الأربعاء، 27 ديسمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2410 du 27.12.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بلاغ

عبد الباقي خليفة: إلى المرابطين خلف القضبان إلى المعتقلين في السجن الكبير يا أعياد وطني

الصباح : احتكار خدمات الهاتف والأنترنات

الخليج: رفع الحواجز الجمركية بين ليبيا وتونس

صلاح الدين الجورشي: إسلاميون ويساريون: من العداوة إلى العمل المشترك؟

عبدالباقي خليفة: راشد الغنوشي العلاقة بين الشمال والجنوب كموج البحر يفيض هنا وهناك

د. أحمد القديدى: الاسلام بين الدين والدولة

سامي نصر: ملف خاص بالانتخابات البحرينيّة

د.خالد شوكات:  تحريم الإسلام تأسيس حزب إسلامي!

مرسل الكسيبي: أمريكا والدمقرطة والاسلاميون موضوعات قلق أكاديمي

الصباح : تراجع ملفت للرغبة في الزواج لدى الشباب التونسي وضعف المشاركة في الحياة السياسية والمجتمع

القدس العربي : الفلكي التونسي الذي تنبأ بوفاة ديانا… يتوقع اغتيال وموت 7 من الزعماء العرب

محمد فوراتي : طالبوا بنبذ الخلافات المذهبية … مفكرون وسياسيون عرب يحددون سبل تجاوز الأمة لمأزقها

محمد كريشان: إيران و الجرم المشهود في العراق

صالح السنوسي: حصان الغرب وعربة الديمقراطية العربية

فهمي هويدي: أمة يتيمة على موائد اللئام

الرأي الأردنية: «المجتمع المدني والتحول الديمقراطي فـي الوطن العربي» للحبيب الجنحاني

إسلام أون لاين: سؤال فرنسي.. من أين جاء « الجهاديون »؟!

الحياة: هاني دمق أصغر قائد فرقة موسيقية في تونس …القدماء سادة الطرب الراقي

الحياة:«مدمن» كومبيوتر في العشرينات … فضّل اللعب على العلم

إسلام أون لاين: « السيد » حسن نصر الله لم يعد كما كان في المغرب!

القدس العربي : الهجوم علي مقر الشرطة في البصرة يكشف عن انتهاكات السجون في الجنوب وعند الاكراد


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 


أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف /الفاكس:71354984 Email: aispptunisie@yahoo.fr
27/12/2006
بلاغ
·        قررت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي طارق ابراهم المنعقدة اليوم الأربعاء 27 ديسمبر 2006 تأجيل النظر في القضية عدد 11434 و ذلك في انتظار جلب المتهم السيد خالد العيوني الذي أحيل على الدائرة في حالة فرار في حين أعلن محاميه أنه محال من أجل نفس الأفعال في قضية أخرى  وأنه يوجد الآن في سجن المرناقية.

·        أعلمتنا السيدة سارة الأزغب زوجة السيد خالد العيوني الموقوف على ذمة الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس لمقاضاته من أجل تهم منسوبة إليه طبقا لمقتضيات القانون عدد 75 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 لدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب و المعتقل الآن بسجن المرناقية أنها تعرضت لمحاولة اعتداء من طرف مجهولين حاولوا خلع باب منزلها بالقوة يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 2006 على الساعة الخامسة مساء و عند مخاطبتهم من وراء الباب زعموا أنهم من الشرطة و يطلبون منها فتح باب المنزل لكنها استرابت في أمرهم فلم تفتح لهم الباب خوفا من أن يقع الاعتداء عليها و لم تصدقهم لأن الطرق كان قويا جدا و لأن المعتدين حاولوا خلع الباب بركله بالأرجل متفوهين بالكلام البذيء وبسب الجلالة و قد كانت وحيدة بمنزلها مع طفليها عبد الله ( 3 سنوات و نصف ) و عبد الرحمان ( سنة و نصف ) اللذين وقع ترويعهما.

·        علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن السجين السياسي السابق السيد أحمد البوعزيزي الذي وقع إطلاق سراحه في 30 نوفمبر 2006 نتيجة لإصابته بالسرطان في الأمعاء الغليظة قد أجريت عليه عملية جراحية يوم 20 ديسمبر 2006  و قد أعلمت عائلته بأنه سيقع إخراجه من مستشفى صالح عزيز لأمراض السرطان خلال هذا اليوم 27 ديسمبر 2006 لقضاء فترة النقاهة بمنزله في انتظار خضوعه لحصص العلاج الكيمياوي حسبما وقع إبلاغ عائلته بذلك من طرف الأطباء المباشرين له فإن سرطان الأمعاء قد انتشر في الأجزاء المحيطة به و أصاب جزءا من الكبد.  و قد سبق للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن طالبت بمنحه جواز سفر حتى يتمكن من السفر إلى الخارج لتلقي المزيد من العلاج خاصة و أنه مصاب بأمراض السكري و المعدة و النقص الحاد في النظر.

·        أعلمنا السيد عبد المجيد بوحجيلة أن ابنه السجين السياسي السيد عبد اللطيف بوحجيلة الذي يقضي حكما بالسجن منذ 1998 و المعتقل حاليا بسجن المرناقية يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام الذي شنه في 4 نوفمبر 2006 للمطالبة بإطلاق سراحه.

·        تعرض السجين السياسي السابق السيد تاج عزيزي الذي قضى بمختلف السجون التونسية فترة تزيد عن العشر سنوات نتيجة لمقاضاته من أجل الانتماء إلى حركة النهضة إلى مضايقات من طرف البوليس السياسي تتمثل في اعتقاله يوم 18 ديسمبر 2006 على الساعة الخامسة مساء بسبب مخالفته لمقتضيات المراقبة الإدارية المفروضة عليه و وقع نقله من سيدي بوزيد إلى مناطق الأمن بكل من ولاية صفاقس و سوسة و بوشوشة ثم إلى مركز أريانة و لم يطلق سراحه إلا يوم 21 ديسمبر 2006 و قد بقيت عائلته طيلة هذه الأيام في حيرة لا تعلم شيئا عن مصيره إذ لم تمكنه إدارة الأمن في جميع المكاتب التي وقع نقله إليها من الاتصال بعائلته.  

رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري


إلى المرابطين خلف القضبان إلى المعتقلين في السجن الكبير يا أعياد وطني

عبد الباقي خليفة
كان علينا نحن الذين نعيش في الخارج ، حتى و إن حرمنا من العودة للوطن ، أن نخفض رؤسنا ، ونقلل من المواعظ ، بل نتجنبها ، عندما نتحدث مع الاسود الرابطة في داخل الوطن من أمثالكم . وبالتالي فإن تحية أو تهنئة من وراء الحدود لا تساوي يد ممدودة عبر النت أو السر الالهي في تلاقي الارواح في أدنى الليل أو ثلثه ، من داخل أرض الرباط . أنتم اليد العليا التي تعلو ولا يعلى عليها . اليد الأقوى حتى وإن بدت للنظر السطحي غير ذلك . أنتم الهاجس الاكبر ، للديكتاتورية والخوف الاكبر والعذابات الكبرى لها . تشعركم بالبعد عن أسركم ، ولكنكم تشعرونهم بالبعد عن الوطن والشعب ، وإن حكموه وخانوه وباعوه اقتصادا وثقافة وتاريخا . يعذبونكم في الزنازين والمعتقلات والسجون ، ولكن ذلك لم يشعرهم بالاطمئنان والراحة ، بل بالعذاب والهوان والضعف ، فالذي يلجأ لتلك الاساليب ضعيف الحجة عديم الشرعية ،وهو يدرك ذلك . أصيب البعض من الاخوة بأمراض مزمنة بسبب الاجراءات القمعية ، لكن سجانيكم أصيبوا بأضعافها حتى ساكن قصر قرطاج لم يسلم من ذلك . كم هو بائن عدل الله في أرضه ، مع فارق الأجر لكم والوزر لهم . سنلتقي يوما بإذن الله سواء على أرض الخضراء ، أم على أرض عرضها السموات والأرض . و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير والخير في الصمود والتضحية ورجاء الرحمن أخوكم المحب / عبد الباقي خليفة  

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 27 ديسمبر 2006)


احتكار خدمات الهاتف والأنترنات

يكتبه: كمال بن يونس زرت هذا الاسبوع مجددا مؤسسة توزيع خدمات الانترنات أتعامل معها منذ سنوات.. منذ كان «الانترنات» بدعة.. أو «اكتشافا غريبا».. إلى درجة أن البعض كان يتهكم على المدمنين الجدد عليه.. أشفقت مرارا على هذه المؤسسة وزميلاتها.. عند مروري كل 3 أشهر لتسديد فاتورة الاشتراك.. ففي كل مرة أجد مهندسين شبانا من الجنسين من موظفي الشركة يحاولون تهدئة خواطر الزبائن الغاضبين.. والذين يتعدى غضب بعضهم أحيانا حدود المعقول.. لأنهم صبروا طويلا.. وللصبر حدود.. نفذ صبر البعض لأن خدمات الانترنات لا تزال ردئية في حالات كثيرة.. ضعف السعة.. تقطع.. صعوبة الاتصال ببعض مواقع الواب.. منها «الياهو» والبريد الالكتروني.. وتكون حدة الجدل أكبر لما يتعلق الامر بزبائن سافروا شرقا وغربا.. وأتيحت لهم فرصة المقارنة بين خدمات الانترنات «عندهم وعندنا».. بما في ذلك بعض البلدان العربية التي كانت ولا تزال متخلفة عن تونس في مجالات كثيرة.. لماذا يحصل هذا؟ من هو المسؤول عن رداءة الخدمات؟ هل هي اتصالات تونس التي لا تزال تحتكر خدمات الهاتف الارضي (الهاتف القار)؟؟ أم الوكالة التونسية للانترنيت المشرف الوحيد على القطاع؟ أم التجهيزات التابعة لمزودي الانترنات التي لم تواكب الاقبال المتزايد على الاشتراك في الانترنات وخدمات السعة العالية مثل ADSL والـ«ويفي» أم إدارات أخرى؟ أستسمح القراء الكرام.. لأبرىء كل المؤسسات التي نعرفها والتي نعرفها.. ففي كل منها «رجال» و«نساء» يعملون ليلا نهارا من أجل «سعادة» التونسي والتونسية.. يكثّر خيرهم.. وبارك الله فيهم.. لكن من «المتهم» إذن؟ بصراحة إنه احتكار احدى الشركات لخدمات قطاع معين.. سواء كانت اتصالات تونس.. أو الوكالة التونسية للانترنات.. أو غيرها.. لقد لاحظ الجميع تحسنا نسبيا في خدمات الهاتف الجوال منذ فتح باب المنافسة مع شركة خاصة.. وهي قابلة لأن تتحسن أكثر لو فتح الباب أمام مزيد من المنافسة.. وما يقال عن مشاكل التونسيين مع الهاتف القار ومع السعة العالية للانترنات يشمل خدمات شركات النقل البري والحديدي والطيران الداخلي والخارجي.. فلا تحسن دون منافسة.. ولا تقدم مع احتكار أي مؤسسة عمومية أو خاصة لقطاع معين.. مجرد وجهة نظر.. لكن علينا أن نتذكر أننا على أبواب سنة 2008.. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 27 ديسمبر 2006)

رفع الحواجز الجمركية بين ليبيا وتونس

شهدت العلاقات الليبية التونسية أمس تطورا جديدا بعدما تمكن البلدان من رفع قيمة تبادلهما التجاري إلى أكثر من مليار دولار سنويا . وخطت الدولتان خطوة متقدمة بالاتفاق على مبدأ تداول عملتي البلدين ووضع الضوابط وإبرام الاتفاق الخاص بالتنفيذ قبل منتصف شهر يناير/ كانون الثاني المقبل . وبموازاة ذلك اتفق البلدان على إزالة الحواجز والعراقيل الجمركية وغير الجمركية التي تحد من حرية انسياب السلع المتبادلة في الاتجاهين . وأقرت اللجنة العليا المشتركة التي يترأسها رئيسا الوزراء في البلدين خلال اجتماعها في طرابلس على مدى يومين اعتماد تطبيق مبدأ المعاملة الوطنية على أساس شهادة المنشأ الصادرة عن الغرف التجارية وشهادة المطابقة للمواصفات الصادرة عن المراكز المعتمدة في كلا البلدين . وبهذا القرار الذي يبدأ سريانه اعتبارا من بداية شهر يناير/ كانون الثاني المقبل يضمن للجانبين انتقال السلع بينهما كانتقالها داخل البلد الواحد طبقا لأحكام اتفاق منطقة التبادل الحر المبرمة بينهما . وخلال هذا الاجتماع وافقت ليبيا على المساهمة في مشروع إنشاء مصفاة تكرير النفط في مدينة الصخيرة التونسية بمشاركة طرف ثالث وإنجاز أنبوب لنقل النفط من مصادر النفط الخام بليبيا إلى تلك المصفاة . وقد تطور حجم الاستثمار الليبي في تونس بما جعلها تحتل المرتبة الرابعة في قائمة المستثمرين العرب في أراضيها . ووفقا لمصادر اقتصادية ليبية فإن عدد المؤسسات الليبية في تونس وصلت إلى 39 من بينها 31 تعمل في القطاع الصناعي وخمس في السياحة وثلاث في الخدمات. وفي مقابل ذلك تعمل 27 مؤسسة تونسية في ليبيا في قطاعات الصناعات والخدمات إلى جانب مساهمة 16 مؤسسة تونسية في مشاريع ليبية. إلى ذلك أكدت اللجنة العليا الليبية التونسية على دراسة إمكان إنشاء شركة مشتركة لإقامة وإدارة منطقتي أنشطة اقتصادية وصناعية في مدينتي تونس وطرابلس تخصص لإقامة شركات إنتاجية وخدمية.   

                    (يو.بي.أي) (المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 27 ديسمبر 2006 نقلا عن وكالة يونايتد برس إنترناشيونال يو بي أي UPI)


 

المشهد السياسي في تونس:

إسلاميون ويساريون: من العداوة إلى العمل المشترك؟

بقلم صلاح الدين الجورشي (*)

 

عندما ظهرت الحركات الإسلامية في المنطقة لم تصطدم فقط بأنظمة الحكم التي تريد بطبيعتها البقاء في السلطة، ولكن وجدت نفسها أيضا في صراع مفتوح مع قطاعات واسعة من النخب الحديثة إلى جانب مختلف تيارات المعارضة.

ففي مصر وبقية دول المشرق إضافة إلى ليبيا، اندلع صراع دموي بين الإسلاميين والقوميين كنتيجة للصدام التاريخي الذي حصل بين عبد الناصر والإخوان المسلمين، ثم بينهم وبين حزب البعث بشقيه العراقي والسوري.

أما في المغرب العربي، فبالإضافة إلى الاشتباكات المتجددة بين الإسلاميين والتحديثيين الذين يقع اتهامهم عادة بالتغريب أو العمالة للغرب، حدثت منذ السبعينات معارك أيديولوجية وسياسية طاحنة بين الحركات الإسلامية المغاربية وبين اليسار الماركسي بمختلف فصائله وتياراته.

معارك اتخذت طابعا عقائديا، حيث رأى اليسار في صعود الإسلاميين « قوة رجعية خلقتها الإمبريالية والأنظمة التابعة لها من أجل مواجهة القوى التقدمية والثورية في العالم العربي ». في حين اعتقد الإسلاميون بأن اليسار الماركسي يشكل « العدو الأساسي الذي يهدد الإسلام والأخلاق نظرا لطابعه الإلحادي وقدرته على الاختراق والتعبئة« .

 

تونس مثالا

لم تكن تونس استثناء، حيث تبادل الإسلاميون واليساريون منذ البداية الرفض والإقصاء وحتى العنف، خاصة في ساحات الجامعات والنقابات وفي وسائل الإعلام. وقد ترسخت بسبب ذلك العداوة بينهما، رغم التقارب والحوار المحدود الذي حصل في أواسط الثمانينات بين حركة الاتجاه الإسلامي (النهضة حاليا ) والحزب الشيوعي قبل أن يحل نفسه.

وعندما قررت السلطة في مطلع التسعينات اجتثاث الحركة الإسلامية وتجفيف منابعها، لم تتردد معظم أجنحة اليسار في دعم سياسات النظام والوقوف إلى جانبه من اجل التخلص من عدو مشترك. لكن الإسلاميين يخطئون عندما يعتقدون بأن جميع اليساريين أيدوا موجة القمع التي أصابتهم، وينسون أن البعض – شخصيات وتنظيمات – قد وقفت ضد التيار الذي انخرط فيه كثيرون.

لا شك في أن السلطة قد استفادت كثيرا من الخلافات الأيديولوجية والسياسية القائمة بين الطرفين، وعملت على عزل حركة النهضة باعتبارها  » تشكل تهديدا للنمط المجتمعي الذي يؤمن به جميع التونسيين مهما كانت خلافاتهم السياسية « .

كما اعتبر النظام منذ مطلع التسعينات الاقتراب من حركة النهضة أو محاولة بناء علاقات سياسية معها بمثابة « الخط الأحمر » الذي يجب أن يقف دونه كل الفرقاء السياسيون، وأن من يفعل خلاف ذلك يصبح متهما بالخروج عن « الإجماع الوطني« .

 

محاولات لكسر العزلة

في المقابل ذلك عملت قيادة حركة النهضة ولا تزال على كسر العزلة وفك الحصار حولها من خلال محاولات إبداء الرغبة في التحالف أو التنسيق السياسي مع أي طرف من أطراف المعارضة حتى لا يبقى الصراع ثنائيا بينها وبين السلطة.

 

وتندرج في هذا السياق سلسلة التقاطعات السياسية التي جمعتها في أواسط التسعينات مع وزيرين سابقين هما السيدان أحمد بن صالح الذي كان يقود حزبا معارضا ( حركة الوحدة الشعبية ) ومحمد المزالي عندما كان يقيم اضطراريا بالمهجر.

كما حصل تحالف مؤقت بين راشد الغنوشي ومحمد مواعدة الذي كان أول من قرر تجاوز الخط الأحمر بتوقيعه بيان مشترك مع رئيس حركة النهضة. وهو البيان الذي كلفه كثيرا، وأثار ضد غضب السلطة واحتجاج المعارضة. لكن كل تلك المحاولات التي قامت بها حركة النهضة لم تصمد طويلا، ولم ترتق إلى مستوى التحالف الفعلي والمؤثر على موازين القوى.

مع نهاية التسعينات من القرن العشرين، انطلق نقاش داخل صفوف المعارضة التونسية حول طبيعة العلاقة مع الإسلاميين عموما، وحركة النهضة خصوصا. لقد استنكر بعض اليساريين الراديكاليين تشريك رموز من حركة النهضة في أي نقاش سياسي يتعلق بمستقبل تونس، وطرحوا سؤالا استنكاريا: هل يجوز أن تتحالف الحركة الديمقراطية مع الحركة الإسلامية »المعادية بطبعها للديمقراطية والمؤمنة بإقامة دولة دينية » ؟

 

مواقف إيديولوجية

الذين قطعوا مع التراث الماركسي أو الذين لم تربطهم به صلة مرجعية، لم يجدوا صعوبة في تجاوز الإشكال، أو أنهم تعاملوا معه بطريقة مختلفة. لكن معظم اليساريين حافظوا على موقفهم العدائي من الإسلاميين، واستبعدوا إمكانية أن يجمع بينهم برنامج سياسي مرحلي أو مطالب مشتركة.

ويذهب السيد الطاهر بلحسين صاحب « قناة الحوار » التونسية المعارضة التي تبث من روما، إلى حد القول بأنه حتى لو تطورت « الحركة الإخوانية التونسية باتجاه التطور التركي ( يقصد نموذج حزب العدالة والتنمية ) فإنها تبقى دائما حركة رجعية. وبالتالي لا يمكنني تصور إمكانية تحالف معها« .

هذا الموقف الراديكالي من الإسلاميين لا يشاطره كل الذين يعتبرون أنفسهم جزء من اليسار. فالعديد من مؤسسي « التجمع الاشتراكي التقدمي » ( الحزب الديمقراطي التقدمي حاليا ) رفضوا مبدأ القطع مع الإسلاميين منذ الثمانينات انطلاقا من مصادرات أيديولوجية.

وقد سبق ذلك أن عملت بعض الشخصيات ذات الأصول اليسارية على فتح أبواب عضوية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للإسلاميين بما في ذلك تولي بعضهم المسئولية في قيادتها، اعتقادا منهم بأن ذلك جزء من الرهان على إدماجهم في الحياة السياسية والمجتمع المدني.

 

نشاطات مشتركة

هذه المرة حدثت المفاجئة من فصيل يساري متجذر، لا يزال متمسكا بالرصيد النظري والسياسي للماركسية، ويتمتع بحضور نسبي في صفوف الحركة الطلابية والنقابات والجمعيات هو « حزب العمال الشيوعي التونسي« .

فبعد أن كانت قيادة هذا الحزب تناصب العداء لحركة النهضة، قررت أن تشارك معها في تنظيم إضراب عن الطعام من أجل ثلاث مطالب من بينها إطلاق سراح المساجين السياسيين ( حاليا جميعهم من الإسلاميين )، واحترام حق التنظيم الذي يعني أيضا تمتيع عدد من التنظيمات السياسية من الحصول على الترخيص القانوني بما في ذلك حركة النهضة التي سنت السلطة قانون أحزاب خصيصا لمنعها من التشكل والنشاط.

وحتى يبرر حزب العمال موقفه من هذا التنسيق أعد مرافعة نظرية اعتبر فيها أن التحالفات السياسية لا تقوم على وحدة المنظور العقائدي أو الأيديولوجي، وإنما ترتكز على طبيعة البرامج السياسية ومواقف الأطراف من السلطة والقضايا المطروحة، أو ما يسميه ب  » التناقض الرئيسي الذي يشق المجتمع في المرحلة الراهنة« .

لم يكتف « حزب العمال » بالتمييز بين الأيديولوجي والسياسي، أو بين الاستراتيجي والمرحلي، وإنما طور موقفه إلى مستوى أكثر حساسية وعمقا. فالناطق الرسمي باسم الحزب السيد  » حمة الهمامي  » اعتبر بأن موقف الفصيل الذي يقوده من الحركات الإسلامية يتأسس في ضوء مواقف هذه الأخيرة من  » قضايا شعوبها ومن المسائل الدولية.

 

اليسار والإسلام

« فحيثما كانت تقف مواقف إيجابية من الاستبداد أو من الامبريالية والصهيونية فإننا نساندها ونتعامل معها « .

وعندما سئل  » كيف يمكن لحزب ماركسي لينيني التوفيق بين البيئة الثقافية العربية الإسلامية وبين الأفكار التي الأفكار التي يحملها  » أجاب بأن  » الشعب التونسي مسلم في معظمه  » وأن حزبه  » يدافع عن هوية التونسيين « ، لكنه يميز بين ثلاث مستويات في تعامله مع الإسلام. مستوى العقيدة  » وهي تندرج في باب الحرية الشخصية « ، ومستوى الشريعة التي يعتبرها  » نتاجا تاريخيا وضعه الفقهاء « ، وأخيرا مستوى الحضارة والثقافة وهما يتسمان بالتنوع والاختلاف فيهما ما هو رجعي وما هو تقدمي« .

هذا يعني أن الموقف السياسي من الإسلاميين قد أدى عمليا إلى بلورة موقف أكثر شمولا يتعلق بفهم الإسلام وكيفية التعامل معه. ولا شك في أن ذلك يعتبر في حد ذاته تطورا ملحوظا في رؤية فصيل ماركسي يصنف عادة ضمن خانة أقصى اليسار.

إن تاريخ النشاط الحزبي في تونس لم يعرف تنسيقا بين حزبين أو أكثر قد تمكن من الصمود طويلا. فالتفتت ومحاولة الانفراد بالقرار والتحرك سمة ملازمة للمشهد السياسي التونسي. فهل يمكن أن تشكل مبادرة 18 أكتوبر حالة استثنائية، وتتغلب على العوائق وينجح أصحابها في اكتساب تقاليد العمل والعيش المشترك؟

يصعب استباق الأحداث والحكم على المحاولة بالفشل أو النجاح، لكن من المؤكد أن المبادرة استمرت 14 شهرا رغم الهجوم الذي تعرضت إليه من قبل السلطة، والحصار الذي ضرب على أعضائها، إلى جانب ضعف النتائج. وإذا كان الطرف اليساري المشارك في المبادرة قد غلب البرغماتية على الأيديولوجيا فإن قادة حركة النهضة في الداخل قد أبدوا مرونة واسعة، وتعهدوا بأن يعملوا جاهدين حتى لا تفشل المحاولة.

في هذا السياق تواصلت لقاءات المنتدى الفكري الذي أنشأته الأطراف المؤسسة للمبادرة، من أجل التوصل إلى صياغة نوع من « ميثاق شرف ». وخصص اللقاء الأخير للحوار حول الموقف من قضايا المرأة.

ونظرا لكون الإسلاميين قد أثاروا مخاوف النساء والشرائح الحديثة في المجتمع التونسي منذ ظهورهم في السبعينات وصعودهم في الثمانينات، أعلن ممثلو حركة النهضة التزامهم بعدم المساس بالمكاسب التي تضمنتها مجلة الأحوال الشخصية مع « رفضهم لكل محاولة إضفاء القداسة عليها« .

وينتظر أن يستمر النقاش في لقاءات قادمة حول مسألتين خلافيتين لا تقلان أهمية عن موضوع المرأة، وطالما تسببتا في تغذية الخلاف بين الإسلاميين والعلمانيين في العالم العربي، هما « النظام السياسي المنشود » و « حرية المعتقد ». السلطة ومن يشاطرونها الرأي يعتبرون أن ما يجري « التقاء غير طبيعي بين الأضداد »، أما آخرون فيعتقدون بأن هذا التقارب بين إسلاميين ويساريين إذا ما صمد فإن نتائجه السياسية والفكرية قد تتجاوز بكثير أفق المرحلة الحالية.

 

(*) كاتب وصحفي تونسي

(المصدر: موقع قنطرة الألماني بتاريخ 27 ديسمبر 2006)

http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-486/i.html


 

راشد الغنوشي العلاقة بين الشمال والجنوب كموج البحر يفيض هنا وهناك (*)

عبدالباقي خليفة

 

وصف المفكر الاسلامي راشد الغنوشي العلاقة بين الشمال والجنوب بأنها تشبه موج البحر يفيض هنا وهناك .وأشار الغنوشي في ندوة فكرية عقدت في سراييفو، أن من نتائج ذلك الفيضان نحو الشمال فتح الاندلس وبناء إمارات اسلامية في جنوب ايطاليا ، أما في اتجاه الجنوب فقد مثل سقوط الاندلس وإبادة المسلمين في جنوب ايطاليا ، ثم احتلال الدول الاسلامية بعد ذلك عملية إبادة كبرى ، حيث قتل نحو 4 ملايين مسلم في الاندلس .

 

وأشار إلى أن المسلمين الذين دخوا أوربا فاتحين لم يتعرضوا لعقائد الناس ولم يجبروهم على اعتناق الاسلام ، عكس ما حدث عندما سقط الحكم الاسلامي في الاندلس ، وتقهقر المسلمون في جنوب ايطاليا ، حيث أجبروا على دخول النصرانية والذين رفضوا تمت إبادتهم. وتطرق لوضع المسلمين في شمال إفريقيا بعد سقوط الاندلس ، واحتلال الاسبان لتونس حيث قتلوا ثلث السكان و حولوا جامع الزيتونة غلى مربك لخيولهم  » شمال افريقيا كاد أن يتنصر بالقوة لولا العثمانيين ، فقد يسر الله قوة اسلامية تمثلت في الاتراك الذين حرروا تونس ، بقيادة سنان باشا ، ولذلك يكن أهل شمال افريقيا ولاءا عظيما للعثمانيين  » وتابع  » لولا الاتراك و القائد سنان باشا لكنت اليوم نصرانيا ،ولذلك لما زرت تركيا  توجهت لقبر سنان باشا وانتابني شعور غامر في حضرته  » و تحدث الغنوشي عن اصول البربر فقال إنهم من الجزيرة العربية ، و لكن الاوروبيين يحاولون الايهام بأنهم من اصول أوروبية لهضمهم ، وكان البربر يعتصمون بالجبال ،عندما كانت الحملات العسكرية الاوروبية ولا سيما الرومان لا توقف في شمال افريقيا . « لكنهم دخلوا في الاسلام عندما وجدوا أنه يحقق انسانيتهم ، وكانوا من أنصاره البررة حيث حملوا لواءه لاوربا و لا سيما الاندلس » و ابرز الغنوشي الدور الثقافي الذي اضطلعت به جامعة عقبة بن نافع و المراكز الاسلامية الكبرى في شمال افريقيا في ترسيخ الهوية الاسلامية لشعوبه من العرب و البربر و غيرهم فبرز من القيروان ، الامام سحنون ، و أبي زيد القيرواني و ابن الجزار ،و غيرهم .

 

وعقد الغنوشي مقارنة بين الاوضاع في ذلك الوقت حيث كان المرء يسافر دون عراقيل جمركية أو حدود و بين الاوضاع الحالية  » من الاندلس إلى بيت المقدس كان المرء يتحرك بدون عراقيل كالحدود الحالية التي صنعها الاحتلال فقد كان الاسلام هو جنسية المسلم في دار الاسلام و حقق المسلمون بذلك مستوى من الانفتاح يتجاوز ما عليه الامر داخل الاتحاد الاوروبي اليوم  » وضرب مثالا بابن خلدون ، الذي ولد في تونس ، و تخرج من جامع الزيتونة ، و عمل موظفا في الجزائر ثم المغرب ثم عمل رئيسا للوزراء في الاندلس ، ثم أحس سنة 1405 بأن وقت الرحيل قد أزف فترك كل الوظائف وعكف في قلعة بن حماد بالجزائر ليكتب المقدمة ثم ذهب لمصر ليتولى منصب قاضي القضاة ، كما عمل سفيرا بالشام ، و اليوم لا يمكن لالماني أن يتولى منصبا وزاريا في فرنسا أو فرنسيا منصبا في بريطانيا لكن قد يكون ذلك في المستقبل و لكن هذا حصل في التاريخ الاسلامي قبل أكثر من 600 عام  » و أكد الغنوشي على أن  » الاسلام أهم مقوم لهوية المنطقة المغاربية ، رغم الصراع القائم بين التعريب و التغريب و محاولة بعض الجهات الدولية الزحف لابتلاع المنطقة  » وأوضح بأن غزو نابليون للمنطقة في القرن الثامن عشر وكفة صراع المصالح تميل باتجاه بالغرب ، ولم يكن انتصار العلمانية توقف لتلك الاطماع  » فقد كان أول ثمار الثورة الفرنسية غزو الجزائر في سنة 1831 ثم تونس 1881 ثم المغرب 1912 كما غزت ايطاليا ليبيا و غزت اشبانيا شمال المغرب و موريتانيا  » وأشار إلى أن  » حركات التحرر الوطني انطلقت حركة الاجياء الاسلامي التي مثلها جمال الدين الافغاني و محمد عبدة و رشيد رضا ، فقد بعثت الحركة روحا جديدة في الامة فشيخ الحركة الوطنية التونسية عبد العزيز الثعالبي من تلاميذ الشيخ محمد عبدة ، كما نشأت في الجزائر جمعية العلماء بقيادة الشيخ عبد الحميد بن باديس ، وعلى تلك الاسس الثقافية نشأت الثورة الجزائرية سنة 1954 و تم طرد الفرنسيين من الجزائر سنة 1962 وكان هناك أكثر من 700 ألف جندي فرنسي ، ومن سنة 1931 و حتى 1962 قتل مليوني جزائري  » وتطرق لحركة التحرر في المغرب بقيادة علال الفاسي ، ولكن الذين استلموا الحكم بعد الاحتلال المباشر لم يكونوا من أوقدوا نار الجهاد ضده و إنما عملاءه الذين « كان الكثير منهم في صراع مع الاسلام و هذا ما يفسر لنا الصراع بين الحركة الاسلامية والانظمة الحاكمة رغم أن دساتير تلك البلدان التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية تؤكد على أن العربية لغتها والاسلام دينها  » وأكد على أن « الصراع في المنطقة العربية ليس بين الاسلام والكفر وإنما بين الديكتاتورية والحرية  » كما أن « العلمانية في الغرب ارتبطت بالحرية ورفع سيطرة الدولة بينما ارتبطت العلمانية في العالم العربي بالديكتاتورية وفرض نفسها كدين بديل عن الاسلام أو مزاحم له  » كما انتقد راشد الغنوشي بعض التجارب الاسلامية ، وقال إنها لم تقدم بشرى للمسلمين ، مؤكدا على أن الحركات الاسلامية كالاخوان المسلمين والنهضة في تونس و العدالة و التنمية في تركيا و المغرب والاحزاب الاسلامية في الجزائر و الاردن و يمكنها أن تقدم البشرى الحقيقية لمجتمع مدني متطور يستنشق الحرية و حق الاختلاف و التعددية بدون (طابوهات ) أو خطوط حمراء  » .

 

وأوضح الغنوشي بأن الشعوب تريد الاستقلال الحقيقي ، و لا تريد أن تستبدل محتلا فرنسيا بمحتل محلي و إنما تريد حكما يحترم هوية الشعب و خصوية الفرد و حريته وحقه في الاختيار ،وقال إن تاريخ ما يسمى بالاستقلال هو تاريخ القمع و المحاكمات ،و بالتالي لم يكن هناك تغيير ، فكما كان المحتل يسجن معارضيه تفعل العلمانية الحاكمة بالحديد و النار منذ الاستقلال المغشوش و إلى اليوم . » ففي الديمقراطيات يتم التداول على السلطة أما في الديكتاتوريات فيتم التداول على السجن فكلما قامت معارضة قوية واجهتها الديكتاتورية بأحكام بالسجن لعشرات السنين  » ووصف بعض الانظمة القائمة بأنها  » أنظمة متخلفة و ديكتاتورية فاعترافها ببعض الاحزاب شكلي و هو من لوازم الديكور فالانتخابات ليست انتخابات و لا توجد صحافة حرة والتعذيب سائد على أوسع نطاق  » .

 

ووصف الطغم الحاكمة بأنها  » طغم متغربة واصلت ما بدأته فرنسا التي حاولت القضاء على التعليم الزيتوني الذي حاول أهله تطويره من داخله ثم غضافة علوم الفيزياء و الكيماء داخل المعاهد و لكنها فرنسا حاولت جعل الزيتونة مجرد متحف لتاريخ المعرفة الدينية فحسب وذلك لابعاد الاسلام عن الحياة اليومية للافراد  » لكن فرنسا كما أكد الشيخ راشد لم تستطع القضاء على التعليم الديني ولكنها أنشأت نظاما موازيا و أنشأت جيلا جديدا سلمته السلطة رغم أن عدد طلاب المعاهد الفرنسية لم يكن يزد عن 4500 طالب بينما طلبة الزيتونة كانوا 27 الفا ،و اثناء الاحتلال و بعده تم تهميش خريجي الزيتونة  » وعاد الغنوشي للحديث عن العلمانية في الغرب و ما يمثلها من أنظمة مستبدة في البلاد العربية « العلمانية في الغرب قامت بتحرير العقل وتحرير الشعوب وارساء الديمقراطية أما العلمانية في البلاد العربية فهي كنيسة ، عملت وتعمل على سلخ الشعوب من هويتها الاسلامية وواجب الحركة الاسلامية هو تحرير الامة من سلطة الكنيسة هذه  » .

 

وذكر الغنوشي بأن النخب العلمانية عندنا تحولت إلى نوع من المافيا تمارس القرصنة و السمسرة بأقوات الشعوب و تشتغل موارد الدولة ابشع استغلال لتواصل الحكم ، وهم قوم كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا قلوبهم لا تخفق بحب الله ورسوله وإنما بمصلحة الغرب  » . 

 

(*) تم كتابة هذا التقرير بناءا على ما تم تسجيله بالقلم وليس نقلا عن حديث مسجل وبالتالي فإن ما ورد في النص يتحمل ناقله المسئولية عنه وليس الشيخ راشد بالضرورة.

(2) هذا جزء يسير من محاضرة طويلة للشيخ راشد

 

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 27 ديسمبر 2006)


الاسلام بين الدين والدولة

 

د. أحمد القديدى يعج العالم الاسلامي هذه السنوات الأخيرة بالجدل حول منزلة الاسلام في تحديد مصير الأمة، وهو جدل قائم تفرضه الأحداث الجسام التي يتعرض لها المسلم في مطلع القرن الحادي والعشرين، وتحديدا من خلال الأزمات القاسية في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان والشيشان،ما بين سنة وشيعة وما بين حماس وفتح وما بين مسلمين وعنصريين وما بين مواطنين أحرار ومحتلين أشرار. كما أن الاشكالية مطروحة بصورة أقل عنفا في المجتمعات العربية الباحثة عن توازنها ما بين التمسك بالجذور والانطلاق نحو التقدم والاندماج في العصر. ومنذ معارك الاستقلال وفي مراحل تأسيس الدولة الحديثة، اصطدم التياران الأبرز في العالم العربي وهما تيار التأصيليين وتيار التحديثيين، فكانت الصدمات بينهما تختلف من بلاد الى أخرى حسب التركيبة الطائفية والتقاليد الثقافية والقرب أو البعد عن الغرب تاريخا وجغرافيا. ففي مصر وسوريا وبلدان المغرب العربي، حدثت انشقاقات خطيرة بين هؤلاء وأولئك، أدت الى أزمات مختلفة الأبعاد والتداعيات لكنها موحدة الأسباب ومتشابهة المنطلقات. فالاخوان المسلمون في مصرمنذ 1928 كانوا طرفا فاعلا في مقاومة الاستعمار كما كان الوفديون والقوميون والأقباط كذلك، لكن استقلال مصر حتى قبل ثورة 23 يوليو 52، طرح على المجتمع المصري اشكالية الحداثة والدولة العصرية، فكان لابد من الصدام منذ اغتيال النقراشي باشا ثم حسن البنا، ذلك الصدام الذي استمر بأعنف ما كان عليه مع الدولة الناصرية للانتهاء بحادثة المنشية وبتصفية التنظيم وليس بتصفية القضية، في غياب الحوار الضروري واستبداد التطرف على الضفتين. وفي سوريا، عاش الشاميون نفس السيناريو ببعض الخصوصيات، الى أن حسم الرئيس حافظ الأسد مسلسل العنف والعنف المضاد بعملية حماه، لكن الاشكالية ظلت قائمة في مفاصل المجتمع السوري، مع اذكائها المتعاقب من قبل العدوان الاسرائيلي بما يخدم مصالح القوى العالمية والاقليمية. وفي المجتمعات المغاربية الثلاثة: المغرب والجزائر وتونس وبشكل مختلف في ليبيا وموريتانيا، نقرأ العلاقات بين أنصار الاسلام السياسي ونخبة الدولة الحديثة على ضوء اختلاف جذري في المشروعين، ساهم المحيط الاستراتيجي الاقليمي والأوروبي تحديدا في تحويله الى خلاف مستعر وأحيانا دموي كما حدث في الجزائر. في المملكة المغربية ولأسباب تتعلق بطبيعة العرش والمجتمع والمخزن، حصل شبه وفاق لم تتخلله سوى بعض التشنجات الأخيرة بين التيارين، مع بروز ظاهرة الارهاب الاجرامي في حادثة الدار البيضاء. لكن العرش حافظ على خط متوازن أوكل فيه للنخبة التحديثية مسؤولية ادارة السياسة والاقتصاد، وأوكل للنخبة الدينية تأطير التربية والتعليم وصيانة التراث، مع توظيف التيارين لمصلحة استقرار المملكة بلا صدام وبلا تجاوزات على مدى عهد العاهل الحسن الثاني، مما ترك لابنه الملك محمد السادس ميراثا أيسر وأوضح وأقل حدة. وفي الجزائر، انفجر عام 1989 مناخ السلام المدني الهش المفروض بتقلص جبهة التحرير التي حكمت البلاد منذ 1962 وحصد الاسلاميون السياسيون خيبات الشعب المريرة من عقود الكبت والصوت الواحد وانعدام الحوار، التي كانت ترافقها عمليات تأصيلية ممنهجة تقودها الدولة ذاتها تحت شعار الرجوع للعروبة والاسلام بمشاركة الشيخين محمد الغزالي ويوسف القرضاوي، فكان الصدام مبرمجا في جينات التجربة الجزائرية لا مناص منه، والحمد لله أن انقشعت الفتنة بفضل حكمة رجل نزيه هو الرئيس عبد العزيز بو تفليقة. وفي تونس، عايشت كسياسي مخضرم نشأة التيار الاسلامي الفقهي بمبادرة من بورقيبة نفسه، حين تحمس لتأسيس جمعية المحافظة على القرآن الكريم في أواخر الستينيات لضرب التيار الشيوعي الذي توسع في الأوساط الطلابية والنقابية. وكان بورقيبة الليبرالي يرى في الماركسية نقيضا خطيرا للخيارات التونسية التي انحازت دائما للغرب ولزعامة الولايات المتحدة. لكن الشباب الذي تخرج من الزيتونة أو تجول في المشرق العربي خرج من عباءة التيار الفقهي لينخرط في الخطاب السياسي ثم في العمل المباشر انطلاقا من المساجد والكليات والشوارع. وأفاق الزعيم بورقيبة على خطر محدق بجميع ما اعتبره مكاسب سياسية واجتماعية حققها هو وحزبه منذ الاستقلال في منأى عن القراءة السلفية للنص المقدس. وكان الخطر حقيقيا حين انفلتت الحركة الاسلامية من اطارها ومن كوادرها وانتقلت مجموعات تنسب نفسها للتيار الاسلامي الى الممارسات الاجرامية، وفوجئت أنا نفسي بوجود اسمي واسم وزير الداخلية انذاك السيد زين العابدين بن علي واسم صاحب دار الأنوار الاعلامية صلاح الدين العامري في قائمة الملاحقين من قبل بعض العصابات باعتراف واحد من المتهمين كلفوه بالبحث عن بيوتنا نحن الثلاثة، اسمه جلال الجبالي، ونص استجواب هذا المتهم في المحكمة منشور على الصحف اليومية التونسية يوم 6 يوليو 1986. وكانت اليقظة عامة على مخاطر انهيار السلام المدني والاستقرار السياسي اللذين نعمت بهما تونس منذ الاستقلال، وبفضلهما أنجزت تلك البلاد النامية والفاقدة لمصادر الطاقة أكبر المكاسب وحققت أفضل مستوى للعيش على صعيد الاقليم. وأعتقد بأنه حان الوقت للتعاطي العربي مع هذا الخلاف المعطل للتنمية بقراءة المراجعات الجريئة التي يقوم بها الاسلاميون لأساليب مشاركتهم في الحياة العامة واعلان أكثرية من نخبهم التنديد بالعنف بل وانخراطهم في مبادىء الدولة المدنية. وأذكر أني خلال نقاشات كانت لي ولزملائي الجامعيين مع الشيخ يوسف القرضاوي توصلنا الى القناعة بأن الاسلام دين وحضارة وأخلاق وثقافة وأن تقليصه الى مجرد دولة ينفي عنه صبغة القداسة والشمول ليحوله الى ساحة احتراب بين المسلمين وفتنة بين البشر. وهنا لا يسعني الا أن أشد على أيدي مثقفين أصيلين تونسيين مثل د. محمد الطالبي ود.خالد شوكات وأ. مرسل الكسيبي الذين يضيؤون ليلنا العربي بشموع جريئة في مجال التفريق بين الدين كرسالة سماوية خالدة وبين الدولة كانجاز مدني بشري. والخلط بينهما هو الانحراف العقيم الذي يقوض المجتمع ويدك أركان الحريات، ويحرم مجتمعاتنا من الأمن والأمان.

 
(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 27 ديسمبر 2006)

 


ملف خاص بالانتخابات البحرينيّة

تقرير المبعوث الخاص سامي نصر
 
شكّلت الانتخابات البلديّة والنيابيّة الأخيرة في دورتها الأولى في 25 نوفمبر والثانية في 2 ديسمبر 2006 حدثا سياسيّا واجتماعيّا تحرّكت على إثره العديد من مكوّنات المجتمع المدني البحريني، كما تحرّك الشارع البحريني بمختلف أطيافه من خلال الإقبال الجماهيري الكبير على صناديق الاقتراع الذي عاينّا جزءا منه في بعض الدوائر الانتخابيّة، إضافة لتصريحات العديد من المواطنين الذين قمنا باستجوابهم. فبالرجوع لنمط الحكم الملكي، وهيمنة الديوان الملكي ورئيس الوزراء واحتكارهم لكل المؤسسات الاجتماعية وإقصاء بقية مكوّنات المجتمع في أخذ القرارات المصيريّة للبلد، أصبح للانتخابات البرلمانيّة مكانة متميّزة إذ يكاد يكون مجلس النوّاب المتنفّس الوحيد المتاح للمواطن البحريني لكي يشارك عبر ممثليه في جزء من هذه القرارات. علاوة عن ذلك فإنّ القانون البحريني يمنح لمجلس النواب صلاحية سحب الثقة من أي وزارة من الوزارات، وبالتالي في صورة انسجام أعضائه يمكن أن يشكّل قوّة ضغط على السلطة الحاكمة، وآليّة من آليات التغيير السلمي والديمقراطي… لأجل كل ذلك راهنت أغلب القوى السياسيّة على أفراد الشعب لكي يتسنى لها دخول هذا المجلس والمساهمة في التغيير. وفي المقابل، حاولت السلطة الحاكمة عبر العديد من الآليات إقحام نفسها سوى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ضمن اللعبة الانتخابيّة.

الخارطة السياسيّة والإعلاميّة للبحرين:

بالنسبة للخارطة السياسيّة ما تجدر ملاحظته هو أنّ القانون البحريني لا يسمح بوجود أحزاب سياسيّة، وما يسمح به هو وجود جمعيات سياسيّة والتي تلعب تقريبا نفس دور الأحزاب السياسيّة مع بعض الاختلافات المتعلّقة بسقف المطالب التي يمكن أن تهدف إليها (فلا يمكن للجمعيات السياسيّة أن تهدف إلى تغيير نظام الحكم)، كما لا يوجد بالبحرين حزب حاكم مقابل أحزاب معارضة كما هو الحال بالنسبة للعديد من البلدان العربيّة. فعلى أعلى هرم البناء السياسي نجد العائلة الحاكمة، ثم يليها الديوان الملكي ورئيس الوزراء، ثم بعد ذلك نجد المؤسسات الاجتماعيّة والتي تكون تحت تصرّف السلطة، ثم الجمعيات السياسيّة والتي نظريّا تكون مستقلّة كلّيا عن السلطة الحاكمة. ويطغى على هذه الجمعيات الطابع الطائفي، ويمكن تصنيفها حسب درجة ولائها إلى سبعة أصناف: الصنف أوّل، نجد الشيعة التابعة للسلطة مثل جمعية الرابطة الإسلامية الصنف الثاني، نجد الشيعة المعارضة للسلطة مثل جمعة الوفاق الوطني الإسلامي و جمعية العمل الإسلامية الصنف الثالث، نجد السنّة التابعة للسلطة مثل جمعية الوسط العربي الإسلامي الديمقراطي و جمعية المنبر الوطني الإسلامي (إخوان) وجمعية الآصال الإسلامية (سلفيّين) و جمعية الشورى الإسلامية الصنف الرابع، نجد السنة المعارضة مثل جمعية العمل الإسلامية (أمل) الصنف الخامس، نجد خليطا من السنة والشيعة مثل جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي و جمعية العمل الوطني الديمقراطي الصنف السادس، نجد القوميين مثل جمعية التجمع القومي الديمقراطي الصنف السابع، نجد الليبراليين والديمقراطيين مثل جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) و جمعية ميثاق العمل الوطني. أمّا بالنسبة للمناخ الإعلامي فإنّنا لاحظنا أنّ الصحف تكاد تكون أبرز الوسائل الإعلاميّة فعالية وتأثير على المجتمع البحريني حسب تصريح كل من السيد منصور الجمري (رئيس تحرير صحيفة الوسط) والسيد إبراهيم بشمي (رئيس مجلس إدارة ورئيس هيئة التحرير بصحيفة الوقت). كما تميّز الإعلام البحريني بغياب ما يسمى بالصحف الحزبيّة والصحف الحكوميّة، حيث لا نجد على الساحة الإعلاميّة سوى الصحف الخاصة، والتي عادة ما تكون على ملك شركات المساهمة، وترتبط إدارتها وتوجهها بمن يملك أعلى نسبة من تلك الأسهم مثل صحيفة « الوطن » والتي تديرها بمجموعة البندر، وصحيفة « أخبار الخليج » وعلاقتها برئيس الوزراء وصحيفة « الوقت » وعلاقتها ببعض أعضاء الديوان الملكي وصحيفة « الأيام » وعلاقتها بأحد مستشاري الملك… هذا ما جعل أغلبيّة الصحف تميل بعضها للحكومة والبعض الآخر للطوائف الدينيّة أو الحزبيّة.

موقف الشارع البحريني من الفوز الساحق لجمعيّة الوفاق (جمعيّة الوفاق الوطني الإسلامي)

ارتبطت احتفالات الشارع البحريني وموقف من فوز الوفاق في الانتخابات النيابيّة الأخيرة بالعديد من المتغيّرات والرهانات الشعبيّة، والتي نذكر منها: أوّلا، التركيبة السكانيّة والديموغرافيّة الحاليّة للبحرين، حيث تمثل الشيعة الأغلبيّة الساحقة للمجتمع، وهذا ما يجعل فوزها وتأييدها أمرا طبيعيّا. ثانيا، سياسة التهميش التي تمارسها السلطة الحاكمة تجاه الشيعة، إذ ليس من حق المواطن الشيعي التمتّع بحق الوظائف الحكوميّة المتميّزة مهما كانت درجة كفاءته العلميّة وخبرته، فمثلا على مستوى الأمن تلتجأ الحكومة إلى توظيف اليمنيين والأردنيين والسوريين عوض عن توظيف المواطنين البحرينيين. كما أنّ التوظيف في قطاع الخدمات والتي تديرها الشركات الخاصة لا يحض بالعمل فيها سوى الآسيويين نظرا لقبولهم بالأجور المنخفضة. لأجل ذلك شكّل فوز الوفاق (الشيعة) نوعا من الانتصار للفئات المهمشّة والمقصية من عالم الشغل والتوظيف. ثالثا، أزمة السكن وشراء العقارات، فبعد أن دخل السعوديين والكويتيين عالم العقارات أصبح المواطن البحريني غير قادر على شراء العقارات وبناء المنازل، وهذه الأزمة غير مقتصرة على الشيعة بل تشمل كل المواطنين… لذلك شكّلت جمعيّة الوفاق منقذا اجتماعيّا، خاصة وأن الوفاق في برنامجه الانتخابي ركّز على هذه النقطة بالذات. رابعا، التاريخ النضالي والكاريزمي لقياديي الوفاق ولاسيما رئيسها علي سلمان الذي ظل لمدة طويلة في المهجر ومحروم من العودة لبلاده. خامسا، الضجة الإعلاميّة التي أحدثها تقرير البندر الذي وقع نشره وتوزيعه أثناء بداية الحملة الانتخابيّة، حيث كشف هذا التقرير تورّط الحكومة والموالين لها في تغيير البنية السكّانيّة للمجتمع البحريني لتصبح الشيعة أقليّة…

دور الهواتف الجوّالة في الحملات الانتخابيّة:

خلافا لما ذهب إليه كل من السيد منصور الجمري والسيد إبراهيم بشمي وغيرهم من أن الصحف هي الأكثر فاعليّة وتأثير في الحملات الانتخابيّة، صرّح لنا السيد عبد الله جناحي مدير الحملة الانتخابيّة لمنيرة فخرو وإبراهيم شريف عن جمعيّة العمل الوطني الديمقراطي (وعد) بأن  » كانت هناك معركة شرسة في توزيع الإشاعات على المرشحين عبر الإرساليات القصيرة الـsms وهي الأكثر فعاليّة في هذه الحملة الانتخابيّ » إذ تمكّن بعض المرشحين من إيصال يوميّا عشرات الرسائل القصيرة للناخبين بعد أن تحصلوا بطريقة أو بأخرى عن كشوف الناخبين وأرقام هواتفهم الجوّالة. وهذه الإرساليات منها ما وظّف من أجل التعبئة الانتخابية والدعاية ومنها ما وظّف من أجل نشر الإشاعات كما حدث ذلك مع الدكتورة منيرة فخرو، ويقول السيد عبد الله جناحي « فمن بين الإشاعات التي وقع توزيعها على المرشحة منيرة فخرو هي أنّها، شيوعيّة، تشرب الخمر، برجوازيّة وثريّة، متحالفة مع الشيعة، تسبّ الخلفاء الراشدين وهذا كذب ومغالطة، فالتصريح الذي أدلت به الدكتورة لأحد القنوات التلفزية عندما سئلت عن موقفها من الحديث النبوي الذي يقول « ما فلح قوم ولّوا أمرهم امرأة » قالت بأنّ هذا الحديث رواه أبو بكرة وهو حديث ضعيف واستشهدت بدارسة لفاطمة المرنيصي فوقع الخلط بين أبو بكرة وأبو بكر الصدّيق وهذه الإشاعات روّجها أيضا أئمة المساجد والمشايخ ». ولإحباط معنويات أنصارها ومؤيّديها وقع إرسال صبيحة يوم الانتخابات (25 نوفمبر2006) رسالة قصيرة تحمل إمضاء منيرة فخرو تقول أنها قرّرت سحب ترشحها بسبب حالتها الصحيّة، وفي المقابل قام مدير حملتها الانتخابيّة بالرد على هذه الرسالة للرفع من معنوياتهم.

الانتخابات البحرينيّة بين النزاهة والتزوير

حاولت السلطة البحرينيّة سوى عبر تصريحات اللجنة العليا للانتخابات أو عبر الصحف الموالية أو عبر الجمعيات السياسيّة التي تدور في فلكها وتربطهما مصالح مشتركة إلى التأكيد على نزاهة الانتخابات الأخيرة مستشهدين ببعض التصريحات الرسميّة والغير الرسميّة من بعض الجهات الحقوقيّة. وفي المقابل أكّدت لنا العديد من المقابلات التي قمنا بها مع الجهات التي لها علاقة بالعمليّة الانتخابيّة مثل مديري الحملات الانتخابيّة وبعض الجمعيات التي حرمت من حقّها في الحضور الإعلامي بسبب مواقفها عكس ذلك تماما، حيث وصفوها بالمهزلة الانتخابيّة، والتي تتضح على الأقل في ست نقاط أساسيّة مرفقة بشهادات وهي: أوّلا، قضية التجنيس، فقبل موعد الانتخابات بقليل منحت الحكومة للعديد من الأجانب حق التجنيس واشترطت عليهم المشاركة في الانتخابات والتصويت لجهة محدّدة. ثانيا، ترجيح الكفّة عبر ما يسمى بالمراكز العائمة، إذ شكّلت المراكز العائمة والتي لا ترتبط بدائرة انتخابيّة محدّدة وبمكان محدّد إحدى الوسائل الرئيسيّة المعتمدة في تزييف الانتخابات وترجيح كفّة الذين تريد لهم السلطة الفوز، فالمرشحة منيرة فخرو حقّقت فوزا كبيرا في دائرتها لذلك كان سقوطها عبر هذه المراكز العائمة. ثالثا، توجيه المشرفين على عمليّة الانتخابات لأصحاب الاحتياجات الخاصة مثل الشيوخ والأميّين و… حيث سجّل فريق المراقبة العديد من الخروقات في هذا الغرض، بل تقدّم البعض منهم بطعون ورفع دعوى قضائيّة في هذا الشأن. رابعا، تشريك الجيش وتوجيههم، فقد عبّر لنا العديد من مديري الحملات الانتخابيّة ولجان المراقبة أنّهم تحصلوا على شهادات تفيد أن الجنود تم تشريكهم في المناطق العائمة وطلب منهم التصويت لجهة محدّدة. خامسا، كشوف الناخبين، فعلى الرغم من مطالبة العديد من المرشحين بقائمة تشمل أسماء وعنوان وهواتف الناخبين إلاّ أن اللجنة العليا للانتخابات ظلّت تماطل إلى يوم موعد الانتخابات دون تمكينهم من ذلك في حين تمّكن البعض الآخر من المرشحين من هذه القوائم منذ بداية الحملة الانتخابيّة. سادسا، مشاركة بعض الأطفال في العمليّة الانتخابيّة، إذ تحصّلنا في هذا الغرض على شريط مسجّل لطفل لم يتجاوز السن التاسعة من العمر وهو يقوم بعمليّة التصويت رفقة والده.

(المصدر: موقع مجلة « كلمة »، العدد 48 – ديسمبر 2006)

الرابط:http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=424


تحريم الإسلام تأسيس حزب إسلامي!

 

د.خالد شوكات*
لست متأكدا ما إذا كان حسن البنا قد استفتى أحدا من علماء الشريعة المؤهلين للإفتاء على زمانه، في الحكم الشرعي لعملية تأسيس « حزب » أو « حركة » أو « جماعة » إسلامية، أي ما إذا كانت هذه العملية حلالا أم حراما من منظور شرعي خالص، وبالتالي ما إذا كانت الحركة الإسلامية أو الجماعة الإسلامية أو الحزب الإسلامي، نفسها أمرا محللا يجوز للمسلم المؤمن إتيانه، أو حراما لا بد للمسلم المؤمن من اجتنابه.
أقول بأنني لست متأكدا، لأنني لم أقرأ أو أسمع أو أطلع علي نص أو وثيقة يشير إلى حدوث هذا الاستئناس أو الاستناد، وأقر مسبقا بأن اطلاعي محدود، غير أنني أقدر أن حسن البنا – على جلالة قدره ومكانته الرمزية الكبيرة لدى ملايين الأتباع في الماضي والحاضر-، لم يكن مؤهلا للإفتاء، لأن تحصيله العلمي الشرعي لم يكن يؤهله لممارسة هذه الوظيفة، كما هو تماما شأن العشرات من مؤسسي الحركات والجماعات والأحزاب الإسلامية، التي نشأت بالموازاة مع جماعة الإخوان المسلمين الأم في مصر، أو انحدرت من ثناياها، فأشخاص من قبيل حسن الترابي أو راشد الغنوشي أو محفوظ النحناح أو عبد السلام ياسين أو عبد الإله بالكيران، أو غيرهم من قادة وزعماء حركات الإسلام السياسي، لم يكونوا يوما علماء شريعة ولا كانت لهم الكفاءة لإصدار الفتاوى.
قد يكون طرح هذا السؤال جاء متأخرا كثيرا، فحركات الإسلام السياسي أصبحت أمرا واقعا لا يمكن تجاوزه بمقال أو رأي، غير أنني أرى في طرحه أهمية قصوى، خصوصا لتلك الشرائح الشابة التي تسعى هذه الحركات إلى استقطابها، مستغلة بالدرجة الأولى عواطفها الجياشة وغيرتها البينة على هويتها الثقافية والدينية، ففي أوقات الأزمات وانسداد الآفاق قد يغفل الناس عن توجيه أسئلة ضرورية ومحددة، تبدو الأجوبة عليها وكأنها بديهية، بحيث تجعل الأسئلة بلا مبرر أو معنى.
إن أمر غفلة من هذا النوع أشبه ما يكون على سبيل المثال، برجل معروف، رئيس أو وزير أو مسؤول كبير في الدولة، هب لقضاء شأن من الشؤون الخاصة لدى مرفق من المرافق الحكومية، التي يحتاج لقضائها كأي مواطن بسيط غير معروف، فيكتشف لما يصل إلى مكتب الموظف المسؤول عن معاملته أنه نسي أن يحمل معه وثيقة تثبت هويته، ربما سهوا أو ربما تقديرا أن المعرف لا يحتاج وثيقة لتعريفه، غير أن المعاملة لن تستقيم حسب القانون إلا إذا أظهر فعلا كسائر المواطنين بطاقة هوية أو جواز سفر.
وأزعم بهذا الصدد، أن حسن البنا ربما لم تكن خطرت على باله من الأصل، فكرة السؤال عن حلية أو حرمة إنشاء جماعة، هدفها حسب رغبته ورأيه وتخطيطه الذب عن حياض الإسلام والعمل على تحكيم شريعته، لكن النوايا الحسنة أو المشاعر الطيبة أو الأهداف السامية أو المكانة الدينية المميزة، كلها لا تبيح تجاوز قاعدة التحكيم الأصلية المتواطئ عليها في الإسلام، وهي إحالة أقوال وأفعال وسلوك المؤمنين على ميزان الشرع، فكم من أعمال ارتكبت باسم محبة الله ورسوله، وباسم محبة الإسلام والغيرة عليه، ولم تكن في تنزيلها على أرض الواقع إلا جرائم وإساءات وخطايا ارتكبت بإسم الله ورسوله، وبحجة المحبة والغيرة على الدين.
و لأن القضية قد جرت على رأي غير مؤهلين للفتوى، قدروا أن تأسيس أحزاب وجماعات وحركات إسلامية، أمر جائز (حلال) في الإسلام، فإن رأيا مقابلا أومن به، قد يرى خلاف ذلك، فيقول أن تأسيس أحزاب وجماعات وحركات إسلامية، هو أمر مخالف للشرع، غير جائز (حرام) في الإسلام، بدليل ما يمكن أن يفهم من نص القرءان الكريم وسيرة الرسول محمد (ص) ومصلحة المسلمين والبشر أجمعين، باعتبار أن مصلحة الناس هي مدار الأحكام الشرعية كما تفصل القاعدة الفقهية المشهورة، وأنه « أينما ثمة مصلحة الناس فثمة شرع الله » كما قال أحد الفقهاء.
الدليل في القرءان على حرمة تأسيس الأحزاب الإسلامية، غير قطعي الدلالة، كما هو شأن أحكام شرعية كثيرة، بل كما هو شأن غالبية الأحكام الشرعية، فأغلب آيات الكتاب الكريم من غير فئة « الآيات المحكمات » قطعية الدلالة، ولهذا فقد دعا الإمام علي (رض) أصحابه إلى عدم الاحتكام مع معاوية إلى القرءان لأنه حمال أوجه، ولأنه لا ينطق ولكن تنطق به الرجال، أو تستنطقه الرجال.
و المتاح فهمه من نصوص القرءان، ذم الأحزاب الذين تكالبوا على الرسول (ص) في غزوة الخندق، وخططوا للقضاء على الإسلام. كما جاء في الكتاب الكريم أيضا  » ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدوني »، فكل عمل ينقض عرى أمة الإسلام (أمة دينية) ويحولها إلى أحزاب وحركات وجماعات وفرق وملل ونحل، إنما يخالف في سلوكه صريح القرءان، وهو عامل على شرذمة المسلمين، حتى وإن كان يزعم العمل على وحدة كلمتهم، فوحدة المسلمين مضمونة فقط إذا استمروا مسلمين فحسب. أما سيرة الرسول (ص) فتؤكد على أنه قد جاء قومه والعالمين بدين الإسلام، وأنه من دخل في دينه بمطلق إرادته حرا (« من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر » و »لكم دينكم ولي دين »)، فسيحمل صفة « مسلم » وحسبه ذلك، ومن هذا المنطلق فإن كل من عمل ويعمل على إدخال صفات جديدة وتقسيمات مبتدعة على الإسلام والمسلمين، فإنما يخالف بذلك سنة النبي، المسلم الأول والذي جاء ليجعل من أراد مسلما، و لا شيء في الدين غير ذلك.
ولقد سار الصحابة (رض) وعلماء الشريعة وفقهاؤها المعروفون على هذا المنهج القرءاني والنبوي، ونأوا بأنفسهم عن تأسيس الجماعات والأحزاب والحركات الدينية. بل إن علماء كمالك وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم، من أصحاب المذاهب الفقهية، كانوا حتى مماتهم علماء وفقهاء لا غير، مسلمين أولا وأخيرا، إنما قلدهم المقلدون وتعصب لهم المتعصبون بعد مماتهم رحمهم الله، فأنشأوا بإسمهم الملل والنحل، ليس لهم من أمر انقسامها وصراعها شيء، وعموما فإن أمر المذاهب الفقهية يظل هينا، لأن الأمر يتعلق في هذا المجال بخلافات علمية، لا عقدية تدخل الناس إلى الملة وتخرجهم منها.
وكما سبق أن أشرت في مقالات سابقة، فإن علماء الشريعة الإسلامية، مستقلون في أكثريتهم الكاثرة، ينأون بأنفسهم عن أي توظيف للدين في صراعات الدنيا، و يؤكدون في غالبيتهم على استقلاليتهم عن الأنظمة والأحزاب وسائر القوى، التي تقتضي مصالحها الصراع والمواجهة لتحقيق أهداف وغايات أرضية، خلافا لرسالة الأديان السماوية التبشيرية، التي تنظر إلى الصراع والمواجهة كدلائل ضعف إنسانية، وتسعى للارتقاء بالسلوك البشري وتزكية النفوس وتربيتها والارتقاء بها في سلم الأنوار الإلهية.
إن تقسيم الحركات والأحزاب والجماعات الإسلامية، عامة المسلمين إلى « إسلاميين » و »غير إسلاميين »، يشكل أوضح الأدلة على حرمة تأسيس هذه « الفرق » من منظور مصلحة الناس، الذي هو المعيار الثالث في آلية وضع الأحكام الشرعية، حيث ألحق هذا التقسيم أكبر الضرر بمصلحة الإسلام ومصالح المسلمين، إذ أجج الصراعات وفجر الأحقاد وأسس للطبقات وأظهر إلى الوجود من جديد « شق القلوب » و »التفتيش في الضمائر »، ولقد أضحت أمة الإسلام بعد تقسيمها إلى « إسلاميين » و »غير إسلاميين » في شقاق ألعن من ذلك المنبثق عن تقسيمها قبل ثلاثة عشر  قرنا إلى « شيعة » و »سنة ».
إن الإسلام عند الله دين فحسب، وأتباعه مسلمون فحسب، وأما جعل الإسلام دينا وسياسة فبدعة، كما هو تماما جعل المسلمين « إسلاميين » و »غير إسلاميين »، فالله لا يحتاج دولا وحكومات وجيوشا وأحزابا تدافع عنه، إنما هو كلمة لمن اكتشف سرها فليتجه حبا وسماحة إليها، كما أن الإسلام دين عبقريته تكمن في أنه أزال أي واسطة بين الناس وخالقهم، وأنه بشر بمساواة الناس أمام بارئهم باعتبارهم جميعا من خلقه، لا فرق بين أبيضهم وأسودهم، وعربهم وعجمهم، إلا بالتقوى، أي بالحب الذي يعمر القلب والتواضع الذي يمنع التعصب والتسامح الذي يجعل المسلم ينظر إلى الناس كإخوان له في الدين أو أشباه له في الخلق، لهم جميعا الحقوق نفسها.
* كاتب تونسي. 

أمريكا والدمقرطة والاسلاميون موضوعات قلق أكاديمي

 

كتبه *مرسل الكسيبي – الوسط التونسية نطرح من خلال هذه الورقة قلقا سياسيا حقيقيا يعتري دوائر صنع القرار بالادارة الأمريكية بعد أن تدحرج مشروع الشرق الأوسط الكبير أو نشر الديمقراطية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الى تولي حركات اسلامية الزحف على أكثر من برلمان عربي واسلامي ,حيث أثبتت تجارب الاقتراع مباشرة بعد الاعلان رسميا عن هذا المشروع الأمريكي حصول أكثر من حركة اسلامية على نسبة عالية من المقاعد البرلمانية ,وهو مايمكن رصده تحديدا في أقطار مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق والبحرين وتركيا.. حاولت الادارة الأمريكية على ضوء هذه النتائج المقلقة للقوى النافذة في مراكز القرار ,اعادة التفكير في سياساتها في المنطقة وفق ماترسمه مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية القريبة من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة أو من خلال المؤسسات البحثية القريبة من اللوبي المؤيد لاسرائيل . ومن ذاك المنطلق ظلت اهتمامات الأكاديميين في هذه المؤسسات مركزة على محورين رئيسين شكلا جوهر البحث ,حيث طرح السؤال عليهم في كيفية نشر الديمقراطية في العالم العربي والاسلامي من خلال هزيمة الاسلاميين انتخابيا ,بعبارة أخرى فان الولايات المتحدة أرادت من خلال هذا السؤال البحثي والمركزي الحفاظ على مصداقيتها أخلاقيا من خلال التشبث بقيمتي الديمقراطية والليبرالية ولكن في ابتعاد عن مجازفة سياسية تحمل الاسلاميين الى الحكم. ضمن هذا الاطار قام « ديفيد شكينر » من معهد واشنطن لسياسيات الشرق الأدنى-مؤسسة بحثية قريبة من اللوبي الأمريكي المؤيد لاسرائيل-,بتسليط الضوء على مجموعة من الخيارات التي تلبي المطلب الأمريكي , أي : ديمقراطية دون سيطرة سياسية وبرلمانية للاسلاميين. كيف يمكن هزم الاسلاميين ؟: بحسب الدراسة المشار اليها في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى , فان ثلاثة من الأكاديميين الذين عملوا مع ديفيد شكينر , قاموا على تقديم ثلاث استراتيجيات مختلفة من أجل تلبية هذا المطلب السياسي المذكور- ديمقراطية تهزم الاسلاميين – ,وقد تولى كل من « جاجابتاي »  , « جروجوري جوس » و « منى مكرم عبيد »  تقديم أجوبة مختلفة من أجل تحقيق هذا المطمح السياسي . وفيما يلي نحاول من خلال تلخيص لمحصلات بحث هذا الثلاثي الأكاديمي تسليط الضوء على معالم ثلاث استراتيجيات مختلفة هدفت الى التخفيف من حالة قلق فكري وسياسي أمريكي رسمي. بعد استعراض لتجربة الولايات المتحدة الأمريكية في التصدي للزحف الشيوعي الأحمر على الحياة السياسية الايطالية مابين سنة 1947 و1958 ,ومن خلال الاستفادة من هذه التجربة التي ارتكزت على تفعيل دور الجالية الايطالية المقيمة بالولايات المتحدة وتعبئة المنظمات غير الحكومية من أجل الالتفاف على النفوذ الشيوعي بايطاليا وكذلك من خلال اعادة تشكيل المؤسسات السياسية الأمريكية عبر انشاء وحدة تخطيط السياسة الخارجية ومجلس الأمن القومي ,بعد هذا الاستعراض يقوم الباحث جاجابتاي باقتراح دور فاعل للجالية العربية في الولايات المتحدة من خلال استشعارها لتعارض مصالحها مع سيطرة الاسلاميين على شؤون بلدان المنشأ التي جاؤوا منها,ومن ثمة يذهب الى رسم معالم خطة ترتكز على مجموعة من النقاط نوجزها فيما يلي : 1-ضرورة التفريق بين المسلمين والاسلاميين ,حيث أن الصراع يظل قائما بين الغرب والاسلاميين وليس عموم المسلمين وبالتالي الاسلام. 2- ضرورة دعم المسلمين وليس الاسلاميين في مشاريع خدماتية موازية تثبت كفاءتها وتفوقها وجاذبيتها في قطاع الخدمات والصحة والتعليم والمساعدة الاجتماعية ,مع الصبر على مردودية هذه المشروعات ضمن اطار زمني مريح. 3-رفع فاتورة الانخراط في التيارات الاسلامية من خلال منع المساعدات المادية الأمريكية عن أعضاء هذه الحركات كما حرمانهم من الاستفادة من برامج الهجرة والتعليم بالولايات المتحدة. أما جروجوري جوس أحد معدي ورقات دراسة معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى,فانه يرى بأن الحل يكمن حاليا في تأجيل الاستحقاق الديمقراطي بالمنطقة العربية ,حيث أن المشكل في تقديره بالنسبة لموضوع انتشار الارهاب لايكمن في غياب الديمقراطية بقدر ماأنه يكمن في وجود حركات متشددة تكفر بهذه القيمة السياسية-الديمقراطية-وتعتبرها من صنائع الغرب الدخيلة على المنطقة والاسلام ,اذ أن هذه الجماعات المتشددة لاتؤمن بمرتكزات الديمقراطية الأمريكية والتي تقوم على التسامح والتعدد كما أنها لاتعترف باسرائيل. وفي سياق لاحق فان جروجوري جوس يرى بأنه ينبغي تأجيل موضوع الانتخابات والدمقرطة في المجتمعات العربية في انتظار تحقيق شروط مجتمع ليبرالي حقيقي يوفر أجواء ديمقراطية حقيقية. منى مكرم عبيد وخيار المشاركة السياسية : أما الباحثة منى مكرم عبيد فانها في اطار اجابتها على القلق الأمريكي في موضوع نشر الديمقراطية بمنطقة الشرق الأوسط الكبير فانها ترى أن الاشكال المركزي يبرز في غياب قطب ليبرالي حقيقي يمكن أن يجلب أصوات الناخبين , اذ أنها تعرج في هذا الموضع على اقتصار المنافسة في مصر على قطبي الاخوان المسلمين والحزب الوطني الحاكم ,وهو ماأدى بحسب تقديراتها الى عزوف حوالي الثمانين بالمائة من الناخبين عن الادلاء بأصواتهم. من ناحية ثانية فان الباحثة عبيد ترى بأنه لامجال لاقصاء الاسلاميين المعتدلين وذلك بحكم تجذرهم في بئاتهم العربية و تغلغلهم الاجتماعي والمؤسساتي ,وهي من هذا المنطلق تقترح على الادارة الأمريكية تشريك التيارات الاسلامية المعتدلة في الحياة السياسية وادماجهم فيها مع تحمل تكاليف سياسية يمكن تقليصها عبر التركيز على الاصلاح الثقافي والسياسي والتعليمي الى جانب الاصلاح الاقتصادي . وتضيف الباحثة عبيد في مقترحاتها على الادارة الأمريكية وشركائها ضرورة اقحام العدالة الاجتماعية والليبرالية والديمقراطية والاصلاح السياسي والدستوري ضمن خطاب هذه الحركات الاسلامية الموصوفة بالاعتدال كسبيل يخفف من تكاليف ادماج هذه التيارات في الحياة السياسية الرسمية العامة. ختاما يمكن القول بأن ماقدمته هذه الورقات الثلاث من أجوبة قلقة أحيانا وأجوبة هادئة أحيانا اخرى يشكل هدية نقدمها لهذه الحركات الاسلامية المعتدلة كما للأنظمة السياسية العربية التي تبحث عن فهم أدق لما يراود الادارة الأمريكية من رؤى وتصورات تجاه المستقبل السياسي للمنطقة العربية في ظل ماتعيشه من صراعات واكراهات نأمل أن تعالج على اساس من حسن الفهم للذات والحوار الداخلي والبحث الفكري والسياسي المعمق كما هو حاصل في كثير من جوانب دراسة معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى. حرر بتاريخ 27 ديسمبر 2006-7 ذو الحجة 1427 ه *-مدير صحيفة الوسط التونسية- باحث في قضايا السياسة والاعلام  reporteur2005@yahoo.de


 
من نتائج الاستشارة الشبابية الثالثة:

تراجع ملفت للرغبة في الزواج لدى الشباب التونسي وضعف المشاركة في الحياة السياسية والمجتمع

 تونس ـ الصباح خلال تقديمه يوم امس (الثلاثاء 26 ديسمبر 2006، التحرير) لنتائج الاستشارة الشبابية الثالثة ذكر وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية ان المؤشرات التي جاءت بها نتائج الاستشارة ايجابية في مجملها بالرغم من بروز مجالات تستدعي المزيد من العناية والاهتمام ودعا الوزير في المقابل كافة الوزارات ذات العلاقة والهياكل والجمعيات اضافة الى وسائل الاعلام للدرس والتعمق في هذه النتائج وخاصة تقديم المقترحات والحلول لبعض المشاكل التي تبدو بحاجة لتصويب او لعناية اكبر. تجدر الاشارة ان محاور الاستبيان الذي اعتمدته الاسـتشارة للتعرف على اراء وتطلعات عينة من 10 الاف شاب وفتاة ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و25 سنة شمل 5 محاور اساسية وهي الشباب والمشاركة والشباب والهوية وسلم القيم والشباب والتنمية والشباب ومجتمع المعلومات والشباب وتونس الغد. الشباب في العائلة والمجتمع في محور الشباب والمشاركة وتحديدا في مجال الحياة العائلية تشير النتائج ان العائلة لا تزال تحتل مكانة هامة لدى الشباب التونسي وعبر اكثر من 76% من المستجوبين عن راحتهم الكاملة بالنسبة الى العيش قي عائلاتهم وتعتبر الاغلبية الساحقة من الشباب بنسبة بلغت اكثر من 98% ان العناية بالوالدين عند الكبر من مشمولات الابناء وهو مؤشر على التمسك بالروابط العائلية. لكن في المقابل نجد هذا الشاب المتمسك بالعائلة وبدورها في المجتمع لا يفكر في تكوين عائلة او اسرة ذلك ان 50% من الشباب المستجوب لا يفكر في الزواج وفي مقارنة مع نتائج الاستشارة الثانية لسنة 2000 نجد ان هذه النسبة تطورت بشكل ملحوظ ذلك انها لم تكن تتجاوز 1،3% فقط. هذا التراجع الملفت في الرغبة في الزواج يفسره الشباب بارتفاع تكلفة الزواج والتخوف من المسؤولية الى جانب مواصلة الدراسة والبحث عن شغل.. حول المشاركة في  الحياة السياسية والاجتماعية افرزت نتائج الاستشارة مشاركة ضعيفة للشاب التونسي في هذه المجالات حيث اجاب اكثر من 72% بـ«لا» عن مشاركتهم في الانتخابات التي تهم الحياة السياسية والاجتماعية في تونس نجد كذلك ضعفا ملحوظا في نسب الانخراط في هياكل المجتمع المدني التي لم تتجاوز 16%. في المقابل يعتبر اكثر من 54% من الشباب المشارك في الاستبيان ان مكانته كبيرة في المجتمع. وبالنسبة الى باب المشاركة في الحياة الثقافية والترفيهية والرياضية فان المتأمل في النتائج يلاحظ ان الشاب التونسي يعتبر الترفيه ضروري له رغم كلفته المرتفعة وقد مثل المقهى ابرز الفضاءات الترفيهية التي تستقطبه كما اتسم مضمون الوقت الحر لديه بمشاهدة الفضائيات والاستماع  للاذاعات. اما الانشطة الرياضية رغم مكانتها لديه فان 81% يجدون صعوبة لتعاطيها ولا يمارسون نشاطا رياضيا بسبب عدم توفر الوقت (8،30%) وقلة الفضاءات العمومية (حوالي 24%) اضافة الى ارتفاع معاليم الممارسة في بقية الفضاءات (8،15%) يرى الشباب المستجوب كذلك ان برامج الترفيه بمؤسسات التربية اللانظامية لم ترتق الى طموحاته ولعل هذا ما يفسر تفضيله لاماكن ترفيه غير مكلفة كالمقهى. الشباب

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.