TUNISNEWS
8 ème année, N° 2644 du 19.08.2007
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: بــلاغ إعلامي صـابر: مساجين سياسيين إلى أجل غير مسمى .. بين السجن المضيق والسجن المفتوح الحوار.نت تلتقي الشيخ وليد البناني نائب رئيس حركة النهضة التونسية في حوار سريع د. محمد الهاشمي الحامدي: مرة أخرى، دفاعا عن أهلنا العاطلين عن العمل رشيد خشانة: تونس: رئيسان فقط في خمسين سنة من الجمهورية…هل حانت ساعة التداول على السلطة؟ فتحي العابد: تمزّق حجابها محمد العروسي الهاني: مقترحات وخواطر حول زمن بورقيبة وفترة حكمه في قناة المستقلة هذه الأيام والأفضل طرح أسئلة حول خصال الزعيم ومناقبه و بصماته التاريخية نصر الدّين بن حديد: بعد عام من العدوان الصهيوني على لبنان [II]:من قدرة الردع إلى استجداء الدرع!!! الصباح: حركة التجديد:هل دقت ساعة المصالحة صلب الحزب مع المجموعة التي انسحبت قبل سنوات؟ محمد الصغير أولاد أحمد: لا تنس دورك في الرجوع الى الحياة… عبد اللطيف الفراتي: اللغة الوطنية سهى عرفات لــ الجريدة الكويتية: « سحب الجنسية أمر صحيح، لكن فرضه واقع قانوني في تونس وفرنسا لايسمح بازدواجية الجنسية لثلاث دول أحمل جنسيتها » سمير عطا الله: في منح الجنسية وفي سحبها أحمد الخميسي: أحمد عبد المعطي حجازي وقضية الحرية رويترز: الشرطة المصرية تلقي القبض على 18 اخوانيا الجزيرة.نت: الأطباء النفسيون يبحثون عمليات التعذيب بالمعتقلات الأميركية د. محمد نور الدين: غول في الرئاسة اختبار للجميع محمد مصدق يوسفي : شخصيات دولية من طنجة إلى جاكرتا تدعو لحماية تراث مالك بن نبي وتحويله لمعلم ثقافي حضاري الجزيرة.نت:عرض كتاب « للانتصار على هتلر »
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل:
بـــلاغ إعلامي
تونس في 17 أوت 2007 مثلما تم الإعلام سابقا نفذ اليوم الجمعة 17 أوت 2007 أعضاء إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل إضرابا عن الطعام بمقر مكتب التشغيل بتونس العاصمة بداية من الساعة التاسعة صباحا أين قام الرفاق بتوزيع بيان وإقامة اجتماعات عامة، بعد أن رفضت ولاية تونس قبول المراسلة الموجهة إليها للإعلام بالإضراب تحت ذريعة منظمة نقابية غير قانونية.
ويتم ذلك بالتنسيق مع الرفاق أعضاء الإتحاد المتواجدين بمقرات سكناهم ومع عشرات الناشطين في الهياكل الجهوية التي تعنى بالدفاع عن خريجي الجامعة المعطلين عن العمل بأغلب ولايات الجمهورية.
ونحن إذ نعتبر تلبية الدعوة للإضراب تعد بادرة من بوادر نجاحه، نحيي كل من انخرط في الحركة وساندها، وندعو الى توحيد الجهود النضالية. هذا وقد تدخل البوليس بالقوة داخل مكتب التشغيل بتونس لإجبار المضربين عن المغادرة وحل الإضراب ولكن الرفاق واصلوا إضرابهم خارج هذا المقر مؤكدين على تمسكهم بحقهم في العمل واستعدادهم لتصعيد هذه الحركة النضالية من أجل انتزاعه.
المكلف بالإعلام حسن الرحيمي 21918197
قائمة بأسماء الرفاق المضربين عن الطعام بولايات تونس
الإسم |
الجهة
|
الصفة
|
سالم العياري |
بنزرت |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
فلة الرياحي |
سليانة |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
الحسن رحيمي |
القصرين |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
شريف الخرايفي |
جندوبة |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
ماهر حمدي |
سيدي بوزيد |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
وليد عزوزي |
قابس |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
وليد الطرخاني |
جندوبة |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
عادل بن الحاج حسن |
نابل |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
مسعود الباشا |
مدنين |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
حياة الطويهري |
جندوبة |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
خميس المقصودي |
سليانة |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
الصحبي صمارة |
القيروان |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
وليد حمام |
نابل |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
عفيف الهادفي |
القيروان |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
بلقاسم بن عبدالله |
قفصة |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
طارق بوضيوف |
القصرين |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
وسام الصغير |
صفاقس |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
زياد الراجحي |
منوبة |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
عادل مسعودي |
بن عروس |
|
نجوى الرزقي |
منوبة |
|
رضا حسني |
صفاقس |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
شكري تشيني |
تونس |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
ريم الطوايبي |
تونس |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
علي فلاح |
مدنين |
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل |
صابر بن مبارك |
صفاقص
|
اللجنة المحلية بجبنيانة |
سامي بوزازي |
جندوبة |
اللجنة المحلية بغار الدماء |
الفاهم بوكدوس |
قفصة |
اللجنة المحلية قفصة المدينة |
عفاف بالناصر |
قفصة |
اللجنة المحلية قفصة المدينة |
إلياس القاسمي |
قفصة |
اللجنة المحلية القصر |
رشيد عبداوي |
قفصة |
اللجنة المحلية القصر |
نورالدين حيدوري |
قفصة |
اللجنة المحلية السند |
لطفي حيدوري |
قفصة |
اللجنة المحلية السند |
حسن بن عبدالله |
قفصة |
اللجنة المحلية الرديف |
زكية عمروسية |
قفصة |
اللجنة المحلية زنوش |
الهادي بنعاسي |
قفصة |
اللجنة المحلية زنوش |
خليفة القاسمي |
قفصة |
اللجنة المحلية زنوش |
المولدي الزوابي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
الأسعد الجبالي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
بسمة نصيبي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
أنيسة عابدي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
نورة محمدي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
نور الدين قادري |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
وليد نصيبي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
طارق سعيداني |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
مبروك شوالي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
ثريا عبيدي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
محرزية عمدوني |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
محجوب خميسي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
زياد بلطي |
جندوبة |
اللجنة الجهوية ببوسالم |
مساجين سياسيين إلى أجل غير مسمى .. بين السجن المضيق والسجن المفتوح
تحولت البلاد التونسية بالنسبة للسجناء السياسيين المسرحين إلى سجن مفتوح في الهواء الطلق بحدود الوطن , أما السجن المضيق فإنه أصبح للكثيرين أرحم من « الحرية » التى لا تتجاوز الفرحة التى تغمر الخارج من السجن المضيق بلقاء الأهل والأحبة بعد سنوات طويلة من فقدهم وفراقهم , وسرعان ما تتوارى تلك اللحظات التاريخية السعيدة بعد بضعة أشهر أو حتى بضعة أسابيع معدودة في خضم السجن الذى يستقبله , هذا إذا لم نقل بضعة أيام أو حتى ساعات . ونحن لا نبالغ حين نقول أن السجين السياسي التونسي المسرّح يدخل فعلا في سجن من نوع آخر لعله أشد عليه وطئة في الكثير من جوانبه من السجن المضيق الذى غادره ما من شك فإن الشعور بالتخلص من جدران السجن شعور لحظي رائع للغاية فلأول مرة يجد الإنسان نفسه بعد سنوات طويلة يتنفس بملإ رأتيه , حتى ليشعر بأن الهواء يصل إلى جوف رأتيه باردا نقيا بطعم الماء الزلال كما يصل الأكل والماء إلى قاع معدته ولأول مرة بعد سنوات طويلة خلت يحتضن أفراد أسرته بلا حاجز من حديد , ومن غير حضور عون السجن الرقيب , فتعتمل الأشواق وتُطفىء لوعة الفراق الطويل , وتغرق العيون والمآقي في دموع الفرحة الحرى , وقد يشوب تلك الفرحة حزن على فقد عزير في الأسرة غادر الدنيا أثناء سنوات السجن ولأول مرة يرى حركة الناس في الشارع مشاة أو علي السيارات أو على دراجات أو على الدواب كأمر مثير فعلا وقد يرجع صدى ذلك الشعور إلى أعماق النفس فيشعرها بالأسى أحيانا وبالغبطة أحيانا أخرى ولأول مرة يرى مشرق الشمس ومغربها , إن أشرقت في الصباح يشعر بميلاده معها وإن غربت أشعرته بأن للغروب سحر لا يقاوم وإن كان يخفي مواعيد غير مرغوب فيها لزوار أثقل من الرصاص وأبغض من الشيطان إن نزلت المطر إستقبل غيثها بلا مطرية واقية يستعذب سقوط خيوطها على جسده في مشهد قد يراه البعض جنونا أما هو فيراه متعة يغسل بها غبن السنين فينتشي بها جسده إن زار المسجد أخذه الحنين إلى عذوبة ذكري أيام جميلة , يعيش لحظات يشعر فيها بهيبة المكان في نفسه وتعتمل أشواقه إلى زمن مضى ركلته الدكتاتورية بجبروتها , ولكن عودته بعد كل تلك السنوات تخفف عنه وطئة الموقف إن ذهب إلى شراء أغراض من السوق أو المتاجر يشعر وكأنه لأول مرة يقوم بهذه المهمة فهو في رحلة إستكشاف للمحلات والسوق والأسعار والناس إن ضمه مجلس الأسرة وإلتقاء الأحباب في جلسة عائلية موسعة أو مضيقة يشعر بدفىء الجلسة وعبق الأجواء وإختلاف المنزل عن ذاك الذى قطنه مكرها لسنوات طويلة إن أخلد إلى فراشه شعر بنعومة المضجع و بأن السجن أقسى مما يقدر الإنسان , فالفراش هنا مختلف بل لا يقارن بذاك الذى تركه في منازل الظالمين إن نظر إلى السماء نهارا أو ليلا رآها بأفقها من كل إتجاه وهو ما كانت أسوار السجن تحجبه فكان المشهد مختلفا لأن الصورة مكتملة إن تنقل على ساقيه إكتشف لذة السير وإعادة إكتشاف الحارة والمدينة وإسترجع الذكريات قبل دخوله السجن إن شاهد التلفاز شاهد القنواة التى لم تكن متاحة في السجن من غير القناة التونسية فقفزت إلى ذهنه المقارنة بين القناة الأخيرة وغيرها من الفضائيات التي أحدثت ثورة في الإعلام بينما ظلت القناة التونسية صورة للإعلام المزيف , ولعل السجين ينبهر خاصة حين يتابع قناة الجزيرة فيشعر أن الزمن مر وأن واجبه الملح هو تقدير الزمن كي لا يشعر بالإغتراب المبطن عن الواقع الذي يعيشه وذلك ما يجعله يكتشف في كل مرة
أن الظلم الذى تعرض له يكبر كل يوم بعد خروجه من السجن المضيق مع كل إكتشاف لمرور الزمن أو مواجهة صعوبات في الحياة أو غير ذلك من الأسباب التى تشعره بأن جريمة الإعتقال والسجن كانت أفضع مما قدر بأشواط كثيرة … إلى غير ذلك من مشاهد الحياة الطبيعية التى تراها عين الخارج من السجن بحدقة الإكتشاف والإنبهار وحتى الطرافة . ذلك أن كل تفاصيل الحياة اليومية خارج أسوار السجن المضيق هي بالنسبة للمسرّح ليست حياة عادية , ومهمته بعد سنوات الغياب الطويلة هي إعادة إكتشافها مرة أخري بكل تفاصيلها المملة وهي تجربة فريدة إذا كان الزمن قد مرّ بمقدار السنين فإن السجين الخارج من السجن مهما نفخ في مرور الزمن فإنه يحتاج بعض الوقت كي يشعر فعلا بأن الزمن مر خارج السجن المضيق أيضا وليس داخله فقط , وبالرغم من ذلك لعله يبقى طوال حياته يشعر بأن سنوات السجن التى قضاها هي الوقت المستقطع من حياته الذى سيرافقه بقية العمر حتى يغادر الدنيا , لأن السجين يحمل معه إرث السجن آثارا في بدنه وفي شعوره ومن الصعب للغاية التخلص منه مهما كانت قوة الشكيمة وعلوّ العزيمة وخاصة على المدى القريب والمتوسط على الأقل يخرج السجين من السجن المضيق لا يرى الواقع بكامل تضاريسه , أو لعله يريد أن يرى الجانب المشرق فيه لأنه يريد أن يستأنف حياته , ولكنه يجد السبل قد سدت في طريقه وهذا ما يجعله يلج إلى سجن جديد أول أبواب السجن الجديد هي المراقبة الإدارية التى يخضع لها السجين السياسي حتى وإن لم يكن له حكم في ذلك , حيث يُلزم يوميا بتسجيل حضوره في أكثر من مركز أمني ليوقع في دفتر حضور معد للغرض , وهذه المراقبة الأمنية لا تتم باليسر المطلوب وإنما تتحول إلى عذاب يومي بأتم معنى الكلمة , ذلك أن عدد مرات تسجيل الحضور قد لا تقتصر على مكان واحد بل أمكنة كثيرة , كما أن عدد مرات الحضور اليومي في أي مكان من تلك الأمكنة قد لا تقتصر على مرة واحدة وإنما مرات متعددة , ويصاحب ذلك الحضور معاملات مهينة وسلوكات شاذة ورخيصة تستهدف إهانته والنيل منه وقهره وإذلاله , وهنا وجب التنويه إلى أن هذه السطور لا تتسع للإحاطة بهذا الجانب من الموضوع والذى يدمى القلوب , وسيبقى وصمة عار على جبين نظام لا يعرف الرجولة ولا يعرف قدر الرجال كما يجد السجين السياسي المسرح نفسه أيضا أمام تحديات أخرى كثيرة فهو ممنوع من الحركة والتنقل داخل البلاد إلا بإذن مسبق من مصالح الداخلية التونسية , مما يجعله تحت إقامة إجبارية مموهة , وأي إنتقال إلى أي منطقة أخرى يجد إشتراطات ومضايقات أمنية تبدأ من الإلزام بالحضور للتوقيع في دفتر الحضور , إلى المضايقات في الشارع إلى الإحتجاز والإهانات والتعذيب , إلى إجباره على العودة من حيث أتى وهو ممنوع من التواصل مع الآخرين إلا أسرته والمقربين منه من ذوي القربى , وحتى علاقة القرابة قد لا تشفع له في بعض الأحيان عند البوليس التونسي , كما أن من يحاول التواصل معه من معارف وأصحاب وأصدقاء مهددون هم الآخرين من قبل البوليس الذى يخضعهم للتفتيش والمسائلة أو حتى التوقيف والملاحقة والإستدعاء إلى المراكز الأمنية ويتواصل حرمان السجين السياسي المسرح من حقه في العمل خاصة في مؤسسات وأجهزة الدولة , كما تمارس ضغوط على من يوظفه , ويتعرض للعرقلة والمضايقات حتى في الأعمال الحرة , كما توضع أمامه المطبات والصعوبات في كل محاولاته الهادفة إلى إعادة تأهيل نفسه لإستئناف حياته من جديد كما يُحرم من حقه في جواز السفر , والسفر خارج البلاد كما يحرم من حق الإستفادة من أي خدمات تقدمها الدولة للمواطنين كالرخص والقروض والمنح والمساعدات الإجتماعية في الأعياد والمناسبات , فهو موضوع على القائمة السوداء من المغضوب عليهم لدى الدوائر الرسمية وأولهم العمدة وهو ممنوع من أي نشاط سياسي أو حقوقي أو إجتماعي ليس تحت طائلة القانون الدستوري وإنما بحكم قانون الغالب الظالم الذي يحرّم على مخالفيه أي مساحة من الحرية والنشاط العام , ومن يفعل يعرض نفسه إلى إستهداف ممنهج وليست لحياته الخاصة حرمة من طرف البوليس , فهو معرض للإعتقال مجددا في كل وقت , ناهيك عن المداهمات والزيارات البوليسية إلى مقر سكناه كما أنه لا يُعامل معاملة إنسانية كمواطن تونسي وإنما يُعامل كشخص مستهدف دائما , يتعرض إلى المضايقات من طرف البوليس حتى في الشارع أمام الناس والهدف من ذلك عزله عن الناس وتخويفهم من التواصل معه كما أنه ليس له جهة رسمية في البلاد يتظلم إليها لمقاضاة المتجاوزين بحقه والمعتدين عليه خاصة من أفراد القوى الأمنية وهو ما يجعله فريسة لكل التجاوزات دقيقها وعظيمها دون أن يجد أي جهة في البلاد تنصفه ويقاضي المتجاوزين بحقه وهو محروم أيضا من حق النظر في ملف إسترداده حقوقه المدنية وكأن تلك الحقوق الطبيعية قد سلبت منه وإلى الأبد وليس من أمل في إسترجاعها في ظل هذا العهد الظالم وفوق كل هذه المظالم وغيرها التى تطال المسرح من السجن المضيق شخصيا فإن بقية أفراد أسرته وحتى بعض أقاربه يحرمون من حقوق كثيرة كجواز السفر والعمل في مؤسسات الدولة إلى غير ذلك من أشكال المظالم والحرمان إن مصطلح السجين السياسي السابق تسمية غير دقيقة , لأنها أصبحت لا تعكس توصيف واقع حال المسرحين من السجن المضيق في تونس , فالسجين السابق يفترض أن يتمتع وبشكل آلي بحريات وبحقوق طبيعية في الحياة كانت مسلوبة منه بحكم وجوده وراء القضبان وبسبب العقوبة السجنية التى كان يخضع لها , فإن خرج من السجن تمتع بها كأي مواطن . لكن السجين السياسي في تونس اليوم يدخل سجنا آخر حال خروجه من السجن الأول , والمعاناة التى يستقبلها المسرح بعد أن إستدبر سنوات السجن المضيق المريرة لهي وجه العملة الآخر من المحنة السوداء الحالكة التى مرت وتمر على المساجين السياسيين بتونس وهو ما يجعل الخروج من السجن المضيق ليس نهاية المطاف وإنما بداية خوض تجربة أخرى صعبة إلى أجل غير مسمى صــابر : سويســرا
الحوار.نت تلتقي الشيخ وليد البناني
نائب رئيس حركة النهضة التونسية في حوار سريع.
حاوره : الهادي بريك ـ ألمانيا. الشيخ وليد البناني : ـ من مواليد :1954 بمنطقة البريج من ولاية القصرين التونسية. ـ متزوج وأب لــ 3 أبناء وجد لــ 3 أحفاد. ـ من مؤسسي وقيادات حركة النهضة التونسية. ـ تحمل مسؤوليات قيادية منها : رئاسة الحركة ـ رئاسة مجلس الشورى ـ عضوية المكتب التنفيذي الخ.. ـ متخرج من المدرسة القومية للإدارة سنة 1976 ـ حافظ لكتاب الله سبحانه في السجن سنة 1981 ـ عرفته السجون عام 1981 وعام 1987 كما عرفته المنافي منذ عام 1991 وهو مقيم منذ ذلك التاريخ في بلجيكا. نص الحوار. الحوار.نت : شيخ وليد مرحبا بك ضيفا كريما على موقعنا الحوار.نت. ج : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الحمد لله وحده السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشكركم على إتاحة هذه الفرصة الطيبة للإجابة عن بعض الأسئلة التي تشغل بال أبناء الحركة والمتابعين لشأنها الحوار.نت : شيخ وليد وقع اختيارك نائبا لرئيس الحركة بعد المؤتمر الثامن للحركة المنعقد في الربيع المنصرم من هذا العام 2007. هل تحدثنا باختصار عن مهمتك الجديدة؟ ج : ينص القانون الأساسي الانتقالي للحركة على أن يتخذ رئيس الحركة نائبا أو نوابا لمساعدته على أداء مهامه القيادية وقد وقع اختاري للقيام على الشؤون الداخلية للحركة ومن جملة مشمولات هذه المهمة إعداد للقاءات المكتب التنفيذي والسهر على تنفيذ قرارات الحركة ومتابعة أعمال المكاتب واللجان المركزية والمناطق والعمل على تطوير أداء المكاتب واللجان وذلك ضمن الخطة العامة التي يصادق عليها مجلس الشورى والتي يسهر المكتب التنفيذي على إنجازها كفريق عمل متكامل ومتعدد الاختصاصات بأشراف رئيس الحركة الحوار.نت : شيخ وليد تناهى إلينا في المدة الفارطة بأن عددا من أبناء الحركة رجعوا إلى تونس برغم أنهم محاكمون غيابيا بسبب انتمائهم للحركة وذلك على مدى السنوات المنصرمة القليلة. هل يمكن أن تنير قراءنا الكرام حول هذه القضية؟ أعني : كم عدد الذين رجعوا وما هي علاقتهم بالحركة قبل وبعد رجوعهم وما موقف الحركة منهم وما هو تعامل السلطة التونسية معهم وكيف توصلوا إلى تسوية أوضاعهم وهل هم على خلاف فكري أو سياسي أو تنظيمي مع الحركة أم لا الخ … ج: هذا السؤال يتطلب تبسطا وتفصيلا في الإجابة ـ في البداية لابد من التأكيد على أن بلدنا الحبيب تونس هو بلد الجميع ولا يملك أي أحد لا السلطة ولا غيرها أن ينزع حق الانتماء له وهو حق لا يسقط بالتقادم ولا بطول السنين التي يمكثها التونسي بعيدا عن وطنه مكرها أو مختارا فحب الأوطان والحنين إليها فطرة فطر الله الخلق عليها ولا يمكن للإسلام دين الفطرة إلا أن يقرها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه يغمرهم شعور عارم بالشوق إلى مربع صباهم في مكة المكرمة، »والله لأنت أحب بلاد الله إليّ لولا أن أهلك أخرجوني » ولذلك اعتبر الإسلام إخراج الإنسان من وطنه جريمة كبرى وظلما شنيعا يعمد إليه الطغاة تنكيلا بالأحرار، توعدهم الجبار عليه بالهلاك: « وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنّكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم بهم لنهلكن الظالمين ولنسكنّنكم الارض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد »15و16سورة إبراهيم. كما ورد في القرآن أن إخراج الإنسان من وطنه قرينا لقتله: « وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم »82 البقرة. ولذلك كان العود إلى الأوطان حقا طبيعيا وشرعيا أقرته مواثيق الأرض والسماء وليس منّة تمنها السلطة على من تريد، أو تقيده بشروط ابتزازية قد تصل الى حد امتهان كرامة المواطن، كما فعلت وتفعل مع الكثير . ـ لم يختر أبناء الحركة الهجرة عن بلدهم وهم من خيرة إطارات وكفاءات أبناء تونس وكانوا يساهمون مع الآخرين في تطوير بلادهم ، لم يختاروا الهجرة طلبا للرزق كما هو حال الآلف من ذوي الشهادات العليا الآن بعدما انسدت أمامهم أفق التشغيل بسبب سياسات السلطة فركبوا قوارب الموت إلى أوروبا ، وإنما قمع السلطة هو الذي أجبر حوالي ألفين من أبناء الحركة على الهجرة نجاة بأنفسهم وفرارا بدينهم « ففررت منكم لما خفتكم:19 الشعراء. فقد ظلت عشرات من دول العالم تستقبل أفواجا متزايدة منهم،منذ بداية المحنة الاولى في سنة 1981 ، وعرفت أوجها في بداية العقد الموالي إذ ناهز عددهم الألفين توزعوا على أكثر من خمسين دولة معظمهم انتهى مسارهم إلى أوروبا بعد أن صدرت على معظمهم أحكام قاسية، ولا تزال سلطة القمع تجدد إدراج عشرات منهم في قائمة المجرمين الملاحقين بالبوليس الدولي، زيادة في الظلم والتنكيل. ـ لقد تناولت الحركة موضوع العودة منذ 3 سنوات تقريبا في المؤسستين الشورى والتنفيذي واتخذت فيه القرار التالي يسمح بعودة الأخوات والأبناء فقط دون غيرهم حرصا من الحركة على ألا يمثل الاختلاف في تقدير المصلحة في هذه المسألة سببا لتعريض علاقات هؤلاء الإخوة والأخوات مع حركتهم إلى التأزم وكذلك حرصا على سلامة العلاقة بين الأزواج وحرصا على تمكين أبناء المهّجرين من التعرف على بلدهم وعلى أقاربهم وتمتين الصلة بهم. وقد عاد عدد كبير من الزوجات والأبناء فعليا وتفاوت تعامل السلطة، بين غض الطرف ، وبين المساءلة والتحقيق والترهيب من أجل تجميع المعلومات، وبلغت أحيانا حد إعاقة خروج البعض لمدة تطول أو تقصر. ـ وحرصا على عدم تعريض الاخوة لاحتمال الابتزاز والترهيب من قبل أجهزة لا اعتبار لسلطة القانون لديها، فقد طلبنا اليهم أن يتمهلوا وأن يتصبروا حتى تتبين جلية الامر فتكون عودة كريمة في إطار حل شامل يتفق عليه ، وليس في سياق خلاص فردي يتم من وراء ظهر القيادة وتتولى فيه الاجهزة مهمة الفرز بين مهاجر وآخر بما ينفث الريبة بين الاخوان.نطلب من كل الذين عضهم الشوق الى الوطن الحبيب أن يصبروا ويصابروا ويثابروا على بذل الجهد في نصرة قضيتهم، فالفجر قريب إن شاء الله « إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا » » ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله » فتكون عودة كريمة عزيزة مأمونة. إن الجماعة رحمة والفرقة عذاب وإنما ياكل الذئب من الغنم القاصية ». ونحن نبه اخواننا الاحباب الى ضرورة الحذر من مغبة الانسياق وراء مخطط سلطة قمعية لم تتزحزح عن نهج رهانها على وسائل القمع سبيلا للحكم،كما تذكرهم بأن الأسباب التي دفعتهم إلى الهجرة لم تتغير وهي نفسها التي لا تزال تدفع آخرين وأن أسلوب الخلاص الفردي يشوش على قضية المهاجرين الجدد وعلى عامة الناس في الداخل والخارج إذ يبعث برسائل مضللة. ـ كما ننبه الإخوة الاعزاء إلى الحذر من مخطط السلطة التي شرعت منذ أكثر من سنة في التحريض على العودة الفردية ضمن مشروع تفكيك ملف المهجّرين عن طريق مد خيوطها الأمنية من وراء ظهر قيادة الحركة ، مع من تأنس منه استعدادا أكبر للتجاوب مع مخططها في إغرائه بالعودة وتمكينه من جواز السفر وتمطينه بأنه مرحب به وأنه لن يمسه سوء متجاهلة ما سببته آلة القمع السلطوي ـ أما عدد الاخوة المنتظمين الذين عادوا إلى تونس، وفق تسويات فردية تمر ـ كما بلغنا – عبر الإطار الأمني في السفارات ، فهم قلة قليلة جدا عرفنا منهم الاخوين مصطفى الونيسي وعمر النمري. ولم يؤسسا اختلافهما مع الحركة في هذه المسالة على أساس فكري، بقدر ما هو تقدير لوضع عائلي خاص لم تقرهما الحركة عليه لأن للجميع أوضاعا عائلية خاصة تفاقمت خلال هجرة امتدت مع البعض لأكثر من ربع قرن. الحوار.نت : شيخ وليد ما هو موقفكم من الأستاذ محسن نقزو الذي رجع إلى البلاد في الأسابيع المنصرمة ولكن قبضت عليه السلطة في المطار وهو الآن رهن الحبس كما تعرض للتعذيب؟ هل تدافعون عنه؟ ج: حالة الأستاذ محسن نقزو وما تعرض له ولا يزال من حبس وتنكيل بمجرد أن وطئت قدمه تراب الوطن من شانها أن تزيل الغشاوة عن الحالمين بعودة كريمة عزيزة وفق ما تعهدت به أجهزة القمع التي لم يثبت يوم أنها تخلت عن نهجها القمعي في تعاملها مع معارضيها. فالأستاذ محسن قزو عضو قيادي في اتحاد المنظمات الإسلامية الأوروبية وقبل عودته اتصل بموظف أمني في السفارة التونسية وطمنه على أنه لن يمسه أي مكروه عند عودته بل شجعه على إقناع أبناء النهضة في جنوب فرنسا بالعودة وقد حذره الإخوة من مغبة العودة فحصل له ما حصل. نحن ندافع عن كل مضطهد مهما كان انتماؤه فدفاع الحركة على الحرية لا يتجزأ ونحن نطالب إطلاق سراحه وسراح كل المساجين الآخرين. الحوار.نت : شيخ وليد يقول أنصار العودة إلى البلاد ممن هم محاكمون سياسيا بسبب انتمائهم إلى الحركة بأن المناخ السياسي في البلاد أصبح ملائما للعودة بسبب ارتخاء القبضة الأمنية وبأن حق العودة حق طبيعي لكل تونسي وحق دستوري لا ينازع فيه أحد وأن التردد على البلاد من حين لآخر من شأنه خدمة الدعوة الإسلامية والصحوة الإسلامية فضلا عن كونه يعيد ربط صلات القرابة والرحم التي تقطعت بسبب الغياب الطويل عن البلاد وأن من مصلحة الأبناء والنساء العودة إلى البلاد خاصة في أثناء العطل المدرسية مساهمة في حفظ هويتهم العربية الإسلامية في أوربا .. كيف تردون على ذلك وعلى أي أساس؟ ج : هذه مصالح معتبرة فعلا لو أمكن تحقيقها ، وحتى على افتراض تحقق بعضها ، فهي أدنى من المفسدة الراجحة : ترويج رسائل خاطئة في الداخل والخارج عن انفراج موهوم قد حصل ، فضلا عن احتمال تعريض الاخ نفسه للامتهان والمذلة في ظروف تخنق فيها الكلمة الحرة والمعارضة الجادة ويبلغ فيها التنكيل ببعض شباب الصحوة حد الموت الزؤام والجنون. ولو كانت للدعوة الاسلامية فرص في ظل هذه المناخات الخانقة لاهتبلها آلاف الاخوة المسرحين الذين تم اخضاعهم لمراقبة أمنية خانقة، شاهدة على الوطن الحبيب ما برح سجنا الكبيرا للاحرار. ولا يزال ملف عشرات من قيادات الحركة فضلا عن مئات غيرهم من شباب الصحوة في غياهب السجون ، والى أن يطوى ملفهم وملف آلاف المسرحين ضمن وفاق وطني تستعاد فيه الحريات الاساسية فإن الحديث عن العودة أو عن انفراج لا يعدو كونه تعبيرا عاطفيا عن حب عارم للوطن الحبيب، إلا أنه لن يغير شيئا من معطيات الواقع الصلدة والمريرة بقدرما يضبب الرؤية . ـ نحن مع عودة ضمن حل شامل للأزمة البلاد طرحنا رأينا فيها منذ 1995 حين دعونا لمصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحدا ووضحنا فيها مطالبنا التي أعدنا التذكير بها في المؤتمر الثامن للحركة ومنها إطلاق سراح المساجين وتسوية ملف المهجّرين وتعويض كل الذين شملتهم المحاكمات السياسية وفتح حوار وطني شامل لا يستثني أحدا وإصدار عفو تشريعي عام. ـ لا تريد الحركة قطع جذور أبنائها عن وطنهم ولا قطع صلة أرحامهم فكما أشرت أعلاه عودة الزوجات والأبناء أصبحت تتم كل صيف لمن يقدر على ذلك. الحوار.نت : شيخ وليد هل من كلمة أخيرة تتوجه بها إلى أبناء الحركة في الداخل أو الخارج أو إلى أي جهة أخرى؟ ج: أريد أن أذكر كل أبناء الحركة المهجّرين بالسنوات الأولى للهجرة وما صاحبها من جهود دؤوبة مثمرة من طرف حركتهم ومن ساندها من المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية لصد هجمة السلطة عليها ولتفنيد كل التهم الباطلة التي حاولت السلطة إلصاقها بها ، لقد شكل أبناء الحركة المهجّرين من خلال استمرار ترابطهم وتمسكهم بقضيتهم رئة ظلت تتنفس بها الحرية في البلاد وكذا جسم الحركة الذي أخضعته داخل البلاد آلة القمع لخطة استئصال، فنجحوا بفضل الله ومحافظتهم على وحدتهم ، في الإبقاء على قضية مظلمة النهضة ومساجينها ومظلمة تونس عامة حية وتمكنوا من تجلية صورة حركتهم حركة إسلامية ديمقراطية معتدلة نقية من كل ما راهنت سلطة القمع على رميها به من وصمة العنف والتطرف والإرهاب،فما أدرجوا في أي قائمة للإرهاب، فكانوا مع بقية المهجرين رافدا للنضال التحرري الديمقراطي داخل تونس المحاصرة وتونس السجينة، ومبشرين باستئناف مسيرة الحوار والتعاون والتنسيق بين قوى المعارضة الجادة، وكان إسهامهم معتبرا فيما حققت هذه المسيرة من تقدم ، بلغت حد بلورة أرضية من المطالب المشتركة بين قوى المعارضة تقوم على خدمتها مؤسسة نضالية(18أكتوبر) ، كان لها إسهام معتبر في تجلية قضية المساجين وإحراج السلطة ، حتى لم يبق وراء القضبان من مساجين النهضة غير بضعة عشرات، عجل الله بفرجهم ، إلا أن جيلا جديدا حل محلهم، من جهة ومن جهة أخرى فإن المحصول من إطلاق سراح آلاف المساجين لم يتجاوز تحويلهم من سجن مضيق- على حساب الدولة- الى سجن موسع – على حسابهم الخاص الخاوي- ، محرومين من كل حقوقهم بما في ذلك حق التكسب والتنقل والتداوي ، وسيف القمع معلق فوق رؤوسهم ممثلا في استمرار منظومة القوانين الخانقة للحريات بمعنى استمرار نفس الظروف التي قادتهم إلى السجن وتقود غيرهم إليها اليوم. وأذكر كل أبناء الحركة أنه كان من ثمار ذلك النضال ووحدة الصف والالتزام بنهجهم في الاعتدال أن تم بفضل الله تمكينهم من تسوية وضعياتهم القانونية التي سمحت لهم بعد ذلك بتأسيس وضع اجتماعي واقتصادي مستقر يفقده إخوانهم داخل السجن الكبير تونس وأذكر كل من يحرض على العودة الفردية بوضع الأخ عبد الله الزواري المنفي في بلاده ووضع الدكتور منصف بن سالم ووضع بقية الإخوة في البلاد المحرومين حتى من التنقل داخل البلاد ، أذكرهم أيضا أن العديد من أبناء الحركة مازالوا يقدمون مطالب اللجوء السياسي وأن مثل هذه العودة الفردية تحرمهم مما تمتعوا به هم حينما قدموا طلب اللجوء السياسي . كما أذكرهم أن كل أبناء الحركة يحنون إلى وطنهم ويتشفون لرؤية أهلهم ومنهم من مات أبوه وأمه أو أحد إخوته وهو بعيدا عنهم صابرا محتسبا منتظرا الفرج الجماعي والعودة الجماعية متعاليا عن آلامه التزاما منه بما تقرره الحركة. كل ذلك يفرض على أبناء الحركة المثابرة على تعبئة صفوفهم من أجل الاسهام في تحقيق الاهداف والمقاصد التي كان غيابها الباعث على الهجرة ومغادرة الاحبة ، وهي لا تزال غائبة، فالواجب مواصلة بل تكثيف الجهد للشد من أزر إخواننا وتحقيق أهداف شعبنا في الحرية والكرامة عبر جهد جماعي وفردي منظم. وأختم بالآية الكريمة » واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون » ومن شكر النعمة التزام الجماعة ووضع نعم الكثرة والأمن وطيبات الرزق في موضعها الحقيقي وهو دعم جبهة مقاومة الاستبداد. الحوار.نت : شكرا للشيخ وليد البناني على ما أولانا به من حوار.
بسم الله الرحمن الرحيم
مرة أخرى، دفاعا عن أهلنا العاطلين عن العمل
د. محمد الهاشمي الحامدي قرأت رسالة الأخ عبد الباسط الهمامي التي يعرب فيها عن أسفه وحزنه لعدم تفاعل أحزاب المعارضة التونسية مع مقترحي بإنشاء الصندوق الوطني للتضامن مع العاطلين عن العمل. أخي عبد الباسط، أقول لك ولكل التونسيين المعنيين بهذا الموضوع الحيوي الهام: أرجوكم، لا تيأسوا، واصبروا، وثابروا، فإن قضيتنا عادلة ومشروعة وشريفة. المثابرة هي كلمة السر. ذلك أن الباحث إذا نظر في تراث الخطاب السياسي التونسي المعارض خلال السنوات الماضية، وجله تقريبا مدون في أرشيف « تونس نيوز » وتسهل العودة إليه، يجده يركز على موضوعين أساسيين: الموضوع الحقوقي والديمقراطي، والسجال حول الحركة الإسلامية وموقع الإسلام في الحياة العامة. أما التضامن مع العاطلين عن العمل بطريقة ملموسة وفعالة، فموضوع لا يكاد يظهر أبدا في هذا التراث الضخم. وإذا أردنا أن نكون موضوعيين، فإن الجهة التي ركزت أكثر من غيرها على أولوية التشغيل ومكافحة البطالة هي السلطة. يتجلى ذلك بشكل واضح في أكثر من تسعين بالمائة من خطب الرئيس زين العابدين بن علي خلال الأعوام الماضية، إذ لا يكاد يخلو خطاب من خطبه من التطرق لموضوع التشغيل وجهود الحكومة في مكافحة البطالة. ما نحتاجه اليوم أمران أساسيان: 1 ـ إقناع السلطة بتوسيع دائرة التعاطي مع هذا الملف، وتشريك الكفاءات التونسية من خارج دائرة الحزب الحاكم واستشارتها في كيفية تطوير الجهود المبذولة لتشغيل الشباب ومكافحة البطالة. 2 ـ إثراء الساحة بأفكار ومقترحات جدية وقابلة للتنفيذ، أفكار ومقترحات من شأنها بالفعل إثراء الجهود التي تبذلها لتشغيل الشباب ومكافحة البطالة. بالنسبة للأمر الأول، لا أظن أن هذا مطلب صعب أو معقد، لأن السلطة لا تخسر شيئا من هذه الإستشارة، بل إنها ستستفيد منها كثيرا من دون شك ولا ريب. بل الواقع أننا لا نحتاج لإقناع السلطة بشيء بخصوص ضرورة تشريك جميع التونسيين وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة بآرائهم في مكافحة البطالة، فهذا نص واضح قاطع للرئيس بن علي، يحسم الأمر بشكل جلي، ويفتح الباب أمام المقترحات والمبادرات، بل يطلبها ويرحب بها: « وسيظل موضوع تشغيل الشباب وحاملي الشهادات العليا بالخصوص أولوية دائمة لدينا تدفعنا إلى البحث عن المزيد من الوسائل والسبل لتكثيف فرص التشغيل والمبادرة الخاصة، بما يدعم النتائج التي تحققت بفضل الآليات والبرامج الموضوعة لهذه الغاية . وإني أدعو جميع الأطراف وخصوصا الاقتصادية منها إلى مزيد إيلاء موضوع تشغيل الشباب المكانة الأولى في اهتماماتها باعتباره مسألة وطنية بالأساس نتقاسم جميعا مسؤوليتها، وهي مسؤولية تتحملها الدولة والمجتمع مثلما يضطلع بها القطاع العام والقطاع الخاص على حد سواء » . (من خطاب الرئيس التونسي في 20 مارس الماضي بمناسبة الذكر الخمسين للإستقلال) أما الأمر الثاني، أي إثراء الساحة بأفكار ومقترحات جدية وقابلة للتنفيذ، أفكار ومقترحات من شأنها بالفعل إثراء الجهود التي تبذلها لتشغيل الشباب ومكافحة البطالة، فيحتاج منا جميعا إلى تفكير حر، واجتهاد أصيل، كما يحتاج لتحفيز المزيد من الكتاب والساسة التونسيين للمساهمة في هذا النقاش وإعطاءه ما يستحقه من أولوية ومكانة رفيعة. وقد سبق أن شرحت مبررات طرحي لفكرة إنشاء الصندوق الوطني للتضامن مع العاطلين عن العمل. وأضيف اليوم إن إنشاء هذا الصندوق سيكون ثورة اجتماعية حقيقية في بلادنا تساهم في تعزيز مبدأ العدالة الإجتماعية، وتوزيع الثروة بين طبقات الشعب، والتعبير عن موقف أخلاقي عظيم لشعبنا، خلاصته أن أحدا منا لن يقبل أن يبيت شبعانا وجاره جائع. أقول لإخوتي وأخواتي العاطلين عن العمل في تونس: إن البطالة ليست علامة نقص فيكم، أبدا، أبدا أبدا. إنما هي علامة نقص وخلل في أوضاعنا الإقتصادية، وتونس ليست بدعا في هذا، لأن أكثر بلدان العالم تعاني من البطالة. لكن علامة النقص الحقيقة في أدائنا كمجموعة وطنية، هو عندما نبقى متفرجين على معاناتكم مع البطالة كأن الأمر لا يعنينا. كأننكم من كوكب آخر، أو من بلد شقيق أو صديق. طبعا لن يعترف منا أحد رسميا بتجاهله لمعاناتكم، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه عندئذ على كل مواطن: أين دليل اهتمامك وتضامنك؟ الدليل الأفضل، هو أن نتكاتف جميعا، ونمول بضرائبنا، صندوقا يقف مع كل عاطل عن العمل إلى أن أن يجد عملا. وعندما يصبح العاطل عن العمل عاملا، ويكسب فوق خمس مائة دينار في الشهر، فإنه هو أيضا سيبدأ في المساهمة في تمويل هذا الصندوق. السياسة في معناها الأخلاقي الرفيع هي التنافس في خدمة الناس، وإنني أتحدى، بالمعنى الأخوي للكلمة، وليس بأي معنى آخر، وبكل مشاعر التقدير والإحترام، أتحدى أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، وغير الممثلة في البرلمان، المرخص لها بالعمل القانوني، وغير المرخص لها بالعمل القانوني، وأتحدى كتاب الرأي من كل اتجاه فكري وسياسي، وجمعية اللائكيين وجمعية النساء الديمقراطيات واتحاد الكتاب، أتحى هؤلاء جميعا أن يثبتوا تضامنهم الحقيقي مع العاطلين عن العمل من مواطنيهم. أين اقتراحاتكم؟ أين مشاريعكم؟ أين بدائلكم للسياسة الحكومية في أمر التشغيل ومكافحة البطالة؟ وهل توافقون عل مقترح مواطنكم، وأخيكم، محمد الهاشمي بن يوسف بن علي الحامدي، بإنشاء الصندوق الوطني للتضامن مع العاطلين عن العمل، وتمويله عبر ضريبة تفرض على كل من يفوق دخله الشهري خمس مائة دينار تونسي؟ وأتوجه بالخطاب أيضا إلى الرئيس بن علي أيضا وأقول له بكل احترام وتقدير: سيادة الرئيس، رعيتم الكثير من المبادرات والبرامج الطموحة لتشغيل الشباب ومكافحة البطالة، فلكم التهنئة والتقدير على هذه الجهود. وإنني أقترح على سيادتكم تعزيز هذه المبادرات بتبني فكرة إنشاء الصندوق الوطني للتضامن مع العاطلين عن العمل، أو على الأقل، بالإذن بفتح حوار معمق حولها في صفوف حزبكم، وعلى أمواج الأثير وشاشات التلفزة الوطنية. انتهت رسالتي للسيد الرئيس. في الأثناء أوصي نفسي، والأخ عبد الباسط الهمامي، وكل الإخوة العاطلين عن العمل، بعدم اليأس، وبالصبر والمثابرة. بوسعنا أن نؤثر في سلم أولويات اهتمامات النخب التونسية، وأن نجعل التشغيل أولوية الأولويات، ونؤكد أن التونسيين جميعا ينطبق عليهم وصف النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين، فهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تونس: رئيسان فقط في خمسين سنة من الجمهورية…
هل حانت ساعة التداول على السلطة؟
رشيد خشانة (*) بين الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية وانتخاب الحبيب بورقيبة أول رئيس لتونس في 25 تموز (يوليو) الماضي، والذكرى العشرين لوصول سلفه زين العابدين بن علي إلى سدة الرئاسة في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل يعيش البلد مخاضا عسيرا بين منح ولاية خامسة لبن علي في الإنتخابات المقررة لسنة 2009 أو وضع البلد على سكة الإصلاحات السياسية والدستورية. في بداية مسرحية « خمسون » التي حظرتها الرقابة طيلة أشهر قبل أن تُضطر لإجازتها تتحدث مريم عن تجرتها الطويلة مع جدران غرف التحقيق منذ اعتقال والدها الذي كان مناصرا للزعيم الوطني صالح بن يوسف، غريم الرئيس الحبيب بورقيبة في أواخر الخمسينات، إلى اعتقال زوجها اليساري في الستينات والسبعينات ثم سجن شقيقها الكادر النقابي في أعقاب الإضراب العام الذي شنه الإتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد النقابات) في مطلع 1978، وصولاً الى التحقيق مع ابنتها في سنة 2005 للإشتباه بضلوعها في عمليّة انتحارية في المعهد الذي تُدرس فيه، تزامنت مع استضافة تونس القمة العالمية لمجتمع المعلومات. من العلامات الحبلى بالدلالات أن العرض الذي تابعه جمهور غفير ظل يصفق للممثلين والممثلات وقتا طويلا وقوفا في مدرجات مسرح الحمامات، تزامن مع الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية في 25 تموز (يوليو) 1957. واللافت أيضا أن المسرحية لاقت إقبالا منقطع النظير لدى عرضها مرات عدة في أكبر قاعة مسرح في العاصمة تونس، ما شكل اقتراعا لصالح القراءة النقدية لحصاد الدولة الوطنية. وكما في المسرح أوعز بورقيبة الذي كان رئيسا للوزراء للبرلمان الموالي له الإطاحة بالملك العجوز الأمين باي، وأتى بمشروع تحديثي للقضاء على إرث الأسرة الحسينية التي حكمت البلد من 1705 إلى 1957، وتواطأت مع سلطات الإحتلال الفرنسي (عدا الباي منصف الذي خلعه الفرنسيون في سنة 1943 ونفوه … إلى بلدهم). واتسمت العقود الثلاثة الأولى من الجمهورية ببناء مؤسسات حديثة للدولة وانتهاج سياسة اجتماعية كرست مجانية التعليم وإجباريته ونشرت الخدمات الصحية العمومية وحدت من نسبة الولادات ومنحت حقوقا للمرأة لم تُعط لها في أي بلد عربي آخر، وخاصة بعد سن قانون الأحوال الشخصية في 1956. غير أن تلك الفترة طغت عليها أيضا محاربة الخصوم وإقامة نظام فردي قضى أولا على منافسي بورقيبة من بقايا الحركة الوطنية، بواسطة محاكم افتقدت الحياد، وبعد ذلك تم حظر الحزب الأخير المتبقي وهو الحزب الشيوعي في سنة 1963 في أعقاب محاولة انقلابية فاشلة أُعدم قادتها، على رغم أن الشيوعيين لم يكونوا على صلة بالإنقلاب. ويمكن القول إن ملامح نظام الحزب الواحد، الذي كان منتشرا في أكثرية بلدان العالم الثالث خلال تلك الحقبة، أرسيت اعتبارا من سنة 1964 في مؤتمر « الحزب الحر الدستوري » في مدينة بنزرت التي كانت آخر قاعدة عسكرية جلا عنها الجيش الفرنسي قبل ذلك بثلاث سنوات. وبعدما ضمن بورقيبة سيطرة كاملة على هيئات الحزب وأجهزة الدولة، اندفع مع وزير اقتصاده أحمد بن صالح إلى تجربة التعاونيات (التعاضديات) التي لاقت دعما من البنك الدولي خلافا للتجارب « الإشتراكية » المماثلة في العالم الثالث. واصطدم بلدوزر التعاونيات بصغار المزارعين والتجار الذين تمردوا في مناطق عدة، وبخاصة محافظات الساحل التي ينحدر منها بورقيبة وغالبية الطاقم السياسي، فظهرت شروخ في المؤسسة الحاكمة عكستها استقالة وزير الدفاع أحمد المستيري سنة 1968. وتعاظمت في خط مواز المعارضة الشبابية التي قادها يساريون وبعثيون أحيلوا على محكمة أمن الدولة في السنة نفسها. ومع مطلع السبعينات كان البلد على شفير الإنهيار فأوقف بورقيبة الذي هدَه المرض تجربة التعاونيات بعدما أمر باعتقال بن صالح وإحالته على محكمة أمن الدولة بتهمة « الخيانة العظمى »، ودشن فترة انفتاح قصيرة سرعان ما طواها في مؤتمر الحزب الحاكم سنة 1974 بطرد رموز الجناح الليبرالي من الحزب والعودة إلى سياسة القبضة الحديدية. ويمكن القول إن تلك الفترة أبصرت إقامة مشاريع تصنيعية كبيرة مثل مصفاة النفط ومصانع تكرير الفوسفات ومصنع تجميع السيارات ومصنع الفولاذ، غير أن البلد أضاع فرصة نادرة في المجال السياسي كانت ستتيح نقلة ديموقراطية هادئة لو قبل بورقيبة التنحي لإفساح المجال أمام القيادات الشابة. ورغم أن مرض الرئيس استفحل فإنه أمر بتعديل الدستور كي « ينتخبه » البرلمان « رئيسا مدى الحياة » في سنة 1975، وعاود محاكمة اليساريين والقوميين قبل أن يتصادم مع اتحاد النقابات ويسجن قيادته وفي مقدمها رفيقه حبيب عاشور أمين عام الإتحاد الذي أنقذ زعيم الحركة الوطنية من الموت والإعتقال أيام الإحتلال الفرنسي. ربما من ميزات النظام السياسي التونسي أنه لا ينغلق تماما ويترك فجوات لامتصاص غضب النخبة، فبورقيبة سمح بظهور رابطة حقوق الإنسان (كانت الأولى في العالم العربي) سنة 1977 وصحيفة « الرأي » الأسبوعية المستقلة، وغض الطرف عن تأسيس « حركة الديموقراطيين الإشتراكيين » بزعامة المستيري التي جمعت المرفوتين من الحزب الحاكم، كما أجاز مجلتي « المعرفة » الشهرية (1970) و »المجتمع » الأسبوعية (1979) الإسلاميتين أملا بإضعاف اليسار. ثم اضطر إلى الإقرار بالتعددية وإطلاق السجناء السياسيين والنقابيين ورفع القيود جزئيا عن الصحافة بعد سيطرة جماعة قومية سلحتها ليبيا على مدينة قفصة الجنوبية طيلة ثلاثة أيام في مطلع 1980. ووافق على تنظيم أول انتخابات برلمانية تعددية في السنة الموالية، إلا أن هزيمة حزبه أمام لوائح المعارضة الديموقراطية الإشتراكية جعلته يأمر وزير الداخلية ادريس قيقة بتزوير النتائج كي يبقى البرلمان من لون واحد. واستمرت لعبة ضرب اليسار بالإسلاميين والعكس، إذ ما أن طاولت حملة اعتقالات واسعة قيادات « حركة الإتجاه الإسلامي » بقيادة راشد الغنوشي لإحالتها على القضاء حتى صدر مرسوم برفع الحظر عن الحزب الشيوعي. واستفحلت المعركة بين أركان الحكم على خلافة بورقيبة (ما أدى إلى تغيير رؤساء الوزارات في أوقات قياسية في ظل أجواء مُحتقنة بأزمة جديدة مع اتحاد النقابات قادت عاشور إلى السجن مجددا، وإقفال صحف مستقلة ومحاصرة الأحزاب والجمعيات وشن حملة على الإسلاميين الذين طلب بورقيبة من القضاء دحرجة رؤوسهم، بالإضافة لوصول الوضع الإقتصادي إلى مأزق. على هذه الخلفية المتفجرة سبق الوزير الأول (والخليفة المُعين) زين العابدين بن علي ضباطا إسلاميين إلى تنحية رئيسه يوم 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 1987 بناء على شهادة من أطباء الرئيس السبعة أقروا بعجزه عن تسيير دفة الحكم (كان سنُه 84 عاما). وأنقذت الحركة النظام من العملية التي كانت مُقررة لليوم التالي بتخطيط من كوادر عسكرية وأمنية اعتُقلت بعد كشف النقاب عن تفاصيلها. هكذا قضت رحى الحكم الذي أرساه « المجاهد الأكبر » على صانعها بعد رئاسة استمرت 31 عاما فأمضى بقية حياته في إقامة إجبارية في مدينته المنستير حتى رحيله في سنة 2000. وواجه خليفته بن علي (مواليد 1936) الوضع الجديد بإصلاحات واسعة انطلقت من الإفراج عن السجناء الإسلاميين والنقابيين وعودة المنفيين وإلغاء محكمة أمن الدولة والسماح للصحف المحتجبة بمعاودة الصدور وتعديل بعض القوانين الصارمة، وخاصة تعديل الدستور لإلغاء بند الرئاسة مدى الحياة وتكريس التداول، إذ حُددت الولايات الرئاسية باثنتين (تستمران عشر سنوات) قابلتين للتمديد إلى ولاية ثالثة فقط. لكن « الربيع الديموقراطي » لم يستمر سوى سنتين إذ أصيب التونسيون بخيبة أمل عميقة لدى إجراء انتخابات برلمانية مُبكرة في 1989 فاز بها مرشحو الحزب الحاكم الذي عدَل اسمه إلى « التجمع الدستوري الديموقراطي » في سنة 1988 وحافظ على البنية الرئاسية نفسها. وأظهرت النتائج قوة التيار الإسلامي الذي خاض الإنتخابات بلوائح « مستقلة »، في أعقاب تغيير اسم الحركة إلى « حركة النهضة » انسجاما مع بنود قانون الأحزاب الجديد الذي حظر إنشاء أحزاب دينية أو قومية أو ماركسية. وما أن أعلنت النتائج حتى انطلقت المطاردات لقصم ظهر الحركة وشملت عشرة آلاف معتقل أحيل منهم أربعة آلاف على المحاكم، وأقفلت صحيفة « الفجر » الأسبوعية الناطقة باسمها، فيما هاجر قسم من القياديين إلى الجزائر وأوروبا. وإزاء حجم المجابهة لعب الحكم ورقة الإحتواء باستمالة الأوساط اليسارية والليبرالية المعادية للتيار الإسلامي وشجع على ظهور حزب إسلامي « مُعتدل » أطلق عليه « حزب الشعب »، إلا أنه تخلى سريعا عن هذه الخطة وفتح جبهة ثانية مع المنظمات الأهلية المستقلة وفي مقدمها رابطة حقوق الإنسان التي عُلق نشاطها وأقفل مقرها بالشمع الأحمر. وتبلورت ملامح البنية السياسية الجديدة مع إدخال 19 نائبا من أحزاب الموالاة إلى مجلس النواب في أعقاب انتخابات 1994 وتم ترفيع الحصة إلى 34 مقعدا في 1999 و43 مقعدا في 2004، فيما أقصيت الأحزاب المعارضة وكوادر اتحاد النقابات الذي كان الشريك التاريخي للحزب الحاكم في البرلمانات السابقة. أكثر من ذلك تم إدخال تعديل على الدستور في « استفتاء » على الطريقة السورية أجري في 2002 مع اقتراب نهاية الولاية الثالثة والأخيرة لبن علي ألغي بموجبه سقف الولايات ما أتاح التجديد له في انتخابات 2004. وتجري حاليا حملة انتخابية صاخبة يقودها الوزراء وقياديو « التجمع الدستوري الديموقراطي » وأحزاب الموالاة لترشيحه لولاية خامسة في الإنتخابات المقررة لسنة 2009 تحت شعار « بن علي خيار المستقبل ». وستصل الحملة إلى أوجها في الإحتفالات الضخمة المقررة لمناسبة الذكرى العشرين لـ »التغيير » في الخريف. غير أن المعارضة التي قاطعت الإستفتاء اقتنصت فرصة القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي استضافت تونس شوطها الثاني في تشرين الأول (أكتوبر) 2005 لتُوجه اهتمام الإعلاميين إلى أوضاع الحريات وحقوق الإنسان. واستطاع الإضراب عن الطعام الذي شنته ثماني شخصيات من قيادات الأحزاب والمنظمات الأهلية طيلة أكثر من شهر أن يُكرس للمرة الأولى وحدة العمل بين يساريين وإسلاميين ومستقلين على « الحد الأدنى » الديموقراطي، والذي لخصوه بسن عفو عام وإطلاق حرية الإعلام وتكريس حرية العمل للجمعيات. وشكل الإحتماء بسلاح الإضراب عن الطعام مؤشرا لافتا للإعلاميين الغربيين الذين أهملوا القمة وتابعوا الوفد الذي قادته المحامية الإيرانية شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل، لمناشدة المُضربين وقف إضرابهم. ودلَ اللجوء لهذا الأسلوب على انسداد نوافذ الحوار بين الحكومة والمجتمع السياسي وسط إعلام عتيق. ويُعاني مستخدمو شبكة الإنترنت وأصحاب المواقع والمدونات من الرقابة التي تمارسها « الوكالة التونسية للإنترنت » الحكومية والتي تحجب مواقع المنظمات الحقوقية الدولية والصحف الفرنسية والسويسرية والعربية التي تكتب عن البلد بحرية، إضافة لمحاكمة المتمردين وأشهرهم المحامي محمد عبو الذي أفرج عنه أخيرا بعدما أمضى 28 شهرا في السجن بسبب مقال شبَه الأوضاع في السجون التونسية بمعتقل « أبو غريب ». مع ذلك دفعت التعهدات المقطوعة في قمة المعلومات والمناخ الدولي الجديد إلى إنهاء احتكار القطاع العمومي للإعلام الإذاعي والتليفزيوني، فظهرت أول إذاعة خاصة (« موزاييك ») في العاصمة تونس، التي أعلن عنها بن علي في خطاب ألقاه في الصباح كي ينطلق البث … ظهرا. ثم ظهرت قناة « حنبعل » التليفزيونية الخاصة، وتوالت المحطات الإذاعية بعد ذلك في سوسة وتونس وصفاقس وبنزرت، لكن في غياب قانون يُنظم القطاع ويُحدد شروط إطلاق المحطات. ولوحظ أن الإجازات التي أعطيت اقتصرت على أشخاص قريبين من الحكم ولا علاقة لهم بالإعلام في الغالب، فيما ظل آخرون أسبق منهم ينتظرون الترخيص لهم …. منذ عشرين عاما أحيانا. ويشكل الإعلام الأحادي أبرز وجه لترهل النظام السياسي الذي يعتمد على التداخل العضوي بين الحزب الحاكم ومؤسسات الدولة إلى درجة أن اللجنة المركزية والمكتب السياسي لـ »التجمع » يعقدان اجتماعاتهما في القصر الرئاسي، فيما يُنتقى الوزراء والمحافظون من أعضائه. وما من شك بأن تونس حققت نجاحات اقتصادية في التسعينات ومطلع العقد الحالي قبل أن يُجبرها الإرتفاع المستمر لأسعار المحروقات على انتهاج سياسة تقشف شاملة. وطبقا للتقارير الدولية تجاوزت نسبة النمو في العقدين الماضيين 5 في المئة ويُتوقع رفعها إلى 6 في المئة خلال سنوات خطة التنمية العاشرة (2007 – 2011)، مع استقطاب استثمارات خارجية لإنجاز مشاريع ضخمة في مقدمتها مدينة جديدة على ضفاف بحيرة تونس الجنوبية سينجزها الإماراتيون بكلفة قُدرت بـ18 مليار دولار، ومطار في منطقة النفيضة سيكون الثاني في أفريقيا سيقيمه أتراك باستثمارات قُدرت بـ400 مليون يورو ومصفاة للنفط في ميناء الصخيرة باستثمارات قطرية ستُكرر الخامات الليبية والجزائرية لتُنتج 120 ألف برميل في اليوم في مرحلة أولى على أن يزيد الحجم لاحقا. ومع أن نسبة البطالة تراجعت من 17 في المئة إلى 15 في المئة مازال عشرات الآلاف من الخريجين العاطلين يقومون بأعمال احتجاجية أمام الوزارات والمحافظات للمطالبة بالشغل. واعتبرت نائبة رئيس البنك الدولي دانييلا كريساني في زيارة أدتها لتونس في حزيران (يونيو) الماضي أن مشكل التشغيل يبعث على الإنشغال وهو مرتبط ارتباطا متينا بالتكوين والتدريب لأن البطالة تنتشر أساسا بين الشباب، مُشددة على ضرورة الملاءمة بين البرامج التكوينية وحاجات سوق العمل وطلبات المستثمرين. واستطاعت تونس المحشورة بين بلدين نفطيين كبيرين أن تحافظ على توازناتها من خلال الإعتماد على الغاز المحلي الذي تستثمره أساسا مجموعة « بريتش غاز » وتحصيل رسوم على عبور أنبوبي غاز جزائريين إلى إيطاليا عبر أراضيها. ووقعت في وقت سابق من العام الجاري اتفاقين منفصلين مع مجموعتي « وورلد إينرجي » و »ايديسون سبا » الإيطاليتين تتعلقان بزيادة كميات الغاز الجزائري التي تعبر من أراضيها بواقع 3.2 بلايين متر مكعب في السنة اعتبارا من نيسان (أبريل) 2008 وزيادة ثانية بواقع 3.3 بلايين متر مكعب في السنة اعتبارا من تشرين الأول (أكتوبر) من السنة نفسها. وتتقاضى تونس رسوم عبور حُدَدت ب5 في المئة من كميات الغاز المنقولة ما أتاح لها توسعة شبكة الغاز الطبيعي في البلد وتكثيف الإعتماد على هذه المادة بديلا من النفط الذي تراجع المنتوج المحلي منه. وأتاح تنويع مصادر الدخل لبلد صغير غير نفطي (10 ملايين ساكن) الحد من عجز الميزان التجاري إذ تشمل تلك المصادر تحويلات المهاجرين في أوروبا والخليج وتصدير المنتوجات الزراعية والفوسفات والمنسوجات، بالإضافة لإيرادات السياحة التي ارتفعت بنسبة 10 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري قياسا على الفترة نفسها من العام الماضي. إلا أن حجم المديونية العمومية في ارتفاع أيضا إذ زاد من 54.5 في المئة من الناتج المحلي الخام في السنة الماضية إلى 55.6 في المئة خلال السنة الجارية. ويشكل ركود الإستثمار (الداخلي والخارجي) في السنوات الأخيرة أكبر تحد يواجه السلطات وهو مرتبط بقلة الضمانات وانعدام الشفافية وغياب حرية الإعلام والقضاء المستقل، إضافة لسيطرة البيروقراطية على القطاع العام. ولوحظ أن المؤسسات المالية الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي حضت الحكومة على تكريس الإدارة الرشيدة والشفافية لتنشيط الإستثمار وإيجاد مزيد من فرص العمل للعاطلين. وركزت المعارضة في بياناتها الصادرة في الفترة الأخيرة على محاربة الفساد وتكريس الشفافية والحكم الصالح، بالإضافة لمطالبتها بوضع حد لما تسميه « الرئاسة مدى الحياة » في إشارة للحملة التي يقودها الحزب الحاكم لترشيح بن علي لانتخابات 2009. واستطاعت فصائل المعارضة اليسارية والإسلامية والقومية تشكيل ائتلاف أطلق عليه اسم « هيئة 18 أكتوبر (تشرين) للحقوق والحريات » انبثق من الإضراب عن الطعام الذي تزامن مع قمة المعلومات، وضم أحزابا مُرخصا لها مثل « الديمقراطي التقدمي » و »التكتل الديموقراطي » وأخرى محظورة مثل « حركة النهضة » و »حزب العمال الشيوعي »، إضافة لشخصيات مستقلة. إلا أن تشكيلات أخرى مثل « حركة التجديد » (الحزب الشيوعي سابقا) الممثلة في البرلمان رفضت الإنضمام للإئتلاف بسبب معارضتها العمل مع الإسلاميين. ويعتقد معارضون يساريون وليبراليون كُثر أن إدماج الحركة الإسلامية في المشهد السياسي الشرعي يشكل أقوى سد أمام تنامي الجماعات المسلحة التي أطلت برأسها في مطلع العام الجاري عندما حصلت اشتباكات بين قوات الأمن والجيش وأفراد جماعة سلفية في الضاحية الجنوبية للعاصمة يُرجح أنهم على صلة بـ »تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ». وعقدت الأطراف المشكلة لـ »هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » ندوة في الذكرى الخمسين للجمهورية أكدت خلالها تصميمها على « العمل المشترك من أجل الانتقال بتونس إلى نظام جمهوري ديموقراطي يكفل الحرية وسيادة القانون والفصل والتوازن بين السلطات، والتداول الديمقراطي على الحكم ». وتطالب المعارضة في هذا السياق بـ »تحديد ولايات رئيس الجمهورية باثنتين فقط والحدّ من سلطاته بما يُحقّق توازن الصلاحيات بينه وبين الحكومة، و إقرار مبدإ مساءلته أمام هيئة يضبطها القانون ». وينطلق المعارضون في مشروعهم الرامي لتكريس « جمهورية ثانية » على أنقاض الأولى، من تقويم مفاده أن التغيير الذي قاده بن علي « على رأس السلطة السياسية لم يغيّر أيّا من الأسس الدستورية والقانونية للنظام، بل زادها شدة وانغلاقا فعادت الرئاسة مدى الحياة رغم الوعد بإلغائها واتّسعت دائرة الملاحقات والمحاكمات واشتد التضييق على الأحزاب والتنظيمات المستقلة، وتصحرت الحياة الثقافية واستشرى الفساد وباتت تونس استثناء في محيطها القريب والبعيد بعد أن كانت في تاريخها مثالا للحيوية ومصدرا للإشعاع ». وعلى رغم أن السلطات تتهم المعارضة بالضعف فإن « التجمع » (الذي تقول قيادته إنه يضم أكثر من مليوني عضو) فقد كثيرا من شعبيته بعدما كان العامود الفقري للحركة الوطنية قبل الإستقلال. وأظهرت نتائج الإنتخابات الأخيرة لمجلس نقابة المحامين في حزيران (يونيو) سقوط المرشح المدعوم من الحكم وفوز المعارض بشير الصيد بمنصب النقيب. وقبل ذلك أخفق مرشحو « التجمع » في الفوز بمقعد واحد في الهيئة الإدارية لرابطة حقوق الإنسان سنة 2000 فعطلت السلطات نشاط الرابطة منذ ذلك التاريخ وحالت دون عقد جمعية عمومية جديدة قبل الحصول على ضمانات بضم « تجمعيين » إلى القيادة المقبلة. وينسحب هذا الوضع على انتخابات جمعية القضاة وأي انتخابات أخرى جرت في إطار الحرية، ما جعل قادة الحزب الحاكم يخشون من أي اقتراع حر وشفاف. ويُبرر « التجمع » خشيته من اللعبة الإنتخابية الشفافة بأن القوى الأصولية متربصة لاستثمارها واكتساح المؤسسات وتقويض المكاسب العلمانية أسوة بما حدث في تركيا والمغرب، فيما التيار الإسلامي المحلي مشلول بفعل الإعتقال والنفي والرقابة الأمنية. وإذا كانت دوائر لائكية في المعارضة تُشجع على المضي في هذا النهج الإستئصالي للتخلص من منافس قوي وأملا بالحصول على عطايا من الدولة، فإن الأحزاب الرئيسية تراهن على إقامة جبهة موحدة ضد الحكم لفرض الإصلاحات الديموقراطية. وعلى رغم أن جميع المسؤولين الأميركيين وإلى حد ما الفرنسيين الذين زاروا تونس أكدوا على حاجة البلد إلى إجراءات انفتاحية وإصلاحات سياسية، تُقلل المعارضة من صدقية تلك الإعلانات، وهي تعتقد أن انخراط تونس النشط في الحرب الدولية على الإرهاب وتعميق التعاون الأمني مع الأجهزة الأميركية والأوروبية أضعفا التزام الغربيين بالإصلاح. والظاهر أن الحكومة التونسية التي تعمل على تطوير الشراكة مع الحلف الأطلسي في إطار « الحوار المتوسطي » وتسعى للعب دور في التقارب بين البلدان العربية واسرائيل بعيدا عن الأضواء وتُؤيد بحماسة مشروع الرئيس الفرنسي ساركوزي لإقامة اتحاد متوسطي، تعرض على العواصم الغربية مُقايضة الملفات الداخلية وبخاصة ملف الحريات بمواقف مؤيدة لواشنطن وباريس في القضايا الإقليمية والدولية الحساسة. مع ذلك شكل نموذج تركيا التي حافظ التونسيون على علاقات خاصة معها منذ أيام الخلافة العثمانية وخاصة في المرحلة الأتاتوركية (التي كان بورقيبة شديد الإعجاب بإصلاحاتها)، إحراجا للحكم التونسي المُرتاب من الإسلام السياسي. وإذا كان هناك من عاصمة صُدمت لنتائج الإنتخابات التركية الأخيرة، فهي بالتأكيد تونس بالنظر للإعتقاد السائد بكون الإسلاميين جميعا متطرفون ودمويون وأن الخلافات بين معتدلين ومتشددين ليس سوى حذاقة في توزيع الأدوار. وعلى أساس هذه الرؤية تجري حملة سياسية واسعة لترشيح بن علي لولاية خامسة في 2009 بوصفه « الحاجز الوحيد أمام خطر التطرف الإرهابي ». غير أن مُحللين يرون أن البلد سيكون في مفترق طرق فإما انطلاق مسار إصلاحي يُؤمن انتقالا هادئا نحو الديموقراطية والتداول السلمي في 2009، أو استمرار حكم « النومونكلاتورا » البورقيبية التي تعود إلى ستينات القرن الماضي. وربما سيؤدي تعميق الإحتقانات واتساع الفجوة بين الدولة والمجتمع، وخاصة الطبقة الوسطى المتآكلة، مع الإنتشار السريع للفضائيات إلى بروز ظواهر عنيفة أخطر من الجماعات السابقة، تُغوي الشباب العاطل وتُزعزع الإستقرار السياسي والإجتماعي. مراجع:
– Collectif : Habib Bourguiba – La trace et l’héritage – Ed. Karthala – Paris 2004. ISBN 2845865066 – Les 100 portes du Maghreb – Les Editions De l’Atelier – Paris 1999 – 334 pages (biographies de Bourguiba et Ben Ali) – Vincent Geisser : Le syndrome autoritaire – Sociologie politique de la Tunisie – ISBN 2724608798 – Lilia Labidi : Discours féministe et fait islamiste en Tunisie – Confluences Méditerranée 27 – septembre 1998 – Olfa Lamloum : FEMMES ET ISLAMISME – Confluences Méditerranée 27 – L’harmattan – septembre 1998 – Kamel Labidi: Du protectorat français à la dictature sans fard, La longue descente aux enfers de la Tunisie.
http://www..monde-diplomatique.fr/2006/03/LABIDI/13253
عدنان المُنصر: دولة بورقيبة – مركز النشر الجامعي – تونس 2000 عبد الجليل التميمي (إشراف): بورقيبة والبورقيبيون وبناء الدولة الوطنية – نشر مؤسسة التميمي – زغوان 2001 الطاهر بلخوجة: الحبيب بورقيبة سيرة زعيم – تونس 2000 – 335 صفحة – على نفقة المؤلف. لطفي حجي : بورقيبة والإسلام الزعامة والإمامة – دار الجنوب للنشر – تونس 2004 – 264 صفحة علي المحجوبي: جذور الحركة الوطنية التونسية – نشر بيت الحكمة – تونس 2005 آمال موسى: بورقيبة والمسألة الدينية – دار سراس للنشر – تونس 2006 – 235 صفحة. تونس من الإستقلال إلى اليوم
20 مارس/آذار 1956 : إعلان الاستقلال 13 أغسطس/آب 1956 : سن قانون الأحوال الشخصية 25 يوليو/تموز 1957 : إقامة نظام جمهوري 1959 : سن أول دستور للجمهورية التونسية 15 أكتوبر/تشرين الأول 1963 : جلاء الجيش الفرنسي عن بنزرت آخر قاعدة في تونس 12 مايو/أيار 1964 : تأميم أراضي المستوطنين الفرنسيين 15 أكتوبر/تشرين الأول 1970 : انتصار الليبراليين في مؤتمر الحزب 12 يناير/كانون الثاني 1974 : الإعلان عن وحدة اندماجية بين تونس وليبيا في قمة بين بورقيبة والقذافي 18 مارس/آذار 1975 : بورقيبة رئيساً مدى الحياة 26 يناير/كانون الثاني 1978 : اتحاد العمال يدعو إلى إضراب عام 20 يناير/كانون الثاني 1980 : جماعة مسلحة تسيطر على مدينة قفصة ثلاثة أيام 3 يناير/كانون الثاني 1984 : « انتفاضة الخبز » 1979 – 1990 : تونس مقر مؤقت للجامعة العربية والشاذلي القليبي أميناً عاماً 1982 – 1993 : تونس مقر لمنظمة التحرير الفلسطينية 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987 : بن علي يعزل بورقيبة 22 مايو/أيار 1991 : بداية الحملات الأمنية على الإسلاميين 17 يوليو/تموز 1995 : تونس توقّع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي (الأول مع البلدان المتوسطية) 26 مايو/أيار 2002 : استفتاء لتعديل الدستور يُلغي سقف الولايات الرئاسية ويحمي رئيس الدولة من المحاسبة القضائية بعد نهاية ولاياته أكتوبر/تشرين الأول 2005 : تونس تستضيف المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات يناير/كانون الثاني 2007 : قتلى وجرحى في 3اشتباكات بين الأمن ومسلحين على صلة بـ »الجماعة السلفية للدعوة والقتال » الجزائرية في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس.
(*) كاتب سياسي، رئيس تحرير صحيفة « الموقف ».
(المصدر: النشرة العربية لشهرية لوموند ديبلوماتيك – أوت 2007)
بسم الله الرحمان الرحيم تمزّق حجابها
هذه القصيدة تعري وجها من وجوه المعاناة التي تتعرض لها العائلة الملتزمة التونسية، مع بداية كل عام دراسي جديد، وكيف أن وزارة الداخلية ومن ورائها السلطات الحاكمة تمنع المحجبات من دخول المعهد والجامعة، وحضور الدروس وتمزيق حجابهن غالب الأحيان، بأيد الأمن الجامعي.
تُمزق بالحقد حجابها فمزّقها الله أنى علت تدنس في تونس أعراضنا فدنسها الله أنى مضت وتخرج بالظلم أبنائنا فلا الدرس ينهى، ولا أغلقت[1] فيا طغمة الحكم مهما علت نهايتك غدا قد أعلنت نراها قريبا وإن أجلت أيام تطول، فقد أوشكت تقول لنا: قوتي عظمت تهدد بالسجن من قاومت وتنشر في الضعفاء الضلال وتزعم أن البلاد قد نظفت[2] وتفرض بالنار أعوانها وتحرس بالأمن من نصبت ولم تدري أن الخراب بها تسير إليه بما أعلنت[3] توزع منها أصول الفساد وفيها المظالم قد حبكت ففينا وفاء لإسلامنا بناتنا على العز قد ربيت ستسعى للدين ما أوتيت وتعلي الحجاب وإن أغضبت لتغرس فينا صمود الإباء بعز عزيز وإن أوذيت وتعلي فينا شموخا هوى وتوقد فينا نارا خبت[4]
فتحي العابد
[1] إخراج الفتاة المحجبة من الجامعة وطردها من قاعة الدرس قبل إنهائه لإرغامها على نزع حجابها بدون إغلاق القاعة. [2] تزعم أن البلاد نظفت من الظلاميين كما ينعتون بها دعاة الحجاب. [3] خرابها في عدم الحفاظ على الأخلاق النبيلة، وما ترتب عن إلغاء عقوبة السجن للزاني والزانية. [4] احترامنا للمحجبات وحبنا لهذا الدين العظيم.
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 279 على موقع تونس نيوز
مقترحات وخواطر حول زمن بورقيبة وفترة حكمه في قناة المستقلة هذه الأيام والأفضل طرح أسئلة حول خصال الزعيم ومناقبه و بصماته التاريخية
بقلم محمد العروسي الهاني تونس في 2007/08/18 إن المتتبع للحوار التلفزي الشيّق التي شرعت في بثّه قناة المستقلة منذ يوم الأحد 5 أوت 2007 على هامش الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية التونسية بمبادرة من الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مدير القناة الذي يدير الحوار وهذا في حدّ ذاته مؤشر إيجابي للغاية. وأن الأسئلة المطروحة شاملة وضافية والإجابات ممتازة من طرف السيدان أحمد ونيس ومحمد الصياح مدير الجزب السابق والوزير المعتمد لدى الوزير الأول في زمن بورقيبة. ماعدى إجابة الدكتور الذوادي التي لا تخلو من النقد و الخلفيات السياسية نتيجة قصة ومواقف شخصية والعيب في عدد من نخبنا المثقفة وأن بعضهم يخلط الاوراق ويمزج الإيجابي بالمواقف الشخصية ويقلل من شأن الزعيم ونبش الماضي من الزاوية التي يريدها هو. وبعضهم لم ينسى الخلافات الشخصية والحسابات الضيقة ويعتبر أن السلبي هو الأساسي وقد أشرت في عديد المقالات على موقع تونس نيوز منذ فترة بأن كل إنسان مهما كان شأنه وقدره وإشعاعه ودوره فهو إنسان غير معصوم من الخطأ ولا أحد معصوم إلا سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وأشرت في مقالاتي السابقة أن نسبة الإيجابي في عهد الزعيم بورقيبة يتجاوز 85% والسلبي أقل من 15% وبعض الأخطاء خارجة على إدارة القائد الرمز إذا لماذا بعضهم يذكر إلا السلبي عن قصد وبطريقة ملتوية للتقليل من شأن الزعيم الخالد رمز هذه الأمة وضميرها الحيّ مهما كان تنكّر البعض ومهما كان طمس التاريخ من طرف بعضهم فإن التاريخ لا يمكن أن يطمسه أي إنسان مهما كان علمه وشهائده وتاريخه… وكم من مناسبة نطرح فيها سؤال ولم أجد إجابة عليه، قلت لبعض النخب الناقدة وأصحاب الشهائد العليا هل حصل لكم مكروه في عهد الإستعمار الفرنسي من أجل الدفاع عن الوطن ؟ هل تعرضتم إلى مضايقات ؟ هل تمّ ايقاف أحدكم في السجن ولو ليوم واحد ؟ هل وقع نفي وإبعاد أحدهم زمن الإستعمار ؟ هل ساهموا حتى بمقالات صحفية تشهّر بأفعال الإستعمار ؟ هل قام أحدهم بمظاهرة ضدّ الإحتلال الفرنسي ؟ هل ضحّى أحدهم بماله وصحته ومهنته وزجّ به في السجن من أجل تونس ؟ الجواب لا……لماذا إذا هذا التحامل على القائد الرمز ضحّى بحياته ونذرها لفائدة شعبه طيلة 56 سنة ولم يعرف راحة ولا يعرف قيمة للمال ووسخ الدنيا. ختاما نرجو من الدكتور محمد الهاشمي الحامدي تخصيص حصة يوم2007/09/02 ليلة إبعاد الزعيم إلى قبلي يوم 03/09/1934على بورقيبة الإنسان بورقيبة والنظافة … بورقيبة والحلم والتسامح بورقيبة والوفاء والعشرة بورقيبة والإسلام وتدشين المساجد بورقيبة والشجاعة والجرأة بورقيبة والقيم الأخلاقية بورقيبة والزهد في الدنيا بورقيبة والتضحية عندما شباب تونس في الشطوط يعوم في المرسى عام 1934 وهو في سن 31 سنة شباب تونس في النعيم كما جاء في أغنية فريد الأطرش بساط الريح على شطوط تعوم ما تخاف صيد الماي. بورقيبة في برج البوف وقبلها يتجول في سيدي بوزيد وقفصة والهمامة والجلاص ومدنين والقيروان والسواسي وتطاوين وعروش أولاد عيار وماجر والفراشيش وعندما يعرق ينزع قميصه من العرق ويضعه خارج السيارة في أشعة الشمس والحرّ حتى يشيح القميص ثم يعيده على جسمه تلك هي حياة بورقيبة لماذا نتجاهلها يا سادة يا كرام. و أرجو أن يكون حواري يوم 2007/09/02 مع المناضل الدكتور محمد الهاشمي الحامدي حول هذه الأطروحات والمواضيع لنطرحها على شبابنا الذي لا يعرف تضحيات رمز هذه الأمة المصلح الكبير الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وهذا ما أتمناه من صميم القلب. قال الله تعالى : » وفي ذاك فليتنافس المتنافسون » صدق الله العظيم.
بعد عام من العدوان الصهيوني على لبنان [II]:
من قدرة الردع إلى استجداء الدرع!!!
نصر الدّين بن حديد nasrbenhadid@yahoo.fr إذا اعتبرنا أنّ «طاقة الردع» تكمن في إفهام «الآخر/العدوّ» وإقناعه أو إيهامه بأنّ «الذّات» تكسب من القوّة وتحوز من أسبابها ما يجعل مجرّد التفكير في المواجهة انتحارًا بأتمّ معنى الكلمة، وبالتالي يكون من الضروري أن يبسط من التنازلات ويقدّم من الضمانات ما يعفيه من دخول الحرب، الذي كانت ـ إضافة إلى الخسائر في الأرواح والعتاد والممتلكات ـ ستفقده الوجود والشرعية… إن لم تكن فعل استئصال وإلغاء… تتألّف من ذلك لدى من يملك «قدرة الردع» أو يدّعيها، منظومة تعمل على صناعة «هذه الصورة» ومن ثمّة تعميقها وتأصيلها لدى «العدوّ/الآخر»، ليس فقط من خلال الإفهام أو الإقناع أو الإيهام، بل أيضًا عبر السعي لإعادة صياغة مفاعيل الوعي ومكامن الإدراك وأساليب التفكير وسبل اتّخاذ القرار وأدوات التنفيذ، لتأتي المعادلة في أساسها باحثة وساعية إلى تأصيل «هذا التفوّق» على اعتباره من شروط الوجود وأسباب الحياة وأساسيّات العيش فوق هذه البسيطة، التي لا يجوز إنكارها أو الطعن في شرعيتها… تأسّس الفعل الاستعماري الغربي كما جاء لدى الكيان الصهيوني، على التفوّق العسكري المطلق، واستدعى أو ارتكز على منظومة فكريّة/فلسفيّة شرّعت وقالت بعجز «الآخر» [ذهنيّا وعقليّا وبشريّا] عن استنباط التكنولوجيا المتطوّرة والإلمام بها وتفعيلها، ومن ثمّة تأسّست العقيدة الصهيونيّة عامّة و«طاقة الردع» خصوصًا على الإيمان المطلق بأنّ طاقة أعدائها [مجتمعين] في أقصاها تأتي دون القدرة على الوصول إلى الحدّ الأدنى من التهديد المادّي والفعلي لوجود هذا الكيان واستمراريّة تفوّقه، خاصّة وأنّ «مسيرة السّلام» جعلت الجانب العربي ينخرط ضمن «خيار واحد أوحد» أكّدت عليه ولا تزال تصرّ القمم المتعاقبة، وكلّ بيانات جامعة الدول العربيّة… يمكن الجزم أنّ الانكسار الصهيوني المهين أمام حزب الله وعجز ما يسمّى «جيش الدّفاع» عن الإيفاء أو هو الوفاء لصورته التي سعى لترسيخها على مدى العقود الماضية، حطّ هذه «القوّة العسكريّة الجبّارة» من مقام التهديد بالفعل إلى مرتبة التعليل بالأسباب، وجعل الكيان الصهيوني ـ على حدّ قول العديد من خبرائه ـ يفرّط في «أجمل انتصار وأروع حرب»، حين توفّر له ـ في الآن ذاته ولأوّل مرّة ـ إضافة إلى الغطاء الأمريكي المطلق، موقف عربي «معتدل»، متراوح بين الموافقة الضمنيّة ومساعدة بالكاد مستترة… إضافة إلى عدوّ لا يتوفّر على جيش نظامي وغطاء جوّي وسلاح مدرّعات!!! جاء الانكسار وكانت الخيبة، ولا تكمن المصيبة في العجز ذاته أو الخسارة بعينها، بل ـ وهنا تكمن مصيبة الكيان الصهيوني ومن معه ـ في العجز عن تفسير الأمر استنادًا إلى منطق «الحداثة العلميّة الغربيّة»، التي اعتبرت لقرون أنّها القادرة حصرًا، ليس فقط على تحقيق الغلبة وتأمين الانتصار، بل راهنت ونظرّت أيضًا لتخلّف «الآخر» وعدم قدرته «الموضوعيّة وحتّى العلميّة» على الأخذ بأسباب هذه الحداثة، سوى من باب القشور أو ما يرغب هذا الغرب في بسطه أو بالأحرى مقايضته… عند مستوى القراءة والرغبة في التفسير والقدرة على تقديم الأجوبة «الحداثيّة»، تكمن أزمة الوعي الصهيوني الراهن، حين لا يمكن البدء في أيّ مشروع ترميمي أو إعادة بناء لمنظومة عسكريّة فاعلة، ومن ثمّة إعادة الروح لهذه «الطاقة الردعيّة» دون القدرة على تقديم قراءة تحدّد مكامن الخطأ ومواطن العلّة… عجزت من ذلك، أثناء العدوان وبعده، كامل المنظومة الفكريّة والعقائديّة عن تحديد هذه المكامن وهذه المواطن من خلال هذه «الحداثة»، وبالتالي وجب عليها نقل مستوى القراءة إلى البعد «الإنساني»، سواء على مستوى علاقة هذا الفرد بذاته وقناعته أو في علاقته بالأدوات الماديّة المتوفرة لديه والماثلة أمامه وقدرته على تفعيلها… الرجوع بالسؤال إلى مستوى «الذات البشريّة» يعني دون أدنى شكّ الطعن، أو على الأقلّ التشكيك وعدم تصديق عدد من المسلّمات الذي عليها تأسّس المشروع الصهيوني بكامله وبالتالي وضعها موضع التساؤل، ومن ثمّة الخوف كلّ الخوف ـ داخل الكيان ـ من أن تمسّ الأسئلة الاستفساريّة ـ سواء لدى الفرد أو المجموعة ـ أصل العقيدة وكنه البذرة التي أنبتت الكيان برمّته… حين نعلم أنّ المشروع الصهيوني جاء «خرافيّا» على مستوى الوعي والمنطقات الإيمانيّة، و«حداثيّا» على مستوى الأدوات والمفاعيل، وقد عمل قادته ومنظّوره ـ منذ بن غريون ـ على ترسيخ الوعي وتأطيره، إن لم نقل تجميده داخل ثنائيّة تقديس الذّات وتدنيس الآخر، مع سعي محموم لبناء عقيدة عسكريّة تنطلق من ثنائيّة التقديس/التدنيس، لتستحضر «الخرافة» وتجسّدها عبر الأدوات الماديّة للحضارة الغربيّة. فقد هذا الكيان «هيبته» ليس فقط بسبب الخسارة في بعدها العسكري، بل حين ضرب انتصار حزب الله هذا الوعي في ماهيته وهذه العقيدة في جذورها، فقد زال اليقين وانقشع الاقتناع وتبدّد الوهم لدى جانب كبير من الشعب العربي ونخبه، بمجرّد النظر إلى الفارق في ميزان القوى الكمّي والنوعي بين الطرفين، لتكون الإجابة على مستوى «الذات البشريّة» الصهيونيّة، من خلال ما يملك حزب الله من رجال وما استطاع غرسه فيهم، حين تقاطع رسوخ الإيمان وتجذّره بالقدرة على التأسيس لمنظومة عسكريّة، جمعت قدرة المراكمة المعرفيّة بقوّة الفعل [العسكري]. تقرير «فينوغراد» ـ على سبيل المثال، في جانبه المعلن ـ حاول الإجابة عن سؤال «كيف؟»، على مستوى القدرات الفرديّة وأيضًا القدرة على تفعيل طاقات الإدراك والمعرفة وأدوات النظر ومن ثمّة صياغة نظرة واضحة يتأسّس عليها قرار الفعل وآليات التنفيذ. من الأكيد أنّ هذا التقرير سيسعى ـ في جانبه السرّي وغير المعلن ـ إلى طرح سؤال «لماذا؟»، أيّ الأسباب التي دعت قطاعات واسعة من النخب السياسيّة والعسكريّة على مدى عقد أو يزيد إلى مراكمة هذا القدر الهائل من الأخطاء وحالات سوء التقدير والعجز عن الرؤية والفهم… لا تبغي هذه الإجابات أبعادًا «معرفيّة وإدراكيّة» بحتة، بل القدرة أو هي الرغبة في إقناع الذات والآخر ـ في الآن ذاته ـ بأنّ ما جدّ وما وقع لم يكن سوى حالة عارضة، لا يمكن أن تتكرّر البتّة أو أن تكون القاعدة وتشكّل المرجع في نظرة الذات إلى الذات أو في نظرة الآخر إلى هذه الذات، ومن ذلك سعت المنظومة الصهيونيّة بكاملها، منذ أن حطّت الحرب أوزارها إلى تفسير الهزيمة وردّها إلى أخطاء مجموعة من القيادات، «شذّت عن قاعدة المطلق الصهيوني»، ليكون التسليم «الظاهر على الأقلّ» بالقدرة على تجاوز «الأزمة» عبر التخلّص من عناصر هذه المجموعة وإزاحتها عن مركز القرار، ليتمّ إقناع العمق الشعبي ـ الذي أبدى الكثير من التراجع أثناء الحرب ـ بأنّ المسألة لا تعني ولا تخصّ ولم تمسّ بأيّ حال «مسلّمات التقديس الصهيونيّة»… سواء مسّت الأسئلة «ظاهر الفعل» أو «باطن الوعي»، يأتي الخوف أو هو اليقين، من عدم القدرة على «ترميم الوضع أو إصلاحه»، في ارتباط بالرؤى والخطط الإستراتيجية التي تضعها أجهزة الاستخبارات ومراكز البحوث والدراسات، أو ما يتطلّبه الوضع من «ديكور» يهدف إلى طمأنة الذات وخداع الآخر. إضافة إلى البعد الداخلي والتأثيرات المتعدّدة على مجمل المستويات، جاءت هذه الهزيمة لتضع العلاقة [أو هي العلاقات] بين هذا الكيان والغرب عمومًا والولايات المتّحدة الأمريكيّة أساسًا، أمام عديد الأسئلة «الوجوديّة» التي لا تستوجب فقط أجوبة صريحة وفاعلة، بل أيضًا إعادة بناء العلاقة ومن ثمّة المنطقة على أساس ما صار قائمًا من موازين قوى، علمًا وأنّ الهزيمة استوجبت استقدام قوّات «أمميّة» لحماية «هذه القاعدة الغربيّة» التي تأسّست أساسًا لحماية المصالح الغربيّة في المنطقة!!! رجوعًا إلى التاريخ، بدءا من وعد «بلفور» وما أسّس له ونتج عنه، أو العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتّحدة، يمكن الجزم أنّ الكيان الصهيوني جاء حاميا لمصالح الغرب في المنطقة ونائبًا عنه في «تأديب» القوى المارقة التي ترفض الخضوع أو الالتزام، ومن ثمّة يكون ـ ضمن نظريّة الجدوى والفاعليّة ـ إعادة النظر وإعمال الفكر في دور هذا الحارس الذي أصبح يستوجب الحراسة…. أيضًا جاء العدوان على لبنان ـ ضمن المنظور الأمريكي ـ ليفتح المنطقة على مرحلة جديدة، تتحوّل فيها الجيوش العربيّة، على مستويات البنية والتسليح والعقيدة، إلى «قوّات أمن» تقوم بحماية الأنظمة من شعوبها وتأمين حدود الكيان الصهيوني، الذي يحوز بمفرده جيشًا قويّا وفاعلا، يملك القدرة على حماية مصالح الغرب وأيضًا مصالح «الدول المعتدلة» والإنابة عنها، كما كان الحال عند السعي للقضاء على حزب الله… فشل الكيان الصهيوني ليس فقط في القضاء على حزب الله، بل في تأمين ما يحفظ «ماء الوجه الردعي» قَلَبَ نظريّة «توزيع الأدوار» بين الجيش الصهيوني والجيوش العربيّة، لتكون الحاجة إلى «منظومة عسكريّة أوسع»، تأتي أطراف عربيّة شريكة فيها، سواء تطلّب الأمر ـ لاحقًا ـ إعادة السيناريو اللبناني أو إسناد القوّات الأمريكيّة الغارقة في المستنقع العراقي أو مجابهة «التهديد الإيراني»… تَقَاطَعَ ألم الهزيمة وتأثيرها من ناحية، بالخوف من المواجهة القادمة، فكانت صفقات السّلاح الضخمة المعلنة، التي أرادت إفهام العمق الصهيوني وطمأنته أنّ «العتاد القادم» أو المصنّع محليّا بتمويل أمريكي، قادر على تحقيق النصر وتأمين السلامة، وأيضًا أنّ هذا الكيان صار له «عمق استراتيجي عربي [معتدل]»، ـ كما صرّح أولمرت أمام الكنيست أثناء الحرب ـ يشكّل الرديف والشريك، سواء على مستوى التموقع والأمل والمشاريع أو الممارسة والمواجهة… ممّا يعني أنّ المشروع الصهيوني صار «مندمجًا» ضمن مشروع «الاعتدال الأفقي» الذي خلف ونقض حالة «العداء العمودي» بين الصهاينة ومحيطهم!!! «روح الانتماء الجماعيّة» هذه، والخوف أو هو العجز وعدم ثقة الولايات المتّحدة بقدرة الكيان الصهيوني على تحقيق النصر بمفرده، يعني جزمًا ولزامًا الانتقال من حيز «الحرب الثنائيّة» إلى المواجهة الإقليمية، خاصّة وأنّ حلم النصر الأمريكي في العراق تراجع بل اضمحلّ ليكون البحث عن «خروج مشرّف»، سواء جاء تحت غطاء «أممي» أو «إقليمي»… الناظر في خطاب سماحة السيّد حسن نصر الله الذي ألقاه يوم 14 آب الفارط يظهر في جلاء ووضوح أنّ حزب الله استطاع التأسيس لما يمكن أن نسمّيه «قدرة ردع» لا تنبني على الإيهام والتمويه، بل على تراكم الفعل وثبوت الوعد وصدقه، ممّا يجعل الصهاينة ينتقلون فجأة ودون سابق علم، من وضع «الرادع» إلى مرتبة «المردوع»، مع ما يتبع هذا السقوط المدوّي على المستوى السيكولوجي من حالة انفصام بين ماض مجيد وحاضر قاتم ومخيف… يبقى السؤال عن قدرة «العمق العربي والإسلامي» على تثمين هذا النصر الإلهي وتفعيل قدرة الردع التي بناها، حيث تأتي المنظومة العربيّة الرسميّة عاجزة، أو هي رافضة الاعتراف بهذا الانتصار، ممّا يستدعي طرح أسئلة عن واقع ما يسمّى «الدول القطريّة» وشرعيّة وجودها ومشروعية دورها، حين لم يعد بإمكانها التوفيق ـ أو هو التلفيق ـ من خلال الخطاب ـ قبل الممارسة ـ بين وجوب التوافق مع هذه «الشرعيّة الدوليّة» من جهة وما تريده جماهيرها على مستوى الخطاب الظاهر قبل الممارسة!!! من الأكيد أن هذا النصر الإلهي شكّل علامة فارقة ونقطة تحوّل مصيريّة في المنطقة، وأيضًا يمكن الجزم أنّ تهديد سماحة السيّد حسن نصر الله بـ«مفاجآت أخرى تقلب الوضع في المنطقة» أدخل الوعي الصهيوني ـ كما جاءت تصريحات قادته ـ ضمن القبول الضمني بالسقف الذي صار حزب الله يحدّده، ممّا يعني أنّ «غريزة البقاء» الانسانيّة سبقت أو هي غلبت وتجاوزت كلّ «المرجعيات الصهيونيّة»!!!
لا تنس دورك في الرجوع الى الحياة…
محمد الصغير أولاد أحمد
هذا أنا: رجل بلا جيش ولا حرب ولا شهداء، منسجم مع اللاهوت والناسوت والحانوت. لا أعداء لي. وأشك أن قصيدتي مسموعة.. وحكايتي تعني أحدْ. هذا أنا: أربو على الخمسين دون مجلة أو ساحة أو حائط أبكي عليه (مع اليهود.. من العطالة في الوحود) من النكد هذا أنا: متفرج، في المسرح البلدي، منذ ولادتي، عن قصة حلزونة لا تنتهي.. عنوانها: أسطورة الأحدْ. هذا أنا: أتصفح الدستور. باسم الشعب أقرأ، ثم أضحك، ثم أعذر للعصابة ما تخطط في الظلام مخافة من يوم غدْ هذا أنا: متنكر في جبة وعمامة أطوي الخلاء. أبا العلاء! أبا العلاء: لقد جنيت على ولدْ!! هذا أنا: أعلو على الجمهور دون مبرر.. وهديتي تصفيقة كسلى كإيقاع البلدْ! هذا أنا: ظل يهيم مع الظلال، تدوسه العربات في وضح النهار وفي مقاهي السوء حيث بنُو الكلام يفضلون على اللحوم، جميعها، لحم الجسدْ!! هذا أنا: لا يقرأ البوليس نصي في الجريدة ناقصا، بل يقرأ المخطوط ـ حذوَ مديرها، في الليل، قبل توجعي وصدورها واذن سأكتب بالبريد لمن أريد وما أريد هذا أنا: من اجل ان أحيا لأسبوع أقاتل مرتين. يقول لي صحبي وأعدائي: تجنب في الكتابة ما يدل على المكان وفي الصياغة ما يصير الى وضوح او معان.. واقترب من هذه الدنيا كنجم ينبعد» ـ حسنا: أقول وقد فهمت من النصيحة ان أعيش كأي شخص لم تلده أمه… ولم يلد!! هذا أنا: أمشي مع الشعراء دون حراسة في المهرجان.. مسلحا بمترجم! لكأن شعري وهو ظلي واقف ليس التدرج في صعود السلم! والمهرجان عبارة عن مطعم يأتي الكتابة بالملاعق والفم أمشي وأحيانا أطير.. لأنني أهوى السقوط مع الحمام على دمي هذا أنا: والعالم العربي، في ذيل القطار، مقيدين، نسلم اللص الاخير نقودنا ونساءنا وحدائق الفردوس في القرآن، لكن المصور ـ غاضبا ـ والشمس قد غربت ـ يعيد الى الفضيحة ضوءها وبريقها فنكد في جعل الاداء ملائما يمقيدين (على الأصح: مسلسلين) يسلمون نقودهم ونساءهم. اما الدموع فلا مجال لذرفها كادت تماسيح البحيرة تكتفي بظلالنا لعشائها لولا انهيار «قرقع» للجسر كدسنا على أفواهها قبر هو التمساح قبر بالتمام وبالكمال وبالمجان قبر سابح أو لابِد أو.. بين بين لا تنس دورك في الرجوع الى الحياة، فجاءة ـ فلربما لفضت تماسيح البحيرة واحدا منا بطمّ طميمه ليكون سردا عابرا للصمت عن تلك الفضيحة في القطار. رحل القطار مقيدا في بعضه. رجل القطار وذيله متقمص ما أضمر النجار والرسام والحداد والنحات في رأس الاسد. هذا أنا: فكرت في شعب يقول: نعم ولا مثل الشعوب يكو صيفا أو خريفا أو ربيعا أو شتاء عدلت ما فكرت فيه لأنني ـ ببساطة ـ عدلت ما فكرت فيه فكرت في شعب يقول نعم لـِ لاَ فكرت في عدد الضحايا والارامل واليتامى واللصوص فكرت في هرب الحروف من النصوص …………. فكرت في شعب يغادر أرضه بنسائه ورجاله وكلابه فكرت في تلك اليتيمة، في الحكومة، وحدها تستورد التصفيق من حفل لسوبرانو يغني للغزالة والعدالة والمسيح فكرت في صمت فصيح مضت الحياة كما مضت مضت الحياة سبهللا سأقول للأعشى الكبير قصيدة في البار إن نفد الشراب وصاح في ليل المدينة ديكها وغرابها: يا ناس ليس هناك غد هذا أنا: بكرت للدنيا صبيحة يوم سبت كان الفرنجة يرحلون ملوحين بشارة منقوصة من نصرها وأنا أنطّ مع الفراشة في حقول الأقحوان بعدي، بعام، استقلت تونس الخضراء.. من جهة الشمال هي أم من؟ وأنا أخوها في الرضاعة والحداثة والسؤال؟!؟
(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 18 أوت 2007)
حركة التجديد:
هل دقت ساعة المصالحة صلب الحزب مع المجموعة التي انسحبت قبل سنوات؟
تونس – الصباح – يجري خلال هذه الفترة نقاش صلب بعض الكوادر والمسؤولين في حركة التجديد، بخصوص عودة بعض الوجوه (من كوادر وإطارات الحزب) إلى الحركة، بعد سلسلة الانسحابات التي سجلت في غضون الأعوام القليلة الماضية.. وتدور هذه المناقشات هنا وهناك، ضمن أطر مختلفة في العاصمة وخارجها، بغاية الاستفادة من الوضع الجديد الذي باتت عليه الحركة، في أعقاب مؤتمرها الثاني الذي تمخض عن قيادة جديدة بزعامة السيد أحمد إبراهيم.. وكانت هذه الانسحابات، سجلت منذ العام 1999، عندما قررت مجموعة ضخمة يناهز عددها الثلاثين كادرا وإطارا صلب الحركة، الانسحاب من الحزب، على خلفية تناقضات مع القيادة المتخلية، وتحديدا مع الأمين العام السابق، السيد محمد حرمل، بشأن ملفات مختلفة، بينها مواقف الحزب وأدائه وتحالفاته وكيفية تطويره وتجديده.. والجدير بالذكر في هذا السياق، أن هذه المجموعة التي تضم كوادر عليا في الحزب، على غرار السيدين فتحي قديش ومحمد الخلايفي، عضوي المكتب السياسي وممثلي الحزب في مجلس النواب في تلك الفترة (1994 ـ 1999)، قد تقدمت بنحو إثني عشر قائمة مستقلة خلال انتخابات العام 1999، بما شكل أضخم عدد من القوائم في تلك الانتخابات التشريعية.. استئناف الحوار .. وعلمت « الصباح » في هذا السياق، أن بعض الاتصالات والجهود بدأت تبذل بصيغ مختلفة، من أجل استئناف النظر في ملف بات ما يعرف بـ »المصالحة » صلب الحركة، الخارجة للتو من مخاض مؤتمر توحيدي ألف بين فرقاء الأمس من كوادر الحزب الشيوعي السابق وعدد هام من اليساريين المستقلين.. وحسب المعلومات التي حصلت عليها « الصباح »، فإن عددا من هذه الكوادر، شرع في القيام باتصالات وتحركات مع بعض رموز الحزب والدوائر المحيطة به، من أجل الترتيب لعودة محتملة إلى حظيرة الحزب، سيما وأنها تربت فيه، وكانت جزءا لا يتجزأ من حقبة مهمة من تاريخه وماضيه الجديد (ما بعد حقبة الثمانينيات من القرن المنقضي).. لكن في المقابل، ما تزال بعض الإطارات المعنية بهذه « المصالحة »، تبحث عن صيغة أكثر جدوى ونجاعة، للدخول في « مفاوضات » مع القيادة الجديدة للحركة، وذلك بغاية التوصل إلى نتائج مثمرة لهذه المفاوضات، تستفيد منها الحركة، بدلا من أن تكون مثل بعض المفاوضات التي حصلت في أحزاب أخرى وكانت كارثية عليها، فيما تفكر بعض الكوادر ـ على سبيل المثال لا الحصرـ في توجيه رسالة تعرب من خلالها عن نواياها في الانضمام إلى المسار الجديد الذي يشهده الحزب في أعقاب مؤتمره الأخير.. وعلى الرغم من عدم توفر تصريحات علنية من القيادة الجديدة للحزب بشأن هذه المسألة، إلا أن أوساطا عديدة صلب المكتب السياسي، بينها الأمين العام، السيد أحمد إبراهيم، أعربت عن « استعدادها للحوار مع الجميع من دون أي تحفظ »، على اعتبار أن من بين أهداف القيادة الجديدة، تحقيق انفتاح حقيقي على مختلف الأطراف مهما كانت مواقعها ومواقفها السابقة، على قاعدة الحوار والبحث عن صيغ في إطار مؤسسات الحزب وإطاراته وكوادره.. ويرى مراقبون، أن هذه الروح الجديدة التي تسود بين « فرقاء الأمس » داخل حركة التجديد، تمهد في الواقع لتطورات إيجابية، ربما انتهت إلى صيغة توفيقية تستعيد بواسطتها هذه الأطراف، مواقعها الحزبية صلب حركة مرشحة لمسار جديد في المشهد السياسي ككل.. فهل تكون « المصالحة » في حركة التجديد، أحد الملفات البارزة في المرحلة المقبلة، أم يضغط « الحرس القديم » باتجاه إفشالها مثلما تم إفشال مبادرات سابقة صلب أحزاب أخرى عديدة؟
صالح عطية
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 19 أوت 2007)
اللغة الوطنية
عبد اللطيف الفراتي (*)
نحن المخضرمون الذين لحقوا بآخر فترات الكفاح الوطني من أجل التحرير من الاستعمار الفرنسي بتونس، هذا الاستعمار الاستيطاني الذي اعتبر في وقته أسوأ أنواع الاستعمار، عرفنا محتوى ومضمون المطالبات الوطنية التي من أجلها سجن ونفي وقتل الألوف بل عشرات الألوف من الوطنيين على مدى عدة عشرات من السنين. فقد كانت المطالبة الوطنية التي ضحت من أجل تحقيقها أجيال، وكتب لها الانتصار، تقوم على تحرير الأرض، وإعادة سلطة القرار لأصحاب البلاد،وجلاء العسكر الفرنسيين عن أرض الوطن، وتحرير الأراضي الزراعية التي اغتصبها الاستعماريون من أصحابها، وإعادة الحياة للذاتية الوطنية متمثلة خاصة في اللغة الوطنية، اللغة العربية لتصبح هي اللغة السائدة في البلاد ولغة الاستعمال اليومي والمعاملات، وكان ذلك المطلب يقوم على أن الذاتية الوطنية لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل مقومات أساسية اللغة هي أحد أهم مرتكزاتها. ومنذ بداية الاستقلال قبل أكثر من 50 سنة تم تعريب عدد من الإدارات خاصة في وزارات السيادة مثل الداخلية والعدل وكذلك مجلس النواب، فيما استمر العمل غالبا في ما سمي بالوزارات الفنية باللغة الفرنسية، وتم تعريب محدود فيها، وإن شهدت السنوات الأخيرة بعض المبادرات نحو تعريب المراسلات الإدارية إلا مع الخارج أو مع المؤسسات الخارجية، في وقت تدهور فيه جدا مستوى الأداء باللغة المستوردة التي يتواصل الاستمرار على التعامل بها خبط عشواء. وأصبحت المؤسسات الوطنية تتعامل مع حرفائها في مراسلاتها وفواتيرها غالبا بالعربية. وإذ بذلت أجهزة الدولة غالبا جهدا من أجل إحلال التعريب، وإذ أقدم الوزراء غالبا على مخاطبة جمهورهم باللغة الوطنية التي تعتبر أحد رموز سيادة البلاد، فإن معاملات القطاع الخاص المتعملق نتيجة سياسات الخوصصة، ما فتئ يتجاهل هذا التراث التاريخي المرتبط بالشخصية الوطنية، كما إن الشارع بدا في قطيعة كاملة مع هذا التراث وما يقتضيه من ارتباط بمقومات الشخصية الوطنية ورموزها مثل العلم الوطني والشعار الوطني وطبعا اللغة الوطنية. وليس الشارع هنا بمفهومه الجماهيري من ناس، بل بمؤسساته المصرة على أن تتعامل مع التونسيين وضيوفهم خارج إعطاء أي قيمة للغة البلاد التي بدت شيئا فشيئا تصاب بالتفرنس حتى غابت تماما أو تكاد اللغة العربية من واجهات المحلات ومن شوارع الفضاءات التجارية الكبيرة وأركانها وكذلك الفضاءات السياحية رغم تضخم أعداد من يؤمها من العرب من مشارقة وخاصة من جزائريين وليبيين. ورغم وجود نصوص قانونية وترتيبية تم في وقت من الأوقات فرض احترامها، فقد تركت تسقط في النسيان وتصاب بفقدان الذاكرة، ففي كل فضاء تجاري وأمام واجهات كل المحلات تربعت لافتات كبيرة جدا باللغات الفرنسية والموضة الجديدة اللغة الإنجليزية ولا من مكان للأمر الطبيعي أي اللغة العربية. وبمناسبة التنزيلات التي وصفت بالضخمة هذه الأيام في كامل البلاد، فقد لاحظنا لافتات كبيرة للدعوة لتلك التنزيلات، طبعا باللغة الفرنسية ولكن أيضا بالإنكليزية وحتى الإيطالية والإسبانية ولغات أخرى في البلاد نشك في أن يكون حتى 5 من أفرادها موجودون في تونس ولكن مع غياب ملحوظ للغة العربية، مما يجعل القلب يعتصر ألما، باعتبار وكأن اللغة أصبحت غريبة في بلادها. ولعله جاء الوقت للقيام بحملة واسعة على غرار ما جرى قبل سنوات قليلة لإعادة الاعتبار للغة البلاد،وذلك باعتماد النصوص القانونية والترتيبية القائمة دون أي ضرورة إضافة شيء إليها. كما جاء الوقت لحمل المحلات التجارية وغيرها على إرفاق لافتاتها الكبيرة والملونة بلافتات مماثلة تعيد للبلاد شخصيتها وللتونسي اعتزازه بنفسه وبلغة بلاده. ولقد سبقت قبل بضع سنوات حملة كانت موفقة في إبانه، تم على إثرها تغطية اللافتات المكتوبة باللغة الأجنبية دون غيرها وذلك على حساب أصحابها، في انتظار إصلاح أمرهم وإعادة الأمور إلى نصابها وفقا لطبيعة الأشياء. ومن اللازم احتراما من الإنسان لنفسه وشخصيته وكيانه، أن تكون تلك اللافتات باللغة العربية في حجم تلك المكتوبة باللغة الأجنبية، أو أكبر منها وأن تتخذ المكان الأكثر بروزا ولا تركن في الأماكن المركونة بحيث لا يتفطن لها المرء إلا بجهد هذا إن تفطن، وأن تكون مضيئة عندما تكون تلك المكتوبة بلغات أخرى مضيئة. وبذلك يكون المرء وفيا لتضحيات المضحين، وكفاح المكافحين لا متجاهلا لها. على أن المرء لا ينبغي أن يقف عند ويل للمصلين بهذا الشأن بل لابد أن يشير إلى أن هذه الظاهرة قد أخذت تكتسح العالم العربي، وخاصة منطقة شمال إفريقيا، بحيث للمرء أن يتساءل إن كانت لغة الضاد قد هانت على أصحابها في وقت يؤكد فيه الباحثون إنها إحدى لغات قليلة ستبقى وتنتشر بعد مرور بضع عشرات من السنين بينما ستختفي وتضمحل غالب اللغات الأخرى في العالم بما فيها لغات تعتبر اليوم كبيرةّ. (*) كاتب من تونس
(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 19 أوت 2007)
سهى عرفات: « سحب الجنسية أمر صحيح، لكن فرضه واقع قانوني في تونس وفرنسا لايسمح بازدواجية الجنسية لثلاث دول أحمل جنسيتها »
سهى عرفات لــ الجريدة الكويتية: لديَّ شراكات مع رجال وسيدات أعمال في الكويت وسأزورها قريباً ** السلطة فاسدة ومسؤولون فيها حاولوا قتلي… والقادم فلسطينياً أسوأ
حاورها عامر الحنتولي : «وقع ما ظل يخشاه ياسر عرفات طيلة حياته… الاقتتال الداخلي كان يؤرق ليل أبوعمار» هذا ما قالته سهى عرفات لــ الجريدة. قالت سهى الطويل عرفات أرملة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الراحل ياسر عرفات انها ستقوم بزيارة هي الأولى لها الى الكويت قريبا جدا، لأنها اتفقت اخيرا مع رجال وسيدات أعمال كويتيين في عواصم غربية على الدخول في شراكات «بزنس» خاصة، معتبرة ان دول الخليج أصبحت مناطق جذب استثماري. لكنها رفضت ذكر أسماء شركائها الكويتيين والكويتيات. وأكدت أن زيارتها للكويت لا تحظى بأي بعد سياسي أو رسمي، ولن تقابل خلالها أي مسؤول، وهي تتم بدعوة من رجال وسيدات اعمال تعتز بصداقتهم. وعما أثير عن طردها من تونس، وسحب جنسيتها، التي نالتها بقرار من الرئيس زين العابدين بن علي أواخر عام 2005، قالت سهى عرفات «سحب الجنسية أمر صحيح، لكن فرضه واقع قانوني في تونس وفرنسا لايسمح بازدواجية الجنسية لثلاث دول أحمل جنسيتها، هي التونسية والفلسطينية والفرنسية وأنا في السابق لم أطلب الجنسية التونسية، واعتبرتها تكريما لي ولنضال ياسر عرفات وابنتنا زهوة. ولم أبلغ رسميا بوجود قرار في هذا الشأن، لكنني أتوقعه في ظل شرح مسؤولين تونسيين لي للإشكال القانوني. أما بشأن الطرد من تونس فهذا عار عن الصحة. فما حدث هو أنني نقلت تدريجيا أعمالي الى مالطا، وأصبح لي شركاء جدد عرب وأجانب لايفضلون الاستثمار في تونس». وبسؤال «الجريدة» لها عن مصدر الأموال، التي تقوم باستثمارها بعد أن نفت مرارا وتكرارا منذ وفاة عرفات وجود تركة لديها، قالت «ام زهوة»، حسب ما تفضل أن تخاطب « لم انف يوما وجود أموال تركها ابوعمار لكنها ليست تلك الأرقام الفلكية والضخمة التي كانت متداولة بين المسؤولين الفلسطينيين». واضافت «أبوعمار كان يدير هبات أشقائه الزعماء والمسؤولين العرب في صناديق استثمار عالمية، وكنت مستشارته الاقتصادية قبل الارتباط به بسنوات، وكنت مطلعة على الأرباح التي كان يجنيها ويعزز بها حسابات حركة فتح في الخارج لاستخدامها في حال العسر المالي، الذي يواجه مؤسسات المنظمة، لكنه أيضا كان يقتطع منها المبالغ، التي كان يعتقد بأحقيته باجزاء منها على اعتبار أنها نتجت من فكره الاقتصادي. ولاتنس أن زعماء عربا كانوا يفرقون في المبالغ المعطاة لعرفات، فمثلا كانوا يقولون هذا للمنظمة، وهذا لك يا أبو عمار. هذا هو سبب الثروة التي لا أنصح باعتبارها فلكية أو ضخمة». وعن واقع الحال الفلسطيني قالت «اتركونا من السياسة»، وبعد إلحاح اجابت «قاتم وبشع كما ترون، ووقع ماكان يخشاه أبوعمار ويؤرق ليله. فماذا تتوقعون من سلطة فاسدة وراديكاليين هدفهم اغتصاب السلطة (في إشارة الى حماس)… وتابعت «حاول مسؤولون من السلطة قتلي بإرسال طرد مليء بـ «الإنثراكس» بعدما رفضت تسليمهم الأرقام السرية لحسابات عرفات لأنها شخصية، وليست لهم ولا للمؤسسات الفلسطينية». وسألتها «الجريدة» عن زهوة فقالت «زهوة تتابع دراستها في باريس ولا أريد الحديث عنها أكثر من ذلك». وختمت بالقول «بوسعكم أن تتخيلوا الوضع الفلسطيني أكثر سوءا في المرحلة المقبلة». (المصدر: صحيفة « الجريدة » (الكويت) بتاريخ 19 أوت 2007) الرابط: http://www.aljarida.com/AlJarida/Article.aspx?id=19416
في منح الجنسية وفي سحبها
بقلم: سمير عطا الله (*)
عندما مُنحنا الجنسية البريطانية أرفقت برسالة تفصل حقوق المواطنين وملاحظة عن الحالات التي يجوز فيها للدولة سحب الجنسية. ومنها حالات الخيانة العظمى، أو ما هو في موازاة ذلك. لكنني لم أسمع حتى الآن عن أحد جرد من جنسيته. فالمسألة ليست خاضعة لأي مزاج شخصي وإنما للقانون. فإذا أعطيت الجنسية بالقانون فلا يمكن أن تؤخذ إلا بموجبه. لم نعرف سبب سحب الجنسية من السيدة سهى عرفات في تونس، لأنها رفضت الكلام في الموضوع باعتباره غير ذي أهمية. وكالعادة لم يلتفت العالم العربي إلى ما حدث. فسهى عرفات زوجة رجل انتهى زمنه، وفي إمكانها أن تعود مع ابنته إلى باريس. ولكن سحب الجنسية، حتى في أقصى الحالات، دون الإحالة على المحاكمة واستصدار حكم من المحكمة العليا، عمل لا يليق بأحد، خصوصا بتونس. فالدول لا تسحب الجنسية إلا إذا كانت التهمة، أو الإدانة، في حجم القرار. وهذا السلوك ليس واردا إلا في العالم العربي. ولست أقارن تونس ببريطانيا ـ أو أي بلد عربي ـ لكنني أعرف أصدقاء عربا كثيرين طلبوا الإقامة في لندن فرفضت الداخلية طلبهم، فأقاموا الدعوى لدى القضاء، وحكم لهم، ولا يزالون سعداء يقيمون. ولسنا هنا أمام إجراء في حق امرأة عادية. فلو كان ياسر عرفات لا يزال حيا لما كان في الأمر سوء. لكننا أمام حالة استضعاف غير لائقة لأرملة عرفات ويتيمته. فتحت تونس بورقيبة أبوابها أمام عرفات ومنظمة التحرير وقادتها. وبعضها استشهد على أرضها. وقبل منظمة التحرير أصبحت تونس مقرا للجامعة العربية، ولم تكن تلك محاولة بورقيبة الأولى لربط المشرق بالمغرب. فالمجاهد الأكبر العربي عاش جزءا من مراحل نضاله في المشرق، عرف عن قرب أهمية الروابط، وأدرك كزعيم استقلالي معاني الإخفاق في الوصول إلى حل قومي في فلسطين. كيف تصرفت السلطة الفلسطينية حيال قرار تونس؟ جميعنا نعرف أن الود كان دائما مفقودا بين سهى عرفات وقادة المنظمة. والجميع يعرفون أبعاد الخلاف. وهنا في هذه الزاوية كتبت أن السيدة الأولى في فلسطين هي ليلى خالد، أو ابنة أي مخيم أخرى. لكننا هنا أمام قرار يطال مواطنة فلسطينية بصرف النظر عن الرمز الذي ارتبطت به ذات يوم. أنا شبه واثق من أن السيدة عرفات لم تطلب الجنسية التونسية، بل عرضت عليها تكريما لذكرى ياسر عرفات. ولست أدري ما هو السبب الذي يقلب التكريم إلى إهانة. (*) كاتب لبناني
(المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 أوت 2007)
الشرطة المصرية تلقي القبض على 18 اخوانيا
القاهرة (رويترز) – ألقت الشرطة المصرية القبض على ما يصل الى 18 من أعضاء جماعة الاخوان المسلمين فجر يوم الاحد في حملة جديدة على أقوى جماعات المعارضة في مصر. وذكرت وكالة أنباء الشرق الاوسط أن عشرة من أعضاء الجماعة المقبوض عليهم من مدينة الاسكندرية الساحلية وأن الثمانية الاخرين من محافظة الشرقية بدلتا النيل. وأضافت الوكالة أن الشرطة فتشت منازل من ألقت القبض عليهم وضبطت « العديد من المحررات والوثائق التنظيمية. » وقال حسن محمود المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين في الاسكندرية لرويترز ان الشرطة صادرت أجهزة كمبيوتر وكتبا خلال تفتيش منازل من ألقت القبض عليهم. وأضاف أن دهم بيوت من ألقي القبض عليهم وتفتيشها بدأ في الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي (2300 بتوقيت جرينتش) واستمر الى قرب الفجر. وتابع أن قوات الشرطة أغلقت بعض الشوارع التي توجد فيها منازل عدد ممن ألقت القبض عليهم. وقالت الجماعة في موقعها على الانترنت ان عدد من ألقي القبض عليهم هو 16 من أعضائها القياديين في محافظتي الاسكندرية والشرقية ومنهم محمد ابراهيم عضو المكتب الاداري ونائب مسؤول الاخوان بمحافظة الاسكندرية ومسعد جابر مرشح الجماعة لانتخابات مجلس الشعب التي أجريت عام 2005 . وقال المتحدث الاخواني في الاسكندرية ان الشرطة دهمت منزل اخواني اخر للقبض عليه لكنها لم تجده في المنزل. وأمر النائب العام عبد المجيد محمود أمس السبت بحبس 17 من كبار أعضاء الجماعة لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق بعد القبض عليهم خلال اجتماع كانوا يعقدونه يوم الجمعة في منزل بحي المهندسين بالقاهرة. ومن بين من ألقي القبض عليهم يوم الجمعة رئيس القسم السياسي للجماعة عصام العريان ومحمود حسين عضو مكتب الارشاد للجماعة ونبيل مقبل الذي عقد الاجتماع في منزله وهو رجل أعمال ووالد زوج ابنة الممثل عادل امام. ويعتبر مكتب الارشاد لجنة تنفيذية للجماعة. وتقول الحكومة ان جماعة الاخوان المسلمين تنظيم غير مشروع وتحتجز مجموعات من أعضائها دون أن توجه اليهم اتهامات لفترات تصل في أحيان كثيرة الى شهور. لكن أعضاء من الجماعة يشغلون حاليا حوالي خمس مقاعد مجلس الشعب كما أن لها مكتبا بالقاهرة.
(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 19 أوت 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
الأطباء النفسيون يبحثون عمليات التعذيب بالمعتقلات الأميركية
تبحث الجمعية الأميركية للطب النفسي مسألة إدانة الأساليب التكتيكية للتعذيب وتعليق عمل أعضائها المتورطين في عمليات استجواب في مراكز الاعتقال العسكرية الأميركية وأبرزها معسكر غوانتانامو. وسيصوت مجلس ممثلي الجمعية المنعقد في سان فرانسيسكو على قرارين، أحدهما يدين التعذيب والثاني ينتقد تقنيات الاستجواب المخالفة لأخلاقيات العمل. وتشمل لائحة الممارسات غير المقبولة استخدام الكلاب والإهانة الثقافية للمعتقلين. بيد أن المعارضين لهذا الإجراء يرون أن تحديد بعض الأساليب دون غيرها سيترك ثغرات في القانون الناظم لهذا النوع من الممارسات ودفع المسؤولين عنها للجوء إلى أساليب أخرى مثل العزل والحرمان من النوم. كما يشدد بعض المتخصصين في الطب النفسي على ضرورة وجود أطباء نفسيين بمراكز الاستجواب لمراقبة الانتهاكات ومنع وقوعها. وقال الكولونيل ستيف كلاينمان الذي سبق أن شارك بعمليات استجواب معتقلين في ثلاث حملات عسكرية لوكالة فرانس برس إنه ينبغى أن تكون هناك « عيادة للطب النفسي جاهزة لحماية المعايير الأخلاقية والسلوك ». وتوافقه الرأي كاترين شيروود التي تقوم بعمليات استجواب في وزارة الدفاع الأميركية بتأكيدها على الدور المهم الذي يلعبه « الأطباء النفسيون في عمليات الاستجواب ». يشار إلى أن الجمعية، وفي حال اتخذت قرارا يدين عمليات التعذيب، ستكون أكبر هيئة متخصصة بالطب النفسي في العالم تنضم إلى موقف سبق أن اتخذته الجمعية الطبية الأميركية والجمعية الأميركية لأطباء التحليل النفسي. ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في زيادة الضغط على الإدارة الأميركية بخصوص الاتهامات المنسوبة إليها عن دورها في السماح بتعذيب معتقلين في إطار ما يسمى « الحرب على الإرهاب ». وكان الرئيس الأميركي جورج بوش وقع في يوليو/ تموز الماضي أمرا تنفيذيا يسمح بعمليات استجواب قاسية « للمعتقلين الذين يملكون معلومات مهمة ». وقد منع الأمر وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) من تعذيب الذين يشتبه بتورطهم في الإرهاب، لكن اللغة المبهمة التي استخدمت في صيغة الأمر بدت وكأنها تسمح بما يصفه مسؤولو الإدارة « تقنيات لتعزيز الاستجواب » تدرجها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان على قائمة أساليب التعذيب.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 أوت 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)
أحمد عبد المعطي حجازي وقضية الحرية
أحمد الخميسي في 8 أغسطس صدر حكم بتغريم شاعرنا الكبير أحمد حجازي عشرين ألف جنيه في قضية رفعها يوسف البدري ضد حجازي يتهمه فيها بسبه وقذفه في مقال نشرته روزا اليوسف أواخر 2003 بعنوان » الفصل بين الدين والسياسة « . والبدري من عشاق المحاكم ، أتاح له القانون من قبل فرصة التفريق بين د. نصر حامد أبو زيد وزوجته عام 1993 وتقديم بلاغ – منذ أسابيع – ضد د . سعاد صالح أستاذة الفقه بجامعة الأزهر يتهمها بازدراء النقاب، كما رفع قضيتين من قبل ضد حجازي غير قضية القذف. لكني لم أسمع أن البدري هذا رفع قضية يطالب فيها إسرائيل والهيئات الدولية بحقوق أسرانا القتلى غدرا في سيناء، ولم أسمع أنه رفع قضية ضد واحد ممن اختلسوا المليارات في شكل قروض وزاغوا بها، أو أنه رفع قضية ضد المسئولين عن الأسمدة المسرطنة التي أكلنا طويلا من ثمارها، أو أنه تقدم ببلاغ ضد وزارة الداخلية لتعذيبها خلق الله . ذلك أن ازدراء النقاب ومقالات حجازي أهم عنده من كل شيء، كما أن قضايا من النوع الوطني ستضع البدري في مواجهة الدولة التي يعتمد عليها وعلى قانونها في مطاردة المثقفين والمجلات والقصائد والتفكير عامة. فالبدري يخوض معركته ضد التنويريين بعيدا عن المساس بالدولة ، كما أن التنويريين يخوضون معاركهم ضد السلفيين بعيدا عن الدولة . وتشهد الحكومة هذه المعارك بمتعة خفية ، وتقف خلال ذلك موقف الحكم ، تسترضي كل مرة أحد الطرفين على حساب الثاني ، حسب ظروف الوضع الداخلي ، لكنها لا تنزع فتيل الصراع بحل واضح . ولاشك أن المعارك التي يخوضها المثقفون من أجل حرية التعبير هي جزء هام من معركة عامة لكنها مجرد جزء، إذ لا يمكن لتاريخ الدفاع عن الحرية أن يقتصر على تاريخ الدفاع عن حريات المثقفين وحدهم في مجال عملهم. وسيظل المثقفون عرضة للمطاردة ما لم يتسع نطاق دفاعهم عن الحرية ليمتد إلي الجانب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والدفاع عن حريات الفئات الأخرى ، إذ لا يمكن لقضية الحرية أن تظل أسيرة لفضاء الصراع الفكري بين التنويريين ، والسلفيين ، ولابد لها أن تكتسب بعدها الاجتماعي والسياسي . أحمد الخميسي . كاتب مصري Ahmad_alkhamisi@yahoo.com
غول في الرئاسة اختبار للجميع
د. محمد نور الدين (*)
اذا لم تطرأ مفاجأة من العيار الثقيل فإن عبدالله غول سيكون الرئيس المقبل الحادي عشر للجمهورية التركية. ستبدأ الدورة الاولى يوم غد الاثنين تليها ثانية يوم الخميس المقبل وثالثة يوم الاثنين الذي يليه ورابعة في الأول من سبتمبر. على غول ان ينال 367 صوتا في الدورتين الأوليين فيما لا يملك حزب العدالة والتنمية سوى 341 نائبا من اصل 550 هم اعضاء البرلمان.في الدورة الثالثة يكفيه النصف زائد واحد اي 276 وعلى هذا فنجاح غول مؤكد في الدورة الثالثة بشرط ان يكتمل نصاب الثلثين ويفي حزب الحركة القومية وله 70 نائبا(كان له 71 نائبا لكن احدهم قتل في حادث سير وهو في طريقه لتلقي اوراق نيابته الجديدة) بوعده حضور الجلسات. وهناك احتمال وارد نظري وهو ان يصوت جميع النواب الأكراد والمستقلين وعددهم 27 نائبا الى جانب غول في الدورة الأولى فتحدث المفاجأة وينجح غول من الدورة الأولى.أما اذا حدثت مفاجاة مضادة ولم يكتمل النصاب لا في الدورة الثالثة ولا الرابعة فيتحتم الذهاب الى انتخابات نيابية جديدة. في المواقف استمر حزب الشعب الجمهوري المعارض وله 112 نائبا بمعارضته المتشنجة لوصول غول الى الرئاسة وقد رفض زعيمه دينيز بايكال حتى اعطاء موعد لعبدالله غول في خطوة تنبئ بالدور التوتيري الذي سيضطلع به وكعادته في المستقبل كحزب -اداة بيد العسكر. وهذا يجرّ الى الصمت المطبق الذي يخيم على المؤسسة العسكرية منذ اعلان غول ترشحه للرئاسة منذ حوالي الأسبوع. وكان صمت مماثل ساد المؤسسة العسكرية في اعقاب انتصار حزب العدالة والتنمية في انتخابات 22 يوليو الماضي ولم يخرقه سوى تصريح مقتضب لرئيس الأركان من ان الرئيس المقبل يجب ان يكون بالفعل لا بالقول علمانيا حقيقيا. ومنذ اعلان غول ترشيح نفسه وهو كما زعيم الحزب رجب طيب اردوغان يوجهان رسائل تطمين بالجملة من ان غول سيكون ملتزما بمبادئ الدستور وسيكون علمانيا حقيقيا. ولعل الحجاب بما هو رمز ديني اسلامي كان نقطة الخلاف الأساسية مع العلمانيين.لذا خاض اردوغان المعركة انطلاقا من بيت مؤسس الجمهورية العلمانية مصطفى كمال اتاتورك عندما قال ان زوجة اتاتورك لطيفة هانم كانت محجبة.وبالتالي لن تكون زوجة عبدالله غول اول زوجة محجبة في القصرالجمهوري. اذا كانت الرموز تشكل اهمية للعلمانيين فإنهم مقبلون ،لا شك، على مواجهات عنيفةعندما يحين موعد اعداد دستور جديد ينسجم مع معايير الاتحاد الأوروبي وهو ما وعد به حزب العدالة والتنمية اثناء حملته الانتخابية . وقد كشف احد كبار الحقوقيين الأتراك عن بعض الأفكار التي تتحضر ومنها الغاء مجلس الأمن القومي كما الغاء الإشارة الى اتاتورك في متن الدستور وكذلك الغاء مجلس التعليم العالي احد الأدوات الأساسية لتحكم العلمانيين بالحياة السياسية والفكرية. ولفتت تلك المقالتين اللتين كتبهما ارطغرل اوزكوك رئيس تحرير صحيفة حرييت والمقرب من المؤسسة العسكرية والذي كان من أشد مؤيدي انقلاب العسكر على نجم الدين اربكان في ما عرف بقرارات 28 فبراير 1997. وفي المقالة الأولى دعا اوزكوك غول لعدم ترشيح نفسه فداء للاستقرار في تركيا وفي الثانية يعرب عن خيبة امله من ترشيح غول للرئاسة وما ستعنيه من « حسّ الانتقام » من محاولة العسكر منع انتخابه في ابريل الماضي. هل كلام اوزكوك مؤشر على انزعاج العسكر؟بالتأكيد.لكن هل يعني ذلك امكانية لجوئه الى خيار الانقلاب العسكري؟ الجواب هو أن نسبة التصويت العالية التي منحها الشعب لحزب العدالة والتنمية تفترض ردع العسكر عن اية خطوة تتعارض مع الإرادة الشعبية الكاسحة.لكن هل سيرتدع؟ ليس من ضمان لذلك.فالتجارب التاريخية كانت تشير الى ان العسكر يمكن ان يحني رأسه امام العاصفة ولو لسنوات لكنه كان ينقضّ في النهاية على فريسته ولو كانت تنال تأييدا كاسحا من الشعب.ولا ننسى ان آخر تدخل عسكري في السياسة لم يمر عليه سوى ثلاثة اشهر ونصف الشهر وبعدما ظُن ان اصلاحات اردوغان السياسية طوت صفحة الانقلابات العسكرية المباشرة أو المقنعة أو ما بعد الحداثة . ستظهر التطورات المقبلة في تركيا ما اذا كانت الديمقراطية خيارا نهائيا لكل القوى اما فترة الاختبار فلا يظنن احد انها ستكون قصيرة فقد تطول سنوات قبل ان يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.وهواختبار لكل الأطراف وليس لطرف واحد فقط. (*) خبير لبناني في الشؤون التركية (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 19 أوت 2007)
في رسالة إلى مفتوحة إلى رئيس الجمهورية تنفرد « الجزائر نيوز » بنشرها
شخصيات دولية من طنجة إلى جاكرتا تدعو لحماية تراث مالك بن نبي وتحويله لمعلم ثقافي حضاري
لندن: محمد مصدق يوسفي ـ mmyousfi@hotmail.com 20/08/2007 دعت شخصيات دولية أكاديمية وفكرية وعلمية وسياسية ومن الباحثين والمبدعين ورجال الأعمال في شتى الميادين، رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، إلى التدخل لايقاف عملية الاعتداء التي يتعرض لها منزل المفكر الجزائري الكائن بمدينة تبسة، وتحويل إلى معلم ثقافي حضاري، بدلا من تدنيسه والتعدي عليه من طرف زمرة من المستهترين والعابثين الذين حولوه إلى وكر للعربدة والسكر. وقال الموقعون الأوائل على الرسالة الموجهة للرئيس بوتفليقة والتي تنفرد « الجزائر نيوز » بنشرها، « إننا إذ نكتب إلى فخامتكم هذه الرسالة، فإنكم خير من يقدر الأمر حق قدره ويضعه في نصابه الصحيح في إطار همتكم العالية وغيرتكم المشهودة على وطنكم الجزائر وأمتكم العربية والإسلامية، وحرصكم على دفع كل ما من شأنه التعدي على كرامتها أو المسّ برمز من رموزها، وفاءً لدماء المليون ونصف المليون شهيد الذين استرخصوا أرواحهم في سبيل ذلك ». وأكد الموقعون وهم من الشخصيات العاملة في شتى الميادين الفكرية والتعليمية والبحثية وقطاع الصناعات والخدمات وفي حقل الإبداع والفكر الإنساني من طنجة (المغرب) إلى جاكرتا (أندونيسيا)، على امتداد العالم العربي والاسلامي، أن « كل ما يمس رموز الجزائر وثقافتها وصورتها وسمعتها محلياً وجهوياً وفي العالم أجمع. ومنها قضية منزل المفكر العالمي الذي أنجبته جزائر الأصالة والثورة والشهادة، ألا وهو المفكر والرمز الوطني مالك بن نبي عليه رحمة الله، ذلكم الرجل الذي لم يبخل أن يرسم بثاقب نظره وأصيل فكره سبيل النهضة الحضارية الشاملة للجزائر خاصة والأمة الإسلامية عامة »، إنما هو أمر يهم شخصياً رئيس الجمهورية، الذي يقدرون عاليا لجهوده الدؤوبة في إعادة الوئام بين أفراد شعب الجزائر وسعيه لأن يستعيد للجزائر مكانتها الرائدة وسط الأمة العربية والإسلامية وقيادته لشعوب العالم النامي. وأضافت الرئالة أنه « بفضل تلكم المساعي فقد أصبحت الجزائر مثابة للناس في أفريقيا والوطن العربي والعالم الثالث، الأمر الذي تجلى بوضوح في تتويج الجزائر هذا العام بإعلانها عاصمة للثقافة العربية، مما زاد في قدرها ومكانتها في نفس كل من له معرفة بتاريخ الجزائر عامة وفي نفس كل من تعرف على فكر مالك بن نبي ونهل من علمه خاصة ». وجاء في الرسالة « إن الجزائر بمثابتها هذه لا يمكن قطعاً أن يشرفها الاعتداء الآثم الذي وقع على رمز من رموزها العالمية، من زمرة من المستهترين والعابثين الذين اعتدوا على منزل المرحوم بن نبي وحولوه إلى وكر للعربدة والسكر والفجور والمجون بدلاً من أن يكون مركزاً للنشاط الفكري والإشعاع الثقافي، ولا يجوز والجزائر تحظى بتلكم المكانة وتتوج ذلكم التتويج أن يصبح منزل أحد أعلامها وبناة فكرها وثقافتها في القرن العشرين مرتعا للساقطين أخلاقياً والمارقين اجتماعياً ممن لا تهمهم سمعة البلاد ولا يكترثون لحرمة العباد ». وقال الموقعون الأوائل على الرسالة الموجهة لرئيس الجمهورية السيد عبدالعزيز بوتفليقة، « كلنا أملٌ فيكم وفي سياستكم الرشيدة، وعليه فإننا نرفع إليكم دعوتنا مخلصة متطلعين إلى أن تصدر من سامي جنابكم التوجيهاتُ المناسبة لإيقاف ذلكم العبث وبتر أيدي العابثين ووضع حد لمهزلة الاعتداء على حرمة منزل مالك بن نبي، مفكر الأمة الإسلامية قاطبة لا الجزائر وحدها، وهو المنزل الواقع في مدينة تبسة بشارع يحمل اسم شهيد من شهداء العزة والشرف ألا وهو شارع بخوش محمد السدراتي (شارع الرسول سابقا) ». وأعلن الموقعون على الرسالة استعدادهم لتحمل تكاليف تحويل منزل المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي إلى مركز ثقافي يحمل اسمه، دون تحميل الخزينة العامة للدولة الجزائرية أية نفقات ».
رسالة مفتوحة إلى فخامة الرئيس الجزائري السيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإن الموقعين على هذه الرسالة ممن همهم ويهمهم شأن الجزائر في السراء والضراء على امتداد العالم العربي والإسلامي، وقد تأذوا كثيراً وتأثروا تأثراً بالغاً لما سمعوا به من تدنيس لمعلم من معالم الثقافة وتعدٍّ على رمزٍ من رموزها في جزائر الثورة والحرية إننا إذ نكتب إلى فخامتكم هذه الرسالة، فإن الرجاء فيكم وحسن الظن بكم أنكم خير من يقدر الأمر حق قدره ويضعه في نصابه الصحيح في إطار همتكم العالية وغيرتكم المشهودة على وطنكم الجزائر وأمتكم العربية والإسلامية، وحرصكم على دفع كل ما من شأنه التعدي على كرامتها أو المسّ برمز من رموزها، وفاءً لدماء المليون ونصف المليون شهيد الذين استرخصوا أرواحهم في سبيل ذلك. وانطلاقًا من ذلك كله، وثقة منا بأن ما يمكن أن يمس رموز الجزائر إنما هو أمر يهمكم شخصياً، فإننا نضع بين أيديكم خلاصة لقضية نعتقد أنها لن تجد من قبل فخامتكم إلا ما يناسبها من العناية المعهودة منكم بشأن كل ما يمس ثقافة الجزائر وصورتها وسمعتها محلياً وجهوياً وفي العالم أجمع. إنها قضية منزل المفكر العالمي الذي أنجبته جزائر الأصالة والثورة والشهادة، ألا وهو المفكر والرمز الوطني مالك بن نبي عليه رحمة الله، ذلكم الرجل الذي لم يبخل أن يرسم بثاقب نظره وأصيل فكره سبيل النهضة الحضارية الشاملة للجزائر خاصة والأمة الإسلامية عامة. لقد علمنا أن زمرة من المستهترين والعابثين اعتدوا على منزل المرحوم بن نبي وحولوه إلى وكر للعربدة والسكر والفجور والمجون بدلاً من أن يكون مركزاً للنشاط الفكري والإشعاع الثقافي كما كانت دار الأرقم بن أبي الأرقم في جنبات مكة حين كانت ترزح تحت أمثال أبي جهل وأبي لهب. وقد تم هذا الاستيلاء على منزل المفكر الراحل والعبث به وتدنيس حرمته دون أي وجه حق، إذ فوجئ الورثة الشرعيون بمثل ما فوجئنا وصدموا كما صدمنا أن يحصل هذا في الوقت الذي تسعى فيه دولتكم إلى لملمة صفوف شعب الجزائر والمضي به قدماً في سبيل الوحدة والنهضة والأصالة والعزة. يا فخامة الرئيس، إننا على ثقة وتقدير عاليين لجهودكم الدؤوبة في إعادة الوئام بين أفراد شعب الجزائر الأبي وسعيكم لأن يستعيد للجزائر مكانتها الرائدة وسط أمته العربية والإسلامية وقيادته لشعوب العالم النامي. وبفضل تلكم المساعي الصادقة فقد أصبحت الجزائر مثابة للناس في أفريقيا والوطن العربي والعالم الثالث، الأمر الذي تجلى بوضوح في تتويج الجزائر هذا العام بإعلانها عاصمة للثقافة العربية، مما زاد في قدرها ومكانتها في نفس كل من له معرفة بتاريخ الجزائر عامة وفي نفس كل من تعرف على فكر مالك بن نبي ونهل من علمه خاصة. فهل يجوز والجزائر تحظى بتلكم المكانة وتتوج ذلكم التتويج أن يصبح منزل أحد أعلامها وبناة فكرها وثقافتها في القرن العشرين مرتعا للساقطين أخلاقياً والمارقين اجتماعياً ممن لا تهمهم سمعة البلاد ولا يكترثون لحرمة العباد؟ إن الجزائر التي لها من أعلام الفكر والثقافة أمثال ابن باديس وبن نبي حديثاً وابن خلدون وسيطاً والقديس أوغسطين قديماً لتمثل بؤرة لإرث فكري وثقافي ممتد عبر التاريخ تبلورت بفضله معالم الشخصية الجزائرية، تلكم الفكرة التي عبر عنها مالك بن نبي بقوله: « إن الفرد يأخذ قيمته الأساسية من إرثه البيولوجي، إنها كفاءته في استعمال عبقريته وترابه ووقته، فإذا نظرنا إلى الجزائري من هذه الناحية، فإننا نراه مزودا أكثر من الجنس البشري، فمنذ القديس أوغستين البوني إلى ابن خلدون فإن العبقرية الجزائرية لم تزل تثبت نفسها بتفوق. » إن الجزائر بمثابتها هذه لا يمكن قطعاً أن يشرفها الاعتداء الآثم الذي وقع على رمز من رموزها العالمية. فخامة الرئيس، إننا – نحن الموقعين أدناه، والمهتمين بفكر مالك بن نبي والعاملين على محور طنجة/جاكرتا، في شتى الميادين الفكرية والتعليمية والبحثية وقطاع الصناعات والخدمات وفي حقل الإبداع والفكر الإنساني – كلنا أملٌ فيكم وفي سياستكم الرشيدة، وعليه فإننا نرفع إليكم دعوتنا مخلصة متطلعين إلى أن تصدر من سامي جنابكم التوجيهاتُ المناسبة لإيقاف ذلكم العبث وبتر أيدي العابثين ووضع حد لمهزلة الاعتداء على حرمة منزل مالك بن نبي، مفكر الأمة الإسلامية قاطبة لا الجزائر وحدها، وهو المنزل الواقع في مدينة تبسة بشارع يحمل اسم شهيد من شهداء العزة والشرف ألا وهو شارع بخوش محمد السدراتي (شارع الرسول سابقا). إننا نأمل في تحويل هذا المعلم الثقافي الحضاري إلى مركز ثقافي يحمل اسم مالك بن نبي. وفي سبيل هذا العمل سوف تتضافر كل الجهود من قبل المهتمين بفكر مالك بن نبي لإنجاز هذا المشروع دون تحميل الخزينة العامة للدولة الجزائرية أية نفقات. وتفضلوا يا فخامة الرئيس بقبول أسمى آيات التقدير و الاحترام. وفقكم الله وسدد خطاكم. جمع ممن يهمهم شأن الجزائر الخالدة من طنجة إلى جاكرتا قائمة الموقعين الأوائل أبو يعرب المرزوقي، الجامعة التونسية أحمد الطعان، أكاديمي، سوريا أحمد زقاوة، أكاديمي، الجزائر أحمد عزام ، أكاديمي، ماليزيا إدريس مقبول، أكاديمي، المغرب أسماء آكلي، أكاديمية، الجزائر البشير صوالحي، أكاديمي، الجزائر التجاني عبد القادر، أكاديمي، أمريكا جغيم نعمان ، أكاديمي، الجزائر جمال سالمي، أكاديمي، الجزائر الجيلاني مفتاح، أكاديمي، تونس حاج كويه كوتيه، ناشر، ماليزيا حازم زكريا، أكاديمي، فلسطين حزيزان محمد نون، أكاديمي ، ماليزيا حسام الصيفي، أكاديمي، مصر حسام تمام، صحفي وباحث، مصر حسن أحمد ابراهيم، أكاديمي، السودان حسن خليفة، صحفي، الجزائر حسن شيخ علي نور، أكاديمي، الصومال حسن هنداوي، أكاديمي، تونس حكمة الله صاحب، أكاديمي، سنغافورة حمادي ضوء، أكاديمي، تونس رشيد بن عيسى، باحث جزائري، رضا ابراهيم، أكاديمي، المغرب رغداء زيدان، كاتبة، سوريا رياض حاوي، صحفي، ماليزيا رياض كناف – صحفي، الجزائر زكي الميلاد، أكاديمي، السعودية سعد بوفلاقة – أكاديمي، الجزائر سعيد أبيكشي، أكاديمي، الجزائر سمير بودينار، أكاديمي، المغرب شندرا مظفر، أكاديمي، ماليزيا صالح بن طاهر، أكاديمي، كندا صالح مشوش، أكاديمي، الجزائر صردار ديمريل، أكاديمي، تركيا طارق الشامخي، كاتب، في برث، استراليا طهراوي رمضان، أكاديمي جزائري مقيم في ماليزيا الطيب برغوث، مفكر جزائري مقيم في النرويج الطيب بوعزة، أكاديمي، المغرب عبد الحق عباس – صحفي، الجزائر عبد الرحمن الحاج، أكاديمي، سوريا عبد العزيز برغوث، أكاديمي، الجزائر عبد الكبير صاليحو، أكاديمي، نيجيريا عبد المالك حداد – صحفي، الجزائر عبد المالك صلاي، صحفي، قطر عبد الوهاب شحادة / سوريا عبدي عمر، أكاديمي، كينيا عثمان بكر، أكاديمي، ماليزيا عثمان شهاب، أكاديمي، أندونيسيا عثمان شوا، أكاديمي، الصين عز الدين عزماني، باحث، المغرب عزمان محمد نور، أكاديمي، ماليزيا عزمان محمد نون، أكاديمي ماليزيا عفاف عنيبة أديبة روائية، الجزائر عمار جيدل، أكاديمي، الجزائر عمر مناصرية، أديب، الجزائر الغالية بوهدة، أكاديمية، ماليزيا الفاتح عبد السلام، أكاديمي، السودان لخضر عزي، أكاديمي، الجزائر ليلى مخناش، أكاديمية، الجزائر محمد أبو الليث، أكاديمي، الهند محمد الشريف بن العوالي، باحث، الجزائر محمد جبرون، أكاديمي، المغرب محمد سالم سعد الله، أكاديمي، جامعة الموصل العراق محمد سلطاني، صحفي، الجزائر محمد شاويش كاتب فلسطيني مقيم في برلين محمد صالح العاني، أكاديمي، السعودية محمد صغيري، باحث ، الجزائر محمد عمر السعيد، أكاديمي، الجزائر محمد فردوس، أكاديمي، اندونيسيا محمد محمد علي، أكاديمي، السودان محمد مصدق يوسفي ـ صحفي جزائري مقيم في لندن محمد نور عثماني، أكاديمي، بنغلاديش محمد نور منوطي، أكاديمي، ماليزيا محمد يوسف علي، أكاديمي، بنغلاديش مراح سعاد، أكاديمية ، ماليزيا مسعود صحراوي، أكاديمي، الجزائر المصطفى تاج الدين، أكاديمي، جامعة ظفار، عمان مفتاح حرايري، أكاديمي، تونس نصر الدين أنور هدام، سياسي، واشنطن هشام بوان، أكاديمي، ماليزيا وان صبري، أكاديمي، تايلاند وهاب الدين رايس، أكاديمي، أفغانستان يزيد بوعنان، صحفي، الجزائر يونس صوالحي، أكاديمي، ماليزيا
للانتصار على هتلر
عرض/محمود محارب
– الكتاب: للانتصار على هتلر – المؤلف: أبراهام بورغ – الصفحات: 382 – الناشر: يديعوت أحرونوت – الطبعة: الأولى/2007 لعل أهمية الكتاب « للانتصار على هتلر » تعود إلى عاملين أساسيين لمؤلفه ولمضمونه الذي يعج بالنقد اللاذع والعميق والمنهجي لإسرائيل ومجتمعها اليهودي وقيمه وأفكاره العنصرية. فمؤلف الكتاب هو أبراهام بورغ الذي شغل مناصب هامة للغاية في إسرائيل وفي الحركة الصهيونية، إذ رأس إدارة المنظمة الصهيونية العالمية، ورأس كذلك الكنيست الإسرائيلي, ونافس أيضا على رئاسة حزب العمل الإسرائيلي, وكاد ينتخب رئيسا له, قبل أن يترك النشاط السياسي. هو كذلك ابن يوسف بورغ الذي كان وزيرا لمدة 19 عاما في الحكومات الإسرائيلية, وكان من أبرز وأهم قادة الحزب الديني القومي « المفدال ». ولعل كونه يحمل جميع هذه الصفات جعله يتجرأ على أن يخرج عن الإجماع اليهودي والصهيوني الإسرائيلي بصورة غير مألوفة من شخص نشأ وترعرع في قلب القيادة اليهودية والصهيونية. ومع ذلك لم تشفع لأبراهام بورغ مكانته وتدينه, بل سرعان ما وجد نفسه خارج الإجماع اليهودي والصهيوني ملفوظا خارج حدود « القبيلة » التي تجرأ على أن ينتقد قيمها العنصرية. يتألف الكتاب من مقدمة و11 فصلا، يجمع المؤلف في مختلف فصول الكتاب بين روايته لتجربته وسيرته الذاتية وسيرة آبائه وأجداده, خاصة سيرة والده, وبين التحليل الفكري والسياسي الذي يحتل غالبية الكتاب. يسعى أبراهام بورغ في فصول الكتاب للغوص في تحليل الروح اليهودية, تلك الروح التي يريدها أن تكون دوما إنسانية ومنفتحة ومرتبطة بقيم العصر, وتنادي بعالم أفضل وأكثر عدالة, لا روحا يهودية استعلائية منغلقة وعنصرية ومتحالفة مع قوى الشر في العالم. وكابن لأب هاجر من ألمانيا النازية في عام 1939 إلى فلسطين, تسيطر على ذهنية المؤلف طيلة الكتاب الكارثة التي حلت باليهود، فينتقد بشدة الرواية الصهيونية للكارثة اليهودية, خاصة سعيها دوما لاحتكار مكانة الضحية الوحيدة والمتميزة, ورفضها قبول مقارنتها بالكوارث التي حلت بالشعوب الأخرى. ويرفض بشدة السعي الصهيوني الدائم إلى استعمال الكارثة « التي باتت موجودة في حياتنا أكثر من وجود الخالق » للتغطية على سياسيات إسرائيل وجرائمها بحق الفلسطينيين والعرب. ويوجه نقدا لاذعا للقيادة الصهيونية التي اتخذت قرارا بعد أن « تبين لها أن هتلر أباد معظم يهود أوروبا, وأن منابع الهجرة اليهودية الأوروبية قد نضبت, باقتلاع يهود العالم العربي والإسلامي وتهجيرهم إلى فلسطين « كقطع غيار » ليهود أوروبا الذين أبادهم هتلر, فتسببت بخلق كارثة جديدة ليهود الشرق. يقوم المؤلف في الكتاب بتحليل وتشريح وتوجيه نقد لاذع للأفكار العنصرية المنتشرة في صفوف اليهود ويحاول أن يحلل أرضيتها الفكرية والسياسية. نظرية العرق اليهودي الحديثة ينتقد أبراهام بورغ بشدة الفكر الديني اليهودي المتطرف والمسيطر على فئات واسعة من المجتمع الإسرائيلي, خاصة في أوساط حاخامات المستوطنين وفي صفوف اليهود « الحرديم », ويتهم طلائع وقادة هذا الفكر أنهم طوروا وبلوروا نظرية العرق اليهودي الحديثة. في هذا السياق, يعطي بورغ الكثير من الأمثلة على عنصرية فكر هؤلاء الذين طوروا هذه النظرية، فالحاخام يتسحاق غينزبورغ أكثر الحاخامات تأثيرا على الراديكالية الدينية العنصرية في إسرائيل يتبنى أفكارا عنصرية علانية ويدعو إلى التمييز بين دم اليهودي ودم غير اليهودي. ويعتقد هذا الحاخام أن اليهودي يتفوق على غير اليهودي لكونه يحمل الجينات اليهودية والدم اليهودي, وأن العربي مهما اجتهد وطور من ذاته, حتى وإن أصبح بروفيسورا, فسيبقى أقل درجة من اليهودي أيا كان اليهودي. وليس هذا وحسب, فالحاخام يتسحاق غينزيورغ يدعو إلى تطهير الشعب اليهودي من « الشوائب والزبالة البشرية » التي أصابته جراء الاختلاط مع غير اليهود ليؤسس ويقيم من جديد الحاجز بين اليهودي وغير اليهودي. وبعد تطهير الشعب اليهودي من هذه الشوائب بالإمكان تركيز كل الجهود ضد الآخر لتوسيع الحدود واستكمال الطريق للوصول إلى « حدود الأمان » في الدولة المقدسة. والوسيلة لتحقيق ذلك هي الحرب التي « لا متعة تضاهيها »، فلا يمكن تحقيق الأهداف وطرد العرب وفق غينزبورغ دون أن نعرف كيف نكون سيئين.. وممنوع أن نسلك الطرق السلمية وإنما علينا أن نبعد كل ما هو غير يهودي من حدودنا ». يؤكد أبراهام بورغ أن الحاخام غينزبورغ لا يمثل ظاهرة منفردة, لأن أمثاله كثيرون, ويعطي العديد من الأمثلة لحاخامات يتبنون الفكر العنصري, وأبرزهم الحاخام عوفاديا يوسف زعيم حزب « شاس » الذي يوصف بأنه « كبير حاخامات العصر », الذي اعتاد أن يطل على أنصاره بين الفينة والأخرى بأفكار عنصرية ضد العرب. ولكن « العنصرية اليهودية » كما يقول بورغ لم تقتصر على العرب بل تعدتهم إلى السود في أميركا. ففي سياق تعليق الحاخام عوفاديا يوسف على إعصار نيو أورلينز ذكر أن هناك « يوجد الزنوج، وهل يتعلم ويلتزم الزنوج بالتوراة؟ الرب جاء بالإعصار وأغرقهم. مات عشرات الآلاف وأصبح مئات الآلاف دون مأوى, لأنه لا يوجد لهم رب ». ولا يقدم « كبير حاخامات العصر » لا تعزية ولا رحمة ولا يحزن بل يتشفى. كما يؤكد المؤلف أن جذور التمييز بين ما هو يهودي وغير يهودي موجود في التراث والتقاليد والتثقيف والصلوات اليهودية. فاليهودي في صلاة الفجر يستهل يومه بشكر الخالق لأنه « لم يخلقه غوي » أي لم يخلقه غير يهودي. وعبر الأجيال يستند التثقيف اليهودي على أن اليهود هم « الشعب المختار »، يصلي قائلا: « أنت اخترتنا من كل الشعوب وأحببتنا وأردتنا ورفعتنا فوق كل الشعوب ». وفي كل سبت يقدس اليهودي في صلاته السبت ويقول « لأنك اخترتنا نحن وقدستنا نحن من بين كل الشعوب ». ويغرس هذا الفكر عند انتهاء السبت بالقول « تبارك.. الذي يميز بين المقدس وغير المقدس بين النور والظلمة وبين إسرائيل والشعوب ». يستخلص أبراهام بورغ أن التمييز العنصري والاستعلاء مغروس بنيويا في النفس اليهودية, ويحذر من خطر استمرار انتشار هذه الأفكار العنصرية على مستقبل إسرائيل واليهود، لأنها تنزع إنسانية البشر وتحولهم إلى مخلوقات من الحيوانات يجب التخلص منها. ومن ضمن الأمثلة التي يذكرها قول رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق رفائيل ايتان, الذي شبه الفلسطينيين « بالصراصير المسممة داخل قنينة »، ويقول إن هذا التشبيه يذكره بالدعاية النازية التي دأبت على تشبيه اليهود بالفئران التي تجب إبادتها. إسرائيل وألمانيا النازية يعتقد أبراهام بورغ أن خطر انتشار النازية في إسرائيل وارد, فهي ليست محصنة ضد النازية. صحيح أن إسرائيل ليست ألمانيا كما كانت حالتها في المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، عند تنفيذ « الحل النهائي » بحق اليهود, ولكن إسرائيل كما يؤكد المؤلف تشبه ألمانيا في المراحل الأولى لانهيار قيمها الإنسانية والحضارية عندما بدأت تستسلم للنازية التي حطمت كل شيء جميل في ألمانيا. وإسرائيل تتغير وتسير نحو الأسوأ في كل يوم, وباتت تحت خطر وقوعها واستسلامها للنازية. فاليهودية السائدة اليوم في إسرائيل ليست يهودية النبي موسى المتسامحة والمتفتحة والمحترمة لإنسانية الإنسان، إنما هي كما يؤكد الكاتب يهودية قورح الذي اختلف مع النبي موسى وتمرد عليه. كانت نقطة انطلاق قورح أن هناك قدسية تلقائية لجميع اليهود, كأفراد وكمجموع، وقدسية اليهودي نابعة من دمه ومن جيناته, وهذا يعني أن جميع اليهود مقدسون دون استثناء, ويشمل ذلك المنحطين والسافلين والسيئين من اليهود. ويضيف بورغ أن القدسية وفق أتباع قورح هي قدسية العرق اليهودي، وأتباع قورح وفق بورغ يسيطرون, في هذه الأيام, دون حدود, في تحديد وبلورة مكونات الهوية اليهودية والإسرائيلية. إن إسرائيل باتت وفق المؤلف دولة حاخامات قورح الحديثة، إنها قبل كل شيء دولة يهودية, وفقط بعد ذلك ديمقراطية, إنها دولة توراة يهودية مشوهة. فأسس هذه الدولة هي الاستعلاء القومي وازدراء الآخر، وإيمان بنظرية العرق اليهودي بدون ضوابط. ويبدي المؤلف قلقا كبيرا مما قد تؤول إليه إسرائيل في المستقبل غير البعيد، إن لم يتم التصدي لها وللأفكار اليهودية العنصرية السائدة فيها, إذ أنها قد تقدم على تنفيذ « الترانسفير » الذي ينادي به أتباع قورح, بحق الفلسطينيين في المناطق المحتلة في العام 1967. أما بخصوص مواطنيها من العرب فإن الدولة اليهودية تتجه أكثر فأكثر نحو المزيد من التمييز العنصري ضدهم، وقد تتبع سياسة تهدف إلى اقتلاعهم من الدولة اليهودية أو تحويلهم إلى مكانة سكان « مقيمين » بدل مواطنين. اليهود فقط هم المواطنون بينما العرب « مقيمون »، ولليهود الحياة بينما للعرب حكم « الموت للعرب » ذلك الشعار الذي يتردد دوما في إسرائيل, كما يؤكد المؤلف. يتوقع أبراهام بورغ أن يسن الكنيست الإسرائيلي قوانين وفق الشريعة اليهودية, تحرم وتمنع زواج اليهود واليهوديات من غير اليهود، بعد أن سن قوانين تهدف إلى منع زواج الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل من الفلسطينيين في المناطق المحتلة في العام 1967. ويتوقع أن يقوم الكنيست بعد سنوات ليست بعيدة، بسن قوانين تلغي زواج قائما « مختلطا » وتمنع إقامة علاقات جنسية بين اليهود والعرب وتمنع تشغيل عاملات يهوديات وعمال يهود عند المواطنين العرب, لكي تلغي أي إمكانية يشتم منها تفوق عربي على الشعب اليهودي, الذي يحكم الدولة اليهودية, تماما مثل قوانين نيرنبرغ التي سنها النازيون في ألمانيا. ويستطرد أبراهام بورغ في تحليله وتوقعاته فيقول « كل هذا سيحدث, وقد بدأ يحدث. لا تقولوا لي لا. أصغوا! انظروا! اقرأوا صحافة اليمين. راجعوا الفتاوى الدينية. شاهدوا كل هذه الجماهير التي تتغذى من هذه الحاخامات. اذهبوا إلى المستوطنات. فكروا بما يحدث في الأحياء والمدن اليهودية الحريدية. افحصوا مضامين برامج التعليم وحركات الشبيبة اليمينية والدينية… عندها ستدركون أنه يوجد لنظرية العرق اليهودي مواطنون وأتباع ». ويواصل المؤلف في تحليله، فيشير إلى تعاظم قوة القوى العنصرية في إسرائيل, ويرى أنها تزداد في الجيش وفي المجال السياسي وفي الاقتصاد وفي وسائل الإعلام والرأي العام الإسرائيلي. واحد من ممثلي هذه القوى بيغلين الذي يسعى للسيطرة على حزب الليكود من الداخل, وبات يحظى بتأييد خمس أعضاء الليكود. ويذكر المؤلف أن مسارات وعملية التحول التي جرت في ألمانيا, عندما وصلت إلى أقصى مداها غيرت المفاهيم والقيم، فبات الجنون هو الأمر العادي، وعندما أصبح المجنون هو الشخص العادي أبيد اليهود. كان ذلك ممكنا هناك في أرض الشعراء والفلاسفة، وهنا أيضا « لم تعد إقامة دولة الحاخامات والجنرالات مجرد أضغاث أحلام », على الأقل ليس « في مناطق الأنشلوس الإسرائيلي » في الضفة الفلسطينية المحتلة. اليهود خارج إسرائيل
يعتقد أبراهام بورغ أن الانقلاب الذي حصل داخل الروح اليهودية الحديثة خاصة في أعقاب حرب 1967 لم يقتصر على اليهود في إسرائيل, بل تعداه إلى يهود العالم. لقد اختلف دور يهود العالم خاصة في أميركا، فلم يعد يهود الولايات المتحدة جزءا من ائتلاف « الأقليات » في النضال من أجل العدالة والحريات الأميركية. وبدل استغلال القوة اليهودية الحديثة في أميركا, في النضال ضد الظلم والقهر ومن أجل عالم أفضل, أصبح يهود أميركا « القلب النابض لفكر المحافظين الجدد », وباتوا جزءا من المؤسسة اليمينية القومجية الاستعلائية, وأصبحوا جزءا من النسيج الاجتماعي الأبيض المنعزل عن كل ما ليس أبيض. وعلى أرضية الاستعلاء والعداء للآخر تحالف « اليمين اليهودي » في أميركا مع اليمين المسيحي المتطرف ووقفوا بكل قوة ضد العرب والمسلمين أيا كانوا. يستخلص أبراهام بورغ أن في إسرائيل شرائح خطيرة للعنصرية اليهودية التي لا تختلف في جوهرها عن تلك العنصرية التي أبادت اليهود، إنها قريبة جدا من الناس, ولشدة التصاقها بهم فإنهم نادرا ما يرونها. إنها عنصرية غنية وتبريرية, لذلك لا يشعر الناس بخطورتها. إنها خبيثة وقابلة للتسويق. ويضيف أن الجواب على هتلر يجب أن يكون هزيمة هذه العنصرية وتحالف كل قوى الخير في العالم, ضد ائتلاف قوى الشر الذي يشمل الكثير من المتنفذين اليهود. ويؤكد أنه على القوى الإنسانية في إسرائيل أن تدرك أن جواب الاحتلال الإسرائيلي ليس فقط ضرورة الانسحاب من المناطق المحتلة, وإنما أيضا العمل من أجل خلق هوية يهودية جديدة إنسانية ومنفتحة، والانطلاق منها للنضال من أجل عالم إنساني وفق روح يهودية موسى لا وفق تراث عنصرية أتباع قورح.
(المصدر: ركن « الكتب » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 13 أوت 2007)