات العملية لتطوير الاعلام.. خاصة بعد خطاب سيادة الرئيس يوم 3 ماي 2000 بمناسبة عيد الصحافة العالمي. وقد نشرت اكثر من 11 مقالا بالصحف المحلية من 2000 الى 2004 حول دور الاعلام وتطوير رسالته.. باعتبار الاعلام السلطة الرابعة بعد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.. والصحافة تسمى صاحبة الجلالة.. ولها دورها وشانها ورسالتها وتاثيرها في المجتمع.. ومساهمتها في مسيرة الانماء الشامل والاصلاح والتطور والتقدم. فهي المرأة التي تنعكس عليها حياة المواطنين.. تقوم برسالتها النزيهة السامية.. وتطرق المواضيع الحساسة.. وتلفت النظر للسلبي وتعالجه.. وتقدم الاراء والملاحظات والاقترحات العملية.. وتنبه للمشاغل الحياتية باعتبارها الترجمان الصادق لمشاغل وما يخالج افكار الشعب ونبض الشارع.. وتبرز الايجابي وتنوه به.. وتشير الى السلبي بوضوح وامانة لمعالجته وايجاد الحلول الملائمة.. وترفع صاحبة الجلالة تقريرها السنوي لصاحب الامر والقرار الفصل رئيس الدولة.. هذا هو دور صاحبة الجلالة.. السلطة الرابعة. وقد كنت امينا وحريصا ونزيها وصادقا وصريحا في مقالاتي التي نشرتها.. سواء بواسطة الصحف المحلية قبل 2005 او في الانترنات طيلة السنوات الخمس من 2005 الى 2010 . ..ووفقني الله تعالى وهداني الى طريق الصواب والرشد بالعقل النير.. والحمد لله ما كتبته كان محل اهتمام واسع لدى الراي العام التونسي والعالمي.. ومحل تقدير واكبار من طرف اهل الاعلام وفرسان القلم اصحاب القيم والمبادئ والثوابت .. وبعضهم كان يخاف علي من شدة حبهم وتقديرهم لي.. كانوا يخافون علي لعل كتاباتي الصريحة والجريئة تتسبب لي في الاحراج او المضايقة.. وكنت اقول لهم لا تخافوا علي فانا صاحب رسالة تقدمية وقلمي مطيع لي كي اكتب ما ينفع بلادي وشعبي.. ويدعم مصداقية نظامي.. وسياتي اليوم المناسب ويعلم رئيسنا الذي جربناه لسنين طوال لا يبخل باخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.. والحمد لله صدقت رؤيتي.. وفعلا جاء قرار سيادته يوم الاثنين 7 جوان2010 ليكرس طموحات الشعب.. وخلجات اهل الاعلام.. واصحاب المبادئ.. والاقلام الحرة والشجاعة وكعادته لن يتاخر في اخذ القرار الذي يواكب المشاغل.. ويحقق الطموحات.. ويطور الاصلاح.. ويعمق الحوار بين المواطن والمسؤول. وقد جاء قرار سيادة الرئيس في وقته لتطوير الحوار المفتوح في وسائل الاعلام.. وخاصة المرئية التلفزة الوطنية.. ودعا رئيس الدولة المشرفين على ملفات الحوار التلفزي لتطوير هذا البرنامج.. وفسح المجال امام الراي العام واصحاب الخصوصيات للحوار البناء الحر الديمقراطي .. مع كل اعضاء الحكومة.. بجرأة وحرية ومفهوم حرية التعبير. وهذه خطوة ايجابية هامة تستحق التنويه والشكر والتقدير لمبادرة رئيس الدولة.. والتي جاءت بعد خطابه التاريخي يوم 22/1/2010 بمناسبة انعقاد اول مجلس وزاري بعد التحوير الذي اجراه سيادته يوم 11/1/2010 على التشكيلة الحكومية الجديدة.. ودعى سيادته اعضاء الحكومة لتحمل ..المسؤولية كاملة.. ومزيد تطوير العلاقة مع المواطنين وفتح الابواب على مصراعيها.. والاصغاء الى مشاغل الشعب التونسي.. والاهتمام بالشباب. واليوم يعطي سيادته خطوة اخرى على درب تجسيم مفهوم الحوار وفسح مجال الاعلام للعموم.. تجسيما لخطاب 3/5/2000 في عيد الصحافة العالمي.. فهل بعد . ..هذا الاجراء والقرار الرئاسي انتظار لبدأ الحوار في الابان ونرجوا في دولة القانون والمؤسسات ابراز دور وتطلع اصحاب الوفاء والجرأة وذكر مقالتهم الجريئة.. و في الدول الراقية صاحب الاقتراح والجراة يكرم ويذكر في المحافل ويقع تشجيعه وتكريمه قال الله تعالى « وفي ذلك فليتنافس المتنافسون » صدق الله العظيم محمد العروسي الهاني 22 022 354
مونديال الشعوب
العجمي الوريمي
أثار التشويش المتعمّد على البثّ الفضائي لقنوات الجزيرة الرّياضيّة في اليومين الأولين من انطلاق نقل مباريات الأدوار النهائيّة لمونديال 2010 بجنوب إفريقيا، أثار سخط مشاهدي الجزيرة الرّياضيّة وغضبهم، وأعاد السؤال القديم الجديد حول العلاقة بين الرياضة والسياسة وبين ما هو رياضي وميتارياضي. إنّ واقع كرة القدم مثال مناسب لفهم تحوّل الظّواهر الإنسانيّة البريئة والعفويّة إلى ظواهر معقّدة بسبب اختطاف التّظاهرات الرّياضيّة كاحتفاليّة للسّلام والتّحابب بين البشر من طرف المجاميع الماليّة والاقتصاديّة التي تفرغها من جوهرها الرّياضي لتجعلها مناسبة للرّهان والقمار وإذكاء مشاعر الكراهية والتّعصّب، أي عكس رسالة الرّياضة الأصليّة. مَنْ منّا لم يلعب كرة القدم ولم يشاهد مقابلاتها ويتابع أخبار بطولاتها ومبارياتها ودوراتها الإقليميّة والعالميّة التي كانت حكراً على الرّجال لعبا وتحكيما وتنظيما وجمهورا، ثمّ سرت عدوى الشّغف بها إلى النّساء وفُتحت أبواب الملاعب أمامهنّ للمشاركة والترفيه والتّشجيع؟ ولئن كانت التجربة في بعض المجتمعات لا تزال في بدايتها أو تلقى صدّا ومقاومة من فئات ودوائر رسميّة وغير رسميّة، فإنّ كرة القدم من الأنشطة التي يُرجّح أن تتساوى فيها الحظوظ مستقبلا بين الرجال والنّساء إلاّ إذا اختارت النّساء غير ذلك. والسّبب في رأيي راجع إلى أنّ الفنّ أحد أبعادها، وقد كان الفنّ للجميع أو إلى ذلك يؤول أمره، إليهم ينزل وإليه يصعدون أو بهم ينحطّ وبه ينزلون إلى الحضيض. لم نكن بادئ الأمر نعلم ما تخبّئ الكرة للأفراد والشعوب وما يثوي خلفها من الرّهانات والمصالح والاستراتيجيّات، وككلّ عمل فنيّ جيّد الإخراج تأخذ المشاهدُ والأداءُ فيه بالألباب، في حين تتخفّى بقيّة المصالح والأبعاد تحت هالة الإبداع وروعة الأداء وافتتان المُتفرّج، كنّا نتعامل مع كرة القدم كأنّما هي فنّ خالص وتنافس بريء، في حين أنّ جماليّة اللّعب وحماسيّة المتبارين وانفعاليّة الجمهور لا تكوّن إلاّ السّطح الجميل المزخرف إذا أضفنا إلى الصّورة الأرضيّة الخضراء والألوان الزّاهية والأجسام الصقيلة والحركات الرّشيقة، ولكن بمجرّد أن ننظر في اللوحات الإشهاريّة المرصّفة والتي تشكّل سياجا مباشرا يحتضن رقعة النّزال ودون أن نفرك أعيننا لنتمعّن في الصّورة نكتشف أنّ حول اللعبة وفي صميمها حربا ضروسا وتنافسا من نوع آخر، فالقمصان نفسها التي تميّز هويّة اللاّعبين وفريقهم وتحمل رقم كلّ واحد منهم وراية البلد، تحمل بشكل بارز ولافت العلامة المميّزة للمؤسّسة الاقتصاديّة الدّاعمة والمشهرة لبضاعتها غير الرّياضيّة على كواهل الأبطال وصدورهم، ربّما اعتدنا ذلك حتّى لم نعد نرى فيه خطراً أو غرابة، ولعلّنا لم نعد نتوقّع تطوّرا أو استمرارا للّعبة الأكثر شعبيّة في العالم أو أيّة لعبة أخرى دون هذا الاندماج بين الفنّ والمصلحة، فهو في النّهاية بوجه ما في مصلحة الرّياضة، لكنّ التّمعّن في خفايا اختطاف اللّعبة وتشويه حقيقتها ومقاصدها الأصليّة يذهب بأقدار من جماليّتها ويُخرج المشاهد من ذكرى عفويّة اللّعبة في البطاح غير المهيّأة وبكُرة مصنوعة من الخرق البالية أو كرة لها فقط مواصفات الجسم المستدير القابل للرّكل ولو بالأقدام الحافية مثلما يتمّ يوميّا في الأحياء الشّعبيّة الفقيرة في كامل أرجاء المعمورة، إلى عالم فقد صفاءه رغم إبهاره، عالم الأعمال والأسواق بجشعه اللاّأخلاقي. وتفيد بعض الدّراسات أنّ الأنظمة الفاشيّة هي أوّل من قام بتسييس كرة القدم، وهي أنظمة تقوم على التّعبئة الشعبيّة والتّجييش وإذكاء النّعرات العرقيّة والقوميّة وهي تعتمد على نيل أكبر قدر من الشّرعيّة المزيّفة صُنع الأمواج البشريّة من خلال إنتاج الغباء السياسي والشّحن الغرائزي وافتعال المعارك والإيهام بتحقيق انتصارات وإنجازات تاريخيّة للاستمرار في الحكم وكبت الخصوم وتحييد المعارضة، وإذا كانت الأنظمة الفاشيّة أنظمة ذات مشاريع مجتمعيّة أو مشاريع سلطة يستوي عندها لإنفاذها توظيف الدّين أو الفنّ أو الرّياضة أو إذكاء النّعرات العرقيّة والقوميّة بما يجعل التّسييس بالنسبة إليها نهجاً في الحكم غير منتج للوعي وللتّنوّع ولكنّه يحقّق على الأقلّ مقادير من الدّمج الاجتماعي ومن حشد القوى في معركة الولاء والسّيطرة وحتّى التّطلّعات العسكريّة والتّوسّعيّة، فإنّ الأنظمة الاستبداديّة أثناء الحرب الباردة أو في زمن العولمة تُريد من تسييس الشّأن الرّياضي تغطية إفلاسها وتحويل أنظار الجماهير عن الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة بمحاولة امتصاص توتّرها من خلال توجيه اهتمامها وحصر انتظاراتها في الإنجازات الكرويّة والرياضيّة بوجه عامّ، فكلّ مجموعة بشريّة وكلّ شعب أو أمّة تريد أن يكون لها مكان تحت الشمس وأحيانا تكون أقصر الطّرق إلى ذلك هي تحقيق الفوز في المباريات الرياضيّة المحليّة والإقليميّة والدوليّة، وإنّ عزيمة بعض الأفراد وإرادتهم كفيلة ببلوغ ذلك الهدف حتى في حالة تواضع الإمكانات الماديّة. ولكلّ بلد قصّته مع كرة القدم وتاريخ الرياضة فيه جزء من تاريخه السياسي، وقد دخلت الرياضة بعامّة حياتنا المعاصرة، فصارت من ملامح نمط وجودنا وحتّى لو تغيّر نمط الوجود فلن يكون خاليا من عنصر الرياضة، فهي نشاط إنسانيّ له صلة وثيقة بما يسعى إليه الإنسان من الرّفعة والسموّ الروحي والتّجاوز نحو الأفضل، غير أنّ هذا المسعى يتعارض مع التّوظيف «السياسوي» للرّياضة. إنّ كرة القدم ليست مهدّدة بالانقراض لكنّها غير مرشّحة للتّخلّص من هيمنة المؤسّسة أي أنّها ستبقى عرضة للأزمات وبفعل ذلك التّوظيف سببا في صراعات لا تُحمد عقباها، والأزمة المصريّة الجزائريّة المؤسفة على خلفيّة تصفيات كأس العالم مؤشّر على خطورة الخلط بين الكروي والميتاكروي، كما أنّ التّسييس المراد به أحيانا إيجاد جماهير مغيّبة ومستأنسة قد يُحوّل الفضاءات الرّياضيّة على عكس ما يتوقّع السياسيّون إلى ميادين للاحتجاج والتّمرّد على السّلطة ورموزها، وقد أدّت المواجهات بين الجماهير الرياضيّة وبين قوّات الأمن في أحد الأقطار العربيّة إلى نهاية موسم دوري القسم الأول بملاعب خالية من الجمهور، ولئن صار من الصّعب سحب النّشاط الرياضي إلى البطاح أو رفع شعار رياضة بدون إشهار فإنّ تتالي الأزمات قد يحرّك همم المجتمع المدني لتصوّر رياضة نظيفة وإيجاد آليّات مستقلّة تنظّم الدّورات الموازية التي تبعث إلى الوجود رياضة بديلة يكون للمرأة وللعمّال وللشّباب الطّالبي والتّلمذي حظّ فيها وتكون محميّة من رهانات الرّأسمال الجشع والاستبداد المناور والمتآمر. (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 15 جوان 2010)
ما بعد الشتات
كان شتاتًا صار شظايا
عزمي بشارة لجأ الناس في العام 1948 من الحرب إلى أقرب أرض عربية، وسبقتْهم إليها الحدود الجديدة. فحتى الأرض العربية الأقرب تشظّت دولاً بتقسيمات استعمارية. وكان اللجوء أحيانًا إلى أقرب بلدة فلسطينية غير محتلة بفعل التقسيم الأول، ثم تجاوز الاحتلال حدود التقسيم إلى خطوط الهدنة. هكذا كان لجوء اللد والرملة إلى رام الله ولجوء ساحل فلسطين الجنوبي إلى غزة. وهكذا لجأ سكان العديد من القرى إلى بلدات مجاورة. وما كان لبنان بالنسبة إلى أهل الجليل وحيفا بأبعد جغرافيًا وسياسيًا وحضاريًا من بُعد غزة عن المجدل. وكانت صفد أقرب لدمشق جغرافيًا، وبمعان أخرى، من قربها إلى نابلس أو الخليل أو القدس. وتشتّتتْ يافا في الاتجاهات كلها. فمن ركب البحر ركبه شمالاً إلى لبنان، أو أبحر جنوباً إلى غزة، ومن اتّجه شرقًا وصل عمان. وما كان الفلسطينيون عالة على أحد، بل قدموا من بلاد مشروع ناهض، فلاحين وأبناء مدينة صاعدة وعمّالا مهرة ومثقفين. وسادت بين القرى والعشائر في فلسطين وفي البلدان التي قدموا إليها أنواعًا من العلاقات الأهلية والحساسيات أكثر من تلك التي سادت بين هويات البلدان والأقطار. من هنا لم يمانع البعض من استخدام العلاقة مع الفلسطينيين في الصراعات الداخلية. ولكن بالمجمل كانوا جزءاً من مشروع المدينة العربية الصاعدة، وربطوا مصيرهم بالتيارات الصاعدة فيها، ومن ضمنها التيار العروبي على وجه الخصوص. واحتوتْهم المدينة العربية حين استوعبت ذاتها، وفشلتْ في احتوائهم حين فشلتْ في استيعاب ذاتها، وحين انتصر ترييف المدينة على تمدين الريف. ومثل كل أقطار بلاد الشام، كانت فلسطين غير مبلورة كيانًا وهوية سياسية. ولكنها كانت أسرع إلى التبلور في ظل حدود سايْكس بيكو من غيرها من الكيانات العربية التي استقلت بسبب الصراع مع الاستيطان الصهيوني. ولكن لم تكفِ ثلاثة عقود توحّدت فيها إداريا في ظل الانتداب البريطاني لتوحّدها على مستوى الهوية بوسائل الاتصال التي كانت قائمة في حينه. ومن هنا قضت جدلية التاريخ أن تجتمعَ فلسطين في الشتات، أن يوحّد المخيم القرى والبلدات، وأن توّحد الغربة والقضية الغرباء. لقد ساهم الشتات ومدارس الوكالة في بناء الهوية الفلسطينية أكثر مما ساهمت الكثير من الدول القطرية في بناء هوية لشعوبها. وقامت حركة التحرر الوطني الفلسطيني الحديثة في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، وفي الشتات تحديدًا، وإن أصرّتْ على عقد مؤتمرها الأول في القدس الشرقية وهي في ظل السيادة الأردنية. وكان العمل الفدائي عبارة عن تسلّل لاجئين إلى أرض الوطن. لقد بدأ العمل الفدائي والفصائل المسلّحة كحركات لاجئين وأبناء لاجئين. حوفظ على الهوية عبر التأكيد على الانتماء للبلد. و »البلد » في عرف الفلاح في حينه هو قريته، وقد استخدم في وصف الوطن الفلسطيني لفظ « البلاد ». هذا هو مجتمع الفلاحين الأصليين حيث لقطع الأرض أسماء تعرف بها، وليس أرقام قسائم و »بلوكات » كما شاء الإنجليز واليهود. كان المستوطنون اليهود أشتاتًا من أصقاع الأرض وعشرات الأقطار واللغات، ولكنهم سمّوا فلسطين بـ »البلد » أو » الأرض » (هآرتس)، والمقصود « أرض إسرائيل » (إيرتس يسرائيل). أما الفلسطينيون فأبناء وطن واحد ولغة واحدة، ولكنهم كنّوا بلدهم بـ »البلاد ». هذا بعض من الفرق بين السكان الأصليين غير المستعجلين على عملية بناء الأمة، ولا على الأيديولوجية القومية من جهة، وحركة استيطانية من جهة أخرى، جاءت مسلحةً بآخر تجلّيات قوميات وسط أوروبا وشرقها مزوّدة بأدواتها الفكرية القومية والاشتراكية، والاشتراكية القومية (ولكي لا أتهم بالتشبيه بالنازية، فإن هذه استعارة حرفية من المؤرخ اليهودي زئيف شطرنهال أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية، في تسميته لحركة العمل الصهيونية، « اشتراكية قومية » بالحرف). كان إنجاز الحركة الوطنية الفلسطينية في الشتات هو بناء الهوية الوطنية الفلسطينية. ولذلك فإن الطامة الكبرى التي حلّت بحلول الاتفاقيات مع إسرائيل، هو تشتيت القضية الفلسطينية شظايا، وتفكيكها قضايا. قضية الضفة، وقضية القطاع، وقضية القدس، وعرب الداخل، والأردن، ولبنان، وهذا الشتات وذاك… ويعجبك من يطرح نفسه متحدثًا باسم كل شظية مطالبًا ألا تتدخّل بقية الشظايا في شؤونها، لأن أهلها أدرى بشعابها. لقد توقعتُ ذلك في أسبوع توقيع أوسلو في معرض تعليل رفض الاتفاق وأسميتُ هذه الصيرورة المتوقعة في حينه « كردنة أو تكريد القضية الفلسطينية »، لأن حالة الأكراد في حينه مثّلت بالنسبة لي مثالاً على قضايا مشتّتة بين دول لا قدرة لها على تشكيل حركة وطنية موحّدة. فما لبث الواقع الفلسطيني بعد أوسلو أن فاق أسوأ توقّعاتنا في حينه. واستحال الشتات الموحّد في قضية، شظايا. أما إنجاز المخيّم الفلسطيني الأساسي فيكمن في كونه شكّل مكانًا لبناء إنسان فلسطيني متمسّك بوطنه وبحق العودة، ومتعلّم أو يحب أن يعلِّم أبناءه وفدائي. كان المخيم تأكيدًا على عودة قريبة تبرّر العيش في مخيّم مؤقتا. وكان أيضًا مدرسة في النضال. فماذا يمسي المخيم لمن يقيم فيه ويسمع عن إمكانية التخلي عن حق العودة، وعن أن العودة بعيدة المنال؟ وماذا يصبح مخيم لم يعد يتاح له العمل الفدائي النضالي لأن الجبهات العربية كافة أقفلت أمامه؟ إنه يعني حيّ فقر كبيرا. هذا ليس سؤالاً نظريًا ، بل هو حياة بشر لم يتخلوا عن حق العودة ولا يقبلون بالتسويات، ولا يرون مساهمة وجودهم في المخيم في تقريب حق العودة، إضافة إلى أنهم يبحثون عن فرصة لأبنائهم وبناتهم. لذا لا بد لأي حركة وطنية فلسطينية أن تجيب عن هذا السؤال الحتمي. وهو سؤال، لا تُعفى الدول العربية التي تريد سلامًا مع إسرائيل من دون حق العودة، من الإجابة عليه. يُستَخدم لفظ الشتات في سياق قضية فلسطين حيث المشبَّه هو الحقيقي، والمشبَّه به أسطورة. فالشتات، « دياسبورا »، (بالعبرية: جَلويوت، تْفوتسوت)، تشبيه من رؤية يهودية للوجود في أقطار العالم بعد خراب الهيكل بعيدًا عن الوطن الموعود المدعى وهو « أرض إسرائيل »، سواء كانت أرضًا دنيوية أو سماوية. اليهود في أوطانهم حيث يعيشون. أما الوطن الآخر فهو أيديولوجية دينية، حوّلتها الصهيونية إلى أيديولوجية قومية تعني بناء الدولة. ليسوا شتاتا. هذه التسمية كفيلة أن تثير غضب أي يهودي أميركي لأنها قد توحي أن أميركا ليست وطنه. في حين أن الشتات الفلسطيني هو لجوء حيّ من أرض الوطن الذي جرى تشريدهم منه بالأمس القريب. وما زال بعض جيلِ المشرّدين الأول حيًا يرزق. والشتات الفلسطيني في غالبيته هو تجمّعات فلسطينية في وطن كبير، هو الوطن العربي. ولم يكن هذا التشديد على كون المنفيّين لاجئين، نفيًا لانتمائهم لوطنهم الكبير، بقدر ما كان تأكيدًا على حق العودة إلى الديار. وكما يبدو فقد غدتِ الوسيلة مؤخرًا هدفا. فإذا كانت التعاسة تدليلاً على صحة لقب اللاجئ، ولقب اللاجئ إثباتًا للتمسك بفلسطين، فقد باتت التعاسة وسيلة. أما الهدف فليس التحرير والعودة. ففي ظل سياسات التسوية القائمة بين الدولة العربية بهويتها القطرية من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، أصبح التشديد على عدم التوطين وليس على حق العودة. أصبحت التعاسة القائمة في واقع اللجوء هي الدليل على تمسّك الفرد بهويته الوطنية، ولم يعد فقدان الوطن وحق العودة يكفيان دليلا. وصار الهدف هو رفض التوطين في دولة عربية. وما حق العودة على شفاه العديد من الساسة إلا أداة لتأكيد عدم التوطين. وعدم التوطين لا يعني العودة إلى فلسطين، بل قد يعني التوطين في أستراليا أو كندا أو الدول الإسكندينافية. هناك يصبح اللجوء اغترابًا، والشتات جاليات. والغريب أن حق العودة الذي أُلصق حرجًا وإحراجًا في مبادرة السلام العربية من خارج سياقها، هو ليس شرطًا في واقع السلام المنفرد بين أي دولة عربية وإسرائيل، وخطابه. وقد تحقّق فعلاً اتفاق سلام بين دول يعيش فيها لاجئون فلسطينيون وبين إسرائيل من دون أن يكون حق العودة أحد شروط هذه الاتفاقات. لكنه لا ينفك يكرّر ويكرّر في الاستهلاك الداخلي للشعار السياسي. فماذا يعني شعار حق العودة في ظل سلام موقّع أو منشود مع إسرائيل دون أن يكون شرطه حق عودة اللاجئين الفلسطينيين؟ لا يعني إلا تحوّله من موضوع صراع مع إسرائيل، إلى مسألة مطروحة في العلاقة بين الدولة القطرية والفلسطينيين الذين يعيشون على أرضها. ألا يفترض أن حق العودة هو مطلب موجه لإسرائيل وليس للفلسطينيين؟ في ظل نشدان السلام مع إسرائيل على أساس حدود الرابع من حزيران 1967، ومن دون حق العودة قد يعني شعار عدم التوطين أموراً كثيرة غير العودة. فهو يعني: 1- مناهضة الهوية العربية بخلق آخر داخلي عربي. ويُستغل هذا الآخر لبناء هوية وطنية داخلية عصبوية متطرفة، أي أن الآخر الفلسطيني يستخدم في صناعة هوية وطنية محلية. إنه أداة في سياسة الهويات. 2- تحويل الصراع الاجتماعي والسياسي في البلد المعني إلى صراع هويات، تستخدم فيه الهوية كأيديولوجية، كما في حالة الحركات القومية والمتطرفة والفاشية والطائفية التي خبرتها بلدان أخرى عديدة. 3- لا يعني مطلب عدم التوطين من دون برنامج سياسي لإحقاق حق العودة في إطار إستراتيجية تحرير، إلا التهديد الدائم بالتهجير. يكتسب حق العودة معنىً في إطار إستراتيجية تحرير. والتحرير هو برنامج سياسي وليس مجرّد خطاب أيديولوجي. ولا يقوم مثل هذا البرنامج إلا كجهد عربي وليس قطرياً. والتناقض الوجودي مع إسرائيل هو تناقض عربي أصلاً وليس تناقضاً قطرياً. أما في غياب برنامج عربي للتحرير ونهوض التسوية مع إسرائيل في أيديولوجية الدولة القطرية، فإن رفض التوطين هو مجرد شوفينية محلية، ولا يكون الرد عليه بالمناشدة الأخوية، بل بلغة الحقوق: حقوق المواطن، وحقوق المقيم، وحقوق الإنسان. فإذا لم تكن العلاقة مع الفلسطينيين علاقة قومية تقضي أن الدولة العربية هي جزء من الوطن العربي الكبير، وهو وطن الفلسطينيين أيضا، فإن الرد هو ليس الخنوع لفكر عنصري عصبوي بل بلغة الحق. فما ينظّم العلاقة مع الفلسطينيين في هذه الحالة ليس معروفًا يُسدى لهم. لقد عملوا وأنتجوا وساهموا في بناء كل دولة عربية عاشوا فيها، قبل أن تتبلور هويتها الوطنية المحلية. ولا فضل فيها لأحد على أحد، ولا لهوية على هوية. يكتسب حق العودة معنىً في ظل صراع عربي مع إسرائيل. ولا بد للحركة الوطنية الفلسطينية التي ترفع حق العودة حقًا لا شعارًا، أن تنتظم في الصف العربي في ظل هذا الصراع. إذ إن حركة وطنية فلسطينية دون صراع عربي إسرائيلي تتحوّل هي أيضًا إلى حالة قطرية تسعى لتسوية مع إسرائيل من دون حق العودة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 جوان 2010)
مصر محرجة بعد أسطول الحرية
ترى صحيفة واشنطن بوست أن مصر تجد نفسها حاليا في موقف حرج بسبب استمرارها في إحكام الحصار على قطاع غزة، في الوقت الذي تراقب فيه تركيا وهي تلتف حول منطقة ذات ثقل عربي سني عبر تبنيها القضية الفلسطينية. غير أن الصحيفة تقول إن مصر –وهي الدولة الوحيدة التي تسيطر، إضافة إلى إسرائيل، على معابر غزة- لديها أسبابها السياسية المحلية التي تدفعها لإبقاء القطاع محاصرا. فمصر –والكلام لواشنطن بوست- تنظر إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع بوصفها حليفا لحركة المعارضة الرئيسية في مصر المتمثلة في جماعة الإخوان المسلمين. ويعبر المسؤولون المصريون عن قلقهم من أن فتح المعابر ربما يأتي بنتائج سياسية عكسية لحكومة الرئيس حسني مبارك. غير أنه منذ 31 مايو/ أيار –وهو اليوم الذي تم فيه الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي كان متجها إلى غزة وقتل فيه تسعة ناشطين- جعل موقف مصر يزداد حرجا وسط الدعوات لرفع الحصار عن غزة. وبينما زادت شعبية تركيا في المنطقة بعد نبذها لأساليب إسرائيل، تعرضت مصر والأردن والقوى السنية لانتقادات لاذعة بسبب تقاعسها عن مساعدة 1.5 مليون فلسطيني يعيش تحت الحصار في غزة. تداعيات أسطول الحرية وقال مسؤول أميركي اشترط عدم الكشف عن اسمه بسبب حساسية القضية « إن ثمة تواطؤا من الجانب المصري والأردني وآخرين كي تبقى حماس معزولة، ولكن ذلك انقلب رأسا على عقب بعد كارثة أسطول الحرية ». وتقول واشنطن بوست إن أسطول الحرية شجع حماس وسدد ضربة قوية للمعتدلين العرب الذين يفضلون حركة التحرير الوطني (فتح) بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. كما أن الأسطول أبرز تراجع تأثير مصر في المنطقة، وهو ما بدا جليا في عجزها عن التوسط لتحقيق مصالحة بين فتح وحماس منذ الانقسام الذي وقع بينهما عام 2007. ومن جانبه أكد دبلوماسي عربي –اشترط أيضا عدم الكشف عن اسمه- أن « أسطول الحرية وضع المعتدلين في وضع مستحيل »، وأضاف أنه « لا سبيل لمقاومة محاولة فك الحصار المفروض على غزة ». وتعتقد الصحيفة أن مبارك مصر –خلافا لتركيا التي لا ترى ضيرا من تعزيز قوة حماس- متردد جدا في قبول الحركة، وأن إظهار اللامبالاة تجاه الفلسطينيين في الوقت الذي يبدي فيه التعاون مع إسرائيل يحمل مخاطر سياسية لمبارك الذي يسعى جاهدا لتوريث الحكم لنجله جمال. ووسط الاستياء المحلي عقب الهجوم على أسطول الحرية، أعلنت مصر أنها ستفتح معبر رفح بشكل دائم، غير أن من بين الثمانية آلاف الذين حاولوا عبور رفح خلال الأسبوعين الماضيين عاد 1500. ووفقا لمنسق المعابر الفلسطينية غازي حمد، فإن سبع شاحنات تحمل البضائع دخلت غزة عبر رفح، في حين دخل مئات الشاحنات من الجانب الإسرائيلي في نفس الفترة. وفي هذه الأثناء ما زالت مصر مستمرة في بناء الجدار على الحدود بهدف إغلاق الأنفاق التي تعد الشريان الاقتصادي لغزة، وسينتهي العمل به نهاية هذا الصيف، حسب دبلوماسي مصري. وتشير الصحيفة إلى أن قادة حماس لا يقدمون على انتقاد مصر بشكل علني خشية إغلاق معبر رفح بشكل كامل، غير أن إحباطهم على المستوى الشخصي واضح. ونقلت عن مسؤول في حماس قوله إن « العلاقات بين مصر والحركة ليست كما يرام، فمصر تنتقد حماس لعدم توقيعها على ورقة المصالحة، ولكن الناس هنا ما زالوا يتوقعون الكثير من مصر للعب دور أكبر في كسر الحصار وممارسة الضغط على إسرائيل ». واشنطن بوست (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 جوان 2010)
فتنة الحصار حيا الله من أيقظها
فهمي هويدي صحيح أن قافلة الحرية لم تكسر الحصار المفروض على غزة، لكن الأهم أنها كسرت جدار الصمت المضروب حول جريمة الحصار ذاتها، فنجحت في تعرية وجهه وأيقظت فتنته من منامها، حتى رأينا في قسماته الكثير مما كان مستورا ومخفيا. (1) تذكر كثيرون أن الحصار جريمة مسكوت عليها، فقالت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن الحصار غير قانوني ويجب رفعه. وأعلنت أن القانون الإنساني الدولي يحظر تجويع المدنيين كوسيلة حرب.. كما يحظر فرض عقوبة جماعية على المدنيين، وهي الفكرة التي رددها البروفيسور الإسرائيلي في جامعة أوكسفورد البريطانية آفي شلايم، حين انتقد «الهجوم المجنون» الذي قام به الجيش الإسرائيلي ضد السفينة مرمرة. وقال إن الحصار عقاب جماعي يحرمه القانون الدولي. وترددت على ألسنة العديد من السياسيين وفي كتابات المعلقين المحترمين فكرة عدم شرعية الحصار. كما ارتفعت أصوات أساتذة القانون الذين ذكروا الجميع بأن حصار المدنيين جريمة حرب موجهة ضد الإنسانية، وأنه طبقا لاتفاقية جنيف الرابعة فإن الدول المجاورة ملزمة بأن تفتح حدودها لتزويد الشعب المحاصر بجميع احتياجاته، وفي حالة امتناعها أو تقصيرها في ذلك، فإنها تعد شريكة في ارتكاب تلك الجريمة. وأعادت بعض مواقع الإنترنت نشر مقاطع من حكم محكمة العدل الدولية بشأن الجدار العازل «صدر في شهر سبتمبر/أيلول عام 2004»، الذي لم تكترث به الدول العربية أو السلطة الفلسطينية، رغم أنه يعد أقوى وثيقة قانونية معاصرة تنصف الفلسطينيين وتدافع عن حقوقهم، وترفض حصارهم، وتقضي بهدم الجدار وإزالة المستوطنات التي أقيمت فوق الأرض المحتلة والمغصوبة. لأستاذ القانون والمحامي الدولي الدكتور علي الغتيت الكثير مما يقوله في عدم شرعية الحصار، وبطلان الأسس والذرائع القانونية التي تم الاستناد إليها في إغلاق مصر لمعبر رفح. وهو يرى أن القواعد الدستورية الدولية حاسمة في اعتبار فرض الحصار وإغلاق المعبر من جرائم الحرب الموجهة ضد الإنسانية، ويعتبر أن كل ما هو حاصل الآن بخصوص محاصرة القطاع والمعبر محكوم باعتبارات السياسة وحساباتها، ولا علاقة له بالقانون الذي يدين ويؤثم كل ما يتم اتخاذه من إجراءات. وكانت تلك خلفية الدعوى التي رفعها أمام القضاء المحامي الدولي والسفير السابق إبراهيم يسري ومعه ٢٢٠ من الناشطين، لفتح معبر رفح -شأنه في ذلك شأن بقية المعابر المصرية- والتي يفترض أن يصدر الحكم فيها يوم 29 يونيو/حزيران الحالي. (2) استخدمت القناة الخامسة للتلفزيون الفرنسي في نشرة أخبار الساعة الخامسة مساء يوم الأحد 6/6 مصطلح «الحصار الإسرائيلي المصري لقطاع غزة». وكانت تلك من المرات النادرة التي تمت فيها الإشارة بهذا الوضوح إلى اشتراك مصر في الحصار. وفي مساء الخميس 10/6 سمعنا ورأينا على شاشات التلفزيون وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر وهو يقول إن مصر طلبت من فرنسا ألا تجري اتصالات مباشرة مع حركة حماس التي تدير حكومتها المنتخبة القطاع. وهي إشارة تكاد تؤيد ادعاء المسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد ذات مرة أن القاهرة تعتبر حركة حماس «عدوا وتهديدا لنظامها» (هآرتس 27/1/2009)». في هذا السياق، لم تكن مصادفة أن يمنع وزير الصحة في حكومة غزة الدكتور باسم نعيم من دخول مصر عبر معبر رفح في الأسبوع الماضي، رغم أنه بحكم اختصاصه مسؤول عن الحالات الإنسانية التي يفترض السماح لها بالمرور. ولم يكن لذلك من تفسير سوى أن الحظر شمله باعتباره عضوا في حركة حماس. جدير بالذكر في هذا السياق أن نحو 150 شخصا من عناصر جهاز «الأمن الوقائي»، الذي أسسه محمد دحلان ضمن أجهزة السلطة الفلسطينية في غزة يوجدون في مدينة العريش منذ هربوا إليها في عام 2007، بعد أن حسمت حكومة حماس الموقف لصالحها. وهم يتقاضون رواتبهم الشهرية من حكومة رام الله «300 دولار في الشهر تقريبا»، ويؤدون مهام متعددة، من بينها رصد عناصر حركتيْ حماس والجهاد الإسلامي التي تحاول المرور من خلال معبر رفح، وإبلاغ الجهات المعنية بأسمائهم. يفيدنا في تصور الوضع في معبر رفح أن نستعيد ما قاله الرئيس حسنى مبارك بخصوصه، في حديث بثه التليفزيون المصري ونشرته جريدة الأهرام في 3 يناير/كانون الثاني عام 2009. إذ ورد في الكلام المنشور النص التالي: بالنسبة لمعبر رفح، استطعنا بالتفاهم مع إسرائيل أن نفتحه، وهناك كاميرات إسرائيلية «ومونيتور» (جهاز للمراقبة) لمراقبة الحركة عليه. ولابد من إخطار إسرائيل بمن يدخلون منه. وفي حالة وجود مخالفات، هناك من يراقبون الوضع ويبلغون الجانب الإسرائيلي. وعما إذا كان المعبر سيظل مفتوحا طالما تطلب ذلك الوضع الإنساني، قال الرئيس مبارك: نحن نفتح المعبر للحالات الإنسانية، ونخطر إسرائيل قبل المرور، حتى لا يساء الفهم أو يزعمون أننا نسمح بدخول أسلحة أو ذخائر أو ممنوعات. (3) حين أيقظت قافلة الحرية فتنة الحصار وسلطت الأضواء على عناصرها، حظي معبر رفح بالنصيب الأكبر من الاهتمام والاتهام. إذ اعتبر الإدارة التي استخدمت لإحكام الحصار ومنع اتصال فلسطينيي غزة بالعالم الخارجي بعيدا عن السيطرة الإسرائيلية. ولم يعد سرا أن فتح المعبر تم بناء على اتصالات مصرية إسرائيلية برعاية أميركية. وأن ذلك الفتح كان بهدف الاستجابة للضغوط التي مورست لتخفيف الحصار، وامتصاص الاستياء والغضب اللذين سادا في مختلف أنحاء العالم جراء ما جرى. الذين تحدثت إليهم من المسؤولين في غزة والعريش عن وضع المعبر في الوقت الراهن تكلموا بصراحة بعدما اشترطوا ألا أذكر أسماءهم، وأوردوا في إفاداتهم المعلومات التالية: * إن انفراجة نسبية حدثت في المرور بالمعبر، إذ بعد أن ظل يفتح لأيام معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة كل شهرين أو ثلاثة، فإن مدة فتحه طالت بعد أزمة قافلة الحرية، ولم يعلن أنه سيظل مفتوحا باستمرار. * إن قواعد المرور لم تتغير، إذ يسمح فقط بإدخال بعض وليس كل الأدوية منه، أما الأغذية ومواد البناء وبقية الاحتياجات المعيشية الأخرى فإنها تمنع، أو تحول إلى معبر العوجة «نيتزانا» الذي يتحكم فيه الإسرائيليون. ولا تفسير لذلك إلا أنه من قبيل الاستجابة للإسرائيليين الذين يريدون التحكم في دخول كل ما يتعلق بمتطلبات إعاشة الفلسطينيين. صحيح أنه تم إدخال حمولة البطانيات والأدوية و20 مولدا كهربائيا في بداية الفتح هذه المرة، لكن ذلك كان استثناء تم تحت ضغط لحظات الحرج الأولى، علما بأن هذه السلع كانت مخزنة في إستاد العريش منذ أكثر من عام، فالبطانيات المخزنة منذ شتاء العام الماضي وصلت مهترئة، والأدوية أصبحت منتهية الصلاحية أما المولدات التي تبرعت بها سلطنة عمان فقد ترك للفلسطينيين أمر تشغيلها. * الفئات التي يسمح لها بالمرور لم تتغير فإخطار إسرائيل بأسماء المارين متفق عليه كما ذكر الرئيس مبارك. وتلك الفئات تضم المرضى الذين يتم تحويلهم بعد اعتماد أوراقهم من جانب وزارة الصحة في رام الله. وأصحاب الإقامات في مصر أو في أي دولة أخرى، والطلاب المقيدون للدراسة في الخارج، الفئة الثالثة يطلق عليها اسم «التنسيقات»، ويقصد بهم أولئك الذين يمكنون من العبور من خلال التنسيق بين أفراد في غزة وآخرين على المعبر أو في العريش. وكل واحد من هؤلاء عليه أن يدفع مقابل ذلك ما بين ألف وثلاثة آلاف دولار، حسب الحالة. * إضافة إلى الكاميرات والأجهزة التي تنقل إلى إسرائيل الحاصل في المعبر، وإلى عناصر أجهزة الأمن الوقائي التي تراقب المارين، فإن ثلاثة أجهزة أمنية مصرية تعمل هناك، وهذه الأجهزة تتصل بقياداتها في القاهرة للتحقق من شخصيات وهويات المارين، وهو ما يطيل ساعات الانتظار أمام نوافذ المعبر ويضاعف معاناة العابرين. (ملحوظة: رفضت سلطة حماس تسلم ما عرضه عليها الإسرائيليون من معونات قافلة الحرية التي تمت مصادرتها على السفينة مرمرة، وقال ممثلوها إن تلك المعونات أصبحت ملوثة بدم الأتراك. خصوصا أنهم لاحظوا أن الإسرائيليين نزعوا البطاريات من المقاعد الكهربائية التي حملها الناشطون معهم لاستخدام المقعدين من ضحايا العدوان على غزة). (4) العواصم الغربية تتحدث الآن عن تخفيف الحصار وليس رفعه. وكانت تلك هي الوسيلة التي لجأت إليها الحكومات المعنية لامتصاص آثار فضيحة الانقضاض الإسرائيلي على قافلة الحرية. ومصطلح «التخفيف» تعبير مهذب عن الاحتيال على الحصار مع استمرار الإبقاء عليه. [للعلم: نشرت صحيفة «هآرتس» في 13/6 الحالي أن أبو مازن حين التقى الرئيس أوباما يوم الأربعاء الماضي 9/6 طلب منه عدم رفع الحصار عن غزة حتى لا يعد ذلك انتصارا لحماس، وقال إن تخفيف الحصار ينبغي أن يتم بصورة تدريجية لذات السبب]. ذلك أن الفشل الذي مني به الحصار حتى الآن دفع الأطراف المشاركة في العملية إلى التفكير في اتجاهين متوازيين، أولهما التصرف على أساس أن صمود حركة حماس في غزة مستمر إلى أجل غير منظور، بما يمثله ذلك من انحياز إلى فكرة المقاومة ورفض التسوية أو التصفية السلمية للقضية. الاتجاه الثاني مبني على الأول، وخلاصته أنه طالما أن حماس أصبحت حقيقة في غزة، فإن ذلك يستدعي ترتيبات معينة على الجانب المصري من الحدود لإقامة منطقة عازلة بين قطاع غزة وسيناء. صحيح أن الحصار حقق نتائج عكسية إلى الآن، ثبتت من أقدام حركة حماس وضاعفت من شعبيتها. وكان ذلك على حساب أبو مازن وجماعته، الذين أثبتت الأيام أنهم يقفون في المعسكر الآخر. ورغم استمرار التعتيم على الحصار لمدة ثلاث سنوات فإن النشطاء القادمين من الغرب خصوصا قافلة الحرية الأخيرة فضحوا القبح والدمامة فيه، وسببوا إحراجا شديدا للولايات المتحدة الأميركية، الراعي الرسمي للحصار، ولكل من مصر وإسرائيل اللتين تنفذان الحصار على الأرض. ليس ذلك فحسب، وإنما أحدثت حملات فك الحصار تغيرات مهمة في خريطة الشرق الأوسط سنتحدث عنها في وقت لاحق، لكن أبرزها خروج تركيا من التحالف مع إسرائيل، مما عزز موقف معسكر الصمود في العالم العربي. فيما يخص الاتجاه الأول من الواضح أن الحصار سوف يستمر باتفاق أطرافه الثلاثة، ومحور الاتصالات الراهنة، كما ذكرت صحيفة هآرتس يوم الجمعة الماضي 11/6، هو حدود «التخفيف» والمقابل الذي يفترض أن يدفع لقاء ذلك. وإلى جانب عملية التخفيف فإن رئاسة السلطة في رام الله رفعت من وتيرة الحديث عن فك الحصار. لإنقاذ شعبيتها المتدهورة، إلى جانب لجوئها إلى ما يمكن تسميته «هجوم المصالحة» الذي يراد به صرف الانتباه عن الموضوع الأساسي والإيحاء بأن حماس رافضة لإعادة اللحمة ووحدة الصف. بالنسبة لموضوع عزل القطاع عن سيناء. فإن السور الفولاذي الفاصل بين الجانبين. والذي أشرف الأميركيون على إقامته تم الانتهاء من بناء عشرة كيلومترات منه، ولم يبق سوى ثلاثة كيلومترات ونصف متر توقف العمل عندها، لأنها مأهولة بالسكان (يعيش فيها حوالي 18 ألف نسمة) ومطلوب إخلاء هذه المنطقة لإحكام الإغلاق النهائي للحدود مع إقامة بوابات إلكترونية تدار من خلال غرفة للتحكم في المعبر. وإلى أن يتم ذلك فقد غادر المنطقة وعاد إلى القاهرة الخبراء الأميركيون الذين يتبعون مكتب التعاون العسكري في السفارة (يديره أميركي من أصل لبناني اسمه وليد ناصر). على صعيد آخر، ثمة لغط يدور في العريش بخصوص إعادة تخطيط عمراني لمنطقة رفح والشيخ زويد، لتحويلها إلى منطقة استثمارية حرة تشكل العازل المطلوب. وقد ثار ذلك اللغط حين قدم إلى العريش بعض الأشخاص الذين قدموا أنفسهم باعتبارهم يمثلون جهات سيادية في مصر. وهؤلاء ناقشوا مع شيوخ القبائل بوجه أخص إمكانية بيع الأراضي للمستثمرين بدعوى النهوض الاقتصادي بالمنطقة. اللافت للنظر أن كل تلك الاستحكامات والمخططات استهدفت الحدود على قطاع غزة التي هي بطول 13.50 كيلومترا، أما الحدود بين مصر وإسرائيل التي هي بطول 250 كيلومترا فهي مفتوحة وهادئة. وقد قيل لي إن مسؤولا كبيرا في المحافظة سئل عن دلالة هذه المفارقة، فكان رده أن ثمة اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، وذلك ليس حاصلا مع قطاع غزة!. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 جوان 2010)
أردوغان: علاقات أنقرة مع الشرق الأوسط تعود لما قبل تأسيس الجمهورية التركية
6/15/2010 أنقرة- قال رئيس الحكومة التركية رجب طيّب أردوغان الثلاثاء إن علاقات بلاده والشرق الأوسط لم تبدأ مع سلطة (حزب العدالة والتنمية) الحاكم، الذي يتزعمه، بل هي ممتدة منذ ما قبل تأسيس الجمهورية التركية، لافتاً إلى وجود تعاون متعدد الأبعاد مع الولايات المتحدة الأمريكية، رغم ظهور خلافات في الرأي، بحسب أولويات البلدين. ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن أردوغان قوله في اجتماع للحزب الحاكم في البرلمان إن الولايات المتحدة هي إحدى الدول التي يمكنها أن تفهم مهمة تركيا على أفضل وجه. ولدينا تعاوناً متعدد الأبعاد مع الولايات المتحدة. والاختلافات في وجهات النظر التي تظهر من حين لآخر تنتج عن أولويات البلدين. واعتبر أن على الإدارة الأمريكية الحالية أن تفهم جيداً وتقيّم الواقع بأن موقف تركيا المتعلق بسياستها الخارجية سيزيد تنشيط التعاون بين البلدين. وأضاف إن العلاقات التركية مع الشرق الأوسط لم تبدأ مع السلطة السياسية لحزب العدالة والتنمية. وهذا ليس شيئاً جديداً ومختلفاً. لطالما كان هناك علاقات بينهما قبل وبعد تشكيل الجمهورية التركية. وأشار إلى أن بلاده تواجه حملة ضدها عندما تعزز علاقاتها مع العالم العربي ودول الشرق الأوسط، متهماً جهات لم يسمها، باستخدام عبارات عنصرية ومهينة ضدها. وقال اردوغان إن محورنا هو محور السلام والتضامن والقانون. وهذه المحاور لم تتغير عبر التاريخ ولن تتغير. ودعا رئيس الوزراء التركي الشعب إلى التحرك ضد الإرهاب في بلاده، وقال إن الإرهابيين أنفسهم هم من تسببوا بمنع الاستثمارات في شرق وجنوب شرق البلاد. ويشار إلى أن القوات التركية تنفذ عمليات أمنية واسعة النطاق في هذه المناطق التي ينشط فيها مسلحو حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة ارهابيا. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 جوان 2010)
دبلن تطلب سحب دبلوماسي إسرائيلي
طلبت أيرلندا من إسرائيل سحب أحد العاملين بسفارتها في دبلن وذلك في ثاني تطور من نوعه هذا الأسبوع على خلفية استخدام جوازات سفر مزورة في عملية اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) محمود المبحوح في دبي في يناير/كانون الثاني. ولم يكشف وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن -الذي أعلن عن هذا الإجراء- اسم أو منصب المسؤول الإسرائيلي المعني « تمشيا مع التقاليد الدبلوماسية »، ولكنه قال في بيان « إن إساءة استخدام جوازات سفر أيرلندية من جانب دولة تربطها بأيرلندا علاقات ثنائية ودية بل وصريحة في بعض الأحيان أمر غير مقبول تماما ويتطلب ردا قويا ». وأضاف « أود أن أقول صراحة أن المسؤول المعني ليس متهما أو يشتبه في ارتكابه أخطاء محددة، واضطرار المسؤول المعني لترك المنصب قبل الأوان يجعله ضحية أفعال الدولة التي يمثلها ». وأضاف أن « التحقيق الذي أجراه مكتب الجوازات أكد أن جوازات السفر الأيرلندية الثمانية التي استخدمها أشخاص يشتبه في قتلهم المبحوح مزورة » وذكر أن التحقيق لم يتوصل إلى أدلة إضافية تربط بين الجوازات الأيرلندية وإسرائيل. وقال وزير الخارجية الأيرلندي إن حقيقة أن جوازات السفر الأيرلندية المزورة استخدمت من جانب أعضاء في نفس المجموعة التي حملت جوازات السفر البريطانية والأسترالية المزورة « تقودنا إلى نتيجة لا مفر منها وهي أن وكالة حكومية إسرائيلية هي المسؤولة عن إساءة الاستخدام وعلى الأرجح عن تجهيز جوازات السفر الأيرلندية المزورة ذات الصلة بقتل السيد المبحوح ». جاء ذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان الشرطة البولندية أنها ألقت القبض مطلع الشهر الجاري على عميل للموساد يحمل الجنسية الإسرائيلية، ويدعى أوري برودسكي، لدى وصوله مطار وارسو وتبحث عنه ألمانيا للاشتباه في ضلوعه باغتيال المبحوح. وقد أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية « توقيف مواطن إسرائيلي في بولندا ». الثالث من نوعه ويعتبر الإجراء الأيرلندي الثالث من نوعه ردا على استخدام من يعتقد أنهم عملاء للموساد جوازات أوروبية مزورة في عملية اغتيال المبحوح في دبي. ففي 24 مايو/أيار الماضي أمرت الحكومة الأسترالية بطرد دبلوماسي إسرائيلي، وطلبت منه مغادرة البلاد. وأبلغ وزير الخارجية الأسترالي ستيفن سميث برلمان بلاده أن التحقيق لم يدع مجالا للشك في أن أجهزة الاستخبارات الأسرائيلية كانت وراء تزوير أربعة جوازات سفر أسترالية في تلك العملية. وقبل ذلك، وفي مارس/آذار الماضي طردت بريطانيا بدورها دبلوماسيا إسرائيليا على خلفية هذه العملية. وقال وزير الخارجية آنذاك ديفد ميليباند في بيان أمام مجلس العموم البريطاني إن هناك أسبابا قوية تدعو إلى اعتقاد أن إسرائيل مسؤولة عن إساءة استعمال جوازات سفر بريطانية في القضية، مضيفا أنه طلب ضمانات بألا تكرر إسرائيل مثل هذا الفعل. وأوضح ميليباند في بيانه أن تقرير اللجنة التي شكلتها الحكومة البريطانية للتحقيق في الموضوع أثبت بما لا يدع أي مجال للشك أن الجوازات البريطانية الاثني عشر التي استخدمت في العملية تعود إلى أشخاص بريطانيين أبرياء. وقد استخدم الموساد في عملية اغتيال المبحوح –الذي قتل في غرفته بأحد فنادق دبي- جوازات سفر لأشخاص بريطانيين وفرنسيين وألمانيين وأستراليين وأيرلنديين، حسب المعلومات التي نشرتها شرطة دبي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 جوان 2010)
هولندا.. الكارثة
مراد زروق 2010-06-15 استفاق العالم يوم الخميس الماضي على خبر التقدم الرهيب الذي حققه حزب الحرية الهولندي الذي أصبح ثالث قوة سياسية في هولندا بعد حصوله على 24 مقعداً في البرلمان، وراء كل من الحزب الليبرالي الذي حصل على 31 مقعدا والحزب العمالي بـ30 مقعدا. نزل الخبر كالصاعقة على مسلمي هولندا وعلى العقول المتنورة في أوروبا؛ لأن حزب الحرية الذي يتزعمه اليميني المتطرف خيرت فيلدرز ليس له برنامج سياسي كباقي الأحزاب. برنامج هذا الحزب هو كراهية المسلمين ورفض وجودهم في هولندا. بعبارة أخرى وضع المسلمين اليوم في هولندا لا يختلف كثيرا عن وضع اليهود في وسط أوروبا نهاية الثلاثينيات ومطلع الأربعينيات من القرن الماضي. أكيد أن فيلدرز ليس في سدة الحكم وحزبه يحتل المرتبة الثالثة في هولندا، لكنه على مرمى حجر من السلطة التي قد يكون على موعد معها في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار سياق الأزمة الاقتصادية والمالية التي طالت عددا من الدول الأوروبية. الأزمة الاقتصادية هي خير حليف لليمين المتطرف والسياسيين الشعبويين في أوروبا؛ حيث لا يترددون في ربط كل مشاكل دول الاتحاد الأوروبي بالمهاجرين ويصورون للناس بطريقة تبسيطية أن طرد المهاجرين سيمكّن السكان الأصليين من الحصول على العمل بسرعة، كما أن الإجرام سيقل بتراجع عدد المهاجرين وستتحسن الخدمات الاجتماعية، وما إلى ذلك من الترّهات التي مللنا سماعها. لكن فيلدرز يختلف عن باقي المتطرفين في أوروبا، فالرجل متخصص في الإسلام، وهو الذي أنتج فيلم «فتنة» المعادي للإسلام؛ حيث وصف القرآن بأنه كتاب يحرِّض على العنف، ومن مواقفه التي جاهر بها مرارا حظر تداول القرآن في هولندا وشبهه بكتاب «كفاحي»، السيرة الذاتية للزعيم النازي أدولف هتلر. من يتأمل تعفن الساحة السياسية الهولندية في يومنا هذا سيفهم أن الكارثة لم تحل بمسلمي هولندا فحسب، بل البلد بأكمله يعيش حالة انهيار أخلاقي لا مثيل له في التاريخ. نحن نتكلم عن منطقة الأراضي المنخفضة التي لعبت دورا رائدا في التنوير الفكري للأوروبيين في السياق الإصلاحي إبَّان النهضة الأوروبية، ونتكلم عن بلد كان حتى وقت قريب نموذجا للتعايش والتنوع الثقافي ونتكلم عن ناخبين لم يكونوا في الأصل يمينيين متطرفين، لكن سياق الأزمة والدور السلبي لوسائل الإعلام وسطحية الخطاب المتطرف التي تكون لها جاذبية خاصة في أوقات الأزمات جعلتهم يغيرون اختياراتهم السياسية ويرمون بأنفسهم في أحضان المتعصبين. ما يقع في أوروبا يبعث على القلق فعلا؛ لأن هذا الإصرار على التعامل مع المسلمين في أوروبا كما لو أن تواجدهم في القارة العجوز هو مشكلة في حد ذاتها سيُفضي على المدى المتوسط إلى عواقب وخيمة قد تكون أول مؤشراتها الانطواء والانعزال وربما تنتهي بأحداث عنف كالتي عرفتها ضواحي باريس. الآن أصبحنا نرى كيف تتسابق المحافظات والمدن على منع النقاب ليس في فرنسا فقط، بل في دول أوروبية أخرى، وربما لا يتجاوز عدد المنقبات في هذه المدن أصابع اليد الواحدة. لقد حقق ساركوزي نجاحا لم يكن هو نفسه يتوقعه؛ حيث خلق نقاشا من فراغ وحول الفراغ وجعل الناس يخصصون له المناظرات ويفردون له المقالات، وما دامت الشعبوية تعيش أحلى أيامها فقد انتقلت العدوى إلى دول أخرى، وكلما كان رجل السياسة فاشلا في التعاطي مع المشاكل الحقيقية للمواطنين، كان بارعا في اختراع مشاكل لا وجود لها في الحياة اليومية للناس. وفي خضم هذه التنافس بين السياسيين الشعبويين حول من يتفوق في المنع والحظر والتضييق، بشّر فيلدرز أتباعه بفرض غرامات على النساء المحجبات وربما سار سياسيون آخرون على نهجه في المستقبل. الأوروبيون اليوم في أمسّ الحاجة إلى سياسيين أكْـفاء، لكنه ليس بالأمر الهين؛ لأن هذه الطينة من رجال السياسة تتناقص بشكل مخيف، كما أن تقييم أداء وكفاءة المسؤولين ليس أمرا في متناول كل الناخبين، والظرف الدقيق الذي تمر منه دول الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى قرارات شجاعة وتاريخية تحد من تبعات الأزمة وتغير مجرى التاريخ، وهذا النوع من القرارات والمبادرات لا يتخذه أصحاب المزايدات والفاشيون الجدد من أمثال خيرت فيلدرز، بل تقف وراءه العقول النيرة وأصحاب الكفاءة ممن نحن في حاجة إليهم أكثر من أي وقت مضى. هذه الأزمة الاقتصادية ستغير لا محالة البنية الاقتصادية الأوروبية ونظام العمل وستأتي على مكتسبات اجتماعية كنا نعتقد أنها تدخل في باب الثوابت، لكن الأخطر هو أن تحمل هذه الأزمة في طياتها أزمة أخرى ذات طبيعة سياسية وأخلاقية، ربما قد تنهار معها المبادئ التي قامت عليها أوروبا في العصر الحديث، حينها ستكون فصول الكارثة قد اكتملت. العالم في حاجة إلى أوروبا قوية؛ لأنها عنصر توازن نسبي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وأوروبا قوية بمبادئها وبعدالتها السياسية والاجتماعية قبل أن تكون قوية باقتصادها، ولمبادئ أوروبا وقيمها أعداء كُثُر، ربما يكون أخطرهم وأبشعهم في الوقت الراهن فيلدرز وأمثاله.