الأحد، 27 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2560 du 27.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


الحزب الديمقراطي التقدمي – جامعة قفصة: بيــــان

الحزب الديمقراطي التقدمي – جامعة القصرين : تدشين مقر ومحاضرة في القصرين يو بي أي: حزب تونسي معارض يتهم الحكومة باعتقال عدد من كوادره واس: البنية السكانية في تونس الحياة: خط جوي بين طهران وتونس … وتسويق سيارات إيرانية في الجزائر الحياة: تونس تزيد مبادلاتها مع الجزائر والمغرب الجزيرة.نت: قطر للبترول تشيد مصفاة للنفط في تونس الدستور: الرئيس التونسي يستقبل نشأت سهاونة * «الحمد» تستعد لتنفيذ مشاريع ريادية في تونس موقع الحوار.نت:فارس الإسلام والحرية في تونس عبد الرؤوف العريبي ( 26 مايو آيار 1991 ــ 26 مايو آيار 2007 ) الحوار نت:  حـصـاد الأسـبـوع: الإثنين 28 ماي 2007 تونس أونلاين.نت:رئيس حركة النهضة  يضع النقاط على الحروف حول المصالحة ومزاعم تفويته للفرص ( الحلقة 4 ) د. محمد الهاشمي الحامدي: شهادة صلاح الدين الجورشي وسؤال لبقية قيادات النهضة د خالد شوكات: الإسلاميون التوانسة ما بعد حركة النهضة مرسل الكسيبي: تونس : المصالحة العرجاء على طبق سياسي مسموم…! عامر عياد: الوكالة الوطنية لحماية الشريط الساحلي:سكتت دهرا و نطقت… منتدى الحوار السياسي بموقع « الحوار.نت »: ورقات من ماض لم ينته بعد سمير عبيد: مناقشة جريئة مع سيدة تونس الأولى على ضوء حديثها المتناقض لوكالة الأنباء الأماراتية الوحدة: حتى نلتقي:رئيس تشخيص مصلحة النظام.. الوحدة: للتاريخ: هؤلاء دمروا اتحاد الطلبة الوحدة: الشباب التونسي والسلوكات الغريبة سهير بلحسن لـ »الأوان »: أنسنة العولمة وحماية المهاجرين زهير الخويلدي: جدل العرب والغرب – أسباب التنافي وشروط التصافي محمد ماضي: « النزاهة والعدل ».. هذا ما يريده العرب من أمريكا الحياة: مصر: القياديان عبود وطارق الزمر يؤيدان مبادرة «منظّر الجهاديين»


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


الحزب الديمقراطي التقدمي

جامعة قفصة

 

بيــــــــــــان

 

        تواصلت حملات الإيقاف من طرف الأمن بمدينة قفصة لمناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي بالجهة حيث تمّ إيقاف أربعة عناصر من شباب الحزب مساء الجمعة 25 /05/2007 وهم السادة خلدون علوي منسق مكتب الشباب وإلياس قاسمي ومحمود سلطان وأحمد علوي أعضاء المكتب وتم استنطاقهم حول توزيعهم لبيان جامعة قفصة للحزب ولم يتم الإفراج عنهم إلا بعد الثالثة صباحا.

        وهنا تستخلص جامعة قفصة أن الهدف من هذه الممارسات هو مواصلة للحملة التي تستهدف الحزب ككل ومحاولة ترهيب وتخويف للعناصر الشبابية وشل نشاط الجامعة.

        وتذكر الجامعة أن كل مناضليها يعملون في إطار حزب قانوني حاصل على التأشيرة منذ ما يزيد عن العشرين سنة ومن حق هياكله إصدار البيانات الموجهة للرأي العام.

        ويؤكد الشباب الديمقراطي التقدمي على إصراره لمواصلة مسيرته النضالية من أجل تونس ديمقراطية وأن هذه المضايقات لن تزيدنا إلا حزما على ممارسة حقوقنا والمساهمة في الشأن العام.

        وأن الانغلاق السياسي والحلول الأمنية لن تزيد الجو إلا تعكرا وتساهم في تغذية العنف والتطرف وعدم الاستقرار.

        وتوجه جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي نداء من جديد إلى السلط الجهوية وإلى السيد وزير الداخلية للتدخل للحد من المضايقات اليومية التي يتعرض لها مناضلو الحزب بالجهة.

 

                                                      جامعة قفصة للحزب الديقراطي التقدمي

                                                                    الكاتب العام

                                                                  عبد الرزاق داعي


الحزب الديمقراطي التقدمي

جامعة قفصة

بــيــــا ن

 

ما زال السيد الياس قاسمي عضو جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي محروم من جواز سفره الذي صودر منه منذ ثلاثة عشر سنة بدون أي حق قانوني وتقع مماطلته بالوعود والتعلات الكاذبة كل مرة يطالب فيها بهذه الوثيقة .

كما تعرض الطالب محمود سلطان العضو في جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي للايقاف من طرف عوني من الأمن السياسي يوم الاربعاء 24/ماي / 2007 اثر نزوله من الحافلة التي تقله إلى مقر الحزب ، وتم اقتياده الى منطقة الشرطة بقفصة حيث وقع استجوابه حول اسباب انتمائه الى الحزب الديمقراطي التقدمي وعن أسماء بقية الشباب المكونين للمكتب الشبابي بالجامعة وعن الأنشطة الثقافية التي تنظمها الجامعة وعن جريدة الموقف وذلك بأسلوب تهكمي ساخر . كما يخشى الشاب محمود سلطان أن تقع ضغوطات على صاحب المحل الذي يسوغه للعائلة للسكن وذلك بعد أن استجوبه العون عاطف غريب عن اسم هذا الأخير والحال أن الأمن يعرف كل شيء عن كل منخرطي الحزب في الجهة ويعلمون جيدا ان الطالب محمود سلطان من الشباب الناشط في المجال الثقافي ( المسرح ) ويحمل الفكر الديمقراطي التقدمي .

 

من ناحية أخرى وبعد أن فشلت كل المساعي لإغلاق مقر جامعة الحزب بالجهة بالضغط على صاحب المحل لجأت السلط الأمنية للتواجد المكثف حول مقر الحزب في محاولة منها لترهيب المدعوين عند كل نشاط للجامعة .

 

وهنا تذكر جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي أن هذا الحزب شرعي ويعمل تحت طائلة القانون ومتحصل على التأشيرة للعمل السياسي منذ سنة 1988 ومن حقه أن يحافظ على موقعه الطبيعي في المعارضة المستقلة عن السلطة وفي حق هياكله من جامعات وغيره في تأطير وتوعية المواطنين وخاصة الشباب منهم من خلال أنشطتها الثقافية والسياسية والفكرية .

وتدعو جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بقفصة السلط الجهوية ووزارة الداخلية للتدخل من أجل فك الحصار المضروب على المقر ووضع حد للتتبعات والمضايقات التي يعاني منها مناضلو الحزب .

 

جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي

الكتب العام

عبدالرزاق داعي

 


 

جامعة القصرين للحزب الديمقراطي التقدمي

تدشين مقر ومحاضرة في القصرين

نظمت جامعة القصرين للحزب الديمقراطي التقدمي اجتماعا مفتوحا يوم الإثنين 9 أفريل 2007 بمقره الجديد بشارع الدولاب بمدينة القصرين حضره أكثر من مائة مواطن ومواطنة جاؤوا للاستماع إلى المحاضرة التي ألقاها الأخ أحمد نجيب الشابي بعنوان « مواطنون لا رعايا ». وقد وصل الوفد على الساعة العاشرة صباحا الذي كان يضمّ الأمين العام السابق الأخ أحمد نجيب الشابي مرفوقا بالدكتور أحمد بوعزّي عضو المكتب السياسي للحزب المسؤول على الشباب والمرأة وبالسيدة صفية المستيري عضوة اللجنة المركزية، وكان في استقبالهم السادة عباس بوعزّي وعمار حمدي والناجي غرسلّي والإطارات المحلية والجهوية للحزب وعدة عشرات من المناضلين خصوهم باستقبال حار. وقد تجوّل الوفد القيادي للحزب في المقر الجديد الذي كان مزدانا بالأعلام وبالصور وبالمعلقات التي استعملت في نشطات الحزب المتعددة وبأدبيات الحزب التي غطّت كل الجدران تقريبا. وقد تناولت المحاضرة نضال الشعب التونسي منذ قرن من أجل بناء دولة ذات مؤسسات ديمقراطية ذكّر فيها الأخ الشابي بشهداء 9 أفريل الذين بلغ عددهم يومها 122 شهيدا من بين الذين كانوا ينادون ببرلمان تونسي، وأضاف المحاضر أننا لم ننعم منذ ذلك التاريخ وإلى الآن ببرلمان منتخب ديمقراطيا في انتخابات شفافة ولم نحصل على استقلال السلطتين التشريعية والقضائية عن السلطة التنفيذية. ثم تحدّث عن نضال الشعب التونسي في القرن الواحد والعشرين وعن حركة 18 أكتوبر التي استطاعت أن تجمع المعارضة التونسية الواسعة وراء مطالب ثلاثة وهي حرية التعبير وحرية التنظّم والعفو التشريعي العام، وأضاف أننا في الحزب الديمقراطي التقدمي نزيد عن ذلك مطلبين هما أولا الإصلاح الدستوري الذي يفصل بين السلط ويبعث المجلس الدستوري الذي ينظر في شرعية القوانين وثانيا الانتخابات الديمقراطية والنزيهة لسنة 2009 التي تشرف عليها سلطة محايدة غير وزارة الداخلية. وتدخل الدكتور أحمد بوعزّي من بعده للحديث عن سياسة الحكومة التربوية التي تتصف بالارتجال والتذبذب وبعدم احترام القانون وأعطى مثالين: امتحان السنة الرابعة ابتدائي الذي صدر في موضوعه منشوران متناقضان كل التناقض في أقل من شهر، والإعداديات النموذجية التي ستبعث هذه السنة بصفة تخالف قانون 2002 من حيث بعث امتيازات غير قانونية لبعض التلاميذ والعدول عن التدريس باللغة العربية في المرحلة الإعدادية وتوفير فرص غير متكافئة للتلاميذ سيستفيد منها الذين يدفعون أموالا أكثر في الدروس الخصوصية. ثم تلى ذلك نقاش بنّاء شارك فيه عدد من الحاضرين سواء كانوا من الحزب أم من الحاضرين بما فيهم من كانوا ينتمون إلى أحزاب أخرى أو إلى النقابات، وقدّموا تساؤلات وطلبوا توضيحات أجاب عليها الأخ أحمد نجيب الشابي بكل وضوح وأريحية مذكّرا أن مقر الحزب هو خيمة لكل مناضل نزيه مهما كان انتماؤه. وانتهى الاجتماع في الثانية بعد الزوال.

 


حزب تونسي معارض يتهم الحكومة باعتقال عدد من كوادره

تونس ـ يو بي أي:  اتّهم حزب تونسي معارض السلطات التونسية باعتقال عدد من كوادره في مدينة قفصة الواقعة على بعد 350 كيلومترا جنوب غربي تونس العاصمة. وقال الحزب الديموقراطي التقدمي (حزب معارض معترف به) في بيان وزّعه السبت ان هذه الاعتقالات استهدفت مساء يوم الجمعة ثلاثة من كوادر مكتبه بمدينة قفصة، هم خلدون العلوي ومحمود سلطان والياس القاسمي، وأحمد العلوي الذي أطلق سراحه بعد ساعات من اعتقاله. وأضاف الحزب في بيانه الذي حمل توقيع أمينه العام المساعد رشيد خشانة، أن هذه الاعتقالات تمت على خلفية توزيع بيان للحزب وصف بالعادي، مشيرا في نفس الوقت الى أعضاء وكوادر الحزب في هذه المدينة »يتعرضون منذ فترة الى مضايقات واستفزازات مستمرة. واستنكر الحزب هذه الاعتقالات التي وصفها »بالتعسفية«، واعتبر أن الاصرار على ملاحقة كوادره »لا يمكن أن يؤدي سوى الى التشكيك في جدوى العمل السياسي القانوني لدى الشباب،وترسيخ التطرف وتغذية البدائل العنيفة«. (المصدر : صحيفة « الوطن » الكويتية بتاريخ 27 ماي 2007) الرابط: http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?MgDid=505650&pageId=37

البنية السكانية في تونس

 

 
تونس 10 جمادى الاولى 1428هـ الموافق 27 مايو 2007م واس كشفت دراسة حول البنية السكانية في تونس أن 3 ر9 بالمئة من السكان في البلاد تتجاوز أعمارهم 60 عاما مما يعني بروز تهرم سكاني سيؤدي بعد مشيئة الله إلى ظهور أمراض مرتبطة بالشيخوخة. وذكرت الدراسة التي تم تقديمها في إحدى جلسات مجلس النواب التونسي أن أمراض القلب والشرايين تصيب 2 ر 40 في المئة ممن تخطت أعمارهم حاجز الستين عاما إلى جانب ارتفاع عدد مرضى السكري من هذه الفئة العمرية ليصل إلى 32 في المئة ثلثهم من النساء. وتبرز الدراسة أن 6ر9 بالمئة من المسنين أي مايناهز 46 ألف شخص في حاجة إلى من يرعاهم .. مطالبة بالاسراع في تطوير التأهيل في اختصاصات طب الشيخوخة في التعليم الطبي بالمراحل الجامعية. وتفيد المعطيات بأن تفاقم التهرم السكاني في العقدين القادمين من شأنه أن يولد إفراطا في تبعية المسنين تجاه الضمان الاجتماعي في مجالات التقاعد والتأمين على المرض والمنافع العائلية الأخرى. ويقول مختصون في مجال الأسرة أن التهرم السكاني هو نتيجة حتمية لسياسة تحديد النسل .. مشيرين في هذا الاتجاه إلى تراجع معدل الخصوبة لدى المرأة التونسية من 7 أطفال قبل حوالي 50 عام إلى طفلين فقط عام 2004م.
  (المصدر :وكالة الأنباء السعودية « واس » بتاريخ 27 ماي 2007)


خط جوي بين طهران وتونس … وتسويق سيارات إيرانية في الجزائر

تونس – سميرة الصدفي     الحياة     وسعت إيران حضورها الاقتصادي في شمال أفريقـــيا بعـــد سلسلة زيارات لوزراء ووفود من رجال الأعمال الإيرانيين الى المنطقة، وبعدما دشنت شركة «الطيران الجديد» التونسية الخاصة الشهر الماضي رحلات مباشرة بين مطاري طهران ومنتجع الموناستير السياحي، أُعلن في الجزائر عن بدء تسويق سيارات «خودرو سامند» الإيرانية بكميات تجارية. وأفادت مصادر في الشركة التونسية بأن الرحلات المباشرة إلى طهران، تهدف إلى نقل سياح إيرانيين إلى تونس لمناسبة أعياد النوروز. وتتـــولى شركة «فامـــوفــــال» التجــارية بيع سيارات «خودرو سامند» المقتبسة من السيارة الفرنســــية «بيجــــو 405» بسعر 840 ألف دينار (8700 يـــورو)، ولاقــــت هذه السيارة إقبــــالاً لدى ســـائقي الأجــــرة، كــــونـــها متـــوافرة في طـــراز يشتغل بالغاز الطبيعي الذي تنتجه الجزائر بكميات كبيرة. وأفاد مسؤولون في «فاموفال» بأنها تعتزم قريباً استيراد طراز آخر من السيارات الإيرانية، هو «سايبا» المقـــتبس من طرازات قديمة لسيارتي «كيا» و «مازدا». وفي سياق متصل، توصلت تونس وطهران إلى اتفاق تفضيلي لتعزيز المبادلات التجارية بينهما، خلال زيارة رسمية لوزير التجارة التونسي منذر الزنايدي إلى طهران. وكان وفد من رجال الأعمال التونسيين برئاسة رئيس نادي المصدرين صادق بن جمعة، زار إيران في الربيع الماضي وناقش مع المسؤولين هناك آفاق تنشيط المبادلات التجارية بين البلدين. ولا يتجاوز حجم المبادلات الثنائية حالياً 70 مليون دينار (60 مليون دولار)، إلا أن الزنايدي أعلن أنهما يعتزمان زيادتها إلى 100 مليون دينار (85 مليون دولار) في الفترة المقبلة.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 ماي 2007)

تونس تزيد مبادلاتها مع الجزائر والمغرب

 
تونس – سميرة الصدفي     الحياة     ارتفع حجم المبادلات التجارية بين تونس وجارتيها، الجزائر والمغرب، بنسبة قياسية بعد عقد من الركود بسبب شلل تطبيق «اتحاد المغرب العربي»، الذي تنتمي اليه البلدان الثلاثة إضافة إلى ليبيا وموريتانيا. وأظهرت إحصاءات تونسية أن حجم المبادلات مع المغرب ارتفع بنسبة 85 في المئة خلال الأشهر الأولى من السنة. وأكد وزير التجارة التونسي منذر الزنايدي أن الاتفاق التجاري للتبادل الحر الذي توصل اليه البلدان ساهم في تنويع المبادلات وفتح آفاقاً جديدة أمام الصناعيين ورجال الأعمال فيهما. وأفاد بأن حجم المبادلات التجارية ارتفع من 105 ملايين دولار عام 2001 إلى 186 مليون دولار عام 2005. وكان الزنايدي يتحدث في «المنتدى التونسي – المغربي الأول» الذي نظّمه كل من مصرف «التجاري وفا بنك» المغربي و «التجاري بنك» التونسي بمشاركة رجال أعمال ومستثمرين من البلدين، وحمل شعار «التنمية المغاربية». إلا أن أكاديميين تحدثوا في الندوة أشاروا إلى تدنّي حجم المبادلات الذي لم يتجاوز 155 مليون دولار السنة الماضية، في حين كان متوقعاً الوصول إلى 650 مليون دولار. وفي سياق متصل، كثّفت تونس تصدير مواد الإنشاءات، خصوصاً الإسمنت، إلى الجزائر في الفترة الأخيرة مع انطلاق تنفيذ خطة جزائرية لإقامة مليون وحدة سكنية جديدة في غضون أربع سنوات. وتُعتبر المحافظات الشرقية الجزائرية أقرب إلى مصانع الإسمنت التونسية من المصانع الجزائرية التي باتت غير قادرة في دورها على استجابة الطلب المتزايد على هذه المادة. وشكّلت مدينة قسنطينة (المدينة الثالثة في البلد) التي تعدّ مليون مواطن، نقطة الاستقطاب الرئيسة للصادرات التونسية، نظراً الى حجم المشاريع السكنية التي يجرى إنجازها في محيطها التي قُدّرت بـ 1.5 بليون دولار. ولوحظ أن مكاتب استشارية تونسية وشركات بناء ومكاتب هندسية فتحت فروعاً لها في الجزائر أخيراً، في حين يُنهي اليوم وفد من رجال الأعمال التونسيين زيارة عمل إلى قسنطينة بدأها الخميس الماضي، لدرس مشاريع شراكة مع مستثمرين محليين. ومع ذلك، أظهرت بيانات حكومية وُزعت في تونس الاثنين الماضي تفاقماً في العجز التجاري للبلد خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة، بسبب زيادة المستوردات من المواد الزراعية. وزادت الواردات الزراعية، خصوصاً الحبوب بنسبة تجاوزت 45 في المئة في أعقاب تراجع المحاصيل المحلية، في حين ارتفعت صادرات البلد من النفط الخام بنسبة 32.5 في المئة خلال الفترة نفسها.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 27 ماي 2007)

قطر للبترول تشيد مصفاة للنفط في تونس

 
وقعت الحكومة التونسية وشركة قطر للبترول السبت على مذكرة اتفاق خاصة ببناء مصفاة نفط في مدينة الصخيرة التونسية جنوبي العاصمة باستثمارات قدرها تقدر بملياري دولار. وقال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة القطري الذي وقع المذكرة في تونس مع وزير الصناعة التونسي عفيف شلبي إن المصفاة ستصل طاقتها إلى نحو 150 ألف برميل يوميا. ودعا عبد الله العطية عقب محادثات مع رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي إلى ضرورة إبعاد الخلافات السياسية العربية عن المشاريع الاستثمارية، ووصف محادثاته في تونس بالمثمرة. وتنص المذكرة على أن تتولى قطر للبترول إنجاز المصفاة، واستغلال وصيانة هذه المصفاة الثانية من نوعها في تونس لمدة 30 عاما. وتأتي هذه المحادثات في وقت تزايدت فيه التوقعات بقرب استئناف تونس تمثيلها الدبلوماسى بالدوحة والذي توقف نهاية أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي. وتنافست قطر للبترول وشركة بتروفاك البريطانية على المشروع، وتأهلت الاثنتان في منافسة أولية. يُذكر أنه يوجد بتونس حاليا مصفاة واحدة للنفط بمدينة بنزرت لا تتجاوز طاقتها الإنتاجية 30 ألف برميل يوميا. وهي تريد تعزيز قدراتها التكريرية لتلبية احتياجات اقتصاد ينمو على مدى العقد الماضي بمعدل متوسطه 5%. (المصدر: موقع « الجزيرة.نت » (الدوحة – قطر) بتاريخ 27 ماي 2007)

الرئيس التونسي يستقبل نشأت سهاونة * «الحمد» تستعد لتنفيذ مشاريع ريادية في تونس

 
 
عمان – الدستور
استقبل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الخميس الماضي في العاصمة التونسية المهندس نشأت فرحان سهاونه رئيس مجموعة « الحمد « للإنشاء والتطوير ، وعبر السهاونه خلال اللقاء عن رغبة مجموعة الحمد للانشاء والتطوير في الاستثمار في تونس . وتم خلال اللقاء عرض عدد من المشاريع التي تقترح مجموعة « الحمد » إنجازها . وقال مصدر مسؤول في المجموعة ان »الحمد للانشاء والتطوير » التي تنفذ عددا من المشاريع العملاقة في الاردن والامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمغرب ، تعتزم تنفيذ مشاريع ريادية في تونس. واضاف المصدر ان المجموعة أسست شركة في المغرب مؤخرا استعدادا للبدء في تنفيذ مشاريع عقارية استثمارية وسياحية في المغرب ، مشيرا الى ان بيئة الاستثمار في المغرب وتونس يعد جاذبا ومجديا في ضوء التطورات الايجابية التي شهدتها الدولتان الشقيقتان. ويشار الى ان شركة الحمد للانشاء والتطوير ـ الاردن تنفذ مشاريع كبرى في الاردن في مقدمتها مشروع بوابة الاردن والقرية الملكية في اطار مشاريع المدن الملكية والتي تتجاوز تكلفتها المليار دولار امريكي. وتعد شركة الحمد للانشاء والتطوير احدى كبريات شركات المقاولات في منطقة الخليج العربي وتخصصت في بناء الابراج حيث نفذت عشرات المشاريع في دولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وفق ارقى المواصفات والمعايير العالمية. ومن المشاريع الريادية التي تنفذها شركة الحمد مرفأ البحرين المالي الذي يعد تحفة معمارية فريدة الى جانب العديد من المشاريع الريادية ، وتوظف الشركة احدث التقنيات المستخدمة في المشاريع العمرانية والاستثمارية الحديثة.
 
(المصدر: صحيفة « الدستور » ( الأردن) الصادرة يوم 27 ماي 2007)


فارس الإسلام والحرية في تونس عبد الرؤوف العريبي

( 26 مايو آيار 1991 ــ 26 مايو آيار 2007 )

 
الحوار.نت ( الهادي بريك ـ ألمانيا ). 1 ــ الشهادة بين مقصد الإسم وشرف المسمى. 2 ــ تعريف بالشهيد عبد الرؤوف لعريبي. 3 ــ من شهادات أقران دربه. 4 ــ كلمة الختام. الشهادة بين مقصد الإسم وشرف المسمى أولا : لم سمي الشهيد شهيدا ؟ إذا كان لابد من مراعاة مناسبة المبنى مع معناه الظاهر المباشر فإن الشهيد سمي شهيدا لغة وشرعا وعرفا بسبب إقدامه على أداء شهادته أداء عمليا على موقفه من الأمر الذي من أجله قدم روحه فداءا له. تكون الشهادة من لدن الإنسان بإستخدام منافذ العلم فيه من حواس مادية ملمومسة وبصائر روحية فيشهد بلسانه في الموضع المناسب لذلك ويشهد بقلبه كذلك ويشهد ببصره وسمعه ويشهد بروحه أغلى ما ملك من خالقه وعادة ما يكون ذلك عند إستنفاد شهادات سابقة. لذلك يسمى شاهدا عندما يشهد بحواسه المادية أو المعنوية إقامة للحجة على نفسه وغيره بمثل ما شهد إبراهيم عليه السلام على خلق السماوات والأرض دون أن يرى ذلك بحاسة من حواسه المادية :  » وأنا على ذلكم من الشاهدين « . ولكن يسمى شهيدا تناسبا مع مبالغته في إقامة البرهان على شرعية قضيته التي من أجلها مات إذا بادر إلى ذلك بأغلى ما ملك من لدن خالقه أي روحه. والمبالغة هنا تقتضي المبالغة هناك تناسبا وتكافؤا. فليس كالشهيد دغدغ اليقين العتيق جنبات كيانه حتى غدت روحه أخلق رداء تعبث فيه كدمات الردى عبثا. وبذلك يكون جزاؤه في الدنيا إحتلاله لترتيب متقدم جدا في سلم الإعتبار الإنساني :  » .. من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. ». أما في الأخرة فربما يكون الأوفق ما قاله أحدهم :  » ليس لنا من أمور الآخرة إلا الأسماء  » وذلك مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام :  » فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر « . ثانيا : الأمة الإسلامية أمة الشهادة : وذلك بسبب أنه عليه الصلاة والسلام تقال الشهداء في أمته فعزاه ربه سبحانه بكون أصناف كثيرة من أمته يظفرون بمقام الشهادة منهم الغريق والحريق والمبطون والمطعون والنفساء وموت الفجاءة ولذلك قسم العلماء الشهادة إلى شهادة آخرة خاصة بمن قتل بأي صورة من صورالقتل  » لتكون كلمة الله هي العليا  » وشهادة دنيا فيها أصناف ممن ذكر آنفا ويلحق بهم مثلهم من مثل قوله عليه الصلاة والسلام :  » إن لله عبادا يضن بهم عن القتل ويطيل أعمارهم في حسن العمل ويحسن أرزاقهم ويحييهم في عافية ويقبض أرواحهم في عافية على الفرش ويعطيهم منازل الشهداء  » ـ الطبراني عن إبن مسعود عليه الرضوان ـ . ثالثا : الشهادة رسالة الأمة وسلاحها الماضي : من مظاهر خيرية الأمة الإسلامية كونها أمة شهادة كما ورد في أدلة كلية كثيرة في القرآن الكريم في سورة البقرة  » لتكونوا شهداء على الناس » وفي سورة الحج  » وتكونوا شهداء على الناس  » وغيرهما. الشهادة هنا تختلف عن الشهادة هناك ولكنهما يتكاملان ويلتقيان . الشهادة هنا تقوم على الإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوحدة والعلم والقوة والإجتهاد والتكريم وغير ذلك من خصائص أمة التوحيد القطعية في القرآن الكريم. أما الشهادة هناك فتقوم على إعادة تأليف القيم العليا التي تحكم علاقة الحياة بالموت والدنيا بالآخرة بما يحرس تلك القيم الفطرية الإنسانية العظمى في النفوس قمعا للظلم وإنتصارا للمستضعفين. الشهادة هنا مقصد أعلى دون ريب وتتخذ لها ذريعة لذلك من بين ذرائع كثيرة : وسيلة الشهادة هناك جريا وراء إتحاد الثقافة القولية بالثقافة العملية بما يثبت قيم الحق والإخلاص والصبر والوفاء في نفوس الناس المتفرجين من فوق الربى. شهادتان للأمة إذن يتكاملان تكامل العلم بالعمل والدعوى بالدليل. رابعا : الحكم بالشهادة من مقتضيات التعامل الإنساني ظاهرا : يطفح الكيل السيء أحيانا بأهله فيشغبون على من يطلق صفة الشهادة على فلان أو فلانة بل يقذفون أحيانا غيرهم بإحتكار صفة الشهادة لطائفة من الناس. وقوع ذلك هو تنفيذ لإرادة الرحمان سبحانه :  » وكان الإنسان أكثر شيء جدلا « . ولكن تصحيح الصورة واجب الراسخين تدافعا بين الناس ليزهق الباطل ويحق الحق. أس ذلك هو أن الإنسان ليس بوسعه لضيق أفقه الروحي مهما طهر وسما أن يطلع على الغيب وهو غيبان : غيب مكنون لا سبيل لملك مقرب ولا لرسول مقدم إليه إلا بسلطان وغيب مؤقت وهو كذلك غيبان : غيب تحجزه عنا المسافات والأزمان وأستار المادة تظل تطارده الإجتهادات حتى تدرك منه كثيرا في عرفها ولكنه قليل في الحقيقة  » وما أوتيتم من العلم إلا قليلا » وغيب تحجزه الصدور لا ينكشف عاريا بالتمام والكمال إلا مغالطا ومراوغا مهما تكثفت إرهاصاته وهو في المحصلة من لون الغيب المستور أبدا  » يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ». ورغم كل ذلك فإن التدافع الإنساني قائم على إعتبار الظاهر من السلوك وعليه الحكم والمبنى كائنا ما كانت قوة تلك الإرهاصات والإشارات وعلة ذلك أن ذلك من صميم قهر الله فوق عباده إذ لو علم بعضهم مكنونات صدور بعض لما جرى اليسر بينهم أو لتذرع بذلك بعضهم إلى التأله على بعض تارة بإسم التقوى وتارة غلبة وقهرا. فالحاصل أنه حين يصف بعضنا بعضنا بالشهيد فمن باب تغليب ظاهر الأمر للزوم ذلك لإشاعة قيم الوفاء والتضحية والإيثار بين الناس ولذلك يحترز الإنسان عادة من سوء ذلك بقوله  » ولا نزكي على الله أحدا « . مصداقا لقوله سبحانه  » فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن إتقى « . ولعل النفس هنا جماعية بمثل قوله  » ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما  » أو قوله  » لقد جاءكم رسول من أنفسكم « . فليس ذلك بمنكور تحت لواء حاكمية الشريعة على النيات وعلى الأعمال معا ولكن حاكمية الشريعة في الدنيا مقصورة على الأعمال لا على النيات لتعذر تبين حقيقتها أما حاكميتها في الآخرة فهي على الأمرين معا على قاعدة تغليب النيات وتحكيمها في العمل أي على ضد ما كان عليه العمل في الدنيا جاريا. خامسا : من حق من حكم له الناس بالشهادة ظاهرا عدم وصفه بالميت : على ذلك قامت الدنيا أي على التدافع موالاة ومهادنة وإحترابا بأسباب الظاهر أما إنكشاف الغطاء بالتمام والكمال فله يوم قال فيه سبحانه  » لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد « . وهي حدة في البصر الحسي تبلغ درجة اليقين يستوي في ذلك المصدق مع المكذب ولذلك قال سبحانه  » وإعبد ربك حتى يأتيك اليقين  » وسمى تلك الدرجة الأعلى من الحقيقة  » عين اليقين « . إذا كان الشهيد هو من يقن في قضيته التي من أجلها بذل روحه رخيصة في سبيلها ليشهد عليها بروحه لا بحاسته التي قد ترتكب الزور فتغر الناس غرورا فإن أدنى حقوقه علينا أن نسميه كذلك ظاهرا حتى يأتي اليقين ويحد البصر وينكشف الغطاء المادي عنا ونعاين اليقين معاينة وفاء لقيم الوفاء التي إلتزم بها الشهيد سواءا إتفقنا معه فيما مات من أجله أو إختلفنا. تلك هي القيمة الخلقية التي قررها القرآن الكريم مرتين في آيه الكريم مرة في سورة البقرة  » ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون  » ومرة في سورة آل عمران بمناسبة غزوة أحد  » ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون « . وبذلك نهى القول باللسان أولا ثم نهى عن إعتقاد ذلك بالقلب ثانيا وأضرب على كليهما بإقرار الحياة للشهيد مراعيا كون الحي الذي لم يتلمظ بيقين الموت بعد لا يدرك حقيقة ذلك  » لا تشعرون  » ليؤكد أن الوجود قسمان قسم نشعر به وقسم لا نشعر به وكما قال الشاعر الألماني قوته  » إذا كنت لا تبصر سوى ما يقع عليه بصرك ولا تسمع سوى ما يقع عليه سمعك فأنت لا تبصر ولا تسمع في الحقيقة « . ذلك تكريم ثان للشهيد في الدنيا فهو حي في عقيدتنا لا يحسن به وصفه بالميت قولا باللسان بعد تكريمه آنف الذكر لكونه يحتل مرتبة متقدمة في سلم الإعتبار البشري بعد النبيين والصديقين. سادسا : لمن نحكم ظاهرا بالشهادة ؟ الشهادة مضبوطة بأمور منها : أن تكون من مؤمن بعد إيمان وأن تكون خالصة لله وحده سبحانه في مقصدها الأولي الأكبر دون إعتبار مساس طائفات الشيطان في أثناء ذلك وخلاله فتلك ضريبة الإخلاص لا بد أن يؤديها الإنسان ولكن تخلص منها الملك فالعبرة بالمبتدإ والأغلب قانونا قاهرا في حادبات الدنيا ومجاهدات الآخرة. قد يسأل سائل ولم لا تكون من تلك الضوابط حدوث الشهادة بعد جهاد ؟ الجواب : أجل ودون ريب ولكن بشرط حفظ عموم الجهاد في سبيل الله بمثل ما ورد في القرآن الكريم دون تغليب للقتال على كل ألوان الجهاد لئلا نتورط في الشطط المخسر أو المطغي. معنى ذلك : المؤمن مجاهد في سبيل الله أو لا يكون. فمن قتل مثلا وهو يجاهد بالقرآن الكريم متمثلا قوله عليه الصلاة والسلام  » خيركم من تعلم القرآن وعلمه  » عمدا أو خطأ أو غيلة هو شهيد دون ريب حملا على ظاهره طبعا. وكذا من قتل وهو يجاهد بماله في سبيل الله وعليهما يقاس كل مؤمن يجاهد في سبيل الله في شعبة أو أكثر من شعب الإسلام التي وافت الستين أو السبعين بحسب قوله عليه الصلاة والسلام وأحصاها بعضهم في مؤلف خاص. تماما كما قيست المساجد ومرافق الناس عامة على الجهاد القتالي في سبيل الله في سابع مصرف من مصارف الصدقة ( الزكاة ) بإتفاق على ذات المصرف  » وفي سبيل الله « . معنى ذلك : حسن فهم الجهاد في سبيل الله مظنة تحصيل مرتبة الشهادة في سبيله لا يتأتى دون حسن فهم الإجتهاد في سبيل الله مظنة العلم بما أسماه العلماء المناط تخريجا وتهذيبا وتحقيقا. أي محل العمل ومدى صلاحيته لأن يتحقق فيه ما لم ينبت فيه أصالة من حكم وعلل ومقاصد إلحاقا له به توسعة على الناس ويسرا أو تنفيذا لعموم الشريعة وشمولها إمتدادا في الزمان والمكان ورحمة للعالمين. ذلك أدنى أن يتوسع ما أراد عليه الصلاة والسلام توسيعه رحمة بأمته حين تقال الشهداء في أمته لو حصرت الشهادة في الجهاد القتالي بحد السيف. توسعة تجعل من كل مؤمن مجاهدا في سبيل الله أو لا يكون له نصيبه منه بالضرورة وتجعل من موته شهادة له على من خلفه وبذلك تكون الأمة كلها حقا وصدقا وعدلا شهداء على الناس. من مات على فراشه قاعدا مات شاهدا على الناس ومن مات مجاهدا في سبيل الله في أي شعبة من شعب الإسلام مات شهيدا في سبيل الله. فلا يموت المؤمن إلا شاهدا أو شهيدا. تعريف بالشهيد عبد الرؤوف العريبـــــــي ـ من مواليد 1954 بتونس. ـ أستاذ تعليم ثانوي بالمعاهد الثانوية بتونس. ـ متزوج وأب لطفلين وبنت رحل عنها وهي في المهد. ـ قيادي مؤسس بحركة النهضة التونسية ( الإتجاه الإسلامي سابقا ). ـ تحمل مسؤولية عضو مجلس الشورى في منتصف الثمانينيات وكذلك مسؤولية مكتب الدراسات والتأصيل الشرعي. ـ داعية معروف بمساجد تونس. ـ حوكم غيابيا عام 1981 ضمن أول محاولة لتصفية وجود الحركة ففر إلى بلجيكا وسرعان ما عاد إلى البلاد يمارس واجبه الدعوي بشكل ما. ـ إعتقل في 3 مايو آيار 1991 بسبب نشاطه الدعوي وإنتمائه للحركة. ـ ظل يتعرض للتعذيب البدني على مدى ثلاثة أسابيع كاملة بسبب صلابته في وجه زبانية الجلاد الأكبر حتى فاضت روحه الزكية يوم 26 من الشهر ذاته. ـ تفصيا من الجريمة النكراء عمدت السلطة إلى دفنه سرا دون إعلام أهله ودون إجراء تشريح طبي لمعرفة أسباب الوفاة. من شهادات بعض أقران دربه فيــــــه ـ  » عبد الرؤوف هادئ الطبع ثابت الإعتدال سديد الرأي وعميق التحليل « . عبد الرؤوف الماجري. ـ  » الشهيد عبد الرؤوف عرف بدماثة أخلاقه وإتساع آفاقه وربطه التكاملي بين وضع الحركة المحلي ومتطلبات العمل الإسلامي عامة محب لإخوانه ومؤثرا لغيره من الخيرين .. ». وليد البناني. ـ  » لن أقول خسرت الصحوة بفقدانه ولكن أقول كم ربحت بإستشهاده وشموخه شهيدا رمزا ». الطاهر بوبحري. ـ مما قيل فيه شعرا : يا فارس الفجر أخضر مرغ حوافر خيلك فوق تربتنا حرك ثرانا تلفت ترانا تخرج من جرحك هجرة نبني الذي هدمته عين الليل نكتب عن عشقك السري لا مات ولا عرف العساكر سره كلمة الختـــــام نهضة الأمة مرهونة بتوفر شروطها التي من أكبرها : إلتحام صحوة الإجتهاد العلمي تجديدا للدين موافقة للوعد النبوي الصادق  » إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها  » بصحوة الجهاد العملي حركة إجتماعية أو سياسية مقاومة للإستبداد الفرعوني المعاصر  » ما أريكم إلا ما أرى  » أو حركة مسلحة مقاومة للإحتلال الغاشم. الإجتهاد يسدد الجهاد بلونيه والجهاد يجدول عمل المجتهدين بالموافقات الصحيحة المطلوبة وبذا يتكاملان وتلتئم شروط النهضة والزمن واحد منها. كيف ينكر علينا حديثنا عن الشهادة والجهاد من عضته نائبات الضغط الإعلامي الدولي فإنهارت دفاعاته وتوارى خجلا أيمسك محكمات دينه على هون أم يدسها في التراب ؟ هلا نظر أولئك في تجارب أمم سابقة لم يتسن لها أن تفخر بما تفخر به من سؤدد وتمدد سوى بما جاهد رجالها وإستشهدوا في سبيل نهضتها وهي اليوم تشيد لهم النصب تلو النصب في ساحات عواصمها وعلى مدارج تعليم ناشئتها ؟ لو لم يأت بذلك دين من الأديان لما وسع الفطر السليمة والعقول الراسخة غير تخليد قيم الجهاد دحرا للعدوان وتحريرا للإنسان وتكريما لمثل الشهادة فكيف يكون الحال وقد مجد الإسلام الجهاد فجعله ذروته العليا كلما كان  » حق جهاده  » من أهله في محله وأنزل الشهداء منازل النبيين والصديقين ؟ لسنا أمة مسيحية حتى نقول للظالم إذا صفعنا على الخد الأيمن  » هاك الأيسر فأصفعه  » ولكنا أمة إسلامية خلقنا  » والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون  » وجلين من أن يحق علينا قوله عليه الصلاة والسلام  » إذا هابت أمتي أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منها « . هل جاوز الشهيد عبد الرؤوف العريبي وعشرات ممن طالتهم في سجونهم سياسة الموت البطيء تنكيلا وتشفيا قوله للظالم يا ظالم ؟ أبدا . بل ظل ومن معه يجاهد بالكلمة الحسنة الطيبة حتى قضى وقضى من بعده من قضى فما بدلوا تبديلا . هل يجرؤ مؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول بأن كلمة النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام  » يا ظالم  » جاوزت الحسن والطيب ؟ بعض أولئك يخجلون من ذكر محمد عليه الصلاة والسلام في بعض ما قال وفعل بحضرة من يصانعونهم ويحسبون أنهم يحسنون صنعا. الحق أحق أن يتبع والله لا يستحي من الحق ولم يكن معيار الحق يوما كثرة أتباعه  » وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين  » و  » وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون  » و  » وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله  » ولو كان ذلك غير كذلك لما كان لقيم الثبات والصبر واليقين والأمل من معنى إذ يتخلف قانون الإبتلاء بها. وفي الهيجاء ما جربت نفسي ولكن في الهزيمة كالغزال كما قال الشاعر. تحية سلام تملأ الأرض وتشق عنان السماء دثارها أطيب الكلام إلى الشهيد العريبي وإخوانه ممن قضى شهيدا فوق أرض الزيتونة مجاهدا في سبيل الله غرسا لقيم الإسلام وصونا لمثل الحرية ولمن خلفه في السجن وللغرباء المنفيين في وطنهم الأم وإلى أهله وذريته ورحمه ولكل من غرس يوما كلمة خير فوق درب الدعوة الإسلامية. alhiwar.net (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 26 ماي 2007)

 


 حـصـاد الأسـبـوع: الإثنين 28 ماي 2007

E-Mail : info@alhiwar.net Site : www.alhiwar.net

أعدّه  للحوار نت: عبد الله  زواري 

بسم الله الرحمان الرحيم 

1) علمت:

1-    اختطاف الجوهري: 

اختطف أعوان أمن بالزي المدني المناضل الحقوقي الكبير الأسعد الجوهري من الطريق العام صبيحة يوم الخميس 24 مــاي 2007، و اقتيد بعد ذلك إلى منطقة الأمن الوطني بمنوبة شمال غرب العاصمة تونس، و لم يطلق سراحه إلا حوالي  الساعة العاشرة ليلا.. ثم انتقل الأسعد إلى مستشفى شارل نيكول لإجراء الفحوص اللازمة بعد ما حدث له مع اعوان الأمن… و هناك عندهم طلبوا منه الإمتناع عن كل عمل سياسي أو حقوقي…و في الوقت الذي غادر الأسعد منطقة الأمن بمنوبة، توجه إعوان أمن آخرون إلى منزله لتسليمه استدعاء آخر للحضور بمنطقة الأمن بمنوبة اليوم الجمعة 25 مـــأي 2007، و هذا الاستدعاء، كسابقه، يفتقر إلى المعلومات القانونية التي يجب تضمينها الاستدعاء من مثل التعريف بمن قام بالاستدعاء        و إمضائه و سبب الاستدعاء.. و هي نفس الأسباب التي دفعت الأسعد إلى عدم الاستجابة لاستدعائهم السابق…

و في صبيحة الجمعة خرج الأسعد لقضاء بعض الشؤون و إذا بالأعوان الذين اختطفوه بالأمس يلاحقونه فرأى الرجوع إلى منزله، و ها هم الآن يرابطون قبالته…

2-    عمدة يحال قريبا على التقاعد:

انتشر خبر إحالة عمدة على التقاعد لبلوغه السن القانونية انتشار النار في الهشيم، و بلغت الترشحات لهذه المهمة ثمانية عشر ترشحا، و إن كان العمدة السابق ضابط صف بالجيش التونسي فإن المرشحين الجدد ينتمون إلى قطاعات شتى: التعليم الثانوي، الصحة، الحماية المدنية، الشرطة و الشرطة المختصة، الإرشاد التربوي، النزل و السياحة، الإدارة المحلية، الأعمال الحرة… و كل يحدث نفسه بالفوز بالمهمة نظرا لتاريخه « النضالي الطويل ».. بعض العائلات قدمت أكثر من مرشح، و الحمد لله الدي جعلني من عائلة لم يتقدم من ابنائها أحد  للعمادة…

2 ) تدبـّرت

« فتنة الإخوان عرس الشيطان »

 3) سمعت:

 

لا يزال البحر يقذف الجثث على الشاطئ، في صبيحة يوم الخميس 24 ماي يعثر أحد الصيادين على خمس جثث  بالمكان المعروف ب » الفقيرة » أو  » للا مريم » برأس مرمور، امرأة , أربعة رجال، المرأة بيضاء البشرة أما الرجال فسمر البشرة…

جثة أخرى اختار لها البحر شاطئا آخر، بعيدا عن شاطئ الفقراء و المساكين من أبناء البلد، اختار لها شاطئ نزلي  » دا فنشي » و « ديانا » بالمنطقة السياحية بجرجيس، و كأني به يذكر السادة و السيدات الشقر و الشقراوات، ذوي و ذوات العيون الزرق بمسؤوليتهم الأخلاقية نحوهم…

جثة أخرى اختار لها البحر تلك البناية الأثرية القديمة بين جزيرة جربة و جرجيس و  المعروفة ب  » الكستيل »، و لسان حالها يقول: ليتني عرفت الوجود يوم كنت قصرا عامرا و لم أعرف القرن الواحد و العشرين و ما قيل فيه من حقوق الإنسان و التعاون بين الشعوب و….

7 جثث في يوم واحد و العارفون بالبحر يقولون: إن مزيدا من الجثث سيلقيها البحر في الأيام القادمة..

 

4) رأيت:

يوم الأربعاء 23 ماي 2007، و في حيرة من أمره خاطبني صديق بحار، على الساعة الثانية ظهرا، فقال : وجدت نصف جثة آدمية على شاطئ البحر و لا أدري بمن أتصل الآن    و ليس لي أي رقم اتصل به، فطلبت منه تحديد موقعه لألتحق به، و انطلقت سريعا إليه، ركبنا المركب الصغير و اتجهنا نحو  » ظهرة غنوش » و هو لسان رملي بين جزيرة جربة و  » حسي الجربي » من جهة جرجيس، و بعد  زمن من السير على الأقدام، لاحت لنا الجثة،بل النصف الأسفل لامرأة على أغلب الظن،بدأنا الاتصالات بالحماية المدنية بجرجيس ثم بجربة…. و بعد ساعة و نصف غادرنا المكان تاركين الجثة في مكانها بعد وضع تنك احمر من البلاستيك عساه يكون علامة ترشد أعوان الحماية عند قدومهم إلى موقع الجثة…

 قال لي صاحبي : عندما رأيت الجثة من بعيد ظننتها دمية كبيرة الحجم، و عندما اقتربت منها سرت في جسمي قشعريرة… يبدو أنها قضت أسابيع طويلة في البحر حتي تكلست و علاها الملح من كل جانب… هل هي بيضاء البشرة؟؟ يعسر معرفة ذلك… لم بيق عليها من ثيابها غير تبان صغير جدا في مستوى الكعبين..

 

5): قرأت

 

إلى الذين آوتهم الزنزانة وهم يدافعون على كرامة هذا الوطن…

إلى الذين تؤويهم الزنزانة ولم يفعلوا سوى أن صرخوا : لا… 

 حتى لا لتكون بلادنا  سجنا كبيرا، فكانت     صرختهم صرخة إدانة  ضد السجان وضد الزنزانة …                                            

    في ظلمة الزنزانة

 

أنزوي في ركن منها ..أتفحص ما حولي من أشياء/أحصيها

أربعة حيطان منسية

مرحاض…صنبور ماء

وطاقة باهت ضوئها…بها ثلاثة قضبان

قضبان الطاقة صدئة… ألوانها دكناء

وفي لحظة جاء من مروا هنا قبلي

ومن سيمرون بعدي

صافحتهم

اجتمعنا…..تعارفنا…احتفلنا.. شدونا أنغاما.

وهتفنا :

سجاننا يهرم يشيخ

حجته تشيخ

وجوده…يشيخ

تهاجمه الأوبئة

وكل الأمراض الهدامة

ونحن في زنزانته….كما نحن على هيئتنا

ومن داخلها نقلق منامه

وفي فضائنا يلمع نجمنا/شهيدنا و يجرح عيونه فتسود أيامه….

يحتج سجاننا ويصرخ حتى تبهت جمرته

فتصير كابوسا…وتصير ندامة

نهتف :

يا سجاننا…من أنت ؟ ومن أية خلطة جهنمك؟

يا من يكبل وجودنا عبثا

يا من يسور أحلامنا ..ليضيع زماننا

من سيحررك منا؟….ومن يحميك؟

ستنطفىء جمرتك …ويخبو ضوئها….فتموت لماما

لن يبكي طفل غيبتك

ولن تتحسر على اختفائك امرأة

ولن تذكرك كتب التاريخ

ولن تصير بطلا ولافارسا مقداما

فأنت الموت حين يموت

أنت أغنية حائرة في وادي الموت

لن يذكرك صديق أو رفيق

لأنك سجان الزنزانة./.

 

عبدالله بيردحا

  6) نقلت:

تواطؤ الاتحاد الأروبي في مسألة الرحلات السرية لوكالة المخابرات الأمريكية و حالات الاختفاء

نشر الاتحاد الأروبي يوم 14 فيفري 2007 تقريره الذي يتهم فيه عواصم القارة العجوز بالتواطئ المفضوح في حالات الاهتفاء القسري و الاختطافات السرية التي تنظمها وكالة الكختبرات الأمريكية.. و قبل أسبوع واحد من ذلك ، أي يوم 7 فيفري 2007، وقعت نفس العواصم على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالختفاء القسري و التي تجرم استعمال السجون السرية.. إن الاتحاد الأروبي أصبح خبيرا في مثل هذا النوع من الانتحار الأخلاقي..

و حسب التقرير فإن طائرات وكالة المخابرات محملة بصفة غير قانونية بأشخاص يشتبه في صلاتهم بالإرهاب و متجهة إلى مراكز التعذيب في قوانتنامو و في إفريقيا و أروبا قد قامت بما لا يقل عن 1245 عملية نزول بالمطارات الاروبية…و لا تجهل أي حكومة الطابع الإجرامي لهذه الرحلات السرية… إن دولا أروبية، بعضها أعضاء في الاتحاد الأروبي، مثل بولونيا و رومانيا، فتحت على أراضيها مراكز تعذيب تحت تصرف جلادي الولايات المتحدة… كما أن دولا أخرى، مثل بريطانيا و النمسا و ألمانيا و بولونيا و البرتغال و الدانمارك و رومانيا و أسبانيا .. و إيطاليا و السويد قد ساهمت في اختطاف مشتبه بهم على أراضيها..

و قد أدان البرلمان » قبول هذه الممارسات و التستر عليها في كثير من المناسبات من طرف المخابرات السؤية و حكومات بعض الدول الأروبية ».ز و في أغلب الحالات كانت هذه الاختطافات مصحوبة ب » إيقاف بأمكنة سرية  مع استعمال التعذيب أثناء التحقيقات »..

 و حسب سفير بريطاني سابق في أوزباكستان، كريغ ميراي، فإن تبادل المعلومات المأخوذة تحت التعذيب من قبل مخابرات دول أخرى مع  » المخابرات السرية البريطانية كانت ممارسة معروفة و مسموح بها من قبل الحكومة »..

إن هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وقعت بعلم كامل من أرفع المسؤولين في الاتحاد الأروبي مثل خافيير سولانا الأمين العام لمجلس الاتحاد الأروبي، و قييس دي قريس منسق مقاومة الإرهاب الذين كانا « عاجزين على تقديم أجوبة مقنعة »  عن دورهم في هذه الممارسات.. لآ أحد ستطيع أن يزعم جهله لهذا الواقع المزعج…

………………..

سليم العمراني

 7) دعـــــــاء

 سبحان من بكت من خشيته العيون.. وسجد له المصلون.. وصام له الصائمون..

وقام له القائمون.. سبحان من يقول للشيء كن فيكون..

سبحان من يسبح بحمده الأولون والآخرون.. سبحان من لا تختلف عليه القلوب ولا اللغات..

ولا تشتبه عليه الأصوات.. ولا شبيه له في الذات ولا في الصفات..

سبحان من تشهد في آفاقه الآيات.. سبحان ذي العزة والجبروت..

سبحان بارىء الملك والملكوت..

سبحان الحي الذي لا يموت.. سبحانك يا الله

 عبدالله الــزواري

 الجمعة 25 مـــــاي 2007

  abzouari@hotmail.com

 


رئيس حركة النهضة  يضع النقاط على الحروف حول المصالحة ومزاعم تفويته للفرص ( الحلقة 4 )

 
 أجرى الحوارا : عبد الباقي خليفة / تونس أونلاين نت   بين يدي الحلقة الرابعة من الحوار : لا أدري إن كان البعض يعتقد بأننا في حوار مباشر على إحدى المحطات التلفزيونية ،ويريد من الشيخ راشد الدخول معه في جدال حول أسئلة أجاب عليها الشيخ سواء بطريقة مباشرة أو بين ثنايا الحوار. إن كان الأمر كذلك ، فأرجو أن يتحقق مراده بأن يذهب للشيخ راشد مباشرة وليس محاورته من وراء جدر ( الحاسوب )  ويجري معه حوارا صحافيا أو يبعث من يقوم بتلك المهمة وينشرها بكل شجاعة على قناة تلفزيونية . وهذا تحد أرجو من جميع القراء مؤازرته ولو قلبيا إن صح التعبير . لقد عجز البعض عن الإضافة فراح يكرر المكرر ، ويعيد نفس الاتهامات . ولا أدري كيف لشخص ترك حركة النهضة أن يسمح لنفسه بمحاكمتها وهو الأمر الذي تفطن له الدكتور المناعي واعتبر ذلك دعما للاستبداد …  أما الدكتور المناعي فإني أعتذر له شخصيا على الخطأ الاملائي الذي ورد عند كتابة لقبه . يا ليت الاخوة في المواقع التي نشرت الاجزاء الثلاثة الاولى من الحوار قاموا بتصحيحه . وأبلغ الدكتور المناعي أن الشيخ راشد ذكره بخير وقال عنه صديقي العزيز ، كما إنه لم يذكر خاله عبد الله فرحات بسوء أبدا وأرجو عدم تحميل الشيخ اجتهادات وقراءات الآخرين وأخص بالذكر الاخ العزيز لطفي زيتون . وقد قال الشيخ راشد أن اللقاء سواء تم في 76 أو77 أو 78 كما ذكر الدكتور المناعي لم يقدم فيه أي عرض للحركة وكان لقاء مجاملة وهو أمر مجمع عليه بين من لهم اطلاع على ذلك . ولا أريد الدخول في تفاصيل لا أعلم عنها شيئا ، غير أني على يقين بأن حركة النهضة والشيخ راشد شخصيا ما كان يفوت فرصة تحقق فيها مطالب الحركة لوعرضت عليه فعلا .وقد ذكر الشيخ وهذا للتذكير ما حصل مع الرئيس بن علي بعد 7 نوفمبر ومن فهم ما قاله لا أخاله يخالفه إلا من كان في نفسه أو جيبه أو خياله شئ ما . أما أن تكون الحركة مثل بقية أحزاب الديكور المعروفة أو وزراة تابعة للدولة مثل وزارة الشؤون الدينية فهذا ما لا يرضاه كريم . بقي القول أن الذين يعتقدون بأن الاسلاميين مثل اليساريين يمكن أن يفسح لهم في بساط النظام واهمون ، فقد جرب سابقون وندموا على ما فعلوا ، في مقدمتهم الشيخ الفاضل عبد الرحمن خليف رحمه الله . أما هذا الحوار فهو لا يجري باللاسلكي ، وإنما تم في 17 مايو الجاري . ولا أنسى أن أحيي الاخ مرسل الكسيبي وأرجو أن يكون مثل أبو محجن في القادسية ، فالصراع السياسي أخطر من ذلك ، أليست الفتنة أشد من القتل .   الشيخ راشد الغنوشي : في موريتانيا عندما ذهب الشخص ، انفرج الوضع في موريتانيا . * لماذا لم يقال ذهب ولد الطايع جاء ولد فال . * موريتانيا حتى الآن تشهد وضعية مثالية بالنسبة للعالم العربي · ليست لدينا مطالب خاصة · الحد الادنى من مطالبنا عبرنا عنه ضمن مطالب حركة 18 أكتوبر ، هذا الحد الادنى · ليس لدينا مطالب خاصة كاسلاميين · مطالبنا هي مطالب الحد الأدنى الذي تطالب به المعارضة التونسية · من يريد أن يتوسط هذه مطالبنا = مطالب حركة 18 أكتوبر · من هذه المطالب : اطلاق سراح المساجين ، وليس مساجين النهضة فقط · إعادة الحقوق لمن هم في السجن الكبير · اطلاق حرية التعبير · حق تكوين الأحزاب والجمعيات · إذا تحققت هذه المطالب الأولية ، لأوجدت حركية في البلاد · عندما جاء ولد فال تونس ، تسابقت كل قوى المعارضة لمبايعته ، وهذا خطأ ينبغي أن نحاسب عليه أنفسنا نحن المعارضين · فليعلم هؤلاء الطيبون أن النهضة ليست حزبا طوباويا ، النهضة حركة جماهيرية وحركة واسعة ، ولذلك فيه كل الانواع · إلى جانب الدعوة هناك من سمته سياسي ومن سمته دعوي ومن سمته نقابي ، ومن سمته ثقافي ، وحركة النهضة تحكمها مؤسسات ولا يحكمها أفراد .وهذا ما تفخر به النهضة * حتى الآن مطلوب من النهضة أن تتنازل ؟!!! عجيب هذا الأمر ، يشبه شخصا معلقا على المشنقة و يسألونه عما يمكنك التنازل عنه ؟!!! ما الذي بقي أن نتنازل عنه ؟!!! · ليس هنالك في السياسة الفرنسية داخل المغرب العربي ما نحرص على بقائه ، أوما نخشى على زواله مع ساركوزي ، فشيراك لم يقصر في التعبير عن الدعم المطلق للديكتاتورية في المنطقة فماذا سيضيف ساركوزي ؟!   * قلتم أن المصالحة تأتي من طرفين ، ما هي رؤية الحركة للمصالحة ؟ هل لديكم نقاط لذلك ؟ ** ليست لدينا مطالب خاصة فالحد الادنى من مطالبنا عبرنا عنه ضمن مطالب حركة 18 أكتوبر ، هذا هو الحد الادنى ليس لدينا مطالب خاصة كاسلاميين ، وأكرر مطالبنا هي مطالب الحد الأدنى الذي تطالب به المعارضة التونسية . من يريد أن يتوسط هذه مطالبنا = مطالب حركة 18 أكتوبر · من هذه المطالب لو تتكرمون ؟ ** من هذه المطالب : اطلاق سراح المساجين ، وليس مساجين النهضة فقط وإعادة الحقوق لمن هم في السجن الكبير واطلاق حرية التعبير و حق تكوين الأحزاب والجمعيات . إذا تحققت هذه المطالب الأولية ، لأوجدت حركية في البلاد . نتكلم بعدها عن كيف نفكك منظومة الاستبداد ، كيف نلغي قانون الاحزاب ، وقانون الجمعيات ، وقانون الصحافة ، وقانون الانتخاب ، والقوانين التي تحكم القضاء… ·ما تعيشه تونس اليوم هل يأتي في إطار مشروع لافراغ البلاد من اسلامها ، ومن قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية و تكافئ الفرص ما يعني أن وجود بن علي من عدمه لن يغير المعادلة أم أن ذهاب بن علي سيحدث انفراجا لا سيما وأن عهده الحالك كان أشد قتامة من سلفه ** أنا لا أركز على الشخص ، وإنما على منظومة الاستبداد ، هناك منظومة للاستبداد ، ولكني لا أبرأ الشخص أيضا . لا نقول والله كان بورقيبة وجاء بن علي ولو ذهب بن علي سيأتي شخص آخر . هذه نظرة سوداوية تريد أن تبرر الواقع ، أنا لا أعول الشخص نعم ، ولكني لا أبرأ الشخص . في موريتانيا عندما ذهب الشخص ، انفرج الوضع في موريتانيا . لماذا لم يقال ذهب ولد الطايع جاء ولد فال . تغير الوضع ، موريتانيا حتى الآن تشهد وضعية مثالية بالنسبة للعالم العربي . أخبرني رئيس المحكمة الدستورية في موريتانيا بعد أن سألته عن أحمد ولد دادا رئيس المعارضة قال : ضمن التغيير الدستوري الذي حصل في موريتانيا أصبح لرئيس المعارضة وضع دستوري ،واعتمد أحمد ولد دادا رئيسا للمعارضة وهذا يعطيه امتيازات في الحماية ويلزم رئيس الجمهورية مقابلته كل ثلاثة أشهر وفي مدة معينة يقابل رئيس الوزراء و يتفاوض معه ، فين كنا وفين مشينا . مجرد سنة واحدة ذهب فيها الطاغي أشرقت الشمس .  * موريتانيا قدمت الدليل على أن الديمقراطية ليست قطرة قطرة أو مراحل أو حتمية ظهور أمثال ديكارت و كونت وسبينوزا وفولتير لتولد الديمقراطية  كما قال بعض المافونين ؟ ** أين الذين كانوا يقولون أن مشكل  الديمقراطية أوضاع اجتماعية متردية ، لا بد لكي ينعم الناس بالديمقراطية ، لا بد من مستوى معين من التعليم ، ولا بد من مستوى معين من الدخل معين ، ولا بد أن يتعلمن المجتمع أيضا ، لأن الديمقراطية مربوطة بالعلمانية ( زيف ذلك ظهر في تركيا وغيرها ) راينا في مجتمع موريتانيا أن كل ذلك ليس صحيحا . التونسي يعتبر نفسه بكل المقاييس أن التعليم في بلاده أكثر انتشارا ، مستوى الدخل أعلى . ما الذي حرم المجتمع التونسي مما يتمتع به المجتمع الموريتاني ، ومجتمع زمبابوي ، ومجتمع مالي ، و مجتمع النيجر ، ومجتمع تنزانيا ، هذه المجتمعات التي تعيش الجوع . · ما الذي حرم تونس الحداثة والتقدم والسائرة في ركب الدول المتقدمة من شروط الحداثة والتقدم والسير في ركب الدول المتحضرة ** هو هذا الحزب المحنط ، هذه التقاليد التي جمدت الوضع في تونس ، هذه النخبة المفرقة ، هذه النخبة التي لا تزال تشوش على المجتمع التونسي وتمنع قواه من أن تتوحد بحجة أن هناك خطر أصولي . ولسان حالهم يقول ، لا ينبغي أن نلتقي مع الأصوليين ، نلتقي مع البوليس ونكون في خدمته أحسن . · ذكرتم مقولة ابن خلدون أن الملك يميل للتفرد ،ما الذي حصل في موريتانيا حتى تم تجاوز ميله للتفرد كسابقيه **  ولد فال لم يتبرع بمنصبه للديمقراطية ، ولكن عندما جاء للسلطة ، وقفت المعارضة الموريتانية موحدة ، وحرمته من الشرعية حتى يتعهد بتحقيق شروط وضعتها له . فقد أعطيت له شرعية مشروطة . قالت له المعارضة التالي : أنت قمت بانقلاب ، أخذت السلطة بطريقة غير شرعية ونحن نعتبرك انقلابي ، ويمكن أن نعتبرك شرعيا بشروط . وهي أن تعتبر مدة إقامتك في القصر الجمهوري مؤقتة ، لزمن لا يتجاوز سنتين ، و خلالها تجري انتخابات حرة نزيهة يشارك فيها الجميع ، دون أن تشارك فيها أنت أو أحد من وزرائك ، ولا أي من الانقلابيين .. ولكنك قارن ، عندما جاء ولد فال تونس ، تسابقت كل قوى المعارضة لمبايعته ، وهذا خطأ ينبغي أن نحاسب عليه أنفسنا نحن المعارضين . صحيح كل منا كانت له دوافعه ، النهضة كانت مختنقة ، مكبلة ، عشرة آلاف سجين ، ومرهقة بقضايا كبيرة فكان لا بد أن تخلص نفسها.ولكل كانت له اعتباراته من المعارضة . وآخرون أرادوا أن يسبقوا غيرهم إلى بن علي .ولكن كل هذه المبررات لا تعطي شرعية للسياسة التي سلكتها المعارضة التونسية بما فيها النهضة ، كن عليها أن تقف صفا واحدا في وجه هذا الانقلابي ، وتقول له حكمك غير شرعي وهذه مطالبنا ،وسنعطيك من الشرعية بقدر ما تحقق من هذه المطالب .. وهذا الدرس للمستقبل . ·هل صحيح أن هناك أجنحة داخل حركة النهضة أوما وصفه البعض بجناح الشيوخ وجناح السياسيين وماذا عن مؤتمر حركة النهضة القادم .. هل هناك من جديد ؟ ** ( ضاحكا ) لم أسمع بهذا الموضوع من قبل ، أول مرة ، ولا أدري في أي ( الفسطاطين ) وضعوني . ( تدخل من المحاور : صمام أمان و جمع بين الطرفين ) الشيخ يواصل :  فإذا اختفيت فجأة فالنهضة ستذهب أشلاء … فليعلم هؤلاء الطيبون أن النهضة ليست حزبا طوباويا ، النهضة حركة جماهيرية وحركة واسعة ، ولذلك فيها كل الانواع ، منذ نشأت النهضة وهي تيار ، تيار واسع ضم من يميل إلى السياسة وهم الأكثر و فيهم من يميل إلى جانب الدعوة . إلى جانب الدعوة هناك من سمته سياسي ومن سمته دعوي ومن سمته نقابي ، ومن سمته ثقافي ، وحركة النهضة تحكمها مؤسسات ولا يحكمها أفراد .وهذا ما تفخر به النهضة ، كل هذه التيارات موجودة فيها . ونحن حريصون على أن نحافظ عليها . وفيها من في علاقته مع السلطة يميل إلى اللين ، و فيها من يميل إلى شدة . ونحن حريصون على أن تبقى هذه التيارات داخل النهضة ، داخل مؤسسات النهضة . * في العلاقة مع السلطة ، ما الذي لحركة النهضة تقديمه من تنازلات ** ( الشيخ راشد متعجبا ): حتى الآن مطلوب من النهضة أن تتنازل ؟!!! عجيب هذا الأمر ، يشبه شخصا معلقا على المشنقة و يسألونه عما يمكنك التنازل عنه ؟!!! ما الذي بقي أن نتنازل عنه ؟!!! * تتهم الحركة أنها لم تقدم التنازلات التي قدمها حزب أوردغان في تركيا مثلا ويعتبرون أن حزب اربكان و حزب العدالة والتنمية في المغرب قدما رؤى أكثر تطورا من حركة النهضة على صعيد التنازلات السياسية ؟ ** ما الذي قدمت حركة أردوغان ؟ ضغطوا عليه حتى لا يترشح لرئاسة الجمهورية قال طيب ، أرشح لكم غل قالوا له حتى غول لا ترشحه قال لهم إذن نعود للشعب نحتكم للشعب ، وليقل الشعب كلمته ، هذا ما نقوله نحن منذ نشأت الحركة وهذا ما نطالب به . * ماذا عن مؤتمر حركة النهضة القادم هل من جديد ؟ ** سنعلن عن النتائج في إبانها ·الرئيس الفرنسي  نيكولا ساركوزي ومنذ وصوله إلى فرنسا إثر انتخابات ديمقراطية نتشوف لرؤية مثلها في تونس ن يحاول جر الاتحاد الاوروبي إلى المستنقع الافريقي ولا سيما المغاربي ، هل ذلك من وجهة نظركم إشارة إلى تعب فرنسا من سياسة الحماية لمستعمراتها القديمة ومن تكاليفها السياسية والاقتصادية  بالتالي الطلب من الاتحاد الاوروبي مساعدتها في دعم سياساتها أزاء منطقتنا ،وما تأثير ذلك على الأوضاع في بلادنا حيث لا تتعامل كل الدول الاوروبية بنفس الطريقة الفرنسية واسلوب الاخ الاكبر . هل سيقبل الاتحاد الاوروبي من وجهة نظركم بتمويل مشاريع فرنس في بلادنا والتي عبر عنها الرئيس الفرنسي الاسبق شيراك في زيارته المشؤومة لبلادنا وخاطب فيها الشعب التونسي كما كان يفعل القناصلة من قبل ، وطالبه بالاكتفاء بطلب الخبز والدواء فقط مما قدم الدليل على مدى تورط باريس في توجيه دفة الامور بتونس ؟ ** على كل حال من السابق لاوانه الحكم على السياسة الفرنسية من خلال البرامج الانتخابية ،لانه معروف ليس كل ما يرد في الحملات الانتخابية يطبق ذلك بل غالبا ما تكون سياسة فرنسا تواصلا مع سابقتها . لان السياسة الخارجية في الدول الديمقراطية لا تعبر عن حزب معين ، وإنما عن خيارات قومية ،وهذا هو الفرق بين الانظمة  الديمقراطية والانظمة الديكتاتورية . الدول الديكتاورية عندما يتغير النظام فيها يمكن أن تتغير السياسة الخارجية فيها من الشرق إلى الغرب ، في الدول الديمقراطية معظم الصراعات السياسية فيها داخلية حول النظام الاجتماعي والصحة و التعليم والأمن . ولذلك على نحو أو آخر تحصل تغييرات دون تغيير الاتجاه العام . و الاتجاه العام في فرنسا يعتبر أن عندها مستعمرات قديمة تحافظ عليها ، المستعمرات القديمة هي ما كان يعرف في العهد النازي بالمجال الحيوي ، فهي تصارع من أجل مجالها الحيوي و تصارع عليه في وجه قوى أخرى لا سيما الاميركان ، وهم نازلون بقوة في المغرب العربي تحت غطاء الامن و مقاومة الارهاب و الموضوع كله نزاع حول الغاز و البترول و مقاومة حركات التغيير . خاصة حركات التغيير الاسلامي . أما اليمين واليسار فهي قضايا داخلية ، ولعل اليمين عنده قضايا الدفاع عن الحريات وخاصة حرية الجمعات العلمانية . أما الاسلاميون فحظهم مع هذا و ذاك لا يختلف كثيرا . وعلى كل حال و كما قلت ليس هنالك في السياسة الفرنسية دخل المغرب العربي ما نحرص على بقائه . أوما نخشى على زواله مع سركوزي ، فشيراك لم يقصر في التعبير عن الدعم المطلق للديكتاتورية في المنطقة فماذا سيضيف ساركوزي .     بعون الله في الحلقة القادمة ( الخامسة والأخيرة ) : العلمانية متهمة في البلاد الاسلامية .. فك الارتباط بين العلمانية والديمقراطية .. وهل حركة النهضة حزب ديني .. وسكوت النخب عن تجاوزات النظام هل هو تواطئ .. ومواضيع أخرى . www.tunis-online.net info@tunis-online.net (المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) بتاريخ  ماي 2007)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

شهادة صلاح الدين الجورشي وسؤال لبقية قيادات النهضة

 

د. محمد الهاشمي الحامدي

 

الحوار الجاري هذه الأيام عن إمكانية الصلح والوفاق بين السلطة والإسلاميين في تونس يهم كل التونسيين دون استثناء، ومعرفة الحقيقة الشفافة حول بعض تفاصيله المهمة ستحرر الجميع، وتجعلهم في وضع أفضل للتخطيط للمستقبل.

 

لن يستفيد أحد من لغة الشتم والسب والتفتيش عما في دواخل النفوس. فلنتعاهد ولنتعاون جميعا على نبذ مثل هذا الأسلوب في الحوار.

 

ولن يتقدم الحوار إذا حاول كل شخص تجاهل مسؤولياته، أو التهرب من الحقائق، والسخرية ممن يخالفه في الرأي، والتلبيس على آرائه، والرد على أوهام يخترعها المتهرب ولم يقلها مخالفه في الرأي.

 

من أراد أن يرد عليَّ في أمر كتبته أو قلته هذه الأيام، فلينقل النص الذي قلته ثم يرد عليه، حتى يكون الحوار موضوعيا وبعيدا عن السخرية والشتيمة.

 

* * *

 

ما زال الشيخ راشد يتجاهل الرد

 

* * *

 

ها قد صدر الجزء الرابع من تصريحات الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله ورعاه، من دون الرد على الأسئلة التي طرحتها بين يديه، وأمام أنظار كل المهتمين بهذا الملف.

 

لماذا يا ترى؟ هل من قراء هذه المقالة من يعرف السبب؟

 

أقول لكل تونسي معني بتطورات هذا الحوار، ولكل الإسلاميين التونسيين، أنه ليس في قلبي ذرة حقد أو كره للشيخ راشد الغنوشي حفظه الله ورعاه. وليس في نيتي ولا حساباتي الإساءة له أو لحركة النهضة بأي وجه من الوجوه.

 

إنني أكتب وأدعو إلى ما أظن أنه يخدم ديننا وبلادنا، وما يوافق الحقيقة، وأرجو من ذلك مصلحة وطنية ودينية، مصلحة الشيخ راشد حفظه الله ورعاه والإسلاميين وعموم التونسيين.

 

أيها الإسلاميون التونسيون: إن ما وصلنا إليه في سياق هذا السجال الجاري منذ شهر أو أكثر يهمكم جدا. يهم كل فرد فيكم ويهم بلادكم. إنني لست عدوا لكم، فلا تبددوا طاقاتكم في سبي وشتمي، وإنما أنا لكم ناصح أمين.

 

قلت لكم إنني نقلت لقيادة الحركة عرضا من الرئيس بن علي في 28 أكتوبر 1999 بتسوية ملف الحركة، ومنحها حزبا سياسيا وصحيفة، أو جمعية دينية وصحيفة، وتأكدت جدية العرض بإطلاق سراح ما يقرب من سبع مائة من المعتقلين الإسلاميين في الأسبوع الأول من نوفمبر من ذلك العام.

 

وقلت لكم أنني اتصلت فورا عبر الهاتف بالشيخ راشد حفظه الله فلم أجده، وأبلغت مساعده أنني تحدثت مع الرئيس بن علي وأن هناك تطورات مهمة تستدعي أن أتحدث معه على وجه السرعة.

 

لكنه لم يرد المكالمة.

 

وقلت لكم إنني استدعيت إلى بيتي الأخوين مختار البدري وجمال الطاهر، مساء 28 أكتوبر 1999، وأبلغتهما بما قاله لي الرئيس بن علي، وطلبت منهما عرض الأمر على الشيخ راشد الغنوشي وقيادة الحركة وموافاتي بالرد في أقرب وقت ممكن. لكنهما لم يعودا لي برد حتى يوم الناس هذا.

 

وبعد هذا التجاهل، ظهرت في قناة الجزيرة يوم 5 نوفمبر 1999، وأعلنت عن إطلاق سراح المئات من الإسلاميين، وأبلغتكم على الهواء بوجود فرصة لتسوية الأزمة بشكل نهائي.

 

فجاء الرد بعد يوم واحد، في قناة الجزيرة أيضا، في ذات البرنامج الذي ظهرت فيه وهو « حصاد اليوم »، على لسان الشيخ راشد حفظه الله ورعاه، الذي سفه المبادرة، واعتبر أن الإفراج عن مئات المعتقلين أمر لا قيمة له لأنه إخراج لهم من السجن الأصغر إلى السجن الأكبر، وانتقد الحكومة بشدة، بخطاب تصعيدي متطرف.

 

وقلت لكم أنه لم يكن مطلوبا من الشيخ راشد حفظه الله إلا أن يقول جملة واحدة آنذاك، تفتح باب التفاوض المباشر بينه وبين السلطة، مضمونها: « أرحب بالإفراج عن المعتقلين، وبما يردده البعض عن وجود نيه لتسوية الأزمة بين السلطة والإسلاميين، وأعرب عن استعدادي للمساهمة في إنجاح مثل هذا التوجه بكل ما في وسعي، وتعزيز الوفاق الوطني في بلادنا، وأنتظر الفرصة للحديث بشأن هذا الملف مباشرة مع السلطات التونسية ومن دون وسيط ».

 

لكنه لم يفعل.

 

لذلك، قضي على المبادرة، وضاعت الفرصة، وها نحن بعد عشر سنوات نراوح في نفس المكان، والشيخ راشد ملتزم بذات الخطاب، ومتمسك بنبرة التصعيد الدائم ضد السلطة، وخاصة ضد الرئيس بن علي وعائلته، مما يحكم بالفشل مسبقا على أي محاولة جادة لإصلاح ذات البين.

 

* * *

 

سؤال لبقية قيادات النهضة

 

* * *

 

أسأل بقية قيادات حركة النهضة وأعضاء المكتب التنفيذي مجلس الشورى فيها عام 1999: هل عرضت عليكم هذه المبادرة ورفضتموها؟ أم لم تعرض عليكم أصلا؟

 

التونسيون يريدون معرفة الحقيقة. وليس هناك أي هدف آخر غير معرفة الحقيقة.

 

لقد قرأتم شهادة الأخ الدكتور أحمد المناعي عن الفرصة التي أضاعتها قيادة الحركة عام 1978 بعد لقاءالشيخ راشد الغنوشي بالمرحوم عبد الله فرحات. وقرأتهم شهادته القاطعة بأن قيادة الحركة كانت في رأيه قد حسمت خياراتها لصالح خيار القطيعة والصدام مع السلطة.

 

وهاكم اليوم شهادة مهمة أخرى.

 

* * *

شهادة صلاح الدين الجورشي

 

* * *

 

 

صاحب هذه الشهادة الواضحة القاطعة هو الكاتب التونسي المعروف الأخ صلاح الدين الجورشي. أرجوكم أن تتمعنوا فيها جيدا. والخطاب والرجاء هنا موجهان من للإسلاميين خاصة ولعموم التونسيين.

 

لقد كتب الأخ صلاح الدين الجورشي في ربيع 2005 ما نصه:

 

 » لقد سبق أن حاول محمد الهاشمي الحامدي، صاحب قناة « المستقلة »، التي تبث من لندن، دون أن يحصل على موافقة قيادة حركة « النهضة »، القيام بمساع لدى الرئيس بن علي من أجل تسوية ملف المعتقلين الإسلاميين، وقد كللت تلك الجهود بتسريح مئات من المساجين في عام 1998.

 

 لكن سرعان ما توقفت تلك الجهود بسبب عوامل عديدة، لعل من أهمها اتهام « النهضويين » صاحب المبادرة كونه غير مفوض للتفاوض باسمهم، وأنه قد استغل قضيتهم لتحقيق مآرب أخرى.

 

وحتى يتم إجهاض تلك المساعي، انتهجت قيادة « النهضة » أسلوب التصعيد السياسي ضد النظام ورمزه الأول، وهو ما استثمره دعاة الاستئصال والحل الأمني لوضع مزيد من العراقيل أمام تسوية ملف المعتقلين وتمديد فترة بقائهم في السجون ». (انتهى النقل)

 

ما رأيكم في هذه الشهادة؟ وإلى متى الإعراض عن الإعتراف بالحق والتهرب من تحمل المسؤولية والتمادي في طمس الحقائق؟

 

يا إخوتي الكرام. الحقيقة ستساعدنا جميعا على رسم مستقبل أفضل. والتستر على الأخطاء، ثم تكرارها عاما بعد عام، يزيد من تعقيد أزمة التيار الإسلامي في تونس، ومن عزلته وتهميشه، ومن معاناة أبنائه وعائلاتهم، ومن الآثار الضارة للصدام معه على الحياة الدينية الثقافية والإجتماعية في تونس، ومن تعثر مسيرة التطور الديمقراطي في البلاد.

 

يا إخوتي في الدين والوطن. ليس بيننا ثارات نصفيها. وإنما هي حقائق نبحث عنها، ودروس نتعلمها من أجل مستقبل أفضل لكل التونسيين. فإلى متى المكابرة؟

 

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه. وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه. اللهم ألف بين قلوب التونسيين كافة، واجمع كلمتهم على الحق، واجعل الواحد منهم رحمة وسندا للثاني، وألهمهم قول الكلمة الطيبة وارزقهم الصبر عليها، وافتح عليهم من بركات السماوات والأرض، إنك سميع مجيب. آمين، وصلى الله وسلم على خير خلق الله كلهم، سيد البشر، مثال الأخلاق الرفيعة الكريمة، محرر المرأة الأول، عدو العنصرية الأول، داعية الحرية الأول، رمز العدل الأول، محمد بن عبد الله، صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

 

ــــــــــــ

(مصدر النقل عن الجورشي http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&ContentId=5992)

 


الإسلاميون التوانسة ما بعد حركة النهضة

 
 
 د خالد شوكات  
استشهد الدكتور محمد الهاشمي الحامدي، الوجه الإعلامي التونسي المعروف، في سياق مواجهة فكرية وسياسية مفتوحة مندلعة بينه وبين قيادة حركة النهضة المهجرية، بمقولة للعلامة « ابن خلدون »، أرى أنها الأصدق إلى يوم الناس هذا في تحليل حالة « الحركات الإسلامية »، وخصوصا النزعة الغوغائية والشعبوية المتأصلة فيها، والتي تحول بينها وبين الاندماج في سياق سياسي حداثي ومعاصر وديمقراطي.

يقول العلامة ابن خلدون: » إن كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله، فيكثر أتباعهم والمتلثلثون بهم من الغوغاء والدهماء ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك. وأكثرهم يهلكون في هذا السبيل مأزورين غير مأجورين، لأن الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم، وإنما أمر به حيث تكون القدرة عليه. قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه. وأحوال الملوك والدول راسخة قوية لا يزحزحها ويهدم بناءها إلا المطالبة القوية التي من ورائها عصبية القبائل والعشائر كما قدمناه. وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب وهم المؤيدون من الله بالكون كله لو شاء. لكنه إنما أجرى الأمور على مستقر العادة والله حكيم عليم. فإذا ذهب أحد من الناس هذا المذهب، وكان فيه محقا، قصر به الإنفراد عن العصبية فطاح في هوة الهلاك. وأما إن كان من المتلبسين بذلك في طلب الرئاسة فأجدر أن تعوقه العوائق وتنقطع به المهالك، لأنه أمر الله لا يتم إلا برضاه وإعانته والإخلاص له والنصيحة للمسلمين. ولا يشك في ذلك مسلم ولا يرتاب فيه ذو بصيرة ». (ابن خلدون، المقدمة، الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم. بيروت: دار القلم، الطبعة الخامسة، 1984. ص (159-160).

إن مشكلة كثير من إسلاميي حركة النهضة التونسية، خصوصا أولئك الذين لجأوا إلى الغرب، بعد معركة ضارية مع نظام بلادهم، أنهم لم ينظروا إلى صراعهم هذا من منظور التاريخ العربي الإسلامي، الذي أوجد قواعد وأحكاما ما تزال صالحة في فهم حالتهم الراهنة، ومن ذلك أن خروج جماعات من أمثالهم على حكام دولتهم، ليس أمرا جديدا طارئا، بل كان حالة متكررة طيلة القرون الفائتة، مثلما أشار إبن خلدون، وأن القاعدة الأساسية في تدبير هذا الأمر، هو لمنطق « المغالبة » لا « المصالحة »، وإلا ما جعل الماوردي صاحب كتاب « الأحكام السلطانية »، وأول الفقهاء السياسيين للدولة الإسلامية، من « الغلبة والقهر » مصدرا من مصادر الشرعية الدينية، التي بها ينال أمير المؤمنين وحاكم المسلمين رضا الله وبيعة الناس.

إسلاميو النهضة التونسية، وإسلاميون في عدد كبير من الدول العربية والإسلامية، ليسوا إذا غرباء عن تاريخ الصراعات السياسية بين الحكام وبعض الجماعات الدينية المارقة، وهم في هذا الشأن أقرب إلى أن يكونوا « خوارج » أو « قرامطة » أو « فواطم » أو « زنج » أو غيرهم من الفرق والملل والنحل، التي عبأها قادتها اعتمادا على مبدأ الحسبة في « الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر »، لكن نهايتها غالبا ما كانت كارثية على نفسها وأتباعها وبلادها، لما اتسمت به السيرة عادة من اختلاف السلوك عن الشعار، وفساد الوسيلة قياسا بصدق المبدأ، و طبع الغوغاء والدهماء المهدم الفتان، الذي يعدم كل ثقة في قادة تملكهم الحقد وتلبس بهم الشيطان من مدخل الحق وأعمى وهم الاعتقاد في صواب رأيهم بصيرتهم.

إن القاعدة التي حكمت الصلة بين الدولة التونسية والحركة الإسلامية، هي قاعدة المغالبة وفقا لمنطوق التاريخ العربي الإسلامي، و ليس للديمقراطية التي يمكن أن يتحجج بها المهزومون ساعة الهزيمة، أي علاقة بالموضوع، فهي لم تكن مشروعا لأي من الطرفين ساعة اندلاع المواجهة وحتى انتهائها، ولقد انتهت المغالبة بتشتيت الإسلاميين وتشريدهم و إنهاء حركتهم، وكان على قادتهم أن يعترفوا بالهزيمة وأن يطووا صفحة من تاريخهم، غير أن طبع عقيدتهم الغوغائي حال دون ذلك، من باب المكابرة و المعاندة، فعمدوا إلى منطق زرع الأوهام واستنجدوا بخطاب القدر، وكلاهما لا يعدو أن يكون إلا هدرا للوقت ومزيدا من تضييع مصالح أتباعهم المساكين، الذين كانوا وقود معركة مغالبة لم يستشاروا فيها، و دون وعي من غالبيتهم أو مصلحة.

لقد نصحت الدكتور الحامدي بأن لا يبدد وقته وجهده في إقناع جماعات ختم الله على قلوب رؤوسها، فأصبحت عوالم الوهم الافتراضية عندها حياة، تستعيض بها عن الحياة الحقيقية التي كرست حكم من غلبهم وشتت شملهم، خصوصا وأن التاريخ حافل بأمثلة مئات الآلاف من الخوارج في كل عصر إسلامي، شردتهم معاركهم مع الأمراء إلى أطراف البلاد والصحارى، وقضوا نحبهم على أمل انتصار لم يتحقق، ومغفرة وثواب من الله، لا يعلم أحد ما إذا كان سيتقرر باعتباره شأن أخرويا، وأحسب -ولا أرجو-، أن آلافا من إسلاميي حركة النهضة، سيقضون وعيالهم في المنافي والسجون، يكابرون في الاعتراف بالهزيمة، ويرون في أي مراجعة جذرية لواقعهم نوعا من هذا الاعتراف وتنازلا غير مبرر عن نصر سيتحقق يوما، ولن يتم.

والرأي عندي، أن على المعنيين بالإصلاح السياسي والتحديث الاجتماعي في تونس، أن ينأوا بأنفسهم عن معركة المغالبة هذه، فقد عرفت الدولة التونسية كيف تتعامل مع الجماعات الدينية المارقة عليها، وهي الأقدر على التعامل معها في الحاضر والمستقبل، وما يجب تركيز الإصلاحيين التونسيين عليه، هو السعي إلى الاندماج في السياق الشرعي المتاح، والعمل على المساهمة في تطوير البنى السياسية والقانونية والاجتماعية والثقافية التي أقيمت عليها الدولة الوطنية التونسية الحديثة، إذ لا مانع من تتزامن مواجهتان في وقت واحد، واحدة محكومة بقاعدة « المغالبة » حيث تواجه الدولة الجماعات الدينية الغوغائية، و أخرى محكومة بقاعدة الحداثة حيث يتطلع الإصلاحيون إلى توجيه النسق السياسي إلى مزيد من الشفافية والديمقراطية والعصرنة.

وإن ما يتمناه الكاتب من الدولة التونسية، أن تلعب دورا فاعلا في إعادة بناء الحالة الإسلامية على نحو يخدم مصالح البلاد العليا، ويشجع كل من لديه استعداد لمراجعة موقفه والعودة إلى مجتمعه « مسلما » مسالما لا « إسلاميا » متطرفا حقودا، لتحقيق هذه المراجعة على أرض الواقع، فليس أكثر ما يفيد قادة الغلو والحقد و التطرف داخل الجماعات الدينية، من غلو وحقد وتطرف يمارسه بعض المحسوبين على لدولة. كاتب تونسي ( المصدر: موقع « إيلاف » بتاريخ  25 ماي 2007  )


تونس : المصالحة العرجاء على طبق سياسي مسموم…!

 
مرسل الكسيبي-صحف عربية وشبكات اخبارية:
أعود اليوم مضطرا ومكرها الى أخينا صاحب شاشتي المستقلة والديمقراطية الدكتور محمد الهاشمي الحامدي, الذي أردنا له أن يعود الى أيام البطولة حين كان قياديا طلابيا شجاعا ومغوارا نسمع عنه من خارج أسوار الجامعة من قبل أن تطأها أقدامنا سنة 1988  , الا أن الأيام شاءت أن نعرفه بعد أن ودع أيام « تذكرة يازميل » , أي تذكرة تكاليف الدخول للمطعم الجامعي وأيام « الترسكية » في المبيت الجامعي أي الاقامة فيه لدى أحد الزملاء الطلاب بعد أن عجزت جيوبه عن تسديد معالم الاقامة خارج أسوار المبيتات الحكومية التي تقدم خدماتها المخفضة الى عموم الطلاب … نسي أخونا الهاشمي أنه ابن قرية « الحوامد » الفقيرة والواقعة باحدى ضواحي جهة سيدي بوزيد ,وتنكر لأيام الزمالة والرفقة لثلة من خيرة مناضلي الحركة الطلابية في تونس والذين رافقوه في مسيرة النضال فانقلبوا بقضاء وقدر محتومين الى زنزانات جماعية وانفرادية خطوا عليها اثارا من جوع ومرض ونحافة جسم وألم وشكوى وتضرع الى أحكم الحاكمين ,غير أن مشيئة الله تعالى قادت الأخ الهاشمي الى العاصمة لندن حيث تنعم وتقلب في سعة من المال ونجومية الفندقة منذ أن وضع أرجله في مكاتب صحيفة الشرق الأوسط  اللندنية … وفي الوقت الذي حرم فيه الالاف من أقرانه المناضلين والطلاب الأشاوس من مواصلة دراساتهم الأكاديمية العليا نتيجة ماحل بالبلاد التونسية من ظروف أمنية قاسية على خلفية الاعتقالات والمحاكمات السياسية الواسعة التي عرفتها تونس بداية التسعينات من القرن الماضي ,في مثل هذا الوقت كان الأخ الهاشمي يحصد نتيجة الرخاء اللندني باحدى الجامعات البريطانية ليتوج لاحقا دكتور  » قد الدنيا  » ,ومن ثمة ليظهر علينا لاحقا في أكثر من فضائية عربية منددا بالعنف والتنطع والتطرف ومن ثمة مسوقا لنفسه كواحد من أبرز وجوه الاعتدال والتوسط في الظاهرة الاسلامية التونسية … كان موضوع أطروحة الدكتوراة وعامل السيولة المالية وتوظيف رصيده من العلاقات العامة الذي ورثه بحكم موقعه السابق داخل حركة الاتجاه الاسلامي ممهدا له من أجل أن يطرق أبواب الاعلام الفضائي ,غير أن ظهوره الاعلامي هذا لم يستطع أن يصمد في خدمة قضايا أشواق الحرية التي كتب عنها أيام كان مطاردا الى السودان على عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ,اذ سرعان ماهوى برنامج المغرب العربي بعد مضي سنة واحدة على تقديمه للجماهير التونسية …ولم تكن المبررات يومها أكثر من اقتصادية بحكم ماقيل يومها عن عجز مالي وقعت فيه القناة نتيجة محاصرة مادة الاعلانات فيها من قبل المجموعة الرسمية العربية … كان من الممكن جدا للأخ الدكتور محمد الحامدي أن يعرض بشكل أو باخر عن الخوض في الموضوعات التونسية نتيجة ماقدمه على أنه صعوبات مالية مرت بها المستقلة ,غير أن خوضه في الشأن التونسي مجددا وعلى طريقة البرافدا الشيوعية أسقط عنه صورته المشرقة أيام الجامعة التونسية حين كان قياديا بالاتجاه الاسلامي ,وهو أبرز فصيل طلابي عرفته تونس على سنوات الثمانينات وبداية التسعينات . اصرار الأخ الدكتور الحامدي على تلميع صورة الحاكمين في تونس على طريقة ماتفعله قناة تونس سبعة الرسمية ,مثل خللا اعلاميا فادحا قد تكون الغفلة عنه من باب عدم التخصص في مجال الاعلام أو من باب الطمع فيما ستقدمه السلطة التونسية من عطاء أو اغراء يبدو أنه كان مقنعا الى الدرجة التي جعلت قناة الديمقراطية ونظيرتها المستقلة تستضيفان أشهر المفلسين في الدفاع عن منجزات السلطة الحداثوية  … الرصيد الحقوقي والسياسي والاعلامي في تونس رصيد لايمكن أن ينجح في الدفاع عنه حتى أشهر وأبرع المحامين والاعلاميين في العالم , ومن ثمة فقد ركب أخونا الدكتور الهاشمي جوادا خاسرا نصحناه بالنزول عن ظهره قبل أيام ,غير أنه لم يلق لنصيحتنا بالا بعد أن غرته على مايبدو شهادة الدكتوراة …وظن باخوانه الناصحين كل الظنون …!, بل يبدو أنه أصر الى العودة مجددا الى اسطوانة المصالحة المشروخة في وقت تجدف فيه السلطة ضد التيار وتمعن في التنكيل بضحايا سياسات الحيف والجور وشرائح واسعة ومعتبرة من الشعب ,برغم أن حديث الناصحين والعاقلين للسلطة عن حفظ ماء الوجه وانقاذ الوطن والنفس حديث لم يجف حبر محبريه بعد…! الأخ الدكتور محمد الهاشمي صاحب مجموعة المستقلة خسر كثيرا بتحويل منبريه الاعلاميين الى نسخة سياسية شبه مطابقة للأصل لقناة تونس 7 في وجهها السياسي والاخباري عن تونس المحروسة … لقد خسر فعلا حب اخوانه له وتقدير الجماهير الطلابية لرصيده النضالي بالجامعة التونسية ,وهو اليوم يخسر بقية رصيده السياسي بعد أن أصبح مصرا في كل مرة يبلغ فيه النشاط المعارض درجة من الاحراج على طرح موضوع المصالحة المفخخة التي تهدف الى ضرب وحدة وتماسك حركة النهضة والى تفكيك ائتلاف 18 أكتوبر المجتمع على الحد الأدنى من المطالب الوطنية المشروعة … انه اليوم يحولها الى معركة شخصية بينه وبين الشيخ راشد الغنوشي الذي وان اختلفنا معه في بعض تقييماته السياسية أو في طريقة ادارته لبعض شؤون الحركة ,الا أننا لانشك أبدا في وطنيته أو رغبته في رؤية تونس خارج اطار هيمنة الحزب الواحد ,ومن ثمة فلابد أن نضع بهذه المناسبة النقاط على الأحرف عبر التفريق بين الخلاف الشخصي والمصلحة الوطنية التي لابد أن تقدم على كل اعتبار اخر فيه للنفس والشيطان حظ لايمكن لعاقل أن يغفل عنهما .. لقد طالبنا سابقا بتحقيق سنة التداول داحل حركة النهضة عبر افراز طاقم قيادي جديد , كما طالبنا الشيخ راشد الغنوشي بالنسج على منوال الأستاذ أحمد نجيب الشابي من خلال تسليم مقاليد القيادة التنفيذية والميدانية الى رجال من حركة النهضة داخل البلاد ,غير أن هذا لايعني أننا ننكر للرجل رصيده من التضحية والنضال أو مساهماته البارزة والمثمنة في الفكر الاسلامي والفكر السياسي المعاصر بوجه عام ,وهو مايحمله في تقديرنا مسؤولية أكبر تجاه توثيق تجربته للقادم من الأجيال . أردنا من خلال هذا التذكير أن نكبح النفس الأمارة بالسوء وأن ننصح مجددا الأخ الدكتور محمد الهاشمي الحامدي بالاقلاع عن موضوعة المصالحة المغشوشة الى أن نرى مؤشرات فعلية دالة على تحول حقيقي تشهده السلطة من داخلها عبر الاذعان الى المطالب المشروعة للمعارضة والنخب الفكرية والسياسية والحقوقية والاعلامية داخل تونس وخارجها … وفي الختام أدرك جيدا بأنني أغلضت مع الأخ العزيز محمد الهاشمي الحامدي الكثير من القول ,ولكنني رجوت بقساوتي هاته أن أراه من جديد متوثبا فرسه الجامعي وملتحقا بأفواج المطالبين بالحرية ولاسيما أن لديه فضاء اعلاميا رحبا ومؤثرا تخشاه بلا شك السلطات التونسية ,وذلك لخطورة الدور الذي يمكن أن يلعبه الاعلام الفضائي في ترجيح كفة المعارضين … أرجو من الله تعالى في النهاية أن أكون بقساوتي هاته قد حركت مهجا قد يكون غرها بريق الصورة الفضائية وعالم المال والأعمال ولكن تلك شهادة نقيمها عليه وعلى الشعب من أجل وضع حد لحوار مبتور لن يسهم الا في خدمة سلطة برهنت على أنها تتقن لعبة تمزيق المعارضة أكثر من خدمتها لشروط الاصلاح والمصالحة والانفتاح والدمقرطة … حرر بتاريخ 27 ماي 2007-11 جمادى الأولى 1428 ه . *كاتب واعلامي تونسي/رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية reporteur2005@yahoo.de
 

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 27 ماي 2007)

 
 

الوكالة الوطنية لحماية الشريط الساحلي:سكتت دهرا و نطقت…

بقلم عامر عياد تعاني مدينة خنيس من ولاية المنستير إلى جانب عديد المدن الساحلية الأخرى من تلوث الشريط الساحلي والذي يمتد من مدينة خنيس إلى حدود  مدينة البقالطة..تلوث ناتج عن انخفاض مستوى مياهه و انعدام التيارات الساحلية..إضافة إلى تواجد محطتي تطهير ،الأولى « بالفرينة » و الثانية « بوادي السوق »تفرغان المياه و الفضلات الواردة إليهما بهذا البحر »الميت ».وهذا ما جعل الشريط الساحلي عنوانا للتلوث المزمن و بلغ ذروته في الصائفة الفارطة في مثل هذا الشهر حيث تبدل لون البحر و تحول إلى اللون الوردي –البنفسجي،كما تفاعلت كيميائيا أكسدة بعض المعادن وتغيرت ألوان الدهن و تآكلت معدات القوارب النحاسية و ماتت كميات كبيرة من أصناف السمك والرخويات التي طفت على سطح الماء و على شاطئ البحر، كما اثر هذا التلوث على الهواء مما جعله ينعكس على الوضع الصحي فبرزت حالات اختناق وغثيان و دوران بالرأس و حروق جلدية لكل من لمس مياه البحر. وأمام صمت الجهات المسئولة و خصوصا الوكالة التونسية لحماية الشريط الساحلي،تحركت بعض المدن مطالبة ببيئة سليمة و كادت الأمور تتطور بصفة سلبية على الاستقرار الاجتماعي لولا تدخل سريع من وزارة البيئة والتنمية المستديمة التي قامت بحملة تطهير و تنظيف كحل أولي إلى حين معرفة أسباب هذه الظاهرة و دراستها في انتظار المعالجة الدائمة. هذا وقد قامت وزارة البيئة منذ سنة 1996بعديد الدراسات لمعالجة هذا الشريط المصنف »بالمنطقة الحساسة »وتضمنت ثلاثة مراحل أفرزت المرحلة الأخيرة منها إلى اقتراح جملة من الحلول لمعالجة ظاهرة التلوث بهذا الشريط والتي نصت بالخصوص على ضرورة ردم عديد المناطق و خاصة خليج خنيس إلى عمق متر على الأقل.. ومن هذا المنطلق و خوفا من تكرار ظاهرة السنة الفارطة حيث أكد السيد الحبيب المبروك-أستاذ البيولوجيا بالجامعة التونسية « انه بعودة الحرارة و ارتفاع درجتها تعود الظاهرة من جديد »..تكاتفت جهود المواطنين مع جهود المجلس البلدي بشكل رائع وبديع من اجل مصلحة المدينة،وظهرت كل معاني التكافل و الوحدة و التضامن و التضحية -والتي نفقد معانيها في عديد المناسبات الأخرى-لتهيئة المقاطع المهجورة و الواقعة غرب المدينة و ردم ما أمكن من الشاطئ الملوث تطبيقا لمقتضيات دراسة وزارة البيئة وبعد إعلام كافة السلط المسئولة.. كانت أياما من أجمل وأندر ما شاهدناه ..تضحية بالمال والجهد و توحد من اجل خدمة الصالح العام،من اجل مستقبل أفضل لابناءنا. وقد حصل تطور قياسي في عملية التهيئة و الردم التي تواصلت على امتداد أربعة و عشرون يوما و كادت تتحقق المعجزة..معجزة التخلص من تلوث المناطق المزمنة بهذا الشريط و ذلك بدفع ما بقي من تلوث إلى عمق البحر حيث حركة المد والجزر،وفي نفس الوقت تمت تهيئة المقاطع المهجورة لإحداث مناطق خضراء داخلها..حينها فقط تحركت شهامتهم..وقتها فقط « سردكت »الوكالة التونسية لحماية الشريط الساحلي و نزلت بطم طميهما، صارخة، مستغيثة لحماية صلاحياتها و « ممتلكاتها »..حينها فقط تحركت الغيرة على المواطن فتعللت بان ردم الشريط الساحلي يزيد من نسبة التلوث !!-حسب الفاكس الذي أرسلته لبلدية المكان يوم 22-05-2007-وهكذا تتناقض الوكالة مع وزارتها! منذ1976 وعمليات الردم متواصلة ولو بصفة متقطعة و بطيئة والوكالة لم تحرك ساكنا فمن الذي أخرجها مكن مكاتبها المكيفة ؟ لماذا لم تتحرك من قبل لحمايتنا بالسبل التي تراها مناسبة ونحن الذين نستنشق صباح مساء روائح « العطور » المنبعثة من هذا الشريط؟ هل أسست هذه الوكالة لحماية البيئة أم للحفاظ على تلوثها؟ أسئلة نطرحها أمام هذه الوكالة و أمام كل من يهمه الأمر خصوصا وقد وئد الحلم ووقفت الأشغال إلى حين تتمتع الوكالة المعنية « بصلاحيتها وممتلكاتها »


ورقات من ماض لم ينته بعد (الحلقة 4)

1987: وحلّ عهد الشؤم!

« كان ربيع سنة 1987 مشحونا بالأحداث المتسارعة والمتصاعدة الوتيرة, تمهِّد لها وتحيط بها وتتبعها أمواج متلاطمة من الإشاعات الصحيحة وغيرها. فهذا ما ستسمعه لو أنَك استرقت السَمع… – هذا فلان توفيَ تحت التَعذيب. – وهذا آخر خرج ولم يعد, ولا أحد يدري أين هو, والبوليس السيَاسي لا يفتأ يبحث عنه, وفي كلِ مرَة يٌقلب البيت رأسا على عقب, وسط بكاء الزوجة وفزع الأطفال. – يتردَد في بعض الأوساط, أنَ بورقيبة سيعفو على الجميع, ليفتح صفحة جديدة لخلفه, لا تشوبها شائبة. – ها هم ألقوا القبض على الشَيخ عبد الفتَاح مورو. – هذا عمرو, قد اغتصبوا زوجته المحجَبة أمام عينيه, حتَى يعترف عن الآخرين. – هذا زيد فقد صوابه من هول التَعذيب, فصار يجوب الشَوارع والسّاحات العامّة, من دون وجهة, متفوِها بالكلام البذيء, بعد أن كان مثالا للتَديُن و الاتزان. – يقولون أنَ مجموعة من الشَباب ألقت بقارورة من ماء النّار acide على وجه أحد أعضاء لجان اليقظة من الحزبييِن. – هل سمعتم بحرق مقرِ الحزب في باب سويقة؟… يقال أنهم تعمَدوا إلى حرق الحارس, وهو حيٌ. – هل رأيتم عدد الحواجز المنصوبة على الطَريق؟… لقد فُتِشنا ثلاثة مرَات خلال مسافة عشرة كيلومترات. – إنَهم يداهمون بيوت المشتبه بهم, ويقلبونها رأسا على عقب, بحثا عن الأدلَة التي تدينهم. – يقال أنَهم أخذوا حتَى المصاحف كأدلَة على تهمة التَديُن. – لقد صارت المساجد تغلق أبوابها إبَان كلِ صلاة… أوقات إداريَة! – هل رأيتي فلانة؟ لقد نزعت الحجاب, وكذلك صديقتها, وجارتنا أيضا! ووه… ووه… الّلطف… يا وخيتي! – يقال أنَ السُجون لم تعد تكفي… امتلأت. – آه! الآن فهمت! لقد أصدروا عفوا على عدد لا بأس به من مساجين الحق العام… – ستبدأ المحاكمات قريبا. – ستكون هناك إعدامات هذه المرّة… هذا أكيد… إنَهم لا يمزحون… هذه المرَة. – الرئيس قال في خطابه الأخير: نْنننحَبْ قببببلْ ما نْننننموتْ نَققققضي على الأكككككواخ وعلى الخوانججججيَه (تصفيق حاد و… « بالرُوح بالدم نفديك يا بورقيبة »). – طفِي الضو… – اقلب الصحنْ… – بدِّلْ الموضوع… – من يلعب مع التَرجي الريَاضي هذا الأحد؟ – جميل فستان صوفيا صادق في حفلة الأمس… أليس كذلك؟ – ألو… ألو… أ… » أنقطع الخط… وأنقطع التيَار, وساد ظلام دامس, وعمَ سكون مخيف, وألقى الكرى على العيون مسحوقا غريبا, لم يستفق بعده أحد… » (يتبع) (المصدر: منتدى الحوار السياسي بموقع « الحوار.نت » بتاريخ 16 ماي 2007)  


ورقات من ماض لم ينته بعد (الحلقة 5) الرّجل الذّئب
Le loup-garou
قطعت الصمت الذي خيّم على مجلسنا بعد هذا العرض للتراجيديا التونسية لسنة1987 وسألت صاحبي عن الرّعب كوسيلة للتحكّم, فأجاب: « الرُعب, يا صديقي, سلاح خطير جدًا. إنَه من أسلحة الدَمار الشَامل. ولذلك فإنَ كلَ ديكتاتوريَات العالم امتلكته واستعملته على نطاق واسع, محدثة أضرارا جسيمة, لا يمكن رؤية معظمها بالعين المجرَّدَة. فسلاح الرُعب, يدكُ البنية النفسيَة للفرد – وكذلك للمجموعة – دكًّا. لا يترك في هذا البنيان جدارا قائما. يهتزُّ لرجَّاته الوعي واللاَّوعي. تتمنّى لو كنت نسيًا منسيًّا… تتمنَى لو لم تكن تعرف شيئا… تتمنَى لو لم تك شيئا… تتمنَى اضمحلال الماضي… وكذلك الحاضر… وينتفض كيانك, رعبا لذكر المستقبل… في كلمة, تتمنَى الموت… تحلم بزلزال قيامي, يهزُّ الأرض فلا ينجو أحد… ولا تنجو أنت… لكي لا ينجو الطَاغية. ولسلاح الرُّعب هذا مفعولا انشطاريا, كالقنابل العنقوديَة حين تنفجر فتطال حبَاتها الذكيَة مجموعات من النَاس. وإحدى راجمات صواريخ الرعب الأكثر خطورة ومردوديّة: الإشاعة؛ فهي التي تضمن فاعليَة قصوى لهذا السِلاح. ولكن, لهذا السِلاح الفتَاك, على قوَته, مواطن ضعف. فما أن يجد في مواجهته سلاح رعب مضادٍ, حتَى يفتر مفعوله, ليتلاشى شيئا فشيئا. وهذا, في الحقيقة, قانون من قوانين الطبيعة والبيولوجيا: فعندما تهاجم الميكروبات والفيروسات جسم الإنسان, تكون ردَة الفعل الطبيعية –والحتميَة- أن يحرِّك هذا الأخير مضاداته الحيويَة. وهذا ما حدث تحت ديكتاتوريَات عديدة ولم يحدث في تونس؛ وهذا ما يفسِّر إلى حدٍّ كبير سرعة الانهيار, بالرُغم من التَواضع النِسبي لديكتاتوريَة الياسمين, فبن علي ليس بشاه إيران, و لا ببينوشيه, ولا حتَى بسوموزا… ومع ذلك فقد انهارت المقاومة… بل لم توجد مقاومة أصلا. ولا لوم البتَة على من لم يصمد أمام هذا السِّلاح المدمِّر, الرُعب, إذِ الإنسان ضعيف بطبعه « وَخُلقَ الإِنسانُ ضعيفًا ». لا سيَما إذا وُوجِه به كفرد, لا عُصبة له. ومقاييس الضعف والقوَة هنا, لا تكمن في البنية الجسديَة ولا الفكريَة ولا حتَى في السِّنِ أو الجنس؛ إذ أنَ الهدف الأوَل والأخير لسلاح الرعب, كما سبق ذكره, هو تدمير البنية العقليَة للإنسان, إلى درجة فصله عن ذاته وعن محيطه, إلى حدِّ العداء السكيزوفريني. *** « التَعذيب هو أعلى درجات سلاح الرُعب. يسهر عليه موظَفون رسميُون… هم في نهاية الأمر مواطنون عاديين, يعيشون بين النَاس. تربَوا تقريبا كضحاياهم, درسوا في نفس المدارس, ومشوا في نفس الأزقَة والشَوارع… بعبارة أخرى, هم ليسوا من كوكب آخر… ليسوا من سكَان المرِيخ. تساؤلات تطرح نفسها بإلحاح ولا تستدعي جوابا متسرِعا. ترى كيف تحوَل هؤلاء الموظفون إلى غيلان مفترسة؟ أيُ ميكانيسمات جعلت منهم آلاتا وحشيَة قاتلة… تتلذَذ بالقتل البطيء والبشع لأبناء وبنات جلدتهم, الذين لم يسيئوا إليهم شخصيَا أدنى إساءة قد تستفزُ غرائزهم الأكثر وحشيَة؟ هل يدفعهم إلى ذلك حبُهم المفرط لوظيفتهم, جريهم وراء التَرقيات, شعورهم الوطني؟ تراهم يعملون, خلال حملات الاعتقال, بنسق « صناعي », ويعودون إلى بيوتهم مساءا, ليلقوا أهليهم, فهذا في مطعم « شيك » مع خطيبة المستقبل, يتجاذبان أطراف الحديث, ويرسمان معالم مستقبل مشرق, في جوِ رومانسي, تشهد عليهما فيه, شمعة باهتة ووردة حمراء, وهذا يلاعب طفله على فخذيه, منشدا له أعذب الأغاني, حتَى ينام… وآخر يحتسي فنجان قهوة, ويشرب شيشة, وسط أبناء حارته في مقهى الحي؛ تراه منهمكا في حسابات معقَدة  » لطُرحْ رامي », أو منفعلا في غمرة النِقاشات اللاَمتناهية حول مبارات « الإفريقي » و « النَجم » هذا الأحد… وربَما كان أحدهم لا يضيع صلاة العشاء جماعة… ولكن وفي اليوم الموالي, سرعان ما ينقلب المشهد, ليصبح هؤلاء أشياء أخرى. كأسطورة الرجل الذئب, الذي يتغيَر لا شعوريَا, مع بزوغ القمر, من إنسان إلى كائن ذئبي لا يشفي غليله غير الدم الآدمي. في قلب المدينة, وعلى مرمى حجر من المارَة والسيَارات والأسواق, تخفي أسوار مؤسسة الحزن أو وزارة الحُب جحيما تتصاعد عبر مداخنه صرخات الألم ورائحة الدَم وأصوات وسياط  » المتبقين من العصر الحجري » « . اقتلاع للأظافر, حرق بالسجائر, غمس للرأس في ماء مزاجه من قيء وبول ورحيق البالوعات, ضرب شديد على مناطق الجسد الحساسة, إدخال قضبان من حديد في الأدبار, تعليق لساعات عديدة لا تتوقف إلاَ بالإغماء, ثقب العضلات بثاقبة كهربائية صُمّمت وصنّعت في ألمانيا للخشب وللإسمنت المقوَى, اغتصاب الرجال بحضور آخرين, اغتصاب النِساء بحضور آخرين, خلع الملابس في كل الأحوال, الشتم والإهانة في كل الأحوال. هذا قطر من غيث؛ ولا يحس بالجمر إلاَ الماشي عليه. و يروى أنَ أحد القائمين بإحسان, على التعذيب خلال الثمانينات, كان يلقَب من قبل زملائه بالحاج؛ وكان ينظر إلى ساعته أثناء جلسة من جلسات تعذيب الإسلاميين, ويستأذن زملاءه المنهمكون في « الشغل », للذهاب لأداء صلاة العصر أو المغرب… لا أجد لتساؤلاتي السابقة من أجوبة مقنعة وجدِية, جواب واحد يفرض نفسه : إنَه انعدام الرعب المضاد, إنَ فقدان المناعة يشجع الداء على الانتشار, هذا أمر معلوم من الطب بالضرورة… وكذلك من الدين بالضرورة. فلأنَ هذا الموظف يعود إلى بيته, بعد الانتهاء من عمله هذا آمنا, ويلقى الآخر خطيبة المستقبل في المطعم الرومانسي وهوآمن, ويداعب الثالث طفله وزوجته آمنا, ويشرب الرابع الشيشة ويلعب الورق في المقهى آمنا… في ظل استتباب الأمن هذا, يتمادى الكل في ما يعملون, وينزلق الكل شيئا فشيئا ولا شعوريا, نحو اعتبار ما يقومون به, وظيفة كغيرها من الوظائف العادية, والتي ليس فيها ما يدعو إلى الخجل أو إلى تأنيب الضمير… قاطعت صاحبي قائلا: – كلامك هذا في غاية من الخطر! ألا يُستشفّ منه بعض المقولات الإرهابيّة؟ – رجاءا لا تقاطعني, فتصدر ضدّي أحكاما مسبقة وغير دقيقة. أكاد أجزم بأننا نحن الذين جعلنا من هذا الإنسان وحشا مفترسا بدون ضمير… آلة قاتلة بدون روح… هل نحن هم ضحاياه؟ لا! بل هو الضحية. فحينما أستعمل سلاح الرعب هذا, لم يجد أمامه من رعب رادع, يحده ويثنيه عن المواصلة في هذا المنزلق. فأنزلق إلى اللانهاية… رصاصة واحدة بين عيني » الحاج » مثلا, كانت لوحدها كافية لإيقاظ ضمير ذلك المتمسِّك بخطيبته, وذلك المتعلق بطفله, وذلك الذي لا يرغب في أن يمر يوم واحد بدون أن يلتقي شلَة المقهى, وغيرهم كثير ممن يحبوُن الحياة لا أكثر. رصاصة واحدة كانت, ربما, قد تمنع أحدهم من اغتصاب فتاة عفيفة, وتمنع آخر من إدخال قضيب حديدي في دبر شاب طاهر. رصاصة واحدة كانت قد تنقذ المئات والآلاف من أبناء جيل مرُوا بدهاليز مؤسسة الحزن, ذات يوم, فخرجوا منها مهدومي الذَّات؛ وصارت آدميتهم, بعد هذا المرور « العابر » خاوية على عروشها. ألم يصبح ذلك الشاب المتديّن, سكَيرا معربدا؟ ألم تصبح تلك العفيفة المحجَبة مومسا؟ ألم يغدو ذلك الرجل المتزوج, الوَرِع, الملتحي زان؟ أيُ دمار هذا؟ » *** (يتبع) (المصدر: منتدى الحوار السياسي بموقع « الحوار.نت » بتاريخ 21 ماي 2007)

مناقشة جريئة مع سيدة تونس الأولى على ضوء حديثها المتناقض لوكالة الأنباء الأماراتية

 

بقلم: سمير عبيد *
إن الإعتقال بسبب الإختلاف في وجهات النظر مرفوض بتاتا ، وأن الإعتقال بسبب الخيانة العظمى والمساس بالسلم الأهلي وهيبة الوطن لا إعتراض عليه عندما يكون مقرونا بالأدلة والبراهين الصحيحة ، وكذلك الإعتقال والتعذيب والتنكيل وإقتحام البيوت ودور العبادة والمكاتب وقاعات الدرس والجامعات و لمجرد ان الإنسان أمتعض من سياسات النظام أمر مرفوض هو الآخر وأينما كان ، ولكن الذي هو مرفوض ولآلاف المرات هو الطرح الإزدواجي الذي تتكلم به الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي، وكثير من المنظمات الدولية والعربية العاملة في مجال حقوق الإنسان حول موضوع الحريات وحقوق الإنسان، والتي تغض الطرف عن الإنتهاكات الفضيعة التي يقوم بها النظام التونسي ( نظام القيصر والأصهار) ضد المحجبات، وضد الصحفيين والكتاب والمعارضين السياسيين وبمختلف أطيافهم السياسية، مقابل الضجة السياسية والإعلامية ضد سوريا على سبيل المثال لأنها أعتقلت بعض الأشخاص ( علما أننا أول من طالب بإطلاق سراح الإخوة في سوريا مع العلم أن هناك أدلة دامغة ضد معظمهم).
 
 فالنظام التونسي بات يعتقل أي شخص ومهما كانت مكانته الإجتماعية، وبمجرد الشك بملبسه وحديثه ومشيته، ولكن ليست هناك ضجة عالمية ضده، والسبب لأنه يوازنها بالضغط على الإسلاميين وعلى الحجاب والمحجبات وتشجيع الإنفلات والغربنة والأمركة في تونس، فمادام الإنسان يرقص ويشرب ويحشش ويشاهد الأفلام الأميركية والإباحية وأدمن على الإنترنيت فهو مرحب به ومواطن من الدرجة الأولى إسوة بأطياف حاشية النظام وأجهزته الإستخبارية والحزبية والسرية والتي يأتمر بأوامر الهانم وأشقائها وفوقهم القيصر الأوحد.
 
 وهنا أروي لكم قصة حقيقية حدثت مع أحد رجال الدين المعممين في مدينة النجف العراقية، وهو رجل دين تقي وعالم جليل ومن الكتّاب والمؤلفين المعروفين ،وهو من كوادر حزب الدعوة الإسلامية، فلقد تعرض هذا الرجل الى إعتقالات متعددة ومراقبة لصيقة جدا في عقد الثمانينات من القرن الماضي، بحيث وصل الأمر أن تسهر مجموعة من الأمن العام قبالة داره وليل نهار وعلى مدار الساعة، ففكر بحيلة ذكية ،فتخلص من ملابس رجل الدين والعمامة وإشترى له بدلة إنجليزية ( أفندي) وأخذ يخرج للأسواق ويصادق الشباب والرجال الذين عرف عنهم أنهم يغازلون النساء ويشربون الخمر ويرتبون السهرات، وبما أن النجف مدينة مقدسة فكان النظام يمنع انتشار دور السينما وحفلات الرقص والحانات وبيع الخمور فيها إسوة بالمدن المقدسة الأخرى مثل كربلاء والكاظمية وسامراء وغيرها، لهذا كان الذين يريدون جلب الخمور أو يريدون الجلوس في النوادي التي تبيع الخمور يذهبون من النجف صوب مدينة الكفل والتي تبعد عن النجف بحوالي 33 كم ،وكان السيد الذي كان معمما يرافقهم ويجلس معهم ولكنه كان يتناول الكولا والماء وهو يعلم أنه تحت المراقبة، فبعد فترة رفعت عنه المراقبة ولقد كتبوا في ملفه ( لقد تحسنت أخلاقه وأصبح مواطنا صالحا) ولقد شاهدت العبارة بعيني عندما إنهارت مؤسسات النظام في تلك المدينة عام 1991 .. والرجل لا زال حيا يُرزق وتم الإفراج عنه قبل أشهر لأنه كان قابعا في سجون الإحتلال أيضا ومنذ أواخر عام 2003 نتيجة آراءه الرافضة للإحتلال .
 
 فيا سادتي أن النظام التونسي يرى أن من يُحشش ويتناول المخدرات والخمور وليس له عملا ويرقص ويشرب هو مواطنا صالحا لأن الصلاح من وجهة نظر النظام التونسي وجميع الأنظمة الشمولية هو عندما ترقص وتردح وتغني وتصفق للنظام ولا تفكر بنفسك وبشعبك ومستقبلك ،وعندما تكون عينا لسلطات النظام ضد أهلك وذويك وأقربائك……
 
لذا فأن السبب الذي جعلني أكتب هذا المقال هو ما قالته السيدة ليلى الطرابلسي ( ليلى بن علي) والتي تعتبر وبظل القيصر السيدة الأولى في تونس الى ( وكالة الأنباء الأماراتية) بمناسبة مشاركتها في الإجتماع الثالث لمنظمة المرأة العربية الذي تحتضنه أبو ظبي في 27/5/2007.. فتعالوا معي نحاجج السيدة الطرابلسي بن علي.
 
أولا:
 
وقبل الدخول بصلب ما صرّحت به السيدة بن علي ، والذي تدافع فيه عن المرأة العربية والتونسية، وتناصرها أينما وجدت ،فبودي أن اسألها السؤال التالي:
 
 لماذا تم رفض الطلب والرجاء الذي تقدمت به سيدة عراقية وهي شاعرة معروفة في العراق و العالم العربي هي وأولادها الى السيدة ليلى وزوجها الرئيس التونسي في النصف الأول من العام الماضي وعن طريق السفير التونسي في إحدى الدول العربية، ونفس الطلب تم تقديمه عبر فنان تونسي كبير ومعروف عربيا، وكان الطلب هو عبارة عن قبول إقامتها هي وأولادها في تونس لحين إنجلاء المحنة العراقية ، و لأنها مهددة بالقتل من قبل المليشيات الطائفية في العراق….؟؟؟
 
ولماذا رفضت السيدة ليلى وزوجها الرئيس بن علي قبول طلب السيدة العراقية التي كانت بمركز مهم وزوجها الأكاديمي ( وليس لديهما أولاد) والذي طلبت فيه السماح لها بالإقامة في تونس لأنها إستلمت تهديدا بالقتل لو عادت نحو العراق، ولقد رفعت الطلب عن طريق أحد السفراء التونسيين ومنذ أكثر من ستة أشهر، فكانت التعليمات للسفير بأن يقطع صلته بهذه السيدة ،علما أنها من أكبر القبائل العراقية وتحمل تاريخا علميا وأكاديميا ووظيفيا ولم تمارس بحياتها مهنة في السوق!!!؟…
 
 علما أنها و زوجها كانا من المنبهرين بالرئيس التونسي، وكانا يظنان بأنه رئيسا عروبيا وقوميا ومعتصما وإذا بهما يلعنان بصيرتهما التي خدعتهما لفترة من الزمن ….
 
 فعن أية مرأة تتكلمين يا سيدة ليلى.. وعن أي تضامن عربي وتضامن نسائي تتكلمين عنه… فهل تعتقدين أن الناس بلا ذاكرة وبلا كرامة وبلا تاريخ.. وهل تعتقدين بأنك باقية في القصر لأبد الآبدين؟….. فعليك قراءة هذه العبارة ( لو دامت لغيرك لما وصلت اليك)!!!!.
 
ثانيا:
 
لقد قالت السيد ليلى ( إن مقولات الإصلاح والحداثة والتنوير لا تتعارض مع مبادىء الشريعة الإسلامية التي نادت بالإجتهاد ومواكبة متطلبات العصر) فلماذا لا تطبقان أنتِ وزوجك إذن هذه المقولة، فهل هي للإستهلاك الإعلامي والعربي وللبرستيج، فنحن نعرف ومن خلال علم النفس بأن أكثر الناس الذين يتكلمون عن الدين والمعروف والعدالة وبمناسبة وبغير مناسبة، هم أكثر الذين يميلون للأفعال التي تنافي الدين والعدالة والمعروف فيما لو تهيأت لهم الظروف، فبودي أن أسأل السيدة ليلى:
 
 هل أنتِ تعيشين في الكاريبي أم في لاس فيغاس أم في تونس؟.. لأن كلامك لا ينطبق على سيدة تعيش في تونس وقريبة من القرار التونسي……
 
 والسؤال الثاني:
 
 هل أنتِ على خلاف مع الرئيس وتعيشين خارج القصر والسلطة؟… ..
 
 لأن كلامك غريب وكأنك لا تعلمين بأن هناك حملات مبرمجة وفضيعة ومجحفة ومهينة ضد السيدات المحجبات في تونس، وضد الإسلاميين والشباب الذين لديهم آراء أخرى، وهناك مضايقات كثيرة ضد المصلين و المسلمين بشكل عام في تونس وكأن هناك نيّة لتبديل الدين هناك….
 
 فنعم أن الحداثة رائعة والتنوير سراج منير، ولكن التنوير الذي لا يتم إستيراده على شكل قوالب جاهزة، أو على شكل علب السردين، بل يجب أن تكون الحداثة ويكون التنوير بما يتلائم مع موروث وثقافة وحضارة المجتمع والإنسان التونسي، فيبدو أنكما تنسيان بأنكما تحكمان شعبا عربيا مسلما يعيش في أرض أسمها تونس!!!…… فالشريعة الإسلامية والإسلام عموما من أرقى الأديان السماوية، ولهذا أصبح الإسلام خاتم الأديان لأنه عبارة عن رسالة حضارية وإنسانية تلائم جميع الأزمان والشعوب، وفيه الحلول لجميع المشاكل، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الصالحين رضي الله عنهم أكدوا على التجدد وعلى العدالة والتنوير والتعلّم والمساواة ،ولكنهم رفضوا الكبت والعنف والمطاردة والخنق والمراقبة والتجسس، ورفضوا الإنتهاكات بحقوق الإنسان وضد الفكر والإجتهاد ،فما بالكِ وأنت سيدة القصر الذي يعطي سيده الأوامر بتكميم الأفواه ومحاربة الدين و الفكر ومحاصرة الإنسان!!.
 
 
ثالثا:
 
 
فالسيدة ليلى تفتخر بأن النظام في تونس أزال التقاليد والسلوكيات وفك القيود عندما قالت ( كان من مقومات هذه الحركة فك القيود التي عرقلت تقدم الشعب وكبلت المرأة داخل الأسرة والمجتمع وأزالت تقاليد وسلوكيات كانت تعزل المرأة وتحط من كرامتها ) فمن قال لك أن التقاليد والسلوكيات الإجتماعية هي سيئة دوما وعلى الإطلاق، فهناك تقاليد وعادات وسلوكيات بمثابة صمامات أمان للإنسان والأسرة والمجتمع في بلداننا العربية ، فأعطيك مثلا بسيطا فنحن مجموعة من الأشقاء لايوجد بيننا من يدخن ، والسبب يعود لصرامة والدنا في هذا المجال ، وهكذا هناك نظاما عربيا لدينا عندما يتكلم الكبير يصمت الصغير لحين أن ينتهي الكبير ثم يبدأ التعقيب وفي معظم مجتمعاتنا العربية فهل هذه سلوكيات شائنة….. ولدينا عرف عربي وفي جميع عائلاتنا تقريبا بأنه لا يجوز للبنت التأخر ليلا ،بل حتى أن هناك عائلات عربية كثيرة لا يجوز فيها أن يتأخر إبنهم الشاب لساعات متأخرة في الليل … فهل هذه سلوكيات وقيود غير حميدة ، وهل اللباس الإسلامي والحجاب بنظرك من السلوكيات والقيود القديمة، ولهذا تحاربونه في تونس … ومن قال لك بأن الحجاب يمنع المرأة من ممارسة دورها في المجتمع إن هي رغبت ، فالحجاب ليس عائقا وإن كان عائقا فهي مشكلة عائدة لنفسية وبيئة السيدة المحجبة نفسها، فهل نسيت عظمة النساء المسلمات في التاريخ الإسلامي وفي زمن الرسول العظيم .. فنعم أن الحجاب يمنع الفتاة من الرقص والذهاب للديسكو، ويمنعها من التدخين وشرب الخمر، ويمنعها من الخروج مع شاب في أماكن خاصة وفي سيارته في مكان بعيد أو مشبوه، ويمنعها العودة بساعة متأخرة في الليل ( وهذا لا يعني أن النساء من غير المحجبات يمارسن هذه الأعمال كي لا يُحمل كلامنا بغير موقعه ومعناه، فهناك سيدات غير محجبات ولكن لديهن حجابا فكريا ويميزن الحلال من الحرام والمفيد من غيره ) …. ولكن من قال لك أن الحجاب المعقول والمقبول يمنع الفتاة أو المرأة من طلب العلم والسفر والتدريب على المهن الحرفية والفنية، والتحدث في الإعلام والكتابة في الصحافة وممارسة دورها السياسي والنقابي والإجتماعي؟…
 
 ولكننا مع الذين يطالبون بحجاب يتماشى مع البيئة التي تعيش فيها النساء وعدم المبالغة فيه، ومع الذين يطالبون بالحجاب عن قناعة، وأيضا نحن مع الحجاب الفكري أي عندما يكون في رأس الشابة والمرأة ناقوسا يحذرها من إرتكاب الأخطاء والأفعال الخاطئة نتيجة وجود الدين والإيمان في رأسها علما أنها غير محجبة ، فالحجاب ليس الخرقة التي هي بألوان الطيف الشمسي والتي اصبحت بموضات صارخة وطرق مختلفة وفي اغلب الأحيان…. أي لسنا مع الحجاب القسري لأنه في آخر المطاف سيسيء للحجاب عن قناعة، وخصوصا عندما تمارس صاحبة الحجاب القسري ممارسات مبالغ بها جدا وتكون صاخبة ومريبة، وهنا يتعرض الحجاب الحقيقي للسخرية ومن ثم يتعرض الإسلام للنقد والتنكيل…. فأتركوا الناس هم الذين يختارون طريقة ملابسهم وتديّنهم وطريقة تثقيفهم، وأن واجبكم هو تثقيف الناس على المواطنة الصالحة، وعلى تعميق الروح الوطنية، وتعميق حب الوطن ، ونشر الوسطية ، و توفير العيش الكريم لهم، ومن ثم حمايتهم من الأذى والإعتداء .. وليس العكس من خلال سلطاتكم التي تطارد الناس لتنكل بها وتهينها وتحرفها عن تعبّدها وقناعاتها!!.
 
رابعا:
 
 تفتخر سيدة القصر التونسي بالقوانين والإجراءات التي طبقتها ومارستها حكومة زوجها فتقول ( إن أصدار مجلة الأحوال الشخصية وفرت للمرأة التونسية إطارا تشريعيا يمنحها الحقوق والحماية والرعاية بأن منع تعدد الزوجات وفرض السن الدنيا للزواج ووضع حدا للطلاق، وممارسة حق إختيار الزوج من قبل المرأة، وحق طلب الطلاق والولاية على الأطفال)… أن فلسفة هذا الكلام والذي ورد على لسان السيدة بن علي وفي المجلة يثبت بأن النظام ومن خلال هذه المجلة أسس الى الإنفجار في المجتمع التونسي، فيبدو أن هناك زوجات متنفذات أردن أن لا يتزوج أزواجهن عليهن فتم سن هذه القوانين ،والتعليمات الراسخة في الأحوال الشخصية، وبدليل أن هناك فوضى عارمة في تونس من ناحية نسبة العوانس، والتي هي نسبة مخيفة ومن يتحمل مسؤولية ذلك هو النظام نفسه، والزوجات المتنفذات في القصور الحاكمة، والذي شجع على ذلك مقابل إرتفاع البطالة وتدني الأجور، وبالتالي قلة الإقبال على الزواج من قبل الذكور.
 
 ولكن الأمر الخطير هو الذي فجرّه أستاذ علم الإجتماع وهو الدكتور (بلعيد أولاد عبد الله) حيث أثبت ومن خلال البحوث والدراسات بأن ((( تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا في نسبة الطلاق))) فمبروك لك يا سيدة ليلى وللرئيس بن علي هذا الإنجاز العظيم والدولي….. هل تعلمين أن هذه الحالة الشاذة والتي ولدتها قوانين وسياسات نظامكم بمثابة جريمة أخلاقية وإنسانية ودينية وسياسية وقانونية ،ويحق لجميع المطلقات والمطلقين والعوانس الطلب الى السلطات القضائية والقانونية في تونس وخارج تونس لمحاكمة النظام التونسي مع طلب التعويض المادي والنفسي والعائلي؟..
 
. وهذا يعني أن في تونس أجيال ضائعة و تائهة، هي أجيال الأيتام وأبناء المطلقات والمطلقين أي أن تونس ( الرابع بالعالم من ناحية الأجيال الضائعة بسبب هذه الآفة) فمن هو المسؤول يا سيدة ليلى؟…. الم يكن هو نظامكم أي نظام الزوج القيصر والأشقاء؟.
 
خامسا:
 
وقالت السيدة ليلى وهي تشيد بسياسات زوجها فتقول ( أكد الرئيس زين العابدين منذ فجر التحول سنة 1978 هذه الحقوق وعمل على تنميتها وتطويرها ضمن نظرة إستراتيجية شاملة تقوم على إعتبار حقوق المرأة جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان ) .. فلا ندري هل نضحك أم نبكي، وكذلك لا ندري هل أن السيدة ليلى تعيش في القمر أم في تونس، فيبدو أن هذه الحقوق خاصة بنساء القصور فقط، فالرئيس بن علي هو نفسه الذي نسف كل هذا يا سيدة ليلى…. لهذا نشكك بأنك تعيشين في تونس، والسبب كونك تناقضي نفسك بنفسك، ونحن نشكك بأنك تعرفين أن في الأمارات صحافة تُكتب بالعربية، فربما أنك تعتقدين بأن صحافة الإمارات تُكتب باللغة الهندية، لهذا ربما تصورتِ بأننا لن نتمكن من قراءتها وكذلك لم يتمكن من قراءتها الشعب التونسي أيضا……. !!!.
 
فأن آخر جريمة بحق المرأة التونسية يا سيدة ليلى هي عندما تم منع جميع الفتيات والسيدات المحجبات من دخول معرض الكتاب الذي تم إفتتاحه في تونس أخيرا ، وكأن الثقافة فقط لسيدات القصور المخملية، أو أن هذه الشرائح من السيدات يحملن فيروس يؤذي الكتب ويؤذي الزائرين، وبالتالي قررت سلطاتكم منعهن من دخول المعرض، أو ربما أن زوار المعرض جاءوا من كوكب آخر لا يعرفون الحجاب والشعب التونسي وكي لا يصابوا بالصدمة والإغماء……… ولكن العتب على النساء المحجبات فكان يفترض بهن أن يعتصمن في باب المعرض، والعتب على النساء المحجبات بأنهن لم ينظمن أنفسهن بجمعيات خاصة بهن، وأوكلن الأمر للمسجد وأن معظم المساجد في تونس تدار من قبل رجال تعينهم السلطات الأمنية من أجل المراقبة … ولكن لو كانت السيدة ليلى بهذه الشفافية لخرجت من قصرها وحملت لافتة ووقفت مع النساء المحجبات ضد هذه الإجراءات القمعية والفوقية ، و التي تصب في مسلسل الإنتهاكات المستمرة في مجال حقوق الإنسان التونسي، فالأنسان التونسي يتعرض لأبشع حملة ضد حقوق الإنسان، وضد حرية الرأي والتعبير.
 
سادسا:
 
 أما لو جئنا الى ( منظمة المرأة العربية) فهي مجرد منظمة تضاف الى المنظمات العربية التي زادت في أزمات الشارع العربي والمجتمعات العربية، وزادت في بيروقراطية وتخدير الأنظمة العربية، وزادت في الإنفاق من خزائن الدول العربية ، وعلى حساب المواطن العربي الذي يعيش وسط الأزمات المادية والوظيفية والإقتصادية، مقابل البحبوحة التي يعيش يها أصحاب المنظمات والعاملين بها و التي تدعم الأنظمة .. لذا فلو كانت هذه المنظمة تدعم حقوق المرأة ،وتعنى برفاهية المرأة العربية وإنتشالها من واقعها الصعب لكانت الدعوات موجهة الى الصحفيات والحقوقيات والكاتبات والسياسيات المعارضات والمناضلات في تونس بدلا من السيدة ليلى، لأنهن تعرضن ولا زلن لأبشع أنواع القمع والتمييز والملاحقة ،وهناك أيضا زوجات وأمهات المناضلين والمعتقلين في السجون التونسية كان الأجدر دعوتهن بدلا من السيدة ليلى ، ولكانت الدعوة أيضا الى سجينات الرأي في البلدان العربية وبدلا من سيدات القصور العربية….. لهذا فأننا نعتبرها منظمة سيدات القصور ومالكات مفاتيح خزائن الدول والحكّام فقط…… وليس منظمة المرأة العربية!!!.
سابعا:
 
وأخيرا وليس آخرا هل سمعت السيدة ليلى بالمطاردات والإعتقالات الأخيرة والتي نظمتها السلطات التونسية ضد المفكرين والصحفيين والحقوقيين وأساتذة الجامعات ، وهل تعلم بأن هناك حصارا مستمرا ضد الشخصيات المعارضة ، وهل تعلم بأن هناك عددا من الصحفيين والحقوقيين والسياسيين قد ماتوا في السجون التونسية ونتيجة التعذيب والصعق الكهربائي، وهل سمعت بالمراقبة الشديدة على البريد والإتصالات والإنترنيت وحتى على المصلين، والذين يحضرون الندوات والمهرجانات، وفي الجامعات والمعاهد والمدارس ،فلم يبق إلا فراش الزوجية ونتوقع أن السلطات التونسية سوف تقتحم هذا المكان وبأية لحظة، فلقد وصل السيل الزبى، ولو فلت العيار سوف تتحول تونس الى حمام دم لا سمح الله وأن من يتحمل مسؤولية هذا هو الرئيس التونسي ونظامه …….. وهل سمعت السيدة ليلى بأن هناك صحفيا تونسيا تعرض للضرب المبرح وللأعتقال لأنه كتب عن ثروات ونفوذ أشقاء السيدة الأولى في تونس….. وهل سمعت  بمسلسل بيع الشركات والمؤسسات التابعة للدولة التونسية والى الأطراف الأجنبية، وآخرها شركة المواصلات التونسية؟…. فهل هو الإعداد للهروب أم ماذا؟
 
وختاما ننصح جميع الأنظمة العربية ،وخصوصا النظام التونسي أن يراجع نفسه وسياساته ومن الألف الى الياء، وننصحه بالإبتعاد عن السياسات الترقيعية والتسكينية، لأن الشعب التونسي يطالب بحقه المشروع ولا لايشحذ من قيصر قصر قرطاج، ولا من الذين يعيّنهم القيصر في الوزارات والمؤسسات والسفارات ، وأن المصالحة التي يروج لها النظام التونسي هذه الأيام ماتت في مهدها ،وبلحظة إختياره لوسطاء عليهم عشرات علامات الإستفهام من قبل التونسيين وقسم كبير من العرب والمتابعين، بل أنهم سبب من أسباب فشل وموت المصالحة في مهدها ، لأن المصالحة هدف سامي ووطني، وهي مشروع كبير يتعلق بمصير الوطن والملايين ومستقبل الأجيال التونسية، لذا ليست مجرد جلسة وتبويس الى اللحى وعلى الطريقة البدوية القديمة ويبقى الثأر في النفوس لحين ساعة الصفر، وأن المصالحة ليست بورصة وبزنس مثلما يتوقعها البعض والذين تعودوا على المتاجرة بها والإستفادة المادية من وراءها ومن خلال الشنط المليئة بالدولارات القادمة من قصر القيصر… لذا فليس كل مرّة تسلم الجرّة ، والكلام موجه للنظام التونسي والى الوسطاء الذين يريدون المتاجرة بكل شيء، وحتى وأن كانت المتاجرة بمصير الشعب التونسي!!.
 
كاتب ومحلل سياسي
مركز الشرق للبحوث والدراسات
27/5/2007
(المصدر: موقع « وطن » بتاريخ 27 ماي 2007) الرابط:http://www.watan.com/index.php?name=News&file=article&sid=632  

حتى نلتقي:رئيس تشخيص مصلحة النظام..

 
في إطار التطور السياسي الذي تمر به بلادنا، وفي إطار الانفتاح على جميع التجارب السياسية التي شهدها العالم، فاني أقترح أنا، كاتب هذه الأسطر، أن يُصار في تونس إلى استحداث مؤسسة دستورية تكون فوق كل الهيئات، ويكون قرارها نافذا على كل القرارات، ويُعهد برئاستها إلى عضو مجلس المستشارين – المعين – حتى يستطيع أن يميز، في هذه البلاد، بين من يحبها ومن يكرهها، ويفرّق بين الوطني الغيور والسلفي المندس، وحتى يستطيع أن يطبق برنامج الرئيس بن علي على أحسن وجه، الذي هو وحده مؤتمن عليه، وهو وحده من يحرص على تطبيقه، ووحده من يخاف على هذه البلاد، ووحده من يعد قائمات في خونتها ومتطرفيها وأعداء نظامها، المندسين في مؤسساتها.

السيد المستشار ثارت ثائرته هذه الأيام، وأرعد وأزبد، وانبرى يحبّر المقالات ويصدر البيانات، ويجرب المقابلات على الفضائيات، يعطي دروسا في الوطنية ومحاضرات في الأخلاق وكميات هائلة من السباب والشتائم التي لا تليق بعضو غرفة تشريعية محترمة يتكلم باسمها، ويُقدم على أنه عضو فيها. السيد المستشار تحول إلى جمعية الصحفيين، نافثا فيها سموم حقده وغلّه ومقته لكل من يستطيع أن يكتب كلمة ويساهم فحرف في مسيرة هذه البلاد وهذه الأمة، سموم لا تنم إلا عن حقد على هذه الجمعية العريقة التي كان لها فضل كبير عليه وعلى أمثاله، وتنم عن تكبّر وغرور لا نرى مبررا له ولا موجبا لنشره على صفحات مجلة محترمة.

السيد المستشار، ترك كل هؤلاء وتوسع في نشاطه الإصلاحي التوعوي التثقيفي ليعم بالخير على كل الشعب التونسي ومؤسساته، فإذا به يقذف بكيماويه المزدوج نحو مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية، متهما إياها بإيواء المتطرفين وبأنها أصبحت وكرا للمندسين؟؟؟ هل يُعقل أن يصدر هذا الكلام عن عاقل راشد، فما بالك بسيناتور؟؟ هل يُعقل ان تُتهم هذه المؤسسة – اللي سكرت البيبان على الناس الكل – في سبيل مقاومة التطرف، بأنها امتلأت بالمتطرفين؟ وبالمناسبة كيف عرفهم هو فقط، فهل رتبته أكبر من كل الرتب المكلفة بحماية مؤسسات الدولة، أم أنه دارس لدى أجهزة أقوى من الجهاز المكلف بحماية أمن البلاد؟؟؟ كل المستشارين، أو الشيوخ، أو السيناتورات أو اللوردات في كل أنحاء العالم، يهتمون بالمسائل الدستورية والتشريعية وأدوات الحكم، إلا صاحبنا قد كرس كل جهده داخل المجلس وخارجه، للكشف عن المندسين في خياله، والمتطرفين من أمثاله، والسلفيين أشباهه… كل المستشارين الذي عرفناهم أو سمعنا عنهم يمتازون بالحكمة ورجاحة العقل وبُعد النظر، إلا مستشارنا هذا فقد امتاز وتميز وبرع وتفوق وأبدع في علم النميمة والمسارعة إلى اتهام الناس وكيل السباب والشتائم، وترويج الشائعات وتصفية الحسابات… لا أعتقد أن مؤسسة تشريعية محترمة كمجلس المستشارين الذي هو مكسب لبلادنا، يرضى بأن يكون هذا اللورد ناطقا باسمه في كل المحافل.. وأرى أن علمه ومعرفته ودرايته بكل المؤامرات وحفظه وإتقانه وائتمانه على برنامج الرئيس بن علي تخوله لأن يقترح مؤسسة على النمط الإيراني تشخص مصلحة النظام، ويكون هو رئيسها… ولا حول ولا قوة إلا بالله. محمد بوعود el-wahda (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس) ماي 2007)


للتاريخ: هؤلاء دمروا اتحاد الطلبة

 
لا يزال اتحاد الطلبة يتخبط في مشاكله لا تكاد تنفرج الأمور فيه حتى تطفو على السطح مؤامرة أخرى تعصف بأحلام الطلبة وبجهود بعض الصادقين الذين أخذوا على عاتقهم جهود انجاز مؤتمر توحيدي يعيد لاتحاد الطلبة بريقه. فاتحاد الطلبة إذا مستهدف من طرف بعض القوى التي تصرّ على الشد إلى الوراء وتصرّ على تهميش الطلاب ضرب مصالحهم المادية والمعنوية إضافة إلى هذا فهي تتعمّد الاتجار والسمسرة متخذة من الأداة النقابية ورقة ضغط غير مبالية بما ينجرّ عن ذلك. فاتحاد الطلبة عندها تحوّل من مدافع عن الطلبة وآلية من آليات النشاط النقابي إلى وسيلة ضغط تحتكم إلى مصالح سياسية حزبية أو حتى شخصية ضيقة. وإن المتأمل في تاريخ الاتحاد سيلاحظ حتما أن هذه المنظمة لم تعرف استقلاليتها عن بعض الأحزاب أو التنظيمات التي أصرت أن تجعل من هذه المنظمة النقابية الطلابية امتدادا لها ولأفكارها لتحقيق أهدافها دون مراعاة مصالح الطلاب والجامعة والوطن في ذلك وبهذا فإنهم كانوا من حيث يشعرون أو لا يشعرون يتآمرون على هذه المنظمة ويسلبونها استقلاليتها وديمقراطيتها. والمتأمل في تاريخ اتحاد الطلبة سيلاحظ أيضا أنهم كثر هؤلاء المدمرون. ففي مرحلة أولى لعبت السلطة السياسية دورا هاما في التلاعب بديمقراطية الاتحاد إذ عمدت إلى تنصيب قيادة لا شرعية خلال المؤتمر 18 عام 1972 ثم سحبت التأشيرة من اتحاد الطلبة التي رفضت قواعده املاءات السلطة حتى أرادت أن تجعل من المنظمة النقابية شعبة حزبية تأمر بأوامرها وتنفذ برامجها. وفي مرحلة ثانية. ولما ظن الجميع أن الوضع سيتحسن وأن الطلاب سوف يتوحدون داخل المنظمة الشرعية من أجل أ يكون الاتحاد العام لطلبة تونس صوت الطالب المسموع انتهزت بعض الأطراف الفرصة للسيطرة على اتحاد الطلبة وجعلته وسيلة ضغط على السلطة السياسية ووسيلة للمناورة من أجل تحقيق أهدافها وأمام هذا الوضع لم تجد السلطة من حل سوى محاصرة هذه المنظمة ومناضليها حتى تكسر شوكة تلك الأطراف. وأمام هذا الوضع المتردي انصرف عامة الطلبة عن منظمتهم ففقدت جماهيريتها ومصداقيتها ولم يبق منها سوى الاسم. وفي آخر التسعينات بينت بعض الأطراف السياسية حرصها على إعادة اتحاد الطلبة إلى الطريق السوي فتظافرت الجهود وتقاربت الآراء وفكت السلطة الحصار المضروب على المنظمة الطلابية ولكن سرعان ما ظهرت الانشقاقات والانقسامات داخل المنظمة مما أعاد المنظمة إلى النقطة الصفر. وبقي الاتحاد بعدها تحت تصرف مجموعة سياسية صغيرة تحدد خياراته وترسم توجهاته وفق تصوراتها السياسية ووفق مصالحها الحزبية الضيقة دون مراعاة لمصالح الطلاب ودون اكتراث بمشاغلهم وبشعارات المنظمة المركزية، فبان الاتحاد غير ديمقراطي وغير جماهيري مما جعله يفقد بريقه ومما جعل الطلبة يحسمون في توجهاته وسادت خلال هذه الفترة الأخيرة انشقاقات عديدة وصراعات لا تحصى ولا تعد وكانت كل الأطراف بدون استثناء تدعي مناصرتها لمصالح الطلاب ولمصالح المنظمة فلم نرى من ذلك شيئا. وأمام هذا الوضع العصيب وهذه الأزمة الخانقة دعت بعض الأطراف السياسية وبعض الأحزاب والجمعيات الوطنية إلى ضرورة تجاوز هذه الانقسامات وإعادة بناء الاتحاد على قاعدة شعاراته المركزية ووجدت كل هذه الأطراف تجاوبا من الطلبة ومن القيادات النقابية التي بلورت مشروع المؤتمر التوحيدي الذي طرح نفسه من أجل إعادة الاعتبار لهذه المنظمة العريقة. ولكن ولسوء الحظ ونظرا لطغيان المصالح الحزبية الضيقة والحسابات السياسية سرعان ما تلاشى هذا المشروع نظرا لانسحاب بعض الأطراف وبقاء أخرى على الربوة ونداء مجموعة أخرى إلى انعقاده مؤتمرا استثنائيا وكان لكل هذه الأطراف حساباتها الخاصة بها غير مكترثة لمصير الاتحاد ومستقبله ومما زاد الطين بلة اصرار بعض الوجوه السياسية أو النقابية القديمة على فرض آرائها وتوظيف المنظمة لخدمة مصالحها الضيقة إذ لازالت تعتقد أن الاتحاد العام لطلبة تونس عقارا مسجلا باسمها لا بد أن يخدم مصالحها أو لا يكون. هؤلاء، وفي هذا الوقت بالذات مع غيرهم من الظلاميين والسلفيين يعملون جاهدين على إفشال كل محاولات النهوض بالمنظمة لا يمكن أن تكون وسيلة ضغطهم بهذا الضعف الفادح وبنجاعة لا تتجاوز الصفر. وإلى هنا لا بد أن نقول إلى أن هؤلاء، الذين يعتقدون أنهم أوصياء على الحركة الطلابية واتحاد الطلبة بصدد تدمير هذه المنظمة العريقة وهذه الأداة النقابية التي بإمكانها أن تقدم للطلاب وللحركة الديمقراطية دفعا جديدا يؤمن لمختلف مكونات المجتمع المدني طاقات شبابية قادرة أن تقف في وجه البرامج التخريبية وفي وجه كل قوى الشد إلى الوراء ولا يسعنا في الأخير إلا أن ندعو كل هؤلاء ليرفعوا أيديهم عن اتحاد الطلبة حتى يظل اتحاد الطلبة صوت الطالب المسموع صابر مصباح (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس) ماي 2007)

الشباب التونسي والسلوكات الغريبة

 
هل تعقدت الحياة الاجتماعية في بلادنا وتوتّرت العلاقات إلى حد انتاج كل هذا العنف وكل هذا الخوف؟ أين كان يمكث ويختبئ هذا الوحش المنفلت من عقاله. الجرائم التي يرصدها مراسلو الصحف شتّى في نوعيتها وفي أساليب ارتكابها، لكأنّ المحاكم التونسية تكاد تختزل أعمالها في تداول آثام شباب كان من المفترض أن يساهموا في نهضة البلاد فإذا بهم ينغّصون حياة العباد. لسوء الحظ مازلنا ننظر إلى ظاهرة العنف من منظور أخلاقي وقيمي ديني ينعى هذا التحول المفاجئ في مجتمعنا. حتى القانون لا يستطيع أن يحدّ منه طالما أن جرائم العنف في ازدياد مطّرد. لأن القانون لا يبحث عن الدوافع الأصلية للعنف والانحراف بصورة عامة بل ينتظر حتى تقع الجريمة وبعد ذلك يدين المتهم باعتباره مجرم فقط. وأمام شحّ المعلومات والتكتّم عن الإحصاءات وصعوبة الترخيص للإعلام المعارض خاصة. حاولنا أن نرصد ما تعرضه الصحف اليومية طيلة الأشهر الثلاثة الأخيرة من جرائم لنقف على فهم هذه الظاهرة من منظور تحليلي. الصحيفة الجريمة عدد الجرائم طيلة 83 يوما (مارس ـ أفريل ـ 22 ماي 2007) الشروق عنف ـ سرقة ـ سكر ـ اغتصاب… 574 الصريح 492 الجملة 1066 جريمة هذه العيّنة البسيطة هي غيض من فيض، لأن الآلاف من الجرائم الأخرى ترتكب ويذهب مرتكبوها وضحاياهم في صمت إلى السجون والمستشفيات. على أن هذه العيّنة جسيمة جسدية ونفسية مستديمة وأضرارا مادية ومالية معتبرة على الأبرياء. ودون السقوط في فخّ كيل التهم لهؤلاء الشباب نشير إلى أن مجتمعنا يعيش منذ أكثر من عقد من الزمان تحولا مفاجئا في نسق الحياة لا سيما وقد أضحى اقتصادنا خاضعا لقوانين حرية السوق وتراجعت الدولة إلى حد كبير عن ضمان الشغل لطالبيه بينما سادت نوعية جديدة من الحياة القائمة على الاستهلاك ومزيد الاستهلاك وخلقت بذلك حاجات جديدة أصبحت ضرورية ولكن ثمنها باهض (الهاتف الجوال، اللباس، الأكل، مصاريف ترفيهية مختلفة….) أثرت على سلوك الأفراد وأنتجت انخراما بين الدخل وانعدام الدخل من جهة وبين السلع المعروضة من جهة أخرى، واختار إذ ذاك الكثير من الشباب الخروج عن القانون لكسب المال من أجل اشباع هذه الحاجات الجديدة بممارسة العنف في تمظهرات مختلفة: 1.خطف وسلب وسرقة للمارة، ترتكب الجريمة أحيانا لأسباب مادية بسيطة (سيجارة، قلادة، هاتف جوال…). 2.العنف بسبب البطالة أو ليست البطالة نفسها شكلا من أشكال العنف عندما يشعر الشاب بالحرمان وتصبح الشطارة في كسب المال بالضرب عرض الحائط بجميع القوانين المنظمة للحياة الاجتماعية. 3.إن اللامبالاة وضعف مشاعر التضامن والوقوف موقف التفرج على المجرم يرتكب جريمة يعكس غلبة النزعة الفردانية في مجتمعنا اليوم إذ تصبح المدينة غابة من النّكرات و اللامبالين هذا ما يشجع على مزيد من العنف في شوارعنا اليوم. 4.أليست زيادة الأسعار وتدني الطاقة الشرائية عنفا منظّما يمارس على الأسر والأفراد وينتج عنفا مضادا ضد المارة والمواطنين الأبرياء وينتج عنفا أخطر هو عنف الإرهاب والجماعات المتطرفة. 5.العنف تعبير عن مطالب ضرورية لكن أصحابه اختاروا رفض الامتثال للقيم والمؤسسات الاجتماعية اليوم نلاحظ ارتفاعا كبيرا في أعداد المتخرجين من أصحاب الشهادات العليا. الانتحار عنف موجه إلى الذات إلى الداخل بسبب اليأس والشعور بالضياع لأن البطالة سج يضيق كل يوم أكثر على صاحبه. هذا الشباب محتاج لخدمة الصحة النفسية والرعاية خاصة وأن المجموعة الوطنية قد أنفقت أموال طائلة في تكوينه. 6.العنف وليد انفعالات غاضبة بعد تعاطي مسكرات ( خمر، مخدرات، عطور، لصق، كحول قابلة للاشتعال) يصبح العنف إذّاك اثباتا للذات وكثيرا ما ارتبط تناول المسكرات بالاغتصاب. ونكتشف عندئذ أن العنف ليس وليد الساعة الحاضرة فقط، إنه يبدأ معنا في طفولتنا. الأسرة التونسية تنتج العنف وتزرع بذوره فينا حتى الخطاب داخل الأسرة يقوم على العنف بين اعطاء الأوامر والتنفيذ يمارس العنف على الأطفال وخزّنونه حتى يحين وقت تفريغه في المجتمع. 7.جميع هؤلاء الشباب (العنيف) لا يمارسون نشاطا سياسيا أو ثقافيا أو جمعياتيا. يفتقدون التنظيم والإحاطة، مشكلتهم هي مشكلة تواصل ومن هنا يكون دور الأحزاب والمنظمات ضروريا في الاهتمام بهم حتى لا يصبح العنف ماديا أو رمزيا وسيلة الاتصال الوحيدة لحل المشاكل على بساطتها أحيانا فديمقرطة المجتمع ليست إلا مشروعا شاملا. المنصف الصالحي (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس) ماي2007)

 


سهير بلحسن لـ »الأوان »: أنسنة العولمة وحماية المهاجرين

    

أجرت اللقاء صوفي بسيس انعقد المؤتمر السادس والثلاثون للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في لشبونة بين التاسع عشر والخامس والعشرين من أبريل الماضي. وقد تم انتخاب التونسية سهير بلحسن رئيسة، إثر منافسة حادة بينها وبين الكولمومبي لويس غويليرمو بيريز، ما مثّل ثورة صغيرة، إذ أن سهير بلحسن هي أول امرأة تنصّب على رأس الفدرالية الدولية منذ تأسيسها قبل ثمانين سنة. ** للمرة الأولى تصل امرأة، وامرأة من الجنوب، إلى قمة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أي دلالة تسبغينها على انتخابك؟ – كامرأة من العالم العربي-الإسلامي، عشت انتخابي كتكليل لمسار وكاعتراف. ذلك أن خيار روابط حقوق الإنسان الأعضاء في الفدرالية الدولية يكتسي أهمية كبيرة. فانتخابي يتجاوز شخصي ويمثل إشارة قوية باتجاه نساء ورجال العالم العربي الذين هم في أمس الحاجة إلى مساندة ماثلة جلية، حتى يتقدموا في صراعهم من أجل التمتع بحقوقهم الشرعية في الحرية والمساواة والعدالة. وانتخابي، من وجه آخر، دليل مادي على أن رؤية جديدة للنساء في المجال العام بصدد التحول إلى واقع. ونظرا لانتمائي إلى عالم تكبح فيه الثقافةُ والتقاليدُ النساء، أعتبر هذا الانتخاب اعترافا بنصف الإنسانية ذاك الصامت والمهان، واعترافا كذلك بمساهمة وانخراط النساء اللواتي يناضلن ضد ذلك الأمر الواقع. ** كيف خطرت لك فكرة الترشح؟ – للنزاهة، المبادرة لم تأت مني. بل أن الرئيس المنتهية رئاسته، صدّيقي كابا، وهو أول رئيس للفدرالية متأت من بلد جنوبي، هو الذي أراد تسليم المشعل إلى امرأة. هكذا ولدت فكرة ترشيحي. فأنا لا ألهث وراء فرص الترقي المهني ولست امرأة جهاز. قبلت اقتراح سلفي عن التزام نسوي. فنحن كثيرا من نشتكي من ضعف وصول النساء إلى مواقع المسؤولية السياسية. وقد سنحت لي الفرصة، ولم يكن رفضها أمرا قابلا للتصور. لو وجدتْ مرشحة أخرى، لانسحبت لفائدتها. بالنسبة لي، النضال له الأولوية على منطق المؤسسات. ** كونك أصيلة العالم العربي، هل يفرض عليك ذلك واجبات خاصة؟ – أجل، دون أدنى شك. فالمنطقة التي أنتمي إليها، والتي تعد 300 مليون نسمة، لم تشهد أبدا تداولا ديمقراطيا، في ما عدا موريتانيا مؤخرا، وفلسطين. الموجة الحاملة لأمل الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي أطلقها سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي، والتقدم الملحوظ الذي أحرزته الديمقراطية في كل مناطق العالم، جاءت لتضمحل عند شواطئنا العربية، حيث خنقتها الدول المنتجة للعنف والتعسف، وإرادة الأنظمة الاستبدادية الاستحواذ على كل السلطة وكل الثروات في بلدانها. وقد أبرزت تقارير برنامج الأمم المتحدة للتنمية انعكاسات هذا الوضع على سياسات التنمية وما تمثله من عراقيل في وجه التقدم الحقيقي للمنطقة. المدافعون عن حقوق الإنسان يبذلون فيها جهدا سيزيفيّا من أجل إدراج الحقوق الأساسية للإنسان، وفي المقام الأول الحق في الحياة. وإذا كان خرق الحقوق الإنسانية واقعيا كونيا، للأسف، فإن المنطقة العربية تستحق من منظمة مثل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، اهتماما خاصا. علينا مساعدة المجتمعات المدنية العربية على الفعل لتهيئة ظروف التداول الديمقراطي. غير أن صفتي كعربية وكمواطنة تونسية تم تجاوزها، أنا الآن مواطنة عالمية، كونية. وذلك مصدر سعادة حقيقية بالنسبة لي، لقد كان ذلك حافزي على الدوام. جدتي كانت إندونيسية، فأنا ثمرة مزيج، إنْ على الصعيد الشخصي أو الذهني، وأنا أفخر بذلك. ** كنتما مرشحيْن اثنين. هل دافعتما عن مشروعين مختلفين؟ – بلى، يمكن الحديث عن تباينات إيديولوجية مع المرشح الكولومبي لويس غويليرمو بيريز، الذي ترشح ضدي. حقوق الإنسان في أميركا اللاتينية لا تزال موسومة بالتقاليد الماركسية وقريبة من الأنظمة التي تدين بها. أما مقاربتي أنا فأكثر التزاما بحقوق الإنسان بمعناها الحصري. هذا لا يعني أنه لا يجب توخي مقاربة سياسية. الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان هي جوهريا منظمة سياسية، ولكن هدفها الدفاع عن حقوق الإنسان. وبالنسبة لغالبية روابطنا الحقوقية، هذه المقاربة هي التي يجب أن تكون هي الغالبة على استراتيجية الفدرالية. خلافاتنا تتعلق كثيرا برؤية كل منا للعولمة. هذه الأخيرة منحى تاريخي لا رجعة فيه، ولا يجب اعتبارها شرا مطلقا، كما يحسب أكثر المطالبين جذرية بعولمة بديلة. لا شك في أنها فاقمت الفقر والتهميش خصوصا لدى أكثر الفئات هشاشة من سكان المعمورة. وكونها تُخاض تحت راية الليبرالية يمنح الأولوية للسوق على حساب حقوق الناس، خصوصا على الصعيد الاجتماعي. والآن، قانون الغاب، حيث السيطرة للقوي، يتقدم على الحقوق الإنسانية. وذلك ما يجب مكافحته. ودور منظمة غير حكومية مثل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، هو العمل على إرساء قواعد وآليات ملزمة للتحكم في العولمة، إذ يجب التحكم فيها على نحو لا يجعلها تسير تحت السيادة الحصرية للسوق والمال. يمكن لفوزي أن يُقرأ إذن، على أنه اعتراف بأولوية الكفاح من أجل حقوق الإنسان على نحو يتجاوز المواقف المتخذة مع أو ضد هذا النظام أو ذاك، مع أو ضد هذا البلد أو ذاك. كما يوجد أيضا ملمح نسوي، إذ للمرة الأولى، يضم المكتب الدولي للفدرالية، الذي انتُخب مع انتخابي من قبل المؤتمر، ثماني نساء من أصل أربعة وعشرين عضوا… لقد بلغْنا التكافؤ تقريبا، وهذا تطور ملحوظ. يأخذ البعض على الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ازدواجية المعايير في ردود فعلها: ردود فعل رخوة عندما يتعلق الأمر بخرق حقوق الإنسان في بلدان الشمال أو في إسرائيل، وانتقادات لا هوادة فيها حيال بلدان الجنوب. هناك الكثير من سوء النية في هذا السجال. هناك من يستخدم كل ما في حوزته من أسلحة ضد منظمة غير حكومية جدية مثل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان. عن أية معايير مزدوجة نتحدث؟ حول مشكلة كتلك الفلسطينية، مواقفنا لا لبس فيها: عودة إسرائيل إلى حدود سنة 1967 وإنشاء دولة فلسطينية على كامل تراب الضفة الغربية، على أن تتعايش الدولتان داخل حدود آمنة تضمنها المجموعة الدولية. وبشكل عام، لا يعدو دورنا النطق بلسان روابطنا العاملة على الميدان. يتوجب العلم أننا لا نصدر بيانا واحدا دون موافقة روابطنا المحلية. مثال آخر: في ما يخص غوانتامو، الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان هي التي تقدمت، بمعية مركز الحقوق الدستورية، وهو منظمة غير حكومية أميركية، بشكوى ضد رامسفيلد والجنرالات الأميركان. نحن ضحية بعض المسبقات الإيديولوجية. أعتقد أنه من مصلحة وسائل الإعلام العربية القول أن السكرتير العام لمركز للحقوق الدستورية، بيتر فايس، هو الذي أخطر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بوجود الجنرال سانشيز في ألمانيا، ما جعل من ملاحقته قضائيا أمرا ممكنا. نحن نقوم، مع روابطنا المحلية، بأعمال التحقيق والشهادة، حيثما تعرضت حقوق الإنسان للانتهاك. ** هل سترتاد الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، مجالات جديدة في عهدك؟ – سنتابع أولا، أنشطتنا « الكلاسيكية » في الدفاع عن حقوق الإنسان، والتبشير بالمبادئ الكونية. يوجد الكثير مما يجب القيام به في هذا المجال… ففي كل بلد، تنصرف المجتمعات المدنية إلى بلورة بدائل تستجيب تطلعات المواطنة لدى الناس، أي حرية التنقل والتعبير، والاقتراع العام والحر، وحرية ممارسة أو عدم ممارسة ديانة من الديانات، أي بكلمة واحدة، كل تطلعاتهم بشأن احترام المعايير الأساسية للحقوق الإنسانية. سنستمر في الوقوف إلى جانبهم على أساس المبادئ التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وذلك يعني أن ندافع عن الحقوق المدنية والسياسية كما عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولكن مع التنبيه إلى أنه إذا كان من حق كل شعب أن يبني طريقه الخاصة نحو الديمقراطية، فإن ذلك لا يمكنه أن يتم إلا باحترام المبادئ الكونية. ستسمر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في النضال من أجل احترم التنوع الثقافي، ولكنها ستناضل كذلك بإصرار حتى لا يُستخدم احترام ذلك التنوع، تحت أية ذريعة كانت، لنكران كونية القيم والمعايير التي تستند إليها الحقوق الإنسانية. هذا في ما يخص أنشطتنا العامة. ** هل من أنشطة سواها؟ – سأجعل كذلك من المساواة بين الجنسين ومن الدفاع عن حقوق المهاجرين أولويات. يتعين على هاتين المسألتين الاندراج ضمن مسارات الإصلاح السياسي التي يجب تشجيعها في العالم. مجموعة العمل من أجل حقوق النساء، التي أنشأتها الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان سنة 2004، تتولى بهمة مسألة المساواة بين الجنسين. المحور الثاني هو مسألة الهجرة. الهجرات واقعة هامة في عصرنا. وعلينا، في هذا الشأن، الدفاع عن عدد من المبادئ البسيطة، والتي كثيرا ما يتم نسيانها: أن المهاجرين ليسوا إنسانية دينا. بل هم أشخاص يتمتعون بحقوق غير قابلة للنكران، الحق في السلامة الجسدية، الحق في النجدة الفعلية، الحق في احترام الحياة الخاصة. علينا الاستمرار في عملنا للتحقيق في انتهاك حقوق المهاجرين خلال أطوار هجرتهم: تنقلاتهم، وصولهم، إقامتهم في بلدان الاستقبال في الشمال وفي الجنوب، الطرد والإبعاد. يجب إعادة التأكيد على أولوية حق اللجوء عبر حملة من أجل المصادقة على الاتفاقية الدولية حول العمال المهاجرين وأسرهم. ولنشر إلى أن أيا من بلدان الشمال لم يصادق حتى اللحظة على تلك الاتفاقية. علينا أخيرا تحسيس الفاعلين السياسيين بالمخاطر التي تحملها سياسيات الهجرة الانتقائية: فهي تقوم على اجتذاب المرشحين الأفضل تأهيلا لإغلاق الباب في وجه المهاجرين الفقراء، ما يعرض البلدان المصدرة لليد العاملة إلى نزيف في نخبها، يضر بفرص تنميتها. ** لماذا لم يقدم أي من بلدان الشمال على التوقيع على اتفاقية حقوق المهاجرين؟ – لأن هذه البلدان تريد إيصاد أبوابها ونوافذها وكل كوّة. ولا تريد تمكين المهاجرين الموسومين بالسريين من أي حق. نحن، في الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ندين مثل هذه الأوضاع. كما ندين إرادة بلدان الشمال التخفف من عبء التحكم في دفق الهجرة على كاهل بلدان الجنوب مقابل المال. إذ تحاول بلدان الشمال الضغط على بلدان المغرب الكبير، لتقوم بدور « الجدار » ضد دفق الهجرة ذاك. وما يؤسفني أن الصحافة العربية تفضح بعض الجدران وتتغاضى عن أخرى. مع أنها كلها جدران عار. الفضح جزء من مهمتنا. ** ما الذي يمكن أن تفعله روابط حقوق الإنسان في بلدان الجنوب؟ – كلما تخلفنا في إعطاء الكلمة للمدافعين عن حقوق الإنسان، ازداد الجنوب تقهقرا. روابط حقوق الإنسان في الجنوب تهدر جل وقتها وتستخدم جل طاقاتها في الدفاع عن حقها في الوجود، في حين أن المشاكل هائلة. نحن لسنا أعداء منهجيين للأنظمة القائمة. نحن ننصت إلى الأوضاع الداخلية بفضل شبكات مناضلينا. وأكثر ما أتمناه اليوم أن نتمكن من تخطي الدفاع عن الحقوق المُسماة أولية (حرية التعبير والانتظام… الخ). هذه الحريات جوهرية، ولكن يتعين علينا تجاوزها، مع ضمانها، حتى ننصرف إلى الاهتمام بمشاكل كبرى، مثل الهجرات والتحكم في العولمة. ** هل أن مشروعكم بالغ الطموح؟ – من حقنا أن نكون طموحين. هدفنا هو السلام في العالم واحترام الحقوق الإنسانية. لأنه لا يمكن لسلام دائم أن يقوم إلا إذا كان مرادفا للحياة الكريمة للجميع. إنه عمل سيزيف، ولكننا في الوجهة الصحيحة. (المصدر: موقع « الأوان » بتاريخ 24 ماي 2007) الرابط: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=483&Itemid=4
 

 

جدل العرب والغرب

أسباب التنافي وشروط التصافي

 

زهير الخويلدي

 

« إن مستقبل المسلمين يتعلق بمدى قدرتهم على إعادة بناء عالمهم الروحي الأصيل وتجديد ثقافتهم، فالأوربيون الذين يتحملون مسؤولية تحطيم العالم الإسلامي وثقافته الأصلية المتميزة يجب أن يتواصلوا مع الإسلام ويسهموا في انبعاثه »  لويس ماسنيون

إن ما حصل للعرب في زمن سطوة الغرب بعولمته الاختراقية تعجز كل الألسن عن قوله وتخفق كل العقول عن تصوره وتكل جميع القلوب عن تحمله فهو حدث جلل فاق كل اعتبار بحيث لا تقدر كل أشكال النقد والمعرفة والوعي ولا حتى أساليب التعرية والغربلة والزحزحة على رصد مغزاه وإدراك معناه وفهم مقاصده،فهذا الزلزال المروع الذي مادت له أرض المولد واهتز له وطن الكينونة هو في الحقيقة حرب مدمرة وكارثة كونية إن لم نقل طامة كبرى وزفير من نار جهنم أصاب العرب والمسلمين في زمن الابتلاء والامتحان. إن الذي حصل ليس مجرد عدوان غير شرعي أو توسع كولياني امبريالي بل عاصفة هوجاء وانفلات لإرادة قوة شريرة من رباطها نتج عنه نكبة كينونية وتجربة خلع للكرامة بالمعنى الشامل للكلمة أدى بدوره إلى إخلال كبير بنظام القيم واختراق مدوي للدلالات حصل على إثره تدنيس للحرمات واعتداء على المقدسات رافقته فوضى في المفاهيم واضطراب هائل في المعاني.

رب وضع يخسر فيه التحليل النظري رصانته ويفقد فيه التناول الفلسفي جرأته وقدرته على التشخيص والنقد والتحليل ويتنحى القول العلمي عن موضوعيته وصوابه خاصة وأن صوت العقل قد توارى عن الأنظار وترك مكانه للعاطفة والوجدان ونظرا لأن السيف الحسام حل محل القلم والكلام.

رب حال من الانهيار والتداعي أدى إلى حدوث تفجير هائل في الثقافة استنفرت بمقتضاه حضارة اقرأ كل قواها الدفاعية وأعادت لغة الضاد تشغيل مدخراتها الرمزية من أجل التصدي والصمود ووقع توظيف الشعور القومي والانتماء الديني بغية الاستثبات في المعركة من أجل البقاء خصوصا وأن الصراع ليس من أجل المصالح ورسم الحدود بل هو من أجل الهيمنة وصراع وجود. على هذا النحو كان التصدع الذي أصاب نظام العلاقات بين القيم بارزا وعميقا والتفكك الذي حدث للمعاني والأفكار هائلا ومدمرا وكان الجرح الذي حصل لأطر المعرفة الشرقية وأنظمة القرابة العربية غائرا ومؤثرا  فلقد أصاب الذاكرة والجسد على السواء بحيث لا يقدر أحد على احتسابه وإصلاحه  ويتعذر على الجميع علاجه ورأب صدعه ويحمل البعض مسؤولية ما حصل إلى تغطرس الغرب ونزعته الاختراقية التوسعية بينما يحمل البعض الآخر المسؤولية للعرب أنفسهم وخاصة ما هم عليه من ضعف وتشرذم ولكن الرأيان تناسى أن الإشكال ليس في الغرب لوحده ولا في العرب لوحدهم بل يكمن في العلاقة القائمة بينهما فهي أصل الداء وسبب البلاء. وآيتنا في ذلك أن أي مشروع يسعى لدراسة طبيعة العلاقة التاريخية والحضارية التي وقعت وقامت الآن وهنا بين العرب والغرب سيصاب بالكلل والملل وأي بحث في أسباب نشوب العداوة والتنازع بين النحن والهم سيظل مجرد بحث نظري ومجرد كلام جميل على واقع مأساوي، زيادة على أن أي تفتيش عن طرق للتجاوز وأي تقصي عن شروط إمكان التصافي والائتلاف بعد تحول الاختلاف إلى خلاف هو محاولة يائسة وسير فوق الألغام يزيد من تعزيز درجة الاحتقان والكراهية بين الطرفين.

من هذا المنظور تبدو أية محاولة يقوم بها الفكر في هذه الأيام لإنقاذ المعنى من اكتساح اللامعنى والمضاد للمعنى هي مشي في دروب لا تؤدي إلى أي مكان وأي جهد يبذله الأشخاص لإيقاف تدحرج القيم وتقهقر الأخلاق وانحطاط السياسة هو جهد محتشم وخجول ورد فعل بارد ومنقوص على العاصفة التي بعثرت كل امكانية للعرب للتواجد في العالم وأفقدتهم البوصلة.

إن ما يربك المشهد ويزيد الأمر تعقيدا هو ما نلاحظه اليوم من توتر والتباس وغموض بين المعسكرين وما نراه من سوء فهم تحول إلى سوء تفاهم نتيجة الاحتكام إلى مجموعة من الأحكام المسبقة وتحريك مجموعة من العقد الدفينة المترسبة في الذاكرة الجمعية أدت إلى فهم سيء نتج عنها انعدام التفاهم بين الذوات في الداخل وبروز الفرق والمذاهب والاثنيات ورفض كل أشكال التواصل والحوار مع الخارج تحول بمقتضاه اللقاء إلى عدم اعتراف وإقصاء وتنازع ترجم ذلك ميدانيا في الحروب والمصادمات والمشاحنات والفتاوى التي تكفر الآخر وتسحب منه حق المواطنة الوجودية وقد ظهرت في أزمة الرسوم المسيئة للرسول محمد صلعم ومشكلة الحجاب الإسلامي في النظام الجمهوري العلماني الغربي.

من هذا المنطلق يجوز لنا أن نهتم بعلاقة الأنا بالآخر وندرس الجدل الكبير الدائر بين العرب والغرب ونحول اللقاء بين الإسلام والمسيحية واليهودية إلى موضع نظر ومحور انشغال ونطرح التساؤلات التالية: ما الذي يجعل من اللقاء بين العرب والغرب لقاءا تصادميا تنازعيا؟ لماذا يتعطل الحوار بينهما ويسود التوتر وانعدام الثقة؟ ماهي الأسباب والدواعي التي أدت إلى مثل هذه الكراهية والتباغض المتبادل؟ هل هي صورة الآخر عند الأنا هي التي أدت إلى مثل هذا التشاحن أم بحث الذات عن نفسها في الأنداد والأشباه عوض عن الأغيار والأبعاد؟ كيف يمكن اقتلاع أسباب العداوة والتباغض من جذورها في النحن والهم على السواء وننتقل من صدام الثقافات وحرب الأديان إلى الحوار والتفاهم؟ أليست مغامرة فهم الآخر والتعرف عليه من أجل ربط جسور التثاقف معه هي مغامرة رهيبة وشائكة تتطلب التفتح والإبداع والاقتدار؟ فكيف التصافي والتنافي قائم بين العرب والغرب؟ ومن أين الإلف والائتلاف في ظل الخلف والاختلاف؟

ما نسعى إليه هو الانتقال من جبهات التنازع والتصادم بالكف عن تبادل الاتهامات والمواقف الاقصائية والعمل على استشراف آفاق التخاصب والتفاهم من أجل تحقيق العيش المشترك مع الآخرين ومن أجلهم في المعمورة في إطار مؤسسات عادلة.

1-    أسباب التنافي:

« ربما سرت العداوة في الأولاد كأنها بعض الإرث وربما زادت على ما كانت بين الآباء« 

                   أبو حيان التوحيدي- الهوامل والشوامل- مسألة 49

لا جديد تحت شمس في العلاقة بين العرب والغرب، فالحال هي الحال باقية كما كانت وفي البدء كان الصراع بينهما وقد يستمر لأن الشروط قائمة وصيرورة الأحداث تترجم ذلك وتفسر هذه الوضعية بالاحتكام إلى دائرة السياسة والاقتصاد والتاريخ،فعلى مستوى سياسي هناك صراع بين الدول الغربية باعتبارها دول مركز وتقدم مع الدول العربية باعتبارها دول محيط وهامش من أجل السيطرة على المجال الحيوي ولعب دور مركزي في الخارطة الجيوسياسية للمنطقة وقد تجلى هذا الصراع في الاحتواء والاحتواء المزدوج للأنظمة والمعارضة من طرف دول المركز لدول المحيط وكانت قيمة السيادة على الأوطان من طرف الشعوب هي الخاسر الأكبر لأن العولمة لم تبق للدولة الأمة من وظيفة سوى الجباية والعمل على حماية رأس المال العالمي من أي اعتداء فتحولت بذلك من دولة عناية إلى دولة رخوة وفقدت أي قدرة على التدخل والتسيير والتوجيه والتحكم في القرار السياسي الداخلي لتترك المجال للمستثمرين كحكام حقيقيين يتصرفون في الشأن العام حسب أهوائهم ومصالحهم.

إذا انتقلنا إلى دائرة الاقتصاد نجد أن ما تزخر به المنطقة العربية من ثروات طبيعية ورأس مال بشري من كوادر وعقول وطاقات ويد عاملة رخيصة ومناطق بيئية ملائمة للاستثمار يجعلها محل أطماع من قبل الدول الغربية في ظل استعداد الأنظمة الحاكمة للتعاون والشراكة بإزالة الحواجز الجمركية وفتح الأسواق وتسهيل مرور رأس المال الغربي أحيانا دون قيد أو شرط،كل ذلك يجعل من المطمورة العربية غنيمة سهلة للاستعمار الغربي ويجعل الشعوب العربية تنظر إلى الغربي على أنه مجرد مستعمر طامع.

على المستوى التاريخي هناك عراك وتحدى بين الشرق والغرب وتبادل للأدوار والمواقع فمرة يكون الشرق هو المبادر في قيادة الإنسانية نحو التمدن والتحضر مع بابل والفراعنة وفارس ومرة تنتقل المبادرة إلى الغرب مع الإغريق والرومان ثم ليأخذ العرب والمسلمون من جديد المشعل ويسيروا بالإنسانية نحو المزيد من الترشد والتطور ثم لينكفئوا على أنفسهم ويتحولوا إلى ملوك طوائف وتذهب ريحهم وتسطع شمس أوروبا وأمريكا لترمى كرة الحضارة بعيدا جدا وتتجاوز الأرض نحو القمر والمريخ وربما الفضاء الخارجي ولهذا السبب كانت العلاقة التاريخية بين العرب والغرب مشوبة بالتحدي الحضاري والبحث عن الريادة بالنسبة للبشرية وكل طرف يزعم الكونية وتجاوز الخصوصية.

عندئذ نستطيع أن نستخرج ثلاث أسباب جلية أدت إلى التنافي بين العرب والغرب وهي:

الصراع السياسي على السيادة والتنافس اقتصادي على الثروة والتحدي الحضاري من أجل الريادة.

بقي أن نشير إلى بعض الرواسب اللاهوتية والعقد النفسية والاختلافات الجينية المورفولوجية التي تحولت إلى عوائق ابستيمولوجية منعت كل تفاهم واتصال والتي يمكن أن نذكر منها التمركز على الذات واعتبار الهوية الحضارية هي المرجع بالنسبة لبقية العالم على مستوى الحقيقة والخير والجمال،علاوة على ذلك ثمة اعتقاد لدى الطرفين بأن العرق الذي ينحدرون منه هو العرق الأطهر والأنقى وأن بقية الشعوب منحدرة من خلائط أعراق وهي نتيجة تهجين بين عدة سلالات وبالتالي لا يصلح أي منها لقيادة العالم على المستوى الحضاري. العائق الثالث وهو الأكثر خطورة يظهر في الصورة السيئة المنفرة التي يتمثلها الطرفين عن بعضهما البعض فالغرب ينظرون إلى العرب على أنهم برابرة ومتوحشين وباحثي لذة والعرب ينظرون إلى الغرب على أنهم عجم وافرنجه وماجنين وآكلي لحم الخنزير والضفادع والى غير ذلك من الأوصاف والنعوت التي تندرج لها الجبين والتي تكون الغاية منها الرفع من شأن الذات والحط من منزلة الآخر وتحقيق توهم الرفعة والتعالي والتميز بالمقارنة مع الآخر. فكيف يمكن أن نحطم هذه الصور الزائفة ونفكك هذه العقد والأوهام حتى نضع حد لحالة العزلة والتقوقع ونقضي على جنون العظمة والتفوق؟

2-     شروط التصافي:

« أقسى عذاب يمكن أن يسلط علي هو أن أنعم وحدي بالجنة » غوته

قلما نصيب في زماننا هذا من هو مولع بالبحث عن مصاعب العلاقة بين العرب والغرب ويلهج بمسألة الغيرية في صميم قلعة الانية وينقب عن مشكلة الغيرية بعيدا عن التهم ويتزهد في العودة إلى الذاتية بشيء من الحكمة وقلما نعثر على شفاء السائل فيما بين الشرق وأوروبا من قضايا ومسائل وربما يلزمنا هاهنا ما سماه العرب علوم الحيل بشرط أن ننقله من دائرة الصناعة والمادة لنطبقه على دائرة الحضارة والروح حتى ننخرط نحن العرب والمسلمون في تجربة الوعي التاريخي من أجل الإقامة في العالم والتعايش مع الآخر الإنساني ضمن مؤسسات عادلة.فكيف يمكن أن نحول سوء الفهم الجذري القائم بين العرب والغرب إلى تفاهم ميداني يضع حد للحروب والتباغض والتصادم؟ وهل تكفي تجربة تفهمية تأويلية متبادلة بين النحن والهم حتى نجفف منابع اللاتواصل ونقتلع منطق العداوة من جذوره؟

إن الذي يشجعنا للمضي قدما في هذا الطريق هو علاقات القرابة التي كانت قائمة بين المعسكرين باعتبار انتمائهما الجغرافي إلى الحالة المتوسطية وتقاسمهما تاريخ مشترك من التلاحق الفكري والتآنس التعلمي لقرون عديدة عبر خطوط التماس والرحلات الاستكشافية وتبادل المعارف والخبرات وإقامة المراكز التجارية المشتركة في المواني والأسواق،وكذلك الاحتكاك بين اللغات المستعملة وعملية النقل والترجمة والتحويل التي تمت في العديد من الميادين حتى التشريعية والسياسية منها والتي أشرفت عليها مراكز مختصة وأحيانا تتم بطريقة عفوية طبيعية ومن خلال الكلام العادي للأفراد.

 إن التصافي لن يخرج من دائرة الإمكان إلى دائرة الوجوب ومن دائرة المنشود إلى دائرة الموجود إلا بتوفر مجموعة من الشروط تعمل هي الأخرى على خلخلة جميع العوائق والعقد التي سببت حالة الصراع والتنافي ولن يتحقق إلا بالكف عن المطالبة بأن يكون الآخر على شاكلة الأنا أو أن تكون الأنا على شاكلة الآخر والنظر إلى مركزية الذات على أنها وهم ينبغي تبديده وجنون عظمة ينبغي علاجه منه وذلك بتفكيك شعارات العرق النقي والأمة المختارة والملة الموعودة واعتبارها مقولات فارغة،ألم يقل كلود ليفي ستروس في كتاب العرق والتاريخ ما يلي: »إن البربري هو قبل كل شيء من آمن بوجود البربرية ووصف بها غيره« . علاوة على ذلك لابد من التوقف عن ذم النفس وجلد الذات والنظر بدونية إلى التراث والتقاليد والكف عن الانبهار بالآخر أو اعتباره مرجعية عليا في التقدم والتحضر أو محاكاته والعمل على تقديم صورة مشرفة عن الذات للآخر وبناء صورة عادلة عنه بالنسبة للذات. ثم ينبغي القيام باعتذار حضاري متبادل عن كل ما اقترف من ذنوب وتعديات من جهة ضد جهة أخرى عبر التخلي الطوعي والتلقائي عن مطلب الثأر والقصاص والاحتكام إلى مؤسسة الصفح والعفو. كما يجب التوافق على منظومة من مبادئ الاحترام والاعتراف التي تنصف الجانبين والمماهاة بين حقوق الإنسان وحقوق الشعوب بالتوجه نحو البعد الكسموبوليتي العالمي مع احترام الخصوصيات والأنماط الثقافية الصغرى.

انه من الضروري أن يتحول علم الاستشراق أو علم الاستغراب من خدمة الذات العارفة إلى خدمة الموضوع المدروس والتوقف عن استعماله كوسيلة من أجل الهيمنة والاستعمار ومن اللازم إنهاء محاكم التكفير والتفتيش الدينية وإلغاء مقولات أهل الذمة والجزية وأبناء الجارية وأرض الميعاد والمسيح الدجال والتقريب بين الأديان والمذاهب باعتبار أن جوهر التقديس واحد وهي فكرة الألوهية ونظرا لأن مقاصد التأليه هو خدمة الإنسانية وتحقيق سعادتها الدنيوية وخلاصها الأخروي.

بقي شرط أخير يتمثل في تحويل اللقاء بين الثقافات من مجال للذوبان والانمحاء والتمازج التلفيقي أو التصادم والتطاحن إلى لقاء توليدي منتج للمعرفة والعلم والتقنية والحكمة العملية وكل وسائل الترقي والتقدم وذلك بالإيمان بالتعددية وحق الاختلاف وتنوع زويا النظر عند البشر حول المسألة الواحدة وتعادلها من حيث القيمة ،في هذا السياق ذكر التوحيدي في المقابسات: »وليس الحق مختلفا في نفسه بل الناظرون إليه اقتسموا الجهات فقابل كل واحد منهم من جهة ما قابله فأبان عنه تارة بالإشارة إليه وتارة بالعبارة عنه فظن الظان أن ذلك اختلاف صدر عن الحق وإنما هو اختلاف ورد من ناحية الباحثين عن الحق« .

إن هذه الشروط  إذا ما لم تحترم ويوفيها الطرفين حق قدرها فان التصافي الجزئي التدريجي لن يتحقق وستزداد الحروب الكارثية وستتضاعف المخاطر على الحياة في هذا الكوكب المهدد من كل الجهات، كما يجب أن يبادر الغرب باعتباره رائد الحداثة والتنوير ومفجر الثورة الرقمية ومبشر بالعولمة إلى الالتزام بهذه المتطلبات وذلك بأن يتوقف عن التحرش والتدخل في شؤون العرب ويعمل على مساعدتهم من أجل التخلص من التعثر الحضاري ويردم الفجوة الرقمية التي تفصل بينه وبينهم واذا لم يكن هذا عندئذ ليس للعرب من خيار في هذا الزمن الرديء سوى التواصل مع النار والانخراط في اللعبة القذرة والتصالح مع الخدعة والعواء مع الذئاب وقد تقتضي هذه العملية الاحتماء بالنصوص والإقامة في عالم الكلمات والاحتراق داخل الكتابة وتحويل الضاد من لغة فاشية تمحق متكلميها إلى فضاء مقاومة وتحرر يكون التوهج والتألق حروفها الأبجدية والخلق والكدح أفعالها الضرورية. فإذا أراد العرب اليوم أن يكونوا شاهدين على عصرهم صانعين لمستقبله فلابد أن يجوبوا الصحراء في قلب الظهيرة العظمى وأن يترحلوا عبر الفيافي العالية وأن يختاروا المغامرة مدخلا وقتل الهزيمة مخرجا وأن يشرعوا في كتابة نص بركاني حروفه مسنونة تنفيهم بعلامات من جمر، لكن أين هو الحق الإنساني المنصف و الموزع بشكل عادل الذي يمنع هذه الكتابة الملتهبة من الانطفاء؟ ألم يكن التوحيدي محقا عندما قال كلمته الشهيرة: لقد أشكل الإنسان على الإنسان؟ فمن سبب مشكلة للآخر اليوم؟ هل هم الغرب باستعمارهم وعولمتهم المتوحشة أم العرب بإرهابهم وإسلامهم المتشدد؟ لكن إلى أي مدى تقدر اللغة بنبضاتها وحركاتها وألعابها على إماطة اللثام عن غوامض العلاقة بين العرب والغرب؟

 

* كاتب فلسفي


« النزاهة والعدل ».. هذا ما يريده العرب من أمريكا

 
 مع سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس الأمريكي بمجلسيه، بدأ الاهتمام يتزايد في لجان الكونغرس بمشاعر الكراهية ومعاداة الولايات المتحدة في العالم العربي، وبدأ البحث عن أسباب تلك المشاعر وكيفية معالجتها. فقد بدأت اللجنة الفرعية للشرق الأوسط، التابعة لمجلس النواب الأمريكي، في عقد سلسلة من جلسات الاستماع استدعت إليها الخبراء والمسؤولين الأمريكيين على حد سواء… في جلسة حضرتها سويس إنفو، عرض الدكتور جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأمريكي ومستشار مؤسسة زغبي لأبحاث الرأي العام، نتائج أحدث استطلاع أجرته المؤسسة في ست دول عربية، هي مصر والمملكة العربية السعودية والأردن ولبنان ودولة الإمارات العربية المتحدة والمغرب، أظهرت أن مشاعر التقدير للولايات المتحدة في تلك الدول اقتصرت على قيم أمريكية، مثل الحرية والديمقراطية، ومظاهر ثقافية أمريكية والتقدم العلمي والتكنولوجي والمنتجات الأمريكية، فقد أعربت نسبة تجاوزت 50% ممن استطلعت آراؤهم في الدول العربية الست عن إعجابها بما ينعم به الأمريكيون من حرية وديمقراطية، وحظيت صناعة السينما الأمريكية بإعجاب 50 إلى 60% من العرب، وزادت نسبة المعجبين بتقدم العِـلم والتكنولوجيا في أمريكا على 70%. لكن هذه النسب انحدرت بشكل سحيق، عندما تعلق الأمر بآراء الشعوب العربية في السياسة الأمريكية، خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية، حيث تدنّـت شعبية الولايات المتحدة إلى 1% في مصر و8% في لبنان و9% في السعودية. وقال الدكتور زغبي في شهادته أمام الكونغرس، إن آراء الشعوب العربية تتشكّـل في ضوء ما تُـسهم به السياسة الأمريكية من تأثير على المنطقة العربية، وبالتالي على حياتهم، وأيضا تحكم الشعوب العربية على الولايات المتحدة من منظور مدى مطابقة القول والمبادئ الأمريكية المعلنة على الفعل والسلوك السياسي الأمريكي في المنطقة، ولذلك، خلّـص الدكتور زغبي إلى أن السياسات الأمريكية في العراق وأبو غريب وغوانتانامو والسجون السرية لتعذيب المعتقلين والانحياز الأمريكي لإسرائيل، وما ظهر من تواطؤ أمريكي في الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان، ومعاملة أمريكا للعرب والمسلمين منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، أدّت كلها إلى تزايد في المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في العالم العربي. ونصح الدكتور زغبي اللجنة الفرعية للشرق الأوسط في مجلس النواب الأمريكي بالاستماع إلى مطلب المواطن العربي العادي، وهو أن تقوم الولايات المتحدة بدور الشريك النزيه للتوسط في التوصل إلى تسوية سلمية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي، وأن تضع نهاية تتّـسم بالمسؤولية للحرب التي شنّـتها على العراق، وأن تـُسهم في مساعدة الدول العربية على تحسين مستويات التعليم والعناية الصحية وخَـلق فُـرص جديدة للعمل، وكذلك أن تراعي الولايات المتحدة في سياستها في المنطقة وعلاقاتها بالدول والشعوب، الاتساق بين مبادئها وبين سياساتها.   لقد أنصَـت العرب طويلا إلى لغة الطنطنة التي تستخدمها الولايات المتحدة في التعبير عن مبادئها، ولكنهم شاهدوا بأعيُـنهم كيف أخفقنا مِـرارا في الوفاء بما قلناه غاري آكرمان، الديمقراطي، رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط في مجلس النواب الأمريكي وشهد شاهد من أهلها وفي نفس الجلسة، صرح رئيس اللجنة النائب الديمقراطي غاري آكرمان بأنه أصبح من الواضح لأي متتبِّـع لنتائج استطلاعات الرأي للشعوب العربية، أن هناك أغلبية ساحقة تكره السياسات الأمريكية، بحيث أصبح الانطباع السائد عن الولايات المتحدة في المنطقة، هو أنها دولة لا أخلاقية، لا تلتزم بالمعايير والقواعد، تتّـسم بالجَـشع والطّـمع، وتريد استعمار المنطقة. وقد ساعدت عوامل إضافية في ترسيخ تلك الصورة، وهي الحرب التي شنتها الولايات المتحدة في العراق، والنِّـفاق الذي أبدته فيما يتعلق بنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأيضا مساندة أنظمة حكم عربية لا تحبها شعوبها، وقال النائب الديمقراطي آكرمان: « لقد أنصَـت العرب طويلا إلى لغة الطنطنة التي تستخدمها الولايات المتحدة في التعبير عن مبادئها، ولكنهم شاهدوا بأعيُـنهم كيف أخفقنا مِـرارا في الوفاء بما قلناه، وكان كل ما أرادوه منَّـا النزاهة والعدل ». وضرب رئيس لجنة الشرق الأوسط مثالا حديثا على التناقض بين القول والفعل، فقال « إن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس وعدت في حديثها إلى المصلحين في القاهرة، بدعم أمريكي لمسيرة التحول الديمقراطي في مصر، ثم غضَّـت الطرف والتزمت الصَّـمت إزاء كل التجاوزات التي وقعت هناك، مما شجَّـع الأنظمة غير المُـنتخبة في المنطقة، على العودة سريعا إلى ممارساتها القديمة ». غير أن بعض الأعضاء الجمهوريين سارعوا إلى التأكيد على أنه حتى لو تمكَّـنت الولايات المتحدة من إقرار تسوية للمشكلة الفلسطينية وتم سحب القوات الأمريكية في المستقبل من العراق، فإن ذلك لن يعني انتهاء المشاعر المعادية للولايات المتحدة في العالم العربي. واتفق مع هذا الرأي، الدكتور ديفيد بولاك، الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط ومؤلِّـف كتاب « الشارع العربي »، الذي أدلى بشهادته أمام اللجنة وقال: « إنه فيما يساند معظم العرب تسوية تقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش في سلام بجوار إسرائيل، فإن 7% فقط من المصريين، على سبيل المثال، يؤمنون بأن الولايات المتحدة تريد بالفعل حلا على أساس دولتين ». وأوصى الدكتور بولاك اللجنة بألا تقلق كثيرا من آراء الشارع العربي، لأنها لا تؤثر حتى في حكّـامهم العرب ولا تُـسفر عن تغيير سياسات أولئك الحكام، وضرب مثالا على ذلك، بأنه رغم المعارضة العربية الشعبية الكبيرة للحرب في العراق، لم تشهد العواصم العربية الرئيسية أي مظاهرات احتجاج عارمة، غير أن الدكتور بولاك قدّم نصيحة هامة إلى الكونغرس للتعامل مع المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في العالم العربي هي: « أن معظم العرب يحترمون الصراحة وعدم اللفّ والدّوران، لذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تحسِّـن من طُـرق تواصلها مع الرأي العام العربي من خلال الحوار الصريح حول القضايا التي تشكل حاجزا بين العرب وأمريكا، وليس محاولة إقناعهم بوجود قيم مشتركة ».   برامج الدبلوماسية العامة تتواصل مع النخب المثقفة .. لإحداث تأثير إيجابي بعيد المدى يغيِّـر من المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في العالم العربي توماس فاريل، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون البرامج الأكاديمية الدبلوماسية العامة والشباب العربي وسرعان ما عقدت اللجنة الفرعية للشرق الأوسط، التابعة لمجلس النواب الأمريكي، جلستين أخريين لمناقشة كيفية التعامل مع المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في العالم العربي، استدعت للجلسة الأولى مسؤولين من وزارة الخارجية للتعرف على جهود ما يُـسمى بالدبلوماسية العامة في التواصل مع الرأي العام العربي، وشرحت ألينا رومانسكي، نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكية للتبادل الثقافي للجنة الفرعية للشرق الأوسط، كيف أن السفارات الأمريكية في العالم العربي تنتقي من ترى أنهم زعماء المستقبل الواعدين في المجالات المختلفة، وتدعوهم لجولات في الولايات المتحدة ضمن برنامج زيارات القادة الدوليين، حيث يتقابلون وجها لوجه مع نظرائهم الأمريكيين في مجالات تخصصاتهم، وأن تلك الجولات تتيح لقادة المستقبل في العالم العربي فرصة التعرف على التنوع العرقي والثقافي في المجتمع الأمريكي وما تقوم عليه الولايات المتحدة من مبادئ بشكل يمهِّـد الطريق أمامهم لمقاومة الصور السلبية السائدة عن الولايات المتحدة في وسائل الإعلام العربية. وشرح مسؤولون آخرون في الدبلوماسية العامة كيف أن الإستراتيجية الأمريكية لكسب عقول وقلوب الشباب العربي، بدأت في توسيع نطاق استهداف أجيال أصغر بتقديم برامج تعليم اللغة الإنكليزية، تمهيدا لمشاركتهم في برامج التبادل المتلاحقة عبر المرحلة الثانوية والجامعية، ثم برنامج فولبرايت، للتعليم العالي. وضرب توماس فاريل، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون البرامج الأكاديمية مثالا على تعامل برامج الدبلوماسية العامة مع الأطفال العرب، ببرنامج تم تطبيقه في صعيد مصر للأطفال، حيث تُـقام لهم مخيمات صيفية لمن هم بين الثامنة والرابعة عشرة من العمر، يتم فيها تقديم برامج لتعليم اللغة الإنكليزية والأنشطة الرياضية ونشاطات شبابية أخرى. وقال « إن الجامعة الأمريكية في القاهرة تتعاون مع مبادرة الشراكة الأمريكية مع الشرق الأوسط، بتوفير مِـنح دراسية للشباب من الريف المصري، الذين لم تكن لتتاح لهم فرصة التعليم في الجامعة الأمريكية بدون تلك المنح »، وأضاف السيد فاريل: « أن برامج الدبلوماسية العامة تتواصل مع النخب المثقفة والشخصيات المؤثرة في المجتمع والمعلمين والصحفيين ورجال الإعلام العرب، لإحداث تأثير إيجابي بعيد المدى يغيِّـر من المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في العالم العربي ». وشدد مسؤولو الدبلوماسية العامة الأمريكية على توجّـه جديد لتعريف الرأي العام العربي بالإنجازات الأمريكية، خاصة تلك التي توفِّـرها الوكالة الأمريكية للتنمية لمساعدة الدول العربية، على توفير حياة أفضل لمواطنيها في مجالات التعليم والتدريب والصحة والفُـرص الاقتصادية ومساعدات الإغاثة، بهدف تحسين صورة الولايات المتحدة. وردت النائبة الديمقراطية، شيلا جاكسون، على هذه الشهادات بالقول: « بصراحة، أنا أعتقد أن نوايا القائمين على الدبلوماسية العامة تحت قيادة كارين هيوز، هي نوايا طيبة، ولكن نتائج جهود الدبلوماسية العامة لا تبشر بالخير، حيث يصعب رصد أي تحسُّـن في صورة الولايات المتحدة في العالم العربي، بل يشعر العرب بأن كل ما تفعله الولايات المتحدة في العالم هو شن الحروب »! واتفق معها في هذا التقييم النائب الديمقراطي ديفيد سكوت قائلا: « لقد زاد عدد الهجمات الإرهابية على مستوى العالم، وتدنّـت شعبية الولايات المتحدة بشكل جوهري في أنحاء العالم المختلفة، وبكل صراحة، أجد أن سلوك الصقور الذي تنتهجه إدارة الرئيس بوش، خاصة تصوره لفرض الديمقراطية بالقوة وانتهاج سياسات خارجية، تتّـسم بالصلف والغرور، يؤثر سلبيا على كل الجهود المبذولة لتحسين صورة أمريكا في العالم العربي ».   مهمة قناة الحرة، هي الترويج للحقائق عن العالم الحر والولايات المتحدة في العالم العربي مايك بنس، النائب الجمهوري في لجنة الشرق الأوسط التابعة لمجلس النواب الأمريكي قناة الحرة للـ « بروباغندا » فقط أما مايك بنس، النائب الجمهوري البارز في لجنة الشرق الأوسط التابعة لمجلس النواب، فنقل عن الدكتور جيمس زغبي قوله أن تدنّـي صورة أمريكا يجِـد تفسيره في سياساتها الخارجية، لكنه قال إنه لا يعتقد بأنه يتعين على الولايات المتحدة تعديل سياساتها في الشرق الأوسط بشكل جوهري، لأن لديها – حسب قوله – من الإنجازات الحقيقية، ما يجعلها فخورة بدورها في العالم وبقيمها ومبادئها، وخلّـص النائب الجمهوري إلى أن كل ما يحتاجه الأمر لتحسين الصورة، هو العمل بشكل أفضل لتوصيل وِجهة النظر الأمريكية إلى الرأي العام العربي. وروّج النائب بنس لفكرة أن « لقناة الحرّة الأمريكية الناطقة باللغة العربية دورا دبلوماسيا، وليس صحفيا حدّده للقائمين عليها بقوله: « مهمة قناة الحرة هي مهمة دبلوماسية للولايات المتحدة، فالحرة ليست قناة من ذلك النوع الذي تكون مهمته أن يغطي الأحداث ويترك للمشاهد مهمة الحكم واتخاذ المواقف، فمهمة قناة الحرة، هي الترويج للحقائق عن العالم الحر والولايات المتحدة في العالم العربي »، وطلب من القائمين عليها توضيح طبيعة المهمة الخاصة لقناة الحرة لكل العاملين فيها. وعلق رئيس اللجنة، النائب الديمقراطي غاري آكرمان على ذلك، فقال « إن قناة الحرة، لم تنشأ لكي تقدم الرأي والرأي الآخر في كل قضية. فالولايات المتحدة هي الطرف الآخر للقضية، لذلك، يتعيَّـن أن تكون القناة الصوت البديل في المنطقة، لتعزيز المواقف الأمريكية ». وسرعان ما انقلبت جلسة الاستماع إلى جلسة تحقيق في دور الحرة وأوجه القصور فيها، حيث تكشفت أمام اللجنة عدّة حقائق توضِّـح أوجه القصور في هيكلها التحريري وسوء اختيار مدير أخبارها السابق، موفق حرب، للعاملين غير المؤهلين للعمل التليفزيوني، ورصدت لجنة الشرق الأوسط في مجلس النواب أوجه قصور عديدة منها: أولا، عدم وجود إدارة للتغطية الإخبارية على مدى أكثر من ثلاثة أعوام. ثانيا، عدم إلمام أي من كبار المسؤولين عن القناة باللغة العربية، وبالتالي، عدم معرفتهم بمضمون البرامج والتقارير في كل من قناة الحرّة وراديو سوا. ثالثا، إساءة اختيار المراسلين وافتقارهم إلى الخِـبرة التليفزيونية، ناهيك عن الإلمام بالحقائق الأساسية عن الولايات المتحدة والحياة الأمريكية! رابعا، عدم وجود نظام للتدقيق في محتوى ما يتم بثه من برامج وأخبار، مما أدّى إلى اتهام الكونغرس لقناة الحرة بالسماح لوجهات نظر الإرهابيين بالوصول منها إلى المشاهدين العرب، مثل نقل خطاب على الهواء لحسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، وبث تقرير من طهران عن المؤتمر الذي نظمه الرئيس الإيراني للتشكيك في حدوث المحرقة اليهودية في أوروبا. وطالب رئيس اللجنة بتصحيح تلك الأوضاع، مؤكِّـدا أن أحدا لا يريد فشل الحرّة، لأن فشلها يعني فشل أمريكا! لقد كان ملفتا أن يعتقد أعضاء لجنة فرعية تابعة لمجلس النواب الأمريكي متخصصة في شؤون الشرق الأوسط، أنه سيكون بوسع قناة الحرّة تحسين صورة أمريكا التي أفسدتها السياسة الخارجية الأمريكية، في وقت تناسى فيه أعضاء اللجنة أن أحدث استطلاعات الرأي العام العربي، التي أجرتها مؤسسة زغبي إنترناشيونال وجامعة ميريلاند، أظهرت أن نسبة مشاهدي الحرّة في العالم العربي تتراوح بين 1 إلى 2%. كما تناسى أعضاء اللجنة نصيحة الدكتور جيمس زغبي لهم، بأن الوسيلة الوحيدة لتحسين صورة أمريكا في العالم العربي، أن تُـظهر الولايات المتحدة أنها تفعل ما تقول وأن تطبِّـق ما ترفعه من مبادئ وقِـيم على تعاملها مع العالم العربي، الذي لا يكره القيم الأمريكية، ولكن يكره الظلم الذي يقع على الشعبين العراقي والفلسطيني، والانحياز الأمريكي الشديد لإسرائيل. محمد ماضي – واشنطن (المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 26مايو 2007)


 

مصر: القياديان عبود وطارق الزمر يؤيدان مبادرة «منظّر الجهاديين»

 
القاهرة     الحياة     في خطوة لا تقل أهمية عن رسالة «منظّر الجهاديين» سيد إمام (الدكتور فضل) إلى الحركات الإسلامية لـ «ترشيد» عملياتها، أعلن القياديان الشيخ عبود الزمر والدكتور طارق الزمر تأييدهما لمبادرة وقف العنف، في خطوة يراها مراقبون تؤشر إلى أن إغلاق ملف سجناء «الجهاد» في مصر بات وشيكاً للغاية. وتجري في السجون المصرية حالياً عملية مراجعات فكرية يقوم بها قادة حاليون وسابقون في «جماعة الجهاد»، ومن المتوقع أن تسفر عن إصدار وثيقة نهائية تعلن تخلي الجماعة عن العنف ويعقبها بدء عملية الإفراج عن الآلاف من معتقليها خلال العام الجاري، على غرار ما حدث قبل سنوات قليلة مع قيادات وكوادر «الجماعة الإسلامية». ورأت مصادر مصرية أن موقف عبود الزمر وطارق الزمر جاء ليعطي دفعة كبيرة في اتجاه إتمام عملية المراجعات، منذ إعلان سيد إمام لمراجعاته. ولفتت إلى أنهما من أكبر الأسماء على المستوى الحركي، كما أن عبود بالتحديد لعب دوراً فعّالاً في نجاح مراجعات «الجماعة الإسلامية» التي يعتبر هو محسوباً عليها حالياً، لكن أجهزة الأمن تتعامل معه باعتباره قيادياً في تنظيم «الجهاد». يذكر أن طارق وعبود الزمر متهمان في قضية اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 وكانا قدما طلبا إلى محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة لإطلاقهما بعدما قضيا فترة العقوبة، لكن قضيتيهما تنتقل ما بين محكمة القضاء الإداري ومحكمة الجنايات ويرى مراقبون أن مسألة الفصل فيهما مرتبطة بقرار سياسي. وحصل طارق الزمر على حكم بإلزام وزارة الداخلية بالإفراج عنه وإخلاء سبيله بعد قضاء فترة محكوميته، أما عبود فلا تزال قضيته تنتقل بين الجنايات والإدارية وترفض السلطات طلبه للإفراج عنه، متعللة بصدور حكمين بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة، أحدهما من المحكمة العسكرية العليا، والآخر من محكمة جنايات أمن الدولة العليا و «ينبغي أن يقضي الزمر العقوبتين الصادرتين ضده». وجاء في بيان مشترك للقياديين تلقته «الحياة» أمس: «نؤكد دعمنا لمبادرة اخوة الجهاد التي تنضبط بالشرع ويحقق بها مصالح الإسلام ومقاصد الشريعة الغراء». إلا أن البيان الذي جاء في صفحة واحدة وحمل عنوان «مبادرات الجهاد نحو غد أفضل» احتوى أيضاً على مطالب سياسية عدة من بينها السماح بالعمل السياسي وإنهاء احتجاز المعتقلين من كل الفصائل، وانتقد ضمناً قانون الطوارئ ومكافحة الإرهاب. وبدأ البيان بتناول حالة الصراع التي مرت بها مصر في التسعينات، مشيراً إلى أنها أضرت كثيراً بالبلاد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحقوق الإنسان. وأكد «أهمية تحمل التيار الإسلامي المسؤولية وترتيب الأولويات والنظر في مصالح العباد ومد يد العون للخروج من هذه المحنة وتلافي أسبابها وآثارها، وطرح متوازن يحقق الوجود السلمي لمشروع التيار مع كف الأيدي عن الاقتتال الداخلي والصراع الدامي بين الأطراف». وتابع البيان: «لقد بدأ تفعيل المبادرة الجهادية استكمالاً لمسيرة وقف العمليات القتالية الرامية إلى حقن الدماء والتي تنتهي معها أسباب احتجاز المعتقلين في السجون من كل الفصائل ويعود الوئام إلى المجتمع والبسمة إلى أهالي المعتقلين وذويهم، ولا نكون بحاجة إلى تطبيق قانون الإرهاب أو الطوارئ». ورأى الخبير في شؤون الحركات الإسلامية والباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور ضياء رشوان أن إعلان طارق وعبود الزمر موقفهما يعد دفعة كبيرة لمبادرة سيد إمام و «ستسهم في تسريع عملية المراجعات». ولاحظ رشوان أن صياغة البيان تمت بطريقة سياسية بحتة، وقال إن بيان الزمر هو «بيان سياسي بالدرجة الأولى على خلاف بيان سيد إمام الذي يعد بياناً فقهياً تتجاوز أحكامه القطر الذي يسكن فيه. أما بيان الزمر فقد اختص بالحالة المصرية خصوصاً»، لافتاً إلى أن عبود الزمر «رجل سياسي من الدرجة الأولى ورشح نفسه في انتخابات الرئاسة في العام 2005، وهو ما ظهر من خلال المطالب التي دعا إليها في مقابل وقف العنف وهي الإفراج عن المعتقلين والسماح بالوجود السلمي وانتقاده الضمني لقانون الطوارئ وقانون مكافحة الإرهاب الذي لم يصدر بعد». وتوقع رشوان أن تكون السلطات توصلت إلى اتفاق مع عبود وطارق للإفراج عنهما، لكن طريقة الإفراج لم يتم تحديدها بعد وهل ستكون بعد اتمام المراجعات كلها أم قبل إنهائها. من جانبه أكد محامي الإسلاميين منتصر الزيات أهمية صدور مثل هذا البيان، مشيراً إلى أن عبود وطارق الزمر يتمتعان بتقدير في أوساط الإسلاميين خصوصاً أن لهما رؤية في ما يتعلق بوقف العنف والتي ترتبط بنشاط سياسي سلمي تقوم به الجماعات. وقال إن عبود مع مرور الوقت تحول إلى «رمز إلى كل الإسلاميين» فهو تنظيمياً عضو في مجلس شورى «الجماعة الإسلامية» وحركياً «رمز لكل الجهاديين». وتابع أن موقف الرجلين من المبادرة «أعطى دفعة كبيرة لمجموعات الجهاد التي لم تحسم أمرها بعدد لأنه يخاطب بعض المجموعات داخل الحركات الجهادية التي لها تحفظات وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعبود، ما يرجّح أنها ستنضم إلى المبادرة بعد موقفه». ورأى أن مسألة الإفراج عن عبود تمر بخطوات معينة يمكن وصفها من «أحسن إلى أحسن». وفي ما يأتي نص البيان: «بيان من الشيخ عبود الزمر والدكتور طارق الزمر «مبادرات الجهاد نحو غد أفضل»، انه مما لا شك فيه أن حالة الصراع التي مرت بها مصر في التسعينات قد أضرت كثيراً بالبلاد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بل وحقوق الإنسان، وهذا يدعونا جميعاً كتيار إسلامي الى تحمل المسؤولية وترتيب الأولويات والنظر في مصالح العباد ومد يد العون للخروج من هذه المحنة وتلافي أسبابها وآثارها، وطرح متوازن يحقق الوجود السلمي لمشروع التيار مع كف الأيدي عن الاقتتال الداخلي والصراع الدامي بين الأطراف. ولقد بدأ تفعيل المبادرات الجهادية استكمالاً لمسيرة وقف العمليات القتالية الرامية الى حقن الدماء والتي تنتهي معها أسباب احتجاز المعتقلين في السجون من كل الفصائل ويعود الوئام الى المجتمع والبسمة الى أهالي المعتقلين وذويهم، ولا نكون بحاجة الى تطبيق قانون الإرهاب أو الطوارئ. ومن هنا نؤكد دعمنا لمبادرة اخوة الجهاد التي تنضبط بالشرع ويحقق بها مصالح الإسلام ومقاصد الشريعة الغراء».
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 ماي 2007)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

22 juillet 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1524 du 22.07.2004  archives : www.tunisnews.net قدس برس: جمعية القضاة التونسيين تستنكر الضغوط التي

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.