الخميس، 28 يناير 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3537 du 28 . 01. 2010

 archives :www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادقشورو

وللصحافيين توفيق بن بريك وزهيرمخلوف

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف:مناشير التفتيش تلاحق رضا البوكادي متى يصبح الكف عن التفتيش مسألة آلية؟

السبيل أونلاين: تبرئة الدكتور أحمد العش في قضية الصائفة الماضية عند عودته إلى تونس

ملاحظ مستقل:إبلاغ عن عمليات غش في أول مناظرة انتداب في وكالة تونس إفريقيا للأنباء

السبيل أونلاين: توفيق السالمي ..معاناة ومهدد بالعودة إلى السجن مرّة أخرى

اللجنة الجهويّة للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بقفصة:بيان

كلمة:نقابة الصحافيين تستنكر تدخل وزير الاتصال في شؤونها الداخلية

كلمة:وكيل الجمهورية يسمح للطلبة المعتقلين بإجراء امتحاناتهم وإدارة السجن تنفي علمها

كلمة:تحرك احتجاجي بقصر قفصة من أجل حق الشغل البديل عاجل:أخبـار البديل عاجل:لا… لن نطوي الصفحة

فاطمة أرابيكا:الصديق الشبهة

العرب:غرامة 20 دولاراً لكل مدخّن.. وعقوبات تصل لإغلاق المحال تونس: تصاعد الجدل بسبب منع التدخين في الأماكن العامة

سمير ساسي : الاستقطاب الناعم وثقافة المواطنة.. تونس نموذجا

  

البديل عاجل:ردا على عتيق والزغيدي :الاستبداد باسم الدين وباسم الحداثة خطران جديّان على الديمقراطية

تونس 24:ثلاثون سنة من التعاون الاوروبي التونسي الشراكة الأوروبية التونسية تحتفل بعقدها الثالث

محمد العروسي الهاني:الولاء للوطن:كلمة الصحفي القدير بسام بونني حول حياة الحبيب بورقيبة الابن كان لها وقع و تأثير بالغ في النفوس

أ ف ب :اتحاد اذاعات الدول العربية يصف مشروع قرار اميركيا حول البث الفضائي ب »الخطير »

أحميدة النيفر:عالم الجدران

توفيق المديني:أفغانستان بين قمة اسطنبول ومؤتمر لندن

رويترز:مسؤول عربي يحذر من خطورة مشروع قانون أمريكي عن الفضائيات العربية

يحيى أبوزكريا:الحركات الإسلامية وإلغاء مبدأ مراجعة الأداء

بشير موسى نافع:إساءة فهم تركيا العدالة والتنمية

محمد نور الدين:تفاصيل مثيرة عن خطة «المطرقة» الانقلابية في تركيا: اعتقال 200 ألف معارض.. وإلغاء التأثيرات العربية


(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarchesuivan : Affichage /Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

نوفمبر 2009

https://www.tunisnews.net/31Decembre09a.htm


 

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 12 صفر 1431 الموافق ل 28 جانفي 2010

مناشير التفتيش تلاحق رضا البوكادي متى يصبح الكف عن التفتيش مسألة آلية؟


يتعرض السجين السياسي السابق السيد رضا البوكادي إلى مضايقات من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يتعمدون إيقافه وتعطيله عن العمل عندما يكون مارا بالطريق العام، وذلك بذريعة وجود منشورَيْ تفتيش صادرَيْن بشأنه عن إقليم تونس منذ عام 1987. فقد وقع صباح اليوم الخميس 28 جانفي 2010 إيقاف السيد رضا البوكادي من قبل أعوان البوليس السياسي قرب حديقة الحبيب ثامر عندما كان متوجها إلى عيادة طبيبه الخاص الدكتور الأمين الزيدي الذي يتابع معالجته منذ خروجه من السجن بتاريخ 5 نوفمبر 2008 وتم اقتياده إلى مركز الشرطة نهج كولونيا سابقا، حيث بقي موقوفا لديهم طيلة 3 ساعات وحرموه بذلك من الاتصال بالطبيب المذكور. علما بأن السيد رضا البوكادي كان محل تتبع من أجل الانتماء إلى حركة النهضة في حين أن ذلك التتبع قد انتهى بمحاكمته من أجل تلك التهمة وصدور حكم في حقه بعدم سماع الدعوى، ولم يكن ذلك كافيا إذ وقع إقحامه بعد ذلك في القضية عدد 8790 وأصدرت المحكمة العسكرية بتونس حكما ضده بالإدانة ووقع تسليمه من طرف السلطات الليبية إلى تونس وقضى فترة طويلة في السجن (ما يقارب 13 عاما) أصيب أثناءها في السجن بمرض عضال (قصور كلوي) وبعدة أمراض أخرى لا زال يعاني منها إلى اليوم، وهو الآن عاطل عن العمل وليست له أية تغطية اجتماعية مثلما هو الحال بالنسبة للآلاف من أعضاء حركة النهضة الذين لم يقع تمكينهم من الاندماج في المجتمع. وحرية وإنصاف: 1)    تدين بشدة ما يتعرض له المساجين السياسيون السابقون من محاصرة وتضييق وحرمان وخاصة ما يتعرض له البعض منهم من مضايقات وإيقافات بسبب وجود مناشير تفتيش صادرة ضدهم منذ أعوام بعد قضائهم لأحكام قضائية وخروجهم من السجن، وهو نتيجة حتمية لتخلف إداري وعدم مواكبة للمستجدات حيث يقتضي الحال أن تلغى مناشير التفتيش آليا بمجرد اعتقال المفتش عنه. 2)    تطالب السلطة بوقف هذه المضايقات ضد المساجين السياسيين السابقين ومن بينهم السيد رضا البوكادي وإصدار قرار يتم بمقتضاه الإلغاء الآلي لكل مناشير التفتيش التي صدرت ضد الأشخاص الذين تم اعتقالهم في إطار موضوع التفتيش السابق. 3)    تدعو السلطة إلى سن عفو تشريعي عام وإيجاد حل شامل يكفل حقوق جميع التونسيين كما تدعوها لوضع حد لهذه المضايقات التي لا يمكن فهمها إلا في إطار سياسة التشفي والتنكيل بالخصوم السياسيين.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


تبرئة الدكتور أحمد العش في قضية الصائفة الماضية عند عودته إلى تونس


السبيل أونلاين – تونس – خاص برأت محكمة تونسية الدكتور أحمد العش الاجىء السياسي السابق في فرنسا ، من التهم المنسوبة إليه بتاريخ 25 جانفي الجاري ، في إطار الإستئناف الذي قدمه بعد إدانته بـ 4 سنوات سجن بعد عودته إلى تونس في صائفة العام 2009 . وذلك حسب « اللجنة الدولية من أجل إطلاق سراح الدكتور أحمد العش » . وكان العش أعتقل وأودع السجن الصائفة الماضية عند عودته إلى تونس . وحسب مصادر مطلعة فإن العش حظي بتدخل رسمي من الحكومة الفرنسية لدى الرئيس التونسي زين العابدبن بن علي من أجل إطلاق سراحه  . وقالت اللجنة المذكورة أنها تنتظر تبرئة الدكتور العش في قضية أخري أدين فيها بسنتين سجن مع تأجيل التنفيذ في مدينة صفاقس عاصمة الجنوب التونسي بتهمة « تمويل مجموعة تدعو إلى الكراهية الدينية » . وتتعامل الحكومة التونسية مع العائدين التونسيين الذين عاشوا لعقود تحت مظلة اللجوء السياسي في دول غربية ، تعاملا أمنيا وتحجر عليهم أي نشاط أومواقف سياسية معارضة لها . وترفض سلطة الرئيس التونسي بن علي الإعتراف بقضية المغتربين التونسيين الذي فروا من البلاد خوفا من التعذيب والسجن ، وتسعى إلى تجريد قضيتهم من أي بعد سياسي ، وقد نجحت مع بضعة عشرات منهم .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 28 جانفي 2010 )
 


إبلاغ عن عمليات غش في أول مناظرة انتداب في وكالة تونس إفريقيا للأنباء

 


//نحن مجموعة من صحافيي وكالة تونس إفريقيا للأنباء يهمّنا أن نبلّغ السيد أسامة الرمضاني وزير الاتصال، والسيد محمد العقربي وزير التكوين المهني والتشغيل عن تسجيل عمليّات غش تمّت يوم الخميس 28 جانفي 2010 في اليوم الأخير من مناظرة لانتداب صحافيين في وكالة تونس إفريقيا للأنباء. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناظرة هي الأولى من نوعها التي تجريها الوكالة منذ أكثر من 20 عاما، كما أنها الأولى في قطاع الإعلام منذ إعلان سيادة الرئيس زين العابدين بن علي، حفظه الله ورعاه، تعيين الوزيرين في مهامهما الجديدة. ونذكّر بأن السيد محمد العقربي وزير التكوين المهني والتشغيل قال في تصريحات أدلى بها لجريدة الصباح الغرّاء،ونشرتها الصحيفة في عددها الصادر يوم الأربعاء 27 جانفي 2010 إنه « لا مجال للمحسوبية والأكتاف والوسائط في تشغيل الشباب خاصة من حاملي الشهائد العليا » فما بالك إن وصل الأمر إلى الغش وتسريب الاختبارات قبل إجرائها.  ونفيد أن امتحان الترجمة الذي أجري يوم 28 جانفي 2010 تمّ تسريبه إلى الصحافيتين (حذفت الاسمين لتفادي التشهير بالزميلتين) اللتين قامتا بتوزيعه على عدد من المشاركين في الاختبار. ونقسم بشرفنا وبالله العظيم أن ما نقوله صحيح//. ملاحظ مستقل

 

توفيق السالمي ..معاناة ومهدد بالعودة إلى السجن مرّة أخرى


السبيل أونلاين – تونس – خاص بعد أن أطلق سراحه بتاريخ 03 ماي 2009 بإنتهاء العقوبة المسلطة عليه وهي 6 سنوات سجن نافذة مع ملحق للحكم بالمراقبة الإدارية مدتها 5 سنوات ، يحاول توفيق السالمي أصيل منطقة جلمة في ولاية سيدي بوزيد ، إستعادة حياة طبيعية منذ أشهر عديدة . وقالت الناشطة الحقوقية « لويزا توسكان » في رسالة باللغة الفرنسية أرسلت للسبيل أونلاين ، أن السالمي فُرض عليه التوقيع اليومي لدى مركز الحرس والذي يبعد عن مقر سكناه 32 كيلومتر ، وهو ما يسبب له متاعب مالية كبيرة ، ذلك أن هذا التنقل اليومي يمنعه من البحث والحصول علي عمل . في حين ليس له مورد رزق لدفع 4 دينار يوميا ثمن التنقل للمركز الأمني لتسجيل حضوره . إضافة إلى أنه مطالب بدفع النفقة الشهرية التى قررتها المحكمة والمقدرة بما يعادل 280 أورو ، وقد أبلغه عدل التنفيذ أنه في حال عدم دفع ما تخلد بذمته خلال الـ 8 أشهر الماضية في أجل أقصاه 6 فيفري القادم سيعاد مرّة أخرى إلى السجن . وأكدت الناشطة الحقوقية في رسالتها أن توفيق السالمي يخضع إلى الإقامة الجبرية والتى تمنعه من التنقل داخل البلاد التونسية ، كما يحرم من بناته الثلاثة (أعمارهن 11 و9 و7 سنوات) المقيمات في العاصمة تونس ، ورغم أن القاضي أجاز له زيارتهن كل يوم أحد ولكنه عمليا لا يستطيع ذلك . ورفضت السلطات التونسية منحه جواز سفره ، وقدّم شكوي إلى وكيل الجمهورية بشأن فرض الإقامة الجبرية عليه وحرمانه من جوار السفر ولكن دون جدوى . وقالت « توسكان » أن ما يتعرض السالمي هو اختبار جديد يضاف إلى سنوات من المعاناة والظلم التى عاناها وهي وضعية الكثير من البوسنيين من أصول تونسية . وقد تزوج توفيق السالمي الذي يحمل الجنسيتين التونسية والبوسنية ، منذ 1997 من سيدة بوسنية ورزق منها ثلاثة فتيات ولدت إحداهن في لكسمبورغ أين قدّم طلب في اللجوء السياسي ، ولكن وزير العدل رفض طلبه وقد أيدت القرار المحكمة الإدارية بتاريخ 7 مارس 2002 .ثم اعتقل في 31 مارس مع زوجته الحامل التى فقدت جنينها بعد تعرضهما للعنف المادي الشديد من طرف البوليس اللكسمبورغي ثم وقع ترحيل العائلة إلى تونس عبر مطار فرانكفورت الألماني . ولدى وصوله إلى تونس بقي السالمي في الإعتقال السري في وزارة الداخلية لمدة شهر إلى حين إيداعه السجن المدني بتونس ، وقد صدر ضده حكم بالسجن مدته 6 سنوات و5 سنوات مراقبة إدارية تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب بتاريخ 12 جويلية 2006 .
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 28 جانفي 2010 )


بـــــــــــــيـــــــــــــان إعادة محاكمة حسن بنعبد الله جــرح الحوض المنجمي ما زال ينزف


قدّم اليوم 28جانفي 2010 محامو حسن بنعبد الله اعتراضا على حكم غيابي في حقّه بعشر سنوات مع النفاذ العاجل، فعيّنت له جلسة استئنافيّة يوم 23فيفري، وجلسة ابتدائية يوم 24 فيفري2010. وكان المناضل حسن بنعبد الله منسّق اللجنة المحليّة للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بالرديف، ونائب منسّق اللجنة الجهويّة بقفصة قد حوكم غيابيّا في القضايا التي طالت قادة الحركة الإحتجاجيّة وشبابها في الحوض المنجمي، وصدر في حقّه أعلى حكم بموجب تهم لا تمتّ بصلة لمجمل الأنشطة التي قام بها دفاعا عن حقّه في العمل القار والعمومي، وتضامنا مع غيره من المعطّلين، ودفاعا عن حقّ مواطني الجهة في مواطن شغل تحمي كرامتهم، وفي التنمية العادلة بين الجهات تقطع مع سياسة التهميش والإهمال والتمييز. إنّ إعادة محاكمة حسن بن عبد الله تمثّل مواصلة لتجريم النضالات الاجتماعية العادلة والمشروعة، وضربا لحق التعبير عن المظالم والمساوئ في ظل أزمة اقتصاديّة خانقة يدفع المعطّلون دون موجب جانبا باهظا من تبعاتها، كما أنّها تكذّب كل التصريحات التي صاحبت تسريح معتقلي الحوض المنجمي مساء 04نوفمبر 2009، والتي بشّرت بإغلاق هذه المظلمة نهائيّا وفتح صفحة جديدة مع أهال الجهة تعالج فيها الملفات الحياتيّة والحيويّة بكل جديّة ونجاعة بعيدا عن التسويف والدعاية السياسيّة إنّنا في اللجنة الجهويّة للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بقفصة: –         نندّد بمواصلة استهداف المناضل المنجمي حسن بنعبد الله، وندعو السلطة إلى الإيقاف الفوري لكل التتبعات الأمنيّة والقضائيّة في حقّه. –         نهيب بكل القوى المجتمعيّة الحيّة في تونس وخارجها إلى مساندة حسن بنعبد الله – وكل المتابعين في القضيّة نفسها- والقيام بكل ما يمكن لإيقاف سيناريو الانتقام منه والتنكيل به.   قفصة في 28/01/2010 عن اللجنة الجهويّة لأصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بقفصة المنسّق عفاف بالناصر  


نقابة الصحافيين تستنكر تدخل وزير الاتصال في شؤونها الداخلية


حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 27. جانفي 2010 قال المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إنّ استقبال وزير الاتصال للهيئة الموصوفة بالانقلابية يوم 25 جانفي الجاري، يمثل تدخلا جديدا في شؤون النقابة وانحيازا على حساب مصالح الصحفيين وتطلعاتهم. كما استنكر المكتب الشرعي ما ذكر أنّه مغالطات واستغفال للصحفيين تمّ الترويج له في بيان صدر عن المجموعة الموالية كالحديث عن انجازات تمخضت عن اللقاء والحال أنّ الأمر يتعلق بمكاسب سابقة حققتها جمعية الصحفيين التونسيين. وشدد بيان أصدره المكتب التنفيذي الشرعي على أنّ أيّ حوار مع السلطة المعنية بالقطاع يجب أن يتناول القضايا الحقيقية للمهنة وفي مقدمتها الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية المنتهكة للصحفيين وتوسيع هامش الحريات الصحفية والتنصيص على مبدأ حصانة الصحفي. وطالب البيان بإطلاق سراح الصحفيين توفيق بن بريك وزهير مخلوف، وإعادة النظر في حكم السجن الصادر ضد مراسل قناة الحوار التونسي الفاهم بوكدوس. جدير بالذكر أنّ المحكمة الابتدائية بتونس أرجأت النظر في القضية التي رفعها المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين لإبطال مؤتمر 15 أوت 2009، إلى جلسة يوم 1 مارس المقبل. وفي سياق متصل نفّذ صحفيّو جريدة « الخبير » يوم الأربعاء إضرابا عن العمل دام ثلاث ساعات احتجاجا على تأخر صرف رواتبهم لشهري ديسمبر وجانفي.  وقد أمهل الصّحفيون مالك الجريدة إلى غاية يوم الاثنين القادم لتسوية وضعيتهم.  وهدّدوا بالدخول في إضراب مفتوح إذا لم يف بتعهده.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 27 جانفي 2010)

وكيل الجمهورية يسمح للطلبة المعتقلين بإجراء امتحاناتهم وإدارة السجن تنفي علمها


حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 27. جانفي 2010 وافق وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بمنوبة على أن يقوم الطلبة المعتقلون منذ أكتوبر الماضي على خلفية اعتصام مبيت الياسمين بإجراء امتحاناتهم من داخل السجن. لكنّ مصدرا من عائلات المعتقلين ذكر لكلمة أنّ إدارة سجن المرناقية رفضت السماح بتسليم طالب الماجستير عبد القادر الهاشمي وثائق مراجعة الدروس التي جلبتها له شقيقته خلال الزيارة للاستعداد لامتحانات أوّل فيفري المقبل. وردّت إدارة السجن بكونها لم تتلقّ أيّ إشعار في هذا الشأن من قبل المحكمة.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 27 جانفي 2010)

تحرك احتجاجي بقصر قفصة من أجل حق الشغل


حرر من قبل الهادي رداوي في الإربعاء, 27. جانفي 2010 أعلنت مجموعة من العائلات في مدينة قصر قفصة اعتزامها الدخول بكامل أفرادها صباح اليوم الخميس في اعتصام بمقر محطة الأرتال بالمكان، احتجاجا على ما وصفوه تقصيرا من طرف شركة السكك الحديدية في إتاحة فرص العمل لأبناء الجهة وخاصة من أبناء العاملين بالمؤسسة. وتقول بعض المصادر إنّ معلومات عن انتدابات متزايدة استفادت منها جهة قابس مسقط رأس المسؤول الأول على الشركة، قد دفعت الأهالي للاحتجاج. ووفق بلاغ إعلامي عن منظمي هذه الاعتصام حصلت « كلمة » على نسخة منه، فإنّ هذا التحرك يأتي بعد مراسلات ومساع توجهوا بها إلى المدر العام لشركة السكك الحديدية وأعضاء بمجلس النواب عن جهة قفصة والسلط الأمنية بمركز الولاية.
 
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 27 جانفي 2010)


أخبـار


اهتمام واسع بملف حسن بنعبدالله
 
ما زال النداء الذي وجّهته والدة المناضل حسن بنعبدالله للكشف عن مصير ابنها يثير اهتمام الرأي العام الحقوقي والسياسي والإعلامي، فوالدة حسن التي استبشرت بتسريح معتقلي الحوض المنجمي مساء 4 نوفمبر الماضي كانت تعتقد أنّ العفو الرئاسي سينسحب على الجميع فإذا بابنها ما زال ملاحقا بحكم غيابي 10 سنوات مع النفاذ العاجل، وقد تتالت الدعوات المطالبة بغلق ملف الحوض المنجمي قضائيّا ووقف التتبعات تجاه من حوكما غيابيّا. عدنان الحاجي مجدّدا أمام لجنة النظام؟؟؟ يبدو أنّ كلمة عدنان الحاجي باسم معتقلي الحوض المنجمي السابقين في افتتاح مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي يوم 11 جانفي الجاري مازالت تثير ردود فعل متباينة داخل ساحة بطحاء محمد علي، حيث علمنا أنّ الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل عبد السلام جراد مستاء من خطابه بل إنّ هناك من يحاول دفعه لإحالة الحاجي على لجنة النظام الوطنية التي كانت قد رفعت عنه التجميد في وقت سابق عندما كان معتقلا، ونحن لا نعرف سبب غضب جراد فهل لقول الحاجي إن معتقلي الحوض المنجمي وقياداته شركاء في أيّ مفاوضات تخصّ الجهة، أم لأنّ الحاجّي طالب المركزية بفتح ملف الفساد والفاسدين في الإتحاد الجهوي بقفصة وخاصّة ملف عمارة العباسي، أم لأنّ المتكلّم حذر من أيّ عملية تسويف ومماطلة تجاه جميع الملفات وعلى رأسها رجوع المطرودين للعمل، وكفّ التتبعات القضائية في حق كل مناضلي الحركة. وتجدر الإشارة إلى المركزية النقابية قد سارعت الأسبوع الماضي إلى استرجاع السيارة التي كان الإتحاد قد سخّرها لفائدته في نقل زوجته المريضة. مضايقات يتعرّض مناضلو الحوض المنجمي منذ مغادرتهم السجن يوم 04 نوفمبر الماضي إلى مضايقات يومية وملاحقات بوليسية حدّ الاختناق، فبيوتهم تخضع للرقابة وتحرّكاتهم تحت المتابعة اللصيقة من قبل البوليس السياسي. وتأتي هذه المضايقات في إطار الهرسلة لمنع هؤلاء المناضلين من التواصل مع مكوّنات المجتمع المدني الذين وقفوا إلى جانب الحركة الإحتجاجية وقضاياها العادلة. زيارة وجّه الإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة يوم 24 جانفي 2010 دعوة لمناضلي الحوض المنجمي لحضور حفل تكريم، وقد كان عدنان حاجي وبشير العبيدي محلّ حفاوة وترحاب من قبل مناضلي جهة جندوبة ونقابييها في تجمّع غفير حضره المولدي الجندوبي عضو المكتب التنفيذي للإتحاد، وقد تفاعل الحضور مع كلمتي عدنان الحاجي وبشير العبيدي اللذين أكدا أن الحركة الاحتجاجية وجدت سندا كبيرا من جهة جندوبة بكل مناضليها الصادقين. سجين حق عام يتّهم القضاء في قفصة لليوم التاسع والعشرين يواصل سجين الحق العام بادي رجب إضرابه المفتوح عن الطعام بالسجن المدني بزرّوق للمطالبة بمراجعة قرار إدانته باستهلاك المخدّرات وترويجها، خاصة وقد أثبت التحليل خلوّ دمه من المادة المخدرة وبعد التناقضات التي عرفتها إفادات الشاهدين الذين اعترفا عليه عند باحث البداية وأنكرا ذلك في التحقيق ثمّ ورّطاه أمام المحكمة. وقد أرجع المضرب فبركة القضيّة إلى خلاف شخصي مع أحد أعوان فرقة مقاومة المخدّرات بقصر قفصة الذي كان هدّده بإدخاله السجن مهما كانت التكاليف. ونودّ الإشارة إلى أن المضرب هو شقيق حاتم رجب عضو التنسيقية الجهوية للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والذي يعرف بدوره منذ التحاقه بالحزب مراقبة مستمرة وهرسلة، والذي كان أكّد في آخر زيارة لشقيقه أنّه حُمل للقائه على كرسي نقال دلالة على تردّي وضعه الصحي. وهكذا بعد أن أكّد معتقلو الحوض المنجمي وعديد المحاكمين سياسيا فساد القضاء في الجهة وخضوعه لأوامر وتعليمات الأمن ورجال المال والسياسية، هاهو سجين حق عام يُؤكّد هذه المقولة ويُنبّه مُجدّدا إلى ما يحدث في أروقة محاكم قفصة من ممارسات مُخالفة للقانون ولحرمة القضاء، خاصة وقد بلغنا أنّ أحد القضاة المشهورين قد حققت معه وزارة العدل ثلاث مرّات خلال الشهرين الماضيين في ملفات فساد صارخة. راديو كلمة يطفئ شمعته الأولى في 26 جانفي 2009 إنضافت إلى مؤسسة كلمة الإعلامية إذاعة كلمة التي تبثّ عبر الأقمار الصناعية، فكانت بذلك المحاولة الأولى تونسيّا لكسر حالة الاحتكار السلطوي في هذا المجال والوصول إلى جمهور واسع من التونسيات والتونسيين في الداخل والخارج وإخراجهم من بوتقة الإسفاف والتطبيل والتهريج الدعائي الذي غرقت فيه الإذاعات الرسمية والخاصة. وكما كان مُتوقعا لم يكن صدر السلطة ليتّسع لهذا الصوت المُخالف فأوكلت الأمر في المقام الأوّل لأجهزتها الأمنية التي حاصرت مقرّ الراديو ومنعت الدخول والخروج منه ثمّ هاجمته واستولت على كلّ مُحتوياته وأغلقته، ثمّ استعملت آلتها القضائية فجرّمت كلّ من عمر المستيري وسهام بن سدرين بتهم تتعلّق بعدم الترخيص للمشروع. وعندما فشلت هذه السياسة في كسر شوكة الراديو الذي تواصل بثه، وإن في ظروف أصعب، فقد أستُهدف صحافيّوه الذين ظلّوا لفترة طويلة تحت مراقبة لصيقة واعتداءات متكررة ومُصادرة لمعدّات العمل وهرسلة عائلية طالت بالخصوص زكية الضيفاوي وفاتن حمدي ومعزّ الباي ومعزّ الجماعي والمولدي الزوابي… ثمّ استعمل نظام الحكم بالتوازي عدد من المتعاونين مع الراديو للانقلاب على زملائهم والتشهير بهم، حيث فُتحت للصحبي صمارة وخولة الفرشيشي وظافر عطي كلّ حنفيّات الإعلام والندوات الصحفية ومجلات الدعاية السياسية للتملّص من المشروع والتشنيع بإدارته ووصمتها بالتمعّش من حقوق الإنسان والإعلام ورهنها لقوى خارجية « متصهينة ومتربّصة باستقلال تونس ». وعندما سقطت هذه الخطّة في الماء اضطربت السلطة وفقدت صوابها وأعطت الضوء الأخضر لصحافة مخابراتها (الحدث، الصريح، كلّ النّاس…) لتصبّ قمامتها على هذا الراديو ولتستهدف صحافييه ومسؤوليه بوابل من المقالات التي لم تعرف لها بلادنا مثيلا في أحلك أوقات العداء لحرية الصحافة والتعبير. واليوم يتواصل عمل راديو كلمة في ظروف بالغة الخطورة والتعقيد ولكن بخطى واثقة وشجاعة. ولا يسع أسرة « البديل » إلاّ أن تسند هذا المشروع الإعلامي الفتيّ وتتضامن مع القائمين عليه في وجه كلّ محاولات إجهاضه.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 28 جانفي  2010)  


لا… لن نطوي الصفحة


كنّا نشرنا في عدد سابق من البديل نصّا مطوّلا عن أحداث قفصة المسلّحة ونعود لننشر نصّا آخر يحتوي شهادات لمواطنين كما عاشوها. الأحداث كما عاشها المواطنون  
في تلك الساعة بالضبط استفقنا واستفاق الأهالي على دويّ الرصاص والقذائف المدفعية، وهو ما لم نألفه سابقا وذهب في ظنّنا أنّ المسألة لا تعدو أن تكون مجرّد مناورة عسكرية اختار النظام القيام بها في تلك الليلة بالذات – ذكرى 26 جانفي 1978 – قصد إرهاب الجماهير وتحذيرها من التفكير في القيام بأيّ تحرّك سيّما وأنّ الظرف كان حرجا للغاية نظرا للترفيع الحاصل في أسعار المواد الأساسية قبل أيام معدودات. إلا أنّ الطلق الناري المكثف الذي كنا نستمع إليه والذي أخذ يقترب منّا شيئا فشيئا جعلنا نفكّر في أنّ أمرا ما غريبا يحدث في البلاد لكننا لم نتمكن من تحديد طبيعة ما يحدث في البلاد ولم يطرأ على بالنا البتّة التفكير في حقيقة ما جرى فعلا. الساعة الخامسة والنصف خرجنا للإطلاع على الوضع بصفة مباشرة، وجدنا جمعا من عمال منجم المظيلة في انتظار الحافلة التي تنقلهم إلى مركز عملهم وهم يتساءلون حيارى عن حقيقة ما يحدث بقفصة ولا أحد يملك الجواب، وكانت الآراء متضاربة فمنهم من قال بالمناورة ومنهم من ظنّ أنه انقلاب عسكري وقال البعض الأخر لعلّها الثورة. وفيما نحن في أخذ ورد حتى باغتنا شخص مسلّح لم نتبيّن ملامحه لأنه كان ملثما زيادة على الظلام الدامس وصاح فينا أن نرفع أيدينا ففعلنا ثمّ سألنا هل يوجد بيننا جنود أو مجنّدين؟ فرددنا عليه بالنفي وقال أحدنا: إننا ننتظر الحافلة، فقال: إن الحافلة لن تأتي، وطلب منّا أن ننصرف إلى بيوتنا دون أن يزيد أيّ شيء. لم نعد إلى بيوتنا لأنّ الأهالي بدأوا يغادرون بيوتهم مع طلوع الفجر ويجتمعون بالشوارع للسؤال وكان دويّ الرصاص متواصلا. عندما بدأت تبلغنا أصداء ما يجري في المدينة وتردّدت على كثير من الألسن « إنهم الثوار »، « المجاهدون »… إلى ذلك الحين لم نصدّق بل زادت حيرتنا أكثر فأكثر… لكن هذه الحيرة لن تطول هذه المرّة إذ سرعان ما قاطعتنا أصوات عالية تنشد « حماة الحمى » فاتجهنا صوبها لمعرفة مصدرها فإذا بنا نرى قرابة الثلاثمائة جندي يهرولون وراء شاحنة عسكرية يقودها شاب ملثم الوجه وكانت تسير وراءهم شاحنة من نوع 404 مملوءة بالأسلحة يحاذيهم من الجانبين اثنان من الثوّار كانا يمتطيان دراجات ناريّة، واقتيد هذا الحشد إلى المعهد الثانوي بحي الشباب بقفصة، عندها فعلا بدأنا نتحقق بأنّ الأمر هو فعلا حركة ثوريّة معادية للنظام فقرّرنا الاتجاه إلى وسط المدينة للمزيد من استجلاء الأمر. وفي طريقنا وقرب دار الشباب بقفصة وجدنا أربعة شبان مدنيين يحملون رشاشات وعدد كبير من الطلقات فاقتربنا منهم وسألناهم ما الأمر؟ فأجابوا بأنهم شباب تونسيون واعون بطبيعة النظام العميل والمعادي للمطامح الشعبية والوحدة العربية وقد تدرّبوا على استخدام السلاح في عدّة أماكن وخاصة بلبنان في صفوف المقاومة الفلسطينية وجاءوا لتحرير البلاد من هذا النظام، وقالوا إنه وقع بعد احتلال ثكنة أحمد التليلي وأسر كل الجنود المقيمين بها وإننا نستمع الآن إلى تبادل طلق النار بين رفاقهم الذين يحاولون الاستيلاء على ثكنة المدينة وبين بعض الجنود إذ لم يتمكنوا من تطهيرها نهائيّا. وسألناهم إذا كانت هذه العمليّة مقصورة على قفصة أو أنها تشمل بعض المناطق الأخرى؟ فقالوا إننا نضرب في عدّة أماكن في نفس الوقت، وطلبوا منّا أن نتصل بالشباب الراغبين في حمل السلاح، خاصة الطلبة، ودعوتهم للالتحاق بصفوف الثورة إذ أنّ النظام أيامه معدودات. ثم تركناهم لنواصل طريقنا إلى وسط المدينة وقرب المعهد الثانوي وجدنا مجموعة أخرى دار بيننا وبينهم نفس الحديث، ثم أشاروا علينا أن لا نمرّ أمام الثكنة الصغيرة إن كنا نريد الذهاب إلى وسط المدينة لأنه ما زال يوجد داخلها بعض القناصة من الجنود الذين يطلقون النار حتى على المدنيين.فعدنا أدراجنا وفي الطريق إعترضتنا سيارة 504 كان يركب فوق سطحها جمع من سكان قفصة يرددون « تحيا الثورة الشعبية »، « تونس ثورة شعبية » جابت هذه السيارة بعض الشوارع ثمّ اختفت. وفي وسط المدينة حيث وقع احتلال مركزي الحرس الوطني والشرطة كان الثوار يُطمئنون أفراد الشعب بأن لا يخافوا. إقترب أحدنا للاستطلاع فلمّا رآه الثوار يطل على مقربة منهم أشار عليه الثائر عمّار المنافقي بالقدوم فرفع يديه بعلامة النصر ولمّا وصل رفع الثوار شعارات « يسقط النظام الدستوري الدكتاتوري البوليسي العميل » « تحيا الثورة الشعبية » « لا مجاهد أكبر إلا الشعب » « تحيا تونس حرة مستقلّة » « ثورة شعبية تونسية أصيلة » فردّدها معهم صاحبنا وسلّم عليهم وتوجّه لعمّار المنافقي بهذه الأسئلة: إنّ الناس لم يفهموا ما يدور بالمدينة فماذا يجري بالضبط؟  إنها ثورة شعبية تونسية ترمي إلى تحرير البلاد من هذا النظام العميل. هل هذه انتفاضة شاملة لبعض المناطق الأخرى أم هي مقصورة على منطقة قفصة؟  إنّ الثورة انطلقت في عدّة مناطق من البلاد والأقرع (يقصد بورقيبة) محاصر في نفطة. وما هي هذه الطائرات التي تحلق في السماء (طائرتي ميراج)؟  إنها طائرات النظام تستكشف ثكناتها الفارغة. إنّ الثورة يحسّها الناس قبل أن تبدأ وهذه الثورة لم نشعر بها إلا عندما انطلقت؟  إننا شباب واعون بوضعيّة بلادنا وقد تعلمنا وذهبنا إلى الخارج وتدربنا وأتينا لتحرير البلاد. من المستحسن إعلام الناس بواسطة مضخم صوت أو أية طريقة أخرى إذ أن الناس غير واعين بطبيعة العملية.  هذا سوف يأتي… ثمّ أردف قائلا وقد تجمّع نفر من الشباب « يا الله عاونونا، هبّطوا الشعب في مسيرة مساندة ودوروا على الطلبة وخبروهم هذوكا هوما اللي حاجتنا بيهم ». كيف احتلت ثكنة أحمد التليلي؟ يحكي أحد الجنود الذين أسروا في هذه العملية قائلا بأن مجموعة الشهيد أحمد المرغني هي التي تكلفت باحتلال هذه الثكنة. بادرت المجموعة بإطلاق النار في الفضاء وتقدم أحمد المرغني من المسمى « أشمك » حارس الثكنة وأمره بتسليم سلاحه فأصاب هذا الأخير الشهيد بحربة رشاشه في إصبعه إذ أنه لم يستطع تركيب خزان الذخيرة بفعل المباغتة فأطلق أحد الثوار النار على رجله وأصابه، فعنفه المرغني قائلا: « لقد أوصيتكم بأن لانطلقوا النار على أيّ كان » وفي الأثناء تقدم ممرض الثكنة لمداواة أحمد المرغني فقال له الشهيد « عالج الحارس إن إصابته خطيرة أما إصابتي فهي بسيطة ». ويروي الجندي أنهم حالما سمعوا الطلق الناري أمرهم الرقيب برفع أيديهم والوقوف بجانب أسرتهم حتى وصل الثوار واقتادوهم إلى حيث كانوا يجمعون الجنود. ولمّا تجمّعوا أمر المرغني بجلب الملابس لمن لم يلبس ثيابه، وقد اقترح بعض الثوار تفتيشهم إلا أن أحمد المرغني امتنع قائلا « إن النظام جوّعهم حتى في بطونهم فماذا يمكن أن يوجد عندهم ». ثمّ اقتيد الأسرى إلى المعهد الفنّي الذي يبتعد حوالي 3 كيلومتر عن الثكنة وهم يردّدون نشيد « حماة الحمى » مارّين بحي النور تحملهم سيارة 404 وسيارة عسكرية وبجانبهم أحمد المرغني على دراجة ناريّة وبعض الثوار الراجلين وفي الأثناء فرّ بعض الأسرى إلا أن الثوار لم يُطلقوا عليهم النار. وفي المعهد الثانوي أودع الأسرى في قاعة الرياضة تحت حراسة 4 من الثوار وحال إدخالهم إلى قاعة الرياضة وزّع الثوار السجائر على الأسرى وأخذوا يُحدّثونهم عن مساوئ النظام مُتحدّثين في لغة بسيطة عن أحداث 26 جانفي وغلاء الأسعار، ومنهم من أجرى مقارنة بين النظامين التونسي والليبي معتبرا الأوّل المثال السلبي ومُقدّما الثاني باعتباره المثال الإيجابي، ودعوهم في الأخير إلى الثورة على النظام. المعارك تستمرّ حتى يوم الخميس 31 جانفي … واتجهنا إلى جهة أخرى كنّا نسمع إلى طلق ناري قادم منها (طريق القصرين) وهناك وعلى مستوى واد « أيلو » رأينا شاحنة عسكرية وسيارة جيب واقفتين فقيل أن الثوار عطّلوها بثقب عجلاتها وهي أولى السيارات القادمة من القصرين في مهمة استكشافية. وكان أربعة جنود يُهرولون دون هدف ودون أن يعرفوا أين يتّجهون بل إنّهم رموا أسلحتهم وطلبوا النجدة من المواطنين حين سمعوا الطلق الناري يُصوّب في اتجاههم فدخلوا أحد البيوت ونزعوا عنهم زيّهم العسكري وظهروا في بدلات مدنية وبعض المواطنين يجرون وراءهم لمدّهم بأسلحتهم التي تركوها وراءهم ولاذوا بالفرار. ولم تتمكن فرق النجدة القادمة من القصرين من الدخول إلى قفصة إلا عند الساعة الحادية عشرة ولكنها وجدت مواجهة عنيفة من قبل الثوار الذين تمركزوا في بعض المناطق ومنها المعهد الثانوي المختلط الذي تسرب داخله ثائر واحد استطاع أن يواجه قوة عسكرية كبيرة. ولم يتمكّن الجيش من اقتحام المعهد إلا بعد نفاذ ذخيرة هذا الثّائر فوقع أسره. وكانت العمليات تجري على نفس النسق في أماكن أخرى. كان المواطنون يتابعونها من داخل بيوتهم لأنّه فُرض حظر التجوّل في المدينة منذ دخول الجيش إليها. وكان هذا الأخير يطلق النار على الجميع وخاصّة المدنيين بحجّة أن الثوار يرتدون الزي المدني. فانقلبت الوضعية من وضعية أمن وطمأنينة بالنسبة للمواطنين عندما كان الثوار يسيطرون على المدينة إلى وضعية هلع وخوف وإرهاب عندما اقتحمها الجيش. وقد شعر كلّ المواطنين بهذا التغير ممّا زاد في تعاطفهم مع الحركة. كنّا نتابع المعارك من داخل البيوت وكنّا نفرّق بين الطلقات الصّادرة عن الثّوار وتلك التي يطلقها الجيش إذ كانت مختلفة الصدى وظللنا نحدّد عن طريق السمع مكان المعارك وكثافتها ومدّتها… وتواصلت هذه الوضعيّة حتى يوم الثلاثاء 29 جانفي 1980 على الساعة الثانية عشرة. عندما إدّعى النظام بأنّ الأمن استتب وأنّ الطمأنينة عادت وأنّه قضى على آخر جيوب المقاومة وأسر كافة الثوّار. كانت سيارة تجوب شوارع المدينة لتبثّ بمضخّم صوت نداء السلطة للمواطنين تعلمهم فيها بأنّ الحياة عادت إلى مجراها وتدعوهم للعودة إلى أعمالهم… وفجأة سكت الصوت الصادر عن مُضخّم الصوت. إنّها طلقة ناريّة باتجاه السيارة صادرة عن أحد الثوّار تلاها اشتباك عنيف بين الطّرفين. ويُمكن القول بأنّ المعارك لم تكُفّ بصفة نهائيّة إلا يوم الخميس 31 جانفي عندها لم نعد نستمع إلى الطّلق المتميّز الصادر عن رشّاشات الثوّار. كيف اقتحم الجيش المدينة؟ شوهدت منذ الساعة السادسة صباحا طائرتا استكشاف من نوع « ميراج » تحملان العلم التونسي تستطلعان مواقع الثوار وقد تعرّضت واحدة منها إلى الطلق الناري بمدافع الهاون حوالي التاسعة صباحا فهربتا ولم ترجعا البتّة. وحوالي الساعة التاسعة والنصف صباحا دخلت أوّل قوّة عسكرية وهي متركّبة من سيارة جيب يركبها 11 جنديّا جلّهم من أصيلي قفصة – تسهيلا لهروبهم – وقد تمكّنوا من الوصول إلى المعهد الفنّي قرب ثكنة المدينة، ذلك أنّ الثوار قد تجمّعوا حول الثكنة وتركوا مداخل المدينة بدون حراسة. ولمّا وصلوا قرب المعهد انبرى لهم ثائران وقتلا منهم واحدا ففرّ الباقون في اتجاه أوّل تجمّع للمواطنين فكفّ عندها الثوّار عن طلق النار واكتفوا بتقطيع عجلات السيارة والشاحنة. أمّا الجنود الهاربين فقد رجعوا إلى ثكنة أحمد التليلي حيث تجمّعت القوّات القادمة من القصرين بعد أن تخلّصوا من ثيابهم العسكرية وتركوا أسلحتهم وراءهم. وحوالي الحادية عشرة صباحا تمركزت قوّات الجيش بحي النور، وقد وضعت دبّابات في مدخل الشوارع وأخذت تتقدّم في اتّجاه الثوار الذين كانوا يحاصرون مدخل المدينة واستمرّ الطلق الناري كثيفا بين الجانبين حتى الليل.إلّا أنّ الثكنة قد وقع استرجاعها يوم الأحد 27 جانفي حوالي الساعة الثانية. وفي نفس الوقت زحف الجيش القادم من قابس محاصرا المدينة من الجنوب. وفي الساعة الثانية وقع الزحف على المعهد الفني لفك أسر الجنود الموجودين فيه وقد اشتبك في البداية جنود القصرين بالجنود القادمين من قابس على وجه الخطأ. وقد روى جندي أنّ الشهيد عمر قردة قد كتب بعض المطالب على ورقة وهي « إحضار سفير كوبا ووزير خارجية النظام التونسي » كشرط لإطلاق سراح الجنود في صورة عدم الاستجابة للطلبات، إلّا أنّ الجندي ذهب ولم يرجع.ثمّ بدأ الجنود بطلق النار فطلب عمر قردة من الخميني إطلاق قذائف البازوكا وسط الجنود إلّا أن هذا الأخير أطلق النار في اتّجاه الحائط فجرح الجنود بشظايا القذيفة فأمره قردة ثانية ولمّا رفض أطلق عليه النار، وقد انفتح الباب نتيجة الضغط المتولّد عن القذيفة فاغتنم عدد من الجنود الفرصة ليلوذوا بالفرار لكن قوّات الجيش استقبلتهم بالطلق الناري ظنّا منهم أنّهم من الثوار الفارّين وفي الأثناء يُروى أنّ عمر قردة أطلق النار على بعض الجنود في الداخل. ولقد استمر ليلة الاثنين الطلق الناري كثيفا حتى الصباح ثمّ أصبح مُتقطّعا حتى الرابعة مساء من يوم الأربعاء. وقد استعمل النظام في عمليّة الاقتحام حوالي 50 دبّابة و20 ألف جندي إضافة إلى قوات النظام العام التي كانت تصحبها الكلاب البوليسية. ولقد شُوهدت طائرات الهيلكوبتر الفرنسية تحلّق فوق المدينة يوميّا ولمدّة أسبوعين يوميّا تقريبا. أمّا فيما يخصّ المشاة الفرنسيين فإنّ الشائعات مُتضاربة في شأنهم فمنها من تقول أنّ الجنود الفرنسيين قد قاموا بالحراسة الليلية من يوم الاثنين حتى آخر الأسبوع، ومن المواطنين من قال أنّه شاهد جنديين فرنسيين أمام الولاية يوم الأربعاء 30 جانفي. لقد بثّ الجيش الرعب في صفوف المواطنين نتيجة أعماله الهمجية من اقتحام المنازل وسلب الأهالي وانتهاك الحرمات وتقتيل الأرواح البريئة. ويبدو أنّ الأوامر الأولى التي أعطيت للجيش كانت تقضي بدكّ المدينة وبإطلاق الرصاص على كلّ من يُصادفهم توقّعا من النظام بأنّ الأهالي سيساندون الثوار وينظمّون إليهم. وكانت حالة الرعب والهلع قد سيطرت على الجنود فكانوا يُصوّبون رشّاشاتهم باتجاه كلّ من يشكّون فيه وقد تعرّض لابسو البرانيس والقشاشيب والشيشان بصفة خاصّة لأعمال التفتيش والضرب. كما بادر الجند بإطلاق النار على كلّ من اقترب منهم أو ظهر فوق السطوح مُتسبّبين هكذا في مقتل معظم المدنيين الذين قُتلوا أثناء العملية. فالطفل الذي قدّمته أجهزة الإعلام الرسمية كضحية « للمرتزقة » كان في الواقع ضحية أحد الجنود المتهمّجين الذي أطلق عليه النّار عندما رآه أمام باب بيت الصابون فوق سطح بيتهم قرب المستشفى فأرداه قتيلا وأمر أحدى سيّارات الإسعاف بنقله إلى المستشفى. وفي مساء يوم الأحد تكاثر عدد قوّات النظام العام التي قامت أثناء الليل بعمليات التفتيش والتمشيط وقد تواصلت هذه الحملة الرهيبة حتى اليوم الرابع من شهر فيفري تمّ أثناءها تمشيط حيّ الحارة وحومة الواد وجزء كبير من حي العمالة وحي النور. أمّا الإيقافات فكانت كثيرة وعشوائية حيث تمّ إيقاف كلّ المدنيين الذين عُثر عليهم وسط المدينة وتعرّض الموقوفون إلى عمليّات الثلب والسبّ والإهانة. ويُشاع أنّ عدد الموقوفين بلغ 480 منذ ليلة الأحد 27 جانفي وحُشر 300 منهم في داموس بدار الولاية وتُوفّي 12 من بينهم نتيجة الاختناق فما كان من الجيش إلّا أنّ أطلق النار على جثثهم وادّعى أنّهم من « ضحايا الغدر ». ولم يسلم من الإرهاب والإهانة حتى الجنود الذين وقعوا في الأسر حيث تعرّضوا لشتّى الإهانات وحتى الحرمان من الطعام عقابا لهم. ولقد وصلت الهمجية والدناءة بالنظام إلى حدّ التمثيل بجثث الشهداء. ففي حين وقع دفن الموتى في قبور عاديّة رُدمت جثث الشهداء بصفة جماعية في حفرة مشتركة وقبل الدفن جلبت الشرطة أقارب الموتى من المدنيين والحرس والشرطة وأمرتهم بالتمثيل بهم فرموهم بالحجارة وقطعوهم بالسكاكين… لقد أعترف العقيد بوبكر قائد جيش القصرين بأنّه لو كان عدد الثوار أكثر من 28 نفرا لعجز جيشه على اقتحام المدينة لأنّ الفرد الواحد من الثوار يُساوي حسب تقديره 100 جندي تونسي نظرا لتدريبهم العسكري الرفيع وحداثة أسلحتهم وروحهم القتالية العالية. وبدون الدخول في اعتبارات الإستراتيجيا العسكرية للعملية في حدّ ذاتها فمن الواضح أنّ العمليات لم تكن مُحكمة وكان ينقصها الكثير من التنظيم والتخطيط. كانت كلّ مجموعة تتصرّف بمبادرتها الخاصة ولم تكن ترضخ لرقابة أو لتوجيه حازم من طرف قيادة ما، ممّا أدخل على هذه العمليات صفة الارتباك والارتجال. ولم يكن يُوجد اتصال بين مختلف الفرق القتالية فلا أحد يعلم ما يفعله الآخر ممّا أدّى إلى إضاعة وقت طويل (بين التاسعة والحادية عشرة صباحا) في البحث عن بعضهم البعض الشيء الذي مكّن جيش القصرين من دخول المدينة دون أن تعترض طريقه مقاومة فعليّة ومُنظّمة وتمكّن أيضا من احتلال النقاط الإستراتيجية في قفصة بكلّ سهولة. لكنّ السبب الرئيسي لفشل العملية يبقى طبعا عدم المساندة الفعلية من طرف المواطنين الذين لم يفهموا طبيعة العملية إلا بصفة متأخّرة جدّا نظرا لانعدام عنصر الدعاية والإعداد السياسي والمادي. لقد كانت مواقف المواطنين متضاربة ومتباينة من العملية إلّا أنّ ما يجب ملاحظته هو التعاطف والحماس التلقائي الذي عبّرت عنها فئات جماهيرية واسعة وخاصة من الشباب الشيء الذي يسمح لنا بأن نؤكّد أنّه لو قُدِّرَ للعملية أن تدوم أكثر لالتحق بها عدد كبير من الشباب، ذلك هو موقف التلاميذ الذين عبّروا عن مساندتهم للعملية عن طريق التظاهر في الشوارع منذ اليوم الأوّل لاستئناف الدراسة وهو أيضا موقف الشباب العاطل عن العمل وموقف العديد من المثقفين. وهو كذلك موقف الطّبقة العاملة بالمناجم حيث عبّر الكثير من العمّال عن أسفهم لوقوع العملية بذلك الشكل المفاجئ الذي لم يُمكّنهم من المساهمة فيها. لذلك كنت تراهم جميعا يترصّدون « صوت قفصة » لمتابعة « أخبار الثورة » أملا في تواصلها. والجدير بالملاحظة أيضا أنّه حتى من كان من الشعب لا يُساند العملية فهو لم يكن يقف ضدّها ولقد كانت المفاجأة والخوف من النظام سبب التحفّظ الذي سيطر على الشعب حيث رفض مسك السلاح الذي بقي يتناثر في الشوارع ولكنّه رفض أيضا المشاركة في مظاهرات التنديد التي حاول النظام تنظيمها.بل إنّ أحكام الإعدام التي صدرت في حقّ 13 من الثوّار قد زادت في تعاطف المواطنين معهم إذ بكت النسوة يوم إعلانها وكفّت العائلات عن متابعة برامج الإذاعة والتلفزة في تلك الليلة وأصبح الناس يتحدّثون عن أحمد المرغني باعتزاز وافتخار. أمّا يوم إعلان التنفيذ فقد عمّ الحزن حيث كانت الوجوه مكفهرّة وانعدمت الرغبة في الحديث عند العديد من الناس الذين كانت تبدو عليهم مشاعر النقمة والحقد على النظام.  
جريدة العامل التونسي العدد السادس- جوان/جويلية 1980  


الصديق الشبهة

بقلم: فاطمة أرابيكا يعيب عني الكثير من الاصدقاء ، كثرتهم ، وكأنه كان لي الخيار ، حينما تقذف بنفسك في صخب العوالم الافتراضيّة لا تسمع صوتا لارتداد الصدمة و سكونها في القاع ، بل تضلّ تهوى الى ما شاء لك ، هي هوّة بلا قعر اذا تأخذ لون مزاجك وتقتفي أثر أفكارك ، هي احيانا باهتة ، ساكنه ، وأخرى مشرقة ، صاخبة، وفي الكثير من الايام الارضية التقويم تكون بلا لون ولا رائحة ولا طعم كأيام تمرّ مبهمة بلا « لا شيء  » قد ينبئك حدسك انك لو أرّخت هذه اللحظة اللتي لست فيها أحدا ذا قيمة، اذ انّك توقفّت عن ارتكاب الفعل ، ستقفز من أرض الصمت الى أرض النبوءة فيراودك البوح عن نفسك وتستكين لمحاولاته المتكررة لاستنطاق جسدك ، أحلامك ، تاريخك ، انسانيتك ، وطنك ، خيباتك كلّها وتمارس شيئا ما ميّزك منذ الأزل عن باقي المخلوقات …تتكلّم وتنطق …وتقول …ليس لانّك تدّعي بطولة وهميّة ، بل لانّك مختنق بما لا تستطيع ان تبتلعه طواعية فكيف وان كان قسرا ، أنت تتكلم لتحافظ على انسانيتك أو لتستطيع ان تقنع نفسك بانك ربما واقول ربما هنا عمدا لا تشبه القطيع الاعزل . في الرحلة الافتراضية تقابل أناسا كثر تصادق بعضهم وتصدّق بعضهم وتلغي بعضهم غير آسف على شيء وتتكبّد عناء خيبتك من بعضهم وحيدا لا شريك لك وتلعن بعضهم علنا وتؤمن بأحدهم ايمان العجائز كنور قذفه الله في صدر تقي ، وتتغير ، تثرى تجربتك وقناعاتك واهتماماتك ويصدح صوتك بما يعكّر صفو البهجة والفرح الدائم فتصبح عنصرا مشاغبا عن غير قصد أو وبحسب تونسيتنا الدارجة « منعوتا بالصبع  » ويلوكون لحمك الحي بلا رحمة أو شفقة تحاول ان تدافع عن نفسك فتجدها انخرطت قسرا في صراع مبهم مع طواحين الهواء فتدير بظهرك لهم وتمضي لانك لا تريد ان تستنزف طاقتك في الردّ وحقّ الرّد بل تودّ لو انهم فقط اهتموا بما يؤرق نبض الأغلبية والاغلبية المسكينة مأخوذة بالاحتفالات والمهرجانات والبرقيات اللتي تكتب على عجل ومتشابهة جدّا لقصور في مخيّلة محررّها الوحيد وتلك مصيبة أخرى . تعرف افتراضيا من يؤرقك ، ويشبهك، ويشتبه بك، ويختلف كليا حتى مع رسم اسمك بالأبجدية ، تعرف من يراقبك ويترقب طلّتك ليحرّر تقريرا في الغرض ، تعرف من يكرهك وينتظر رحيلك بكل حبّ ، تعرف من يستلذّ كلمك ولا يكلّمك ، تعرف من يقاسمك كلّ شيء حتى صمتك وعزلتك ، تعرف المتربصين بزلاتك ، العفوية ربما ، تعرف المتلهفين لقراءة خربشاتك ، تعرف المتلصصين على صورك وكيف تحب ان تشرب قهوتك ، تعرف من يحمي ظهرك في الغياب وتعرف من يطعنه لكل اصدقائي الذين عرفتهم من خلال هذا العالم الافتراضي شكرا لكل ما فعلتموه لاجلي سأظل اكتب غاية النبض الأخير في دمي وان كانت تهمتي هي تكوين علاقة افتراضية مع صديق شبهة فلي كل الشرف بان يقترن اسمي بما يخطّ ~ طوبى لمن عاش الحياة بقربهم ~ صحبٌ كرامٌ لا يملّون العطاء (المصدر: مدونة « أرابيكا » (محجوبة في تونس) بتاريخ 17 جانفي 2010) الرابط:http://fatmaarabicca.blogspot.com/2010/01/blog-post.html  


غرامة 20 دولاراً لكل مدخّن.. وعقوبات تصل لإغلاق المحال تونس: تصاعد الجدل بسبب منع التدخين في الأماكن العامة


تونس – محمد الحمروني  مع اقتراب موعد دخول قانون منع التدخين في الأماكن العامة حيز التنفيذ، بدأت تتصاعد في تونس حدة النقاشات والسجالات بين أصحاب المطاعم والمقاهي وسلطة الإشراف حول الشروط التي يفرضها القانون الجديد على مقدمي هذا النوع من الخدمات. ويطالب القانون الجديد أصحاب المقاهي والمطاعم بتخصيص فضاءات للمدخنين وعزلها تماما عن بقية الفضاءات وتزويدها بمراوح شافطة للهواء. ويعتبر أصحاب المقاهي على وجه التحديد أن هذا القانون سيضر بمؤسساتهم التي تعاني أصلا من مشاكل عديدة على غرار ارتفاع الأسعار الأولية التي تدخل في صناعة القهوة والتكلفة الاجتماعية للعاملين في هذا القطاع من عملة وغيرهم. وفي تصريحات صحافية نشرت أمس شن مصطفى الحبيب التستوري رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي هجوما عنيفا على سلطة الإشراف بسبب إصرارها على تحميل المقاهي وزر ظاهرة التدخين. وأوضح التستوري « أن المقاهي تعيش وضعا اقتصاديا صعبا بحكم تجميد التسعيرة المعمول بها والارتفاع المتواصل لعناصر التكلفة من زيادة في الأجور وبالتالي التغطية الاجتماعية وفواتير الماء والكهرباء والغاز والسكر والحليب والقهوة.. يضاف لكل ذلك أشغال التقسيم التي تتطلب استثمارا إضافيا فضلا عن التخلي عن عدد هام من الحرفاء المدخنين جراء مضايقة أصحاب المقاهي لهم ». وحذر نقيب أصحاب المقاهي من أن أرباب المهنة لن يستجيبوا لمسألة التقسيم وفي حالة اضطرارهم سيقوم هؤلاء بإغلاق محلاتهم وسيضربون عن العمل وسيدافعون عن موارد رزقهم بكل السبل. من جانبها ردت وزارة الصحة التونسية بأن مصالح الوزارة لن تتراجع عن تطبيق مقتضيات الأمر المتعلق بتحجير التدخين في المقاهي والمطاعم رغم الاحتجاجات المتصاعدة من قبل أرباب تلك المحلات. وقال مصدر مسؤول في الوزارة إن الأولوية ستعطي في الوقت الراهن لمبدأ الفصل بين الحريف المدخن والحريف غير المدخن.. وذلك في انتظار تكريس المنع الشامل. وأوضح المدير العام للتشريع بوزارة الصحة أن من يضبط وهو يدخن في الأماكن التي يحجر فيها التدخين سيعرّض نفسه لغرامة مالية بـ 25 دينارا (نحو 20 دولارا).. أما صاحب المحل فهو معرّض لعقوبات إدارية تتراوح بين الإنذار بالغلق النهائي للمحل مع غرامات مالية تتراوح بين 500 دينار و20 ألف دينار (450 دولارا و16 ألف دولار). ومن بين ثنايا هذه السجالات خرجت مقترحات تحاول تقريب الشقة بين سلطة الإشراف وأرباب المقاهي والمطاعم، مثل تخصيص مقاهٍ للمدخنين وأخرى لغير المدخنين وترك حرية ارتيادها للحرفاء. ومن بين تلك الحلول أيضا الدعوة إلى معالجة المشكلة من الجذور وذلك بمنع توريد وتوزيع وتسويق الدخان لأن ضرر التدخين، وهو الحجة التي اعتمدتها وزارة الصحة في شنها لهذه العملية، لا يقتصر على رواد المقاهي والمطاعم. ودعت بعض الأطراف المتدخلة في الموضوع إلى تقييم شامل لنفقات الدولة على ضحايا التدخين والنظر في ما تربحه الدولة من تجارة السجائر وما تنفقه المجموعة الوطنية على ضحايا هذه الآفة. بعض المقترحات دعت إلى توظيف مبلغ جبائي إضافي على سعر كل علبة تدخين تخصيص عائداتها لمساعدة أرباب المقاهي وأنشطة وزارة الصحة الخاصة بمكافحة هذه ظاهرة ومعالجة المصابين بأمراض ناجمة بشكل مباشر عن التدخين. يذكر أن تطبيق الأحكام القانونية الخاصة بمنع التدخين ستدخل حيز التنفيذ بداية من يوم 19 مارس القادم. ويعود تاريخ صدور هذا القانون إلى يوم 18 سبتمبر الماضي، وينص على تحجير التدخين بالمطاعم التي لا تتعدى مساحة محلاتها المغلقة خمسين مترا مربعا (50م2) وبالمقاهي من الصنف الأول المعبّر عنها بالمشرب، إلا إذا تم تهيئة أماكن تخصص للمدخّنين بتلك المحلات لا تتجاوز مساحتها خمسة عشر مترا مربعا (15م2).
 
(المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 28 جانفي 2010)
 


الاستقطاب الناعم وثقافة المواطنة.. تونس نموذجا


سمير ساسي نقصد بالاستقطاب الناعم ما تعمد إليه أجهزة السلطة في الدول العربية من جلب الناشطين الحقوقيين والسياسيين المعارضين إلى العمل لفائدتها والنكوص عن مواقع المعارضة مقابل عطاء مالي جزيل ومواقع اجتماعية هامة. ويعد هذا الأسلوب جديدا بالمقارنة مع التوجه العام للأنظمة العربية تجاه معارضيها والمعتمد أساسا على سياسة العصا، لكن تطور الأوضاع والمتغيرات العالمية الدائرة حول حقوق الإنسان والديمقراطية دفعت بهذه الأنظمة إلى إدخال الجزرة في معادلة العلاقة مع « المناوئين » على تفاوت ملحوظ بحسب المقام والمقال. ونكاد نجزم أن تونس « أبدعت » في هذه الخطوة وإن لم تكن بدعا لاعتبارات تاريخية وواقعية.  » قد يصنف فعل بورقيبة ضد الحركة اليوسفية ضمن سياسة الاستقطاب الناعم لكن حقائق التاريخ تثبت عكس ذلك, فقد ظل كثير منهم على مواقفه المعارضة للنظام السياسي وتوجهاته رغم كل شيء  » فقد تمكنت السلطة من خلق النموذج السالب داخل المجتمع بحسب تعبير مصطفى حجازي في كتابه « الإنسان المهدور » بما هو النموذج الذي يخلق إمكانات الوهن في صفوف الناشطين خاصة الشباب منهم الذين يقفون موقفا هشا داخل أحزابهم أو جمعياتهم التي ينشطون بها أو يتفاعلون معها كمستقلين في ظل غياب إستراتيجية واضحة لدى هذه الأحزاب التي تشكل نواة المجتمع المدني للإحاطة بمنتسبيها والناشطين عموما. تجربة خلق هذا النموذج السالب كانت بعد ضرب الحركة اليوسفية في ستينيات القرن الماضي إلا أن النظام البورقيبي آنذاك لم يمض بالتجربة إلى مداها الأقصى, فرغم سكون حركة المعارضة تجاه النظام ورغم حالة الخوف التي تملكت الفرد التونسي إزاء العمل السياسي والحقوقي إلا أن ذلك كان جزئيا، ذلك أن نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بعد « العنف الشديد » الذي واجه به الحركة اليوسفية لم يعمد إلى سياسة التشفي الاجتماعي تجاه معارضيه بل أوسع لهم في سبل الرزق وبوأهم بعض المناصب الاجتماعية المرموقة دون أن يجبرهم إجبارا علنيا على دفع مقابل فكري سوى الحياد الظاهر تجاه شخص الزعيم. قد يصنف فعل بورقيبة ضمن سياسة الاستقطاب الناعم لكن حقائق التاريخ تثبت عكس ذلك فقد ظل كثير منهم على مواقفه المعارضة للنظام السياسي وتوجهاته رغم كل شيء، وهو ما ساعد في استمرار حركة المعارضة والثراء الفكري والسياسي داخل المجتمع التونسي. وهذا ناتج في نظرنا عن تصور بورقيبة للنظام السياسي ولطبيعة الدولة والعلاقات بينها وبين الأفراد، وهو تصور لم يرتق إلى متطلبات قيم المواطنة ولم يشذ عنها إلى درجة تقتل في الفرد التونسي إمكانات الفعل. لم يكن بورقيبة يؤمن بدولة المواطنة لأنه يعتبر أن الشعب التونسي ذرات من الأفراد، كما أنه يصدر عن منطق النظام الأبوي الذي يجعل الزعيم أبا لهؤلاء الأفراد دون أن يكون القانون والمؤسسة هما المحددان في ضبط العلاقة داخل المجتمع رغم أن دور بورقيبة في تركيز القانون والمؤسسات لا ينكر في هذا المجال. ظن بورقيبة أن سياسة الأب تجاه المعارضين قد تجلبهم طوعا إلى صف النظام فلم يعمد إلى تصعيد عنفه الشديد الذي مارسه ضد اليوسفية تجاه معارضيه بعد ذلك إلا بمقدار فكانت النتيجة عكسية تماما إذ تنامى النشاط السياسي والحقوقي والطلابي المعارض للنظام وتطورت تنظيمات وتشكيلات فكرية متناقضة تمام التناقض مع المشروع الذي يؤمن به بورقيبة. ولم يجد هذا الأخير في نهاية فترة حكمه بدا من العودة إلى سياسة العصا دون أن يفكر في مد الجزرة وهو ما دفع بالبلاد إلى أزمة سياسية أوصلت النظام الحالي إلى السلطة، نظام استفاد من السابقة التاريخية لسلفه ولكن بعد عشرية كاملة من الالتزام بنهج العصا تجاه القطب القوي في المعارضة وهو الحركة الإسلامية.  » لم تكن سلطة النظام الحالي في تونس تمارس سياسة الاستقطاب الناعم حين أقنعت بعض قوى اليسار للانضمام لمعركة استئصال الإسلاميين, بقدر ما كانت تلعب على « تربص » هؤلاء الأخيرين بخصومهم السياسيين  » وهنا تتجلى أولى الدروس التي استفادها النظام من تجربة سلفه وبدأت تتضح معالم الاختلاف بين سلطتين تنتميان إلى نفس النظام ذلك أن السلطة الحالية استطاعت أن تقنع بعض الأطراف ذات المرجعية اليسارية في الانضمام إلى صفوفه أو ملازمة الحياد أثناء مواجهة الحركة الإسلامية وهو ما حقق له نتائج لم يكن يتوقعها هو نفسه، الشيء الذي دفع به إلى تطوير هذه التجربة التي لم تتعد في أول الأمر مجرد اللعب على التناقض الأيديولوجي بين طرفي المعارضة الإسلامية والعلمانية. لم تكن سلطة النظام الحالي في تونس تمارس سياسة الاستقطاب الناعم حين أقنعت بعض قوى اليسار للانضمام لمعركة استئصال الإسلاميين وإن كان ذلك لا ينفي أنها مدت لهم في العطايا والامتيازات (وزارة ومواقع إدراية….) بقدر ما كانت تلعب على « تربص » هؤلاء الأخيرين بخصومهم السياسيين، وقد نجحت السلطة في ذلك بما جعلنا نشهد أول مظاهر أزمة التعايش بين مختلف مكونات المجتمع التونسي التي لم يكن وعي المواطنة عندها قد تطور بعد لأن كلا الطرفين اليسار والإسلاميين ينطلق من مرجعية فكرية لا تؤمن بهذه القيمة ولأن هذه القيمة بدورها كانت إبان هذه المواجهة في بداية انتشارها كقيمة كونية يسعى منظرو العولمة للتبشير بها رغم تاريخها العريق ضمن أنظمة الاجتماع المدني في بلدان المنشأ. وجه الاستفادة الأهم الذي غنمه النظام الحالي في هذا الإطار هو وقوفه على مدى قابلية بعض وجوه النخبة التونسية داخل المعارضة للاستقطاب وهو استخلاص أحسن الحكم تطويره حين حوله إلى استقطاب ناعم بذل فيه مقابلا ماديا ورمزيا للمستقطبين ضمن به عددا لا بأس به من النتائج نذكر منها: ضمان قطب من خارج سياق النظام يدافع عن خيارات النظام وهو ما يضفي على خطابه مصداقية افتقدها النظام طويلا حين كان يوكل مهمة الدفاع عن خياراته لأبنائه المنخرطين ضمن نسقه الفكري والتنظيمي، وقد حرص في هذا الإطار على أن يظل المدافعون الجدد خارج نسق النظام لضمان نجاح هذه المهمة، وهو حرص قاسمته فيه القوى المستقطبة نفسها وأوهمت نفسها أنها تمسك بالعصا من الوسط، غير أن استمرارها في الدفاع عن السلطة بتحيز افقدها موقعها المريح في نظر المعارضة دون أن يقع المس بامتيازاتها ودون أن تكون تجربتها حاجزا أمام مواصلة السلطة لعملية الاستقطاب. وهذا العنصر الأخير كان النتيجة الأهم من نتائج الاستقطاب الناعم إذ كان بمثابة الشرك الذي نصب لعناصر المعارضة خاصة من جيل الشباب من أصحاب الشهادات العليا. وقد نجحت السلطة مثلا في فك تشكيلات شبابية انتظمت ومثلت تحركاتها في الشارع عنصر قلق بالغ للسلطة ونقصد بهم تشكيلات أصحاب الشهادات العاطلين عن العمل التي ضمت الخريجين من الجامعة التونسية، وسرعان ما أدركت السلطة أن « العنف » لن يجدي مع جيل من الشباب ليس له ما يخسره فعمدت إلى قيادات هذه الاتحادات كما أصبحت تعرف وتدبرت أمر توظيفها في القطاع العام خاصة في قطاع التربية وهو ما أدى إلى تفرق شمل هذه الاتحادات وإنهاء تحركها دون أن تصل إلى حل مشكلة الخريجين الذين انخرطوا فيها باستثناء عدد يعد على الأصابع شكلوا في فترة ما العناصر القيادية ضمن هذه المجموعات.  » من النتائج التي غنمها النظام من سياسة الاستقطاب الناعم هي إحداث شرخ هام في أوساط المعارضة من خلال خلخلة عنصر الثقة بين عناصرها, فباتت نظرة المعارضين لبعضهم لا تخلو من ريبة وشك  » وهي نتيجة أضعفت الشعور بقيم المواطنة لدى الشباب التونسي خاصة الطلابي منه فازدادت ظاهرة عزوفه عن العمل السياسي واستفحلت في صفوفه ظاهرة البحث عن الحل الفردي بالطرق الأيسر التي تكون غالبا طرقا غير مشروعة وهو ما يعد ضربا للقانون والمؤسسات. النتيجة الأخرى التي غنمها النظام من سياسة الاستقطاب الناعم هي إحداث شرخ هام في أوساط المعارضة من خلال خلخلة عنصر الثقة بين عناصرها، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار النظرة السائدة داخل المجتمع التونسي تجاه المعارضة والذين يمارسون العمل السياسي عموما بكونهم طلاب مصلحة شخصية، ولئن لم تكن هذه النظرة ذات اعتبار في البحث الموضوعي فإن مما لا شك فيه أن نظرة المعارضين لبعضهم لا تخلو من ريبة يدعمها اختلاف المواقع الاجتماعية لبعضهم دون الأخر (امتيازات مالية واجتماعية… مقابل فقر ووضع مادي ضعيف). جملة هذه النتائج وغيرها مما لا يتسع المجال لذكرها تطرح السؤال أمام الباحث لمعرفة علاقتها بقيمة المواطنة ومعانيها ضمن نظام الاجتماع المدني التونسي، وهو سؤال ينطلق من افتراض قيام الاجتماع المدني في تونس على أساس المواطنة وسنسلم بهذا الافتراض جدلا لنعرف أثر سياسة الاستقطاب الناعم على هذه القيم. وأولى هذه الآثار وأخطرها والتي سنقصر عليها النظر لضيق المجال هي تلك التي تنسف الأساس الذي تقوم عليه المواطنة وهو مبدأ الولاء لدولة وقانون واحدين مع تباين الاعتقاد، والولاء هو ما يحول الاجتماع المدني إلى اجتماع سياسي « بتوجيه الجهد المدني نحو تكوين وتربية هذا العقل (الإنساني) والتوظيف فيه كوسيلة لتجاوز تعددية المصالح والتنافر العام وكمصدر لعلاقة تعاون حتمية وممكنة التنظيم ومن ثم لتحرير ساحة المصلحة العليا كشرط لانسجام المصالح الخاصة عموما وتطويرها »(1). فالولاء إذا هو الآلية التي تكوّن ما تقوم عليه السلطة الشرعية وتتعامل به السياسة من رأسمال تضامني وهذا ما يؤدي إلى نظام من التوازنات بين القوى الاجتماعية أفرادا وجماعات وتوازنات بين المصالح والواجبات ذلك أن الانتقال من وضع التسليم والطاعة إلى وضع المطالبة بالحق وتحديد المسؤولية يفترض وجود نظام من التنافس يبرز فيه بصفة أكثر وضوحا وضع الإنسان الفرد باعتباره نظريا هو حامل حقوق ويستدعي الخضوع إلى نظام قانوني يكون « أكثر ارتباطا بالواقع الاجتماعي وقدرة على استيعاب التجديدات النابعة من التقدم السياسي والمشاركة الاجتماعية وأكثر موضوعية وبعدا عن التقديرات الشخصية والذاتية… »(2).  » سياسة الاستقطاب الناعم التي تمارسها السلطة في أنظمة الاجتماع المدني العربي مطلقا وتونس خصوصا تضرب كل إمكان وقوع التحول لدى المواطن لأنها تغلق الباب أمام توجيه الجهد المدني نحو تربية العقل الإنساني  » غير أن سياسة الاستقطاب الناعم التي تمارسها السلطة في أنظمة الاجتماع المدني العربي مطلقا وتونس خصوصا تضرب كل إمكان وقوع هذا التحول لدى المواطن لأنها تغلق الباب أمام توجيه الجهد المدني نحو تربية العقل الإنساني لتجاوز تعددية المصالح والتنافر العام أولا كما أنها تحول المواطن إلى « رجل قلة » بتعبير مالك بن نبي، يقف في منتصف الطريق ويعدم كل استقلالية ذاتية بما يمنعه من الإبداع لأنه صار تابعا والتابع لا يبدع ولا يبادر وهو المعنى الذي أشار إليه القران الكريم في آية سورة النحل « وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كلّ على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ». إن هذا الاستخلاص يفند الافتراض الذي قام عليه سؤال العلاقة بين سياسة الاستقطاب الناعم وقيم المواطنة بما يجعلنا نجزم أن نظام الاجتماع المدني في تونس ما زال بعيدا عن هذه القيم رغم كل الشعارات التي ترفعها السلطة ورغم وجود المؤسسات الشكلية طالما أن الإنسان التونسي يبقى واقعيا وعمليا هدفا لسياسة الاستلاب التي تمارسها السلطة حفاظا على وضع تفوقها تجاه قوى المجتمع المدني والسياسي جهلا منها أن ذلك من شأنه أن يحول ثقافة الاجتماع السياسي في البلاد من ثقافة المواطنة إلى ثقافة الهيجان التي يكون نظام الاجتماع أولى ضحاياها. ــــــــــــــــ 1- برهان غليون نقد السياسة الدين والدولة ص153 2- نفس المرجع ص154 http://www.aljazeera.net/NR/exeres/5C4125C3-A1C0-4F5D-9A1C-DA554449A9A7.htm  

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 28 جانفي 2010)

 


ردا على عتيق والزغيدي : الاستبداد باسم الدين وباسم الحداثة خطران جديّان على الديمقراطية


أصدرت « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » في المدة المنقضية وثيقة « نص مشترك حول العلاقة بين الدولة والدين »، وقد أثارت هذه الوثيقة الهامة جدلا في أوساط الساحة السياسية، إذ اعتبر البعض هذه الوثيقة خطوة متقدمة في عمل هيئة 18 أكتوبر جاءت لتدعم محتوى الوثيقتين السابقتين حول مسألة المساواة بين الجنسين، وحول حرية المعتقد، فيما اعتبر بعض آخر [1] إن الوثيقة قامت على « اختزال يضر أحيانا بهذه القضايا وبـ »الإسلام السياسي » تحديدا لأنه يناقش بوعي أسسه الفكرية ويراجع أصوله النظرية بشكل لا يقبل به كل إسلامي » (عتيق)، أو أنها « اشتملت على تعبيرات فضفاضة وأفكار عامة كثيرا ما تستعملها حركة النهضة في نصوصها وبياناتها » (الزغيدي). إننا، وإن اخترنا نصّي السيدين عتيق والزغيدي، فللإعتماد عليهما – كنموذجين للموقف المضاد للوثيقة – في إبداء هذه الملاحظات. 1- حول الاستبداد باسم الدين: لقد أثار وقوف الوثيقة على هذا الجانب حفيظة العديد من أنصار التيار الإسلامي الذين بدا واضحا تصديهم ورفضهم لأيّ نقد موجه للحركة الإسلامية، وهو أمر – في تقديرنا – لا يساعد على تقدم عمل « هيئة 18 أكتوبر » بل يعيقها ويدعم أسباب تراجعها أو فشلها، وهنا يجب التنويه إلى أن مجمل النصوص التي أنتجتها الهيئة هي نتاج تفكير وجدل وصراع عميق، صراع مسؤول يهدف إلى البناء، وهو قائم على أساس الصراحة والوضوح والجرأة بعيدا عن فكرة أن طرفا ما هو « مستهدف وملاحق في مرجعياته وأصول تفكيره » والمقصود هنا طبعا هو الطرف الإسلامي. 1- وبالعودة إلى نص الوثيقة، نجد بعد الديباجة، وقوفا على 3 تحديات تواجه شعبنا في نضاله وتطلعه من أجل تغيير ديمقراطي حقيقي و »تأسيس علاقة سليمة بين الدين والدولة »، أولى هذه التحديات هو استبداد السلطة الذي كثيرا ما يوظف الدين، ثانيها هو الاستبداد باسم الدين، وثالثها هو الاستبداد باسم الحداثة (الذي سنعود إليه لاحقا). فيما يتعلق بالتحدي الثاني، جاء في النص « الاستبداد باسم الدين الناجم عن قراءة أحادية مغالية للإسلام والذي يؤدي إلى التدخل بالقوة في حياة المواطنين الخاصة وإلى النيل من حقوقهم وحرياتهم الأساسية ومن المبادئ الديمقراطية » وهي فقرة أثارت العديد إذ اعتبرها العجمي الوريمي « في غير محلها ولا تنطبق على الواقع التونسي » (الموقف، 1 جانفي 2010) ويقترح تعويضها بفقرة أخرى « تشير إلى غياب رؤية معاصرة لصيغة حديثة لعلاقة متوازنة بين الدين والدولة… »(!!!) أمّا السيد عتيق فاعتبر هذا القول « مغالطة مرفوضة وليّا لأعناق الحقيقة »، فبالنسبة إليه لم يوجد قط استبداد باسم الدين. وحتى لا ندخل في جدل فكري يغوص في الأصول ويرجع للنصوص حتى وإن اكتفى بظاهرها، وهو أمر استوعبه منتدى 18 أكتوبر في إعداده المضني لهذه الوثيقة، دون ذلك يكفي العودة إلى الماضي القريب للتجربة السياسية التونسية حين كان أنصار التيار الإسلامي يتدخلون بالقوة في الحياة الشخصية والخاصة والحميميّة للناس مثل استهداف حرية الضمير والمعتقد لمن خالفهم، وهو ما نتج عنه تقسيم المجتمع إلى مؤمنين وكفار، هؤلاء الأخيرون يمكن هدر دمهم وذاكرة التونسيين لازالت تذكر أواسط الثمانينات وقوائم التكفير/القوائم السوداء التي تتضمن أسماء العديد من الديمقراطيات والديمقراطيين من أجل تصفيتهم جسديا، كما أن الرأي العام لازال يذكر « الغزوات » ضد المطاعم الجامعية في شهر رمضان وخلافه، وضد الشواطئ والحدائق العامة والنوادي الثقافية لمحاربة الاختلاط و…، كما لازال العديد يذكر تقسيم الطوابير في الجامعة بين واحدة للذكور وأخرى للإناث، وكذلك أسماء القوائم الانتخابية في الجامعة وفي النقابات ونوادي السينما والرابطة، التي كانت تنعت بكونها قوائم « الإيمان والعفة » مقابل « قوائم الكفر »، فماذا يسمّى كل هذا؟ ألا يسمّى استبدادا(!!!) بل هو غطرسة وفاشية باسم الدين. إنه استبداد ناجم عن قراءة أحادية مغالية ومتطرفة للدين، نتج عنه تدخل سافر واعتداء فظيع على الحريات الفردية والعامة، فلماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها؟ ولصالح من درء الحقائق؟ ففي اعتقادنا على التيار الإسلامي تدقيق النظر ومراجعة تاريخه ليس فقط من جهة العلاقة مع السلطة (تصادم/تهادن) بل أيضا من جهة العلاقة مع المجتمع التونسي وفعالياته المدنية والسياسية وكذلك أيضا المؤسسة الدينية التي عملت على توظيفها وتحويلها إلى فضاء متنافس عليه فيما بين التيارات والمجموعات الإسلامية ذاتها، ومع السلطة الحاكمة. هذه السلطة عملت على تطويع الدين وتوظيفه منذ اليوم الأول لانتصابها، ففي صراع بورقيبة مع اليوسفيين (وجزء من الزيتونيين ساند بن يوسف، أو رفض « إصلاحات » بورقيبة)، عمل على توظيف الدين، صحيح أن المؤسسة الدينية وقفت في وجه بورقيبة في بعض المحطات (حادثة الإفطار العلني ومظاهرة جامع عقبة بالقيروان بقيادة الشيخ خليف إمام الجامع…) إلاّ أنّها في المجمل كانت خاضعة له وخادمة لمصالح سلطانه، بل كان وهو « التغريبي التحديثي » يشرف بنفسه على بعض المناسبات وكان يروّج لفهم معين للدين ونصوصه، يخدم مصالحه ومصالح طبقته ونظامه، وهو أمر متواصل إلى اليوم إذ أن المؤسسة والمنظومة الدينية برمّتها هي أحد أهم ركائز الدكتاتورية، لذلك لا معنى لما ذهب إليه السيد عتيق بكون الدولة سيطرت « على الدين ومؤسساته واستبعاده وتهميشه وفرض أنماط من السلوك والأذواق والأحكام باسم العلمانية واللائكية والحداثة » وبالتالي فان « الاستبداد الذي ساد خلال العقود الخمسة الأخيرة كان خارجا عن الدين ومعاديا له ولم يكن تحديا واجهه الشعب التونسي » وشهدت البلاد في هذه المرحلة « تلازما حتميا بين اللائكية والاستبداد ». 2- إن ما ذهب إليه السيد عتيق يجانب الحقيقة التاريخية والموضوعية، فالسلطة التونسية لم تكن يوما لائكية، فاللائكية في تعريفها الأكثر بساطة هي فصل الدين عن الدولة، فهل هذا حاصل في بلادنا؟ نحن نجزم بالنفي، فلا التشريع (الدستور، مختلف القوانين الأخرى) ولا ممارسة السلطة تذهب هذا المذهب، صحيح أن الدولة خاصة بعيد 1956 اتخذت بعض الإجراءات ذات الطابع الحداثي (بعض الجوانب في الأحوال الشخصية اعتمادا على قراءات للدين، توحيد القضاء، التعليم، تصفية الاحباس…) يقابل ذلك اعتماد وتوظيف كبير للدين ولمؤسساته ورموزه، ومن بين نتائج هذا التوظيف تحوّل المجال الديني إلى مجال تنافس واستغلال وصراع بين الدولة والتيارات الإسلامية وهو أمر متواصل إلى اليوم وإن بشكل غير عاصف وظاهر. إن قول السيد عتيق هو عين المغالطة وليّ لأعناق الوقائع التاريخية وتكييف لها بما يخدم أحكاما ومواقف جاهزة، وقوله بكون استبداد الدولة التونسية كان خارجا عن الدين ومعاديا له، وأنّ الاستبداد في ربوعنا تلازم مع اللائكية، هو قول غير جدي، فأن يقول أن الدولة – وفي إطار صراعها مع التيار الإسلامي – قامت بعديد الانتهاكات الجسيمة ضد الحريات الشخصية بما في ذلك ضد بعض مظاهر التدين (منع اللحية، الخمار…) فهذا صحيح، لكن أن يقول أنها حكمت طيلة خمسين عاما باسم العلمانية واللائكية والحداثة، فهذا قول مردود ولا يقبل به كلّ دارس موضوعي لتاريخ تونس وحاضرها، أما الاستبداد باسم الدين – وهنا مربط الفرس – فقد وجد ومازال موجودا، وهو لا يشمل فقط الحركة الإسلامية، وإن كانت هذه الأخيرة تشكّل خطرا قائما إن لم تتراجع عن مقومات/مشروعها الاستبدادي، بل يشمل أيضا مارد السلفية الجهادية، وأيضا السلطة القائمة فلا يجب أن ننسى أن أحد أهم ركائز استبدادها هو توظيف واستغلال الدين، وقد تجنح في ظروف وأوضاع معينة إلى قراءاته الأكثر تشدّدا ومغالاة والتجربة التاريخية القريبة تؤكّد هذا ( تجربة النميري، السادات…). 3- إثر ذلك يمرّ السيد عتيق إلى التعليق على مسألة الهوية قائلا أن هذه الوثيقة تعرضت لهوية الشعب التونسي « دون تنصيص واضح عن مكوناتها العربية الإسلامية وتحدثت عن دولة تكاد تخلو من هوية » وهو أمر غير صحيح، تقول الوثيقة « إن هوية الشعب التونسي تشكلت عبر صيرورة تاريخية طويلة وهي تثرى وتتطور بالتفاعل الخلاق بين مقوماتها الحضارية العربية الإسلامية ومكتسبات الحداثة… ». فهل بعد هذا الوضوح وضوح، أم أن للسيد عتيق رأي آخر؟ ربما يريد من الوثيقة أن تصوغ المقاربة وفقا لقراءته هو الأحادية التي تنظر للهوية كمعطى جامد/ فوق تاريخي. وهو يريد مرّة أخرى أن يمرّر مغالطة الخلط بين معنيي الهوية والدولة، فالهوية هي الذاتية الخاصة بشعب أو أمة وهي نتاج لتفاعل تاريخي/حضاري/ثقافي/إجتماعي، يخلق الشخصية أو الذاتية التي تميز هذا الشعب عن غيره (ضمن الانتماء للمجموعة الإنسانية التي تتقاسم العديد من القواسم المشتركة كإفراز لحالة التفاعل التاريخي بين الشعوب والأمم…)، هذا التقديم للهوية هو تقديم عام جدا تعتمده عادة مدارس السوسيولوجيا الثقافية والأنتروبولوجيا، وإذا تعمقنا أكثر في الموضوع ومن أجل استبعاد المقاربات الدينية التحنيطية لمسألة الهوية والتي تنطلق من مقولات جاهزة متعالية عن الواقع والتاريخ، يجب أن نفرّق بين مستويات ثلاث في تاريخنا العربي الإسلامي، المستوى الأول يتعلق بالعقيدة وهي تتعلق بالمجال الخاص بالأفراد ومتوزعة على كل المعتقدات إن دينية كانت (إسلام، مسيحية، يهودية…) أو فلسفية (إلحاد، لا أدرية…)، المستوى الثاني يتعلق بالحضارة أي المشترك بين كل المكونات العقدية أو العرقية أو الثقافية أو الاجتماعية… والتي تنصهر في إطار تفاعل أحيانا يكون عادلا حين يحتكم إلى المساواة، وأحيانا يكون ظالما ومظلما حين يقوم على التمييز والاستبداد والاضطهاد، وفي حضارتنا هناك المضيء والنيّر وهناك المظلم والرجعي (اضطهاد ديني، عرقي، جنسي، طبقي…). المستوى الثالث متعلق بجانب الشريعة وهي مجموع الأحكام والقوانين والفتاوى… المتعلّقة بكل جوانب المعاملات البشرية (اجتماعية، اقتصادية، دبلوماسية…) وهذا الأمر هو مثار اختلاف بين داع لتطبيق الشريعة/الشرع كما نزل باعتبار ذلك واجب المخلوق على الخالق، وداع إلى تحكيم ملكة الاجتهاد عبر تنسيب الأحكام وتأريخها، ويعتمد هؤلاء على النزعة المقاصدية في التعامل مع النصوص، وطرف أخير يدعو إلى الفصل بين النص والمعيش، أو بين المقدس والدنيوي، باعتبار الأول خاص وحميمي والثاني عام ومشترك. إن نفي واستبعاد هذه التدقيقات يجعل من طرح مسألة الهوية طرحا مغلوطا ومشبوها، فالقول بالهوية العربية الإسلامية للشعب التونسي هو تسليم بمعطى تاريخي حضاري، وهذا لا يعني البتة نفيا لأصول الشعب التونسي البربرية، بل هو إقرار بما تشكل وساد تاريخيا، أما فيما يتعلق بالعقيدة فهي متنوعة وإن كانت الأغلبية مسلمة، وهذا الأمر خاص وشخصي، أمّا جانب الشريعة فهذا هو مدار الصراع بين العلمانيين وحملة مشروع الدولة الدينية. إن هذه الأخيرة مرفوضة من قبل الديمقراطيين – لا معاداة للعقيدة – لأنها دولة تحكم باسم ديانة ومذهب تقسّم وفقا له مواطنيها، فهذه الدولة ليست دولة المواطنين بل دولة الأتباع، إن مثل هذه الدولة هي التي وجدت ماضيا وحاضرا (نماذج إيران، السعودية وإمارات الخليج، طالبان، السودان، الصومال…) وكل الديمقراطيين يناهضونها بمن فيهم « هيئة 18 أكتوبر » التي حدّدت سمات الدولة التي تناضل من أجلها. 4- جاء في الوثيقة « إن هيئة 18 أكتوبر بمختلف مكوناتها الفكرية والسياسية تؤكد: أولا: إن الدولة الديمقراطية المنشودة لا يمكن أن تكون إلا دولة مدنية قائمة على مبادئ الجمهورية وحقوق الإنسان وتستمد مشروعيتها من إرادة الشعب الذي يتولى في إطار هذه المبادئ انتخاب مؤسسات الحكم بشكل دوري ومحاسبتها ويخضع فيها الحاكم والمحكوم للقوانين والقواعد التي تسنها المؤسسات الدستورية المنتخبة مع ضمان حق كل طرف في استلهام مقترحاته وبرامجه في كل المجالات من مرجعيته الفكرية الخاصة ». إن هذه الفقرة واضحة وضوح الشمس فقد حددت « هوية الدولة » التي هي الدولة الديمقراطية التي تعدد الفقرة شروطها وميزاتها وأصل مشروعيتها، ونظن أن السيد عتيق غير موافق أيضا على هذه الفقرة لذلك اعتبر الوثيقة « فيها تراجع عن الدستور والميثاق الوطني وتخفي بين سطورها موقفا يتجاهل مرجعية الإسلام في التشريع أو لا يعطي الإسلام حقه كمصدر للتشريع بل يضيق ذرعا من وجود مظاهر التدين داخل الدولة ويرى في ذلك تناقضا مع الدولة الديمقراطية ». غريب أمر السيد عتيق، فبعد أن كال الذم للسلطة هاهو يعتبر الدستور والميثاق الوطني، فيهما على الأقل « مكسب » الإقرار بمرجعية الإسلام في التشريع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ماذا يعني هذا القول؟ فكأننا بالرجل يطلب من هيئة 18 أكتوبر أن تعلن أنها تناضل من أجل الدولة الدينية(!!!) أليس كذلك؟ فماذا يعني أن تكون الدولة مصدر تشريعها هو الدين؟ لعلّ السيد عتيق يطلب من « هيئة 18 أكتوبر » أن تدعو للدولة ذات التشريع الديني، أي الدولة التي تحكم الناس باسم المقدس، أي دولة خليفة الله التي – نعتقد – أن التاريخ تجاوزها، وتجاوزها حتى بعض الدعاة إليها، فأن يقول إسلاميون (حركة النهضة تحديدا) أنهم يعملون من أجل دولة مدنية، جمهورية، تحتكم إلى الشعب، وتقوم على المؤسسات المنتخبة، وتحترم القوانين والحريات كما تضمنها القوانين والمواثيق الدولية (شرعة حقوق الإنسان) وهي على ما نعتقد قوانين وضعية تستبعد الاحتكام إلى أيّ ديانة في إدارة الشأن العام، ولا يعني هذا معاداتها للدين، فالدولة المدنية هي التي تحمي حرية الضمير والمعتقد من أيّ انتهاك أو تعدّي مهما كان مصدره، أمّا الدولة الدينية فهي تحكم باسم ديانة ومذهب، بما يعني استبعاد الآخر المتدين وغير المتدين، ونحن هنا بصدد دولة اللامواطنة، بل دولة الاستبداد والتمييز وهو حال الدولة الدينية/التيوقراطية، الشرقية والغربية على كامل ردهات التاريخ قديمه وحديثه، وإن وجدت استثناءات قليلة فهي تؤكد الاستنتاج ولا تنفيه، ومن هذه الزاوية نحن لا نرى معنى لما قاله السيد عتيق بكون « نظام الحكم في المنوال السني للإسلام لا يستمد مشروعيته من قوة غيبية ولا من وصاية ولا يزعم أحد أنه ناطق باسم السماء »، لا شك أن السيد عتيق يتحدث عن تاريخ آخر غير تاريخنا الموغل في الإستبداد والتيوقراطية السنية التي لم تكن للأمة فيها كلمة أو رأي بل هي مجرّد رعية يسوسها راع هو خليفة الله. 5- وضمن نفس السياق يعلق السيد عتيق على الفقرة المتعلقة برفض التعذيب وكل أنواع الانتهاكات البدنية والمعنوية المهينة للكرامة الإنسانية، والتي اعتبرت « اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة » مرجعا مشتركا يجب التقيّد والإلتزام ببنوده، يفاجئنا السيد عتيق بالقول أن التنصيص على هذا الالتزام « يضفي عليها (أي اتفاقية الأمم المتحدة) مسحة من القداسة في حين أنها اجتهاد قابل للتحفظ والنقد ». ودون إسهاب في ردنا على هذا الرأي، نقول أن التونسيين ليسوا أغبياء كي لا يفهموا أن السيد عتيق يخفي وراء كلامه هذا دعوة للاحتكام للحدود وتطبيقها. إن موقف « هيئة 18 أكتوبر » واضح وهو رفض كل ما يتنافى مع الاتفاقية المذكورة، والحدود – كما هو معروف – هي عقوبات قاسية ولاإنسانية ومهينة، على أن التنصيص على الاحتكام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لا يعطيها أيّ قداسة، فالقداسة مرتبطة دائما بمجال المقدس، إن هذا التنصيص يعكس أن الاتفاق لم يتم على ماهو أعلى من سقف هذه الاتفاقية، ومع ذلك فالسيد عتيق يمرّر فكرة أن له « تحفظ ونقد » للاتفاقية دون مزيد إفصاح، والعارفون يعرفون قصده، ونحن نقول إن مناضلا من أجل الديمقراطية، لا نعتقد أنه يجد في نفسه القدرة على الدفاع عن الجلد وقطع الأطراف والإعدام…، حينها حريّ به أن يقول أنه يعمل من أجل مجتمع الانتهاك والقمع والقهر. 6- يختم السيد عتيق نصّه بالإشارة إلى ما يراه مطروحا اليوم، وهو تعميق الحوار بين النخب – دون إقصاء – من أجل خلق الكتلة التاريخية (من سمّاها ليس محمد عابد الجابري، بل الفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي). إن كلمة « حوار بين النخب »في تقديرنا هي كلمة ملغومة ومشبوهة، فمن هي هذه « النخبة »؟ ألا تشمل السلطة أو أجزاء منها؟ وماذا يمكن أن يسمّى هذا الحوار الذي يريده البعض – وقد يكون السيد عتيق منهم – أن يجمع بين الضحايا والجلادين؟؟؟ على أن الكتلة التاريخية – بتعريفها الأصلي والأصيل – تصنعها/أو هي التعبير عن القوة المضادة/النقيضة للسلطة/الدولة، من أجل بديل تاريخي متجاوز للواقع الطبقي الراهن. 2- حول الاستبداد باسم الحداثة: في تعليقه على وثيقة « علاقة الدين بالدولة » يحافظ السيد صالح الزغيدي على نفس منطقه في التحليل، وهو المنطق الذاتوي الانطباعي الخالي من كل اجتهاد، فنجده منذ السطر الرابع لمقاله يذكّر »بموقفي السلبي تجاه تحالف 18 أكتوبر… » ثم يخصّص فقرة كاملة للتساؤل – والإجابة – حول إمكانية تحوّل حزب ديني (حركة النهضة) إلى حزب مدني، ليستنتج أن « الحكم على الوثيقة الجديدة سيكون بالضرورة من هذا المنطلق »، إن هذا القلب المنهجي يسقط صاحبه في استنتاجات خاطئة ومجانبة للصواب، إذ كان من الأحرى أن يتعامل السيد صالح مع هذه الوثيقة – وغيرها – دون أحكام مسبقة ومواقف جاهزة، صحيح أن من حقّه أن تكون له زوايا نظر خاصة به، هذه الزوايا – والجميع يملكها – هي دليل تحليل ونظر لا وسيلة لليّ عنق الوقائع وتطويعها بما يخدم الأحكام الجاهزة، إن هذه المنهجية في النظر هي الدغمائية بعينها التي طالما اتهم بها السيد صالح خصومه وحتى أصدقائه. كما أن السيد صالح ينزع دائما إلى تقسيم جاهز وجامد للساحة ومكوناتها، ولا يعير أيّ اهتمام لحركة الواقع الموضوعية، كما أنه كثيرا ما يجنح في مقالاته إلى الخلط بين المفاهيم مثل استعماله للفظ « تحالف 18 أكتوبر » وليس هيئة أو حركة… والأكيد أن السيد صالح يعرف الفرق بين اللفظين والحالتين، وهو يستعمل لفظ « تحالف » في غير محلّه بغرض المغالطة والتشويش. 1- وفي تعليقه على الوثيقة، يعتبر السيد صالح منذ البداية أنها لم تأت بجديد بل « بقيت تحوم في محيط عدد من الإشكالات مع تجنب الدخول في صلب الموضوع »(!!!) بل إنها عمدت « إلى ابتكار قضايا لم يتفطن غيرهم لوجودها أصلا » وهو يقصد التحديات الثلاث التي وقفت عليها الوثيقة، وخاصة التحدي الثالث الذي سمّته الوثيقة « الاستبداد باسم الحداثة » الذي اعتبره السيد صالح – إمعانا في المغالطة – مقصود به « بصفة واضحة الحداثيين عموما واللائكيين بصفة خاصة »، فبالنسبة إليه الخطر الوحيد المحدّق بنا هو خطر الاستبداد باسم الدين الذي تمثله الحركات الإسلامية، التي خصّص باقي نصّه لتبيان خطرها، ولم ينبس ببنت كلمة عن الخطر الأول وهو استبداد السلطة، وفي تقديرنا هنا بالضبط مربط الفرس، فبعض من حراكنا المدني والسياسي – والسيد صالح جزء منه – يركز بصفة أساسية وفجّة على الخطر الإسلامي، ويصمت – تواطئا و… – على الجاثم على صدر شعبنا يكتم أنفاسه ويقطع أوصاله، ولعلّ في نظر البعض الاستبداد القائم – أرحم- من الاستبداد الممكن… 2- لقد توقفت الوثيقة على التحديات/الأخطار الثلاثة ورتّبتها: الخطر الأول هو الاستبداد القائم، الثاني هو الاستبداد باسم الدين، والثالث هو الاستبداد باسم الحداثة. فما هو هذا الاستبداد؟ ما من شك أن الأنظمة الاستبدادية القهرية القائمة الآن في العالم أو التي اندثرت ليست كلها أنظمة تحتكم للدين، فمرجعية الدكتاتوريات ليست دائما دينية، بل قامت هنا وهناك دكتاتوريات سافرة حكمت باسم الجماهير، باسم القومية والمشروع الوحدوي (مصر، سوريا، العراق، ليبيا…) أو باسم « الشرعية العسكرية » (بينوشيه، بوكاسا…)، كما وجدت – ولا زالت توجد – دكتاتوريات دموية سافرة تحكم باسم الطبقة العاملة والثورة والحداثة والعلم والتقدم والإشتراكية… ونحن كشيوعيين لا يضيرنا في شيء أن نتمايز مع هذه الأنظمة ونقول عاليا أنها أنظمة استبدادية، قمعية وفاسدة، استبدادها ليس له خلفية دينية، بل يتم تحت دعاوي ثورية، وهذا الموقف إن لم يصرّح به، فسيشيع مزيدا من التشوّش والخلط في أذهان الناس. هذا بشكل عام، أما عن « الواقع التونسي » الذي محور السيد صالح تعليقه حوله، فقد جاء في الوثيقة مايلي « الاستبداد باسم الحداثة الذي يعمل على إلغاء الدين من الحياة العامة بوسائل قهرية من داخل أجهزة الدولة وخارجها ويدفع نحو التصادم بين الدولة والدين، وهو تصوّر لا يؤدي إلا إلى إدامة الاستبداد القائم ودعم انتهاك الحريات وحقوق الإنسان وتعطيل المشروع الديمقراطي »، ونحن نعتقد أن في الفقرة من الوضوح ما يكفي فهي لا تدين « الحداثيين واللائكيين »، بل تدين النزعة الاستئصالية التي تتغلّف بحداثة زائفة وتقدمية وهمية، تقف ورائها و توظفها وتنتفع منها الدكتاتورية، هذه النزعة الشائعة عند البعض تساهم في خلق وتغذية التصادمات بين الدولة والدين، وللتدليل على ذلك نأخذ مثال حملة « مقاومة الإرهاب » التي تنظمها السلطة ويساندها البعض ممّن ذكرنا، فآلاف الضحايا من الشباب المدرسي والجامعي والعاطل ليس لهم من جرم سوى التدين والتردّد على أماكن التعبّد، فماذا يسمّى هذا؟ فبقطع النظر عن عقيدة الأفراد وضميرهم فهذا مجال خاص لا يجب أن يتدخّل فيه أحد (دولة أو أفراد)، فأن يكون التدين مرتكزا لإدانة جنائية تنظمها الدولة ضمن سياق يتعلّق بطبيعتها وأهدافها وارتباطاتها، ويعمها لفيف من خارجها (ومن « المجتمع المدني » للأسف) بدواعي « الدفاع عن الجمهورية ومكاسبها… » فماذا يسمى هذا؟ أليس اعتداء على مظاهر التدين وعمل على إلغائها بوسائل قهرية من الحياة العامة، ومن صاحب المصلحة في هذا؟ هل هو المجتمع والمشروع الديمقراطي؟ حتما لا، إن المستفيد الأساسي من هذا هو الدكتاتورية القائمة. وفي هذا المستوى وحتى نرفع أيّ لبس قد يلصقه السيد صالح بنا، نحن ضد السلفية الجهادية وضد أي توظيف للدين من أيّ جهة كانت (دولة أو حركات إسلامية) ونناضل بصرامة ضد هذه الطروحات الرجعية والظلامية، نناضل بصرامة لكن بأسلحة فكرية وفكرية فقط، وفي الوقت نفسه مناهضون أشداء لأيّ انتهاك للحقوق والحريات الفردية والعامة بما فيها الحق في الضمير الذي يعني الحق في التدين واللاتدين والإلحاد، ليس هذا فقط بل ندافع عن حق الدعاية السلمية للديانة وحق إقامة الشعائر، وأيضا الحق في إبداء الرأي الفلسفي العلني والعام لغير المتدينين، ما نرفضه هو الاحتكام للعنف من أيّ جهة كانت، وفي تقديرنا هذه هي اللائكية التي نناضل من أجلها، واللائكية لم تكن في يوم محاربة الدين أو التدين أو العمل على إلغائها بوسائل قهرية تسلطية. إن المنزلقات التي يسقط فيها البعض مثل استفزاز المشاعر الدينية من شأنها أن تقوّي ردود الأفعال المتشنجة التي لا تخدم إلا القوى المتطرفة والتكفيرية والجهادية. إن تعاملا سليما وصحيحا مع واقعنا كما هو موجود – لا كما نريد نحن – من شأنه أن يعزّز المقاربات التقدمية، وتعاملا متهوّرا وغير مسؤول لن تستفيد منه إلاّ القوى الرجعية القائمة أو الممكنة. 3- لقد حدّدت الوثيقة – في تقديرنا – التحديات الثلاث بشكل سليم وانتهت إلى مقاربة لعلاقة الدين والدولة، مقاربة ديمقراطية تقدمية لم يسبق لمكونات مثلها أن أصدرتها، والديمقراطي المتماسك لا يرى أيّ تباين بين ما يناضل من أجله وما ورد في الوثيقة، فأن تكون الدولة مدنية، جمهورية، لها شرعية شعبية، مؤسساتها منتخبة دوريا، قوانينها تسنها مؤسسات دستورية منتخبة، مواطنوها لهم حق محاسبة حكامهم، دولة تقوم على مبادئ المواطنة والحرية والمساواة، تحترم وتسهر على احترام المعتقد والتفكير، تقاوم كل أشكال التمييز بين المواطنين على أساس العقيدة أو الرأي أو الجنس أو الانتماء الاجتماعي أو السياسي أوالجهوي، وتضمن لمواطنيها جميع الحريات والحقوق الأساسية، كما تلتزم باحترام الحرمة الجسدية وتجرّم التعذيب وكل الانتهاكات البدنية والمعنوية المهينة للكرامة وتلتزم بتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، دولة تحترم هوية الشعب التي تشكّلت تاريخيا وهي تتطوّر بالتفاعل الخلاّق بين مقوماتها الحضارية العربية الإسلامية ومكتسبات الحداثة، وهي تولي الإسلام (لكونه دين الغالبية) مكانة خاصة دون احتكار أو توظيف مع ضمان حق كل المعتقدات والقناعات في التواجد والتعبير، دولة تدافع عن اللغة العربية كلغة وطنية وتعمل على تجذير شعبنا في حضارته العربية الإسلامية بكل ما فيها من رصيد ايجابي (وليس في المطلق) مع تطويرها وتأهيلها للمساهمة في الحضارة الإنسانية الحديثة، ومواجهة مشاريع الاستلاب والهيمنة، دولة تدرّس مواد التفكير الإسلامي خارج أي توظيف سياسي وفي إطار منظومة تكفل حق التعلّم للجميع وتنشر قيم التفكير العلمي والنقد والاجتهاد، دولة تدافع عن القضايا العادلة للشعوب. دولة بهذه المواصفات، ماذا يمكن أن تسمّى؟ هل هي دولة دينية أم دولة ديمقراطية؟ أسئلة نطرحها على السيد صالح – وكل من على رأيه – أمّا نحن فنعتقد أن هذه الدولة هي الدولة الديمقراطية التي تناضل من أجلها الحركة الديمقراطية في بلادنا، لذلك فكل ديمقراطي متماسك لا يمكن إلاّ أن يجد نفسه في هذا المشروع، أمّا من يقيم المشاريع السياسية وفقا لأحكام إيديولوجية/عقائدية فسيجد نفسه دائما خارج نطاق حركة الواقع والتاريخ، وهنا نريد أن نهمس للسيد صالح: إذا قُدِّمت لك هذه الوثيقة دون أن يقال لك أنها من إنتاج « هيئة 18 أكتوبر »، فماذا سيكون رأيك؟ هل ستقبلها انسجاما منك مع التزامك الديمقراطي أم ستعتبرها « لفّا ودورانا » كما جاء في عنوان مقالك؟ وإن كان ما ذكرناه من مواصفات للدولة التي تناضل من أجلها « هيئة 18 أكتوبر » لفّا ودورانا، فعلّمنا نرجوك الجدية والوضوح وحدثنا عن الدولة المنشودة. إن مكونات « هيئة 18 أكتوبر » وبعد الاتفاق على سمات الدولة الديمقراطية المنشودة كما هي مبيّنة أعلاه، يصبح من حق كل منها أن تستلهم مقترحاتها وبرامجها في كل المجالات من مرجعياتها الفكرية الخاصة، هذه النقطة ارتكز عليها السيد صالح ليدق ناقوس الخطر، إن هذا الدق هو في غير محلّه، فإذا اتفقت المكونات السياسية – على خلافها واختلافها – على المهمة الأساسية والمركزية وهي النضال من أجل الجمهورية الديمقراطية بشروطها وسماتها وضوابطها ومرجعياتها المذكورة آنفا، حين لن يكون هناك أيّ معنى لما يمكن أن يتخفى وراء هذا الالتزام العام والعلني، فمن يفعل ذلك يكون محجوجا أمام الشعب، على أنه يجب التنبيه أن خطر « المرجعيات الخاصة » لا يعني فقط المرجعيات الدينية، فالاستبداد كما ذكرنا يمكن أن يلتحف لحاف الحداثة والتقدمية… 4- يختم السيد صالح نصّه بالجملة التالية « وقد عبّرت الوثيقة التي صادق عليها (يقصد الغنوشي) عن تشبّثه بمشروعه المجتمعي الذي يبقى مشروعا أصوليا يعتبر أن من مهام الدولة الديمقراطية المنشودة « تجذير الشعب التونسي في حضارته العربية والإسلامية » ونحت « شخصية تونسية متجذرة في هويتها الوطنية ومنفتحة على القيم العصرية » أنا في الحقيقة آسف أن أسجل أن دعاة الحداثة وحتى العلمانية من بين مكونات التحالف الأكتوبري « يتأقلمون » مع استحقاقات حزب النهضة… ». ماذا يعني هذا؟ هل يعني السيد صالح أن دعاة الحداثة والعلمانية يجب أن يكونوا ضد تجذير شعبنا في حضارته العربية الإسلامية، هذه الحضارة التي حدّد معناها سلفا وهو – على ما نعتقد – معنى تقدمي نيّر لا رجعي وانغلاقي، فإذا كان هذا التجذير في الحضارة، ونحت الشخصية المتجذرة في الهوية الوطنية والمنفتحة على القيم العصرية، إذا كان هذا « مشروعا أصوليا » وضمن « استحقاقات حزب النهضة »، فإن النهضة تكون فعلا قد تغيّرت وهو الذي انطلق منه في بداية نصّه من مصادرة إن هذه الحركة لم تتغيّر قطّ، إضافة لذلك نشير للسيد صالح أن رفض التجذر والانفتاح لا يعني سوى الانبتات والاستلاب، وهو ما يستنتجه أيّ قارئ من الجملة الأخيرة في نصّه حين يرفض الانفتاح ويتحدث عن الانصهار مع القيم العصرية، وهو باب آخر يطول فيه النقاش، ومع ذلك يجب الإشارة أن استعمال لفظ « الانصهار » هكذا في المطلق هو مضمون الدعاوي الامبريالية باسم كونية زائفة تقوم على السيطرة والإلحاق، أمّا « الانفتاح » فهو أدق، فهو يعني أن نتعامل بندية وبإضافة (أخذ/عطاء) مع الحضارة الإنسانية لا كما تريدها الإمبريالية بل كما تطمح لها الشعوب. 3- كلمة لابدّ منها إن اللفّ والدوران الفعلي هو ما أتاه السيدان عتيق والزغيدي، فأن يستنفر كلّ منهما قواه من أجل نفي ما هو موجود وظاهر بالعين المجردة: الاستبداد باسم الدين والاستبداد باسم الحداثة، لذلك جاء نصّاهما خاليان من المحاججة السليمة، بل كلاهما انطلق من حقائق مسلمة في ذهنه وراح يبحث لها عن تبريرات يكفي أن نتعمّق فيها لنكتشف ضعفها وتهافتها. إن كلا النظرتين هما في اعتقادنا نموذجين مطابقين لنوعي الاستبداد المذكورين، فإنكار الحقائق والنزوع إلى الذرائعية والإرادوية عند كليهما هو نوع من الاستبداد. وكما نعرف فإن الاستبداد قبل أن يتحوّل إلى واقعة مادية فهو ينطلق كمشروع في الأذهان والعقول والاستبداد باسم الدين أو باسم الحداثة كلاهما استبداد وعسف وظلم. وفي حال بلادنا فالمشروعين يلتقيان في حجم الأضرار التي يلحقانها بالمشروع الديمقراطي الذي يطمح إليه شعبنا وقواه الحيّة. إن وثيقة « حول علاقة الدين بالدولة » هي إنجاز هام وكبير يُحْسَبُ لهيئة 18 أكتوبر وهو يقرّبها أكثر للتحول إلى نواة لعمل أكبر وأوسع، لكن الإشكال في بعض جوانبه هو في مدى التزام كل المكونات بما يصدر عن الهيئة. إن هذا الأمر سيحدّد مستقبل هذه التجربة إيجابا أم سلبا، فالوثائق الصادرة عن الهيئة تعبّر عن حالة فكرية وسياسية متقدمة لكن أن تكون الوثائق في وادي والتفاعل والممارسة في وادي فهذا لن يعجّل إلاّ بوأد التجربة على قيمتها وعلى جديتها. بقي أن نقول في الختام إن الجدال العميق بما فيه من اختلافات وخلافات لم يقابلنا دائما بالإسلاميين، فالليبراليون والقوميون واليساريون أيضا قابلتهم خلافات عميقة فيما بينهم، ونحن كيساريين لم نكن دائما في اتفاق وتفاهم مع القوى المنتسبة لليسار ولم يكن ذلك منذ انطلاق تجربة 18 أكتوبر، بل قبله بسنين، وهذا لا يعني سوى كون الاتفاقات والعمل المشترك والتحالفات… ليست مسألة إيديولوجية كما يصرّ بعض باعثي الأوهام، بل هي قضية سياسية وسياسية في الأساس. إن بلادنا أمام منعرج خطير سيحدّد مستقبلها لسنين قادمة، فهل استفقنا جميعا من أجل الانطلاق من هذا المعطى للعمل من أجل إنقاذ بلدنا؟ [1] إحالة على نصّين صدرا بصحيفة « الموقف » عدد 18 ديسمبر 2009 – ص5، الأول بعنوان « القول باستبداد باسم الدين… مغالطة » للسيد الصحبي عتيق والثاني بعنوان « قضية جوهرية لا تترك مجالا للفّ والدوران » للسيد صالح الزغيدي.  
 
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 28 جانفي  2010)


ثلاثون سنة من التعاون الاوروبي التونسي الشراكة الأوروبية التونسية تحتفل بعقدها الثالث


تونس – طارق القيزاني – أحيت بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس الخميس الذكرى الثلاثين لانطلاق شراكتها المالية مع الدولة الجارة في الضفة الجنوبية للمتوسط لتشمل اليوم مجالات مختلفة كالاقتصاد والتجارة على وجه الخصوص، الى جانب التكوين والتشغيل والفلاحة والطاقة والبيئة. وامضيت الاتفاقية المالية الأولى بين الاتحاد الأوروبي وتونس عام 1980 وتبعتها عدة اتفاقيات أخرى وصولا إلى الإمضاء على اتفاق الشراكة سنة 1995. وقال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس أدريانوس كوتسنرويتر للعرب العالمية اننا نتطلع الى تعزيز التعاون مع تونس في عام 2010. وأضاف السفير الأوروبي « اننا نولي اهتماما خاصا بتونس ونأمل ان تكون بوابتنا لتعزيز تعاوننا كذلك مع باقي دول الجوار وبشكل خاص مع ليبيا.. المسؤولون في ليبيا يثقون في تونس. » ويأتي العام الجديد من الشراكة التونسية الأوروبية في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها الفضاء الأوروبي ومنها انضمام دولتين اضافيتين للاتحاد، رومانيا وبلغاريا، والأزمة المالية والدفعة الجديدة لمعاهدة لشبونة وما تخللها من هيكلة جديدة للمناصب. واستبعد السفير الأوروبي أدريانوس ان تكون لتلك التحولات تأثيرا كبيرا على الشراكة وقال إن التحولات الهيكلية المعلنة بعد اعادة الروح لمعاهدة لشبونة لن تكون عملية على المدى القصير اذ يتوقع ان تكون أكثر وضوحا فيما بين خمس أو عشر سنوات القادمة. لكن السفير نبه الى ان الأزمة المالية مازالت مستمرة طالما ان نسب البطالة مازالت مرتفعة وأوضح في نفس الوقت تعهد الاتحاد الأوروبي مع دول الجوار المتوسطي ومن بينها تونس بالرد على الأزمة بالحلول الممكنة. وتشهد سنة 2010 بالفعل تطبيق معاهدة لشبونة التي دخلت حيز التنفيذ يوم 1 ديسمبر 2009، وبفضل هذه المعاهدة الجديدة فإن الإتحاد الأوروبي قد اعتمد شخصية قانونية فريدة تدعم سلطته في التفاوض وتجعله أكثر نجاعة على الساحة العالمية، وشريكا يتمتع بحضور دولي واسع. وقد حددت معاهدة لشبونة بالفعل، مبادئ والأهداف المشتركة للعمل الخارجي الذي يضطلع به الإتحاد الأوروبي، ويتمثل ذلك في الديمقراطية، دولة القانون، عالمية حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترام الكرامة الإنسانية وكذلك المساواة والتضامن. وقد أضيفت إلى المهمة الحالية للممثل الأعلى للإتحاد في ما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمن المشترك، مهمة نائب برئيس المجلس، وهذا يعني مولد ممثل دستوري جديد يتمتع بمنصبين في آن واحد. وهذا من شأنه أن يعطي للإتحاد وجها فريدا يسمح له بدعم تماسك عملياته الخارجية وبتحسين صورته العالمية. كما سيعتمد الممثل الأعلى على آلية أوروبية جديدة للعمل الخارجي. ولا يمكننا إذن الآن الحديث عن « بعثة المفوضية الأوروبية في تونس » ولكن عن « بعثة الإتحاد الأوروبي في تونس ». ويعتبر تطور القطاع الفلاحي والتصرف في الثروات الطبيعية، وكذلك تعصير المجالين الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب إصلاح التعليم، أبرز أركان الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وذلك من خلال عديد برامج التعاون الممولة عن طريق هبات مالية. ويدعم الاتحاد الأوروبي تونس كذلك في مجالات التعليم والتكوين والتشغيل، الفلاحة، الطاقة والبيئة. كما يساعد الاتحاد الأوروبي تونس في سياستها الإصلاحية لتسهيل اندماجها في الاقتصاد العالمي، وكذلك في تعصير سياستها وقوانينها التجارية، في المنافسة لدى المؤسسات التونسية واندماجها في الأسواق العالمية. وسيقع دعم الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس في 2010 عبر برنامج يتعلق بالتصرف المستديم في الثروات المائية، وأيضا عبر برنامج تعاون يرمي إلى تطوير البيئة والتحكم في الطاقة بهدف الحد من العواقب الوخيمة الناتجة عن التغير المناخي. وينتظر ان يكون لقاء العمل الاول في العام الجديد في العاشر من شباط/فبراير وسيكون محوره بالبيئة والطاقة. ومنذ سنة 1995 قام الإتحاد الأوروبي بتمويل برامج تعاون في تونس وصل مجملها ما يقارب 1.250.000.000 أورو. (المصدر:موقع تونس24بتاريخ 28 جانفي 2010)


بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين 
 تونس في 25/01/2010  بقلم محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلامي
الرسالة رقم 727على موقع الانترنت

الولاء للوطن   كلمة الصحفي القدير بسام بونني حول حياة الحبيب بورقيبة الابن كان لها وقع و تأثير بالغ في النفوس

   


 هذه الأيام الخالدات البارزات كتبت حوالي 7 مقالات من 10/01/2010 حول أسرار شهر جانفي 1952 و الأحداث التي جرت فيه يوما بيوم .. من 2 جانفي 1952 إلى 29/01/1952..  و مشكور موقع تونس نيوز لنشر كل مقالاتي التي تروي أحداث ذكرى 18 جانفي 1952 و كل الأحداث التي وقعت في ذلك الشهر (رغم صنصرته لعدد من مقالاتي الأخرى لأسباب غامضة) .. و قد تابعها عدد هام من القراء من الداخل و الخارج.. و بعضهم اتصل بي هاتفيا من هولاندا و ماطر و شكرني على مقالاتي حول الذاكرة الوطنية و أحداث 18 جانفي 1952 .. عيد الثورة الوطنية و اعتقال الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة يومها.. و الأحداث التي تعاقبت وجرت في كل الجهات و المدن والقرى.   و من المقالات التي كتبتها خلال شهر جانفي مقالين هامين حول فقدان تونس ابنها البار الحبيب بورقيبة الابن نجل الزعيم الحبيب بورقيبة رحمهما ال..له وقد نشرتهما تونس نيوز في الإبان.. و أردت نشرهما في الصحف المحلية خاصة الشروق و الصريح.. و اتصلت بالصحيفتين.. و طلبت منهما العمل على نشر المقالين حول خصال ومناقب وبصمات الراحل العزيز الذي حرم من حنان وعطف والده منذ كان عمره 7 أعوام و لم يعش يوما في طفولته و شبابه مع والده الزعيم العملاق الحبيب بورقيبة رحمه الله.. و عاش فريدا مع والدته مفيدة بورقيبة رحمهما الله … و لم ينس هذا الحرمان الابوي نتيجة كفاح و نضال و تضحيات والده في السجون و المنافي و الإبعاد و الغربة.. وكانت رسائل والده من ديار الغربة و المنفى هي الغذاء الروحي لتقوية الشعور الوطني.   كتبت هذه الخواطر بعمق وسلمتها إلى صحيفتي الشروق و الصريح لنشرها لكن دون جدوى!!! وبعد 5 أيام أخذت وسيلة نقل وذهبت إلى اريانة -ديار الأندلس. مقر جريدة الصريح.. قصد الاتصال برئيس تحرير الجريدة فلم أجده.. و كان معي مقال آخر حول موضوع هام.. موضوع الساعة.. و قابلت صحفي شاب.. فرحب بي بحرارة 100 درجة.. و سلمته المقال الثاني وطلبت منه تفسيرا عن المقال المتعلق بحياة ومسيرة الراحل الحبيب بورقيبة الابن و أين مصيره.. فقال لي انتظر قليلا و خرج مسرعا للبحث عن المقال ثم عاد لي ووجهه و ملامحه متغيرة و قال لي مقالك عند رئيس التحرير.. وودعني ببرودة.. و درجة اقل من 5 % تحت الصفر.. لست ادري ما حصل ولماذا?   و بعد يومين لم اطلع على مقالي الأول و الثاني و قد تم دفنهما رحمهما الله و عوضنا الله عنهما كل صبر و سلوان ..   و في الشروق نفس المصير.. دفنت مقالاتي.. و ما قلته في مقالي رقم 726 بتاريخ 23/01/2010 لا يتطرق  إليه الشك ولو بنسبة واحد في المائة..   و قد تذكرت الكلمة التي كتبها الأخ بسام بونني.. الصحفي التونسي بالدوحة.. ابن المناضل الوطني.. الذي كتب يوم الجمعة 22/01/2010 مقالا بعنوان: الولاء للوطن يمر أيضا عبر احترام رموزه.. وأشار إلى العناية و الاهتمام و الدعاية و الهالة  من الإعلام في صحفنا التونسية بمناسبة وفاة السيد سوغان الوزير الفرنسي صديق تونس الذي توفي مؤخرا.. نعم نذكر خصاله ونقول كلمة الخير فيه.. ولكن نقول أكثر و أعمق و اشمل و ابلغ و أوسع حول وفاة المناضل الكبير الحبيب بورقيبة الابن نجل الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمهما الله..  هذا واجب وطني علينا.. و دين.. و من باب الأخلاق و الوفاء أن نعطي نجل الزعيم حقه في وسائل الإعلام دون عقد أو تحفظ أو حسابات..   و اعتقد لو مات قريب مسؤول  حالي.. أو والد وزير أو مسؤول كبير أو صهره.. أو حتى من أبناء حومته.. لتهاطلت الصحف..  و حبرت طويلا.. و مجدت و نوهت بخصال الفقيد.. و حتى المرحوم الشاعر أبو القاسم ألشابي رحمه الله الذي توفي عام 1934 لازلنا نخصص له 6 صفحات.. و الحداد أيضا .. و الفنان محمد الجموسي رحمه ال..له و حتى الفنانة صليحة.. و الفنانة علية.. و كل الفنانين و الرياضيين.. القدامى و الجدد..  أما الزعيم بورقيبة العملاق فإننا نسعى لطمس تاريخه.. لكن ليعلم أصحاب الصحف إن تاريخ بورقيبة لا يمحى.. و هو خالد في ذاكرتنا.. مهما كانت محاولة الإساءة.. و الطمس.. و النسيان.. و حجب الحقائق.. و تعتيم الإعلام.. و محاولة غلق الأبواب أمام المناضلين الأوفياء.   و لعل بعد خطاب الرئيس يوم 22 جانفي 2010 تتغير الأمور.. و يفهم أصحاب الصحف مقاصد الرئيس.. و لعل أيضا بعض الأوتار تعدل من أوتارها .. و تتناغم مع خطاب الرئيس.. و عسى أن يندم بعضهم إذا كان هناك عرق ينبض بالوطنية..   و عسى أن يشعر احدهم بالندم عندما أراد التقليل من أهمية الكتابة يوم قرر و أعطى تعليماته بإلغاء ملحق خاص على حياة الزعيم الراحل الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة..   و لعل أصحاب الضمائر الحية  تجد السبيل و الطريق  لتدارك ما فات.. و تفتح أمامهم أبواب الصحف التونسية.. و تمحى التعليمات التي أضرت بمصداقية الإعلام..   و ختاما نقول لرئيس تحرير كتب يوم أمس مقالا هاما ينوه فيه بخطاب الرئيس حول حرية الإعلام و الكتابة بحرية.. أقول له قبل يومين أنت و أمثالك.. كنتم سدا منيعا لتعتيم حرية الإعلام.. تنفيذا لتعليمات بعضهم.. و قد كنتم و أمثالكم أنصار هذا الرجل الذي كان وراء التعتيم.. و أعطى تعليماته لمنع الأقلام الحرة من الكتابة .. و أصحاب المبادئ و القيم من التعبير.. لماذا? لأنهم يكتبون على الزعيم العملاق الحبيب بورقيبة.. و كل الرموز الأحرار..   و اعتقد أن مقالاتي أحرجتهم و أقلقتهم و أضجعتهم.. و لعل خطاب الرئيس الأخير يعيد الأمل.. و يمحى محاولات بعضهم.. حتى يأخذ الإعلام طريقه إلى الوضوح.. و يكون كما قال بسام بونني : الولاء لتونس يمر أيضا عبر احترام رموزها و زعمائها.. و الله ولي التوفيق .     ملاحظة هامة   و نقول بصراحة المناضل الدستوري العريق.. اتركوا الناس أحرارا يكتبون و يعبرون و يشاركون في الحوار.. و لا تراقبوهم فيما يقولون.. خاصة أصحاب المبادئ الذين يقولون الحقيقة..   و الرئيس قال: اقبلوا كلمة النقد للإصلاح.. و أنا أقول : اتركوا المواطن أو الطالب الذي تتصل به قناة عربية حرة أن يعبر بحرية عن رأيه دون توصيات أو تعليمات بعد الحوار.. و كونوا نزهاء.. و عاملوا الناس معاملة على قدم المساواة.. واتركوا شعار هذا متاعنا و هذا موش متاعنا.. و اتركوا وضع التيكات على صدور بعضهم.. فهم أحرار.. نعم.. إذا قالوا كلاما فيه حقيقة مرة فلا تتحرجوا من ذلك..   فكلامهم دواء ناجع.. و حقائق لا لبس فيها.. و اتركوا القنوات العربية حرة في اختيار الأشخاص بحرية.. و قد انتهى عهد الوصاية و عهد التبعية و عهد الاستعمار..   و بورقيبة حررنا من الاستعمار.. و قال قبل وفاته : لا أخاف على تونس إلا من أبنائها.. وأنا أقول لا : أخاف على مصير الإعلام إلا ممن نصب نفسه أمينا و ناطقا عالميا باسمه.. و هذا هو السبب في كل ما حصل من نقد و انتقاد.. حتى جاء الخطاب-الدواء الناجع أن شاء الله.. إذا أخلصت النوايا..   و لن اترك مجالا إلا و ذكرت فيه دور الإعلام حتى يستقيم..     قال الله تعالى                (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (إبراهيم:12) صدق الله العظيم                 محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلامي    22.022.354   


اتحاد اذاعات الدول العربية يصف مشروع قرار اميركيا حول البث الفضائي ب »الخطير »


 
تونس (ا ف ب) – راى اتحاد اذاعات الدول العربية ان مشروع قرار مجلس النواب الامريكي الذي يدعو الى فرض عقوبات على مشغلي الاقمار الصناعية التي تبث قنوات تلفزيونية مصنفة ارهابية، يشكل « توجها خطيرا » من شانه ان يضر بالعلاقات الامريكية العربية. وقال صلاح الدين معاوي رئيس الاتحاد الذي يتخذ من تونس مقرا، الخميس خلال مؤتمر صحافي « هذا التوجه خطير..هناك خطورة للمساس بالعلاقات العربية الامريكية » وراى فيه « تدخلا في الشؤون الداخلية للدول العربية ». واضاف ان « الوزراء العرب اتفقوا على تكليف وزراء الخارجية العرب والسفراء لدى الولايات المتحدة ومكتب الجامعة العربية بواشنطن كي يتدخلوا لمنع صدور هذا القرار الخطير » وتابع « ستكون هناك اتصالات لابلاغ الولايات المتحدة بخطورة مشروع القانون على العلاقات العربية الامريكية ». ودعا معاوي الى « ضرورة التمييز بين الارهاب والمقاومة ». وكان مجلس النواب الاميركي اقر في الثامن من كانون الاول/ديسمبر مشروع قرار يدعو الى فرض عقوبات على مشغلى الاقمار الصناعية في حالة تعاقدهم مع قنوات فضائية مصنفة ارهابية. واذا ما تمت الموافقة بشكل نهائي على مشروع القرار الذي وافق عليه مجلس النواب الاميركي، فانه يمكن ان يطبق على القمرين الصناعيين الرئيسيين عرب سات ونايل سات اللذين يبثان خصوصا قناة المنار التابعة لحزب الله المصنف كمنظمة ارهابية من قبل الولايات المتحدة. وكان وزراء اعلام عرب انتقدوا مشروع القرار خلال اجتماع استثنائي عقدوه الاحد في القاهرة. ودعوا الى انشاء مفوضية عربية للاعلام بهدف وضع « استراتيجية اعلامية مشتركة ». واوضح معاوي بمناسبة تقديم التقرير السنوي حول وضع البث الفضائي العربي « ان المشهد الاعلامي العربي شهد خلال العام 2009 قفزة نوعية وكمية غير مسبوقة ». واشار الى وجود « 398 هيئة عربية تبث ما يزيد عن 696 قناة متعددة الاهداف والاصناف واللغات » بعد ان كان عددها محدودا « لا يتجاوز عدد اصابع اليد » مطلع تسعينات القرن الماضي. وعزا معاوي هذه « الطفرة » الى « اقتحام راس المال العربي مجال الاعلام » و « التسهيلات التي توفرها مدن الانتاج الحر » في العالم العربي. وبحسب التقرير الذي حصلت فرانس برس على نسخة منه، بلغ عدد الهيئات العربية الخاصة 372 هيئة تضم 599 قناة فضائية بزيادة بنسبة 40 بالمئة مقارنة مع عامي 2007 و2008. وتحتل البرامج الموسيقية والمنوعات نسبة 23,4 بالمئة في مجموع القنوات المتخصصة في البث الفضائي البالغ عددها 115 قناة في حين تستاثر الدراما والسينما والمسلسلات بنسبة 13,8 بالمئة وتبلغ نسبة البرامج الرياضية 11,4 بالمئة. وتاتي القنوات الاخبارية في اسفل الترتيب بنسبة 7 بالمئة « لارتفاع تكلفتها ». ويضم اتحاد اذاعات الدول العربية الذي انشىء عام 1969، هيئات الاذاعة والتلفزيون في الدول الاعضاء في الجامعة العربية.
 
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 28 جانفي 2010)


عالم الجدران


أحميدة النيفر (*) بعد مضي سنة على حرب الإبادة التي أقدم عليها الكيان الصهيوني على قطاع غزة تتواصل ذات الحملة التدميرية الشاملة لفلسطين ضمن سياسة اختراق أوسع للمنطقة العربية باستعمال شتى الطرق للإتيان على كل معاني استقلالية قرار دولها وفاعليتها. الغاية من مواصلة ذات السياسة بأوجهها المتعددة هي الإمعان في كشف العجز العربي عن مواجهة الاحتقانات الداخلية والإقليمية بصورة فاعلة إثباتا للمقولة القديمة التي يسير عليها الساسة الأوروبيون في علاقتهم بالمنطقة العربية منذ قرابة القرن، وهي المقولة التي نقرأها في مذكرة مُرسلة من « توماس شابمان » المعروف بـ « لورانس العرب » إلى وزير الشؤون الخارجية بالمملكة المتحدة، سنة 1916، والتي وضع فيها أحد أصول السياسة الاستعمارية إزاء العالم العربي حين بيّن أن: « حركة الشريف حسين ستكون لصالحنا (المصالح الاستعمارية الإنجليزية) إذ هي ترمي إلى تحقيق أهداف لا تتناقض مع ما نسعى إليه، وهو تفكيك مجموعة البلدان الإسلامية وهزيمة الإمبراطورية العثمانية وانهيارها »، وتضيف المذكرة أن « الدول التي سينشئها الشريف حسين على أنقاض المنظومة العثمانية ستكون أعجز عن مواجهتنا مما كانت عليه الإمبراطورية العثمانية قبل أن تصبح تابعة للسياسات الألمانية »، وأكثر من ذلك، ستكون تلك الأنظمة العربية الجديدة « أقل استقرارا من النظام العثماني السابق »، ثم تخلص المذكرة إلى اعتبار أن السياسة البريطانية ستكون المستفيد الأول من هذا الوضع الجديد إن « أحسنا التصرف، ذلك أن ما سينشأ من دول سيكون أقرب إلى الموزاييك السياسي المصاغ من جملة إمارات يغار حكام بعضها من البعض الآخر مع عجز مؤكد عن التماسك بينهم ». حين نستعيد قراءة هذا النص ثم نستحضر معه النص الآخر، الأكثر شهرة، نص وعد بلفور الصادر سنة 1917 إلى اللورد دي روتشيلد، ندرك طبيعة العلاقة الإستراتيجية بين الاستعمار البريطاني في المنطقة وبين أهداف الحركة الصهيونية المتحفزة، لقد وضع النص الأول إطارا عاما لما سماه « مآلات سياسة حسن الأداء » ثم جاء النص الثاني ليجسد تلك السياسة بصورة تنفيذية متواصلة مع الزمن، وبذلك أصبح تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين مرجعا مؤسسا لما انتهت إليه السياسة البريطانية الاستعمارية طوال القرن العشرين، وقد تم بذلك تفويض استراتيجية ترسيخ تجزئة المنطقة إلى الحركة الصهيونية من خلال الوعد بأرض لا يملكها الساسة الإنجليز وإسنادها إلى مجموعات لا تستحقها بناء على الشعار الصهيوني « أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ». ما نشاهده في هذه السنوات وخاصة بعد الحرب على غزة منذ سنة من سياسات استيطانية وتدميرية واختراقية ليست سوى إعادة إنتاج مضمون مذكرة لورانس والوعد الذي تلاها بعد ذلك، والذي تم بمقتضاه تفويض استراتيجية تجزئة المنطقة إلى الحركة الصهيونية، هي السياسة التي تبنت هذه الأيام اختيار الجدران إسهاما في مزيد زعزعة الأنظمة العربية بجعلها حسب توجيه لورانس « موزاييك » سياسيا غير قادر على التماسك أو التنسيق. خلاصة المشهد الحالي يتعين في مفارقة عجيبة بين عالم تزداد مقتضيات تواصله وانفتاحه على بعض البعض، وبين فضاء عربي ترتفع الجدران داخله ومن حوله وكأنه من زمن آخر. في فلسطين وفي الضفة الغربية هناك « الجدار العازل » قرب الخط الأخضر لتحصين المستوطنات ولمنع دخول سكان الضفة الغربية إلى مناطق الحكم الصهيوني، هو الجدار الذي شرع في بنائه سنة 2002 في ظل انتفاضة الأقصى الأولى ليشق الأراضي الفلسطينية ويستولي على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وفي المناطق المأهولة بكثافة سكانية فلسطينية، هذا الجدار الذي يطلق عليه « جدار الفصل العنصري »، يعوق حياة السكان الفلسطينيين، كما يساعد على ضم أراض من الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني، ويتوقع أن يبلغ طوله عند نهاية البناء 703 كم وربما أكثر، إزاء هذا الجدار الأول، أقرَّتْ حكومة بنيامين نتنياهو بناء جدار إلكتروني حديث التقنية بطول 255 كيلو مترا وبتكلفة 270 مليار دولار على الحدود مع مصر. ويتمم هذا الجدار الثاني ثالث، وهو المعروف بالجدار الفولاذي الذي شرعت في بنائه مصر بتوجيه أميركي وصهيوني ودعم فرنسي، جنوبي مدينة رفح، على الحدود المصرية مع قطاع غزة. يأتي بعده جدار رابع، إذ ذكرت مصادر إعلامية أن مصر بصدد بناء رصيف للزوراق خاص بدوريات المراقبة على الحدود البحرية لقطاع غزة، وأنه سيكون بعمق عشرة أمتار ممتدا مسافة على ساحل مدينة رفح المصرية. خلاصة هذا المشهد هو تزامن سياقين مختلفين: سياق استراتيجية التجزئة السالفة الذكر والتي ثبّتت المنطقة العربية في اختيارات المرحلة استعمارية مرسية عالما محاطا بالجدران في مواجهة سياق معاصر تخترق حدوده عولمة مكتسحة تكنولوجيا وماليا وعسكريا. لكن المفارقة لا تقف عند هذا الحد الجغرافي والإنساني، إنها ذات دلالات سياسية وثقافية عالية. من جهة أولى فإن عالم الجدران يُسقط الإدعاء الذي طالما استعملته السلط الصهيونية في دعايتها التوسعية بالقول إنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة. لقد أضحى الكيان الصهيوني بدعم حلفائه الغربيين كيانا مغلقا من جميع الجهات ومتعاونا مع أنظمة في المنطقة تحيط نفسها بالجدران هي الأخرى، إنها نهاية مقولة تصدير الديمقراطية إلى الفضاء العربي. ومن جهة ثانية فإن ما أصدره مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة ليس إلا تعبيرا عن استتباع السلطة الدينية وتجاوز استقلالها، ذلك أن إعلان شيخ الأزهر ورئيس مجمع البحوث الإسلامية الشيخ محمد سيد طنطاوي أن من « الحقوق الشرعية لمصر أن تضع الحواجز لمنع ضرر الأنفاق التي أقيمت تحت أرض « رفح » المصرية، وأن هذا العمل « تأمر به شريعة الإسلام التي كفلت لكل دولة حقوقها وأمنها وكرامتها، وأن الذين يعارضون ذلك يخالفون ما أمرت به شريعة الإسلام من أن كل دولة عليها أن تصون حقوق أبنائها، وأن تمنع كل عدوان على هذه الحقوق »، مثل هذه الدعوى ليست سوى توظيف سياسي صريح للمؤسسة الدينية العتيدة وضرب لمصداقيتها. أما الجهة الثالثة فهي تتعلق بالبعد الرمزي، فإن هذه الجدران المتكاثرة في إحاطة عالمنا العربي مزيلة مصداقية المؤسسة الدينية ستتحول إلى مصدر فاعلية يلتجئ إليه كل مضطهد ومقهور. ذلك أن الجدار، في المجال الثقافي، يحيل في مستوى أول على معنى الحماية والدفاع إذ هو يحصّن المكان ويحده متصديا للتأثيرات الخارجية التي يراد تفاديها، لكن الجدران من مستوى ثان وعلى خلفية القهر تجعل الإحاطة بالمكان تقوية لمعنى العزلة وفتحا لمجال استقبال المؤثرات الصادرة من عَل، ذلك البعد الوحيد الذي يبقى متاحا بعد انسداد الآفاق الأخرى. ومن ثم يصبح الجدار حافزا على التمرد بما يكسبه طبيعة الانقضاض والسقوط نتيجة تحوّله إلى مكبّل يفقد إنسانيةَ من هم وراءه، ويتحقق ذلك بحس متضاعف بضرورة التهديم لتخطي أسر الجدار والتحرر من العزلة القاتلة التي يفرضها على الإنسان. (*) كاتب من تونس (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 28 جانفي 2010)  


أفغانستان بين قمة اسطنبول ومؤتمر لندن

 


توفيق المديني في 26 كانون الثاني الجاري عقدت في مدينة اسطنبول التركية قمة إقليمية مصغرة في شأن أفغانستان، لقبت بقمة «الصداقة والتعاون في قلب آسيا»، وهدفت إلى الإفساح في المجال أمام الدول المجاورة لأفغانستان بالحديث عن المساعدة التي يمكن لكل منها تقديمها لضمان الأمن والاستقرار والازدهار في البلاد التي تمزقها الحرب، حسب مسؤول تركي وحضر هذه القمة رؤساء دول أفغانستان وباكستان وتركيا، وكل من وزير خارجية الصين يانغ جيشي، والنائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، ونائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين، ووزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند، وبول جونز نائب المبعوث الأميركي الخاص ريتشارد هولبروك، وحضر إلى اسطنبول أيضاً مسؤولون من السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وطاجكستان وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.‏ وأكد المجتمعون في إعلان مشترك في ختام القمة المصغرة «ندعم عملية المصالحة والدمج الوطنية الأفغانية عملاً بالدستور الأفغاني بإشراف وتطبيق أفغانيين» وقال دبلوماسي غربي حضر القمة: «هدف الاجتماع هو الاتفاق على صوت واحد في المنطقة حتى نشارك في مؤتمر لندن، الهدف هو مساعدة أفغانستان على الوقوف على قدميها على المديين المتوسط والطويل».‏ وبالمقابل، قال الرئيس الأفغاني حميد كرزاي للصحفيين في اسطنبول: «إن عناصر طالبان غير المنتمين إلى شبكة إرهابية على غرارالقاعدة هم أبناء الأرض الأفغانية، ويعدون بالآلاف، وتنبغي إعادة دمجهم»، ولم يستبعد البيت الأبيض تلبية طلب الرئيس الأفغاني حميد كرزاي شطب أسماء عناصر من طالبان من لائحة الأمم المتحدة للعقوبات، ولم يعقب المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس على اقتراح كرزاي بالتفصيل، لكنه قال: إن واشنطن منفتحة «على انتهاج مسار مشابه لما حدث في العراق.. على أساس أنه أياً كان هذا فعليه أن يوافق على الدستور الأفغاني وينبذ العنف ويعلن انفصاله عن المجموعات المناصرة للعنف».‏ ويعتبر مؤتمر لندن حول أفغانستان الذي عقد يومي 28 و29 كانون الثاني 2010 وحضره إلى جانب الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، ورئيس وزراء بريطانيا غوردون براون، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزراء خارجية ستين دولة، منها إيران، اللحظة التاريخية القوية للديبلوماسية الدولية، وهو يندرج في سيرورة انتقال مفاتيح السلطة العسكرية والمدنية التي يتحكم فيها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان إلى السلطات المحلية.‏ وكان الموضوع الرئيس في مؤتمر لندن هو «العملية الانتقالية» أي نقل المسؤوليات الأمنية تدريجياً إلى القوات الأفغانية التي يجري تأهيلها، وجاء في مشروع بيان نشرته صحيفة «التايمز» البريطانية إن كابول «ستتعهد تولي مسؤولية وقيادة معظم العمليات في المنطقة الخطرة خلال السنوات الثلاث المقبلة» وتحمل المسؤولية الأمنية مباشرة «خلال خمس سنوات من الآن»، ومع ذلك يبقى الأمر بعيداً عن تحقيق طموح الرئيس الأميركي الذي أعلن أن إعادة القوات من أفغانستان ستبدأ في تموز 2011.‏ وتكتسب إرادة تسريع نقل المهمات الأمنية في مطلع سنة 2010 أو سنة 2011 أهمية أيضاً، من خلال التغييرات التي حصلت على صعيد قيادة جنوب البلاد، فمن الناحية الرسمية، البريطانيون والكنديون هم الذين يقودون عمليات حلف شمال الأطلسي هناك، أما القوات الأميركية المتمركزة في الشرق، فقد تكفلت بمكافحة التمرد الذي تقوده «طالبان» وكان الرئيس أوباما قد اعتمد هذا الخيار، عندما وافق على الاستراتيجية الجديدة التي قوامها إرسال ما يقارب 30000جندي أميركي إلى أفغانستان.‏ عملية انتقال السلطات تتطلب أيضاً الأموال اللازمة لذلك، فقد قررت فرنسا في مؤتمر لندن دفع ما بين 20 إلى 50 مليون يورو، بينما قدر صندوق النقد الدولي منح أفغانستان مساعدات جديدة، وتكفلت روسيا بإلغاء ديونها المتبقية على أفغانستان.‏ وكان الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أعلن قبل إسبوع من مؤتمر لندن عن إستراتيجيته الجديدة «للمصالحة» مع «طالبان» إذ طلب دعم المجتمع الدولي مالياً، وتتضمن خطة كرزاي التي يدعمها الغرب عرضاً لتقديم أموال ووظائف إلى مقاتلي «طالبان» في مقابل تخليهم عن السلاح والعودة إلى الحياة المدنية، وتتطلب هذه الخطة أموالاً بقيمة بين 500 مليون ومليار دولار، حسب تقديرات محيط الرئيس الأفغاني.‏ ولماكان البريطانيون واليابانيون هم من كانوا في أساس خلق صندوق لتمويل هذه الخطة، فقد اقترحوا أن يشرف البنك الدولي على إنفاق هذه الأموال، فالكل يعلم أن نظام حميد كرزاي عاجز عن مكافحة الفساد، وبالتالي غير قادر على تنسيق البرامج المخصصة للتنمية.‏ ويقول محللون: إنه سيكون من الصعب إقناع زعماء «طالبان» بالتصالح مع الحكومة بينما يعتقدون أنهم يكسبون الحرب مع ارتفاع عدد الجنود الأجانب القتلى بشكل قياسي العام الماضي، وكتب المحلل الباكستاني رحيم الله يوسفزاي، الخبير في شؤون طالبان في مقال افتتاحي في صحيفة «ذي نيوز» الباكستانية أن «الجميع في أفغانستان يتحدثون عن المصالحة مع طالبان، ولكن بشروط الحكومة الأفغانية» وأضاف: «ولكن الغريب أن عروض إجراء محادثات السلام تجري بينما يتوجه نحو 37 ألف جندي من الولايات المتحدة وحلف الأطلسي إلى البلاد في محاولة يائسة لإنهاء النزاع عسكرياً، وأكد مسؤولون أميركيون أن تحقيق نجاحات عسكرية على الأرض جزء أساسي من الحل لكي تفكر قيادة «طالبان» في التفاوض.‏  كاتب تونسي‏    (المصدر:صحيفة الثورة السورية، شؤون سياسيةالجمعة ،29-1-2010)


مسؤول عربي يحذر من خطورة مشروع قانون أمريكي عن الفضائيات العربية


تونس (رويترز) – حذر المدير العام لاتحاد اذاعات الدول العربية يوم الخميس 28 جانفي 2010 من ان العلاقات الامريكية العربية قد تواجه خطرا حقيقيا بسبب مشروع قانون في الكونجرس يطالب الاقمار الصناعية بحظر فضائيات عربية يقول انها تحرض على العنف والكراهية ضد الولايات المتحدة. ويطالب مشروع القانون الامريكي مالكي الاقمار الصناعية بايقاف قنوات تقول الولايات المتحدة انها تروج للعنف والكراهية ضدها مثل الاقصى والمنار او معاقبة مالكي الاقمار الصناعية التي تبث القنوات اذا رفضوا الامتثال واعتبارهم داعمين للارهاب. لكن صلاح الدين معاوي المدير العام لاتحاد اذاعات الدول العربية رفض مشروع القرار ووصفه بانه « تدخل في الشؤون العربية ». وقال معاوي في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة التونسية « هذا التوجه خطير..هناك خطورة للمساس بالعلاقات العربية الامريكية. » وعقد وزراء الاعلام العرب يوم الاحد الماضي اجتماعا بالقاهرة بحثوا خلاله سبل التصدي لمشروع هذا القرار. وأبلغ معاوي الصحفيين ان الوزراء العرب اتفقوا على تكليف وزراء الخارجية العرب والسفراء لدى الولايات المتحدة ومكتب الجامعة العربية بواشنطن كي يتدخلوا لمنع صدور هذا القرار الخطير. واضاف « ستكون هناك اتصالات لابلاغ الولايات المتحدة بخطورة مشروع القانون على العلاقات العربية الامريكية ». وتسبب العديد من الفضائيات العربية مثل فضائية المنار المملوكة لحزب الله الشيعي في لبنان والعالم الايرانية والجزيرة القطرية والاقصى الفلسطينية احراجا للولايات المتحدة بسبب انتقادها المتكرر لتدخل واشنطن في الشؤون العربية وانحيازها لاسرائيل. وأوضح تقرير لاتحاد اذاعات الدول العربية ان عدد الفضائيات العربية ارتفع خلال عام 2009 الى نحو 696 فضائية عربية متنوعة بين الرياضة والاخبار والمنوعات والدين والاقتصاد. واشار التقرير الذي عرضه المدير العام للاتحاد الى ان العالم العربي شهد طفرة غير مسبوقة في عدد الفضائيات بسبب التسهيلات التي يلقاها المستثمرون في هذا المجال وعدم وجود تشريعات دقيقة منظمة للقطاع على عكس ما هو معمول به في اوروبا مثلا. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 جانفي 2010)  


الحركات الإسلامية وإلغاء مبدأ مراجعة الأداء


يحيى أبوزكريا  (*) دأبت الحركات الإسلامية في العالم العربي و الإسلامي و بكل شقوقها وألوان طيفها المذهبي والإيديولوجي و الفكري على نقد الآخر وتكفيره إذا تطلبّ الأمر . فالآخر في عرفها خارج عن الإسلام شكلا ومضمونا , و لذلك وجهت هذه الحركات سهامها إلى الحركات السياسية و الفكرية و الثقافية التي لا ترتكز في رؤيتها على الإسلام , و قد نالت التيارات العلمانية قسطا وافرا من سهام تلك الحركات التي وضعت نفسها في موقع الممثل الشرعي و الوحيد للإسلام , فهي وحدها تملك فهم نصّه و آليات إسقاط هذا النص على الواقع , و لها وحدها حق تصنيف الناس بين مؤمن و كافر , بين موحّد ومشرك .. وعلى الرغم من أن هذه الحركات قد دخلت في صراعات وحروب داخلية فيما بينها و لجأت إلى تكفير الآخر الذي يدين بهذا المذهب أو ذاك , إلا أنها لم تتجرأ على محاكمة نفسها وتقييم مسارها وأدائها السياسي والثقافي و الفكري و هي بذلك كانت تنفذّ حذو القدة بالقدة ما قاله الزعيم الصيني ماو تسي تونج: « علينا أن نرفض كل ما يقبله العدو، وأن نقبل كل ما يرفضه العدو »! . ومن أهم أسباب تراكم الأخطاء في العالم الإسلامي و داخل الحركات الإسلامية على وجه التحديد هو عدم إجراء مراجعة نقدية لمسار حركات الإسلام السياسي ,فكل الحركات مقدسة , و كل الحركات ربانية , و كل الحركات تأسست لملأ الأرض عدلا وقسطا , و تهدف لأن تكون بديلا عن النظم العلمانية العسكرية الفاشلة ..وقد أوقع مبدأ الغرور و تمثيل السماء و الإدعاء بأن هذه الحركات إمتداد للوحي و حركة النبوة – وهذا زعم تتقاسمه كل الحركات الإسلامية و المستندة إلى كل المذاهب الإسلامية – في تراكم الأخطاء و التي بدورها أفضت إلى تحولت هذه الحركات إلى جثت ضخمة بدون بصيرة عقلية و بدون وعي ونضج فكري وثقافي يعقلن مسارها ..وقد أدركت الأجهزة المتلاعبة بالتناقضات الإجتماعية هذه الحقيقة في الحركات الإسلامية فراحت تسخرّها لمشاريعها الراهنة والمستقبلية ورسمت لها مسارات تحركت وفقها , مستغلة عدم قدرتها على نقد الأداء الذي يجنبها الوقوع في هذا الفخ أو ذاك .. فربّ حركة إسلامية رسم لها مسار السير فسقطت في الهاوية و هي تدعّي أنها أنتجت النصر الرباني , و ربّ حركة ضخمت من قبل ماكنة إعلامية متربصة فأحدثت شروخا في المشهد الإجتماعي تبددت بموجبه قوى المعارضة بالكامل, ومع ذلك تدعيّ أنها أنتجت الوعد المقدس .. لقد وقعت الحركات الإسلامية في نفس الأخطاء السلطوية  التي نددت بها في بداية تأسيسها , فقد نددت بالسلطوية و الديكتاتورية فأصبح قادة الحركات الإسلامية أربابا من دون الله يديرون جماعاتهم من المهد وإلى اللحد , ونددت بسرقة المال العام فأصبح أمراء هذه الحركات و حواشيهم يتلاعبون بالمال العام المجبى من هنا وهناك بطريقة شرعية وغير شرعية , بالزكاة أو بالخمس لا فرق , ونددت هذه الحركات بالجهل المطبق الذي يميز الحاكم العربي , ونفذت مبدأ توظيف وتوزيع المناصب على الحمقى و الجهلاء على قاعدة الإخلاص أولا , لأن الثقافة تجلب المحن والبلاء .. فما هو الفرق بين حركة فتح وحماس , و ما هو الفرق بين إمبراطورية الراحل ياسر عرفات المالية , وإمبراطورية حماس المالية، فحركة فتح عندما تلتقي مسؤولين غربيين يعتبر ذلك عمالة وخيانة , وعندما يلتقي قادة حماس مسؤولين غربيين يعد ذلك نضالا ومقاومة .. وقتل حركة فتح لعناصر من حماس يعد كفرا, و قتل حماس لعناصر إسلامية متشددة في غزة يعتبر فتحا مبينا و نصرا من الله العزيز الجبّار .. لقد كانت الحركات الإسلامية تعيب على الحاكم العربي إقدامه على حب الدنيا و إرساله لأولاده لإكمال دراستهم في الغرب , و معظم قادة الحركات الإسلامية يتجنبون الذهاب إلى جبهات الجهاد , ويوفدون أولادهم إلى الغرب لإكمال الدراسات العليا , فيما الراغبون في الجنة من أبناء المستضعفين فليسعوا إلى ملاقاة الحور .. وتعيب الحركات الإسلامية على النظم الوضعية تأسيسها لأجهزة أمنية قوية , و هي تملك أجهزة أمنية تحصي حتى على الأتباع أنفساهم وتراقب حتى دخولهم إلى المراحيض … لكن هل يكفي قرن هذه الحركات عنوانها السياسي بالإسلام , ليصبح كل شيئ لها مباحا, و لتصبح معصومة بعيدة عن الجرح و النقد والتعديل ؟ لقد أدى تضخم هذه الحركات وانتفاخها إلى تساهلها مع المعصية السياسية والذنب الإجتماعي، وأصابها بعناد فتاك زاد في تعقيد المنتظم السياسي و الإجتماعي. وما دامت غير راغبة في مراجعة الذات ونقد الأداء السياسي و تحديث المشرب الفكري فسوف تزداد تضخما ثمّ تنفجر تلقائيا لتكون وبالا على الإسلام و عبئا على الحضارة الإسلامية , و تضاف إلى القائمة الطويلة للحركات الإسلامية التي ظهرت منذ عصر الفرق و  إلى يومنا هذا … (*) كاتب وإعلامي جزائري مقيم بالسويد (المصدر: « الحوار.نت » (ألمانيا – محجوب في تونس) بتاريخ 28 جانفي 2010)  


إساءة فهم تركيا العدالة والتنمية


بشير موسى نافع (*) في 11 يناير الحالي، استدعى نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني يعلون، السفير التركي في الدولة العبرية، أحمد أوغوز جيليكو، للقائه في مكتب الأول بالكنيست الإسرائيلي، العلاقات بين البلدين ليست على ما يرام، على الأقل منذ مغادرة رئيس الوزراء التركي، الطيب رجب أردوغان، ندوة في دافوس قبل أكثر من عام، احتجاجاً على حديث للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، ويبدو أن حلقة لمسلسل تلفزيوني تركي شهير، تبثه محطة مستقلة، تناولت بشاعة السلوك الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، قد أثارت أوساط الحكم الإسرائيلي ودفعت يعلون إلى استدعاء السفير التركي وتوجيه الاحتجاج على العمل الدرامي، ولكن يعلون كان يخطط لما هو أكثر من الاحتجاج؛ كان يخطط في الحقيقة لتوجيه إهانة صريحة للسفير التركي ودولته، عمل يعلون على أن تعقد الجلسة في مكتب رتبت مقاعده بحيث يجلس السفير التركي على مقعد أقل ارتفاعاً من مقعد المسؤول الإسرائيلي ومساعده، وعلى أن يبرز العلم الإسرائيلي في المشهد، من دون أن يكون هناك علم تركي؛ كما حرص على أن تبلغ طواقم الإعلام بأن تظهر صور اللقاء الترتيبات المهينة للسفير. مثل هذا التصرف الذي قام به نائب الوزير الإسرائيلي ينم عن سلوك عصابات وليس عن سلوك دول، ولا حتى في حالة التعبير عن الاحتجاج الدبلوماسي الشديد. هذا، فوق أن الدولة التركية ليست مسؤولة عن محطة تلفازية مستقلة، ولا عن عمل درامي، أعده ونفذه كتاب وفنانون أتراك مستقلون، والأهم، أن البرنامج التركي يعكس بالتأكيد جانباً من السلوك الإسرائيلي المعروف على نطاق واسع ضد المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين. أثار تصرف نائب الوزير الإسرائيلي ردود فعل واسعة النطاق في تركيا، وداخل كل الأوساط السياسية، إضافة إلى استهجان واستغراب عالميين، وسرعان ما وجه الرئيس التركي إنذاراً للحكومة الإسرائيلية بالاعتذار الرسمي خلال فترة محددة، أو أن يسحب السفير التركي. للحظة، بدا أن حكومة نتنياهو عاجزة عن فهم ما يحدث، ولكنها في النهاية تقدمت إلى أنقره بالاعتذار، خلال أيام، كان وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، يصل العاصمة التركية في زيارة خطط لها مسبقاً، استهدفت أصلاً محاولة تنقية العلاقات المتوترة بين الدولتين. سعى باراك إلى أن تشمل زيارته لقاء برئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية التركيين، ولكن كليهما اعتذر عن اللقاء، واقتصرت الزيارة بالتالي على اجتماع بين باراك ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو. في 22 يناير، أصدرت المحكمة الدستورية التركية قرارها في قضية شغلت الرأي العام التركي منذ شهور. ففي يونيو الماضي أقر البرلمان التركي مشروع قانون تقدمت به حكومة أردوغان، يتضمن محاكمة العسكريين أمام محاكم مدنية في القضايا التي تتعلق بالأمن القومي وانتهاك الدستور. جاء القانون بعد أن تسارعت عجلة التحقيقات فيما يعرف في تركيا بملف « إرغنكون »، التنظيم السري المفترض، الذي اكتشف اختراقه للدوائر العسكرية والمدنية، وارتكاب أعضائه جرائم قتل واغتيال، والتخطيط لانقلابات ضد الحكومة المنتخبة. كان القانون نقلة كبيرة ونوعية في تاريخ التطور الديمقراطي في تركيا، واعتبر مؤشراً حاسماً على بداية النهاية لنفوذ الجيش في الحياة السياسية. خلال الشهور القليلة الماضية، لم يقدم ضباط سابقون وعاملون لمحاكم مدنية وحسب، بل ودخل المحققون المدنيون ما يعرف بغرفة « قدس الأقداس » في مقر قيادة الأركان، حيث يحتفظ الجيش بأكثر الوثائق والخطط سرية وحساسية. ولكن القانون وجد معارضة منذ لحظة صدوره، سواء في أوساط الجيش أو أوساط الأحزاب السياسية المعارضة لحكومة العدالة والتنمية؛ وقدم بالفعل طلب للمحكمة الدستورية العليا بالنظر في دستورية القانون. وقد جاء قرار المحكمة ليؤكد عدم دستورية القانون. لا يجب التقليل من أهمية قرار المحكمة الدستورية العليا، من جهة ما يمثله من انتكاسة لمسيرة الديمقراطية التركية. ليس ثمة شك في أن أغلب قضاة المحكمة الدستورية العليا جاء من خلفيات جمهورية تقليدية ومن ثقافة أتاتوركية؛ ولكن الدافع الرئيس خلف قرارهم الإجماعي هو طبيعة الدستور التركي الحالي وليس الانحياز الأعمى للمؤسسة العسكرية. نظر القضاة إلى قانون يونيو من وجهة نظر دستورية بحتة؛ والدستور الحالي وضعه النظام العسكري، نظام ما بعد انقلاب 1980. وما لم يتم تعديل الدستور في شكل جوهري، أو وضع دستور مدني جديد، فستظل المسيرة الديمقراطية تراوح بين تقدم وتعثر. ولكن معظم ردود الفعل والتعليقات التي تناولت قرار المحكمة الدستورية لم تنظر إلى المسألة من هذه الزاوية؛ ما رأته كان ما عكسه القرار من هزيمة لجهود حكومة العدالة والتنمية لدمقرطة البلاد، والتهديد الذي يحمله القرار لمستقبل الحكومة واستقرار الحياة السياسية التركية؛ بل إن البعض تصور أن القرار ليس أقل من مقدمة لانقلاب عسكري جديد. ما الذي يجمع إذن بين هاتين القضيتين: الدبلوماسية الفجة للدولة العبرية، وأصداء قرار المحكمة الدستورية العليا بإلغاء قانون محاكمة العسكريين أمام المحاكم المدنية؟ الذي يجمع بين القضيتين هو سوء فهم وتقدير تركيا الجديدة، تركيا حكومة العدالة والتنمية. طوال عقود اعتاد القادة الإسرائيليون أن تكون علاقاتهم بالدولة المسلمة الكبرى في المشرق مسألة لا تخرج عن العلاقة مع نخبة تركية صغيرة. طالما كان أركان هذه النخبة راضين عن طبيعة العلاقة مع الدولة العبرية، فالأمور بين تل أبيب وأنقره بخير. لم يكن للشعب التركي، الذي تربطه بفلسطين والقدس روابط الدين والتاريخ والثقافة، من دور يذكر في مجريات هذه العلاقة. قادت النخبة المدنية تركيا نحو الغرب، سياسة وثقافة واقتصاداً وتحالفاً؛ وما إن أصبحت تركياً عضواً في حلف الأطلسي، حتى أصبحت النخبة العسكرية شريكاً عضوياً في هذه العلاقة. وبينما رأى سياسيون أتراك العلاقة مع الدولة العبرية جزءاً لا يتجزأ من مركب العلاقة مع المعسكر الغربي، ورآها آخرون من زاوية المصالح التجارية والمالية الشخصية، كان جنرالات القمة العسكرية يجدون في العلاقة أمراً طبيعياً، ينضوي في شبكة الارتباط الوثيق والمكرس بحلف الناتو وقواه الرئيسة. وهنا، بالتأكيد، يقع سوء الفهم. لا قادة الدولة العبرية، ولا من يبشر بانقلاب عسكري وشيك في أنقره، يدركون حجم التغيير الذي شهدته تركيا في السنوات الثمانية الماضية، ولا حجم المسافة التي قطعتها على طريق التغيير. ما جاءت به حكومة العدالة والتنمية ليس توكيد المسار الديمقراطي وحسب، بل والتأسيس لصلة وثيقة بين سياسات الحكم وإرادة الشعب التركي. لم تعد الحكومة التركية منتدى لنخبة صغيرة؛ ولا هي أسيرة تليفونات آخر الليل من كولونيلات الجيش الذين أعطوا أنفسهم حقاً مقدساً في حراسة الجمهورية من غفلة الشعب. هذه الحكومة هي أداة أصوات الناخبين الذين أوصلوها إلى سدة الحكم، وتجل لرغباتهم وقناعاتهم. إن كان للإسرائيليين أن يحافظوا على ما تبقى من علاقاتهم مع تركيا فعليهم أن يدركوا حجم المتغيرات التي مرت بها خلال العقد الماضي، وأن يعتادوا التعامل مع مواقف أنقره من زاوية تعبيرها عن رؤية الشعب التركي للدولة العبرية وسياساتها. وهو تغيير قد يتعثر هنا أو هناك، بقرار قضائي أو آخر، ولكن تركيا لا تبدو في وارد العودة إلى عهد الانقلابات أو التحكمات الخفية بالحكومات المنتخبة. (*) باحث عربي في التاريخ الحديث (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 28 جانفي 2010)  


تفاصيل مثيرة عن خطة «المطرقة» الانقلابية في تركيا: اعتقال 200 ألف معارض.. وإلغاء التأثيرات العربية


محمد نور الدين لن يختلف اثنان في تركيا على أن كشف خطة «المطرقة» للإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية في العام 2003 قد وجّه ضربة ثقيلة جدا لسمعة المؤسسة العسكرية. وهي تضاف إلى خطط عديدة كشفت سابقا وأحرجت المؤسسة العسكرية وفئات كبيرة من المتعاونين معها من قطاعات مختلفة، أبرزها قضية منظمة «ارغينيكون». ولعل كشف صحيفة «طرف» لوثائق خطة «المطرقة» بالكلمة والصوت قد اسقط بيد العسكر الذين اعترفوا بوجودها، لكنهم اعتبروها مجرد جزء من «لعبة حرب». غير أن الصحيفة مضت في إحراج العسكر وأنصار الإطاحة بسلطة حزب العدالة والتنمية، بكشف تفاصيل إضافية من الخطة التي كانت تلحظ على سبيل المثال تغيير عشرات المحافظين واستبدالهم بمحافظين موالين للجيش، وإعداد ملعبين كبيرين في اسطنبول لاستقبال أكثر من 200 ألف معتقل يحتمل أن يعارضوا الانقلاب. كما نشرت الصحيفة القائمة الكاملة بأسماء الصحافيين الذين يؤيدون الانقلاب ومن يعارضه. وتتساءل الصحيفة: «أية لعبة حرب هذه؟». لقد بلغ التوتر درجة أجبرت رئيس الحكومة اردوغان على القول إن عناوين الصحف التي تهاجمه الآن لم تختلف عن عناوين الصحف التي كانت تهاجم عدنان مندريس في العام 1960 وانتهت إلى الانقلاب عليه وإعدامه. يتمنى الكثير من أنصار «حزب الشعب الجمهوري» العاجز عن الوصول إلى السلطة بمفرده من العام 1950، وكل من يتحرك في الذهنية نفسها، نهاية لأردوغان شبيهة بنهاية مندريس، لكن «العدالة والتنمية» يحتمي بالشعب الذي منحه 47 في المئة في الانتخابات النيابية الأخيرة، وبالدعم الشعبي لإصلاحاته وسياساته التي وضعت تركيا على الخريطة السياسية في المنطقة والعالم، وجعلت اقتصادها السابع عشر في العالم مع تقدم بخطوات عملاقة. ولم يجد دعاة الإطاحة بحزب العدالة والتنمية سوى عنوان وهمي، وهو أن اردوغان يؤسس لفاشية مدنية ولحكم الحزب الواحد. لكن إذا كانت الانتخابات ديموقراطية وشفافة وتعددية، وإذا كان الحزب يأتي بأصوات الناس ويكررون دعمهم له فكيف تكون هذه فاشية مدنية؟ وإذا كان الحزب يقوم بإصلاحات وفقا لشروط الاتحاد الأوروبي، الذي يزعم العلمانيون انه هدفهم، فكيف تكون فاشية مدنية؟. إنها «لعبة حرب» تكذبها الوثائق التي ظهر أنها مخبأة في «غرفة نوم» رئاسة الأركان، أي غرفة عمليات الطوارئ للقوات الخاصة في أنقرة التي داهمتها الشرطة قبل اقل من شهر، في حين تم إتلاف كل ما هو متعلق بالخطة خارج تلك الغرفة وفي الكومبيوترات المختلفة. 175 صفحة، وتسجيلات صوتية بالكامل، من الندوة المغلقة التي نظمها الجيش بين 5 و7 آذار العام 2003 في الثكنة السليمية، بقيادة قائد الجيش الأول حينها تشيتين دوغان، وثّقت لخطة الانقلاب التي غلّفت بأنها «لعبة حرب». «لعبة حرب» كانت تحدد وظيفتها بأنها «إقصاء حكومة العدالة والتنمية عن السلطة واستخدام القوة لمنع الرجعية الإسلامية من إعادة بناء ذاتها، وإعادة تأسيس سلطة الدولة العلمانية». وتفصل الخطة أهدافها أكثر وهي «تعليق الديموقراطية ولو بالقوة، واتخاذ كل التدابير الضرورية حتى لا يبقى فرد واحد من الرجعيين، وحتى لا يرفع احد رأسه بعد ذلك». وتتابع «يجب استخدام كل القوى المادية والمعنوية، وفي مقدمها إمكانات القوات المسلحة والقوى الرسمية وغير الرسمية بهدف تصفية سلطة حزب العدالة والتنمية وتعطيل القوى المتعاونة معها». وتسرد الخطة أسماء القضاة الذين يمكن استخدامهم في المحاكم، والقضاة الذين يجب إبعادهم. كذلك تشير إلى 112 دبلوماسيا يمكن التعاون معهم، والى تصفية بعض العناصر العسكرية التي يمكن أن تعارض الخطة، وكذلك إقصاء 23 من أصل المحافظين الـ81 عن مناصبهم وتحديد أسماء البدلاء مكانهم. وتأتي قائمة الصحافيين المتعاونين مع الخطة وغير المتعاونين لتفجر الساحة الإعلامية. قائمة من 137 صحافيا مؤيدين للانقلاب، على رأسهم رئيس تحرير صحيفة «حرييت» ارطغرل اوزكوك، وفكرت بيلا وقدري غورسيل في «ميللييت»، وفاتح تشيكيرغه وأوكتاي اكشي في «حرييت»، ومراد يتكين في «راديكال»، ومصطفى بالباي في «جمهورييت» (الان معتقل بسبب قضية «ارغينيكون»)، والوزير السابق ممتاز سويسال والصحافي روشين تشاكير وسادات ارغين وسونير يالتشين والإعلامي البارز اوغور دوندار وياشار نوري اوزتورك. اما قائمة الصحافيين الذين سيتم اعتقالهم فشملت أسماء 36 صحافيا، منهم فهمي قورو وعلي بيرم اوغلو وجنكيز تشاندار واحمد التان واحمد طاش غيتيرين ونازلي ايليجاق ومصطفى قره علي اوغلو والكاتب الارمني الذي اغتيل لاحقا هرانت دينك واتيان محجوبيان واكرم دومانلي وعبد الرحمن ديليباك وحسن جلال غوزيل. وتواصل الوثائق عرض كيفية تفجير جامعي «بايزيد» و«محمد الفاتح»، وإسقاط طائرة يونانية في اشتباك جوي مع اليونان أو من قبل طائرات تركية أخرى. والأمر الملفت، أن الخطة تلحظ بدء عملياتها بالتزامن بعد تفجيرات في المدن يقوم بها حزب العمال الكردستاني وتنظيم القاعدة. علما أن القاعدة أعلنت مسؤولياتها عن تفجيرات اسطنبول الشهيرة بعد ذلك بسبعة أشهر، ما يشير إلى علاقة الجيش التركي بعمليات القاعدة حينها كما ذكرت «طرف». وتحسبت الخطة بعد ذلك بالقول إن المعتقلين قد لا تسعهم المخافر والسجون والثكنات، لذا لا بد من إيجاد أمكنة اكبر. وحددت بالاسم «ستاد» فريق فنار باهتشه في قاضي كوي في اسطنبول وملعب برهان فيليك واستراحة نيتاش في عمرانية في اسطنبول، على أساس أن عدد المعتقلين قد يتجاوز المئتي ألف معتقل في اسطنبول و21 الفا في ازميت (شرقي بحر مرمرة) و12 الفا في اضه بازاري، أي ما مجموعه ربع مليون شخص من «الرجعيين». وتتحسب الخطة كذلك لاندلاع اضطرابات في المناطق الكردية جنوب شرق تركيا فتدعو لاعتماد النموذج الإسرائيلي للمواجهة في سرعة التحرك والتشدد والحسم. ودعت الخطة إلى فرض رقابة على قوات الشرطة لمنعها من استخدام الأسلحة الجديدة الموجودة لديها. وسيكون أول المعتقلين حوالي 150 من كبار الموظفين بعضهم وردت الإشارة إلى صفته بأنه يلبس خاتما من الفضة. ومن الصفات التي وصفت بها الخطة الموظفين المتنوعين كما يلي: «منتم إلى حزب الشعب الجمهوري ويمكن الوثوق فيه»، و«خريج إمام خطيب لا يمكن الوثوق به»، و«ضعيف أمام المال والنساء يمكن استخدامه حتى النهاية»، و«من أصل ابخازي ومع انه قريب إلى اليسار العلماني لكنه يستخدم أحيانا مصطلحات دينية فلا يمكن الوثوق فيه»، و«من الطريقة النورية زوجته محجبة وترتدي التشادور وأنهى الماستر في الولايات المتحدة، مشترك في صحيفة «زمان»، ولا يمكن الوثوق فيه». ومن بين الداعمين للانقلاب 112 سفيرا في الخارجية تم توصيفهم مع سفراء آخرين معارضين على الشكل التالي: «منتسب إلى المحفل الماسوني وعلاقاته واسعة»، و«والده طيار لا مشكلة معه»، و«كان في إسرائيل ومتعاونا من قبل ويمكن التعاون معه»، و«مرتبط بجمعيات ماسونية وله صلات وثيقة معنا»، و«قريب من حزب العدالة والتنمية ولا تعاون معه»، و«هو شقيق فلان ولا يمكن التعاون معه». وبعد ذكر كيفية تشكيل الحكومة والسلطة المقبلة تقول الخطة انه يجب العودة إلى الميراث الاتاتوركي والتركي بتصفية ما بقي من تأثيرات عربية وكردية في الثقافة التركية ومن ذلك إعادة رفع الأذان باللغة التركية. ويذكر موقّع الخطة الجنرال دوغان إن مركز العمليات لن يكون أنقرة بل اسطنبول، وستكون بلديتها مركز قيادة العمليات. نعم إنها «لعبة حرب»، لكن عدوها حقيقي اسمه حزب العدالة والتنمية. لعبة لم تعد تنطلي على احد في تركيا المتقدمة على طريق الديموقراطية والحريات. ولا غرو بعد كل هذا أن تخرج شركة استطلاع تركية مهمة هي شركة «عادل غير» باستطلاع رأي، قبل الكشف عن خطة «المطرقة»، يظهر أن الثقة بالمؤسسة العسكرية، التي كانت على الدوام لا تقل عن 90 في المئة، قد انخفضت للمرة الأولى في تاريخها الى63 في المئة. (المصدر: « السفير » (يومية – بيروت) بتاريخ 28 جانفي 2010)  

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.