الأحد، 5 أكتوبر 2008

Home – Accuei

TUNISNEWS
8 ème année, N°3057du 05.10.2008
 archives : www.tunisnews.net 

 

مات ( والدنا على المطماطي بحسرته ) ولم تتحقق أمنيته بمعرفة قبر ولده الشهيد المناضل « كمال المطماطي »

حــرية و إنـصاف : إنا لله و إنا إليه راجعون: تعزية

حــرية و إنـصاف : أخبار الحريات في تونس مضايقات و إيقافات ببنزرت

الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية : دعوة

العريضة الوطنية لمساندة نقابيي التعليم العالي و الثانوي و الأساسي المحالين على مجالس التأديب لأسباب نقابية تحيين عدد 3

الصباح :  تأجيل النظر في القضايا المرفوعة ضد جريدة «الموقف»: أخذ عينات من الزيوت وعرضها على الاختبار

عمر النمري : ردا على مقال الشيخ محمد الهادي الزمزمي

مصطفى عبدالله ونيسي:  لا يا أمير الدّعاة ما أخطأت رسالتنا (1)وجهتها

عبد الحميد خلفة: الرد على السيد عبد الحميد العداسي (2)

فتحي العابد : أجسام في الغربة وقلوب في الوطن

كلمة : من هو فيصل ڤربع و كيف توفي؟

مرسل الكسيبي : في تونس : لاصلح لاتفاوض لااعتراف حتى على الساحة الوطنية !!!

إسماعيل دبارة : رغم الصورة الورديّة التي تسوّقها الحكومة… تونس متخلّفة إلكترونيًّا

قدس برس : تونس : أكثر من 200 جامعي خسروا درجة دكتوراه الدولة

الصباح : الشروع في محاكمة طارق ذياب وتأجيل التصريح بالحكم إلى جلسة 15 أكتوبر

الصحافة : ميزانية الدولة لسنة 2009 محل اهتمام رئيس الدولة العمل على الحفاظ على المكاسب الإجتماعية والتوازنات المالية

تونس إفريقيا للأنباء: قطاع السكن في تونس: تطلع إلى تجسيم مفهوم العمارة المستدامة

الصباح : في وزارة النقل : إجراءات لإلحاق النقل العمومي بالمستوى الخدماتي للنقل الخاص والنقل السياحي

قدس برس:تونس: اكتشاف مقبرة جماعية يرجّح أنّها تعود للعصر القديم

 المنصف زيد: كلا ما خنت الزمن

الصباح : في لقاء الذاكرة الوطنية (1-2) : ابنة المهيري تكشف لأول مرة أن وفاة والدها لم تكن طبيعية

عز الدين عناية : قراءة في التجربة البورقيبية

آسيا العتروس : تعددت الفتاوى.. فماذا لو وقع الاستجابة لها؟!..

العفيف الأخضر :ضرورة الفصل بين إسلام الإيمان وإسلام التاريخ  في الدين والدنيا (5)

العرب: الأم مع المغرب.. والأب مع ليبيا.. والأولاد مع السعودية!

الحوار.نت  : أصاب الشيخ القرضاوي

العرب:الضاري: الإسرائيليون في كل العراق..والسكان باتوا يعرفونهم

طارق الكحلاوي : حول الدعوات من أجل «نظام مالي دولي جديد»

صالح بشير : انهيار الإنسان المستهلك بعد انهيار الإنسان الاشتراكي والإنسان القومي


 (Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو


مات ( والدنا على المطماطي بحسرته ) ولم تتحقق أمنيته بمعرفة قبر ولده الشهيد المناضل « كمال المطماطي »

آن الأوان لمعرفة حقيقة إختفاء السجين السياسي « كمال المطماطي »
علمت منذ قليل بوفاة السيد « على المطماطي » والد السجين السياسي المفقود « كمال المطماطي » الذي مر أكثر من 16 سنة على إختفائه بعد إيقافه سنة 1991 من طرف المصلحة المختصة بقابس في قضية حركة النهضة ، و منذ ذلك التاريخ تجهل عائلته مصيره رغم إتصالها بجميع مراكز الأمن و السجون التونسية و مراسلة وزارة الداخلية و رئاسة الجمهورية في الموضوع . تعود أطوار قضية إختفاء « كمال المطماطي » إلى يوم 8 أكتوبر 1991 حيث وقع آنذاك الإتصال بعائلته و إعلامها بوجود إبنها في منطقة الأمن  و طلب منها إحضار بعض الملابس له و هوما فعلته والدته لكنها فوجئت من الغد بعدم وجود إبنها في مركز الإيقاف و إنكار الإطارات الأمنية لعملية إعتقاله . و بعد عدة سنوات من البحث تمكنت العائلة من معرفة معلومات خطيرة تفيد أن « كمال » توفي تحت التعذيب و دفن بمكان مجهول و هو ما أكده جميع الذين اعتقلوا معه ، و كان من بين الموقفين في ذلك اليوم الطبيب (ع-ع) الذي أكد خبر الوفاة للأمن بعد الإستنجاد به لمعالجة الإصابة التي تعرض لها كمال على مستوى رأسه و للأسف رفض الإدلاء بشهادته أمام القضاء رغم إتصالي به أكثر من مرة ، و يذكرني إسم هذا الطبيب بحادثة وقعت لي في شهر ديسمبر 2007 تمثلت في إتصاله بمركز الأمن لإخراجي من مكتبه بعد أن طلبت منه كسر جدار الصمت و الخروج من جبنه لكشف حقيقة إختفاء « كمال المطماطي » . يوم 8 أكتوبر 2007 كان لي شرف زيارة منزل عائلة « كمال » و محاورة أفرادها ، و للمساهمة في التعريف بمأساتهم نشرت مقالا على مواقع الانترنات تعرضت بعده إلى الإعتداء بالعنف و الإيقاف في منطقة الأمن بقابس حيث وقع إستجوابي و تهديدي بالسجن إن تطرقت مرة أخرى للموضوع . و رغم ذلك أقول اليوم و بكل شجاعة و دون تردد آن الأوان أن تفتح السلطة تحقيق في وفاة « كمال المطماطي » تحت التعذيب و محاسبة المتورطين في قتله . رحم الله السيد « على المطماطي » رجل أخبرني ذات يوم بأمنية يتمنى تحقيقها قبل توديع للحياة و هي زيارة قبر إبنه و قراءة الفاتحة على روحه . معز الجماعي

للتعزية يرجي الاتصال ب

رقم والدته السيدة فاطمة المطماطي  0021620800758  أو رقم ابنته الآنسة عائشة المطماطي0021621134604


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 05 شوال 1429 الموافق ل 05 أكتوبر 2008

 إنا لله و إنا إليه راجعون تعزية

 

ببالغ الأسى و الحسرة تنعى حرية و إنصاف الفقيد علي المطماطي (والد المفقود كمال المطماطي ) الذي وفاه الأجل المحتوم اليوم الأحد 05 أكتوبر 2008 على الساعة الواحدة و النصف  بعد الظهر و سيشيع جثمانه الطاهر إلى مقبرة سيدي أبو لبابه غدا الاثنين 06 أكتوبر 2008 على الساعة الثانية بعد الظهر علما بأن الفقيد علي المطماطي عاش 17 سنة على أمل معرفة مصير ابنه كمال المطماطي الذي ثبت اعتقاله سنة 1991 بمنطقة الشرطة بقابس حيث أكد شهود موته تحت التعذيب بالمنطقة المذكورة و سبق لمنظمة حرية و إنصاف أن طالبت بفتح تحقيق لكشف مصير المفقود كمال المطماطي. لتقديم التعازي يرجى الاتصال: بالسيد عثمان المطماطي حفيد الفقيد و ابن المفقود على الرقم 21.856790 عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

 
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 04 شوال 1429 الموافق ل 04 أكتوبر 2008

أخبار الحريات في تونس مضايقات و إيقافات ببنزرت

 

تم يوم عيد الفطر الأربعاء 01/10/2008 إيقاف كل من السادة اسكندر البوغانمي و شقيقه حكيم البوغانمي بينما كانا في طريقهما إلى البيت من طرف أعوان البوليس السياسي كما أوقف اثنان آخران كانا في نفس المكان مترجلين و هما وليد بوكراعين و نور الحق بالشيخ و افتك الأعوان من الأربعة هواتفهم الجوالة.  و إلى تاريخ هذا اليوم السبت 04/10/2008 لا يزال أربعتهم يترددون على منطقة الشرطة الحبيب بوقطفة دون تسلم هواتفهم مع الإشارة إلى أن السيد نور الحق بالشيخ لا يزال رهن الاحتفاظ منذ ذهابه صبيحة هذا اليوم إلى المنطقة المذكورة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 دعوة
يتشرف الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية بدعوتكم لحضور التظاهرة التي ينظمها بمناسبة اليوم العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام  » من اجل عالم بلا عقوبة الإعدام » وذلك يوم الجمعة 10 أكتوبر 2008 على الساعة 15 و30 دقيقة ، بمقره الكائن ب 67 شارع أم كلثوم تونس 1000المدرج ب، الطابق الثالث. البرنامج الساعة 15 و30 دق إلى 15 و50دق: مداخلة  » نضالات المجتمع الدولي والمجتمع المدني التونسي من اجل إلغاء عقوبة الإعدام » تقديم الأستاذ رابح الخرايفي الساعة 15و 50دق الى16 و05 دق:مداخلة « مشروع القانون المقدم من طرف أعضاء البرلمان من اجل إلغاء عقوبة الإعدام »: تقديم أعضاء البرلمان الساعة 16 و05دق إلى 16 و55دق : نقاش الساعة 16 و 55دق إلى 17 و05دق: استراحة قهوة الساعة 17 و05 دق إلى 17و25 دق : مداخلة  » عقوبة الإعدام في البلدان العربية والإسلام » تقديم الأستاذ سامي براهم الساعة 17و 25دق: نقاش الساعة 18 و15 دق: الاختتام

العريضة الوطنية لمساندة نقابيي التعليم العالي و الثانوي و الأساسي المحالين على مجالس التأديب لأسباب نقابية تحيين عدد 3 تحيين عدد 3 بتاريخ 05 أكتوبر 2008 عدد الإمضاءات : 746

   

 
ملاحظة : رغم الصّبغة التلفيقية للملفّات و خلوّها من أيّة براهين تسندها ، و رغم ما شاب مجالس التأديب من إخلالات مسّت من حقّ الإخوة المحالين على مجالس التأديب في الدفاع عن أنفسهم ، و رغم الوعود التي تلقّاها الأمين العام المساعد المكلّف بالوظيفة العمومية بالاتحاد العام التونسي للشغل و رغم المساعي التي بذلها الأمين العام ، و في الوقت الذي يجلس فيه الاتحاد مع ممثلي الحكومة للتفاوض حول الحقّ النقابي ، أقدم مدير عام التعليم العالي ، مع افتتاح السنة الجامعية ، على إصدار قرارات بنقل الأخ نورالدين الورتتاني ، و هو كاتب عام نقابة أساسية و عضو المجلس القطاعي لجامعة التعليم العالي و البحث العلمي و من المفروض أنّه محمي بالاتفاقية الدولية رقم 135 لحماية المسؤول النقابي التي صادقت عليها الحكومة التونسية ، من موقع عمله بنابل إلى صفاقس و برفت الأخ رشيد الشملي لمدّة أربعة أشهر مع الحرمان من المرتّب. كما أصدر تعليمات بمنعهم من دخول كلياتهم.   نصّ العريضة   نحن الإطارات النقابية و منخرطي الاتحاد العام التونسي للشغل و نشطاء المجتمع المدني  الممضين أسفله بعد اطلاعنا على وقائع الهجمة الشرسة التي يتعرّض لها من جديد نقابيو قطاعات التعليم والمتمثلة بالخصوص في : – تلفيق ملفّات تأديبية ضدّ نقابيي التعليم العالي والثانوي و إحالتهم على مجالس التأديب و نذكر منهم الإخوة نورالدين الورتتاني كاتب عام النقابة الأساسية للأساتذة الباحثين الجامعيين بكلية العلوم الاقتصادية و التصرف بنابل  الذي أحيل بتاريخ 23 جويلية 2008 و الأخ رشيد الشملي الناشط النقابي بكلية الصيدلة بالمنستير الذي أحيل بتاريخ 28 جويلية 2008 ، بعد عرقلة و تجميد نشاطه العلمي و البيداغوجي طيلة عدّة سنوات ،  و الأخ محسن الحجلاوي النائب الأول للنيابة النقابية بالمعهد الأعلى للتكنولوجيات الطبية بتونس الذي سيحال بتاريخ 20 أوت 2008 ، و جمال بولعابي الكاتب العام للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بتالة (القصرين) الذي أحيل بتاريخ 29 جويلية 2008 ويوسف بوعلي عضو النقابة المذكورة الذي أحيل بتاريخ 30 جويلية 2008 ورفيق التليلي الكاتب العام المساعد للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالشابة (المهدية) الذي أحيل بتاريخ 07 أوت 2008 ، – مواصلة سلطات الإشراف هرسلة النقابيين في قطاعات التعليم عن طريق المراسلات التحذيرية (لفت نظر) أو الاستجوابات الاعتباطية في انتظار تتبّعات تأديبية لاحقة و نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر الأخ فيصل شراد الكاتب العام المساعد للنقابة الأساسية لأساتذة المعهد الأعلى للغات بتونس … ، – اختيار سلطات الإشراف العطلة الصيفية لعقد مجالس التأديب لحرمان النقابيين من المؤازرة و من حقّهم في الدفاع عن أنفسهم وللاستفراد بهم ، – الظروف غير العادية التي تمّت فيها جميع المجالس التي انعقدت إلى حدّ الآن والخروقات التي شابتها ونذكر منها رفض التأجيل لتحضير الدفاع  واستكمال التحقيق و دعوة الشهود ، رفض قبول بعض أعضاء الجامعات النقابية العامة والنقابات العامة ضمن فريق الدفاع كما جرت به الأعراف … ، –  إحالة العديد من نقابيي التعليم الأساسي ، خلال السنة الدراسية المنقضية ، على مجالس التأديب على خلفية نشاطهم النقابي و اتخاذ قرارات  » بعقوبات تأديبية  » ظالمة ضدّهم و نذكر منهم ، على سبيل الذكر لا الحصر ، الأخ فهري الغول كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بنابل الذي اتخذ في حقّه قرار بنقلة وجوبيّة إلى إحدى مدارس مدينة قرنبالية…،   فإنّنا : – نعبر عن شديد احتجاجنا على إمعان سلطات الإشراف في التضييق على الحقّ النقابي بكلّ الأشكال بما في ذلك افتعال ملفّات تأديبية ضدّ النقابيين بهدف ترهيبهم وإرباك قطاعاتهم  ونعتبر أنّ إحالة المسؤولين والناشطين النقابيين بقطاعات التعليم على مجالس التأديب تندرج في إطار الهجمة المنظمة لاستهداف العمل النقابي داخل تلك القطاعات. – نستهجن الانزلاق الخطير الذي يتمثّل في الانحراف بالسلطة التأديبية عن أهدافها وتوظيفها لتصفية الحسابات مع المسؤولين والناشطين النقابيين. – نستنكر الهجمة الشرسة التي تستهدف النقابيين في قطاعات التعليم واختيار العطلة الصيفية لعقد مجالس التأديب لحرمانهم من المؤازرة ومن حقّهم في الدفاع عن أنفسهم ونحمّل سلطات الإشراف مسؤولية توتير المناخ الاجتماعي. – نطالب سلطات الإشراف بالكفّ عن ملاحقة النقابيين وحفظ مثل هذه الملفّات وفتح حوار جدّي ومسؤول مع الهياكل النقابية لحلّ مشاكل المدرسين و نعلن تجنّدنا للدفاع عن الحقّ النقابي. – ندعو هياكل الاتحاد والمنظمات الحقوقية إلى التجنّد من أجل مزيد تفعيل المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المسؤول النقابي وخاصة منها الاتفاقية عدد 135 ومن أجل إلغاء العقوبات و غلق جميع الملفات التأديبية المثارة ضدّ  المسؤولين والناشطين النقابيين نهائيا.                                                      للإمضاء على العريضة يرجى إرسال مراسلة إلكترونية موضوعها : « je signe la pétition syndicale de soutien… » للعنوان التالي : soutien_syndical@yahoo.fr مع ذكر الإسم و اللقب , القطاع , الجهة والمسؤولية النقابية إن وجدت ، بوضوح.   الرقم  لإسم واللقب       لقطاع                                      لصفة 624   أنور بن قدور        التعليم العالي و البحث العلمي         كاتب عام سابق للنقابة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي (SGESRS) 625   جنيدي عبد الجواد    التعليم العالي و البحث العلمي         كاتب عام سابق للنقابة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي (SGESRS) 626   العربي بالعربي       المالية                                 كاتب عام سابق لجامعة المالية (FGF) و عضو لجنة الحريات بحركة التجديد 627   عبد الستّار بن موسى الهيئة التونسية للمحاماة             عميد المحامين سابقا 628    محمود بن رمضان    التعليم العالي و البحث العلمي         نقابي و رئيس سابق لمنظّمة العفو الدولية  ( A.I)  629   محمد الحبيب مرسيط   التعليم العالي و البحث العلمي        نقابي و رئيس سابق لمنظّمة العفو الدولية فرع تونس ( A.I) 630   أميّة صديق              مناضل و محلّل سياسي / فرنسا 631   جمال مسلّم              رئيس هيئة فرع سوسة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (LTDH) 632   عبد العزيز عقوبي      المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارمرصد ليون للدفاع عن الحريات الأساسية بتونس – فرنسا Observatoire Lyonnais pour la Défense des Libertés Fondamentales en Tunisie – France 633   أحمد بوجرّة             التعليم العالي و البحث العلمي        كاتب عام مساعد للنقابة الأساسية لأساتذة كلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة 634   رضا العشّي             التعليم العالي و البحث العلمي         نقابي / المعهد العالي للعلوم الإنسانية بجندوبة 635   حميدة الدريدي           أطباء الصحّة العمومية                عضوة النقابة الجهوية للأطباء الصحّة العمومية 636  طارق الشعبوني          حركة التجديد 637  هيكل خذر                 حرفي 638  محمد صالح الخميري     التعليم الثانوي                         نقابي 639  رضا البركاتي             التعليم الثانوي                        عضو النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بحمام الشط / بنعروس 640  منذر العيساوي            التعليم الأساسي                       عضو النقابة الاساسية للتعليم الأساسي بحيّ التضامن 641  نورالدين الطبوبي         الفلاحة                                 نقابي و عضو لجنة النظام الوطنية ! 642  أحمد نجيب الشابي         المحاماة                               محامي و مدير صحيفة الموقف  643 عصام الشابي              الحزب الديمقراطي التقدمي 644 حمّة الهمّامي                حزب العمال الشيوعي التونسي 645 سميرة السويحلي           الصناديق الاجتماعية                    نقابية 646  سعاد الفرشيشي           البريد و الاتصالات                       نقابية 647  يوسف الزغيدي 648  توفيق بن بريك             صحافي 649  صلاح الوسلاتي            عدل منفّذ 650  منير الشاذلي               التعليم الثانوي                           نقابي / المنستير 651  فوزي الورغي              المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج                                   كاتب عام حلقة التونسيين من الضفّتين Cercle des Tunisiens des Deux Rives  CDTR, Marseille, France 652  موح الدين لاغة             التعليم العالي و البحث العلمي           نقابي / كلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة 653  رحال لحسيني               مناضل نقابي بالاتحاد المغربي للشغل / وادي زم / المغرب (UMT) 654  ربيعة زهيري               المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج                الكاتبة العامة لجمعية أفريكا للتنمية وحقوق الإنسان SG d’Afrika Pour le Développement et les Droits Humains (ADDH) 655  الدكتور أحمد سعداني        مناضل من أجل حقوق الإنسان و متحصّل عل الجائزة الوطنية للتفوّق البيداغوجي 2007 / المغرب 656  عبد الحقّ  العمراوي         المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج لجمعية         المغربية  لحقوق الإنسان فرع تيفلات  بالمغرب AMDH, Tiflet, Maroc 657   مينا بن لشهب               المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج عضوة النقابة                                الجهوية للفيديرالية الوطنية للتعليم – إمش بالجديدة – – Maroc FNE – UMT 658   محمد البوزياني              المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج مناضل نقابي بالنقابة الوطنية لأساتذة التعليم العالي بالجديدة – المغرب SNESUP – Maroc 659   جمال براجة                 المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج النهج الديمقراطي – الجديدة – المغرب Annahj Addimocrati – Maroc 660    عسال حجاج                 المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج                                         الاتحاد المغربي للشغل – خوريبقا – المغرب UMT – Khouribga – Maroc 661   وموش لحسان                 لمنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج                                          جمعية المغربية لحقوق الإنسان – خميسات – المغرب AMDH, Khemisset, Maroc 662  ليد حمامUDCعن التنسيقة الوطنية للاتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل UDC 663سعيدي المولودي                  لمنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج                                         تاذ باحث – كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمكناس / المغرب                                          و المنظّمة الديمقراطية للتعليم العالي بالمغرب SDESUP – Maroc 664عبد العزيز لعقوبي               ناضل سياسي تونسي و من أجل حقوق الإنسان  – فرنسا 665زهير معين                      لمنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج                                        و المنظّمة الديمقراطية للتعليم العالي بالمغرب SDESUPM – Maroc 666سميرة كناني                   لمنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج                                      جمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط AMDH – Rabat – Maroc 667خالد صدقي                    لمنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج مدرس  Membre d’ATTAC – Maroc 668 بشرة تونزي المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج أستاذة  Membre d’ATTAC – Maroc – Contre la Mondialisation Néolibérale – Maroc 669 صابر قياش التعليم الثانوي نقابي / مساكن / سوسة 670 إدريس السدراوي المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج الكاتب العام للمكتب الوطني للمنظّمة الديمقراطية للماء الصالح للشراب المنضوية بالمنظّمة الديمقراطية للشغل بالمغرب – ODNEP – ODT  هذه النقابة عضو منظّمة الدفاع الدولية  » Defend International  » 671 حسين غالي ناشط سياسي و حقوقي تونسي بجينيف / سويسرا 672 منذر عيساوي التعليم الأساسي نقابي 673 علال سالمي المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج المنظّمة الديمقراطية للتعليم المنضوية تحت المنظّمة الديمقراطية للشغل بالمغرب ODE / ODT / Maroc 674 عمر بالهادي التعليم العالي و البحث العلمي نقابي / كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية بتونس 675 محمد الصغير أوفلة التعليم الابتدائي نقابي / مدرسة سيدي الحاج احسين – سمعون – شميني – بجاية – الجزائر 676 أحمد جدي التعليم العالي و البحث العلمي نقابي / كلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة 677 محمد بوالعايش المنظّمات النقابية و الجمعيات المدنية أو الأهلية الشقيقة و الصديقة و جمعيات التونسيين و المغاربيين بالخارج نقابي (SIPE – Maroc  ) و مناضل سياسي بالمغرب (PSU – Maroc)  678 محمد الماهي شبيهي أستاذ تعليم عالي / كلية العلوم بكازابلانكا / المغرب 679 لطفي الشملي التعليم الأساسي عضو النقابة الجهوية للتعليم الأساسي بالمنستير   عامر كركوب التعليم الأساسي عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالمكنين 680 لزهر عباس التعليم العالي و البحث العلمي عضو النقابة الأساسية لأساتذة المعهد العالي للعلوم الإنسانية ابن شرف بتونس 681 خميّس صقر عضو الاتحاد الجهوي للشغل بتونس 682 محمد مهدي الفطناسي البريد و الاتصالات عضو النقابة الأساسية للتليبرفورمونس بتونس Téléperformance 683 إيمان شطّة البريد و الاتصالات عضوة النقابة الأساسية للتليبرفورمونس بتونس  Téléperformance 684 محمد علي الهمامي البريد و الاتصالات عضو النقابة الأساسية للتليبرفورمونس بتونس Téléperformance 685 علي ورق البريد و الاتصالات عضو النقابة الأساسية للتليبرفورمونس بتونس Téléperformance 686 بوعلي رحماني البريد و الاتصالات عضو النقابة الأساسية للتليبرفورمونس بتونس Téléperformance 687 هزار الطرابلسي البريد و الاتصالات الكاتبة العامة للنقابة الأساسية للتليبرفورمونس بتونس  Téléperformance 688 الطاهر الشعباوي الكيمياء و النفط عضو الجامعة العامة للكيمياء و النفط 689 جلال دخيلي الكيمياء و النفط عضو النقابة الأساسية للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية ETAP 690 مهدي بن عياد البريد و الاتصالات نقابي / تونس 691 بشير البرجي الضمان الاجتماعي نقابي / تونس 692 محمد الناصر اليوسفي الضمان الاجتماعي نقابي / تونس 693 إيمان بن العربي الضمان الاجتماعي نقابية / تونس 694 أنيس عبيد الضمان الاجتماعي نقابي / تونس 695 مقداد عباس الضمان الاجتماعي نقابي / تونس 696 علي فارس الضمان الاجتماعي نقابي / تونس 697 مها بن عبد الله الضمان الاجتماعي نقابية / تونس 698 فيصل شراد التعليم العالي و البحث العلمي كاتب عام مساعد للنقابة الأساسية للمعهد العالي للغات بتونس 699 بشير الفريضي التعليم العالي و البحث العلمي عضو النقابة الأساسية للأساتذة الباحثين الجامعيين بنابل 700 ريم بوكادي التعليم العالي و البحث العلمي نقابية / نابل 701 شمس الدين الثاني برناط التعليم العالي و البحث العلمي نقابي / نابل 702 ريم الإمام التعليم العالي و البحث العلمي نقابية / نابل 703 جلال بالرابح التعليم العالي و البحث العلمي نقابي / نابل 704 إلهام وناس التعليم العالي و البحث العلمي نقابية / نابل 705 سفيان الصالحي التعليم العالي و البحث العلمي نقابي / نابل 706 راقية اللوقاني التعليم العالي و البحث العلمي نقابية / نابل 707 فائزة بوحوش التعليم العالي و البحث العلمي نقابية / نابل 708 آمنة مراد التعليم العالي و البحث العلمي نقابية / نابل 709 فريال العمراني التعليم العالي و البحث العلمي نقابية / نابل 710 جمعة المسعي التعليم العالي و البحث العلمي نقابي / نابل 711 هاجر قلديش التعليم العالي و البحث العلمي نقابية / نابل 712 رشاد بوعزيز التعليم العالي و البحث العلمي نقابي نابل و عضو سابق بالنقابة الأساسية لأساتذة كليتي الحقوق و الاقتصاد بتونس 713 زهير بوشداق التعليم العالي و البحث العلمي نقابي / نابل 714 محمد علي بن سالم ناشط نقابي سابق بالتحاد العام لطلبة تونس و ناشط حالي باتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل UDC 715 أيوب الغدامسي الاتحاد العام التونسي للشغل نائب الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس UGET 716 أحمد أمين بن سعد طالب / ممثّل 717 فؤاد ساسي الاتحاد العام لطلبة تونس طالب / عضو المكتب الفيديرالي لكلية الحقوق بتونس UGET 718 الحبيب الهمامي التعليم الثانوي عضو سابق بالنقابة الأساسية للتعليم الثانوي برادس 719 نورالدين الخبثاني التعليم الثانوي عضو النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالمروج / بن عروس 720 عبد الكريم الحيزاوي التعليم العالي و البحث العلمي نقابي / تونس 721 حبيب التليلي البريد و الاتصالات كاتب عام النقابة الأساسية للبريد ببن عروس و عضو الفرع الجامعي للبريد و الاتصالات ببن عروس 722 عبد الله القرام المالية عضو سابق بجامعة المالية و بالنقابة الأساسية للتبغ و الوقيد 723 الحبيب الحمدوني رابطة الكتاب الأحرار (LEL)  724 عبد الفتاح تايب التعليم الأساسي عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالعمران الأعلى … 725 رشيد الصردي محامي 726 نزار بن صالح التعليم العالي و البحث العلمي كاتب عام النقابة الأساسية لأساتذة المعهد الوني للعلوم و التقنيات 727 النوري حتيرة التعليم العالي و البحث العلمي عضو النقابة الأساسية لأساتذة كلية العلوم ببنزرت 728 عبد الله بلقاسم التعليم الأساسي نقابي / تونس 729 زياد شكمبو التعليم الأساسي عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بجبل الجلود و الوردية / تونس 730 الحبيب الحلاوي التعليم الأساسي كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بجبل الجلود و الوردية / تونس 731 حسن السنوسي التعليم الأساسي كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالعمران الأعلى / تونس 732 عمار الميرني التعليم الأساسي نقابي / تونس 733 رياض الظاهري التعليم الأساسي نقابي / تونس 734 محمد التاجوري التعليم الأساسي كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالكبارية / تونس 735 مبروكة الكافي التعليم الأساسي عضوة النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالكبارية / تونس 736 لطفي الصويعي التعليم الأساسي عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بقرطاج / تونس 737 علي مريقة التعليم الأساسي كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بحلق الوادي / تونس 738 منذر عيساوي التعليم الأساسي نقابي / تونس 739 منير الحيتوني التعليم الأساسي كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بتالة / القصرين 740 عدنان عامري التعليم الأساسي نقابي / تونس 741 حمادي الغربي التعليم الأساسي نقابي و حقوقي/ باجة 742 عمر المسعودي التعليم الأساسي عضو النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالكبارية / تونس 743 المختار القلالي التعليم الأساسي كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم الأساسي بسيدي البشير / تونس 744 عثمان بالحاج عمر التعليم العالي و البحث العلمي عضو سابق بالنقابة الأساسية لأساتذة كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و التصرف بجندوبة 745 خديجة سعد الله التعليم الأساسي عضوة النقابة العامة للتعليم الأساسي 746 مختار رولا متقاعد و عضو المجلس الوطني لحركة الديمقراطيين الإشتراكيين بالجزائر MDS

تأجيل النظر في القضايا المرفوعة ضد جريدة «الموقف»  أخذ عينات من الزيوت وعرضها على الاختبار

  واصلت الدائرة المدنية 20 بالمحكمة الابتدائية بتونس أمس النظر في القضايا الخمس التي رفعتها شركات زيوت ضد جريدة «الموقف» والتي انبنت على شكايات تقدمت بها مؤسسات مختصة في صنع وتعليب الزيوت وتصديرها ضد الجريدة المذكورة   
 وذلك تبعا لمقال اوردته في افتتاحيتها بالاضافة الى مقال اخر وتحدثت فيهما عن الزيت المغشوش الذي يتم تهريبه من تونس الى الجزائر في صهاريج وقد اوردت المقالين بناء على خبر نشر بصحيفة جزائرية وتحدث عن هذه الزيوت.   وقد رأت المؤسسات الشاكية ان ما نشرته «الموقف» اضر بمصالحها واثّر على عمليات التصدير وترويج منتوجاتها محليا وخارجيا وطالبت بتعويضات. وكانت القضايا الخمس محل نظر من طرف الدائرة المدنية المذكورة وفي جلسة امس حضر ما يناهز الـ20 محاميا للترافع في القضايا وطلبوا اخذ عينات من الزيوت لعرضها على الاختبارات كما رأى احد محامي «الموقف» ان الضرر الذي تحدثت عنه  الشركات الشاكية ليس منطقيا لا سيما انه وفي تلك الفترة بالذات التي نشر فيها المقال كان هناك نقص في الزيوت وذلك ما صرحت به غرفة منتجي الزيوت اي انه لا دخل للجريدة في تسجيل ذلك النقص. وبعدما سجلت هيئة المحكمة طلبات الدفاع قررت حجز القضايا لمواصلة النظر فيها في جلسة 25 أكتوبر الجاري في انتظار نتيجة الاختبار.   مفيدة   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 5 اكتوبر 2008)


 
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى

ردا على مقال الشيخ محمد الهادي الزمزمي: « ردّا على مقال الدكتور عمر النمري: ومـا أمــر فرعـــون تــــونس برشــيد »

  بقلم عمر النمري   كتب الشيخ محمد الهادي الزمزمي على صفحة تونس نيوز مقالا من ثلاثة أجزاء في الرد على مقال نشرته على الصفحة نفسها بتاريخ 04/08/2008 تحت عنوان: « إحصائية ذات دلالة » ملخصه أنّ نسبة الزيادة المئوية المقدّرة للمحجبات في تونس وصلت 56.79% بينما تدنت النسبة المئوية المقدرة لغير المتحجبات إلى 43.21%. وكتبت في التعليق على ذلك خمس نقاط أوردها من جديد ضمن هذا الردّ حتى يتسنى للقارئ الكريم محاكمة ردود السيد الزمزمي إلى ما كتبت؛ ليعلم الجميع أنّ استنطاقات السيد الزمزمي وقراءته لما وراء السطور غير صحيحة؛ تجاوز فيها الحدود، وبدا فيها متكلما من خارج النصّ الأصلي ورادّا على أفهام خاطئة أو أوهام في ذهنه لا تمت إلى ما كتبتُ بصلة؛ بل أضاف إليها أشياء لا صلة لها بما نشرتُه من مثل قوله: « ألاَ يكفي السيّدَ النّمري ما ارتضاه لنفسه من عودة ذليلة! أعطى بها الدّنيّة في دينه، فأحبط بها أجر هجرته وجهاده، وخذل بها صفّ دعوته، وفرّق بها شمل جماعته، ووهّن عزم إخوانه، وأقرّ عيون أعدائه!؟ ألا يكفيه كلّ هذا؟! حتى يأتي ليقف اليوم هذا الموقف الخذول!! » . إليك أيها القارئ الكريم هذه النقاط الخمسة: ما الذي يمكن أن نستنتجه من هذه الإحصائية البسيطة؟   ·أنّ تونس الزيتونة والقيروان والفتح الإسلامي العظيم الذي طرق تونس منذ الثلاثينات من القرن الأول الهجري لا يمكن أن تتخلى عن دينها وهويتها العربية والإسلامية مهما ظنّ الظانون ومهما أمّل المأمّلون من اللائكيين سواء في السلطة أو في المعارضة ممن تخدعهم أهواؤهم ويأملون في أن يروا تونس وقد حادت عن الطريق المستقيم وانحرفت بها الأهواء يمنة ويسرة. ·أنّ خطة تجفيف منابع التدين التي ابتدعها بقايا اليسار ممن تسللوا إلى حزب الاستقلال عبر التجمع الدسوري في عهد التغيير ذهبت سدى ولم تثمر إلاّ الحسرة والأسى في نفوس مبتدعيها وهم يرون بأم أعينهم المجتمع التونسي يؤوب إلى ربّه رغم غياب الموجّهين وانحصار المدّ النهضوي إلى أقصر مداه. ·أنّ معركة الحجاب في تونس قد وضعت أوزارها وخفت أوارها وانتهت إلى غير رجعة، وأنّ موقف السلطة غير المعلن من مسألة الحجاب: أنّ من أراد أن يلبس فليلبس ومن أراد أن يترك فليترك، رغم بقاء المنشور المانع لارتداء الحجاب دون إلغاء؛ وإلاّ فبما يمكن أن نفسّر انتشار الحجاب بهذا الكم الهائل في المجتمع ومؤسساته المختلفة. ·أنّ بعض الحملات المتكررة على المحجبات في مناسبات محددة وفي مؤسسات معروفة لا تعبر بالضرورة عن السياسة العامة للسلطة بهذا الخصوص وماهي إلاّ نشاز ربما افتعلها بعض أصحاب الأهواء أو المتنفذين من اليسار ممن يسعون لأن يستجروا ردود أفعال متشنجة من قيادة النهضة ليبقوا على العلاقة متوترة بين السلطة وحركة النهضة ويسوؤهم أيّ تقارب بين الطرفين. ·أنّ هذه السياسة الرشيدة غير المعلنة من طرف السلطة بخصوص مسألة الحجاب ينبغي أن تشفع بقرار شجاع من طرفها تعلن فيه إلغاء المنشور 108 ورديفه حتى تقطع الطريق عن كل من تسول له نفسه من أهل الأهواء والنفوس الضعيفة  استغلال نفوذه وموقعه وسلطته في التعدى على الحرائر استنادا إلى هذين المنشورين.   لم أندم عن كلمة واحدة قلتها في هذه النقاط الخمس سوى قولي « وانتهت إلى غير رجعة » وهنا أقرّ للسيد الزمزمي بأنّني أخطأت في قولي هذا وما ذاك إلاّ لشدة تأثّري وانفعالي لما شاهدته من انتشار الحجاب بشكل كبير يفوق بكثير ما أثبته ضمن تلك الاحصائية البسيطة التي حاولت أن ألتزم فيها الموضوعية قدر الإمكان. أقر معك ـ يا سيد زمزمي ـ بأنّ معركة الحجاب لم تنته بعد ما دامت المناشير المانعة لارتداء الحجاب موجودة دون إلغاء؛ وإن لم يُعمل بها بالحماسة نفسها التي عُمل بها أثناء التسعينات؛ ولذلك دعوت في أكثر من مناسبة إلى شطب هذين المنشورين ووقف العمل بمقتضاهما؛ دعوت إلى ذلك في: ·مسامرة حول « الحفاظ على الأصالة والهوية الوطنية »  شعارات جميلة لا يصدقها واقع الحال ولا لسان المقال.    https://www.tunisnews.net/8octobre06a.htm ·ودعوت إلى ذلك أيضا في مقالي الحالي الذي رددتَ عليه أنت. ورفعا لكل التباس أقول: إنّ هذين المنشورين باطلان شرعا ويتعارضان مع روح الإسلام وشرائعه، والمبادئ الدستورية، وحقوق الإنسان، والحريات الفردية؛ وجب إلغاؤهما ووقْف العمل بهما، وتتحمل السلطة مسؤوليتها كاملة في ذلك وفي الأخذ بقوة على يد كل مَن تسوّل له نفسه استغلال نفوذه وموقعه وسلطته في التعدي على أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا في بلد الزيتونة والقيروان.   أما قولك ـ يا سيد زمزمي ـ  إنّ من المغالطات الكبرى التي جئتُ بها في مقالي المذكور عزوَ انتشار الحجاب في تونس إلى موقف السلطة غير المعلن استنتجت ذلك من قولي:  » … وأن موقف السلطة غير المعلن من مسألة الحجاب: أن من أراد أن يلبس فليلبس ومن أراد أن يترك فليترك، رغم بقاء المنشور المانع لارتداء الحجاب دون إلغاء؛ وإلاّ فبما يمكن أن نفسر انتشار الحجاب بهذا الكم الهائل في المجتمع ومؤسساته المختلفة. » فهو عار عن الصحة تماما لأنه قراءة منك خاطئة لهذه الفقرة، كما أنه يوحي بأنك أسأت الظن بأخ لك وصديق قديم، طالما ناضل معك جنبا إلى جنب ولا يزال، واتهمته بتعمد مغالطة الناس، والتزوير عليهم، وتعمد قلب الحقائق رأسا على عقب.   ليعلم القراء الكرام أنّ ما حاولته في هذه الفقرة هو فك التناقض بين وجود المناشير المانعة للحجاب من جهة، وبين انتشار الحجاب بكثافة في المجتمع ومؤسساته المختلفة بما في ذلك الوظيفة العمومية من جهة أخرى؛ فكيف يستقيم الحال؟ كيف نجمع بين انتشار الحجاب بهذه الكثافة وبين وجود قانون يمنع ذلك ويحرمه، ويتم تطبيقه بعزم وحزم على النحو الذي وصفه السيد الزمزمي؟! ولفك هذا التناقض استخدمت عبارة « غير المعلن » عند وصفي لموقف السلطة الحالي من مسألة الحجاب في مقابل وجود منشور معلن يعلمه الجميع؛ والمقصود هو أنّ سياسة السلطة الراهنة بهذا الخصوص – ولا أتحدث عن الماضي – تقوم على الترك وغض الطرف أو التراخي في العمل بهذه المناشير؛ فمن شاء أن يلبس فليلبس ومن شاء أن يترك فليترك. وبالمناسبة فهذه العبارة ليست لي أصلا وإنما استفدتها من مداخلة للشيخ الحبيب اللوز – القيادي البارز في حركة النهضة والسجين السياسي السابق – عندما سئل عن موقف السلطة من مسألة الحجاب فأجاب بقوله: « إنّ موقف السلطة يتجه إلى سياسة غض الطرف وهذا لا ينفي وجود بعض المتطوعين الذين ما زالوا حريصين على تطبيق المنشور 108 وخاصة في بعض مؤسسات التعليم الثانوي. واستشهد بجواب رئيس إحدى شعب التجمع عندما سأله أحد المناضلين التجمعيين عن الموقف الرسمي من مسألة الحجاب؟ فكان جوابه بأنّ الموقف الرسمي هو من شاء فليلبس ومن شاء فليترك. »   وعلى هذا يمكن حمل عبارتي: « … وإلاّ فبما يمكن أن نفسر انتشار الحجاب بهذا الكم الهائل في المجتمع ومؤسساته المختلفة. » ولا يمكن لعاقل أن يتصور أنّ ظاهرةً بهذا الحجم يمكن عزوها إلى سبب واحد فالظواهر الاجتماعية معقدة كما هو معروف ولا يمكن عزوها إلى سبب واحد كما توهمت ـ يا سيد زمزمي ـ أنني فعلت.   أما قولك بأنني تجاهلت الأسباب الحقيقية لانتشار ظاهرة الحجاب من مثل إغفال العناية الربانية وأثر انتشار القنوات الفضائية فارجع إلى ما كتبته سابقا عند حديثي عن أسباب انتشار الصحوة الإسلامية في تونس ولا شك في أنّ انتشار ظاهرة الحجاب هو أحد تعبيراتها؛ قلت ذلك في مقال لي سابق بعنوان: « تونس: المأزق السياسي ومقترحات للحل » وفيه قلت:  « لقد أخطأت السلطة التونسية عندما ظنت أنّها بالقضاء على العناصر القيادية في حركة النهضة ستقضي على الفكرة الإسلامية؛ ولقد خابت خطتها بشقيها: استئصال القيادة وتجفيف ينابيع التدين؛ ستَبلى حركةُ النهضة وسيقضِي قادتُها كما سيَبلى الحزبُ الحاكم وسيقضِي قادتُه أيضا وسيبقى الشعب التونسي متمسكا بهويته العربية والإسلامية يتوارث ذلك أجيالُه جيل بعد جيل، وسيبقى الإسلام العظيم وما يحمله من قيم العدل والحرية ونصرة المظلوم والثورة على الطغيان مصدر إلهام لشعب تونس الزيتونة والقيروان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولعل الواقع اليوم أكبر دليل على ذلك حيث شهد المجتمع التونسي صحوة إسلامية من جديد رغم غياب حركة النهضة في السجون أو المهاجر قرابة عقد من الزمن …. » وفيه أيضا عزوت انتشار الصحوة الاسلامية إلى الأسباب التالية:   ·فشل مشروع السلطة في التبشير بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية شأنه شأن بقية مشاريع حركات التحرر المختلفة في العالم الإسلامي التي خَلَفَت الاستعمار المباشر. ·بروز ظاهرة الانترنت والقنوات الفضائية وانتشار الوعي الديني ورغبة الشعب التونسي في العودة إلى أصوله العربية الإسلامية. ·ومن مسبباته الصلف الأمريكي المؤدلج وانتفاضة الشعب الفلسطيني المباركة التي وضعت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في قالبها العقائدي، أضف إلى ذلك قضايا الأمة الكبرى الملتهبة في أنحاء العالم الإسلامي الرحب ابتداء بكشمير مرورا بأفغانستان والعراق ما جعل الصحوة الإسلامية عنوان المرحلة وأضحت بذلك الورقة الإسلامية هي الورقة الرائجة لدى الشعوب الإسلامية. » فأين أنت ـ يا سيد زمزمي ـ من هذا ومن أين لك أن تتهمني بأحادية التفسير، وترتب عليها استنتاجات خطيرة وصلت إلى حدّ القول بأنني مزور للحقائق ومغالط للناس، قالب للحقائق رأسا على عقب عن عمد. أما زعمك بأنني أغفلت العناية الإلهية في تفسير انتشار ظاهرة الحجاب فلا يعقل من مثلي إلاّ أن أكون قد انقلبت في عينك لائكيا ملحدا لا يؤمن بقضاء الله وقدره ومشيئته المطلقة سبحانه؛ عياذا بالله تعالى من ذلك؟!   أما اتهامك لي بأنني واليت مَن أسميتهم بحكام السابع من نوفمبر وأنني شهدت شهادة زور فيما كتبت فأيّ دليل لك على ذلك؟ إنّها أحكام رتبتها أنت على فهمك الخاطئ لما كتبت! أليس في قولي: « .. إنّ معركة الحجاب في تونس قد وضعت أوزارها وخفت أوارها.. » اعتراف صريح أو على الأقل ضمني بأنّ هذه الحرب كانت في يوم من الأيام مسعّرة شديدٌ أوارُها؟! وهو ما حصل إبّان التسعينات عند ما كانت المعركة بين السلطة والنهضة على أشدها. فأيّ دليل لك فيما كتبت على أنني أنكرت ذلك.   يا سيد زمزمي، إنما أتحدث عن اللحظة الراهنة حيث ارتخت قبضة السلطة، وقلت حماستها للعمل بمقتضى المنشور 108. مهما تكن الأسباب والتحليلات ومهما يكن اختلافنا في تفسير هذا الموقف الذي اتخذته السلطة بخصوص الحجاب؛ هل اتخذته سياسة؟ ربما. هل اتخذته قناعة؟ لا أحد يدري. هل يؤشر ذلك على أنّ السلطة بصدد مراجعة بعض الأخطاء التي وقعت فيها في الماضي من مثل الجمع بين ضرب التدين العام وخصومها السياسيين من الاسلاميين بعصا واحدة باعتبار أنّ المتدينين ما هم إلاّ رافد من روافد المد الإسلامي السياسي الناهض مما يعضده ويقوي من منافسته للسلطة الحاكمة؟ كلّ ذلك وارد. ولكن الأمر الذي لا ينبغي أن تخطئه العين اليوم هو أنّ الحجاب منتشر بكثافة وأنّ السمت العام لسياسة الدولة هو الترك وغض الطرف رغم استمرار الحملات الظالمة على المتحجبات من حين لآخر بقطع النظر عما إذا كانت تصرفا فرديا استنادا إلى المنشور 108 أو تصرفا منظما انتهجته السلطة الحاكمة على رأيك. مرة أخرى أعلنها صريحة ـ يا سيد زمزمي ـ أدين استمرار هذه الحملات الظالمة على أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا في تونس الحبيبة كما أدين بقاء المنشور 108 وأدعو إلى إلغائه وشطبه بالكلية. ولكن شيئا من العدل ـ يا سيد زمزمي ـ أليس قد قال ربنا سبحانه وتعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَِ ». سورة المائدة الآية 8 هل بقي الحال كما هو في التسعينات أم تحسن؟ وهل مازالت السلطة تتعامل مع المتحجبات بالحزم نفسه الذي تعاملت به معهنّ في التسعينات؟ أم ارتخت قبضتها واعتدلت سياستها؟ أن نختلف في التحليل والتفسير، فأمر محتمل؛ وأن نختلف في توصيف الواقع بحسب ما تجمع لدى كل منا من معلومات فلا بأس، وليس من رأى كمن سمع كما يقال؛ لكن من غير المستسـاغ ـ يا سيد زمزمي ـ أن تشنّ عليّ حربا شعواء، لا تبقي فيها ولا تذر، لمجرد اختلافي معك في التوصيف والتفسير، وتتهمني في عرضي وشرفي وديني وتدمغني بشهادة الزور وأنت تعلم عظم ذلك وعظم الجزاء المترتب عنه في الآخرة.   أما ثالثة الأثافي ـ يا سيد زمزمي ـ فقولك : « ألاَ يكفي السيّدَ النّمري ما ارتضاه لنفسه من عودة ذليلة! أعطى بها الدّنيّة في دينه، فأحبط بها أجر هجرته وجهاده، وخذل بها صفّ دعوته، وفرّق بها شمل جماعته، ووهّن عزم إخوانه، وأقرّ عيون أعدائه!؟ ألا يكفيه كلّ هذا؟! حتى يأتي ليقف اليوم هذا الموقف الخذول!! ». بالله عليك أي صلة لذلك بما كتبت في مقالي؟ أين الموضوعية؟ أم تراك ضاق صدرك بمخالفتك الرأي في موضوع العودة، وهو موضوع خلاف ونقاش كبير بين أبناء الحركة ولايزال. أيضيق صدرك بالخلاف إلى هذا الحد! عجبا والله! لتكيل لي التهم جزافا إلى أن وصل بك الحد إلى النطق بالغيب في قولك عني: « .. فأحبط بها أجر هجرته وجهاده.. » أي علم لك بذلك؟! أم اطلعت على الغيب وكشف لك المستور، وشققت على صدور الناس فاطلعت على نواياهم وخفاياهم!   سأعود إلى موضوع العودة في مقال مستقل لأبيّن فيه للقراء الكرام أنّ المسألة مجرد اختلاف في وجهات النظر وتباين في الرأي داخل أبناء الحركة؛ والخلاف لا يفسد للود قضية كما يقال، ولا ينبغي أن ينتهي بنا إلى هذا الحدّ من الشتائم والسباب. وليعلم ـ السيد الزمزمي ـ ومن رأى رأيه في موضوع العودة أنّ المسألة خلافية وأنّ ممن خالفه الرأي ورأى أنّ الأصل هو العودة؛ إذا عاد الفرد محفوظ الكرامة؛ من الداخل كل من السادة: علي العريض، وزياد الدولاتلي، ومحمد العكروت، وأحمد العماري، وحمادي الجبالي، والفاضل البلدي وعبدالكريم الهاروني؛ أما من خالف رأيه في هذه المسألة في المهاجر فكثر أيضا ومنهم السادة: عبدالمجيد النجار، والحبيب المكني، وعبدالرؤوف بولعابي، ومحمد النوري، ورضا إدريس، ومختار بدري وغيرهم كثير ممن نعلمهم ويعلمهم السيد الزمزمي أيضا.   ولقد عدت والحمد لله عودة كريمة، محفوظ الكرامة، عزيز الجانب، لم أعط الدنية في ديني ـ وربّ الكعبة ـ ومن علم شيئا من ذلك عني فلينشره على الملأ، وليذعه على مرأى ومشهد من الناس؛ سواء ممن تعاملت معهم في السفارة بلندن أو غيرهم. ولم أجد من الجهات الرسمية في السفارة أو المطار أو المسؤولين بالمعتمدية التي أعود إليها بالنظر أو من إخواني الذين التقيتهم في تونس، بعد أزيد من عقدين من الزمن، سوى الاحترام والتقدير وحسن الاستقبال.   فعن أي عودة ذليلة تتحدث ـ يا سيد زمزمي ـ ومن أنبأك بذلك؟! وأي علم لك بذلك؟! وهل يمكن اتهام هذه القيادات المشهود لها بالجهاد والنضال في صفوف الحركة بأنها برأيها هذا  أعطت الدّنيّة في دينها، وأحبطت أجر هجرتها وجهادها، وخذلت صفّ دعوتها، وفرّقت شمل جماعتها، ووهّنت عزم إخوانها، وأقرّت عيون أعدائها!؟ ألا تخشى ـ يا سيد زمزمي ـ هذا الإسراف في القول؟! ألا تتقي الله ؟! وأنت صاحب السبق في الدعوة والتبليغ، ونحن نعدّك في موضع القدوة من إخوانك، وقد سننت لهم سنة السبّ والشتيمة حتى لخشيت أن يكون قد اقتدى بك السيد جمال الدين الفرحاوي في قصيدته الممهورة: « لهم ذلة الانحناء » والمنشورة في الحوار نات بتاريخ 24/09/2008.   بقي لي أن أختم ردّي هذا بملاحظات عامة عن ردك الطويل الذي تجاوز عشرين صفحة في ثلاثة أجزاء أذكرها لك باختصار فيما يلي: ·لم تلتزم الموضوعية في الرد على ما كتبت لا من قريب ولا من بعيد بل جاءت ردودك من خارج النصّ، ربما من معلومات خاطئة تجمعت لديك عني أو من قراءة خاطئة لما كتبت أو من أوهام وظنون لا يقوم عليها دليل من أصل المقال. ·أنت ـ يا سيد زمزمي ـ مسكون بوهم صبغ مقالك كله مفاده أنّ أخاك عمر باع دينه بدنيا غيره وانقلب بوقا للدعاية لحكام السابع من نوفمبر كما أسميتهم وهذه عباراتك تدل على ذلك: oوأعجب – والله – كيف راغ السيّد النّمري هنا وهناك، يبحث عن مخرج يتوصّل منه إلى تبرئة حاكم السابع من نوفمبر من جرائمه البشعة، واستمرار حربه القذرة على الحجاب والمحجّبات.. oهكذا سعى الدكتور النّمري جاهدا في تسويد وجوه هؤلاء – على ما بها من سواد – كلّ ذلك في سبيل تبييض وجه « بن علي » وتأكيد براءته من جنايته. oغريب – والله – أن تسعى يا سيّد النّمري في تبرئة حكّام السابع من نوفمبر – وعلى رأسهم – « بن علي » من عدوانهم الآثم على الحجاب والمحجّبات؟! oفما بال السيّد النّمري يتعمّد قلب الحقائق رأسا على عقب! مولّيا وجهه قِبل حكّام السّابع من نوفمبر! oوغير هذا كثير، كلام اتهمتني فيه بشهادة الزور، والمداهنة في الدين والمجادلة عن الظالمين، وإزجاء آيات الشكر والثناء عليهم. ·       أنت ـ يا سيد زمزمي ـ اخترت محاربة حكام السابع من نوفمبر، فهذا شأنك واختيارك لكن ليس على حساب سـمعتي وتشويه صورتي عند القراء الكرام، ولتعلم ـ يا سيد زمزمي ـ أنك بأسلوبك هذا تجاوزت منهج حركتك في الاصلاح؛ فحركة النهضة حركة إصلاحية ليس هذا أسلوبها وليس هذا نهجها ولا طريقتها في التقويم والإصلاح، وقلة هم أمثالك في الحركة الذين ينهجون هذا المنهج المتوتر. ·وعلى أية حال فقد كشفت بردك هذا عن ضيق شديد بالرأي المخالف وأبنت عن منهجك العنيف في الردّ عـن مخالفيك. ·وحاصل الأمر أنّ مجمل كلامك في ردك المذكور وما حشدته من الآيات الكريمة والأدلة والبراهين والمماحكات والمحاكمات العقلية خارج عن الموضوع ولا سند له فيما كتبته في مقالي موضوع ردك.   وأسأل الله أن يغفر لي ولك وأن يهدينا سواء السبيل.


            بسم الله الرّحمن الرّحيم                                      لا يا أمير الدّعاة ما أخطأت رسالتنا (1)وجهتها                       

                                                     

 مصطفى عبدالله ونيسي/ باريس   لا يا مولانا ما أخطأت رسالتنا وجهتها.  ولكنّك أنت الذي لم تتبين وجهتها ولا وجاهتها ولا المقصد الأساسي من وراء كتابتها، وهو ما سنحاول توضيحه . ولعلّ    السبب في عدم إدراك ذلك هو العَدْوَى الحزبية الضيّقة التّي لم  يَسلم منها كثير من النّاس،  حتى مَنْ كُنّا نعتقد أنّهم في منجاة من هذا المرض من أمثال شيخنا الفاضل.  فليس العيب أن نختلف في تقدير المصالح و في كيفية الدفاع عنها أو في تقييم ما ورد في هذه الرسالة أو غيرها ،أسلوبا ومنهجا وتقديرا للأشياء، بل العكس هو المُستغرب لو حصل. ولكن العيب كل العيب هو هذا المنهج التكفيري في مقارعة الرّأي المخالف. ومن العيب أيضا  هذا الأسلوب  في التّهكم( الحُقرة)ومحاكمة النّوايا والتحريض على الكراهية والنّزاع بدعوى الدّفاع عن الذّين والشريعة. فكتابة مجرد رسالة وتوجيهها إلى مسئول في وضح النّهار وعن طريق الصحافة الألكترونية   ليس جريمة فيما أحسب ولا  يستحق الأمر كل هذا الغضب و التشنج ،خاصة وأن ما ورد فيها لا يلزم أحدا غير كاتبها ، فلماذا هذا التوتر والحجر على التفكير الحر!؟  ألم تعلم أن  هذا  تقليد  قديم،أو شكل من أشكال المناصحة، كان  قد سنّهُ نبيّنا عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم ، وسار عليه العلماء من بعده قديما و حديثا، وما من مُصلح حقيقي إلاّ و راسل الحكام والوزراء ينصحهم و يدعوهم إلى المعروف و يذكرهم بتقوى الله تعالى.  و رغم   ما صدر منك  و عنك من ردود غير موضوعية وفيها الكثير من التجنّي ،بل وغير ودّية أحيانا، أشكرك  على  إتاحتك  لي الفرصة  لأوضح بعض ما ذهبتُ إليه من أراء. فردودك  ألفتت انتباهنا إلى جملة من المسائل التي ينبغي علينا أن نزيدها توضيحا ودراسة حتى لا يكون  حوارنا مصدرا للنزاعات الفكرية العقيمة. ما أريده  منكَ ومِنِّي ومن كُلِّ مَنْ نُحِبّ ُ هو أن يكون خلافنا، ما دامت النّوايا سليمة و خالصة لوجهه الكريم ، مصدرا للثراء والتيسير و تعدد الخيارات وليس مصدرا للنزاع والتشتت وضيق الأفق و ذهاب الرّيح لا قدّر الله . المعارضة الإسلامية و خاصة منها  التونسية في بلاد المهجر مشكلتها أنّها قد بقيت رهينة ضغط   اللحظة الرّاهنة،تعيش على ردود الأفعال، تلوك قضايا جزئية مبعثرة لا رابط يجمع بينها في  بناء فكري و تنظيمي متناسق يسمح بالتعدد الفكري والحوار الديمقراطي المسئول، في حين أنّها كانت مطالبة بحكم واقعها الموضوعي و تواجدها خارج البلاد أن تتفرغ للبناء و الإستشراف و التجديد على مستوى المؤسسات. كما أنّها كانت مطالبة بإعادة الإعتبار للمناضلين واحترامهم  على مستوى الأفراد.  فالحركة الإسلامية المهجرية  قد توفرت لها فرصا تاريخية للمراجعة و التجدد الذاتي، وخاصة على المستوي العلمي والإعلامي و الفكري والثقافي والإقتصادي  ، ولكنها بسبب التباكي المستمر وخطاب المواجهة أو المغالبة وردود الفعل المُغرق في العاطفية الصبيانيّة والتآكل التنظيمي الدّاخلي بقيت تراوح مكانها ، فلا هي تجددت وتطورت ولا هي تركت المجال، ولو هامشا صغيرا، لمن يريد أن يتجدد أو يتطور أن يفعل ذلك دون أن تلاحقه بترسانة من التهم والإشاعات ، والدليل على ذلك هذه الردود الطويلة التي انبرى الشيخ يكيلها لكل من خالفه الرّأي أو حاد ولو قليلا  أو  حدثته نفسه بالتمرد عن هذا الفكر النمطي السائد الذّي بقي يكرر نفسه ولا يتجدد. فهذه الحركة أيهما أولى بها وأنفع، هل هو الشّد  إلى الوراء و الإرتهان للواقع المرير والدوران في الحلقة المفرغة،أم  المبادرة والمراكمة والإستشراف والسير بكل أمل و ثبات  نحو المستقبل الباسم ؟ مناهج التغيير وإشكالية الخلاف في الرأي:    إنّ الإختلاف  في تقدير المصالح أمر طبيعي ولذلك قالوا لنا ــ منذ قديم الزمان وسالف العصر والأوان ــ أن الخلاف رحمة والمقصود بالخلاف هو الخلاف البنّاء،فلماذا إذا نُضيِّقُ واسعا ونُلزم الآخرين بما لا يلزم ؟ كلانا ولا شك يا شيخ الدعاة يؤمن أيمانا راسخا بأن مثل هذا <المنشور> (2) ما كان له أن يوجد أصلا في بلد عربي وإسلامي عريق مثل بلدنا تونس. ولكن ما دام الأمر قد حصل وأصبح أمرا واقعا، وهو ما سنقاومه بطبيعة الحال كلفنا ذلك ما كلفنا، فلا حرج أن يكون لكل واحد منّا طريقته  و منهجه في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. فلماذا أخي الحبيب تريدني أن أحذو حذوك، شبرا بشبر و ذراعا بذراع، في طريقتك ومنهجك لمقاومة هذا المنكر أو ذاك ؟ لو كنت أومن بفاعلية منهجك ما كلفت نفسي مثل هذا العناء لأنك  عند ذلك تكون قد كفيتني ذلك وزيادة. إنّي أعتقد أن هناك منهجا آخر في مقاومة المنكر غير الذي ذهبت إليه قد يكون أكثر تأثيرا وفاعلية ومع ذلك أحترم رأيك ومنهجك في المقاومة و الصمود. إنّ ما ذهبتُ إليه في تقديري الخاص من اجتهاد في تبليغ رأينا ليس  بِدْعًا وانحرافا وإنّما هو عمل  يسعه المنهج الوسطي في الإجتهاد الذي سار عليه سلف هذه الأمة في تقدير المصلحة والفتوى. ولو تبين لي خطأ ما قمت به لتبت إلى الله فورا. إنِّي أحب كثيرا فقهاءنا الأصوليين. فالأصوليون كلهم فقهاء والفقهاء ليس جميعهم  أصوليين. ويُسعدني أن أتشبه بهؤلاء الأصوليين وأسير على خطاهم وأنهج نهجهم في تقييم الأشياء قدر المستطاع رغم قلة بضاعتي العلمية . فهذا الصنف من العلماء ما أحوجنا إليهم في هذا العصر الذي كثر فيه اللغط و الهرج و انقلبت فيه الأولويات و الموازين الحق وقلّ فيه الفقه بالذّين و الدّنيا معا. فهؤلاء الأفذاذ تظهر كفاءتهم ومصدر تميزهم في طريقة تعليمهم العلوم والفقه على وجه الخصوص. فهم في مناهج  تعليمهم  لا يُغرقونك في كَمًّ هائل من الأحكام الفقهية الجزئية المنزوعة من سياقها التاريخي والمعزولة عن محيطها الإنساني لتحفظها عن ظهر قلب ولا يهم كثيرا إن لم تكن لها فاهما، ومن يفعل ذلك   يَعُدُونّهُ حافظا ولكن لا يَعُدّونَهُ فقيها  أبدا. و شتان بين الحافظ  والفقيه. عن ابن معاوية رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله (ص) يقول: ( من يرد الله به خيرا يفقه في الدّين، وإنّما أنا قاسم و الله يُعطي، و لن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم ،حتى يأتي أمر الله)(3). هؤلاء يُحْيّوُنَ فيك عقلك وملكاتك الذهنية قبل أن يحيوا فيك ذاكرتك. هؤلاء يعطونك آليات ومناهج، في استنباط الأحكام ومعالجة المستجدّات،  عن طريقها تستطيع أن تفرق بين الحلال و الحرام و بين المنافع و المفاسد و ما يعتريهما من أحكام متفاوتة النفع و الضُّرِ وصلوا  بها إلى خمس درجات متفاوتات. هؤلاء يُعلمونك أصولا وقواعد فقهية كلّية  عن طريقها تستطيع أن تفهم عصرك وتتفاعل معه بما يرضي الله ويفيد النّاس. هؤلاء لا يفرضون عليك إجتهادا معينا مهما كانت صوابيّة هذا الأجتهاد  ودقته و مهما كانت مكانة صاحبه   العلمية والفقهية. هؤلاء الأفذاذ يحترمون عقلك ورأيك ،ولا يهم إطلاقا أن تكون مخالفا لهم. المهم عندهم أن يكون رأيك معقولا تتوفر فيه شروط الإجتهاد و مفيدا للنّاس،جالبا للمصالح أو دافعا للمفاسد . هؤلاء بسماحتهم العملية و القولية  يعلمونك السماحة و الإنفتاح والقبول بالرّاي الآخر ويدفعونك الى الإجتهاد دفعا. ولهذه الأسباب  يعجبني منهجهم  وأتمنى أن أسير على خطاهم  في ترتيب أولوياتي  و تنظيم مقدماتي والتفاعل مع أراء الآخرين دون أن أحاكم نواياهم أو أسيء الأدب معهم،  فرأي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ومتى تبين لي صواب الرأي الآخر أتواضع لله و أكون سعيدا وأضرب برأي الخاص عرض الحائط ولا أبالي، فلماذا هذا التوتر و الغضب؟ شيخي الفاضل أمنيتي أن أكون فاعلا فأساهم في خدمة بلادي و بالشكل الذي أراه مناسبا لا بالشكل الذي يفرضه عليّ الغير، وهذا من حقي  و من مقتضى كرامتي وحُريتي.  هذا طموح يسكنني منذ زمن طويل، فلا تقتل في هذا الطموح أرجوك. أعترف أنّ طموحا مثل هذا قد يكون لواحد مثلي حُلما بعيد المنال، ولكن مع ذلك فمن حقّي عليك أن لا تُثبطني ولا تُشمت بي الأعداء وأن لا تُوَهِّنْ عزيمتي  عن صعود الجبال. أترضى لي أن أعيش أبد الدهر بين الحفر خائفا يترقب؟ ذاك عار عليك إن فعلت عظيم. ما أنتظره منك ومن أمثالك هو التشجيع على  الأخذ بزمام  المبادرات وتحريك المياه الرّاكدة و الدفع إلى الأمام . ألا تعرف أنّنا  في حاجة ماسة لإختراق  هذا الجمود المؤذن بانقراضنا إن لم نفعل شيئا. كما أنّنا في حاجة لكسر هذا  الروتين المخيف و الرهيب  عسى الله أن يحدث لنا بعد ذلك أمرا رشدا و ينصرنا من حيث لا نحتسب. كما أنّنا في حاجة لرفع هذه العزلة المفروضة علينا منذ ما يزيد على العشريتين . هذا ما نريد أن نخوضه و نحن مرفوعي الرّأس موفوري الكرامة ،لا نخاف إلاّ الله ، و لا يشغلنا إلاّ مصلحة شعبنا و خدمته.  أمّا الإنتظار و الإستسلام للأمر الواقع والإنغلاق  فهذه سلوكيات يجيدها كل النّاس. لا تعتقدنّ أنّك أكثر غيرة على دين الله، فنحن أيضا نريد الإصلاح مثلكم و نغار على الدّين  ولكنّنا قد نختلف  في الكيفية والطريقة،وليس في ذلك حرج ديني، فلماذا هذا الغمز و اللمز و الإحتقار،و ما المصلحة من كُلِّ  ذلك؟  أسألك عن ماذا أنت خائف ،لترد علينا بهذا العنف الذي طال محاكمة النوايا؟ ألا تعرف وأنت الداعية المشهود له بالسبق والإخلاص والذي نفتخر به ونعتز (أنّه بحسب إمريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم)؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تحاسدوا، ولا تناجشوا،ولا تباغضوا، ولا تدابروا،ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه و لا يخذلُهُ، و لا يحقره، التقوى ههنا، و يشير إلى صدره ثلاث مرّات، بحسب إمريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كُلّ ُ المسلم على المسلم حرام،دمه وماله و عرضه)(4) أخي الحبيب لعلمك ودون الدخول في  مقدمات طويلة  أن أصل الخلاف بيننا ليس هو هذه القشور التي رميتها في طريقنا لننزلق فيها ولو لم تكن متعمدا، وفي ذلك  يكمن أصل الدّاء.فالعلم بالشيء أصل عن تصوره، ونحن لذلك لا نتهمك في نواياك وإخلاصك، كما فعلت معنا،ولكن نلومك على عدم تقديرك للرّأي المخالف  في أمر يعدّه الفقهاء من الفروع ويسعه الإجتهاد الدّيني . فحقيقة الخلاف الذي حصل بيننا هو  خلاف في المنهج لا يستحق هذا الإستنفار والتضخيم .  وما دامت هذه طبيعة خلافنا فلماذا لا نحافظ على هدوءنا ونصبرو نحترم بعضنا بعضا ولا نتورط في تكفير أحد مهما كان، فنحن دعاة لا قضاة ،ثمّ بعد  ذلك نحاول معا أن نرد الخلاف إلى أصله. وإن لم نفعل، فسيبقى حوارنا حوارا  للصم البكم الذين لا يَصْلُحُونَ و لا يُصلِحون ،وهو ما لا أرضاه لأحد خاصة إذا كان من أهل الخير و المعروف ومحسوبا على أنصار صحوة الإسلام المباركة.           وعملا على المساهمة في التذكير بعجالة ببعض القواعد الكلية التي تساعد على  الحوار البناء وتجعل من خلافنا إن كان لابُدّ منه  مصدرا للثراء والتعدد وليس مصدرا للتنافي و النزاع ،كان لا بدّ أن نناقش بعض تلك القضايا التي أثارتها ردودك الطويلة دون أن ندخل في التفاصيل ودون أن نرد على كل ما ورد فيها. فغايتنا ليس الإنتصار للدّات  بقدر ما هو بيان شرعية تعدد الأراء والتوجهات .  نقوم بذلك  لنبين أن الخلاف الحقيقي بيننا  في جوهره  لا يكمن فيما أثرته حولنا من شبهات جزئية هي محل اتفاق بيننا لو أعملت  النظر وأحسنت بنا الظّن و تحليت بشيء من الموضوعية و  لم تخنك العواطف الجياشة وتضبب عليك رؤية الأشياء بميزان العقل وحنكة السياسي الذ ي من المفروض أن تكون الأيام قد صقلته خاصة ونحن لا نَمَّلُ القول بأننا حركة سياسية وليست حركة دينية.  فالخلاف بيننا من وجهة نظري هو خلاف في الأساس يكمن في المنهج وطُرق العلاج. وهذا ما سنحاول  توضيحه. لقد اتهمنتا  بالتعصب للوطن  على حساب الذّين و المهادنة للسلطة …. بل و بالإنحراف  العقائدي أيضا……!  فما هي ردودنا على هذه الشبهات؟ وما هو توضيحنا لتلك المعاني الواردة  في تلك الرسالة الموجهة لوزير الشؤون الدينية التي قد لا يكون قد سمع بها أصلا؟ هذا ما سنحاول الرّد عليه في الجزء اللاحق إن شاء الله تعالى.  مصطفى ونيسي /باريس   1،2) رسالة وجهها كاتب هذا المقال إلى بعض الصحف الإلكترونية في المهجر يلفت فيها نظر المسئولين التونسيين إلى ضرورة نسخ منشور  108القاضي بمنع اللباس الطائفي حسب زعمهم. 3) رواه البخاري في صحيحه. 4) رواه مسلم /مختصر صحيح مسلم ص466  


الرد على السيد عبد الحميد العداسي (2)

 

كتبه  عبد الحميد خلفة في 4 اكتوبر 2008 يتهافت عبد الحميد على كل موضوع و يتصدى إلى كل مقال يشتم منه معارضة قيادته الحكيمة و إن كانت مواهبه محدودة جدا.. و لكن ذاكرة « حارس » القصر قصيرة.. ففي لحظة  غفلة غير مسؤولة من وقته الطويل أمام شاشة الكمبيوتر، تمنى أن تكون القيادة غير القيادة و أن يكون للدكتور عبد المجيد النجار  دور متقدم في هذه المرحلة.. أما في مقاله الأخير يتوب إلى بارئه و يخشى أن يفهم كلام د. نجار على غير وجه فقال  « هذا وقد ساءني حقّا أن يركن الإسلاميون إلى مبارزة أنفسهم لإقامة الحجّة على بعضهم البعض » في مقاله الأخير يعود إلى مربع المسؤولية و يتصدى لمقال د. النجار..  و في وقت سابق لم يخش أن يقال في مقاله ما قال في مقال غيره « هذا وقد ساءني حقّا أن يركن الإسلاميون إلى مبارزة أنفسهم لإقامة الحجّة على بعضهم البعض » لأنه هو الذي كتبه و فهمه على الوجه المطلوب.. فالنستعيد جميعا ما كتب العداسي منذ مدة: في مقال ل عبدالحميد العدّاسي بعنوان « دعوة هامّة » بتاريخ 04ـ08ـ2008 قال « وقد فرغت اليوم من قراءة « الورقة » التي وصلتني ضمن بريدي من طريق غير الطريق التي رُمتها، وقد رأيتها قيّمة موضوعيّة، وقد رأيت بُناتَها حائزين على الثقة مهتمّين بأمر المسلمين في تونس وغيرها من البلاد متسلّحين بالإخلاص واليقين… ولست هنا لمناقشة ما جاء في الورقة بالتفصيل المفصّل لقبول منها ما يقبل ودرء منها ما يُدرأ ء فإنّ الحركة لم تأذن بعد –، ولكنّي هنا لأدعو إلى أكثر من ذلك: فبناء على ما تردّد من أصداء إبّان المؤتمر الثامن للحركة (بداية مايو 2007) حول عدم استعداد القيادة التاريخية للحركة لمواصلة التواجد على رأس الهرم ورغبتها في تجديد الدّماء مراعاة لمصلحة الحركة خاصّة والبلاد عامّة. وعلى ما تردّد كذلك من عزوف كلّ القيادات الأعلام عن تولّي المسؤوليّة ما انجرّ عنه نوع من « إجبار » الشيخ على رئاسة الحركة!… وبالرّجوع إلى هذه الورقة وما جاء فيها من برنامج تفصيلي، ليس حول المتّفق عليه من كون الحركة حركة إسلاميّة تسعى ببرنامجها إلى الإسهام في بلورة الشأن التونسي العام وجعله على المسار الصحيح الضامن لخيري الدنيا والآخرة، وإنّما حول الطريقة الأجدر بالاتّباع في هذا الظرف لتنزيل ذلك البرنامج، فإنّني أدعو – دون كثرة مقدّمات – إلى عقد مؤتمر انتخابي عاجل يكون بموجبه بناةُ هذه الورقة في أعلى الهرم القيادي للحركة، ليعملوا بجدّ وحرص على تنفيذ كلّ ما جاء في هذه الورقة وبالأسلوب الأجدى وبالطريقة الأسلس وبالرؤية الأكثر واقعية، كي نتمكّن – بإذن الله ء من مغادرة هذا المربّع الذي ظلّ التضييق فيه على رأي في الحركة، يُتّهم من قِبل البعيد والقريب على حدّ السواء بـأنّه « متصلّب »، يزداد يوما بعد يوم… ولعلّنا نسهم بذلك ء بإذن الله وعونه ء في التخفيف عن أهلنا في تونس! والله من وراء القصد…  » طبعا « الورقة » التي يتحدث عنها لعداسي ورائها بعض القوم يقول فيهم « وقد رأيت بُناتَها حائزين على الثقة مهتمّين بأمر المسلمين في تونس وغيرها من البلاد متسلّحين بالإخلاص واليقين… » ثم يقول « وبالرّجوع إلى هذه الورقة وما جاء فيها من برنامج تفصيلي، …فإنّني أدعو – دون كثرة مقدّمات – إلى عقد مؤتمر انتخابي عاجل يكون بموجبه بناةُ هذه الورقة في أعلى الهرم القيادي للحركة، ليعملوا بجدّ وحرص على تنفيذ كلّ ما جاء في هذه الورقة … » بمقاله موضوع الحال يلقي لعداسي ب »دعوته الهامة » عرض الحائط و يكتشف أن من وصفهم ب « وقد رأيت بُناتَها حائزين على الثقة مهتمّين بأمر المسلمين في تونس وغيرها من البلاد متسلّحين بالإخلاص واليقين… » ليسوا أهلا لهذه الثقة المطلقة.. على كل حال هذا مقال يكفر زلات مقال « الدعوة الهامة » و أعوذ بالله من كل هامة و لامة … يبدع العداسي كلما كتب ! يبدع في كل موضوع ! لا يخشى في الله لومة لائم! يقول كلمة الحق و يمشي و أحيانا لا يمشي و يحسبه القارئ يمشي و هو « حابس  من كل شيرة »..


بسم الله الرحمان الرحيم

أجسام في الغربة وقلوب في الوطن

 
كان العربي يتزود بحفنة من تراب الوطن عندما يسافر بعيداً، فإذا وجد نفسه ضعيفا شم من تلك الحفنة شمة تعيد له القوة. هذا ما ذكره أمين نخلة الذي تجرع كغيره من العرب كؤوس الشوق للديار، أثناء غربتهم في أصقاع العالم ودوله. فجميل، بل ومطلوب من الإنسان أن يسافر إلى هذا البلد أو ذاك حتى يحقق ما قاله الشاعر:  
تغرب عن الأوطان في طلب العلا          وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفّرج هـمًّ واكتســـــــــــابُ معيشـة          وعلـم وآداب وصحبـة ماجـــــد   
وكثيرة هي الأسفار التي جلبت للإنسان الخير والخبرات، وقوة الإختبار لدينه وعقله ووجدانه، ولكن يبقى الإنسان مهما كان كارهاً للعيش في وطنه، متعلقاً بخيط اسمه الحنين للوطن وأهله، كيف لا وإن الفطرة الإنسانية لا يمكن لها أن تذيب، أو تتجاوز هذا الحنين الطبيعي. فكثير من الناس من تعرضوا للطرد من أوطانهم، وماتوا والحسرة متعمقة فيهم لعدم القدرة على العودة. « فحرق الأبدان أهون من الطرد من الأوطان » كما يقول المثل العربي. يقول تعالى في سورة النساء الآية 66: [ولو أنّ كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم مافعلوه إلاّ قليلا]. فساوى بين الإخراج من الوطن والموت، وكما قال نصر بن حجاج لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين طلب منه الرحيل خوفا على أعراض المسلمين: « لقد قتلتني ياأمير المؤمنين، فإن فراق الأوطان كقتل النفس ». ومهما اندمج المرء في مجتمع الغربة، وتثاقلت همومه، وتعقدت مطالب حياته، إلا أن حنينه لوطنه ومسقط رأسه سيبقى محركاً لمشاعره، وانجذابه نحو بلده الذي ولد فيه، وأصدقائه الذين نشأ وإياهم… فمهما طالت غربتي كتونسي عن وطني، فإن علي أن أجدد دوماً الحنين إلى ذاك الوطن، بالسؤال مادام غير مسموح لي بالعودة. فشعبنا الذي يعتبر أكثر شعوب الأرض تناسقا وتسامحا، وارتباطا بالأرض التي نشأ فيها، مطلوب منا نحن الآباء والأمهات والتربويين والمثقفين المغتربين أن نعمق وباستمرار، هذا الحنين في عقلية أبنائنا وصغارنا، ليتوارثوا الحنين لتونس. ومهما كان في وطن الإنسان من صعوبات وظروف قاسية، فإن الوطن يجب أن يبقى بمثابة الوقود، الذي يضيء لهذا الإنسان ذاك الأمل في العودة لوطنه، حتى يساهم مع بقية أبناء شعبه في البناء والتعمير والإزدهار. ومهما كانت حياة الإنسان في غربته مستقرة وسعيدة، فإنه دائم التذكر والحنين للوطن، الذي ولد وعاش شبابه فيه. وكما قيل: إذا حرمت من أن تطأ تراب وطنك فعليك أن تبقيه أملاً وحنيناً في عقلك وقلبك. سألني جاري الإيطالي لما رأى مني من التنهدات حين أذكر وطني: بأي حبر تكتب؟؟.. ضحكت.. ربما كان علي أن أقول الكثير من مدارج الروح.. ربما كان علي أن أحكي له قصة هذا الرجل الذي أحب تونس.. أخذت أحدثه عن ذكريات مازالت شديدة الحضور في الذهن.. منذ تلك اللحظة الهاربة بين الوعي وسقوط الأشياء، أشعل الأهل فينا فضاء الحنين لبلد ولدنا فيه، عرفناه عن قرب، عشقناه من خلال عشق كل واحد منهم.. هل كان علي أن أذهب أكثر في الكتابة كي تشرق شمس تونس حرية في القلب كما في الروح؟؟.. عشرون عاما مضت.. أتدرك معنى أن يبقى الواحد عشرين عاما وهو لم يزر وطنه.. زيادة على الحرمان والشوق والحنين، والحب واشتعال الخفق هياماً ببيت هناك؟؟.. عشرون عاماً مضت والغربة قسرا تعنون الأيام والسنوات.. من يستطيع في هذه الدنيا أن يفسر لنا ما معنى أن نعيش هكذا على هامش الغربة، أو في أتونها؟؟.. من يعيد لنا أيامنا وأعمارنا المسروقة منا؟؟.. لماذا كتب علينا أن نكون ضحية نظام مجنون، نظام يفسر العدالة كما يريد، وبالشكل الذي يريد.. نظام يبتلع الحقيقة كي يبعدنا عن الوطن..!! هل كان ذنبنا الذي لايغتفر أننا عارضناه في إدارة أوطاننا، لنشرد ونذوق اللجوء كل هذه السنوات؟؟.. كم نحن نشتاق، وتقتلنا أيام البعد عن الأهل والوطن.. فلسطري هذا، رائحة الأرض حين تموج في البال ذاكرة الصور.. هل سيعرفنا الأقارب إن عدنا إليهم؟؟.. لا أدري لماذا أحسّ هذا الإحساس العالي بأنّ الصغار في تونس يملكون سجلا فيه أسماء كل المغتربين، الذين ولدوا بشكل طبيعي في بلادهم، والذين ولدوا بشكل قسريّ في بلاد الله الواسعة.. متأكد حدّ اليقين أن أسماءنا وملامحنا وحركاتنا وسكناتنا محفوظة في هذا السجل.. لذلك سنعود بحول الله، وكل حبة تراب في تونس تعرف أننا سنعود.. وحتى الموتى المبعثرين في قبور هذا البلد أو ذاك سيعودون.. إذا كان الفلسطيني يحلم، بل متأكد من العودة إلى وطنه، فكيف يقل حلمي أنا.. وأملي أنا.. ليكن.. حلمي هذا الذي تشاركني فيه زوجتي وولدي وأهلي، نعم أهلي هناك.. وعلى رأسهم أبويّا. أمي التي ضعف بصرها من كثرة البكاء على غياب بكرها، ووالدي الذي يراني في منامه، ويراني في يقظته حين ينظر إلى ماتبقى حيا من الأشجار التي زرعتها وأنا صغير، والدي الذي يحملني بين ذراعيه حين أمرض، وهو يجري بين بيوت الريف المتناثرة يبحث عن سيارة يكتريها ليحملني إلى المستشفى البعيد عنا، وأمي وراءه تلهث والدموع تنهمر من عينتيها مرددة بعض الأدعية التي حفظتها كي يشفيني الله.. أمي وأبي اللذان هجرتهما وأنا لم أبلغ سن التاسعة عشر من العمر إلى يوم الناس هذا.. أمي وأبي اللذان يحلمان أن أفتح عليهما الباب يوما وأغطيهما وهما نائمان كما كانا يفعلان معي صغيرا.. أو أسهر عليهما الليالي في حال مرضهما… أمي التي أحلم أن أستلقي على الحصير أمامها ساعة بعد الغروب متوسدا فخذيها وأنا أعد النجوم كما كنت أفعل وأنا صغير.. وأبي الذي أحلم أن أتسابق معه في أوقات الصيد من يقتل الفريسة أولا كما كنا نفعل وأنا صغير..! حلمنا الذي نتشارك فيه هو فسيلة نزرعها في فٌسحة المنام، أحيانا بصخب وأحيانا بصمت ودون كلام… نحلٌم اليوم ونزرع بشغف ونتمنى أن نقطف الثمار غدا… مهما تفرقت بصماتنا وتشابكت على كل بنان. نحن كالكواكب لا نخرج عن مسار القدر، فقط هي أحلامنا تدفعٌنا أحيانا، وتسحبنا أحيانا، عندما يٌفاجئنا الفتور والإعياء… هذا الحلم الصغير عند غيرنا.. يكبر كلما كبٌرت مساحة النظر وتتعاظم كلما غمرت الرغبة عالمنا الصغير، وعلى قدر الإتساع الذي نحس به داخلنا، يكون إتساع مجال الحٌلٌم، ويكون بقدر ذاك الإتساع، الرجاء في العلي القدير، تكون الثمار المقطوفة، ليست أحيانا بقدر الجد المبذول، فهل منكم من تحقق له منها شيئا؟ أمام إخفاقنا في تحقيق أحلام الجيل الكبيرة.. أن تفتحي الباب يا زوجتي العزيزة على وسعه للشمس، وأنت تفردين ضفيرة الوجد لقرية اسمها هبيرة، وبلد اسمه تونس، أجدى بكثير من صرخة جارحة على أرض.. لاأصادر حنيننا واشتياقنا.. هذا مستحيل، إننا أجدر الناس بالفرح والحب والأمل.. لا أحد يفهم معنى الأمل الطالع من شجرة الرجاء كما نفهم.. ولا أحد يستطيع أن يلامس العزف على وتر الفرح والحب والضحكة المليئة بالحياة كما نلامس.. والشيء الغريب الذي تعلمناه حنينا وشوقا واشتعالا هو قدرتنا المذهلة على البكاء ونحن نضحك، وعلى الضحك ونحن نبكي.. بعيدين عن أمي وأمك التي صبرت على ابنها السجين أو المشرد وهي محتسبة؟.. هذه الأم التي أوجدت على مدار السنوات سرها الخاص في حبها الأشد لوطنها وأولادها معا.. هذه الأم التي خطّت فلسفة حبها وكتابة هذه الفلسفة ليس على سطور من ورق بل على سطور من تاريخ، وحياة يومية بين بعد الأحبة وتقدم السنين، وهي أرقّ من نسمة وأضعف من وردة.. عشرون عاما..  هل هي طويلة إلى هذا الحد ؟؟.. سلمني أبي راية الحنين.. فهل سيكون الزمن طويلا..؟؟ لا أظن مادام الحنين فينا وبنا.. وما كتبته هذا، كتبته أيادي الشعب، ولا يمكن أن يمحى ولا يمكن أن يزول.. لأنها مكتوبة على كل سطر من سطور الزمن.. فتحي العابد

 

من هو فيصل ڤربع و كيف توفي؟

 كنت في مقال سابق نشر بموقع « تونس نيوز » تعرضت إلى محنة المساجين السياسيين بتونس، والتي دامت أكثر من سبعة عشرة سنة. حيث سقط بعضهم فيها شهداء سواء تحت التعذيب أو في ظروف غامضة أو بالإهمال الصحي داخل السجون و خارجها، و أتيت على أسمائهم و كيفية وفاتهم واستشهادهم. وأحصيت منهم ثمانية و خمسون شهيدا توفوا   بعدما لاقوا كل صنوف التعذيب و التنكيل و القمع و الإرهاب و الإذلال و سوء المعاملة و التباطئ في العلاج و عدم الإسعاف في الوقت المناسب والحرمان من الرعاية الصحية الضرورية سواء داخل السجن أو خارجه بل وصل الأمر إلى حد النكاية والتشفي المقصود والممنهج وعرضت إلى جوانب المأساة في حلقة القتل والموت البطيء والتي استكملت دائرتها واستحكمت وخطت بإحكام ودقة بيد الجلادين والسجانين وأسياد يأمرون من وراء حجب لا يعرفهم أحد يحملون بين ظهرانيهم قلوبا حاقدة فهي كالحجارة أو أشد قسوة و أحاسيس و عواطف ميتة مغلقة بأقفال من حديد أفرزت كل هذا العدد من الضحايا الذين سبقوا إلى الموت  » و منهم من ينتظر.. » و أصبحوا وصمة عار في جبين كل المتسببين في مقتلهم بل في جبين هذا الوطن الذي نحبه و نعشقه مليون مرة أكثر مما يحبه الجلادون، أليسوا هم من تفننوا في تعذيب الأبرياء دون أن يرقبوا فيهم إلاّ و لا ذمّة؟ أليسوا هم من تسببوا في مقتل الشهداء؟  أليسوا هم من قال فيهم الشاعر :   متبلدون عقولهم بأكفهــــــــــــــــم  **** و أكفهم للشر ذات حنيـــــــــــن لا دين يردع لا ضمير محاســــب  **** لا خوف شعب و لا حمى قانون لا يشفقون على المريض و طالمـا  **** زادوا أذاه بقسوة و جنـــــــــون أترى أولائك ينتمــــــــــــون لآدم  **** أم هم ملا عين بنو ملعـــــــــون و سل السياط السود كم شربت دما **** حتى غدت حمرا بلا تلويــــــن واسأل زنازين » نابل » تجبك عــن   **** فن العذاب و صنعة التلقيــــــن   نعم قد يكون هذا الوطن جميلا خلابا في الصيف فيتهافت عليه أصدقاء الدرب و النضال من الذين غادروه مكرهين ثم غفر لهم عن جريرتهم وما ارتكبوه من حب لتونس فأصبحوا يتوافدون عليه مهللين عند كل شمس صيف ينعمون بالراحة والاستجمام ثم يغادرون وينسوا بعد ذلك أهله المعذبين من الذين يموتون في اليوم مرات ومرات بسبب الحاجة والفقر والمرض وقلة ذات اليد حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت فمنهم من اختل ذهنيا ومنهم من توفي بسبب الأمراض التي نخرته وعجز عن اكتشافها فضلا عن معالجتها ومنهم من أعجزه المرض عن العمل فوقف أمام المساجد يستجدي حسنة ومنهم ومنهم ومنهم..   ومنهم من تاق إلى الحرية في أدنى مستوياتها فشن إضرابا عن الطعام لعله يحصل على بطاقة معالجة مجانية و منهم من شن إضرابا عن الطعام في السجن فتوفي أثناءه  دون أن ينال شيئا كما هو الشأن بالنسبة للشهيد رضا الخميري 1997 والشهيد علي المزوغي 1997 وعبد الوهاب بوصاع 2002 ومنهم من اضطرب نفسيا واختل ذهنيا وعددهم فاق الواحد و العشرين ومنهم من انتحر بسبب هذه الاضطرابات كما هو الشأن لعبد الرزاق بربرية 1997 ومحمد علي فداي1997 ولطفي بن عمارة العميري 1997. ولا أنسى أن أذكّر الجميع أن سنة 2008 فقط توفي من هؤلاء المساجين بسبب الإهمال و الحرمان من أبسط الرعاية الصحية كل من أحمد البوعزيزي13 جانفي2008 والطاهر الشاذلي23 جانفي2008 والمنجي العياري24 جانفي2008 وعبد الكريم المطوي17 أوت2008 ومبروك بن عبد الله 25 أوت2008.   من هو فيصل ڤربع و كيف توفي ؟ هو أستاذ تعليم تقني يبلغ من العمر خمسة و أربعين سنة أب لطفلين، مطلق يقطن بمدينة قربة من ولاية نابل ، حوكم بأربعة سنوات و أربعة أشهر سجنا أطلق سراحه سنة 1995 وكان قد اعتقل هو و زوجته في 3 أكتوبر 1991 و عذّب بمركز الحرس و التفتيشات بنابل بمعيّة 90 من رفاقه كنت أنا من بينهم.   سلط عليه أعوان الحرس صنوفا من التعذيب المتعدّدة فقد علق حوالي 20 مرة في شكل  » الروتي  » في مدة شهر واحد وضرب على عينه اليمنى فأصيبت بالعمى الكامل، عذب بطريقة مهينة مع صديق له أمام كل المعتقلين وأمام زوجته مما سبب له خللا واضطرابا نفسيا صاحبه لفترة طويلة وحين خروجه من السجن وقع تطليقه من زوجته فلازم منزله وحين زرته سنة 1999 وجدته في حالة نفسية يرثى لها، ومن كثرة الرعب والخوف الذي حل به قام بإعلام البوليس السياسي بزيارتي له فاعتقلوني ليومين لأسأل عن سبب الزيارة فكانت إجابتي للسؤال عن أحواله  ومعالجته. فكان التهديد بإعادتي للسجن إن زرته مرة أخرى. وفي الأسبوع التالي زرته ثانية أنا وبعض الحقوقيين وكالعادة اعتقلت من جديد و لكن هذه المرة خاطبتهم بقولي إذا لم تقوموا بدوركم في معالجته فإني سأقوم بهذا الدور و لو سجنتموني. وقع إطلاق سراحي بعد التهديد والوعيد وقمنا بعد ذلك بإرسال الدكتور فتحي التوزري الطبيب النفساني الذي باشر علاجه مشكورا، كل ذلك والسلطة تهددني وتتوعدني. و في غرة سبتمبر2008  شن فيصل ڤربع إضرابا عن الطعام حتى يقع علاجه وتمكينه من أبسط حقوقه الاجتماعية وقد حاولت أمه وإخوته ثنيه عن الإضراب إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل وقد وافته المنية في 27 سبتمبر2008 ليدفن بمقبرة مدينة قربة تحت حصار أمني كبير وتعتيم إعلامي أكبر. و تجدر الإشارة إلى أنه وطيلة يوم عيد الفطر المبارك وقعت محاصرة منزلي بمدينة المعمورة المحاذية لمدينة قربة حتى لا أزور أصدقائي وإخوتي وكان استغرابي كبيرا من هذا  الحصار الذي لم أفهم كنهه إلا لما ورد علي خبر اليقين في وفاة المناضل الشهم والسجين السياسي السابق الأستاذ  فيصل ڤربع بعد أن دخل في إضراب عن الطعام دام 27  يوما انتهى به إلى الموت و لسان حاله يقول كما قال الشاعر: أهوى الحياة كريمة لا قيد **** لا إرهاب لا استخفاف بالإنسان فإذا سقطت سقطت أحمل عزتي  **** يغلي دم الأحرار في شرياني أنا لست أدري هل ستذكر قصتي **** أم سوف يعروها دجى النسيان أو أنني سأكون في تاريخنا **** متآمرا أم هادم الأوثان كل الذي أدريه أن تجرعي ****  كأس المذلة ليس في  إمكاني لو لم أكن في ثورتي متطلبا **** غير الضياء لأمتي لكفاني   فهل ستبقى السلطة تجرم في حق المساجين السياسيين و عند المصائب تحاول إخفاء الحقائق و التعمية عن الأدلة الساطعات ؟؟؟؟ و هل ستبقى تعتبرهم مجرمين أو في أحسن الأحوال مواطنين من الدرجة الثالثة ؟؟؟ و هل يمكن أن تفتح صفحة جديدة لا ظلم فيها ويكون عرض الحقيقة مقدمة للإنصاف وجبر الأضرار ؟؟؟ و هل آن الأوان لوقف المحاكمات المفتعلة ضدّ الأقلام الحرة والتي تكشف الحقيقة بتعلّة نشر الأخبار الزائفة ؟؟؟ وهل آن الأوان لوضع حد للخوف الذي ران على قلوب وعقول الناس والتخويف المسلّط من السلطة ضد المواطنين؟؟؟ وهل وجدت الإرادة لإنقاذ ما تبقى من أجساد هؤلاء المساجين وصحتهم وعائلاتهم ورفع الحصار عنهم والتجاوز بأوضاعهم الاجتماعية والصحية التي تشبه أوضاع الفلسطينيين في غزة ؟؟؟ وهل آن الأوان للنظر بجّدية لمطالب كلّ الذين يعرّضون أنفسهم للموت بالدخول في إضرابات عن الطعام كآخر سلاح للأحرار في وطن الاستبداد والجور حتّى قاد بعضهم للموت الحقيقي؟ أسئلة نرجو الإجابة عنها بالفعل لا بالقول بالإيجاب لا بالسلب   و إليك صديقي و حبيبي و أخي فيصل في هذه المناسبة ألف أنشودة وأغنية أنعاك بها في وطن الاستلاب والحيرة والضياع. وإليك مني مرثية الوفاء لنضالك وصمودك وصبرك على العذابات والمحن التي أصابتك فقد علمتنا درسا نرجو أن يفقهه كل الناس إما أن نعيش حياة عزيزة أو نموت موت الكرام. و اللعنة على من أجرم في حقك. و عهدا علينا أن نفضح كل من تسبب في موتك.     (المصدر: مجلة كلمة الألكترونية  بتاريخ 5 اكتوبر 2008)

في تونس : لاصلح لاتفاوض لااعتراف حتى على الساحة الوطنية !!!

مرسل الكسيبي* طالعت باهتمام كبير ماكتبه يوم أمس الأخ محمود البلطي بشأن ماأبديته من قناعات فكرية وسياسية حول ماتشهده الساحة التونسية من تطورات ايجابية على أكثر من صعيد – مع تسجيلي لاحتراز شخصي معلن على رصيد الاصلاح السياسي الذي أعتبره بطيئا مقارنة بماتشهده تونس من انجازات تنموية كبرى في عهد الرئيس بن علي – . واذ يسعدني كثيرا أن يكتب قراء أوفياء أو نشطاء سياسيون حول تجربتي في العمل الاعلامي والسياسي من بوابة النقد , فانني أعتذر الى كل من حالت الظروف بيني وبينه دون الرد الفوري والرصين وذلك لكثرة الاهتمامات وزحمة المشاغل . رصدت بلاشك مقالا سبق قبل أسبوعين أو أكثر للأستاذ مراد رقية الذي حمل على كل من لم ينشر له مقالا أو تدوينة , ليصف أصدقائه الذين تعودوا على نشر مقالاته بمصادري الفكر الحر …, ولم أنسق من منطلق الدفع بالتي هي أحسن وراء اتهاماته لي وللوسط التونسية , فكان أن قرأت انتباها ومثاقفة وأفسحت له من صدري عظيم المتسع … تفاعلت بلاشك يوم الثالث من أكتوبر 2008 , أي أول أمس مع صديقنا المهندس عماد الدائمي عندما كتب معلقة جمع فيها أبرز مقولاتي المنشورة في الاعلام العربي على مدار السنوات الخوالي , وكأنه أراد مشكورا التعريف ببعض طروحاتي وأفكاري المكتوبة في سياق تاريخي معين … لم أنزعج أبدا لما كتب صديقنا عماد بل انني قمت بالرد على أهم ماأورده من نقاط في نص منشور لي على المنابر الاعلامية التونسية باستثناء ماتحزب منها الى حد النخاع , حيث احترف بعضها تشويهي ونشر كل الاراء المعادية لي وللوسط التونسية في مقابل التعتيم على كل ماأكتبه من ردود أو مواقف هدفت الى تنوير الرأي العام وتطوير السجال الفكري والسياسي … للتذكير وللدلالة على عدم الخوف من الرأي الاخر مهما قويت حجة أصحابه ومن باب احترام أصحاب القناعات المخالفة قمنا بنشر مقال الأخ عماد الدائمي فور وصوله الى الوسط التونسية بل اننا زدنا عليه نشر مقال النقد اللاذع للأخ محمود البلطي , وهي في تقديرنا رسائل معلنة الى الجميع بأننا لسنا بصدد عوائد سرية … الغريب في مايكتبه بعض الاخوان من نشطاء المعارضة التونسية هو ادعاء الطهورية وامتلاك الحقيقة الى حد النخاع الشوكي , وبالمقابل اتهام السلطات التونسية بما كله بشاعة وقبح الى درجة رؤية الأمور بمنظار الفساد الشامل … مشاريع كبرى ستغير وجه العاصمة تماما وبحجم باب المتوسط الذي تبلغ نفقاته الاجمالية مبلغ 25 مليار دولارا تصبح في نظر هؤلاء الأصدقاء استعمارا اماراتيا …, ومشروع المدينة الرياضية الكبرى وميناء النفيضة ومطارها الضخم الذي قد تصل طاقة استيعابه الى عشرة ملايين مسافر سنويا تصبح في نظر اخرين انجازا شعبيا مفرغا من دلالاته الحكومية وكأننا ننظر في عصر العولمة والدولة الحديثة الى قيادة المجتمعات من منطلق المشاعية البدائية !!! أبناء تونس في الداخل والخارج وضيوفها من أصقاع العالم يشهدون بجمال البلاد ونهضتها العمرانية وتطورها على أكثر من صعيد الا بعض المعارضين فانهم يرون في العمران والبناء خرابا شاملا بكل المقاييس …!!! لم أقل يوما واحدا بأن الوضع الحقوقي والسياسي في بلدنا يشكل حالة مثالية ولكنني أنقل على لسان صديقنا المهندس عبد الكريم الهاروني بأن ثمة تحسنا ملحوظا في الأشهر الأخيرة , وأثني على ذلك بشهادات زائرين لتونس رصدوا تحسنات تطرأ على أداء الدولة في هذه الأصعدة ,,, حيث يلاحظ التشبيب والتثقيف والمراجعة النقدية … ليس حتميا أن يكون ماأكتبه بيانا حقوقيا شاملا يعج بالخروقات والتجاوزات , اذ أقسم يمينا بأن ليس ثمة بلدا في العالم يخلو منها ولو بتفاوت في الدرجات …, ولكنني أسدد وأقارب من أجل تقديم المشهد بأمانة ترصد المكاسب دون حقد أو تصفية حسابات , ومن هذا المنطلق أثنيت ولاأزال أثني على اذاعة الزيتونة للقران الكريم وعلى المولود التلفزيوني الجديد حنبعل الفردوس , كما يشرفني الاشادة بالمنجز الاعلامي والفني في تونس ولاسيما الدراما التونسية التي تشهد طفرة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة …ولو أنني أحترز كثيرا على ضيق البعض بتحرير الفضاء الاعلامي في المجال السياسي وأظن أن ذلك لايتوافق قطعا مع الارادة الرئاسية . نعم في تونس اليوم قطاع رياضي نفخر به جميعا وهو لعمري دليل قاطع على أن للحكومة التونسية رصيدها الذي لايمكن الطعن فيه من باب تصفية الحسابات السابقة أو التوظيف في معارك حقوقية وسياسية لها ساحاتها الخاصة التي نتفهمها اذا خلصت النوايا … وحول علاقة الدولة بالاسلام هناك فعلا كارثة في فهم الحركة الاسلامية التونسية التي لم تستوعب بعد بأن الصراع يقوم على حجر سياسي وليس عقدي يقسم المجتمع الى دار للحرب وأخرى للاسلام , أو على أساس ديني يقسم التونسيين الى أولياء صالحين واخرين في فيلق الشياطين والمردة … قضية التعامل الرسمي مع ظاهرة الحجاب أقر بأن فيها خلطا ولبسا رفعه رئيس الدولة السيد زين العابدين بن علي حين قام بتكريم العديد من المحجبات وأسند لهن جوائز مالية وشرفية في مناسبات عدة , كان اخرها في شهر رمضان المعظم  من سنة 2008, أما من زاوية قانونية فقد كان فصل الخطاب من المحكمة الادارية حين أبطلت مشروعية المنشور 108  وأشقائه بالاستناد الى عدم دستورية ماورد فيه … هذه حقيقة الأوضاع في تونس وأنوه مرة أخرى الى أهمية رصد كل تطور ايجابي تغفل عنه المعارضة قصدا أو نسيانا , أو خلل تغفل عنه السلطة زهدا أو تقصيرا , اذ يبقى الكمال لامحالة لله تعالى , ولن يلغي انصافي هذا وعدلي في نقل فصول المشهد التونسي سنن التدافع الأبدي بين اصحاب المصالح في تونس أو غيرها من البلدان … هذه تونس الجميلة باختصار ولن أستغرب أن تحول الايديولوجيا بعض الناس الى متباكين على مجد قد ضاع طالما أنهم لم يستفردوا بحكمنا ولم يتجردوا من حكم الأحزاب التي قد تعمي أحيانا بعض الأبصار …, فاذا نقد مسيرتهم من هو داخل فضائهم الحزبي صمتوا أو هللوا اكبارا لقيمة الأفكار ! , واذا  نقدها حبا وغيرة ووطنية واخلاصا من تجرد من حسابات الحزبية الضيقة قاموا عليه سيوفا مسلطة وألسنة أحد من الصراط …! أخيرا أخشى ماأخشاه هو أن يتحول لسان حال بني قومي من المعارضة المهجرية الى تبني خطة عمل مدارها مقولة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر   » لاصلح , لاتفاوض , لااعتراف  » ولكن هذه المرة مع اخوان لهم من بني وطنهم وجلدتهم…!!! *رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية (المصدر: موقع « الوسط التونسية  » ( ألمانيا) بتاريخ 5 أكتوبر 2008)

رغم الصورة الورديّة التي تسوّقها الحكومة… تونس متخلّفة إلكترونيًّا

 

إسماعيل دبارة من تونس   قد يعسُر على المواطن التونسي إيجاد تصنيف ملائم لبلاده في ما يتعلّق بنسبة إنخراط المواطنين بشبكة الإنترنت وحسن الإتصال بها وإستعمالها، فبين تقارير دولية مشهود بمصداقيّتها وحيادها وبين صورة ورديّة تحاول الجهات المسؤولة تسويقها باستمرار عبر الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، يقرّ بعضهم بعجزهم عن إدراك حقيقة تتطور مؤشرات تكنولوجيات الإتصال في تونس.   ويمكن القول إن الجهات المعنية تمكّنت إلى حدّ ما من تسويق صورة ناصعة عن أوضاع التكنولوجيات الحديثة في تونس بما سمح من رسوخ انطباع لدى شرائح واسعة من الشعب ولدى عدد من السياح والزوار الأجانب بأن تونس بمختلف فئاتها تمكّنت من استيعاب آخر التكنولوجيات واستخدامها في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية.   البيانات والمؤشرات الرسمية لبدايات العام 2008 والتي تحصّلت عليها « إيلاف » تشير إلى مدى مُتقدّم بلغته استعمالات تكنولوجيات الاتصال في تونس، إذ تطوّر عدد المشتركين بالهاتف الجوال ليصل إلى 8.375,000 مشترك خلال 2008 مقابل 7.424.000 مشترك فخلال العام 2007 أي بزيادة 12.8 في المئة. كما بلغت التغطية الهاتفية للهاتف الجوال معدل 81 مشتركًا لكل مئة ساكن بالإضافة إلى حديث عن « تحسن كبير في نوعية خدمات الهاتف الجوال حيث تراجعت نسبة الاكتظاظ واختناق الحركة الهاتفية خلال فترة الذروة .   وبخصوص مستعملي الإنترنت تشير البيانات الرسمية إلى أنّ عدد مستعمليها ارتفع ليبلغ 2.310.000 مستعمل في السنة الجارية مقابل 1.663.000 مستعمل في العام 2007 كما تضاعف مرتين عدد المشتركين بشبكة الخطوط الطرفية الرقمية اللامتوازية ADSL ليبلغ أكثر من 166.000 مشترك مقابل 83.000 مشترك في سنة 2007.   وتطورت هيكلة سرعة التدفق كذلك إذ إن 38.6 في المئة من المشتركين أصبحوا يتمتعون بسعة تدفق تتجاوز 512 كيلوبايت في الثانية في حين كانت هذه النسبة لا تتجاوز 12.2 في المئة خلال السنة الماضية. كما لوحظ ارتفاع عدد المشتركين الذين حصلوا على سرعة تدفق تفوق 1 ميغابايت ليبلغ أكثر من 26.000 مشترك مقابل 5.150 مشترك فقط خلال العام الماضي.   هذا وأعلن خلال هذا العام عن انطلاق خدمات الشبكة اللاسلكية ذات النطاق الواسع WIMAX، وقد انخرطت بها حوالى 700 مؤسسة، وارتفع كذلك عدد المشتركين بشبكة تراسل المعطيات عبر الأقمار الاصطناعية VSAT ليصل إلى 420 منتفعًا من بين مراكز النداء ومؤسسات تصدير البرمجيات والمنظومات المعلوماتية ذات القدرة التنافسية الكبرى.   وتقول الحكومة التونسية إنّ طاقة ربط البلاد بالشبكة الدولية للأنترنات تضاعفت لتصل إلى 5.1 جيغابايت في الثانية مقابل 2.4 جيغابايت في 2007. ويبلغ عدد الحواسيب المستعملة في تونس 810.000 بعد أن كان في حدود 767.500 في سنة 2007.   الإحصاءات و البيانات الرسميّة التي أعلن عنها مؤخّرا في تونس لم تجد صدى لها في التقرير الحديث الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات و الذي تضمّن إحصائيات ومؤشرات من نوع آخر تتعلق بسنة 2007.   وتناول التقرير نسبة استخدام شعوب الدول الأعضاء بشبكة الإنترنت ومدى اكتسابها لوسائل التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال في محاولة منها لكسب رهان الثورة الرقمية. وتطرّق التقرير إلى مؤشر نسبة انخراط شعوب العالم بشبكة الإنترنت في محاولة للتعرّف على نسبة الأمية الالكترونية في العالم.   واستنادا إلى مؤشر استخدام الشبكة، صنّف التقرير الشعوب في خانة الدول المتقدمة تلك التي فاقت نسبة استخدامها 50% مثل هولندا (91.34%) والسويد (76.76%) والولايات المتحدة الأمريكية (71.94%) وسنغفورة (60.96%) وماليزيا (59.72%) والإمارات العربية المتحدة (52.51%) كما صنّف البعض الآخر في خانة الدول الصاعدة، وهي الدول التي تتراوح نسبة استخدام شعوبها لشبكة الإنترنت بين المعدل العالمي أي 20% و50%، مثل بلجيكا (49.95%) وفرنسا (49.57%) وإسبانيا (44.47%) وبولندا (42.01%) ودولة قطر (41.75%) .    أما الصنف الثالث فهو الذي يتضمن الدول المتخلفة، في هذا الميدان وهي التي لم تبلغ نسبة استخدام شعوبها لشبكة الإنترنت المعدل العالمي على غرار غالبية الدول الإفريقية مثل أنغولا (0.59%) والكامرون (2.23%) وغانا (2.77%) والجماهيرية الليبية (4.36%) وتونس (16.74).   وصنف التقرير بوضوح تونس ضمن الدول المتخلفة الكترونيّا و كشف عن بلوغ نسبة الأمية الالكترونية فيها الـ83%. ويرى خبراء و متابعون في مجال التكنولوجيات الحديثة أن لهذا التصنيف عدّة أسباب لعلّ أهمّها مشكل تكاليف الربط بشبكة الإنترنت واستغلال شبكة الاتصالات. فالمستخدم يدفع معلوم الربط على أساس السعة أو كمية البيانات المتبادلة في الثانية لفائدة مزود خدمات الإنترنت، ويدفع كذلك معلوم الاستغلال لفائدة شركة الاتصالات الحكومية المسمّاة « اتصالات تونس ».   وتقدّر تكاليف الربط بالشبكة بـ 25 دينارًا شهريًا لفائدة مزود الخدمة، إضافة إلى تكاليف استغلال الشبكة الذي يبلغ 30 دينارا شهريا لفائدة « اتصالات تونس » مما يعني تكاليف إجمالية قد تتجاوز الـ 55 دينارًا شهريًا وهو ما يعتبره التونسيون إلى اليوم مبلغًا باهظًا خصوصًا بالنسبة إلى متوسطي الدخل.   كما يرى مُختصّون أنّ عدم تناغم إنجاز مشاريع البنية الأساسية مع الرؤى المحدّدة والبرامج المتوقعة يعتبر سببا هاما للوضعية التي ظلّت عليها تونس في هذا المجال، إذ لا يبلغ نسبة امتلاك السعة العالية في البلاد سوى 1,1 في المئة من مجموع المستعملين.   ولا يخفي مستعملو الانترنت في تونس استياءهم من التناقض الجليّ بين الخطاب والواقع ، خطاب مشجع على الإقبال على استعمال الانترنت و يعد باستمرار بالتخفيض في أثمان الربط بالشبكة العنكبوتية بحرص من أعلى هرم السلطة الحريص على كسب رهان الثورة الرقمية.   وكان الرئيس بن علي قد أعلن في عدة مناسبات عن رؤى و تصوّرات للنهوض بتطوير مواقع الويب وتمكين المواطن العادي من الحصول على وسائل الربط بشبكة الانترنت بأثمان معقولة للغاية ، وعن حوافز لتطوير مواقع الويب على الشبكة العنكبوتية.   ويقول نزار حمروني 32 سنة لإيلاف إن الربط بالانترنت في تونس لا يزال في غير متناول الطبقات المتوسطة فما بالك بضعاف الحال ، لا يمكن تصديق الخطاب الدعائي الذي يتحدّث عن تعميم للربط و ما إلى ذلك ».   أما نهى بن يدّر 23 سنة طالبة فقالت إنّ الربط يتحسّن يوما بعد يوم لكن المشكل الأكبر يظلّ في حجب عدد مهول من مواقع الويب انطلاقًا من تونس مما أثّر بشكل كبير على تحضيراتها لانجاز رسالة ختم دروسها الجامعيّة. »   وتضيف: « لا يمكن للمرء أن يتخيّل أنه و في بلد يعاني مشاكل اقتصادية في تونس سيُعمم الاتصال بالانترنت لدى كلّ الفئات ربما يتعلّق الأمر بالهاتف الجوال أو القار ، أما الانترنت فالأمر يختلف تمامًا، ثمّ إنّ المشكل لم يعد بالنسبة إلي في تعميم خدمات الانترنت على الجميع، فأنا كطالبة بدأت أشعر بالضيق من حجب عدد من المواقع في تونس ، لنقطع مع سياسة حجب المعلومة أولا ثمّ لنعمم الربط بالشبكة لدى كل الفئات في مرحلة ثانية ».   (المصدر: موقع ايلاف ( بريطانيا )  بتاريخ 5 اكتوبر 2008)

تونس: أكثر من 200 جامعي خسروا درجة دكتوراه الدولة
    تونس – خدمة قدس برس   ألغى مرسوم صادر عن وزارة التعليم العالي في تونس، مناقشة عدد من أطروحات الدكتوراه، أودعت بالجامعات قبل يوم 6 أيلول (سبتمبر) الماضي، فيما حرم أكثر من 250 باحث جامعي من درجة دكتوراه الدولة بعد انقضاء الآجال المحددة دون إنهاء أبحاثهم وإيداع نسخ منها. وكانت الإدارة العامة للتعليم العالي قد وجّهت مراسلة إلى الجامعات التونسية، بداية الشهر المنقضي تعلن أنّ شهادة دكتوراه الدولة بالجامعة التونسية قد أصبحت لاغية بعد يوم 6 أيلول (سبتمبر) 2008، ممّا يقتضي حسب المرسوم إيقاف النظر في ملفات المناقشة المعروضة عليها وإيقاف إجراءات إيداع رسائل دكتوراه الدولة. ووجّه الجامعيون المعنيون بالمرسوم بالمذكور رسالة إلى رئيس الدولة يناشدونه فيها التدخل لفض الإشكال العالق مع الوزارة. وكان أمر رئاسي قد صدر سنة 1993 يلغي درجة دكتوراه الدولة من الجامعة التونسية ويعوّضها بالدكتوراه الموحّدة، لكنّه منح المسجّلين آنذاك في هذه الشهادة أجلا بعشر سنوات لإتمام أبحاثهم ثم تم التمديد خمس سنوات أخرى لينتهي الأجل مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، واعتبرت وزارة التعليم العالي في ردّ نقلته الصحف أنّ الباحثين الجامعيين منحوا الفرصة الكافية فضلا عن السنوات التي سبقت سنة 1993. لكنّ مصدرا من النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي انتقد قرار الوزارة، واعتبره تأويلا لا يوافق النص القانوني المنظّم للأبحاث الجامعية، وقال سامي العوّادي أمين عام النقابة في تصريح لـ « قدس برس » إنّ انتهاء الآجال لا يتعلق بمناقشة الأطروحات بل بتاريخ الإيداع لأنّ التمديد هو لإعداد أطروحات الدكتوراه وإتمامها وليس للمناقشة ولا يمكن ربط تاريخ الإيداع بتاريخ المناقشة بما أنّ الهيئات العلمية تحتاج إلى مدّة كافية لإعداد التقارير وتكوين لجان المناقشة. وطالب العوادي وزارة التعليم العالي، بالتراجع عن مضمون المرسوم بخصوص المترشحين لدكتوراه الدولة الذين أودعوا أبحاثهم قبل تاريخ 6 سبتمبر المنقضي، مشيرا إلى أنّ الجامعة التونسية بحاجة إلى هؤلاء لزيادة نسبة المؤطّرين في الجامعة ولتحقيق الإصلاحات اللازمة. وأكّد العوادي أنّ اتصالات جرت بين نقابته والوزارة أبدت فيها هذه الأخيرة تفهما لقضية الجامعيين الذين قاموا بإيداع ملفاتهم، لكنّه لم تتحقق إلى حدّ الآن أية بادرة إيجابية عملية في هذا السياق. هذا وفي صورة عدم التوصل إلى حل فإنّ على الأساتذة المعنيين إتمام أبحاثهم وتقديم أطروحاتهم وفق نظام الدكتوراه الموحدة الجديد و الترشح أمام لجان التأهيل العلمي التي تمنحهم صلاحيات الأساتذة الحاصلين على دكتوراه الدولة كالتأهيل والإشراف على الدروس والأبحاث.   (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال (لندن)  بتاريخ 4 اكتوبر 2008)

الشروع في محاكمة طارق ذياب وتأجيل التصريح بالحكم إلى جلسة 15 أكتوبر  المتهم ينفي محاولـة ارشـاء عون أمن ويصرّ على البراءة والدفاع يقول انها مسرحية فاشلة

 
مثل أمس أمام أنظار هيئة محكمة النّاحية بتونس بالقاعة عدد 7 اللاعب الدّولي السّابق طارق ذياب بحالة سراح وذلك بناء على القضية التي تورّط فيها. «الصباح» حضرت المحاكمة وتروي لكم فيما يلي كامل تفاصيلها بكل أمانة: الأبحاث انطلقت بتاريخ 14 جويلية 2008 عندما أوقف عون أمن المتهم طارق ذياب وحسبما صرّح به في أوراق القضية فإن هذا الأخير لم يمتثل لإشارته وحاول الفرار وذلك في الطّريق المؤدّي للحديقة «ب» في حدود الواحدة والنصف ظهرا وبعدما توقف تبين أنه لا يحمل شهادة تأمين السيارة ولمّا طالبه بها أمدّه بدفتر صكوكه ودسّ به 10 دنانير فرفض العون ذلك واعتبرها محاولة لإرشائه، وحسبما ذكره العون فإن طارق ذياب شتمه وتطاول على مقام الجلالة قائلا له «أنّه لا يعرف مع من يتكلّم»، ودائما حسب تصريحات العون فإن طارق ذياب هدّده أيضا بإجراء اتصالات بأشخاص مٌهمّين، فما كان من العون إلاّ أن طلب تعزيزات أمنية فحضر حوالي 10 أعوان إلى مكان الحادثة.   وبناء على ما حدث أصبح طارق ذياب محلّ تتبّعات عدلية وأحيل أمس على محكمة الناحية بتونس، وباستنطاق القاضي له أنكر إنكارا تامّا كل الأفعال المنسوبة إليه وأكّد أنّها اتهامات كيدية ولها علاقة بمشاكل كروية وذكر أنّه في يوم الحادثة الموافق لـ14 جويلية الماضي توجّه إلى الحديقة «ب» في حدود العاشرة صباحا وشاهد نفس العون الذي أوقفه أمام نزل أبو نواس وألقى عليه التحيّة ثُمّ ولمّا خرج من حديقة الترجّي في حدود الواحدة والنّصف بعد الزوال وجد نفس العون أمامه وقام بإيقافه ورأى أنّ المسألة مدبّرة وأنّه هناك من أرسله إلى ذلك المكان وإليه هو بالذّات.   وأضاف في أقواله أنّه لم يحاول إطلاقا إرشاء العون وأنّه من غير المعقول أن يُسلّمه 10 دنانير ومعه 10 أعوان فهل سيسلّم كلّ واحد منهم دينارا؟   وأضاف طارق ذياب أنّه ليس راشيا مضيفا أنّه لا يتسلّم الفائض عن أمواله المودعة بالبنك متسائلا كيف يمكنه الانخراط في عملية رشوة، وأصرّ أيضا على أنّه لم يشتم العون ولم يتطاول على مقام الجلالة.   وبفسح المجال لمحامي الدّفاع رافع عن منوّبه (طارق ذياب) وصرّح أنّ هناك خللا في محضر البحث الجزائي حيث تشوبه إخلالات شكلية ورأى أنّ إجراءات التتبّع باطلة ذلك أنّ النيابة العمومية أذنت بإبقاء منوّبه بحالة سراح وقدّمت ما يفيد أنّ سيّارته مُؤمّنة ولكن بعد أسبوع وبتاريخ 21 جويلية وقعت إحالته من جديد على النيابة العمومية.   كما أضاف أنّه سيارته التي تقدر بالملايين وقع حجزها ووُضعت في مكان غير مغطّى وكانت معرّضة لحرارة الشّمس.   وأشار محامي الدّفاع أيضا إلى أنّ عون الأمن ذكر في أقواله أنّ طارق ذياب هدّده بالاتصال بأشخاص مهمّين ولكنّه لم يحدّد هويّاتهم، ورأى أنّ الرّواية التي وردت على لسان عون الأمن وكذلك زميله لا تستقيم لا واقعا ولا قانونا ذلك أنّه لم يكن هناك ضرورة لأن يحاول طارق ذياب الفرار أو أيّ موجب للإرشاء طالما أنّ الأمر تعلّق بمخالفة مرورية بسيطة مضيفا من جهة أخرى أنّ إيقاف منوّبه تمّ من طرف قُرابة 10 أعوان أمن، وقال في قائمة مرافعته «أنّ هذه القضية مسرحية فاشلة أساء عون الأمن إخراجها».   مضيفا أنّ منوّبه شرّف وجه تونس لا سيما وأنّه يعدّ أحسن معلّق رياضي عربي، كما أنّه يقوم بواجباته الدينيّة منذ 30 عاما ولا يمكن أن يتطاول على مقام الجلالة أو أن يكون راشيا، كما قدّم تقريرا يتضمّن مرافعته وطلب الحكم في حقه بعدم سماع الدّعوى.   وبعدما سجلت المحكمة المرافعة وأقوال طارق ذياب حجزت القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم في جلسة 15 أكتوبر الجاري.   مفيدة القيزاني   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 5 اكتوبر 2008)


ميزانية الدولة لسنة 2009 محل اهتمام رئيس الدولة العمل على الحفاظ على المكاسب الإجتماعية والتوازنات المالية

   

 
الصحافة شكل مشروع ميزانية الدولة وقانون المالية لسنة 2009 موضوع اهتمام الرئيس زين العابدين بن علي خلال اشرافه على المجلس الوزاري المنعقد مؤخرا، حيث أكد سيادته على ضرورة محافظة ميزانية الدولة على دورها في دعم التشغيل وتعزيز البنية الأساسية في ظل مستجدات الظرف الاقتصادي العالمي والتقلبات التي تشهدها الساحة المالية العالمية والتي واكبت تنفيذ الميزانية خلال الأشهر الثمانية الاولى للسنة الحالية. في هذا السياق اذن سيادته باعداد مشروع قانون مالية تكميلي للسنة الحالية يتضمن الترفيع في الاعتمادات المرصودة بعنوان دعم المحروقات والمواد الاستهلاكية. وتشير المعطيات المتوفرة ان تونس استطاعت رغم الضغوط الخارجية والداخلية وخلال الثمانية أشهر الاولى من السنة الحالية، الحفاظ على استقرار التوازنات المالية حيث سجل العجز الجاري ارتفاعا نسبيا الا انه لا يمثل اشكالا باعتبار تنامي حصة الاستثمارات الخارجية في تمويله، كما تواصل تحسن مؤشرات الدين الخارجي بعد عمليات السداد المبكر وتدفق الاستثمار الخارجي ويتوقع ان تتراجع نسبة التداين الى حدود ?39،2 من الدخل المتاح وتتقلص خدمة الدين الى مستوى ?7،6 من المقابيض الجارية. ونتيجة للارتفاع المتواصل لأسعار المواد الأساسية ومواد الطاقة في الأسواق العالمية، ارتفع المؤشر العام للأسعار الى مستوى ?5. ولمواجهة التضخم وتواصل تقلبات الأسعار أذن رئيس الدولة باعداد مشروع قانون مالية تكميلي في اتجاه الترفيع في الاعتمادات المرصودة لمواد الاستهلاك والطاقة بما يساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن من جهة، والقدرة التنافسية للشركات من جهة أخرى. وفي ظل هذه المستجدات تأثر نسق النمو خلال هذه السنة بتراجع انتاج قطاعي الفلاحة والطاقة حيث من المنتظر ان تستقر نسبة النمو في حدود ?5،1 مقابل ?6،1 مقدرة. رئيس الدولة وخلال المجلس الوزاري أكد حرصه على ان تحافظ ميزانية الدولة لسنة 2009 على الأهداف الاستراتيجية للبلاد والمتمثلة في دعم التشغيل واحداث المؤسسات ومواصلة سياسة الدعم. ومن هذا المنطلق يهدف منوال التنمية لسنة 2009 الى تحقيق نسبة نمو بـ ?6،3 بالأسعار القارة، ويرتكز هذا الهدف على تطور القيمة المضافة للقطاع الفلاحي ونمو قطاعي الصناعات المعملية وغير المعملية وتطور قطاع الخدمات. كما ينتظر ان يتطور الاستثمار الجملي بنسبة ?9،9 بناء على التقدم في انجاز المشاريع الكبرى والاجراءات التي تم اقرارها لتفعيل دور القطاع الخاص. دعم السياسة النشيطة للتشغيل يشكل احد أهم المحاور الأساسية لمنوال التنمية لسنة 2009 وذلك من خلال الرفع من نجاعة الآليات الخصوصية للتشغيل، والرفع من تشغيلية حاملي الشهادات العليا ومواصلة العمل بآليات تمويل المشاريع في اطار التشجيع على العمل المستقل. وللحفاظ على التوازنات المالية ستشهد السنة المقبلة مواصلة التحكم في عجز الميزانية والحفاظ على توازن هيكلة النفقات، والعمل على مزيد ترشيد النفقات القارة بالميزانية واحكام تصويب نفقات الدعم واعتماد التصرف الرشيد في الدين لتحسين مؤشرات المديونية ودعم آليات التغطية ضد مخاطر الصرف والفائدة. وفي مجال التنمية الاجتماعية والبشرية اذن سيادته بالحفاظ على المكاسب الاجتماعية والمحافظة على المقدرة الشرائية لكل الشرائح بالعمل على تحسين الدخل ومزيد احكام سياسة توزيعه وتصويب الدعم والتحويلات الاجتماعية نحو مستحقيها. ويعتبر التحكم في مستوى التضخم احد أهداف المرحلة المقبلة حيث ستشهد السنة المقبلة مواصلة توخي سياسة نقدية حذرة والضغط على تكاليف الخدمات العمومية والحرص على توفير المواد الأساسية في السوق.   (المصدر: جريدة الصحافة (يومية – تونس) بتاريخ 5 أكتوبر  2008)  


قطاع السكن في تونس: تطلع إلى تجسيم مفهوم العمارة المستدامة

   

تونس 4 أكتوبر 2008 (وات) سجل قطاع السكن في تونس نتائج كمية ونوعية ملموسة كانت ثمرة خيار سياسي للنهوض بالمواطن والارتقاء بإطار عيشه باعتبار المسكن اللائق حق من الحقوق الأساسية للإنسان. وهو ما جعل السياسة التونسية في هذا المجال محل تقدير من طرف الأوساط العربية والدولية. ولم تدخر تونس خلال العقدين الأخيرين جهدا لتطوير سياستها السكنية إيمانا منها بان لا كرامة للمواطن بدون سكن لائق. واهتمت تونس في هذا الصدد بتجسيم ابعاد التنمية الحضرية الشاملة المستدامة عبر تامين ظروف معيشية لائقة وسط بيئة سليمة وامنة تتوفر فيها كل مقومات العيش الكريم.   ارتفاع نسبة التملك الى 88 بالمائة وتتمثل اهم المؤشرات التي حققتها تونس على المستوى الكمي في تطور الرصيد العقارى حسب التعداد العام للسكان والسكنى سنة 2004 ليصل الى 5ر2 مليون وحدة سكنية اى بنسبة نمو سنوى في حدود 95ر2 بالمائة /ما يعادل 500 63 مسكنا سنويا خلال الفترة 1994-2004/ وهي نسبة ارفع من نسبة الزيادة في عدد الاسر التي لم تتجاوز 75ر1 بالمائة سنويا خلال نفس الفترة. كما ارتفعت نسبة التملك الى 88 بالمائة. اما على المستوى النوعي فقد انخفضت نسبة المساكن البدائية من مجموع الرصيد السكني من 7ر2 بالمائة سنة 1994 الى 8ر0 بالمائة سنة 2004 . وياتي تسجيل هذه المؤشرات بفضل الاجراءات والاليات والبرامج المتعددة التي اقرت على مستوى التشريعات والتخطيط والتصميم بغية توفير بيئة اكثر توازنا وتناسقا من خلال تخطيط مدن تونسية متناسقة عمرانيا واجتماعيا واقتصاديا وبيئيا وتشييد بناءات مستدامة معماريا وانشائيا. وتعكس هذه الخيارت الاهداف الواردة بالبرنامج الرئاسي ل »تونس الغد » ولا سيما البندان 8 و15 المتعلقين على التوالي ب »بنية اساسية حديثة لاقتصاد جديد » و »من اجل جودة الحياة ومدن اجمل ». وتتمثل هذه الاهداف خاصة في تحيين مخططات التهيئة العمرانية في جميع البلديات مع حلول سنة 2009 والارتقاء بالمدن لتكون مدن القرن الجديد ومدن مجتمع المعرفة المتقدم. كما ترنو ايضا الى العناية بالقرى والارياف لتوفير اطار عيش متكامل ينتفع به كل المتساكنين ويؤسس للتنمية المستدامة.   برنامج للنهوض بالأحياء الشعبية وتسعى تونس خلال فترة المخطط الحادى عشر للتنمية 2007-2011 الى دعم هذه المكاسب من خلال الشروع في تهذيب ما لا يقل عن 242 حيا شعبيا فضلا عن النهوض باوضاع الاحياء الشعبية المحيطة بالعاصمة والمدن الكبرى للفترة 2007-2009 والذى يشمل 26 حيا يقيم به 166 الف ساكن الى جانب برامج التنمية البلدية والحضرية وبرامج التنمية المستدامة. وسيشمل البرنامج هذه السنة 8 احياء باستثمارات قدرها 5ر38 مليون دينار تتوزع على ولايات تونس واريانة وبن عروس والقيروان وصفاقس وباجة ومدنين. وتتواصل تدخلات هذا البرنامج سنة 2009 في احياء الجيارة 2 والجيارة العليا والمدرس و25 جويلية و20 مارس التابعة لبلدية سيدى حسين بولاية تونس ثم احياء الشرفة بجندوبة والزيتونة بالكاف والحنايا /السكرانة بمكثر من ولاية سليانة باعتمادات جملية تناهز 5 ر35 مليون دينار. كما حدد الميزان الاقتصادى لسنة 2008 جملة من الاهداف من اجل مواصلة تدعيم المكاسب في مجال السكن من ذلك توفير مساكن لائقة للعائلات محدودة الدخل وللازواج الشبان والحد من كلفة السكن والرفع من الكثافة السكنية وترشيد استهلاك الاراضي وتوفير الاراضي الصالحة للبناء والمهياة والمحافظة على الرصيد العقاري. ولتحقيق الاهداف المرسومة اقر الميزان الاقتصادى للسنة الجارية بناء حوالي 55353 وحدة سكنية باستثمارات تقدر ب1845 م د منها 52670 وحدة سكنية عن طريق الخواص. وسيوفر الباعثون العقاريون العموميون حوالي 2683 وحدة سكنية باستثمارات تقدر ب7ر90 م د.   إجراءات رئاسية هامة للنهوض بقطاع السكن كما تولى تونس اهمية متزايدة للتعمير المندمج الذى ياخذ في الاعتبار التوسعات العمرانية وفضاءات العمل والفضاءات المشتركة والخضراء والبنى الاساسية مع العمل على تجسيم توصيات برنامج الامم المتحدة للتجمعات السكنية الذى ينص على ارساء مبدا العدالة بين الجنسين وضمان حياة كريمة تليق بكل الفئات الاجتماعية وخاصة منها ذات الاحتياجات الخصوصية /اقرار اجراءات جديدة تهم القروض السكنية واصناف سكنية جديدة ملائمة/. ومن اجل التشجيع على النهوض بقطاع السكن اتخذ رئيس الدولة بمناسبة الذكرى 20 للتحول اجراءات هامة شملت القطاع المصرفي ومنها ما يتصل بكل انواع القروض وخاصة السكن وكذلك المتعلق بالاذن لبنك الاسكان بالتخفيض في نسبة الفائدة على قروض السكن مع تثبيت سعر الفائدة كلما فاقت فترة تسديد القروض المباشرة 15 سنة. وعملت تونس في ذات الصدد على تطوير الاطار التشريعي للصندوق الوطني لتحسين السكن وتوسيع دائرة المستفيدين بتدخلات صندوق النهوض بالمساكن لفائدة الاجراء فضلا عن تمديد اجال استرجاع قروض السكن البنكية على 25 سنة والى ما فوق سن التقاعد. كما اقر رئيس الدولة في اوت من سنة 2006 الية « الفوبرولوس 3 » لدعم قطاع السكن الموجه الى الفئات متوسطة الدخل. وتشمل هذه الالية اصحاب الدخل المتوسط الذى يتراوح بين 800 والف دينار شهريا /اى ما يعادل حوالي ثلاث او اربع مرات ونصف الاجر الادنى المهني المضمون/. وسيتم في اطار هذه الالية توفير 500 مسكن سنويا ابتداء من سنة 2007 تتولى تشييدها شركات عقارية عمومية او خاصة على ان تتراوح ما بين 80 و100 متر مربع. وستمكن هذه الالية من توسيع دائرة الاجراء الذين يمكنهم الانتفاع بنظام الفوبرولوس عبر احداث صنف جديد من المساكن يستجيب لحاجيات وتطلعات هذه الفئة من المستفدين. ويتنزل في هذا الاطار كذلك المشروع الرئاسي لاعادة اسكان قاطني الوكايل بتونس والمتضمن انجاز 1916 مسكنا و20 متجرا بكلفة تقدر بنحو 4ر26 مليون دينار الى جانب تهذيب واستصلاح 5 عمارات داخل مدينة تونس بكلفة تناهز 2ر1 مليون دينار.  
(المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 4 أكتوبر  2008)


في وزارة النقل: إجراءات لإلحاق النقل العمومي بالمستوى الخدماتي للنقل الخاص والنقل السياحي
  تونس -الصباح: لماذا يبقى قطاع النقل العمومي أدنى مستوى من الناحية الخدماتية من النقل الخاص؟ ولماذا تتميز وسائل نقل القطاع العمومي وكذلك أغلب سيارات الاجرة بقلة النظافة وسوء العناية سواء داخل الحافلات والقطارات و »اللواجات »نفسها أو حتّى وسط المحطات  التي تشمئز النفس أحيانا منها نتيجة الأوساخ المتراكمة في أرجائها والروائح الكريهة المنبعثة منها وأثار زيوت ودخان الحافلات والقطارات و »اللواجات »؟ ولماذا يبقى الفرق كبيرا وواضحا في هذا المجال بين الحافلات العمومية – وحتى بعض الحافلات الخاصة التي بدأت تلتحق بركب نظيراتها العمومية من ناحية الأوساخ وسوء الخدمات رغم ارتفاع ثمن تذكرتها- والحافلات السياحية ؟   راحة ورفاهية المسافر   ومن أجل القضاء على هذه الاخلالات والرقي بقطاع النقل العمومي وتحسين الخدمات تعكف وزارة النقل حاليا على وضع خطة عملية لتحسين جودة الخدمات بمختلف وسائل النقل البري بمشاركة كل الأطراف من شركات نقل وهياكل مهنية بهدف كسب ثقة مستعملي وسائل النقل العمومي ووضع حد لبعض السلوكيات السلبية واعطاء دفع لقطاع النقل العمومي من خلال إكسابه ثقة الحريف .   هذه الخطة ستنطوي على جوانب عديدة ستنطلق بتحسيس ورسكلة الأعوان وسائقي وقبّاض الحافلات وأصحاب سيارات الأجرة واللواج والنقل الريفي وتشجيع المتميزين منهم وردع المخالفين.الى جانب التجديد المتواصل لأسطول الحافلات واقتناء الحافلات المتطورة والعصرية والسعي الى المحافظة على نظافتها وتجهيزاتها وكمالياتها…   هذا بعد أن تم الشروع في عصرنة القطارات ودخول القطارات السريعة الجديدة مرحلة الاستغلال على خط تونس -سوسة- صفاقس.   والهدف الأول من هذه الخطة هو إحلال ثقة المواطن في وسائل النقل العمومي وخاصة تمكين المواطن التونسي تماما مثل السائح من حقّه في وسيلة نقل نظيفة وفي تعامل حضارى سواء داخل الحافلة العمومية أو القطار أو سيارة الأجرة.   وتقرر في صلب وزارة النقل فتح شبّاك موحّد حول خدمات النقل البريّ لإرشاد المواطنين وقبول شكاواهم وملاحظاتهم واقتراحاتهم.   تزايد الاهتمام بقطاع سيارات الأجرة   وكانت عديد الإجراءات الرئاسية الرائدة التي اتخذت لفائدة قطاع النقل البري خلال هذا العام, ولا سيما لفائدة سيارات الأجرة واللواج طورت من هذا القطاع وحسنت من خدماته مما عاد بالفائدة على المواطن وأهل القطاع على حد السواء.   من ذلك جعل عدم سحب رخصة السياقة أساس التعامل مع السائقين والاقتصار على ثلاثة استثناءات فحسب: وهي السياقة في حالة سكر أو تعاطي المخدرات والسير في الاتجاه المعاكس بالطرقات السيارة والتسبب في حادث قاتل أو حادث أسفر عن جرحى.   وفي المقابل أصبح الردع ماليا .وهو إجراء يهدف إلى الإبقاء على موطن عيش السائق بعدم حرمانه من العمل جراء سحب رخصة سياقته ومعاقبته ماديا حتى يحس خطأه ويحد من عدم احترامه للقانون وخاصة الإفراط في السرعة.   كما تمت العودة للعمل بنظام الحصص في إسناد رخص سيارات الأجرة واللواج الذي بدا العمل به بعد صدور منشور من وزارتي النقل والداخلية وهو منشور جاء ليلبي أحد مطالب أصحاب المهنة.   كما أن إسناد رخص سيارات الأجرة أو اللواج أصبحت تحكمه مقاييس موضوعية بالنظر إلى حاجيات كل ولاية من هذه الرخص وتوفر وسائل النقل البري بها.   وتبقى مسؤولية المواطن كبيرة لتحقيق هذا الهدف.فالمواطن وجب عليه التخلي عن عقلية « رزق البيليك »ووجب عليه المحافظة على وسيلة النقل العمومي التي يمتطيها ويترك جانبا طرق التخريب والاعتداء التي تلحق عادة تجهيزات وسيلة النقل العمومي من كراسي وستائر وهيكل ونزافذ …ويحافظ على نظافة وسيلة النقل التي يمتطيها…فالمسؤولية أولا وأخيرا تبقى مسؤولية المواطن في تطوير النقل العمومي والحاقه بركب النقل الخاص والنقل السياحي…   سفيان رجب   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 5 اكتوبر 2008)


اكتشاف مقبرة جماعية يرجّح أنّها تعود للعصر القديم

   

تونس – خدمة قدس برس قالت تقارير صحفية نشرت في تونس اليوم الأحد (5/10) إنّ مقبرة جماعية تعود إلى العصر القديم تم اكتشافها منذ أيام على وجه الصدفة أثناء عمل آلة حفر على إحدى الطرقات بمنطقة « تق الميت » قرب مدينة بن قردان (500 كيلومترا جنوب تونس). ووجدت المقبرة في عمق ثلاثة أمتار ونصف، داخل مغارة مشيّدة من الطين لها مدخل وحيد وبداخلها رفات خمسة أشخاص وضع كلّ واحد منها على ما يشبه المنضدة. وتعكف مصالح الآثار على دراسة هذا المكتشف الأثري الذي من المرجح أن يعود إلى العهود ما قبل الفترة الإسلامية بالنظر إلى أنّ طريقة الدفن التي تم الاطّلاع عليها مخالفة للتقاليد الإسلامية.                      
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 5 أكتوبر 2008)


سم الله الرحمان الرحيم        

كلا ما خنت الزمن

  هل حقاّ كما قلتِ أنتِ قد بعتُ أنا رسالتي قد قتلتُ الرّجل في قلبي وأسكنتُ  فيه وغدا أبكمَ وأصمْْ هل حقاّ كما قلتِ أنتِ قدْ غسلتُ جبْهة سجْدتي بماء الغدْرِ وماء الوهنْ هل حقاّ كما قلتِ أنتِ قدْ أضحيتُ سراباً  قدْ قتلتُ ثوْرةَ التّاريخ في صدْري وغسلتُ وجهي بماء الوهن هلْ حقّا أنا كما قلتِ أنتِ قدْ إنتهيتُ و قدْ ضاعَ طفلي وقمري وبِتُّ شريداً يطيلُ التمنّي و يهوى الكذبْ هلْ حقّا أنا كما قلتِ أنتِ قدْ بتُّ ضائعا و وحيداً وأسكنتُ روحي فتاتَ الزمن هلْ حقّا أنا كما قلتِ أنتِ  ماتَ شبابي ولّى  طريقي وأضحى شمسي أسيرَ الخوَنْ كلاَّّ فليسَ غيمي سوى طفْرةٍ وليس ليلي سوى عوْدةٍ وليسَ جرْحي يرْضىَ مماتي  و تيهَ العفنْ   المنصف زيد أكتوبر 2008


في لقاء الذاكرة الوطنية (1-2) حديث عن شخصية المناضل الطيب المهيري
ابنة المهيري تكشف لأول مرة أن وفاة والدها لم تكن طبيعية

 

محمد غراب والصادق بن جمعة ونجيب البوزيري والمنصف الشابي يتحدثون عن مسيرة المناضل وبورقيبـة وبن يوسف   تونس الصباح: انتظم بفضاء مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها المؤرخ عبد الجليل التميمي أمس لقاء الذاكرة الوطنية وذلك لتسليط الأضواء على شخصية المناضل الطيب المهيري..  وللغرض تحدث عدد من المقربين منه وهم السادة محمد الحبيب غراب والصادق بن جمعة والمنصف الشابي ونجيب البوزيري عن مآثر هذا الرجل وعن كثير من التفاصيل المتعلقة بسيرة المناضل. وقالت ابنته السيدة عائشة المهيري إن والدها مات موتة غير طبيعية وكشفت لأول مرة عن تفاصيل مثيرة تتعلق بوفاة والدها وقالت إن الطبيب الذي باشر والدها سأل والدتها إبان حادث الوفاة « هل لزوجك أعداء؟ » فقالت له « نعم هو وككل مسؤول له أعداء وله أصدقاء » فقال لها الطبيب إن موتة المهيري لم تكن موتة طبيعية وفسر لها أن أحدهم غرس له فيريس « إيباتيت بي » في جسمه لما كان يتداوى ونظرا لأنه كان مصابا بمرض السكري فقد تسبب ذلك في موته ولما علمت بهذا الأمر تأثرت كثيرا وذهبت إلى السيدة وسيلة بورقيبة وأخبرتها بما علمت فنصحتها هذه الأخيرة قائلة: « إذا رغبت في البقاء مع أبنائك وتربيتهم وعدم إمضاء بقية حياتك في مستشفى منوبة فعليك بالصمت ».. وعن الأطراف المدبرة لحادثة الاغتيال قالت ابنة المناضل إن أغلب الظن أن للأمريكان ضلعا فيها. وأثارت شهادة ابنة الطيب المهيري الحاضرين وخاصة المؤرخين الذين تساءلوا بدورهم قبل الاستماع إليها عن ملابسات وفاته لأنها ظلت طيلة العقود الأربعة الماضية غامضة في أذهانهم..    ونظرا لأهمية الشهادات التاريخية التي قدمت على منبر الذاكرة الوطنية تتولى « الصباح » موافاتكم بتفاصيلها في هذه الحلقة.. وتوافيكم في حلقة ثانية باستفسارات المؤرخين والمشاركين في المنتدى.   اليد الحمراء واليوسفية   في شهادته التاريخية بين السيد محمد الحبيب غراب الذي شغل مديرا لديوان المناضل الطيب المهيري أنه عرف المهيري حينما كان كاتبا عاما للحزب في فرنسا وعند رجوعه إلى تونس كان المهيري من الذين عملوا على تغيير تركيبة جامعة تونس واضطلع بمسؤولياتها وهو ما ساعده بعد ذلك أن يمسك بزمام الحزب ولم يكن ذلك سهلا عليه.. وبعد الحزب تم تعيينه وزيرا للداخلية..   وذكر متحدثا عن اليد الحمراء أن العملية انطلقت بحادث في بن عروس وقد بحثت الشرطة في القضية لكن الطيب المهيري قام بالبحث بنفسه وتحرى في الأمر وبحث عمن أصابه بطلق نار في ذلك اليوم نظرا لان حارس الحزب أطلق النار على سائق سيارة اليد الحمراء ولاحظ أن سائقها افتقد توازنه في السياقة فأخذت السيارة تترنح يمنة ويسرة ففهم المهيري أن سائقها أصابته الرصاصة وتبين من خلال الأبحاث اسم الطبيب الذي عالج المصاب واكتشف المهيري ملابسات الحادث. وعن مسألة الخلاف اليوسفي البورقيبي بين أن بورقيبة وبن يوسف كان يحترمان بعضهما البعض.. ولم يوجد شخص آخر احترمه بورقيبة أكثر من بن يوسف والعكس صحيح.. وقد كانا قريبين من بعضهما البعض وهو ما تؤكده عدة وقائع ومثال على ذلك أن بورقيبة وبن يوسف اختلفا مرة في مكتب الديوان السياسي إلى درجة جعلت البعض يعتقدون أنهما يتخاصمان لكن تبين بعد ذلك العكس فقد كان بن يوسف يقول لبورقيبة أنت الزعيم الذي له فضل كبير على تونس وكان بورقيبة يقول له نفس الشيء.. كما تبين في اجتماع انتظم بالجامعة العربية ومن خلال كلمة صالح بن يوسف التي ألقاها تبيّن أن هذا الأخير كان يثني على شخصية بورقيبة و يتحدث عن مآثره وفضله على المغرب العربي. وذكر أن اليوسفية لم تكن نتيجة تنافس بين الرجلين بل كانت صنيعة ظروف أخرى.. وقد كان غراب بصفته كاتبا عاما للجامعة الدستورية شاهدا على بعض هذه الظروف وعلم بتحركات بن يوسف الأولى في الخارج ضد اتفاقيات الاستقلال الداخلي.. وقد وجه بن يوسف رسالة أوضح فيها موقفه فاتصل غراب بالمنجي سليم وقدم له الرسالة وبعد أن اطلع عليها وضعها في جيبه وكانت الرسالة تحتوي على انتقادات للاتفاقيات.. وبعد ذلك ذهب الطيب المهيري لمقابلة الرئيس في باريس ثم عاد إلى تونس وقال إن تلك الرسالة تافهة ولا معنى لها.. وقال « تبين بعد ذلك أن بن يوسف لم يعد زعيما للحزب بل أصبح رجل جمال عبد الناصر في تونس ».. وأضاف  » هناك أشياء لم نكن نجرؤ على التحدث عنها في ذلك الوقت لكن أعلم أن الطيب المهيري كان له دور في القضية اليوسفية.. وقد كنت أفتح له كل مراسلاته حتى تلك التي لا يفتحها وزير الخارجية »..   وعن حادثة الاغتيال بين أن من اغتال بن يوسف هم أشخاص كانوا مقربين منه ومن أتباعه.. وذكر أن بن يوسف هو الذي فكر أولا في اغتيال بورقيبة ويشهد التاريخ على ذلك إذ أنه أرسل له مرة من يغتاله لكن هذا الرجل عدل عن ذلك لأنه وجد بورقيبة على فراش المرض فأشفق عليه.   وعن أهم الأشخاص المقربين من الطيب المهيري قال إنه أحمد التليلي ففي يوم وفاة الطيب المهيري أتاه أحمد التليلي وقال له إنه سيغادر هو أيضا.. وبين أن الطيب المهيري كان من أكبر « البورقيبيين » ولم يكن بورقيبة يخشاه بل كان يحب الاستماع إليه ويأخذ بنصائحه. وأضاف « حينما توفي المهيري تأثر الباهي الأدغم لذلك وكذلك الشأن بالنسبة لأحمد بن صالح.. فقد كنت شاهدا مرة على أحمد بن صالح يبكي أمام الطيب المهيري ويطلب منه أن يحميه من أحمد التليلي ».   وفي نفس الصدد قال المؤرخ التميمي إن أحمد بن صالح أبلغه قبل سفره رسالة وبين له فيها أنه يكن احتراما كبيرا لكل من الحبيب ثامر والطيب المهيري.    المهيري.. رجل قاعدي   بين السيد الصادق بن جمعة في شهادته التاريخية أن معرفة شخصية الطيب المهيري تقتضي دراسة كل الجوانب فقد كان هناك من لا يحب المهيري لا لشيء إلا لأنه يضطلع بمسؤولياته على أفضل وجه.   وقال: « إن المهيري كان قبل الاستقلال مناضلا كبيرا وقد عرض نفسه للسجن.. وإن تونس مرت بأزمات عدة بعد الاستقلال الداخلي جراء تشبث فرنسا بالسلطة أو بسبب الفتنة اليوسفية.. وأذكر أنه بعد عام من المفاوضات تم الاتفاق على بعض الإصلاحات.. وقتها كنا طلبة في الصادقية وكنا في أوج العطاء والحماسة وكان الطيب المهيري مقربا منا نظرا لأنه كان إنسانا قاعديا وحينما حدث الخلاف اعتقد البعض أن صالح بن يوسف على حق بينما كنت مساندا للاتجاه العام للحزب وهو أن سياسة المراحل تساهم في إيصالنا للهدف الذي نريد.. وأذكر أنني هاتفت مرة بن يوسف وكان في جنيف ثم ذهبت إليه وتحدثت معه طويلا فقال لي: أنت شاب.. وتونس بلد صغير.. وفيها 3 مليون ساكن.. ولا يمكن أن يحكمها رجلان.. وبعد ذلك غادرته وفهمت مغزى كلامه هذا.. ورغم أنني من جربة مثله فلم أتبع بن يوسف بل اتبعت ما أملاه عليّ العقل ».   وذكر بن جمعة أن الطيب المهيري وأحمد التليلي كانا مقربين من بعضهما البعض.. وفي وقت من الأوقات فكر بورقيبة في تغيير المهيري من منصبه لكن التليلي دعاه بأن يعدل عن هذا القرار.. كما تحدث بن جمعة أن المهيري كان له دور في القضاء على اليوسفية واليد الحمراء وفي بعث الهياكل وكانت له مسؤولية كبيرة في بلدية المرسى إذ قدم الكثير لهذه المنطقة كما كان له دور كبير في معركة بنزرت ولعب دورا هاما في بعث الشعب المهنية في الحزب.. ورغم إصابته بمرض السكري فقد كان شغوفا بالعمل إذ أنه حضر اجتماعا قبل وفاته بمدة وجيزة وقد توفي في 29 جوان 1965.. كما كان له توجه في بناء المجتمع والحياة العامة وكان مقربا من الشعب ويتألم لبؤس الناس ويسعى إلى الحد من معاناتهم كما كان الرجل الأقوى في الحزب. ».   لا هروب من المسؤولية التاريخية   وفي كلمته بين المؤرخ المنصف الشابي أنه يرفض أن تتحول منابر الذاكرة الوطنية إلى تبرير لبعض الوقائع وقال ردا على شهادة السيد محمد الحبيب غراب إنه يستغرب كيف أن غراب قال إن صالح بن يوسف نصب جبا لبورقيبة لكنه وقع فيه وبين أن بورقيبة اعترف بنفسه أمام الشعب وألقى خطابا واضحا ودقيقا وتحدث فيه عن مسؤولية اغتيال بن صالح يوسف.. وذكر أن هناك مجموعة أوهمت صالح بن يوسف بالرغبة في الانخراط في برامجه وهذا صحيح.. لكن مؤامرة اغتياله انطلقت من القصر ودبرها رجال ونساء في القصر وأنه كمؤرخ لا يمكن أن يؤكد أن المهيري كان له ضلع في التصفية لكن هناك من يؤكد ذلك.   ومن جهته بين السيد نجيب البوزيري أن المهيري كان بشوشا فلم يره يوما غاضبا كما كان رياضيا ولاعب كرة قدم في فريق الترجي.. وذكر أنه عرف المهيري عن كثب وهو يذكر حادثة قربته منه فحينما « احتل الألمان تونس عام 1943.. وفي يوم من الأيام.. قذف الأمريكيون قنابل على المرسى وقد أخطأوا الوجهة لأنه كان من المقرر إلقاء تلك القنابل على المطار..وكنت يومها جالسا مع المهيري فقمنا إثر الحادث بنقل الجرحى إلى قرطاج لعلاجهم وبعد ذلك علمنا أن السلطة الفرنسية رغبت في توسيمنا لكن المهيري رفض.. ولكن في المقابل وسمنا الحبيب ثامر وحثني المهيري وقتها على أن أصبح عضوا في الحزب ففعلت ».   ومن الأحداث المهمة التي شهدتها المرسى وحدثه عنها المهيري هي تكوين جريدة سرية وقد ساهم البوزيري في توزيعها ليلا. وتحدث المناضل عن مبادرة المهيري في تكوين أعوان أمن وتنظيم دورات تكوينية لفائدة الكثير منهم. وذكر أنه لما كان يشتغل في الداخلية أنقذه المهيري من موقف صعب إذ دعاه عدد من الطلبة لكتابة افتتاحية في جريدتهم ففعل البوزيري ذلك ولما تفطن بورقيبة للإفتتاحية وكان فيها نقد غضب منه وتردد أنه سيقع طرده من الحزب لكن المهيري أخبر بورقيبة بأن البوزيري يحترمه ويكن له محبة كبيرة فعدل الزعيم عما كان سيفعل.. وحتى حينما توطدت العلاقة بينهما كان البوزيري يقدم وجهة نظره لبورقيبة دون وجل لأنه يعتقد أن من يخفي الحقيقة عن المسؤول فإنه ارتكب خيانة.. وتحدث البوزيري عن مؤتمر بنزرت فقال « تم التصويت لاختيار أعضاء الديوان السياسي وقد تحصل الطيب المهيري على أكبر عدد من الأصوات لأنه كان يحظى بشعبية كبيرة رغم أنه كان وزيرا للداخلية وفي العادة فإن وزير الداخلية وفي كل البلدان لم يكن محبوبا.. كما كان المهيري يقوم بزيارات ميدانية إلى عديد المناطق لتفقد ظروف النظافة فيها ».   (يتبع)   سعيدة بوهلال   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 5 اكتوبر 2008)

قراءة في التجربة البورقيبية
عز الدين عناية تعيش النخبة الثّقافية والسياسيّة في تونس على إيقاع محاولات مراجعة حقبة الرّئيس الرّاحل الحبيب بورقيبة، والحدث مدعاة لعودة عديد الهواجس والتدّاعيات بمختلف تلوّناتها، تتعلّق أساسا بإعادة الوعي بتلك المرحلة. فالخطّ السياسي الذي ميّز تونس بعد الاستقلال –مارس 1956- يعدّ فريدا في العالم العربي، إن لم نقل نشازا. أوّلا: لانتهاج بورقيبة درب تحديث وعلْمنة صامتة مستندا فيهما لفلسفة فردانية وفّقت في جذب شعب بأكمله وراءها. ثانيا: لخروجه عن ثوابت وأعراف وتقاليد، ميزت ووحّدت السياسة العربية الحديثة. عبر هذين المستندين سنحاول النظر في تلك التجربة مبرزين انعكاساتها السلبية والإيجابية على التونسي من حيث بلورة توجهاته ونحت شخصيته الحديثة، ومن حيث جدلية تلك المغامرة مع الخط السائد داخل بنية الاجتماع العربي الجامعة. فبرغم المعية أو الضدية أو الحيادية التي تميز الرؤى المنشغلة بتلك الحقبة ومخلّفاتها، فإن الإقرار يسود بالاعتراف بتجذر صبغ البورقيبية لشخصية شعب بأكمله. لا يسمح المقال بمتابعة الإناسة السياسية للتجربة في جزئياتها ولذلك سنقتصر على المحاور الكبرى التي تلخصت فيها. * علاقة بورقيبة بالغرب: خلقت كاريزمية بورقيبة، أو صنميته بتعبير عربي أدق، التي اكتسبها قبل الاستقلال وتدعّمت بعده، منه وثنا في الذهنية التونسية، هذه الصنمية سكنت الفلسفة الغربية الليبرالية في جوهرها، وهي التي كانت تحرك وعيها بالتاريخ والسياسة، داخليا وعربيا ودوليا. وعبر هذا الوعي كانت خطة صناعة « تونس بورقيبة » لا « تونس التوانسة ». ففي صخب وهج الغليان الاشتراكي واليساري والقومي الذي سحر نخب التحرير والتغيير في العالم الثالث، لا شعوبها، جراء انتصارات الاشتراكية العالمية وتقدّمها، كان بورقيبة يدفع سفينته السياسية الهشة واليافعة، في أعقاب ليل استعمار هشّم كافة القدرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سنده في ذلك إيمان ووعي بفرنسا والغرب، يتجاوز وجهيهما الاستعماري المستغِلّ والنّاهب، وتطلّع للدّخول بشعب بأكمله مدرسة العقل الغربي، الذي صنع منه -الغرب- مختزَن قوة حضارية ضاربة عالميا، ودون الالتفات لأوجه توظيفها في آليات الهيمنة والحروب والاحتلال وما شابههما، أي لتشكيل الشّعب التّونسي ضمن قواعد العلمَنة واللّيبرالية والحداثة. هذا المثلّث الذي آمن بورقيبة به ووعى الغرب من خلاله، كان بالحقيقة أكبر من قدرات شعب منهَك، يسعى لكسر طوق الجهل والفقر والأمّية الذي يكبّله. وبمكر كبير استطاع بورقيبة وفي ظرف وجيز تحطيم كافة العقبات الدّاخلية التي تواجهه في ذلك، المتمثّلة في خطّ التقليدية الزّيتونية، وخط المنحى القومي العروبي، وخطّ المحافظة السّياسية، التي كانت ترهب تبعات أي تغيير جذري في مسار المجتمع. فاستطاع أن يثبت ويصنع بنفس السّرعة، خلال العقود الثّلاثة الأولى من الاستقلال، نخبة واسعة متركّبة من شريحتين ممتزجتين، من أنصار خطّ المحافظة التي تتشكّك من أي تغيير، وذلك بعد إعادة صنعها، وكوادر وخريجي المدرسة البورقيبية بعد الاستقلال. والملاحظ أن الوعي البورقيبي بالغرب كان أنضج من وعي سلفه كمال أتاتورك في تركيا، الذي ما كان يمثّل لديه سوى تلميذا فجّا للغرب، لتقليده الشّكلاني والقسري لا المفاهيمي والمؤسّسي. بذلك أمّن بورقيبة نفسه ومشروعه من أيّ حركة ارتجاعية باتجاه النّمط السّالف، عبر ما أحدثه من تحوير في الوعي لا في المظهر، وفي الجوهر لا في العرض. * بورقيبة وقضايا العرب ومصيرهم المشترك: في مقابل علاقة بورقيبة بالغرب بدت وبشكل سالب علاقة بورقيبة بالعرب. فقد كان خيار التغرّب والتنصّل مما هو عروبي اقتضاء محتّما بالنسبة له، داخل شروط معادلته السّياسية التي أرادها. فالغرب كانت معالمه جليّة في الذّهنية البورقيبية، التي تلقّت تعليما فرنسيا في مراحله الأولى والعالية مما خلق فيه انسلابا، في حين الكيان الحضاري العربي فقد كانت قوته الحضارية مجهولة لدى بورقيبة، بفعل واقع التخلّف وقتئذ، مما خلّف فيه نكوصا تجاهه، فقد رأى بورقيبة العروبة بواقع ما بعد حقبة الاستعمار، التي تركت العرب هشيما تذروه الرّياح، وكانت معادلات سياسة القوى المتحكّمة هي التي تصنع افتراضاته وتوجّه خياراته. فإن رأى بورقيبة تونس عربية فقد وعى ذلك في غياب هموم وتطلّعات العرب ووحدة قضاياهم: فلسطين، والأمّة الواحدة، ومعركة التقدّم وغيرها، ورأى الأمر في حدود كون الأمر معطى تاريخيا إناسيا (أنثربولوجيا) فحسب، وهي إحدى المزالق الكبرى بمنظور قومي عربي وإسلامي، وإحدى الحتميات اللاّزمة من منظور تكامل مشروعه واتزانه، إذا أنصفنا البورقيبية، ولذلك سعى لخلق الأمّة التونسية ذات الجذور العربرية (العربية البربرية) في مقابل الأمّة العربية الخالصة. وكان بورقيبة يعود للمنطلق العروبي بالقدر الذي يلبي نفعيته السياسية، كما الأمر مع الترحيب بالجامعة العربيّة في تونس، أو استقبال منظّمة التحرير الفلسطينية، أو استجلاب الرّساميل والمستثمرين الخليجيين. هذه الانتهازية السياسيّة في الهرع للعروبة لغرض نفعي، تطلّبت مراجعة بعد انزياح بورقيبة من السّلطة لتفسح المجال لتثبيت انتماء تونس ومصيرها اللذين ليسا منّة أو خيارا بل قدرا وإيمانا. * بورقيبة والدّين: تتلخّص تلك العلاقة في محطّتين أساسيتين، أوّلا مع الكتلة الزّيتونية التقليدية، النّاشئة داخل تعفّنات الحقبة الاستعمارية من حيث وعيها بالتغيير الحضاري للفضاء التونسي. وهي كتلة مدرسية المنهج عجزت عن وعي فلسفة الاجتماع من حيث شروط تحويله وعوامل تحريكه، فقد كان التكلّس المميت والتقديس المشيخي، يجعل من الموروث الفقهي والتراكمات المعرفية، في علوم القرآن والحديث والأصول والمواريث، معطى ثابتا جاهزا لديها. وما كانت تعي فلسفة التّشريع الإسلامي ضمن الخاصيات السُّننيّة الإلهية والتحوّلية البشرية، بتلخيص علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) للمسألة « القرآن كتاب مسطور بين دفّتين لا ينطق وإنما ينطق به رجال ». هذه العقدة الأساسية جعلت بورقيبة يبحث داخل أجنحة الكتلة الزّيتونية عن رفقاء دعم في مشروعه، ولكن بعد أن استيأس من معاضدته إلاّ من جانب ثلّة من الأحناف، مع أن الأغلبيّة مالكية، انقلبت سياسة بورقيبة كلّيا مع الزّواتنة وانطقلت سياسة التصفية والتشريد والإبعاد. فمحنة الزّواتنة مع بورقيبة كانت نتيجة خيارات فكرهم الذي صوّر إليهم أنه يمثل روح التشريع. ولا يعني أن بورقيبة كان في توجّهاته منطلقا من تعاليم الإسلام، بل قد يلتقي المنهج الإسلامي الأصيل والتاريخي مع غيره في المقصد وإن اختلفت المنطلقات. المحطّة الثّانية في علاقة بورقيبة بالدّين، كانت مع ما عرف سابقا بحركة « الاتجاه الإسلامي » ولاحقا بـ »النهضة ». كانت البورقيبية غاضّة الطّرف عن التنامي البدئي لهذا التيار، بصفته ردّ فعل اتزاني ضدّ التوجّهات اليسارية المهيمنة على الساحتين الثقافية والطلاّبية، والتي كانت ترنو، بصبيانية هائجة، لتصفية الموروث العربي الإسلامي على حدّ سواء، الذي كانت البورقيبية تتعامل معه، بكونه واقعا تاريخيا، لا محفزا أو مستندا تحديثيا للتنمية. قدّرت البورقيبية وارتأت ضرورة توْنَسَة التوجّه الديني المحدث، أي انكفائه عند السّاحة التونسية من حيث استلهام مرجعياته وتأسيس طروحاته، على نمط الأحزاب الدّينية -الديمقراطية المسيحية- المتواجدة في أوروبا. حكم على بورقيبة هوَسَه بالأمّة التونسية، كونها كتلة متميزة، بخلق الإسلام التونسي، وما كانت المرجعيّات الخارجية فيه، الأزهريّة والسعوديّة والخمينيّة لاحقا، لتلاقي أدنى قبول أو اعتراف في حماه. إضافة وعلى النقيض من ذلك، كانت الأدبيات والمرجعيات التي استلهمها مؤسّسو حركة « الاتجاه الإسلامي » وأنصارهم تتنافى كلّيا مع قطرنة الإسلام التونسي، بل كانوا يعتبرون أنفسهم فصيلا داخل الحركة الإسلامية العالمية. هذه اليوطوبيا التي تربى عليها أنصار الحركة الإسلامية في تونس كانت مربط الفرس، المنتج للمنازعة مع السّلطة، ينضاف إلى ذلك، أن الحركة الإسلامية في تونس في استنادها لمرجعية دينية محلّية، راهنت فيها على إحياء تراث الزّواتنة المنبوذين من طرف البورقيبية، نعني أنصار الكتلة المالكية الزيتونية التقليدية، وما كانت لتعي عقم الفلسفة الاجتماعية التي تعي بها تلك الشلّة الدّين والمجتمع، والذي سيغرقها في نفس اليمّ الذي غرق فيه سلفها، وسيهيئ تصادمها الموسّع مع نظام السّابع من نوفمبر في فترة لاحقة. أمام تلك العوامل والظروف لم يبق لبورقيبة إلاّ أن يصوغ إسلاما تونسيا تهتدي رموزه بتعاليم القصر قبل تعاليم القرآن، كان إسلاما شعائريا وفلكلوريا بالأساس. * بورقيبة والمرأة: المجتمعات العربية مجتمعات أبوية بامتياز، شرعت لذكوريتها عبر توظيف وتأويل للمرجعيات القيمية والدّينية بشكل انحيازي لاواعي، حتى دبّت قناعة خاطئة ترتئي في الدّين مرجعا ومستندا لذكوريتها. فصُنِعت قيم استمدّت جلالها من خلل نفسي مستحكِم، أُجبِرت المرأة فيه ولوحدها الالتزام به، فالشّرف والعفّة والطّهر وتوابعها في الملبس والعمل والحرّية الفردية -وهي قيم حق أساسية أريد بها باطل- أُرغمت المرأة على الالتزام بها وتم التغاضي عن الرجل فيها، سواء في إهمالها أو المحافظة عليها. وهذا السجن السلوكي للمرأة كان يستدعي سندات عملية داخل فضاء الفعل الاجتماعي تمثل أساسا في تضييق مجال الخروج للنشاط العملي، الذي يعني اكتساب قوة مادية وظيفية ذات بعد تحكّمي، من شأن الحصول عليها قلب موازين القوى في الفضاء الاجتماعي. كان بورقيبة واعيا بهذه اللّعبة القذرة التي مورست في حقّ المرأة التونسية، وبطبيعة فلسفته التغييرية المستلهَمة من النمط الغربي، فقد كان عاجزا أو غير مقتدر على استعمال أدوات تغيير من التراث الدّيني الاجتماعي، لوقوع المخيال الجمعي تحت هيمنة تأويلية ذكورية خاطئة وشائعة بين الرّجل المتحكِّم والمرأة المستضعَفَة نفسيا وفكريا. وبفعل محدودية العبقرية البورقيبية التي مهما ضخِّمت فهي لن تخرج عن شروطها الإنسانية، تم دفع المرأة للشارع، والذي بقدر نجاح البورقيبية في إخراجها له، فإنه لم يحصّنها ضدّ الاستعباد الثاني الذي يتربّص بها، أي قوى الاستغلال، التي هي من طبيعة الخيار اللّيبرالي الذي تبنّاه بورقيبة، وهنا كان مأزق الرّهان البورقيبي ومحدوديته. فعملية التحرير للمرأة التي ارتآها بورقيبة ارتكزت على أساسين: المساواة في حقّ المطالبة بالطّلاق أُسْوة بالرّجل ومنع تعدّد الزّوجات. في الجانب الأوّل وقع تجريد الرجل من تفرّده بالسلطة داخل البيت، عبر التحكم بمقادير بيت الزوجية ومورد رزق الأسرة، المستندين على مفهوم القوامة الذكورية المشرعَنة، فأصبحت أي عملية طرد –الطّلاق الفجئي- ممتنعة ولاغية في ظلّ إعادة توزيع مراكز القوة داخل بيت الزوجية، الذي صار يلزم بدفع النفقة التي كان متغافَلا عنها سابقا، برغم التنصيص عليها في التّشريع الإسلامي، إضافة لتوفير محلّ للسكنى والتعويض المالي والإنفاق على الأبناء الذين ما زالوا في حاجة لرعاية الأم، في حالة وقوع الضرر. هذه المستحدثات والقرارات القانونية وعاها الرّجل باعتبارها انتقاصا من
 فحولته وهيبته، وهي بالأحرى تصويبا لتكوينه الخاطئ. أما المسألة الثانية وهي منع تعدّد الزّوجات، كان تجاوز بورقيبة فيها للسفسطة الفقهية المتعلّلة بمزايا التعدّد، إلى التمسّك بالأصل الشّرعي، واحدية القرين، والتجاوز لاستثنائية التعدّد، مقصدا دينيا بأدوات لادينية. ولذلك لم يجد بورقيبة حرجا في ذلك، سواء من جانب المرأة التي هلّلت للأمر، أو من جانب شقّ من الفقهاء الزّواتنة، الذين ساهموا في صياغة مجلّة الأحوال الشّخصية في أوت/أغسطس 1956 عشية الاستقلال. من خلال هذه المراجعة الموجزة للبورقيبية، نتساءل هل نجحت هذه التجربة في خلق تونسي عضوي؟ فتلك هي المسألة الأساسية والجوهرية في المشروع البورقيبي. فلئن وفّقت في خلق تحرّرين وتكنوقراطيين سواء في صفّي المرأة أو الرجل، فإنها فشلت في غرس العضوية والالتزام. ولعلّ البنية الرمزية، التاريخية والدينية والحضارية، التي تجاوزها بورقيبة في صراعه مع تيار سلفي متردّ، لافتقاد تيار زيتوني أصيل، إضافة إلى ضغوطات سياسة الهيمنة الدولية، هي التي كانت وراء التحلّل والوهن الذي أصاب المجتمع التونسي في أواخر عهد بورقيبة، والذي تطلب مراجعة في حجم المسألة. لقد أجاب بورقيبة عن سؤال التنمية والتحوّل والتقدّم من منظور فلسفته ورؤيته، ولكن تبقى الحقيقة الاجتماعية، أنه من صارع الواقع صرعه. (المصدر: موقع أنفاس بتاريخ 5 اكتوبر 2008) الرابط: http://a.amaaz.free.fr/portail/index.php?option=com_content&task=view&id=2543&Itemid=340&ed=1
 

تعددت الفتاوى.. فماذا لو وقع الاستجابة لها؟!..

   

بقلم: آسيا العتروس   ماذا لو ساتجاب احد وبعض الشبان المتحمسين لدعوة احد علماء المسلمين بقتل اصحاب الفضائيات الخليعة التي يعرف القاصي والداني مالكيها واغلبهم من اصحاب الجاه والنفوذ وكيف سيكون موقف صاحب الفتوى انذاك وهل سيدينه ام سيتولى البحث عن مبررات للدفاع عنه؟ وماذا لو استجابت بعض المتدينات المتشددات للفتوى السابقة المتعلقة بارضاع الكبير فهل ستتحول كل المكاتب والادارات الى « محاضن للكبار »؟ التساؤلات وما يرافقها من نقاط استفهام لا تتوقف عند هذا الحد وهي وان كانت تبدو غريبة في ظاهرها فانها قد لاتقل غرابة عن الفتاوى التي بات الكثير من علماء الدين والايمة والمشايخ يتنافسون في اصدارها قبل ان يعودوا للتراجع عنها متخفين حول ما تعرضت له اقوالهم من سوء فهم او تشويه او تزييف… ولعل من شاء ان يحاول احصاء قائمة الفتاوى المسجلة خلال الاشهر القليلة الماضية سيجد صعوبة في القيام بذلك امام تواترالاجتهادات لاصدار الفتاوى في مختلف مجالات الحياة حتى انها باتت مصدر احراج علني لعديد الاوساط الرسمية التي غالبا ما تجد نفسها امام الامر الواقع بعد ن تجازوتها الاحداث فلا هي قادرة على التاكيد ولاهي قادرة على النفي لا سيما بالنظر الى موقع ومكانة رجال الدين المؤثرين في عديد الاوساط الاجتماعية المتشددة وليس المحافظة اذ بين التشدد والمحافظة درجات تفصل بينهما واذا كانت المحافظة من الخصوصيات المطلوبة في المجتمعات العربية والاسلامية من اجل الحفاظ على الهوية ومواكبة العصر دون افراط او تفريط فان التشدد الذي يصل حد التطرف المنبوذ يظل عكس ذلك ويبقى عنوان الشذوذ والانغلاق… ان نظرة سريعة على بعض تلك الفتاوى من شانها ان تعكس الكثير عن واقع جزء لا يستهان به من المجتمعات العربية والاسلامية وعقلية الكهوف والعمائم عندما تغرق في اجتهادات لا تقدم ولكنها تؤخر بالتاكيد واقع مجتمعاتها المتردي اصلا بسبب الصدا الذي يحيط بعجلة التقدم والنمو فيها وبعد ما سلف ذكره من فتاوى تاتي فتوى حظر بيع القطط والكلاب بدعوى لجوء بعض الشباب اليها للتودد الى الفتيات ومضايقتهن وفتوى التبرك ببول الرسول وفتوى قتل ميكي ماوس بدعوى ان الفئران كائنات مؤذية تستحق القتل وفتوى زواج ابنة التسع سنوات بدعوى الاقتداء بالرسول وبعد الفتوى القائلة بتحريم المسلسلات التركية واعتبار من يتابعها يحارب الله والرسول صدرت قبل ساعات فتوى جديدة لن تكون بالتاكيد الاخيرة وتدعو النساء الى ارتداء نقاب لا يظهر سوى عين واحدة بدعوى ان اظهار المراة لعينيها الاثنتين قد يشجعها عل تزيينهما وربما كان اجدر باصحاب هذه الفتاوى ان يدعوا بدلا من ذلك ان تغمض المراة عينيها الاثنتين وان تعمد الى استئجار مساعد لها من احدى الدول الاسيوية يتولى توجيهها كما توجه البعير لقضاء شؤونها اليومية تماما كما يتولى قيادة سيارتها ومساعدتها وابنائها في تنقلاتهم اليومية … والحقيقة ايضا ان التنافس القائم منذ فترة على الفتاوى المثيرة في ابعادها واهدافها بات على اشده والاكثر من ذلك انه لا تكاد تهدا ضجة بشان احدى هذه الفتاوى حتى تبدا اخرى اكثر شراسة لتجد طريقها بسرعة مذهلة الى مختلف المحطات الاعلامية الغربية التي تتلقفها بشغف كبير ونهم لا حد له وكانها كانت تنتظر صدورها لتبدا معها رحلة البحث عن مفهوم وتاثير تلك الفتاوى في المجتمعات الاسلامية ولاسيما الفئات الشبابية منها ومدى ارتباطها بموجة التطرف والعنف والانغلاق فيها.طبعا لا احد بامكانه ان ينكر او يقلل من اهمية الاجتهاد الايجابي في حياة الشعوب فالاجتهاد امرمطلوب واساسي ولاغنى عنه لتحقيق تقدم الشعوب وتجاوز حدود الافكار البائدة التي لا يمكنها ان تنبت عشبا صالحا او فكرا نيرا او جيلا مسؤولا يبحث عن تطوير ذاته والالتحاق بركب الدول المتقدمة في علومها واكتشافاتها التي اهلتها لاكتساح العالم وكسب احترام وتبجيل الاخرين بمعنى كل انواع الاجتهاد الذي يجنب اسباب الفتنة المجانية المدمرة لوحدة الشعوب وهو ما يمكن ان يتحقق بوجود مرجعية اسلامية واضحة وموحدة وليس بوجود فتاوى يصدرها كل من هب ودب بدعوى الدفاع عن الاسلام. ربما تناسى الذين اهدروا الفار « ميكي ماوس » الكارتوني ان الذين ابتدعوا تلك االصور قبل ثمانين عاما والتي امتعت ولاتزال  اجيالا متعاقبة من الاطفال والشباب قد ابتدعوها لاطفال غير اطفالنا ولمجتمعات وعقول غير مجتمعاتنا ولكننا مع ذلك اقبلنا عليها بشغف وقد لا نجد لها بديلا مماثلا حتى الان. من المؤسف جدا ان يجد المشائخ الموقرين واصحاب الفتاوى الوقت لمتابعة اخبار المسلسلات التركية واخبار التنجيم والسحربل وحتى اخبار الصور المتحركة ليصدروا بشانها الفتاوي والمواقف ولا تصلهم في المقابل اخبار ما يحدث من جرائم وانتهاكات وفساد في العراق وفلسطين وغيرها ايضا ولا نسمع لهم في ذلك فتوى تذكر تحرم اقتتال الاخوة وتمنع اسباب الفتنة والانقسام والاختلافات الطائفية وغيرها من اسباب انتشار الفقر والخصاصة والتخلف والجهل والكسل التي افردت لها الشريعة الاسلامية من الاحكام الواضحة ما لا يدعو لغموض واختلاط الامور ولايجعل الاسلام والمسلمين موضع سخرية واستهزاء من الاخرين…   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 5 أكتوبر  2008)


ضرورة الفصل بين إسلام الإيمان وإسلام التاريخ  في الدين والدنيا (5)

   

العفيف الأخضر   « مَن لا يعرف، من جميع الأديان إلا دينه، هو في الحقيقة لا يعرف اي دين » (ادولف هارناك،لاهوتي)   في جميع الأديان الكبرى يتعايش سلميا دينان منفصلان: دين الإيمان ودين التاريخ؛ ما عدا الإسلام فما زال فيه إسلام الإيمان وإسلام التاريخ في حرب دامية. دين الإيمان هو علاقة حميمة بين المؤمن وربه، عبر ممارسة شعائره وتقديس كتبه، وأماكنه وشخصياته الدينية دون سؤال. أما دين التاريخ فسؤال كله؛ إذ هو علاقة بين الباحث – بمن في ذلك المؤمن – والدين، كموضوع بحث، على ضوء علوم الأديان مثل تاريخ الأديان المُقـَارَن، والسوسيولوجيا الدينية، والانتروبولوجيا الدينية، وعلم النفس، واللسانيات والاركيولوجيا (علم الآثار) الخ التي تطرح عادة من الأسئلة أكثر مما تقدم من الأجوبة. في المجتمعات البدائية حيث كل شيء دين، وكل ما في الأرض مقدّس، لم يكن الفصل بين دين الإيمان ودين التاريخ ممكنا. في القداسة المعمَّمة العقل البشري عاجز عن دراسة العقل الإلهي. فقط بانتقال البشرية تدريجيا من الطبيعة إلى الثقافة يأخذ المقدَّس في التخلي عن مساحات أكبر فأكبر للفكر الدنيوي لدراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية. أسهمت الديانات التوحيدية، بما فيها الإسلام، في رفع القداسة عن الطبيعة التي غدت حينئذ مختبَرا للعقل البشري لإنتاج العلم والتكنولوجيا، لذلك يكره هايدغر، عدو العلم والتكنولوجيا، الديانات التوحيدية مفضلا عنها الأساطير الوثنية التي تضفي القداسة على الطبيعة حائلةً هكذا دون تحويلها لحقل للعلم والتكنولوجيا. لكن الديانات التوحيدية التي تطورت انطلاقا من المقدَّس احتفظت منه بإضفاء القداسة على بعض مؤسسات ومنتجات العقل البشري التي أصبغت عليها، بالشريعة، شرعية دينية مجردةً لها من شرعيتها المحايثة: شرعية العقل البشري، شرعية إرادة البشر الذين أنتجوها. أسست الحداثة منذ 6 قرون الفصل بين العقلين الإلهي والبشري حاصرةً الدين في الفضاء الخاص، الروحي، بما هو شأن الضمير الفردي وتاركةً للعقل البشري إدارة الفضاء العام، الزمني، بقوانين وضعية وعقلانية ودراسة ظواهر الطبيعة والمجتمع بما فيها الظاهرة الدينية بالعلوم المختصة فيها. وهكذا يبدو إدعاء الإسلام السياسي حق التحكم في الشأن الدنيوي بواسطة حكومة الفقهاء نكوصا إلى حقبة تجاوزها التطور التاريخي. فما كان في الطبيعة والمجتمع يفسره الدين باتت تفسره العلوم المختصة. ولا تنازعها في ذلك الديانات الراشدة؛ الدين الراشد هو الذي يتخلى عن الشأن الدنيوي لأهله منتقلا من « شريعة الظاهر إلى شريعة الباطن » كما سمّاها المتصوفة المسلمون، أي الانتقال من التديّن الموسوس السادي الذي يراقب ويعاقب متلصصا على حميميات الناس من ثقب الباب لإحصاء أنفاسهم وفرض النظام الأخلاقي عليهم، إلى التدين المسالم، الفردي الذي يكون فيه المؤمن مسؤولا عن نفسه فقط ومحترما لخيارات الآخرين الدينية والدنيوية. وهذا ما حققته، في أرض الإسلام، حكومة طيّب رجب أوردوغان الإسلامية بإلغائها للعقوبات الشرعية السادية: عقوبة الإعدام، والزنا، والمثلية والردة معترفة دستوريا للمسلم التركي بالحق في تغيير دينه وبالاحرى بالبحث الحر فيه. وهي مهام ملحة ما زالت تنتظر الانجاز في باقي أرض الإسلام التي يحكمها غالبا الجبن السياسي. بالتوازي مع هذا الانجاز التاريخي، هي الآن بصدد تحقيق انجاز تاريخي ثان هو تفسير القرآن، على ضوء القراءة التاريخية النقدية التي أُعيد بها تعريفُ النصين اليهودي والمسيحي، لإعادة تعريف النص القرآني بها أيضا بإلغاء ما نسخه التطور التاريخي من أحكامه؛ وكمؤشر قوي على بداية تسلل الحداثة إلى المشروع الإسلامي المضاد لها، فإن قادة الحركات الإسلامية – باستثناء التونسية – لم يستنكروا حتى الآن هذه « البدعة » غير المسبوقة في أرض الإسلام. هذان الانجازان الواعدان يؤسسان للاعتراف الرسمي بشرعية إسلام التاريخ ليستطيع الإسلام أخيرا الوقوف جنبا لجنب مع اليهودية والمسيحية والهندوسية والبوذية مرفوع الرأس فلا يعود خَجِلا من محاكمة باحثيه مثل د. نصر حامد أبو زيد، ولا من اغتيالهم مثل فرج فودة ولا من شنقهم مثل محمد محمود طه، ولا من سجنهم مثل محسن كاديفار، ولا الحكم عليهم بالإعدام مثل علي أغجري، ولا ارغامهم على الهجرة مثل عبدالكريم سورش… كيف يستطيع إسلام التاريخ تحقيق هذا الهدف؟ 1- بالفصل بين القرآن والعلم. الدين بما هو رموز لا يستطيع تفسير الظواهر علميا، حسبه مجرد التعبير الرمزي والمجازي عنها كما فعل المتصوفة. أما العلم، فهو الوحيد المختص في فهمها وتفسيرها بالخطأ القابل للتصحيح حينا وبالحقيقة القابلة للاكتمال حينا. الدين يفسر الدين والطبيعة بالدين. أما العلم فيفسر الدين بعلوم الأديان والطبيعة بعلومها. 2-  بتصحيح ميل إسلام الإيمان إلى انتزاع أحكامه وشريعته من السياقات التاريخية التي أنتجتها لجعلها عابرة للتاريخ، أي صالحة لكل زمان ومكان. أما إسلام التاريخ فينزّلها في ظروفها التاريخية. عندئذ تغدو، ككل ما هو تاريخي، خاضعة لقانون التطور إذن مؤقتة. وهكذا تصبح الشريعة غير صالحة لجميع الأزمنة ولجميع الأمكنة. وهذا اليوم واقع معيش، فالدول الدينية كإيران والسودان والسعودية أُضطرت إلى نسخ كثير من أحكام الشريعة عندما طبقت القوانين التجارية والبحرية الوضعية وتعاملت مع المصارف العالمية « الربوية » واستثمرت في  » قمار » البورصة، وأقامت العلاقات الدبلوماسية مع « دار الكفر » بل وحتى مع « دار الأوثان » كالهند والصين والكوريتين واليابان… بل وارتبطت مع بعض دولهما بصداقات حميمة أحيانا. أما الحكومة الإسلامية في تركيا فقد نسخت ما أبقت عليه عَلمانية أتاتورك من أحكام شرعية… وهي جميعا انتهاكات محرمة ومجرمة شرعا. ألا ينهض ذلك دليلا على عدم صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان؟ قال الامام مالك: « عدول كل زمان بحسبه » ونقول نحن : شرائع كل زمان بحسبه. 3- بدراسة شخصيات الإسلام وتاريخه بعلوم الحداثة مفككا أسطورة « العصر الذهبي » وتقديمه على حقيقته بلا أوهام، بإنجازاته وإخفاقاته. ألم يستنكر ابن خلدون، السني الأشعري، أمر عمر حرق مكتبة فارس؟ وبتفسير الفتنة الكبرى بفشل الشورى في إقامة حكم مستقر ورشيد، وليس بـ »مؤامرة اليهودي، ابن السوداء، عبد الله بن سبا » الذي اخترعته البارانويا الجمعية لتبرئة الذمّة. الوسيلة المثالية لذلك هي تاريخ الأديان المقارَن الذي يكشف وَحدة الظاهرة الدينية في جميع الأديان الوثنية والتوحيدية. وبتحليل العوامل التاريخية التي جعلت الإسلام ينتصر داخل شبه الجزيرة العربية وخارجها. ثم يأتي دورعلم النفس لكشف وتحليل الدلالات اللاشعورية لشعائره والبواعث والأعراض النفسانية لشخصياته المؤسِّسة وفهم نصوصه وأماكنه المقدسة وشخصياته التاريخية ومجازاته اللغوية ومنطقه الخاص ومذاهبه وفرقه المتنافسة، التي تدعي كل منها أنها « الناجية »؛ ويأتي دور السوسيولوجيا الدينية لفهم الدوافع المختلفة التي دفعت وما تزال الفاعلين الاجتماعيين، في كل عصر ومصر، الى استخدامه تحقيقا لمآربهم الدنيوية وهذياناتهم الدينية التي برروا بها قتل النفس في سبيل الله وقتل الأبرياء باسم الله من جمعية الحشاشين إلى حركات الاستشهاديين المعاصرين. وهكذا فوظيفة إسلام التاريخ هي مساءلة ما تركه إسلام الإيمان دون مساءلة والإجابة عما تركه إسلام الإيمان بلا إجابة. بهذا المسعى يُستعاد الإسلام وتراثه ومؤسسوه من الميتا تاريخ (= التاريخ الذي صنعته حتميات إلهية لا تأثير للإنسان فيها) إلى التاريخ الذي تحكمت فيه حتميات وإمكانيات بشرية. وحده إسلام التاريخ، باستخدامه لعلوم الأديان وخاصة لتاريخ الأديان المقارَن، يساعدنا على الانتهاء من النرجسية الدينية المنحدرة من الاثنية المركزية البدائية، « لا خلاص خارج الإسلام، الدين الحق، الإسلام هو الحل لمشاكل المسلمين والعالم، لا وجود لديانات أخرى، اليهودية والمسيحية كانتا شريعتين نسختهما الشريعة الإسلامية » الى أخر هذا الهذيان النرجسي الذي قد يشفي منه تاريخ الأديان المقارَن، عندما يقدم الإسلام، كأي دين، كإحدى الوقائع الثقافية التي اقتبست شعائرها من الثقافات السابقة لها كاليهودية والمسيحية والمانوية، من هذه الأخيرة اقتبس الإسلام كثيرا من عقائده « كختم النبوة و4 من أركانه الخمسة، الشهادة، الصلاة، الزكاة والصوم » (معجم القرآن ص 250)، لجعله قادرا على وضع نفسه موضع تساؤل وشك مُخرجا له من قوقعة يقينياته العتيقة. وَحدة الواقعة الدينية الإسلامية مع الوقائع الدينية السابقة لها، بفعل عوامل متضافرة كتطور الفكر الرمزي والتلاقح الثقافي ووَحدة اللاشعور الجمعي، يجعل النرجسية الدينية غير ذات موضوع، ويجعل في الوقت نفسه الحوار بين الأديان ممكنا لقطع الطريق على حرب الأديان العالمية – والنووية ربما. – تاريخ الأديان المقارَن، الذي هو محور إسلام التاريخ، بالرغم من كونه علما حديثا له جذور في الفكر الإسلامي الكلاسيكي؛ يروي الطبري في تفسيره أن عمرو بن العاص وعمرو بن دينار اختلفا في قراءة الآية 86 (الكهف): « حتى إذا بلغ (= ذو القرنين) مغرب الشمس وجدها تغرُب في عين حمئة » قرأها عمرو بن العاص « حمئة » وقرأها عمرو بن دينار « حامية »، فاحتكما إلى بن عباس الذي احتكم بدوره إلى كعب الأحبار، اليهودي الذي أسلم،: « ماذا عندكم في الكتاب يا كعب؟ أجاب إنها تغرب في عين فيها ثأط، أي طين أسود » فحكم عندئذ لقراءة عمرو بن العاص. لم يستطع بن عباس تفسير حمئة إلا بعد مقارنتها بما في النص اليهودي. ولولا كعب لأعلن تعليق الحكم لتعذر الترجيح بين القراءتين. يقول مؤرخ الحضارات ارنولد توينبي إن « الإسلام هو الديانة اليهودية الثانية » نظرا لوَحدة الحقيقة الدينية بين الديانتين؛ ويفترض فرويد، حسب نظريته عن عودة المكبوت التي أكدها علم المصريات المعاصر، أنه بعد التثليث المسيحي، كان الإسلام هو عودة المكبوت اليهودي: التوحيد. ماذا أقول؟ بل أن القرآن نفسه يعترف بأنه نسخة من الكتب المقدسة اليهودية: « إن هذا لَفي الصُحف الأولى، صُحف ابراهيم وموسى » (18، 19 الأعلى). (« قال رسول الله صل الله عليه وسلم : هي كلها في صحف ابراهيم وموسى »، وعن بن عباس: « قال نُسخت هذه السورة من صُحف ابراهيم وموسى »، « وعن قتادة: تتابعت كتب الله كما تسمعون »، وعن الحسن رضي الله عنه قال: « في كتب الله كلها ») ( السيوطي، الدر المنثور في التفسير المأثور ج 6 ص ص 570، 571). أسطورة خلق الكون وخلق آدم وحواء والطوفان اقتبسها القرآن من سفر التكوين وبدوره اقتبسها سفر التكوين من ملحمة جلجامش والأساطير السومرية والبابلية الأخرى. لكن، بما أن كثيرا من النخب الإسلامية هي اليوم في هذيان يبدو مزمنا، نجد د. عبدالصبور شاهين يتزعم، من جامعة القاهرة، المطالبة بـ »تطهير » تفسير الطبري من الإسرائيليات، ود. مصطفى أبو هندي، من جامعة الحسن الثاني، يطارد نفس الفكرة الثابتة في كتابه: « التأثير المسيحي في تفسير القرآن »: « السؤال المحوري (…) إلى أي حد استطاع علم التفسير أن يعين القارئ على التعامل الجيد مع النص القرآني؟ (…) ما زال السؤال مثارا عن دوره (…) في تمرير معان أخرى غير قرآنية مأخوذة من اليهود والنصارى (…) في رسالتي  » العقائد الإسرائيلية وأثرها في توجيه التفسير » (…) (قلت) ما يوجد في كتب التفسير من عقائد منحرفة مأخوذة من الإسرائيليات، إنما يرجع إلى العلوم الإسلامية وعلى رأسها علم التفسير » (ص 5) « إن الدارس لهذه الأشراط (= علامات قيام الساعة) يتكشف أن في الأمر ضلالا كبيرا ساهمت فيه المرويات اليهودية والمسيحية وما تأثر بها من مأثورات إسلامية عن الصحابة والتابعين وغيرهم ممن تتلمذوا على أهل الكتاب  » (ص 203). في كتاب هندي ليس تفسير الطبري وحده هو المحشو بالإسرائيليات بل التفاسير كلها عدى 3 فقط منها تفسير سيد قطب! مسايرة لهذا المنطق المهووس بـوهم « نقاء » الإسلام من « لوثة » اليهود والنصارى تكون الخطوة القادمة هي المطالبة بـ »تطهير » القرآن الكريم نفسه من الإسرائيليات والنصرانيات. البداية قد تكون بقصص الأنبياء جميعا والضحية الأولى قد تكون سورة يوسف المتماثلة في الروايتين الرمزيتين اليهودية والإسلامية! يا صناع القرار التربوي اتقوا الله في شبابكم. درّسوهم الثلاثي، إسلام التاريخ، وحليفه إسلام التنوير والإسلام الشعبي؛ إسلام التاريخ يعلمهم الفصل بين الإيمان والحقيقة العلمية، بين الدين والعلم، بين العلوم الشرعية وعلوم الأديان الحديثة كما يعلمهم الانفتاح، في عصر ثورة  الاتصالات ومجتمع المعلومات العالمي، على جميع الاديان الميتة والحيّة عبر تدريس علم الاديان المقارن. لماذا؟ ليفهم الاسلام فهما تاريخيا يحميهم من تلاعب حركات المنتفعين به ويساعدهم على الاندماج في بوتقة الانصهار الثقافي العالمي؛ الإسلام التنويري يعلمهم الإيمان بما هو قناعة ذاتية داخلية يكوّنها كل فرد انطلاقا من تاريخه الشخصي الخاص؛ الإسلام الشعبي، طلب شفاعة الأولياء، يقدم لهم ملاذا نفسيا – روحيا ناجعا ضد القلق الوجودي والأمراض النفسُ – جسدية التي ما زال الطب يقف أمامها حائرا في ارض الإسلام حيث العلاجات النفسية نادرة وبدائية… وليعطي به من شاء معنى لحياته – فقط الدين والفلسفة يعطيان للحياة معنى -. الإسلام الشعبي، عبادة أسلاف حية وتجربة روحية، فردية صامتة أو جمعية صاخبة، لا تطالب، عكس عبادة الأسلاف الشرعية، لا بتطبيق الشريعة ولا بالجهاد وأقل من ذلك بحكومة الفقهاء. كما لاتغلق الوعي الجمعي، دون الحداثة، بالضبة والمفتاح. إذا كانت عبادة الماضي، عبادة الأسلاف وعصرهم الذهبي ضاربة في أعماق النفس البشرية بما هي حنين إلى طفولة ما قبل الفطام (8 – 10 شهور) حيث كان الرضيع يرى نفسه امتدادا بيولوجي للأم… فدرّسوا عبادة الأسلاف في الإسلام الشعبي المسالم بدلا من عبادة الأسلاف في الإسلام الجهادي المحارب. نراكم الأحد المقبل   (المصدر: موقع إيلاف ( بريطانيا ) بتاريخ 5 أكتوبر  2008)

الأم مع المغرب.. والأب مع ليبيا.. والأولاد مع السعودية!

2008-10-04    

كنا في خاليات الأيام نتندر على حال التشرذم والرعب والشقاق والشك والنفاق الذي وصلت إليه بعض المجتمعات العربية، فنقول: إن الأسرة المكونة من خمسة أفراد فيها ستة أحزاب! لكننا لم نكن نتوقع أن تستمر حال الهوان والذل والتمزق والسخرية ثلاثين عاما، وقد تكرست هذا الرمضان بين الدول الإسلامية من جهة، ومن جهة أخرى بين الجاليات المسلمة في أوروبا التي صام الناس فيها أفواجا أفواجا، كل فوج يتبع دولته، أو المركز الإسلامي في المدينة التي يقيم فيها، أو إمام مسجد الحي الذي يصلي فيه! وما كان هذا حالنا، لكن قدوم رمضان هذا العام والناس في بلادهم يقضون عطلهم الصيفية أدى إلى مزيد من البلبلة المتبلبلة أصلا بسبب السياسات الخرقاء للبلدان الإسلامية في ضبط وقت دخول الشهر العظيم ووقت خروجه في زمن صار من الممكن قطعيا حساب المواقيت فلكيا! وكأنه لم يكن يكفينا اختلاف ثبوت الشهر بين ليبيا والمغرب والسعودية في أوله، حتى دخل علينا في آخره مجلس الإفتاء الأوروبي، والذي صار جهة محترمة تتبعها مساجد أوروبا وجالياتها، وقد كنا قبله في حالة من التشرذم بلغت في إحدى السنوات أن تفرقت الأسرة الواحدة إلى ثلاثة أحزاب، كل حزب مستمسك بما هو عليه! فصام الأب مع المغرب بسبب اختلاف الرأي بين المراكز والجمعيات في أوروبا، وصامت الأم مع سوريا اختيارا منها، وصمم الأولاد على الصيام مع السعودية لأنهم طلاب في المدرسة السعودية، وكان لديهم أستاذ سعودي متميز متألق يحبونه حبا جما فلم يرغبوا في مخالفته فصاموا معه تبعا للمملكة السعودية! وكان معظم الناس في إسبانيا يصومون كل مع بلده حتى جاءت الفضائيات وأصبح معها الناس رهنا بشفتي إمام الحرم، ما إن ينطق بثبوت الشهر في صلاة التراويح أو بعدها أو قبلها، حتى تُعلَن الأفراح والليالي الملاح ويفطر الناس ويبتهجون. وعندما دخل مجلس الإفتاء الأوروبي على الخط، اتفقت كل المراكز الإسلامية في إسبانيا على الصيام الموحد حقناً للدماء المتدفقة إلى الأدمغة بسبب ارتفاع الضغط كل عام والمترتب عن هذا الوضع الشاذ! وصار الجميع يصومون معا ويفطرون معا. ولم يختلف مجلس الإفتاء الأوروبي عن السعودية في ثبوت الشهر ولا ختامه خلال السنوات الست أو السبع الماضية ولا مرة واحدة تقريبا، وكنا نعيش في أمن وأمان وقد ارتحنا من عناء هذا الشقاق السياسي المقيت، وبقيت الجالية متوحدة في هذا الأمر. وعلى الرغم من أن %90 من المسلمين في إسبانيا هم من المغاربة، فقد كانوا يتّبعون مساجدهم وأئمتهم في إسبانيا، فيصوموا مع الناس ويفطروا معهم، متقدمين أو متأخرين عن المغرب، باعتبار إسبانيا إقليما واحدا مجتمعا ينبغي للمسلمين فيه أن يكونوا مجموعة واحدة تصوم في يوم واحد وتفطر في يوم واحد. هذا العام لا ندري ما الذي حصل؟! وقد صدق فينا قول العامة: «كل الناس يمشون إلى الأمام إلا (العرب) فهم مساكين يمشون إلى الخلف وأعينهم تنظر إلى الأمام»! كلما فرحنا بإحراز شيء من (التقدم)، ولو خطوة واحدة، عدنا وتقهقرنا وأعدنا الكرة على أنفسنا تخلفا وشقاقا واستكبارا. صام معظم المسلمين في إسبانيا مع السعودية كما جرت العادة، وصام البعض مع المغرب لأنهم كانوا أصلا في المغرب يوم ثبت الشهر (المسكين).. (اليتيم)! ولما كان يوم 29 رمضان، جاءتنا رسالة مجلس الإفتاء الأوروبي بأن «يوم غد الثلاثاء هو تمام 30 رمضان، وأن العيد سيكون يوم الأربعاء». ولم يحن موعد الإفطار من يوم 29 إلا والقناة السعودية الأولى و «الرسالة» و»اقرأ» تكبر وتهلل للعيد، وقد أقام إمام الحرم صلاة العشاء وانصرف دون تراويح ولا هم يحزنون. في هذا الوقت كان معظم المسلمين في إسبانيا قد اتخذوا استعدادهم ليوم العيد من الغد، وذلك قبل أن يعلن المركزان الإسلاميان الرئيسان أنهما سيكونان تبعا لمجلس الإفتاء الأوروبي، وأنهما سيُتمان صيامهما دفعا لتفرق المسلمين في البلد الواحد. بعد الصدمة الأولى التي تلقيناها، هللنا وكبرنا لوحدة المسلمين في إسبانيا، وقلنا في أنفسنا: ما شاء الله، جزى الله عنا المركز الثقافي الإسلامي «السعودي» كل خير على هذه البادرة الاستثنائية، إذ قرر الصيام مع الجماعة وذلك على الرغم من أن السعودية قد أفطرت. وكان هذا بحق قرارا تاريخيا غير مسبوق في تاريخ الجالية المسلمة في مدريد، وبدا لذوي التفكر والعقول أن هذا الذي حدث يعتبر بادرة استثنائية في حياة الجاليات المسلمة في أوروبا كلها باعتبار هذه الجاليات وحدة واحدة، تصوم تبعا لمجلس الإفتاء الأوروبي وتفطر على ذلك، وظننا أنها ظاهرة جديدة جديرة بالنظر والبحث، خاصة وأن البروفسور الفيلسوف «طارق رمضان» كان قد بُح صوته أعواما وهو ينادي باعتبار المسلمين في أوروبا وحدة إنسانية واحدة لها وجودها المستقل عن الكيانات الإسلامية خارج أوروبا! لكن «يا فرحة ما تمت»! بدا أن الجالية المسلمة في لوكسمبورغ وبلجيكا قررتا الإفطار مع السعودية مخالفتين مجلس الإفتاء الأوروبي وحساباته الفلكية، وبدأ القلق يتسرب إلى النفوس، ولم يعد الناس يعرفون ماذا يفعلون، خاصة أن المسؤولين في أهم المؤسسات الإسلامية ملّوا اتصالات الناس للاستفسار عما يحصل فأغلقوا هواتفهم الجوالة وذهبوا إلى بيوتهم مطمئنين وكأن شيئا لم يحدث! صام الناس في مدريد العاصمة وأفطرت المراكز الإسلامية في ضواحي مدريد! وصام الناس في غرناطة وأفطروا في برشلونة، وصام الناس في المركز الإسلامي الثقافي والجمعية الإسلامية في قلب مدريد، وأفطروا في الأحياء المجاورة! وصامت الأم وأفطر الأب، وانشق الأولاد على أنفسهم بعضهم صام مع أمه وأتم الثلاثين يوما من رمضان اتباعا لجماعة المسلمين في إسبانيا، وبعض آخر أفطر مع أبيه تبعا للسعودية أو المغرب. وصام من صام ذلك اليوم حفظا لوحدة الصف وتماسك الجالية، بينما أقدم البعض على إرغام البعض الآخر على الإفطار قهرا وغصبا في ظاهرة لم نر مثلها قط بين المسلمين -على الأقل- إذ قامت بعض الفتيات بسكب الماء في أفواه زملائهم وزميلاتهم من المسلمين الصائمين في بعض مدارس مدريد! لقد صمنا يوما سياسيا نحتسب عند الله فيه أجر الحفاظ على وحدة الجماعة من المسلمين في إسبانيا! طالما كتبنا وقلنا إن الجاليات المسلمة والعربية في الغرب ليست إلا شرائح ترينا بامتياز الأوضاع الحقيقية التي تعيشها الأمة إنسانيا واجتماعيا وسياسيا، وليس إلا أن نرى ما حصل هذا العام مع ثبوت الشهر ومع أفول هلاله حتى نعرف الحال المزرية التي يعيشها «العرب» والمسلمون في أرضهم وخارجها، شقاق وتمزق واختلاف كلمة، وإخضاع أيامنا الشريفة وأشهرنا الكريمة ومناسباتنا العظيمة للأهواء والسياسات الخرقاء هنا وهناك. لقد صح فينا القول: يا قوم أليس فيكم رجل رشيد ينظر بعين المصلحة العامة للإسلام والمسلمين في هذا العالم؟! أليس من لجنة أو منظمة أو مجلس للإفتاء يقنع الحكام والحكماء بضرورة أن يصوم الناس كلهم في يوم واحد ويفطرون في يوم واحد؟ ألا نرتقي إلى مستوى العصر الإلكتروني العولمي الذي نعيش، ومستوى الضروريات التي فرضها علينا والمسؤوليات التي حمّلنا إياها؟ هذا العصر الذي ينتشر الخبر فيه في طرفة عين من أقصى الأرض إلى أقصاها، العصر الذي يكذب فيه الرجل -أو المرأة- الكذبة فتبلغ الآفاق في جزء من الثانية، وبضغطة واحدة على زر واحد من أزرار الكمبيوتر، ونحن مازلنا نعيش في عصر «الرؤية» التي كانت شرعية في حينها والتي أصبحت اليوم دراسة وحسابا فلكيا مُعتَبرا من قبل عشرات علماء الفلك من المسلمين وغير المسلمين، فحتى متى؟ حتى متى هذا التمزق والشقاق؟ حتى متى هذا التفرق والتشرذم والسقوط والارتكاس؟ حتى متى هذه الحال التي لن تُحل إلا بقرارات سياسية يدعمها من يسمون أنفسهم علماء الأمة وقياداتها الفكرية؟! وكل عام ونحن نسير إلى الأمام!   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 5 أكتوبر  2008)

 
(حصل تشويش في نشر المقال التالي لذلك نعيد نشره كاملا مع الإشارة إلى مصدره. مع الإعتذار للقراء والكاتب)
أصاب الشيخ القرضاوي

بقلم محب الدين التونسي اطلعت على جانب من تفاعلات بعض المفكرين الإسلاميين المرموقين مع موقف الشيخ يوسف القرضاوي الأخير من محاولات الاختراق الشيعي للساحة السنية.. لكن ومع كل احترامنا لمن انتقد موقف الشيخ القرضاوي( المفكرون اللامعون :العوا والبشري وهويدي وبيومي والشوبكي وغيرهم).. فإنهم وعلى جلالة قدرهم  وعظيم احترامنا لهم وقعوا في خلل منهجي واضح.. هذا الخلل على ثلاثة مستويات: الأول: استحضار المبدأ العام وعزله عن ملابسات التنزيل في الواقع..  المبدأ العام هو الوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة.. وملابسات التنزيل هي انفتاح السواد الأعظم من السنة بعلمائهم وجماهيرهم واعتدالهم وتسامحهم في مقابل تشدد الشيعة وتماديهم في سب الصحابة وقذف أم المؤمنين عائشة بعد أن برأها القرآن.. واستغلال تسامح السنة وحسن نيتهم: في التبشير لمزاعمهم التاريخية العقائدية داخل الحرم السني بل واستهدافهم حتى جسديا كلما أتيحت لهم الفرصة(العراق-لبنان).. والشيخ القرضاوي من كبار المتمسكين بهدف الوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة، وهذا واضح ولا يحتاج إلى دليل.. لكنه أيضا ليس من الدغمائية والسذاجة بحيث يشغله التغني بهدف سامي عن انزلاقات مضادة لذلك الهدف يمارسها طرف يفترض فيه أنه شريك في تحقيقه!! والتنبيه على هذه المزالق الشيعية لا يناقض التمسك بالوحدة الإسلامية.. لأن الشيعة ليسوا معصومين من خطيئة استهداف الوحدة بممارساتهم رغم تغنيهم بها!! بل أدعي أن ما قام به الشيخ القرضاوي قد يكون أقرب لتحقيق الوحدة الإسلامية على أسس سليمة ممن خالفه الرأي إشفاقا عليها: فالشيخ القرضاوي يدعو إلى تحمل كلا طرفي المعادلة على حد سواء لمسؤولياته في تقديم أثمان الوحدة حتى لا يقع الحمل على السنة وحدهم أو على حسابهم.. وهو أيضا ينبه الطرف الشيعي (المستغفِل) للسنة والمستهتر بالوحدة بسبب تصرفاته الاختراقية المنتجة للفتنة.. ينبهه أننا تفطنا لبرامجك وأننا من الآن فصاعدا لن نسكت على تجاوزاتك تحت أي حجة حتى ولو كانت الحجة هي مبدأ الوحدة.. لأن ما يقوم به الشيعة هو من أكبر الأخطار على الوحدة.. وأنه مع ذلك- كما عبر عنه موقف القرضاوي مثل أغلب علماء السنة بعدم تكفير الشيعة واعتبارهم من المسلمين – أنه مع ذلك فنحن جاهزون للتقدم نحو الوحدة بخطوات حقيقية إذا ما توقفتم عن الممارسات الخاطئة والمفرّقة..هذا هو جوهر موقف القرضاوي: تمسك بالمبدأ العام مع استحضار ملابسات الواقع ومحاولة تعديلها باتجاه الاقتراب من المبدأ.. موقف الشيخ القرضاوي متمسك بالاستراتيجي مع تعديل في الموقف المرحلي مع فتح الباب لمراجعته إذا تغيرت المعطيات المتعلقة بموقف الطرف الشيعي.. أما مواقف المفكرين الذين خالفوا الشيخ القرضاوي في هذه المسألة فهم أقرب إلى المثالية المجنّحة التي تتعلق بفكرة سرمدية و تتبنى مبدأ عاما وتبقى هناك في الفضاء ولا تتفاعل مع مكونات الواقع إقداما وإحجاما من أجل تنزيل ذلك المبدأ أو على الأقل الاقتراب منه تدرجيا.. ولذلك أخطأ من قارن موقف القرضاوي بموقف الشيخ حسن البنا وعبد القادر عودة وعبد الرزاق السنهوري.. ذلك أنهم هم أيضا ركزوا على المبدأ العام وهو الوحدة بين المسلمين: السنة والشيعة، في ظل واقع (سني/شيعي) مختلف جذريا عن الواقع الحالي.. ففي عهدهم كان الشيعة ضعافا ينتظرون المهدي الذي لا يأتي.. ولم تكن لهم دولة تتبنى داخليا المذهب الشيعي في دستورها وتقمع السنة في إيران بناء على ذلك، وخارجيا تتبنى تصدير الثورة التي هي في الحقيقة الاسم الحركي للتبشير الشيعي وتستهدف السنة في مرتكزاتهم العقدية بناء على ذلك.. والآن تخلى الشيعة عن الانتظار بتبني فكرة ولاية الفقيه التي أجهزت عمليا على عقيدة المهدي المنتظر.. والآن أيضا صار للشيعة دولة مذهبية تعمل بميزانيتها البترولية على نشر معتقدات التشيع.. فلو عاش البنا والسنهوري وعودة هذا الظرف الحالي لغيروا رأيهم -مرحليا على الأقل- من العلاقة بالشيعة إذا أعمل هؤلاء المفكرون آلية المجادلة بين المبدأ والتنزيل.. ثانيا: تغليبهم للسياسي على الفكري في هذه القضية بالذات.. الشق الثاني من الخلل المنهجي الذي وقع فيه المفكرون الإسلاميون الذين خالفوا الشيخ القرضاوي في هذه المسألة هو تغليبهم للسياسي على الفكري في هذه القضية بالذات.. المعلوم أن الشيخ القرضاوي ليس من دعاة تغليب الجانب العقدي في التحليل السياسي أو المواقف السياسية.. فهو يرى بأن المجال السياسي له آلياته الخاصة به والتي تختلف عن الآليات العقدية أو التصنيف العقدي مثلما تختلف آليات فقه العبادة عن آليات فقه المعاملات.. والآليات التي تشتغل بها السياسة وإن اختلفت عن آليات فقه العقيدة إلا أنها لا تخرج عن أساسيات الإسلام في المسألة السياسية والتي اصطُلح على تسميتها بالسياسة الشرعية.. إذن من الناحية الفكرية فإن القرضاوي لا يستند في مواقفه السياسية إلى الفرز العقائدي وبالتالي لا مجال إلى اتهامه-ولو بالشبهة- بالطائفية أو التشدد المذهبي.. ومواقف الشيخ معروفة في مساندة حزب الله في حرب 2006 ضد إسرائيل..و في مساندته لإيران ضد التحرشات الأمريكية والإسرائيلية.. ومع حضور هذه المواقف السياسية المساندة لهذه المكونات الشيعية إلا أن الشيخ القرضاوي لا يغيّب المسألة الفكرية بالكامل.. فهو يغيّب المسألة الفكرية العقدية عند أخذ الموقف السياسي- وهذا هو السليم كما بينا سابقا- ويستحضر المسألة الفكرية والعقدية في محلها الصحيح.. وهل يخرج برنامج التشييع الممنهج الذي نراه رأي العين في كثير من البلدان السنية في المشرق والمغرب عن كونه محلا صحيحا للتصدي الفكري لانحرافات التشيع التي تجعل من تكفير الصحابة وقذف أمّنا عائشة دينا!!؟؟؟ الشيخ القرضاوي يوازن بموقفه هذا بين الفكري والسياسي ويتفاعل مع كل مجال بآلياته وفي محله.. أما المفكرون الإسلاميون الذين خالفوه في هذه المسألة فإنهم غلبوا الجانب السياسي على الجانب الفكري.. بل أقول أكثر من ذلك: إنهم استبعدوا الجانب الفكري كليا في مسألة لها تعلق بتغيير أفكار الناس وعقائدهم.. والحقيقة فإن الشيخ القرضاوي ومن سانده في موقفه من مفكرين ومؤسسات وتيارات إسلامية يعيدون بموقفهم هذا التوازن داخل الساحة السنية حول الموقف من الشيعة.. ففيما سبق كان الموقف السني من الشيعة يتقاسمه رأيان: رأي يستند إلى الجانب العقدي فيغلّب جانب التصدي الفكري وكشف معتقدات الشيعة وأباطيلهم وقد يسقط في التكفير.. واعتباره الشيعة خارج نطاق الأمة بل ويعدهم من أشد أعدائها، وبالتالي يستبعد حتى الجانب السياسي؛ فلا مجال عند أصحاب هذا الرأي للتعاون أو مجرد المساندة ولو كانت ظرفية.. وبذلك يغيبون جزءا من الواقع وهو التحديات التي تجابه الأمة وكون الشيعة جزء من الأمة.. والرأي الثاني يستند إلى الجانب السياسي فيغلب جانب الوحدة الإسلامية والتحديات الماثلة وضرورة التضامن في مواجهة الأعداء الخارجيين.. مستندا في ذلك على أراء كثير من العلماء الذين يرون الشيعة جزءا من الأمة وإن اختلفنا معهم في بعض الجوانب العقدية.. على أن تغييب هذا الرأي للمسألة العقدية في التعاطي مع الشيعة كان مبررا في الماضي بسبب كمون هذا الجانب واقعيا.. أما الآن وبعد استيقاظ الشيعي (المنتظِر النائم) ومحاولته اقتحام البيت السني عقديا فإن تغييب الجانب الفكري يعد تعاميا عن متغيرات الواقع وتجنيحا مثاليا تأباه منهجية الإسلام وواقعيته المبدئية.. إذن أعاد موقف الشيخ القرضاوي الأخير للساحة السنية توازنها في الموقف من الشيعة حسب معطيات الواقع الحالية..وهذا الموقف يغطي ثلاثة مستويات: مبدئي وسياسي وفكري: 1) من ناحية المبدأ اعتباره أن الشيعة من أمة الإسلام والسعي للوحدة الإسلامية معهم.. وهذه منطلقات مبدئية ثابتة لا تتغير… 2) وسياسيا مساندتهم في كل القضايا الإسلامية التي يكونون طرفا فيها في مواجهة أعداء الأمة.. 3) وفكريا – وبسبب المتغير الجديد منذ قيام الثورة الإيرانية ومحاولات الاختراق العقائدي لمجتمعات السنة وبعد استفحال الأمر في السنوات الأخيرة وبعد تنبيهات مباشرة للإيرانيين من طرف الشيخ وغيره لإيقاف الحركة الصبيانية غير المسئولة للتبشير الشيعي- فإن موقف الشيخ القرضاوي انتقل الآن إلى مربع جديد وهو التصدي والفضح لتلك المحاولات بهدف تحريك القوى العلمية والفكرية والدعوية للسنة لتحصين الساحة ضد دعاة تكفير ولعن الصحابة و قدف أمهات المؤمنين ودعاة استرجاع الثارات التاريخية الهاربة من المتحف ودعاة  إحياء الاحتفالات الدموية الدرامية!! .. فهل هناك توازن ومبدئية وواقعية ووعي وفهم ورؤية شاملة أكثر من هذا؟؟؟… على أنه لمعترض أن يعترض فيقول: من الصعب الاستمرار بالمحافظة على هذا التوازن بين الفكري والسياسي، والأغلب أن الجانب الفكري ما دام أنه حضر فسيتغلب على الساحة شيئا فشيئا.. والجواب هو أن التوازن المطلوب ليس هندسيا بحيث يقف في نقطة وسط بين الجانبين.. بل من المفروص أن يتغلب جانب ويتأخر الآخر أو العكس  حسب مقتضيات الساحة ومطلوباتها.. أما استحضار جانب وتغييب الجانب الآخر بالكلية فهذا خطأ، وهو منهج تجاوزته المتغيرات… ثالثا: إغفال الصفة الأساسية للشيخ بحسبانه مرجعية دينية فقهية فكرية دعوية للملايين.. الشق الثالث من الخلل المنهجي لدى المفكرين الذين انتقدوا الشيخ القرضاوي هو إغفالهم للصفة الأساسية للشيخ بحسبانه مرجعية دينية فقهية فكرية دعوية لملايين من المسلمين.. بهذا الاعتبار فإن على الشيخ مسؤولية التوجيه والإرشاد والتبيين ليس فقط للمبادئ العامة- كالوحدة الإسلامية مثلا- بل أيضا لبعض المواقف المرحلية ولبعض التفاصيل الجزئية بهدف تثبيت المنهجية اللازمة للتفاعل مع المتغيرات.. فلك أن تتصور مستقبلا – وبعد عمر طويل- أن سائلا في أحد البلاد الإسلامية وهو يرى تشيع بعض معارفه من أهله السنة يسأل: ماذا كان موقف الشيخ القرضاوي من المسألة الشيعية؟ هل يكفي في هذا المقام القول بأن الشيخ كان يرى أن الشيعة مسلمون – وإن كانوا ابتدعوا بعض الأمور- وأن الواجب هو العمل على الوحدة معهم، وأن الشيخ القرضاوي كان يساندهم سياسيا في معاركهم ضد أعداء الأمة.. وكفى!! هل هذا جواب مقنع لذلك السائل الذي يرى تلك الوحدة الإسلامية تتآكل أمامه وبوادر الفتنة تطل من جديد وخلافات الماضي السحيق تعود حية تمشي بين الناس في القرن 21 (بفضل)  جهود دعاة التشيع!!! هل هذا كاف؟؟ هذا الموقف المبدئي العام المجرد والمنزوع من أي تفاعل مع المستجدات ألا يدفع إلى بروز شرائح واسعة من أتباع فقه القرضاوي-وهم كثر- مستقبلا إلى السلبية والاستسلام أمام الفكر الشيعي وهو ينخر وحدة المسلمين بحجة أن الشيخ يرى أولوية الوحدة على كل شيء؟؟ ألا يدعو ذلك الموقف المبدئي المبتسر إلى الفرجة أما دعاة الفتنة الطائفية وتركهم يبثون سمومهم بحجة رأي القرضاوي الذي كان يخشى الفتنة الطائفية؟؟؟  لكل هذه الاعتبارات كان من اللازم على الشيخ أن يوضح أبعاد الأمر في مستوياته المبدئية والسياسية والعقدية.. وبذلك يكتمل الجزء الناقص من الصورة… على أن هذا لا يمنع أن يتخذ بعض السياسيين أو المفكرين مواقف مختلفة لا تتطابق بالضرورة مع الشيخ القرضاوي حذو النعل بالنعل.. بل لعله من الأفضل أن توجد تنويعة من الآراء حول هذه القضية لأن أهل السنة – وهم بحجم أمة- لا يمكن أن يسعهم رأي واحد.. على أن ما طرحه الشيخ القرضاوي مؤخرا يمكن أن يكون الإطار الجديد لمختلف تلك الآراء لأنه يجمع البعد المبدئي والبعد السياسي والبعد الفكري…   (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 4 أكتوبر 2008)  


الضاري: الإسرائيليون في كل العراق..والسكان باتوا يعرفونهم

   

أكد الشيخ حارث الضاري أمين عام هيئة علماء المسلمين في العراق أن هناك تواجدا إسرائيليا مكثفا في جميع المدن العراقية. وقال الضاري في تصريحات صحافية أمس: «الإسرائيليون موجودون في شمال العراق في مدن الأكراد قبل الاحتلال الأميركي، ولكنهم الآن موجودون في كل مدن العراق: في البصرة وبغداد والشمال، ويعلم بهم العراقيون ويعرفونهم من خلال ملابسهم ولغتهم العبرية». وأضاف: «كما أنهم يعملون في الفرق الأمنية الأميركية وكذلك في الجيش الأميركي وحماية المنشآت الأمنية الأميركية والوجود الإسرائيلي في العراق ضارب بأطنابه ولا أحد ينكر ذلك». وتابع: «الاحتلال استمرار لحالة عدم الاستقرار ومزيد من التوتر والفوضى والقتل والنهب والدمار وتفشي الإرهاب واستشراء الرشاوى والتدخلات الخارجية، وهناك ميليشيات وأحزاب وعصابات بعضها جاء مع الاحتلال، وبعضها يدعي المقاومة لأهداف أخرى تخدم أطرافا مشبوهة وبعضها يزعم بأنه مدعوم من الدولة والآخر مرسل من إيران، وكل هذه الفوضى تعمل تحت مظلة الاحتلال». وأردف: «في حال رحيل الاحتلال فإن العراقيين قادرون على تقوية لحمتهم وعلى حماية بلدهم ومعرفة العدو من الصديق من خلال معرفتهم لحقيقة شعبهم، ولكن الآن اختلط الحابل بالنابل، وأنا أجزم أنه بعد رحيل الاحتلال بأشهر سوف يتماسك الشعب العراقي ويكون قادرا على حماية نفسه وأرضه من الغرباء وطرد العملاء والجواسيس وأذناب الاحتلال». ومضى قائلا: «الشعب العراقي فاق الآن من صدمته وبدأ يدرك أن الاحتلال لم يأتِ بخير وقد عاث فسادا في بلدهم كما نشر في العراق أمراض الفساد الإداري والأخلاقي». وفيما يتعلق بموقف هيئة علماء المسلمين من مطالبة الأكراد بضم مدينة كركوك العراقية إلى إقليم كردستان، قال الضاري: «موقف هيئة علماء المسلمين واضح ومعلن ونحن على خلاف مع الأحزاب الكردية الحاكمة قبل وبعد الاحتلال لأنها تعاونت مع المحتل الأجنبي، ونحن نرفض رفضا قاطعا المساس بوحدة العراق وعدم موافقتنا على أي تقسيم فيدرالي أو طائفي أو مذهبي».    (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 5 أكتوبر  2008)

حول الدعوات من أجل «نظام مالي دولي جديد»
طارق الكحلاوي   بعد التأكيد المبكر على خطورة الأزمة الراهنة (انظر مقالين سابقين في «العرب» 14 و21 سبتمبر)، يجب الاعتراف الآن أنه -ومع توضح الخطوط العامة لخطة «الإنقاذ المالي» لوزارة الخزانة، حتى بعد التعديلات الطفيفة عليها إثر رفضها المفاجئ من قبل مجلس النواب الأميركي- يتبين أكثر من أي وقت أن الخطاب «النيوكينزي» (الذي أشرت إليه في مقال 21 سبتمبر)، والذي ساد إعلاميا في الأسابيع الأخيرة، لم تقع ترجمته في المستويات التنفيذية. ولعل الانتقادات العنيفة (« خطة تؤمن نقل دم لجسم يعاني من نزيف داخلي ») التي وجهها للخطة الاقتصادي «النيوكينزي» الأبرز في الولايات المتحدة والحائز على جائزة نوبل، جوزيف ستيغلتز (Joseph Stiglitz)، دلالة واضحة على استمرار عدم توازن النفوذ بين «أصوليي السوق الحرة»، مثلما يسميهم ستيغلتز، ودعاة تنظيم السوق «الحقيقيين». وهكذا تبدو فرص «خطة الإنقاذ» في تحوير بنية السياسات الاقتصادية الأميركية ضعيفة، وبالتالي لا يمكن توقع نجاحها في حلحلة الأزمة الراهنة التي بدأت هذا الشهر في الامتداد نحو الاقتصاد الواقعي. لكن نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى الدقة في تحليل ما يجري وهو ليس بالأمر السهل، خاصة مع الفوضى العارمة، إذ بات عاديا أن نصبح على انهيار جديد كل يوم اثنين، خاصة مع التوقعات الكارثية المعبرة عن النفسية الاقتصادية الراهنة. ولعل من بين أكثر المسائل جلبا للغط والنقاش المسيس، والتي برزت في الأسابيع الأخيرة، هي التداعيات الدولية للأزمة، وخاصة النقاش المحيط بالدعوات لإنشاء «نظام مالي دولي جديد». فعندما أعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف (2 أكتوبر في سانت بيترسبورغ) أن العالم في حاجة إلى «نظام مالي دولي جديد أكثر عدلا»، وخاصة إشارته إلى «نهاية عصر الهيمنة الأميركية»، بدا ذلك مدعاة لتركيز بعض وسائل الإعلام على مشهد آخر من مشاهد «الاستقطاب الروسي-الأميركي». لكن ذلك لا يبدو خبرا جديدا تماما، خاصة في إطار رغبة البعض في مشاهدة استقطابات دولية جديدة. وقد كانت صحيفة «الشعب اليومية» الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني جذبت الأنظار منذ أسبوعين (17 سبتمبر) عندما دعت (أيضا) إلى حاجة العالم إلى «نظام مالي متعدد العملات وأكثر عدلا غير تابع للولايات المتحدة». لكن ما نحتاج فعلا معرفته وسط كل هذه الدعوات هو: أي منها ناتج عن تعبيرات سياسوية عن الرغبة في «نظام سياسي دولي جديد»، وأي منها تعبير عن إمكانات وقدرات واقعية لاستحداث «نظام مالي جديد». كما نحتاج أن نعرف ماهية «العدل» المشار إليه، وكذلك مدى وجود مثل هذه الدعوات في أوساط مالية واقتصادية، بما في ذلك أميركية. وبمعنى آخر، هل الدعوة إلى «نظام مالي جديد» مدخل حقيقي لـ «نظام سياسي دولي جديد» أم مجرد ترسيخ للنظام السياسي الراهن؟ علينا بداية مساءلة الرؤى التي تستعجل الربط بين الأزمة المالية الراهنة وافتراض «انهيار الهيمنة المالية الأميركية»، كما تستعجل الربط بين أي تحويرات محتملة في النظام المالي الدولي والهيمنة السياسية الأميركية دوليا. المعطى الأساسي الذي يجب استحضاره هو أزمة 1929. علينا أن نتذكر هنا أن أزمة «الخميس الأسود» حدثت أيضا في «وول ستريت»، بعدما أصبح فعليا عصب النظام المالي الدولي، وكان لتلك الأزمة تداعيات كارثية امتدت دوليا، بل ساهمت في التأسيس لتحولات سياسية ليس أقلها الحرب الكونية الثانية، ومن ثمة ترسخ الهيمنة المالية الأميركية وافتتاح عصر هيمنتها السياسية. من السذاجة الربط الميكانيكي بين أي أزمة مالية أميركية وافتراض «انهيار» الهيمنة المالية أو السياسية الأميركية. تحتاج التطورات الأخيرة إلى أكثر من مجرد أزمة مالية. لنتمعن الآن في النظام المالي الراهن، والذي ليس لمجرد المصادفة أنه لم يكن ممكنا إلا على أنقاض النظام المالي الذي تم إرساؤه قبيل نهاية الحرب العالمية التي افتتحت الهيمنة السياسية الأميركية. «اتفاقيات بريتون وودز» (Bretton Woods Agreements)، التي تمت في إطار مؤتمر أممي في يوليو 1944، كانت اتفاقيات طوعية، لكنها كانت تعبيرا عن توازن اقتصادي ومالي واقعي دولي، أمسكت الولايات المتحدة بأهم تفاصيله. النقطة المركزية في الاتفاقيات أنها نظمت، تحت إشراف مؤسسات مثل «صندوق النقد الدولي»، تدخل مؤسسة الدولة عبر العالم في تحديد نسب تحويل العملة في علاقة بمرجعية الذهب. وهكذا عندما قررت الولايات المتحدة العام 1971، في إطار أزمة مالية خانقة، وقف ربط قيمة الدولار بالذهب، وفي ظل الهيمنة الاقتصادية الأميركية، كانت النتيجة الفورية تبعية بقية عملات العالم للدولار، وتحول الأخير إلى «العملة الاحتياطية» دوليا. لم يكن ذلك افتتاحا للهيمنة المالية الأميركية، ولكن ترسيخا ومركزة غير مسبوقة لها. لكن ذلك لم يكن يعني إجماعا أميركيا حول هذه الصيغة. في هذا السياق كان يجري نقاش جدي ومعمق بين الاقتصاديين الأميركيين منذ ذلك الوقت حول مدى انتفاع الولايات المتحدة بهذا النظام. ومثلما تشرح جودي شلتون (Judy Shelton) في مقال في «وول ستريت جورنال» (30 سبتمبر الماضي) امتدح ألان غرينسبان دون غيره منذ السبعينيات أهمية الرجوع إلى أسس «اتفاقيات بريتون وودز» لضمان استقرار النظام المالي الدولي. شلتون ذاتها كانت دعت في كتاب مرجعي في هذا الجدال العام 1994 إلى اجتماع طوعي مماثل للذي انعقد في مدينة «بريتون وودز» (تقترح باريس أو حتى شنغهاي مكانا لعقده) لإعادة إرساء نظام مالي «متعدد العملات» مماثل للاقتراح المتضمن في صحيفة «الشعب اليومية» المشار إليه أعلاه. إن المعيار الأساسي لإمكان أو عدم إمكان تواصل الهيمنة الأميركية المالية والسياسية لا تخضع لطبيعة النظام المالي الراهن. الشرط الأساسي الذي يحدد هذه المسألة هي مؤشرات أخرى تتعلق بالاقتصاد الواقعي والتي ما زالت الولايات المتحدة تحتل فيها الموقع المهيمن، وتتضمن فيما تتضمن مدى حضور الرأسمال الأميركي في المعاملات المالية الدولية، ونسب الإنتاج القومي. وبمناسبة موضوع الاستقطابات السياسية، فإنه ممن الضروري الإشارة إلى أن الصعود الصيني الراهن لا يحدث بمعزل عن الاستثمارات الأميركية الضخمة في الصين. ومن غير المصادفة أن البنوك الاستثمارية الأميركية التي انهارت مؤخرا مرتبطة عضويا بنمو الاستثمارات في الصين، ومن ثمة ارتباط النمو الصيني بنمو هذه البنوك أو انهيارها. كما تجب الإشارة إلى أن الخطاب الروسي السياسي المتصاعد لا يعكس ثقلا ونموا اقتصاديا جديا عدا نمو موارد الطاقة التي ستتأثر حتما بالتطورات الراهنة. لا يعني كل ذلك أن الهيمنة المالية والسياسية الأميركية لن تتأثر بما يجري. درجة أو طبيعة تبعية النظام المالي الدولي للمركز الأميركي ربما هي التي ستتحور وليس بنيتها. وعلى سبيل المثال، فإن 700 بليون دولار المزمع جمعها لخطة «الإنقاذ المالي» ستتحدد جزئيا بمدى رغبة دول مثل الصين ودول الخليج (المالكة لاحتياطات كبيرة من الدولار) في إقراض الولايات المتحدة.   أستاذ «تاريخ الشرق الأوسط» بجامعة روتجرز    tkahlaoui@gmail.com  http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=57945&issueNo=286&secId=15 (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 05-10- 2008)  

انهيار الإنسان المستهلك بعد انهيار الإنسان الاشتراكي والإنسان القومي
صالح بشير     ليس من أمارة أبلغ دلالة على انتساب الرأسمالية المغالية، تلك التي خرجت، في صيغتها الريغانية – الثاتشرية منتصرة في أعقاب الحرب الباردة واستتبت من دون منافس مذّاك، إلى مجال الإيديولوجيات، من أنها أنكرت تلك الصفة على نفسها، وأسبغتها على الخصم المندحر، ممثلاً في الشيوعية، معلنة بذاك «نهاية الإيديولوجيات»، على ما انبرى إلى التأكيد دعاتها الكثر، وحذا حذوهم في ذلك سواهم، من دون تمحيص. ذلك أن من طبيعة الإيديولوجيا التمويه والتستر، بما في ذلك، بل ربما في المقام الأول، على ذاتها وكنهها. إذ ليس من إيديولوجيا تقدّم نفسها على أنها إيديولوجيا، بل أن التوصيف ذاك خارجي، أي لا يصدر إلا عن خارج، موضوعياً كان ذلك الخارج أم مُغرضاً. فالشيوعية الماركسية كانت تزعم أنها علْم يضاهي العلوم الصحيحة، ويُسمّى بـ «المادية التاريخية»، في حين تدعي الرأسمالية، خصوصاً تلك المغالية، استنادها إلى حقائق أولية وأزلية، إلى طبائع في الإنسان، تستوي لديه فطرة وسليقة، هي سعيه إلى الربح والرفاه، يبادر في طلبهما فرداً. الحال إذن أن الرأسمالية المغالية إيديولوجياً، لها من الإيديولوجيات بعض سماتها التكوينية والفارقة، وأولها منحاها الخلاصي وزعمها أنها أداة بلوغ الخلاص واجتراحه، تقدماً مطرداً يفضي إلى إنهاء التاريخ، وتلك فكرة دينية، مسيحية المأتى على وجه التخصيص، قامت الحداثة وتأسست على علمنتها (ما قد يفيد بأن العلمانية لم تنجم عن قطع مبرمٍ مع سابقٍ كما يتصور دعاتها السطحيون في ربوعنا والذين لا يعلمون شيئا عن تاريخها الأوروبي)، فلم تأت في ذلك بجديد عدا أنها جعلت الخلاص في الأرض لا في السماء، والأمر ذاك من البدائه المبتذلة لدى الباحثين والدارسين، شأن ما بيّنه الفيلسوف الألماني كارل لويت في كتاب له مرجعي خاض في ذلك الموضوع، أصدره منذ أربعينات القرن الماضي. هكذا، وكما توقعت الماركسية نهاية التاريخ مع حلول المجتمع الشيوعي، ضرباً من فردوس أرضي، توقعت الإيديولوجيا الرأسمالية المغالية مآلاً خلاصياً مماثلاً، ينهي التاريخ بدوره ويقيم مجتمعاً إنسانياً يرفل في الرخاء وينعم بالديموقراطية، على ما جاء في مقالة ثم في كتاب ذاع صيتهما في الآفاق وأسالا حبراً غزيراً بعيْد الحرب الباردة، وضعهما الأميركي – الياباني فرانسيس فوكوياما. ثم أن الخصمين الإيديولوجيين اللدودين، ذلك المندحر وذلك المنتصر، التقيا في أمر آخر، في الأخذ بمقولة أن الاقتصاد هو محرك التاريخ. صاغت الماركسية ذلك المبدأ على نحو صريح، منطلقاً معرفياً، في تنظير محكم متماسك، متين الأسانيد الفلسفية، في حين اكتفت نظيرتها الليبرالية المغالية في التعبير عنه كنايةً، من خلال تركيزها على مفهوم الحرية، خصوصاً تلك الفردية، إلا أنها جعلت من حرية المبادرة ومن حرية السوق، أم الحريّات طُرّاً، أصلها التأسيسي والناظم. كما التقى الطرفان في إسناد بطولة تلك الملحمة القيامية، ملحمة الخلاص التاريخي أو الدنيوي، إلى طرف اجتماعي في ذاته، ينهض بها على نحو حصري أو يكاد: البروليتاري، آخر المستغَلّين في التاريخ، ومُنهي الاستغلال بإنهائه للتاريخ، مقابل الرأسمالي المبادر، فارساً وحيداً بطلاً فرداً، كما في أفلام الوستيرن الأميركية. بل أن الرأسمالية المغالية، تلك المالية والمُضاربة، تمكنت في أطوارها الأخيرة من توسيع قاعدتها الاجتماعية، أو من ادعاء ذلك، مع ابتداع ما سمّي بـ»الرأسمالية الشعبية»، تلك التي تجعل المضاربة في متناول أي كان، ومع تحويل المواطن إلى مستهلك فاعل بصفته تلك في الحياة الاقتصادية، وهذه وفق تلك الإيديولوجيا تستغرق الحياة كلها، في جميع مناحيها. ذلك أنه إذا كان ديدن كل إيديولوجيا إعادة المتنوّع إلى مبدأ واحد وقسره عليه، وذلك هو المعنى العميق للتوتاليتارية، إذ لا تقاس هذه الأخيرة فقط بلجوئها إلى أدوات القمع والإسراف فيه، فإن الليبرالية المغالية جعلت من اقتصاد السوق والانصياع لمنطقه غايتها وهدفها المنشود، إذ لا وجود لما لا يزكيه السوق، لما هو غير قابل للتسويق، سواء تعلق الأمر بمنتجات الفكر أو الفن أو أي شيء عداهما، بطريقة أضحت الحملات الانتخابية حملات تسويق، وأضحى الإعلام اتصالاً (كومونيكايشن)، تغليباً لشكل يُشترط فيه أن يكون «سكسيّاً»، جذاباً، لا يعبأ بمضمون، وقس على ذلك الكثير. لقد سعت توتاليتارية السوق إلى تحويل الفرد إلى مستهلك نمطي، لا يُعترف له بوظيفة وببعد غير ذينك، وحاول سواها من الإيديولوجيات تنميط الفرد «إنساناً اشتراكياً» أو «إنساناً قومياً»… صحيح أن توتاليتارية السوق ناعمة، رخوة، غير دامية، أقله على نحو مباشر، تمارس عنفاً من قبيل رمزي أو نفسي، ولكنها تظل مع ذلك توتاليتارية. ولأنها كذلك، فها أنها تنهار على نحو ما فعلت نظيرتها الخصم، جراء انفجار داخلي أصابها ويبدو مودياً بها كما عهدناها حتى الآن، وتمثل (ذلك الانفجار الداخلي) في موجة الإفلاسات الأخيرة التي مني بها النظام النقدي الأميركي، فيما قد يكون فصلاً مكمّلاً لما جد قبل نحو العقدين، عندما انهار الاتحاد السوفياتي بانفجار داخلي مماثل. إذ يبدو، على ضوء مستجدات الأيام الأخيرة، أن انهيار الشيوعية، وإن أنهى حقبة، إلا أنه قد اف تتح، كذلك ومن وجه آخر، مساراً، هو مسار تحلل الإيديولوجيتين الخلاصيتين اللتين تواجهتا، وتشابهتا في بعض سماتهما العميقة على نحو ما سبقت الإشارة. علّ في ذلك ما من شأنه أن يدفعنا إلى النظر إلى الأمور على نحو مختلف، وإلى تجاوز بعض مسبقات استقرت في الأذهان طوال العقدين الأخيرين، حالت دوننا وتبيّن أن الحرب الباردة خيضت، خصوصاً في أطوارها الأخيرة والحاسمة، بين تطرفين نقيضين، أمعنا في انغلاق إيديولوجي وفي عدوانية تماديا حتى بلغا أوجهما على الجانب السوفياتي في ليونيد بريجنيف، وعلى الجانب الأميركي في جورج بوش الابن… أي أن الإيديولوجيتين النقيضتين تتابعتا انهياراً واضمحلالاً، فلم تعمر تلك الرأسمالية المغالية أكثر من عقدين بعد زوال خصمها، هما بمقاييس التاريخ برهة وجيزة كلمح البصر.
 (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 أكتوبر 2008)

 

\Home – Accueil الرئيسي

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.