الجمعة، 13 نوفمبر 2009

Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

9 ème année, N 3461 du 13.11.2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف:محاصرة المقر المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي ومنع تظاهرة تضامنية…

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:السجين السياسي السابق مصطفى بن خليل و » الكيد بمكيالين  » اللجنة الوطنية لمساندة الصحفي سليم بوخذير: بيان السبيل أونلاين :نقابة الصحفيين التونسيين تطالب بإطلاق سراح مخلوف وبن بريك وتحرير الإعلام الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان :اعتقال « فاطمة أرابيكيا » نقطة جديدة في سجل الدولة السيء في حقوق الإنسان

الحزب الديمقراطي التقدمي:بلاغ صحفي

مجلة « كلمة »:أخبار

رسالة موقع الحزب الديمقراطي التقدمي

صحيفة « العرب »: تونس: بن علي يؤدي القسم رئيسا لولاية خامسة

الصباح :تضامن إفريقي مغاربي عربي مع تونس في مواجهة التدخلات الأجنبية

السبيل أونلاين :النظام التونسي يشعر بحالة إختناق ويستنجد بالإتحادين الإفريقي والمغرب العربي

الفجرنيوز :الفجرنيوز تستضيف رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية د. منصف المرزقي

رافع القارصي :إلى روح والدة الشهيد الزعيم الطلابي المهندس عثمان بن محمود 

محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي:ردّا على تصريح الأستاذ نور الدين البحيري بشأن مجلة الأحوال الشخصية بوعبدالله بوعبدالله :الاسلاميون في عهد   الرئيس بن علي الخلل,  الاختلاف ,  الخلف

عماد الطرابلسي: في انتظار الجزء الثاني لمقال السيد بو عبد الله

الصباح : شرعية الاختلاف وضرورة الوفاق

وكالة رويترز للأنباء: المسرحي التونسي منصف السويسي ينتقد ايام قرطاج المسرحية

وكالة رويترز للأنباء: الفيلم التونسي (الدواحة).. عالم موحش كأنه خارج من اجواء كافكا

صحيفة « القدس العربي »: صحيفة الشمس الرسمية تدعو إلى مصالحة وطنية في ليبيا

صحيفة « القدس العربي »:في ندوة تناولت فيلم ‘معركة الجزائر’ كنموذج لطبيعة الصراع الجزائري ضد الاستعمار

الشروق :حروب كروية

صحيفة « القدس العربي »:مباراة مصر والجزائر.. مشهد سوريالي عربي يكشف عبثية وانحدارا وانقساما

صحيفة « القدس العربي »:الاتحاد الدولي يحصي ثلاثة جرحى جزائريين والصحف المصرية تعتبر الحادثة ملفقة

صحيفة « القدس العربي »:تصدير ازمة الحوثيين للسعودية

وكالة فرانس بريس للأنباء : ساركوزي يعطي لنفسه « مساهمة » في النقاش حول الهوية الفرنسية

موقع إسلام أون لاين :قراءة في كتاب طارق رمضان  » اعتقادي » صحيفة « القدس العربي »:ذكرى رحيل عرفات: مأساة المناضل وملهاة الرئيس


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200
فيفري2009    
أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين

حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com *************************************************************************** تونس في 24 ذو القعدة 1430 الموافق ل 13 نوفمبر 2009 محاصرة المقر المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي ومنع تظاهرة تضامنية مع الناشط الحقوقي زهير مخلوف والصحفي توفيق بن بريك


منعت السلطة مساء اليوم الجمعة 13 نوفمبر 2009 عقد ندوة تضامنية لمساندة الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف والصحفي توفيق بن بريك دعا إليها الحزب الديمقراطي التقدمي بمقره المركزي بالعاصمة، حيث حاصرت قوات كبيرة من أعوان البوليس السياسي منذ منتصف النهار المقر المذكور وأغلقت كافة الأنهج المؤدية إليه ومنعت عددا كبيرا من المناضلين السياسيين والناشطين الحقوقيين من الوصول إليه، نذكر من بينهم: السادة والسيدات: محمد النوري وزياد الدولاتلي وعلي العريض وخميس الشماري وجلول عزونة ومحمد عبو ومختار الطريفي وجلال الزغلامي (شقيق توفيق بن بريك) ومحمود الذوادي وناجي البغوري وسيف الدين مخلوف وإيمان الطريقي وجميلة عياد وزينب الشبلي وعمر القرايدي ومنذر الشارني وفوزي بن مراد وأنور القوصري وعبد الله قرام. علما بأنها ليست المرة الأولى التي تمنع فيها السلطة حزبا سياسيا معارضا (قانوني) من تنظيم تظاهرة قانونية وسلمية، في اعتداء صارخ على الحق في حرية التعبير والتنظم والاجتماع والتظاهر السلمي، مما يعمق الشعور بتوجه البلاد نحو مزيد من الانغلاق والانسداد. وتجدر الإشارة إلى ان هذه التظاهرة التضامنية تأتي في إطار التحركات التي ينظمها المجتمع المدني للمطالبة بالإفراج عن الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف وعن الصحفي توفيق بن بريك اللذين اعتقلا على خلفية نشاطهما الحقوقي والإعلامي ووجهت لهما تهمٌ كيدية لإسكات صوتيهما وترهيب كل صوت مخالف وحر. وحرية وإنصاف: تدين بشدة منع السلطة لانعقاد هذه التظاهرة وتعتبره اعتداء صارخا على حرية التعبير والتنظم والاجتماع ومصادرة حق حزب سياسي قانوني في النشاط الحر. تستنكر استمرار السلطة في سياستها التي تعتمد الأساليب الأمنية في معالجة القضايا السياسية والحقوقية والإعلامية والاجتماعية وتدعو إلى وضع حد لهذه السياسة الخطيرة التي أدت إلى إشاعة مناخ من الخوف والياس والاستقالة من العمل السياسي والجمعياتي وخاصة في صفوف الشباب بما يهدد مستقبل البلاد. تجدد مطالبتها بالإفراج الفوري عن الإعلاميين زهير مخلوف وتوفيق بن بريك، ورفع المضايقات عن الصحفيين المستقلين ورفع الحصار عن قطاع الإعلام واحترام استقلالية نقابة الصحفيين. تدعو إلى وضع حد للمحاكمات السياسية ومحاكمات الرأي وإخلاء السجون من المعتقلين السياسيين ومساجين الرأي وفي مقدمتهم الدكتور الصادق شورو وسن عفو تشريعي عام يرفع الظلم ويعيد الحقوق إلى أهلها ويؤسس لانفراج حقيقي في البلاد.    عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com *************************************************************************** تونس في 24 ذو القعدة 1430 الموافق ل 13 نوفمبر 2009

أخبار الحريات في تونس


الطالب وليد حسني مفقود حتى إشعار آخر: أعلنت عائلة الشاب وليد حسني (طالب سنة ثالثة طب، أصيل مدينة نعسان) أن ابنها مفقود منذ 30 سبتمبر 2009، وأنها قدمت 3 عرائض لوكالة الجمهورية وسألت عنه في منطقة الشرطة ولكن دون جدوى. علما بأن أحد زملاء الشاب المفقود أكد للعائلة خبر اعتقال ابنها من قبل أعوان البوليس السياسي في التاريخ المحدد أعلاه، بما يفيد أنه معتقل منذ شهر ونصف تقريبا ولم يتم إطلاق سراحه أو تقديمه للقضاء، وبدون إعلام عائلته عن سبب ومكان اعتقاله. وحرية وإنصاف تندد بهذا الاعتقال التعسفي وتدعو إلى الإفراج الفوري عن الطالب وليد حسني ووقف كل تتبع قضائي ضده. زيارة الناشط الحقوقي زهير مخلوف: أكدت عائلة الناشط الحقوقي زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المرناقية التي زارته منذ يومين أن صحته مستقرة، وأنه يعامل معاملة عادية ما عدا المراقبة اللصيقة المفروضة عليه في الغرفة التي يقيم فيها أو أثناء الزيارة. حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

 
 


الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 13 نوفمبر 2009 السجين السياسي السابق مصطفى بن خليل و » الكيد بمكيالين « 


نظرت محكمة الناحية بمدينة رأس الجبل من ولاية بنزرت في جلستها اليوم الجمعة 13 نوفمبر 2009 برآسة القاضي علي العلواني في القضية رقم 36553 التي يحال فيها بحالة إيقاف السجين السياسي السابق مصطفى بن أحمد خليل بتهمة الإساءة لعون أمن بطريق الكلام..! ، وقد حضر مع مصطفى خليل الأستاذ توفيق بوزيان والأستاذة إيمان الطريقي وبعد إستجواب المحال دون تمكينه من شرح ملابسات الواقعة (قََـصد مصطفى خليل يوم الأربعاء مركز للأمن لتقديم شكوى لحادث مرور تعرض له…وهناك كان الذي كان..) قرر القاضي تأجيل النظر في القضية إلى  يوم 20 نوفمبر2009. وقد أمكن لنشطاء حقوق الإنسان من بنزرت حضور قاعة الجلسة ، ويذكرأن السجين السياسي السابق مصطفى بن خليل الموقوف منذ الأربعاء 13 نوفمبر2009 بالسجن المدني ببنزرت، هو أصيل مدينة غار الملح ومن أبرز الوجوه المعارضة في المنطقة، فـُرضت عليه وعائلته منذ تسعينات القرن الماضي أشكال متعددة من الإضطهاد السياسي، السجن والبطالة(موظف ببلدية غار الملح قبل السجن) والعزل عن محيطه الاجتماعي بتهديد الناس من الاختلاط به. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إذ تعبر عن أسفها لإصرار بعض الجهات الأمنية على الإستقواء بنفوذها وبما هو مخولة لها من مسؤوليات، لتعريض السجناء السياسيين المسرحين إلى ضروب من التشفي والتنكيل ثم جرٌَّ القضاء إلى تسويغها، بما يجعل منها قضية  » كيد بمكيالين  » فإنها تدعو السلطات العليا إلى التدخل للإفراج عن مصطفى خليل وكفٌ أذى أعوانها عن السجناء المسرحين وعائلاتهم. عن الجمعية لجنة متابعة السجناء السياسيين المسرحين


اللجنة الوطنية لمساندة الصحفي سليم بوخذير بيان


* الرقابة الصيقة 24 ساعة على 24 نيل من حرمة القلم الحرّ وتهديد جديد للنيل من سلامته الجسدية  تُباشر أجهزة البوليس السياسي الرقابة المتواصلة 24 ساعة على 24  على منزل الصحفي التونسي القلم الحرّ سليم بوخذير وعلى كلّ تحركاته ، حيث تُرابط أكثر من سيارة بوليس إلى جوار بيْتِه حاملة للوحة منجميّة رقم 934 تونس 77 مع سيارة أخرى فضلا عن دراجة نارية على متنها عونا بوليس سياسي ممّن وجوههم صارت مألوفة لنشطاءالمجتمع المدني يُرافقانه حيثما توجّه .  وفيما كان البعض ينتظر أن تتراجع الحكومة على نهجها القمعي حيال سليم بوخذير وتمكّنه على الأقل منن أبسط حق له وهو فتح تحقيق في الشكاية التي رفعها للقضاء بشأن الإعتداء النوعيّ والخطير الذي إرتكبته أجهزة البوليس ضده يوم 28 أكتوبر 2009 حين إختطفه عدد من الأعوان بالزي المدني في جنح الظلام من أمام بيته وأشبعوه ضربا في غابة البلفدير .  يبدو أن السلطات عازمة على مزيد النيل من الحُرمة الشخصية للقلم الحرّ وتهديد سلامته الجسدية ، فإذا بها تأمر بوليسها بمحاصرته ومنع الزيارات عنه طوال يوميْ 6 و7نوفمبر 2009 ، لتأمره بعد ذلك بمراقبته بشكل لصيق من الصباح إلى المساء ، بما يبعث برسالة خطيرة إليه عن إحتمال إعداد إعتداء جديد عليه أو محاولة فبركة أي سيناريو جديد هدفه الإنتقام منه لتمسّكه بخط إستقلاليّ في كتاباته ولمحاولة ثنيِه عن نشاطه ضمن منظمة « مراسلون بلا حدود » بصفته مندوبا لها في تونس .  إنّ اللجنة الوطنية لمساندة الصحفي سليم بوخذير : – تعتبر الرقابة المفروضة على منزل بوخذير وتحركاته إمعانا في النيل من حرمته وترهيبا لزوجته وطفلته التي لم تتجاوز الثلاث سنوات من عمرها ، بل تعتبرها أيضا تهديدا صريحا جديدا له بتدبير أي إعتداء جديد على سلامته الجسدية . – تناشد كل المنظمات الوطنية والدولية بممارسة كل أشكال الضغط الإعلامي من أجل حماية الصحافيين المستقلين في تونس من الإعتداءات الجسدية المتكررة عليهم وفبركة القضايا لهم لمعاقبته على خلفيتهم ممارسة حقهم في التعبير . * اللجنة الوطنية لمساندة الصحفي سليم بوخذير  عن اللجنة :  الأستاذ عبد الرؤوف العيادي  


نقابة الصحفيين التونسيين تطالب بإطلاق سراح مخلوف وبن بريك وتحرير الإعلام


السبيل أونلاين – تونس – خاص طالبت « النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين » ، بإطلاق سراح كل من مراسل السبيل أونلاين في تونس والناشط الحقوقي البارز زهير مخلوف ، والصحفي التونسي المعروف توفيق بن بريك ووقف التتبع ضدهما ، ودعت إلى الوقف الكامل للتضييقات والاعتداءات على الصحفيين وصحف المعارضة ، وإنهاء اغلاق اذاعتي « راديو 6 تونس » و « كلمة » ، ووضع حد لسياسة حجب المدونات والمواقع الالكتروني واستهداف المدونين وترويعهم . وقال المكتب التنفيذي للنقابة ، في بيان حصل السبيل أونلاين على نسخة منه اليوم الجمعة 13 نوفمبر 2009 ، أنه لا مبرر لإعتقال مراسل موقع « السبيل أونلاين » زهير مخلوف والصحفي توفيق بن بريك وعرضهما على المحكمة . وإعتبر المكتب التنفيذي للنقابة أن مدخل النهوض بوضع الإعلام في تونس هو حلّ أزمة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالسماح للصحفيين بعقد مؤتمرهم القانوني في إطار الاحترام الكامل للقانون الأساسي للنقابة ونظامها الداخلي . واشار المكتب في البيان الذى أمضاه الرئيس ناجي البغوري ، إلى ضرورة توفير مناخ إعلامي حر وتعددي برفع الوصاية الرسمية على بعث الصحف والمجلات والمحطات الإذاعية والتلفزية الخاصة ورفع الرقابة على الإعلام وتوفير ظروف أفضل للإعلاميين التونسيين . ونبه إلى خطورة الثلب والتشويه بحق الصحفيين المستقلين ورموز المجتمع المدني والشخصيات السياسية ، وأكد أن صفة الوطنية قاسم مشترك بين جميع التونسيين لا مجال لاحتكارها أو المزايدة بها ، وبأن كرامة التونسيين واحدة لا تتجزأ ، في إشارة إلى تشكيك بعض الصحف المقرّبة من السلطة في وطنية بعض المعارضين .
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 13 نوفمبر 2009)


السلطات التونسية تستمر في قمع المدونين اعتقال « فاطمة أرابيكيا » نقطة جديدة في سجل الدولة السيء في حقوق الإنسان


القاهرة، 9 نوفمبر 2009 أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بشدة استدعاء المدونة فاطمة الرياحي صاحبة مدونة « أرابيكا » من قبل فرقة مكافحة الإجرام يوم الإثنين الماضي2 نوفمبر 2009. ونددت باستمرار القمع في تونس وتسليط سيف الملاحقات الأمنية على المدونين والنشطاء. معتبرة أن احتجاز فاطمة بمثابة « نقطة سوداء جديدة تضاف لسجل تونس السيء في حقوق الإنسان ». ورغم إطلاق سراح فاطمة إلا أنه تم استدعاؤها مجددا يوم الثلاثاء 3 نوفمبر حيث رافقها ثلاثة من عناصر الأمن إلى منزلها لتفتيشه ومصادرة حاسوبها الخاص. ثم تم احتجازها على ذمة التحقيق، بتهمة « السب » على الإنترنت وللاشتباه في أنها مسؤولة عن مدونة « نقاش تونس »: http://debatunisie.canalblog.com . يذكر أن « نقاش تونس » نشرت بتاريخ 6نوفمبر الجاري، بعد اعتقال الرياحي، كاريكاتير ردا على مقال صدر في صحيفة « لابريس » التونسية الناطقة باللغة الفرنسية. كما تم حجب مدونة الناشطة التونسية « فاطمة أرابيكا » قبل اعتقالها بثلاثة أيام. أفرجت السلطات لاحقا عن فاطمة في صباح السبت 7نوفمبر، لكنها أعلنت احتمال استدعائها للتحقيق مجددا، وهو ما يعرضها لاحتمال الحبس على ذمة التحقيق مرة أخرى. وتستنكر الشبكة سياسة الترهيب والملاحقة الأمنية التي تتبعها السلطات التونسية لتكميم الأفواه، خاصة وأنه تم منع فاطمة من حقها القانوني في التواصل مع محاميتها ليلى بن دبة التي لم تستطع الحديث معها إلا لبضع دقائق. وتطالب الشبكة بالتوقف عن ملاحقة المدونة وكل النشطاء والناقدين في تونس التي تعد واحدة من أكثر الدول العربية قمعا، وهو ما يدفع كثيرين للصمت خوفا من الملاحقة أو الحبس. وحث جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة بالتضامن مع فاطمة بكل الطرق الممكنة منوها سواء عبر مواقع الشبكات الاجتماعية أو الفاكسات والبريد الإلكتروني إلى السلطات والمسؤولين التونسيين للمطالبة بالتوقف عن ملاحقتها، والإفراج عن كل معتقلي حرية الرأي والتعبير في تونس.
(المصدر: « الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان » (القاهرة) بتاريخ 9 نوفمبر 2009) الرابط:  http://www.anhri.net/press/2009/pr1109.shtml


الحزب الديمقراطي التقدمي بلاغ صحفي


  طوّقت أعداد غفيرة من الشرطة السياسية المنافذ المؤدية إلى المقر المركزي للحزب الديمقراطي التقدّمي بالعاصمة مساء اليوم الجمعة 13 نوفمبر 2009، مانعة شخصيات من المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والإنسانية والنقابية من حضور الندوة التي دعا لها الحزب تضامنا مع الصحفيين زهير مخلوف وتوفيق بن بريك ومع الصحف المعارضة المحتجبة وسائر الإعلاميين المطوّقين والمهدّدين. إن هذا المنع يشكّل انتهاكا لأبسط الحريات وفي مقدّمتها حرية الاجتماع ونيلا من حق من الحقوق السياسية الدنيا في أي مجتمع، خصوصا أنه إجراء استهدف حزبا قانونيا وهضم حقوق شخصيات بارزة من النخبة ومن النشطاء. وإذ يستنكر الحزب الديمقراطي التقدّمي هذا الحصار الحديدي للقوى الحية في البلاد، يؤكّد أنه امتداد للهجوم الذي طال كل الأصوات الإعلامية الحرّة في الأسابيع الأخيرة والذي تمّ في سياقه اعتقال الزميلين زهير مخلوف وتوفيق بن بريك وخنق صحف المعارضة توزيعيا وتكرار الاعتداءات على الإعلاميين وشن حملات التشويه على رموز وطنية في صحافة العار. ويحذّر الحزب من مخاطر هذا الانزلاق الخطر نحو فرض قبضة حديدية على البلاد باسم مواجهة حملة خارجية لا سبيل لتجاوزها إلا بإجراءات ملموسة ترفع كابوس الخوف عن المجتمع وتطلق حرية التعبير والاجتماع وتُخلي المعتقلات من الإعلاميين وسجناء الرأي، وتضع بلادنا على سكّة الديمقراطية الكفيلة بإطلاق الطاقات المكبّلة وفتح الآفاق المغلقة.   تونس في 13 نوفمبر 2009 الأمينة العامة مية الجريبي 


أخبار


إدارة الجباية تشرع في إجراءات بيع منزل المحامي الناشط عبد الوهاب معطر قامت إدارة الجباية بالشّروع في إجراءات بيع محلّ سكنى الأستاذ عبد الوهاب معطر حيث تم إبلاغه يوم12 نوفمبر 2009 بمحضر إنذار بعقلة عقارية. وكان قد صدر في حق الأستاذ معطر حكم بتغريمه بمبلغ 93 ألف دينار ولا يزال الحكم غير نهائيّ ومحلّ نظر محكمة الاستئناف بصفاقس منذ جوان الماضي. وكان دفاع الأستاذ معطر قد أشار إلى أنّ إدارة الجباية احتسبت الديون التي استخلصها المعنيّ لفائدة حرفائه مداخيل له لم يعلن عنها.  واعتبرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن استهداف الأستاذ معطر بإلزامات جبائية مغرضة ومجحفة وبإجراءات تنفيذية غير مبررة قانوناً، حسب تعبيرها، إنما تؤكد الإصرار على معاقبته بسبب نشاطه الحقوقي والسياسي. وفي ردّه على الإجراءات الأخيرة وجه المحامي عبد الوهاب معطر تنبيها إلى إدارة الجباية بالتوقّف فورا عن جميع إجراءات بيع محلّ سكناه لحين البت في مآل الاعتراض على قرار التوظيف وثبوت عدم قدرته أو عدم استعداده لخلاص ما سيقع الحكم به.  كما حمّل مدير الجباية شخصيا المسؤوليّة القضائية والحقوقية لما سينجم عن مواصلته لمساعيه. حملة على السجائر المهربة بعد تراجع مبيعات الإنتاج التونسي
قامت مصالح التراتيب البلدية في جهة قابس بحجز الآلاف من علب السجائر المهربة من الجزائر التي تروّج منذ أشهر في السوق الموازية و محلات بيع التبغ المرخص لها. وذكرت مصادر مطلعة في تصريحات لراديو كلمة أن المصالح المعنيّة لاحظت خلال الأشهر الأخيرة تراجعا كبيرا في مبيعات السجائر التونسية خاصة في مدن الجنوب الغربي و المناطق المجاورة لها. و بالتنسيق مع المصالح الأمنية تبيّن أن انتشار السجائر الجزائرية في الأسواق بأسعار منخفضة و جودة عالية وراء ركود الصنع التونسي. وأضافت ذات المصادر أنّ السلطات أصدرت تعليمات صارمة إلى الجهات المعنية للتصدي لهذه الظاهرة. تلاميذ يرفضون نظام الإقامة في مركز للتكوين المهني نفذ عدد من تلاميذ مركز التكوين المهني بجربة مساء الأربعاء 11 نوفمبر وقفة احتجاجية أمام مقر الإدارة دامت أكثر من 30 دقيقة. و جاء هذا التحرك للمطالبة بتحسين أوضاع الإقامة داخل المبيت التابع للمركز. و ذكر شهود عيان أن التلاميذ تفرقوا بطريقة سليمة بعد تعهد الإدارة بالنظر في مطالبهم و الاستجابة لها خلال الأيام القليلة القادمة .  و في نفس الإطار أفاد عدد من التلاميذ المركز في تصريحات لراديو كلمة أن أوضاع الإقامة داخل المبيت أصبحت لا تطاق خاصة بعد تخصيص غرفة واحدة لكل 30 تلميذ و أضافوا أن النظام الداخلي الذي تفرضه الإدارة على المتمتعين بالمبيت شديد التعقيد ولا يتناسب مع أعمارهم وشبيه للطريقة العسكرية على حد تعبيرهم .  كما أشاروا إلى أن هذه العوامل أثرت سلبا على دراستهم .  
إضراب في مدارس بوسالم ومعاهدها بعد اتهام مدير بالاعتداء على أستاذة نفذ أساتذة المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية بكل من معتمديتي بوسالم وبلطة بوعــوان صباح يوم أمس الخميس 12 نوفمبر الجاري وقفة احتجاجية جاءت رد فعل على الاعتداء الذي تعرضت له إحدى زميلاتهم. وكانت النقابة الأساسية للتعليم الثانوي قد أقرت مساء الأربعاء الإضراب بعد أن وجهت لها الأستاذة كوثر العلوي المدرسة بالمعهد الثانوي شارع البيئة ببوسالم تقريرا حصل راديو كلمة على نسخة منه قالت فيه إنّ مدير المعهد اعتدى عليها في أكثر من مناسبة مستغلا وضعها الاجتماعي.  وفي رد على سؤال من راديو كلمة نفى المدير جملة وتفصيلا ما ادعته الأستاذة معتبرا أنّ ما قالته عاريا من الصحة. جندوبـة : مدرّسون يحتجون لعدم إصلاح الطريق إلى مدرستهم
وجه أساتذة المدرسة الإعدادية طريق تونس بمدينة جندوبة عريضة احتجاج إلى سلطة الإشراف- حصل راديو كلمة على نسخة منها – جاء فيها إعلان أساتذة المدرسة الدخول في وقفة احتجاجية وذلك بسبب مماطلة السلط المعنية في إصلاح الطريق الرابط بين المدرسة والطريق الرئيسي على حد تعبير نص البيان. وأضاف الموقعون على العريضة أنهم يحملون السلط المعنية المسؤولية كاملة فيما ينجر عما اعتبروه إهمالا وعدم الاكتراث بمطلب الأساتذة. وأشارت مصادر خاصّة إلى أنّ أساتذة المدرسة سبق وأن وجهوا مطلع السنة الدراسية عريضة أودعت بالإدارة غير أن السلط المعنية لم تعر للمسالة اهتماما. حريق في مسجد بقصر قفصة
حرر من قبل الهادي الرداوي في الخميس, 12. نوفمبر 2009 شب ليل الأربعاء حريق بأحد مساجد مدينة القصر من ولاية قفصة يعرف بمسجد سيدي عبد الملك المتواجد داخل مقبرة المكان التي تحمل نفس الاسم. الحريق أتى على جميع المحتويات تقريبا. وحسب ما أكده القائم على المسجد الذي يأوي مرقد الوليّ المذكور في تصريح لراديو كلمة فإنّ الحادث يتوقع أن يكون بفعل فاعل خاصة وان آثار الخلع بدت واضحة على الباب الخارجي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 12 نوفمبر 2009)  


رسالة موقع الحزب الديمقراطي التقدمي 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009

 


توفيق بن بريك: «باقٍ» وأعمارُ الطغاةِ قِصارُ  [1] نُشر آخر كتب الصحافي توفيق بن بريك «لن أرحل» في الجزائر (دار الشهاب) عام 2008 لاستحالة صدوره في تونس. مؤلّفه هو أيضاً معارض سياسي، يتذكّر الجميع إضرابه عن الطعام عام 2000، مطالباً بوقف «العسف البوليسي» ضدّه. منذ ذلك الإضراب، ما انفكت السلطات التونسية تَدفع بن بريك إلى الهجرة، بل شمل تعسفها أفراد عائلته كأخيه جلال، الذي منعته من مزاولة عمله كمحام. يقول الكاتب في مستهل الفصل الثاني من كتابه: «في تونس، أحسّني عرّاباً صقلّيّاً سجيناً غير أنه لا رغبة لي في العيش في المنفى. أنا متيّم بتونس. فيها لا أجدني مجبراً على اختلاق قصص لشدّ انتباه الآخرين». من هذا المنطلق، يمكن اعتبار «لن أرحل» صرخة تحدّ للنظام، وتلميحاً ساخراً إلى مَن فضّل من أقطاب المعارضة الهجرة على العيش في سجن السلطات الكبير. «لن أرحل» هو أيضاً دليل سياحي من نوع خاص، لا أثر فيه لآثار قرطاج، يروي تونس من وجهة نظر ذاتية تمتزج فيها المحبّة العارمة لبني الوطن بالسخرية بسبب رضوخهم لمصيرهم. دليل يصف من تونس جوانبها القاتمة المخفيّة: فقر الأحياء الشعبية المدقع والاستلاب الاستهلاكي للطبقات الوسطى «العيش بفضل القرض هو ثمن قبول التطويع السياسي. ليس هناك من تونسي واحد لا يشعر وهو يرتاد السوبرماركت بأنه يستهلك في الحقيقة حريته». في «لن أرحل»، تنكسر الصورة النمطية عن الضواحي السياحية. سيدي بو سعيد ليست صفوفاً من الفيلّات الزرقاء المطلّة على البحر فحسب، هي أيضاً منازل متخفّية يشرب فيها الصعاليك النبيذ الرخيص، ويقرأون روايات محظورة. أمّا الأحياء الشعبية، فيكفي لاكتشاف أسرارها أن نطرق أبوابها متمترسين بشجاعة الصحافي، ولا تبدو أساطيرها، رغم حداثتها، أقلّ عتاقة من أساطير قرطاج. المعارضة بين نظام قمعي وخوف التونسيّين يصف الكاتب تونس بنبرة حنين إلى ما كانت عليه يوم كانت الحياة لا يكدّرها البوليس، ولا إغواءات المجتمع الاستهلاكي. يقول: «كانت آخر حفلة في تونس مأتماً. أطل الصبح على مدعوّي قصر قرطاج كالكفن، فأنار سحنات شاحبة كالشمع». قصر قرطاج هو القصر الرئاسي، والصبح المذكور هو 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 1987، الذي استولى فيه الجنرال بن علي على السلطة، عازماً على «قطع أعز أعضاء التونسيين عليهم: ألسنتهم». منذ ذلك اليوم، لم تعد للحياة في المدينة من لذّة سوى لذّة الهروب منها. ظلّت الأحياء الغنية تتحول إلى أسواق كبيرة تغرق فيها الطبقات الوسطى أسفها على العهود الماضية. أما الأحياء الشعبية، «فلولا صراخ أطفالها، لما استحال تشبيهها بالغولاغ الستاليني» يقول توفيق بن بريك. أما رغبة المعارضة في التغيير، فلا تصطدم بجهاز النظام القمعي فحسب، بل أيضاً بجدار الخوف، الذي غزا قلوب التونسيين. تأرجح التونسيين بين التفاؤل والتشاؤم هو ما يسمّيه الكاتب «التشاؤل». ولا يترفّع هو ذاته عن اعتبار نفسه من «المتشائلين». فهو يسكن ضاحية لا يتكلّم فيها الجيران سوى عن الجوّ والسيارات. إلّا أنه «ككل التونسيين، يحتفظ في أحشائه بألف غضب» يُساعده على النجاة بنفسه من رغبة جامحة في الرحيل. ◄ قبل أسبوعَين، تعرّض الصحافي التونسي في موقع «إيلاف» إسماعيل دبارة لتهديد من جانب بعض المجهولين، الذين طلبوا منه أن يتوقّف عن الكتابة، وإلّا فإن عقابه سيكون وخيماً. ◄ في وقت كانت فيه الناشطة والصحافية المستقلّة سهام بن سدرين تهمّ بالدخول إلى قاعة المحكمة، التي تجري فيها محاكمة الصحافي زهير مخلوف، دفعها بعض الأشخاص المجهولين، ومنعوها من الدخول. ◄ منعت السلطة التونسية الإعلامية الفرنسية في «لو موند» فلورانس بوجي، من الدخول إلى تونس، وأجبرتها في المطار على العودة إلى بلادها. ◄ تشكو صحف تونسية معارضة ومستقلّة من كثرة الدعاوى المرفوعة ضدّها، وغالباً ما تقف السلطة خلفها. وأبرز هذه الصحف، جريدتا «الموقف» الناطقة باسم «الحزب الديموقراطي التقدمي»، و«مواطنون» الناطقة باسم «التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات». ◄ تعرّضت صحيفة «الطريق الجديد» التونسية لسلسلة مضايقات أثناء فترة الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة، منها سحب أحد أعدادها الأسبوع الماضي، إضافةً إلى حجب أكثر من عدد خلال الحملة الانتخابية. يذكر أنّ هذه الصحيفة ناطقة باسم «حركة التجديد» أي «الحزب الشيوعي التونسي» سابقاً. ◄ قام رجال النظام التونسي والصحافيون التابعون له في شهر آب (أغسطس) الماضي، بما يشبه الانقلاب على المكتب التنفيذي لـ«نقابة الصحافيين التونسيين»، فهمّشوا كلّ الصحافيين المستقلّين، وتحوّلوا اليوم إلى الممثّل الرسمي للصحافيين عند السلطة. ◄ تحلّ تونس في المرتبة الـ154 من أصل 175 بلداً في الترتيب العالمي لحرية الصحافة، بحسب «مراسلون بلا حدود». وتأتي كلّ دول شمال أفريقيا في مراتب متقدّمة على تونس، باستثناء ليبيا، التي تحتلّ المرتبة الـ156. ◄ تعاني مجموعة من المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة، مضايقات مستمرّة من جانب السلطة التونسية. وبين هذه الجمعيات «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» التي تشهد منذ فترة حصاراً لمقرّها، ويُمنع الناشطون من دخول مكاتب الرابطة. وتشكو منظمات أخرى من تضييق مشابه، منها «المجلس الوطني للحريات»، و«جمعية حرية وإنصاف»، و«المنظمة الدولية لمساندة المساجين السياسيين». عدد الاربعاء ١١ تشرين الثاني ٢٠٠٩  
 
أخبار نقابية  
استهتار الإدارة الجهوية بهجوم مسلّح على مؤسّسة تربوية كان من المنتظر عقد جلسة عمل اليوم بين النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالكبارية والنقابة الجهوية بتونس من ناحية وبين السلط المحلية والإدارة الجهوية من ناحية ثانية للنظر في الهجوم المسلّح الذي شهدته المدرسة الإعدادية بالمروج 2 – التابع للإدارة الجهوية بتونس -1- تنفيذا لتوصيات الإضراب الذي تم تنفيذه مساء الأربعاء 11 نوفمبر احتجاجا على هذا الهجوم الخطير ، غير أن الطرف الإداري تغيب عن الجلسة دون تقديم مبرّر لذلك ،وهو غياب يُفسّر بمدى الاستهتار الذي أصبحت تتعامل به الإدارة المعنية مع ما يحدث في المؤسّسات التربوية من انتهاكات وما يتوقَّع أن يحدث فيها من مخاطر .وبناء على ذلك قرّر الأساتذة شنّ إضراب غدا احتجاجا على استهتار الإدارة بمطالب المدرسين وكافة العاملين بهذه المؤسسة التربوية المستباحة .. اعتداءات ونضالات اعتداء بدني على أستاذ فإضراب أضرب أساتذة المدرسة الإعدادية بحي التحرير بتونس 2 اليوم الخميس 12نوفمبر 2009 من الساعة 8 إلى الساعة 9 احتجاجا على اعتداء ولي بالعنف البدني على أستاذ مساء الأربعاء 11 نوفمبر 2009، وقد حملت النقابة الأساسية بحي التحرير والنقابة الجهوية بتونس مسؤولية هذا الاعتداء إلى الإدارة التي تعهّدت بمتابعة هذا الملف وتتبع المعتدي قضائيا وإنصاف الزميل المعتدى عليه. هجوم بالسيوف على مدرسة إعدادية بالمروج 2 أضرب أساتذة إعدادية المروج 2 بتونس 1- عن العمل كامل الحصة المسائية ليوم الأربعاء 11 نوفمبر 2009 تنديدا باقتحام مجموعة كبيرة من الغرباء للمؤسسة التربوية شاهرين السيوف والسكاكين مهدّدين الإطار التربوي معرضين التلاميذ لمخاطر جمّة ما كان يمكن تجنّبها لولا حكمة المدرسين وحسن تصرّفهم في مثل هذه الوضعية. وتبعا لذلك تعقد النقابية الأساسية للتعليم الثانوي بالكبارية جلسة عمل مع السلط المحلية ومع الإدارة الجهوية للتصدّي لمثل هذه الاعتداءات التي تكرّرت منذ مدّة في المنطقة وفي العديد من المؤسّسات التربوية في البلاد.. إلى أين يسيرالتدهور بالمؤسّسات التربوية ؟ اين وزارة الإشراف ولماذا تقف متفرّجة ؟ تحرّش بإشراف النقابة الأساسية للتعليم الثانوي ببوسالم ، توقّف أساتذة معاهد وإعداديات بلطة – بوعوان – بوسالم من ولاية جندوبة اليوم 12 نوفمبر 2009 عن العمل تنديدا بإقدام مدير معهد … على التحرّش بأستاذة ومحاولة المسّ من شرفها ، وسعيه للتغطية على فعلته الشنيعة إلى تهديد الأستاذ ة وممارسة الضغوط عليها وتمادى في غيه بتشويهها أمام الأساتذة أثناء وقفتهم الاحتجاجية. النقابة الأساسية متمسّكة ، كما الأستاذة ، بحماية المدرّسات من هذا النوع من السلوك اللاتربوي وروّجت عريضة في الغرض بين كافة مدرّسي المؤسّسات التربوية ببوسالم وتطالب بفتح تحقيق ومعاقبة المعتدي وانصاف الأستاذة. هذه القضية للمتابعة من قبل هياكل القطاع ولا بدّ من تعرية المتورط فيها لما فيها من اعتداء على كرامة زميلاتنا وتمييز يستوجب العقاب القانوني النقابة العامة للتعليم الثانوي – تونس  
 
الشبكة العربية تدين الإجراءات الحكومية ضد حرية التعبير القاهرة، 11 نوفمبر 2009 أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ما يحدث في تونس من اضطهاد مستمر لحريات التعبير والصحافة. وهو المسلسل الذي بدأ ويبدو أنه لن ينتهي قريبا. وكانت آخر حلقات ذلك المسلسل صدور أوامر من وزارة الداخلية التونسية للمطابع المسئولة عن طباعة صحف حزبية معارضة لتسليم كل النسخ المطبوعة لتلك الصحف إلى « الشركة التونسية للتوزيع ». وبناء على ذلك قررت صحف « الموقف » و »الطريق الجديد » و »مواطنون » الاحتجاب لمدة أسبوع في إطار تحرك احتجاجي للمطالبة برفع المضايقات والتدابير غير القانونية. وقال رؤساء تحرير الصحف الثلاث في بيان مشترك إن « الحكومة تهدف إلى خنق صحف المعارضة لدفعها إلى الغياب ». وتتعرض الصحافة والصحفيين والمدونين في تونس إلى إجراءات تضييقية غير مسبوقة، وفي الحالة الأخيرة تم منع الأحزاب المعارضة من استلام جزء من أعداد صحفها، ( في العادة تتوالى الأحزاب المصدرة للصحف توزيع جزء من أعدادها) بناء على توجيهات من السلطات وهو الإجراء الذي يعد تدخلا فاضحا من السلطات في علاقة تجارية بين المطابع والصحف، لا يمكن تفسيره إلا أنه محاولة للنيل من حرية الصحافة بمنع وصول الصحف إلى قرائها والسعي لإرباك صحف المعارضة، وخنقها تجاريا. وقال جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن هذا الإجراء الجديد « يشكل خطوة جديدة في الحملة الحكومية المناهضة لكل الأصوات المخالفة أو المعارضة. فالحكومة تعمل على خنق صوت أحزاب المعارضة « . والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تطالب الحكومة التونسية بالتوقف عن ممارستها القمعية تجاه حرية الرأي والتعبير تقرير موجز حول الإيقافات في صفوف الطلبة 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009, بقلم الجمــعيّة التـونسية لمقاومة التعـذيب Association tunisienne de lutte contre la torture تونس في: 11-11-2009 تقرير موجز حول الإيقافات في صفوف الطلبة بتاريخ 01-11-2009، وفي حدود الساعة الرابعة فجرا، داهمت قوات من الشّرطة المبيت الجامعي للطالبات بمنّوبة حيث ينظّم مجموعة من الطالبات اعتصاما منذ أوائل شهر أكتوبر 2009 للمطالبة بالسكن الجامعي الاستثنائي تحت إشراف الاتحاد العام لطلبة تونس، وقد نتج عن عمليّة المداهمة، اعتقال مجموعة من الطلبة النشطاء ضمن اتّحاد الطلبة، وهم : طارق الزّحزاح وضمير بن علية ونبيل البلطي وعبد القادر الهاشمي وعبد الوهابي عرفاوي والصحبي إبراهيم ونزيه قاهري وعمر إلاهي ورضا بن منصور ومنذر التومي ومحسن بناني ورفيق الزغيدي والتلميذ أشرف مباركي والطالب أنيس بن فرج الذي جلب من مدينة جبنيانة، ولدى عرضهم على النيابة العمومية بمحكمة منوبة الابتدائية، أبقي أربعة منهم بحالة سراح، وهم رضا منصور ومحسن بناني وأشرف مباركي ونزيه قاهري، وصدرت بطاقات إيداع في حقّ البقية مع إحالة خمسة طلبة آخرين هم حمزة العربي وآمال علوي وأماني رزق الله وحنان الظاهري وأسماء عرضاوي بحالة فرار. وقد عيّنت الجلسة ليوم 30-11-2009، أمام المحكمة الابتدائية بمنّوبة ضمن القضيّتين الجناحيتين عدد 6921 و6922 بتهم الإضرار بملك الغير وتعطيل حرّية الشغل وإحداث الهرج والتشويش والسرقة المجرّدة، كما تمت إحالة الطالب عمر إلاهي على محكمة ناحية منوبة ضمن القضيّة عدد 50104. ويشار أنّ الطالب زهير الزويدي موقوف منذ يوم 16-10-2009 وأحيل على محكمة ناحية منوبة بجلسة 29-10-2009 ضمن القضيّة عدد 49957 بتهم أخلاقية وقضي ضدّه بالسجن لمدّة تسعة أشهر نافذة رغم مرافعات المحامين التي أكّدت على الطابع الكيدي للقضيّة. ولدى زيارتهم من طرف المحامين أكّد الطلبة الموقوفون أنه تم نقلهم إلى المقرات الأمنيّة، حيث أجبروا على البقاء جاثمين على ركبهم مقيّدي الأيدي من الساعة الخامسة صباحا إلى الثالثة بعد الزوال.  وقد أكّد عبد الوهاب عرفاوي أنّه تعرّض إلى الصّفع العنيف على الخدّين وأسمع الكلام البذيء وهدّد بالاعتداء الجنسي.  وقال عبد القادر هاشمي أنّه تعرّض للضرب لدى إيقافه وأصيب بضرر بأذنه اليمنى وقد تمّ نقله إلى المستشفى بمنطقة دوار هيشر لإيقاف النزيف. كما اشتكى من آلام على مستوى يده اليسرى والإصبع الأكبر، كما أشار أن الباحث قدّم له محضرا جاهزا للإمضاء عليه ووضع البصمة دون الاطلاع على محتواه  وقال الصحبي إبراهيم أنه تعرّض إلى الرّكل واللّكم لدى القبض عليه وإركابه سيارة، وتواصل التّعنيف داخلها. وقد ظلّت الآثار باقية عند زيارته على مستوى الأنف وأسفل الرّجل اليسرى.  وذكر عمر إلاهي أنّه أوقف بمحلّ سكناه بجهة منوبة وأبقي جاثما على ركبتيه مكبّل اليدين وأسمع بذيء الكلام وهدّد بالاعتداء الجنسي، وقد أبصم على المحاضر دون الاطّلاع على محتواها .  وقال نبيل بلطي أنّه تعرّض إلى سلسلة من الصفعات وبقي لساعات مجبرا على الجثوم على ركبتيه، ولدى الزيارة، عاين المحامون زرقة على العين اليسرى لرفيق الزغيدي وأشار أنّه تعرّض للعنف والضرب. إنّ الجمعيّة التونسيّة لمقاومة التّعذيب :  تندّد بالتعذيب وسوء المعاملة التي تعرّض إليها الطلبة الموقوفون، وتعتبر أنها ممارسات غير قانونية وموجبة للمساءلة.  تدعو إلى فتح تحقيق قضائي بخصوص الممارسات التي تعرّض إليها الطلبة الموقوفون.  تدعو إلى الإفراج الفوري عن الموقوفين وفتح قنوات حوار مع ممثلي الطلبة لحلّ المشاكل العالقة. الجمــعيّة التونسيّة لمقاومة التعذيب الكاتب العـــام منذر الشارني للاتصال بالجمعيّة(الهاتف): 21029582 _ 98351584 _ 25339960 _ تونـــس  


تونس: بن علي يؤدي القسم رئيسا لولاية خامسة


2009-11-13 AFP  استثمر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي خطاب أدائه القسم أمس لولاية رئاسية خامسة، في الرد على منتقدي وضع حقوق الإنسان والحريات في تونس, مدينا «الاستقواء بالأجنبي» الذي اعتبره «سلوكا مرفوضا أخلاقيا وسياسيا وقانونيا». وقال بن علي في كلمة وجهها من مقر البرلمان إلى الشعب التونسي، إن «الوطني الحقيقي هو الذي لا ينتقل بالخلاف مع بلاده إلى الخارج للتشويه والاستقواء بالأجنبي»، معتبرا أن «هذا سلوك مرفوض أخلاقيا وسياسيا وقانونيا ولا يجلب لصاحبه إلا التحقير حتى من أولئك الذين لجأ إليهم لتأليبهم على بلاده».    (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 02 نوفمبر 2009)  


 

تضامن إفريقي مغاربي عربي مع تونس في مواجهة التدخلات الأجنبية


تونس (وات) – عبرت رئاسة كل من الاتحاد الافريقي واتحاد المغرب العربي وتجمع الساحل والصحراء عن تضامنها مع تونس في مواجهة الحملة الاعلامية التي تقودها ضدها اطراف أجنبية. ونقلت وكالة الجماهيرية للانباء «اوج» أمس الخميس عن مصادر رئاسة هذه الاتحادات ادانتها القوية لهذا التدخل في الشؤون الداخلية لدولة افريقية ذات سيادة باعتباره تطاولا على دساتيرها ومؤسساتها وقوانينها ونظمها القضائية. وافادت هذه المصادر ان مشاورات تجرى حاليا بين الاتحاد الافريقي وتجمع الساحل والصحراء واتحاد المغرب العربي والجامعة العربية حول هذه السياسة التطاولية مبينة أن افريقيا تمتلك أساليب الرد على هذه التدخلات غير المبررة. وقد عبرت مختلف هذه التجمعات عن انشغالها لتضخيم اطراف اجنبية حادثا عاديا يتعلق بمشاجرة بين شخصين من تونس وكأن هذه الاطراف مسؤولة عن المواطن في الدول الافريقية والعربية. وقالت ان افريقيا لم تعد تحتاج لدروس من أحد وخاصة من مستعمريها السابقين الذين خبرت الشعوب الافريقية تاريخهم الحافل بانتهاكات حقوق الانسان وبجرائم الابادة ضد البشرية. (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 13 نوفمبر 2009) مفوضية الاتحاد الافريقي تؤكد رفضها تدخل الخارجية الفرنسية في شان داخلي لتونس تونس (وات) – استغربت مفوضية الاتحاد الافريقي ما اثاره المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية مؤخرا حول حادث عادي بدأ بمشاجرة بين شخصين من مواطني دولة افريقية مستقلة هي تونس. واكدت المفوضية في بيان نشرته وكالة «بانا» الافريقية للصحافة ان التفسير الذي ذهبت اليه هذه المصادر يشكل تدخلا سافرا في شؤون دولة افريقية ذات سيادة وعضو بالاتحاد الافريقي. واوضحت المفوضية في بيانهاان افريقيا لا تقبل بهذا التدخل ولا تحتاج دروسا من احد خاصة من مستعمريها السابقين الذين خبرت الشعوب الافريقية تاريخهم الحافل بانتهاكات حقوق الانسان في الحقبة الاستعمارية بل بجرائم الابادة ضد الانسان. كما اكدت المفوضية رفض دول الاتحاد الافريقي مثل هذا التدخل في الشؤون الداخلية للدول الافريقية الذي يعد تطاولا على سيادة الدول ودساتيرها ومؤسساتها وقوانينها ونظمها القضائية.
(المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 13 نوفمبر 2009)


إنتهاكات بالجملة قبل الإنتخابات الأخيرة وبعدها   النظام التونسي يشعر بحالة إختناق ويستنجد بالإتحادين الإفريقي والمغرب العربي


السبيل أونلاين – تونس – وكالات   قال الرئيس التونسي بن علي الذى يقمع المعارضة بشدّة ويحتكر وسائل الإعلام انه طالب رئاسة الاتحاد الافريقي واتحاد المغرب العربي ، بما وصفه « اتخاذ موقف » حازم ضد ما أسماه « تدخلات خارجية في شؤون بلاده » في ما يبدو انه أكبر احتجاج من نوعه على انتقادات فرنسية لتونس بسبب سجلها في مجال الحقوق الانسان.حسب ما أفادت وكالة رويترز .   ويعتقد على نطاق واسع أن السلطات في تونس تستعين بالدعم المالي والسياسي الخارجي للإستقواء على معارضيها والسيطرة على البلاد ، وتسعى في علاقاتها الدبلوماسية إلى تشويه صورة المعارضين .   وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر عبر هذا الأسبوع عن خيبة أمل بلاده إزاء توقيف صحفيين وطالب تونس بالافراج فورا عن الصحفي توفيق بن بريك المعروف بانتقاده لبن علي وسلطته. كما انتقد الحزب الاشتراكي الفرنسي مُعاملة تونس للصحفيين المستقلين.   وردت سلطات تونس على كوشنر بالقول انها ترفض التدخل في شؤونها ، ورفض الحزب الحاكم « حزب التجمع الدستوري الديمقراطي  » الإنتقادات اللاذعة التى وجهها الحزب الاشتراكي الفرنسي لنظام بن علي .   وقال بن علي في خطاب بمناسبة اداء القسم أمام البرلمان « ان هذا التدخل يتجاوز المساس بسيادة بلادنا لينال كذلك من سيادة المغرب والاتحاد الافريقي اللذين ننتمي اليهما وقد أحلنا الموضوع على رئاسة كليهما لاتخاذ الموقف اللازم والتصدي لهذه الخروقات التي تتنافى مع مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها ».وترأس ليبيا الاتحاد الافريقي والزعيم الليبي معمر القدافي هو صديق لبن علي وقد هنأه بالتجديد له عبر انتخابات الرئاسية التي جرت الشهر الماضي .   اما اتحاد المغرب العربي الذي يضم تونس والمغرب وليبيا والجزائر وموريتانيا فيرأسه التونسي الحبيب بن يحي وزير الخارجية التونسي الأسبق ،وهو معطّل بسبب الخلاف المغربي الجزائري .   وفرنسا أول شريك تجاري لتونس حيث تنشط نحو ثلاثة الاف مؤسسة تشغل الاف العمال اضافة الى أكثر من مليون سائح فرنسي يتدفقون على البلاد كل عام من اصل سبعة ملايين سائح يأتون لتونس.   كما هاجم بن علي بشدة بعض معارضيه متهما اياهم باللجوء للخارج والاستقواء بالاجنبي ، وكان الرئيس التونسي هدد المشككين في نتائج الإنتخابات التى جرت في أكتوبر الماضي .   وقال بن علي »يخال بعض الافراد ان الصفات التي يمنحونها لانفسهم تتيح لهم مخالفة قوانين البلاد والاساءة اليها حتى اذا وقعوا تحت طائلة القانون لجأوا الى غطاء سياسي يبررون به أفعالهم في حين ان هذه الافعال تدخل في اطار افعال حق عام وليست لها أي علاقة بانتماءاتهم وأفكارهم ».   ويُعتقد ان بن علي كان يشير الى الصحفي توفيق بن بريك المعتقل منذ نهاية الشهر الماضي بسبب مقالاته التى تنتقد الرئيس وسلطته . وقد لفقت له السلطات تهمة الإعتداء على سيدة وهومعتقل بسجن المرناقية بضواحي العاصمة تونس منذ 29 أكتوبر الماضي وسيمثل أمام المحكمة يوم 19 نوفمبر الجاري .   وقال بن علي « اشير هنا الى ان مبدأ المساواة أمام القانون قد أقره الدستور وهو ما يتعارض مع اي استثناء او حصانة يمكن ان يتعلل بها هؤلاء فالقانون فوق الجميع والجميع أمامه سواء ».   واضاف منتقدا على ما يبدو معارضين لهم صلات بمنظمات دولية  » الوطني الحقيقي هو الذي لاينتقل بالخلاف مع بلاده الى الخارج للتشويه والاستقواء بالاجنبي فهذا السلوك مرفوض أخلاقيا وسياسيا وقانونيا وهو لايجلب لصاحبه الا التحقير حتى من اولئك الذي لجأ اليهم لتأليبهم على بلاده كما ان هذا السلوك لا يمنح اي حصانة » .   يذكر أن الرئيس الحالي يتولى السلطة في تونس منذ 22 عاما ، ويقدم نفسه للغرب بوصفه « شريك » في ما يسمى بـ »الحرب على الإرهاب » ، الذى يتخذه ذريعه لقمع مخالفيه في الرأي وجلب الدعم الأجنبي .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 13 نوفمبر 2009)
 


الفجرنيوز تستضيف رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية د. منصف المرزقي


في الخميس, 12. نوفمبر 2009 حاوره : الحبيب لعماري الدكتور منصف المرزوقي حقوقي وباحث وكاتب ومعارض سياسي تونسي بارز، هو غني عن التعريف لمواقفه المختلفة وحضوره المتميز هذا الحوار مع د.منصف المرزوقي هو حلقة جديـدة من هذه السلسلة من الحوارات التي  تجريها «الفجرنيوز» وتعدكم انها ستواصل هذا النهج من التنوع والاستقلالية  فهي منبرا مفتوحا لكل المناضلين . السلطة خرجت من « الانتخابات »مهيضة الجانب فاقدة أكثر من أي وقت مضى لكل هيبة ـ نزفت آخر قطرة من الشرعية كل الأطراف الضالعة في هذا النظام الإجرامي مرتبطة ببعضها البعض وستقاوم لآخر رمق للحفاظ على مصالحها فشل مشروع  جبهة للتحرير الوطني نتيجة شلل النهضة والصراع القائم منذ سنوات داخلها بين تيارين متناقضين وبسبب حسابات الديمقراطي التقدمي الشخصية والحزبية. قيادة المؤتمر المقبلة هي التي ستقرّر مع من وكيف يجب بناء جبهة حقيقية ضد الدكتاتورية لا شيء ينتظر من الأحزاب والأشخاص الموجودين حاليا على الساحة.هذا جيل انتهت مهمته وأساليب انتهت صلوحيتها من هنا إلى بداية السنة المقبلة  سأتخذ  قراري بإعادة التموقع على خارطة النضال من أجل الاستقلال الثاني لتونس. مستقبل تونس: تغيير الدستور ، الرئاسة مدى الحياة ، تزايد القمع ، تعفن الوضع الاجتماعي والاقتصادي ، تململ متزايد للشباب والشعب وربما انفجارات والان الى تفاصيل الحوار: الدكتور منصف المرزقي مرحبا بكم في جريدة الفجرنيوز بادئ ذي بدء لو طلبنا منكم تقييم  » الانتخابات  » الأخيرة ؟ خرجت منها السلطة مهيضة الجانب فاقدة أكثر من أي وقت مضى لكل هيبة ـ نزفت آخر قطرة من الشرعية ، صارت مسخرة الداخل وحتى الخارج ، تعرّت ، انفضحت بالكامل ، الملك عاري كما يقول المثل الفرنسي ، ومن ثم عصبية الدكتاتور وتهديداته والشراسة التي أظهرها تجاه عبد الرءوف العيادي  وحمة الهمامي وتوفيق بن بريك وسليم بوخذير وكل الأبطال الآخرين.  أن تكون لدينا فكرة واضحة عن طبيعة النظام القائم على أعناق التونسيين. النواة هي عصابات حق عام سيكشف المستقبل كم من جرائم اقترفت سواء كانت جرائم سرقة المال العمومي أو التعدي على الحرمات والأرزاق أو قتل الناس تحت التعذيب أو تحويل وجهة القضاء والشرطة والجمارك.  هذه النواة الإجرامية بحاجة لغطاء سياسي توفره ما تسمونه أحزاب المحاصصة ومنها التجديد.غريب أمر هذا الحزب الذي يقبل أن يكون جزءا من واجهة الديكور ومن يلقي الحجر عليه وأغرب منه الذين عاضدوه في المهزلة الأخيرة من الديمقراطيين الذين تناسوا أن له  » بتيندا » من طرف الدكتاتورية أنه تلقى 130 ألف دينار لحملته الانتخابية الأخيرة، أنه قبل ولا يزال بوجود ممثلين له انتحلا مع كل الآخرين صفة ممثلي الشعب وهم معينين من البوليس السياسي. صحيح أن بدوي جلف مثلي غير قادر على فهم العمق السياسي والمناورات الذكية والرؤيا الستراتجية الثاقبة لهؤلاء الناس.  بجانب هذا الغطاء هناك كل التشريع الفكري والدعاية التي يقوم بها مثقفون مرتزقة هم أيضا جزء من النظام الذي يجب تفكيكه غدا ومحاسبة كل من ساهموا فيه. كل الأطراف الضالعة في هذا النظام الإجرامي مرتبطة ببعضها البعض وستقاوم لآخر رمق للحفاظ على مصالحها ووجودها والسذاجة كل السذاجة تصور إمكانية تسليم مثل هذا النظام للسلطة وهي ضمانه الأوحد ضد عدم المحاسبة. الفجرنيوز: وصف اخيرا رئيس احد احزاب الديكور بعض المعارضة بالطابور الخامس والحركيون الجدد كيف تردون على هذا القول؟ هل هناك عاقل يعطي قيمة لما يقوله شخص كهذا ؟ الفجرنيوز: ما تقييمكم لدور المعارضة  في هذه الحملة الأخيرة ، نقصد المعارضة الحقيقية؟ لا أذيع سرا إن قلت أن المؤتمر سعى طوال الصيف لكي يعقد في جنيف مؤتمر للمعارضة ينتهي بندوة صحفية للأربعة أحزاب الرافضة للمهزلة أي المؤتمر وحزب العمال والنهضة والديمقراطي التقدمي تعلن فيها المقاطعة بصفة جلية وتدعو لتنظيمها وتكون نقطة انطلاق جبهة للتحرير الوطني . فشل المشروع نتيجة شلل النهضة والصراع القائم منذ سنوات داخلها بين تيارين متناقضين وبسبب حسابات الديمقراطي التقدمي الشخصية والحزبية.. عملية اغتصاب لسيادة الشعب من طرف نظام مهزوز وفي آخر مراحله وما تسمي نفسها معارضة عاجزة عن الحد الأدنى المطلوب منها أي التقدم بالبدائل والاستعداد  لها  !!!!.. الفجرنيوز: هل يعني هذا نهاية الأمل في كل عمل موحد وماذا يستطيع المؤتمر من أجل الجمهورية أن يفعل وحده ؟ قيادة المؤتمر المقبلة هي التي ستقرّر مع من وكيف يجب بناء جبهة حقيقية ضد الدكتاتورية . فيما يخصني شخصيا أقول وأردّد حتى ولو بعض قيادي المؤتمر لا يوافقوني الرأي ، أنه لا شيء ينتظر من الأحزاب والأشخاص الموجودين حاليا على الساحة.  هذا جيل انتهت مهمته وأساليب انتهت صلوحيتها . ومن ثم قراري من هنا إلى بداية السنة المقبلة بإعادة التموقع على خارطة النضال من أجل الاستقلال الثاني لتونس. الفجرنيوز: ماذا عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وهل يصنف في اليمين أو في اليسار أو في الوسط؟ كل هذه المصطلحات لا تنطبق إلا على فرنسا الستينات . قاد اليسار سياسة يمينية واليمين هو من عيّن وزراء من أصل إفريقي وعربي.  المؤتمر لا يفهم دون العودة لمنتصف التسعينات عندما دمر الدكتاتور كل مؤسسات المجتمع المدني .وخصوصا الرابطة والاتحاد واصطنع أحزابه . يومها قلت لكل من حولي هذا الدكتاتور الذي لا يقرأ  يتصور لأنه لا يعرف التاريخ أن بوسع البوليس السياسي تأطير المجتمع المدني وهو لا يستطيع إلا عرقلته. آذاك  بدأنا أنا ومجموعة تعدّ على الأصابع مشروع إعادة بناء المجتمع المدني عبر خلق منظمة حقوقية جديدة هي المجلس الوطني للحريات ومنظمة كتّاب هي الرابطة التونسية للكتاب الأحرار وحتى مشروع نقابة جديدة وبالطبع حركة سياسية . كنت ضد تسميتها حزبا لقناعتي أنه لا وجود لحزب معارضة تحت دكتاتورية إلا حزبا سريا وهو ما كنا نرفضه أو حزب مدجن وكنا نرفض هذا أكثر. كنت أقول أن وضع قواعد وقوائم لن يكون إلا تقديم الناس للمجزرة كما حدث مع النهضة. هكذا أخذ القرار بأن يتشكل المؤتمر كحركة سياسية علنية تمثل مواقف وقيم تتحمل مسؤولية الدفاع عنها في نظام دكتاتوري مجموعة قادرة على مواجهة التعسف ومهمتها بعث وتطوير شبكة صداقات يمكن استثمارها عندما يأتي وقت التنظيم . وفعلا هذا ما حصل وتعرفون ما حصل لي وللعيادي ومعطر وام زياد وعبو وبوخذير. هذه المجموعة على قلتها المسنودة بتعاطف كبير من داخل كل التنظيمات والأحزاب وخاصة الشباب تبذر لحركة وطنية جديدة تتجاوزها ولا تخطط لكي تكون الحزب القائد. نحن الحركة الوحيدة التي تسعى للذوبان لا للتفرد والامتياز. ما يهمنا هو خلق جبهة مقاومة مدنية لسنا فيها إلا الخميرة. أما فكر هذا الحركة فهو مضمن في أدبياتها على موقعها وهو نقلة نوعية في تفكير سياسي ضحل لا زال يتحرك داخل منظومة الجزب البورقيبي او اللينيني دون أن يأخذ بعين الاعتبار التحولات الجوهرية  للفعل السياسي وللمطلب السياسي من قبل مجتمع ملّ الفجرنيوز: يتردد بعض المعارضين المستقلين من هنا وهناك في مساندة حزبكم نظرا لارتفاع سقف خطابكم وعدم يقينهم انه لن يحصل لهم ما حصل لو وصلتم الى الحكم ما هو تعليقكم على هذا؟ غريب حكاية السقف هذه . في الطب أنت تنصح مريض بالسكري بالحمية أو بالحبوب أو بالحقن أو ببتر الساق لا حسب مزاجك وإنما حسب ما تقتضيه حالة المريض. الأمر كذلك في السياسة بمفهومها النبيل. ما الذي يقتضيه وضع تونس اليوم ؟ . هو طبعا وضع حد للقمع …للفساد…للتزييف…لانهيار القيم والمؤسسات . كيف؟ طبعا بإنهاء هذا النظام  وقد اتضح أن بن علي يكذب علينا بصفاقة منقطعة النظير وهو يتحدث عن المسار الديمقراطي والحال أنه وضعنا منذ عشرين سنة على مسار استبدادي نحن الآن في آخر مراحله. هم جربوا سقف المشاركة والمشاركة النقدية وتسول الإصلاح وأداروا خدهم الأيسر ألف مرة بعد لطم النظام ألفين مرة خدهم الأيمن ولا يستحون من الحديث عن السقف العالي للمؤتمر للتغطية على العجز والجبن. لا،  سقف المؤتمر ليس لا عالي ولا هابط . هو الردّ  الملائم على تطرف السلطة وعدم قابليتها للإصلاح . ويوم تكون هناك سلطة وطنية تقبل بالصلح والإصلاح والمصالحة شريطة أن لا يكون وراء الكلمات تمويه وخداع فسنكون أكبر المعتدلين ، لا لأننا معتدلون بالطبع أو متشددون بالغريزة وإنما لأن الوضع هو الذي سيفرض علينا الاعتدال وسنقبل به لأننا واقعيون.  ما لا يفهمه الكثير أنه لا التشدد رذيلة ولا الاعتدال فضيلة وإنما الفضيلة أن تكون متشددا أين يجب أن تكون متشددا ومعتدلا وقت الاعتدال …والرذيلة أن تكون  » معتدلا » في وضع كهذا وغدا متشددا في وضع يتطلب من الجميع قدرا كبيرا من المرونة والحكمة. الفجرنيوز: هل تعتقد ان المعارضة التونسية الحقيقية والتي اكتوت ولا زالت من فقدان الحرية والاستبداد والانفراد بالراي قادرة على ان تبني مجتمع يسوده العدل والحق واحترام حقوق الانسان والسماح للراي والراي الاخر قولا وفعلا ؟ نعم بالتأكيد المشكلة أن هذه المعارضة لن تصل أبدا السلطة وهي لم تتجاوز منطق الاحتجاج والتسول ولا تريد أن تفهم طبيعة النظام الذي تحارب. الأمل الوحيد لتونس في جيل جديد من السياسيين يقطع مع الجيل القديم يتوجه للشعب لا للنظام ويؤطر المقاومة المدنية ويقود معركة الاستقلال الثاني والهدف استئصال الاستبداد من جذوره وإعلان الجمهورية وإرساء النظام الديمقراطي دون أي مهادنة مع أصحاب التطور الديمقراطي والمسار الديمقراطي والخطوة وخطوة وكلها شعارات يبيعها خبثاء لأغبياء وجبناء. الفجرنيوز: كيف ترون مستقبل تونس في القريب العاجل؟ تغيير الدستور ، الرئاسة مدى الحياة ، تزايد القمع ، تعفن الوضع الاجتماعي والاقتصادي ، تململ متزايد للشباب والشعب وربما انفجارات كالتي حدثت في الحوض المنجمي ،عمليات إرهاب يقودها البوليس السياسي لمزيد من التعفين ،  صراع على السلطة وراء الستار بين العصابات وبين كبار الضباط في الجيش والبوليس ، تمخض الوضع عن منقذ جديد من صلب المؤسسة وأولى مهامه امتصاص جيوب الغضب وإبقاء الوضع على ما هو عليه ، تسارع جماعة سبّق الخير في المعارضة  » المعتدلة » للمناصب الوزارية ، انفراج مؤقت وعودة المسلسل لعشرية أخرى من الاستبداد المقنع يحفظ كل مكتسبات النظام البوليسي ومصالح العصابة المنتصرة على العصابة الأخرى – الأرجح عصابة ليلى واخوتها التي ستقدم ككبش فداء لكل النظام الفاسد….كل هذا سيقع اللهم إلا وجدوا جبهة مقاومة وطنية تقول كفى وتستطيع أن تفرض الإصلاحات التي يعدونا بها منذ نصف قرن. الفجرنيوز: شهدت بعض الاقطار العربية والاسلامية وصول الحركات الاسلامية الى البرلمان او الى ادارة الحكومة كما هو الحال في تركيا وغيرها كيف ترون هذا الامر وهل انتم مع الاعتراف بالحركات الاسلامية في العمل السياسي؟  طالبت حين كان الأمر من قبيل المحظورات بالاعتراف بحق الإسلاميين في التواجد السياسي وحتى في إدارة البلاد إذا أعطاهم الشعب السلطة وبقوا في إطار المنظومة الديمقراطية . لكن لا يجب أن نقارن الوضع في تركيا حيث وصلت حركة إسلامية للسلطة بصفة مستقلة بدخولية أحزاب إسلامية لبرلمانات الدكتاتورية في كثير من الأقطار العربية . بقدر ما يثمّن المرء ستراتجية الأتراك بقدر ما يجب أن ندين لعبة الإسلاميين العرب لأنهم خلافا لما يدعون وبتمام المعرفة هم يخدمون النظام الذي يستخدمهم. الفجرنيوز: فلسطين جرح الامة النازف والقضية المنسية وبعد نجاح العدو في جعل الصارع فلسطيني فلسطيني كما نجح  من قبل في توسيع وتثبيت دول الحصار ما هو مستقبل حوار الفصائل الفلسطينية والقضية الام برمتها؟ ما يجري في فلسطين كارثة بأتم معنى الكلمة. لكن من العبث تناولها بمفردها . انهيار القضية جزء من الانهيار العربي الشامل وهذا الانهيار هو بفعل نظام سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي انتهت صلوحيته . الخيار لهذه الأمة وللفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى هو رهان وجود : نكون أو لا نكون. ولأننا أمة كبرى وإن كنا في الحضيض الآن،  فلن نقبل بالاندثار ولن نندثر. سنصل القاع وسنحفر بأظافرنا لمزيد منه ، لكن في آخر المطاف ستجد فينا قوى الحياة والتعافي طريقها لذلك  فإنني أتوقع في العشريتين المقبلتين ثورات عارمة ستعيد صياغة كل المعطيات وقد أصبح التعامل مع الجزئيات أمر تجاوزه الوضع. الفجرنيوز: مرت الان سنة على وصول الرئيس براك اوباما الي الحكم  ولم يحقق شيئاً من وعوده وكل يوم تتكبد فيه قواته خسائر كبيرة في المستنقع العراقي والافغاني كيف ترون الامر؟  أمريكا لا يحكمها شخص كما هو الحال عندنا. أمريكا محكومة بمصالح ستراتجية ومؤسسات المعروفة منها والمخفية. كان من السذاجة منذ البداية توقع ثورة في سياسة أمريكا تجاه العالمين العربي والإسلامي . يبقى مع هذا أن خطاب أوباما في القاهرة كان إيجابيا وخفف كثيرا من الاحتقان . هذا أقصى ما يقدر عليه الرجل. شخصيا لا أنتظر منه إلا أن يمكن 50 مليون أمريكي من الضمان الاجتماعي وهذا سيكون نصر كبير له وبالنسبة لي كطبيب صحة عمومية أمر مهمّ . أما سياسة أمريكا الخارجية فلن تتغير شعرة ويجب أن نستعدّ لذلك الفجرنيوز: ماهي  أهم ثلاثة  كتب تودون ان تكون دائما في كل بيت ؟ القرآن- بلا حواشي ومفسرين وكتب صفراء حوله – وطبائع الاستبداد للكواكبي والتقرير الأخير لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية في العالم العربي. الفجرنيوز: أهم ثلاثة أشياء تفضلون /  وثلاثة تكرهون اصطحابها معكم لو كنتم محبوسين في جزيرة ؟ الجحيم في مثل هذه الجزيرة ألا أجد إلا  بيان 38 أكتوبر ونسخة من جريدة لابراس وتلفزيون ليس فيه إلا تونس 7 الانتحار مؤكد . لانتظار بعثة الإنقاذ في أحسن الظروف – بعد وجود الماء والثمار الكفيلة بجعل الانتظار ذو معنى- فبالتأكيد ديوان المتنبي والسمفونية التاسعة لبتهوفن ورقعة شطرنج الفجرنيوز: لو كان بإستطاعتكم العيش في أي زمن من التاريخ , أي الأزمان ستختارون؟  الماضي مرفوض لأنني لا أتصور نفسي أعيش في زمن بلا طبيب أسنان.  المستقبل مرفوض وقد انتهت خرافة التقدم الحتمي . لم يبق إلا الحاضر بتعاساته والعاقل لا يترك ما يعرف من أجل ما يتخيّل .حتى بالنسبة للزمان يمكن أن نقول شدّ مشومك وهل ثمة أشأم من هذا الزمان؟ الفجرنيوز: أهم كتاب قرأتموه وتنصحون بإقتنائه؟ كتاب بالإنجليزية لكاتب أمريكي أعجب به كثيرا وقرأت بنهم كل ما كتب هو Jared Diamond والكتاب هو Collapses – How societies choose to fail or survive. إنه كتاب رهيب لأنه دراسة ميدانية معمقة لأسباب انقراض المجتمعات والحضارات مثل حضارات أمريكا الوسطى قبل الغزو الإسباني أو مجتمعات جزيرة الفصح في الهادي أو جزيرةGroenland. ويظهر الكاتب ببراعة كيف أن العالم المعاصر يعيش أزمات شبيهة بالتي عرفتها هذه المجتمعات مثل تدمير البيئة والتكاثر السكاني. إنه كتاب للقراءة للنظر للسياسة والمجتمعات من أعلى القمم وليس من الحضيض كما هو حالنا اليوم . ما هي الكتابات السياسية التي تشتغلون عليها ؟  أكره  شيئا قدر الكتابة في الشأن السياسي وخاصة التونسي. عندما تنظر لأساليب السلطة واستعمالها لأخس الوسائل من ضرب حمة إلى توزيع الكاسيتات البرنوغرافية ضد زوج أم زياد إلى رمي امرأة على توفيق بن بريك مثل ما فعلوا معي ومع سليم بوخذير تقول حتى معارضة هؤلاء الناس » تطييح قدر ». من حسن الحظ أن هناك الميادين الفكرية الأخرى التي تمكنني من العيش على الأقل في الفضاء الروحي في جوّ نقي ومنعش. وللردّ على سؤالكم يسعدني أن أقول لقرائي أن النسخة الأخيرة ل »كتاب الرحلة « وهو أهم ما كتبت على الإطلاق طيلة الربع قرن الأخير موجود على موقعي www.moncefmarzouki.com.هذا المؤلف أخذ بالضبط 15 سنة كتابة ووضعت فيه كل تجربتي للحياة . وابتداء من هذا الشهر بدأت أواجه مشروعا آخر أضخم هو « كتاب الصحة » الذي أجمع مواده منذ عشرين سنة عبر العمل الميداني وجمع الوثائق وأطمح أن يكون مساهمة متواضعة في الفكر الطبي العربي – ما عدا هذا في ماذا تفضلون قضاء وقتكم – المشي خاصة في غابات الخريف …الموسيقى خاصة روائع باخ وموزار وبتهوفن وفيروز والشيخ إمام …اللعب مع حفيدتيّ عزّة وهناء. ما علمتني إياه الحياة أن المرء حتى وهو في أعمق الأزمات قادر على أن يجد في محيطه ما يشحن به  بطارياته وما يجعله يتواصل بالحدّ الأدنى من السعادة وصفاء الذهن والروح شريطة ألا يتدلّل كثيرا على العالم وأن يفهم أن أهمّ الأمور ليست ما يجري وراءها وإنما التي لا يلتفت إليها . الفجرنيوز: لو كان بإستطاعتكم إعادة عقارب الزمن الى الوراء هل ستقومون بتغيير أي شيء قمتم به ؟ لا شيء باستثناء الولادة . أن يولد الإنسان في هذا العصر عربيا وفقيرا وفي بلد كتونس تهوّر ما بعده تهوّر. ما يبرئ ساحتي أنها لم تكن مسؤوليتي وأنني لم أكف لحظة عن تدارك كل العواقب . الفجرنيوز: في الاخير وبعد ان نشكركم لاتساع صدركم وقبول اجراء هذا الحوار معكم نترك لكم كلمة اخيرة تودون توجيهها عبر جريدة الفجرنيوز؟  
ما أردده  منذ التسعينات: حقوقنا نمارسها ولا نطالب بها ، ارفعوا رؤوسكم ، لا خوف بعد اليوم ، ولا بدّ لليل أن ينجلي …ربما كلمة أخيرة أو شعار آخر:  لا تيأسوا أبدا لا من بلدكم ولا من أهلكم ولا من أنفسكم وإلا كونوا آخر من ييأس ويلقي السلاح .تذكروا حكم الأمة والشعب « وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر » أو  » ما يبقى في الواد كان حجره »  فكونوا البدر والحجر . (المصدر: موقع الفجرنيوزبتاريخ 12 نوفمبر 2009)


بسم الله حبيب الشهداء

إلى روح والدة الشهيد الزعيم الطلابي المهندس عثمان بن محمود          صبرا آل عثمان فإن موعدكم الجنة بإذن الله .


 ملف من إعداد رافع القارصي:حقوقي   أخي عثمان اليوم إنتقلت الوالدة الفاضلة إلى جوارك الكريم في ظل عدالة قدسية الميزان و الأحكام ، إنتقلت إلى جوارك  بعدما إحترقت ألما و حزنا على فراقك  فجفت منها الدموع ووهن منها العظم و إشتعل الرأس شيبا فحنت إلى لقياك لتجديد العهد مع حظنك الدافئ و جبينك الطاهر .   اليوم يا عثمان يا  أنت  يا عريس الجامعة  يا أنت يا شهيد الشهداء ستلتحق أمك الفاضلة بك  حيث أنت ، حيث لاظلم لاحزن لاألم  و لا دموع بعد اليوم .    اليوم يا عثمان  يا أنت يا أول شهيد يا أنت يا  أول شاهد على دموية الجنرال سيجتمع شملك بالوالدة الحنون لتقص عليك آلامها و أحزانها الماضية منذ إستقرت رصاصات الجبناء في صدرك الضعيف  يومها قال عنك  زبانية السلطة  بأنك لص كنت بصدد تسور أحد المنازل حيث تصادف ذلك مرور دورية للأمن تشابكت أنت معها فانطلقت رصاصة طائشة أصابتك و لم تفلح محاولاتهم في إسعافك  حتى أدركك   الموت الذي كان أسرع من الجميع  هكذا  إذا تجرأ  القتلة على دمك الطاهر و على عرضك الشريف بما يؤشر على طبيعة الجريمة النوفمبرية في بداية تشكلها  و من خلال إرهاصاتها الأولى في أواسط ثمانينات القرن الماضي .   اليوم يا عثمان  يا أنت يا  سيد الشهداء يا أنت يا سيد شباب الجامعة و البلاد  ستعلمك الوالدة الحنون بأن مهندس جريمة إغتيالك إرتقى في سلم الوظيفة حتى تسلق أعلى درجاته فطل برأسه الإصطناعي على مملكة قرطاج فدخلها  بعدما ألحق بجمجمتك جماجم العديد من الشرفاء من إخوانك في الجامعة و شركائك في الوطن أبناء شعبك الطيب .   اليوم  يا عثمان  يا أنت  يا زينة شباب حي التضامن  ستعلمك الوالدة  المجاهدة بأن دمك مازال يبحث عن العدالة و الإنصاف و بأن القتلة الذين إغتالوك مازالوا يزرعون الموت في أرجاء الوطن فصوت الرصاص الذى  لعلع في سماء حي الزهور الرابع يوم رحيلك في 18 أفريل 86 هو نفسه الذي  لعلع أخيرا في الرديف  وإن القاتل  الذي أراق دمك  يومها هو نفسه الذي خطط و قتل الفقراء و الشرفاء في الحوض المنجمي  حيث تتواصل الجريمة  و يتعمق الألم .    اليوم يا عثمان  يا أنت يا ضمير الشعب فينا  يا أنت يا صوت الزيتونة القادم بإذن الله، يا أنت يا غضبة الفقراء و المهمشين ، يا أنت يا جرحنا النازف ستغمس اليوم رأسك المخضب بالدماء بين أحضان الوالدة العظيمة لن تخشى الفراق بعد اليوم  ، لن تتقطع أرحامك بعد اليوم ، إنه يوم لا فراق بعده ، إنه يوم لا قطيعة بعده ، إنه يوم لا حزن بعده ، إنه الخلود في دار الخلود  في جنة أعدت للشهداء و الأحرار و المتقين و المجاهدين و حسن أولائك رفيقا .      أما أنت يا أم الشهيد  ، يا أيتها الوالدة  العظيمة ترحلين عنا اليوم  بعدما رحل عنا  بالأمس القريب شهيدك عثمان  ، ترحلين و في صدرك غصة و زفرة و نحيب و ألم يلفك و حرقة في القلب كبيرة حرقة على دم إبنك الطاهر الذي لم نقتص من عصابة  اليد الحمراء  في نسختها الجديدة  التى أراقته ، و لم ننجح في جر القتلة إلى ساحات المحاكم و القضاء ،و لم ننجح في القصاص العادل من زبانية النمور السود  الذين سرقوا منك و منا  ومن شعبنا عثمان  .   معذرة أمي الفاضلة  يا أنت يا أمنا جميعا ، اليوم و أنت تودعيننا إلى جنات الخلد بإذنه تعالى  نخجل نحن إخوان عثمان و رفقائه من جسدك الطاهر المسجى بين المشيعين ، نخجل من دموعك التى لم تتوقف منذ لحظة الإغتيال الآثمة  ، نخجل من أنفسنا  جميعا أفرادا و أحزابا و حركات على ضعفنا و على عجزنا عن كفكفة  دموعك و الثأر من قتلة فلذة كبدك عثمان و لكن ليكن عزاؤك أن ربك ليس بغافل عما يعمل الظالمون ، وأن ربك ليس بغافل عن جرائم الجنرال و أزلامه ،و أن ربك منتقم منهم جميعا و لو بعد حين   عزاؤك يا أنت يا أمنا الكبيرة ، يا أنت يا أم الشهيد عزاؤك إن خانتك عدالة الأرض و غلقت الأبواب في وجهك الكريم فإن أبواب السماء إزدادت إتساعا لدعوتك منذ أن فارقت اليوم روحك الطاهرة عالمنا الآسن و الفاني و إلتحقت بربها شاكية له ظلم  الجنرال و أعوانه  .    يا أم الشهيد  يا أنت يا  خنساء تونس ويا تاج على رؤوس أمهات حي التضامن الأكيد أنك تنتظرين بفارغ الصبر بداية أشغال ومداولات محكمة العدل الإلهية يومها سيرتفع صوت الحق مدويا  لمن الملك اليوم ؟؟؟  يومها ستخر كل الأصنام  ستسقط كل الأوثان سيغرق طغاة سبعة نوفمبر في بحار من دماء  الشهداء  ، الأكيد أنك في هذا اليوم العظيم  ستبحثين عن قاتل عثمان بين صفوف عتاة الظلمة و الجبابرة  ستجدينه حتما مقيدا في الأصفاد  حيث لاحراسة و لا صبغة تغطي  شعره ولا بدلة مستوردة  تستر عورته  عندها ستمسكين به و تصرخين بأعلى صوتك يا ربي هذا  قاتل إبني عثمان سله لما قتل نور بصري و فلذة كبدي ؟؟؟؟ .   في هذا اليوم الذى لا مفر منه سيثأر رب العزة لدم عثمان و لدماء كل الشهداء و المظلومين عندها سترتاحين يا أمنا العظيمة وستتمتعين برائحة عثمان  اللون لون دم والرائحة رائحة مسك  يومها سترددين مع إبنك البار و مع بقية الشهداء أن العاقبة للمتقين و أن  النصر للمستضعفين  وأن الخزي للطغاة و المستكبرين و لو بعد حين .   ملاحق هامة حول جريمة الإغتيال الآثمة :   يعتبرالشهيد عثمان بن محمود  » نحسبه كذلك و لا نزكي على الله أحد  » من رموز طلبة الإتجاه الإسلامي في المدرسة القومية للمهندسين بالمركب الجامعي بتونس العاصمة  حيث عرف بدماثة أخلاقه و بحبه لإخوانه و تعلقه الشديد بالمشروع الإسلامي العظيم مدافعا عن ثوابته الوسطية و حاملا للوائه و مبشرا بشعاراته المركزية في العدالة والحرية في أوساط الطلبة و كذا في أوساط أبناء شعبه سكان حي التضامن ، هذا الحي المقاوم الذى كانت له إسهامات نوعية في كل المعارك التي خاضها شعبنا ضد دولة العنف و التحديث المغشوش في تونس مثل معركة الخبز والكرامة في 3 جانفي 84 و معركة الحرية و الإستقلال الثاني  في 87 و معركة فرض الحريات و الإصلاح السياسي المتواصلة منذ التسعينات و إلى يومنا هذا.   1 ـ ظروف جريمة الإغتيال الآثمة : أقدم النظام على إرتكاب جريمته النكراء في حق أخينا الشهيد عثمان بن محمود مستعينا بوحدة خاصة أطلق عليها بن على عندما كان مديرا للأمن إسم النمور السود و هي فرقة ذات تدريب عالى من حيث التسليح و التكوين و الرسكلة أوكل لها مهمة تصفية و إعتقال رموز العمل الوطني و الإسلامي داخل الجامعة والبلاد و هكذا دشنت هذه الخلية الإجرامية تاريخها الدموي بتصفية شهيدنا عثمان بعد مطاردة في الطريق العام  وبالتحديد في منطقة حي الزهور الرابع حيث كان الشهيد في مهمة دعوية  و ما راعه إلا و سيارات هذه الوحدة الخاصة تحاصره عندها إنطلق بدراجته النارية محاولا الإفلات من الإعتقال إلا أن إنتشار الوحدة الخاصة على طول الطريق حال دون ذلك  حيث تفيد وقائع القضية بأن سيارات النمور السود إنطلقت بسرعة جنونية خلف الدراجة النارية التى يقودها شهيدنا البطل عثمان بن محمود  و شرع الأعوان في إطلاق الرصاص الحي صوب الشهيد  فأصابت إحدى الرصاصات رجله بما أعاقة عن مواصلة قيادة الدراجة حيث سقط أرضا عندها  توقفت السيارات  بجانبه و نزل منها الأعوان و بإيعاز مباشر من قياداتهم الميدانية الذين بالتأكيد راجعوا  قاعة العمليات في الداخلية و أخذوا منها الضوء الأخضر للإجهاز عليه و هو ما تم بالفعل حيث أمطروه بوابل من الرصاص أمام المارة حتى فارق الحياة رحمه الله .   لقد أثبت الطبيب الشرعي الذى فحص الجثة في معهد الطب الشرعي التابع لمستشفى شارل نيكول بالعاصمة تونس بأن الوفاة ناجمة عن إطلاق رصاص كثيف من مسافة قريبة جدا وفي إتجاه أماكن حساسة  من جسد الشهيد » القفص الصدري و ما يحيط به من أعضاء  » قصد إحداث الوفاة بسرعة  و هو ما حصل بالفعل حيث أن الشهيد عثمان وصل ميتا إلى المستشفي المذكور. و للتذكير نشير إلى أن  زبانية النظام قاموا بحملة إعتقالات واسعة في صفوف الإطار الطبي و الشبه الطبي العامل  في مستشفى شارل نيكول على إثر تصوير جثة الشهيد بعد التشريح و قبله الأمر الذي فند مزاعم إدارة الأمن التى روجت بأن الشهيد عثمان قد قتل بسبب رصاصة وحيدة  طائشة أصابته  و لم تفلح كل المجهودات و الإسعافات في إنقاذه حسب البلاغ الرسمي الصادر عن الداخلية التونسية في  هذا الغرض فحين أظهرت الصور المأخوذة للشهيد في بيت الأموات عكس هذه  الرواية الرسمية تماما و هو ما أحرج النظام و زاد في توتره و في إصراره على تعقب كل من صور و وثق الجريمة و دون وقائعها .   2 ـ الحركة الطلابية تنخرط في معركة الشهادة : لم تكن جريمة الإغتيال السياسي التى إستهدفت أحد أبناء الإتجاه الإسلامي في الجامعة التونسية لتمر دون إحداث هزة نوعية في أداء الفصيل الطلابي داخل المركب الجامعي و في بقية الأجزاء الجامعية وذلك بالرغم من حداثة عهد الأداة النقابية الإتحاد العام التونسي للطلبة وقلة تجربتها في مواجهة مثل هذه الأحداث الجسام  إلا أن ظروف النشأة و طبيعة المرحلة  » مرحلة التأسيس » لم تمنعا المنظمة النقابية إ ع ت ط  من قيادة تحركات الطلبة في معركة الشهادة  بالإشتراك مع شرفاء الحركة الطلابية يتقدمهم الفصيل الإسلامي الذي ينتمي إليه الطالب الشهيد عثمان بن محمود حيث أبلت الجماهير الطلابية في كل الأجزاء البلاء الحسن و خاضت ببسالة و شجاعة وإقتدار كل الأشكال النضالية الراقية من إعتصامات و تجمعات عامة و مسيرات داخل الأجزاء توجت بمصادمات عنيفة مع قوات القمع التى لم تستطع بالرغم من حجم التعزيزات و الآليات المستعملة مثل دبابات فرق النظام العام و الحرس و فرق الخيالة و فرق الأنياب و الطائرات العمودية و أرقام خيالية لا يقدر على إحصائها إلا الله و بعده وزارة الداخلية من قوات راجلة مدججة بكل وسائل البطش و القمع و الإرهاب  فشلت جميعها في تركيع الجماهير الطلابية و في إقتحام الكليات الأمر الذي جعل النظام يعوض فشله الأمني بإقتحام المبيتات الجامعية و التنكيل بالطلبة العزل و إقتيادهم إلى دهاليز التعذيب في مقرات وزارة الداخلية و بقية أماكن التحقيق السرية  . إلا أنه و بالرغم من شراسة الهجمة البوليسية على الفضاء الجامعي  إستمرت فعاليات المقاومة الطلابية ثأرا لمقتل الزعيم الطلابي عثمان بن محمود و تنديدا بمشاريع السلطة ممثلة في خطة المدعو بن ضياء الرامية  إلى تدجين الجامعة و محاصرة حرية العمل النقابي و السياسي . لقد أسهمت الدماء الزكية التى سالت من جسم الشهيد عثمان بن محمود في يوم 18 أفريل 86  في التعجيل بسقوط الوزير سئ الذكر المدعو عبد العزيز بن ضياء فتحولت بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل نضالات الطلبة في معركة الشهادة إلى نار أحرقت خيارات السلطة ضد الحركة الطلابية حيث أجبرتها على التراجع وعلى إغلاق المركب الجامعي إلى حدود شهر جوان موعد الإمتحانات السنوية النهائية .   3 ـ تاريخ الجريمة أبعاد و دلالات : ذكرى « تونسة الأمن »:   لا يمكن لأي باحث يدقق في القضايا المعروضة عليه إلا أن يستوقفه تاريخ جريمة إغتيال الشهيد عثمان بن محمود ذلك انه تزامن مع ذكرى تحرص دولة البداوة السياسية في تونس على الإحتفال بها سنويا مؤطرة ذلك الحدث  ضمن  إسترجاع « السيادة الوطنية و بسط نفوذ الدولة على كل الأجهزة و القطاعات السيادية ذات العلاقة بأركان الدولة الحديثة وشروط إستمرارها  و بقائها . إن ذكرى  » تونسة الأمن  » الموافقة ل18 أفريل من كل سنة هذه  » الذكرى  » التى يحرص النظام على إبرازها كمظهر من مظاهر إسترجاع السيادة على قطاع الأمن من المستعمرالفرنسي و تقديم ذلك على أنه مكسبا و طنيا لا بد من المحافظة عليه و الذود عنه و حمايته من كل  المتربصين به  ، إستمر هذا الدجل و النفاق و الزيف طويلا حتى جاءت حادثة إستشهاد الطالب المهندس عثمان بن محمود متزامنة بالكامل مع إحتفالات النظام بذكرى تونسة الأمن  لتسقط القناع كل القناع عن طبيعة هذا الجهاز الدموي الذي ورثته دولة التحديث المغشوش عن السلطات الإستعمارية و حافظ النظام على نفس عقيدته المهنية القائمة على العنف و إدامة العنف و على التنكيل و البطش وزرع الموت و الخوف في أرجاء الوطن تماما كما كان يفعل المستعمر و المقيم العام  بقيادات  العمل الوطني و الإسلامي المقاوم لوجوده فوق التراب الوطني . لقد أزالت دماء الشهيد الطاهرة يوم 18 أفريل 86 كل المساحيق وكل أنواع الطلاء المحلى و المستورد  عن وجه السلطة القبيح  حيث ظهرت التونسة على حقيقتها إذ لا تعدو أن تكون تونسة فقط للسان القائمين على جهاز الأمن » بحكم قلة تحصيلهم العلمي و عدم إمتلاكهم لناصية اللغات الأجنبية »  فحين بقيت العقيدة المهنية و السلوك و الأداء و العلاقة مع أبناء الشعب محافظة على الطبيعة الغريزية و البدائية  المتوحشة لهذا الجهاز الذى لم يكن منذ لحظة التأسيس إلا جهازا تابعا للأجنبي هدفه حماية  السلطة و السلطة فقط  وما جريمة 18 أفريل 86 إلا مكرا إلاهيا  هتك به الله سبحانه وتعالى ستر النظام البوليسى و كشف به عن حقيقة أكذوبة  تونسة الأمن المزعومة إذ ما قيمة تونسة لا تراعي حق الحياة لأبناء تونس و ما الفرق بين  أن يقتل تونسي على يد بوليس فرنسى مستعمر و بين أن يلقى التونسي نفس المصير على يد بوليس يحمل أسماء تونسية و يتكلم بلهجة أبناء البلد  حتما لافرق في أساس هذا الفعل الإجرامي  إلا من حيث الشكل و الإخراج ليس إلا .   4 ـ  الجنرال بن علي يستثمرالحادثة و يرتقي في السلم الوظيفي :   لم تمضي 10 أيام فقط على تاريخ جريمة إغتيال الشهيد عثمان بن محمود حتى تحركت  اللوبيات الأمنية الداعمة للجنرال حيث أوعزت لبورقيبة ضرورة  مكافأة بن علي على هذا الإنجاز الأمنى الذى حققته وحدة النمور السود التى يعود له الفضل في بعثها و تأسيسها . لقد أكبر بورقيبة تفاني هذا العسكري في خدمة النظام بالرغم ما عرف عنه من حساسية تجاه رجال المؤسسة العسكرية فأسرع في ترقية بن علي من مدير أمن إلى وزير داخلية بقرار رئاسي صادر بتاريخ 28 أفريل 1986  وهو ما فتح المجال أمامه لعسكرة الداخلية و خنق الفضاء العام و الإجهاز على ما تبقى من هامش أمام المجتمع المدني و السياسي . إن الإحالة على هذا التاريخ في مسيرة بن علي السياسية له الكثير من الدلالات و المعاني و النتائج لعل من أهمها و أكثرها إيلاما للنفس أن أسهم بن علي في سوق السياسة قصد خلافة بورقيبة و الهيمنة على مملكة قرطاج إرتفعت كلما أوغل في دماء الإسلاميين  و الوطنيين الشرفاء يدلل على هذه الحقيقة و يثبتها كمعطي هام في تحليل المشهد السياسي التونسي  جريمة إغتيال البطل شهيدنا عثمان بن محمود و ما تلى ذلك من موجة قمع و عنف و إرهاب دولة إستمرت حتى دخل الجنرال قصر قرطاج و تعاظمت و إمتدت إلى يومنا هذا . إن العلاقة التلازمية بين الجنرال بن على و العنف كما يؤشر على ذلك تاريخه تجعل أكثر المتفائلين و الحالمين بإمكانية دمقرطة و مأسسة الدولة في عهده أمام إحراج كبير ذلك أنه  لا تاريخه العنيف منذ السبعينات ولا الوقائع  التى أنتجها على الأرض منذ وراثته لبورقيبة تبقيان على أي أمل حتى في مجرد الحلم بالإصلاح في عهده لأن حتى الحلم بالديمقراطية و بالتداول السلمي على السلطة جريمة  يعاقب عليها القانون النوقمبري ….   5 ـ  شعارات و أقوال من وحي حادثة الإستشهاد :   لقد رافقت حادثة الإستشهاد العديد من الأقوال التاريخية صدرت من بعض رموز المجتمع المدني  ولعل من أبرزها و أكثرها رسوخا في الذاكرة الجماعية للطلبة الذين شهدوا و اقعة إستشهاد الطالب عثمان بن محمود   قولة الأستاذ المفكر راشد الغنوشى في معرض تعليقه  على جريمة الإغتيال  حيث قال [ إن دماء الشهيد عثمان بن محمود  و دماء كل الشهداء الذين سقطوا فوق التراب التونسي وهم يقاومون الإستبداد و الفساد  و يتصدون لمنتوج شجرة الزقوم البورقيبية الخبيثة، ستبقى هذه الدماء  سمادا يلقح هذه الأرض الطيبة ضد مشاريع التغريب و العلمنة و الإستبداد. فلا مستقبل لدكتاتورية تتحرك فوق أرض سمادها من دماء الشهداء . ] المفكر الأستاذ راشد الغنوشي   من شعارات الطلبة أثناء معركة الشهادة في المركب الجامعي .  أم عثمان  » رحمها الله  » لا تهتمي دم  عثمان هو دمي  يا شهيد لا تهتم الحرية تفدى بالدم  يا شهيد سير سير هذا عهد الجماهير .  جامعتنا حرة حرة و البوليس على برة     و تستمر معركة الحريات  و من يكرم الشهيد يتبع خطاه .    الملاحق و المراجع : 1ـ كتاب : 8 ماي ربيع الجامعة التونسية 2ـ شريط تونس 87 3 ـ بقايا من ذكريات صاحب المقال .


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الصادق الأمين  

  أفحكم الجاهلية يبغــون؟! ردّا على تصريح الأستاذ نور الدين البحيري بشأن مجلة الأحوال الشخصية

(الجزء الأول)


محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي في الوقت الذي يفترض أن يتنادى فيه جميع العقلاء والحكماء والنزهاء من أهالي تونس الغيورين على مصالح المجتمع التونسي، إلى مراجعة جريئة وصادقة وصريحة لمجلة الأحوال الشخصية ومُلحقاتها القانونية الأخرى، بعد نصف قرن أو يزيد من تطبيق أحكامها وجريان العمل بها[1]، بعد أن انكشف عوارها وعمّت المجتمعَ التونسيَّ أضرارُها وأوضارُها، وبدت لكلّ ذي عينين! مساوئها وسوءاتها، في هذا الوقت يعلن المحامي الأستاذ « نور الدين البحيري » – في مقابلة له مع وكالة « فرانس برس » للأنباء – على لسان الإسلاميين، اعتزازههم بهذه المجلّة، وعدّها من المكاسب التي يجب الحفاظ عليها! حيث قال البحيري  » إن موقف الإسلاميين في تونس حصل فيه تطوّر نوعي ولم يعد هناك حديث عن وضع المكاسب التي تحققت وخاصّة مجلة الأحوال الشخصية أو مؤسسة الدولة موضع تساؤل ». وأضاف أنّ الإسلاميين  » يقبلون بالمكاسب التي تحققت بل يعتزون بها ويعتبرونها مكسبا يجب الحفاظ عليه « . وقال  » أعتقد أنّه لا يوجد إسلامي يدّعي أنّه يرفض مجلة الأحوال الشخصية وبعض المكاسب (الأخرى) التي تحققت أو لا يعتبرها إيجابيات ومكاسب »[2] اهـ. وقبل الخوض في الردّ على كلام الأستاذ البحيري، رأيت من الواجب عليّ أولا مراعاةً لما يقتضيه أدب الخلاف بين الأطراف من التزام القسط والإنصاف، أن آخذ في اعتباري احتمال سوء تعبير مراسل  » وكالة فرانس براس  » عن رأي الأستاذ البحيري، أو سوء فهمه لمقصده، أو عدم الدّقة في ترجمة الكلام المنقول عنه، إن كان التصريح جرى باللغة الفرنسية؛ وأيّ ذلك وقع، فقد كان يحتّم على الأستاذ البحيري أن يبادر إلى التكذيب أو التّصحيح أو الإستدراك! ولمّا لم يصدر عن الأستاذ البحيري حتى اليوم شيء من ذلك؛ وحيث وجدنا نصّ كلامه هذا نفسه متطابقا تماما مع ما نشرته صحيفة القدس العربي وغيرها من الصّحف؛ فكلّ هذا يدعونا إلى القطع بصحّة هذا الكلام المنسوب إليه، وهو ما نرى لزاما علينا وجوب الردّ عليه. غريب – والله – أن يصدر مثل هذا الحكم من الأستاذ « البحيري »، وهو المحامي الذي يتعامل يوميّا مع أحكام هذه المجلّة وتطبيقاتها ومُلحقاتها، ما جعله – كما يقال – ابن بَجْدَتِهَا عِلماً وتجربةً – فهو بذلك يعرف من عيوبها ونقائصها، بل ونقائضها، وما جرّته على الأسرة التونسية خاصّة وعلى المجتمع التونسي عامّة من كوارث ونكبات، ما لا يعرفه غيره من غير أهل هذا الشأن. وقد كان يُنتظر منه – وهو المحامي الإسلامي العارف بدينه – أن ينادي بكلّ جرأة وشجاعة إلى مراجعتها مع ملحقاتها، وإعادة النّظر فيها جميعا، بل محاكمتها إلى كتاب الله، الذي (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : 42] وذلك عملا بقوله تعالى ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [النساء : 59] وقوله جل شأنه ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) [الشورى : 10]، لا إلى الاعتزاز بها وعدّها من المكاسب الجديرة بالمحافظة عليها! إنني أسائل الأستاذ البحيري: لِمَ كلّ هذا الغلوّ! في التعلّق بهذه المجلّة إلى  حدّ الاعتزاز!! وكأنّها تنزيل من حكيم حميد!؟ مع علمه بما فيها من أحكام تتعارض صراحة مع نصوص القرآن القطعية، وهي أمور لا يجوز لأيّ مسلم، يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يقبل بها أو يتغاضى عنها!؟ وإذا أصرّ الأستاذ البحيري على التشبّث بهذه المجلّة على ما بها من مثالب ومخالفات ومعايب، فبأيّ وجه يا ترى يفرض موقفه هذا على غيره من المخالفين؟! للسيد البحيري، ومن هم على مذهبه من إسلاميين وغير إسلاميين، أن يعتزّوا بمجلّة الأحوال الشّخصية، ويقدّسوها! ويعدّوها من المكاسب التي يرون وجوب المحافظة عليها؛ فذاك شأنهم، وحسابهم على الله تعالى في إصرارهم على مخالفة أمره وشرعه بتقديمهم حكمَ البشر على حكمه جلّ شأنه. ولكن ليس من حقّ الأستاذ البحيري أو غيره أن يُلزم بحكمه هذا جميع الإسلاميين، جازما بأنّه  » لا يوجد إسلامي يدّعي أنّه يرفض مجلّة الأحوال الشّخصية وبعض المكاسب (الأخرى) التي تحقّقت أو لا يعتبرها إيجابيات ومكاسب »!! لقد وقع الأستاذ  » البحيري »! بكلامه هذا في عدة محاذير خطيرة، لا يتّسع هذا المقام لعرضها جميعا، ولذا نقتصر هنا على عرض بعض منها: – المحذور الأول: التجنّي على المجتمع التونسي: ويتمثّل ذلك في تجاهل البحيري لمحنة المجتمع التونسي، الذي يكتوي على مدار الليل والنّهار بنار هذه المجلّة والقوانين الملحقة بها، وما نجم عنها من كارثة اجتماعية وإنسانية وخُلقية، أوقعتها هذه المجلّة وملاحقها بالمجتمع التونسي بما أشعلت بين الرّجال والنّساء من نيران الحقد والبغضاء والضغينة والشحناء، وما زرعت بين الأزواج من بذور الشّقاق والاختصام والفراق، واستشراء ظاهرة الطلاق؛ ممّا أفضى إلى تفكك الرّوابط الأسرية، وانبتات الأواصر العائلية؛ فبسبب هذه المجلة تبوّأت تونس اليوم المرتبة الأولى عربيا، والرّابعة عالميا من حيث تعاظم نسبة الطلاق[3]. وإلى هذه المجلّة كذلك يُعزى عزوف الشّباب عن الزّواج، حتى بلغت نسبة عدد العوانس[4] في تونس إلى أكثر من 52 % ، كما يُعزى إلى هذه المجلّة كذلك، استفحال ظاهرة الأمّهات العزبوات[5]، وتكاثر الولادات غير الشرعية[6]. فكيف يسوغ مع كلّ هذا، لعاقل أن يعدّ هذه المساخرَ مفاخرَ! وهذه المفاسدَ مكاسبَ! ينبغي الاعتزاز بها أو الحفاظ عليها!! فيا عجبا! كيف عميت على الأستاذ البحيري وغيره من أنصار هذه المجلّة ودعاتها، أنباءُ هذه الرّزايا والبلايا التي يرزح تحت كلكلها اليوم كلّ من الرّجال والنساء في تونس على سواء، جرّاء مجلّة الأحوال الشخصية هذه التي قُدّمت للمجتمع التونسي على أنّها مكرُمة ونِعمة! فانقلبت عليه نكبة! ونقمة! ومع كلّ هذا، فقد ظلّ أنصار هذه المجلّة ودعاتها متعلّقين بها إلى حدّ التقديس حتى غدت في تونس كبقرة الهندوس!! فلا أحد يجرؤ على نقدها أو معارضتها! ومن ذا الذي يجرؤ على ذلك إلاّ من نصب نفسه هدفا للسّهام الرائشة والحراب الناهشة والنبال الطائشة، تنوشه من كلّ مكان! حيث غدا الاعتراض على أيّ شيء من هذه المجلّة أو نقدها – ناهيك عن الدّعوة إلى إلغائها واستبدالها –  ضربا من الكفر أو المروق! أو أمارة من أمارات الجنون والخُرق!! – المحذور الثاني: افتِئاتُه على الإسلاميين: ويتمثّل ذلك فيما سمّاه البحيري « تطوّر نوعي »! حصل في موقف الإسلاميين بقبولهم بمجلة الأحوال الشخصية ومؤسّسة الدّولة، وإنكاره أن يكون أحد منهم يرفض هذه المجلّة أو لا يعتبرها إيجابيات ومكاسب!! بل ويزعم فوق ذلك اعتزازهم بها!! هكذا نصب الأستاذ البحيري نفسه وكيلا! عن الإسلاميين، منتحلا بذلك صفة النّاطق بلسان حالهم ومقالهم، دون أن يفوّضه أحد منهم، داخل البلاد أو خارجها، حقّ التحدّث باسمهم! أو المجازفة بإصدار هذا الحكم التعسّفي الجائر على الحقّ، المجانب للصّواب، ونسبته إليهم! فهل قبول أيّ مسلم – يا أستاذ البحيري – بقوانين مخالفة صراحة لشرع الله سبحانه، سواء ممّا سنّته الدّولة التونسية أو استوردته قديما أو حديثا – والإغماض عن تلك المخالفات الكبيرة، هو من التطوّر النوعي المحمود! الذي يستحقّ صاحبه التنوية والثناء!؟ وكيف يُحمد منه مثل هذا الموقف الذي يرضي به المخلوقين ويُغضب عليه الخالق – جل جلاله – ويعرّضه إلى سخط الله – سبحانه – وماذا عسى أن يُغني عن المسلم ثناء النّاس أو رضاهم عنه، حين يتّخذ من المواقف الموافقة لآرائهم وأهوائهم ما يوقعه تحت هذا الوعيد الإلهي الرّهيب: ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) [محمد : 25 – 28] . فكيف بعد هذا يجرؤ مسلم على التسليم بهذه القوانين أو الرّضى بها؟! ناهيك أن يعدّها من المكاسب الجديرة بالاعتزاز! إلاّ متى قبل الدنيّة في دينه، فهانت عليه شريعة الإسلام التي أمر الله نبيّه – صلى الله عليه وسلم – وكلّ مسلم من بعده باتّباعها، حيث قال تعالى (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) [الجاثية : 18. 19] . من أدراك – يا أستاذ البحيري – أنّه لا يوجد إسلامي يرفض هذه المجلّة! أو لا يعدّها من المكاسب! فهل أجريتَ في صفوف الإسلاميين استطلاعا فرديا أو جماعيا أو استفتاء عامّا شعبيّا أو فِئويّا، خلصت منه إلى إصدار هذا الحكم الجازم بأنّهم جميعا على مذهبك في قبول هذه المجلّة، والاعتزاز بها والاعتداد بما تسمّيه مكاسب وإيجابيات؟! وما عسى أن يكون موقف الأستاذ البحيري، حين يعلم أنّ طائفة من الإسلاميّين – ومنهم كاتب هذه السّطور- يرفضون اليوم هذه المجلّة وملحقاتها رفضا قاطعا! بسبب ما فيها من مخالفات شرعية! تُدخلها في باب المفاسد التي يلزم – شرعا – درؤها، لا المكاسب التي يجب حفظها! وأنا أدين الله سبحانه برفض كلّ قانون من قوانين الدّولة التونسية مخالف لشرع الله جلّ وعلا. بل إنّي أجزم لك – يا أستاذ البحيري – بأنّ كلّ مسلم عادي – لا شأن له بأمور القانون والفكر والسياسة والانتماء الحركي أو الحزبي، ونحو ذلك – ولكنه متمسّك بدينه عقيدة وشريعة، لو كوشف بما في هذه المجلّة وملحقاتها، وبما في كثير من قوانين الدّولة التونسية من مخالفات شرعية وتشريعات تعارض نصوص الكتاب القطعية! لأعلن فورا براءته منها جميعا، ولنادى بهجرها ونبذها غير آسف عليها، ناهيك أن ينادي بالمحافظة عليها أو الاعتزاز بها!! ألا يرى الأستاذ البحيري، بعد هذا، أنّه بحكمه الجازم ذاك والجائر، قد تألّى على هؤلاء الإسلاميين، بل تألّى على كلّ مسلم! بغير وجه حقّ، فحكم بحكمه ذاك بلا هدى ولا كتاب منير! ولولا أنّ ذاك التّصريح من الأستاذ البحيري يتعلّق بأمر شرعي – لا يجوز لمسلم تجاهله أو السّكوت عنه – لما تكلّف مثلي الردّ عليه، مع جهلي وعجزي وقصور باعي، وقلة بضاعتي! ذلك أنّ في السّكوت عنه، إقرارا له على الباطل، وموافقة له على منكر في الدّين، يتوجّب علينا إنكاره والنّهي عنه، وإلاّ كنّا من الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه! فيلحقنا بذلك من الوعيد ما لحقهم، وإذن فما لنا من الله من عاصم! فلم يكن بوسعي – والحالة ما ذُكر – أن أَلزَمَ الصّمت حيال هذا الكلام الخطير، الذي يجعل السّاكت عنه، فضلا عن الرّاضي به شريكا لقائله في الإثم وعرضة للوقوع معه في الوعيد الإلهي. – المحذور الثالث: وهو محذور شرعي ويتمثّل في التغاضي عمّا في مجلة الأحوال الشخصية وملحقاتها من مخالفات شرعية: لقد أعرب الأستاذ البحيري عن اعتزازه بهذه المجلّة، وسواها ممّا سمّاها (المكاسب الأخرى) وعدّها مكاسب! وإيجابيات! يجب الحفاظ عليها – هكذا دون أن يبيّنها أو يفصّلها لنعرف إن كانت حقّا مكاسب أم مفاسد! – متجاهلا في الآن نفسه ما في كلّ ذلك من أحكام تتعارض صراحة مع نصوص القرآن العظيم وصحيح السّنة المطهَّرة! واعتبارا لضيق المقام، فإنّنا نعرض، بين يدي القرّاء الكرام، في ثنايا هذا الردّ، بعض الأمثلة على المخالفات الشرعية الواقعة بمجلّة الأحوال الشخصية والقوانين الأخرى ذات الصّلة – والتي يعلمها الأستاذ البحيري علم اليقين – مع مقابلتها بالنّصوص القرآنية والأحكام الشرعية، مذيّلة بتعاليق موجزة من الكاتب على سبيل التوضيح، وذلك ليستبين القارئ الكريم وجه المخالفة في كلّ حالة، فبالمثال يتّضح المقال، تاركين للقارئ الكريم حرّية الحكم بعد ذلك لهذه المجلّة أو عليها، وما إذا كانت ممّا يحقّ للمسلمين عامّة والإسلاميين منهم خاصّة – بمن فيهم الاستاذ البحيري – قبولها والاعتزاز بها، أم يجب عليهم شرعا رفضها والبراءة منها. 1 – اعتبار الطلاق ثلاثا من موانع الزواج المؤبّدة: الفصل 14 –  » موانع الزواج قسمان مؤقتة ومؤبّدة. فالمؤبدة: القرابة أو المصاهرة أو الرّضاعة أو المطلّقة ثلاثا « [7]. إنّ عَدّ  » الطّلاق ثلاثا  » من الموانع المؤبّدة، مخالف للنّصّ القرآني في قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء) [انساء : 23 – 24] . تعليق: فلم يَرِدْ في هذه الآية، ولا في غيرها من  جميع آي القرآن الكريم، نصّ على اعتبار الطّلاق ثلاثا، من الموانع المؤبّدة. وإذا كان الدّاعي لهذا المنع القانوني هو ما يزعمونه من القضاء على ما كان يُعرف « بنكاح التحليل »، أو « نكاح المحلِّل » المحرّم شرعا بنصّ الحديث النبوي: « لعن الله المحلل والمحلل له »[8]، ثمّ إنّ هناك سبلا زجرية كثيرة وطرقا جزائية عديدة، يمكن توخّيها للقضاء على هذا النّوع من النكاح دون حاجة إلى تحريم ما أحلّ الله في مخالفة صريحة لشرعه الحكيم. 2 ـ  تحريم زواج الرّجل من مطلقته ثلاثا بعد طلاقها من زوج غيره: – الفصل 19  » يُحجَّر على الرّجل أن يتزوّج مطلَّقتَه ثلاثا »[9]. ومعلوم – شرعا – أنّ تحريم المطلَّقة ثلاثا، مخالف صراحة لنصّ الآية الكريمة (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [البقرة : 230] . تعليق: فبأيّ وجه يا ترى يحرّم هذا الفصل القانوني ما أحلّ الله؟! وقد يكون بين الطّرفين أولاد، ومن مصلحتهم أن يرجع أبواهم إلى بعضهما بعضا ليلتئم بذلك شملهم بعد تفرّق، فلماذا يحرمهم القانون من ذلك؟! ألا يكون القانون بهذا المنع، قد قطع من الأواصر ما أمر الله به أن يوصل؟! فهل يظنّ واضعو القانون التونسي أنّهم أعلم بمصالح العباد من ربّ العباد، فيحرّموا ما أحلّ الله (قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ) [البقرة : 140] . 3  ـ  تحريم تعدّد الزوجات[10] :         – الفصل 18من مجلّة الأحوال الشخصيّة:  » تعدّد الزّوجات ممنوع. كلّ من تزوّج وهو في حالة الزوجيّة وقبل فكّ عصمة الزواج السّابق يعاقب بالسّجن لمدّة عام وبخطيّة قدرها مائتان وأربعون ألف فرنك أو بإحدى العقوبتين ولو أن الزواج الجديد لم يبرم طبق أحكام القانون. ويعاقب بنفس العقوبات كلّ من كان متزوّجا على خلاف الصّـيغ الواردة بالقانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرّخ في 1 أوت 1957 والمتعلّق بتنظيم الحالة المدنية ويبرم عقد زواج ثان ويستمرّ على معاشرة زوجه الأوّل. ويعاقب بنفس العقوبات الزوج الذي يتعمّد إبرام عقد زواج مع شخص مستهدَف للعقوبات المقرّرة بالفقرتين السّابقتين ولا ينطبق الفصل 53[11] من القانون الجنائي على الجرائم المقررة بهذا الفصل « [12]. هكذا حرّم الفصل 18 من مجلّة الأحوال الشخصية، ما أحلّ الله عزّ وجلّ من التعدّد، في مخالفة صريحة للنصّ القرآني، حيث قال تعالى في محكم التنزيل (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً)[13][النساء : 3] وقال أيضا (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ[14] فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً) [النساء : 129]. تعليق: وهكذا قضى وضّاع القانون التونسي بتحريم التّعدد تحريما قاطعا! في اعتداء منهم على حكم الله سبحانه الذي قضى بحلّه، من جهة، ودون أن يأخذوا في اعتبارهم، من جهة أخرى، الأحوال الاستثنائية للعديد من الأسر والعائلات التي تكون فيها المرأة مريضة أو عاقرا، ممّا يُحْوج الرّجلَ في هذه الحال إلى الزّواج من أخرى؛ ومع تعلّق الزوجيْن بعضِهما ببعض، وموافقه المرأة لزوجها على الاقتران بثانية، فقد قضى الفصل 18 – رغم ذلك – بقطع أواصر آلاف الأسر، وتشتيت شملها وتفريق جمعها، حيث يُضطرّ الزّوج إلى طلاق امرأته قَسْرَ إرادته وإرادتها! وهكذا تنقلب المرأة التي يزعمون حمايتها، ضحيّة لهذا القانون الجائر الذي يقضى بحرمانها من الحياة الزوجية، ويحكم عليها أن تعيش أيّماً مدى الحياة!! فهل أنصف القانون هذه المرأة المسكينة أم هو قد جار عليها؟! فإذا هو كما قال القائل: رَامَ نفعاً فضَرَّ مِن غَيرِ قصدٍ    ومِنَ البِرِّ مَا يَكون عُقُوقاً كما لم يأخذ حكّام تونس في حسابهم – حين حرّموا التعدّد المشروع وجرّموه – ازديادَ نسبة أعداد النّساء[15] على أعداد الرّجال، وهذا ما شهدت به الإحصاءات الحديثة فعلا، إذ  » أظهرت بيانات إحصائية أنّ عدد الإناث في تونس أصبح يفوق عدد الذكور..ووفقا لهذه البيانات التي أعدّها المعهد الوطني التونسي للإحصاء على خلفية مسح يتعلق بالخصائص الديمغرافية للسكان في تونس أنجزه العام الماضي، فإنّ عدد السّكان في تونس يتوزّع حسب الجنس إلي 5 ملايين و100 ألف و400 نسمة من الذكور و5 ملايين و108 آلاف و500 نسمة من الإناث..هذه الأرقام تُظهر أنّ عدد الإناث في تونس تجاوز ولأوّل مرّة عدد الذّكور بما يناهز 8000 نسمة « [16]. فما هو الحلّ الذي يراه حكّام تونس وأنصارهم من أعداء التعدّد الشرعي، لهذه الأعداد المتزايدة من النّساء اللائي لا يجدن في تونس أزواجا؟! فهل يتعيّن عليهن الرّحيل خارج البلاد التونسية بحثا عن رجال؟! أم يتوجّب على الحكومة التونسية استيراد رجال لهنّ من الخارج؟! وإذا كان من غير المعقول تصديرهنّ، ولا توريد رجال لهنّ، فهل عليهنّ – إذعانا لهذا القانون الجائر عليهنّ – أن يتبتّلن ويُلزمن أنفسهنّ بالرّهبانية! التي أبطلها الإسلام لِمَا فيها من مصادمة لفطرة الله التي فطر النّاس عليها؟! أم عليهنّ أن يظللن عوانسَ يكابدن وحشة الوحدة والإنفراد والغربة بين أهليهنّ؟! وما ذنبهنّ حتى يحرمهنّ القانون من حقّهنّ الطبيعي والشرعي في حياة زوجية كريمة، ولو كان ذلك بمشاركتهنّ لبنات جنسهنّ في أزواجهنّ! إذا ما تراضوا على ذلك فيما بينهم بالمعروف؛ فهل يُعقل أن يرضى الخصوم ولا يرضى القانون؟! بدل أن تستشري – كما هو مشاهد اليوم – في المجتمع التونسي ظاهرة المخادنة بين الرّجال والنساء بسبب حرمان الكثيرات منهن من المعاشرة الزوجية الشرعية! فأيّ الأمرين أفضل للمجتمع يا ترى، تعدّد الحليلات، أم تعدّد الخليلات؟! أليس في منع التعدّد – والحالة ما ذكر – إضرار بهؤلاء النّساء، ودفع لهنّ لمواقعة الفاحشة! والسّقوط في مهاوي الرّذيلة! وملاحقة السّياح الأجانب واللهاث وراءهم ومرادودتهم على الاقتران بهنّ[17] من أجل تمكينهنّ من الهجرة بواسطتهم إلى البلاد الأوروبية؟! هذا وقد جاء في تقرير الحكومة التّونسية المقدّم إلى الأمم المتّحدة والمتعلّق بالعهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية ما نصّه:  » ويمثل إلغاء تعدّد الزّوجات بمقتضى قانون الأحوال الشخصيّة وإقامة نظام الزّوجة الواحدة تعبيراً آخر عن مبدإ المساواة بين الرّجل والمرأة. وقد أصبح تعدّد الزّوجات الذي كان هو المظهر الأكثر فجاجةً[18] وظلماً[19] لعدم المساواة بين الزوجين جنحة يعاقب عليها القانون الجنائي وفضلا عن ذلك فإن الزواج الجديد باطل « [20]. فهل يجرؤ امرؤ – يزعم إنه مسلم – على وَصْمِ حكم من أحكام الله – جلّ وعزّ – « بالفَجاجة والظّلم »!! مجيزا لنفسه حقّ إزالته وإلغائه وتحريم ما أحلّ الله!! تحقيقا للعدل والمساواة! بزعمه!؟ إنه لا يجرؤ على ذلك إلاّ من خلع ربقة الإسلام عن عنقه؟! بمضادّته لله في حكمه! والله تعالى يقول ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) [النحل : 116] . (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ) [يونس : 59] (وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [الرعد : 41] . ومع تحريم هذا القانون لتعدّد الزوجات المشروع، فقد أباح تعدّد الخليلات الملعون!! حيث استفحلت في المجتمع التونسي اليوم جريمة المُخادَنَة والمُخالّة! وأصبح اتّخاذ الأخدان من النساء والرّجال ظاهرة معروفة! وعادة مألوفة! في المجتمع التونسي لا تثير استنكارا ولا استغرابا! بل هي – مع انتشارها واستشرائها ومخالفتها نظريّا للقانون – فلا تثريب على فاعليها! ولا عقاب على مرتكبيها! الأمر الذي جعل  » نسبة 15,8 % من حالات الطّلاق هي نتاج المشاكل الجنسية والخيانة الزوجية وقلّة الثقة والغيرة « [21]. 4 – الطّلاق: (ويعنينا منه هنا الفقرة الثالثة من الفصل 31 أدناه). – الفصل 31 (جديد)  » يحكم بالطّلاق: – أوّلا بتراضي الزوجين. – ثانيا بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر. – ثالثا بناء على رغبة الزوج إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به ويقضي لمن تضرّر من الزوجين بتعويض عن الضّرر المادّي والمعنويّ النّاجم عن الطّلاق في الحالتين المبيّنتين بالفقرتين الثانية والثالثة أعلاه. وبالنسبة للمرأة يعوّض لها عن الضّرر المادّي بجراية تدفع لها بعد انقضاء العدّة مشاهرة وبالحلول على قدر ما اعتادته من العيش في ظلّ الحياة الزوجيّة بما في ذلك المسكن. وهذه الجراية قابلة للمراجعة ارتفاعا وانخفاضا بحسب ما يطرأ من متغيّرات وتستمرّ إلى أن تتوفّى المفارقة أو يتغيّر وضعها الإجتماعيّ بزواج جديد[22] أو بحصولها على ما تكون معه في غنى عن الجراية. وهذه الجراية تصبح دينا على التّركة في حالة وفاة المفارِق وتُصفّى عندئذ بالتّراضي مع الورثة أو على طريق القضاء بتسديد مبلغها دفعة واحدة يراعى فيها سنّها في ذلك التّاريخ، كلّ ذلك مالم تخيّر التّعويض لها عن الضّرر الماديّ في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة « [23]. فأين هذا ممّا جاء في الكتاب العزيز من أمر الله سبحانه للرّجال بحسن معاشرة نسائهم بالمعروف حيث قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء : 19] . وما بيّن سبحانه من حقّ النّساء المدخول بهنّ في ملكية المهور المقدّمة لهنّ، ومنع الرّجال من استرجاع أيّ شيء منها في حال الطّلاق، حيث قال تعالى (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظا) [النساء 20 – 21] . كما جعل الله سبحانه – عند تعذّر حسن العشرة بين الأزواج – أكمل منهاج للطّلاق  وهو منهاج إلهي لا حيف فيه ولا ظلم ولا محاباة لطرف على آخر، فقال سبحانه (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة : 229] . (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [البقرة : 231] وقوله (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة : 232] (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [البقرة :236 – 237] . وقوله سبحانه  (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) [الطلاق : 1] ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) [الطلاق : 2] . تعليق: فهل يجد المرء – مع ما رأينا من حيف الفصل 31 على الرّجال – أيّ أثر لما يُزْعَم من العدل والمساواة بين النّساء والرّجال؟! وهل ترى مثل هذا القانون، بما ينطوي عليه من غبن للرّجال ومحاباة للنساء، يغري الشباب بالإقدام على الزّواج أم هو – بما ألزم به الأزواج من غرامات وجرايات، وعقوبات – إنّما سدّ في وجوه هؤلاء الشباب طريق الزواج الشرعي، وثبّطهم عن ولوج بابه، بل دعاهم إلى الفرار منه، هروبا من عقابيله وعواقبه الوخيمة تلك التي يعانيها الأزواج جرّاء الفصل 31 والفصل 53 وغيرهما من فصول مجلة الأحوال الشخصية وسواها من القوانين؟! ولمّا كان بوسع كثير من الشباب التونسيين من ضحايا خطّة تجفيف منابع التدين أن يستبيحوا حرمات الله، دون رقيب عليهم ولا نذير! ليقضوا متى شاءوا من أي من النّساء أوطارهم ولُباناتِهم ويحقّقوا منهنّ شهواتهم ونزواتهم، بكلّ حرية! بعيدا عن الرّوابط الزوجية الرسمية، وما ينجرّ عنها من تبعات قانونية والتزامات معاشية وتموينية أو عقوبات قضائية أو تحمّلات عائلية أو تكاليف مادّية! وهذا ما عبّر عنه أحد الشباب صراحة بقوله:    » لماذا أتزوج أصلا؟! إن كنت أستطيع الحصول على ما أريد مجانا[24]. فما الذي يدعو هؤلاء الشباب إذن إلى التقيد بقيود الزواج؟! وكيف يُقدمون على التّعاقد على الزواج من نساء وقع تأليبهنّ على الرّجال باسم الحرية والمساواة، كما جرى (تسليحهنّ)! من قبل « وزارة المرأة والأسرة » بجهاز إنذار مبكّر! حيث وضعت تحت أيديهنّ خطّا هاتفايا مجانيا سُمّي « الخطّ الأخضر »[25] تستطيع بواسطته أيّ منهنّ – عند أي خلاف لها مع زوجها – أن تستنفر له أعوان البوليس! فيحضروا في طرفة عين! ليأخذوه في الأغلال مصفّد اليدين! بتهمة العنف أو التهديد بالاعتداء، أو محاولة الاغتصاب[26] وهو وضع أفزع الشّباب التونسيين، وصرف اهتمامهم عن التفكير في الإقدام على الزواج الذي أصبح اليوم في تونس مخاطرة! غير مأمونة العواقب!! فهل ترى هؤلاء الشباب يرضون أن يدخلوا طواعية فيما يُسمّى « القفص الذّهبي » – الذي استحال في تونس اليوم « قفصا حديديا من الفولاذ الصّلب »، أشبه ما يكون بقفص الوحوش المفترسة! – حيث تطوِّق أغلالهُ الثقيلة أعناقَهم وتغلّ قيودُه القاسيةُ أيديَهم وأرجلَهم! ليُرمى بهم في غياهب السّجون بتهم كيدية!! فمن ذا الذي يؤثر حياة السّجن وعذابه على حياة الحرّية وملاذّها المجانية في الدّيار التونسية؟! أبعد كلّ هذا يستغرب عاقل عزوف الشباب هذه الأيّام عن الزواج؟![27]. ألا يكون حكّام تونس أصحاب هذه القوانين، هم من يتحمّلون تَبعة هذا الاختلال أو الانخرام الذي يدبّ اليوم في كيان المجتمع التونسي ويؤذن بتفكيكه عاجلا أم آجلا، بسبب تلك التشريعات الظالمة الباطلة!؟ 5 – الفصل 53 المتعلق بالنفقة والجراية العُمُرية: أمّا صرف الجراية الشهريّة والنّفقة، فقد قضى الفصل 53 من مجلّة الأحوال الشخصيّة المنقّح في 12 – 7 – 1993 بعقوبة صارمة على الرّجل حال التخلّف عن الدّفع إذ جاء فيه:  » كلّ من حُكم عليه بالنّفقة أو بجراية الطّلاق فقضى عمدا شهرا دون دفع ما حكم عليه بأدائه يُعاقب بالسّجن مدّة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام وبخطيّة من مائة دينار إلى ألف دينار، والأداء يوقف التّتبعات أو المحاكمة أو تنفيذ العقاب. ويتولّى صندوق النّفقة وجراية الطّلاق دفع مبالغ النّفقة أو جراية الطّلاق الصّادرة بها أحكام باتّة – تعذر تنفيذها – لفائدة المطلقات وأولادهن من المحكوم عليه بسبب تلدّده وذلك وفقا للشروط المنصوص عليها بالقانون المحدث للصندوق. ويحلّ هذا الأخير محلّ المحكوم لهم في استخلاص المبالغ التّي دفعها « [28]. – وأما بشأن النّفقة والحضانة؛ فقد قال تعالى في محكم التنزيل: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة : 233] وقال جلّ وعلا (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) [الطلاق : 6] (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ) [الطلاق : 7] . (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) [البقرة : 241] . تعليق: نعم إنّ مقاضاة الرّجل الملِيءِ الوَاجِدِ المحكومِ عليه بالنّفقة، تكون مشروعة من أجل إلزامه بتسديد ما عليه من واجب النّفقة، عملا بقول النبيّ – صلى الله عليه وسلم –  » لَيُّ الواجد[29] يُحِلُّ عِرضَهُ وعقوبتَهُ « [30]. وأمّا المُعسر، وخصوصا العائل الذي لا يجد موردا للعيش – مع استفحال آفة البطالة اليوم في المجتمع التونسي – فمن أين له الإنفاق من دون أن تؤمّن له الدّولة موطن شغل، يعول منه أسرته[31]، وأيّ فائدة يا ترى تعود على المرأة من حبسه في السّجن وتغريمه، رغم إعساره، غير إيغار صدره على تلك المرأة المتسبّبة في عقوبته، الأمر الذي قد يدفعه يوما ما إلى الانتقام منها، بكلّ سبيل! وهذا واقع الحال شاهد بصحّة المقال!! ألا يكون هذا القانون، بما قضى به من عقوبة قاسية على الرّجال، دون مراعاة لما هم عليه من حال الإعسار، قد أشاع في نفوس كثير منهم من الأحقاد، وزرع في قلوبهم من الضغائن على النّساء، ما يفضي بهم إلى ارتكاب جرائم القتل! والاعتداء على مطلّقاتهم؟! فأين هذا ممّا دعا إليه القرآن من استحضار الفضل بين الرّجال والنّساء حيث قال – جلّ شأنه – ( وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [البقرة : 237] . وللحديث – إن شاء الله – صلة كتبه فقير ربّـه: محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي عنوان البريد الالكتروني:  mohamed-zemzemi@hotmail.de   [1] –  صدر بها أمر 13  أوت 1956. ونشر بالرائد الرسمي التونسي عدد 66 الصّادر في 17 أوت 1956. وبدأ إجراء العمل بها في أول جانفي / يناير سنة 1957 . [2] – القدس العربي بتاريخ 24. 10. 2009 / جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 05 ذو القعـدة 1430 هـ 24 . 10. 2009 . [3] –  وقد أطلق أستاذ علم الاجتماع بلعيد أولاد عبد الله صيحة فزع بسبب تفشي ظاهرة الطلاق في تونس. وقال في لقاء مع جريدة الصباح التونسية « إن تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا في نسبة الطلاق. ودعا إلى ضرورة الوقاية من هذه المعضلة الاجتماعية وذلك بمزيد توعية الشباب المقبلين على الزواج وتحسيسهم بأن الزواج هو مشروع جاد.. ويتعين عليهم حسن اختيار القرين وإدراك أن الحياة الزوجية تختلف عن حياة العزوبية ». راجع جريدة الصباح في عددها الصادر يوم 10 فبراير 2007. [4] – فقد كشف المسح الذي أجراه  الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري بالتعاون مع منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وجامعة الدول العربية (وحدة المشروع العربي لصحة الاسرة) سنة 2006 وشمل 9 آلاف أسرة. عن أن 93 فاصل 6 بالمائة من التونسيات المتراوحة أعمارهن بين 15 و24 سنة عازبات، وتبلغ نسبة العازبات للفئة العمرية الممتدة بين 25 و34 سنة 52 فاصل 6 بالمائة، وللفئة العمرية بين 35 و49 بالمائة 14 فاصل 2 بالمائة وللفئة العمرية التي تفوق 50 سنة 3 فاصل 3 بالمائة. (جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 فيفري 2008 ). [5] –  قالت جريدة « الصباح » نقلا عن مصالح الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري التابع لوزارة الصحة العمومية إن عمليات الإجهاض الدوائي تطبق حاليا في مصحات الديوان لتخليص الحوامل العازبات، وخاصة من فئة المراهقات من الحمل غير المرغوب فيه خارج إطار الزواج.. وتقول مصادر من وزارة الصحة إن ظاهرة الولادة خارج إطار الزواج شهدت تزايدا مقلقا في السنوات الأخيرة. وقد ابتكرت مصالح وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية مراكز لتأهيل « الأمهات العازبات »، خاصة وأن المرأة عند حدوث الحمل والولادة خارج إطار الزواج تتعرض لتهديد وخطر على حياتها من قبل أسرتها.. وكان الديوان الوطني للأسرة قال في دراسة سابقة إنه يتم تسجيل أكثر من 100 مولود غير شرعي كل سنة، من خلال متابعة الحالات التي تصل المستشفيات العمومية… وتعيش في مركز « أمل » لتأهيل الأمهات العازبات في إحدى ضواحي العاصمة حوالي 60 فتاة تتراوح أعمارهن بين 14 و25 سنة صحبة أبنائهن.(قدس براس – العربية نت ). كما  تؤكد الإحصائيات الرسمية والمدنية وجود أكثر من 4000 أم عازبة في تونس. راجع موقع أشهيار عبد الجواد:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=132251 [6] –  حيث تقدم سنويا أزيد من 3000 أم عازبة على الإجهاض، وفي سنة 2005 صرحت وزارة الصحة التونسية أن أزيد من 2118 عملية إجهاض شهدتها المستشفيات التونسية. موقع أشهيار عبد الجواد: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=132251


الاسلاميون في عهد   الرئيس بن علي الخلل,  الاختلاف ,  الخلف


بوعبدالله بوعبدالله عدم الانسجام الفكري او الرؤية  الجماعة ضمت في صفوفها جميع شرائح المجتمع تقريبا من الامي الى صاحب اعلى الدرجات العلمية من ابسط المهن الى ادقها , الغني والفقير , ابن الريف و  المدينة   و القرية  جمعت كل مكونات المجتمع تقريبا   كلهم اول تجربة لهم في العمل السياسي الحزبي   حركة اسلامية لكن لا تضم في صفوفها الا قلة قليلة من خريجي الزيتونة  وان وجدوا فدورهم توجيهي لم تكن لهم متابعة دقيقة لكل ما يجري داخل الحركة . فالعديد من خريجي الزيتونة يرفضون الانتماء التنظيمي للحركة ويساندونها في  توجهها الفكري الاسلامي وهذا قد يكون دليلا على ان الحركة في توجهها الفكري لم تجد معارضة من  الزيتونيين الذين هم رمز للمرجعية الشرعية في تونس قد اشرنا من البداية ان فكر الحركة سليم مرجعية اسلامية  من دون غلو ولا  تقصير. اين الخلل اذا؟ الخلل ان داخل الفكرة نفسها قد توجد رؤى مختلفة المنتهج     يفصل بين هذه الرؤى او التوجهات بآلية التصويت , هذا سليم ,  لكن اذا  اختلفت الرؤى او التوجهات ونتج عن هذا الاختلاف اختلافا في المنهجية هنا الخلل, لان الاختلاف في المنهجية لا يحسم بآلية التصويت وانما من البداية  يجب ان يكون لكل فريق جماعته الخاصة به ,  وهذا اسلم, فمنهج من يريد التغيير من اجل الوصول للسلطة ليس كمنهج من لا يفكر في السلطة اصلا    خصوصا وان  الجماعة تضم في صفوفها اصحاب هذا التوجه وذاك . و تضم ايضا من يرفض  المزج بين السياسة والدعوة وفيها من يرى السياسة هي الاساس ,   لان اصحاب الرؤى والمناهج المختلفة ان كانوا في جماعة واحدة فكل طرف لم تنجح رؤيته عبر التصويت يسعى جاهدا لابراز عجز وعدم جدوى الرؤية الفائزة لانه غيرمستعد نفسيا وقناعة ان يعمل ضمن رؤية هو يراها مناقضة لرؤيته ان اختلفت رؤيتهم و اتحد منهجهم يتعاونون على انجاح المنهج اما اذا اختلف المنهج فيصعب الانسجام وان وجد فانه مصطنع اي لا ينبع من قناعة     الخلل  في عدم اعطاء هذا الاختلاف في المنهج الاهمية لان الفرد القاعدي الذي يمثل الاغلبية ليس له اي اطلاع على تناقض الرؤى واختلاف المناهج التي حسم امرها قياديا بالتصويت , في حين انه هو العنصر المابشر للتنفيذ  وهويتحمل العبء الاكبر في العملية ,  فالاسلم ان يكون على اطلاع وان استحال اطلاعه بحكم السرية وجب ان تلتزم القيادة وحدة المنهج الظاهر للعموم . وان اختلف المنهج وجب الاعلام وان كان في ذلك اختراقا لسرية المعلومة لان امن الفرد مقدم في كل الحالات وهو مقصد , والخلل ان تغيب هذه المسالة عن القيادة    البعض يقول لا عيب ما دام الامر يحسم بالتصويت في الاختيار  ,  نعم لكن التصويت يجب ان يكون بين رؤى  متقاربة  منهجها واحد  لا متناقض     لاننا نتحدث عن تركيبة تنظيمية سرية  لا يمكن للطرف المعارض فيها ان يوقف ما اقره التنظيم عبر الاقلية الخلل ان تقاد الفكرة من دون ببصيرة الخلل ان  ان تسند قيادة الفكرة لمن لا بعد نظر له  اي من ينظر دوما تحت قدميه وان رفع راسه يضع نظارات سوداء و شدة عداوته للطرف الاخر تنسيه مبادئه السامية وافكاره النيرة النابعة من الاسلام التي هي ملزم شرعا بالحفاظ عليها وعلى كل المكاسب التي تحققت لصالح الفكرة الام الخلل ان تتيها الفكرة في اروقة الساسة في الاصل الفكرة هي التي تقودنا في كل شيء   لا السياسة  . الجماعة الضعيفة اعمالها غالبا تكون   رد فعل لا فعل ,لان الفعل من ميزات القوي . والضعيف  في تعاطيه السياسة هو معرض اكثر من غيره للانحراف والاساءة للمبدا   وهذا خلل , فالاسلم ان    لا نسلك اي مسلك سياسي  ينسينا مبادئنا الاساسية  فلا يكلف الله نفسا الا وسعها وان كانت سلامة الفكرة والحفاظ عليها وعلى مكاسبها , تتطلب ان لا ازاحم اهل السلطة في سلطتهم فيجب علي ان ارفض اي مسلك سياسي قد يوقعني في هذا المنعرج الخطير , لان حماية الفكرة مقدم على اي مكسب سياسي لامر بسيط الفكرة هي التي تدوم وتجمع وانما المواقف السياسية فهي متغيرة غير ثابة وقد تفرق  والتجربة بينت ان التغييرات السياسية قد يحدثها فرد بمفرده وقد يعجز عنها تنظيما بكامله يضم الالاف       الخلل السلوكي  الخلل ان يكون التنظيم هو المحدد لسلوكيات الفرد الاصل ان الشرع هو المحدد لاخلاقنا وسلوكنا مع الاخر  ولا يمكن باي حال او تحت اي عذر ان ننحرف عن الضوابط الشرعية ,  علينا ان نحذر الغرور على اساس  اننا احسن الناس  وانه لا مثيل لنا  فهذا خلل ظهرت بعض الظواهر السلوكية بعد المحنة لم تكن الجماعة  تعرفها من قبل مما قد يوحي ان بعض السلوكيات كانت مصطنعة فينا  قد فرضها التنظيم على اتباعه , اي ليست من طبعنا كان سلوكنا حسن مع بعضنا ومع من بخالفنا الراي فاصبح اليوم -عند البعض منا –  سيئ  مع من يخالفنا الراي وفيما  بيننا سلوكنا فيما بيننا  ظهرت بعض الامراض بعيدة كل البعد عن فكرنا النير وعن مبادئ  ديننا الحنيف , يضيق المجال للتعرض لها  كلها لكن نعرض بعضها  باختصار  الخلل ان تجتمع اجسادنا وتتفرق قلوبنا ظهرت فينا عصبية تنظيمية مقيتة نتيجة سوء فهم البعض منا لمعنى التنظيم . عصبية فرقت ابناء الجماعة الواحدة  فاصبح الخير ما يراه التنظيم خيرا والشر ما يراه التنظيم شرا , واصبح القرار التنظيمي هو المحدد للعلاقات و  اي اختلاف تنظيمي ينجر عنه مباشرة مقاطعة وسلوك اجتماعي منافي لقيمنا الاسلامية الداعية للاخوة والتحابب ,  البعض يتبع التعاليم التنظيمية وان كانت مخالفة للتعاليم السماوية الاسلامية الا يدل هذا ان ما بنادي به بعضنا من قيم هو مجرد زيف اي انها مصطنعة؟  فبمجرد قرار تنظيمي تنقلب المحبة الى عداوة وخصام الغرور التنظيمي  خلل يصر البعض  ان يتواجد من يمثل التنظيم في كل مؤسسة وادارة  ولا يتم الاختيار الا عبر قرار تنظيمي اي الاختيار ليس على اساس الاصلح او الانسب وانما على اساس الولاء للتنظيم ,  اليس هذا بغرور معناه لا خير الا في ابناء التنظيم . الم يحدث هذا الامر لنا مشاكل عديدة مع غيرنا من الاخوان بل مشاكل فيما بيننا ؟؟ لما يصر البعض على اقحام التنظيم في كل صغيرة وكبيرة ؟؟ لماذا فاقد الشعبية الجماهرية  والقدرة لتولي المناصب يلجا للتنظيم للحصول على المنصب من خلالا امر تنظيمي بالتصويت لصالحه  , هذا خلل ,  والاخطر ان تكون القيادة  مشاركة في عمل كهذا الخلل ان يكون لك سلوكا تنظيميا مخالفا للشرع ان مثل هذا السلوك يسئ للفكرة  التي نحن ملزمون بحمايتها وخدمتها  وينال من سلامتها ومصدقيتها  وندخل تحت اطار ,قول  ما لا نفعل ,   لان الاخر اول ما يطلع عليه هو سلوكك مع نفسك ومع اخوانك قبل غيرهم السلوك مع الاخر في عمومه جيد وتحكمه المواقف السياسية فالبعض ممن نال منا بالامس  وجد الترحاب والقبول والتنسيق , يستثني البعض منا -من الاخر- السلطة  فسلوك  المنتظمين محكوم بالقرارات التنظيمية السائدة اي التعامل معا السلطة من خلال الاخطاء وحمل الماضي وروح التصادم لا التقارب  . من خلال حصر النفس في الواقع  من دون نظر للمستقبل  ,   لان السلوك هنا يحكمه  القرار التنظيمي لاننا لو اعتمدنا سلوكنا الاسلامي لا التنظيمي لقلنا الخير في ما هو حسن وقد نغض الطرف عن السيئة  ونعمل للتقارب متحلين بالصبر     يتبع: الاختلاف  


في انتظار الجزء الثاني لمقال السيد بو عبد الله

 


عماد الطرابلسي  
ليعذرني السيد بو عبدالله على صراحتي: -المقال من أضعف ما قرأت من حيث الشكل و المضمون. -لم أر للعنوان المبرز لاسم الرئيس-الذي يكاد العاشقون له  أن يملوا سماع اسمه- أي علاقة جوهرية بالموضوع. علما و أني لم أفهم قصدك ب »الخلف ». -المراجعات لا تهدف أبدا للبحث عن المسؤول عن كل ما حصل أو توجيه الاتهام الى جهة ما و إنما إلى تحديد الخلل في المنهج.أما ما ترمي إليه فمعلوم من الديمقراطية بالضرورة و هو أن المؤسسة التي قادت أي حزب إلي أي مأزق أو كارثة أو حتى هزيمة إنتخابية  غير منتظرة هي من يتحمل المسؤولية و إن لم يستقل رأس الحزب الذي طبع المرحلة-و هذه ابسط تقاليد الديمقراطية -فليس ذاك الرئيس سوى مشروع دكتاتور و إن تعلل بأن صندوق الإقتراع هو الفيصل  .و في حالتنا هذه فلا عجب أنه لم يستقل أحد إذ أن الديمقراطية ثقافة لا تكتسب بالنوايا الحسنة و ليس أبناء الحركة الإسلامية إلا ضحايا الدكتاتوريات المتعاقبة علينا و آخرها هذا الذي يجثم على صدورنا منذ  22 سنة و ربما ل22 سلة  أخرى إن مد الله في العمر ليغير الدستور بعد كل إنتخابات -طبعا بإلحاح من الشعب-.علما و أني شديد التفاؤل بأن تعرج عبارة أو إشارة في جزئك الثاني  إلى طبيعة نظام من  عنونت به مقالك. – فيما يتعلق بالخلل فإنه يتبلور بشكل واضح في نظرتك للنهضة و التي يبدو أنك لم تقتنع بعد بأنها مجرد حزب سياسي يخطئ و يصيب ,له برنامج سياسي يسعى إلى المشاركة في الحياة السياسية إلى جانب كل الأحزاب الأخرى و يؤمن بالتداول على السلطة إلا أن مرجعيته إسلامية . أما قولك  »    والمسلم ان فشل ولم ينتصر او لم ينجح فعليه ان يبحث عن الخلل……. »                                        فيؤشر إلى اعتبارك النهضة جماعة المسلمين  وهذا لعمري مكمن الداء إذ أن حملة هذه الأفكار البدائية لا يصدقون حتى البيان التأسيسي و يعتبرون ما جاء فيه من باب التكتيك و أنهم يدافعون عن الإسلام في تونس فكانوا بالنتيجة من دعاة الحسم مع نظام بن علي و التقوا مع اليائسين من استعداد الحزب الواحد للتعايش, فلما كانت الهزيمة المنتظرة إذ بهؤلاء يختبؤون وراء تفسير يصلح لكل معضلة مهما كانت طبيعتها ,إنه شعار الغوغاء و ملاذ الفاشلين « كل شيئ كان بسبب البعد عن الدين » غير بعيد عن هذه الفوضى الفكرية تقترح في مقالك حل تسليم الأمر لأصحاب الإختصاص الشرعي, و لو غالت  الحركة الإسلامية في هذا المنهج لكانت المصيبة أعظم. يا سيد بو عبد الله نحن في صراع مع الإستبداد و نريد الحرية للجميع و لنا مشروع سياسي لتونس متصالحة مع هويتها و لسنا في صراع عقدي أو فقهي أو أصولي حتى نحتاج إلى متخصصين في الشريعة نسلمهم رقابنا ليكتشفوا ربما  بعد عكوف طويل على كتب يرونها معتمدة دون غيرها أن لا أصل للحرية في الإسلام (  كما يقول حزب التحرير) أوأن المظاهرات بدعة ( كما ترى هيأة كبار العلماء ) أو ان تشكيل الاحزاب تفرقة محرمة(كما يقول الألباني) او أن بن علي ولي أمرنا(كما يقول الحمدي و كل فقهاء السلاطين) و لا اخالك تجهل حكم الصبر على ظلم ولي الأمر و ما تزخر به  » الكتب المعتمدة » في هذا المجال…………………………………. – يا سيد بو عبد الله, للحركه الإسلامية في تونس ميزات كثيرة منها : + فهمها للواقع السياسي + التوجه للمواطن و  التركيز على العمل الإجتماعي و الإغاثي +قبولها للتداول على السلطة و اللعبة الديمقراطية بينما لا يزال يعتقد بعض أبناء التيار الإسلامي بعد مرور 30 عاما بكفر حامل هكذا أفكار + نجاحها في إرساء خطاب معتدل  و القطع مع خطاب التكفير حتى مع يسار اليسار رغم رواج بضاعة الفكر التكفيري    +سعيها الحثيث و الدؤوب على العمل العلني و الحصول على التأشيرة القانونية + إرساء قواعد للتعامل الحضاري و الديمقراطي في التعامل بين الفرقاء في  الفضاء الجامعي + عدم الإنزلاق إلى العنف  رغم شراسة الهجمة الإستئصالية للنظام + منافحتها على الهوية الإسلامية + إثبات كفاءتها في أغلب التحديات : نجاح تجربة الفجر الإعلامية   هذه الميزات و غيرها كثير   كانت تؤهلها لقيادة البلاد-لولا الظروف الموضوعية و المتمثلة أساسا في امتلاك تونس لنظام من نوع خاص جدا : مستبد لا يقبل بأقل من الحكم مدى الحياة و بعد المماة و لا مجال معه لمعارضة جادة مرشحة لإزاحة حزب الزعيم الأوحد , سلم تونس لعائلة تنشها منذ 22 سنة تعشت بالبلاد و حلت بالعباد تدعمه نخبة يسارية متطرفة إنتهازية تسلقت جدران القصر حاقدة على كل ما هو إسلامي ولا تتوانى في إعلان أنها لا تألو جهدا في تجفيف منابع التدين , تحميها عصا البوليس التي قضت على الأحضر و اليابس  وسط صمت دولي مطبق  لا أريد هنا إهمال  الأسباب الذاتية لفشل الحركة الإسلامية في تونس – و هو موضوعك المفضل على ما يبدو- فهي كثيرة,أرى  أهمها: + أنها جزء من مجتمع ضحية للإستبداد ( و بالتالي مستبد) و لا    تمتلك اي تجربة ديمقراطية عبر تاريخها + عدم قدرتها او رغبتها في إقناع الأطراف الدولية -صاحبة المصالح – أنها لا تمثل خطرا على الإستقرار + فشلها في إقناع قطاعات واسعة من الشعب أنها لا تمثل خطرا على المكاسب المدنية + فشلها في إقناع قطاعات واسعة من  النخبة بقبولها باللعبة الديمقراطية +  عدم وضوح الموقف من تطبيق الشريعة + تفاوت الرؤية للخط الفاصل- بين الديني و السياسي – بين خطاب الأقلية القيادية و ممارسات الأغلبية القاعدية بل حتى بين خطاب القيادة الخارجي و الداخلي +  غياب التثقيف السياسي + غلبة العوامل الأخلاقية والدينية على التشبع بالمبادئ السياسية في الإستقطاب و إيكال المهام و الإرتقاء في السلم التنظيمي +غياب الشفافية و المحاسبة العلنية بحجة   تجنب الطعن و الفتنة + غياب المنافسة الحقيقية و محاولة إظهار الجسم كوحدة متناسقة  مما يعمق صبغتها الطائفية +سيطرة نفس الشخص على كل مفاصل الحركة منذ تأسيسها مما يؤشر على طبيعة المشروع الديمقراطي المنتظرو يعمق شكوك المتخوفين من المشروع الإسلامي + تهميش من لا يدين بالولاء للحرس القديم مما أدى لهدر الطاقات بل و استعداء أبناء الأمس  + إستنزافها لابنائها حيث تأخذ و لا تعطي حتى صارت عبئا ثقيلا أرهق الكثير من أبناءها – أما إدعاؤك أن الحركة كانت تندثر بعد  اول لقاء علني يجمع كل اتباعها لو سمح لها بالعمل العلني  فهو   يعادل ادعاءك معرفة ما لم يتوصل إليه كل خبراء الحركات الإسلامية في العالم حيث يحذرون من قدرتها على التوسع و التأثير و الإستقطاب و هو ما أحذ به النظام التونسي (والمصري  كذلك مثلا) و لم يأخذ به بن جديد فاستولت الجبهة على قلوب و عقول و أصوات الجزائريين ,أو ربما ليس رايك هذا إلا تمنيا أو نقمة على ضعف أبناء الحركة الإسلامية و هوانهم . – بصراحة فإن أغلب النقاط الأخرى قد عرضتها بشكل قريب من الحكايات الخاصة التي لا تصلح حسب رأيي للنشر كمقال تحليلي لهكذا موضوع و لذلك فإلي أنصحك جادا في مراجعة جزئك الثاني قبل نشره, والسلام    


 

شرعية الاختلاف وضرورة الوفاق


صبري ابراهم
بقدر اصراره على مزيد تطوير المشهد السياسي، وتأكيده على مشروعية حق الاختلاف، وعلى العمل على دعم الحريات وفي مقدمتها الاعلام، كان رئيس الدولة، في خطابه  يوم أمس أمام ممثلي الشعب حازما فيما يتعلق بالثوابت الكبرى وفي مقدمتها السيادة، الوطنية وعلوية القانون. ولا شك أن كل متتبع للشأن السياسي الوطني قد وجد في خطاب رئيس الدولة، رسالة واضحة إلى هواة العزف المنفرد والجماعي على أوتار ديمقراطية الصالونات ومناضلي الحرية المعلّبَة والحاملة لعلامة «صنع في…» فبعيدا عما سبق انتخابات 25 أكتوبر من مزايدات وما تبعها من محاولات لتوظيف الحدث الانتخابي لاستفزاز النظام أو لجرّه لارتكاب بعض الهفوات ليقع توظيفها من جديد أو لحمله على تقديم تنازلات  عن خياراته السياسية، كان الموقف الرسمي على قدر كبير من الرصانة التي يمليها التعلق بأهداف كبرى من جهة، وكون تونس لكل التونسيين من جهة أخرى. هذا الموقف الرصين  كرسه رئيس الدولة أمس بمناسبة أدائه اليمين الدستورية، حين أكد شرعية الاختلاف المؤسس لوفاق على الثوابت، وعندما أكد أنه رئيس كل التونسيين، فيما يمكن أن يمثل فرصة حقيقية لكل من يريد حقا تعزيز المكاسب وتطوير ما نراه جميعا في حاجة الى دفع جديد، لاسيما الحياة السياسية، التشغيل، الاعلام… وذلك بعيدا عن المطامح الضيقة وحملات التشكيك والتشهير. فلا خلاف حول الطموحات الكبرى لعموم التونسيين. واننا جميعا نريد أن تولد مشاريع التطوير والتحديث من رحم الاختلاف وقد بينت الانتخابات الفارطة وما سبقها من حملات انتخابية الاتفاق حول الثوابت وحول ضرورة أن تجسد الفترة القادمة النقلة النوعية المنشودة وان تتدعم سياسة الانفتاح السياسي والاقتصادي. فالكل يقرّ – وفي مقدمتهم رئيس الدولة – أن عديد المجالات تحتاج جهدا أكبر  لدعم مكاسبها وتطويرها. ومن هنا كان شعار المرحلة المقابلة «معا لرفع التحديات» وهي دعوة لكل التونسيين مهما اختلفت ألوان أطيافهم لوفاق حول الثوابت وفي مقدمتها السيادة، الوطنية ومصلحة تونس، والى التطوير بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بالتشكيك والتشهير الذي تخصص فيه البعض دون ان يعي أنه ما هكذا تورد الإبل. واذا كان النموذج التونسي لا يحتمل خطابا نرجسيا يدعي الكمال وتمام المكاسب والانجازات فإنه كذلك لا يحتمل دعوات البعض لمساواته بجمهوريات الموز التي ينهشها الاستعمار بأخطر أشكاله لا سيما التبعية والوصاية.
(المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 13 نوفمبر 2009)


المسرحي التونسي منصف السويسي ينتقد ايام قرطاج المسرحية


بواسطة نجاح المولهي (AFP)   تونس (ا ف ب) – انتقد المخرج والممثل المسرحي التونسي منصف السويسي احد اهم رواد المسرح التونسي، ايام قرطاج المسرحية التي قال انها « فقدت بريقها » وتم « التلاعب بمبادئها ». والسويسي (65 عاما) الذي تكرمه الدورة الرابعة عشرة لهذا المهرجان العربي الافريقي العريق من مؤسسي ايام قرطاج المسرحية التي ادارها مدة عشر سنوات. وقال لوكالة فرانس برس « رغم ان جملة الاحلام التي انطلقت منها فكرة ايام قرطاج المسرحية كانت اكبر منها ورغم انها ولدت عملاقة وحدثا يشد الانتباه ما يجعله علامة مضيئة ومشاعة في سماء المهرجانات الدولية (…) تراجعت اعتبارا من العام 1989 وشمل الانحدار كل فقراتها ».   وعزا ذلك الى « ازاحة هذه التظاهرة العريقة من مشمولات المسرح الوطني الذي يضم فريقا متكاملا ومتجانسا وتكفلت بها الادارة المسرحية في وزارة الثقافة ». واشار السويسي الى تعيين المسؤول عن المهرجان من قبل الادارة خلال فترة قصيرة تسبق انطلاق التظاهرة، معتبرا انها « مدة لا تليق ولا تكفي اطلاقا لاعداد مهرجان يحترم نفسه ».   وتابع « لقد تم العبث بالنظام الداخلي للمهرجان ومبادئه واصبح كل مدير دورة يتفنن في برنامج الايام حسب مقاييس يختارها وكأن المهرجان ملكه الخاص ». واكد السويسي انه « كان بامكان ايام قرطاج المسرحية ان تكبر وتحقق الاحلام لو اننا كنا موضوعيين وناكرين للذات ».   واضاف « برأيي وجهت الضربة الاولى لكيان المهرجان مع الغاء قسم الهواية والتتويج والاقتصار على التكريم مع انهما امران مختلفان في نظام المهرجان ». واكد السويسي ان « التتويج يطال عادة الرواد من ذوي المسيرة الطويلة التي اشرفت على المنتهى بينما يشمل التكريم المبدعين الشبان الذين لهم مشروع بدأ يتبلور في حاجة الى مساندة ».   وانتقد بشدة ايضا حذف حلقات النقاش التي كانت تلي العروض والمسابقة الرسمية احد ركائز المهرجان، معتبرا انه « امر غير مقبول بالمرة ».واثار الغاء قسم المسابقة من ايام قرطاج المسرحية للدورة الثالثة على التوالي جدلا واسعا في تونس.   غير ان مدير المهرجان محمد ادريس رد على منتقديه قائلا ان « ايام قرطاج المسرحية على غرار اهم المهرجانات في العالم حجبت الجوائز لان فكرة التفاضل ولى امرها ».   ورأى السويسي ان شعار الدورة الجديدة « مسرح با حدود » هو « كلام فارغ …لا يضيف للمهرجان شيئا »، متسائلا « متى كان للمسرح حدود؟ ». واكد ان الفن الرابع يعكس « التفتح والتحدي والحلم والخيال والامتداد في الزمان والمكان ».   ووجه المبدع التونسي سهام نقده الى حفل الافتتاح الذي « كان من المفروض ان يكون في مستوى الحدث ويرتقي الى قيمة هذه التظاهرة التي تعد من مفاخر تونس الثقافية ».   وعبر عن اسفه الشديد « لان العرض لم يكن طريفا ويؤكد نضج والتطور الحاصل في المسرح التونسي » الذي يحتفل بمئويته هذا العام وقال ان « من صاغ هذا العرض قد خان نفسه ».   وقال السويسي ان العمل الفني الجيد هو « الذي له قدرة على طرح مواضيع تهم الانسان وفق صياغات فنية وجمالية ينتشي من خلالها المتلقي وتحرك فيه الرغبة في البحث والتفكير في واقعه ».   وبعدما اكد ان « روح المسرح هي الحرية والديموقراطية »، قال ان « الدعم الرسمي للمسرح واجب وحق مشروع على المسرحيين ان يحافظوا عليه ». غير انه بدا مرتاح لاعادة تنظيم « الندوة الفكرية » للمهرجان التي تم الاستغناء عنها في الدورات السابقة. واعرب السويسي عن امله في ان « تتغير الامور » وان تشهد الدورات المقبلة لايام قرطاج المسرحية التي تقام كل سنتين بالتناوب وايام قرطاج السينمائية « طفرة نوعية ». وحول تكريمه في الدورة الحالية للمهرجان، قال « كنت اتمنى ان يأتي التكريم في وقته واطاره ».   وتكرم ايام قرطاج المسرحية الى جانب السويسي 26 ممثلا ومخرجا من تونس و13 مبدعا عربيا من بينهم الممثل السوري اسعد فضة والمخرج الفلسطيني جورج ابراهيم واللبناني زاهي وهبي والاماراتي عبدالله راشد والمغربي زبير بن بوشتي والعراقيان رائد محسن وفوزية عارف. ويرأس السويسي الجمعية المحلية العربية للمسرح في تونس التي انشئت في ايار/مايو الماضي.   والى جانب ايام قرطاج المسرحية ساهم السويسي في تأسيس الاتحاد العام للفنانين العرب في القاهرة في 1986 والمسرح الوطني القطري (1979) ومسرح الطليعة الكويتي (1980) والمسرح الوطني الاماراتي في ابوظبي (1982).   وقد منح عدة جوائز بينها الجائزة التقديرية للدولة التونسية في الاداب والفنون لمجمل اعماله الفنية (1985) وجائزة الملك حسين عن مسرحيته « البلاد طلبت اهلها » (1991).   واخرج منصف السويسي اكثر من خمسين عملا مسرحيا لكتاب عالميين وعرب وتونسيين. ومن اعماله المسرحية « ما يقال وما لا يقال » و »فامييا ستار » و »انا او لا احد …هيروسترات » و »ميزان سيدي بنادم ». المصدر: وكالة فرنس برس للأنباء بتاريخ 13 نوفمبر 2009 افتتاح باهت لمهرجان أيام قرطاج المسرحية بتونس  تونس (رويترز) – لم يرتق حفل افتتاح الدورة الرابعة عشرة لمهرجان ايام قرطاج المسرحية -وهو أبرز حدث مسرحي في البلاد- الى مستوى التوقعات اذ جاء عرض الافتتاح باهتا رغم محاولات المنظمين ضخ روح جديدة في المهرجان بحيث يتجاوز رتابة دورات سابقة. وافتتح ليل الاربعاء عرض « بروفة » من تونس الدورة الرابعة عشرة بقاعة الكوليزي لكن العرض جاء باهتا ولم يبعث اي حرارة في الحاضرين والضيوف من تونس وخارجها.   و »بروفة » من اخراج رضا دريرة الذي حاول ان يكشف للجمهور بعضا مما يحدث في اروقة المسرح قبل اعتلاء الخشبة. وتعقد هذه الدورة التي تستمر حتى 22 من هذا الشهر تحت شعار « مسرح بلا حدود ».   ورغم ان منظمي المهرجان سعوا الى ان يكون الافتتاح احتفالية كبرى لم تكن العروض التي جرت امام قاعة الكوليزي وداخلها مثيرة للاهتمام.   وأعطى عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث اشارة انطلاق الدورة الرابعة عشرة لايام قرطاج المسرحية التي تقام كل عامين بالتناوب مع أيام قرطاج السينمائية.   وقال الباسطي ان هذه الدورة التي ترفع شعار « مسرح بلا حدود » تطمح الى استشراف افاق تكامل المسرح مع الفنون الاخرى وتتميز بحضور عربي وافريقي لافت كما تتميز بانفتاحها على العديد من التجارب المسرحية الرائدة في العالم.   وتشتمل هذه الدورة على 70 عرضا مسرحيا من 20 بلدا من العالم.   ومن بين البلدان المشاركة العراق ومصر والادرن وسوريا وايطاليا وتونس ولبنان وفرنسا وبوركينا فاسو والسنغال وليبيا والسعودية.   كما تسجل ايران وألمانيا حضورهما لاول مرة في ايام قرطاج المسرحية.   ويكرم المهرجان وجوها مسرحية بارزة مثل عبد المجيد الاكحل وامال سفطة وناجية الورغي من تونس وأسعد فضة من سوريا والمخرج الفلسطيني جورج ابراهيم.   وتعد هذه التظاهرة الفنية التي تشرف على تنظيمها وزارة الثقافة موعدا هاما لعرض الانتاج العربي والافريقي والاوروبي الجديد في مجال الفن المسرحي.   وقال محمد ادريس مدير المهرجان ان شعار « مسرح بلا حدود » هو عبارة عن « كسر لكل الحدود الفنية والفكرية ومسرح حر من كل وصاية ورقابة ومنفتح على افاق رحبة ».   واضاف ادريس الذي يدير المهرجان منذ 2005 ان كسر الحدود ايضا يظهر من خلال استقدام فرق مسرحية من فلسطين والعراق وبلدان افريقيا التي تشهد صراعات وحروبا مما يدعم البعد الانفتاحي على التجارب المهمة حيثما كانت.   وسيكون المسرح الفلسطيني حاضرا في هذه الفعاليات من خلال مسرحية « انا القدس » و »قصة خريف ».   وقال ادريس متحدثا عن الحضور الفلسطيني في التظاهرة « المسرح الفلسطيني في قلوبنا ورغم كل الصعوبات فان لدينا عملين مشاركين من فلسطين. »   ويواصل المهرجان للدورة الثالثة على التوالي حجب المسابقات والجوائز للاعمال المسرحية المعروضة. وقوبل سحبها في الدورتين الماضيتين باحتجاجات واسعة من قبل العديد من المسرحيين الذين رأوا في ذلك انحرافا عن المسار التاريخي للمهرجان الذي يوفر فرصا للتنافس بين أفضل الاعمال المسرحية في العالم العربي والافريقي.   لكن ادريس رد على منتقدي حجب الجوائز قائلا « انظروا اهم المهرجانات في العالم.. لم تعد تسند الجوائز » مضيفا انه يريد تغليب البعد الفني وأن ينأى بالمهرجان عن دائرة المحاباة.   وشدد على ان ايام قرطاج المسرحية ليس مهرجانا للنجوم بل هدفه الاساسي احتضان المواهب الشابة واكتشاف مبدعين جدد.   من طارق عمارة   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 13 نوفمبر 2009)


الفيلم التونسي (الدواحة).. عالم موحش كأنه خارج من اجواء كافكا


القاهرة (رويترز) – يرصد الفيلم التونسي (الدواحة) الذي عرض مساء يوم الخميس في مهرجان القاهرة السينمائي مصائر ام وابنتيها يعشن في قبو منزل كبير مهجور وتنقطع علاقتهن بالعالم الا من زيارات قصيرة الي المدينة.. وعندما تكتشف الابنة الصغرى كيف يعيش الاخرون تصاب بصدمة وتقتل امها وشقيقتها.   والفيلم الذي كتبته وأخرجته رجاء عماري كأنه أقرب الى كابوس خارج من عالم الروائي التشيكي فرانز كافكا (1883-1924) حيث يبدو المنزل المهجور كأنه سجن أو قلعة تحيط بها حديقة هي كل عالم الام وابنتيها اللاتي تنقطع علاقتهن بالعالم الا حين يزرن المدينة بشكل خاطف لبيع أشغال منزلية قمن بحياكتها.   لكن المدينة تأتي اليهن وتقتحم عزلتهن حين تحضر الشابة سلمى (الممثلة ريم البنا) مع صديقها علي الذي ينتمي للاسرة صاحبة القصر ثم يخرجان فتصعد الابنة الصغرى عائشة (الممثلة حفيظة حرزي) وهي في مرحلة بين الصبا والمراهقة الى الطابق الاعلى وتعبث بملابس سلمى وتكسر كعب حذائها وسلمى تلاحظ الامر حين تعود وتصاب بالدهشة لان المنزل مهجور ثم يلقي الشاب بمخلفات منها الحذاء ذو الكعب المكسور من الشرفة.   وفي الليل تسللت عائشة الى احدى الغرف وتراهما يمارسان الجنس وتمد يدها وتكاد تلمس جسد الشاب لانها لا تفهم ما يحدث وقبل أن ينتبها اليها تهبط عائدة الى القبو. ثم تسمع النسوة الثلاث صخبا وتصعد عائشة الى حفل راقص نظمه الشاب وصديقته في القصر وتتجول بملابسها الرثة وبحركات همجية بين الحضور المنشغلين عنها وتتوقف أمام علي وسلمى قائلة « أنا أعرفكم » في اشارة الى رؤيتها لهما في الغرفة.   ولا يباليان بها ويعطيانها كأسا من خمر ترتشف منه رشفة ثم تتقيأ وترى سلمى حذاءها في قدمي عائشة التي تسارع هاربة الى القبو ولا تستطيع سلمى اللحاق بها ولكن الام تتشمم فم عائشة ورائحة الخمر تفوح منه وتضربها وتساعدها ابنتها الكبرى راضية (الممثلة سندس بلحسن) في شل حركة عائشة ليتأكد لهما أنها ما زالت بكرا ولم يمسها أحد من حضور الحفل.   وتحاول الاخت الكبرى تطييب خاطر عائشة وتسألها عن الحفل فتعيد عليها مشهد الجنس بين الشابين بشكل تصويري « مثلي » فتنهرها أختها التي تقيدها في الصباح بالحبال قبل الذهاب الى المدينة.   ويغادر الشاب القصر في الصباح تاركا سلمى التي تكتشف من احدى النوافذ أن في داخل القبو صبية مقيدة فتقتحم عليها المكان وتحاول فك قيودها في لحظة وصول الاخت والام وتصبح سلمى رهينة القبو.   وتتباين العلاقة بين سلمى والنساء مرة بالقسوة حين تحاول الهرب ومرة بالتصالح حين تحكي الام (الممثلة وسيلة داري) كلاما مبتورا عن علاقة بصاحب القصر وكيف انتهى بها الامر الى هذا القاع أما عائشة فتقول لسلمى بعد أن تعلمها كيف تكتب اسمها « أحب أن أمشي من هنا معك. »   وفي ليلة ممطرة تحاول سلمى الهرب فتفاجئها راضية في الحديقة وتمنعها فتصرخ سلمى وتفيق عائشة من النوم وترجح أن أختها قتلت سلمى. وفي الصباح ترتدي عائشة ثوبا أبيض وتخنق أمها بوسادة ثم تذهب الى الحمام وتزيل شعر ساقيها بشفرة حلاقة تستخدمها في اللقطة التالية في قتل أختها.   ويصور المشهد الاخير عائشة وهي تسير لاول مرة في شارع العاصمة الواسع وهي مرتدية الثوب الابيض الملوث بدم شقيقتها غير مبالية بنظرات الدهشة التي تحيط بها.   و(الدواحة) تعني أغنية المهد للاطفال. والفيلم الذي يبلغ طوله 90 دقيقة يشارك في مسابقة الافلام العربية الروائية الطويلة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي افتتحت دورته الثالثة والثلاثون الثلاثاء الماضي.   ويشارك في هذا القسم 11 فيلما هي (أمريكا) للفلسطينية شرين دعيبس و(المر والرمان) للفلسطينية نجوى نجار ومن المغرب (موسم المشاوشة) لمحمد بن سعودة و (فينك اليام) لدريس شويكا ومن الجزائر (رحلة الى الجزائر) لعبد الكريم بهلول ومن سوريا (الليل الطويل) لحاتم علي ومن مصر (عصافير النيل) لمجدي أحمد علي و (هليوبوليس) لاحمد عبد الله ومن تونس (ثلاثون) للفاضل الجزيري و(سفرة يا محلاها) لخالد غربال اضافة الى (الدواحة) الذي جاء في دليل المهرجان بعنوان (أسرار دفينة).   ويستمر المهرجان 11 يوما ويشارك فيه 150 فيلما تمثل 67 دولة
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 13 نوفمبر 2009)


صحيفة الشمس الرسمية تدعو إلى مصالحة وطنية في ليبيا


طرابلس- دعت صحيفة الشمس الليبية الرسمية الجمعة للمرة الأولى إلى إجراء مصالحة وطنية لرأب الصدع وتضييق الهوة بين المواطنين الليبيين والدولة بعد أن تراكمت المشاكل بشكل يدعو إلى القلق. وقالت الصحيفة أصبحنا في حاجة ماسة إلى إجراء مصالحة فيما بيننا. فقد توالت الأحداث وتراكمت المشاكل وبدأنا نشعر بأن انفصاما في العلاقات بين الدولة والمواطنين أخذ مجراه بوتيرة سريعة بل لعله بدأ يتعمق ويتأصل بشكل يدعو للقلق. وأضافت: لذلك البدء في حوار وإجراءات عملية لرأب الصدع وتضييق الهوة والقضاء على هذا الانفصام في العلاقات أصبح أكثر الحاحا. وتابعت: لسنا بحاجة الى مصالحة في الجانب السياسي فقط انما في العلاقة بين الجهاز التنفيدي للدولة والمواطن الليبي الذي اتخذت في حقة قرارات لم تراع المواطن وكانت سببا في ارتفاع البطالة والتضخم وتفشي الفساد وانخفاض قيمة العملة الوطنية والاعتداء على المال العام. وقالت لسنا في حاجة إلى ارتكاب فعل سياسي مخالف فنودع في السجون ثم تأتينا دعوة للمصالحة الوطنية. وأشارت إلى الذين نزعت ملكية أراضيهم وعقاراتهم بدون تعويض عادل أو بالتراضي والذين فقدوا مصادر رزقهم والقي بهم في العراء وسرقت بضائعهم وهذا الكم الهائل من العاطلين عن العمل الذي يزداد سنة بعد أخرى في دولة تنام على ثروة هائلة من النفط والغاز. وقالت: هم أيضا في حاجة لأن نجري معهم مصالحة وطنية. واختتمت الصحيفة إن اقتصادنا الضعيف وعملتنا الضعيفة وتعليمنا المتردي وصحتنا التي باتت في خطر في حاجة هي الاخرى الى مصالحة وطنية معها. وكان سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي دعا العام الماضي إلى إجراء مصالحة وطنية لمن سبق اعتقالهم في قضايا وتهم سياسية ضمن برنامجة الاصلاحي الذي يقودة منذ سنوات. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  13 نوفمبر 2009)


في ندوة تناولت فيلم ‘معركة الجزائر’ كنموذج لطبيعة الصراع الجزائري ضد الاستعمار

البروفسور هاريسون: قيادات جبهة التحرير الجزائرية في الخمسينيات كانوا من طينة وطنية وإسلامية ولكن هدفهم كان القضاء على الاستعمار الفرنسي


لندن ـ ‘القدس العربي’: من سمير ناصيف نظمت ‘جمعية الدراسات الجزائرية’ ندوة في كلية (سواس) بجامعة لندن تطرق خلالها البروفسور نيكولاس هاريسون من كلية (كينغز) في الجامعة نفسها لموضوع حساس من منطلق سياسي هو ما إذا كان مقاومو الاحتلال الفرنسي في الجزائر في خمسينيات القرن الماضي ثوريين وطنيين وقوميين او مجاهدين اسلاميين او مقاومين ومن معتنقي الهويتين معاً. واستند هاريسون لدعم استنتاجاته على فيلم ‘معركة الجزائر’ الذي حققه المنتج والمخرج بونتيكورفو والذي تضم اشرطة وثائقية مكثفة عن النضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، بالاضافة الى استشهاد المحاضر بتعليقات مؤرخين جزائريين، بعضهم قام بدور استشاري لمخرج الفيلم. واستنتج هاريسون ‘ان مناضلي (جبهة التحرير الوطني) للجزائر كانوا من ‘طينة قومية ـ اسلامية مشتركة، وكان بعضهم يقومون بعمليات مقاومة وطنية وقومية فيما التزم آخرون بالمقاومة الاسلامية المجاهدة لإيمانهم العميق بالاسلام’. ورأى هاريسون ان فيلم بونتيكورفو (معركة الجزائر) يوضح هذا الامر بشكل جلي، وقال انه سأل مؤرخين وعلماء سياسة واجتماع جزائريين ازاء هذا الموضوع واختلفت آراؤهم. فالبعض منهم رأى ان اظهار الفيلم بان بيانات (جبهة التحرير الوطني) الاولى كتبت بالفرنسية بدلا من العربية يؤكد بان الجبهة لم تكن اسلامية فقط والا لأصدرت بياناتها بالعربية. ولكن آخرين قالوا ‘ان الجبهة كانت تتوجه الى استقطاب الطبقة المثقفة الجزائرية والفرنسية التي كانت آنذاك تتكلم الفرنسية’. كما اشار هاريسون الى ان ‘استخدام مفهومي (الجهاد) و(المجاهدين) لم يرد في هذه البيانات’. واوضح هاريسون بان مؤرخين وخبراء جزائريين آخرين ابلغوه بانه ‘لكون تسعين في المئة من الجزائريين ينتمون الى الاسلام، فقد حاول قادة (جبهة التحرير الوطني) استقطاب الجماهير الجزائرية عبر استيعابهم للاسلام في برنامجهم، وهذا الامر ظهر جليا في فيلم (معركة الجزائر)’. وعرض المحاضر لقطات من الفيلم تؤكد هذا الامر. بيد ان مؤرخين جزائريين علمانيين اكدوا لهاريسون بان ‘جهاد المقاومين الجزائريين كان ضد فرنسا الكولونيالية المستعمرة، وليس ضد غير المؤمنين بالاسلام وبالتالي فان استخدام الاسلام كان وسيلة وليس غاية بحد ذاته’. واشار هاريسون الى ان ‘تعبير (المجاهد) استخدم بشكل مختلف من جهات متنوعة في السنوات الخمسين الاخيرة. كما ان اعتماد الجماهير العربية المتظاهرة ضد الاحتلال والاستعمار التكبير (استخدام دعوة الله اكبر) لا يعني بالضرورة ان هذه الجماهير تتظاهر بدافع اسلامي فقط، بل يمكن ان تكون دوافعها قومية واسلامية في الوقت عينه’. واوضح ان ‘فيلم (معركة الجزائر) يعبر عن ذلك حيث تسعى (جبهة التحرير الوطنية) فيه الى استقطاب الجماهير من مختلف مناطق الجزائر (المدنية والريفية)، وتستخدم حملة ‘تنظيف’ المناطق المدنية من الفساد الاخلاقي والانحلال لاستقطاب اهل المدينة والتمسك بالاسلام لاقناع سكان المناطق الريفية بصدق توجهها. وهذه وسائل استخدمتها معظم منظمات المقاومة في العالم’. ونوه هاريسون بقدرة بونتيكورفو (مخرج فيلم ‘معركة الجزائر’) على ‘اظهار رغبة قادة (جبهة التحرير الوطني) في انشاء دولتهم الموازية لدولة المستعمرين الفرنسيين واستخدام اي وسيلة، بما في ذلك ارتباطهم بالاسلام وتقاليد المجتمع الجزائري، لتحقيق ذلك’. بيد انه يتحفظ بالنسبة لعدم اظهار الفيلم كيف استطاعت جبهة التحرير قلب هزيمة 1957 الى انتصار في عام 1962، وتحقيق الاستقلال في تموز (يوليو) 1962. واشار المحاضر الى ان ‘المعارك في الشوارع وفي عمليات المقاومة لعبت دورها كوسيلة للترويج للجبهة فيما استخدم الاسلام لتوحيد الجماهير المناضلة ضد الاستعمار’. وسئل هاريسون لماذا اختار فيلم ‘معركة الجزائر بالتحديد لعرض تحليلاته ومواقفه بدلا من تناول عدة افلام عن حرب الجزائر؟ وطرح عليه احد السائلين طرحا بان مخرج الفيلم وداعميه من اليساريين غير المسلمين فكيف بالامكان الاعتماد عليه لتحديد دور الاسلام في (جبهة التحرير الوطني) في الجزائر؟ فقال ‘انه من الخطأ الاعتماد على هذا الفيلم وحده في تحديد دور الاسلام في النضال الجزائري ضد الاستعمار’ وانه يعترف بذلك. كما طرح للنقاش موضوع استهداف الجبهة للمواطنين الابرياء في المدن، واذا كان الفرنسيون هم الذين بدأوا في هذا التوجه؟ ورفض المحاضر المبدأ القائل بان استهداف المدنيين كان مبررا لكونه ردة فعل على تصرف المستعمرين الفرنسيين، معتبرا ان صدق الفيلم الذين اختاره يرتبط بانه اظهر الامور بموضوعية. وقال انه ‘بامكان السينمائيين غير المسلمين (وحتى اليساريين منهم) التطرق الى مواضيع عن الاسلام بموضوعية، وانه هو واحد من هؤلاء المراقبين الموضوعيين لموضوع الاسلام وتأثيره على الحركات الشعبية في العالم الاسلامي’. واكد أن بونتيكورفو (مخرج الفيلم) استعان ‘بشكل مكثف بآراء شخصيات جزائرية مثقفة وضالعة في شؤون دور الاسلام في ثورة الجزائر، وبالتالي كان فيلمه موضوعيا ومفيدا في ادراك الحقائق التاريخية’.
(المصدر: « القدس العربي » (يومية – لندن) بتاريخ 13 نوفمبر 2009)


  حروب كروية


سلامة أحمد سلامة لا شىء يمكن أن يثير شهيتك للضحك والبكاء معا، مثل متابعة ما نشرته الصحف ووسائل الإعلام والفضائيات عن الاستعدادات غير الطبيعية، والنداءات المتكررة لجماهير المشجعين، التى سبقت مباراة مصر والجزائر فى تصفيات كأس العالم.. والتى تحولت إلى حلم قومى بل إلى كابوس لدى الطرفين، وحين يصل الأمر إلى حد الخلاف بين زوج جزائرى وزوجته المصرية حول المباراة، و«تهج» الزوجة من البيت حاملة طفلها معها إلى حيث لا يدرى أحد. أو حين تقرأ أن المدرب الجزائرى أعلن أن مصر قد بثت عيونها وجواسيسها لمراقبة اللاعبين الجزائريين فى معسكر التدريب بإيطاليا، وأن المصريين يلجأون إلى أساليب السحر والشعوذة، فلابد ــ بالتأكيد ــ أن تكون فى إحدى هذه البلاد التى وصلت إلى الحضيض.. بحيث غدت كرة القدم هى المجال الوحيد لمنافسة الأقدام بدلا من العقول، والتنفيس عن الكبت السياسى، والحصار الأمنى، بل ربما كانت هى المجال الوحيد الذى تمارس فيه المرأة حريتها فى مناصرة هذا الفريق أو ذاك، والذى يختار فيه المواطن المقهور بمحض إرادته تشجيع لاعب دون آخر، وفريقا على حساب فريق. وحتى أيام قليلة، لم أكن أقرأ فى صفحات الرياضة غير عناوينها الرئيسية وتعليق هنا وتعليق هناك، ولكنى منذ بدأت ألاحظ ما طرأ عليها من سخونة وتصعيد فى تبادل الاتهامات تنشر فى صحف الجزائر، وأخرى أكثر التهابا تنشر فى صحف القاهرة، يعدد فيها كل طرف انتصاراته وإنجازاته التاريخية، مما اضطر الاتحاد الدولى للكرة «الفيفا» إلى تحذير البلدين من مغبة إشعال النيران وصب الزيت على الأعصاب المتوترة، منبها إلى أنه سيرسل لجنة للمراقبة والتأكد من عدم حدوث مشكلات، ثارت لدى الكثيرين ولدىّ المخاوف من احتمالات صدام بين الطرفين يفقد فيها فريق الجزائر أعصابه ولا يعرف أحد مداه. أغلب الظن أن العالم يراقب الآن تلك الحرب الكلامية الدونكيشوتية بقدر لا بأس به من السخرية.، فالعالم كله يلعب الكرة، ويفوز ويخسر.. ولكن دون أن تصل العلاقات بين دولتين شقيقتين إلى ما يشبه الحرب. وقد وقعت قبل ذلك صدامات وأعمال شغب وعنف على إثر مباريات لكرة القدم فى إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.. أُحرقت فيها سيارات، وحُطمت واجهات المحال التجارية، وتدخل البوليس بالغازات المسيلة للدموع.. ولكن لم يصل الأمر إلى نشوب حرب حقيقية كالتى نشبت بين السلفادور وهندوراس فى أمريكا اللاتينية، وكانت كرة القدم هى الفتيل الذى أشعلها. ولا بأس من التذكير بهذه الحرب التى ذهبت مثلا على حجم التعصب الكروى، الذى يجرى فيه شحن الغرائز والمشاعر للتعويض عن كل ما يعانيه المواطن من حرمان وما يتعرض له من قمع.. حتى ينفجر الموقف بطريقة لا يمكن التحكم فيها، وهى شروط تتوافر فى مصر والجزائر بسخاء!
وكانت المشاحنات والاحتكاكات بين هندوراس والسلفادور ــ عام 1969 ــ قد تفاقمت فى ظل ظروف اقتصادية سيئة، وتدهور فى الأوضاع السياسية فى البلدين، وضاعف من حدتها إقدام حكومة الهندوراس على طرد عدة آلاف من العمال المهاجرين القادمين من السلفادور، وازداد التوتر بين البلدين المتجاورين، حين شاء سوء الحظ أن يكون التنافس فى نفس الوقت بين فريقى كرة القدم للهندوراس والسفادور اللذين كانا قد وصلا إلى نهائيات كأس العالم، واشتعل الشعور القومى بين البلدين فى مباراة الذهاب ليتحول إلى اعتداءات متبادلة، تعرض خلالها آلاف العمال المهاجرين من السلفادور للضرب والطرد والإيذاء الجسدى، وفى صباح 14 يوليو تحركت القوات المسلحة من الجانبين، واستولت السلفادور على أجزاء من أراضى هندوراس، وتدخل الطيران، وقطعت العلاقات الدبلوماسية.. والمهم أن القتال لم يتوقف إلا بعد تدخل منظمة الدول الأمريكية. ربما لم تتكرر حرب بسبب كرة القدم اشتركت فيها الدبابات والطائرات وذهب ضحيتها عدة آلاف مثل تلك التى وقعت بين السلفادور وهندوراس، ولكن لحسن الحظ فإن مسافة الجوار بين مصر والجزائر تحسب بآلاف الأميال، وإلا لوجدنا أنفسنا اليوم إزاء حرب حقيقية ــ ليس مع إسرائيل ــ ولكن مع أشقاء لنا فى الجزائر! وفى اعتقادى شخصيا أن الإعلام الرياضى ــ الذى حذرت منه وزارة الخارجية متأخرة ــ يتحمل فيه الجانبان مسئولية خاصة فيما وصلت إليه مشاعر التحفز والاستفزاز وإثارة النعرات القومية والتاريخية التى أخذت الأقلام والألسنة فى الجزائر ومصر ترددها ببلاهة وجهل تقتل الروح الرياضية وتلوث معنى النصر والهزيمة.. إذ ما الذى يعنيه أن يتحقق «الحلم»، وتصل مصر أو الجزائر إلى بطولة العالم؟! ثم ماذا؟! لقد حصلت مصر قبل ذلك على بطولة كأس الكرة الأفريقية، فماذا حدث؟ أغرقت عبارة عليها أكثر من 1200 شخص. ولم يتحقق لمصر أى تقدم فى أى مجال آخر من مجالات الحياة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية. وتكاد الأوضاع فى البلددين تتشابه، من حيث غياب الديمقراطية، والتشرذم السياسى، والاستئثار بالحكم، وانتشار الفساد، وازدياد معدلات الفقر وارتفاع معدلات البطالة. وربما لهذا السبب يتسابق الناس مع كل مباراة لكرة القدم فى الاستعداد للنصر، وتوقع الفرحة، ونسيان الهموم والمشاكل.. فقد صارت كرة القدم فى البلدين هى مصدر البهجة الوحيدة فى حياتهم لو استجيب لدعائهم وتحقق النصر. ومصدر النكد الاجتماعى الشامل لو حصلت الهزيمة.
(المصدر: « الشروق » (يومية – مصر) بتاريخ 13 نوفمبر 2009)


مباراة مصر والجزائر.. مشهد سوريالي عربي يكشف عبثية وانحدارا وانقساما


يقف الزعيم النازي وسط قادته الذين اجتمعوا حوله ليخبروه بتوقعهم الهزيمة في نهاية الحرب العالمية الثانية. هذا هو المشهد الأصلي من الفيلم الشهير الذي يتناول حياة الزعيم النازي. أمّا بعد الحرب الإعلامية المستعرة بسبب مباراة مصر والجزائر فأصبح كما يلي: قائد عسكري ألماني يملأه الرعب يوجه حديثه إلى الفوهرر أثناء اجتماع مجلس الحرب: لم يخسر المنتخب المصري أي معركة منذ موقعة البليدة، وهم يحسبون الآن عدد ما سيحرزونه من أهداف في مرمانا ليصعدوا عبرنا للمونديال. هتلر يحاول أن يبدو متماسكا: لا تقلقوا إنّهم يعانون من إصابات كثيرة، ومش هيقدروا يغلبونا. القائد العسكري بصوت متحشرج: أخشى يا سيدي الفوهرر أنّهم جميعا عادوا من إصاباتهم. كما أنّ المهاجم محمد زيدان قد يشارك أيضا. الفوهرر يبدو غير مصدق، بينما ترتعش يداه وهو يخلع نظارتيه، قبل أن ينفجر غاضبا بأسلوبه الهستيري الشهير: كله إلاّ زيدان. لا يمكن أن يلعب. ده عامل شغل خطير في ألمانيا، وبيلعب كويس مع أبو تريكة، ده جاب جونين في البرازيل يا عم الحاج. ويستمر الفوهرر بلهجته المصرية الساخرة في بث الرعب في نفوس المشجعين الجزائريين، ردا على فيديو جزائري انتشر على اليوتيوب، من فيلم « قلب شجاع » جعل من المنتخب المصري (جيش الأعداء) الذي يجب سحقه. « الجزائريون يكرهون المصريين، ويحقدون على كل ما هو مصري، هذا ما أظهرته المباراة » يقول إعلامي مصري، وينتشر على اليوتيوب ليستدعي تعليقات نابية من الجانبين تنحدر إلى مستوى صادم. « المنتخب المصري ليس سوى مجموعة من القتلة » تقول صحيفة جزائرية. « المشجعون المصريون سيتآمرون بالتسلل بين المشجعين الجزائريين، ليقوموا بأعمال عنف تؤدي لمعاقبة الفريق الجزائري » تتوقع صحيفة أخرى. اتحاد الكرة المصري يستأجر شركة أمنية خاصة لحفظ الأمن في المباراة « لماذا لا نطلب قوة تدخل سريع من حلف الأطلسي مدعومة بسربين من طائرات الأباتشي واللهو الخفي أوالشبح سابقا »، ويعلن خشيته من طوبة ضالة تنطلق كصاروخ باليستي من مشجع مصري لتستقر في رأس الحكم أو قفا لاعب جزائري، وتكون بمثابة (كرسي في الكلوب) عشان (تضلمها) وبعدين تبدأ المواجهة الحقيقية في المدرجات، ليتحول ستاد الرعب (القاهرة سابقا) إلى (مقبرة للغزاة) كما كتبت قناة فضائية مصرية بالخط العريض و(نوريهم) كما يتوعد إعلان يذاع في القناة الفضائية الرسمية. قداسة البابا شنودة (بجلالة قدره) يقرر تقديم موعد الاحتفال السنوي المهيب للكنيسة بذكرى جلوسه على الكرسي البابوي ليكون مساء الجمعة بدلا من السبت (لانه يخشى من عدم حضور أحد يوم السبت المحجوز بالكامل لموقعة القاهرة كما يسميها أنصار محاربي الصحراء..حصلنا الرعب) وسيصلي خلال قداس يقام صباح السبت ليفوز منتخب الفراعنة. أعضاء الحكومة ومؤسسات الدولة المصرية يتضامنون مع الشعب في يوم للعصيان المدني الشامل يوم السبت، الذي ستخلو فيه شوارع القاهرة من حتى من (سريخ ابن يومين)، ولو تكرر هكذا عصيان في يوم آخر لأسباب سياسية لسقط النظام خلال ساعات. إعلام مصر التي رفعها أبطال تحرير الجزائر، تحرق في شوارع الجزائر بعد نصف قرن، وأغان تاريخية يذيعها التلفزيون المصري لتحريض الجماهير استعدادا للموقعة (رغم أنّها كتبت اصلا للاحتفال بالانتصار على إسرائيل في حرب أكتوبر التي شارك فيه الجيش الجزائري إلى جانب إخوانه المصريين). لا يمكن أن تكون هذه مجرد مباراة كرة قدم. إنّها حرب إعلامية نفسية عنصرية – سياسية تستخدم كل :أسلحة الدمار الشامل » التي توفرها كل وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة، ولا بد أنّ لها أبعادا أكثر تعقيدا. محللون نفسيون اعتبروا أنّها تعبر عن حالة من الإحباط العميق والضيق واليأس بين الشباب في البلدين، إلى جانب حالة من الفراغ السياسي. إذ لا يوجد مشروع قومي، سياسيا كان أم اقتصاديا، يستوعب كل هذه الطاقات والرغبات المكبوتة في إثبات الذات أمام الآخرين. وآخرون رأوا أنّها انعكاس طبيعي لخصائص الشخصية الوطنية في الجانبين، فالجزائري المتهم بحدته وعنفه وقسوته عندما يتعلق الأمر بـ »النيف » أي الكرامة، يعبر بطريقته عن « عقدة الشقيقة الكبرى » التي تستأثر بالتاريخ والحاضر والفن والسياسة والثقافة، وتريد أن تضم الرياضة اليها. أمّا المصري المتهم بالمبالغة والفهلوة والانغلاق على الذات فيستغرب أن يحاول أحد منازعته مكانته أصلا، ويوظف قدرته المعروفة على السخرية و »التريقة » في مواجهة التحدي، مستفيدا من ماكينة إعلامية ضخمة، لكنها منقسمة على نفسها ومشغولة بحرب أهلية بعض معاركها دون المستوى، وقد يتصدر (أبطالها) طابور المتهمين في حال فشل المنتخب المصري في التأهل. أمّا المراقبون السياسيون فهالتهم مشاعر الارتياح التي تجمع بين النظامين الحاكمين في مصر والجزائر تجاه هذه الهستيريا الإعلامية التي أعفتهم من جدال سياسي محرج حول التوريث والفساد والبطالة وقوارب الموت، وغيرها من الكوارث التي لم تعد تجد مكانا في وسائل الإعلام بسبب المباراة. أما « اليوفوريا » أو الفرح الزائد تجاه هذه الحرب بين الأشقّاء فيمكن العثور عليها بسهولة في وسائل الإعلام الإسرائيلية التي دخلت على الخط، فنشرت تصريحات كاذبة لكابتن المنتخب المصري يسيء فيها للجزائر (شعللها شعللها)، وعندما كذبها لم تنشر التكذيب طبعا. إلى جانب مقالات إسرائيلية (تخر شماتة) تسخر من مدى هشاشة ما يسمى بالتضامن العربي، إلى آخره من الشعارات « القومجية العبثية الديناصورية إيّاها ». ولا يكتمل المشهد دون التنويه بأصوات قليلة عاقلة (في البرية) من الجانبين ضاعت وسط كل هذا العبث.
(المصدر: « القدس العربي » (يومية – لندن) بتاريخ 11 نوفمبر 2009)  


الاتحاد الدولي يحصي ثلاثة جرحى جزائريين والصحف المصرية تعتبر الحادثة ملفقة


القاهرة- أكد ممثل الاتحاد الدولي لكرة القدم في العاصمة المصرية القاهرة الجمعة ان ثلاثة لاعبين من منتخب الجزائر جرحوا الخميس خلال هجوم بالحجارة على حافلة الفريق التي كانت تقلهم قبل يومين على مواجهة مصر الحاسمة في تصفيات مونديال 2010. وكان مجهولون اعترضوا حافلة المنتخب الجزائري بعيد مغادرته مطار القاهرة وراحوا يرشقونها بالحجارة ما أدى إلى تهشم زجاجها وإصابة ثلاثة لاعبين جزائريين بجروح في اليد والوجه. وأخذ هذا الاعتداء بعدا سياسيا حيث قامت السلطات الجزائرية باستدعاء السفير المصري في الجزائر إلى وزارة الخارجية وأعربت له عن استيائها مما حصل. وقال فالتر غاغ: إتضح لنا ان ثلاثة لاعبين جرحوا خالد لموشيه في رأسه ورفيق حليش في حاجب عينه ورفيق الصيفي في ذراعه، مؤكدا ما ذكره وزير الشباب والرياضة الجزائري هاشمي ديار الخميس. وأضاف غاغ الذي كلف من قبل الاتحاد الدولي بصياغة تقرير رسمي عن الحادثة: تعرض مدرب حراس المرمى لرضة واعتبر أن حافلة المنتخب الجزائري كانت بحالة يرثى لها، بعدما كسرت ألواح الزجاج فيها، وظهرت على الأرض بقايا الزجاج وبقع الدم. وتابع غاغ: لا يمكن الحديث عن مصابين سطحيين. بعد الغرزات يجب معرفة ما إذا كانوا قادرين على اللعب برأسهم. يجب أن يقدم أيضا طبيب المنتخب تقريره. وكانت السلطات في الدولتين عقدت اجتماعات دورية على مدار الأسابيع الأخيرة في محاولة لتخفيف الجو المشحون خصوصا في وسائل الاعلام في البلدين، التي دعتها وزارة الخارجية المصرية الثلاثاء إلى تجنب الاستفزاز في تغطيتها للحدث. واتهمت الصحف المصرية الصادرة الجمعة اللاعبين الجزائريين بتلفيق الحادثة على حافلتهم، كي يوتروا الأجواء قبل المباراة. وذكرت صحيفة الأهرام الواسعة الانتشار ان اللاعبين هم من ألحق الضرر بالحافلة: قام بعض اللاعبين بتهشيم زجاج الحافلة مدعين انهم هدفا لرمي الحجارة. أما صحيفة الشروق فاعتبرت ان الحادثة بأكملها ملفقة، وكتبت الجمهورية إن لاعبي الجزائر قاموا بالاعتداء على سائق الحافلة. ويتوقع أن يحتشد نحو 70 ألف متفرج على مدرجات استاد القاهرة لمتابعة المباراة السبت، وتم حجز ألفي تذكرة للجماهيرالجزائرية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  13 نوفمبر 2009)  


تصدير ازمة الحوثيين للسعودية


عبد الباري عطوان 13/11/2009  
التطور الأبرز في حرب صعدة يتمثل في تحولها من حرب يمنية داخلية الى حرب بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، اي انها اصبحت مشكلة سعودية داخلية، ويمكن ان تتحول في القريب العاجل الى حرب سعودية ـ ايرانية غير مباشرة، نرى ارهاصاتها عبر وسائل الاعلام في البلدين. الرئيس علي عبدالله صالح لم يجاف الحقيقة عندما قال ان هذه الحرب بـــدأت قـــبل يومــين فقـــط، لأنه يؤرخ لانطـــلاقتــها الفعلية من خلال تورط القوات السعودية رسميا فيها، بعد تقدم متسللين تابعين للتمرد الحوثي الى المناطق الحدودية السعودية، وقيام القيادة السعودية بتحريك ترسانتها العسكرية الجبارة، من طائرات ودبابات ومدفعية لمواجهة المتمردين، ودك معاقلهم في منطقتي صعدة وحرف سفيان. ولا نعرف ما اذا كان الرئيس اليمني قد خطط فعلا، بدهائه المعروف وهو الذي حكم اليمن حوالى ثلاثين عاما، وهي مدة قياسية غير مسبوقة، لتصدير هذه الأزمة الى جيرانه السعوديين، والقائها بعيدا عن كاهله، لتخفيف الضغط على قواته، بما يؤدي الى تفرغها لمواجهة الحراك الجنوبي الانفصالي، والمشاكل الناجمة عن توسع تنظيم ‘القاعدة’ في الاراضي اليمنية، ام ان الحوثيين، بقصد او بدون قصد منهم، قدموا له هذه الخدمة الجليلة، لانقاذه من مأزقه الذي شكّل ويشكل التهديد الاخطر لنظامه. ‘ ‘ ‘ الامر المؤكد ان الرئيس علي عبدالله صالح يشعر بارتياح كبير هذه الايام، ليس فقط لان القوات السعودية باتت تتحمل بشكل اكبر مسؤولية التعاطي مع التمرد الحوثي، نيابة عن القوات اليمنية ضعيفة التأهيل والتسليح، وانما ايضا لان ‘تعريب’ الأزمة، كمقدمة لتدويلها، جعل اليمن محط اهتمام الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيين، ولفت انظار الدول النفطية المجاورة الى ازماته الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة. وذهب البعض الى المطالبة بصوت عال بضم اليمن الى مجلس التعاون الخليجي، وضخ عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع تنموية توفر فرص العمل لملايين اليمنيين العاطلين عن العمل. فالعلاقات اليمنية ـ السعودية باتت في افضل احوالها، واصبح الرئيس اليمني صديق جميع الأجنحة في المملكة العربية السعودية، وليس صديق العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، مثلما يفيد الانطباع السائد، والاهم من ذلك ان هذه الصحوة السعودية الخليجية للاخطار التي تهدد اليمن واستقراره، والخوف من انتقالها اليها، ربما توقف دعم الخليجيين والسعوديين للحركات الانفصالية في الجنوب، والمالي منه على وجه الخصوص. ‘ ‘ ‘ الخزينة السعودية ستواجه نزيفا ماليا مرعبا بسبب تكاليف الحرب الباهظة، وهي حرب مرشحة للاستمرار لأشهر، وربما لسنوات، ولا شك ان الشعب السعودي بحاجة ماسة الى هذه الاموال لتحسين ظروفه المعيشية ومواجهة مشكلة البطالة. فمن المعروف ان متوسط عمر الحروب الاهلية، حوالى عشرة أعوام، حسب الدراسات التاريخية الميدانية، ونأمل ان لا تنطبق هذه القاعدة على حرب صعدة هذه. القوات السعودية قادرة لا شك بما تمتلكه من اسلحة حديثة متطورة (صفقة اليمامة بلغت قيمتها 75 مليار دولار) على مواجهة المتمردين. فاللافت ان السفن والقوارب الحربية السعودية هي التي تتولى حراسة الشواطئ اليمنية، ومراقبة السفن والملاحة الدولية بالقرب منها، لمنع وصول اي اسلحة للمتمردين من ايران او غيرها. كما ان الامير الجنرال خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع السعودي، والمشرف الرئيسي على هذه الحرب، قال ان القوات السعودية لن تتوقف حتى تقضي على وجود القوات المتسللة للحدود، السعودية بالكامل، وتعيد الأمان للقرى الحدودية بما يؤدي الى عودة سكانها المهجّرين. ‘ ‘ ‘ ولعل ما هو اهم من ذلك اصرار القيادة العسكرية السعودية على اقامة منطقة حدودية عازلة بعشرات الكيلومترات داخل الاراضي اليمنية، لضمان عدم تكرار عمليات التسلل الى الأراضي السعودية. ومن المفارقة ان الحكومة المركزية في صنعاء لم تعلق مطلقاً على هــــذه الخطــوة، وكأن الأمر لا يعنيها مطلقاً، وكأن هذه المناطق العازلة تقع على حدود دولة أخرى. غريبة هذه الحرب، والأغرب منها كيفية التعاطي معها من قبل العرب والعالم، فلا أحد يريد التوسط بين اطراف النزاع لحقن دماء الأبرياء وايواء المشردين، وتطويق آثارها المدمرة على المنطقة، بل نشعر ان هناك رغبة باطالة أمدها لأطول فترة ممكنة، وتحويلها الى ‘فتنة’ طائفية تمزق العالم الاسلامي، وتغرقه في حروب مدمرة. فلم نسمع مطلقاً ان زعيماً عربياً، من دول الاعتدال او الممانعة أو الهامش، تطوع للتدخل، وكل ما نسمعه هو ارسال برقيات التأييد والدعم للحكومة السعودية في حربها للدفاع عن سيادتها من معظم القادة العرب، وكأن السعودية تواجه قوة اقليمية او عالمية عظمى. هذه الحرب يجب ان تتوقف من خلال حلول سياسية ورؤية عاقلة تتبصر اخطارها المستقبلية، وعلينا ان نذكّر بأنها تدور على أرض عربية وضحاياها هم عرب ومسلمون. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  13 نوفمبر 2009)


النقاش حول الهوية الفرنسية  ساركوزي يعطي لنفسه « مساهمة » في النقاش حول الهوية الفرنسية


وبعد أشهر قليلة من الإنتخابات الجهوية  ، قدم نيكولا ساركوزي خطابا غير متوقع ، قدم اليوم الخميس في Drôme له « مساهمة » الى « الضرورة » النقاش حول الهوية الوطنية والطعن من قبل اليسار الذي اته « بالخوف » . Drôme وكالة فرانس برس موضوع التتنقل كان بقطاع الزراعة  في  la Chapelle-en-Vercors ، وقد كانت رمزا للمقاومة ، والرئيس ، في استطلاعات الرأي وقد هبطت شعبيته، قد عادت مع موضوعه » المنارة » إبّان حملته الظافرة في عام 2007 ، مما أدى إلى جلب الناخبين المتطرفين اليمينيين من الجبهة الوطنية له. انتخبت لDrôme ، وكان وزير الهجرة ايريك بيسون ، الذي بدأ النقاش حول الهوية الوطنية في 2 نوفمبر ، الى جانبه. « الشرف » ، « الوطن » ، « الفخر بكونى فرنسيا » ،  » هوية متعدّدة » ، « تمازج الأجناس » »و قال ، »  (هذه الكلمة لا تخيفني الجدارة « ، » العلمانية « : أكّد  . ساركوزي وقد وجه نداء مؤثرا لفرنسا ،  على أن « يوافق على الاهتزاز والحماس مع ذكرى تتويج « رينس »للبطلة جان دارك, ويمكن نقلها عن طريق قصة العيد من الاتحاد ، » قال ، مرددا كلمات للمؤرخ مارك بلوخ ، الذي أعدم على أيدي النازيين والذي أشاد به. أعلن قصر الاليزيه في رحلة رئاسية الى « موضوع دعم الزراعة ومستقبل المناطق الريفية. وزير وزير الدولة المعنية حاضرين أيضا (برونو لو مير ، ميشيل مرسييه). ولكن بعد زيارة للمزرعة واجتماع مغلق مع العمال الموسميين ، هو الموضوع الوحيد للهوية الوطنية ورئيس الدولة قد اختاره في الكلام.  » قال. « بواسطة الخوف من محوالأمم القومية يحاول البعض تبديد الوطنية من بعث أزمات الهوية . « بفعل الإهمال ، انتهينا إلى عدم معرفة  من نحن جيدا , وبقوة زراعة كراهية الذات ، اننا اغلقنا ابواب المستقبل ، ونحن « واضاف » لا يمكن بناء أي شيء على الحقد على الذات ، من هذه الكراهية والمقت من بلده ،. واضاف « هذا هو السبب في أننا يجب أن نتحدث عن هويتنا الوطنية ، وهذا لا يشكل أي خطورة وهو مطلوب. ماذا سيكون خطرا ليس الكلام بل عدمه (…)وهذه سياسة النعامة التي ‘ترك المجال مفتوحا لجميع أشكال التطرف » ، و قد أصر ساركوزي على ذلك. حسب قوله ،  » أن تكون فرنسيا هوشرف ، فإنه يتوجب علينا جميعا لأنهم يستحقون ذلك. » وأثار الرئيس مجددا معارضته لارتداء البرقع ، وهو المنفذ هو موضوع البعثة البرلمانية للمعلومات ، تفيد بأن « ليس هناك مكان » في فرنسا ، « لاستعباد امرأة « . ووصف ساركوزي النقاش حول الهوية الفرنسية « بالمهمة النبيلة » ، كما يقول ان لديه « مساهمة »في ذلك. وتساءل « هل لأننا ندافع عن قيمنا وحضارتنا ، أو أفكارنا نحن نسترسل  في آثار الأوضاع المتعاقبة؟ ». اعترف ساركوزي ، في اشارة الى المعارضة ، »والذين رفضوا المشاركة في المناقشات حول هذا الموضوع. « اولئك الذين لا يريدون هذه المناقشة لأنهم خائفون. واضاف « اذا كانوا يخافون من الهوية الوطنية الفرنسية هي أنهم لا يعرفون كل أسباب المزيد من الجهود لفتح باب النقاش الذي  » نعلمهم خلاله « . وردت مارتين أوبري ، الإشتراكية رقم(1) لا ثقة على الإطلاق ولم يقنعني ، أن « الفرنسيين فخورون بهوية فرنسا ، لكنها قلقة من التشكيك  من قبل نيكولا ساركوزي ، رئيس على كرسي مترنّح في بيانها » يائسة  » هذاخطاب « يسبب الخلاف والفُرقة « . ترجمة من الفرنسية. أبوجعفرالعويني (المصدر:وكالة فرانس بريس للأنباء بتاريخ 12 نوفمبر 2009)


قراءة في كتاب طارق رمضان  » اعتقادي » طارق رمضان.. نظرات إلى الذات والمشروع


أحمد بركات / 12-11-2009 « اعتقادي ».. هذا هو عنوان الكتاب الأخير للدكتور طارق رمضان، والذي صدر في خلال شهر (أكتوبر 2009) عن مطابع أكسفورد الأمريكية في (165) صفحة من القطع المتوسط؛ ويتكون الكتاب من 17 فصلا عدا المقدمة والخاتمة وملحقين، في محاولة يبذلها الكاتب لإزالة غبش فكري ارتبط به وجعله يوصف في أحايين عديدة كمفكر « مثير للجدل » ومحل اتهام مستمر من تيارات فكرية وسياسية ليس بينها من رابط إلا التناقض التام!!. الرجل والموقف والدكتور طارق رمضان -لمن لا يعرفه- هو أحد رموز الفكر الإسلامي في القارة الأوروبية والعالم، حتى أن مجلة تايمز « Times » اعتبرته المجدد الأكثر أهمية في القرن الـ21. ويأتي رمضان في مقدمة المفكرين المسلمين في الغرب، وله قراء ومتابعون في جميع أنحاء العالم؛ وهو -حسب « بول دونلي » بصحيفة واشنطن بوست Washington Post- « مارتن لوثر الإسلام »، والمجدد الذي يدعو إلى قراءة سياقية للقرآن الكريم للانطلاق من الجمود الفكري الماضوي إلى آفاق أرحب تتماشى والواقع الجديد. وهو من أكثر الرموز الفكرية الإصلاحية « الإشكالية » في الأوساط المثقفة، والمتهم بالتفريط تارة وبالإفراط تارات، حيث تصدر اسمه قوائم الممنوعين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية في عهد إدارة الرئيس السابق جورج بوش -رغم النداءات التي وجهتها بعض المنظمات الأمريكية ضد هذا القرار مثل الأكاديمية الأمريكية للدين والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ACLU ولا يزال قرار المنع ساريا رغم هذه النداءات- بينما اختارته مجلتا (بروسبكت « Prospect » البريطانية)، و(فورين بوليسي) الأمريكية Foreign » Policy » ثامن أعظم 100 مفكر في العالم في العام 2008!!. ولعل هذه الجدليات -بحسب الدكتور رمضان نفسه- هي الباعث الأساس لإصدار هذا الكتاب، حيث يعرض فيه لبسط واضح للنسق القيمي والفكري لكل ما يؤمن به ويعتقده، ولكي يكون المرجعية الفكرية لكل آرائه بشأن العلاقة بين الإسلام والغرب. والمعروف أن الدكتور رمضان له العديد من المؤلفات والإسهامات الفكرية في هذا المبحث منها « الإصلاح الجذري » (2009)، و »المسلمون الغربيون ومستقبل الإسلام » (2004)، « الإسلام والغرب وتحديات الحداثة » (2003) و »لتكون مسلما أوروبيا » (1999). مكاشفة   فالكتاب إذن بهذا المعنى هو من قبيل المكاشفة للأفكار الرئيسة التي يمثلها ويتمثلها الدكتور رمضان في بسط وعرض واضحين، حيث يصفه مؤلفه بأنه: « عمل توضيحي ومكاشفي موجها للمواطنين العاديين، والسياسيين والصحفيين، وغيرهم من محبي الاطلاع (أو حتى المتشككين) على الوضعية الفكرية والإيديولوجية (للكاتب) »، بعد أن تناولته العديد من المصادر والكتابات بشكل يراه الكاتب غير قويم، وفي ذلك « الويكيبيديا البريطانية » ذاتها. والكتاب ليس بدعا من أعمال الدكتور طارق رمضان لكونه -رغم كل أغراضه المكاشفية- يطأ المناطق الشائكة في العلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، وأطروحة التجديد والإصلاح المنهجي لكلا الإيديولوجيتين، والدعوة إلى الحوار والانفتاحية من أجل الحاضر والمستقبل، والوقوف على حقائق التسامحية الدينية التي لا ترى غضاضة في تعدد الولاءات والانتماءات والهويات للمسلمين. كذلك الوقوف على حقائق التعدديات المختلفة التي تتحوصل داخل بوتقة المجتمعات الأوروبية، والتي أضيف إليها بزخم على مدى العقود الأربع الأخيرة التعددية الدينية والتعددية الثقافية، وعدم الخلط بين المشكلات الدينية الثقافية من جانب، والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية من الجانب الآخر. إن اليمين الإسلامي واليمين الغربي هما من ينبغي أن يتحملا وزر الأفكار التصادمية والصراع الديمومي التاريخي بين الحضارتين، لا المرجعيات الإيديولوجية للحضارة الإسلامية أو النسق الاجتماعي والقيمي للحضارة الغربية، حيث إن أدبيات كل منهما تحمل فضاء حواريا تؤكده الضرورة الآنية وتلح عليه الفريضة المستقبلية. ويعمد الكاتب بطول هذه المكاشفة وعرضها -كما أكد في تقدمته للكتاب- إلى تجاوز حدود التحامل وعوائق سوء الفهم ليتكلم بطريقة مباشرة لقرائه من المسلمين وغير المسلمين على السواء. وبشكل أكثر تحديدا يتوجه بدعوة جلية لا لبس فيها إلى المسلمين الأوروبيين لتجاوز « الجيتو » الديني والاجتماعي، لتقويض الانعزالية الثقافية والعقلانية التي ضربتها الجاليات المسلمة في أوروبا على نفسها سعيا إلى شراكة اجتماعية كاملة، وممارسة سياسية مثالية لكل معاني المواطنة في السياق الديمقراطي للمجتمعات التي يعيشون بين ظهرانيها. ويتوجه رمضان بالدعوة نفسها إلى الأوروبيين لتطوير وعي جمعي للتعامل مع المسلمين كمواطنين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم؛ كما يؤكد على رؤية مستقبلية موضوعية تتحول فيها أحلام التعددية بمعناها العميق إلى حقيقة واقعة. المسار يعتمد رمضان في ثنايا هذا الكتاب مقاربة نثرية سلسة وبسيطة تتناسب والطبيعة المكاشفية لما يؤمن به، والتي تشكل المحور النظري المباشر، والطبيعة الانفتاحية للدعوة التي يوجهها إلى المسلمين والأوروبيين للحوار وتفعيل الحوار، والتي تشكل المحور العملي غير المباشر. فإذا كان عنوان الكتاب يشي بأنه يضم بين دفتيه كما متناثرا من الأفكار التي شكلت عقلية مؤلفه؛ حتى إن القارئ ليتوهم من الوهلة الأولى صعوبة الربط العضوي بين هذه الشراذم، فإن هذا الكم الكبير من الفصول القصيرة قد عالج هذه الإشكالية الأدبية من خلال صياغة فكرية تقوم على العلية Casuality، حيث تفضي كل فكرة إلى ما بعدها. فالبداية هادئة من خلال فصل عنون له الكاتب بـ »السنوات الأولى »، والتي لم تكن سيرة ذاتية بقدر ما كانت تقدمة ملهمة للمسيرة الفكرية التي ستأتي لاحقا، حيث يؤكد من خلالها أن التزامه الديني في الـ18عاما الأولى من عمره لم يكن باسم الإسلام بقدر ما اتخذ ممارسات اجتماعية وطنية مثل « محاربة الفقر في الجنوب ودعم التعليم (وبخاصة للنساء) وحماية أطفال الشوارع ودعم المشاريع الاجتماعية ومحاربة الفساد والأنظمة الديكتاتورية والمطالبة بمؤسسات صناعية وتجارية أكثر إنسانية ومساواة ». لقد ارتبط عنده « معنى الإيمان والعقيدة بالدفاع عن القضايا الإنسانية والعدل »؛ وكان أبواه يؤيدان فيه بشدة هذه النزعة. ثم ينتقل رمضان إلى المحيط التعددي الأكبر، الذي أسهم بشكل عميق في تشكيله الفكري، فيذكر حكاية « الصديق التلميذ الأستاذ ثيري ».. الذي كان (الدكتور رمضان) أستاذا له ثم متعلما أخذ عنه الكثير، ويصف الكاتب كيف كان لتلك العلاقة الحميمية العميقة والمعقدة أعمق الأثر في صياغته إنسانيا وفكريا بعد ذلك. وتتوالى الأحداث على هذا المنوال ليصف عبر سرديات متنوعة كيف تعلم واستوعب الكثير من الدروس الإنسانية على أيدي البسطاء من الثقافات المختلفة، حتى « العامل الكولومبي » الذي استمع إليه زمنا لا يتجاوز نصف الساعة لتكون المنعطف الأهم في حياته. عاش الكاتب إذن هذه التعددية بشكل عميق على مدى ثمانية عشر عاما، وأخذ عنها الكثير، ليبدأ بعدها اهتمامه بالقضايا الإسلامية، وعلى الأخص العلاقة بين الإسلام والغرب في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، حيث مرت هذه العلاقة بمحطات مهمة تمثلت في قيام الثورة الإسلامية في إيران، ثم قضية سلمان رشدي، وبعدها قضية الحجاب في فرنسا.. إلخ، ليبدأ معها الدكتور رمضان حقبة فكرية جديدة ترتكز على ما يراه حوارا للحضارات ونقضا لنظرية هنتجتون القائمة على التصارع الحضاري، وبخاصة بين الإسلام والغرب. من الانعزالية إلى التعددية يتقدم الكتاب رويدا وبشكل متدرج من المسيرة الحياتية إلى المسيرة الفكرية حتى يصل إلى ما يعرف بالعقدة climax، حيث يتناول تلك القضايا الشائكة كتعدد الهويات وأولويات الهوية القومية والهوية الدينية، والسياق الإسلامي في المجتمعات الليبرالية، ومدى تحقق المواطنة الإسلامية والإفادة من المناخ الديمقراطي في هذه المجتمعات إلى غير ذلك من قضايا. ففي الفصل الخامس، وتحت عنوان « الارتقاءات السريعة والثورات الصامتة » يؤكد رمضان أن المفاهيم القديمة التي قامت عليها أسوار العزلة الافتراضية أو الحقيقية بين الإسلام والغرب قد تهدمت ليحل محلها مفاهيم تصالحية جديدة في إطار ما أسماه « الثورة الصامتة ». وهو مصطلح استخدمه الكاتب قبل سنوات.. لقد ألقت هذه الثورة التي نتجت عن ظروف تاريخية عدة بحجر كبير في المياه الراكدة انهارت معه الإيديولوجيات التي شطرت العالم إلى معسكرين إسلامي وغربي استبدت بينهما وشائج العداء والكراهية؛ فيؤكد أن هذه المفاهيم قد نفد رصيدها من أرض الواقع؛ فالدساتير الأوروبية تفي بحق المسلمين في ممارسة معتقدهم، وهذا أدعى إلى احترامها من قبل المسلمين. كذلك لا ينبغي الخلط بين المبادئ الدينية والثقافات الأصيلة، فالمسلمون الأوروبيون يجب أن يبقوا كذلك بدلا من مسلمين أتراك أو باكستانيين أو شمال إفريقيين إلى غير ذلك من أجل خلق ثقافة إسلامية أوروبية تقوم على احترام المبادئ الإسلامية في إطار النسق والذوق الأوروبي. ويمتدح رمضان الروابط الإسلامية بأوروبا، وكيف أن الهيكلة العقلية البنائية الجديدة للمسلمين في الغرب قد بدأت تتشرب عن وعي كامل أطروحات التغيير نحو بناء الجسور في عمق الفضاء الأوروبي، وتشجع المواطنين على ممارسة أدوارهم الانتخابية؛ ورغم أن هذه الأنشطة لا تزال تقتصر على المدن التي تحظى بالتواجد الإسلامي منذ القدم، فإنها آخذة في التمدد على مستوى أكثر عمومية. تحديات الاندماج تحدد الدول الأوروبية عبر قرنين من الزمان علاقة الفرد بالمجتمع عبر خلفية تشريعية عادلة تقوم على سيادة القانون، ومن هنا جاءت قيم « الحرية » و »العدالة » و »المواطنة »، وأصبح هناك تعددية سياسية ومجتمعية كان من تجلياتها المنظمات المجتمعية والأحزاب السياسية ذات المنطلقات والبرامج المختلفة. ورغم إكبار رمضان لهذه الدستورية العادلة، فإن ثمة تغيرات تاريخية فرضت حالة ملحة لتأطيرات جديدة تسمح بمفاهيم أعمق للتعددية في مجتمع واجه على مدى الـ40 عاما الأخيرة من تاريخه تعدديات دينية وثقافية لم يعهدها من قبل، تردد على إثرها تساؤلات عدة من شاكلة: كيف يمكن لأوروبا التعامل مع الوضعية التاريخية الجديدة؟ وبعبارة أخرى كيف يمكن اعتماد ذات الخلفيات التشريعية القديمة -رغم كونها نجحت في حقبة تاريخية ما- في تنظيم تعددية دينية وثقافية للمجتمع الجديد والمتجدد؟ هل الثالوث الذي قامت عليه الديمقراطية الأوروبية (العلمانية وسيادة القانون والمواطنة) ما يزال ذا دلالة وفعالية؟ هل أصبح كافيا على مدى العقود الأربعة الأخيرة أن يرتكز الخطاب التعددي المعقد على نفس الخطاب الساذج القائم على اختزال التعددية في عبارة « على الوافدين الجدد أن يتكيفوا! » الذي ترسخ له العديد من التوجهات السياسية اليمينية إضافة إلى العديد من علماء الاجتماع الفرنسيين؟! في هذا الصدد يلفت رمضان النظر إلى بعد دستوري ثالث ومهم يتعلق بالدولة (إضافة إلى بعدين آخرين يتعلقان بالمواطنين، وهما: الشعور بالالتزام نحو القانون، والممارسة العملية للمساواة الحقوقية والواجبية التي يكفلها هذا القانون)؛ هذا البعد يتمثل في حيادية الدولة في الشأن الديني؛ ويؤكد أن هذا البعد الدلالي لا يتنافى مع السياق العلماني الذي تتمحور حوله أدبيات المجتمع الديمقراطي في أوروبا. وينتقل الكاتب إلى العامل النفسي الذي يلح في السياق الراهن بعد أن أهمل على مدى السنوات الماضية لحساب الصياغة التشريعية، والأطروحات الجدلية، من أجل إذابة الحواجز التي تشبه جبال الجليد، حيث يضمر منها في أغوار النفس أكثر بكثير مما يبدو على سطح السياق المجتمعي، حتى يتلاشى « الجيتو » المنعقد حول كل طائفة. وحتى يعود الفرنسيون والإنجليز وغيرهم من الأوروبيين الأصليين الذين هجروا المدن الكبرى إلى الضواحي والأرياف فرارا من شعور بالغربة في بلدانهم!!. وحتى لا تتردد عبارات « إنهم لن يندمجوا أبدا » من جانب، وإنهم « لن يقبلونا أبدا » من الجانب الآخر. وحتى يتحول المسلمون على الصعيد المقابل من مجرد (مسلمين يعيشون في الغرب) إلى (مسلمين غربيين). إن حقبة ما بعد الاندماج لن تتحقق على أرض الواقع إلا بالتحول من النداءات والشعارات، بل المزايدات السياسية أحيانا، إلى توحدية شعورية ترتكز على كسر مشاعر الخوف وعدم الثقة التي تقيم أسوارا افتراضية أمام معاني الانتماء وإحساس المواطنة؛ وبالتحول من إيديولوجية ترى أن الإسهام الفعال في المجتمعات الغربية يمكن أن يتأتى عبر بوابة المدخلات المادية والاقتصادية إلى تنظير جديد يثمن البعد الإثرائي الديني والثقافي الذي تضيفه التعددية للمجتمع؛ فالبعد النفسي إذن من شأنه أن يحول التعددية القابعة خلف أسوار شتى إلى تعددية إثرائية تتناسب والواقع المتجدد. ثنائية الشمولية والمواطنة الجديدة تنتهي العقدة مجازا بنهاية الفصل العاشر « التحديات »، حيث يؤكد الكاتب على ثنائية تقوم على طرحين أساسيين، هما الشمولية والمواطنة الجديدة لتجاوز حواجز الخوف وعدم الثقة (الحاجز النفسي) التي تأصلت بين المسلمين الأوروبيين من جانب والأوروبيين من الجانب الآخر. أما الشمولية فتتمثل بحق الأوروبيين؛ فالعقل الجمعي الأوروبي ينبغي أن ينفتح على رياح التغيير التي بدلت ملامح الخريطة السكانية، الأمر الذي يجعل الواقع الأوروبي الجديد يدعو بإلحاح إلى التفاهم والاحترام المتبادلين، وتجاوز شعارات الرفض التي تحيط بكل ما هو إسلامي إلى مناقشة القيم والمبادئ التي تكفل التعايش للجميع. فهناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة جلية في العقل الأوروبي: هل هم مستعدون لدراسة حضارة متواجدة بالفعل بين ظهرانيهم، وتشكل رافدا مهما من روافد التعددية في المجتمع؟ وهل يعتقدون بصدق أن لدى المسلمين من الروحانيات والأدبيات والإبداعية ما يجعلهم قادرين على المساهمة الإيجابية في القضايا المجتمعية والسياسية المختلفة؟ إن الشمولية تنفي مفهوم التوحدية التاريخية وتتعلق بمقاربة جديدة لمدارسة التاريخ، وللنظرة التاريخية بوجه عام من خلال صياغة ذاكرة تاريخية جديدة تتسم بالتماسك والتناغم والشمولية كفرائض حياتية، ولن يتأتى ذلك إلا عن طريق خلق رغبة حقيقية، وقدرة في العقل الجمعي الأوروبي على خطاب جديد يقوم على النقد الذاتي لما حدث لشعوب المستعمرات القديمة (الذين يشكلون أغلب الوافدين الجدد على مدى العقود الأربعة الأخيرة، والذين يتمتعون الآن بكامل المواطنة الأوروبية كما يكفلها لهم الدستور الأوروبي) على يد الأوروبيين في الحقبة الإمبريالية. وبعبارة أخرى اعتماد مكاشفة تاريخية للجوانب المظلمة والمضيئة على السواء في السياق التاريخي الأوروبي. وأما المواطنة الجديدة فتتمثل بحق المسلمين الأوروبيين، وتقوم على التخلص من « عقلية الضحية » التي تهيمن على التوجه السيكولوجي للمسلمين، والتذرع بالإسلاموفوبيا كعائق ضد تحقيق نجاحات اجتماعية، والخروج من الرؤية الماضوية التي تقوم على « (نحن)مقابل (هم) ». إن إعادة الثقة من شأنها ألا تترك فضاء لليمين المتشدد في كلا الفكرين للعبث بمقدرات الحوار الحضاري بين الإسلام والغرب، ولدعم قيم العدالة والمساواة والاحترام على أساس أدبيات المواطنة المشتركة، وبتر جذور الاغتراب النفسي المتمركز في العقول، أكثر منه بكثير في الفعالية التشريعية، بين روافد المجتمع المختلفة. هذه الثنائية الإصلاحية تحتاج إلى سياسات مادية، وتشاركية فعالة لا يفي معهما الحوار النظري المجرد، وتلعب فيهما جميع المؤسسات المجتمعية والمنظمات السياسية أدوارا جوهرية. ويؤكد رمضان أن المستقبل بسبيله للتحول من مجرد الاندماج البسيط إلى الإثراء المتبادل فيما يطلق عليه « الانتماء ومقاربة ما بعد الاندماج » (وهو عنوان الفصل الـ12)؛ إن الثقة المتبادلة هي الأساس الجديد الذي تحتاج إليه أوروبا لبناء تعددية إثرائية وليس مجرد تعددية اندماجية. طالع أيضًا: العولمة والحوار في فكر طارق رمضان. طارق رمضان.. خطورة أن تكون مسلمًا إصلاحيًا طارق رمضان وجعوة تحرير النص من الفقهاء كاتب ومترجم مصري (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 13 نوفمبر 2009)


ذكرى رحيل عرفات: مأساة المناضل وملهاة الرئيس


صبحي حديدي (*) اقترنت الذكرى الخامسة لرحيل القائد الفلسطيني ياسر عرفات (1929 ـ 2004) بحدثَيْن فلسطينيين ـ وفتحاويين بامتياز، كما تجب الإشارة ـ هما إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراره بعدم الترشّح للمنصب في الانتخابات الرئاسية القادمة؛ ورحيل صخر حبش، أحد آخر الرجال المحترمين في قيادة ‘فتح’ خاصة، ومنظمة التحرير الفلسطينية عامة. وإذا كانت دوافع الحدث الأوّل تظلّ حمّالة أوجه، إذْ تختلط الترجيحات حول ما إذا كان عباس يناور أو يخلع عباءة الرئاسة (إذْ لا يجوز الحديث عن إلقائه البندقية، فالرجل صار يكره السلاح والصواريخ والعنف مذ جنح إلى السلم والمفاوضات والدبلوماسية)؛ فإنّ الحدث الثاني يقود إلى التفكير في أنّ حال الفراغ القيادي، أو الإفراغ المنظّم، الذي تُقاد إليه ‘فتح’، إنما هو تذكرة بعدد المرّات التي شهدت قتل عرفات سياسياً، ثمّ تنظيمياً وعقائدياً وأخلاقياً في الإستطراد المنطقي. دافيد كينر، رئيس التحرير المساعد في مجلة Foreign Policy الأمريكية الشهيرة، حاول جرد الأسماء التي يمكن أن تخلف عباس (وهي، حسب ترتيبه: مروان برغوثي، سلام فياض، إسماعيل هنية، محمد دحلان، أحمد قريع، محمد غنيم)، واستعرض ما لكلّ منهم، وما عليه، فخلص إلى النتيجة العالقة التالية: الأوفر حظاً هو البرغوثي، ولكن كيف لرئيس أن يحكم وهو في زنزانة إسرائيلية مؤبدة! وبصرف النظر عن مقدار الخطل في تقديرات هذا النطاسي الأمريكي (الذي لا يتورّع عن إدراج قريع، الفاشل في انتخابات اللجنة المركزية لـ’فتح’؛ أو دحلان، رجل الإستخبارات والقمع وغزوة غزّة المنقلبة وبالاً على مهندسيها؛ أو فياض، غير الفتحاوي؛ أو هنية، القيادي الحمساوي المتحزب؛ أو غنيم، المناهض لاتفاقيات أوسلو، وشبه المنعزل في تونس)، فإنّ اللائحة تبدو تحصيل حاصل لحال الفراغ القيادي في المؤسسة الفلسطينية. لعلّها، في جانب آخر جدلي من المسألة، عواقب غياب عرفات نفسه، أو تغييبه، عن سيرورة سلام بدا أنه ضامنها الأفضل في الشارع الفلسطيني مثل مؤسساته، من جهة؛ تماماً كما صار، من جانب آخر، سدّاً فعلياً أمام تقديم المزيد من التنازلات لإسرائيل، أو التراخي إزاء تفاصيل الحلّ النهائي الجوهرية، حول القدس والمستوطنات وحقّ العودة وحدود الدولة الفلسطينية. وثمة الكثير من عناصر المفارقة التراجيدية بين زيارة عرفات الأخيرة إلى فرنسا، في مثل هذه الأيام قبل خمس سنوات، محمولاً على نقّالة طبيّة؛ وزيارته الرسمية الأولى إلى باريس، ربيع 1989، محمولاً على الأكتاف والأكفّ، وضيفاً على سيّد الإليزيه آنذاك فرانسوا ميتيران. في تلك الأيام كانت أزمنة المنظمة حبلى بالمتغيرات الدراماتيكية. فالمجلس الوطني الفلسطيني وافق على صيغة الدولتين، وأعلن ولادة دولة فلسطين المستقلة. وعرفات كان قد حقّق انتصاراً أدبياً على وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جورج شولتز، حين انتقلت الأمم المتحدة إلى جنيف لسماع خطبة عرفات، بعد أن رفضت الإدارة الأمريكية منحه تأشيرة دخول إلى نيويورك. كذلك كان الحوار الأمريكي ـ الفلسطيني قد بدأ، وإدارة جورج بوش الأب تحتفل بتدشين عهدها على وقع المطارق التي أخذت تعمل هدماً في المعسكر الإشتراكي ونظام القطبين. آنذاك أيضاً، أطلق وزير خارجية أمريكي آخر، هو جيمس بيكر، تصريحه الصاعق الذي ذكّر فيه الإسرائيليين بأرقام هواتف وزارة الخارجية الأمريكية، إذا قرّرت الدولة العبرية تنحية فكرة اسرائيل الكبرى جانباً. كان زمناً حافلاً، إذاً، بدت فيه سياسة منظمة التحرير أشبه بكيس بابا نويل المتخم بالهدايا والمفاجآت! وعلى ذمة دافيد ماكوفسكي، الكاتب الإسرائيلي وأحد أبرز معلّقي صحيفة ‘جيروزاليم بوست’، كان رولان دوما، وزير الخارجية الفرنسي آنذاك، قد عقد جلسة خاصة مع عرفات طالبه فيها أن يقدّم إلى ميتيران هدية لا تقلّ في قيمتها عن هدية المنظمة إلى أمريكا (أي خطاب جنيف الذي ينبذ الإرهاب، أو إعلان ستوكهولم السرّي الذي يؤكد استعداد المنظمة للعيش بسلام مع إسرائيل، وإدانة جميع أشكال إرهاب الدولة والأفراد، وامتناع المنظمة عن اللجوء إليه في كل حال). وعلى ذمة ماكوفسكي أيضاً، حدّد دوما طبيعة المطمع الفرنسي، وزوّد عرفات بالكلمة الذهبية التي ستجعل من الهدية قنبلة مدوية، إعلامياً في الأقلّ، وجزاءً وفاقاً لحسن الوفادة الفرنسية. وأما الهدية فهي نعي الميثاق الوطني الفلسطيني، الذي ينصّ على الكفاح المسلح كأداة لتحرير كامل التراب الفلسطيني، ويعتبر الصهيونية حركة عنصرية فاشية. وأما الكلمة الذهبية فقد كانت المفردة الفرنسية Caduc، المصطلح القانوني المراوغ الذي يشتمل على أكثر من معنى، ولكنه يصف محتوى واحداً وحيداً هو أنّ الميثاق باطل أو في حكم الباطل، لأنه تقادم بذاته، ولأنّ الزمن عفا عليه وألغاه قبل أن تلغيه شرائع البشر. والأرجح أن الزعيم الفلسطيني الراحل ضحك في عبّه وقال ما معناه: غالي والطلب رخيص! وبالفعل، في مؤتمر صحافي حاشد أطلق ‘الختيار’ الكلمة التي تؤكد على ختيرة الميثاق، وفي الأساس كان مندوب المنظمة في باريس آنذاك، ابراهيم الصوص، قد اعتبر الميثاق باطلاً بحكم الأمر الواقع وبحكم قرارات المجلس الوطني في الجزائر، كما أوضح محمد حسنين هيكل في كتابه ‘الأقنية السرية’. باطل بالتقادم والختيرة. باطل بحكم الأمر الواقع. باطل لأنّ حكاية الكفاح المسلح دخلت متحف التاريخ من الأبواب الخلفية. وباطل لأنّ الأمم المتحدة سحبت قرارها الذي يعتبر الصهيونية حركة عنصرية. ولعلّ عرفات قد استعاد برهة العام 1989 تلك، حين حلّقت طائرته في سماء باريس، قبل أن تحطّ في باحة المشفى العسكري الذي سيشهد نهاية الرمز الفلسطيني المعاصر الأعلى، بعيدا عن ثرى فلسطين. صحيح أنها لم تكن أبرز محطات حياته الحافلة، وثمة ما يفوقها في الرمز والدلالة والعاقبة، غير أنّ المكان كان بالمكان يذكّر، والسياق بالسياق أيضاً! ها هو الرجل يأتي من حصار ضيّق داخل مبني ‘المقاطعة’ في رام الله، وكان سنة 1989 قد أتى من حال مشابهة تمزج المنفى بالحصار. وها هي أمريكا جورج بوش الابن تقاطعه، وفرنسا الرسمية لم تكن تستقبله سياسياً كما فعلت في الزيارة الأولى، بل طبيّاً وإنسانياً. وأياً كان الخلاف أو الاتفاق حول خياراته السياسية والفكرية وحتى التنظيمية، فإنّ عرفات الأخير استقرّ في صورة القائد السياسي الذي رفض إحناء الرأس في كامب دافيد، صيف 2002، طيلة تسعة أيّام من الضغط الهائل الذي مارسه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، على نحو لم يكن له نظير في تاريخ علاقة البيت الأبيض بقضايا الشرق الأوسط. وحين وصلت تفاصيل التسوية إلى حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية، خصوصاً القدس وحقّ العودة والإستيطان، قال عرفات ‘لا’، مدويّة ثابتة راسخة و… مدهشة، في الواقع، إذْ تصدر عن رجل كان مولعاً بـ’سلام الشجعان’ دون سواه! ولقد استحقّ سخط واشنطن مذاك، ثم تكفّل المجتمع الإسرائيلي بانتخاب أرييل شارون لكي يذيق عرفات المزيد من ألوان الضغط والمهانة والعزل والحصار، وفي غضون السيرورة بأسرها كان النظام العربي يُجْهز على ما كان تبقى في نفس الرجل من عناصر أمل ونوازع صمود. قال ‘لا’ حين كانت الـ’نعم’ هي المنجاة والإجابة الوحيدة في آن، ولو أنه أحنى الهامة فلعلّنا ما كنّا سنبصره محمولاً على نقّالة طبيّة في سماء باريس؛ وما كان سيلزَم ‘المقاطعة’ محاصَراً. الأرجح أنه كان سيواصل تجواله في عواصم العالم، على متن طائرة أفخم وأحدث، معززاً مكرّماً أكثر بكثير من كلّ أقرانه الحكّام العرب، الذي مسحوا رقم هاتفه في رام الله، راغبين أو مُكرهين! ولقد سال مداد كثير في وصف محاسن هذا الزعيم ومساوئه، خصوصاً بسط الحماية على تلك الحلقة الضيّقة التي قرّبها منه، وأطلق لها اليد في الفساد والإفساد والتسلّط والترهيب، ومحاكاة مختلف جرائم الإستبداد العربي. ولكنّ الأخلاق البسيطة، فضلاً عن موضوعية الوقائع ذاتها، تقتضي عدم التقليل أبداً من حجم المأزق الذي عاشه عرفات في السنوات التي سبقت رحيله، من جانب أوّل؛ ومقدار المرّات التي دُفع فيها إلى الجدار الأخير، أو حُشر في الزاوية الأضيق، من جانب ثانٍ. لكنّ عرفات، ومنذ رفضه الخنوع لاشتراطات كامب دافيد ـ 2 وحتى حصاره في مبنى ‘المقاطعة’، دُفع إلى حافة اتخاذ القرار الأخطر في حياته قاطبة: إمّا الخضوع والإستسلام وبيع التضحيات الفلسطينية الجسيمة بثمن بخس أقرب إلى المجّان، أو الصمود مرّة أخرى… اتضح أنها كانت الأخيرة! وما الذي كان سيتغيّر حقاً على صعيد السلطة الوطنية الفلسطينية إذا استجابت لمطالب شارون؟ وكيف وبأيّ معنى ستبقى هذه السلطة وطنية حقاً، وفلسطينية؟ كان شارون يريد التالي من عرفات: تنفيذ حملة اعتقالات فعلية، شاملة، ساحقة، وماحقة؛ تجريد جميع ‘المنظمات الإرهابية’ من أسلحتها، والدولة العبرية هي وحدها الجهة المخوّلة بتعريف ‘الإرهاب’ و’الإرهابيين’؛ جمع هذه الأسلحة وتدميرها بمعرفة المخابرات الإسرائيلية، أو عن طريق وسطاء أمريكيين؛ التعهد بعدم تكرار العمليات الإنتحارية، وضمان ذلك عن طريق خطة أمنية دائمة يكون الضباط الإسرائيليون جزءاً لا يتجزأ من هيكلية تنفيذها؛ وإنهاء كلّ أشكال التحريض ضدّ الدولة العبرية، في المساجد ووسائل الإعلام كما في الكتب المدرسية وشاشات التلفزة الدولية… غير أنّ محاق سلطة محمود عباس، كما تجلّت أحدث مظاهره في ما لقيته من خذلان على يد إدارة باراك أوباما (رغم القربان السمين الذي تجاسرت السلطة على تقديمه: سحب تقرير غولدستون)، واضطرار الرئيس إلى زعم العفة في عدم خوض الانتخابات الرئاسية القادمة، يجعل مطالب شارون تلك أضحوكة، سيّما بعد انفلات آلة البربرية الإسرائيلية من كلّ عقال، في الضفة الغربية كما في غزّة. وعلى نحو ما، ليس التخبط الذي تعاني منه قرارات السلطة، في السياسة كما في الإدارة اليومية البسيطة لشؤون العيش الفلسطيني، سوى المظهر المباشر لعطالة شاملة في محتوى الأداء وشكله، كانت تتفاقم منذ سنوات، وتنذر بأنّ قادم الأيام أسوأ من سالفها. والمشهد اليوم محض دليل إضافي على حقيقة كبرى: لقد نجحت اتفاقيات أوسلو في تحقيق جزء كبير من الأغراض الإسرائيلية، وخاصة تفتيت الأراضي الفلسطينية بين غزّة والضفة والقدس الشرقية، وشطر الشارع السياسي الفلسطيني بين ‘فتح’ المشلولة أو الغائبة أو الفاسدة، و’حماس’ المصابة بعظام العقيدة وشلل الإرتهان للخارج؛ كما نجحت، استطراداً، في وأد الجزء الأعظم من رهانات السلطة الفلسطينية، عرفات مثل عباس، وقبله، كما تقتضي الإشارة. غير أنّ الأوّل قال ‘لا’ في البرهة الحاسمة، ومضى، في ذمّة التاريخ؛ والثاني صعد أساساً على أدراج أوسلو وأضاليل السلام والتسوية، منذ 1993، لكي لا يقول أيّ ‘لا’، في أية برهة. وبين رحيل مناضل/ناسك مثل صخر حبش، واندحار مهادن/بيروقراطي مثل محمود عباس، أي بين مأساة المقاتل وملهاة الرئيس، تظلّ مناسبة رحيل ياسر عرفات تذكرة جارحة بالفارق بين الـ’لا’ الثمينة التي أتقن المقاومون اعتمادها في البرهة الضرورية؛ والـ ‘نعم’ الرخيصة التي أجاد التاريخ تعرية مخازيها، على الدوام. (*) كاتب وباحث سوري يقيم في باريس (المصدر: « القدس العربي » (يومية – لندن) بتاريخ 13 نوفمبر 2009)

 

 

 

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.