الاثنين، 25 ديسمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2408 du 25.12.2006

 archives : www.tunisnews.net


هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات:  استدعاء   السيد علي لعريض  إلى منطقة الأمن بباردو لجنة الدفاع عن المتحجبات بتونس: اين الاتحاد العام التونسي للشغل الوسط التونسية : اشتباك مسلح وانتشار للحواجز الأمنية بالجنوب أ.ف.ب: تونس: قتيلان في اشتباك مع الشرطة الخليج الإماراتية: مقتل مسلحين وجرح شرطيين بإطلاق نار في تونس الشرق الأوسط: أنباء عن تورط إسلاميين.. واستخدام الكلاشنيكوف في العملية – تونس: اشتباك مسلح بين الأمن ومسلحين يُـوقـع قتيلين وجريحين رويترز: امرأة تتزعم حزبا معارضا للمرة الاولى في تونس ي ب ا: انتخاب أول امرأة على رأس حزب سياسي معارض في تونس عامر عياد: هوامش من مؤتمرالحزب الديمقراطى التقدمى عمر الماجري: بيان توضيحي إلى الرأي العام حول مؤتمر نابل للحزب الديمقراطي ا لتقدمي الصباح الأسبوعي سألت أعضاء بمجلس النواب وباحثا في علم الاجتماع الرشوة في تونس.. هل أصبحت ظاهرة وكيف يمكن مقاومتها؟ سواك: صابر التونسي: سـواك حار (11) الوحدة: خمسون في المسرح البلدي خلال شهر جانفي عادل القادري: إلى متى سيبقى الوالي رئيسا للمجلس الجهوي؟ صالح الزنايدي: مدخل لرؤية ثقافية عقلانية تقدمية زهير الشرفي: « سايكس بيكو » و »الشرق الأوسط الكبير » مرسل الكسيبي: يوشكا فيشر: نحن أمام زعزعة للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بالكامل زياد كريشان: هل يكون التصوف بديلا عن الأصوليّة ؟ د.محمد شقرون: أيّ دور للتصوّف في زمن العولمة؟ في حوار مع المشرف عليها توفيق فوني: الجزيرة الوثائقية تنطلق من واقع الإنسان العربي نحو العالمية الشرق الأوسط: السلطات المصرية توجه ضربة للكيانات الاقتصادية للإخوان وتعتقل مليونير الجماعة

 


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 


بداية بث حلقات « مراجعات » الخاصة بالشيخ راشد الغنوشي على قناة الحوار (من لندن)

– ابنُ الفلاحِ التونسيِّ الذي غادرَ قريتَهُ الجنوبيةَ الصغيرةَ ليجوبَ الآفاقَ طلبًا للعلمِ.

– اعتنقَ الفكرَ القوميَ الناصريَّ ليتخلِّى عنهُ بعدَ حربِ 67 التي عُرِفَتْ بالنَّكْبَة

– تحوَّلَ إلى المُعَسْكَرِ الإسلاميِّ ليؤَسِسَ مع زُمَلائِهِ الحركةَ الإسلاميةَ في تُونُسْ. ولِيُصبِحَ من مفكرِي الإسلام السياسيِّ البارِزين

– حُوكِمَ بسببِ نشاطِهِ الدَّعَوِيِّ والسياسيِّ عِدَّةَ مرَّاتٍ.

– له نظراتٌ تجديديةٌ في الفكرِ الاسلاميِّ ضمّنَها كتَابَهُ الحرياتُ العامةُ في الدولةِ الإسلاميةِ.

برنامج مراجعات يستضيف المفكر الإسلامي التونسي راشد الغنوشي

يأتيكم في الاوقات التالية: الاثنين 25 ديسمبر الساعة الرابعة بتوقيت غرينيتش

يعاد في الاوقات التالية:

الاثنين 25 ديسمبر الساعة 21:00 بتوقيت غرينيتش

الثلاثاء 26 ديسمبر الساعة 12:30 بتوقيت غرينيتش

الاربعاء 27 ديسمبر الساعة 02:00 بتوقيت غرينيتش

الاربعاء 27 ديسمبر الساعة 10:00 بتوقيت غرينيتش

القمر الصناعي نايل سات 11823

 

القمر الصناعي هوت برد 13 درجة 10949

 

 قناة الحوار (من لندن)

 


هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات

بلاغ إعلامي

تعلم هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات الرأي العام أنّ السيد علي لعريض، الناطق الرسمي السابق بالنيابة باسم حركة النهضة وعضو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، تم استدعاءه اليوم على الساعة الواحدة بعد الزوال إلى منطقة الأمن بباردو، ولم يتمّ إخلاء سبيله إلى حدود تحرير هذا البيان. كما أن عائلته لم تتمكن من الحصول على أية معلومات عن مكان وظروف إيقافه.

إن هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات:

– تندّد بالهرسلة والاعتداءات المتواصلة التي ما انفكّ يتعرض إليها السيد علي لعريض منذ إطلاق سراحه والتي تهدف إلى حرمانه من التمتع بحقوقه الأساسية في التنقل والتعبير عن آرائه بكل حرية.

– تطالب بإطلاق سراح السيد علي لعريض فورا دون قيد أو شرط والكف عن كل أشكال المضايقات المسلطة ضدّه من طرف السلطات التونسية.

 تونس، في 25 ديسمبر 2006

 

هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات

(المصدر: مراسلات « الـبـديـل عـاجـل » بتاريخ 25 ديسمبر 2006 على الساعة 20 و 33 دقيقة)

 


لجنة الدفاع عن المتحجبات بتونس

اين الاتحاد العام التونسي للشغل

 

 
اتصلت بنا يوم السبت الموافق ل23/12/2006  كل من السيدة منجية العريضي الموضفة بمركز الفحص الفني بمعتمدية جندوبة الشمالية والسيدة الصغيرة العيادي وهي موضفة ايضا حيث دكرت لنا الاخت منجية انه  تم التنبيه عليها من قبل السلط الجهوية لنزع الخمار الا أنها رفضت فتم تهديدها بايقافها عن العمل. اما الاخت صغيرة العيادي فقد قالت انها توجهت خلال الأيام اللأخيرة الى بلدة جندوبة لاستخراج مضمون ولادة الا أن عون الحالة المدنية تفوه تجاهها بكلام بذيئ منافي للأخلاق مطالبا اياها بعدم الدخول مرة أخرى الى مقر البلدية مرتدية الخمار والزي الطائفي بحسب عبارته كما أنه رفض استخراج مضمون ولادة للمعنية بالأمر. واثر هده الانتهاكات الخطيرة لابسط حقوق المواطن ندعوا كافة مكونات المجتمع المدني بتونس من جمعيات واحزاب ونقابات للتحرك وعلى راسها الاتحاد العام التونسي للشغل هده المنظمة الوطنية العريقة التي فاجاتنا بغياب دورها في المبادرة للدفاع عن حقوق امثال هاتين العاملتين علما وان الالاف من العاملات المحجبات بالقطاع العام والخاص تمت مضايقتهن و تهديدهن بالطرد والاتحاد لا يحرك ساكنا لدى  فان لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ترى في دالك تقصيرا غير مبرر في مساعدة العمال على استرداد حقوقهم لا يليق بمقام الاتحاد العام التونسي للشغل وخروجا عن منهجه النضالي الدي ارساه البطل الشهيد فرحات حشاد   كما ندعوا كل النقابيين المناضلين الاحرارالقيام بواجبهم والتحرك دفاعا عن اخواتهن المحجبات في كل مكان للاتصال بنا protecthijeb@yahoo.fr


بيان من فروع القيروان والمنستير وسوسة والمهدية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق

الإنسان

 

26 ديسمبر 2006 
 

عقدت فروع القيروان والمنستير وسوسة والمهدية اجتماعا مشتركا لتدارس الوضع الحالي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في واقع  الحصار الذي تفرضه السلطة على المنظمة بمنعها من عقد مؤتمرها وشل نشاطها وغلق مقرات فروعها ومنع هيئاتها من حقها في الاجتماع ومن القيام بالمهام الحقوقية التي انتخبوا من اجلها. وأمام هذا الوضع الخطير تؤكد هيئات الفروع الأربعة على مايلي : – إن حل الأزمة الحالية مرتبط بمدى استعداد السلطة لرفع كل أشكال التضييق على الرابطة و الكف عن محاصرة  مقراتها والسماح لها بعقد مؤتمرها السادس في كنف الاستقلالية . – إن أية مبادرة تسعى لتجاوز الوضع الحالي للرابطة لابد أن  تأخذ في الاعتبار ثوابت الرابطة و أن تحترم استقلاليتها وتلتزم  بمقرراتها وتعمل بالتنسيق مع هياكلها. – إن حصار الرابطة لن يمنع مناضليها  من القيام بواجباتهم الحقوقية ولن يثنيهم عن  الدفاع عن منظمتهم حتى تواصل القيام بدورها الطبيعي  . كما تجدد الفروع المجتمعة دعوتها الملحة لمكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية لمساندة الرابطة وأخذ كل المبادرات الممكنة للضغط من اجل أن يرفع الحصار عليها وتتمكن من القيام بنشاطها باستقلالية وتعقد مؤتمرها في اقرب الآجال.    عن فرع المنستير     عن فرع القيروان    عن فرع المهدية        عن فرع سوسة   سالم حداد                 مسعود الرمضاني      محمد عطية              جمال مسلم

 


اشتباك مسلح وانتشار للحواجز الأمنية بالجنوب

الوسط التونسية/خاص- تونس من لطفي الهمامي

شهدت ضاحية العاصمة التونسية – حمام الأنف- عشية يوم السبت 23 ديسمبر الجاري تبادل إطلاق النار بغزارة بين قوات البوليس التي تعززت بالفرق الأمنية المختصة من ناحية وعناصر محتمية بمقر سكني وبأسلحة من نوع كلاشنكوف.

واستمر التبادل لوقت يتجاوز الساعة وعشر دقائق كانت نتيجتها سيطرة قوات الأمن التونسية على الوضع وإقرارها بحدوث قتيلين على الأقل من جانب عناصر مجهولة الهوية والقبض على عنصرين آخرين بعد تعرضهما لجروح ,أما في صفوف قوات الأمن فقد تأكد تعرض عونين على الأقل لجروح متفاوتة الخطورة .

وفي ما يخص طبيعة العناصر التي تم الاشتباك المسلح معها فقد ظلت غامضة وبقيت إشارة وزارة الداخلية لا تحظى بالمصداقية الكافية لكونها لم تحتوي على أي عنصر من عناصر الواقعة في مقابل تحجير كامل حول أية معطيات إضافية أو تصريحات صحفية لطمأنة الرأي العام مما جعل الروايات الشفهية هي التي تسود إلى حدود اللحظة .

ومن بين الروايات حول الواقعة أن المجهولين ليسوا من التونسيين فقط بل هناك جزائريين وينتمون إلى ما يعرف بالسلفية الجهادية وان الأضرار في صفوف قوات الأمن اكبر بكثير لكونها لم تكن على دراية بامتلاك هذه العناصر لأسلحة مثل الكلاشنكوف مما باغتها بحدوث أضرار متفاوتة.

ولقد تأكد أن قوات الأمن التونسي قد ضربت حواجز أمنية واسعة في مناطق الجنوب التونسي تزامنا مع الحادثة كما شوهدت قوات الأمن بكثافة سواء كان بمحيط حمام الأنف أو في مناطق الوطن القبلي من جهة مداخل العاصمة مع استعمال المروحيات التابعة لقوات الحرس الوطني..

ومن المعلوم أن هناك تبادل امني واسع بين تونس والجزائر تحت عنوان مقاومة الإرهاب وقد سلمت الجزائر إلى تونس عديد العناصر التي كانت قد التحقت بالجبهة الجزائرية قبل اقل من عام من هذا التاريخ .

أما السلطات التونسية فقد أحالت في شهر نوفمبر 2006 مجموعة من الشبان على المحاكمة بتهم متعلقة بالإرهاب وكانت المحكمة التي يترأسها طارق ابراهم قد أجلت احدث قضية في هذا المجال إلى يوم 20 جانفي 2007 .

ومنذ يوم السبت الفارط لا يتداول بين الناس سوى هذا الخبر بالهمس واللمز في غياب أية معطيات دقيقة خاصة وأن الإشارة المقتضبة لوزارة الداخلية تركت مجالات للتأويل فهل تقصد بمجرمين مبحوث عنهم الإسلاميين المتشددين أم منحرفي حق عام والحال أن تونس لا تعرف بتواجد عصابات إجرامية منظمة إلى درجة التسلح .

ومن جهة أخرى لم تطالب أحزاب المعارضة البرلمانية مثل التجديد بأية توضيحات في الغرض,سواء عبر دعوة الحكومة إلى قول الحقيقة أو لرفع مذكرة استفسار من الحكومة أو نقد التعتيم الإعلامي المضروب على الحدث.

 

ويرى بعض المراقبين انه إذا ما ثبت تورط عناصر من الإسلاميين المتشددين فإنها سوف تكون نقطة جديدة تضاف إلى النظام ليستند عليها من أجل مواصلة حالة الحصار على المجتمع بأسره,وهو ما يدعو الجميع إلى معرفة حقيقة ما جرى حتى لا توظفه السلطة التونسية على نحو مقاييسها ,فتظهر جوانب وتخفي أخرى وهو الأمر الداعي إلى المزيد من القلق.

 

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الألكترونية، زيارة بتاريخ 25 ديسمبر 2006 على الساعة 21 و40 دقيقة)

 


تونس: قتيلان في اشتباك مع الشرطة

 

25/12/2006  تونس – أ.ف.ب – افادت وكالة الانباء التونسية ان شخصين قتلا وجرح شرطيان في تبادل لاطلاق نار ليل السبت الاحد في ضاحية العاصمة الجنوبية.

واضافت ان الاشتباك وقع بين دورية لقوات الامن ومجموعة من الاشخاص كانوا داخل منزل، مما اسفر عن سقوط قتيلين بين عناصر المجموعة واعتقال اثنين آخرين’.

وقالت ان ‘التحريات الاولية تشير الى ان عناصر المجموعة هم مجرمون خطرون مطلوبون’، من دون توضيح طبيعة جرائمهم.

وافاد شهود ان تبادل النار وقع في ضاحية حمام الانف (25 كلم جنوب العاصمة)، حيث كان الوضع هادئا صباح امس مع انتشار تعزيزات امنية مكثفة.

 

(المصدر: صحيفة القبس الكويتية الصادرة يوم 25 ديسمبر 2006)


 مقتل مسلحين وجرح شرطيين بإطلاق نار في تونس

قتل شخصان وجرح شرطيان في تبادل لإطلاق نار وقع الليلة قبل الماضية في تونس، وذكرت وكالة الأنباء التونسية أن تبادل إطلاق النار وقع بين دورية لقوات الأمن ومجموعة أشخاص كانوا في منزل في ضاحية تونس الجنوبية، وأسفر عن سقوط قتيلين بين عناصر المجموعة واعتقال اثنين آخرين.

وقالت إن “التحريات الأولية تشير إلى أن عناصر هذه المجموعة هم مجرمون خطيرون مطلوبون”، من دون توضيح طبيعة جرائمهم ولا ظروف تبادل إطلاق النار.

وأفاد شهود بأن تبادل إطلاق النار وقع في ضاحية حمام الأنف (25 كلم جنوب تونس) الشعبية، حيث كان الوضع هادئا صباح أمس مع انتشار تعزيزات أمنية في تقاطع الطرق والطرق المؤدية إلى الطريق السريع في اتجاه الجنوب.

 

(المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 25 ديسمبر 2006)

 


أنباء عن تورط إسلاميين.. واستخدام الكلاشنيكوف في العملية

تونس: اشتباك مسلح بين الأمن ومسلحين يُـوقـع قتيلين وجريحين

الجزائر- بوعلام غمراسة

افادت مصادر متطابقة بأن اشتباكا مسلحا وقع الليلة قبل الماضية بين مسلحين مجهولين وقوات الأمن في الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية، مما خلف قتيلين من جانب المسلحين وجريحين من جانب رجال الأمن. وفي حين وصفت المصادر الرسمية المسلحين بأنهم «مجرمون مطلوبون»، فان مصادر اعلامية محلية قالت ان الامر يتعلق بناشطين إسلاميين.

 

واكدت وكالة الانباء التونسية الرسمية بان تبادل اطلاق النار «اسفر عن سقوط قتيلين بين عناصر المجموعة واعتقال اثنين اخرين»، مضيفة ان «التحريات الاولية تشير الى ان عناصر هذه المجموعة هم مجرمون خطيرون مطلوبون» دون توضيح طبيعة جرائمهم ولا ظروف تبادل اطلاق النار.

 

وافادت مصادر اعلامية في تونس، في اتصال هاتفي اجرته معها «الشرق الاوسط» من الجزائر، بانه تم ايضاً إلقاء القبض على عنصرين من المسلحين، مشيرة الى أن وقائع العملية جرت في منطقة «حمام الأنف» الواقعة على بعد 20 كلم عن العاصمة.

 

كذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر بوزارة الداخلية التونسية تأكيده مقتل مسلحين اثنين في العملية وأسر آخرين وجرح اثنين من قوات الأمن. وأوضح المصدر أن المواجهات حصلت بين مجموعة أشخاص مقيمين في أحد المساكن بالضاحية الجنوبية ودورية أمنية. وقال مصدر من الشرطة: «نعم حصلت مواجهة شرسة مع هذه المجموعة بجهة حمام الأنف».

 

وفي حين امتنعت المصادر الرسمية عن كشف هوية المسلحين، فان المصدر الإعلامي قال «انه تناهى إلى أسماعنا أن الأمر يتعلق بمتطرفين إسلاميين كانوا يقيمون في بيت بضواحي مدينة حمام الأنف، لكن لا أحد بإمكانه تأكيد ما إذا كانوا بصدد الإعداد لعملية مسلحة وبادروا للاشتباك مع قوات الأمن بعد أن شعروا باكتشاف أمرهم، أم أن مصالح الأمن حددت مكانهم فتحركت لاعتقالهم أو قتلهم». وأوضحت المصادر انه جرى استخدام رشاش الكلاشنيكوف في هذا الاشتباك غير المسبوق في تونس.

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط (لندن) الصادرة يوم 25 ديسمبر 2006)

 


امرأة تتزعم حزبا معارضا للمرة الاولى في تونس

 

تونس (رويترز) – أعلن يوم الاثنين في تونس عن فوز امرأة بزعامة حزب سياسي معارض للمرة الاولى في تونس والثانية في المغرب العربي بعد لويزة حانون زعيمة حزب العمال في الجزائر.

وقال رشيد خشانة القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي لرويترز « في اعقاب مؤتمر الحزب بنابل اصبحت مي الجريبي الأمين العام الجديد للحزب بعد تخلي أحمد نجيب الشابي عن منصبه وعدم ترشح أي شخص اخر لمنافستها ».

والجريبي (46 عاما) من أبرز قيادات الحزب ومن بين مؤسسيه وتعمل مديرة في مكتب دراسات خاص في تونس.

وجاء اعلان تزعم الجريبي للحزب الديمقراطي التقدمي احد ابرز تشكيلات المعارضة في تونس لتخلف احمد نجيب الشابي الذي يتزعم الحزب منذ تأسيسه عام 1983.

وقالت الجريبي لرويترز عقب فوزها بالامانة العامة للحزب « شرف لي ان أكون أول امرأة تتزعم حزب سياسي في البلاد لكن أعتقد أنها مسؤولية جسيمة واثقة من انجازها على أفضل وجه لتعودي على النضال صلب هذا الحزب ».

وقالت « ستكون فرصة اخرى للمرأة في تونس للنضال لا من خلال العمل بالجمعيات والنقابات فقط بل بالعمل السياسي وفي حزب معارض بارز ».

وتحتل المرأة في تونس اليوم أكثر من 20 بالمئة من المقاعد في البرلمان التونسي لكن لم يسبق لأي امرأة ان تحملت مثل هذا المنصب في السابق.

وشددت الامينة العامة الجديدة للحزب الديمقراطي التقدمي على ان « التوجه العام للحزب سيكون نفسه اضافة الى ان العنوان الاساسي للمرحلة المقبلة سيتمثل في مطالبة الحكومة بادخال تعديلات جوهرية على الدستور والقيام باصلاحات جوهرية فيه بشكل يمكن من اطلاق حريات التعبير والتنظم والعفو التشريعي العام ».

وعقد الديمقراطي التقدمي مؤتمره الوطني الرابع وسط خلافات بين أعضائه حول مسألة الحوار مع السلطة. وتم انتخاب مكتب سياسي جديد للحزب.

وتميز المؤتمر بالدعوة لتعديل دستور البلاد بدعوى انه لم يعد يستجيب لتطلعات الشعب.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 25 ديسمبر 2006)


انتخاب أول امرأة على رأس حزب سياسي معارض في تونس

 

انتخبت ميّة الجريبي أمينة عامة للحزب الديمقراطي التّقدمي التونسي المعارض، خلفا للمحامي أحمد نجيب الشابي الذي أعلن تخليه عن قيادة الحزب الذي أسسه في ثمانينات القرن الماضي.

وبهذا الانتخاب الذي جاء خلال أعمال المؤتمر العام الرابع لهذا الحزب التي انتهت في ساعة متقدمة من الليلة الماضية، تكون ميّة الجريبي (46 عاما) أول امرأة عربية (خطأ: سبقتها منذ سنوات السيدة لويزة حنون على رأس حزب العمال في الجزائر) تتولّى المسؤولية الأولى لحزب سياسي معارض معترف به.

وتعتبر الجريبي التي تدير حاليا مكتب دراسات خاصا في تونس، من أوائل المنتمين لهذا الحزب، وقد انُتخبت عضوا بمكتبه السياسي في ثلاثة مؤتمرات متتالية، وكانت تشغل منصب مسؤولة التنظيم والنظام الداخلي قبل انتخابها أمينة عامة للحزب.

وانتخب اٍلى جانب ميّة الجريبي، أعضاء اللّجنة المركزية الـ75، وأعضاء المكتب السياسي الجديد للحزب (25عضوا)، من بينهم عشرة أعضاء يتحملون المسؤولية للمرّة الاولى، علما بأن الجريبي كانت المرشّحة الوحيدة لمنصب الأمين العام، وذلك بعد انسحاب عضو المكتب السياسي محمّد القوماني من التّنافس على هذا المنصب.

 

(ي ب ا)

 

(المصدر: صحيفة المستقبل (لبنان) الصادرة يوم 26 ديسمبر 2006 نقلا عن وكالة يونايتد برس إنترناشيونال UPI)

الرابط: http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=211172

 


هوامش من مؤتمرالحزب الديمقراطى التقدمى

اختتم الحزب الديمقراطى التقدمى مؤتمره الرابع فى احدى نزل مدينة نابل يوم الاحد24-12-2006 بتزكية الاخت مية الجريبى (46 عاما) لمنصب امين عام لتكون اول امراة تونسية تحتل المنصب الاول فى تنظيم سياسى. وقد سجلنا بعض الهوامش: 1 *قبل عقد الجلسة الافتتاحية حاولت قوات البوليس المتواجد بكثافة ازالة بعض اللافتات الخاصة بالحزب والمعلقة على الشرفات الخارجية لبورصة الشغل اين عقدت الجلسة الافتتاحية الا ان بعض المناظلين رفضوا ذلك مما اضطرهم-قوات البوليس- للتراجع والانصياع. 2*صفق الحاضروون طويلا عند صعود السيد مختار الطريفى المنصة لالقاء كلمة الرابطة. 3*كانت كلمة السيد على العريض الناطق السابق باسم حركة النهضة من اهم كلمات الضيوف لاشتمالها على مواقف النهضة  من مجمل القضايا السياسية المطروحة. 4*لاحظ عديد المراقبين عدم تواجد اى مسؤول اوروبى من بين ضيوف المؤتمر. البعض فسره بضعف امكانيات الحزب المادية . 5*غياب ممثلى المؤتمر من اجل الجمهورية كان لافتا ايضا خصوصا بعد هجومات المرزوقى وبعض اعضاءه على الحزب وامينه العام مما قد يهدد حركة 18 اكتوبر ببداية التصدع. 6*عدم تناول بعض ممثلى الاتحاد العام التونسى للشغل للكلمة خلافا لكل الضيوف فسر بانه عدم احراج البعض فى اول مسيرته فى المكتب التنفيذى. 7*شن بعض اعضاء المكتب السيايى هجوما عنيفا وصل الى حد السباب و »الاتهام بالمهادنة »على السيد محمد القومانى و السيد فتحى التوزرى و السيد الحبيب بوعجيلة الذين اتسمت ردودهم بالاتزان والهدوء والرصانة. 8* كان السيد المنجى اللوز عنيفا جدا فى رده على ورقة السيدان القومانى و التوزرىالتى قدمت قبل المؤتمر واللتى تقترح احداث انفراج سياسي عبر مشاركة سياسية مع السلطة دون تنازل عن اهداف الحزب وخطه السياسى. 9*لوحظ اصطحاب احد الكتاب العامين لزوجته العضوة وعدم مشاركتهما جلسات  ومداولات   المؤتمرحيث قضيا جل الاوقات فى التفسح « وقضاء الشؤون »…كان الحضور فقط عند الاعلان عن النتائج!!! 10*سقوط لائحة الشباب « نرفز »احد الكتاب العامين الذين ساهموا من وراء الستار فى توجيه اللائحة نحو وجهة ايديولوجية. 11*فشل لائحة الشباب فى التصويت فسر بانه انتصارللوفاق على محاولات الادلجة التى يسعى احد الكتاب العامين فرضها. 12*اللائحة السياسية لم تحضى ايضا بالاجماع اذ شهد التصويت تنازعا حادا بين تيارين نخاف ان يتحول من صراع للافكار الى صراع على المواقع من اجل فرض القناعات . 13*لاحظنا احد اعضاء المكتب الساسي وهويرمق الرافضين التصويت على اللائحة السياسية ويسجل بعض اسمائهم علما انه من اللجنة الصائغة. 14*لم يكن المؤتمر الرابع مؤتمرا انتخابيا اذ برز ان الحزب ما زال لم يصل الى مرحلة التنافس . 15*مية الجريبى وجدت نفسها وحيدة فى السباق بعد انسحاب السيد محمد القومانى لتكون امينة عامة بالتصويت المباشر. 16*لم تجر انتخابات لاختيار اعضاء اللجنة المركزية للحزب المتكونة من75 عنصرا بل التجا النافذون فى الحزب الى قائمة وفاقية دام النقاش حولها اكثر من15 ساعة كاملة وقد احدث الاعلان عنها توترا شديدا بين المؤتمرين. 17*من المفارقات ان الكاتب العام المتحدث عنه فى النقطة التاسعة حظى بعضوية اللجنة المركزية!! 18* بعض الوجوه الجديدة اللتى لم يمض على انتماءها للحزب بعض اشهر استطاعت ان تحضى بعضوية اللجنة المركزية  فى حين بقى بعض الاعضاء الذين شهدوا مؤتمرات سابقة وعرفوا بنشاطهم واضافتهم خارج القائمة مما جعل البعض يتساءل عن المقاييس المعتمدة فى الاختيار وثمن البعض اللآخر قدرة بعض قادة الحزب على صنع النجوم و القادة. 19*لوحظ تواجد امنى باللباس المدنى داخل النزل كامل ايام المؤتمر. 20*رغم المشادات والانتقادات عزز معارضو اللائحة السياسية مواقعهم داخل اللجنة المركزية وكذلك داخل المكتب السياسي.  
عامر عياد OMKAL4@YAHOO.FR


الحزب الديمقراطي التقدمي/ المؤتمر التأسيسي/ تونس

الهاتف: 20977601

 

بيان توضيحي إلى الرأي العام حول مؤتمر نابل للحزب

 انعقد أيام 22-23- 24 ديسمبر بمدينة نابل و بتأخير سنتين عن موعده القانوني مؤتمر الحزب الديمقراطي التقدمي. وكنا في فترة الإعداد لهذا أصدرنا تعميما للرأي العام تضمن تقييما لمسيرة الحزب خلال السنوات الخمس التي كنت فيها في داخل قيادة الحزب أمثل الطرف المعارض للانحراف الذي شهده عن الخط السياسي الذي رسمه المؤتمر التأسيسي.

 

ويهمنا بهذه المناسبة أن نوضح للرأي العام الديمقراطي أننا:

 

– نطعن في الشرعية القانونية لهذا المؤتمر نظرا للتجاوزات التي رمت عرض الحائط بالنظام الداخلي للحزب و بالأخص فيما يتعلق بمسألتي نسبة المندوبين إلى المؤتمر والتي حولها المكتب السياسي من الثلث إلى الثلثين و ذلك بهدف تحويل المؤتمر إلى مهرجان احتفالي وقع فيه تعويم القضايا المصيرية بالنسبة للبلاد و للحزب.و في تمديد المكتب السياسي في آجال الانخراط في الحزب إلى عشية عقد جلسات انتخاب المندوبين إلى المؤتمر عوضا عن إيقافها ثلاثة أشهر قبل المؤتمر.

 

– إن طعننا في الشرعية القانونية لهذا المؤتمر لا تعني إطلاقا لجو أنا إلى القضاء نظرا إلى ما يمكن أن يكون لذلك من انعكاسات خطيرة على الحركة الديمقراطية ببلادنا و إنما نهدف من إعلان ذلك إلى الكشف عن الوجه الحقيقي لبعض أدعياء الديمقراطية.

 

– نطعن في الشرعية السياسية للمؤتمر نظرا إلى أنه كرس انحرافا عن الخط السياسي الذي حدده المؤتمر التأسيسي من أجل بناء بديل ديمقراطي. وهو الانحراف الذي دشنته قيادة الحزب منذ 2002 باختيارها خطا رسم للحزب تحالفات داخلية تتناقض و خطه التقدمي وارتباطات خارجية مشبوهة

و لا يفوتنا تنبيه الرأي العام الديمقراطي إلى خطورة الإجراء الذي اتخذه هذا المؤتمر بتعيين الأمين العام السابق الأستاذ أحمد نجيب الشابي مفوضا للعلاقات الدولية و العربية وهو إجراء خطير يستهدف إطلاق يده في رسم تحالفات وارتباطات بقوى خارجية. وكنا قبل المؤتمر ومن موقعنا في قيادة الحزب قد تصدينا إلى هذا التوجه و ساهمنا في الحد منه.

 

وسنصدر في الأيام القليلة القادمة تقريرا مفصلا إلى منا ضلي الحزب و إلى الرأي العام الديمقراطي يفضح السطو على الرصيد الاعتباري للحزب و توظيفه في خدمة أغراض انتهازية و مشبوهة.

 

عمر الماجري

عضو المكتب السياسي/المؤتمر التأسيسي

 

تونس في 25 ديسمبر(كانون الأول)2006


« الاسبوعي » سألت أعضاء بمجلس النواب وباحثا في علم الاجتماع

الرشوة في تونس.. هل أصبحت ظاهرة وكيف يمكن مقاومتها؟

 

تونس – الاسبوعي

 

اتصالا بما شرعت فيه «الاسبوعي» من رصد لبعض الظواهر الاجتماعية التي تهدد المجتمعات الانسانية وتترك فيها أسوأ الممارسات فتؤثر على العلاقات وتحد من النجاحات والكفاءة والتميز.. نتطرق هذا الاسبوع لظاهرة «الرشوة» التي قد تطل علينا بين الحين والآخر فتقضي ما لم يكن له بد من قضائه.. وتحول دون الوصول إلى ما كان متاحا الوصول إليه..

 

ولتكن البداية من حيث يجب أن يكون البدء، فقد عرضنا المسألة على عدد من نواب الشعب لتنزيلها في سياقها الاجتماعي والسياسي ومعرفة مدى حضورها في تعاملاتنا وقضاء شؤوننا.. ثم أي القطاعات أكثر استقطابا لهذه الممارسة الفاسدة.. والتي يتملص منها كل مواطن ومسؤول على الرغم من أن البعض يأتيها صباحا مساء ويوم الأحد.. غير مكترث بقيمة المقدم إليه علما وأنه على بساطة الجرم في نظر البعض فإن الحديث النبوي يجعل طرفي هذه المعاملة في النار عملا بقوله عليه الصلاة والسلام «الراشي والمرتشي في النار»..

 

وفيما يلي آراء نواب مختلف الحساسيات السياسية في الموضوع.

 

ملف من إعداد: سفيان السهيلي

 

الحبيب النهدي (باحث في علم الاجتماع)

خير الدين قاوم الرشوة فظهر اختلاس المال العام

 

في رأيي ترتبط ظاهرة «الرشوة» في المجتمع بالحراك الاجتماعي حيث اتسم هذا الحراك في مرحلة ما من تاريخ بلادنا وخاصة عقدي الستينات والسبعينات بشيء من البطء، إذ لم يكن من السهل تحقيق الارتقاء المهني في عديد المهن والوظائف مما أدى إلى نزوع البعض إلى الارتشاء وتحقيق الثراء والربح السريع.. فيما كان البعض الآخر ضحية لهذه الاهداف حيث كانوا عرضة إلى تقديم ما يمكن تقديمه ماديا لقضاء حوائجهم والارتقاء في السلم المهني للمؤسسة التي ينتمون إليها..

 

كما أقول أن ظاهرة الرشوة مرتبطة أيضا بالتركيبة الاجتماعية وببعض المشاكل التي قد تظهر في المجتمع أو في مستوى الافراد على غرار البطالة والتفاوت الاقتصادي والاجتماعي.. لذلك نجد البعض من ذوي النفوذ الاداري وفي مقابل شعورهم بالعجز المادي ومحاولة مقارنة أنفسهم بالاثرياء وأصحاب المنازل الفخمة والمشاريع الكبرى يشرعون لأنفسهم الدخول في منافسة غير شريفة اعتمادا على آلية الرشوة واستغلال حاجة البعض أو بطالتهم للمطالبة بمقابل مالي نظير تقديم المساعدة حتى وإن كانت خيالية وغير موجودة علما وأن هذا المرتشي كثيرا ما يحاول أن يجد لنفسه سوقا يتحرك فيها بالاعتماد على خبرته الادارية الواسعة وفطنته لكل كبيرة وصغيرة في القانون فضلا عن شبكة علاقاته المتشعبة.. وهي عوامل تكاد تكون عناصر حماية وحصانة له ولذلك تجدنا نتحدث عن مسألة نقر جميعا بوجودها على الرغم من عدم القدرة على المسك بخيوطها فتكون «الرشوة» إذن بمثابة الشبح الذي لا يرى بالعين المجردة..

 

وأضيف أن خير الدين التونسي كان في زمن ما من تاريخ تونس سباقا لتطويق هذه الظاهرة والحد منها عبر إقرار مراقبة صارمة للتصرف المالي والاداري في المؤسسات لكن يجب ألا يفوتنا في هذا الصدد أن محاولة خير الدين تطويق «الرشوة» أفضت إلى ظهور ظاهرة جديدة وهي «اختلاس المال العام».. لذا ندعو من جانبنا إلى ضرورة دراسة هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر دراسة علمية وأكاديمية لتشخيص أسباب ظهورها والحلول المناسبة لها.. إلى جانب محاولة حل عديد المشاكل التي تدفع بالفرد إلى الوقوع في مثل هذه الممارسات السلبية كالبطالة وعدم نيل الحق في الارتقاء المهني وإلزام المؤسسات بالاحتكام إلى القانون والعقلانية بدلا عن المحاباة والمعاملات غير المشروعة.. فضلا عن تحصين الافراد بجملة من القيم والمبادىء التي تجعلهم يرفضون الخضوع للابتزاز واستغلال النفوذ..

 

النائب هشام الحاجي (الوحدة الشعبية)

التصدي لثقافة الربح السريع والحزم في العقاب..

 

لا يخلو مجتمع إنساني مما يسميه علماء الاجتماع ظواهر مرضية وعلى هذا الاساس فإن المجتمع التونسي لا يخلو من ظواهر مرضية وسلبية وعمل المؤسسات بمختلف انواعها هو بالدرجة الاولى سعي للحد من هذه الظواهر وللقضاء عليها أو لنقل لجعلها – في أسوء الحالات – في مستويات مقبولة لأن تجاوز بعض الظواهر لهذه المستويات يشكل مؤشرا على تراجع مجتمعي في عديد المجالات وهذا ما ينطبق تمام الانطباق على ظاهرة الرشوة التي لا يمكن تصور انتشارها بعيدا عن تنامي الاحساس بالتفاوت الاجتماعي وعن سيادة القيم الفردية السلبية وعن ضعف الاحساس بمكانة القانون وبدوره التعديلي والردعي.

 

الظاهرة موجودة في بلادنا ولا نعتقد أن هامشيتها تمثل مبررا ومدعاة لعدم الحديث بل نؤمن أن الوقوف عند هذه الظاهرة بالتحليل والمتابعة يمثل في حد ذاته دليلا على حيوية اجتماعية وعلى الانخراط في تمش سياسي اصلاحي لان توظيف المال في مختلف مناحي الحياة بطريقة غير شرعية يمثل أبلغ تهديد للعلاقات الاجتماعية ولتماسكها.

 

وحسب ما بلغني من معلومات يبدو بعضها متأكدا فإن الرشوة موجودة في بلادنا حتى وان كان هذا التواجد محدودا وهو ما يدعو إلى تحديد الاسباب الكامنة وراء الظاهرة والبحث عن سبل تجاوزها.

 

* في تصوري فإن الاسباب متعددة بعضها يتصل بالمؤسسات وبعضها بالدوافع والنوازع الشخصية للسلوك لكن لا بد من التأكيد على أن ممارسة الرشوة تتغذى من انتشار ثقافة القدرة عن الابتعاد عن المساءلة وبالتالي العقاب لأنه كلما تأكدت المساءلة وتحددت آلياتها كلما ازدادت امكانية محاصرة الرشوة وفي المستوى المؤسساتي فإن ضبابية القوانين أو عدم قدرتها على متابعة المستجدات التقنية التي أصبحت تيسر تبادل المال بطريقة يمكن أن تبعده عن الرقابة أما في المستوي الشخصي والنفسي فإن التأثر السلبي بثقافة الاستهلاك يوجد شخصية قابلة للارتشاء مادامت العملية تعبر عن رغبة في انتهاك القوانين لتحقيق نفع سريع ومرفوض قانونيا.

 

* أما في ما يتعلق بسبل العلاج فإننا نراها متعددة تنطلق من توفير السبل أمام الإعلام للقيام بدوره في الإشارة للظواهر السلبية وفي البحث عن تمظهراتها وعن أسبابها الظاهرة والخفية وبالدرجة الاولى تقديم مضمون تربوي يحمي من الانبهار بثقافة الربح السريع وبالوقوع ضحية الثقافة الاستهلاكية التي تشجع على الربح السريع، ويتعين في ذات السياق رد الاعتبار لدور مؤسستين هامتين في عملية التنشئة الاجتماعية وهما العائلة والمدرسة لأن للمؤسستين دورا أساسيا في نشر القيم التي تحصن من الرشوة.

 

وهناك بكل تأكيد دور أشمل وأهم للدولة ينبغي أن تضطلع به ويتمثل في تشديد آليات الرقابة الادارية خاصة وأن هناك مناشير تلزم كبار الموظفين بتقديم قائمة في الممتلكات وبتحيين هذه القائمة دوريا لكن يبدو أن تطبيق هذه التراتيب لا يتم بصفة متواصلة.

 

النائب عادل الشاوش (التجديد)

دور هام للصحافة في رصد الظاهرة وكشف المخالفين

 

ما من شك أن ظاهرة «الرشوة» حاضرة في كل المجتمعات وكذلك هي حاضرة في المجتمع التونسي.. ولعل هذا التواجد يرجع لاسباب عديدة منها ماهو ثقافي وماهو سياسي واقتصادي وإداري.. على غرار محاولة بعضهم الحصول على منافع مادية بطرقة سهلة عبر استعمال النفوذ الاداري أو السياسي.. كما أن صعوبة وتشعب الاجراءات الادارية قد يدفع بعض المواطنين إلى الالتجاء للرشوة لقضاء شؤونهم ومآربهم بطرق أكثر سرعة وسهولة..

 

وفيما يتعلق بكيفية تطويق هذه الممارسة ووضعها في حدودها الدنيا فأقول أن الامر يتطلب وجود سلطة قوية لصاحبة الجلالة «الصحافة» حتى تقوم بالكشف بحرية عن مثل هذه المظاهر السلبية والاخلالات والتجاوزات على أنه لا بد من وضع قيود لهذه الحرية لكي لا تتحول إلى أداة تشوه الاعراض وتمس كرامة المواطنين..

 

كما يتطلب تكريس مبدأ استقلال القضاء ليقوم بدوره في ردع مرتكبي هذه الجرائم.. وتطوير آليات الرقابة الادارية الداخلية.. فضلا على أن توعية المواطنين بحقوقهم وتمكينهم منها تعد من المحاور الهامة لمقاومة هذه الظاهرة لأن الراشي والمرتشي في النار كما أن رفض المواطن تسليم الرشوة والعمل على المطالبة بحقوقه التي يكفلها له القانون من شأنه أن يدفع طالب الرشوة للتراجع عن مطلبه والعمل في حدود القانون والوظيفة الموكولة له..

 

 النائب عبد اللطيف المكي (التجمع)

حالات معزولة.. وشاذة

 

إن العدالة وتكافؤ الفرص في تونس مبدأ ثابت نعتز به نظرا للتوازن الاجتماعي بين كافة الجهات دون اقصاء أو تهميش ويبقى موضوع «الارتشاء» أو الرشوة الذي أشرتم إليه موضوعا لا يشكل ظاهرة في المجتمع التونسي وإن الحالات المعزولة التي قد يقع رصدها يتم التعامل معها بكل حزم وصرامة.. ولا تتوانى هياكل العدالة في تتبع مرتكبي مثل هذه الممارسات السلبية والشاذة في المجتمع والضرب على أيديهم..

 

ولا يمكن بأي حال حصر هذه المسألة في قطاع محدد نظرا لمحدودية هذه الممارسات التي يغلب عليها طابع الاشاعة وتلفيق التهم والاساءة للمكاسب العديدة التي تحققت لتونس.

 

وإن انحياز رئيس الدولة إلى الطبقات الضعيفة خير دليل على إشاعة العدالة بين الناس  وإتاحة الفرصة لكافة المواطنين دون اقصاء أو تهميش والفيصل في هذه المسألة هو الالتزام بتطبيق القانون والقانون في الحقيقة هو مطبّق بكامل الحزم.

 

النائب العروسي النالوتي (ح د ش)

« الذئب موجود والفريسة كذلك »

 

طبيعي جدا أن تكون «الرشوة» موجودة في كل المجتمعات وتختلف نسبة انتشارها من مجتمع إلى آخر حسب درجة النمو ومستوى عيش السكان وارتفاع نسبة التشغيل.. وكبقية الدول تلقي هذه الظاهرة بظلالها على تونس وأضيف أنها صارت تكاد تكون علنية – على خلاف ما كانت عليه من حالات مسكون عنها – حيث أصبح التونسي «يدخل ايديه لمكتوبو ويدفع ما كتب الله لقضاء شأن ما.. حتى حق قهيوة».. ولعل الامر يعود في نظري إلى التطور الاقتصادي وتعدد حاجيات الافراد وتشعب مصالحهم مما يضطر بعضهم إلى سلك الطرق غير الشرعية لقضائها بأيسر السبل وأسرع الأوقات والرشوة واحدة من هذه الطرق.. ومن جهة أخرى يمكن اعتبار البطالة وهاجس الحصول على شغل دافعا لوقوع البعض في مأزق هذه الممارسة لأنه للاسف يوجد بعض الافراد داخل إدراتهم ومن وراء مكاتبهم يتبعون هذه الاساليب المتلوية ويبتزون طالبي الشغل أو المصلحة الادارية مستغلين سذاجة بعضهم وأملهم المطلق في الظفر بحل سحري من هذا العون أو ذاك..

 

أما عن الحلول الكفيلة بتطويق هذه الظاهرة فأوجزها في البعد التربوي والتثقيفي والتوعوي للمواطن كي لا يكون ضحية الابتزاز.. وفي محاولة تعزيز فرص الحصول على شغل وإضفاء العدالة والشفافية على عملية الانتداب إلى جانب الحزم في تطبيق القانون والضرب على أيدي المبتزين ومقترفي هذه الجريمة، وأضيف أن هذه الممارسات لن تقف عند هذا الحد بل ستتطور وتنتشر أكثر وقد تتخذ أساليب وطرقا أخرى إذا ما لم نتخذ بشأنها قرارات صارمة وحازمة لأن الذئب موجود والفريسة موجودة كذلك.

 

(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » الصادرة يوم 25 ديسمبر 2006)


ســـواك حــار (11)

ســواك: صــابر التونسي

 

 كل القوى التقدمية العربية على تعدد خلفياتها الإيديولوجية ترى في المد الرجعي الأصولي خطرا كبيرا على المجتمعات.( بسام خلف)

كل المجتمعات « الرجعية والأصولية » بها كمشة ممن خرجوا من جلودهم وتنكروا لأصولهم واتحدوا على تسفيه مجتمعاتهم!! « والعريان والعريان يتقابلان في الحمام! »

 

دأبت تونس على الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان منذ بداية التسعينات، لإيمانها بضرورة تكريس حقوق الإنسان في المجتمع التونسي، على مستوى النصوص، وعلى مستوى الواقع، فجعلت من حقوق الإنسان خيارا جوهريا في المجتمع التونسي، فتعددت النصوص والتشريعات التي تكرس حقوق الإنسان، فمنذ التحول السياسي في 7 نوفمبر 1987، أعلن رئيس الدولة زين العابدين بن علي توجّهه السياسي من خلال إطلاق الحريات، (سليم دمق)

تتا!!تاتتان!!تاتا تاتا!!،، تتا!!تاتتان!!تاتا تاتا!!،، تتا!!تاتتان!!تاتا تاتا!!،، تتا!!تاتتان!!…♫♪♫♪♫♪♫♪♫

 

ولنأخذ كمثال على ذلك تناول هذه الأطراف لكتابات الشيخ راشد الغنوشي .فهم كثيرا ما ينتهون بعد الإيهام بأنهم قد اطلعوا عليها جميعا، أنها » تبشر بمشروع طلباني لا غبار عليه » (حبيب المكني)

إن التعميم هو الصخرة التي يرتاح عليها المتعبون (قرامشي)

 

إن مثل هاته الهيئات الأممية لا تجامل، فتواجد تونس في المنتظم الأممي بهذه الأهمية له عدة دلالات، لعل أهمها أن تونس توفّقت بفضل رئيسها زين العابدين بن علي في إرساء مقاربة ذكية لحماية حقوق الإنسان، تعتمد على…. (سليم دمق)

سياسة: اقتلوهم وتباكوا عليهم!! واطفؤوا النور ثم العنوا الظلام!!

 

و كالعادة نفّذت الميلشيا المأجورة  تعليمات الحُكم  بتوجيه شتّى نعوت التخوين للدكتور المرزوقي وإتهامه بالعمالة لأمريكا و إسرائيل  وذلك تحت حماية عدد كبير من أعوان البوليس . .(سليم بوخذير)

نعم! فهو الذي سمح للعلم الإسرائيلي أن يرفرف على أرضنا، وللبوارج الأمريكية أن تدخل مياهنا وترسي في موانينا وهو الذي يحاكم شبابنا بتهمة الإرهاب دفاعا عن أمريكا!!

 

…أما عن سلوك السلطة تجاه النشطاء الحقوقيين و السياسيين  فيتلخص في كلمة واحدة هي قطع الطريق عنهم بقطع هواتفهم بمجرد أن تتصل بهم القناة (الجزيرة) و تحدد موعدا لذلك. و لا ينفع في مثل هذه الحالة الهاتف الجوال  ولا الهاتف الأرضي، كما تستوي شركتا الاتصالات الحكومية والخاصة الموجودة ببلادنا.(صالح البحري: الموقف)

 « بَـنْـدِرْ وإلاّ انْـحَـرِّمْ » على وزن نلعب وإلا نحرم!!

 

لكن يبدو أنّ الأمين العام (لإتحاد الشغل) قد قبل ببعض الشروط ورفض بعضها الآخر وهو ما جلب عليه غضب السلطة حيث رفض رئيس الدولة تلبية الدعوة بخصوص الإشراف على المؤتمر وامتنع والي الجهة عن تعويضه وحضور الجلسة الافتتاحية، « كلمة »

السيد الرئيس رفض الإشراف على المؤتمر حرصا منه على استقلالية المنظمة!! ويحتمل أن موعد المؤتمر قد تضارب مع مواعيد أخرى لسيادته، خصوصا منها مواعيد العلاج والنقاهة!! والشفاء على الله!!

 

واعتبر(هشام جعيط) أنّه لا قيمة لما يحيل عليه بعض الباحثين من وجود نصوص قرآنية موازية « المصاحف الضائعة » مثل مصحف صنعاء (الذي يشتغل على تحقيقه فريق بحث تونسي بإشراف المنصف عبد الجليل وعبد المجيد الشرفي ورجاء بن سلامة ). « كلمة »

ولفريق البحث مني هدية وهي جزء من « القرآن » الضائع: « الفيل وما أدراك ما الفيل له ذيل قصير وخرطوم طويل » (البقية لا أحفظها، إسألوا عنها أخاكم مسيلمة!!)

 

تقديرا لسياستها في مجال السلامة المعلوماتية تمّ مؤخرا في العاصمة الماليزية كوالا لمبورا انتخاب تونس لمنصب الأمين العام للهيئة الاسلامية للسلامة المعلوماتية التي تضم كافة البلدان المنضوية تحت لواء منظمة المؤتمر الاسلامي.(الأنوار اللبنانية)

هذا الفوز يأتي بعد هزيمة مرشح تونس (9 أصوات) في انتخاب المدير العام للوكالة الدولية للإتصالات التي فاز بها مرشح مالي (95 صوتا)!

المهم أننا فزنا بمنصب ضمن المنظومة الإسلامية « والعمشة في دار العميان تُسمى كاحلة الأهداب »!!

 

إن وفاة زيانوف (هكذا وردت من المصدر بدل نيازوف) بنوبة قلبية مفاجأة شكلت مفاجأة كبرى لدى التركمانيين في بلد يعد مرض الزعيم فيه سرا من أسرار الأمن القومي لا يعرف عنه الشعب شيئا. (إسلام أون لاين)

أما مرض « زيانوفنا » فلا يعد سر من أسرار الأمن القومي!!

 

فإن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين يسجل تقديمه هاته الشكاية ضد وزير الداخلية وكل من سيكشف عنه البحث من أجل الإعتداء على عضو مجلس هيئة وطنية للمحامين (عبد الرزاق كيلاني) أثناء مباشرته لوظيفته، كالإعتداء على حريته، والمس من شرفه وكرامته. تقبلوا سيدي وكيل الجمهورية، فائق إحترامي وتقديري.(عميد المحامين عبد الستار بن موسى)

بعد التحري والبحث عن السيد وزير الداخلية ومعاونيه الذين لهم علاقة بالقضية المذكورة أعلاه، أمرنا بتسجيل القضية ضد مجهول لأن المعتدين « فصوص ملح وذابوا » ولم نعثر لهم على أثر! ومن يرشد « العدالة » على أماكن تواجدهم عاقبناه نيابة عنهم تكريما له( وكيل جمهورية الحوار نت للسواك الحار)!!

 وقال الشابي « نطلب ان تنعقد ندوة وطنية دستورية تضع اسس لدستور جديد لا يكون فيه للرئيس الحق في الترشح لاكثر من مرة واحدة وان تكون فيه الحكومة مسؤولة امام البرلمان لا أمام الرئيس. » (سويس إنفو)

سي الشابي أراد أن يطبق حكمة آبائنا التي تقول: « اضرب حمارك على التبن ينسى الشعير »!! ولكن صاحبنا « لا خلّى لا تبن ولا شعير »!!

لقد كان أوّل ما بادرنا به بعد 7 نوفمبر هو ردّ الاعتبار إلى الدين الاسلامي في هذه البلاد إيمانا منّا بأنّ ديننا الحنيف قوام حضارتنا وهو ركن أساسي في مجتمعنا. ونحن عاملون على رعايته ورفع منارته وإحياء شعائره، واتباع تعاليمه، واتخذنا في سبيل ذلك جملة من الاجراءات العملية والقرارات الهامّة« .(زين العابدين بن علي يوم 3 فيفري 1988)

« سيدي الرئيس » يتزامن تعليقي على هذه الفقرة من خطابكم مع بث فيلم عصفور السطح على قناة « تونس » 7، ومن اللقطات التي شاهدتها « مشهد للنسوة في الحمام » ومشهد آخر « للعصفور » وهو يصف لرفاقه المشاهد التي شاهدها في الحمام…

وبث الشريط في العشر الأوائل من ذي الحجة خير دليل على الخدمات « الجليلة التى يحظى بها الإسلام تحت سامي إشراف « السيد الرئيس » فما « أصدقه  » في نصره للإسلام « بالفن »!!

 


خمسون في المسرح البلدي خلال شهر جانفي

 

    بعد تجاوز الإشكال الإداري بين المخرج الفاضل الجعايبي ولجنة التوجيه المسرحي ووزارة الثقافة والمحافظة على التراث حول مسرحية خمسون والمتمثل في طلب لجنة التوجيه حذف مقاطع من العمل والذي اعتبره الفاضل الجعايبي مسا من قيمة العمل الفنية والإبداعية ومسألة رقابة ووصاية على الفكر والفن أكثر منها توجيها وقد منحت إدارة المسرح خلال الأيام الفارطة تأشيرة العرض لهذا العمل المسرحي وهو أحدث مشروع مسرحي لمجموعة فامليليا كتبت نصه جليلة بكار بالاشتراك مع الفاضل الجعايبي مخرج العمل ويقدمه في الأداء كل من جليلة بكار، فاطمة بن سعيدان، جمال مداني، رياض حمدي، خالد بوزيد، حسني العكرمي، لبنى مليكة، هاجر حمودة… وسامي النصري في خطة مساعد مخرج ويستعرض هذا العمل حصيلة خمسون سنة من الاستقلال في تونس ومختلف التجاذبات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي عرفتها البلاد خلال هذه الحقبة الزمنية.

    وقد عرضت خمسون خلال شهر جوان الماضي على مسرح الأوديون في باريس وتركت أحسن الانطباعات لدى المشاهدين والنقاد في فرنسا…

    هذا ويعتبر تحرير هذا العمل من لجنة الرقابة مكسبا ثقافيا هاما ودعما لحرية الفكر والإبداع خاصة وأن هذا العمل ومجمل الأعمال السابقة لمجموعة فاميليا وللفاضل الجعايبي تمثل إضافة في المشهد المسرحي والثقافي عامة الساحة المسرحية تشهد فراغا كبيرا خاصة في السنوات القليلة الماضية وهو ما أثر على مسيرة المسرح التونسي وعلى الدرجة والقيمة الفنية التي كان يحظى بها وهو ما يجعل ضرورة إعادة تهيئة وهيكلة هذا القطاع ضرورة ملحّة والمسؤولية هنا ملصقات على جملة الفاعلين فيه وعلى وزارة الإشراف أيضا…

    وهو ما جعل البعض يدعو إلى إعادة النظر في دور وطريقة عمل لجان التوجيه المسرحي هذا مع ضرورة إيجاد نقابة للمسرحيين تنظم القطاع وتنظم حقوق وواجبات العاملين في هذا القطاع من المحترفين…

    وعودة إلى خمسون… من المنتظر أن يعود الجعايبي صحبة فريق العمل إلى التمارين بإحدى الفضاءات الخاصة من أجل التحضير لجملة من العروض التي ستقام خلال النصف الثاني من شهر جانفي 2007 بفضاء المسرح البلدي بالعاصمة والتي من الأكيد أنها ستحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة وذلك نظرا للسمعة الفنية الطيبة التي يحظى بمها مسرح الجعايبي وكذلك للفراغ وندرة الأعمال الذي يشهده المشهد المسرحي والثقافي خلال هذه الفترة.

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 529 بتاريخ 23 ديسمبر 2006)


 

مدخل لرؤية ثقافية عقلانية تقدمية

صالح الزنايدي

 

إن العلاقة بين ما هو ثقافي وما هو سياسي علاقة جدلية تلازمية ذلك أن هناك تداخلا بين ما هو ثقافي وما هو سياسي إلى حد الاقرار بالترابط الجدلي بين الوعي الثقافي والوعي السياسي وإن كل منظومة سياسية بغضّ النظر عن محتواها لا بد أن تنبني في أطروحاتها وتصوراتها وبرامجها وأهدافها على جملة من الروافد عبر مكوناتها: السياسية/الاقتصادية/الاجتماعية/الثقافية. وتحديد موقع كل منها ضمن رؤية متماسكة، منسجمة هدفها إحداث تغييرات ايجابية في بنية المجتمع.

 

ضمن هذا السياق تأخذ الثقافة دورها الفاعل والموجّه والمؤثر بالتساوي مع الجانب السياسي ذلك أن تقدم المجتمعات وتطورها يقتضي تساوقا عضويا بين ما هو سياسي وما هو ثقافي. إن هذا الفهم يستوجب أن تلعب الثقافة دورا طليعيا في بلورة جملة من البرامج والأهداف باتجاه بلورة وعي تقدمي قادر على استيعاب متطلبات المرحلة وتحدياتها واستشراف رهانات المستقبل.

 

إن حزب الوحدة الشعبية يعي تماما بأن التحدي الثقافي لا يقل شأنا عن التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وعليه فهو ينظر إلى المسألة الثقافية على أنها من أخطر التحديات باعتبارها تشكل حجر الزاوية في بناء الانسان وتنمية وعيه وتجذير هويته الثقافية ضد كل أشكال الاغتراب الثقافي وشتى مظاهر التجهيل والتضليل والتزييف والتقليد والميوعة.

 

إن الايمان بثقافة تقدمية مبدعة كأحد الأسلحة النظرية والعملية لمواجهة تحديات الواقع على الصعيدين الوطني والانساني يستوجب مسائلة موضوعية لواقع الثقافة والمثقفين وبدور الثقافة راهنا ومستقبلا.

ما من شك أن الحديث عن ثقافة وطنية/ عقلانية/ تقدمية /نيّرة/ منفتحة/ ذات هوية/ متفاعلة مع الثقافات الأخرى تأثيرا وتأثرا يقتضي تشخيصا موضوعيا لمنزلة الثقافة بوجه عام في علاقتها بما هو سياسي.

 

إن القراءة الموضوعية لإشكالية الثقافة تكشف ضمن السياق التحليلي العام لأغلب المجتمعات النامية ارتباط الثقافة مفهوما وموقعا ودورا بوضع السلطة وموقعها كما يكشف عن نوعية العلاقة بينهما والتي تراوحت بين الاحتواء والتهميش وبين الصراع والاقصاء.

 

لقد أفرزت علاقة التجاذب المبنية على منطق احتواء السياسي لما هو ثقافي في الدول النامية نتائج سلبية يمكن تحديها لما يلي:

 

– أنظمة ثقافية متخلفة ذات مؤسسات وتشريعات متخلفة

– أنظمة ثقافية همشت عن قصد وعن وعي وتخطيط الحقوق الأساسية للمواطن وحرمانه من أبسط الحقوق التي نادى بها الإعلان العالمي لحقوق الانسان.

– أنظمة تسلطية تناسب العداء للديمقراطية على جميع المستويات بما في ذلك الثقافة حتى تحولت هذه الأخيرة إلى ثقافة سلطوية نخبوية وهو ما أدى إلى تهميش الجماهير وحرمانها من حقوقها المشروعة في العلم والمعرفة والثقافة.

– انتاج أنظمة ثقافية غير قادرة على المشاركة الفعلية في الثقافة الكونية والوقوع في أسر الثقافة الاستهلاكية التي فرضتها القوى الامبريالية على الدول النامية التي تحولت ثقافاتها إلى ثقافات معزولة، منغلقة تحتمي بالتقليد وترديد مخلفات الماضي.

– تعميم ثقافة التبعية المرتبطة بالمراكز الثقافية الغربية الأجنبية وهو ما سهّل اختراق الأنظمة الثقافية الوطنية عبر الاستعانة ببعض المؤسسات والنخب الموالية للثقافة الغربية.

 

لقد تحولت الثقافة إلى مؤسسة رسمية مدجّنة مطوعة لخدمة الأنظمة السياسية حيث تسعى كل سلطة إلى ابتلاع الثقافة وإلحاق الفكر بالدولة والعقل بالسلطة لتصبح الثقافة مجرد أداة تبرير وتسويق مبتذل للممارسة السياسية وهو ما أفرز ما يسمى بثقافة الأمر الواقع بما هي ثقافة تبريرية تفتقر إلى البعد التحليلي والبعد النقدي.

 

إن استقراء تاريخيا لوضع الثقافة في العقود الأخيرة وفقا لمعطيات متعددة يكشف عن تراجع للاتجاهات العقلانية وافساح المجال لاتجاهات لا عقلانية ترتد إلى الماضي والموروث والتمسك بهما دون محاورة أو اجتهاد أو تجديد مما أفرز انتعاش النزعة الوثوقية ذات الفكر الاطلاقي الغير قابل للنقاش أو النقد أو الفحص أو المراجعة وهو ما جعل العقل الثقافي يتراوح بين قطبين: النزعة الكلية الاحتوائية للفكر الرسمي والنزعة الدغمائية الظلامية اللاعقلانية.

 

إن ما يؤكد فشل الثقافة يتمثل في انتعاش النزعة اللاعقلانية وفي فشل اساليب التربية والتعليم الذي لم يتمكن من أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في تثقيف المواطن واعداد الاجيال لتحمّل أعباء تحديات العصر. بل لقد انحصر دور التعليم في كونه مجرّد مزوّد للكوادر الإدارية والتقنية وتطويع المواطن لقبول الواقع الراهن وعلى الرغم من الميزانيات الهائلة المخصصة له فقد تحول التعليم إلى عبئ بلا جدوى أو مردود إيدجابي لأنه غير خاضع إلى تخطيط محكم وهو ما تؤكده أفواج الخريجين الذين لم يستطع المجتمع استيعابهم وتوظيفهم في اتجاه تنمية المجتمع وتطويره.

 

أما المجال الثاني الذي يعكس وضع الثقافة فهو الاعلام الذي بقي اعلاما تابعا ومستهلكا تتمثل وظيفته في الترويج للثقافة الاستهلاكية حتى أصبحت أجهزة الاعلام بمختلف وسائلها أدوات للاختراق الثقافي والغزو الفكري وفضاءات للترويج لثقافة التهميش وتزييف الوعي وتسطيحه.

 

إن هذا الاستقراء التحليلي العام لواقع الثقافة في الدول النامية عموما يمثل مدخلا أوليا يفرض علينا رؤية وطنية عقلانية للمسألة الثقافية مستفيدين مما تحقق من انجازات ايجابية بعد مرحلة التغيير مطورين لمواطن القوة ومحاورين ومتجاوزين لمواطن الخلل عبر قوة اقتراحنا المتمثلة في المساهمة الفعلية في بلورة ثقافة وطنية عقلانية، تقدمية، حوارية، متجذرة في هويتها الوطنية والعربية مؤمنة بالتواصل الايجابي، منفتحة على الآخر وعلى العلم والتقنية والحضارة الانسانية بوجه عام.

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 529 بتاريخ 23 ديسمبر 2006)


إلى متى سيبقى الوالي رئيسا للمجلس الجهوي؟

عادل القادري

 

عند الحديث عن التنمية الجهوية في تونس يجدر التمييز بين ما تقوم به الدولة لفائدة الجهات وهو مما لا يمكن إنكار أهميته، وما تقوم به الجهات لتنمية نفسها بنفسها وهو شبه منعدم. فعندما تقع الإشادة بالتنمية الجهوية وأرقامها والميزانيات المخصصة نكاد لا نسمع إلا إنجازات الدولة : الدولة خططت ، الدولت منحت، الدولة ساعدت، الدولة مولت، الدولة أحالت، الدولة وازنت، الدولة أقرضت، الدولة أشرفت، الدولة تكفلت، الدولة فاضلت… والولاية كجماعة محلية شأنها في ذلك شأن البلدية، لا حول لها ولا قوة ، باستثناء ترسانة قانونية هائلة في مجال الجباية المحلية( مجلة الجباية المحلية لسنة 1997) لا يقابلها إلا النزر القليل من العائدات بسبب التهرب الجبائي الذي لا يفوق منه المحلي الوطني، إلى جانب بعض التفويضات والصلاحيات المتعلقة بالتصرف في الأملاك العمومية الموكلة إليها.

ولا شك أن إعطاء المجالس الجهوية والمجالس البلدية حرية واستقلالية أكبر ، قد يخلق في البداية بعض الاضطراب والخلل والتجاوزات (الموجودة بدونها)، ولكنه بالتأكيد سيجعلها تدريجيا أكثر مسؤولية أمام منظوريها من المواطنين المتساكنين، ويجعل هؤلاء أكثر مسؤولية ورقابة ومتابعة ومحاسبة إزاءها وتجاه أنفسهم.

وإذا كانت الدولة قد وثقت في الأفراد والشركات الخاصة الوطنية والأجنبية بتفويتها في العديد من المؤسسات العمومية والتنازل عن جزء هام من قرارها الاقتصادي الوطني، فحري بها أن تثق في الجماعات المحلية ومجموع المواطنين في تسيير مصالحهم المحلية المباشرة(الفصل 71 من الدستور ينص على ممارسة الجماعات المحلية للمصالح المحلية). ومن المعلوم أن اللامركزية تضمن توازنا أفضل بين الخدمات العمومية والحاجات المحلية ومتطلباتها الخصوصية، كما تسمح بتحميل المسيرين المحليين كامل مسؤولياتهم، مثلما قد تدفع إلى نوع من التنافس الإيجابي بين الجماعات المحلية مع تحفيزها و تفعيل نجاعة ما تبقى من القطاع العمومي.

وإذا كانت التنمية الذاتية غائبة ببلادنا في المستوى الجهوي والمحلي فذلك لأنها تفتقر في اعتقادنا لأهم مقومات الإدارة الذاتية وهي الاستقلالية والتوزيع الواضح غير المتداخل للصلاحيات بين الدولة والجماعات المحلية. فالتنمية الجهوية ليست مجرد مسألة اقتصادية أو تضامنية (مع تأكيدنا على أهمية ضمان التوازن وتقليص الفوارق المزمنة بين الجهات الساحلية والجهات الداخلية) بل هي كذلك مسألة سياسية وديمقراطية ومدنية بامتياز، خصوصا وأنها تسهم في التقليص من تركيز السلطات (غير التشريعية بطبيعة الحال في دولة مركزية) وتفصل بينها، وتمنع شلل الأطراف وتضخم المركز.

وهاجسنا هنا ليس مستوى تمثيلية الأحزاب السياسية والتعددية داخل المجالس الجهوية التي حاولت التنقيحات القانونية الأخيرة مراعاته ، بل في كون هذه التنقيحات لم تضمن استقلالية المجلس الجهوي ككل وتمتعه بمشمولاته كاملة دون تداخل مع صلاحيات الدولة وممثليها وعلى رأسهم في المستوى الجهوي السيد الوالي.

وفي هذا السياق لا بد من التذكير بمبدأ أساسي كثيرا ما يقع تجاهله في تونس وهو أنه لا سلطة إشراف على هيئة منتخبة. وهذا ما لا يوفره الإطار التشريعي الحالي لمجالسنا الجهوية (تماما مثل المجالس البلدية)، حيث تخضع المجالس الجهوية لأحكام القانون الأساسي للمجالس الجهوية (عدد 11 لسنة 1989 المؤرخ في 4 فيفري 1989 ) الذي ينص على الصفة المزدوجة للولاية كدائرة ترابية إدارية للدولة وكجماعة محلية تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلالية المالية، مثلما أن للوالي وظيفة مزدوجة كأعلى ممثل للدولة في الجهة وكرئيس للمجلس الجهوي.

ومن دون مبالغة، يمكن القول بالنظر إلى القانون الأساسي للمجالس الجهوية أن الوالي في الجهة هو كل شيء، وأن المجلس الجهوي هو تقريبا لا شيء، باستثناء رئيسه طبعا ، ودون نسيان اليد العليا (كسلطة إشراف ) لوزير الداخلية في هذا المجال. و المفارقة الكبرى المستمرة أن القانون المذكور في فصله السادس لا يسمح بالتصويت لرئيس المجلس الجهوي وهو السيد الوالي باعتباره عضوا غير منتخب ، ولكنه رغم ذلك يسمح له في هذا الفصل و بقية الفصول بأن يكون سيد الموقف والقرار والتمثيل لهذه الجماعة المحلية أو بالأحرى شبه المحلية .

 

فالوالي الذي يتم تعيينه من طرف السلطة التنفيذية المركزية ، هو الذي يترأس جلسات المجلس الجهوي كما يترأس مكتب المجلس (تنقيح 1993 ) ويترأس مكتب إجراء البتات العمومية ، وهو الذي يعين الأشخاص ذوي الخبرة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية لحضور الجلسات التي يحق له وحده تقرير عموميتها أو سريتها(الفصل 14 ) ، وهو الذي يدعو إلى انعقاد المجلس في دوراته الأربع الوجوبية ودوراته الاستثنائية . كما يؤخذ رأيه من طرف وزير الداخلية حين يقرر حلّ المجلس الجهوي وتوقيفه مؤقتا (الفصل 9 ). ولا نعلم إن كان الوالي يستشار هنا بصفته الأولى أم بصفته الثانية والأكيد أنها الأولى (كممثل للدولة) إذ لا يعقل أن تقع استشارة رئيس جماعة محلية عند حلّها وهو على رأسها. إذ لا يمكن أن يكون الخصم والشاهد والحكم، وهذه مشكلة أخرى تريد حلا !! لا يبدو متوفرا في الفصل 10 من القانون الأساسي للمجالس الجهوية الذي ينص على رئاسة الوالي للنيابة الخصوصية التي تقوم بنفس وظائف المجلس في صورة حله. ويمكن القول هنا أيضا إن الوالي ينوب نفسه !! ولا علاقة لهذه الصيغة الجهوية من النيابة الخصوصية بأختها المتعلقة بالبلديات المتمتعة على الأقل بانتخاب رئيسها من طرف أعضاء المجلس البلدي. والتي يمكن من خلالها للسيد المعتمد (ممثلا للدولة) أن يحلّ مكان رئيس البلدية وهو مرتاح الضمير !!

والوالي هو كذلك الذي يقرر باسم المجلس الجهوي منح رخص إشغال الملك العمومي للولاية (كجماعة محلية) و هو الذي يسلّم رخص التصفيف الفردية والرخص المتعلقة بالطرقات التابعة للملك العمومي للولاية بالمناطق غير البلدية وكذلك رخص التقاسيم والبناء وتحوير البناءات أو إصلاحها بدائرة الولاية خارج مناطق نفوذ رئيس البلدية في هذه الميادين (الفصل 29 ) كما أن للوالي بصفته رئيسا للمجلس الجهوي سلطة معاينة المخالفات لقرارات التصفيف والتسوية للطرقات وفي ميدان البناء …

والواضح أنه ليس للمجلس الجهوي خارج نطاق رئيسه أي سلطة تنفيذية كما يؤكد ذلك الفصل 33 من القانون الذي يجعل من مشمولات الوالي اتخاذ القرارات لغاية تنفيذ مداولات المجلس الجهوي . ويمكن للوالي بصفته رئيسا للمجلس الجهوي أن يفوض إلى الكاتب العام للولاية جانبا من وظائفه في تنفيذ مقررات المجلس الجهوي.

والسيد الوالي ( عفوا) بل السيد رئيس المجلس (حسب الفصل 39 ) هو الذي يتولى إعداد مشروع ميزانية الولاية ويعرضه على اللجان المعنية للدرس، ثم على المجلس للمداولة والبت. وهو المكلف بتنفيذ الميزانية وهو الذي يأذن بصرف الاعتمادات. كما يسهر على استخلاص الأداءات والمعاليم الراجعة للجماعة المحلية (العمومية في نص القانون).

والأهم من كل ذلك أو الملخص لكل ذلك، نجده في الفصل 41 الذي يقول فعلا القول الفصل حيث يمثل السيد الوالي بصفته رئيس المجلس الجهوي الولاية كجماعة محلية في كل الشؤون والأعمال ( ولنلاحظ جيدا كل الشؤون والأعمال) المتصلة بنشاط المجلس.

ويزيد الفصل 48 لرئيس المجلس الجهوي أهلية إبرام الصلح مع الخصوم في المادة المدنية والإدارية بعد مداولة المجلس وموافقة وزير الداخلية. ونعتقد أن تلك الأهلية ولئن كانت قانونية (حسب قانوننا الجاري به العمل) فهي غير منطقية وتفتقد إلى مشروعية التمثيل للجماعة المحلية المسماة عندنا الولاية ومجلسها الجهوي.

وحين يتم الحديث في تونس عن عقود برامج بين الدولة والمجالس الجهوية، يمكن أن نتساءل عن مشروعية صيغ التعاقد بين الطرفين،إذا كان المسؤول الأول الممثل للدولة المتعاقدة مع المجلس الجهوي هو نفسه المسؤول الأول عن المجلس المتعاقد معه. فهل ستعطي الدولة باليد اليمنى لتأخذ باليد اليسرى واليدان لشخص واحد نسميه في تونس السيد الوالي ( مع كل التفويضات الموكلة إليه من مختلف الوزراء ) وهو في نفس الوقت السيد رئيس المجلس الجهوي؟!!

ولا جدوى من التذكير بمركزية القرار الأخير في التحكيم والمفاضلة بين مشاريع المخططات الجهوية للولايات المختلفة.

 

ويبدو جليا من خلال أغلب الفصول القانونية التي أشرنا إليها وغيرها، بصرف النظر عن الظلال السياسية الواقعية المحيطة بها والمعروفة من الجميع، أن الوالي ليس مجرد رئيس للمجلس الجهوي فحسب، بل يمكن أن يقرر بدلا منه متى أراد ذلك وإلا فإن الحلّ موجود وهو أيضا بيد السيد الوالي أو وزير الداخلية وليس من أنظار القاضي الإداري.

صحيح أن الفصل 15 يوحي بدور ما لبقية أعضاء المجلس حين ينص على أخذ مقررات المجلس في كل الحالات بالوفاق (وأي وفاق!!) كما يسمح في صورة عدم حصول هذا الوفاق بإمكانية طلب ثلث الأعضاء الحاضرين اللجوء إلى التصويت، لاتخاذ المقررات في هذه الحالة بالأغلبية. ولكن في صورة تساوي الأصوات يتعين على الوالي اتخاذ القرار الملائم.

و عادة ،في كل المجالس والهيئات، يرجح صوت الرئيس عند تساوي الأصوات، ولكن الإشكال الدائم في حالتنا هذه، أن الرئيس، و هو السيد الوالي، لا يحق له التصويت، كما شدد على ذلك الفصل 6 المشار إليه أعلاه ، وحتى لا نظلم هذا الفصل رغم اختلاله ، وحتى لا يساء فهمنا، يتعين التوضيح أننا نرى ـ على ضوء هذا الفصل بالذات ـ مدخلا لتنقيح الفصل الأول الملتبس من قانون المجالس الجهوية وبقية الفصول المتعلقة بازدواجية وظيفة الوالي وصفة الولاية.

وهنا لا مناص من التأكيد أن ترسيخ الوعي التشاركي المحلي لدى المواطن التونسي وتعزيز ديمقراطية الجوار لا يمكن أن يتحقق من فراغ ولا يمكن أن يتطور في إطار قانوني مبهم ومختلط ، على النحو الذي يجسمه التشريع التونسي المولع بتقليد النموذج الفرنسي بطريقة انتقائية وملتبسة ومتأخرة حتى وإن لم يكن أنسب النماذج المتعلقة بالجماعات المحلية بالنسبة لنا، لا سيما وأنه من مستويات ثلاثة عندهم (البلدية والولاية والإقليم) في حين أنه ذو مستويين فقط عندنا ( بلديات وولايات).

واعتبار لما تقدم، وسعيا إلى التقدم، يمكن اقتراح تنقيح القانون الأساسي للمجالس الجهوية بما يضمن :

ـ تفادي الخلط بين هيكل تابع للدولة و جماعة محلية وإحداث مصطلح قانوني جديد للجماعة المحلية المسماة عندنا الولاية يمكن أن يكون ( الجهة). مع إبقاء تسمية الولاية للدائرة الترابية الإدارية الحاملة لهذا الاسم.

ـ انتخاب رئيس المجلس الجهوي من طرف أعضاء المجلس الجهوي على غرار انتخاب رئيس البلدية من طرف أعضاء المجلس البلدي.

ـ بقاء الوالي بصفته الممثل الأول للدولة في الجهة كعضو في تركيبة المجلس الجهوي لا يحق له التصويت، مع المحافظة على كامل مشمولاته الأخرى (واجب الإعلام وغيره من المسائل المتعلقة باحترام المحاسبة العمومية والتراتيب والأمن العام ) بما يحفظ المصلحة العامة ومشاريع الدولة في الجهة.

ـ إحداث مقر آخر خاص بالمجلس الجهوي لا يكون مقر الولاية، و الأرجح أنه سيكون أكثر انفتاحا وتفاعلا مع المواطنين.

ـ إعادة النظر في وضعية المجالس القروية وتمثيلها في المجلس الجهوي .

ـ إعطاء المجالس الجهوية وكذلك المجالس البلدية الاستقلالية المطلوبة إزاء الدولة ضمن الصلاحيات التي يعطيها إياها القانون بعد تنقيحه وتوسيع تلك الصلاحيات في المسائل الاقتصادية والاجتماعية (السكن ، التعليم ، الصحة، النقل، التهيئة الترابية…) ، وتكون المراقبة ومرجعية أي خلاف بينها، بيد القضاء الإداري أو مجلس الدولة.

فإن لم يكن ذلك ، ولكي نضمن شيئا من المنطق القانوني والسياسي في لامركزيتنا، يستحسن أن ننزع صفة الجماعة المحلية عن الولاية فتتخلص هي والسيد الوالي من صفتيهما المزدوجتين، ونكتفي كبعض البلدان (مثل البرتغال) بمستوى واحد من الجماعات المحلية وهي البلديات ، مع تمكينها من صلاحيات كاملة غير تفويضية وغير خاضعة لسلطة إشراف إلا القانون.

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 528 بتاريخ 16 ديسمبر 2006)

 

 


« سايكس بيكو » و »الشرق الأوسط الكبير ».

 

     اتفاقية »سايكس بيكو »هي التي عقدتها الدول الاستعمارية لاقتسام مناطق الشرق الأوسط التابعة للامبراطورية العثمانية.عُقدت تلك الاتفاقية في السرية التامة بحيث لم يعلم بها أحد في كل العالم العربي.وعقدت تلك الاتفاقية حين كان الشريف حسين يصدق وُعود حلفائه البريطانيين بقيام مملكة عربية تشمل الجزيرة العربية مع المناطق العربية التابعة للعثمانيين. حارب الشريف حسين مع البريطانيين آملا في تحقق الوعد الانڤليزي، لكن في الواقع كان البريطانيون يعملون لاقتسام المناطق العربية حسب ما كان في اتفاقية سايكس بيكو. ووقع بالفعل الاقتسام الاستعماري لتلك المناطق وبقي الشريف حسين في جزيرته العربية مع آماله المغدورة. لم يسمع أحد بتلك الاتفاقية إلا بعدما سقط القيصر الروسي فوجد البلاشفة وثيقة الاتفاقية في المقرات المحروسة لسلطة القيصر المنهارة وأخرجوها للنور.

     هذا ما حدث بالأمس… واليوم ها هو بوش رئيس الدولة الأمريكية ،أقوى الدول مالا وتقنية وعتادا مدمرا، وخبثا وكذبا بطبيعة الحال، يعلن بالصوت العالي أن له مشروعا للشرق الأوسط .

     هل يوجد لديه حقا مشروع ما لهذه المنطقة من العالم؟

     أمريكا ، هذه الدولة الأعظم لا تترك مكانا على الأرض بدون تدخلاتها وبدون مشاريعها للسيطرة والاستغلال. والشرق الأوسط له من المكونات الجامعة ما قد يكون سببا أو شرعة لوجود مشروع خاص به: هذه المنطقة من العالم تمثل أكبر خزان للنفط ، وهي منطقة متخلفة ، وهي منطقة تمثل الحزام الغربي للقوى الآسيوية الصاعدة كما تمثل الحزام الجنوبي للقوة الأوروبية أيضا فهي تمثل في حرب محتملة بين أمريكا وهذه القوى الآسيوية والأوروبية خلفيّة أو ظهر القوى المواجهة لأمريكا، وهي أيضا تجتمع مع إسرائيل في وحدة عدائية لها جذور تاريخية ودينية ، وهي منطقة لا يجمعها انتشار الدين الإسلامي فقط بل تواجد وتنامي حركات دينية سلفية تظهر العداء للآخر وتعتمد فكرا وأخلاقا ولحافا موروثا من القرون الوسطى إلخ… هذه المنطقة حسب النظر الإستراتيجي للدولة الأمريكية لا ينبغي لها أن تخرج من التخلّف لأن التخلّف لا يضمن تواصل استغلال خيراتها وشعوبها فحسب بل يضمن أيضا تواصل استعمال مقدراتها المادية والبشرية والاستراتيجية في سباق الهيمنة بين أمريكا وآسيا  وأوربا.

      أن يوجد مشروع أمريكي للشرق الأوسط، فهذا من طبائع الأمور. يبقى السؤال الذي يعنينا هنا : هل وضع الأمريكيون لسياستهم مشروعا جديدا حقا أم هم يواصلون مشاريعهم السابقة؟

     إن ما نسمعه من حديث بوش حول مشروع للشرق الأوسط الكبير إنما يمثل رسالة إعلامية ودعائية وخطابا مسرحيا ،ولا يمثل بأية حال من الأحوال حقيقة المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط تلك الحقيقة التي ستبقى سرية ومخفية مثلما كانت عليه اتفاقية سايكس بيكو. كل الوثائق والتصريحات المعلنة للعموم حول المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير لا تعني إذا، وفي أحسن الحالات، ،شيئا أكثر من تلك الوعود الكاذبة التي أرسلها الاستعمار البريطاني للشريف حسين…

     علينا إذا وبادئ ذي بدء أن نميّز بين ما يعلنه القادة الأمريكان وبين ما يخططون له حقّا .

     هل نلتمس عذرا للعرب وللشريف حسين لتصديقهم الوعود البريطانية بما أنهم  كانوا قليلي الاختلاط بعالم الغرب وبعلومه وتقنياتة و »فنونه » السياسية والإعلامية؟ لقد كان الشريف حسين محاطا بحاشيته التي كانت بالفعل تتقن الولاء والمبايعة أكثر من إتقانها للنقد والصّدق وكانت تتقن النقل والتقليد والترديد أكثر من إتقانها للبحث والدراسة ؛ لكن لم يكن، وقتذاك ،يوجد بين العرب ملايين من حاملي الشهائد العليا ومئات الآلاف من المتخرجين من الجامعات الأوروبية والأمريكية ولم يكن يوجد لديهم جيش من الصحافيين المهنيّين بكل صحفهم  وكل قنواتهم الفضائية وكل اتصالاتهم الاستخباراتية مثل تلك التي مكّنت قناة الجزيرة من « اكتشاف » حديث دار بين الأمريكان والبريطانيين حول قصف مقرها في قطر!؟

    هكذا إن وجدنا عذرا للشريف حسين وعرب عصره فإننا نخجل من تلمّس الأعذار لعرب اليوم ولقناة الجزيرة وأمثالها… عليهم أن يكتشفوا المشروع الأمريكي الحقيقي حتى يتمكّنوا من فهم المشروع الأمريكي المعلن في أبواق الدعاية.

    ما زال العديد من العرب يُصدقون المعلن ويتقاعسون عن البحث فيما يُهيَّأ سرّا، يُتابعون الدعاية الأمريكية وأقوال بوش ويُكثرون من الثرثرة حولها ولكنهم يعجزون عن اكتشاف حقيقة المصالح الأمريكية والمشاريع والاتفاقيات الحقيقية التي تُخفَى في السرّ وتمرّ تحت الطاولات وداخل العباءات وتحت العمائم.

   لقد بلغ العجز بالإعلام العربي حدا صار معه الردّ على الأمريكان ردّا أعمى . فعوضا عن اكتشاف البرنامج الأمريكي الحقيقي لفصله عن المسرح الإعلامي الأمريكي، صار العديد من العرب يكتفون بالرّفض الأعمى لكل ما يصدر في المسرح الإعلامي الأمريكي، وصار الأمريكان يعتمدون على هذا العماء في الإعلام العربي لكي  يعامِلونا كما يعامَل الأطفال في سنّ الثانية والثالثة من العمر. فإن أرادوا أن نَلبس السواد، قالوا سنُلبسكم الأبيض، وإن أرادوا لنا مزيدا من الاستبداد قالوا سنحمل لكم الديموقراطية وإن أرادوا لنا الاستمرار في التخلف والظلام قالوا سنأتي لكم بالحرية والحداثة وسنقضي على الإرهاب الإسلامي…

    لقد أطنب الإعلام الأمريكي في الحديث عن عداء أمريكا لإيران لكن الجيش الامريكي ضرب في العراق أولا.وقد أطنب الإعلام الأمريكي في الحديث عن عداء النظام السوري لكننا نشاهدهم يسبقون إلى تحطيم بلد الحرية والديموقراطية الوحيد بين العرب : يحطمون لبنان من جديد… يصرخون بصوت عال : إننا نمد الجيش العراقي بالسلاح ويسلّمون السلاح أيضا للجيش الإيراني في جنح الظلام …يصرّحون بمساعدتهم للحكومة الصّومالية المؤقتة أو أمراء الحرب في الصومال لكي تنتصر المحاكم الإسلامية في هذا البلد…إنها الحرب النفسية، إنه نفس الأسلوب الذي يوجه به الأطفال في سن الثانية والثالثة.. ذلك أسلوبهم أما نحن فعلينا أن نغادر طفولتنا أولا.

    بعد مشروع الشرق الأوسط الكبير وبسرعة مذهلة أصبحنا نسمع حديثا عن مشروع الشرق الأوسط الجديد، فما الجديد في المشروع الجديد؟ إنما الخطاب الإعلامي هو الذي يتجدد كل يوم وكذلك المغالطات والحرب النفسية والأوامر المقلوبة…. إن المتتبع لأقوال بوش وأولمرت وأمثالهم يلاحظ بسهولة إتقانهم للخطاب المزدوج: فنفس الكلام الذي ينطق به بوش مثلا يُفهم بطريقتين مختلفتين وله مقصدان مختلفان في الظاهر .. يُفهم الخطاب المزدوج داخل أمريكا بشكل ويفهم في العالم الإسلامي بشكل آخر ، يفهم بين المسيحيين بشكل ويفهم بين المسلمين بشكل مخالف ، يفهم لدى الرأي العام الدولي بشكل ويفهم عند العرب بطريقة أخرى.. وكل ذلك مقصود ومخطط له .. فبوش مثلا حين تحدث عن حرب صليبية جديدة أراد إبراز مدى غضبه ونقمته، بسبب هجوم 11سبتمبر، أمام شعبه وأمام المسيحيين وأمام العالم، وهو في نفس الوقت وبنفس العبارات يستنهض المشاعر الإسلامية المحاربة لكي تتأصل حركات الجهاد الإسلامي وتزداد سيطرتها على عالمينا العربي والإسلامي وتتأكد بالتالي عوامل الاحتراب الطائفي والدمار المادي والحضاري في ربوعنا. إن بوش وأمثاله، حين يتحدثون عن محاربة الإرهاب وضرورة توقف مدارسنا عن تدريس الآيات القرآنية التي تنادي للجهاد أو قتل الآخر أو غزو أوطانه  أو استعباد أهله أو افتكاك أملاكه،إنما يُرسل خطابا مزدوجا: فهو يبرز نفسَه كمدافع عن الحضارة والديمقراطية وكنقيض للإرهاب » الإسلامي » أمام شعبه وأمام الرأي العام الكوني ، وهو في نفس الوقت وبنفس العبارات ونظرا لعلاقة العداء القائمة بينه وبين الشعوب العربية والإسلامية يستثير رد ّالفعل الدفاعي داخل المسلمين و يسعى بذلك لرفع شعبيّة الحركات الإسلامية السّلفية ولتحقيق التفاف شعوبنا حولها لأنه بهذا الشكل تتحقق مصالحه في انتشار الاحتراب الطائفي والتدمير الذاتي الفكري والمادي بيننا.

   تتفنن أجهزة الإعلام عندنا في التشكّي من الأمريكان المجرمين والصهاينة العنصريين وتُمضي الوقت الطويل في عرض الأمثلة التي لا تحصى ولا تُعدّ لاعتداءاتهم على شعوبنا في فلسطين والعراق ولبنان.. لكنها لا تتحدث حول أخطر ما قد يُخططون له : لا تتحدث حول ما قد يفعلونه وينسجونه سرّا وعلانية من أجل إحلال الطائفية  بما يتبعها من تخلّف ودمار في ربوع أوطاننا .. وها نحن نرى ما بدأت  » تُثمره »  هذه المشاريع الجهنمية… بل أكثر من ذلك فإعلامنا المتخلّف يُنكر أن تكون أمريكا العدوانية قادرة على التخطيط للحرب الطائفية في العراق أو على إدارتها ..

     ما نسمعه من ردود على المشاريع الأمريكية المعلنة لا يتجاوز الردّ العاطفي : المشروع يعادينا .. المشروع سيُفقدنا هويتنا ويُدمر ثقافتنا إلخ…

   لا بد من التساؤل هنا : أليس التمسك بالهوية وخاصّة بجوانبها الدينية السلفية والقبَلية والمذهبيّة عاملا من عوامل الاحتراب الطائفي والقبَلي الذي يحطم وحدة الشعب ويُضعف طاقاته للمقاومة؟ أليس الاحتراب الطائفي عنوانا من عناوين البرنامج الحقيقي للقوى العظمى المهيمنة علينا والمتحكمة بمصيرنا؟

    أطلب من القارئ الكريم أن يتساءل ، حين يسمع الإعلام الواسع ذي القلب « الأمريكي »وذي الشكل « الإسلامي » يردد: وا إسلاماه … وا هويتاه … وا ثقافتاه… أن يتساءل: أيّ شعب في أيّ زاوية من زوايا المعمورة شيّد حضارة معاصرة فصار لها مكانُها بين الأمم المتقدمة بالاعتماد على هذا الدين وهذه الهوية أو هذه الثقافة …؟ أيّ شعب من الشعوب في العالم الإسلامي ارتدّ إلى العصبية الدينية والقبَلية ولم يُلاحقه التخلّف المادي والفكري أو الاحتراب الطائفي والدمار الحقيقي؟ أيّ شعب تقدّم بغير اعتماد العقلانية والعلم ومن دون بناء وحدته على أركان الحرية والمساواة؟ لست بهذا الكلام أتّهم الإسلام طبعا … فالإسلام ليس عليه أن يكون منطِقا وعِلما وعَدلا في القرن السابع الميلادي وسط قبائل الجزيرة العربية ووسط عاداتهم و معارفهم المحدودة. بل إنه على المسلمين اليوم أن يفهموا عصرَهم ويطوّروا إيمانَهم وثقافتَهم ويعدّلوا خطابَهم وأحاسيسهم. عليهم أن يتمثلوا بإنسان اليوم: فإنسان اليوم هو الذي ينشر المحبة ويعتقد بقيم الحقيقة والمساواة .

    كيف يكون مشروع الشرق الأوسط الكبير من وجهة النظر والمصلحة الأمريكية والصهيونية؟ يكون كما ألمحت سابقا مشروعا لِجذْب عالمنا المتخلف إلى الخلف .. يكون بِمنعه من اللّحاق بركب الحضارة .. يكون بِمنعه من كسب العقلانية والحداثة والعلم والتّقنية…كل هذا لكي تتواصل عملية استغلال شعوب الشرق الأوسط ولكي تتواصل عملية استعماله في النزاعات والسباقات القائمة بين القوى العظمى: أمريكا وأوربا وروسيا والصين والهند…هذا هو الهدف العام لمشروع الشرق الأوسط لكنه طبعا له عناوين فرعية عديدة ، قد يكون أحدُها متمثلا في السيطرة على مصادر الطاقة البترولية، وقد يكون أحد العناوين متمثلا بإنجاز تخلّف مريع وسيطرة واسعة للإسلام الأصولي السلفي والحركات الإرهابية والقبَلية ممّا قد يهيئ لاستعمار مباشر لكل مناطق الشرق الأوسط الكبير بواسطة الجهاز العسكري الأمريكي أو في إطار اتفاقية اقتسام كاتفاقية سايكس بيكو… وقد يكون أحد العناوين أيضا وهو أسوأ ما قد يخطّطون له متمثلا بالعمل الطويل لإنعاش الطوائف الشيعيّة بحيث يتقارب نفوذها مع نفوذ الطوائف السنّية ويأخذ الصراع الطائفي حجمَه التاريخي الرهيب…وقد يكتفي المشروع بتخطيط قُطري محلّي لعملية التدمير : فيُدمَّر هذا البلد ثم يفُرض فيه « السلم والاستقرار » لمدّة، ثم يعود إلى عملية التدمير من جديد. مدّة « الإستقرار » تنتهي بمجرد عودته إلى الطموح الحضاري أو بمجرد تجميع طاقاته للبناء والتحدّي. إن كان الاستعمار الفرنسي حقّق استقرارا في الجزائر، خاصّة في فترته الأولى، فإن الإستعمار اليوم يبدو أنه قد اتخذ منهجا دائريا يبدأ بإحداث الفوضى وتشجيع التخلف والاحتراب الداخلي ثم يواصل بالتدخل العسكري لفرض « الاستقرار والأمن والتحضّر » الذي يمكّنه من إنجاز عمليات الاستغلال والتسلّط التي تتطلب حدّا أدنى من الأمن والاستقرار، وبعد ذلك يعود في حركة دائرية إلى نشر الفوضى من جديد . هكذا وبهذا الشكل قد يكون مشروع الشرق الأوسط الكبير مصاغا ومتفقا عليه بين أمريكا وإسرائيل أو بين كل القوى العظمى..

    وتحت العناوين الفرعية فروع أخرى بطبيعة الحال. فتحت عنوان الجذب إلى الخلف ونشر الطائفية والتخلف مثلا سنجد عناوين أصغر: أن تعتمد مدارسُنا أسلوبَ الشّحن المذهبي الإسلامي السّلفي عِوضا عن ترك الحريّة لأبناءنا في اختيار قناعاتهم …أن لا يَسمح حكامُنا بانتخابات ديمقراطية إلا عندما وحيثما يتبيّن للأمريكان والصهاينة أن الانتصار سيكون لصالح قوى الردّة والتخلف…أن يصنع حكامُنا بواسطة المدرسة والإعلام الرسمي جيوشا جرارة من الأصوليين السّلفيين وأن يواجهوا هاته الجيوش بالقمع حتى يتصلّب عودُها وتتعدّد بطولاتها … أن يَمنع حكامنا حمل الخمار بالقانون ورجال الأمن ويمنعوا أيضا وفي نفس الوقت الحوارَ الوطني في مسألة حمل الخمار… أن يمنعوا مُسلما صادقا من العبور لمقاومة الإحتلال الأمريكي في العراق ويمنعوا في نفس الوقت الحوار حول قضية الجهاد : هل يجوز بدون حضور النبي وبدون قيادته له؟…

     حتى آراء حسن الترابي الأخيرة اتفق حكامُنا على منع الحوار حولها … كيف اتّفقوا ؟ من وحّد كلمتهم هذه المرّة ونحن نعتقد أن الجامعة العربية و المؤتمر الإسلامي أيضا عاجزان عن ذلك ؟ قناة الجزيرة التي تتحدّاهم وتتحدى كل أعضاء الجامعة العربية وكل أعضاء  المؤتمر الإسلامي وكل قيادات الغرب أيضا  حين تنشر ما  طاب لها نشره من فضائحهم ، أُُُسكِتت هذه المرة كما أُسكتت كل القنوات اللبنانية والعربية ؟ قد يُقتل حسن الترابي قريبا بعدما كفّره رفاقُه من زُمرة الشيوخ في السودان ، فلماذا لا يُسمح للإعلام العربي بتناول قضية آرائه حول حقوق المرأة؟ لماذا لا نرى حوارا حول هذا الموضوع يجمع بين شيوخ العادة أو المفتين الرسميين وبين رجال الفكر والمدافعين عن حقوق الإنسان وفلاسفة العقل والحضارة والحداثة من كل أقطار الدنيا ؟ هل بغير مثل هذه الحوارات يتطور الرأي ويتطور المجتمع ويتطور ويُحترم الدين والتراث والعقل؟ إنما كل هذا مرفوض في المشروع الحقيقي السرّي للشرق الأوسط الكبير.

   حين بدأت الحرب على لبنان هذه المرة ردّد الإعلام العربي مع بوش القول بأن هاته الحرب تندرج ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، بمعنى أن إسرائيل بهذه الحرب تقاوم الإرهاب الإسلامي في لبنان.ولكن إسرائيل في واقع الأمر تحطّم لبنان : مطاراته بناه التحتية مصانعه…بل أكثر من ذلك إنها تحطّم حداثته وديمقراطيّته ووحدته…ما نراه ونسمعه في كل الإعلام العربي هو بطولات حزب الله وضعف أو اندثار مصداقية كل المشاريع الحضارية والسّلمية ورموزها في لبنان.أليس هذا هو بالضبط ما يريد تحقيقه بوش والصهاينة؟ أليس هذا المعنى الحقيقي لاتصال الحرب على لبنان بالمشروع سيء الصيت؟ لماذا نصدّق الصهاينة حين يدّعون بأن هدفهم هو نزع سلاح حزب الله وليس إسقاط الحكومة وتحطيم لبنان وإعادته إلى الحرب الأهلية؟

     هناك سيناريوهات أخرى كانت تمكّن إسرائيل من إضعاف حزب الله . فلنتصور جدلا أن أمريكا وإسرائيل قبل أن تخرج سوريا من لبنان أجبراها على أن تنزع هي سلاح حزب الله هل كان النظام السوري يستطيع أن يرفض وهو الذي لم يطلق رصاصة لتحرير الجولان حتى في أيامنا هذه التي يُقتّل فيها اللبنانيون وتُدمر قدرات المقاومة؟

    إنه بقدر صدق أحاسيسنا نحو رجال المقاومة في لبنان نشعر بالواجب الذي يُملي علينا بمصارحتهم وباستيضاح الحقائق معهم… إن طريق النصر لشعوبنا لا يقفز فوق العقلانية أو الحداثة أو قيم المساواة بين البشر: كل البشر .. إن احترام الأديان يبدأ أو ينتج عن احترام الإنسان واحترام كل حقوقه.. إن الإنسان الحرّ هو الذي يحترم تراثه فلا يوظّفه في لعبة السّياسة وألعاب الاحتراب والاقتتال…إن ما قد نسمّيه « صحوة إسلامية » لم يحقّق وحدة ولا قوّة بقدر ما حقق من انقسامات طائفية ومن احتراب وتدمير…إن انتصار أي شعب على قوى الاستعمار والطغيان العظمى يتطلب مساندة كل شعوب الدنيا ويتطلب بالتالي أن يكون خطاب المقاومة خطابا إنسانيّا   وكونيّا لا أن يبقى خطابا محليّا تتحكم فيه الأحاسيس القومية والدينية الخاصة…

   هذا هو ردي على مشروع الشرق الأوسط الكبير أو « الجديد ». فعلينا أولا أن نبدأ باكتشاف ما يخطَّط سرّا لهذه المنطقة من العالم قبل أن نتلهّى بما يُنتجه المسرح والإعلام الأمريكانيان من وثائق وتصريحات لا تدلنا على الحقيقة بقدر ما تسعى لمغالطتنا ولقلب المعايير والاتجاهات والحقائق.

زهير الشرفي.    

 


يوشكا فيشر: نحن أمام زعزعة للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بالكامل

ألمانيا-مرسل الكسيبي

 

يوشكا فيشر شخصية سياسية وديبلوماسية بارزة ولامعة على مستوى العالم,سبق وأن شغل وزيراً لخارجية ألمانيا ونائباً لمستشارها من العام 1998 إلى العام 2005. وهو أحد زعماء حزب الخضر منذ ما يقرب من العشرين عاماً، ويعمل حالياً أستاذاً زائراً لدى كلية وودرو ويلسون بجامعة برينستون بالولايات المتحدة الأمريكية.

 

مايتمتع به هذا الرجل من كفاءة وحذق في التعاطي مع الملفات السياسية الداخلية وحنكة وجاذبية ديبلوماسية في التحركات على مستويات اقليمية ودولية جعله يحظى بمتابعة واحترام الرأي العام الألماني كما اهتمام واسع على مستوى النخب السياسية الفاعلة في العالم .

 

قبل فترة وجيزة كتب السيد يوشكا فيشر تحليلا سياسيا لافتا وهاما حول تطورات الوضع السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط والعالم على ضوء فشل الولايات المتحدة الأمريكية في فرض النموذج الديمقراطي في العراق ,مستخلصا أن المنطقة تعيش الان على واقع الانزلاق الى حالة من الفوضى الشديدة.

 

حاولنا في هذا التحليل تتبع معالم هذه الرؤية السياسية التي توصل اليها الوزير الألماني السابق ,من خلال الوقوف على تفاصيل دراسة كتبها لفائدة معهد العلوم الانسانية -بروجكت سينديكيت .

 

تشخيص سياسي واستراتيجي جريء بعيد عن مقتضيات الدبلوماسية :

 

كتب السيد فيشر مقيما النتائج العكسية للتدخل الأمريكي في العراق وواصفا مالات السياسة الأمريكية بهذا البلد ومحيطه الشرق أوسطي  » حين تدخلت الولايات المتحدة في العراق عسكرياً في العام 1991، كان الهدف آنذاك يتلخص في إحداث تغيير جوهري في المنطقة بالكامل. واليوم بات من الواضح أن أي جانب من جوانب هذه السياسة لم يحقق أي نجاح يذكر. وحتى النجاح الذي حققته الانتخابات الحرة في العراق بات الآن يهدد بتقسيم البلاد بدلاً من توحيدها »

 

لقد وقف فيشر في معرض تحليله للأوضاع بالمنطقة عما يتهددها من فوضى شديدة ,وهو ماانعكس لاحقا على تقييمه لمفاصل الأزمة فيها ومن ثمة رسمه لاستراتيجية عمل غربية-أمريكية وأوربية – في معالجة تداعياتها الداخلية والاقليمية والدولية.

 

جاء تحليل الوزير الألماني السابق واقعيا وصادما على مستوى التشخيص وهو مايعد في نظر المراقب المنصف سمة أساسية في الشخصية السياسية البارزة والبراغماتية للرجل ,لاسيما أن ماعرف به من مواقف أيام توليه لمنصب وزارة الخارجية يؤكد أن « فيشر الدولة  » يختلف عن « فيشر المعارضة » ,ولعل تجرده اليوم من الصفة السياسية الرسمية أتاح له قدرا عاليا من الجرأة في تحليل واستقراء مسارات ومصائر الأمور .

 

تحدث زعيم حزب الخضر السابق عن الموقف الأمريكي المحرج في العراق فكتب مشخصا » إن أكثر ما تستطيع الولايات المتحدة أن تتمناه عند هذه النقطة هو أن تتمكن من الانسحاب على نحو يحفظ لها ماء وجهها. كانت الانتخابات الأخيرة التي شهدتها أميركا بمثابة استفتاء بشأن الحرب في العراق. كما كانت نتائج هذه الانتخابات في الواقع بمثابة جدول زمني لمغادرة « محطة العراق » وانسحاب قوات الولايات المتحدة ـ قبل الانتخابات الرئاسية القادمة. »

 

وفيما يعد نوعا من خيبة الأمل في ماالت اليه السياسة الأمريكية بالمنطقة والعراق تحديدا ,كتب فيما يحمل بين السطور نفسا تشاؤميا من عمق المأزق السياسي والأمني للولايات المتحدة الأمريكية وفيما يعبر عن حالة الفراغ السياسي الذي احدثه سقوط نظام صدام حسين   » وخلف هذه النهاية المتوقعة للمهمة الأميركية الرامية إلى إحلال الاستقرار في العراق، تلوح في الأفق حرب أهلية، تهدد بالتحول إلى حرب إيرانية يخوضها العرب بالوكالة، لفرض هيمنة إيران على العراق، والخليج، ولبنان، وفلسطين. هذا فضلاً عن المجازفة الخطيرة المتمثلة في احتمال اشتعال الصراع العربي الإسرائيلي بسبب خواء القوى الحادث في العراق، وتحول العراق وأفغانستان إلى أزمة إقليمية طاحنة ».

 

لقد ذهب وزير خارجية ألمانيا السابق مذهبا أبعد من ذلك حين رأي أن مكانة الولايات المتحدة الأمريكية تراجعت على مستوى اقليمي ودولي على ضوء استتباعات فشلها في فرض النموذج الديمقراطي المأمول بالعراق ,وهو ماترتب عنه ترك المجال مفسوحا أمام قوى اقليمية أخرى :

 » على ضوء الانسحاب الأميركي الوشيك، تسعى القوى الإقليمية إلى إعادة تقييم مصالحها وأهدافها في المنطقة. ولسوف تكون القوى الفاعلة الرئيسية في هذه المرحلة إيران، وسوريا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وباكستان، وتركيا، وإسرائيل. لقد أسفرت الحرب في العراق عن خسارة الولايات المتحدة لوضعها كقوة منفردة في الشرق الأوسط، وفي أماكن أخرى من العالم ».

 

اعتبر فيشر أن الأزمة في طريقها الى افراز خارطة دولية جديدة من شأنها أن تدفع الى السطح العالمي بقوى أخرى مؤثرة في سياسات منطقة الشرق الأوسط  » ومن المنتظر في المستقبل أن تنشط قوى عالمية متعددة في الشرق الأوسط ـ الولايات المتحدة بصورة أساسية، وروسيا، والصين، والهند. ولنأمل أن تكون أوروبا بين هذه القوى، وذلك لأن أمنها يتوقف على الوضع في الشرق الأوسط. »

 

ان نتائج الحرب على العراق تبدو في تقدير صاحب الدراسة كارثية ,حيث أن حدود تأثيراتها تبدو لديه خارج الخارطة الجيوسياسية لهذا البلد ,ولعل ما تحمله كلماته بين السطور يعبر عن عمق المأزق السياسي الدولي في العراق ,اذ صارت أوضاعه الى حالة من الفوضى العارمة :  » نعتبر أنفسنا محظوظين إذا ما اقتصرت الفوضى الناشئة على حدود العراق » .

 

ملامح استراتيجية غربية لمواجهة عمق الأزمة :

 

بعد اقرار رئيس ديبلوماسية ألمانيا السابق في دراسته المشار اليها بادراك الولايات المتحدة لاستحالة انتصارها في العراق ,يحاول هذا الأخير وفي جولة مكوكية نظرية الوقوف على معالم حل أو مخرج استراتيجي من القمقم العراقي ,حيث بدأ ببيان تصور سياسي يقترحه على الولايات المتحدة من أجل الخروج من عمق الأزمة عبر طرق ديبلوماسية تهدف الى مد الجسور سياسيا مع اطراف فاعلة في مربعاتها الأمنية  » ولسوف يكون لزاماً على الولايات المتحدة أن تتوصل إلى اتفاق بينها وبين حلفائها وأن تدخل في محادثات مباشرة مع كافة الجهات الفاعلة الأخرى في محاولة لإيجاد إجماع إقليمي جديد ».

 

ان الدولة الأعظم في تقدير الوزير الألماني تبقى في سباق مع الزمن ,فكلما تأخر الانجاز في تنزيل الاستراتيجية المقترحة الجديدة ,كلما تقلصت حظوظها في النجاح في معالجة تداعيات هذه الأزمة الدولية « فمع كل يوم يمضي , يزداد موقف أميركا في المنطقة ضعفاً على ضعف، وتصبح احتمالات النجاح في تبني إستراتيجية سياسية جديدة في المنطقة أبعد منالاً. »

 

بل انه يمضي في بيان محور الخطر الأكبر الذي يتهدد منطقة الشرق الأوسط ومساحات عربية واسلامية أوسع في ظل ماتمتلكه ايران من قدرات نووية وثروة باطنية , فيفصل في بيان هذا الخطر من أجل توضيح معالم استراتيجيته المستقبلية  » إن الخطر الأعظم الآن يأتي من جهة إيران، المستفيد الأول من خواء القوى في العراق. والحقيقة أن إيران تتحرك وفقاً لطموحات الهيمنة التي تسعى إلى فرضها عن طريق قدراتها العسكرية، واحتياطياتها من النفط والغاز، وبرنامجها النووي، وتأثيرها الواضح على الشيعة في كافة أنحاء المنطقة، هذا فضلاً عن جهودها الرامية إلى قلب الوضع الراهن في العالم العربي الإسلامي رأساً على عقب. »

 

وفي مقابل عناصر القوة الايرانية المشخصة في الدراسة فان لايران وبحسب خبرة الديبلوماسي المرموق نقطة ضعف مركزية تكمن في عزلتها النسبية واستنادها الحصري الى محور سوريا حزب الله في مقابل محاولات التفاف اقليمي واسع على نفوذها المتصاعد بالمنطقة ,اذ يرى السيد فيشر في تشكيل استراتيجية أوربية أمريكية تقوم على أرضية النفوذ السياسي بدل التدخل العسكري أو تغيير الأنظمة ,حلا ممكنا من أجل الالتفاف على هذا النفوذ وتدعيم عنصر الاستقرار الاقليمي وهو ماكان واضحا من خلال رؤية مركزة لخصها في ثلاثة محاور  » ولابد وأن تشتمل هذه الإستراتيجية على المحادثات المباشرة، والضمانات الأمنية، وتقديم الدعم فيما يتصل بالتكامل السياسي والاقتصادي ».

 

من جهة أخرى فان فيشر لايفصل بين هذه الاستحقاقات التي ينبغي أن تتمتع بها الأطراف الاقليمية المتجاوبة مع هذه الرؤية ومنطق التهديد بفرض العزلة على من يحاول زعزعة الاستقرار الاقليمي ولاسيما في محوره العربي الاسرائيلي.

 

ان الاستراتيجية الأوربية الأمريكية المقترحة تسير وفق أربع نقاط لانرى أحسن من السياسي والديبلوماسي نفسه في التعبير عنها حين كتب ملخصا خبرة رحلاته المكوكية بين برلين وعواصم اقليمية ذات علاقة بتداعيات أزمة العراق  » إن أي سياسة جديدة في التعامل مع الشرق الأوسط لابد وأن تركز بصورة أساسية على أربعة جوانب: 1) تقديم عرض شامل إلى سوريا يتضمن فك الارتباط بينها وبين إيران وتسوية كافة نزاعاتها المعلقة؛ 2) الدخول مع إيران في محادثات مباشرة بشأن التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين؛ 3) مبادرة حاسمة وواقعية تهدف إلى حل الصراع العربي الإسرائيلي؛ 4) إيجاد إستراتيجية أمنية إقليمية تتمحور حول نشر الاستقرار في العراق وأفغانستان. »

 

لقد تجول أستاذ جامعة برينستون الأمريكية فيشر بين تشخيص معالم أبرز أزمة اقليمية وعالمية تشهدها المعمورة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أو منذ الاحتلال الأمريكي للفيتنام, وقدم بلاشك رؤية استراتيجية في محاور حل سياسي بديل ,وهو ما يبدو رؤية منسجمة بأقدار بارزة مع تقويمات لجنة بيكر وهاميلتون لمفاصل الأزمة العراقية ,ولكن يبقى السؤال المطروح فيما اذا كانت استراتيجية فيشر ستعرف طريقها الى التطبيق أم أنها ستصطدم بتجاذبات اختلاف مصالح أوربا الصاعدة سياسيا مع موقع أمريكا المتراجعة على الساحة الشرق أوسطية والدولية في ظل تقهقر نموذجها للدمقرطة والاصلاح في العراق و في ظل ماأفرزته تداعيات الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان.

 

(*) كاتب واعلامي تونسي ومدير صحيفة الوسط التونسية:

reporteur2005@yahoo.de

 

(ملاحظة تم اعتماد ترجمة الأستاذة هند علي في نقل بعض الفقرات من دراسة الوزير السابق يوشكا فيشر)

 

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » بتاريخ 25 ديسمبر 2006)


هل يكون التصوف بديلا عن الأصوليّة ؟

زياد كريشان

 

التصوف تأمّل فلسفي وتربية روحيّة وهذا يتطلّب علما وجهادا للنفس وصبرا ومثابرة على عكس الأصوليّة الإسلاميّة التأم بمدينة الأغواط، جنوب الجزائر، أيّام 23 و 24 و 25 نوفمبر الماضي الملتقى الدولي للإخوان التيجانيين وقد انعقد تحت سامي إشراف فخامة رئيس الجمهوريّة. عبد العزيز بوتفليقة وبتنظيم من وزارة الشؤون الدينيّة والأوقاف. التيجانيّة طريقة صوفيّة نشأت بالجزائر في أواخر القرن الثامن عشر عن طريق سيدي أحمد التيجاني (1737-1815) وتمكّنت بسرعة من الانتشار بالمغرب الأقصى وتونس (من تلاميذه لسيدي ابراهيم الرياحي) وكذلك بالجزائر رغم طرد السلط العثمانيّة لباعثها سنة 1798 ، لكنّ الانتشار الأكبر للطريقة يبقى في غرب القارة الإفريقيّة حيث تمثّل في بلد كالسنغال قرابة 80% من مجموع السكّان.

 

وسوف نعود لهذه الطريقة التي كثر حولها الجدل في عدد قادم وسنكتفي هنا بالتساؤل عن راهنيّة التصوف الطرقي في مجتمعاتنا العربيّة. سوف يجد القارئ الكريم في مقال الدكتور محمد شقرون مديرالمعهد الأعلى للحضارة الإسلاميّة بجامعة الزيتونة تعريفا للتصوف ولتطوّره عبر القرون (انظر صفحات 6 و 7 و 8) وسوف نكتفي هنا فقط بالإشارة إلى ما يلي :

 

لقد مزج التصوف منذ نشأته بين منحيين : التأمّل الفلسفي والتربية الروحيّة. لقد انطلقت المدارس الصوفيّة على تنوعها من ثلاثيّة :  »الإسلام والإيمان والإحسان » الشهيرة وهي في رأيهم ثلاثيّة تصاعديّة تذهب من الظاهر (الإسلام) إلى الباطن (الإيمان) إلى باطن الباطن (الإحسان) أو إذا شئتم فإنّها ثلاثيّة تنطلق من الشريعة (الإسلام) إلى الحقيقة (الإحسان). وهذا يعني بداية أنّ الحقيقة، وهي المقصد الأسمى للتصوف، هي غير الشريعة وإن لم تكن بالضرورة منافية لها.

 

فالصوفي يسلك طريقا (ومنه الطريقة) ينطلق به من الظاهر أي الوقوف عند الحدود الشرعيّة، إلى الترقي الروحي الذي يرفعه من حال إلى حال في رفع تدريجي للحجب إلى الحالة والمشاهدة النهائيتين أي مشاهدة الحق. وهذه الطريقة التي تنطلق من العالم الحسّي إلى المشاهدة أو الفناء أو الاتّحاد بالحقّ أي الله هي طريقة تتجاوز الحسّ والعقل وتتطلب مربيا ومرشدا وهاديا إليها وهو الشيخ وهذا هو الربط بين البناء التأملي الفلسفي والمنهج التربوي… لكن هذه الثنائيّة بعد أن وصلت إلى أرقى مستوياتها العرفانيّة مع أعلام كالحلاج والسهروردي والبسطامي والحكيم الترمذي وخاصّة الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي (1165-1240) قد شهدت تراجعا نسبيّا للطرف الثاني حيث أصبح المنهج التربوي (الذكر والعبادة والتبتل) هوالجوهري على حساب التأمّل الفلسفي. لم تكن مبادئ التصوف لتريح المتشددين من الفقهاء الذين يرون فيها نوعا من التمصلّ من أحكام الشريعة وبدعا مخالفة للسنّة المحمديّة ويكفي أن نعلم في وضعيّة الحال أنّ كبار علماء الوهابيّة قد كفّروا الطريقة التيجانيّة واعتبروها من أكثر الفرق ضلالا وانحرافا. والسوآل المطروح اليوم -والذي خيّم على الملتقى الدولي الأوّل للإخوان التيجانيين- هو هل يمكن للتصوف الطرقي أن يكون بديلا عن الأصوليّة الإسلاميّة ؟ وهوتساؤل يجد خاصا في الشقيقة الجزائر التي أكتوت، أكثر من كلّ دول العالم، بالإرهاب الأصولي في العشريّة الأخيرة من القرن الماضي.

 

للتصوف ميزتان اثنتان :

 

*المسلم لا يملك مباشرة الحقيقة بل هي هدف روحي يتطلّب تزكية مستمرّة ولا نهاية لها للنفس. فالحقيقة يمكن أن تتجلّى في النهاية للأولياء المخصوصين بالعناية الإلهيّة وهذا يعني أنّ كلّ الأفكار والتصوّرات والتأويلات والأفهام للإسلام ولنصوصه المقدّسة تبقى نسبيّة بل وسطحيّة ومجانبة للصواب إن لم تر فيه هذه الأبواب التي تفتح على اللانهائي… ووقود الصوفي في الطريق ليس الحقد أو العنف بل الحبّ فحتّى عندما دعت الطرق الصوفيّة -أو الأدقّ بعضها- للجهاد زمن الاستعمار فإنّه كان جهادا شريفا لا حقد فيه ولاتعذيب ولا تدنيس أو إساءة للذات البشريّة ولا أدلّ على ذلك من نبل الحركة التي قادهاا لأمير عبد القادر الجزائري وهو من مشائخ الطريقة القادريّة.

 

* التصوف تأمّل فلسفي وتربية روحيّة وهذا يتطلّب علما وجهادا للنفس وصبرا ومثابرة على عكس الأصوليّة الإسلاميّة، ثمّ هو ليس طريقا للخلاص الجماعي بل تزكية للنفس وعلاقة فرديّة مع الحقّ وإن كان جزءا منها يحصل في حلقات الذكر الجماعيّة… فالتصوّف لا يسيس الدين ولا يوظفه لأغراض حزبيّة.

 

لكنّ للتصوّف الطرقي نقطة ضعف مركزيّة وهي العلاقة بين المريد والشيخ. المريد هو الذي يبدأ في سلوك الطريق والشيخ هو الذي سيقوده في هذه الرحلة الروحيّة… لكنّ التصوف الطرقي قد غالى في عموديّة هذه العلاقة حتّى قال جلّ علمائه بأنّ المريد يجب أن يكون بين يدي الشيخ كالميت بين يدي غاسله.. هذه العلاقة العموديّة هي التي أدّت بالطرق الصوفيّة إلى الإغراق في نوع من الفولكلور الذي ينفّر العديد من الشباب المتطلّعين لتديّن متسامح ومعتدل. إنّ التصوّف مدعو هو الآخر لمراجعة موروثه مع الحفاظ على جذوته الأولى : الحبّ أوّلا وأخيرا وعندها -وعندها فقط- يمكن أن يكون بديلا حقيقيّا عن كلّ أشكال التعصّب التي تستهدف شبابنا.

 

(المصدر: مجلة « حقائق »، العدد 1095 بتاريخ 20 ديسمبر 2006)


أيّ دور لـلـتصـوّف فــي زمـن العـولمـة؟

بقلم: د.محمد شقرون، مدير المعهد الأعلى للحضارة الإسلاميّة – جامعة الزيتونة – تونس

 

أيّ دور للتصوّف في زمن العولمة؟: قد يبدو في طرح السّؤال بعض الغرابة. وقد يقول قائل إنّ زمن التصوّف قد ولّى إلى غير رجعة، و إنّ الإنسان قد ولّى ظهره لكلّ ما هو روحانيّ، لما يشاهد اليوم من طغيان الفكر المادّي و سيطرة مفاهيم التقدّم و النّفع و الانتفاع والإنتاج والاستهلاك . و لكن هل إنسان اليوم مختلف عن إنسان الأمس ؟ و هل حقّا انتفى منه ذلك الجانب الذي ينزع به نحو التخلّي عن الدّنيا و البحث عمّا وراءها ؟ هل نسي الإنسان أنّه (لَمْ يَكـُنْ شـَيْئـًا مَذْكـُورًا 1 ) ؟ وهل غاب عنه أنّ «الذي يعجز عن صنعة السرفة و عن تدبير العنكبوت في قلـّتهما و مهانتهما وضعفهما وصغر جرمهما لا ينبغي أن يتكبّر و لا يمشي الخيلاء و لا يتهكّم في القول، و لا يتألّى و لا يستأمر. و ليعلم أنّ عقله منيحة من ربّه و أنّ استطاعته عارية عنده و أنّه إنّما يستبقي النعمة بإدامة الشكر ويتعرّض لسلبها بإضاعة الشّكر.»؟ 2

 

لم يختلف إنسان اليوم عن إنسان الأمس ، ولم ينس ما بدا لنا أنّه نسيه، ولا يزال الجانب الرّوحي فيه قائما ، و لكن تراجع دوره في الشأن العام فقط حين دخلت الإنسانيّة في طور من الحضارة غلب عليه الجانب الماديّ وسيطرت فيه فكرة الإنسان المقتدر الفاعل في الطبيعة الذي لم يعد يشغله ما وراءها. نعم تراجع دور الجانب الرّوحي في الإنسان ولكنّه لم يختف تماما ، تراجع حين أقصي الدّين من الحياة العامّة وأصبح أمرا خاصّا بالفرد لا دخل له في تنظيم حياة الجماعة، ولكنّه بقي حاضرا و إن كان الحضور خافتا. وهو كامن فيه يخرج إلى الضوء كلّما سنحت الفرصة وتبيّن للإنسان عدم جدوى النظرة المادّية للكون و للأشياء تلك النظرة التي و إن ساعدته على السيطرة على الطبيعة فإنّها تعجز في أحيان كثيرة عن وجود حلول لمسائل تقضّ مضجعه و تدعوه إلى البحث في ما وراء الطّبيعة. يخرج إلى الضّوء ويسعى إلى استعادة دوره في الحياة الدّنيا والشّأن العام ، وهو ما نلاحظه اليوم في ما يسمّى الحركات الدّينيّة التي تقترح حلولا لمشاكل الإنسان الدّنيويّة في الاقتصاد والاجتماع والسياسة و الأخلاق. و لكن ماذا عن دور التصوّف و الطرق الصّوفية في عصرنا الحاضر، عصر العولمة والهيمنة الاقتصاديّة و السّياسية التي تسعى الحضارة الغربيّة في فرضها على كلّ أرجاء المعمورة ؟ هل سيتمكّن التصوّف من مواصلة القيام بدوره الاجتماعي والثقافي في الأقطار الإسلاميّة ليحدّ من تطرّف العولمة و يضمن للإنسان المسلم التوازن النفسي الذي بدأ يفتقده ويدخل جرّاء فقده في دوّامة الاندماج و الضياع أو الرّفض العنيف و التقوقع و العيش خارج التّاريخ وعلى هامش الحضارة الزّاحفة ؟

 

التصوّف من الزّهد في الدّنيا إلى العمل لها

 

ظهر التصوّف في الحضارة الإسلاميّة دعوة إلى التخلّي عن الدّنيا والزّهد فيها طلبا للآخرة و عملا لها. جاء عن التّهانوي (ت 1158 هـ 1745 م) في معجمه «كشّاف اصطلاحــات الفنون» أنّ الصوفيّ هو «الذي لا يملك و لا يُملك … و الذي صفا من الكدر و امتلأ من الفكر و انقطع إلى الله من البشر، واستوى عنده الذّهب و المدر والحرير والوبر…» 3. و قال الجرجاني في تعريفاته عن التصوّف: ز و قيل تصفيةُ القلب عن موافقة البريّة، ومفارقةُ الأخلاق الطبيعيّة، وإخمادُ صفات البشريّة، و مجانبةُ الدّعاوى النّفسانيّة، و منازلةُ الصّفات الروحانيّة، والتعلّقُ بعـــــلوم الحقيقة ، و استعمال ما هو أولى على السّرمديّة، والنّصحُ لجميع الأمّة، والوفاءُ للّه تعالى على الحقيقة، و اتـّباع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم في الشّريعة. وقيل تركُ الاختيار، وقيل بذلُ المجهود والأنسُ بالمعبود. و قيل حفظُ حواسّك من مراعاة أنفاســك. وقيل الإعراضُ عن الاعتراض. وقيل هو صفاءُ المعاملة مع الله تعالى، وأصله التفرّغ عن الدّنيا. و قيل الصّبرُ تحت الأمر و النّهي، و قيل خدمةُ التشرّف و تركُ التكلّف واستعمالُ التصرّف وقيل الأخذُ بالحقائق و الكلامُ بالدّقائق والإياس ممّا في أيدي الخلائق»4. كان التصوّف قرين الزّهد، وكان المتصوّفة يديرون أظهرهم للدّنيا متفرّغين عنها محتقرين لها و لأصحابها، منشغلين بالبحث عن حقائق بدا لهم أنّ العقل يعجز عن الوصول إليها و أنّ المادّة تحجبها عنه. كانوا مناوئين للسّاسة، نائين بأنفسهم عن دنيا النّاس و مشاغلهم (لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ 5 ( سائحين في الأرض يضربون فيها بحثا عن العزلة ورغبة في الخلوة، واستقرّوا في أعالي الجبال و أطراف الفيافي، وفي كلّ مكان يوفّر لهم الهدوء ويسمح لهم بالتأمّل، ويساعدهم على الولوج إلى عالم يعتبرونه عالم الحقائق الأزليّة، عالم يفضل بكثير عالم المادّة و الحواسّ، عالم كلّ ما هو متحوّل فان. كانوا يعيشون على هامش مجتمعاتهم، منقطعين عنها.

 

كانت تلك السّمة الغالبة على التصوّف في الحضارة الإسلاميّة في بداياته، و كان حينها غير معترف به في أوساط العلماء و في مراكز الحكم ، و لقد تحالف عليه العلماء و السّاسة لنبذه باعتباره بدعة عند الأوّلين و مثارا لشغب العامّة عند الآخرين. ثمّ حدث التّغيير وحصل التصوّف على اعتراف العلماء به، وأصبح المتصوّفة مندمجين في المجتمعات الإسلاميّة يعلّمون النشء مبادئ الدّين ويربّونه تربية تحفظه من الخروج عن مبادئه و لكنّهم بقوا منعزلين عن الحياة العامّة وشواغلــها السياسيّة و الاقتصاديّة. كان ذلك في زمن قوّة الدّولة الإسلاميّة وسيادة الحضارة العربيّة، ثمّ بدأ المتصوّفة يخرجون من عزلتهم، يشاركون النّاس شواغلهم الدّنيويّة، و يساهمون في تنظيم حياتهم. خرجوا من بيوت العبادة إلى أماكـــن السّياسة والتّجارة ،و تركوا السّياحة لقيـادة الجيوش والتّحريض على القتال. لقد حدث التّغيير في بلاد الإسلام ، و مسّ ذلك المتصوّفة وغيّر من أهدافهم و من طرق عملهم. حدث التّغيير حين ضعفت الدّولة و تراجع أمر الحضارة وأصبحت دار الإسلام مهدّدة.

 

ثورات وتحلفات

 

لقد ساءت الأحوال و أصبحت البلاد الإسلاميّة بداية من أواخر القرن السادس الهجوي مهدّدة بغزو خارجيّ، و لم تكن السّلطة السّياسيّة فيها قادرة على رفع التحدّي و ردّ العدوان، سواء كان ذلك على مستوى الخلافة المركزيّة ، أو عـــــلى مستوى الممالك و الإمارات في المـناطق الإسلاميّة الخاضعة لسلطتها أو الخارجة عنها، بل كانت سياسة تلك السّلطات في بعض الأحيان مساهمة في تردّي الأحوال و سببا في اندلاع الثّورات عليها، فأخـذ بعـض الصوفيّة عـلى عاتقهم القيام بذلك و قادوا ثورات و دخلوا في تحالفات سياسيّة مع زعماء القبائل أو بعض الأمراء.

 

و إذا كانت مساهمات الصوفيّة في الثورات قليلة في المنطقة العربيّة من العالم الإسلامي، فإنّهــا أكثر عددا و أهمّية على مستوى التأطير الاجتمـاعي والسّياسي للشّعوب في المناطق الأخرى في آسيا و في إفريقيا جنوب الصّحراء الكبرى وخاصّة في العصور المتأخّرة. و نذكر من الثّورات التي وقعت في البلاد العربيّة، و قامت في وجه الاستعــمار الفرنسي ولعبت فيها الزّوايا الدّور الرئيسي، ثورة الأمير عبد القادر في الجزائر وقد نشأ في وسط صوفيّ،وكان أبوه شيخ زاوية قادريّة في القيطنة قرب وهران، كما نذكر ثورة المهدي محمّد أحمد في السّودان )1847- 1881(، ومحاولات السنوسيّة في ليبيا التصدّي للتدخّل الفرنسي الأنكليزي الإيطالي في المنطقة في أواخر القرن التّاسع عشر وأوائل القرن العشرين . أمّا في المناطق الأخرى من آسيا و إفريقيا فإنّ تحرّكات الزوايا للثوّرة ضدّ الاستعمار كثيرة، و أكثر منها كانت حركات الجهاد لنشر الإسلام وتأسيس الدّول. و نذكـــــر من حركات المقاومة في آسيا ثورة الشيخ شـامل الدّغستـاني في منطقة القوقاز ضدّ التدخّل الرّوسي في المنطقة في القرن التّاسع عشر )1834 – 1859(

 

و كان التصوّف إلى جانب ذلك يقوم بدور التّأطير الاجتماعي للشعوب المسلمة ساعده على ذلك استقلاله النسبي عن أنظمة الحكم القائمة بما توفّر لديه من موارد ماليّة ضمنها له نظام الأوقاف الذي كان سائدا في العالم الإسلامي. فقد كانت الزّوايا تساهم بشكل كبير في الدّورة الاقتصاديّة للبلدان الإسلاميّة في الفلاحة و التجارة و الحرف بالرّغم ممّا يشاع من كلام عن خروج الأوقاف عن الدّورة الاقتصاديّة لعدم وجود إمكانيّة نقل الملكيّة. وقد أدّى ذلك الاستقلال النّسبي إلى التفاف النّاس حول الزّوايا ولجوئهم إلى خدماتها كلّما تخلّت الدّولة عن واجباتها تجاه شعوبها في أوقات الاضطرابات السياسيّة و الحروب، أو قصّرت في القيام بها. أمّا جنوب الصّحراء الكبرى فقد نشطت فيه الطّرق و تعدّدت الزّوايا، وخاصّة في القرون الثامن عشر والتاسع عشر و العشرين أي في الفترة التي عرفت التدخّل الأوربّي في شؤون المنطقة، وسيطرته عليها عسكريّا ومحاولاته السيطرة عليها اقتصاديّا وثقافيّا. وتنوّع نشاطها حتى أصبحت مصدر كلّ نشاط سياسي أو اجتماعي في تلك المنطقة . لم يكن الإسلام جنوب الصّحراء بمعزل عن الإسلام في شمالها و لا عن الإسلام في المشرق العربي، بل كان مواكبا للتّغييرات التي تدخلها الأحداث السّياسيّة والتّحوّلات الاجتماعيّة في طرق عيش المسلمين وتوجّه فكرهم الدّيني .

 

إسلام إفريقي

 

وقد عرف الإسلام جنوب الصحراء التصوّف الذي ظهر في المشرق والمغرب الإسلاميين ولكنّه عرفه في شكله الطّرقي وحين اندماجه في الفكر السنّي وخروجه من عزلته. وكان الإسلام الإفريقي إسلام طرق خاضعا للفكر الصّوفي أكثر منه للفكر السّياسي نظرا للدّور الذي قام به الصوّفيّة في نشره جنوب الصّحراء الكبرى و لعدم قيام دول إسلاميّة في المنطقة ،حتّى أصبحت الطّرقيّة السّمة الغالبة على الإسلام الإفريقي . ولعلّ غياب الفكر السّياسي قد فتح المجال أمام الفكر الصـّوفي لمعالـجة قضايا المجتمعات الإفريقيّة جنوب الصّحراء الكــبرى، وأصبح الصوفيّة في القرن التّاسع عشر رجــال دين وسياسة، قادوا حركـات الإصلاح ، كما تزعّموا حركات الجهاد لنشر الإسلام في مناطق لم يدخلها من قبل أو لصدّ هجمات القوى الاستعماريّة الغربيّة التي بدأت تتغلغل في المنطقة مؤذنة بدخولها في عصر من الصّراعات والتحـوّلات الكـبرى . خرج التصوّف إذن عن أصله الذي ذكره الجرجاني، إلى الاشتغال بجهاد الكفّار وفتح البلدان وتأسيس الممالك وتنصيب الوزراء والقضاة وسياسة العوام والخواص. خرج إلى الاشتغال بالدّنيا ولم ير حرجا في ذلك ، وكان ذلك على مستوى الممارسة والفكر و ظهرت تآليف في التصوّف تعدّل المسار وتغيّر التوجّه، و يعرّف التصوّف لا عـــلى أساس أنّه زهد في الدّنيا و«تركها منه على القفاء» حسب عبارة الرّوذباري (ت322 هـ)، وإنّما على أساس أنّه زهد في حبّها مع شرعيّة العمل لها بل جعـــــلت الاعتناء بها ضرورة من ضرورات حسن التصوّف . قال الشّيخ أحمد زرّوق (ت 899 هـ ( فلا يختصّ التصوّف بفقر و لا غنى إذا كان صاحبه يريد وجه ربّه واستشهد على ذلك بأقوال لمتصوّفة قبله حدّدوا معنى الزّهد بترك حبّ الدّنيا مع العمل لها ، أي بإخراجها من القلب وجعلها في اليد و شبّهوها بالحيّة التي ليس الشّأن في قتلها، إنّما الشّأن في إمساكها حيّة «ومثل بالجرادة التي إذا قطع رأسها حلّت»، ليجزم في كتابه «قواعد التصوّف»، «أنّ الزّهدَ فيها ليس عين تركها»6 ويأتي عمر طال بن سعيد ليؤكّد لأتباعه « أنّ زهد الكمّل ليس هو بخلو اليدين من الدّنيا و إنّما هو بخلوّ القلب…و أنّ من شرط الدّاعي إلى الله تعالى أن لا يكون متجرّدا عن الدّنيا بالكلّية.»7

 

القادرية والتيجانية

 

و من الطّــرق الصـــّوفيّة التي قــاد رجالها حركات الجهاد في القرن التاسع عشر في جنوب الصّحراء الكبرى و تزعّموا حركة الإصلاح فيها الطريقـــــتان القادريّة والتيجانيّة، وطريقة ثالثة تنحدر منهما وتختلف عنهما في وسائل العمل هي الطّريقة المريديـــّة. و قد مثّل هذه الطّرق شيوخ كانوا في نفس الوقت زعماء دنيويين و إن تبرّأ البعض منهم من الصّفة ، وهـــم الشّيــخ الفـلاني عثمان ابن فودي )1754 – 1817 ( وكـان قادريّا و الشّيخ الفوتي التكروري عمر بن سعيد طال ) 1797 – 1864 – و كان تيجانيّا و الشّريف حماه الله )1882 – 1943( و كان تيجانيّا أيضا ، والشّيخ أحمد بمبا امبكي )1853- 1927 ( الذي انتمى في أوّل أمره إلى الطّريقتين المذكورتين ، ثمّ أعلن عن طريقــة جديدة عرفت «بالطريقة المريديّة» .

 

بدأ الشّيوخ حياتهم متصوّفة مشتـغلين بعلوم الدّين ، معرضين عن الدّنيا، داعين إلى الإعراض عنها لكن سرعان ما تغـيّر الاتّجاه و تحوّلوا إلى الدّعوة و إلى الجهاد المسلّح وقيادة المتطوّعين له، أو إلى الدّعــــوة إلى صنف آخر من الجهاد هو الجهاد الاقتصادي السّلمي، بالتّشجيع على خدمة الأرض وإحياء الموات منها،أو العمل في التّجارة أو الحرف وتوسيع طرق الرّزق . لقد نجح عثمان بن فودي في تأسيس دولة ساهمت في توحيد قبائل الحوسا في المنطقة الوسطى من جنوب الصّحراء الكبرى و عطّلت حركة الاستعمار الفرنسي الأنكليزي فيها، ووسّعت من مجال انتشار الإسلام بين شعوبها . كما نجح عمر طال بن سعيد في التصدّي بعض الوقت للاستعمار الفرنسي في المنطقة الغربيّة وفي تأسيس دولة ساهمت في الحفاظ على الهويّة الإسلاميّة لمنطقة حوض السّنغال، و زادت من توسيع المجال الجغرافي لدار الإسلام بنشره بين قبائل لم تكن تدين به . أمّا أحمد بمب فلم يؤسّس دولة و لا قام بحركة جهاد مسلّح، و إنّما دعا إلى طريقة في التصوّف خرجت عن المألوف بنشرها لقيم العمل ورفعه إلى درجة العبادة فساعدت على الحفاظ على الهويّة الإسلاميّة لمنطقة السّنغال وخلّصت العمّال من استغلال الشّركات الفرنسيّة السّاعية إلى السيطرة على اقتصاد المنطقة.

 

يتبع

 

 

الهوامش

1 – الإنسان آية 1

2 – الجاحظ الحيوان

VII / 11 3 – التّهانوي كشّاف اصطلاحات الفنون

 II / 830 4 – الجرجاني . التّعريفات

 I / 83 – 84 5 – النور آية 37

6 – الشّيخ أحمد زرّوق الفاسي ، قواعد التصوّف ص ص 111 – 112

7 – عمر طال بن سعيد الفوتي. رماح حزب الرّحيم على نحور حزب الرّجيم I / 39

 

(المصدر: مجلة « حقائق »، العدد 1095 بتاريخ 20 ديسمبر 2006)


في حوار مع المشرف عليها توفيق فوني (وهو مواطن كندي من أصل تونسي، التحرير) 

الجزيرة الوثائقية تنطلق من واقع الإنسان العربي نحو العالمية

 

 

مطلع العام القادم الذي سيحل بعد أيام ستطلق شبكة الجزيرة قناتها الوثائقية، لتكون أول قناة على مستوى عالمي ناطقة بالعربية مختصة في الفيلم الوثائقي تضع في اهتمامها الأول الإنسان وتثقيفه.فما اختصاصات هذه القناة؟ وماذا ستقدم لمشاهديها؟ وما الجديد الذي ستضيفه للواقع العربي؟ أسئلة وغيرها أخرى أجاب عنها المشرف على قناة الجزيرة الوثائقية توفيق فوني في حواره مع الجزيرة نت.

حوار/ مي الزعبي

كيف نستطيع أن نعرف قناة الجزيرة الوثائقية؟ قناة الجزيرة الوثائقية هي مختصة في عرض الأفلام الوثائقية، منهجنا هو أن تنطلق هذه القناة من واقع الإنسان العربي نحو العالمية، ويعني هذا بطبيعة الحال الحث على الإيجابية في التصورات والإيجابية في التفاعل بمفهومه الواسع مع القضايا المختلفة، وألا نكون وجها قاتما للشاشة.. بل بالعكس، نريد أن نعبر عن قصة الإنسان بصفة عامة وما ينبثق عنها من إيجابيات وتفاعل وهموم. وسينعكس هذا بالتالي على نوعية البرامج التي ستقدمها القناة، وستكون برامج متنوعة، فنحن لسنا قناة سياسية.. لسنا قناة إخبارية.. لسنا قناة إخبارية اقتصادية، إنما نحن نقدم وجبة إن صح التعبير، أو محتوى تثقيفيا يغذي المشاهد على جميع المستويات.

ما أسباب إنشاء القناة وثائقية.. لماذا هذه القناة؟ في إطار التوسع الأفقي لشبكة الجزيرة، كان لا بد من قناة وثائقية وأيضا لتكمل مشوار الجزيرة الأم بعد عشر سنوات من الانطلاق. وبصفة عامة تتميز وسيلة الفيلم الوثائقي بالبعد العميق، أما الخبر فهو في كثير من الأحيان آني ومستهلك، فنحن نريد أن نقدم طبخة فيها نوع من التريث ونوع من العمق، وبالتالي قضية القناة الوثائقية أصبحت ضرورة، لتلبي حاجيات الجمهور، وتقدم مواضيع تساعد في نشر الوعي ونشر الإيجابية. وكما ذكرت في البداية نريد في قناة الجزيرة الوثائقية أن ننطلق من الواقع العربي وواقع الشرق الأوسط إلى العالم، وهذا لا يعني أن نكون في قطيعة عن العالم بل بالعكس.. نريد أن نكون عبارة عن جسر بين العالم والشرق الأوسط، فنحن جزء منه.

هل نستطيع القول إن أحد الأسباب هو افتقار العالم العربي لقناة وثائقية؟

صحيح، فعلى مستوى العالم العربي لا توجد محطة مختصة في الوثائقيات، أعني محطة تنبع من العالم العربي على جميع المستويات وتبث للجمهور العربي بالدرجة الأولى.. هذا غير موجود، سنكون أول قناة على مستوى عالمي ناطقة بالعربية مختصة في الفيلم الوثائقي.

كيف ستكون علاقة القناة مع قنوات الجزيرة الأخرى؟

علاقتنا هي علاقة ضمن الشبكة، وعلاقة العائلة الواحدة، والفريق الواحد، فيها تكامل واندماج كامل، وهذا ما يميز روح الجزيرة بصفة عامة.

بالنسبة لبرامج القناة الوثائقية.. ما نوع البرامج التي ستبث؟   برامجنا ستكون متنوعة، نريد أن تكون القناة عبارة عن مرجع لتثقيف المتفرج الناطق باللغة العربية سواء كان في المنطقة أو خارج المنطقة، ما يعني بالضرورة توفير مادة على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفني والتقني والحضاري والتاريخي..إلخ، فهي قناة عامة.

أما في مستوى المحاور فلدينا اختصاصات متعددة نوصلها للجمهور.. ونريد أن نصل لهذا الجمهور عبر كل المواضيع التي تهم الإنسان ومحيطه والتي نوليها الأولوية.

هل هذه البرامج جاهزة أم من إنتاج القناة؟

الاثنان.. فكما يعلم الجميع أن إنتاج الفيلم الوثائقي مكلف جدا، خاصة خارج العالم العربي، وأحيانا يكلف إنتاجه مبالغ خيالية في بعض المستويات الراقية جدا… وكذلك من الناحية العملية.

عن الأفلام المشتراة، ننتقي منها ما يتوافق مع الخط التحريري للقناة ونعرض ما يفيد الجمهور الناطق بالعربية، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى نحن ننتج أفلاما نعتبر أن الآخرين لا يقدرون على إنتاجها بخطنا التحريري، وهذا حقنا في الحقيقة كقناة

مثل….؟

الجزيرة تاريخيا عرفت بقربها من المناطق الساخنة في المنطقة العربية، ونقول إننا أولى من سينتج أفلاما وثائقية لهذه المناطق، مثلا مسألة فلسطين ولبنان والعراق وغيرها.. نعتبر أننا كجزيرة لدينا خبرة في دراية هذا الواقع وسرعة التحرك فيها، فبالتالي نحن لدينا أولوية في الإنتاج.

هل توجد مواد وثائقية كافية في السوق العربي؟

نتعامل في السوق العربي مع ما يتلاءم مع خطنا التحريري، والسوق العربي للأسف ضعيف جدا في مستوى الإنتاج حتى الآن، أو فيه إنتاج لا يتماشى معنا لاعتبارات فنية أو تحريرية، ومن حقنا الاختيار.. فلسنا قناة ليمر فيها أي شيء، لدينا مستويات ومقاييس ومعايير فنية تليق بسمعة الجزيرة، وهي مستويات راقية وعالمية.

والخط التحريري للجزيرة يعرفه الناس ويعرفون ما هي الجزيرة وعلى أي حافة تقف الجزيرة، لكن نحاول مع قلة ما أنتج عربيا الإفادة منه في الحد الأقصى، لكن للأسف لم يحالفنا الحظ حتى الآن أن نجد العدد المطلوب، وهناك احتمال معالجة هذا الأمر في المستقبل بعد أن تنطلق القناة الوثائقية وسيكون خطها التحريري واضحا وعلنيا ويعرفه كل الناس.. وهذا يبشر بأن نكتشف طاقات

وتوجد طاقات وأسماء كبيرة جدا على مستوى العالم وتنطلق من واقعنا العربي أو هي عربية في الأصل، وهذه الأسماء نتعامل معها.. ونقول للطاقات الجديدة إن عليها السعي للتحسين، فقد أصبح في متناول كثير من الناس أن يكونوا في مستو راق الآن بسبب ما وفره لهم الإعلام العالمي، ونحن سنكون سندا لمن يريد أن ينتج للجزيرة بمستوى الجزيرة.

 ما التوجهات التحريرية للقناة الوثائقية؟

تنطلق القناة من اهتمام أساسي قوامه الإنسان وبيئته المعاشة والتفاعل الحاصل بينهما، وتسعى للريادة في إشاعة الثقافة التوثيقية في عالمنا العربي وعالم الجنوب، وإلى رعاية مبدعيها وصانعيها وإلى خلق صناعة وثائقية، وتسعى لشراكة حقيقية مع روادها حول العالم.. أملا في تحقيق إعلام وثائقي مختلف يخدم الإنسان وبيئته برؤية حضارية ذات رسالة، كما تسعى إلى التعريف بالعالم العربي والتنوع الموجود فيه.

وتتميز القناة بالتركيز على قضايا الإنسان العربي وقضايا البشر والمجتمعات الأقل حظا (ما اصطلحوا عليه « أبناء الجنوب ») بالتغطية الإعلامية، لتكون منبرا لهم ومرآة تعكس بشكل حقيقي وموضوعي قضاياهم، وتسعى القناة في خطها التحريري لإنتاجاتها البرامجية على إشاعة روح الأمل، وإشاعة ثقافة التواصل بين الشعوب والحضارات.

بكم ساعة سيبدأ بث القناة؟ وما الطموح المستقبلي للبث؟

ستبث قناة الجزيرة الوثائقية على مدار الساعة من أول يوم من بثها، حتى يتسنى للجمهور من المغرب إلى الخليج أن يشاهد الجزيرة في مختلف أوقاتها، وطبعا يوجد تكرار وإعادة لبعض البرامج، وهذا عادي ومتعارف عليه في القنوات التلفزيونية الخاصة بالأفلام الوثائقية.

خيارنا في كون البرمجة على مدار الساعة أعتبره مشجعا وصائبا، لأن الجزيرة كشبكة تمتاز بمستوى عالمي، والجزيرة الأم كذلك بعد 10 سنوات، ونحن سنفيد من هذا الإرث لنغطي حاجات الجمهور الذي ينتظر دائما ما يوازي اسم الجزيرة، فالتغطية لا بد أن تكون في هذا المستوى العالي.

ما مشاريعكم المستقبلية والطموح المطروح؟

المشاريع المستقبلية كثيرة وطموح أيضا، وتنطلق من اختيار برامج من منتجين عالميين أو منتجين محليين، أو تلفزيونات تتناسق في توجهها الفكري أو توجهها التحريري مع الجزيرة في الجرأة والإنصاف واحترام الجمهور العربي وما يصطلح عليه جمهور الجنوب.

كما لدينا طموحات في مستوى الإنتاج، ونريد أن ننتج أشياء مميزة للجزيرة سواء من خلال وحدتنا داخل المحطة أو بالتنسيق مع قنوات الجزيرة الأخرى أو بالاشتراك مع المنتجين المنفذين المتعاقدين حاليا مع الجزيرة، وينتجون في مستوى الخريطة التي نغطيها وهي أفريقيا وآسيا.. بدأنا هذا الإجراء.

المرحلة المستقبلية هي طموحنا أن يكون لدينا شراكة مع منتجي شركات إنتاج أو تلفزيونات توافق على خطنا التحريري كجزيرة، وأن ننتج مستويات متقدمة من المستوى الوثائقي.. طموحنا هذا نعمل عليه الآن وقد لا يتحقق في فترة زمنية قريبة، والهدف منه هو تغيير طريقة التعامل مع واقع الإنسان ومحيطه في العالم العربي وأفريقيا وآسيا وما اصطلح عليه بالجنوب، وإخراجه من واقع أن التعامل مع هذه المناطق في بعض الأحيان يكون إما بأجندة سياسية معينة أو من باب السياحة عندما تستكشف الحضارات والمعمار وأحيانا الجغرافيا، إلى واقع إيجابي أكثر حقيقة.

تعاملنا مع تلك المناطق والعالم العربي لن يكون بمستوى سياحي، بل نتعامل معهم من باب الإنسان الذي يعيش فيه، فواقعنا العربي ثري جدا تاريخيا وحضاريا وفكريا وواقعيا، فلا بد أن يقدم بعدسة جديدة، ونطمح في دفع المنتجين الكبار إلى هذا السياق لتسليط إضاءة عالمية على واقعنا.

هذا باختصار ما يحضرني الآن، ولدينا مشاريع أخرى تحت الدراسة سيأتي الإعلان عنها في وقتها إن شاء الله.

هل تتوقعون صعوبات وعقبات خلال إنتاجكم؟ خاصة أن الأنظمة العربية تعتبر أن أي معلومة لديها هي سرية للغاية؟ الصعوبات أولا هي جزء من الواقع الإعلامي في الحقيقة، ونتمنى ألا نتعرض لعراقيل، ولكن هذا من السهل الممتنع، وأقول إننا سنتحدى هذه العراقيل بما نستطيع.. نحن لا نعد بالمستحيل ولن نفرش الأرض بورود في حين هي أشواك، ونحن لن نأتي لنصادم أي واقع عربي أو غيره، فقناتنا هي قناة تثقيفية تريد أن تنشر مستوى معينا من المعرفة -إن صح التعبير- التي تختزل في شكل تلفزيوني اسمه الوثائقي. نحن لسنا قادمين لنكشف أوراق أنظمة أو غيره، فواقعنا العربي ثري جدا حضاريا حتى قبل الإسلام، فلماذا لا نقدم هذا الواقع؟… نحن لسنا وجه صدام مع الأنظمة العربية، ويجب أن يفهم الجميع أن القناة الوثائقية هي قناة تثقيفية تهدف إلى سد ثغرات معرفية، فلا يجب أن تتعامل الأنظمة معنا كما تعامل في بعض الأحيان مع الجزيرة الإخبارية… صحيح أننا الجزيرة، ولكن نحن نريد أن نقدم أشياء قد لا يتسنى للجزيرة تقديمها باعتبار أن التوجهات مختلفة، فبالتالي الواقع لا يحرجنا، من المؤكد تعرضنا للعراقيل، ولكن بطبيعة مهنتنا أنا أقول إن العراقيل دائما موجودة.. فهذا طابع المهنة.

(المصدر: موقع الجزيرة نت بتاريخ 24 ديسمبر 2006)


تعيين مشرفين على المدن الجامعية لمنع «الأفكار المناهضة للأزهر» ودعوات لإغلاق مكتب المرشد

 السلطات المصرية توجه ضربة للكيانات الاقتصادية للإخوان وتعتقل مليونير الجماعة

القاهرة: عبده زينة وعبد الستار إبراهيم

 

في أعنف ضربة اقتصادية لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونا في مصر، قامت السلطات الأمنية فجر أمس بالقبض على مليونير الجماعة رجل الأعمال الحاج حسن مالك، وثلاثة آخرين من قيادات الجماعة أصحاب دور الطباعة والنشر، إضافة إلى نحو 20 من العاملين في شركات ومصانع مالك التي تم إغلاقها تماما. وفي غضون ذلك أعلنت الحكومة المصرية أمس أنها قررت تعيين أساتذة للإشراف على المدن الجامعية لحماية الطلاب من تسلل الأفكار المناهضة للأزهر، عقب الأحداث الطلابية التي أدت لاعتقال نحو 140 طالباً وعدد من الأساتذة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين.

 

وجاءت هذه الضربة العنيفة لأحد الكيانات الاقتصادية للإخوان، بعد أقل من أسبوعين على توقيف 140 من قيادات وطلاب الإخوان على رأسهم النائب الثاني للمرشد العام للجماعة المهندس خيرت الشاطر الذي يعتقد انه الممول الأول للجماعة في قضية اتهام الجماعة بالإرهاب وتشكيل ميليشيات عسكرية.

 

 وقامت السلطات الأمنية بالقبض على رجل الأعمال الاخواني الشهير حسن مالك، 58 عاما، وهو شريك نائب المرشد المحبوس خيرت الشاطر في شركة سلسبيل، وسبق اتهام الاثنين معا في قضية سلسبيل الشهيرة عام 2000، ومعروف أن أعمال مالك توسعت بشكل ملفت منذ ارتباط أعماله بالشاطر، وهو يملك عددا من المصانع والشركات أهمها شركة «استقبال» للأثاث، ومعرض «العباءة الفريدة» للمحجبات.

 

 وقامت السلطات باعتقال أحمد أشرف مدير دار التوزيع والنشر الإسلامية، وأكثم الطويل صاحب دار البشائر، والدكتور محمد حافظ، ومدير شركة حياة للأدوية، والمهندس أحمد شوشة صاحب شركة مقاولات، وتمت مصادرة مبالغ مالية تقدر بـ165 ألف جنيه. وشنت سلطات الأمن حملة وصفتها الجماعة بـ«الشرسةً» أغلقت خلالها عددا من دور النشر والمكتبات الإسلامية، وقامت بتشميع أبوابها، كان على رأسها مكاتب دار التوزيع والنشر الإسلامية، ودار البشائر بالهرم، ومكتبة الإعلام بمدينة نصر، ودار الطباعة للنشر والتوزيع، وتم تشميع المخزن التابع لدار التوزيع والنشر بمدينة قليوب، وإغلاق المطبعة التابعة لدار الطباعة للنشر والتوزيع بمدينة العاشر من رمضان، وإغلاق مكاتبها بمدينة نصر.

 

وفي أول رد فعل لها على الاعتقالات، قالت الجماعة في بيان لها أمس «في هذه الأيام المباركة وبينما يتهيأ الناس لاستقبال عيد الأضحى المبارك، ويذهب الحجيج إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج. نفاجأ نحن – الإخوان المسلمين – بحملة تصعيدية جديدة تشنها أجهزة الأمن على دار التوزيع والنشر الإسلامية، وهي شركة مساهمة مصرية، يمتلكها مساهمون من الإخوان وغيرهم، وعلى مطبعتها، والمكتبات التابعة لها، وتكسير الأبواب والاستيلاء على الأموال التي كانت مخصصة لدفع رواتب العاملين، وسداد شيكات مستحقة، وكذلك الاستيلاء على جميع المستندات والوثائق الخاصة بالعمل والمعاملات، والاستيلاء على كمية كبيرة من الكتب، والقبض على مدير الدار أحمد أشرف».

 

وأضاف البيان «تم تشميع كل مقرات الدار وفروعها ومخازنها ومطبعتها، وكذلك تم القبض على حسن مالك رجل الأعمال وإغلاق شركاته ومعارضه. والقبض على المهندس أحمد شوشة وإغلاق مكتبه وشركته الخاصة والاستيلاء على مبالغ مالية من بيته بما فيها مصاريف المنزل، وما كان ينبغي أن تتجاوز الخصومة السياسية المنافسة الشريفة وتصل إلى حد قطع الأرزاق ومصادرة الأموال وفرض البطالة على العاملين»، مشيرا إلى أن دار التوزيع والنشر الإسلامية أنشأها مرشد الجماعة الأسبق عمر التلمساني منذ ثلاثين عاما لنشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل.

 

وتابع البيان «وإننا إذ ندين هذه الهجمات الظالمة الإرهابية، التي تتجاوز كل المبادئ والقيم والقوانين، وتعصف بكل حقوق الإنسان، إنما نحمل النظام والحكومة مسؤولية كل ما حدث، ونسألهم هل من مصلحة مصر أن يصادر الفكر المعتدل؟ وأن يفزع المستثمرون؟ وتُغلق المؤسسات الاقتصادية التي تمثل مصدرا لرزق كثيرين؟». وأشار بيان الإخوان إلى انه «رغم كل ما حدث وما يحدث، فسيظل الإخوان ثابتين على طريق الإصلاح السلمي التدريجي الذي يؤمنون به، وسيظلون يقولون الحق ويأمرون بالمعروف ويدعون بالحسنى».

 

وكانت السلطات المصرية قد شنت حملة اعتقالات واسعة قبل أسبوعين طالت 140 من قيادات وطلاب الإخوان كان على رأسهم النائب الثاني للمرشد العام خيرت الشاطر، في أعقاب ما اصطلح على تسميته إعلاميا باسم «استعراض الميليشيات» الذي قدمه طلاب الجماعة بجامعة الأزهر في إطار وقفة احتجاجية لهم، وأثار جدلا سياسيا وإعلاميا كبيرا. ووجهت نيابة أمن الدولة العليا تهما للجماعة باستخدام الإرهاب، وتشكيل ميليشيات عسكرية، إضافة إلي تدريب عناصر الجماعة على الأعمال القتالية، تمهيدا لتسفيرهم خارج مصر، للدول محل النزاع في المنطقة مثل فلسطين والعراق من أجل الجهاد هناك.

 

الى ذلك، أعلنت الحكومة المصرية أمس أنها قررت تعيين أساتذة للإشراف على المدن الجامعية لحماية الطلاب من تسلل الأفكار المناهضة للأزهر، عقب الأحداث الطلابية التي أدت لاعتقال نحو 140 طالبا وعدد من الأساتذة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين. جاء ذلك على لسان الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية خلال جلسة لمجلس الشورى (أحد مجلسي البرلمان)، أمس، موضحاً أن النيابة أجرت معاينة للاماكن التي ضبطت بها أوراق تخص جماعة الإخوان داخل 16 شقة، إضافة لمقر شركة سلسبيل للتنمية والاستثمار، التي قال إنها مملوكة لـ«محمد خيرت الشاطر»، نائب المرشد العام.

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط (لندن) الصادرة يوم 25 ديسمبر 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.