الأربعاء، 27 يناير 2010

 

TUNISNEWS

 9ème année, N°3536 du 27 . 01. 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادقشورو

وللصحافيين توفيق بن بريك وزهيرمخلوف

ولضحايا قانون الإرهاب


خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب يختتم زيارته إلى تونس الصباح:مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لـ الصباح زرت «بوشوشة» وسجن المرناقية وزيارتي إلى تونس إيجابية حقوق الإنسان في تونس في التقرير السنوي لمنظمة هيومان رايتس ووتشتونس: تفاقم قمع المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين:بيـــان:لا للمغالطة، لا للالتفاف على قضايا الصحفيين اللجنة التونسية لحماية الصحفيين:إجراءات لا تحجب النقائص ولا تعوض الحقوق المسلوبة حـرية و إنـصاف:منع الأستاذة إيمان الطريقي من زيارة الناشط الإعلامي والحقوقي زهير مخلوف السبيل أونلاين :المحكمة الابتدائية بالمهدية تأجل النظر في قضية طلبة إلى فيفري للتصريح بالحكم الجمعية الدولية لمساندةالمساجين السياسيين:إدارة سجن المسعدين تهين المحامين ..و تستخف بالقضاء ..! خميس بن بريك:مخاوف بتونس من تمديد سجن صحفييْن  روضة المعلاوي:آخر أنشطة المعهد العربي لحقوق الإنسان:ورشة تدريبية للمنظمات غير الحكومية المغاربية المرصد التونسي:اعتداء على عاملات معتصمات في الشابة المرصد التونسي:ابس : توتر في العالمية للخياطة وتجاوزات خطيرة ضد العمال إسماعيل دبارة:مُثقفو تونس منقسمون حول حقّ الإسلاميّين السياسيّ قدس برس:الرئيس التونسي يضمّ أحد المرشحين لخلافته لأعلى هيئة قيادية في الحزب الحاكم محمد العماري :حول أحداث مدينة قفصة 1980:بعد ثلاثين سنة على أحداث مدينة  قفصة: شاهد عيّان يروي بعض التفاصيل.  الحوار نت:رغم أنّها تزخر بالإعلاميّين التونسيّين، إلا أنّه « العداء المقدّس » تجاه الجزيرة!. الصباح:من الذاكرة الوطنية – الحبيب بورقيبة في أريحا:هذه نصيحتي إليكم، لعلكم تذكرونها وتذكرونني العربية نت:الاتحاد التونسي يتفق مع البنزرتي على الاستمرار مع نسور قرطاجمدرب الترجي التونسي رويترز العرب:الجزائر: الأحزاب الإسلامية تشجب إحراق مسجد في «القبائل» منصف المرزوقي:وفي آخر المطاف.. هل هناك حلّ؟   كمال عمران:التقدم نحو الأسوإ-2- محمد كريشان:بين حذاءي بوش والبشير عبدالسلام المسدّي :العرب والوعي بالرصيد الرمزي البروفيسور رمضان غوزن:السر الكامن وراء هذا الإمتياز أو الحصانة التي تتمتع بها (إسرائيل)؟ صالح النعامي:بحث إسرائيلي: مناهجنا التعليمية تحول تحقيق السلام مع العرب


(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarchesuivan : Affichage /Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

نوفمبر 2009

https://www.tunisnews.net/31Decembre09a.htm


 

ترجمة غير رسمية

خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب يختتم زيارته إلى تونس


في آخر يوم من زيارته الرسمية إلى تونس في الفترة من 22 إلى 26 كانون الثاني/يناير 2010 أصدر السيد مارتن شاينين المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب البيان التالي: 26 كانون الثاني/يناير 2010 في تونس: « أود أن أعرب عن امتناني لما قدمته إلي حكومة تونس من تعاون. فقد تمكنت من إجراء مناقشات مفتوحة وشاملة مع العديد من المسؤولين وأفراد المجتمع المدني فيما يتعلق بقانون البلاد وممارساتها في مجال مكافحة الإرهاب[i]. وعلاوة على ذلك، زرت مركز احتجاز بوشوشة وسجن المرناﭭية حيث قابلت عدداً من المشتبه بهم أو المحكوم عليهم بجرائم الإرهاب. وأود أن أتقدم بالشكر لكل من تحدث معي بمن فيهم المحتجزين وضحايا الأعمال الإرهابية وأسرهم. فكل هذا سمح لي بالإطلاع على الأوضاع لإجراء تقييم موضوعي عن الامتثال لحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب في تونس. ومن واجب كل دولة حماية حياة وسلامة مواطنيها والمقيمين فيها من التهديدات ومن بينها تلك الناجمة عن الإرهاب. وفي نفس الوقت، ينبغي احترام القواعد الدولية لحقوق الإنسان احتراماً كاملاً بما في ذلك حقوق المشتبه بتورطهم بجرائم إرهابية. ولطالما قدمت تونس التزامات بهذا الشأن، بما في ذلك عن طريق تصديقها على معظم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والإرهاب. وأعتبر أن الدعوة التي تلقيتها خطوة هامة في هذا المضمار وسأرفع تقريراً كاملاً إلى إحدى الدورات المقبلة لمجلس حقوق الإنسان. وهنا أود أن أقدم لكم بعض الملاحظات الرئيسية التي توصلت إليها في نهاية هذه الزيارة. الإطار القانوني فيما يتعلق بالإطار القانوني، أرحب ببعض التعديلات التي أدخلت مؤخراً على القانون ولاسيما تضييق نطاق الأحكام المبهمة بشأن التحريض وإلغاء نظام « القضاة مجهولي الهوية » وكذلك تعزيز الضمانات المرتبطة بتمديد فترة الاحتجاز الاحتياطي. غير أن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 مازال يتضمن أوجه نقص تكمن في تعريف الإرهاب كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى: إذ تتطلب القواعد الدولية أن تكون كل عناصر الجريمة صريحة ودقيقة بالنص وأن تندرج ضمن تعريف قانوني[ii]. وكما أكدت بشكل مستمر ينبغي أن يتضمن أي تعريف للإرهاب في محوره العنف المميت أو غيره من أشكال العنف البدني الخطير ضد أفراد أو شرائح من المجتمع. ومن الواضح أن الأمر ليس كذلك في تونس حيث يعاقب في معظم القضايا منذ عام 2003 على مجرد النوايا سواءً على صعيد « التخطيط » أو « العضوية » وهذه الأخيرة غالباً ما تخص منظمات أو مجموعات غير معرفة بشكل واضح. لقد سمعت عن العديد من الحالات الخاصة بالشباب – بل ورأيت عدداً منهم – ممن تمثلت « جريمتهم » الرئيسية في تنزيل أو مشاهدة بعض البرامج على الإنترنت أو في الاجتماع بغيرهم لمناقشة بعض المسائل الدينية. وما زلت أنتظر من السلطات إحصاءات دقيقة عن عدد قضايا الإرهاب التي نظرت فيها المحاكم التونسية في السنوات الأخيرة. ونظراً إلى أن الإرهاب ليس بظاهرة يومية في تونس، يبدو أن نطاق تطبيق أحكام الإرهاب قد توسع أكثر مما ينبغي ويمكن تقليصه. وعلى غرار بعض الدول الأخرى، أرى هنا خطورة في هذا « المسار المنزلق » الذي لا يؤدي فحسب إلى الإدانة « بالإرهاب » أشخاص لا يستحقون وصمة العار هذه بل يهدد فعالية مكافحة الإرهاب من خلال التقليل من شأن هذه الظاهرة. ويحظر القانون التونسي التعذيب كما أن الدولة طرف في اتفاقية مكافحة التعذيب. ومع ذلك، لا يبدو أن هناك حكماً واضحاً ينص على قيام القضاة بفتح تحقيق بشكل تلقائي في القضايا المعروضة على المحاكم والتي يزعم فيها أنه قد تم اللجوء إلى التعذيب، وذلك بهدف رفض شكوى التعذيب أو استبعاد أي أدلة أو تصريحات منتزعة تحت التعذيب. وقد تؤدي أوجه النقص هذه في الإطار القانوني إلى إفلات مرتكبي التعذيب أو سوء المعاملة من العقاب. الهوة بين القانون والواقع كانت أكثر التجارب المثيرة للقلق خلال بعثتي هي التفاوت الخطير بين ما ينص عليه القانون وبين ما تم إبلاغي به عما يحصل في أرض الواقع. وفي الوقت الذي يستمر فيه العمل على إعداد تقرير كامل بالتعاون مع الحكومة، فقد قررت أن أتحدث علناً عن مخاوفي الرئيسية: – يبدو – وهذا ما اعترفت به السلطات – أن تاريخ الاحتجاز المدوّن هو لاحق على تاريخ الاحتجاز الفعلي، مما يؤدى إلى تلافي القواعد المعنية بفترة الاحتجاز المسموح بها لدى الشرطة ويكون مماثلاً للاحتجاز السري للشخص أو لاختفائه؛ -اللجوء المتكرر للاعترافات كأدلة مقدمة إلى المحاكم دون إجراء تحقيقات صحيحة في ادعاءات التعذيب أو غيرة من ضروب سوء المعاملة؛ -عدم كفاية الضمانات المقدمة ضد التعذيب كالحصول على فحوصات طبية مستقلة ومحامي منذ لحظة الاعتقال عوضاَ عن الانتظار إلى حين المثول الأول أمام قاضي التحقيق؛ -القلة النسبية لعدد حالات المقاضاة أو التوصل إلى نتائج واضحة متعلقة بالتعذيب بالمقارنة مع عدد الادعاءات. وخلال زيارتي تعاملت السلطات التونسية معي بروح من الشفافية في جوانب عدة، غير أنه تم رفض طلباتي المتكررة للذهاب إلى مرافق التحقيق التابعة للشرطة العدلية (أي الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية والتي لا تزال تعرف باسم إدارة أمن الدولة). وما يثير قلقاً متزايداً هو أن إدعاءات التعذيب أو سوء المعاملة تركز على دور الشرطة العدلية في الفترة التي تسبق التسجيل الرسمي للاحتجاز لدى الشرطة وأثناء التحقيق/الاستجواب وعندما يؤخذ المحتجز الذي ينتظر المحاكمة خارج السجن لإجراء المزيد من التحقيق معه. إستراتيجية مكافحة الإرهاب إني على قناعة من أن النهج المتعدد الأبعاد لمنع وقوع الإرهاب عن طريق التدابير الاجتماعية والتعليمية والمضادة للتمييز التي اعتمدتها تونس لهو مثال جيد يستحق المزيد من الدراسة. غير أن ما يُساورني من قلق هو أن نتائج هذه السياسات الإيجابية بالتأكيد يمكن أن تقوضها بسهولة انتهاكات القانون مما يترتب عليه دائماً أثار عكسية في سياق مكافحة الإرهاب. وأود أن أؤكد مجدداً على التوصيات التي وجهت إلى تونس في الماضي القريب من عدد من آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وإذ أشجع تونس على مواصلة استثمارها في التعليم والتصدي للفروقات الاجتماعية والكفاح الشامل ضد الفقر، أتطلع إلى مواصلة تعاوني مع الحكومة في الأشهر القادمة في إطار إعداد التقرير الكامل عن البعثة ». عُيِّن السيد شاينين مقرراً خاصاً لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية من قبل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في آب/أغسطس 2005. وتم تجديد الولاية بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان 6/28. وبصفته مقرراً خاصاً فهو مستقل عن أي حكومة ويعمل بصفته الشخصية. والسيد شاينين استاذ في القانون الدولي العام في معهد الجامعة الأوروبية. وللحصول على مزيد من المعلومات بشأن زيارة المقرر الخاص يرجى الاتصال برقم الهاتف +216 263 74 82 35 أو مراسلة العنوان التالي: srct@ohchr.org . 1 عقدت اجتماعات مثمرة مع وزير الخارجية والسيد المنسق في وزارة العدل وحقوق الإنسان وكبار المسؤولين في وزارة الداخلية ومع قضاة وبرلمانيين والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما اجتمعت مع ممثلين عن المجتمع الدولي ومحامين وأكاديميين ومنظمات غير حكومية بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان وجمعيات ضحايا الإرهاب. [1]  أنظر المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ أنظر أيضاً E/CN.4/2006/98
عن محمد الحمروني
وعن العربي القاسمي

مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لـ  زرت «بوشوشة» وسجن المرناقية وزيارتي إلى تونس إيجابية


تونس ـ الصباح اعتبر السيد مارتن شاينين المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب حصيلة زيارته طوال 5 أيام إلى تونس بأنها كانت «ايجابية» وستمكنه من إصدار تقرير متوازن عن أوضاع حقوق الانسان في تونس بين الاصلاحات القانونية والممارسة سيتضمن بعض الملاحظات والتوصيات والاقتراحات . وفي تعقيب على أسئلة الصباح أقر المسؤول الاممي خلال ندوة صحفية بعد ظهر أمس أن الايام الخمسة التي قضاها في تونس «لا تكفي لفهم تطورات أوضاع الحريات وحقوق الانسان وملف مكافحة الارهاب بكل تفاصيله ..لكنها كانت مفيدة جدا ..وسمحت بعقد لقاءات مع وزير الخارجية السيد كمال مرجان والعدل وحقوق الانسان السيد الازهر بوعوني وعدد كبيرمن مسؤولي الوزارتين وكوادر في الداخلية ..ومجموعة من المساجين وممثلي عائلاتهم وقياديين في المجتمع المدني ..بما في ذلك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ..فضلا عن رئاسة الهيئة العليا لحقوق الانسان ..وقد وقع التمهيد للزيارة بتحركات دامت حوالي شهر كامل من قبل ممثلي موظفين والأمم المتحدة في تونس وردا على سؤال ثان للصباح أورد المسؤول الاممي أن في برنامجه هذا العام اجراء زيارات مماثلة لعدد من دول أمريكا اللاتينية وآسيا ..وأورد أن « الزيارات شملت بعض بلدان الشمال مثل اسبانيا ..كما شملت تركيا واسرائيل .. وجاء في أجوبة المسؤول الأممي «أود أن أعرب عن امتناني لما قدمته إلي حكومة تونس من تعاون. فقد تمكنت من إجراء مناقشات مفتوحة وشاملة مع العديد من المسؤولين وأفراد المجتمع المدني فيما يتعلق بقانون البلاد وممارساتها في مجال مكافحة الإرهاب . وزرت مركز الايقاف في بوشوشة وسجن المرناية حيث قابلت عدداً من المشتبه بهم أو المحكوم عليهم بجرائم لها صلة بتهمة الإرهاب. وأود أن أتقدم بالشكر لكل من تحدث معي بمن فيهم المحتجزين وضحايا الأعمال الإرهابية وأسرهم. فكل هذا سمح لي بالاطلاع على الأوضاع لإجراء تقييم موضوعي عن الامتثال لحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب في تونس. »  غياب تعريف واضح للارهاب واقر المسؤول الاممي بغياب تعريف دولي متفق عليه لمفهوم الارهاب لكنه أورد أنه «من واجب كل دولة حماية حياة وسلامة مواطنيها والمقيمين فيها من التهديدات ومن بينها تلك الناجمة عن الإرهاب. في نفس الوقت الذي ينبغي فيه احترام القواعد الدولية لحقوق الإنسان احتراماً كاملاً بما في ذلك حقوق المشتبه بتورطهم بجرائم إرهابية.» ونوه المسؤول الاممي بالتزامات بهذا الشأن، عن طريق تصديقها على معظم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والإرهاب. وأعتبر الدعوة التي تلقاها لزيارة تونس « خطوة هامة في هذا المضمار» ستساعده على رفع تقريرً كامل إلى إحدى الدورات المقبلة لمجلس حقوق الإنسان. فيما يتعلق بالإطار القانوني، رحب ممثل الامم المتحدة بالاصلاحات القانونية التي تقررت في تونس خلال العامين الماضيين ولاسيما تضييق نطاق الأحكام المبهمة بشأن التحريض وإلغاء نظام «القضاة مجهولي الهوية» وكذلك تعزيز الضمانات المرتبطة بتمديد فترة الايقاف التحفظي..لكنه اعتبرأن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 يحتاج إلى المراجعة «.. واعتبر المسؤول الاممي أن « النهج المتعدد الأبعاد لمنع وقوع الإرهاب عن طريق التدابير الاجتماعية والتعليمية والمضادة للتمييز التي اعتمدتها تونس مثال جيد يستحق المزيد من الدراسة. »  وأضاف قائلا :» إذ أشجع تونس على مواصلة استثمارها في التعليم والتصدي للفروقات الاجتماعية والكفاح الشامل ضد الفقر، أتطلع إلى مواصلة تعاوني مع الحكومة في الأشهر القادمة في إطار إعداد التقرير الكامل عن البعثة».  كمال بن يونس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2010)


حقوق الإنسان في تونس في التقرير السنوي لمنظمة هيومان رايتس ووتش تونس: تفاقم قمع المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين

ينبغي وضع حد للمراقبات والاعتداءات وحملات التشهير ومشاكل تسجيل المنظمات الحقوقية والاعتراف بها  


(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم في تقريرها العالمي لسنة 2010، إن الحكومة التونسية لجأت لجملة من التدابير القمعية ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان خلال عام 2009، سنة الانتخابات، مع عدم حدوث تحسن في الحريات الأساسية. والتقرير المؤلف من 612 صفحة، وهو العرض السنوي العشرون لـ هيومن رايتس ووتش لممارسات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، يلخص أهم قضايا حقوق الإنسان في أكثر من 90 دولة وإقليماً، بما في ذلك تونس و 14 بلدا آخر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وخلص التقرير إلى أن الحكومات المتعسفة كثفت القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان خلال عام 2009، وهو التطور الذي يظهر في جزء منه تزايد فعالية حركة حقوق الإنسان. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: « عدم تسامح تونس مع المعارضين في مجال حقوق الإنسان، يجعلها مثالا واضحاً على الاتجاه العالمي بين الدول القمعية للتغطية على الانتهاكات التي ترتكبها عبر محاولة إسكات حامل الرسالة ». الحكومة التونسية تُعرِّض المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين لرقابة شديدة، وحظر السفر التعسفي، والفصل من العمل، وانقطاع في الخدمة الهاتفية، والاعتداءات البدنية، ومضايقة الأقارب، وحملات التشهير في الصحافة. في تونس، رفضت السلطات الاعتراف القانوني بأية منظمة لحقوق الإنسان مستقلة حقاً تقدمت بطلب على مدى العقد الماضي للتسجيل. بعد ذلك يحتجون بالوضع « غير القانوني » للمنظمة لعرقلة أنشطتها. حرية الصحافة ضيقة في تونس وزاد التضييق عليها خلال وبعد الانتخابات الوطنية في أكتوبر/تشرين الأول. ولم تقدم أي من المطبوعات ووسائل الإعلام المحلية على تغطية نقدية لسياسات الحكومة، باستثناء بضع المجلات قليلة التداول. الحكومة حظرت الوصول إلى مواقع الإنترنت السياسية والحقوقية المحلية والدولية التي تتميز بالتغطية الصحفية المنتقدة لتونس. استهداف الصحافة كان واضحاً بشكل خاص في وقت قريب من الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي فاز بها الرئيس زين العابدين بن علي وحزبه الحاكم التجمع الدستوري الديمقراطي فوزاً كاسحاً للمرة الخامسة على التوالي. الانتخابات نفسها شابتها أعمال القمع ورقابة مشددة. على الرغم من وعود الحملة الانتخابية بزيادة الحريات الصحفية، فقد كثف الرئيس بن علي الحملة ضد الصحفيين الذين ينتقدون الحكومة. وعشية الانتخابات، قال إنه سيقاضي كل أولئك الذين شوهوا صورة تونس أو الذين أكدوا بدون دليل أن الانتخابات كانت مزورة. بعد وقت قصير من الانتخابات، ألقي القبض على الصحفيين المستقلين، توفيق بن بريك وزهير مخلوف، وسجنوا بتهم مشكوك في صحتها خلال محاكمات جائرة. مئات من الرجال وبعض القاصرين حوكموا بموجب قانون عام 2003، لدعم « الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ومكافحة غسل الأموال ». كلهم تقريبا أدينوا وسجنوا بموجب أحكام هذا القانون بناء على اتهامات بأنهم خططوا للانضمام إلى تنظيمات جهادية في الخارج، أو بتهمة دفع الآخرين للانضمام، وليس التخطيط لأعمال عنف محددة أو ارتكاب مثل هذه الأعمال. وعلى الرغم من تعديل 2009 الذي ضيق تعريف العمل الإرهابي عن طريق تقييد تعريف « التحريض على الكراهية »، فإن المشتبه بهم الذين اعتقلوا بموجب هذا القانون غالباً ما يواجهون مجموعة من التجاوزات الإجرائية. وضمنها فشل السلطات في إخطار أسرهم باعتقالهم على وجه السرعة، في انتهاك للقانون التونسي، وتمديد فترة الاعتقال قبل جلسة المحكمة الأولية أكثر من الأيام الستة القانونية، ورفض القضاة والمدعين العامين للعمل على طلبات بإجراء فحص طبي. وتوصي هيومن رايتس ووتش الحكومة التونسية بـ: •السماح لمنظمات حقوق الإنسان والنشطاء بالعمل بحرية ودون عوائق، بما في ذلك منح المنظمات الحقوقية وضعا قانونيا. •احترام حرية الصحافة، بما في ذلك إطلاق سراح توفيق بن بريك وزهير مخلوف، اللذان سُجنا ظلما انتقاما من انتقاداتهم، وإتاحة فتح مواقع الإنترنت التي تم حظرها بسبب مضمونها السياسي.

(المصدر: موقع منظمة هيومان رايتس ووتش تصفح بتاريخ 27 جانفي 2010) الرابط: http://www.hrw.org/ar/news/2010/01/20-2

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تونس، في 27 جانفي 2010

بيـــان لا للمغالطة، لا للالتفاف على قضايا الصحفيين


أصدرت الهيئة المنبثقة عن مؤتمر 15 أوت 2010 الانقلابي على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بيانا بتاريخ 26 جانفي 2010 أعربت فيه عن «ارتياحها الكبير للدفعة الأولى من القرارات الرئاسية المتعلقة خاصة بتيسير تنقل الصحفيين وسفرهم وتمكينهم من وسائل عمل متطورة ..». وجاء الإعلان عن القرارات المشار إليها إثر اجتماع الهيئة المذكورة مع السيد أسامة الرمضاني وزير الاتصال ورئيس الوكالة التونسية للاتصال الخارجي يوم الإثنين 25 جانفي 2010 في نفس الوقت الذي كانت فيه المحكمة الابتدائية بتونس بصدد النظر في القضية التي رفعها المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين لإبطال مؤتمر 15 أوت 2009 اللاّقانوني والآحادي، والتي تقرر تأخير النظر فيها إلى جلسة يوم 1 مارس 2010. وعليه فإن المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين: 1- يعرب عن أسفه لقيام السيد وزير الاتصال باستقبال الهيئة المنبثقة عن مؤتمر 15 أوت 2009 الانقلابي على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والحال أن شرعيتها مطعون فيها مهنيّـا وقضائيا لم تفصل فيه المحكمة بعد. وهو ما يمثل تدخلا جديدا في شؤون النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وانحيازا للشق الانقلابي على حساب مصالح الصحفيين وتطلعاتهم. 2- يستنكر المغالطات التي تمّ الترويج لها في البيان المذكور بالحديث عن انجازات تمخضت عن اللقاء مثل خفض ثمن التنقل بالطائرة والربط بشبكة الهاتف والانترنت، والحال أنها مكاسب سابقة حققتها جمعية الصحفيين التونسيين. وإعادة ترويجها بتلك الطريقة يعتبر سطوا مفضوحا، واستغفالا للصحفيين. 3- يؤكد بأن أيّ حوار مع السلطة المعنية بالقطاع يجب أن يتناول القضايا الحقيقية للمهنة وفي مقدمتها الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية المنتهكة للصحفيين وخاصة الشبان منهم الذين يعمل أغلبهم دون أية ضمانات قانونية وفي ظروف مهينة بمقابل بخس، وتمكين الصحفيين من مشروعهم السكني، وتوسيع هامش الحريات الصحفية والتنصيص على مبدإ حصانة الصحفي، لأنه لا تنمية وطنية حقيقية دون صحافة حرة. 4- يشدد على ضرورة تدخل وزارة الاتصال بشكل حازم لفرض تطبيق قرار رئيس الدولة بتسوية الوضعيات المهنية العالقة لزميلاتنا وزملائنا في مؤسستي الإذاعة والتلفزة. ويرفض أيّ مماطلة أدت وتؤدي إلى الإضرار بحقوق الزملاء. 5- يندد بحرمان عدد كبير من الزميلات والزملاء وخاصة الشباب من خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار، من حقهم في التمتع بهذه البطاقة ومنحها لأشخاص لا ينتمون للقطاع. 6- يدعو وزارة الاتصال إلى تحمل مسؤولياتها القانونية في تطبيق الفصلين 406 و407 من مجلة الشغل، الذين يلزمانها بإعداد قائمة خلال شهر جانفي من كل سنة بأسماء المؤسسات التي تنتهك حقوق الصحفيين المنصوص عليها في الاتفاقيات المشتركة، وحرمانها وجوبا من الإشهار العمومي. علما بأن أغلب المؤسسات التي تنتهك حقوق الصحفيين تحظى بدعم رسمي من المال العمومي. 7- يطالب بإلغاء عقوبة السجن من مجلة الصحافة، مع الدعوة إلى إطلاق سراح الزميل الصحفي توفيق بن بريك وكذلك مراسل السبيل أونلاين زهير مخلوف، وإعادة النظر في حكم السجن الصادر ضد مراسل قناة الحوار التونسي الفاهم بوكدوس بسبب تغطيته لأحداث الحوض المنجمي. ويعتقد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بأن وحدة الصحفيين وانتظامهم في هيكل نقابي قوي ومستقل ونشاطهم في ظل الشرعية والقانون، قاعدة أساسية لا غنى عنها حتى يتسنى لهم الدفاع عن حقوقهم والمساهمة بشكل فعال في عملية البناء الوطني. عاشت نضالات الصحفيين التونسيين.. عاشت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين حرة، مستقلة، مناضلة عن المكتب التنفيذي الرئيس ناجي البغوري اللجنة التونسية لحماية الصحافيين  


اللجنة التونسية لحماية الصحفيين تونس في 27 جانفي 2010

إجراءات لا تحجب النقائص ولا تعوض الحقوق المسلوبة

 


أعلن يوم الثلاثاء الماضي عن بعض الإجراءات لفائدة الصحفيين التونسيين التي وصفتها وسائل الإعلام الرسمية والموالية « بأنها قرارات رئاسية أولية ومقدمة لدفعة أخرى ». وتتمثل هذه الإجراءات في »تسهيل سفر الصحفيين بخفض تكاليف النقل الجوي 50بالمائة وتمتيعهم بتعريفات تفاضلية في مجال الربط بالانترنيت والهاتف وكذلك الحواسيب المحمولة « . وإذ نرحب بأي إجراء يتخذ لفائدة الصحفيين التونسيين الذين ناضلوا طويلا من اجل ضمان حقوقهم المادية والمعنوية وحفظ كرامة الصحفي فان مثل هذه الإجراءات تظل مكررة ولا تعوض الحقوق المسلوبة ولا تحجب النقائص والانتهاكات الخطيرة المسلطة على العديد من الزملاء وعلى عائلاتهم بسبب كتاباتهم وتمسكهم بقواعد المهنة. ومن ابرز هذه القضايا التي لا تحتمل التأجيل نذكر: – مواصلة اعتقال الزميلين توفيق بن بريك وزهير مخلوف وفرض رقابة أمنية على الزميل سليم بوخذير الذي تعرض قبل أسابيع إلي الخطف والاعتداء البدني. – القضية المفتعلة ضد الزميل محمد الفوراتي الذي يظل  منذ سنوات ملاحقا ومحروما من زيارة وطنه وعائلته. –  قضية الزميل الفاهم بوكدوس الذي حوكم غيابيا بست سنوات على خلفية تغطيته لأحداث الحوض المنجمي  ورغم أن العفو على المحكوم عليهم على خلفية هذه الأحداث، قضت المحكمة  الابتدائية من جديد بسجنه أربع سنوات. – تواصل الأوضاع المهينة والمزرية لعديد الصحفيين  الشبان العاملين في وسائل الإعلام الرسمية مثل دار (لابراس) حيث لا تتجاوز أجور البعض من المتحصلين على شهائد جامعية المائتين والخمسين دينارا، أما في المؤسسات الخاصة والتي تتمتع بامتيازات مادية كبيرة فان الكثير من الزملاء مازالوا يخضعون للاستغلال والتهديد بالطر نظرا لوضعياتهم الهشة. ومع كثرة الحديث علي المستوى الرسمي عن وجود إرادة سياسية لتحسين أوضاع الصحفيين المادية والمعنوية وتسهيل مهامهم  لا يزال الصحفيين المحترفين أو أصحاب الشهائد العليا مازالوا محرومين من أدني وسائل العمل وفي مقدمتها بطاقة الاحترافي التي تحتكر وزارة الإشراف رغم الطابع المهني لهذه البطاقة. واللجنة التونسية لحماية الصحفيين إذ تطالب بالكف عن التعامل مع الصحافيين التونسيين كحالة اجتماعية جديرة بالشفقة وتمرير بعض الحقوق وكأنها هبات فهي تدعو السلطة إلى: – الإفراج عن الزميلين توفيق بن بريك وزهير مخلوف ورفع المضايقات الأمنية التي يتعرض عدد من الزملاء الصحافيين. – رفع الانتهاكات المسلطة على الصحافيين وخاصة إلغاء الأحكام القضائية والإجراءات المسلطة على الزميل الفاهم بوكدوس الذي كان من المفروض تكريمه على قيامه بواجبه وكشفه لعديد الحقائق والملابسات التي حفت بإحداث الحوض المنجمي. – رفع المظلمة التي تعرض لها الزميل محمد الفوراتي وغلق ملف القضية الجائرة وإسقاط الأحكام الصادرة بحقه في  قضية كيدية أعيد استخدامها لمعاقبة الزميل على خلفية كتاباته. – تغليب لغة الحوار في التعامل مع ملف الإعلام ورفع الوصاية عن الصحافيين التونسيين وعن الهياكل التي تمثلهم والكف عن تحجيمها وحصر دورها في قضايا جزئية وذلك في نية واضحة لإلهائها عن تناول القضايا والمشاغل الحقيقية لأبناء القطاع.   *اللجنة التونسية لحماية الصحفيين  


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حـــــــــــرية و إنــــــــــصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني: liberte.equite@gmail.com تونس، في 11 صفر 1431 الموافق لـ 27 جانفي 2010

منع الأستاذة إيمان الطريقي من زيارة الناشط الإعلامي والحقوقي زهير مخلوف

 


منعت إدارة سجن المسعدين بولاية سوسة مساء اليوم الأربعاء 27 جانفي 2010 الأستاذة إيمان الطريقي من زيارة منوبها الناشط الحقوقي والإعلامي السيد زهير مخلوف المعتقل حاليا بالسجن المذكور، رغم حصولها صباح اليوم على بطاقة زيارة من محكمة الاستئناف بنابل. وقد أبقت إدارة السجن الأستاذة إيمان الطريقي بحالة ترقب وانتظار أكثر من نصف ساعة دون أن تسمح لها بزيارة السيد زهير مخلوف رغم تمكن زميلها الأستاذ نبيل اللباسي من زيارته لمدة عشر دقائق. وأمام هذه المعاملة السيئة عبرت الأستاذة الطريقي لإدارة السجن عن احتجاجها الشديد واسترجعت بطاقة الزيارة وبطاقتها المهنية دون أن تتمكن من زيارة منوبها رغم أنها خصصت لها يوما كاملا. وحرية وإنصاف: تعتبر هذا التصرف من قبل إدارة سجن المسعدين فيه ازدراء بالمحامين ومنع لهم من أداء واجبهم وهو ما يعاقب عليه القانون جزائيا وهضم لحقوق السجين وخرق للقانون، وتطالب بوضع حد لمثل هذه التصرفات ومعاقبة من يثبت تعمده حرمان السيد زهير مخلوف من حقه في الاتصال بمحاميه كما تطالب بان تكون بطاقة الزيارة صالحة لفترة طويلة تمكن المحامي من القيام بالزيارة في أي وقت تيسر له ما دام موكله بالسجن.  
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


المحكمة الابتدائية بالمهدية تأجل النظر في قضية طلبة إلى فيفري للتصريح بالحكم


السبيل أونلاين – تونس – خاص   قالت مصادر متابعة أن بعض الطلبة مثلوا اليوم الاربعاء 27 جانفي 2010 أمام المحكمة الابتدائية بالمهدية بتهم « تعطيل حرية الشغل و هضم جانب موظف أثناء أدائه لعمله بالقول والتهديد والاعتداء بالعنف الشديد على موظف » .   وتأجلت الجلسة إلى يوم 10 فيفري 2010 للتصريح بالحكم .   وحسب « اللجنة الوطنية لمساندة الطلبة » فإن المرافعات دامت أكثر من ساعتين ، وقد تعمّد القاضي تأجيلها إلى الفترة المسائية ومحاولة جعلها محاكمة سرية بعد أن منعت قوات الأمن المواطنين من الدخول إلى قاعة المحكمة ثمّ تراجعت عن ذلك بعد ردّة فعل المحامين الذين أكّدوا خلال مرافعاتهم على الطابع الكيدي للقضية و التي تستهدف حرية العمل النقابي داخل الجامعة.   ونظرت محكمة المهدية في قضية جواهر شنة الطالبة بالسنة الثالثة انجليزية بكلية الاداب بسوسة ، ومحمد السوداني الطالب المطرود من كلية الاقتصاد بالمهدية ، و أيمن الجعبيري الطالب المطرود من كلية الاقتصاد بالمهدية و الطالبين المطرودين حسان الصماري ورمزي سليمان .   وطالبت اللجنة بإيقاف التتبعات القضائية ضدّهم وإرجاعهم إلى مقاعد الدراسة دون قيد أو شرط ، وبإطلاق سراح بقية الطلبة الموقوفين فورا و تمكينهم من الالتحاق بكلّياتهم.   ودعت إلى إيقاف المحاكمات والاحالات على مجالس التأديب بشأن جميع المناضلات والمناضلين وفتح أبواب الحوار مع الطلبة و ممثليهم والنظر بجدية في مشاكلهم والعمل على حلّها بما يضمن مصالحهم و يحفظ كرامتهم .    (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 27 جانفي 2010 )  


الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية لمساندةالمساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 27 جانفي 2010

إدارة سجن المسعدين تهين المحامين ..و تستخف بالقضاء ..!

 


لا تزال إدارات بعض السجون التونسية تواصل استهتارها بالقانون مستهزئة ببطاقات الزيارة الممضاة من القضاء و الحاملة لأختام وزارة العدل ..وحقوق الإنسان .. فلدى توجه الأستاذين نبيل اللباسي و إيمان الطريقي لزيارة منوبهما زهير مخلوف بسجن المسعدين اليوم الإربعاء 27 جانفي 2010 جوبها بمماطلة دامت ساعات عديدة تم في ختامها تمكين الأستاذ اللباسي من الزيارة فيما تم احتجاز الأستاذة الطريقي داخل السجن و رفض الأعوان إعادة بطاقتها المهنية إثر رفضها مواصلة الإنتظار في ظروف تمس من الإحترام الواجب للمحامين ، و قد تعللت إدارة السجن بوجود خطإ في عدد القضية رغم أن من قام بتعمير بطاقة الزيارة هو القاضي نفسه ..! و إذ تعبر الجمعية عن بالغ استهجانها لسلوك إدارة سجن المسعدين الذي يكشف عن تحد للقضاء و جهل بالقانون فإنها تجدد مطالبتها بالإفراج عن زهير مخلوف و تعتبر استمرار إيقافه من قبيل ..الإحتجاز التعسفي ..! عن الجمعية لجنة متابعة المحاكمات

مخاوف بتونس من تمديد سجن صحفييْن

  


تونس-خميس بن بريك اتهم محامون تونسيون سلطات بلادهم بمحاولة إطالة حكم صادر بحق صحفيين معتقلين هما توفيق بن بريك وزهير مخلوف على خلفية انتقادات وجهاها للحكومة، وهو ما تنفيه الأخيرة. وقال أحمد نجيب الشابي أحد فريق الدفاع عن الصحفيين إن عدم إطلاق سراح مخلوف يوم 20 يناير/كانون الثاني الحالي رغم انتهاء مدة سجنه، يثير مخاوف من « تمديد محكوميته والإمعان في التنكيل به ». ورفضت محكمة الاستئناف بمحافظة نابل الأسبوع الماضي الإفراج عن مخلوف الذي اعتقل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحكم عليه ابتدائيا في ديسمبر/كانون الثاني الماضي بالسجن ثلاثة أشهر بتهمة الإساءة إلى الغير. واعتقل مخلوف بعد إعداده تحقيقا مصورا حول مشاكل البيئة في حي صناعي بنابل (شمال)، وتفاجأ بتحريك قضية ضده من عامل طالب بتعويض بدعوى أنه ظهر في الشريط في وضع غير لائق. وأشار الشابي -وهو زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض- إلى أن كل الاحتمالات واردة لإطالة سجن مخلوف الذي ينتظر حكم الاستئناف بعد أسبوع، بعدما تأجل النطق بالحكم الأسبوع الماضي. خروق وتحدث للجزيرة نت عن خروق قانونية شابت محاكمة مخلوف، فالمحكمة رفضت مقاضاة موكله في حالة سراح وتجاهلت ما نص عليه القانون بالإسراع في محاكمة أي متهم قيد الحجز التحفظي. وكانت أول محاكمة لمخلوف يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد أكثر من شهر على اعتقاله، ما اعتبره الشابي دليلا واضحا على انحياز القضاء إلى السلطة التي تسعى للانتقام حسبه. وندد برفض إدارة السجن يوم 18 يناير/كانون الثاني الجاري تمكين موكله من حضور جنازة شقيقته التي صادفت يوم انقضاء مدة العقوبة، واستنكر ما اعتبره خرقا صارخا لقانون السجون. حكم مؤجل وفيما تعلق ببن بريك، قال المحامي عياشي الهمامي إن رفض محكمة الاستئناف قبل أسبوعين الإفراج عن موكله وتأجيل النطق بالحكم إلى يوم 30 يناير/كانون الثاني الجاري يثير مخاوف حقيقية بشأن تثبيت حكمه. ومضت قرابة ثلاثة أشهر على اعتقال بن بريك الذي حكم عليه ابتدائيا يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 بالسجن ستة أشهر بتهمة الاعتداء على امرأة في الشارع. وقال الهمامي للجزيرة نت إن « القضاء يثبت مرة أخرى أنه تابع للسلطة السياسية لأن مراحل الحكم الابتدائي والاستئناف شهدت خروقات صارخة للقانون ». وأكد أن المحكمة لم تتحقق من شكاية قدمها المحامون بشأن تدليس محضر التحقيق، واعتبر إسراعها في إصدار حكم السجن قبل التثبت والتدقيق دليلا على خضوع القضاء للسلطة التي تسعى « للتشفي » من بن بريك. وأشار إلى أن المحكمة لم تراع الخلفية السياسية للقضية، واعتبر أن بن بريك يواجه مؤامرة كيدية ويعتبر نفسه ضحية سياسية لنشره مقالات نقدية للسلطة وكتابته حوارا خياليا مع الرئيس الحالي زين العابدين بن علي حيث نسب إليه كلاما يغضبه. وندد الهمامي بتأجيل النطق بحكم الاستئناف واستمرار سجن موكله في سجن سليانة (شمال غرب) رغم معاناته ظروفا صحية خطيرة، واستنكر منع محاميه من زيارته في السجن. محاكمة عادلة لكن السلطة تنفي الادعاءات بفبركة وافتعال القضايا، وتعتبر أن الصحفيين يواجهان قضايا حق عام ويتمتعان بشروط المحاكمة العادلة. وتتمسك ريم نصراوي الشاكية بالصحفي بن بريك بأنها كانت ضحية اعتداء وأنها لم تكن تعرفه إطلاقا، ورفضت الاتهامات بأن السلطة جندتها لدفعه للاعتداء عليها للإيقاع به. وتقول المصادر الرسمية إن هناك أطرافا معارضة تسعى لتشويه صورة الحكومة في الخارج وتوريطها في مثل هذه القضايا، مؤكدة أنها لا تتدخل في شؤون القضاء من قريب ولا من بعيد. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ  27 جانفي 2010)  


آخر أنشطة المعهد العربي لحقوق الإنسان ** ورشة تدريبية للمنظمات غير الحكومية المغاربية

 


قمرت ، تونس 26-28 جانفي 2010 تلتئم  بتونس أيام  26 و27 و28 جانفي 2010  ورشة تدريبية للمنظمات غير الحكومية المغاربية حول  » الإطار القانوني والتنفيذي للحماية الدولية لاجئين » بمبادرة مشتركة من المعهد العربي لحقوق الإنسان و المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون الآجئين وبدعم من الاتحاد الأوروبي ، وقد افتتح الورشة صباح أمس رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان ومنسقة مكتب تونس للمفوضية وسفير الاتحاد الأوروبي بتونس وليبيا. ** لقاء حول  » قواعد السلوك لمنظمات المجتمع المدني في العالم العربي »:   19-01/2010 نظم المعهد العربي لحقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة فريديريش ناومان لقاء حول  » قواعد السلوك لمنظمات المجتمع المدني في العالم العربي » ضم ممثلين عن الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والجمعيات الغير حكومية .وذلك لمناقشة ثلاث مشاريع وثائق من حيث مدى انطباق محتواها على الوضع التونسي ،وقد سبق عقد لقاءات أخرى في بعض البلدان العربية مشرقا ومغربا وتتوج هذه السلسلة من اللقاءات بدورة تلتئم بالقاهرة في مقر جامعة الدول العربية يوم 10/02/2010. روضة المعلاوي برنامج الموقع والإعلام  


اعتداء على عاملات معتصمات في الشابة

 


دخل عاملات مؤسسة بادينغتون للنسيج في الشابة في اعتصام مفتوح منذ 19 جانفي 2010 أمام مؤسستهم على اثر غلقها الفجئي من طرف المالك وذلك دفاعا عن حقوقهم وبعد دخول الاعتصام أسبوعه الاول دون إيجاد حل لمشكلتهم قامت اليوم الثلاثاء 26 / 01 / 2010 عاملات مؤسسة بادينغتون بالتوجه الى مؤسسة اخرى لنفس المالك تحمل اسم مؤسسة امو ونفذن اعتصاما امام هذه المؤسسة منذ الصباح الباكر ورغم حضور بعض النقابيين لمسانتدهم في هذا الاعتصام قام صاحب المؤسسة باستقدام غرباء لفك الاعتصام وطرد العاملات باستعمال القوة ولهذا حصل اعتداء على بعض العاملات وهو ما يعتبر تطورا خطيرا في التعامل مع عاملات معتصمات ولهذا تامل العاملات في أشكال مساندة اكثر فاعلية من كافة التشكيلات النقابية الجهوية والوطنية وكافة مكونات المجتمع المدني للتصدي لهذه التجاوزات الخطيرة التي تمنع عاملات من الدفاع عن حقوقهم باستعمال القوة. نقابي – الشابةالمرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux


ابس : توتر في العالمية للخياطة وتجاوزات خطيرة ضد العمال

 


يشهد المناخ الاجتماعي في مؤسسة العالمية للخياطة بقابس توترا متزايدا بسبب إصرار مالك المؤسسة على تجاوز قوانين الشغل والقفز على حقوق العمال منذ سنوات طويلة . تشغل هذه المؤسسة قرابة 210 بين عمل وعاملة افنوا عمرهم في خدمة هذه المؤسسة وقدموا لها من واسع جهدهم وعرقهم رغم ان المالك صاحب المؤسسة كان يقتر عليهم في التغطية الاجتماعية ويماطل في ترسيم من المستحقين ومنذ سنة 2006 بدأت المماطلات في دفع بعض المنح المالية مثل منحة الشهر 13 وبعض المنح الأخرى وصبر العمال على هذه التجاوزات حفاظا على لقمة عيشهم , لكن المالك صاحب المؤسسة تمادى في تجاوزاته ووصل الى حد إيقاف المرتبات منذ شهر ديسمبر الماضي بتعلة عدم وجود طلبات .ثم عمد في غفلة من العمال الى نقل جزء هام من المعدات وآلات إلى مصنع أخر على ملكه بجهة فوشانة – بن عروس وقام بإغلاق المصنع دون إتباع الشروط القانونية وترك العمال في حيرة من أمرهم. لم يجد العمال والعاملات من حل سوى الالتجاء إلى الاتحاد الجهوي للشغل بقابس ودخلوا هناك في اعتصام مفتوح حيث وجدوا كل أشكال التاطير والمساندة من كل أعضاء الاتحاد الجهوي وقد فرض هذا الشكل الاحتجاجي على صاحب المؤسسة التراجع عن خطوة الاغلاق حيث تم فتح المؤسسة من جديد يوم امس 26 جانفي ومازل العمال ينتظرون أجور شهر ديسمبر وينتظرون ايضا الخبر اليقين حول مصير مؤسستهم … نقابي – قابس مراسلة خاصة بالمرصد التونسي للحقوق والحريات النقابيةالمرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux


مُثقفو تونس منقسمون حول حقّ الإسلاميّين السياسيّ


إسماعيل دبارة    
عقب صدور وثيقة جديدة لهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات المعارضة للنظام في تونس، ووسط دعوات لإيجاد الحل المناسب لحركة « النهضة » الإسلامية المحظورة تجدد السجال في العاصمة التونسية حول حقّ الإسلاميين في النشاط السياسيّ. تونس: شهدت الأسابيع الماضية في تونس احتدامًا للجدل حول موضوع التيار الإسلامي وإمكانية عودته للنشاط السياسي المدنيّ والسلميّ. انطلق الجدل مع دعوات أطلقها نشطاء سياسيون تدعو إلى ضرورة إيجاد حلّ لمشكلة حركة « النهضة » الإسلامية المحظورة ، وتعزّز الجدل مع صدور وثيقة جديدة لهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات المعارضة لنظام الرئيس زين الدين بن علي والمكوّنة من تيارات سياسية وإيديولوجية مختلفة من شيوعيين وليبراليين وقوميين ومستقلين. وكانت هيئة 18 أكتوبر/ تشرين الأول للحقوق والحريات في تونس أصدرت وثيقة سياسيّة حول العلاقة بين الدين والدولة كتتمّة لسلسلة من الوثائق، قد تعهّدت الهيئة بإصدارها دفعًا للحراك الفكريّ الذي أعقب تأسيس الهيئة بعد إضراب عن الطعام ، خاضه معارضون بالتوازي مع قمّة « مجتمع المعلومات » التي أقيمت في تونس برعاية منظمة الأمم المتحدة في عام 2005. موضوع عودة الإسلاميين للعمل السياسي مُمثلين في حزب (النهضة) المحظور كان محل خلاف بين عدد من التيارات السياسية التونسيّة وعلى رأسهم نظام الرئيس بن علي الذي خاض ضدّ هذه الحركة حملة أمنية أدت إلى القضاء عليها تقريبا ، إلا أن تكتّل 18 أكتوبر تمكّن من فتح جدل فكريّ أدى إلى استصدار وثائق بمعية الإسلاميين على غرار وثيقتي « المساواة بين الجنسين » و »حرية الضمير والمعتقد » كمحاولة لرفع اللبس الذي كان قائما حول كيفية ومدى استبطان واستيعاب أطراف هذا التكتّل لمفهوم الديمقراطية. وفي كانون الاول- ديسمبر الماضي أصدرت الهيئة وثيقة جديدة حول « الدولة والدين » لوضع حصيلة لموقف الفرقاء المُتباينين من موقع الدين الإسلامي في الدولة الديمقراطية المنشودة ومن طبيعة العلاقة بين الديني والسياسي وكيفية إقامة دولة مدنية وديمقراطية تحترم وتضمن حقوق وحريات المواطنين الفردية والعامة وتصون هوية الشعب التونسيّ.   وأكّدت وثيقة « الدولة والدين » على وجود ثلاثة تحديات تواجه الشعب التونسي في تطلعه إلى انجاز تغيير ديمقراطي حقيقي وتأسيس علاقة سليمة بين الدين والدولة، وتتمثل هذه التحديات في « استبداد السلطة » الذي من مظاهره إخضاع الدين الإسلامي للإرادة السياسية للنظام القائم وتوظيفه، و »الاستبداد باسم الدين » الناجم عن قراءة أحادية مغالية للإسلام والذي يؤدي إلى التدخل بالقوة في حياة المواطنين ، والى النيل من حقوقهم وحرياتهم الأساسية ومن المبادئ الديمقراطية، ثمّ « الاستبداد باسم الحداثة » الذي يعمل على إلغاء الدين من الحياة العامة بوسائل قهرية من داخل أجهزة الدولة وخارجها ويدفع نحو التصادم بين الدولة والدين. وهو تصور يؤدي إلى الاستبداد القائم ويدعم انتهاك الحريات وحقوق الإنسان وتعطيل المشروع الديمقراطي  » بحسب ما جاء في الوثيقة المذكورة. ومنذ صدور الوثيقة ، تعدّدت الردود الداعمة والرافضة لها والتي وجدت حدّا ادنى من التفاهم بين العلمانيين والإسلاميين ، وكتب عدد من المثقفين والسياسيّين من خارج الهيئة عن الموضوع عبر مواقع الانترنت المحلية، في حين كانت صحيفة « الموقف » لسان الحزب الديمقراطي التقدّمي (معارض وأحد مكونات هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات) محملاً لجدل استمرّ أسابيع حول وثيقة « الدين و الدولة » التي شدّدت على أنّ الديمقراطية المنشودة لا يمكن أن تكون إلا دولة مدنية، قائمة على مبادئ الجمهورية وحقوق الإنسان، وتستمد مشروعيتها من إرادة الشعب، وتقوم على مبادئ المواطنة والحرية والمساواة وتسهر على ضمان حرية المعتقد والتفكير، ومقاومة كل أشكال التمييز بين المواطنين. ويقول الكاتب والمفكّر التونسي البحري العرفاوي في لقاء مع « إيلاف » إنّ « الحوار ضرورة دائمة في العمران البشري. أما أن نصوصا ووثائق نشرت مؤخرًا في علاقة بين السلطة والإسلاميين فالأمر ـ كما أرى ـ متعلق بنوايا حسنة من قبل الكثير من الإسلاميين وبعضهم من النخبة التونسية وربما يغذي ذاك التفاؤل ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية يوم 12 تشرين الاول- نوفمبر 2009 في خطاب القسم من إعلان واضح عن « القلب المفتوح واليد الممدودة لكل التونسيين والتونسيات دون إقصاء أو استثناء لأحد ». وحول التساؤل عن لماذا الآن؟ فيقول ان السؤال الأحق: لماذا تأخر الحوار بين شركاء الوطن حتى الآن؟ وعن العلاقة المرتقبة فيقول ان السياسة لعبة المفاجآت والرسائل الخفية. ولا يتمنى الوطنيون إلا التوافق بين كل أبناء الوطن على الحد الأقصى من مقومات المواطنة. الى ذلك، لم ترض الوثيقة عدد من رموز العلمانية في تونس خصوصًا الماركسيين ، ممن انحازوا إلى موقف الحكومة في رفض التعامل والحوار مع الإسلاميين ، واعتبر بعضهم أنّ « النهضة » تبقى حركة إرهابية لا تؤمن بالعمل السياسيّ المدنيّ لأنها لم تفصل بعد بين الدين والسياسة. صالح الزغيدي الوجه العلمانيّ التونسيّ المعروف ، استغرب في مقال له بجريدة « الموقف » نشر في سياق الجدل الدائر حول وثيقة « الدولة والدين » من أنّ « الدعاة إلى هذا التحالف الغريب يرون أن ثمة إمكانية لتطوير قناعات ومواقف حليفهم النهضوي في عديد القضايا ، بما فيها قضية العلاقة بين الدولة والدين…وها نحن اليوم أمام هذا المولود الجديد والمنتظر: موقف مشترك بين الأحزاب المكونة للتحالف ، بما في ذلك فصيله الأصولي الإسلامي… السؤال المطروح على الساحة السياسية والفكرية منذ الإعلان عن تأسيس هذا التحالف :هل يغير الحزب الإسلامي (حركة النهضة) أحد الحزبين الرئيسين في التحالف طبيعته كحزب ديني ليتحول إلى حزب مدني مثل الأحزاب الأخرى ويتموقع حسب برامجه على اليمين أو على اليسار أو على وسط اليمين أو كما شاء وأراد؟ ». ويرى البحري العرفاوي الذي شارك هو الآخر في الجدل حول موضوع الإسلاميين وعودتهم إلى الساحة السياسية أن « حالة التنافي هذه حالة متبادلة بين مختلف التيارات السياسية على تنوع مصادرها العقدية والفلسفية .فربما يكون اليساريون العلمانيون أيضًا محل اعتراض على تواجدهم من قبل إسلاميين ». ويضيف أما أن يكون الإسلاميون اليوم هم الأكثر تضررا من الإقصاء فلأن خصومهم أكثر من أصدقائهم بسبب اصطفاف أحزاب عديدة وجمعيات ونخب خلف قرار السلطة. ويأسف عدد من العلمانيين في تونس على غرار صالح الزغيدي مما يرونه « تأقلما من دعاة الحداثة مع استحقاقات حزب « النهضة » الذي يريد أن يبقي البلاد خارج القيم الكونية مع الاكتفاء ب »الانفتاح – والانفتاح فقط وهو ما يعني عدم الانصهار- على القيم العصرية » على حدّ تعبير الزغيدي. ويقول الكاتب بحري العرفاوي لإيلاف: »أعتقد أن المشكلة لا تكمن في موقف طرف من آخر فتلك فروع المشكلة أما أصلها فهو الثقافة المتصلبة والعقلية المستبدة والصدور الضيقة والأنفس المنقبضة. أنا لا أتصور كيف يمكن أن يتآمر مواطن عاقل على شريكه في الوطن يُقصيه ويكتم صوته ويؤذيه في ذاته وفي أهله وفي معاشه! ويضيف ان وجود متطرفين من اليسار أو من الإسلاميين ضرورة معرفية لتنبيه العقول وتفعيل التدافع كشرط للتطور والتجدد. لا خوفَ من الأفكار المتطرفة إنما الخوفُ من السياسة المستبدة ».  جدير بالذكر أنّ حركة « النهضة » الإسلامية تعرّضت في بداية التسعينات من القرن الماضي إلى ضربة أمنية كبيرة من طرف نظام الرئيس بن علي أدّت إلى تفكيكها وتحجيم حضورها وتهجير عدد من قياداتها وسجن المئات من كوادرها، بعد أن اتهمت بممارسة العنف والإرهاب ، إلا أنها استعادت حضورها السياسيّ بشكل تدريجي مع تأسيس « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات ».
(المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 27 جانفي 2010)  


الرئيس التونسي يضمّ أحد المرشحين لخلافته لأعلى هيئة قيادية في الحزب الحاكم

 


أعلن الحزب الحاكم في تونس الثلاثاء (27/1) أنّه تمّ تعيين السيد كمال مرجان وزير الخارجية ضمن أعضاء الديوان السياسي، أعلى هيئة قيادية لهذا الحزب. وبمقتضى هذا القرار الذي اتخذه رئيس الدولة ورئيس التجمع الدستوري الديمقراطي، ارتفع عدد أعضاء الديوان السياسي إلى عشرة دون المساس بالتركيبة السابقة. وكان مرجان (61 عاما) قد انضمّ إلى اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في آب (أغسطس) 2008 بتعيين من الرئيس بن علي نفسه. ولم يعرف عن الرجل مسيرة حزبية حيث قضّى معظم مسيرته المهنية بمنظمة الأمم المتحدة . (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 27 جانفي 2010)  
 

 
حول أحداث مدينة قفصة 1980

بعد ثلاثين سنة على أحداث مدينة  قفصة: شاهد عيّان يروي بعض التفاصيل.

 


يصادف يوم 27 جانفي 2010 الذكرى الثلاثين لعملية الهجوم على مدينة قفصة بالوسط الغربي للبلاد التونسية من طرف مجموعة مسلّحة من التونسيين بتواطئ مع السلطات الليبية و الجزائرية آنذاك. و بهذه المناسبة يدلي السّيد محمد العماري لموقع المعهد التونسي للعلاقات الدوليّة، بما شاهده و عاشه في ذلك اليوم باعتباره كان عسكريا سابقا منخرطا بوحدات فيلق 31 للمدرّعات، وممن عاينوا هذه الحادثة الأليمة.   أجرى الحوار: د. أحمد المناعي المعهد التونسي للعلاقات الدوليّة/ س: في البداية كانت الحادثة وتطوراتها الميدانيّة؟ الحادثة كانت يوم الأحد 27 جانفي 1980 عند الساعة الثانية صباحا، عندما انطلقت مجموعة مسلحة متكونة من قرابة 60 مسلّحًا، حيث هاجمت على الساعة الثانية صباحًا مراكز الأمن من شرطة و حرس وطني داخل المدينة بالتوازي في الهجوم على ثكنة أحمد التليلي التي تقع وسط المدينة. كانت آنذاك شبه خالية من وحدات الفيلق 11 للمشاة، التي كانت وقتئذٍ في مهمّة دورية بالصحراء بالجنوب التونسي لمدّة شهر. فلم يكن متواجدًا فيها  أثناء الهجوم غير فصيل للحراسة و آخر للقيادة و المصالح و كذلك  فصيل تابع لفوج الشرف كانوا في طريقهم إلى العاصمة بعد مهمّة استقبال الرّئيس بورقيبة في مدينة توزر. أما ثكنة الهادي خفشة التي  تقع على أطراف المدينة لم يكن متواجدا فيها ساعتها إلا حوالي 300 من المجندين الجدد،  كانوا تحت تأثير تطعيم (تي. أ. بي) وهو تطعيم إجباري لكل مستجدّ و يستوجب راحة بـ 48 ساعة بعد كلّ تطعيم. و قد تم اقتحام الثكنتين بعد معركة ضارية بينهم و بين الحراس أُستُعمل فيها السلاح الأبيض و الناري و كاتم الصوت، انتهت بإعدام الحراس رمْيًا بالرّصاص من طرف المهاجمين و سقوط قتلى و جرحى من الجانبين، ثم، وعن طريق أحدهم سبق له أن قضى الخدمة العسكرية داخل الثكنة المستهدفة، عمدوا إلى استخراج كميات من السلاح الخفيف و الذخيرة، عجزوا على استعماله فيما بعد لأسباب فنّية. ومثلما استفيد فيما بعد من بعض الناجين، التحقت المجموعة المهاجمة لثكنة احمد التليلي ومراكز الأمن، ببقيّة المسلحين  داخل ثكنة الهادي خفشّة بعد ما عاثوا فسادًا في طريقهم في المدنيين، الذين في أغلبهم من الباعة المتجوّلين حسب ما تبيّن من سياراتهم المهشمة والمحمّلة بالبضائع. وقد تم  كذلك  تعطيل حافلة جزائرية في طريقها الى طرابلس واستخدامها كحاجز من طرف المسلحين بعد أن تم إيقاف ركابها في شكل رهائن. كما عمدوا إلى قتل كثير من المواطنين ممن امتنعوا عن حمل السلاح معهم و الالتحاق بصفوفهم لإنجاز « الثورة » حسب زعمهم. و في حدود الساعة الثامنة صباحًا ساق المهاجمون كل من في الثكنة (حوالي 300 مجند) إلى معهد ثانوي قريب حيث تم احتجازهم كرهائن في قاعة رياضية هناك. و في حدود الساعة الحادية عشر وصلت وحدتان من فوج 33 لمدرّعات  الاستطلاع بقيادة المقدم آنذاك الطاهر بوبكر من مدينة القصرين التي تبعد حوالي 125 كلم شمال غرب قفصة. و في حدود الساعة الثانية بعد الظهر و بعد تطهير الثكنات و التّمركز داخلها و حول المعهد الثانوي الذي يتحصّن فيه المسلحون و قرابة 300 جندي عزلا كرهائن، بدأت هذه القوة بالهجوم و فتح النار. و في حدود الساعة الثالثة بعد الظهر وصلت وحدة مدرّعات ثقيلة من الفوج 31 للمصفحات بمدينة قابس التي تبعد حوالي 136 كلم جنوب شرق قفصة. و عند الساعة الرابعة عصرا كان كل شيء قد تم تقريبا: من تحرير الجنود الرهائن الذين اغتنموا  بدورهم فرصة اشتباك المسلّحين مع قوات الجيش للهروب من الأسر و التفرّق داخل المدينة و الوصول إلى الخطوط الخلفية لقوات الجيش و الاحتماء بها.. إلى  قتل و أسر جُل المسلحين إلاّ القليل منهم الذين استطاعوا الانسحاب و التخفي داخل الأحياء السكنية. و في اليوم الموالي أي 28 جانفي، تم تمشيط بعض الأحياء من أهمها حي النور معقل المسلحين، حيث تم استرجاع الأسلحة المستخرجة من الثكنة و أسلحة أخرى و معدّات اتّصال و وثائق. كما تم القبض على بعض الفارين على أيدي قوات الطلائع (قوات خاصة) التي قامت حينئذ بالتمشيط بالاشتراك مع قوات المدرعات. كما تمّ في الأيام الموالية ملاحقة المختفين والذين استطاعوا الخروج من مدينة قفصة و التسلل إلى الأماكن المجاورة مثل ما حدث مع « أحمد المرغني » القائد العسكري للعملية و اثنين من مرافقيه وإلقاء القبض عليهم بضواحي حامة  قابس يوم 6 فيفري، بعد استسلام « عز الدين الشريف » قائدها السياسي وأصيل مدينة قفصة. و قد تبيّن بعد ذلك أن « أحمد المرغني » (أصيل مدينة جرجيس بالجنوب الشرقي للبلاد التونسية) قد غادر مسرح العمليّة يوم 27 جانفي صباحًا بعدما تبين له فشل العملية و كان ينوي الرجوع إلى التراب الليبي..   المعهد التونسي للعلاقات الدوليّة/ س: ما قولك في ما أشيع وقتها بأن المهاجمين قد سيطروا على المدينة سيطرة كاملة لمدّة أسبوع؟ إن المسلّحين لم يتمكّنوا من السيطرة حتى على بعض أجزاء من المدينة، بل كانت سيطرتهم في ظل غياب تواجد قوات للردع، إلا على بعض النقاط المحدودة ولبضع ساعات فقط بسبب عدم استجابة سكان مدينة قفصة لنداءات المسلحين المتكررة لحمل السلاح والالتحاق بهم.  هذا الفشل أصبح تاما بدخول قوات الجيش للمدينة وإعلان السيطرة عليها.   المعهد التونسي للعلاقات الدوليّة/ س: ما حقيقة في ما أشيع من تدخل وحدات أجنبية ميدانية و مشاركتها في « تحرير » مدينة قفصة؟ لم يكن هناك احتلالا لمدينة قفصة حتى يكون هناك تحرير، بل هي عملية تحرير لرهائن وتطهير للمدينة بالمفهوم العسكري، كانت قد تمّت على أيدي قوات الجيش التونسي و الآمن الداخلي دون الاستعانة بأي قوات ميدانية أجنبية عكس ما يُرَوّج البعض لذلك. و للتاريخ فأن المساعدة الفرنسية و المغربية بعد ذلك كانت قد انحصرت لوجستيكيًا فقط. حيث وضعا طائرات نقل عسكريّة عملاقة على ذمّة الجيش التونسي لنقل بعض القوات و المعدات و الذخائر إلى الجنوب الشرقي لتعزيز الوحدات المتواجدة هناك: ليس لفكّ الحصار على قفصة، باعتبار أن المسالة وقع تطويقها منذ الساعات الأولى و القضاء عليها، بل تحسبًا لهجوم ليبي على الأراضي التونسية بعد التوتّر الشديد الذي حدث لاحقا بين البلدين اثر اكتشاف ملابسات العملية و التورّط المفضوح للنّظام الليبي فيها.  
محمد العماري – عسكري سابق
mohammedlamari@yahoo.fr http://rsistancedespeuples.blogspot.com/  


رغم أنّها تزخر بالإعلاميّين التونسيّين، إلا أنّه « العداء المقدّس » تجاه الجزيرة!.


تونس- الحوار نت – يبدو أنّ مساحة الحريّة التي خصّت بها سلطات الإشراف جريدة الصباح التونسيّة والتي كنّا نستبشر أن تكون نواة لتطوّر إعلامي بالاتجاه المنشود، هذه المساحة وظّفت في الاتجاه الخطأ وعوضا من أن تركز على حقوق المواطن وحريته وتقليص هيمنة الرقيب لصالح الكلمة الحرّة، اتجهت إلى العبث بحقوق الآخرين وتشجيع بعض شرائح الشباب على قرصنة القنوات المشفّرة. هذه اليومية ذاتها كانت قد نشرت منذ أيام نصّا بهذا الصدد، تضمّن دعوة سافرة إلى فكّ الشفرات لدى القنوات المشفّرة، وعادت هذا الأسبوع لتقدّم تفاصيلا إضافية على القنوات المستهدفة وتردّداتها، ثم لتشدّ أزر القراصنة وتقدّمهم كأبطال وعباقرة، هذا الفعل وإن كان منتشرا لدى الكثير من المبحرين في الشبكة العنكبوتيّة فإنّه يستنكر بل ويجرّم إذا ما صدر من وسيلة إعلامية تعتبر لسان حال السلطة ناهيك وأنّ الشبكة المستهدفة وفّرت للجمهور التونسي بثّ جميع مقابلات المنتخب بالمجّان على قناتها الثانية، ومكّنت القنوات الوطنية من استعمال مفتوح للقطات المقابلات في برامجها الرياضيّة وغيرها في الوقت الذي لا يسمح لقنوات بلدان أخرى بهذا الاستعمال مما اضطرها إلى الاستعانة بالصور في تحاليلها. إذًا مازالت وسائل الإعلام التونسيّة الرسميّة مصرّة على محاربة الجزيرة بدل الاستفادة من تجربتها الرائدة، بل ومن العجائب أنّ وسائل الإعلام هذه تسعى جاهدة لتشويه وتقزيم شبكة تزخر بالطاقات الإعلاميّة التونسيّة. للتذكير فأنّ قناة الجزيرة الرياضيّة تعتمد بشكل كبير على العنصر التونسي، الأمر الذي أثار حفيظة منشطي حصص تلفزية في بعض الدول العربية وجعلهم يعربون عدة مرّات عن سرّ اعتماد الشبكة على إعلاميي دولة صغيرة لا تكاد تذكر أمام خامات وقدرات دولتهم الكبيرة على حدّ قولهم. وجوه مثل مهيب بن شويخة، هشام الخلصي، طارق ذياب، نبيل معلول، حسام الحاج علي، نافع بن عاشور، رؤوف بن خليف، عادل السليمي، عصام الشوال، نجيب ليمام وغيرهم ممن احتشدوا في باقة الجزيرة الرياضيّة يكونون قد استفزوا بعض « كبراء » الإعلام في المنطقة العربية، زد عليه التذمر الدائر هذه الأيام عبر الشبكة العنكبوتية من جرّاء سيطرة التوانسة على قنوات الجزيرة الرياضية. من البديهيات لدى سياسات أيّ إعلام وطني أنّه يسعى لتثمين وإبراز إشعاع أبناء وطنه في المحافل الإقليميّة والدوليّة، أمّا بالنسبة إلى الإعلام التونسي فيبدو أنّ مفهوم الوطنيّة مغاير تماما للمفاهيم المتعارف عليها ويحصر الوطنية بل ويحشرها في شخص الزعيم، ومن هذه النافذة تزكى وطنية المواطن أو تدان.    (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 26 جانفي  2010)  


من الذاكرة الوطنية – الحبيب بورقيبة في أريحا: هذه نصيحتي إليكم، لعلكم تذكرونها وتذكرونني


ننشر في هذه الحلقة الجزء الثاني والاخير من الخطاب الذي ألقاه الزعيم الحبيب بورقيبة في أريحا يوم 3 مارس 1965 والذي ختمه بقوله مخاطبا اللاجئين الفلسطينيين « هذه نصيحتي أسديها وطريقتي أعرضها عليكم في هذه الزيارة التي لا أعلم هل ستمتدّ بي الحياة حتى تتاح لي مرّة أخرى، ولعّلكم تذكرونها وتذكرون الحبيب بورقيبة ». الثقة بالقائد «…وبالاضافة الى واجبات القيادة الحكيمة يتحتم على العرب جميعا سواء في المغرب أو المشرق أن يعززوا جهادكم بتحمسّهم لقضيتكم وتفكيرهم في ما يرفع عنكم بَلْوَاكُمْ. وينبغي على العرب جميعا سواء في المشرق او المغرب الامساك عن عرقلة الخطط التي ترسمها القيادة، كما حدث في الماضي حين تعطّلت فاعلية القيادات أكثر من مرة بمفعول ما واجهته من اعتراضات شلّت حركتها. وكيف يكتب النجاح لزعيم عربي إذا اتهمه الناس بالخيانة وبأنه عميل للاستعمار، لأول بادرة تصدر عنه قصد إخراج مشكلة عربية من مأزق وقعت فيه، كأن يقترح حلاّ وقتيا غير كامل أو الدخول في مفاوضات مع الخصم تمهيدا للظفر بالحل الكامل. فهو بدل أن يلقى التفهم لخطّته والانصياع لما تشير به المصلحة، يقابله الناس بمهاترات ومزايدات لا تغني عن الواقع شيئا، لذلك ينبغي أن يثق الشعب بزعمائه باعتبارهم المسؤولين عن حظوظه، فيترك لهم حرية التصرف لبلوغ الهدف. سياسة «الكل او لا شيء» قادتنا إلى المأزق ولا أنكر أن الزعيم تأتي عليه فترات يشعر فيها بالحرج عند اتخاذه مواقف لا تحظى لأول وهلة بارتياح الجماهير وتفهمها، وهذا ما حدث لي بالضبط في عدة مراحل من كفاح تونس دعوت فيها الشعب إلى الاعتقاد بأن المعركة ليست ميسورة وبأن الخصوم أقوياء وانه لابد من الوقت لتفكيك صفوفهم وكسب الأنصار لقضيتنا، وهو ما لا يكون أبدا بسلوك سياسة «الكل أو لا شيء» التي قادتنا إلى المأزق الذي نحن فيه وجلبت لنا الهزائم التي مازلنا نجّر ذيولها حتى اليوم. ان كفاحنا في تونس لم ينجح في بضع سنين إلا لأننا أعرضنا عن سياسة «الكل أو لا شيء» واعتبرنا أن كل خطوة نخطوها أداة تقرّبنا من هدفنا الذي بقينا متمسكّين به وهو الاستقلال وتجزئة كفاحنا إلى مراحل سهّلت على فرنسا نفسها التنازل، وجعلتها ترضى بقبول اجتياز مرحلة واحدة في كل مرة باعتبارها أخف الضررين بالنسبة إليها، وظنّا منها أنها قد تضمن بذلك البقية الباقية من نفوذها وسيطرتها الاستعمارية. بيد أننا كلما خطونا خطوة قطعنا شوطا جديدا نحو الهدف الأسمى، فازدادت فرنسا ضعفا وازددنا قوة مكّنتنا من عوامل جديدة للضغط عليها، بالشغب والمظاهرات وعصابات المقاومة، إلى أن كانت آخر مرحلة عندما خاض شعب تونس معركة بنزرت فحقق الجلاء التام. رفض العرب الكتاب الابيض والتقسيم فندموا… إنّنا لو رفضنا الحلول المنقوصة مثلما رفض العرب الكتاب الأبيض والتقسيم ـ وقد ندموا على هذا الرفض فيما بعد ـ لظلّت تونس إلى هذا اليوم منكوبة بالاستعمار الفرنسي. فالحكمة إذن في كفاءة القيادة وفي اختيار السبل وفي حرية التصرف، بشرط ان يتوفّر الصدق والنزاهة والتفاني كي تكون كل مرحلة تمهيدا لما بعدها. وصيّتي إليكم هذا ما أردت أن أقوله لكم باعتباري أخالكم، عَرَكَتْهُ الأحداث ومارس أكثر من تجربة في مكافحة الاستعمار. أمّا إخوانكم التونسيون فقد آمنوا بالطريقة التي دعوت إليها، ومن ثمّ أصبحوا يرتاحون لكل ما أسطّره من خطط، ويقبلون حتى تلك التي يضيقون بها، بوازع من ثقتهم التي يحيطونني بها على أساس ما سبق من تجارب، فكانت النتيجة والحمد للّه، أن تحرّرت بلادنا وأصبحنا سادة فيها. لعلّكم تذكرون هذه الزيارة وتذكرون بورقيبة هذه نصيحتي أسديها وطريقتي أعرضها عليكم في هذه الزيارة التي لا أعلم هل ستمتدّ بي الحياة حتى تتاح لي مرة ثانية، ولعلكم تذكرونها وتذكرون الحبيب بورقيبة ذات الامكانيات المتواضعة التي تقدم بها إليكم وإلى كل العرب عساها تكون عمادا لكم إلى جانب العاطفة والحماس والقصائد الملتهبة، لعلكم تعتبرون من بين معطيات هذه القضية نصيحة رجل حنّكته التجارب ولا يتطرّق إليكم الشك في صدقه وإخلاصه وتفانيه. حتى لا نظل نردّد بلا جدوى أغاني العودة والوطن السليب وإني أناشدكم الأخذ بها للوصول إلى الهدف حتّى  لا نظلّ ـ بعد سبعة عشر عاما أخرى أو عشرين أو مائة ـ نردّد بدون جدوى أغاني العودة والوطن السليب. ذلك أن كفاحنا لو يقتصر أمره على العاطفة الملتهبة فحسب، فإننا سنبقى على هذه الحال قرونا وقرونا. ومهما يكن من أمر، فلابد أن يبرز من صفوف العرب رجال لهم من الشجاعة ما يكفي لمصارحة الشعب ومواصلة الكفاح بجميع منعرجاته وفي كل أطواره ومراحله، بما يقتضيه من دهاء وكرّ وفرّ حتى نضمن ليس لأنفسنا فقط، بل وللأجيال التي ستأتي من بعدنا، النصر الحقيقي الكامل واسترجاع الحق السليب. التخلص من المركّبات ورجائي أن تتدبّروا ما قلته لأنّه نابع من ضميري، ولأنّ اللّه سوف يحاسبني عليه، وإنّما الأعمال بالنيات. ودعائي لكم في ختام هذه الكلمة بالتوفيق والصبر، وللمسلمين بالتكتل، وللقادة بالانسجام والتخلص من كل المركّبات، سواء كانت مركّبات نقص يشعرون بها أمام قوة العدو، أو مركبات غرور وتهوّر وارتماء على الهزيمة المؤكدة دون تقدير للعواقب، وبذلك نوفّر لمعركتنا أسباب النجاح، وبذلك وحده، وعلى هذا الأساس يحق لنا أن نتمثّل بقوله تعالى: « وللّه العزّة ولرسوله وللمؤمنين ».  محمد علي الحباشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2010

رغم فشله في قيادة المنتخب إلى الربع النهائي في أمم أفريقيا

الاتحاد التونسي يتفق مع البنزرتي على الاستمرار مع نسور قرطاجمدرب الترجي التونسي رويترز


قال الاتحاد التونسي لكرة القدم الأربعاء 27-01-2010، إنه اتفق مبدئيا مع المدرب فوزي البنزرتي على مواصلة الإشراف على الجهاز الفني لمنتخب تونس الأول رغم إخفاقه في قيادة نسور قرطاج لتخطي الدور الأول في نهائيات كأس الأمم الأفريقية المقامة حاليا في أنغولا. وقال أحمد علولو رئيس لجنة المنتخبات بالاتحاد التونسي لكرة القدم في مؤتمر صحفي « توصل اتحاد كرة القدم إلى اتفاق مبدئي مع المدرب فوزي لتولي الإشراف على الجهاز الفني للمنتخب الوطني بعد إنهاء ارتباطه بالترجي إثر نهاية الموسم الكروي الحالي ».وكان الاتحاد التونسي استنجد بالبنزرتي البالغ من العمر 60 عاما لقيادة المنتخب التونسي في نهائيات كأس أمم أفريقيا بعد إقالة البرتغالي همبرتو كويليو عقب فشله في قيادة الفريق إلى نهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا. وكانت تقارير صحفية قالت إن الاتحاد التونسي دخل في مفاوضات مع عدة مدربين من بينهم الفرنسي ايلي بوب ومواطنه باتريك لويج للإشراف على تدريب تونس لكن رئيس لجنة المنتخبات نفى صحة هذه التقارير. وقال علولو « لم يتصل الاتحاد بأي مدرب ويشعر بالرضا عن الجهد الكبير الذي قام به البنزرتي خلال منافسات كأس أمم أفريقيا رغم أن النتيجة لم تكن في قيمة التطلعات ». وودعت تونس نهائيات كأس الأمم الأفريقية بعد أن تعادلت في ثلاث مباريات في دور المجموعات أمام زامبيا والجابون والكاميرون.  
 
(المصدر:موقع العربية نت بتاريخ 27 جانفي 2010)

الجزائر: الأحزاب الإسلامية تشجب إحراق مسجد في «القبائل»

 


الجزائر – حسين بوجمعة  استنكرت الأحزاب الإسلامية بالجزائر إقدام مجموعة أشخاص ببلدية أغريب بولاية تيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى (معظم سكانها من الأمازيغ)، على حرق مسجد يتواجد في طور الإنجاز. فقد أصدرت كل من حركتي «مجتمع السلم (حمس)» و «النهضة»، بيانات شجب واستنكار لهذه التصرفات الدخيلة على المجتمع الجزائري. وجاء في بيان حركة مجتمع السلم (الإخوانية)، الذي حصلت «العرب» على نسخة منه، «أنها تلقت خبر إقدام مجموعة من المتهورين في بلدية أغريب بولاية تيزي وزو (100 كم شرقي العاصمة الجزائر) على إحراق مسجد في طور الإنجاز بالكثير من المرارة والاستنكار لهذا الجرم العظيم، وتؤكد الحركة أن هذا الفعل يصب في إطار التشويه الذي تمارسه عدة أطراف لسمعة هذه المنطقة (القبائل) الطيبة التي تحتل المرتبة الأولى وطنيا في عدد المساجد». ودعا إخوان الجزائر «السلطات المعنية إلى اتخاذ جميع الإجراءات القانونية لردع هذه التصرفات ومتابعة مقترفي هذا الجرم». كما «حيوا مواطني بلدية أغريب الذين وقفوا وقفة الرجال أمام هذا الوضع الخطير، معلنين عن استماتتهم في الدفاع عن المقدسات الإسلامية وأن هذا الجرم لن يزيدهم إلا تمسكا بدينهم وعقيدتهم». من جهتها، استنكرت ونددت حركة «النهضة» حرق مسجد بلدية أغريب، كما حذرت من عواقبه الوخيمة. وذكر بيان للحركة تلقت «العرب» نسخة منه أيضا أن «حركة النهضة إذ تستنكر هذا الفعل الشنيع وتندد به، وتحذر من عواقب تكراره، فإنها تعتبر هذا الفعل مساسا خطيرا بأعظم مقدسات الشعب الجزائري وتعديا صارخا على أحكام الدستور والقانون». مشيرة إلى أن «ما قامت به هذه الفئة الاستئصالية امتداد لحملة التنصير في المنطقة وانخراط في أجندة أجنبية تهدف إلى المساس بوحدة الوطن وأمنه وسلامته». وطلبت حركة النهضة، التي أسسها المعارض الإسلامي، عبدالله جاب الله، من السلطات الجزائرية، وخصت بالذكر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، التدخل العاجل لوقف ووضع حد لهذه الاستفزازات قبل أن تتحول إلى فتنة غير محسوبة العواقب. كما «حيَّت سكان مدينة أغريب على تمسكهم بدينهم وثباتهم عليه، وتفويت الفرصة على المتربصين باستقرار مدينتهم، وليس ذلك بغريب على منطقة تشبع أهلها بالإسلام والدعوة إليه والذود عنه». تأتي حادثة إحراق مسجد أغريب، بعد أقل من 3 أسابيع، بعد تعرض مبنى بحي بكار في مدينة تيزي وزو، اتخذت منه مجموعة من المسيحيين كنيسة غير مرخَّص بها، مثلما أوضحت وزارة الشؤون الدينية الجزائرية، في بيان رسمي لها عقب الحادثة. وذكرت التقارير يومها أن مجموعة تتشكل من حوالي 20 شخصا من مواطني منطقة حي بكار جاءت في حدود الساعة الـ11 ليلا، وأقدمت على حرق كنيسة تفات؛ لأنها كانت تنشط دون ترخيص من السلطات المعنية وفي تجمع سكاني. ومعلوم أن ولايات تيزي وزو ومنطقة القبائل بشكل عام تعتبر من المناطق التي يركز بها المنصرون البروتستانت نشاطهم. والمفارقة العجيبة أن منطقة القبائل تنتشر بها مدارس تحفيظ القرآن أو الكتاتيب، والتي يطلق عليها بالجزائر «الزوايا»، وهي طرق صوفية مختلفة. يُشار إلى أن السلطات الولائية لتيزي وزو كانت قد أصدرت قبل أشهر قرارا بإغلاق الكنيسة المذكورة؛ لأنها تنشط دون ترخيص، ومخالفة لقانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين الذي أصدره المشرع الجزائري ربيع عام 2006، لكن مرتادي هذه الكنيسة رفضوا تطبيق القرار، واستمروا في نشاطهم.  
(المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 27 جانفي 2010)  


وفي آخر المطاف.. هل هناك حلّ؟

  


منصف المرزوقي في كتابه « البقاء إبّان الأزمات » يستنتج جاك أتالي من استشراف المستقبل أنه زاهر بالنسبة لشعوب آسيا، لكن الأربعمائة مليون عربي سيتدنى مستواهم في كل المجالات إلى ما تحت المعدل العالمي وسيبقون خارج التاريخ. كم غريب وصولنا لهذه الحالة ونحن نجري منذ النهضة وراء حلّ الإشكالية المزمنة: كيف نردم الهوة بيننا وبين الغرب وكيف الخروج من تخلف انجرّ عنه داخليا الجهل والظلم والفقر والعقم الحضاري وخارجيا التبعية؟ لنستعرض ما جربنا لحدّ الآن -أو حاولنا تجريبه- من حلول.  » أضاف القوميون لموبقات الوطنيين تهشيم البلد الواحد, ساهموا في تكريه شعوبنا في بعضها البعض, أما فشل الشيوعيين فقد ثبت لحسن الحظ في بلدان غير بلداننا  » – الحلّ الوطني: منطلقه تقديس الأرض المطوقة بحدود خيالية رسمتها صدف التاريخ وتعظيم كائن خيالي اسمه الشعب واعتبار بناء دولته المستقلة الطريق لإخراجه من الظلمات إلى النور، كل هذا بقيادة نخبة مختارة من أبنائه هم الوطنيون أي الأوصياء الذين كلفهم التاريخ بتخليص الشعب من براثن الاحتلال الخارجي والسهر على قيادته وتربيته وتنميته. – الحلّ القومي: منطلقه تقديس الأرض التي تمتد من المحيط إلى الخليج وتعظيم الأمة العربية واعتبار بناء دولتها المتحدة الطريق لإخراجها من الظلمات إلى النور، كل هذا بقيادة نخبة مختارة من أبنائها هم القوميون أي الأوصياء الذين كلفهم التاريخ بتوحيد الأمة وقيادتها وتربيتها وتنميتها فتعود لأولى الأماكن. – الحلّ الشيوعي: رغم أنه لم يجرب عندنا، فإنه يجب تذكّر الأفواج الهائلة من الشباب العربي التي احترقت لتحقيقه. المنطلق تقديس الطبقة العاملة حاملة مشعل التاريخ واعتبار بناء دولة العمال والفلاحين، الطريق لإخراج المجتمع من الظلمات إلى النور، كل هذا بقيادة نخبة مختارة من أبنائها هم الثوريون أي الأوصياء الذين كلفهم التاريخ بتخليصها من براثن الإقطاع والإمبريالية. كلنا نعرف النتيجة اليوم. لم يكن الاستقلال إلا سرابا. تعمقت التبعية. انقلب الوطنيون إلى محتلين داخليين لا يتورعون عن أبشع أصناف العنف للحفاظ على امتيازات مشينة. عامل المحررون الشعب كقطعان ماشية تورّث من الأب للابن. كان أداؤهم في ميدان التنمية الشاملة هزيلا. أضاف القوميون لموبقات الوطنيين تهشيم البلد الواحد. ساهموا في تكريه شعوبنا في بعضها البعض. أما فشل الشيوعيين فقد ثبت لحسن الحظ في بلدان غير بلداننا وديكتاتورية البروليتاريا تنقلب لديكتاتورية على البروليتاريا، مؤدية لانهيار شامل لدول خلناها أبدية. ما الذي حدث لأحلام آبائنا وأجدادنا وكيف انقلبت للكوابيس التي نعرف؟ *** إن أكبر أسباب فعالية الطب –والعلم بصفة عامة- قدرته على التعلم من أخطائه خلافا للسياسة التي تكرّر نفس الأخطاء. لكن لنتصوّر أن كبار القادة الإسلاميين كلّفوا أكبر مثقف إسلامي بدراسة معمقة حول أسباب فشل الحلول الوطنية والقومية والشيوعية ثم بالبحث في أسباب نجاح الأمم المتقدمة وإصدار توصيات تقي المشروع الإسلامي من عثرات السابقين. مؤكّد أنه سيكشف بسهولة العشرة قواسم مشتركة التي تفسّر هذا الفشل وهي أفكار مسمومة بذرت باكرا في العقول مواقف وتصرفات قادت إلى التهلكة. 1- سطحية تحليل أزمة المجتمع بالتركيز على عامل واحد كسبب كل المصائب ( الاستعمار، التجزئة، الطبقية) واتهامه بما فيه حقا، لكن أيضا بما لا يتحمّل والحال أن مشاكله نتيجة شبكة سببية معقدة تتداخل فيها العوامل البيئية والثقافية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية. 2- الإيمان بوجود وصفة تستند على حقيقة مطلقة، يملكها الطرف المعني دون الجماعات السياسية الأخرى التي أفرزها نفس المجتمع ومن ثم حق مجموعة ضيقة في تحديد برنامج الخلاص وحسب رؤيتها هي لا غير.  » من أسباب فشل أمتنا فرض الوصاية على المجتمع من منطلق أن الحزب القائد والزعيم الملهم والدولة العتيدة هم الوطن أو الأمة والمستقبل، ومن ثم جعلهم مسؤولين عن المجتمع لا مسؤولين أمامه  » 3- فرض الوصاية على المجتمع من منطلق أن الحزب القائد والزعيم الملهم والدولة العتيدة هم الوطن أو الأمة والمستقبل، ومن ثم جعلهم مسؤولين عن المجتمع لا مسؤولين أمامه… والموقف غطاء سهل على ما يعتمل داخل النفوس من جشع وظلم ونرجسية وتسلّط. 4- إساءة تقدير صعوبة التغيير وطول مدته وحدود الإرادة الفردية. 5- قطع خطّ الرجعة على النفس بمنع التقييم الذاتي والتعلّم من نقد الآخرين لأن من يملك الحقيقة المطلقة لا يخطئ. 6- تخريب الدولة بفعل قانون الاصطفاء العكسي، فخلافا للطبيعة التي تكافئ أحسن التصرفات، يصطفي الاستبداد أسوأها لأن من طبيعة المستبدّ إزاحة كل منافس كفؤ، وجعل الوفاء له -أو ادعائه– قاعدة اختيار أعوانه. هكذا يزاح الأكفاء لصالح المتملقين والانتهازيين. وهؤلاء يفعلون نفس الشيء عند وصولهم الحكم. وعلى منوالهم يسير المكلفون بالأنظمة الاجتماعية الكبرى كالتعليم والصحة والأمن، فتنتشر من القمة إلى القاعدة المواقف والتصرفات السلبية التي تؤدي إلى ضعف أداء هذه الأنظمة الحيوية. كل هذا بجانب الثمن الباهظ للقمع والثمن الأغلى لشلّ الطاقات الخلاقة. 7- انتشار الفساد الناجم عن طول الاستئثار بسلطة مطلقة ولا مسؤولة ومن أخطر مضاعفاته ضرب قيم النزاهة والاجتهاد والثقة بالعدالة وكلها من شروط المجتمع السليم. 8- الاستماتة في كسر مقاومة الواقع واحتجاج المجتمع على هزال النتائج بالإنكار في الفكر والعنف في الممارسة فلا يزداد الطين إلا بلة. 9- اعتماد تزييف الأفكار والقيم والمؤسسات والأشخاص كآخر حيلة للتغطية على فشل تام أصبح من المستحيل تداركه، فتتفاقم مشاكل المجتمع وهو يتخبط في واقع زاد غموضه بالأساطير والأكاذيب. 10- الرفض إلى النهاية لبديهيات تعمي الأبصار وأهمها. إنه لا تقدم دون تقييم أي دون حرية النقد أي دون الحرية.. إن تكبيل طاقات المجتمع المدني بالقيود يفاقم ضعف المجتمع والدولة.. إن البطش بالجماعات السياسية المخالفة كقطع اليد لليد الأخرى في محاولة تخليص الجسم من الروماتيزم.. إن الإفلاس آت كالموت لا ريب فيه. *** هنا ينتبه مثقفنا أن مشروع « الإسلام السياسي هو الحل » جبة رابعة من لون مختلف لكن على نفس الهيكل العظمي، فكل الخصائص الفكرية والنفسية التي أجهضت المشاريع الوطنية والقومية والشيوعية متواجدة فيه بصفة واضحة أو جنينية، منها سحب قداسة العقيدة على دعاته الذي يظهر في عنف الردّ على كل نقد. هو يعلم أيضا أن التقييم الموضوعي الوحيد للمشاريع السياسية لا يبنى على بلاغة أصحابها أو صدقهم أو وعودهم وإنما على أفعالهم، وأن عليه تقييم أداء الإسلاميين في الحكم بنفس المنهجية التي طبقها على الحلول الثلاثة. يا للهول وهو يتفحص ثلاث تجارب معاصرة: طالبان والوهابية ونظام الملالي. كيف ينكر شدة قهر النساء والتعصب والجهل في النموذج الأفغاني، وعمق الفساد والقمع والتبعية في النموذج السعودي، وحدة الصراعات داخل نفس المنظومة في إيران إضافة لغليان المجتمع بالثورة ضد الثورة. قد يحاول البعض طمأنته -أو خداعه- قائلين له: ردّد للناس أن عليهم انتظار تحقيقنا نحن « للإسلام الحقيقي » وسيرون. المشكلة أن مثقفنا النزيه يعرف أنه جواب سخيف والشعوب المتخبطة في أزمات تغرق فيها يوما بعد يوم، حتى لا نقول ساعة بعد ساعة، ليس لها الوقت لانتظار تمكن الإسلاميين « الحقيقيين » لإعلاء راية الإسلام « الصحيح »، خاصة وأن تعريفه موضوع صراع متواصل منذ معركة الجمل وسيتواصل إلى يوم يبعثون. لقائل أن يسرّ في أذنه: لا تترك هذا العلماني المغرض يحبطك، ذكّر بالنموذج التركي. نعم لينظر له مليا وسيكتشف أن نجاحه نتيجة تباينه مع فكر وممارسات أغلب الحركات الإسلامية « العادية ». ***  » الأوروبيون أربعمائة مليون نسمة يسكنون على مرمى حجر منا، لكنهم أغنياء، متعلمون، أحرار ومتحدون، ونحن أربعمائة مليون عربي نسكن على مرمى حجر منهم، لكننا فقراء جهلة مستعبدون ومتفرقون  » المهم بقية البحث أي أسباب نجاح القادمين الجدد ومنهم تركيا والهند وماليزيا وكوريا وكلها بلدان انطلقت نحو القمم من وضع أصعب بكثير من وضعنا، ناهيك عن تواصل صعود خصومنا الأزليين. لن يجد صعوبة في فهم سرّ نجاح الأوروبيين. هم أربعمائة مليون نسمة يسكنون على مرمى حجر منا، لكنهم أغنياء، متعلمون، أحرار ومتحدون، ونحن أربعمائة مليون عربي نسكن على مرمى حجر منهم، لكننا فقراء جهلة مستعبدون ومتفرقون. بديهي أن قاسمنا المشترك الاستبداد وقاسمهم المشترك ديمقراطية حررتهم ومكنتهم من بناء اتحادهم. هو يستطيع الآن أن ينظر لتجربة أميركا، الناجح الآخر، ليجد داخل شبكة الأسباب: الجشع الليبرالي+ الإمبريالية إلخ … لكن بخصوص ما يهمنا تقديس العلم والعمل. لينظر الآن نحو الهند وتايوان وماليزيا والصين وكوريا الجنوبية وسيكتشف مع الباحثين سرّا أقلق الغربيين كثيرا لأنه ينذر بنهاية سيطرة دامت خمسة قرون. القاسم المشترك بين كل هذه الدول -واليابان قبلها بقرن- سياسة التعليم فالتعليم ثم التعليم عشرون سنة على الأقل قبل الإقلاع الاقتصادي المذهل. يا للفرق الهائل بين نسب الأمية ومستوى الجامعات والبحث العلمي عندهم وعندنا وذلك بعد نصف قرن من انتصاب دولهم التي استثمرت أين يجب الاستثمار ودولنا التي أهدرت مواردنا القليلة في الفساد والتسلح العبثي والأجهزة « الأمنية ». لنتصور الآن فحوى تقرير في ظرف مختوم بالشمع الأحمر كتب عليه سرّي للغاية، سيجده على مكتبهم ذات صباح زعماء الحركات الإسلامية في المشرق والمغرب. حتى يكون الحل الإسلامي بديلا لا تكرارا. لفشل الوطنيين والقوميين والشيوعيين أسباب كثيرة لكن أولها الاستبداد. لنجاح الغربيين أسباب عدة لكن الديمقراطية قطعة أساسية من المحرّك الذي رفعهم إلى الأعالي. لذلك يجب أن نكون ألدّ أعداء الاستبداد أيا كان غلافه العقائدي خاصة إذا كان إسلاميا ولتكن أولى أولوياتنا تقويض صرح الاستبداد الحالي بالتنسيق مع كل القوى المناهضة له ومشاركتها من موقع نسعى ليكون متميزا بعطائه، في عملية بناء دولة ديمقراطية حقيقية. يتطلب هذا ثورة ذهنية تمرّ بالتخلي عن الإيمان بامتلاكنا الحقيقة المطلقة وسحب قداسة الإسلام على أحزابنا وتطليق الاستبداد في الفكر وتطليقه أيضا في مواقفنا من الحركات السياسية الأخرى باعتبارها ظاهرة طبيعية تترجم للتعددية الوطنية وتملك مثلنا جزءا من الحقيقة ومن الخطأ وتقديم الوفاق السياسي معها على الخلاف العقائدي.  » يجب أن نكون ألدّ أعداء الاستبداد أيا كان غلافه العقائدي خاصة إذا كان إسلاميا ولتكن أولى أولوياتنا تقويض صرح الاستبداد الحالي بالتنسيق مع كل القوى المناهضة له ومشاركتها من موقع نسعى ليكون متميزا بعطائه، في عملية بناء دولة ديمقراطية حقيقية  » أما بخصوص نجاح القادمين الجدد فإنه يتبيّن أن صعود الهنود والكوريين ليس نتيجة تطبيق الهندوسية أو البوذية « الحقيقية »، مثلما لم يكن صعود الغربيين نتيجة تطبيق « المسيحية الحقيقية ». كل هذا يفنّد جدية الوعد بأن تطبيق « الإسلام الحقيقي » يوما ما بقيادة أحزاب دينية هو الطريق. خلافا لهذا التوجه الفارغ من كل مضمون عملي، يجب من جهة التركيز على الإسلام كمحور الهوية الجماعية وخزان القيم والدعامة الروحية للأمة وعدم إقحامه في الصراعات السياسية وهي صراعات بشر ضد بشر، ومن جهة أخرى حث الإسلاميين على حلّ مشاكل الناس اليومية فهذه المعادلة هي التي ساهمت في إنجاح تجربة تركية يجب ألا تبقى الشاذة التي تحصى وإنما القاعدة التي يقاس عليها. ثبت لنا أيضا أن سرّ نجاح الأمم الصاعدة هو جعلها التربية أولوية الأولويات. لذلك يجب أن ندفع الدولة الديمقراطية التي سنشارك في صنعها أن تكون أولويات الأولويات التعليم والتعليم والتعليم والتعليم والتعليم والتعليم والتعليم والتعليم والتعليم والتعليم، كما يجب أن نتميز بتشجيع كل القيم والمؤسسات التي تعيد للعلم والعمل مكانتهما المركزية في المجتمع. وفي آخر المطاف فإنه لا أحد يعرف « الحلّ » بمعنى الوصفة الكاملة والنهائية للتعامل مع مشاكل بخطورة وتعقيد التي تعرفها كل المجتمعات، بل ومن الأرجح أن المفهوم أسطورة عقيمة. إن المطلوب للتعامل الأسلم معها عقلية علمية عملية متواضعة، تقدّر حق قدره تعقيد الواقع، تبحث وتقيم وتحسّن باستمرار لخلق التراكمات الكفيلة بتذليل صعوبات تغير طبيعتها ولا تنتهي. لكن حتى هذه المنهجية عاجزة عن التأثير بعمق إن لم يجعل دعاتها القيم رائدهم لأن سيد القوم ليس من يعطي الأوامر وإنما من يعطي المثل وبالتالي نكون قدوة أو لا نكون. *** من خبر البشر عموما والعقائديين خصوصا لا يخالجه الشك أن أغلبية متلقي التقرير سيرمونه في سلة المهملات ومنهم من سيكفّر صاحبه وقّلة ستعيد قراءته. هل لا فائدة إذن في البحث عن أي علاج وقد استعصى المرض على الدواء والنطاسي؟ هل يصدق جاك أتالي الذي تنبأ بأن التاريخ أسقطنا من حساباته وكأنه يئس منّا نهائيا؟ ما نسيه هذا المحلل قانون المؤرخ الشهير توينبي: التحديات الكبرى هي التي تصنع الأمم الكبرى. نسي خاصة أننا كائنات حية يتدفق في عروقها زخم الحياة وعنادها.  » لن تنتظر المجتمعات « الحل » من المفكرين والسياسيين فقط وهم مجرد إفرازاتها في أعلى المستويات, بل ستبحث على صعيد الأشخاص والجماعات عن حلول جزئية بغض النظر عما يعتمل في صلب الدولة  » عناد الحياة هذا هو الذي يجعلنا لن نكفّ لحظة عن البحث عن حلول، ننهض بعد كل كبوة ونواصل الطريق مهما طال وتشعب ودمت عليه أقدامنا. حقا سيضيّع الجزء المتخلف من الإسلاميين وقتهم ووقت الأمة وقد يكلفونها ثمنا باهظا في تكرار الفشل، لكن الجزء الذكي منهم بادر وسيبادر أكثر فأكثر لتحديث المفاهيم والممارسات، كما فعل وسيفعل الجزء الذكي من الوطنيين والقوميين والاشتراكيين. الأهم من هذا كله أن المجتمعات هذه الكائنات الحية الذكية –والتي لا يعكس نقاشنا الثري إلا تنامي وعيها– لن تنتظر « الحل » من المفكرين والسياسيين فقط وهم مجرد إفرازاتها في أعلى المستويات. هي ستبحث على صعيد الأشخاص والجماعات عن حلول جزئية بغض النظر عما يعتمل في صلب الدولة. ومن هذا الزخم الجبار ستبرز حلول مزدوجة وأخرى لم يتوقعها أحد. أمة لها خمسة عشر قرنا من العمر ومعدل عمر أطفالها 22 سنة هي أمة لها حكمة الشيوخ وعنفوانية الشباب. لنثق فيها وفي أنفسنا وفي الله الذي حبانا بنعمة العقل ولنواصل سعينا نحو الأجمل والأرقى والأكثر حرية وإنسانية لنكون جديرين بمستقبلنا وليس فقط بماضينا. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ  27 جانفي 2010)


التقدم نحو الأسوإ-2-


كمال عمران * يفهم التقدم نحو الأسوإ في أطروحة «فهمي جدعان» الأردني بما وصل إليه المصلحون في النصف الثاني من القرن التاسع العشر من قبيل رافع الطهطاوي وخير الدين التونسي وعلي مبارك وعدد غير قليل ممن رفعوا راية الإصلاح. ويحتاج مفهوم الإصلاح في نظرنا- إلى تحديدات تخرجه من العموم إلى الخصوص. أما العموم فالإصلاح هوالعمل المستنهض من حال فساد إلى حال أفضل تكون أقرب إلى الصواب.جاء في لسان العرب لابن منظور – (ج 2 / ص 516) ( صلح ) الصَّلاح ضدّ الفساد وليس صَلُحَ بثَبَت ورجل صالح في نفسه من قوم صُلَحاء ومُصْلِح في أَعماله وأُموره وقد أَصْلَحه الله وربما كَنَوْا بالصالح عن الشيء الذي هو إِلى الكثرة كقول يعقوب مَغَرَتْ في الأَرض مَغْرَةٌ من مطر هي مَطَرَةٌ صالحة وكقول بعض النحويين كأَنه ابن جني أُبدلت الياء من الواو إِبدالاً صالحاً وهذا الشيء يَصْلُح لك أَي هو من بابَتِك والإِصلاح نقيض الإِفساد والمَصْلَحة الصَّلاحُ والاسْتِصْلاح نقيض الاستفساد وأَصْلَح الشيءَ بعد فساده أَقامه وأَصْلَحَ الدابة أَحسن إِليها فَصَلَحَتْ وفي التهذيب تقول أَصْلَحْتُ إِلى الدابة إِذا أَحسنت إِليها والصُّلْحُ تَصالُح القوم بينهم والصُّلْحُ السِّلْم .أطلنا في انتقاء نتف من لسان العرب لغاية تتمثل في الرجوع إلى اللغة لإنتاج المعنى والأمر ضروري بالقياس إلى مصطلحات ومفاهيم يتداولها الناس وقد يكونون على غير هدى منها. على هذا النحو يمكن أن نسم بالإصلاح كل عمل فيه تنمية للمجتمعات وفيه تصحيحات شاملة في قطاعات الاقتصاد والاجتماع والثقافة والعمل السياسي …ويفتح الاستعمال إلى كل الأحقاب و كل الأمكنة. والإصلاح من المفاهيم الدقيقة وهي تستوجب النظر والبحث ولعل المفهوم في ذاته بحاجة إلى التحديد، نريد بالمفهوم مجموعة من الأشياء ، أو الحوادث ، أو الرموز تجمع معا على أساس خصائصها المشتركة العامة ، التي يمكن أن يشار إليها باسم ، أو رمز خاص . وهو في تعريف آخر «تصور عقلي عام مادي ، أو مجرد لموقف أو حادثة أو شيء ما».ونحن أميل إلى التعريف الثاني باعتبار ما فيه من تجريد عقلي يمتص المعنى من الاستعمال اللغوي ويرقى به إلى المجال الذهني. الإصلاح مفهوما ما تواتر عند المصلحين أنفسهم من تعريفات افتقر إليها المعجم العربي ومؤدى المفهوم «الاقتباس عن التمدن الأوروباوي ما يوافق الشريعة الإسلامية».وهو تعريف يستدعى الوقوف عند ما فيه من معجم: – الاقتباس:وهو عملية انتقائية تأخذ من الكل ما هو ضروري للإعانة على الإصلاح. ولقد كانت الاختيارات ثلاثة أمام المصلحين: – يتمثل الاختيار الأول في صرف النظر عن كثير من المنظومة الحداثية في الفكر الأوروبي محافظة على نضارة الفكر الإسلامي. – ويتمثل الثاني في التخلي عن الحداثة ورفضها رفضا بالإبقاء على التقليد في الثقافة الإسلامية. – ويتمثل الثالث في الإلحاح على الأخذ عن أوروبا ما وفقت إليه من الحداثة بما يستصلح حال المجتمعات الإسلامية وبما يفوق القدر الذي اختاره المصلحون وهذا المعنى هو من بدايات التحديث في الفكر العربي. من الطائفة الأولى نذكر خير الدين والطهطاوي ومن الطائفة الثانية نذكر محمد رشيد رضا وعددا من المشايخ كحسن الجسر اللبناني وكمحمد الخضر التونسي المصري.ومن الطائفة الثالثة نذكر شبيل شميل وفرح أنطون وإسماعيل مظهر.ولم يعن بخلد المصلحين البتة الأخذ المحض من التمدن الأوروباوي.هذه معضلة الاقتباس عن أوروبا وهي تفتح على إشكاليات كثيرة في الفكر الإصلاحي بالقياس إلى معايير الاقتباس.وهي تحتاج إلى منهج نقدي في تناول المسائل الحضارية يعطل الأسباب الموروثة من التمجيد والمفاخرة.ولعل انتهاج السبيل النقدية هي الكفيلة بإظهار القضايا على محك العقل دونما عواطف جياشة ودونما خضوع لأوزار مسبقة تحدّ من الطاقة على حسن النظر في المسائل التاريخية.وسنعود إلى بقية المعجم لاحقا.  * أستاذ جامعي تونسي contact@zitounafm.net (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 جانفي 2010)


بين حذاءي بوش والبشير


محمد كريشان  
ولا لقطة واحدة إلى حد الآن لحادثة رمي حذاء على الرئيس السوداني عمر البشير! لا فيلم تلفزيونيا ولا حتى صورة ثابتة وكأن ما جرى وقع في كوكب آخر غير كوكبنا. يستحيل ألا يكون هناك مع البشير، كعادة رؤسائنا، جيش من مصوري التلفزيونات والصحف، ولكن من يمكن أن يتجرأ ويبث هذه اللقطة؟! بعد الذي أقدم عليه هذا الموصوف بالمجهول الخمسيني والذي لا تعرف أسبابه في باحة ‘قاعة الصداقة’ بمركز المؤتمرات في وسط العاصمة السودانية، يمكن بسهولة ودون خيال خصب تخيل السيناريو التالي: المسارعة طبعا بشل حركة الرجل وإلقاء القبض عليه ومن ثم التوجه إلى كل الإعلاميين المرافقين للرئيس بتسليم أشرطتهم فورا إلى الأمن مع تحذير شديد اللهجة أن أي واحد يحاول التذاكي ويقوم بتسريب ما جرى للجهة التي يعمل لديها سيدفع ثمن ذلك غاليا جدا. بالتأكيد لن يطمع أحد في التلفزيون الرسمي بأن يتبرع له بلقطة ‘غالية’ كتلك التي حدثت ولكن من الصعب جدا تصور أن لا أحد سواه يمكن أن يكون قد صورها. لقطة الحذاء هذه هي النقطة الوحيدة التي قد تجمع الرئيس البشير والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في مسيرتهما الشخصية والسياسية. لكن البون شاسع جدا بين السياقين العراقي والسوداني، كذلك بين منتظر الزيدي الذي اعتبر بطلا عندما فعلها في كانون الأول (ديسمبر) 2008 بحق بوش وبين هذا السوداني المجهول والذي قد يظل كذلك إلى الأبد. البث الحي للمؤتمر الصحفي الذي جمع وقتها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالرئيس الأمريكي هو الذي جعل هذه اللقطة تطوف العالم كله وتحقق أعلى نسبة مشاهدين في مواقع الإنترنت، بينما شكل غياب ذلك البث عن نشاط داخلي للرئيس نعمة لا تعوض. لا نستطيع أن نجزم من الآن بأن صاحب الحذاء السوداني سيلقى أم لا أصناف الإهانات والتعذيب التي لقيها الزيدي من أجهزة الأمن العراقية، كما لا أحد يمكن أن يتنبأ من الآن ما إذا كان هذا المجهول سيمثل أمام محاكمة أم لا، أم قد يعلن انه ‘مخبول’ وينتهى الأمر مع التنبيه أن عليه أن ينسى فعلته تماما ولا يتحدث فيها لأحد حتى تنساه الأجهزة إياها. وفي صورة المحاكمة هل سيقضي المجهول بضعة أشهر ثم يغادر لحسن سلوكه، كما حصل مع الزيدي، أم سيقضي أعواما عديدة خاصة إذا انتخب البشير من جديد رئيسا لبلاد يحكمها منذ واحد وعشرين عاما. لو بثت لقطة البشير لكان مدعي عام محكمة الجنايات الدولية لويس مورينو أوكمبو أكثرهم استلقاء على قفاه ضحكا وشماتة وهو من عجز عن جلبه مكبلا للمثول بتهمة جرائم حرب في دارفور. مع ذلك فقد كان يمكن أن يكون معارضو البشير، وهم ليسوا قلة في البلاد، على شاكلة أوكمبو وهم يتابعون لقطة الحذاء هذه لكن البشير حرمهم جميعا من تلك المتعة. أكثر من ذلك، حادثة بوش حصلت قبل تركه البيت الأبيض بأسابيع، بعد ثماني سنوات هي أقصى ما يمكن لرئيس أمريكي أن يبقى في منصبه، وقابلها باستخفاف الأبله معلقا فقط على مقاس الحذاء، وكنا نود أن نرى كيف كان يمكن أن يستقبلها رئيس عربي لم تكفه عشريتان في الحكم ويقول هل من مزيد! حتى ونحن ‘نضرب بالجزمة’ … الأمريكيون أفضل أداء منا!! (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  27 جانفي 2010)

العرب والوعي بالرصيد الرمزي


عبدالسلام المسدّي
2010-01-27 ليست الأزمة اللغوية التي يعيشها العرب في هذه المرحلة الدقيقة من وجودهم الثقافي الراهن إلا ترجمانا أمينا لأزمتهم الحضارية العامة، ولكن الفارق واقع في مستوى الوعي الفردي والجماعي لأن العرب في جموعهم واعون بحيثيات الأزمة التاريخية الكبرى، ولكنهم في مجمل حالاتهم غير واعين بحدة أزمتهم اللغوية. وهم –في كل الأحوال– يقدّمون مثالا فصيحا عن ازدواج العطالة والانفصام. وهما ظاهرتان إذا أردنا تدقيق أمرهما واستكناه تجلياتهما كفانا أن نقارن ما أنجزه العرب خلال عقود دولة الاستقلال بما أنجزته شعوب عديدة أخرى في آسيا وفي أميركا اللاتينية، أو بما بدأت تنجزه بعض الشعوب الإفريقية، أو ما تقدم على إنجازه بخطى واثقة الشعوب التي تحرّرت من سطوة المنظومة الاشتراكية في غرب أوروبا وشمال آسيا، ووراء كل حالة من تلك الحالات مشهد من مشاهد الإنجاز اللغوي ينضاف إلى لوحات الإنجاز السياسي والاقتصادي والثقافي. فإذا أدرنا مجهر الأضواء صوب القضية اللغوية دون سواها من القضايا الأمّهات ألفينا أنفسنا وجها لوجه أمام خصيصة أخرى من الخصائص الواسمة لحالتنا العربية، ومدارها أن أمّة العرب اليوم –بين أولي الأمر السياسي فيهم وأولي الشأن الفكري أيضا– غائبون أو كالغائبين عن محفل الحقائق العلمية الجديدة في مجال المعرفة اللغوية. وإنّنا لواعون بأنّنا إذ نعمّم هذا الحكم فإنّنا نجازف، وقد نجترح مآثم الإجحاف الفكري، ومن أجل هذا نبادر بملمحيْن، أولهما أنّنا لا نعني بما نقوله افتقارَ العرب إلى علماء في مجال العلم اللغوي الحديث، وإنّما نعني أن المعرفة اللغوية لم تستطع اختراق الحجب ليتحوّل الوعي بها إلى جزء من الثقافة العامة، يستلهمها أصحاب القرار، وتستوحيها النخبة الفكرية المختصّة بحقول المعارف الأخرى، وثانيهما أن التعميم الذي نتعمّده الآن لا تنجلي تفصيلاته العينيّة إلا إذا تناولنا بعض التجليات المحسوسة في استقرائنا الخاص للمسألة اللغوية. من أبرز الحقائق العلمية الغائبة عن الوعي العربي ما يتصل بموضوع «حياة» اللغة من حيث عواملُ بقائها ودوامها أو أسباب اضمحلالها وانقراضها. ولئن كان من أشراط العلم وموضوعية خطابه أن ينأى بنفسه عن المجاز في العبارة، وألا يتوسل إلا بالألفاظ في دلالتها الحقيقية، أو بالمصطلحات الفنية التي قد يسلك بها في البدء طريق المجاز ثمّ يختفي مجازها البلاغي بمجرد اندراجها في القاموس العلمي، فإن لفظتي الحياة والموت تبقيان الأكثر وجاهة في إطلاقهما على اللغة. إن الناس يسلمون طوعا بأن للغة حياة، وبأن هناك لغات قد اندثرت يحدّثنا التاريخ عن مجدها ثمّ عن غلبة الزمان عليها، ويقرأ الناس بشغف قصة موت اللغات بنفس الشغف الذي يقرؤون به قصة الدول التي بلغت أوج المجد ثمّ ظل التاريخ ينال منها حتى أوقعها. غير أن الناس –في عامتهم وفي خاصتهم– لا يسعفهم خيالهم بما يجعلهم يتصورون أن اللغات التي تجري بها ألسنتهم الآن، ويتداولها خلق الله من حولهم، هي أيضا معرّضة إلى الفناء التدريجي ما لم تتوفر لها أسباب البقاء. وهذا مرتبط بسر من أسرار وجود الإنسان على وجه البسيطة مطلقا، فهو يؤمن بأن الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يُجمِع العباد عليها ماضيا وحاضرا ومستقبلا، ولكنه في النصيب الأعظم من حياته يأتي من السلوك ما يدل على أنّه في غفلة أو في تغافل عن تلك الحقيقة، فكأن طبع الإنسان مجبول على ألا يرى الموت في الزمن الملابس لوجوده. إن المجاز الذي لا يتناقض ومقتضيات البحث الموضوعي يدفعنا فعلا إلى تمثيل اللغة بالكائنات الحية حيث يجول مفهوم الحياة ومفهوم الممات، وبينهما مفهوم البقاء إذا اجتمعت مقوماته ومفهوم الفناء إن تحتمت دواعيه. ولكن هذه التجليات المختلفة –شأنها شأن «النشأة» حين نستكشف ظروف «ولادة» اللغات بعضها من بعض– لا تحصل في المدى الزمني الذي يحيط به إدراك الفرد الآدمي، ولذلك صعبَ الوعي بها كحقائق تتنزل على الواقع اللغوي كما نعيشه، واقتصر الوعي على ما مضى من ذلك في الزمن المنقضي سالفا. غياب الوعي بالظواهر الممتدة على الزمن ينشئ ضربا من الضباب يحجب الحقائق العلمية حتى ما كان منها مقطوعا بصحته. ولهذه المسألة نظائرها في عالم المحسوسات، كما يحصل عندما تكون مدينة بأكملها واقعة في مرتفع على حافة اليابسة، ويلحظ المختصون انزلاقا أرضيا مطردا يقيسونه بمقدار الأنامل سنويا، فيحسبون الخطر، ويصرحون بأن تواتر الحالة سينتهي بانهيار جسيم بعد ثلاثة عقود أو أربعة أو خمسة، فينبري أصحاب الأمر يتخذون التحصينات اللازمة التي تحول دون استمرار ظاهرة الانزلاق… المعضلة أن الناس –محكومين وحكاما– أكثر تجاوبا وأظهر وعيا كلما اتصل الأمر بالظواهر المادية المحسوسة، ولكنهم أكثر غفلة وأظهر تقاعسا عندما يتعلق الأمر بالظواهر المجردة حتى ولو مسّت ألصق الأشياء بوجودهم، بل حتى ولو كانت الظاهرة واقعة بين المادي الكامل والمجرد المطلق شأن اللغة. من أهم تلك الحقائق الغائبة أن العلم اللغوي -الذي ما انفك يبلور نظرياته المتعاقبة، والذي ما فتئ يؤسس المناهج الدقيقة في كشف بواطن الظاهرة الكلامية، والذي يغوص يوما بعد يوم على أسرار العلاقة بين آليات التعبير وآليات الإدراك– قد أمسى مهتما بقضية «موت اللغات» اهتماما متواترا مكينا، وهو يتناولها تحت ذاك العنوان نفسه، وإلى جانبه يهتم بنفس الحزم والكثافة بموضوع يجعله محايثا له، وهو «الحروب اللغوية» بصريح العبارة كذلك، فإذا توالجت معطيات الحرب اللغوية وفكرة موت اللغات انساق التحليل ببعض الواصفين والراصدين إلى الحديث عن «اغتيال اللغة» حين يتقصد المعتدي الأقوى نسف مقومات الوجود الثقافي تمهيدا للقضاء على الوجود السياسي. وقد تتنوع أدوات الأداء الاصطلاحي، فترى بعض العلماء اللسانيين يجول بين المفاهيم، فيستبدل بموت اللغات عبارة انقراض الألسنة الطبيعية. ومن شدة حرص كبار المختصين على خطر الموضوع تراهم يمعنون في التأكيد على أن مصطلح الموت –أو الانقراض– ليس من المجاز البلاغي في شيء، ثمّ منهم من يستطرد إلى المقارنة السخية بين انقراض اللغات وانقراض بعض الكائنات الحيّة، وبناء عليه تتم الدعوة إلى ضرورة الإعلان عن «محميّات لغوية» شبيهة بمحميات الفصائل الحيوانية. ويكفي من شاء التحريَ أن يستطلع حجم ما يكتب في هذا المجال منذ عقدين تقريبا. والمختصون في هذا المجال يعرفون العلاقة الجديدة القائمة بين النظرية اللغوية العامة واستقراء تاريخ الألسنة الطبيعية كيف تنشأ وكيف تنقرض، كما يعرفون كيف يساعد كل نمط من أنماط الأداء اللغوي على استكشاف أسرار النسق الخفي القائم بين الكفاءة الذهنية لدى الإنسان وكفاءته في توليد الطاقة الدلالية بواسطة الكلام. فهل نحن العربَ معنيون بمسألة موت اللغات؟ وهل اللغة العربية تخوض الصراع مع لغة إنسانية أخرى؟ فإن هي تخوضه أفترقى المواجهة إلى الحد الذي يصح أن نتحدث فيه عن حرب لغوية؟ ثمّ هل اللغة العربية تواجه من التحديات ما يهدّدها في وجودها، أو ينذر بامّحائها إلى حدّ الزوال؟ ما من خلاف حول أمر متعين بالضرورة وهو أن الوعي المعرفي في هذه القضية غائب أو كالغائب في ساحتنا العربية بوجهيها السياسي والفكري، ونكاد نجزم بأن الحوار فيها لن ينفع مع رجال السياسة إلا مع من كان منهم معضودا بزاد فكري مرموق، ولن ينفع مع رجل الفكر إلا إذا كان مسنودا في تجربته المعرفية العامة بثقافة سياسية متينة. وسنتبين كيف أن غياب الحقائق يفضي إلى تعطل القدرة على استشراف التاريخ، وعلى استنظار منحنياته القادمة وبما قد تأتي به الأحداث المتعاقبة.   abdessalemmseddi@yahoo.fr  
 
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 27 جانفي 2010)  

السر الكامن وراء هذا الإمتياز أو الحصانة التي تتمتع بها (إسرائيل)؟


البروفيسور رمضان غوزن نلاحظ في هذه الأيام توتراً في أجندة الشرق الأوسط بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للهجمات (الإسرائيلية) على غزة. وكما هو معلوم فقد لحقت بأهالي غزة أضرار فادحة في تلك الهجمات، وهم يسعون منذ عام إلى البقاء على قيد الحياة تحت الحصار (الإسرائيلي) المشدد، وعلى الرغم من كون العمليات (الإسرائيلية) تتنافى مع لوائح حقوق الإنسان والقانون الدولي، فإنه يتعذر على أي لاعب رسمي أو مدني وضع حد لأعمال (إسرائيل) التي تبدو وكأنها « مُعفاة من الإلتزام بالقانون الدولي »؛ (فإسرائيل) ومنذ تأسيسها تتمتع بإمتيازات وحصانات، وقد تعذر تطبيق أي من قرارات الأمم المتحدة المطالبة (لإسرائيل) بإنهاء إحتلالها والكف عن سلوكها المنافي للقوانين. وعلى سبيل المثال هناك قراران لمجلس الأمن الدولي يُطالبان (إسرائيل) بإنهاء إحتلالها لغزة والضفة الغربية ومرتفعات الجولان، بيد أن لا (إسرائيل) إلتزمت بهذين القرارين، ولا استطاع مجلس الأمن الدولي من إقناع (إسرائيل) بشأن الإلتزام بهما. حسناً ما هو السر الكامن وراء هذا الإمتياز أو الحصانة التي تتمتع بها (إسرائيل)؟ ومن أين تستمد (إسرائيل) قوتها؟ عند مقارنة (إسرائيل) مع الشعوب المسلمة التي تُشكل الأغلبية في المنطقة؛ أي العرب والأتراك والإيرانيين، سنرى أن لها سكانا ورقعة جغرافية وجيشا وإقتصادا أصغر نسبياً. غير أن هذا الوضع لا يعني أن (إسرائيل) ضعيفة. وذلك لأن القوة هي ظاهرة تخص النوع وليـس الكم. فقوة (إسـرائيل) نابعـة من النوع أكثر من الكم. ومن المعلوم أن (إسرائيل) أكثر تقدماً من دول المنطقة في مجالات التقنية العسكرية والمعلوماتية واستراتيجية السياسة الخارجية، كما أنها متطورة كثيراً في الميادين الصناعية والزراعية والأكاديمية والعلمية والميادين الأخرى. والمصدر الأهم لقوة (إسـرائيل) هذه هو شـتات اليهود المنتشـرين في أنحاء العالم. ومن المعروف أن اليهود القاطنين في جميع الدول المتقدمـة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكيـة وبريطانيا، ويُحولون إلى (إسـرائيل) كميات كبيرة من الأموال والمعلومات والتقنيات. بل أن كل يهودي من شـتات اليهود يُقدم دعماً مادياً (لإسـرائيل) وكأنـه يدفع لها الضرائب. إن قوة هذا الشـتات هي قوة (لوبي)؛ أي أن الأشـخاص الموالين (لإسـرائيل) في الدول الغربيـة يقومون باسـتمرار بنشـاطات (لوبي) في سـبيل التأثير على السـياسـة الخارجيـة لتلك الدول التي يقطنون فيها والتأثير على قرارات حكومات وبرلمانات تلك الدول لتصب في صالح (إسـرائيل). وفي معظم الأحيان تتكلل هذه النشـاطات بتقديم الدعم (لإسـرائيل). إن تقديم الدول الغربيـة الدعم إلى (إسـرائيل) ليـس نابعا من تأثير (اللوبي) (الإسـرائيلي) فحسـب، بل إنـه نابع في ذات الوقت من إنسـجام هذا الدعم مع المصالح الذاتية لتلك الدول. وثمة مصلحتين وراء لجوء الحكومات الغربية إلى دعم (إسرائيل)؛ فأولاً يتم العمل على نيل دعم (اللوبي) (الإسرائيلي) في دول هذه الحكومات، ومن ثم يتم السعي لزيادة المصالح الإقتصادية والإستراتيجية والثقافية والعسكرية لهذه الدول في الشرق الأوسط عن طريق (إسرائيل). ولهذا السبب فإن (إسرائيل) تُعد « الطفل الذهبي » للدول الغربية في المنطقة. غير أننا نخطىء لو قلنا أن (إسرائيل) تستمد قوتها تماماً من مساعيها الذاتية ومن دعم الدول الغربية لها فقط، وذلك لأن القوة في السياسة الدولية هي ظاهرة نسبية؛ أي أنه لا يمكن قياس قوة أو ضعف أي لاعب إلا من خلال مقارنته مع اللاعبين الآخرين. ومن هذا المنطلق يمكن القول « أن قوة أي لاعب هي ضعف للاعب آخر ». وضمن هذا الإطار يُمكن أن ندعي أن قوة (إسـرائيل) تأتي من ضعف جميع دول المنطقـة وعلى رأسـها فلسـطين، ويأتي إنشـقاق الفلسـطينيين أنفسـهم في مقدمـة هذا الضعف؛ فالفلسـطينيون قد ارتكبوا أخطاءً فادحـةً في أوقات حرجـة لأسـباب ايديولوجيـة وأخرى فرديـة، كما حصلت لاحقاً إنقسـامات لا تُصدق بين حركتي « فتح » و »حماس »، الأمر الذي أدى إلى فقدان القوة، ودون الدخول في نقاش حول من الجانب المُحق أو غير المُحق بهذا الشـأن، نُلاحظ أن الخاسـر الأول فيه هو القضيـة الفلسـطينيـة! والضعف الثاني يتمثل بعدم قدرة الدول العربيـة والإسـلاميـة التي تقدم دعماً « رسـمياً » للفلسـطينيين، عدم قدرتها على إنتهاج سـياسـة حازمـة ومنطقيـة؛ إذ تعذر على جميع دول الشـرق الأوسـط وفي مقدمتها البلدان العربيـة النهوض بدور فاعل ومؤثر بشـأن القضيـة الفلسـطينيـة، كما تعذر عليها اسـتخدام مصادر قوتها، وإن كانت محدودة، بصورة صحيحـة وحكيمـة وجماعيـة، بل أدعي أن بعض دول المنطقـة ممتنـة من إسـتمرار المشـكلـة الفلسـطينيـة، وحسـب هذا الإدعاء فإن بقاء القضيـة الفلسـطينيـة بلا حل هو من صالح إدارات بعض الدول السـلطويـة. وحسب اعتقادنا فإن السبب الأهم وراء بقاء بلدان المنطقة غير ذي تأثير بشأن القضية الفلسطينية، هو حسابات المصالح الدولية لهذه البلدان؛ إذ أن كل دولة من دول المنطقة تسعى إلى كسب مصالح وطنية أو زيادة هذه المصالح من خلال تطوير العلاقات مع الدول الغربية ومع (اللوبي) (الإسرائيلي) في هذه الدول. كما أن دول المنطقة تتجنب القيام بما يلزم بشأن القضية الفلسطينية وذلك بهدف نيل الدعم العسكري والتقني والمالي والإقتصادي والدبلوماسي أو السياسي من الدول الغربية، كما أنها تشعر بالقلق من تعرض مصالحها لأضرار في حال تقديمها الدعم على مستوى متقدم إلى الفلسطينيين أو الوقوف بحزم ضد (إسرائيل)! ويمكن أن نخلص إلى القول أن قوة (إسرائيل) نابعة جزئياً من مساعيها الذاتية، بيد أنها ناجمة بالدرجة الأولى عن الظروف السلبية لبلدان الشرق الأوسط والدول الإسلامية، ولهذا فإن (إسرائيل) لا تشعر بالخشية من التعرض لضغوط أو عقوبات سواء بشأن موضوع غزة أو بشأن الموضوعات الأخرى. ‘ رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية جامعة جانكايا / أنقرة (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 27 جانفي 2010)

بحث إسرائيلي: مناهجنا التعليمية تحول تحقيق السلام مع العرب


صالح النعامي دلت معطيات بحث انجز في إسرائيل حديثاً على أن كتب التعليم الإسرائيلية حالت دون تحقيق السلام مع العرب. وحسب البحث الذي أعده الباحث الإسرائيلي ايلي بوديا المحاضر في جامعة حيفا فأن كتب التدريس الاسرائيلية أشعلت طيلة نصف القرن الماضي جذوة الصراع الفلسطيني العربي، وكرست حالة الحرب، وحالت دون التوصل للسلام بين العرب واليهود. ووصف بوديا مناهج التدريس اليهودية ب  » المنحرفة « ، منوهاً الى أن هذه المناهج تتميز بطغيان الصورة النمطية والأفكار المقولبة حيال العرب، وزرع كراهيتهم في نفوس التلاميذ الإسرائيليين إلى حد الاستنتاج بأن ما جرى داخل جدران المدارس الإسرائيلية قد اثر إلى مدى بعيد في قرار الحرب والسلام لدى قادة الدولة العبرية. واشار البحث الذي جاء تحت اسم  » الصراع » الإسرائيلي في كتب التاريخ المدرسية العبرية » ، و الصادر عن مؤسسة مدار لدراسة الشؤون الإسرائيلية في رام الله، الى ان الكتب المدرسية الإسرائيلية رعت نوعاً من الصراع الصامت بين الطرفين وحافظت عليه، وقادت بطريق غير مباشر إلى اثارة الصراع المسلح. واكد بوديا، ان جهاز التعليم الإسرائيلي قد اختار النهج القومي الذي يخضع الماضي لاحتياجات الراهن والمستقبل على حساب الحقيقة والموضوعية في كتابة التاريخ بهدف خلق ذاكرة جماعية متميزة، منوهاً الى أن ثلاثة ارباع الكتب التي تستخدم في المدارس الإسرائيلية ليست مجازة ما يعني انكشاف التلاميذ إلى مواد اكثر خطورة. واكد الباحث أن كتب التاريخ الإسرائيلية التي اخضعها للبحث انشغلت بتعميق القيم الصهيونية ورعاية الأساطير والتمجيد بأبطالها ضمن صهر المهاجرين في بوتقة وذاكرة جماعية واحدة. ولفت إلى أن تلك الكتب وصفت الصراع بطريقة تبسيطية أحادية الأبعاد ومشبعة بعدم الدقة إلى حد التشويه. وأوضح الكاتب أن هذه الكتب سعت لشيطنة العرب وتجريدهم من إنسانيتهم، ما أدى إلى ترسيخ صورة نمطية لدى الإسرائيليين الذين ظهروا دائماً بصورة الغربيين المتحضرين صانعي السلام مقابل صورة العرب « الخونة العدوانيين المتخلفين والمجرمين والخاطفين القذرين والمبادرين دوماً نحو التدمير ».وحول تناول هذه الكتب لاول مواجهة مع المسلمين التي حدثت في المدينة المنورة، فان هذه الكتب تصف القبائل اليهودية في تلك الفترة بأنها  » شريفة ومحترمة وشجاعة، بينما وصف العرب بأنهم ماكرون وخونة وبأنهم هزموا اليهود بالخدعة والمؤامرة « .ونوه الكاتب إلى ان تعابير مثل متوحش ومحتال ومخادع ولص وسارق وإرهابي، كانت كثيراً ما تستخدم في وصف العربي بينما ما يرتكب ضد اليهود يسمى عداوات ومذابح ومجازر بغية خلق صلة بين العرب وبين اللاسامية المتأصلة في تجارب التاريخ اليهودي في أوروبا، مشيراً الى أن العرب يوصفون بأنهم النسخة الحديثة من العماليق، ألد اعداء الإسرائيليين في التوراة. ويؤكد الكاتب أن كتب التدريس عززت عملية ابتعاد اليهود عن العرب، وهذا بدوره زاد من مستوى اسطرة الصراع وعزز الميل إلى تجريد العرب من انسانيتهم ».. ونوه الكاتب إلى ان التحامل الإسرائيلي ضد العرب كان اسقاطاً للموقف اليهودي تجاه الغريب في الشتات. ويقتبس الباحث  قول الباحث اليهودي سيغريد ليحمان، الذي قال: « نحن كيهود نميل إلى رؤية العربي كغير اليهودي كأحد الاغيار، نحن كأوروبيين نراه آسيوي خصماً لتطلعاتنا القومية وكاشتراكيين نحن نراه كممثل لاشد انماط الرجعية سواداً ».. وأشار بوديا، إلى أن ردة فعل غريبة جاءت في اسرائيل على زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، حيث حرص كبار المسؤولين في الدولة على الدعوة الى  تعميق القيم الصهيونية على حساب ثقافة السلام. واقتبس من كلام الوزير التعليم السابق زبولون هامر قوله: « هناك زعماء عرب يظنون انهم ان لم يكونوا قادرين على القضاء علينا في ميدان المعركة، فإنهم سينجحون في فعل ذلك عن طريق عملية  » السلام « . ويؤكد الباحث أن كتب التدريس الاسرائيلية تحاول ان تكرس قناعة مفادها ان السلام مع العرب  » يهدد إسرائيل المهزوزة ويستلزم تحصين الناشئة بتقوية الوعي الصهيوني ».. ويؤكد البحث انه عندما حاول وزير التعليم الأسبق اسحاق نافون احداث تقارب بين التلاميذ العرب واليهود داخل اسرائيل، لم يشارك في هذه الأنشظة الا 2% من المربين اليهود، منوهاً للموقف الصارم للمؤسسة الدينية اليهودية الرافض لعقد مثل هذه اللقاءات،بحيث ان ذلك يثبت ان الذاكرة الجماعية لليهود كضحايا لمخططات الاضطهاد والابادة جعلتهم « سجناء ماضيهم الخاص ».. ويؤكد الباحث أن الإسرائيليين كانوا يعرفون عن الإسكندينافيين أكثر مما يعرفونه عن جيرانهم العرب، وهو ما ساهم في تعقيد الصراع كما ساعد في خلق أرضية بررت استخدام القوة ضد العرب.ونوه إلى أن 4.1% فقط من الوقت المحدد للتاريخ في المدرسة الإسرائيلية قد خصص للتاريخ العربي، لافتاً إلى موافقته على رأي باحثين أجانب بأن اليهود نقلوا صورة الأغيار من الشتات إلى إسرائيل وسلطوها على العرب بشكل خاطئ. من ناحيته يقول الكتاب و الناقد أنطوان شلحت، الذي كتب مقدمة للبحث أن السنوات التي تلت العام 2000 قد شهدت صعوداً يمينياً متطرفاً إلى رأس هرم جهاز التعليم في الكيان، بعد تسلم ليمور لفنات من حزب الليكود حقيبة التعليم. واقتبس شلحت الباحث سامي شالوم، الذي رأى بفترة وزيرة التعليم الأسبق ليمور لفنات الاكثر خطورة بالنسبة للتعليم الإسرائيلي، باعتبارها « قاب قوسين أو أدنى من الفاشية التامة ». ونوه الى ان ليفنات قد اخرجت كل ما ليس مستمداً من الرواية الصهيونية التاريخية، والتي تعتبر ان فلسطين كانت خالية من السكان عدا قلائل هربوا عام 1948.

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

9 décembre 2005

 Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2027 du 09.12.2005  archives : www.tunisnews.net  الهيئة الوطنية للمحامين: يـان  الرابطة التونسية

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.