الاثنين، 28 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2561 du 28.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


الحزب الديمقراطي التقدمي لجنة الشباب والمرأة :بيــان

رويترز: مدرسو تونس يضربون للمطالبة بتحسين أوضاعهم

رويترز: تونس تزيد منح المدرسين قبل إضراب مقرر يوم الثلاثاء

رويترز: تونس تدعو أئمتها الى تجديد الخطاب الديني لدرء التطرف

رويترز: كلمة رجال » فيلم يثير الزواج العرفي في تونس لاول مرة

الموقف:استدعاء ومنع الموقف: سوسة : تسريح 206 من عمال الشركة التونسية للصناعة الإطارات المطاطية

الموقف: البوابة الرئيسية لميناء صفاقس: فشل المفاوضات بين البحارة ووزارة الفلاحة

تونيزين: عائلة الطرابلسي تبحث عن بوليصة تأمين ضد غيوم المستقبل

الحوار.نت: في ظلال الذكرى العشرين لإستشهاد بلبل الجامعة التونسية : مصطفى الحجـلاوي تونس أونلاين نت: رئيس حركة النهضة  يضع النقاط على الحروف حول المصالحة ومزاعم تفويته للفرص ( الحلقة 5 )

د.خــالد الطراولي: الإسلاميون التونسيون ولعبة كسر العظام وتصفية الحساب دعوة للتعقل! مرسل الكسيبي: دعوة الى التطهر الاعلامي والكشف عن الجهة التي دعتك الى اثارة غبار « المصالحة  » … د. محمد الهاشمي الحامدي: هدية حلوة للتونسيين أهل الوفاء ابراهيم بن محمد : الى السيد الطاهر بن حسين عبدالسلام الككلي: الترشح الرقمي الجامعة التونسية وقضية السرقات غسّان بن خليفة: محلاّت الأنترنات في تونس تجاهد من أجل البقاء صحفي من الوكالة: وكالة تونس افريقيا للأنباء..وما خفيَ أعظم عدنان المنصر: تصور البورقيبية لمسألة الأمة وقضية الهوية

د.أحمد القديدي: القارعة العربية

يحيي قلاش: الحريات الصحفية العربية .. مشكلة التقرير أم أزمة الاتحاد؟

عرفان نظام الدين: مطلوب إطفائي لصيف لاهب!


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

الحزب الديمقراطي التقدمي لجنة الشباب والمرأة   بيــــــــــــــــــان
 
تقوم قوات الأمن منذ مدة بإرهاب الشباب الديمقراطي التقدمي لمنعه من الانخراط في الحزب وذلك بصورة غير قانونية ومتناقضة مع كل الأعراف السياسية ومع حقوق الإنسان.
فقد قام البوليس السياسي منذ شهر باستجواب طالبين يدرسان في جامعة القيروان وعضوين في جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بالقصرين حول انخراطهما في الحزب وحول ما يقومان به من نشاط داخله، وبعد أن أجاب الطالبان بأن انخراطهما في حزب يملك رخصة قانونية للنشاط لا يشكل مخالفة للقانون ترك سبيلهما مع نصحهما بالابتعاد عن السياسة.
وفي الأسبوع المنقضي تعرض الطالب محمود سلطان العضو في جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي للإيقاف من طرف عوني من الأمن السياسي يوم الأربعاء 24 ماي 2007 أثر نزوله من الحافلة التي تقلّه إلى مقر الحزب، وتم اقتياده إلى منطقة الشرطة بقفصه حيث وقع استجوابه حول أسباب انتمائه إلى الحزب الديمقراطي التقدمي وعن أسماء بقية الشباب المكونين للمكتب الشبابي بالجامعة وعن الأنشطة الثقافية التي تنظمها الجامعة وعن جريدة « الموقف » وذلك بأسلوب تهكمي ساخر. وفي اليوم الموالي تواصلت حملات الإيقاف من طرف الأمن بمدينة قفصة لمناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي بالجهة حيث تمّ إيقاف أربعة عناصر من شباب الحزب مساء الجمعة 25/05/2007 وهم السادة خلدون علوي منسق مكتب الشباب وإلياس قاسمي ومحمود سلطان وأحمد علوي أعضاء المكتب وتم استنطاقهم حول توزيعهم لبيان جامعة قفصة للحزب ولم يتم الإفراج عنهم إلا بعد الثالثة صباحا.
ونلفت انتباه السلط الأمنية إلى أن ترهيب الشباب الذي ينخرط في النشاط السياسي داخل حزب قانوني حاصل على التأشيرة منذ ما يزيد عن العشرين سنة يؤدي إلى نتائج عكسية ويعطي مثالا سيئا للشبان الذين يريدون المساهمة في العمل السياسي القانوني العلني ويدفعهم إلى العمل السرّي الذي لا تحمد عقباه، وهذه الحلول الأمنية لن تزيد الجو إلا تعكرا وتساهم في تغذية العنف والتطرف وعدم الاستقرار.
ويوجه مكتب الشباب للحزب الديمقراطي التقدمي نداء إلى مناضليه من الشباب لضبط النفس أمام هذه الاستفزازات ويؤكد لهم أن الطريق الرصين والمسؤول الذي يسلكونه هو الطريق الصحيح كما يتوجه المكتب إلى السلط الأمنية لتتحلّى بالمسؤولية وتتوقف عن هذه التصرفات اللاقانونية التي لا تفيد البلاد ولا العباد.
د. أحمد بوعزّي عضو المكتب السياسي مسؤول عن السباب والمرأة المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)


 
الحزب الديمقراطي التقدمي 10 نهج ايف نوهال تونس تونس في 20/05/2006 دعوة
الإخوة و الأخوات
يتشرف المكتب السياسي بدعوتكم للمساهمة في أعمال اللجنة المركزية للحزب التي تنعقد في دورتها الأولى يوم الأحد 3 جوان 2007 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بالمقر المركزي بالعاصمة جدول الأعمال المقترح:
1. الوضع السياسي 2. المهام و المبادرات السياسية المطروحة على الحزب لتفعيل توجهاته في سياق المواعيد و الاستحقاقات الوطنية 3. الحالة التنظيمية و سبل تطوير جاهزية الحزب المكتب السياسي المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)


مدرسو تونس يضربون للمطالبة بتحسين أوضاعهم

Mon May 28, 2007 3:31 PM GMT تونس (رويترز) – أعلنت نقابة التعليم الاساسي في تونس الاضراب عن العمل يوم الثلاثاء للمطالبة بتحسين الاوضاع الاجتماعية للمدرسين من خلال زيادة المنح وتسهيل حركة نقل المعلمين من مدينة لاخرى. وقال الطاهر ذاكر وهو عضو في نقابة التعليم الاساسي ان « النقابة قررت الدخول في إضراب عن العمل غدا الثلاثاء بعد وصول المفاوضات مع وزارة التربية الى طريق مسدود ». ويتجاوز عدد مدرسي التعليم الاساسي في تونس 50 الف مدرس. وقال ذاكر ان عدم استجابة الوزارة الى مطالب زيادة المنح وتخفيض ساعات العمل وتسهيل حركة نقل المدرسين من مدينة الى أُخرى هي التي دفعت لاعلان الاضراب. واضاف لرويترز « حركة نقل المدرسين يجب ان تكون أكثر مرونة ولا يجب ان تتحدد حسب ولاء وانتماء المدرس أو من خلال المحسوبية. » وقال ان النقابة تطالب الوزارة بالشفافية وبضبط حركة النقل حسب الاولويات. وتتعامل وزارة التربية مع المئات من طلبات النقل كل عام لكن النقابة تريد ان تستجيب الوزارة لاكثر من ذلك. ويأتي هذا الاضراب بعد إضرابات متتالية شنها مدرسو التعليم الثانوي للمطالبة برفع اجورهم وزيادة المنح. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء  بتاريخ  28 ماي 2007)

 

 

تونس تزيد منح المدرسين قبل إضراب مقرر يوم الثلاثاء

Mon May 28, 2007 7:01 PM GMT تونس (رويترز) – قالت الحكومة التونسية يوم الاثنين انها قررت زيادة منحة أخرى لمدرسي التعليم الاساسي في البلاد قبل يوم واحد من اضراب دعت إليه نقابة التعليم الاساسي يوم الثلاثاء. وقال بيان صادر عن الوزير المعتمد لدى الوزير الاول المكلف بالوظيفة العمومية والتنمية الادارية يوم الثلاثاء » تقديرا للرسالة النبيلة التي يضطلعون بها وحرصا على مزيد العناية بظروف عملهم تسند مرة واحدة في بداية كل سنة..تبلغ قيمتها 180 دينار (150 دولار). » ولكن نقابة التعليم الاساسي التي كانت قد أعلن عن الاضراب في وقت سابق يوم الاثنين قالت انها ماضية قدما في خطتها عمل الاضراب يوم الثلاثاء للمطالبة بتحسين الاوضاع الاجتماعية للمدرسين من خلال زيادة المنح وتسهيل حركة نقل المعلمين من مدينة لاخرى. وقال الطاهر ذاكر وهو عضو في نقابة التعليم الاساسي لرويترز ان  » النقابة قررت الدخول في اضراب عن العمل غدا الثلاثاء بعد وصول المفاوضات مع وزارة التربية الى طريق مسدود ». ويتجاوز عدد مدرسي التعليم الاساسي في تونس 50 الف مدرس. وقال ذاكر إن عدم استجابة الوزارة الى مطالب زيادة المنح وتخفيض ساعات العمل وتسهيل حركة نقل المدرسين من مدينة الى اخرى هي التي دفعت لاعلان الاضراب. واضاف البلاغ الحكومي ان الزيادات تأتي رغم الصعوبات التي تواجهها البلاد جراء ارتفاع اسعار المحروقات والمواد الاساسية في الاسواق العالمية. واضاف لرويترز « حركة نقل المدرسين يجب ان تكون اكثر مرونة ولا يجب ان تتحدد حسب ولاء وانتماء المدرس او من خلال المحسوبية. » وقال ان النقابة تطالب الوزارة بالشفافية وبضبط حركة النقل حسب الاولويات. وتتعامل وزارة التربية مع المئات من طلبات النقل كل عام لكن النقابة تريد ان تستجيب الوزارة لاكثر من ذلك. ويأتي هذا الاضراب بعد اضرابات متتالية شنها مدرسو التعليم الثانوي للمطالبة برفع اجورهم وزيادة المنح.

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء  بتاريخ  28 ماي 2007)  

تونس تدعو أئمتها الى تجديد الخطاب الديني لدرء التطرف

Mon May 28, 2007 10:24 PM GMT تونس (رويترز) – دعا ابو بكر الاخزوري وزير الشؤون الدينية في تونس يوم الاثنين الائمة في البلاد الى تجديد مضمون الخطب الدينية بشكل يتلاءم مع الواقع لدرء خطر التطرف. وقال الاخزوري أمام ائمة في محافظة تطاوين جنوبي العاصمة « للاطارات الدينية دور هام في تعميق تعلق التونسيين بالقيم الاسلامية السمحة والنبيلة وفي التصدي لتيارات الرجعية والظلامية وافشال محاولات المناوئين للنيل من انجازات تونس ومكاسبها ». وتعرضت تونس في مطلع العام الحالي لمحاولة استهداف نادرة من متطرفين اسلاميين كانوا ينوون مهاجمة منشآت حيوية في البلاد. وخلفت المواجهات انذاك بين الامن والمسلحين السلفيين 14 قتيلا بحسب وزارة الداخلية. وقال وزير الشؤون الدينية في ان الوزارة « ستثري مكتبات الائمة والوعاظ بالمزيد من المنشورات والمراجع التي تساعدهم على صياغة خطاب ديني ينبع من واقع المجتمع ويغوص في خصوصياته بما يجعل هذا الخطاب مواكبا للمجتمع وتطوره ». ويحذر رجال دين من ان جمود الخطب الدينية في المساجد يزيد من التطرف لدى اوساط الشبان.
 
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء  بتاريخ  28 ماي 2007)


كلمة رجال » فيلم يثير الزواج العرفي في تونس لاول مرة

Mon May 28, 2007 10:27 PM GMT تونس (رويترز) – شد فيلم تونسي يفضح ممارسات اجتماعية مخفية في المجتمع التونسي من بينها انتشار ظاهرة الزواج العرفي اهتمام المشاهدين الذين تدفقوا على صالات العرض لمشاهدته. ويطرح الفيلم الذي اثار كثيرا من الجدل والنقاش في الاوساط الثقافية والاجتماعية حين تطرق بجرأة لعدة ظواهر خطيرة تنخر المجتمع بينما لا يزال نطاق الحديث عنها محدودا. ويشارك في الفيلم الذي مدته قرابة ساعة ونصف عدد من نجوم التمثيل في تونس ابرزهم عبد المجيد الاكحل وسفيان الشعري وجمال ساسي وفتحي المسلماني وجملية الشيحي ولطفي الدزيري. يروي الفيلم الذي أخرجه معز كمون قصة ثلاثة اطفال من قرية نائية بالجنوب تربطهم صداقة متينة يعيشون في صلب مجتمع تسوده التقاليد والبراءة. عباس وساسي وسعد الذين ظلوا متلازمين في الشارع والمدرسة عندما كانوا صغارا تغبر شكل حياتهم بعد ان دخلتها خديجة التي تحب ساسي بينما عين سعد لا تفارقها. ويملك عباس مطبعة ويعاني من ضائقة مالية شديدة بسبب تراكم ديونه. ويعيش حياتين واحدة معلنة مع زوجته وابنته والثانية سرية مع عشيقته التي تشتغل بمطبعته. ويتخذ عباس من خديجة خليلة له تحت اسم زوجة ثانية في بلد يمنع قانونه تعدد الزوجات. حكاية عباس تتكرر في شكل اخر مع سعد الذي يصير أستاذا جامعيا يطرد من عمله بسبب التحرش الجنسي باحدى طالبته. واشاد نقاد بجرأة الفيلم في تناوله موضوعات مسكوت عنها بطرق فنية وجمالية. كما فضح الفيلم ممارسات اخرى مثل تردي الوضع الثقافي بسبب الممارسات اللابداعية حيث يصور المخرج كيف وصل التزوير حتى الى بعض الاطروحات العلمية في الكليات. وقال مخرج الفيلم معز كمون « سعيد لاني تجنبت في فيلمي ان استجيب لكل انواع الاملاءات والوصاية من اي جهة ». واضاف « انا فخور بهذه التجربة لان الاغلبية من الاف المشاهدين قبلت اسلوبي وتفاعلت مع الفيلم الذي رأت انه عكس مشاغلها ومشاكلها واهتماماتها وواقعها بكل عمق ». واقتبس الفيلم من رواية » البرومسبور » للكاتب التونسي حسن بن عثمان الحاصلة على جائزة الكومار الذهبي التي تمنح سنويا لافضل رواية تونسية.
 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء  بتاريخ  28 ماي 2007)  


 

أخبار من الموقف

جواز محجوز منذ 13 سنة نشرنا في « الموقف » )العدد 404 ( خبرا عن حجز جواز سفر الأخ إلياس القاسمي عضو جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدّمي وعلى إثر ذلك طمأنه رئيس فررقة الإرشاد بمنطقة الأمن الوطني بقفصة بتسوية وضعيته شرط مراسلة إدارة الحدود والأجانب. وتمّت بالفعل مراسلة الإدارة المعنية بتاريخ 5 ماي 2007 برسالة مضمونة الوصول. وبعد إنقضاء المدّة المحدّدة فوجئ الأخ القاسمي أثناء لقائه يوم الثلاثاء 22 ماي بردّ رئيس فرقة الإرشاد بأنّه لم يتلقّ أيّ ردّ من الإدارة وأنّ عليه الإنتظار. وللعلم فجواز الأخ القاسمي محجوز منذ أكتوبر 1994 رغم المراسلات التي قام بها لمختلف الجهات. ندوة ينظم منتدى الجاحظ لقاء مع الدكتور منير الكشو يلقي خلاله محاضرة بعنوان « الفكر العربي والتحدّي الليبرالي ». ويتولّى التعقيب على ورقته الدكتور أحمد ونيس وذلك يوم السبت 26 ماي على الساعة الرابعة بعد الزوال. حديث بمناسبة:في اليوم العالمي لحرية الصحافة منذ سنة فُجعت الأفلام الحرة في العالم بنبإ استشهاد الصحفية القديرة أطوار بهجت وزميليها المصورين, ولم تكن هذه االمرّة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تتعرض إليها الصحافة إلي الاعتداء السافر و كأني بالذين قاموا بهذا العمل الإجرامي و الأثيم تناسوا ما جاء في كتاب « دوميتيلا دعوني أتكلم  » إن الرصاصة التي تقتل الأجساد لا تستطيع أن تقتل أفكار أصحابها. ولا يمكن أن تكون كلمة الصحافة غير الصورة الحرة و الفكرة التي تنير العقول. و قد قال نزار قباني رحمه الله الشعر رغم سياطهم و سجونهم ملك وهم في بابه حجّاب ونحن نقول أيضا بأن الكلمة الحّرة و الهادفة ستبقي رغم الدّاء و الأعداء كالنسر فوق القّمة الشمّاء. أبو طه مُعطّلون إعتصم حوالي عشرين شابًا من المنتمين الى اتّحاد أصحاب الشهائد المُعطّلين عن العمل أمام مقرّ ولاية تونس للمطالبة بحقّهم في الشغل، ورفعوا شعارات من بينها « واجب حق التشغيل ». وعلى إثر ذلك تدخّل العشرات من أعوان الأمن بالزيّ المدني والرسمي لفضّ الإعتصام ما أدّى الى وقوع اصابات في صفوفهم. وحسب شهود عيان قد قام أحد الاعوان بضرب الناشطة فلّة الرياحي ضربا مبرحًا ممّا أوقعها أرضًا على حافة الرصيف وأدّى الى إصابتها على مستوى رأسها ونقلها الى المستشفى، كما قام أعوان الأمن بإعتقال القياديّين في الإتّحاد سالم العياري وحسن الرحيمي. المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)

استدعاء ومنع
استدعت احدى اجهزة السلطات الأمنية بولاوية جندوبة يوم الجمعة 18 الشهر الجاري عضو المكتب السياسي الأستاذ رابح الخرايفي المكلف بالحقوق والحريات وأعلمته رسميا بأنها تلقت أوامر « فوقية » لمنع انجاز المؤتمر الذي كان قد تقرر ليوم 20 ماي 2007 متعللة في ذلك بان الجامعة لا تملك مقرا خاصا لنشاطها متناسية ان الجامعة سبق وان تقدمت بثلاث مطالب رسمية الأول إلى السيد والي جندوبة مؤرخ في 26 افريل 2007 والثاني للسيد المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث بنفس التاريخ والثالث الى السيد معتمد بوسالم مؤرخ في 30 من نفس الشهر ،والى حد ذلك التاريخ والساعة لم تتلقى الجامعة أي رد رسمي من هذه الجهات رغم حصولها على وصولات إيداع في المطالب لجهتين من الجهات الثلاث . فضلا على ما مارسته بالتعاون مع هياكل الحزب الحاكم بالجهة من ضغوطات لجبر صاحب المحل الذي تمكنت الجامعة من كرائه في أواخر شهر فيفري من هذه السنة على فسخ العقد مستخدمة في ذلك كل آليات الدولة. ولئن أثار هذا المنع موجة من الغضب والاستياء لدى مكونات المجتمع المدني وأصدقاء الحزب فقد جاء حصول الجامعة على مقر جديد كائن بنهج الطيب المهيري من مدينة بوسالــــم – قرب المعهد الثانوي ببوسالــم– بمثابة الهدية التي نتجت عن هذا المنع فيها ما يجعل هيئة الجامعة قادرة على انجاز مؤتمرها الأول في الأيام القادمة في ظروف واستعدادات أفضل.رغم ان بلدية بوسالم تلكأت وتململت وامتنعت في البداية عن التعريف بالامضاء الا بعد ان هدد بعض اعضاء الهيئة المؤقتة بالدخول في اعتصام مفتوح واستدعاء احد عدول التنفيذ لمعاينة « هجرة » شبابيك الخدمة بمصلحة التعريف بالامضاء حيث وماان اطلع العون على نص العقد الا وفر الواحد تلو الآخر ممتنعين عن التعريف ومتعللين بان لهم التزامات أخرى. المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)


 

سوسة : تسريح 206 من عمال الشركة التونسية للصناعة الإطارات المطاطية

سوسة  رياض الحوار في الوقت الذي كان فيه عمال العالم يستعدون للاحتفال بعيد الشغل ، تلقى مجموعة من عمال وعاملات الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية STIP بمساكن (وعددهم 206 عاملا) برقيات تم إعلامهم فيها بقرار توقيفهم عن العمل ابتداء من تاريخ تسلمهم للبرقية الشيء الذي أثار سخطهم وغضبهم وقد عبر هؤلاء العمال عن رفضهم المبدئي والقطعي لهذا القرار « المؤامرة ».
وللوقوف على حقيقة قرار التسريح حضرت جريدة الموقف التجمع الذي نظمه هؤلاء العمال بقاعة الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة يوم السبت 5 ماي 2007، حيث أكد العمال المسرحون أن قرار توقيفهم عن العمل لم يمثل سابقة حيث سبق للإدارة تسريح أكثر من 120 عاملا سنة 2005 أما عن أسبابه فقد أكد المسرحون أن حجة الصعوبات الاقتصادية التي تتعلل بها الإدارة عارية من الصحة بدليل عملية التوسيع التي تشهدها المؤسسة، وحتى وإن وجدت فإن الإدارة وحدها تتحمل مسؤوليتها لسوء تصرفها ولعدم حرفيتها في التسيير. ومن ناحية أخرى أكد العمال من خلال مداخلاتهم أو من خلال اللافتات المعلقة على جدران القاعة على التورط الفاضح والمكشوف للكاتب العام للنقابة الأساسية المدعو النوري رويس الذي أعد بنفسه قائمة المسرحين على اعتبارات شخصية (عدم الموالاة له رفض تطبيق قراراته وأوامره، معاقبة المتمسكين بالحق في العمل والاستعداد للدفاع عنه) بالتعاون مع الإدارة ودون استشارة القواعد العمالية بالمؤسسة.
كما عبر المجتمعون عن رفضهم القطعي لمنحة التسريح التي أعدت على قاعدة جراية شهر لكل سنة عمل بسقف أعلى 12 جراية على ان لا تتعدى المنحة الجملية عشرون مليون مليما واعتبروا ذلك غير قانوني وجائر. وفي نهاية الاجتماع ثمن الحاضرون وقفة الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة إلى جانبهم وأكدوا على تمسكهم اللامشروط بحقهم في العمل واستعدادهم لخوض كل الأشكال النضالية القانونية المتاحة واقترحوا في هذا الإطار الانطلاق في اعتصام بالمؤسسة مرفوق بإضراب جوع مفتوح.
وفي الأخير، فإن كانت مأساة عمال مصنع STIP تعمقت بتزامنها بعيد الشغل العالمي فإن مأساة السيدة منية هميلة زوجة المرحوم محمد القارسي (أم لأربعة ابناء وهي العائل الوحيد لهم) توفي زوجها (عامل سابق بنفس الشركة) في نشاط رياضي تابع للمؤسسة مصادفة يوم غرة ماي وتم إعلامها بقرار التسريح ليلة غرة ماي وقد أكدت لنا السيدة منية أن وضعها في قائمة المسرحين هو استهداف شخصي لها من كاتب عام النقابة حيث سبق له أن هددها بالطرد في عدة مناسبات لرفضها الإمضاء على منح ومساعدات لم تتسلمها ولأغراض أخرى… واعتبرت ان قرار تسريحها يعد ذبحا لها ولأبناءها على رصيف المؤسسة. وفي المحصلة فإن تسريح عمال وعاملات الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية بهذه الطريقة وفي هذا التاريخ يعد دلالة واضحة على استهتار السلطة بحق العمل وقدسيته والاستهانة بالذات البشرية وقيمة المواطنة. المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)  


البوابة الرئيسية لميناء صفاقس

فشل المفاوضات بين البحارة ووزارة الفلاحة

ّفتحي الشفي فشلت المفاوضات التي جرت يوم السبت 19ماي 2007 بين وفد يمثل البحارة وأصحاب المراكب ورئيس اتحاد الفلاحين وكاتب الدولة للفلاحة والصيد البحري. ومدير عام الصيد البحري. وحسب المعطيات المتوفرة فان رد وزارة الفلاحة تتمثل في إحالة ملف المحروقات إلى الوزارة الأولى ووعدت بدراسة بقية المطالب ،والرد عليها مع بداية شهر جوان المقبل .و اعتبر البحارة اللقاء مع كاتب الدولة للفلاحة فاشلا ولم يحقق أي نتيجة تذكر.
واتهم البحارة وزارة الفلاحة بمواصلة نهج المماطلة وتجاهل مطالب أهل المهنة المزمنة والتي رفعوها منذ سنوات. وخاضوا من أجلها عديد النضالات أهمها الإضراب الذي دام شهرا وعشرين يوما في أواخر سنة 2002. وسبق للبحارة أن التقوا بالسيد والي صفاقس في اليوم الثالث للإضراب يوم الأربعاء يوم 15ماي الماضي واستجابوا لدعوته بفتح البوابة الرئيسية للميناء وتسهيل حركة مرور موظفي عديد المصالح الإدارية التي تعطلت أعمالهم ولم تفتح جميع المقرات العمومية، مثل البريد، والقباضة المالية والمحلات التجارية، والمقاهي…..وقد زار وفد من جامعة صفاقس للحزب الديمقراطي التقدمي البحارة وعبرّ عن تضامنه ووقوفه معهم في تحركهم واستمع بانتباه لمطالبهم ومعاناتهم والظروف المأساوية التي يمرون بها منذ سنين. تملك ولاية صفاقس أكبر أسطول للصيد البحري الساحلي وفي الأعماق في البلاد.ويبلغ عدد مراكب البلانصي (الصيد بالجر) قرابة 270 و30 مركبا لصيد التن . ويوفر دخلا هاما من العملة الصعبة كما يضمن قرابة 18 ألف موطن شغل . وأزمة قطاع الصيد البحري تعود لعدة سنوات مضت حيث تراجع الإنتاج وتقلصت مدا خيل البحارة وأصحاب المراكب.
وتهددهم البطالة والإفلاس والسجن. وتعود الأسباب حسب أصحاب المهنة إلى ارتكاب عدة أخطاء فادحة من قبل الهياكل المسيرة للقطاع منذ سبعينات القرن الماضي حيث غاب التخطيط المحكم. ولم تعتمد المصالح المعنية على دراسات علمية تضمن سلامة المحيط والبيئة البحرية. وسمحت لعديد الدخلاء بالاستثمار في قطاع الصيد البحري, خصوصا مع تزايد الطلب الخارجي على عدة أصناف بحرية مثل الرخويات (قرنبيط ،وشوابي)، والقنبري، والتن. وبرزت علامات الاستغلال المفرط في مناطق عديدة الأمر الذي أصبح يهدد المحزونات السمكية. وعمدت المصالح المعنية إلى التوقف عن إسناد تراخيص صنع وحدات صيد جديدة للأسماك القاعية بمنطقتي الوسط والجنوب وسنت سلسلة من القوانين والإجراءات العقابية والشروع في مراقبة نشاط مراكب الصيد بالجر بواسطة الأقمار الاصطناعية . كما يعتبر التلوث البيئي الذي أصاب الساحل الجنوبي بتسرب ملايين الأطنان من الفوسفوجبس من صفاقس حتى خليج قابس أحد أسباب تصحر مساحات شاسعة من البحر والقضاء على الثروة السمكية .ومع بداية تسعينات القرن الماضي انسحب عديد المستثمرين من قطاع الصيد البحري نتيجة تراجع الأرباح والمحاصيل، وفرطوا في أملاكهم بالبيع واتجهوا للاستثمار في ميادين أخرى.
وبدأ الإحساس بالأزمة يعم جميع العاملين الذين ورثوا هذه المهنة عن آبائهم. والمئات من الشبان الذين تلقوا تعليما في قيادة المراكب والصيانة وإصلاح المحركات، وآلاف الشبان الذين نزحوا واستقروا في العمل في البحر. ويتعرض البحارة لعدة مشاكل صحية ونفسية نتيجة تراجع الإنتاج وارتفاع المديونية و الآداءات الموظفة على الإنتاج وغلاء المواد الأولية وعدم القدرة على التسديد. يقول ربان شاب من مواليد سنة 1962 تلقى تعليمه في إحدى المدارس الصيد البحري: » نحن نعيش غربة دائمة عن المجتمع والأهل والعائلة والأبناء. ، مشاعر الأبوة حرمنا منها .ابني بقي مدة طويلة بعيدا عني ولم أسمع منه كلمة بابا إلا بعد سنين طويلة. نحن نترك أبناءنا مرضى وندخل البحر، ويموت أقرب الناس إلينا ولا نحضر الجنازة ولا نتقبل التعازي، ورغم التضحيات الجسام بقيت المردودية ضعيفة والقطاع يسبر نحو الانهيار .والمصالح الإدارية هي المسؤولية عن هذا الوضع ». وقد عاد البحارة للعمل صباح يوم الإثنين الماضي رغم الغضب وعدم الرضا على مقترحات وزارة الفلاحة مبدين حسن استعدادهم للحوار وفض جميع المشاكل العالقة منذ سنوات . المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)


 

عائلة الطرابلسي تبحث عن بوليصة تأمين ضد غيوم المستقبل

أبو ظبي ـ وكالة تونيزين الأنباء ـ محادثة بين ليلى الطرابلسي والشيخة فاطمة بنت مبارك جرت يوم الأحد بقصر الإمارات بأبو ظبي محادثة بين ليلى الطرابلسي والشيخة فاطمة بنت مبارك زوجة حاكم الإمارات . و تناولت المقابلةإمكانيات استثمار أموال الطرابلسي في الإمارات احتياطا للمستقبل. و تخشى ليلى الطرابلسي و عائلتها أن يتسبب أي تغيير مسقبلي في أعلى هرم السلطة إلى فقدان العائلات المقربة من بن علي لنفوذها و سطوتها و ربما حتى الأموال الطائلة التي اكتنزتها خلال عقدين في ظل نظام عرف داخليا و خارجيا بفساده و محاباته للأقارب.  
(المصدر: مدونة عمر الخيام بتاريخ 28 ماي 2007)
الرابط:


في ظلال الذكرى العشرين لإستشهاد

بلبل الجامعة التونسية : مصطفى الحجـــــــــــــلاوي

( 27 مايو آيار 1987 ــ 27 مايو آيار 2007 ).

الحوار.نت ( الهادي بريك ـ ألمانيا ). 1 ــ من هو الشهيد الحجلاوي ؟ 2 ــ تأمل معي بقلب أم الشهيد الحجلاوي لعلك تلجم شهوة قلمك أو عربدة لسانك. 3 ــ كلمة الختام. من هو الشهيد الحجلاوي ؟ ــ هو مصطفى الحجلاوي. ــ من مواليد 1964. ــ أصيل قرية  » قطرانة  » بولاية سيدي بوزيد التونسية. ــ إلتحق بصفوف الحركة الإسلامية وهو تلميذ بالثانوية. ــ شارك في تحركات 1981 أكبر حركة إحتجاجية في القطاع التلمذي في تاريخ تونس. ــ في 1983 وقع رفته من كل المؤسسات التعليمية بالبلاد بسبب ترؤسه لإجتماع عام بالجامعة التونسية يدعو فيه إلى مكافحة الظلم ومقاومة الإستبداد. ( مازال آنذاك تلميذا بالثانوية ). ــ رغم ذلك إجتاز إختبار الباكالوريا بصفته مترشحا حرا بنجاح وإلتحق بالجامعة. ــ وقع تجنيده في عامه الجامعي الثالث تنكيلا به في منطقة رجيم معتوق بالصحراء التونسية مع مئات من زملائه. ــ قضى عامه ذاك بين كثبان الرمال التي ما زادته سوى قوة في الحق وثباتا عليه. ــ عاد إلى منابر الخطابة ومواقع القيادة بالجامعة التونسية بعد ذلك. ــ كان كثير التغني بأشعار أخيه الشهيد هاشم الرفاعي بصوت عذب ندي يحكي هديل الحمائم. ــ في الهزيع الأخير من ليلة 27 مايو آيار 1987 هجم عليه أعوان السلطة والحرب يشتعل أوارها ضد الحركة الإسلامية منذ نصف عام تقريبا وذلك برأس الطابية ( السكن الجامعي ) فلما أبدى مقاومة دفاعا عن نفسه قيدوه بالسلاسل وأشبعوه لكما وركلا ثم ألقوا به من نافذة الطابق الثالث فلفظ أنفاسه الحرى فهي تطاردهم بلعناتها حتى تنتصب المحكمة الأخيرة. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت قالت العرب : القلم أحد اللسانين كما قالت : المرء بأصغريه قلبه ولسانه. وقالت : اللسان بريد القلب وقال بعض الصالحين : القلوب أوعية الشفاه ختامها واللسان مفتاحها فأحفظوا أوعيتكم بحفظ ألسنتكم. ورب كلمة لا يلقي لها قائلها بالا تهوي به في قعر النار سبعين خريفا كما جاء في الحديث النبوي الشريف. وقال الشاعر : جراحات السنان لها إلتئام … ولا يلتئم ما جرح اللسان. قوة الإنسان كما أخبر المصطفى الحبيب عليه الصلاة والسلام في قوة حفظه للسانه  » ليس القوي بالصرعة ولكن القوي من يملك نفسه عند الغضب « . أشار إلى الغضب لأنه يغلب على الإنسان عدم ضبط كلماته وحركاته عندما يكون غاضبا ولكن بعض الناس ـ رغم ندرتهم ـ يملك نفسه عند الغضب ولكن لا يملك نفسه عند الفرح الشديد ولذلك قال قوم قارون لقارون  » لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين  » أي فرح البطر والترف فهل يعذر من لم يضبط نفسه كلمة وحركة عند الفرح الشديد بخلاف من فعل ذلك عند الغضب الشديد ؟ طبعا لا. وبذلك يكون المقال محمولا على مورد الغالب كما يقولون. ذلك معنى جديد لقوة الإنسان أضافه الإسلام لما خبره الناس قبل ذلك أما قوة تنفيذ الغضب بالكلمة النابية والحركة الظالمة فهي قوة الخيل والبغال والحمير. ولغت أقلام كثيرة في المدة المنصرمة في حمى رجال بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله سبحانه ذبا عن بيضة الإسلام الممرغ في تونس بما لم يشهد له التاريخ العربي له مثيلا سيما في العقدين الأخيرين اللذين تليا موت بورقيبة فيما عرف بخطة تجفيف منابع التدين. ولغت تلك الأقلام في حمى عشرات من الشباب اليافع الذي قضى شهيدا كما قضى الشهيد مصطفى الحجلاوي تستجدي العفو ممن لا يملك منه قطميرا تبتغي بناء أمجادها على أنقاض جماجم أولئك الشهداء ومن خلفهم عذابات أمهاتهم وأنات آبائهم وزفرات صدور أزواجهم وبكاء فلذات أكبادهم الذين لم يجدوا من يكفكف دموعهم أو يمسح على رؤوسهم بعد أن فقدوا العائل وإكفهرت في وجوههم الدنيا في ليالي عشرية التسعينيات في تونس. أين تلك الأقلام الداعرة الفاجرة لما خرجت نساء عفيفات طاهرات محصنات غافلات من بيوتهن بعد قتل أزواجهن في مخافر دولة البوليس يستجدين المارة لإطعام أبنائهن. أجل ورب الكعبة الذي لا إله إلا هو حدث ذلك وأكثر منه في تونس في النصف الأول من تسعينيات القرن الميلادي المنصرم. أين أولئك يوم طلق البوليس بعصا القوة نساءا من أزواجهن المعتقلين أو المشردين يهيمون على وجوههم في طول الأرض وعرضها. أين أولئك يوم خرج الأستاذ والطبيب والمهندس والموظف السامي والتاجر من السجن بعد قضاء عقوبته فإضطر إلى العمل عتالا في الأسواق لم يرحموا كبر سنه ولا شيبة في ذقنه. كان ذلك العتال غريبا على عمله الجديد حتى دعاه صاحب العتالة يوما وقال له : أصدقني القول. إني أراقب عملك طيلة الأيام المنصرمة فلم أجد فيك شرطا واحدا من شروط العتال . قال له : وما هي شروط العتال عندكم ؟ قال : لم أسمع منك مرة واحدة سبا للدين أو للجلالة أو كلمة نابية بذيئة. أبدا لن تكون أنت عتالا ولم تكن كذلك يوما. أنت لك حكاية غريبة وقصة عجيبة. بعد يومين فحسب من ذلك جاءت الشرطة وطردت العتال الجديد من مهنته الجديدة. عشرات ورب الكعبة الذي لا إله إلا هو من مثل أستاذ التربية الإسلامية ذاك ورفيقه في السجن وفي العتالة المستشار السامي لدى الوزارة الأولى قبل ربع قرن كامل. أين أولئك يوم سجنت الدولة نساءا ليس لهن من جريرة سوى أنهن أبين خلع حجابهن فأخترن السجن لسنوات وأبناؤهن يعشن التشريد بعد سجن والدهن أو إضطراره للفرار خارج البلاد منهن السيدة سميرة بن صالح والسيدة سعاد الشربطي والسيدة رشيدة الجماعي وأخريات. الأولى بتلك الأقلام العاهرة أن تطالب بإستعادة الحق السليب إلى أهله في الدنيا قبل حلول موعد المحكمة الأخيرة. الأولى بتلك الأقلام الفاجرة أن تحرض على مزيد من الثبات على قيم الحق والعدل والحرية والكرامة والحياء والإباء والصبر واليقين لا أن تغرس معاول الهدم في خواصر تلك المثل العليا والقيم العظمى. إذا كان العدل أن يطلب من الضحية الإعتذار تحت أقدام جلاده فلا قام للعدل كيان ولا كان للمروءة بيننا مكان. عندها ـ بل عندها فحسب ـ نفوز بحرية أبداننا وننعم بالحركة المقيدة فوق سهول تونس وعلى شطآنها الجميلة الخلابة ولكن نخسر صفقة رابحة هي صفقة الروح التي تذكي نخوة الصمود في الصامدين القابضين على الجمر منذ عقدين كاملين بعضهم في أقبية سجون تحت الأرض وبعضهم في أقبية سجون فوق الأرض. ألم يأن لأقلام داعرة فاجرة أن تخرس لتقول بعد خرسها خيرا أو لتصمت؟ أليس للسجناء ألسنة وأقلام يعبرون بها عن أشواقهم إلى الحرية ورسائل كريم الهاروني تترى من وراء الأقبية؟ أليس للمسرحين منهم رغم أوضاع السجن الكبير الذي وضعوا فيه مثل ذلك لإنقاذ إخوانهم وهم أعرف بالمعاناة منا جميعا؟ أشد الناس فينا لؤما من إختار الخروج منا للخروج علينا. لم نعتقد يوما بسبق غير مسبوق سوى أننا جماعة من عشرات الآلاف من جماعات المسلمين وطوائفهم التي تختار فهما محددا وأسلوبا محددا لا تلزم بذلك غير نفسها. ولن نزال نعتقد بأن الخروج منا دليل لنا وليس علينا بسبب حرية الحركة فكرا وسلوكا في دوائرنا. ولقد خرج منا أعلام كبار ومنارات شامخة في شتى المعارف الكونية والشرعية وتجربة في الحياة وعركة فيها فما نبس واحد منهم ببنت شفة ضد رفاق الأمس بل لن تزال حبال الود موصولة سواء كان خروجهم منا لأسباب فكرية أو سياسية بما فيها تلك التي يتوقى بها الإنسان من لطمة تصيبه بسبب إنتمائه تكر على بعض عيشه. تلك سنة في حركة التغيير خبرها الناس ورتب الشرع الكريم لها مساقات معلومة. أما من يخرج منا أو من غيرنا كائنا ما كانت المسافات العقدية التي تفصلنا عنه ثم يشهر سيفه على رفاق الأمس نازعا رداء الحياء يتصنع الخلق المسيحي الكاذب فهو أشد الناس لؤما بحسب ما تشير إليه تجارب الناس وبذلك نحكم ظاهرا أما السرائر فسبحان من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. إذا لم يتق أولئك ربهم في الأحياء فليتقوا ربهم في الأموات الذين نسميهم نحن ظاهرا شهداء. هل يكره أولئك عوائل الشهداء بعد عقدين كاملين من العذابات المريرة على الجهر بالسوء أو بكلمة الباطل بسبب مناخ الإكراه السائد يخلع على الناس الخوف والرهبة؟ هل إستأذن أولئك أمهات الشهداء وزوجاتهم وأبنائهم قبل أن يخط قلمه صكا أبيض يمنح الجلاد أوسمة الشرف ونياشين الشهامة ويدين الضحية بالإرهاب والتطرف والظلم والحقد وكره تونس وأهل تونس؟ ألا فما أصدق الصادق المصدوق في قوله :  » إذا لم تستح فأصنع ما شئت  » وفي قوله :  » من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت « . كلمة الختام سلام على شهداء الأمة الكريمة العظيمة تقود لواءهم جميعا حتى يرث الأرض فاطرها ومن عليها أم الشهداء طرا سمية ويرفع لواء الحمد لهم سيدهم مطلقا حمزة. سلام على شهداء تونس من قبل حشاد وبعده لا تميز عرصات القيامة بينهم بسبب شهادة في سبيل تحرير البلاد من براثن الإحتلال الفرنسي العسكري المباشر أو من مخالب الفساد والنهب والسلب والظلم والتصهين تمكينا لخطة تجفيف منابع التدين. سلام على روح الشهيد الحجلاوي وسلام على أهله ورحمه وقرابته. سلام على أولئك جميعا وأف وتعس وحتف وبعد على من نزع ثوب الحياء القشيب. سنلتقي يوما إن شاء الله سبحانه على عتبات المساجد نفسها التي كنا نصلي فيها في وطننا الأم تونس ونتداول الذكريات ذاتها التي نسجت أرواحنا ولم يتغير فينا شيء أبدا سوى لحى إشتعلت شيبا ورؤوسا كالثغامة لشدة بياضها أما العزائم فهي هي حتى لو إستندنا أو بعضنا إلى رجل ثالثة هي منسأة سليمان عليه السلام التي كان يتوكأ عليها أو عصا موسى التي كان يهش بها على غنمه ولنا في تونس ولن تزال مساجد وقيم ومنارات وساحات ووطن وسهول ونجاد ووهاد نهش عليها بالعصا حتى نقضي هناك وندفن هناك ومن هناك نبعث بعضنا يثعب دما فذاك من قضى شهيدا وبعضنا يثعب عرقا فذاك من ثبت لم يبدل وبعضنا يثعب خزيا فذاك من إختار الإنتصار للطاغوت على ظلمه المبرح وبغيه الغالي ضد دماء أهرقت بدون حق وأيتام أذلت وحرائر إنتهكت ومآذن هدمت وبيوت صرمت وأرامل شردت وأزواج طلقت ورجال لا كالرجال ركعت فما ركعت لغير ولي النعمة الأكبر سبحانه. (المصدر: موقع « الحوار.نت » بتاريخ 27 ماي 2007)


رئيس حركة النهضة  يضع النقاط على الحروف حول المصالحة ومزاعم تفويته للفرص ( الحلقة 5 )

أجرى الحوارا : عبد الباقي خليفة / تونس أونلاين نت:

قال لي احد الاخوة بالهاتف أن البعض يرى  أني لم أكن محايدا في الحوار مع الشيخ راشد ، فقلت له أنا لست محايدا في القضايا الانسانية ، فلا يمكن للحر أن يكون محايدا بين الجلاد والضحية . لقد فكرت مليا وأنا على مفترق طرق ، أيهما أقرب لي ، النهضة أم الحزب الحاكم ، فوجدت  القواسم المشتركة التي تجمعني مع النهضة أكبر من تلك التي تجمعني مع التجمع . لقد استطاع رهط من المتسلقين أن يقنعوا القوة الفاعلة في التجمع بأن التدين والنهضة واحد ، فكل متدين هو مشروع نهضة ، أو رقم ضمني لفائدة النهضة ، ولذلك كانت الحملة ضد التدين بقطع النظر عما إذ كان المتدين مسيسا أم لا . لم يكن التجمع مثل الحزب الوطني المصري ، ولو كان كذلك لتسنى للكثير من التونسيين ومن بينهم العبد الضعيف الانتماء إليه . ففي مصر هناك احترام للدين بل تبني حقيقي له ، وليس هناك مشكلة مع الحجاب ، ولا مع المتدينين بل ليس هنالك مشكل مع السياسيين من الاخوان المسلمين ، لولا الخلاف على قضية التوريث لما حصلت الاعتقالات الاخيرة في صفوف الاخوان . أما في تونس فيسأل الملتحي : ما هذا الوسخ ( هذه للاخ الماجري ) ولان التدين قرين بالتسيس فقد ضربت جماعة التبليغ وحتى الصوفية لانها تفرخ ( هكذا ) . فلهذه الاسباب وغيرها لا ينتمي الشباب للحزب الحاكم ، سوى من باب الانتهازية واستغلال المزايا . كيف أنتمي للتجمع ولا يوجد في أي شعبة مكان للصلاة ، ولا توجد في أنشطة ( شباب الحزب ) أي برامج دينية ، بل العكس تماما . كيف أنتمي للحزب وكثير من أعضائه يذهبون للمسجد للتجسس على المصلين أو بعضهم ، أو للظهور بمظهر من يواضب على الصلاة ، و بعدها يقترفون كل المناكر الدينية والاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها .

2 –  بلغني أن هناك الكثير من ردود الافعال داخل أوساط التونسيين في عدد من الدول الاوروبية وفي تونس حول هذا الحوار مع الشيخ راشد الغنوشي . وهناك مواقف متباينة في تقويم طريقة عرض الحوار . كما هنالك من رد على إجابات الشيخ راشد ، ولا سيما أولئك الذين لم يكتبوا … عن تجاوزات النظام ، ويمرون عليها مرار ( … ) من باب رفع العتب . ولكنهم مع ذلك يحملون الشيخ راشد المسؤولية عما حدث من فضائع ضد الاسلام والاسلاميين في تونس ، فإذا لم يكن ذلك تواطئا مع الاستبداد فماذ يكون .

3 –  لقد فهم الدكتور المناعي حفظه الله ورحم خاله عبد الله فرحات ( نسيت ذلك في الحلقة الربعة من هذا الحوار ) أن الحديث عن التجارب – حتى لو فرضنا أن ذلك صحيحا – لا يخدم سوى الاستبداد ، في وقت نحن في حاجة فيه لتفكيك هذه المنظومة . وهي ليست معركة تحدد مكاسبها وخسائرها بعدد سنين الغربة ، أو السجن ، أو غير ذلك ، كما يتصور بعض المتقعرين . وإنما معركة أجيال .

4 – الذين يتحدثون عن الخسائر لم يقرأوا التاريخ الاوروبي رغم مرور سنوات لهم في أوربا ، لم يقرأوا عن تجارب التغيير الديمقراطي في الغرب و تضحياته الجسام ، رغم تقعرهم بالحديث عن الديمقراطية من فوق بعض المنابر ، كل ما يقولونه مجرد كليشيهات حفظوها من الصحف ، أو قراءات سريعة في بعض الكتب . وإن كان هذا شأن الجهلة في السياسة والتاريخ والحضارة ، فإن هناك من يلتحف برداء النص القرآني والحديث الشريف ، ليوغل في جرح إخوانه ، بالحديث عن الأخطاء وكأنه خلق مبرءا من العيوب . بل العجيب إنه يخطىء الشيخ راشد لانه أصر على التدريس في المساجد ؟!!! ولانه أصر على خوض الانتخابات في قوائم مستقلة سنة 1989 ؟ !!! ليعلم هذا الاخ وهو الاخ خميس الماجري إن هناك من أدخل السجن لانه أصر على صلاة الفجر في المسجد ، وهناك من أدخل السجن لانه أصر على مواصلة عمله من أجل لقمة العيش لزوجته وأبنائه فقد اعتبر مخالفا للقانون الذي يوجب عليه الحضور 12 مرة لمركز البوليس . وهناك يا اخ الماجري من أدخل للسجن لانه أصر على عدم حلق اللحية !!! هل سمعت يا أخ الماجري ما قاله وزير الثقافة عن  » أصحاب اللحى غير المحلوقة  » ألم تشعر بأنه يقصدك شخصيا ، لانك ملتح حسب صورتك التي تشرفت بالاطلاع عليها يوم الاحد . هل كل ما فعله النظام منذ عهد بورقيبة وحتى عهد بن علي يتجمل المسؤولية عنه الشيخ راشد الغنوشي ؟ !!! هل النماذج التي ذكرتها عن الاخوة ( المصرين ) ، يتحمل نتائجها الاخوة أنفسهم ، أليس من حق الشيخ راشد التدريس في المساجد فإذا أصر على ذلك وعلى خوض الانتخابات في قوائم مستقلة ، وهو حقه الديمقراطي ، ولكن النظام رد على ذلك بما نعلمه جميعا  ، نحمله المسؤولية على ذلك ، كيف تحكمون ؟!!!

أليس دفاعك المبطن عن النظام وإصرارك على تحميل الشيخ راشد كل المسؤولية يجعل الكثير من الأسئلة غير البريئة تشق طريقها للاذهان . أين أنت من الحجاب الذي يصادر وأعراض أخواتك … اين أنت من المساجين الذين قتلوا ويقتلون عرقا عرقا ؟ أين أنت من الثقافة الاسلامية التي تباد عن طريق منع الكتب الاسلامية و مصادرتها ، ليس من معارض الكتب بل من البيوت والمنازل ،وهذ ما حدث معي شخصيا ، بعد أن أنقذني الله من مستنقع اليسار ، وأنا لست من النهضة تنظيميا ، ولكن سأكون بعون الله عضوا فيها عندما تعود المياه إلى مجاريها ،ولن يموت المهاجرون في المهاجر ، ولكن سيموت كمدا من قال ذلك .

أين أنت من العاطلين عن العمل ، والافواه المكممة والصحف المقموعة والجمعيات الموصدة ، هل الشيخ راشد مسؤول أيضا عن سجن محمد عبو ، ومحنة الحزب الديمقراطي التقدمي ، وجمعية الصحافيين التونسيين ،والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ،والنقابات المهنية ، وغلاء المعيشة والبطالة وما يوصف بالحرقان ؟ واغلاق العديد من المصانع والشركات في البلاد ؟ وسيطرة رأس المال الاجنبي على كل مناحي الحياة الاقتصادية في تونس مما جعل راس المال المحلي يعلن فلاسه أو في طريق ذلك ؟

أنت رجل فتح الله عليك بحفظ آيات الذكر الحكيم والحديث الشريف واستخراج الادلة من الكتاب والسنة ، فنورنا بما فتح الله به عليك ولا تكن عونا للاستبداد على إخوانك ، وأنت تعرف قصة ابن باعوراء ، وقوله تعالى  » ومنهم من يشهد الله على ما قلبه وهو ألد الخصام ، وإذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد  » أرجو تصحيح الاية إن كتبتها خطأ .والآن إلى  الحلقة الخامسة و الأخيرة من الحوار

رئيس حركة النهضة يضع النقاط على الحروف حول المصالحة ومزاعم تفويته للفرص ( الحلقة  الخامسة و الأخيرة  )

الشيخ راشد الغنوشي : لو خرج المساجين من السجن وبقيت منظومة الاستبداد فليس هناك ضمانات من عدم أعادتهم إليه مرة أخرى

* الحمر الذين طالما وصموا الديمقراطية بالبرجوازية والليبرالية ، سرعان ما غيروا جلودهم وانتصبوا في قلعة الديمقراطية يحتكرونها ويقصون منها الآخرين

* هذا من قبيل ما كان يردده الاستعمار على المسلمين ،أنكم إذا أردتم العلم فلا بد أن تنفصلوا عن الدين

* هنالك إذن التجارب القديمة والحديثة التي تؤكد بأن هنالك علمانيين فاشيين،وبورقيبة منهم ،علماني فاشي   *النظام القائم في تونس الآن هو أيضا علماني فاشي . وأنظمة عربية كثيرة من هذا القبيل

* النظام الماليزي نظام ديمقراطي ، والنظام في أندونيسيا نظام متحالف مع الاسلاميين

*  في المغرب مثلا وفي إطار إمارة المؤمنين ، هناك نظام ديمقراطي ، أو قل هناك قدر من الديمقراطية أفضل ألف مرة مما هو في تونس .

* لا أحد في المغرب يتدخل في أخص خصوصيات الناس ، يتدخل في ما يلبسون وفيما يشربون وما يقرأون

لا نجد مغاربة كلاجئيين سياسيين ، هناك مغاربة يعملون ويدرسون ، ولا يوجد بينهم من يعيش بدون جواز سفر أو ملاحق قضائيا بسبب أفكاره أو نشاطاته السياسية أو الفكرية أو الدينية

* فقط في ظل العلمانية التونسية يحدث هذا ، في ظل العلمانية التونسية التي يفخر بها بعض الناس ويرون أن الاسلاميين يمثلون تهديدا لها .

* على كل حال مشكلنا نحن ليس مع العلمانية ، مشكلنا مع الديكتاتورية ، ولك أن تقول إن مشكلنا مع العلمانية الاصولية ( الوصولية ) المستبدة .

* التيار الاسلامي في خطه العريض من العدالة والتنمية في أندونيسيا إلى العدالة والتنمية في المغرب و تركيا إلى النهضة إلى الاخوان المسلمين ، هذه كلها حركات اسلامية ديمقراطية مطحونة بين أصوليتين

* هنالك علمانية شمولية ، علمانية تدخلية ، تتدخل في أخص خصوصيات الناس ، مشكلنا إذن مع العلمانية الديكتاتورية ومع العلمانية الاصولية أو العلمانية الشاملة

نحن متحالفون مع علمانيين ليسو أصوليين ، علمانيين ديمقراطيين  ، متحالفون معهم ، ومنذ نهاية السبعينات ونحن في تحالف مع أحزاب علمانية تونسية ،  قبلت أن تتحالف معنا .

* لو سكت الاسلاميون عما يصيب العلمانيين لكان ذلك تواطئا . فالحرية  لا تجزأ والمفترض أن لا يفرق بين سجين سياسي وآخر سواء كان اسلاميا أو علمانيا أو شيوعيا فكل شخص له الحرية في التعبير عن آرائه .

* نحن منذ سنة 1981 أعلنا موقفا مبدئيا من قضية حرية الشعب وحرية الاختيار وقلنا أننا لسنا أوصياء على الشعب ولسنا أوصياء على الاسلام . إذا الشعب التونسي اختار أي حزب ولو الحزب الشيوعي فنحن سنحترم اختياره .

نحن لسنا حزبا دينيا ، نحن حزب سياسي له مرجعية اسلامية معتدلة ونحن لم نعتبر أنفسنا ناطقين باسم الاسلام نحن لنا وجهة نظر ، لنا اجتهاد نقدمه للناس في شكل برامج ، نعتبرها أنها تعبر عن الاسلام ، قبلها الناس أو رفضوها فهذا شأنهم ولا علاقة لذلك بوصفهم ملحدون أو ليسوا ملحدين

نحن لسنا كنيسة وليس هنالك كنيسة في الاسلام . الاسلام أوسع من أن يستوعبه جسم ، و لا توجد جماعة اسلامية من التيار المعتدل تعتبر نفسها  ناطقة باسم الاسلام ، لا النهضة ، و لا الاخوان و لا العدالة و التنمية . * هذه الجماعات لا تعتبر نفسها الجماعة أي الامة وإنما هي جماعة من الجماعات التي تنطلق من منظور ومرجعية اسلامية تعبر عن وجهة نظرها ، تستلهم برامجها منها تقدمها للناس على إنها اجتهاد ، وعلى الناس أن يقبلوها أو يرفضوها

نحن لسنا دار إفتاء ، لذلك من يطالبنا بموقف من الدين فليذهب إلى المفتي . و أنا تعجبت عندما طرح موضوع الحجاب لماذا يرجع الناس الموضوع إلى النهضة ، وتونس عندها المفتي برتبة وزير .

* لماذا لا يسألون المفتي عن موقف الاسلام من الحجاب ، لماذا يتركون وزراء علمانيين أو وزراء انتهازيين يحكمون في الدين .

* هذا كله تزييف ، فالذين ينعون باستمرار بأننا نستغل الدين ! من الذي يستغل الدين ؟ من الذي يعين أئمة المساجد وجعل من المساجد شعب دستورية ؟

* من الذي يعين المفتي و يجعله مجرد عمامة يقع استحضارها في المشاهد الرسمية فقط لتضليل الناس على أن هاهنا سلطة تحترم الاسلام ! لماذا لا يسأل المفتي حول كل القضايا ذات العلاقة بالاسلام ؟

* في نفسي أسى وحزن شديد لما يروج من أوهام صرفت قطاعا من العقول والأقلام عن تناول المشكلات الحقيقية لتونس  مشكل  تونس مشكل الاستبداد .

* من أراد معالجة مشكل الاستبداد أن يتجه إلى تفكيك منظومة الاستبداد .

كيف نفكك منظومة الاستبداد وليس احلال مستبد مكان مستبد آخر سواء كان علمانيا أو اسلاميا .

* كيف يمكننا تفكيك منظومة الاستبداد بحيث إذ خرج انسان من السجن يكون فعلا قد خرج من السجن إلى الحرية بل أن لا يسجن إذا أصر على التعبير عن رايه .

* لو خرج المساجين من السجن وبقيت منظومة الاستبداد فليس هناك ضمانات من أعادتهم إليه مرة أخرى إذا أصروا على حقوقهم المدنية . هذه آلة ماكينة تعمل ، في كل دول العالم يكون عدد أفراد الجيش أكثر من الشرطة *  تونس هي البلد الوحيد تقريبا التي عندها 150 أوألف شرطي مقابل 20 أو 25 ألف جندي يستعان بهم أيضا على القمع .

 * هل هذا الوضع طبيعي ؟

* هل المجتمع التونسي شرير إلى هذا الحد ، حتى تكون هذه النسبة العالية . على كل حال هذا شرف للمجتمع التونسي لان كل هذه الأجهزة مشغولة ويدل على عدم استقرار تشعر به السلطة . ويدل على أنها لا تثق في الشعب وأن الشعب لم يستسلم وأنه يقاوم

فليكف بعض الناس عن شتم هذا الشعب الذي يواجه هذه الماكينة الضخمة التي يعجز عنها اقتصاد تونس لولا التمويل الدولي لهذه الأجهزة . أنا أتضايق حقيقة من هذه الاوهام التي يسوقونها على بعض صفحات الانترنت وتشغل التونسيين عن الحقائق و تشغل التونسسين عن أوضاع البطالة وقطع الارزاق  .

أجرى الحوار : عبدالباقي خليفة

أجاب الشيخ راشد الغنوشي في هذه الحلقة الخامسة والاخيرة على خرافة تلازم الديمقراطية مع العلمانية وقال إن  » الحمر الذين طالما وصموا الديمقراطية بالبرجوازية والليبرالية ، سرعان ما غيروا جلودهم وانتصبوا في قلعة الديمقراطية يحتكرونها ويقصون منها الآخرين   » وذكر بأن ذلك كان ديدن الاستعمار الذي عمل على إبعاد الناس عن الاسلام ، تارة باسم العلمانية و تارة عن طريق التنصير  » هذا من قبيل ما كان يردده الاستعمار على المسلمين ،أنكم إذا أردتم العلم فلا بد أن تنفصلوا عن الدين  » وقال إن  » هنالك تجارب قديمة وحديثة  تؤكد بأن هنالك علمانيين فاشيين،وبورقيبة منهم علماني فاشي والنظام القائم في تونس الآن هو أيضا علماني فاشي . وأنظمة عربية كثيرة من هذا القبيل  » لكن مقابل ذلك هناك أنظمة ديمقراطية أو علمانية جزئية غير شاملة كما هو الحال في تونس  » النظام الماليزي نظام ديمقراطي … والنظام في أندونيسيا نظام متحالف مع الاسلاميين …

وفي المغرب مثلا وفي إطار إمارة المؤمنين ، هناك نظام ديمقراطي ، أو قل هناك قدر من الديمقراطية أفضل ألف مرة مما هو في تونس …  » ففي المغرب   » لا أحد … يتدخل في أخص خصوصيات الناس ، يتدخل في ما يلبسون وفيما يشربون وما يقرأون  » كما إننا  » لا نجد مغاربة كلاجئيين سياسيين ، هناك مغاربة يعملون ويدرسون ، ولا يوجد بينهم من يعيش بدون جواز سفر أو ملاحق قضائيا بسبب أفكاره أو نشاطاته السياسية أو الفكرية أو الدينية  » ولكن قريب من ذلك توجد جهنم حمراء أو علمانية شمولية  » فقط في ظل العلمانية التونسية يحدث هذا ، في ظل العلمانية التونسية التي يفخر بها بعض الناس ويرون أن الاسلاميين يمثلون تهديدا لها  » و أكد الشيخ راشد على أن مشكلة الاسلاميين ليست مع العلمانية و إنما ضد نسختها الاستئصالية  » على كل حال مشكلنا نحن ليس مع العلمانية ، مشكلنا مع الديكتاتورية ، ولك أن تقول إن مشكلنا مع العلمانية الاصولية المستبدة   » . وتابع  »  التيار الاسلامي في خطه العريض من العدالة والتنمية في أندونيسيا إلى العدالة والتنمية في المغرب و تركيا إلى النهضة إلى الاخوان المسلمين ، هذه كلها حركات اسلامية ديمقراطية مطحونة بين أصوليتين  » مجددا الحديث عن علمانية كنسية لها محاكم تفيتشها الخاصة  » هنالك علمانية شمولية ، علمانية تدخلية ، تتدخل في أخص خصوصيات الناس ، مشكلنا إذن مع العلمانية الديكتاتورية ومع العلمانية الاصولية أو العلمانية الشاملة

 » . ولم يكن الشيخ راشد الغنوشي من ذلك النوع الذي يعمم اطلاقاته ، بل دقيق فيما يختار من أوصاف ، وفي ترتيب المواقف   » نحن متحالفون مع علمانيين ليسو أصوليين ، علمانيين ديمقراطيين  ، متحالفون معهم ، ومنذ نهاية السبعينات ونحن في تحالف مع أحزاب علمانية تونسية ،  قبلت أن تتحالف معنا  » . ووصف سكوت بعض النخب عما يقترفه نظام 7 نوفمبر من جرائم بحق الشعب  وقواه المناضلة و في مقدمته الاسلاميين بأنه تواطئ ، و قال  » لو سكت الاسلاميون عما يصيب العلمانيين لكان ذلك تواطئا . فالحرية  لا تجزأ والمفترض أن لا يفرق بين سجين سياسي وآخر سواء كان اسلاميا أو علمانيا أو شيوعيا فكل شخص له الحرية في التعبير عن آرائه  » و أضاف  »  نحن منذ سنة 1981 أعلنا موقفا مبدئيا من قضية حرية الشعب وحرية الاختيار وقلنا أننا لسنا أوصياء على الشعب ولسنا أوصياء على الاسلام . إذا الشعب التونسي اختار أي حزب ولو الحزب الشيوعي فنحن سنحترم اختياره   » . وحول ما يقال باستمرار عن النهضة من أنها حزب ديني أجاب الشيخ راشد  »  نحن لسنا حزبا دينيا ، نحن حزب سياسي له مرجعية اسلامية معتدلة ونحن لم نعتبر أنفسنا ناطقين باسم الاسلام نحن لنا وجهة نظر ، لنا اجتهاد نقدمه للناس في شكل برامج ، نعتبرها أنها تعبر عن الاسلام ، قبلها الناس أو رفضوها فهذا شأنهم ولا علاقة لذلك بوصفهم ملحدون أو ليسوا ملحدين  » و أوضح بأن الاسلاميين ليسوا ناطقين باسم الله أو الرب كما قال تافه ذات مرة  »  نحن لسنا كنيسة وليس هنالك كنيسة في الاسلام . الاسلام أوسع من أن يستوعبه جسم ، ولا توجد جماعة اسلامية من التيار المعتدل تعتبر نفسها  ناطقة باسم الاسلام ، لا النهضة ، ولا الاخوان ولا العدالة و التنمية  » وذكر بأن  » هذه الجماعات لا تعتبر نفسها الجماعة أي الامة وإنما هي جماعة من الجماعات التي تنطلق من منظور ومرجعية اسلامية تعبر عن وجهة نظرها ، تستلهم برامجها منها تقدمها للناس على إنها اجتهاد ، وعلى الناس أن يقبلوها أو يرفضوها  » واستغرب الشيخ راشد من ربط بعض القضايا الدينية بالنهضة  » نحن لسنا دار إفتاء ، لذلك من يطالبنا بموقف من الدين فليذهب إلى المفتي . و أنا تعجبت عندما طرح موضوع الحجاب لماذا يرجع الناس الموضوع إلى النهضة ، وتونس عندها المفتي برتبة وزير  » و تساءل  »  لماذا لا يسألون المفتي عن موقف الاسلام من الحجاب ، لماذا يتركون وزراء علمانيين أو وزراء انتهازيين يحكمون في الدين  » . و أشار إلى خطاب الغش الذي يعتمده البعض عندما يلصقون بالنهضة فرية استغلال الدين  » هذا كله تزييف ، فالذين ينعون باستمرار بأننا نستغل الدين ! من الذي يستغل الدين ؟ من الذي يعين أئمة المساجد وجعل من المساجد شعب دستورية   » ؟ بل  » من الذي يعين المفتي و يجعله مجرد عمامة يقع استحضارها في المشاهد الرسمية فقط لتضليل الناس على أن هاهنا سلطة تحترم الاسلام ! لماذا لا يسأل المفتي حول كل القضايا ذات العلاقة بالاسلام  »  ؟

وعبر الشيخ راشد عن استيائه من استمرار البعض في خدمة الديكتاتورية والاستبداد عن عمد وقصد و باستخدام  وسائل شريفة لغايات خبيثة  » في نفسي أسى وحزن شديد لما يروج من أوهام صرفت قطاعا من العقول والأقلام عن تناول المشكلات الحقيقية لتونس  مشكل  تونس مشكل الاستبداد  » وقال  » من أراد معالجة مشكل الاستبداد أن يتجه إلى تفكيك منظومة الاستبداد   » . وأن علينا جميعا التفكير والعمل للحصول على غجابات عملية حول  » كيف نفكك منظومة الاستبداد وليس احلال مستبد مكان مستبد آخر سواء كان علمانيا أو اسلاميا  » . و » كيف يمكننا تفكيك منظومة الاستبداد بحيث إذ خرج انسان من السجن يكون فعلا قد خرج من السجن إلى الحرية بل أن لا يسجن إذا أصر على التعبير عن رايه  » . وبين أنه  »  لو خرج المساجين من السجن وبقيت منظومة الاستبداد فليس هناك ضمانات من أعادتهم إليه مرة أخرى إذا أصروا على حقوقهم المدنية . هذه آلة ماكينة تعمل ، في كل دول العالم يكون عدد أفراد الجيش أكثر من الشرطة  » وقال  »  تونس هي البلد الوحيد تقريبا التي عندها 150 أوألف شرطي مقابل 20 أو 25 ألف جندي يستعان بهم أيضا على القمع  » . و قد استخدم حفظه الله أسلوب سقراط في الرد على الأسئلة باسئلة تجيب  » هل هذا الوضع طبيعي   » ؟  و  » هل المجتمع التونسي شرير إلى هذا الحد ، حتى تكون هذه النسبة العالية . على كل حال هذا شرف للمجتمع التونسي لان كل هذه الأجهزة مشغولة ويدل على عدم استقرار تشعر به السلطة . ويدل على أنها لا تثق في الشعب وأن الشعب لم يستسلم وأنه يقاوم  » مجددا دعوته للبعض بالكف عن ألاعيبه التي قال عنها الدكتور المناعي الذي يستحق الاحترام و التقدير و التحية بأنها تخدم الاستبداد ، و لذلك كف بعد أن عف ، بينما البعض يسلم منهم من يصلي المساجين  أشد العذاب ، وتراهم يسلقون إخوانهم بألسنة حداد  » فليكف بعض الناس عن شتم هذا الشعب الذي يواجه هذه الماكينة الضخمة التي يعجز عنها اقتصاد تونس لولا التمويل الدولي لهذه الأجهزة  » وقال  » أنا أتضايق حقيقة من هذه الاوهام التي يسوقونها على بعض صفحات الانترنت وتشغل التونسيين عن الحقائق و تشغل التونسسين عن أوضاع البطالة وقطع الارزاق   » . فإلى الحلقة الأخيرة من هذا الحوار .

* العلمانية متهمة في البلاد الاسلامية مما أدى لفك الارتباط بين العلمانية و الديمقراطية . وتتقهر العلمانيون إلى مفهوم الشمولية أو الدولة الرعوية من خلال تفكيك العلاقة الوهمية بين العلمانية والديمقراطية ، والاعلان صراحة بأن العلمانية أهم من الديمقراطية ؟! أي مأزق ترون أن العلمانية وضعت نفسها فيه ؟

** لزوم العلمانية للديمقراطية ، من قبيل لزوم ما يلزم . من الناحية التاريخية اقترنت العلمانية بالديمقراطية ،و ليس دائما  ( ولكن ذلك لم يكن أمر حتمي ) فالشيوعية والنازية والفاشية هي أنظمة علمانية بامتياز ولكنها غير ديمقراطية . والغريب في الأمر أن الحمر الذين طالما وصموا الديمقراطية بالبرجوازية والليبرالية ، سرعان ما غيروا جلودهم و انتصبوا في قلعة الديمقراطية يحتكرونها و يقصون منها الآخرين ، ويفرضون على الآخرين ، أنكم إذا أردتم الديمقراطية فلا مناص لكم من أن تخلعوا ثيابكم الدينية ، وهذا من قبيل ما كان يردده الاستعمار على المسلمين ،أنكم إذا أردتم العلم فلا بد أن تنفصلوا عن الدين ، وإذا أردتم الحضارة لا بد أن تنفصلوا عن الدين . كلها تحكمات ، هنالك إذن التجارب القديمة والحديثة تؤكد بأن هنالك علمانيين فاشيين ، وبورقيبة منهم علماني فاشي ، والنظام القائم في تونس الآن هو أيضا علماني فاشي . وأنظمة عربية كثيرة من هذا القبيل ، و أنظمة في العالم الثالث ، وهناك مقابل ذلك أنظمة ديمقراطية في إطار ديني ، فالنظام الماليزي نظام ديمقراطي ، والنظام في أندونيسيا نظام متحالف مع الاسلاميين ، وهو نظام ديمقراطي والانظمة في عدد من البلدان الاسلامية هناك قدر من الديمقراطية ، ففي المغرب مثلا و في إطار إمارة المؤمنين ، هناك نظام ديمقراطي ، أو قل هناك قدر من الديمقراطية أفضل ألف مرة مما هو في تونس . فلا أحد في المغرب يتدخل في أخص خصوصيات الناس ، يتدخل في ما يلبسون و فيما يشربون و ما يقرأون وما يشاهدون ، نظام إمارة المؤمنين في المغرب على ما فيه من سلبيات الناس يقرأون ما يريدون و يلبسون ما يريدون ويتنقلون من الداخل إلى الخارج ولا نجد في المهاجر ، لا نجد مغاربة كلاجئيين سياسيين ، هناك مغاربة يعملون ويدرسون ، ولا يوجد بينهم من يعيش بدون جواز سفر أو ملاحق قضائيا بسبب أفكاره أو نشاطاته السياسية أو الفكرية أو الدينية ، وليس هنالك مطالب باستعادة جوازات السفر ، فقط في ظل العلمانية التونسية يحدث هذا ، في ظل العلمانية التونسية التي يفخر بها بعض الناس ويرون أن الاسلاميين يمثلون تهديدا لها . وعلى كل حال مشكلنا نحن ليس مع العلمانية ، مشكلنا مع الديكتاتورية ، ولك أن تقول إن مشكلنا مع العلمانية الاصولية ( الوصولية ) المستبدة . قرأت مقالا للاستاذ نجيب الشابي يتساءل فيه عمن يعيق الديمقراطية في العالم العربي والاسلامي واستعرض أمثلة كثيرة من تركيا إلى فلسطين وإلى ما يمكن أن يحصل لو فاز حزب العدالة والتنمية في المغرب . أن الذي يعيق الديمقراطية اليوم هي العلمانية الاصولية ، مقابل أصولية دينية تمثلها الجماعات المتشددة ، هناك أصولية علمانية متشددة ، لكن التيار الاسلامي في خطه العريض من العدالة والتنمية في أندونيسيا إلى العدالة والتنمية في المغرب و تركيا إلى النهضة إلى الاخوان المسلمين ، هذه كلها حركات اسلامية ديمقراطية مطحونة بين أصوليتين ، أصولية دينية تتهمها في دينها وأصولية علمانية . فمشكلنا مع التطرف العلماني أو بتعبير المسيري مع العلمانية الشاملة . لان هنالك علمانية جزئية تتمثل في حيادية الدولة إزاء الدين ،دولة محايدة والديانات سواء أمام الدولة . وهنالك علمانية شمولية ، علمانية شمولية ، علمانية تدخلية ، تتدخل في أخص خصوصيات الناس ، فهذا مشكلنا إذن مع العلمانية الديكتاتورية ومع العلمانية الاصولية أو العلمانية الشاملة ولذلك نحن متحالفون مع علمانيين ليسو أصوليين ، علمانيين ديمقراطيين  ، متحالفون معهم ، ومنذ نهاية السبعينات و نحن في تحالف مع أحزاب علمانية تونسية ،  قبلت أن تتحالف معنا .

·        هل تعتقدون أن العلمانية الشاملة مأزومة ؟

** هي مأزومة بلا شك و تحاول نقل أزمتها للخارج

·        لقد كشفت الاحداث أن العلمانية الشاملة في البلاد الاسلامية ايديولوجية معاقة لا تستطيع أن تقوم لوحدها ، بمفردها ، ولا يمكن إقامتها واستمراريتها سوى على فوهة دبابة وعصا البوليس  ما تعليقكم

** هذا توصيف صحيح

·        سكوت النخب العلمانية وبعض منتقدي حركة النهضة دون النظام الحاكم ، عما تمارسه الانظمة الشمولية الاستبدادية هل هو توطئ أم ماذا ؟

** توطئ نعم تواطئ ، لو سكت الاسلاميون عما يصيب العلمانيين لكان ذلك تواطئا . فالحرية  لا تجزأ و المفترض أن لا يفرق بين سجين سياسي وآخر سواء كان اسلاميا أو علمانيا أو شيوعيا فكل شخص له الحرية في التعبير عن آرائه . ونحن منذ سنة 1981 أعلنا موقفا مبدئيا من قضية حرية الشعب وحرية الاختيار وقلنا أننا لسنا أوصياء على الشعب ولسنا أوصياء على الاسلام . إذا الشعب التونسي اختار أي حزب ولو الحزب الشيوعي فنحن سنحترم اختياره .

·        لقد تطرقتم في الكثير من كتبكم إلى دوافع إقامة حزب اسلامي ، وقلتم في كتابكم  » الحركة الاسلامية ومسألة التغيير  » ردا على  من يظنون أن قيام أحزاب إسلامية يقسم الأمة  » لقد كان مثل هذا الكلام ذا معنى لما كانت الأنظمة القائمة مستندة للشريعة وكان العلماء قائمين على تفسير نصوصها والقضاء بأحكامها مطلقة أيديهم في الإصلاح الاجتماعي، أما وقد انهار ذلك البناء جملة فالقياس عليه مع وجود الفارق مُوقع في الوهم والزلل وتضليل الأمة عن مواجهة أعظم أسباب البلاء في حياتها وأشد العقبات في طريق نهضتها  » و اليوم هناك من يرى أن قيام حزب على أساس ديني في مجتمع اسلامي غير ممكن ؟

**  نحن لسنا حزبا دينيا ، نحن حزب سياسي له مرجعية اسلامية معتدلة ونحن لم نعتبر أنفسنا ناطقين باسم الاسلام نحن لنا وجهة نظر ، لنا اجتهاد نقدمه للناس في شكل برامج ، نعتبرها أنها تعبر عن الاسلام ، قبلها الناس أو رفضوها فهذا شأنهم ولا علاقة لذلك بوصفهم ملحدون أو ليسوا ملحدين ، نحن لسنا كنيسة وليس هنالك كنيسة في الاسلام . الاسلام أوسع من أن يستوعبه جسم ، و لا توجد جماعة اسلامية من التيار المعتدل تعتبر نها  ناطقة باسم الاسلام ، لا النهضة ، و لا الاخوان و لا العدالة و التنمية . هذه الجماعات لا تعتبر نفسها الجماعة أي الامة و إنما هي جماعة من الجماعات التي تنطلق من منظور ومرجعية اسلامية تعبر عن وجهة نظرها ، تستلهم برامجها منها تقدمها للناس على إنها اجتهاد ، وعلى الناس أن يقبلوها أو يرفضوها ، نحن لسنا دار إفتاء ، لذلك من يطالبنا بموقف من الدين فليذهب إلى المفتي . و أنا تعجبت عندما طرح موضوع الحجاب لماذا يرجع الناس الموضوع إلى النهضة ، وتونس عندها المفتي برتبة وزير . والمفتي لماذا لا يسألونه عن موقف الاسلام من الحجاب ، لماذا يتركون وزراء علمانيين أو وزراء انتهازيين يحكمون في الدين . هذا كله تزييف ، فالذين ينعون باستمرار بأننا نستغل الدين ! من الذي يستغل الدين ؟ من الذي يعين أئمة المساجد وجعل من المساجد شعب دستورية ؟ من الذي يعين المفتي و يجعله مجرد عمامة يقع استحضارها في المشاهد الرسمية فقط لتضليل الناس على أن هاهنا سلطة تحترم الاسلام ! لماذا لا يسأل المفتي حول كل القضايا ذات العلاقة بالاسلام ؟

·        كلمة أخيرة :

** في نفسي أسى وحزن شديد لما يروج من أوهام صرفت قطاعا من العقول والأقلام عن تناول المشكلات الحقيقية لتونس  مشكل  تونس مشكل الاستبداد . لذلك من أراد معالجة مشكل الاستبداد أن يتجه إلى تفكيك منظومة الاستبداد . كيف نفكك منظومة الاستبداد و ليس احلال مستبد مكان مستبد آخر سواء كان علمانيا أو اسلاميا . كيف يمكننا تفكيك منظومة الاستبداد بحيث إذ خرج انسان من السجن يكون فعلا قد خرج من السجن إلى الحرية بل أن لا يسجن إذا أصر على التعبير عن رايه . لو خرج المساجين من السجن وبقيت منظومة الاستبداد فليس هناك ضمانات من أعادتهم إليه مرة أخرى إذا أصروا على حقوقهم المدنية . هذه آلة ماكينة تعمل ، في كل دول العالم يكون عدد أفراد الجيش أكثر من الشرطة ، تونس هي البلد الوحيد تقريبا التي عندها 150 أوألف شرطي مقابل 20 أو 25 ألف جندي يستعان بهم أيضا على القمع . هل هذا الوضع طبيعي ؟ هل المجتمع التونسي شرير إلى هذا الحد ، حتى تكون هذه النسبة العالية . على كل حال هذا شرف للمجتمع التونسي لان كل هذه الأجهزة مشغولة و يدل على عدم استقرار تشعر به السلطة . ويدل على أنها لا تثق في الشعب وأن الشعب لم يستسلم وأنه يقاوم ، فليكف بعض الناس عن شتم هذا الشعب الذي يواجه هذه الماكينة الضخمة التي يعجز عنها اقتصاد تونس لولا التمويل الدولي لهذه الأجهزة . أنا أتضايق حقيقة من هذه الاوهام التي يسوقونها على بعض صفحات الانترنت وتشغل التونسيين عن الحقائق و تشغل التونسسين عن أوضاع البطالة وقطع الارزاق  .

·        ملاحظة : جرى هذا الحوار إبان حملة التعنيف التي تعرضت لها الطالبات في المركب الجامعي بصفاقس و الاعتداء على الصحفي سليم بوخذير ، وعدد من الاعتداءات على بعض مؤسسات المجتمع المدني في تونس .

www.tunis-online.net

info@tunis-online.net

 (المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) بتاريخ 28 ماي 2007)


 

رسالة اللقـــاء رقم (18)

الإسلاميون التونسيون ولعبة كسر العظام وتصفية الحساب دعوة للتعقل!

د.خــالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr لا أريد الدخول في « حوارات » المصالحة الحالية وقد وقف قلمي عن الكتابة فيها وألزمته البقاء خارج ما يحدث، ولما راسلني أحد الإخوة وطلب مني رأيا واستغرب عدم ردّي لما يحدث، أجبته بكل بساطة أن الحياء لم يدخل بعد عالم السياسة، وإني أرى بكل تواضع أن له موقعا مغيَّبا يجب إحداثه حتى يصبح الحياء موقفا سياسيا قائما بذاته، زيادة على أني كتبت في المصالحة مبادرة منذ سنوات [1]  وبعض المقالات [2] كان آخرها منذ شهور لما ظهرت ضجة شبيهة،  كان عنوان المقال « ومن المصالحة ما قتل » [3] ولا أرى في الحقيقة جديدا في المسألة سوى ما رافقها من منهجية وإطار يمثلان بالنسبة لي بوادر أزمة حقيقية في الخطاب الإسلامي التونسي في بعده السياسي حملا ومنهجية وهدفا.
تسعى هذه الورقة بكل تواضع ودون أستاذية إلى المساهمة بتجنيب المشروع الإسلامي هنات واقع مضطرب، والتحذير من مغبّة السقوط في حسابات ضيقة ومطالب مستعجلة دون رؤيا جامعة لكل الصورة،  ودون الوعي الكامل بتحديات المرحلة ومستجداتها وخلفياتها. والتنبيه إلى خطورة الفعل السياسي الذي يفتقد مقومات البناء ويقتصر على النقد دون التشييد. والتحذير مجددا إلى عدم التلاعب  بعلاقات الأخوة ومنظومة القيم التي ينبني عليها المشروع الإسلامي السياسي، والسمو بهما عن كل فعل أو قول يبقيان في النهاية اجتهادا بشريا خالصا. فالمشروع الإسلامي السياسي التونسي بتعدديته، من ضيّقه فحصره في بيت حكمة أو جمعية خيرية أو ثقافية، أو من وسّعه وجعل له ذراعا حزبية مدنية، يبقى هذا المشروع وليد اجتهاد أبنائه وقابلا للخطأ والصواب، وتبقى قضيتنا الأساسية التي من أجلها تشرد البعض وسجن البعض، وتعذب البعض، قضيتنا الأولى والأخيرة كرامة فرد وجماعة وشعب.
عشرة ضروب تلوح لنا في هذا الباب لطرق هذا الموضوع والسعي إلى تجلية أبعاده :
 1/  الزاوية السياسية لتجاذب أطراف الحديث لم تغب ولن تغيب، وهي مربط الفرس ولاشك، ولكن لا يجب أن تنسينا صولات السياسة وجولاتها الزاوية الشرعية من حيث التركيبة الخاصة التي يحملها هذا المشروع في مرجعيته وأهدافه. فالعلم الشرعي في هذا الباب وفي غيره يجب أن يصحبنا في عملية الاجتهاد التي ينبني عليها نقدنا ومراجعتنا وإبداء الرؤى والتصورات المختلفة، ويشكل إطارا حاميا لكل انحراف أو خطأ أو سقوط.
2/  التأصيل وهو تواصل لما سبق وأحد تمثلاته، ونعني به الابتعاد عن الرؤى الفضفاضة والمصطلحات الجوفاء، التي لا تعتمد على سند ومرجعية واضحة المعالم والسبل في نقدنا ومراجعتنا لهذا المشروع، الذي لا يحمل أي قدسية في طرحه ولا عصمة لحامليه وبُناته، والسياسة معقل مدني بالأساس ويعود إلى المصلحة في بنائه، غير أنه لا نرى في التأصيل إلا منهجية سليمة في الاجتهاد تُكسب عملية النقد مصداقية ولعملية البناء شرعية. فكما للطرح الماركسي أو الليبرالي في عالم السياسة مرجعية وفلسفة وتصور قام عليه رواده، ويعود إليه في عملية التأصيل منزلوه في واقع الحياة، فإن للطرح الإسلامي مرجعيته وقراءة مقدسه التي تعطيه هذا الارتباط والتوثيق بين عملية الاجتهاد والواقع التي تتنزل فيه.
 3/ السياسة أخلاق، وهو ديدننا ولن نتخلى عنه، والأخلاقية حتى وإن كتب البعض أن السياسة موطن صراع وعضلات وميزان قوى، تبقى ميزة يحملها المشروع الإسلامي السياسي إذا أراد مواصلة مشواره بسلام وتميز. ولهذا فإن ما يطرح الآن من تجاذب أطراف الحديث لا يجب أن يخرج عن إطار أخلاقي تتجلى فيه قيم الأخوة والمروءة والاحترام بين إخوة الأمس واليوم والغد، شعارها الأساسي « لا تنسوا الفضل بينكم » فلا طعونات ولا إثارات ولا محاكمات ولا تخوين ولا تجهيل ولا مزايدة على الوطنية والالتزام.
4/  الإطار اجتهادي ولا شك وليس منطقة حرام وحلال، وتكفير ومحاكم تفتيش والبحث في الصدور والتنقيب بين الضمائر والمشاعر، ليست المراجعة والمساءلة موطن المقدسات والعصمة، ولكنها أداة مدنية بأيد مدنية ومن أجل هدف مدني. ولكن هذه المدنية المطروحة لا تلغي إطار القيم والأخلاق والبعد الشرعي الذي يحميها.
5/  المراجعة والنقد والتقييم ليست عملا لحظيا وموقفا استثنائيا « وطلعتلو في رأسو »، ليست نفحة وهوى وتفريج كروب وتجلية هموم وأحزان، ليست نشرا للغسيل من فوق الجدران والأكمة والصياح بالصوت العالي وكأن الحجة في الأكثر صياحا والأعلى صوتا والأفضل أطرا وأبواقا. ليست عملية تأتي تحت الضغط والمحاصرة والتضييق، وليست سياسة الأمر الواقع بدون ثوابت ولا مبادئ وأصول.
6/  المراجعة والتقييم عملية ممنهجة ومسار معرفي لأنه عملية بناء. والنقد ليس إلا محطة أولية في هذا الصرح ولن يكون البناء صلبا ومتمكنا إذا لم يكن النقد بنّاء وممنهجا ويحمل في آلياته عملية البناء المستقبلي. الكل يستطيع أن يزعم النقد و »التكسير » لأن الهدم يحذقه الجميع، لكن البناء وهو صلب العملية يعجز عنه الكثير. وبناء يقف في محطة النقد، بناء مغشوش وناقص لا ينتهي إلى صلاح وكثيرا ما تكفّل الزمن بمحوه وتجاوزه، بل إن الكثير من هذا الصنف من النقد ما يؤدي إلى تدعيم المنقود والزيادة في مصداقيته وشرعيته لأنه عجز عن البناء وطرح البديل.
7/  ليس إبداء الرأي المغاير والمختلف انتكاسة إلى عملية استجواب واستنطاق ومنهجية تحقيق ومحاكمات تشبه بعض معاقل الاستبداد في محاصرة الخصم واستخراج « التهم » الباطلة، ليس الحوار مباراة يسعى كل طرف إلى إسقاط الآخر بالضربة القاضية والسعي بكل ما أوتي من قوة إلى إثبات سلامة كل ما جاء به وفراغ كل ما يطرحه الغير….
8/  لن يكون طرح الرأي المخالف فخاخا منصوبة وشباك صيد وحفرا مخفية للإطاحة ببناء الغير والتنديد بفعله ولعله الشماتة في وقوعه. إن الدهاء السياسي لن يكون مربحا إذا كان على حساب إخوة الأمس وعلى حساب المشروع ولو كان ينبع من اجتهاد غفل في بعض جوانبه عن الإحاطة بكل الصورة ورأى فيه مغنما آنيا وربحا مستعجلا.
9/  لا يمكن أن يبنى طرح الرأي المخالف والمبادرة المختلفة على  تصفية حساب خاص أو عام، ولا يمكن أن يتولد عنه مشروع بناء، لأنه يبقى حبيس بعد شخصي يفقد الموضوعية ويلامس في بعض الثنايا مواطن الشتم والثلب والحقد. لذلك نرى أن الإطار السليم للمراجعة وطرح البديل أو الرأي المعاكس يجب أن يكون موضوعيا ومتخلصا من كل باعث ذاتي يشخّص القضية وتصبح صراعا وحملات بدون أجنحة وبين أفراد وليس بين مشاريع.
10/  ليس الشيخ الفاضل راشد الغنوشي بمعصوم ولا كتاباته قرآنا ولا نراه يدعي ذلك، وسنه وعلمه وتاريخه وما قدمه للمشروع الإسلامي النظري يوجبون الاحترام دون التقديس والتقدير دون التذلل، وليس الأخ الفاضل الدكتور الهاشمي الحامدي غريبا عن المشروع، ويمكن أن نختلف معه وهذه سنة الحياة، وحتى إن كنت شخصيا في هذه المنهجية المطروحة على نقيض معها، لكن لن نسحب عنه تاريخه النضالي وما قدمه للمشروع الإسلامي ولن نمنعه اجتهاده، وقد سبق لي أن ناقشته منذ سنوات في العلاقة بين السياسي والديني، ولا زلت أعتقد أن اختلافي معه جوهري وأساسي منهجية وهدفا، ولكن لا ندخل معه في مواطن النوايا والسرائر وخفايا الصدور التي لا يعلمها إلا الله! وليس الأخ الفاضل الأستاذ مرسل الكسيبي بمسقط على هذا المشروع فهو من أبناءه الأوائل ومواقفه وآراءه تبقى اجتهادا نختلف معها أو نوافقها…، ولم يكن الشيخ خميس الماجري نكرة أو طفيليا على المشروع، وللرجل تاريخه البعيد وتجربته وطريقة طرحه، وافقناه أو خالفناه، وإن كنت أحبذ منهجية بعيدة عن الشخصنة وأقل صرامة وأكثر مرونة في البناء…
إن الزوايا عديدة للنظر إلى بعضنا وتقييم رؤانا، وليس منا من لا يخطأ، حمل عمامة أو قبعة، أطلق لحيته أو حفاها، ابيضّ شعر رأسه أم ساده السواد، ولكلّ منّا سقطاته وكبواته ومكامن ضعفه، ولكن وجب النظر من زاوية الإيجاب وما يستطيع أن يقدمه كل طرف، حتى وإن كان أحدهما يحمل خطأ فادحا و شاملا وجامعا ولا يحمل أي رقعة بياض  » الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه » [الزمر 18]… يحكى أن عيسى بن مريم وحوارييه مرّ على جثة حمار فذكره أصحابه بشرّ وأظهروا اشمئزازا  وكرهوا منظره، لكن عيسى عليه السلام قال : ما أجمل أسنانه! هذه النظرة الإيجابية للأشياء رغم سواد الصورة أحيانا تمثل منهجية فاعلة في البناء لأنها تمثل أداة سليمة في تشكل إطار سليم للحوار ينبت علاقة سليمة وناجعة.
ختــاما: لا تنسوا الفضل بينكم
لقد كان المشهد الأخير بين أخوة الأمس لا يشرف أحدا منا، ونرفضه رفضا باتا…لقد كانت النظرة السوداوية والحساب قبل قراءة الكتاب والطعونات وشبه المحاكمات والاستنطاق والتحقيق والحملات المتبادلة، غالبة على كل الصورة، وخيّم التوجس والقراءات المعكوسة، وهيمن الاستفزاز والإثارات  من الجانبين، طرف يسأل ويستفز ويضيّق الخناق ويتّهم ويكاد يستنطق ويحاكم، وآخر يجيب وهو في قفص الاتهام بلغة « إياك أعني واسمعي يا جارة » وصار النظر إلى من قال، يسبق النظر إلى المقيل، وأصبح تجاذب الحديث فخاخا ومصائد، وتشخصن « الصراع » وغابت النظرة الموضوعية بين أشلاء حوار مزعوم.
لا يجب أن نبتئس من كل صوت ناقد ولا يجب الخوف من مطالب المراجعة والتقييم والمساءلة، ولا يجب أن ننزعج من إبداء الرأي المخالف على شططه في بعض الأحيان، ولا يجب أن نعيّر من عاد عن مواقف سابقة ونشكّك في صحتها، فالرجوع إلى الحق فضيلة ولا حساب على النوايا، ولا يجب أن ننسى جميعا أننا أبناء هذا المشروع مهما تعددت يافطاته وتنوع حاملوه، ولن يربح المشروع إذا كان مغشوشا أو منهكا أو غير واقعي، وعجز عن الإجابة عن تساؤلات الداخل وهو يدّعي الإجابة عن تحديات الواقع المحيط وأسئلة من هم خارج قلاعه.
إن نظرتي المتواضعة لا تخرج من اعتبار كل هذه الأطراف شيوخا ودكاترة وأساتذة وعوام، طاقات فاعلة وباجتهادات مختلفة، أُحبّذ وجودها وهي تصيح وتكتب وتناقش على صواب أو على خطأ، على أن تنسحب أو أن تختفي أو أن تلوذ بصمت المقابر. غير أن هذا الوجود لن يكون سليما وفاعلا في عملية بناء وتشييد، إذا بقي حبيس منهجية تصفية حسابات قديمة واتهامات متبادلة، ومنطلقا لعملية تكسير عظام و وحملات نشر غسيل وتضييق خناقات، ويناله اللغط والشطط والضوضاء، ولم يحمل معه منظومة قيمية ملزمة وضاغطة، وهمّا لا يقف عند محطة النقد والمراجعة، ولكن يتجاوزه إلى مسار بناء البديل وقلب الصورة إلى مشهد هادئ بالألوان.
هــــوامش
[1] خالد الطراولي حول مبادرة المصالحة 2003، انظر الوثيقة التاريخية المنشورة على موقع اللقاء www.liqaa.net(  [2] كان من بين هذه المقالات مقال : خالد الطراولي « من فكر المواجهة إلى فكر المصالحة رحلة الألف ميل تبدأ بميل » مجلة أقلام أون لاين عدد11 ماي/جوان 2004. وتونس نيوز 9 جوان 2004. [3] خالد الطراولي « ومن المصالحة ما قتل » تونس نيوز 2/10/2006 وموقع اللقاء رسالة اللقاء رقم 11. المصدر: اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net  


دعوة الى التطهر الاعلامي والكشف عن الجهة التي دعتك الى اثارة غبار « المصالحة  » …

مرسل الكسيبي-صحف عربية + شبكات اخبارية:
مازلت وقافا على مايكتبه د.الهاشمي الحامدي من كلمات ملبسة بالعسل قصد استدراج عناصر جديدة من حركة النهضة الى كعكة مغشوشة تحمل مسمى المصالحة … ولازلت وقافا عند اصراره على استنطاق الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بطريقة بوليسية فيما يخص دعوة كريمة وقديمة من رئيس الجمهورية التونسية عبر فيها شفاهة وبطريق الهاتف عن استعداده لفتح ملف الاسلاميين التونسيين واعادة النظر فيه من زوايا الصحيفة والجمعية الثقافية … وكم كنت مسرورا لو أن رئيس الجمهورية التونسية-اذا صح مانقل عنه في هذا الصدد- استوعب تطبيقا وعملا بأن قضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان واحترام كرامة المواطن وتمتيع الهيئات والأحزاب بحقها في التنظم والنشاط القانوني وفتح أبواب حرية الاعلام وغلق ملف المحاكمات السياسية وطي صفحة الماضي الأليم وايقاف جرائم التعذيب في المخافر والسجون… , كم كنت مسرورا لو رأيت رئيس الجمهورية يعيد النظر قولا وعملا في طريقة تعاطي الدولة وأجهزتها مع مثل هذه القضايا بعيدا عن الهواتف والوساطات التي لاتسمن ولاتغني من جوع … لقد نسي السيد الحامدي بعد مرور ثماني أو تسع سنوات على مكالمته المذكورة مع شخص رئيس الجمهورية بأن قضايا الحريات الأساسية وحقوق المواطنة ورفع المظالم واسترداد الحقوق هي من الموضوعات التي لاتعالج الا بقرارات شجاعة و بالتمسك بنص الدستور والقوانين الأساسية والمعاهدات الدولية التي أمضت عليها تونس في هذا الغرض ,وبمعنى اخر لايمكن تعطيل مصالح التونسيين وحقوق مواطنتهم الدستورية على مضمون مكالمة هاتفية مر عليها مايقارب العقد .. وعلى افتراض أن الشيخ راشد الغنوشي رفض العرض الكريم والسامي من سعادة أخينا الحامدي ,فهل يمكن رهن مصير مئات السجناء السياسيين ومصير الالاف من المنفيين ومصير مستقبل سياسي وحقوقي لشعب بأكمله لمكالمة هاتفية ؟!… يبدو أن السيد الحامدي نسي أن تاريخ تونس وشعبها لايتوقف من حيث المصير على مكالمته الكريمة مع رئيس الجمهورية التونسية ,بل ان مصيرها كبلد وشعب مرهون بارادة أبنائها ونضالاتهم وتضحياتهم من أجل تجذير قيم دولة الحق والقانون … اننا لانريد للزعامات السياسية ولا لأصحاب العلاقات العامة من أمثال أخينا الحامدي أن يرهنوا حرياتنا ومواطنتنا الى الهاتف والفاكس ومصالح البريد  … فالطريق حينئذ يادكتور محمد الهاشمي واضح المعالم , اذ أن بحثك عن مؤازرة الدكتور أحمد المناعي عبر حديث عن محطة تاريخية مضى عليها حوالي ثلاثين سنة ضمن لقاء سابق بين وزير دفاع تونس عبد الله فرحات والشيخ الغنوشي لايمثل في نظرنا الا رغبة منك في تصدر الواجهة من جديد بعد أن فشلت في اقناعنا بمشروعك الاعلامي الذي لم يقدم للتونسيين الا برامج في المدائح والأذكار لفخامة رئيس الجمهورية ومنجزات اقتصادية أو اجتماعية لايمكن تثبيتها دون اصلاحات سياسية وحقوقية واعلامية حقيقية … انك اذ لم تفلح اليوم في اقناعنا بمشروعك الاعلامي تونسيا-عبر طرح قضايا الوطن الحقيقة دون غش أوتلبيس- فلن تفلح أبدا في لعب أدوار سياسية أو الاضطلاع بأدوار وساطة لانحتاجها لا منك ولا من غيرك طالما أن طريق اعادة الحقوق الى أصحابها والالتزام بتعهدات الدولة الدستورية والقانونية لاتحتاج الى هواتف وفاكسات وتعهدات خطية بعدم ممارسة النشاط السياسي أو طلب العفو الذي يخضع لتزكيتك الشخصية في العشرات من الحالات من عاصمة الضباب لندن ,في رسائل كنت توجهها عبر الفاكس الى المصالح « المختصة  » … أما عن الاستشهاد بكلام من تقرير لزميلنا الأستاذ صلاح الدين الجورشي بخصوص اعراض النهضويين عن مساعيك الحميدة لدى أعلى هرم السلطة ,فهو من ضعيف الرواية وفقدان الموضوعية في توصيف النصف الثاني للكوب , حيث أن مهمة الاعلامي كما هو الحال مع زميلنا الجورشي تكمن في نقل مايتداول من روايات سياسية واعلامية مع الاحتراز طبعا وهو مافعله في تقريره الذي أوردت جزءا منه في مقالك هذا اليوم الأحد 27 ماي 2007 . ان ماكتبه الأستاذ الجورشي في هذا الغرض -مع احترامنا الكبير لادائه الاعلامي المتميز- ليس قرانا منزلا وهو في حاجة أيضا الى تنسيب ,حيث أنني لازلت شخصيا من الموقنين بأن اطلاق سراح المئات من مساجين حركة النهضة نهاية التسعينات لم يكن مكرمة أو هدية مقدمة الى شخص الدكتور الحامدي , بقدر ماأنه جاء نتيجة طبيعية لرغبة الدولة في التنفيس السياسي في فترة زمنية عرفت استحقاقا انتخابيا هاما سلطت فيه أضواء الاعلام عالميا على الوضع الداخلي في تونس … أما فيما يخص وجود مارب أخرى لتدخلك لدى شخص رئيس الجمهورية , فان هذا مما متيقن به حيث سبق لك وأن صرحت وعلى شاشة المستقلة بأن لديك رغبة في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وبأن كل الخيارات مازالت مفتوحة لديك ,وهو ماعنى تهميشك لاحقا من قبل صانعي القرار في تونس عن سياق لعب أي أدوار مستقبلية بعد أن استقر لديهم الرأي بأن أدوارك لم تعد بريئة على النحو  الذي تقدمه في كتاباتك المعسلة بالنص الديني والتلطف بين يدي قرائك من النهضويين … في الختام لقد أردت من خلال هذه المصافحة وضع النقاط على الحروف بعد أن أراد أخونا محمد الحامدي الظهور مجددا بمظهر الوسيط البريء والحريص على مصلحة الوطن بالتوازي مع دور اعلامي مشبوه ومزيف للحقائق وملبس على الناس ,صور لنا فيه الوضع العام في تونس على الشاكلة السويسرية وسوق لنا فيه شهادات زيف على العصر على لسان عناصر متزلفة ومتملقة ومتسلقة من داخل الجهاز الرسمي للدولة … انك يادكتور مدعو اليوم الى التطهر الاعلامي والسياسي من شهادات الزور التي قدمتها للناس على شاشتي الديمقراطية والمستقلة حول أوضاعنا الحقوقية والسياسية في تونس …كما أنك مطالب قبل أن تستنطق الشيخ الغنوشي بطريقة بوليسية بالكشف عن الجهة الرسمية التي دعتك الى لعب ورقة المصالحة المغشوشة في مثل هذا التوقيت السياسي بالذات … واذا استعادت المستقلة والديمقراطية مصداقيتهما في الشأن التونسي عبر فتح منبريهما على أصوات الحرية والتعديية والمشاركة الاعلامية الثرية والحقيقية وكشفت لكل التونسيين والتونسيات عن الجهة التي طلبت منك هذا الدور المشبوه وقت تصاعد عملية خنق واهانة الحريات , فانني سأقف بعدها معك في مطالبة النهضة بواجبها الوطني في مسألة المراجعات ,والتي أظن أنني تحدثت عنها فيما سبق ضمن عشرات المقالات ولم أدخر يوما وسعا في رفع الصوت من أجل تحقيقها ولكن ليس على حساب الحقوق الأساسية وكرامة المواطنين ومطمح دولة القانون والمؤسسات . حرر مساء  27 ماي 2007-11 جمادى الأولى 1428 ه . *كاتب واعلامي تونسي/رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية reporteur2005@yahoo.de (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 27 ماي 2007)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

هدية حلوة للتونسيين أهل الوفاء  

د. محمد الهاشمي الحامدي

التونسيون أهل الوفاء حقا. وصل الإسلام ديارهم في منتصف القرن الهجري الأول فأسكنوه قلوبهم، ولم يخونوا رباط الحب والولاء معه منذ اختاروه عن طواعية دستورا للتوحيد والحرية ومكارم الأخلاق. التونسيون أهل الوفاء حقا. أحبوا نبي الهدى والرحمة المهداة للعالمين منذ عرفوا رسالته ووجدوا فيها دستور السعادة والكرامة والعدل. فحافظوا على عهد الحب له، ولم يبدّلوا أبدا. لهم جميعا، بمختلف انتماءاتهم الحزبية والفكرية، داخل تونس وخارجها، أهدي هذه القصيدة الجميلة التي شرّف الله قناة المستقلة بأنها ألقيت أول مرة في برنامج من برامجها المباشرة، برنامج « واحة الشعر » الذي قدَّمتُه على الهواء مباشرة يوم الجمعة 25 ماي الجاري. قصيدة « إمام الهدى » قصيدة تنافس أجمل القصائد العربية في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتتغنى بالفضائل العظيمة التي جاء بها خاتم النبيين، صديق الفقراء والمساكين، محرر المرأة، داعية المساواة المطلقة بين الناس، رمز العدل والحرية وحقوق الإنسان، داعية السلام والحوار والتعايش بين كل الشعوب والحضارات، صاحب السيرة العطرة الباهرة النقية، صلى الله عليه وسلم ما تعاقب الليل والنهار. صاحب القصيدة شاعر فنان مبدع. يسميه العديد من مشاهدي قناة المستقلة « شاعر العرب »، وهو بهذا اللقب جدير. أصله من العراق، ومقر إقامته الحالية لندن. واسمه الدكتور عباس الجنابي.

إليكم القصيدة يا أهل الوفاء. إليكم الهدية الحلوة الجميلة.
 
إمامُ الهُدى تأبى الحُروفُ وتسْتعصي معانيهـــــا حتـّى ذكَرْتـُك فانـْهالتْ قوافيهـــــــا (محمّدٌ) قـُلـْتُ فاخـْضرّت رُبى لُغتــي وسالَ نـَهـْرُ فـُراتٌ في بواديهــــــا فكيفَ يجْدِبُ حَرْفٌ أنْتَ مُلهِمُــــــــــهُ وكيفَ تظمأ روحٌ أنتَ ساقيهـــــــا * * * تفتحتْ زهرةُ الالفاظِ فاحَ بهـــــــــا مِسـْكٌ من القـُبّة الخضراء يأتيهــأ وضجّ صوتٌ بها دوّى فزلزلهــــــــا وفجرّ الغار نبعا في فيافيهــــــــــــا تأبّدتْ أممٌ في الشركِ ما بقيــــــــــتْ لو لمْ تكـُن يا رسول الله هاديهـــــا أنقذتَها من ظلام الجهلِ سرْتَ بهـــا الى ذ ُرى النور فانجابت دياجيهـــا أشرقتَ فيها إماما للهُدى ،،علَمــــاً ما زال يخفِق ُ زهوا في سواريهــــا وحّـدْ ت بالدين والايمان موقفهــــا ومنْ سواك على حُب يؤاخيهـــــــــا كُنت الامامَ لها في كلّ معـْتـَــــــرَكٍ وكنت أسوة قاصيها ودانيهـــــــــــا * * * في يوم بدر دحرتَ الشركَ مقتـــدرا طودا وقفـْتَ وأعلى من عواليهــــــا رميتّ قبضة حصباءِ بأعْيُنهـــــــا فاسّاقطتْ وارتوت منهُا مواضيهـــا وما رميتَ ولكنّ القدير رمــــى ولمْ تـُخِب رمية ٌ اللـــــه راميهــــا هو الذي أنشأ الاكوانَ قـُدرتـُـــهُ طيّ السجل إذا ما شاء يطويهـــــــا * * * ياخاتمَ الانبياءِ الفذ ّ ما خـُلقــــــتْ أرضٌ ولا تُبّتتْ فيها رواسيهـــــــا الاّ لانك آتيها رسولَ هُــــــدىً طوبى لها وحبيب الله آتيهــــــــــــا حقائقُ الكون لم تـُدركْ طلاسمُهـــا لولا الحديثُ ولم تـُكشفْ خوافيهـــا حُبيتَ منـْزلة ًلاشيئَ يعْدلـُهــــــــا لإنّ ربّ المثاني السّبع حابيهــــــا ورفـْعة ً منْ جبين الشمْس مطلعُها لا شيئ في كوننا الفاني يُضاهيهــــا ياواقفاً بجوار العرْش هيبتـُـــــهُ منْ هيبة الله لا تـُرقى مراقيهــــــــا مكانة لم ينلها في الورى بشـــــرٌ سواكَ في حاضر الدُنيا وماضيهــــا * * * بنيت للدين مجدا أنت هالتـُـــــهُ ونهضة لم تزل لليوم راعيهـــــــــا سيوفـُك العدلُ والفاروقُ قامتـُـــــهُ والهاشميّ الذي للباب داحيهــــــــا وصاحبُ الغار لا تـُحصى مناقبُـــهُ مؤسسُ الدولة الكبرى وبانيهـــــــــا وجامعُ الذكر عـُثمانٌ أخو كـــــرمٍ كم غزوة بثياب الحرْب كاسيهــــــــا * * * ياسيدي يارسول الله كمْ عصفــت بي الذنوبُ وأغوتني ملاهيهـــــــــا وكمْ تحملتُ اوزارا ينوءُ بهـــــا عقلي وجسمي وصادتني ضواريهـــا لكن حُبّكَ يجري في دمي وأنــــا من غيره موجـــة ٌ ضاعت شواطيهـا يا سيدي يا رسول الله يشفعُ لي اني اشتريتـُك بالدُنيا وما فيهـــــــــــا
 

الى السيد الطاهر بن حسين

بسم الله الرحمن الرحيم السيد الطاهر المحترم
تحية طيبة اليكم والى كل فريق عملكم اني من المتابعين لما تبثه قناتكم الرائدة في الدفاع عن حقوق المظلومين من أفراد الشعب التونسي وذلك دون أن تمارسوا تمييزا على أساس ايديولوجي أو سياسي بين المدافع عنهم.
أود من خلال هذه الرسالة الاولى أن نبدأ معا حوارا حول العديد من المواضيع إذا تفضلتم بقبول ذلك.
هذا الحوار سيكون بين يساري يرفع شعار التقدمية واسلامي ينادي بالانسانية والحرية. وصفة يساري لا تضعك أيها السيد الطاهر الكريم في خانة أي حزب يساري، وكذلك لا تلزمني صفة الاسلامية بالانتماء الى أية حركة أو حزب.
وهذا لا ينفي عني وعنك أن الممارسة السياسية الواقعية تجعلني واياك ملزمين بالدفاع عن حزب ما أو حركة ما. توجد الكثير من المواضيع التي يمكن أن تكون مجالا للحوار بيننا. ومن بينها موضوع الديمقراطية والحرية والاختلاف والتعدد. ونضيف أيضا مؤسسات المجتمع ومنها الأسرة والزواج والجنس والنسب والميراث. العدالة الاجتماعية وانتاج الثروة وتوزيع هذه الثروة، والعمل وعلاقته بالكسب والانتاج. القيم في جانبها السياسي والاجتماعي. ولكم أن تغيروا هذه المقترحات أو أن تضيفوا اليها.
سأبدأ حديثي عن الديمقراطية حول موقف السلفيين منها إذ يعتبرونها كفرا والجيد في هذا القول هو الصراحة والوضوح. انكم تعتبرون أن الموقف الوحيد المتجانس مع الاسلام هو هذا الموقف السلفي وعليه فان أي حديث عن اسلامية وديمقراطية ليس الا براغماتية سياسية تستغل الديمقراطية للوصول الى السلطة ثم ستقضي عليها. وأنتم في هذا المستوى تناقشون المبدأ وليس الممارسة السياسية. وان كنت أرى أن الفكر الاسلامي هو القادر أكثر من أي فكر آخر على استيعاب التعدد والاختلاف والحرية وهي الشروط الأساسية للممارسة الديمقراطية. مثلما قلت فانكم تحرصون على مناقشة
المبادئ، فهل تستطيع مبادئ الفكر اليساري الذي لا يمكن أن ينفصل عن الفيلسوف العظيم كارل ماركس ان تكون ديمقراطية؟ تحمل هذه المبادئ صفة العلمية ولا يمكن لحقيقة علمية في عصرها ان تقبل فكرا آخر؟ فكيف يمكن أن يقع الانتخاب أو الاختيار بين العلم واللاعلم أو بين العلم والتخلف. فانت العلم وأنا التخلف. ولا يمكن للعلم باسم الديمقراطية أن يسمح للتخلف بالسيادة. أيها السيد الكريم لا يمكن أن تكون من جهة المبادئ يساريا وديمقراطيا. الا أنني أشهد انك من جهة الممارسة تبذل جهودا من أجل ضمان الحرية والاختلاف للجميع ولعل ذلك يعود الى انسانيتك والى تربيتك وانني أسأل الله ان يعينك أكثر على هذا الجهد لأنك انسان تشمله الاية الكريمة( يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه).
مع أجمل التحيات وأطيبها مجددا
ابراهيم بن محمد (المصدر: موقع « الحوار.نت » بتاريخ 28 ماي 2007)

الترشح الرقمي الجامعة التونسية وقضية السرقات

عبدالسلام الككلي*
طالبت وزارة التعليم العالي في منشور يحمل عدد73 لسنة2006 مؤرّخ في 19 ديسمبر2006 المترشحين الجدد إلى الانتداب بتقديم أعمالهم في محامل رقمية إضافة إلى المحامل الورقية العادية.وقد أثار هذا الإجراء في المدة الأخيرة عدة تساؤلات لدى الزملاء أعضاء لجان الانتداب ولدى المترشحين أنفسهم في خصوص دوافعه وأهدافه وما ينتظر منه.
وقد علمنا أن هذا المنشور يأتي في سياق رد الفعل على مسألة السطو على الأبحاث والسرقات العلمية التي أصبحت مثيرة للانتباه في بعض الاختصاصات مثل الآداب والتصرف والاقتصاد و الإعلامية وغيرها. ومن المعروف أن بعض الشركات أنتجت منذ مدة برمجيات تحدد نسبة الأخذ من الوثائق المتوفرة في شبكة الإنترنت.ويتذكر الجامعيون أن القضية وصلت في السنة الماضية إلى مجلس النواب والى بعض الصحف التونسية وحتى إلى بعض المواقع في شبكة الإنترنت دون أن تعالج معالجة جدية.
ورغم أن الغاية مبدئيا محمودة وفيها سعي لمحاصرة ظاهرة بدأت تستشري في بعض الأوساط ببلادنا نظرا إلى التطور غير المسبوق في عدد الماجستيرات والدكتوراه وطلبة المرحلة الثالثة فإن الإجراء المذكور منقوص ولن يحل المشكلة. فالقضية الأساسية تتمثل في أن المرحلة الثالثة بجامعاتنا في عدد كبير من الاختصاصات أصبحت كتاتيب لتأجيل مطالبة حاملي الشهائد بمواطن شغل. فتم فتح ماجستيرات دون أن تتوفر فيها الشروط الضرورية للتأطير السليم. فلا شيء يحمي من السرقات العلمية أهم من الإشراف العلمي الفعلي الذي يجازى عليه الأستاذ المشرف كما تطالب بذلك الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي.
إضافة إلى ذلك لن يحل الإجراء المذكور إذا افترضنا أنه سيطبق بصرامة إلا جزءا بسيطا جدا من المشكلة حين يكون السطو مفضوحا وحرفيا وباللغتين الفرنسية أو الأنجليزية من شبكة الإنترنت وهو نوع واحد بسيط من ظاهرة السرقات العلمية.فيكفي أن يترجم النص المسروق من لغة إلى أخرى حتى تعجز البرمجيات الحالية عن التفطن إلى ذلك.
فما بالك حين يكون البحث مكتوبا بالعربية؟
وتؤكد حالات السرقة المعروفة في الأوساط الجامعية أن الظاهرة معقدة أكثر مما تتصوّر سلطة الإشراف لأنها لم تحدد مفهوم السرقة العلمية ولا شيء يدل على أنها ستواجه هذه المشكلة المعروفة دوليا حتى في مستويات أعلى وأهمّ .فالمراصد العالمية المخصصة لتتبع السرقات العلمية تؤكد أن الظاهرة توجد في الأبحاث المنشورة بالمجلات المحكمة والمنجزة في مراكز بحثية كبرى تتراوح بين 5 و10 بالمائة رغم الصرامة والمتابعة الدقيقة لما ينشر.
وبدون أن نهول من الظاهرة في جامعاتنا ونشكك في مصداقية الأبحاث الجادة الكثيرة التي ينجزها الباحثون الشبان فيها فإن المطلوب هو بالأساس الاهتمام أكثر بنوعية التكوين في المرحلة الثالثة ومواجهة التسيب في تأهيل سلطة الإشراف للمؤسسات التي لا تتوفر فيها الكفاءات اللازمة للتأطير السليم وتدعيم الإشراف وإيجاد آليات دقيقة للمتابعة والتعاقد مع الكفاءات الأجنبية في الاختصاصات التي تعاني من نقص فادح في المؤطرين بتفعيل الاتفاقيات بين الجامعات التونسية ونظيراتها الأجنبية التي تبقى في الغالب حبرا على ورق وذلك بعيدا عن منطق التبجح بالمنجزات و الرضا عن النفس والاكتفاء الذاتي المزعوم والخطابات الجوفاء حول التعاون الدولي الذي شهد في السنوات الأخيرة تقييدات كبيرة تؤثر بقوة على انفتاح جامعاتنا على العالم وتضر بالحريات الأكاديمية باسم المصلحة الوطنية التي تتوهم سلطة الإشراف أنها الوحيدة الحريصة عليها.
* الكاتب العام للنقابةالاساسية كلية الآداب بمنوبة (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)


محلاّت الأنترنات في تونس تجاهد من أجل البقاء

غسّان بن خليفة شهدت بلادنا يوم 17 ماي المنصرم إحياء اليوم العالمي للإتّصالات ومجتمع المعلومات في ظلّ الأجواء المعتادة من الإحتفاء الرسمي بالثقافة الرقمية وتشجيع شبكة الأنترنات وتعميمها. وبمناسبة هذا اليوم نظّمت وزارة الإتّصالات بالإشتراك مع المحلاّت العمومية للأنترنات يومًا كاملاً من الإبحار المجّاني على شبكة المعلومات العالميّة بهدف « تنشيط قطاع الأنترنات العمومي (محلاّت الأنترنات) والتشجيع على زيارة هذه الفضاءات والتعريف بمحتوى الواب التونسي » حسب موقع وزارة تكنولوجيات الإتصال. وليس سرًا على أحد انّ هذا القطاع يعيش صعوبات كبيرة ليس أدلّ عليها عدم تجاوز عدد هذه المحلاّت رقم المائتين وثمانين الذي بلغه سنة 2003، بل وتسجيل إغلاق أكثر من نصفها، كما صرّح مؤخّرًا رئيس الغرفة الوطنية لمراكز الأنترنات، إمّا بسبب عقابي أو لعجز صاحبها عن مواصلة تحمّل مصاريفها. ممّا يطرح الأسئلة حول ماهية الصعوبات التي يعاني منها أصحاب هذه المحلاّت وعن أسباب تعثّر هذا القطاع رغم كلّ الحوافز والتشجيعات التي ما انفكّت تتحدّث عنها الحكومة.
بيروقراطية الإدارة
يقول محمّد الذي يشتغل بأحد محلاّت الأنترنات العمومي بوسط العاصمة انّ المشكلة الرئيسيّة التي يواجهها في عمله هي رداءة الربط وانخفاض سرعة تدفّق المعطيات، الشيء الذي يؤدّي الى ضجر المبحرين وهجرهم محلّه، اذ انّ العديدين منهم، خاصّة ممّن يستعملون الأنترنات بشكل مكثّف، صاروا يفضّلون الإبحار في بيوتهم انطلاقًا من حواسيبهم الخاصّة مع بداية انتشار خدمة الأنترنات عالي السرعة ADSL. وعند سؤاله عّما اذا تحسّنت جودة الربط بعد سماح وزارة الإتصالات بإدخال هذه التقنية الى محلاّت الأنترنات العمومي في مارس المنقضي، يجيب مخاطبنا بالنفي، اذ انّ سرعة التدفّق يمكن ان تنخفض في أيّ لحظة ودون سابق انذار كما يقول. وهو ما لا يوافقه فيه « ح » (طلب عدم ذكر اسمه) المالك لمحلّ انترنات عمومي بإحدى ضواحي العاصمة، الذي يلاحظ انّه في الأشهر الأخيرة تحسّنت سرعة التدفّق مقارنة بالفترة التي اضطرّ فيها الى إدخال تقنية الآدي آس آل خفيةَ، اي قبل حوالي السنة. لكنّ ذلك لا يمنع « ح » من التشكّي من « بيروقراطيّة الإدارة » وبالتحديد وزارة تكنولوجيات الإتّصال، التي يتّهمها بتكبيده خسائر مالية جسيمة بسبب قلّة كفاءتها.
اذ يتذكّر بمرارة كيف فكّر ذات مرّة في توسعة محلّه واضافة حواسيب جديدة، لكن بعد ان زاره مراقبون من الوزارة وسمحوا له بإستغلال المساحة والحواسيب الجديدة، الأمر الذي قام به وأعلم عنه السلطات المختصّة في انتظار ترخيص كتابي طال أمده، فوجئ بمراقبين أخرين يزورونه ليعلموه بمخالفته القانون وهو ما ترتّب عنه عقوبة بإغلاق محلّه لمدّة شهر وخسارته ثمن الحواسيب الجديدة. كما يشتكي « ح » من ظاهرة المنافسة غير المشروعة من أصحاب مهن أخرى لا يتمتّعون برخصة في الغرض، كبعض المكتبات أو بعض بائعي الأقراص المدمجة وألعاب الفيديو الذين صاروا يقدّمون خدمات البحث عن المعلومات واستخراج الوثائق بمقابل، ممّا أثّر سلبًا على المداخيل الشحيحة أصلاً لمراكز الأنترنات حسب قوله، متسائلاً عن السبب الذي يجعل رقابة السلطات المحلّية تغمض عنهم أعينها على عكس ما يعاني منه وزملاؤه في المهنة.
احتكار « إتّصالات تونس »
لكن أكثر ما يغضب « ح » هو طريقة تعامل شركة « اتّصالات تونس » مع أصحاب محلاّت الأنترنات، مشيرًا الى اختلال نظام فوْتَرتها، فبعد أربعة سنوات من السهو تذكّرت فجأة انّ لها مستحقّات مالية لدى هؤلاء وطالبتهم بدفعها فورًا. وما يزيد من حنقه هو استغلال الشركة لقدرتها قطع الربط على مراكز الأنترنات لتفرض عليهم جدولة الديون بالمبالغ الشهرية التي حدّدتها بشكل آحادي، ما تسبّب في إفلاس كثيرين عجزوا عن تسديد هذه الديون المتراكمة. وفي ظلّ رفض وزارة الإشراف التدخّل لفسخ هذه الديون التي كبّلت أصحاب المهنة، يطالب « ح » بمرونة أكبر من طرف الشركة خاصّة مع من يتعاملون معها بجدّية وروح ايجابية.
الى جانب ذلك يتهمّ صاحبنا شركة « اتّصالات تونس » بحرمان أصحاب محلاّت الأنترنات من مصدر ربح مالي هامّ والمتمثّل في خدمة التعرّف على نتائج المناظرات الوطنية أخر كلّ عام دراسي، وهي تسبق فصل الصيف الذي تقلّ فيه المداخيل. اذ انّ الشركة، كما يقول مخاطبي، صارت تحتكر لنفسها في السنوات الأخيرة هذه الخدمة وذلك بتمكينها التلاميذ من معرفة نتائج الإمتحانات عن طريق الإرساليّات القصيرة SMS وذلك قبل يومين من نشرها على الأنترنات.
ولكن ما يزيد في الطين بلّة كما يقول « ح » هو تفضيل المبحرين إقامة اشتراكات فردية في بيوتهم، لما يعترضهم من ظروف إبحار صعبة في مراكز الأنترنات بسبب الموانع التي تفرضها رقابة السلطات.
الرقابة أولاً وأخيرًا
مرّة أخرى يشير تقرير إحدى الهيئات العالمية المهتمّة بحرّية التعبير الى بلادنا كإحدى أكبر « أعداء الإنترنات » حسب تعبير جمعيّة « مراسلون بلا حدود » التي تتهمّها الحكومة بالعداء لتونس. التقرير الجديد صدر مؤخّرًا عن منظمة تطلق على نفسها اسم بادرة OpenNet وتضمّ أخصائيين كنديين وأمريكيين وبريطانيين أعدّوا دراسة عن أوضاع الأنترنات في 40 دولة ، لينتهوا إلى تصنيف تونس في خانة أكثر الدول ممارسة للرقابة على المواقع السياسية، والمواقع ذات المحتوى الجنسي، جنبًا الى جنب مع ديكتاتوريّات « عريقة » كالصين وإيران وميانمار وسوريا وفيتنام. وأكثر من يمكنهم الحديث عن الرقابة وأثارها هم أصحاب محلاّت الأنترنات العمومي والعاملين فيها.
« س » الذي طلب عدم ذكر إسمه هو شابّ متحصّل على شهادة جامعيّة اضطرّته البطالة، الى العمل كمؤطرّ، أو « عسّاس » كما يقول، في أحد مراكز الأنترنات العمومي. وهو يرى انّ من أهمّ أسباب تراجع القطاع هو الرقابة الصارمة التي تفرضها السلطات المختصّة على الإبحار عبر المراكز العمومية، فكم من مرّة حصلت بينه وبين أحد الحرفاء مشادّة لأنّه اضطرّ الى إعلامه انّ الإبحار على موقع ما ممنوع، أو لإعتذاره عن نسخ وثيقة بدا له أنّها ذات مضمون سياسي.
ويتذكّر « س » الأيّام العصيبة التي مرّ بها لمّا كان يرتاد محلّه أحد المعارضين الذي كان على ما يبدو ينشر أخبارًا ورسائل ذات مضمون خطر، كما يدلّ على ذلك تكرّر تردّد بعض رجال الأمن بالزيّ المدني، ومن فرق مختلفة، عليه وعلى صاحب المحلّ ومطالبتهم ايّاهما بالإحتفاظ بنظير من كلّ وثيقة ينسخها الرجل وبتسجيل كلّ موقع يزوره، وتسليمها لهم أولاً بأولّ. ويقول « س » أنّه كره نفسه بعد ان اضطرّه السعي الى تحصيل لقمة العيش ان يتحوّل الى جاسوس يطلّع رغمًا عنه على أسرار الناس ويشي بهم مرغمًا الى الأمن.
ويتحدّث « س » عن كثير من الإجراءات التي تطلبها السلطات المختصّة من العاملين بمراكز الأنترنات لإحكام الرقابة على مضمون المعلومات والمراسلات، كمنع استعمال الأقراص المدمجة وغيرها من الوسائط الاّ بمراقبة المؤطرّ، والإطلاّع على محتويات كلّ ورقة يتمّ استخراجها من الأنترنات. وهو يقول أنّه يفكّر بجدّية في ترك هذا العمل لقلّة مدخوله ولكن أيضًا لتخوّفه من العودة الى أجواء أوائل العقد الحالي ، التي سادت إثر القبض على المرحوم زهيّر اليحياوي مؤسّس موقع « تونيزين » المعارض (وكان يعمل بأحد مراكز الأنترنات العمومي)، خاصّة بعد ان زاره مؤخّرًا رجال عرّفوا أنفسهم بأنّهم من وزارة تكنولوجيات الإتّصال، وطالبوه بحزم بأن يفرض على حرفائه تعمير « وصل إبحار » يذكرون فيه هويّتهم ورقم بطاقة تعريفهم الوطنية، وعليه هو ان يضيف الى ذلك بدقّة توقيت ومدّة ابحارهم على الشبكة.
بيروقراطيّة واحتكار ورقابة خانقة تحاصر مراكز الأنترنات العمومي وتهدّدها بالإنقراض، في بلد تحتفي حكومته صباح مساء بتشجيع الأنترنات ونشر الثقافة الرقمية، فمتى تقترب الممارسة من الخطاب؟ (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)


 

وكالة تونس افريقيا للأنباء..وما خفيَ أعظم

صحفي من الوكالة شهدت الساحة الإعلاميّة في الفترة الأخيرة جدالاً حول وضعيّة وكالة تونس افريقيا للأنباء فجّرته مجموعة من المقالات التي نُشِرت على صفحات « الموقف » وعلى الأنترنات. وقد وصلتنا مساهمة جديدة من أحد العاملين بالوكالة ننشرها إثراءً للنقاش وإجلاءً للحقيقة.
صحيح انّ الذي كتب عن الوضع داخل إحدى المؤسّسات الإعلاميّة « الهامّة » يثير الإشمئزاز بل الغثيان لما تضمّنه من عبارات يندى لها الجبين، ومن تعرّض للأعراض وللحياة الخاصّة للأشخاص، وهو ان دلّ على شيء فإنّه يدلّ على نظرة غارقة في الرجعية خاصّة في ما يتعلّق بالمرأة، وهي مسألة يجب ان تُحال الى الجمعيّات النسويّة للنظر فيها.
صحيح انّ ماورد في « تونس نيوز » أمر يثير الخجل ويبعث على الإحتقار لكاتبه، لكنّه لا يبرّر البتّة الهجمة الشرسة من قِبل الإدارة العامّة وبعض أذنابها على الصحفيّين والصحفيّات لإجبارهم على التوقيع على عريضة حبّرها أحد أبطال مقال « تونس نيوز »، وهو الذي عوّد الصحفيين، داخل المؤسّسة التي يعمل فيها أو غيرها من المؤسّسات الإعلامية، على ممارسات أقلّ ما يقال عنها أنّها ضدّ ميثاق شرف المهنة.
نعم، تعيش هذه المؤسّسة حاليًا حملة ترغيب وترهيب أدّت الى حالة من الرعب والخوف من قطع الأرزاق. ف »صاحبنا » الذي اشتهر طيلة مشواره المهني بأفعال لا يأتيها الاّ انسان فاقد لكلّ ما يمتّ للضمير بصلة، انقضّ على هذا المقال بمعيّة « صحفي » أخر لا يقلّ عنه خبثًا ومكرًا وطالما ساعده في التنكيل بالصحفيين الذين لا يطأطئون الرأس، واغتنماه فرصة لمزيد التقرّب من الإدارة ومحاولة الأوّل العودة الى جمعية الصحفيين كرئيس لها بينما يرجو الثاني التمديد له سنة أخرى بعد إحالته على التقاعد. لما لا وقد سنّت هذه المؤسّسة قانونًا خاصًا بها لم يصادق عليه لا مجلس النوّاب ولا مجلس المستشارين ويقضي بالتمديد إلى حدود ثلاث سنوات لمن بلغ سنّ التقاعد، فأين دولة القانون والمؤسّسات؟ ومن بإمكانه ردع هؤلاء، وعلى رأسهم المدير العام عن مثل هذه الممارسات وإيقاف حالة « الفلتان » التي تعيشها هذه المؤسّسة الإعلامية؟ إنّ ما ورد في مقال « تونس نيوز » لم يكشف إلاّ عن قليل ممّا يجري داخل هذه المؤسّسة التي كانت تمتّع بسمعة مشرّفة، فما خفي أعظم وأمرّ. ولا يمكن ان تعيشه حتّى المؤسّسات الخاصّة أو العائلية، لا سيما على صعيد الترقيات والمشاركة في الدورات التدريبية وإنعدام إجتماعات التحرير والتعليمات الشفاهية المتهاطلة من كلّ حدب وصوب، وصنصرة أنشطة الأحزاب والجمعيّات حتّة تلك المنسجمة منها مع النظام.
لقد خلنا انّ مثل هذه التصرّفات ولّى عهدها لكنّها تبرز فجأة الى السطح مع إقتراب كلّ موعد انتخابي لأنّ « صاحبنا » مازال متمترسًا في مكتبه الذي يأتي فيه كلّ الممارسات، والإدارة العامّة تعلم لكنّها لا تتحرّك لأنّ من مصلحتها ان يبقى مثل هؤلاء  » الصالحين » بالمؤسّسة، وكذلك « الماجدون » تحسبًا من أيّ تمرّد قد يقوم به من مازالوا يؤمنون بإمكانية إعلام جديد ، وخاصّة نظيف في بلادنا. (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 407 بتاريخ 25 ماي 2007)

تصور البورقيبية لمسألة الأمة وقضية الهوية

عدنان المنصر مداخلة شارك بها المؤرخ التونسي عدنان المنصر في ندوة « بورقيبة والإسلام » (*) التي نظمها منتدى الجاحظ بالإشتراك مع دار الجنوب للنشر يوم السبت 29 جانفي 2005 في فضاء التياترو بتونس. لم أدرس تصور بورقيبة فقط بل البورقيبية باعتبارها لم تكن نتاج بورقيبة فقط بل ساهمت فيها النخبة التي أحاطت به في الحكم سواء كانت مثقفة أو نخبة حاكمة فعندما نقول نخبة وطنية مثقفة نقصد النخبة التي تبنت البورقيبية وطورتها وأعطتها الكثير من الزخم للفكر البورقيبي. وقد استغرقت قضية العلاقة بين الدولة والأمة جانبا كبيرا من الجهد التنظيري لهذه النخبة غداة الاستقلال بالخصوص وإن بدأ التفكير حول هذه المسائل خاصة منذ ظهور أول الفضاءات الفكرية من سنة 1954 تقريبا عبر مجلة الندوة التي تلتها مجلة الفكر وهذه النخبة بقيادة بورقيبة ستنيط بالدولة ليس مهمة إنشاء مؤسسات الدولة فقط أو عقلنة التصرف الإداري وإنما خاصة إنشاء نموذج جديد من الأمة عن طريق مجهود سياسي وثقافي وتعليمي وقانوني متناسق يسند ويبرر الواقع السياسي الجديد المتسم بسيادة الدولة القطرية، ويشكل سدا منيعا في وجه الخيارات العروبية أو الإسلامية التي كان يعتبرها بورقيبة أكبر تهديد لنموذج الدولة الحديثة. من هنا يأتي الدور الكبير الذي أسند للمدرسة وللنظام التربوي في صيرورة إنشاء أجيال جديدة تؤمن بهذه العقيدة الوطنية الجديدة وبالفعل فدستور سنة 1959 ضبط هذه الخطوط العامة لهذه الأمة التونسية فجعل حدودها سياسية وليست ثقافية. ويمكن القول عموما إن تصور بورقيبة للأمة ينطلق من نظرية الدولة لديه ويمكن تلخيص المبادئ العامة
لهذا التصور في ثلاث نقاط رئيسية:
النقطة الأولى:
إيديولوجيا الدولة الوطنية تعتبر الدولة أداة التغيير الرئيسية إن لم تكن الوحيدة في المجتمع وشيئا فشيئا سيتطور الأمر إلى قلب العلاقة النظرية القديمة التي تعتبر الدولة نتاجا للمجتمع الذي يصبح بدوره نتاجا لها.
النقطة الثانية :
مجهود الدولة الوطنية كان يرمي إلى خلق » أمة متجانسة وموّحدة  » فكان منطقيا أن تكون النتيجة القضاء على كل هيكل تقليدي وسيط بين الدولة والفرد أو بصيغة أخرى القضاء على كل عصبية منافية للعصبية الجديدة التي أرادت الدولة إنشاءها وهي العصبية للدولة أو العصبية للدولة الأم ، فضرورات البناء الوطني كما تتصورها النخبة الوطنية كان يتضمن تحييد كل الهياكل المستقلة ذلك أن الأمة يجب أن تبنى في نظر بورقيبة من الأفراد لأن الفرد الذي لا يكون مواليا لأية مؤسسة أو عصبية من السهل على الدولة أن تقحمه في مشروعها الحضاري الجديد وهو إنشاء الأمة.
النقطة الثالثة:
لا يتصور بورقيبة إنشاء الدولة إلا على أساس قومي أي وطني. فالأمة هي التي يجب أن تسند قيام الدولة، ولكن في نظره هذه الأمة غير موجودة و من هنا يأتي الدور الطلائعي للحزب كهيكل يضم نخبة الشعب عن طريق مزج عناصره المشتتة في وحدة منسجمة. فبورقيبة كان يعتبر دائما الحزب طليعة الأمة أي أمة مصغرة تتجاوز مهمتها المراحل الآنية لتبلغ هدفا أرقى وهو خلق أمة حقيقية منسجمة وموحّدة تقضي على التنافر بين الأفراد. هذه هي النقاط الرئيسية التي ينطلق منها تصور بورقيبة للدولة والأمة وللهوية كتابع لتصوره للأمة.
إن قومية بورقيبة وطنية وقطرية بالأساس، وهي أيضا على ارتباط بمفهوم وهو مفهوم الأمة ونجد أنه في بعض الخطب لا يستنكف من الحديث عن أمة إسلامية أو أمة عربية خاصة في الخطب التي كانت تلقى بمناسبة المولد النبوي الشريف بالقيروان، لكن في أغلب الحالات الأمة التي كان يتحدث عنها بورقيبة هي الأمة التونسية، ويجد لذلك تبريرا وهو أن النخبة التونسية وضعت لنفسها بعد خروج المستعمر مهمة ذات أولوية وهي بناء الدولة الذي يتم بالموازاة مع بناء الأمة.
الأمة هنا لا تشكل معطى في الواقع وإنما هي حالة كامنة وفي أفضل الحالات مشروع في طور التحقيق فالمقياس الأساسي للأمة في نظر بورقيبة هو الدولة، ولا يمكن أن تتحقق بدونها وهو هنا يتبنى بشكل كامل تقريبا مفهوم الدولة القومية كما ظهر في أوروبا وخاصة في فرنسا يدفعه في ذلك تكوينه السياسي والفلسفي الليبرالي وعلى قناعة أساسية مفادها أن انحطاط الأمة العربية والإسلامية يعود أساسا إلى عدم استنادها إلى دولة حديثة ومركزية وفقا للنموذج الأوروبي ، وهذه الفكرة ستؤهله لتبني مواقفه المعروفة من الوحدة العربية وهو ما سيؤدي إلى ترسيخ معنى مختلف وأحيانا مناقض للوحدة القومية بمفهومها غير القطري أي الوحدة العربية أو الوحدة الإسلامية ..
فبورقيبة حين يتحدث عن القومية فهو يعني القومية التونسية أو الأمة التونسية وفي هذا السياق بالذات يبدو أن بورقيبة كان شديد الحرص على تدعيم الصفة القطرية للقومية التونسية أو الأمة التونسية مما كان يعني أيضا إعادة صياغة الهوية التونسية في قالب سياسي وقانوني قطري يحررها من احتكار البعد العربي والإسلامي كبعدين مؤسسين لها، وقد بدأ هذا المسار منذ الشروع في إعداد الدستور التونسي الصادر سنة 1959 فالأمة بالمعنى الوارد في هذا الدستور هي الأمة التي عبرت عن وجودها كشعب مناضل من أجل التحرر والاستقلال وهي الأمة التي تتشكل بعد الحصول على السيادة التامة بفعل الدولة التي تحدد أحكام الدستور كيانها وصورتها . ويشير دستور سنة 1959 إلى الأمة العربية بتعبير الأسرة العربية ويحتفظ بتعبير الأمة للأمة التونسية وهذا الدستور لا يكتفي بتغيير معنى الأمة فقط وإنما حتى لفظ قومية يتغير معناه ، فتصبح القومية التونسية معوّضة للقومية العربية فنجد أن جميع مؤسسات الدولة الوطنية تستعمل لفظ قومية كمرادف للفظ وطنية مثل  » الشركة القومية للسكك الحديدية التونسية  » وغيرها.
والحقيقة أن بورقيبة قد اكتفى في هذا المجال بوضع المبادئ للثقافة الجديدة المراد ترسيخها لدى الأجيال الشابة والتي يعتبر أنها الضامنة لاستمرار مشروع الدولة الوطنية في المستقبل في حين قامت أطراف أخرى بصياغة هذه الثقافة الجديدة وإعطاء إيديولوجيا الدولة الوطنية بعدا أعمق. إذ كانت هذه النخبة- التي نشأت في الصادقية وعايشت أهم مفاصل مسيرة التحرر الوطني واطلعت بحكم دراساتها العليا على ما كان يعتمل داخل الثقافة الأوروبية عموما والفرنسية منها بالخصوص غداة الحرب العالمية الثانية – كانت صاحبة مشروع جنيني عبرت عنه منذ الأعداد الأولى من مجلة الندوة وخاصة مجلة الفكر وهو مشروع التونسة أو  » صيرورة تأصيل الكيان الوطني  » وعني بالتونسة التأكيد على محتوى العقيدة الجمعية الجديدة المراد ترسيخها لدى التونسيين وهو ما سيسمى في المرحلة الموالية بالشخصية التونسية قبل أن تتحول إلى الهوية التونسية ثم إلى الأمة التونسية.
من أهم من طور هذه النظرة للأمة وللقومية التونسية نجد رمزين هامين هما محمد مزالي والبشير بن سلامة خاصة في مجلة فكر. فالسيد محمد مزالي لاحظ من خلال استقرائه لتاريخ الشعب التونسي أن هناك خصائص كبرى تجمع بين أفراد هذا الشعب وتجعله يكوّن أمّة بالمعنى الكامل وهذه الخصائص لخصها ما أسماه بالقاعدة الروحية ذات المنبع الشرقي وجدلية العلاقة بحضارات شعوب البحر المتوسط والتي تجسمت عبر القرون تارة عبر الاحتكاك السلمي وطورا في التصادم الحربي إذن هناك صبغة متوسطية للهوية التونسية من هنا استنتج أن تونس والشاهد له  » ليست مجرد فرع من أصل بل إنها وطن متميز له كيانه المعروف وحيزه الجغرافي المضبوط وإن دينها الإسلام معتقدا وحضارة وتراثا وسلوكا ونمط حياة ونظرة إلى الوجود وإن لغتها العربية الركن الركين للشخصية الوطنية والعنصر المتين للذاتية القومية « 
غير أن طبيعة السجال الإيديولوجي والسياسي الذي عرفته تونس بين دعاة التشريق ودعاة التغريب جعل مهمة منظري الذاتية التونسية صعبة نوعا ما فإذا كان من اليسير نسبيا على هؤلاء مجابهة دعاة التغريب فإن مواجهة الخصوم الآخرين لم يكن بذلك اليسر، من هنا فإن التمسك بالثقافة العربية وبالدين الإسلامي كمكونين أساسيين لتلك لشخصية التونسية كان يرمي إلى رد تهم الفئات القومية والأطراف التقليدية التي شكلت في هذه الفترة و خاصة قبل هزيمة جوان 1967 عهدها الذهبي وذلك بسعي الدولة الوطنية في تونس إلى الخروج عن دائرة الانتماء الحضاري العربي الإسلامي.
أما السيد البشير بن سلامة فيؤكد على نفس المبدأ في التعامل مع الانتماء العربي الإسلامي بما يسميه بالأمة التونسية فهو يرى أن تأكيده على ما أسماه الشخصية التونسية هو تأكيد لوجود أمة تونسية دون أن يعني ذلك مطلقا أي استنقاص من أهمية انتساب هذه الأمة إلى الأمة العربية فالعصر أضحى عصر وطنيات ، كما يقول ، والوطنية أصبحت العصبية الجديدة التي تقوم عليها الأمم . و انطلاقا من هنا سعى البشير بن سلامة إلى إثبات فرضية وجود الأمة التونسية باعتبار توفر الشروط الأساسية التي تتمثل في أربعة شروط.
* وجود إرادة جماعية للعيش عيشة مشتركة . * القدرة على تكوين الهياكل اللازمة كأمة قائمة الذات . * توفر نوع من الثقافة . * قدرة الشعب على أن يحكم نفسه بنفسه.
وفي مؤلفه الهام « الشخصية التونسية خصائصها ومقوّماتها  » – والذي لا يمكن دراسة هذه المسألة دون الرجوع إليه – يرى البشير بن سلامة أن توفر هذه الشروط لا يعفي من التعامل مع بعض الخصائص السلبية في الشخصية التونسية وخاصة الصراع الجدلي والمستمر بين ما أسماه روح المقاومة المستمرة وروح التعاون والمؤالفة فهو يرى أن الحضارات التي شهدتها البلاد لم تكن لتنشأ وتستمر لولا وجود روح التعاون والمؤالفة مما سهل على سكان البلاد التونسية هضم ثقافة الغزاة وجعلها جزءا من بنائهم الحضاري، غير أن روح التعاون والمؤالفة ستصطدم دائما بظاهرة أخرى وهي التخريب والتهديم وروح الفتنة والتناحر وتقويض البناء عندما يشيد وتظهر مزاياه ولا يمكن في نظره أيضا أن تشذ دولة الاستقلال في تونس عن هذه القاعدة الأزلية حيث ستجد نفسها وهي تسعى لترسيخ روح التعاون والمؤالفة وتكوين
 » دولة قائمة الذات منيعة قادرة على إنشاء حضارة متميزة خلاقة آثارها باقية على مر الدهر  » ستجد هذه الدولة نفسها في صراع مستمر ضد روح المقاومة والمناوءة التي لن تأخذ في العهد الجديد بعد الاستقلال لباس النعرات القبلية مثلما حدث في الماضي بل ستعود في شكل جديد  » في صورة أخرى قاتلة مخرّبة  » مثل الانقلاب العسكري أو التمرد أو المعارضة » المعارضة الهدامة » من هنا يتضح لنا بعد هام في نظرية الأمة التونسية في علاقاتها ببرامج الدولة الوطنية كما اتضحت لدى منظري هذا المفهوم الدولة الوطنية إنما تضع نفسها في مسار البناء والإنشاء و المدنيّة والحضارة في حين أن جميع الأخطار الداخلية التي تسعى لتقويض مجهودها لا يمكن أن تكون إلا من إحياءات روح التهديم والتخريب أي أن الدولة الوطنية والنخبة المشرفة على حظوظها في سعيهما لترسيخ روح التعاون والمؤالفة ستعتبر أن كل معارضة تهديد لذلك المسار من هنا فإن إزاحة هذه المعارضة المهددة للمشروع الحضاري للدولة الوطنية إنما هو إقصاء لغريزة المقاومة التي تصبح في هذا السياق تخريبا ووندلة.
وفي هذا السياق النظري بدأت بالبروز إيديولوجيا الأمة ثم بعد ذلك إيديولوجيا الوحدة القومية التي ستنقل الأمة شيئا فشيئا إلى أن تصبح إحدى مكونات الدولة الوطنية. وهكذا مرت الايديولوجيا الوطنية من ايديولوجيا تريد إثبات وجود أمة تونسية إلى ايديولوجيا تسعى إلى تكتيك مشروع حول الدولة الوطنية ونخبتها الحاكمة فتحولت تلك الايديولوجيا بالتدريج من تعبير محتمل عن مشروع حضاري إلى ايديولوجيا نظام حكم.
من هنا اتخذ هذا المفهوم، خاصة مفهوم الوحدة القومية، صبغته الاصطلاحية ومغزاه الايديولوجي بوصفه أصبح جزءا من سياق التبرير سياسة طرف معين أمسك بمقاليد الدولة الناشئة وأعلن أنه المؤتمن على مشروعها التحديثي . وبالفعل فإن الدولة الوطنية عملت – في إطار مجهود دعائي قوي سخرت له كلما كان متاحا لها أدوات التأثير وقنوات الاتصال وخاصة الإعلام والمدرسة – عملت على احتكار التحدث باسم الأمة وادعاء تمثيلها والدفاع عن وحدتها المهددة باستمرار. (*) رابط الندوة على موقع منتدى الجاحظ: http://www.eljahedh.org/Documents/borgibr1%20%20%20_s%20%20_.htm (المصدر: نشر هذا النص على المدونة الألكترونية لعدنان المنصر بتاريخ 3 ماي 2007) الرابط: http://tunisiehistoire.blogspot.com/

القارعة العربية
باريس-د.أحمد القديدي- : كلمة عابرة قالها وزير الأمن الاسرائيلي يوم الخميس لا بد أن نضعها نحن العرب في سياقها التاريخي وهو يتحدث عما سماه تهديد أمن اسرائيل من قبل حماس وصواريخ القسام، حين قال للاذاعة العسكرية الاسرائيلية: لا بد من حسم الصراع بيننا و بينهم عسكريا. و هنا يجب أن نتوقف لحظة و نتأمل ما يقصده الوزير، و نحن نشهد تواصل المواجهات بين الفصائل الفلسطينية مجهولة الهوية و الأغراض و لا نقول بين فتح و حماس،لأنهما نحسب و الله أعلم ملتزمتان باتفاق مكة، وحيث يملأ الملثمون شوارع غزة مسلحين و متأهبين، وحيث يغرق مخيم نهر البارد في المأساة و يهرب الأبرياء منه تحت قصف المدافع اللبنانية، و حيث اختطفت قوات اسرائيل يوم الخميس 33 شخصية من حماس على رأسها ناصر الدين الشاعر وزير التربية و التعليم لاستخدامهم كرهائن، و حيث تستهدف اسرائيل اليوم خالد مشعل و اسماعيل هنية لتصفيتهما. فالوزير الاسرائيلي لا ينطق من فراغ و يقصد بعبارته( الحل النهائي أو العسكري) طي ملف القضية الفلسطينية على الطريقة النازية لا أكثر و لا أقل، أي الابادة الباردة و الممنهجة و التي لا تثير ردود فعل و لا راد لها مادام الرأي العام الدولي و حتى العربي و المسلم واقعين تحت التخدير الاعلامي المدروس، و ما دامت القوى العظمى لا ترى مانعا من انهاء الصراع بهذا الشكل. انها القارعة و ما أدراك ما القارعة، تطرق أبوابنا الموصدة لتعلن عن بداية الحل النهائي لشعب عربي أصابته نكبة 1947 و سلبته بقية وطنه نكبة 1967 وهو يبعث حيا من جديد كلما اعتقدنا بأنه مات و امحت معالمه من الوجود. هذا الشعب الذي كنت حاضرا وراء الرئيس بورقيبة في ميناء بنزرت لاستقبال زعيمه ياسر عرفات و بقية مجاهديه المغادرين لبيروت بعد النكبة الأخرى عام 1982 وهم يلوحون لنا من على ظهر الباخرة التي أقلتهم من لبنان الى قبرص و من قبرص الى بنزرت لتبدأ مرحلتهم التونسية استعدادا للخديعة العالمية الكبرى التي تسمى اتفاق السلام بأوسلو، وهي نكبتهم الرابعة حتى لو عاد منهم من عاد الى جزء يسير من تراب الوطن السليب. تلك النكبة التي انتهت بمجزرة جنين و قتل أبو عمار بالسم، وهو الذي قبل بأوسلو و صافح سفاحي شعبه و قاتلي محمد جمال الدرة و الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي و الشهداء البررة. لم يشفع له غصن الزيتون و لا التنازلات التاريخية فقتلوه و كتب بعد ذلك الصحفي الاسرائيلي أمنون كابليوك في مجلة لوموند دبلوماتيك بأن الذين قرروا تصفيته بالسم ثلاثة هم أريال شارون رئيس الحكومة و شاؤول موفاز وزير الدفاع و سيلفان شالوم وزير الخارجية. وهو ما أكدته صحيفة هاأرتز يوم 9 نوفمبر 2005 و أقام الحجة عليه كتاب صدر عن دار هاشيت الباريسية بعنوان( حرب اسرائيل السابعة ) الذي يقول بالحجة بأن شارون خاطب بالهاتف الرئيس بوش ليقول له يوم 4 نوفمبر 2004 بأنه في حل من وعده بالابقاء على عرفات حيا. هذه بعض نكبات فلسطين، فهل يمكن اضافة حلقة فتح الاسلام الراهنة في مدينة طرابلس اللبنانية الى هذا المسلسل الكارثي؟ و لبنان يتعرض بالرغم عنه الى عملية تدويل غير بريئة، بداية من ضخ السلاح الأمريكي و انتهاء الى انزال الجيوش الأجنبية لأداء المهمة عوضا عن الجيش اللبناني كما وقع عام 1958 مع الرئيس كميل شمعون. فالفرصة التاريخية متوفرة اليوم أمام أعداء لبنان و العرب، لتحويل لبنان بدعوى حمايته الى بؤرة اضافية من الصراع الدولي حول مناطق الهيمنة وفضاءات التأثير، و تحويل جيش لبنان عن عقيدة مواجهة المحتل الاسرائيلي الى عقيدة قتال الأشقاء في حال انتشار اللهيب. ألم يحن الوقت و لم تأزف الساعة لكي يجتمع العرب على كلمة سواء و أن يضغط القادرون منهم كما طالب بذلك الشيخ فضل الله على واشنطن و تل أبيب حتى على ضوء العلاقات القائمة بينهم و بين هاتين العاصمتين، من أجل تيسير الخروج من النفق بأقل التكاليف، أي برفع الحصار المضروب على الشعب الفلسطيني، و بتحقيق القرارات الأممية بشأن لبنان و بداية التخطيط لحل سياسي عادل في العراق. هذه هي الحلول الجذرية للأزمة العميقة التي تعصف بالشرق العربي كله وهو شرق بلا حدود لا جغرافية و لا طبيعية و لا ثقافية و لا تاريخية، وهو اقليم يقع في قلب العالم ويربط بين القارات و الحضارات منذ ثلاثة الاف سنة. و لا بد طال الزمان أم قصر أن تتوسع كوارثه اذا لم تعالج الى العالم بأسره. و حينئذ لا قدر الله ستكون القارعة العربية قارعة عالمية…و ما أدراك ما القارعة!
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 27 ماي 2007)

الحريات الصحفية العربية .. مشكلة التقرير أم أزمة الاتحاد؟

 بقلم  يحيي قلاش    //٢٠٠٧ قاومت شعوراً ثقيلاً، حتي لا أدخل في الجدل الدائر حول قضية التقرير السنوي الثاني، الصادر عن لجنة الحريات، التابعة لاتحاد الصحفيين العرب، وتصنيفه الحالة الصحفية في مصر في المرتبة الثانية عشرة من ٢٢ نقابة وجمعية صحفية تمثل ٢٢ دولة عربية. لم أكن أريد لنفسي دخول مباراة في الوطنية في غير موضعها.. وبتكويني، لا أحب المزايدة علي أحد، فالعلاقة بالوطن ليست إحدي عطايا المنح أو المنع، أو مجرد نصوص في الدستور.. والشعور الوطني ليس صفقة قابلة للبيع والشراء أو الربح والخسارة، كما أنني بحكم ما اكتسبته من خبرات، أحاول أن أدرب نفسي علي قبول قسوة أي نقد يطالني، ولو وصل إلي حد الشطط. ولم يكن يغضبني ما كتبه الزميل كرم جبر في «روزاليوسف» علي ثلاث حلقات، بقدر ما أدهشني ما كتبه الزميل إبراهيم نافع في ثلاثية أخري بـ«الأهرام»، فهو نقيب سابق لأكثر من دورة، ورئيس حالي لاتحاد الصحفيين العرب علي مدي ٣ دورات، وكنت أعتقد أنه ليس في حاجة ـ أمام قسوة ما تناوله به كرم في روزا ـ لأن يعالج الأمر بما لا يليق، وأن يهرب إلي الخلف أو إلي الأمام، بأن يحمّل المسؤولية للجنة الحريات بالاتحاد الذي يرأسه، وأن يعترف بأخطاء يقول: «إنها مسؤولية القائمين علي شؤون النقابات في الدول العربية ومن بينها مصر، التي يعتبر أن بعضها بالغ في تجميل صورة النظام، في حين بادر البعض الآخر بإضفاء مزيد من السوداوية علي أحوال الصحافة والصحفيين في بلده، مقدماً انتماءه السياسي علي المهني والحرفي، بل علي أمانة المسؤولية». المعني الذي يريد أن يصل إليه واضح، والزميل إبراهيم نافع تحدث عن أمانة المسؤولية، وهو متلبس بالتهرب من ممارستها، باعتبارها الحيلة الوحيدة التي يتصور أنه ينجو بها ـ ربما ـ من قسوة ظروف لم تكن تنقصها قسوة بضع مقالات أو شوشرة هنا أو هناك. باختصار، هل خانت النقابة الوطن، وخانت أمانة المسؤولية، عندما قدمت في استمارة استبيان عن عام ٢٠٠٦ معلومات – وليس رأياً – أكدت فيها أنه لم تصدر أحكام نهائية بالحبس عام ٢٠٠٦، وأنه صدرت أحكام بفرض غرامة مالية في حالتين،  وأن هناك حالة فصل لزميل واحد (من صحيفة حزبية)، وأن ٥٠ زميلاً في جريدتي «الجيل» و«آفاق عربية» أضيروا بسبب عدم صدور الجريدتين بقرار رئيس الحزب في الحالة الأولي، ورئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة في الحالة الثانية، بسبب ضغوط أمنية غير مباشرة، وأنه لا توجد رقابة رسمية علي الصحف، والرقابة الذاتية عبر رئيس التحرير هي القائمة، وأن المالك يتدخل أحيانا في المادة الصحفية، وأن الدولة لا تراقب إلا الصحف الخارجية، وأنه توجد قوانين منظمة للصحافة، وأن تعديلات إيجابية أدخلت عليها، بإلغاء الحبس في خمس مواد استبدلت بها غرامات مالية مغلظة جداً، مقارنة بضعف أجور ورواتب الصحفيين، وأن هناك مواد أخري تجيز الحبس ظلت باقية، ثم بيانات إحصائية عن عدد أعضاء النقابة وعدد الصحف المختلفة وأنواعها (قومية وحزبية وخاصة)،  وأن الدولة تقدم منافع للصحفيين، وبعض المؤسسات الصحفية، وأن إصدار الصحف متاح، لكن لا يجوز للأشخاص الطبيعيين الإصدار، إلا عبر آلية الشركات المساهمة أو التعاونية، وأن القانون يسمح بتملك وكالة أنباء خاصة، كما توجد في مصر صحافة إلكترونية متطورة، وأن هناك ميثاق شرف صحفياً ملزماً لكل من يزاول المهنة؟! هل هذه المعلومات التي تعاملنا معها وقدمناها بمسؤولية، هي التي تضيف السوداوية علي أحوال الصحافة والصحفيين في مصر؟! وهل بها أي تغليب للسياسي علي المهني والحرفي، علي حد تعبير رئيس الاتحاد؟! إذن أين المشكلة؟ هي بالتأكيد ليست سمعة مصر، ولا الصحافة المصرية، فمصر التي عرفت الصحافة منذ ما يزيد علي القرنين، والتنظيمات النقابية منذ أكثر من قرن، لا يمكن لهذا النمط من التفكير أن يكون هو شاغلها، ولا يمكن أن توضع مصر في هذا المجال في مقارنة مع أحد في محيطها العربي. ولابد أن تفخر بأن أبناءها يسعون دائما لاتساع هامش الممارسة، بما يليق بمكانة وتاريخ الصحافة المصرية، وأننا نسعي أيضا كي نعكس كل ذلك في قوانين تؤكده وتحميه. المشكلة – كما ذكر الزميل رئيس الاتحاد – هي أمانة المسؤولية، وهي الشجاعة الأدبية التي قال إن لها رجالها، والتي كانت تقتضي منه أن يواجه الحقائق، وأن يجيب عن السؤال الأساسي: ماذا فعل بالاتحاد منذ عام ١٩٩٦ حتي الآن؟.. ولا أريد أن أخوض في تفاصيل معركة التجديد لولاية ثالثة له، رئيساً للاتحاد في أكتوبر عام ٢٠٠٤، والتي حاول أن يصورها علي أنها معركة بين أشخاص طامعين في منافسته، وجنّد المؤسسة التي كان يترأسها وجميع مطبوعاتها، لتشويه كل من عارضه أو حاول أن يطرح أساس القضية، وهي جمود وضع الاتحاد، وإفشال كل محاولات إصلاحه حتي من الداخل، وتوظيف كل الأمور والتفاصيل طوال السنوات الماضية، حتي تحافظ علي بقائه واستمراره، وكأنه هو الغاية والهدف. وحتي لا أقول كلاماً مرسلاً، أشير فقط إلي جزء من تقرير تشرّفت بكتابته وتقديمه للاتحاد، عندما ذهبت إلي العراق في يناير ٢٠٠٤ لأكثر من عشرة أيام في مهمة استثنائية، ضمن وفد من الاتحاد بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين لتقصي الحقائق، عن أوضاع الصحفيين العراقيين ذكرت فيه: «نري بصراحة ووضوح، أنه قد آن الأوان لأن يسعي الاتحاد لتغيير أنماط أعماله في الفترة المقبلة، ليكون إحدي أدوات التطور الديمقراطي في المنطقة، وأن نسعي لكي يكون الاتحاد – والنقابات التي تعمل تحت رايته – ممارساً لأكبر قدر من الديمقراطية في عمله، والمحافظة علي أكبر قدر من الاستقلالية في الأداء، فإذا لم يكن اتحاد نقابات الرأي مدركاً حقائق كثيرة حوله، فممن ننتظر هذا؟!  ولابد أن ننفي بالممارسات أننا لسنا اتحاداً للحكومات، وأننا اتحاد للصحفيين، ولابد أن ندين تحول بعض النقابات إلي أبواق للأنظمة السياسية، ولا يمكن أن يقبل الاتحاد نقابات تعاني الجمود وتخشي الممارسة الديمقراطية، ولا تعتمد ملف الحريات الصحفية في قاموس عملها اليومي،  كما نري ضرورة أن يكون الاتحاد – الذي يعتمد نقابة واحدة في كل دولة عربية – متأكداً من جدية جداول العضوية بهذه النقابات، وفتحها لكل من تنطبق عليهم شروط الانضمام إليها، دون تمييز أو استبعاد، وأن يتابع الاتحاد إجراء الانتخابات بشكل دوري في هذه النقابات بطريقة قانونية وديمقراطية، وأن يراقب الاتحاد هذه الانتخابات، وأن يتخذ الاتحاد موقفاً من النقابات، التي تهزل في هذا الأمر. فكثير من مأساوية الوضع النقابي في العراق حالياً، كان يمكن أن نتداركه، لو أننا ملكنا بعض المنطق البسيط لبديهيات يعرفها كل نقابي حقيقي، يعمل من أجل مصالح زملائه ومن أجل نمو الحريات التي تزدهر فيها الصحافة والإعلام.. إننا يجب أن نفرق بين التمسك بثوابتنا القومية وقواسمنا المشتركة، كأصحاب رأي وجزء من ضمير شعوبنا العربية، وبين أن نكون مندوبين رسميين لأنظمة وحكام وأوضاع، يجب أن نسهم في تغييرها أو ترشيدها، حتي ننجو بمهنتنا ونحترم تنظيمنا النقابي ونحتضن الأحلام المشروعة لشعوبنا وأوطاننا.. وهذا لن يتأتي إلا عبر دفاعنا المشروع عن استقلال تنظيماتنا النقابية قدر ما نستطيع». هذا هو الموضوع لمن يريد أن يتناول الأمر بجدية، وليس علي طريقة مباراة الوطنية وفي غير ملعبها، أو علي طريقة دفع الأذي عن النفس بالهروب إلي ما هو أدني، والتخفي وراء شعارات أمانة المسؤولية والشجاعة الأدبية. أما الحديث عن مثلث الشر في الصحافة المصرية، الذي تحدث عنه زميلي كرم جبر في ثلاثيته، فهو حديث ذو شجون، ولسنا في حاجة إلي المزيد منه الآن.
 
(المصدر: صحيفة المصري اليوم بتاريخ  عدد 1079  الصادرة يوم 28 ماي 2007)


مطلوب إطفائي لصيف لاهب!

عرفان نظام الدين 
تجمع كل الأرصاد الجوية في لبنان والعالم على أن المنطقة مقبلة على صيف لاهب يطاول الجميع وينشر حرائقه في دول عدة ليصل لهيبها الى الجوار وما حوله… كما يجمع العلماء على أن التلوث السياسي والفكري والأخلاقي والوطني والقومي فعل فعله في الأجواء العامة ما أدى الى إحداث ثقوب في الأوزون العربي تهدد المصير وتنذر بمخاطر كثيرة تضرب كيانات وأنظمة وشعوباً.
هذا التشابه العجيب والمريب بين ما يحدث على صعيد «البيئة العامة» بسبب التلوث المتعمد والناجم عن الحضارة المزعومة وبين ما تتعرض له البيئة العربية من تلوث ناجم عن خلافات وفتن وصراعات وتدخلات أجنبية وقصور عقلي وفكري ووطني يدفعنا الى قرع أجراس الإنذار والتحذير من مغبة التباطؤ في معالجة الأوضاع وغياب المبادرات الفاعلة والجدية والسريعة لنزع صواعق التفجير وإيجاد حلول للخلافات المصطنعة وحالات العناد والمكابرة والتحدي لدى الكثير من الأفرقاء. المطلوب اليوم قبل الغد وبسرعة فائقة رجال إطفاء مخضرمون وحكماء عرب لمعالجة الملفات الساخنة والملتهبة ووضع «خريطة طريق» عملية وحاسمة لقطع دابر الفتن وفق جدول زمني لا يعترف بالمستحيل ولكنه ينطلق من الواقعية السياسية التي تعترف بأن الحل الشامل والسريع غير متاح دفعة واحدة، وأن المنطق يفترض أن تبدأ الخطوة الأولى بنزع الفتيل والصواعق وإقامة نظام تبريد مرحلي وفتح نوافد الحوار لطرد الهواء الملوث وإدخال نسائم الأمل ثم المضي في خطوات عملية ثابتة لا تعرف اليأس ولا الملل في رحلة الألف ميل لإطفاء الحرائق وإعادة الأوضاع الى جادة الصواب وطريق السلام والأمن والأمان.
لا حاجة لعرّافين ومنجمين ومحللين، وهم كثر هذه الأيام، لرسم صورة الواقع العربي ومستقبل المنطقة في هذا الصيف اللاهب المقبل حاملاً معه نذر الشر المستطير والأحداث الجسام، فمن ينظر الى المقدمات يشعر بالرهبة من الآتيات، ومن يسمع وقع الصراعات والأخبار غير المطمئنة يشعر بالرعب من «الأعظم»، ومن يراقب التحولات في المواقف والأحداث المرتقبة خلال الأسابيع المقبلة يشعر بنذر الأخطار الجسام وفداحة التهديدات التي أفلتت من عقالها. هذه الصورة التشاؤمية لا تنطلق من العدم ونحن نرى أمتنا ومنطقتنا ودولنا وأوطاننا تتجه نحو حافة الهاوية وكأنها حافلة ركاب أفلتت كوابحها في طريق جبلي فسارت على غير هدى لا أمل لدى ركابها إلا بحدوث معجزة سماوية.
ففي فلسطين شهدنا خلال الأيام الماضية «بروفات» مأسوية لسيناريوات مقبلة تحمل إلينا الفواجع والنكبات المصنوعة بأيدي رفاق السلاح وإخوة الوطن والدم والمصير وتقضي على آخر أمل للشعب الفلسطيني بنيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة والانتقال من حالة الضياع والتشرد والدم والدموع والآلام التي استمرت أكثر من 60 سنة الى حالة الاستقرار والأمل والأمن والأمان. ولا يملك المرء من القدرة على تفسير ما يحدث بين «فتح» و «حماس» ولا يستطيع التعبير عن مدى ألمه وأسفه وهو يرى أبناء الشعب الواحد يتقاتلون ويدمرون وطنهم والعدو لا يتفرج ويشمت بهم فحسب، بل يصب الزيت على النار ويسهم في إشعال نار الفتنة النكراء ويمضي في جرائم القتل والاغتيال والقصف والحصار والأسر ومعها جرائم توسيع دائرة الاستعمار الاستيطاني وتهويد القدس واضطهاد أهل المدينة المقدسة وعرب فلسطين أصحاب الأرض والحق والشرعية والتاريخ والجغرافيا. فقد هللنا وفرحنا لصلح مكة بين طرفي النزاع وأملنا خيراً بنجاح المبادرة السعودية النبيلة في جمع الإخوة في أقدس مكان على الأرض خصوصاً ان راعيها هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس القمة العربية. ولكن رأس الفتنة أطل بسحنته الصفراء من جديد ليشعل نار الخلافات ويحصد أرواح عشرات الأبرياء في اشتباكات عبثية تصب كلها في خانة أرباح العدو الصهيوني، والأمل كبير بتثبيت الهدنة وإعادة الاعتبار لوثيقة مكة التي نُقضت قبل أن يجف حبر التواقيع عليها تمهيداً لوضع حل نهائي لهذه الجريمة النكراء على رغم المخاوف الكثيرة من أن «الطلاق» اصبح شبه نهائي وأن الحل لن يكون إلا بحسم الصراع لمصلحة أحد الطرفين أو تثبيت واقع التوازن القائم والمتمثل بسيطرة «حماس» على غزة وسيطرة «فتح» على الضفة الغربية، بعد ان يعم الخراب ويدفع أبناء الشعب الفلسطيني الثمن الباهظ من أرواح أبنائه ودماء الأبرياء ومن ثم من حاضره ومستقبله ومصيره.
وفي ظل هذه الأجواء الملبدة بالغيوم الحمر تتوارد المعلومات عن استعدادات اسرائيلية جدية لشن حرب جديدة، قد تقع في الصيف اللاهب، انتقاماً من نتائج حرب لبنان وتثبيتاً للهيمنة الاسرائيلية التي يقال إنها ستشمل جبهات لبنان وسورية وفلسطين وصولاً الى إيران لضرب مفاعلها النووية. وعلى رغم التشكيك بقدرة اسرائيل على تحقيق أهدافها الخبيثة فإن الواجب يدعو العرب الى اليقظة والحذر لأن اسرائيل اليوم تعيش على بركان نيران الحقد وشهوة الانتقام بمبادرة من إيهود أولمرت الذي يرغب بإعادة الاعتبار لقدراته العدوانية أو من حكومة ليكودية تريد إثبات أهليتها من طريق الخيار العسكري المدمر.
أما العراق فصيفه لاهب مناخياً وسياسياً. فكل المؤشرات تتجه نحو خيار واحد وهو الحسم خلال أشهر من قبل أميركا التي تهتز على وقع خيبتها، والمقاومة التي تشعر أنها على قاب قوسين من تحقيق أهدافها، ومن دعاة التقسيم والانفصال الذين يؤكدون ان عليهم «ضرب الحديد وهو حام» وإن خيار الدويلات الكردية والشيعية والسنّية يقترب من حيز التنفيذ، ومن قبل الدول التي تلعب دوراً في الملف العراقي التي تمني النفس بنجاح خططها واقتراب موعد وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية. إنه صيف الحسم إذن بالنسبة الى كل اللاعبين وإدارة الرئيس بوش فإذا أضاعته من دون تحقيق تقدم في خطتها الأمنية فإنها تكون قد ضيعت «اللبن» والعراق وكرامتها وهيبتها ولهذا يتوقع الكثيرون تصعيداً خطيراً وسباقاً محموماً بين الحرب الطاحنة ومحاولات إيجاد مخارج مشرفة ومقبولة من الجميع.
أما لبنان فحدث عنه ولا حرج فصيفه سيكون لاهباً بامتياز ووفق مختلف مواصفات ومقاييس هذه الحال. الاستحقاقات كثيرة وكبيرة وحاسمة: استحقاق المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتداعياتها الداخلية، واستحقاق انتخابات الرئاسة الذي سيشهد تصعيداً خطيراً وحالات مد وجزر وشد وجذب وإجراءات وقرارات قد تجر البلاد الى حرب أهلية أو الى تقسيم واقعي بين حكومتين ورئيسين وفريقين متوازنين ومتصارعين، واستحقاق الصراع بين الحكومة والمعارضة الذي يخشى ان يفلت من عقاله ويتجه الى التصعيد نظراً لارتباطه باستحقاقي المحكمة والرئاسة والعلاقات المتوترة مع سورية وارتباطها بكل هذه الاستحقاقات. ولا حاجة للمزيد في الوصف المأسوي لأن الخوف كل الخوف ان يؤدي التصعيد في أي من هذه الاستحقاقات الى ايقاظ الفتن الطائفية والمذهبية ولا سيما بين السنّة والشيعة وسط ارهاصات تنذر بالشؤم وفي أرضية خصبة مزروعة بحقول ألغام تسارع إيقاع مخاطرها بعد معارك مخيم نهر البارد ومعضلة «فتح الإسلام» وتداعياتها وما لحقها من تفجيرات.
وعلى كتف كل هذه الاستحقاقات يبقى الملف النووي ماثلاً في مخاطره واحتمالاته امام أعين جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية. بل ان هناك من يراهن على أن المواجهة العسكرية قريبة وأن الضربة العسكرية واقعة لا محالة في حال استمرار التحديات وزيادة حدة التصعيد في المواجهة بين إيران والغرب. هذه الصورة العامة السوداوية عن «الصيف اللاهب» الذي تنتظره المنطقة تقابلها ملامح صورة تحركات ومبادرات وجهود ومؤشرات قد تسهم في تبريد الأجواء وإبعاد شبح الأخطار ويمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
* استمرار التنسيق السعودي – الإيراني لنزع صواعق الفتنة بين الشيعة والسنّة وإيجاد حلول عملية في لبنان والعراق. * تأكيد السعودية على دعمها للتسوية بين اللبنانيين وتجديد الوعد بالتحرك لمنع وقوع المحظور. * إعلان الولايات المتحدة وإيران عن رغبتهما بالحوار في شأن العراق وبدء الاتصالات اللازمة لإنجاحه. * تجدد المساعي المصرية والسعودية لوأد الفتنة بين «فتح» و «حماس» وتثبيت وقف إطلاق النار. * التحرك العربي للترويج للمبادرة العربية للسلام وحمل اسرائيل على الاعتراف بها كسبيل وحيد متاح للمضي في طريق السلام. * فتح قنوات الحوار بين السعودية والولايات المتحدة وأوروبا مع سورية لإعادة وصل ما انقطع وبناء جسور حوار يفتح أبواب الحلول وإطفاء نار الحرائق وإشراك سورية في الحلول. * توقع متغيرات في إيران تنزع صاعق تفجير حرب بسبب ملفها النووي إما بإيجاد حل وسط لعملية تخصيب اليورانيوم أو بحدوث تغيير في القيادة يعيد المعتدلين إليها وسط أنباء عن مرض المرشد الروحي الإمام علي خامنئي واحتمال نجاح رئيس مصلحة تشخيص النظام الشيخ هاشمي رفسنجاني في الوصول الى هذا الموقع الحيوي ليمسك بزمام الأمور بعد تحالفه مع الرئيس السابق محمد خاتمي.
والأمل كل الأمل أن تميل كفة ميزان المنطقة الى نهج الحلول المرضية والأمن والتسويات وصولاً الى ترسيخ دعائم سلام دائم وأمان أكيد في المنطقة التي عانت شعوبها الأمرين من صراعات مستديمة وحروب مستمرة وويلات لا تودع إحداها حتى تستقبل الأخرى. إلا أن التفاؤل لا يكتمل إلا بإقدام الحكماء على خوض غمار التحدي الإيجابي والمسارعة الى إيجاد الحلول وإطفاء نيران حروب مدمرة تأكل ما تبقى عندنا من أخضر ويابس. مطلوب إطفائيون حكماء لهذه المهمة الانسانية السامية… والأمل معقود على هؤلاء الحكماء وعلى رأسهم رئيس القمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز… وكفى الله المؤمنين شرور القتال والحروب والفتن.
كاتب وصحافي عربي (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 ماي 2007)  

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.