الأحد، 18 نوفمبر 2007

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2737 du 19.11.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس:عقوبات الطرد تلاحق محجبات مدينة نابل الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة نابل: متى ينتهي مسلسل » مطاردة الفولارة » الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة نابل: ندوة سياسية: « الحريات وحقوق الإنسان في تونس خلال العشرينية .. الواقع والآفاق  » محمد الجدلاوي: الحملة الطلابية من أجل إخلاء الجامعة من البوليس كلية العلوم الاقتصادية و التصرف بنابل: لائـــحة اجتماع مكتب النقابة الأساسية الديمقراطية النقابية و السياسية: مواجهة دامية ،في كلية 9 أفريل بين الطلبة و البوليس السياسي سليم بوخذير: تابعوا رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في هذه الأوقات على قناة « الحرّة » البديـل عاجل: عصابات من البوليس السياسي تشن حملة إرهاب سافر على المناضلين صحيفة « الخليج »: مندوب فلسطين ينسحب احتجاجاً من مؤتمر تونس حول الإرهاب صحيفة « الخليج » :مجموعة إيطالية تبني مصنعاً للاسمنت في تونس بـ 140 مليون يورو الزعيم الطلابي السابق والسجين السياسي المسرح المهندس عبد الكريم الهاروني في ضيافة الحوار.نت ( الجزء الثاني والأخير من الحوار ) علي سعيد: أين رجــلاه؟؟ تمام الأصبعي: تونس كمثال في كلية الشرطة في السويد الأستاذ عزالدين شمام :الـوهـم والـحـقـيـقـة خالد شوكات :كان الله في عونكم سيادة الرئيس! بوعلام بالسايح: برهـــــــان لطفي المجدوب: مرسل الكسيبي والرسائل المتعددة بدر السلام الطرابلسي: في الذكرى العشرين للانقلاب الأبيض بن علي يعلن عن قرارات مخيبة للانتظارات بدر السلام الطرابلسي: السوق المركزي بحي الزهور:عصابة تجمعية تستولي على السوق وتتاجر بأرزاق أصحابه محمد العروسي الهاني: خطاب الرئيس بن علي كان جليا واضحا والقرارات بصدد التطبيق إن شاء الله د. محمد الهاشمي الحامدي :مزالي والجزائر (7) عبد اللطيف الفراتي:عشرون جريدة « الصباح » : »عرس الذيب »… أو مستنقع العنف والجنس في السينما التونسية توفيق المديني:استعراض العضلات الأميركية حول إيران!! محمد الحدّاد: عن مشروع التنوير الوطني صالح بشير: الفتوى ومعضلة الفردية الجزيرة.نت:عرض لكتاب: « الإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية في تركيا » عنتر فرحات: تحديث السلطوية في العالم العربي


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة مساجين حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم متواصلة منذ ما يقارب العقدين

نسأل الله لهم ولجميع مساجين الرأي في تونس فرجا عاجلا قريبا

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4- نورالدين العرباوي

5- عبدالكريم بعلوش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبدالنبئ بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

11- كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14- محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

16- وحيد السرايري

17- بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24 – منير غيث

25 –   بشير رمضان


لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس  تونس، في 19 نوفمبر 2007

عقوبات الطرد تلاحق محجبات مدينة نابل

 
إستعرت الحملة على المحجبات بمدينة نابل الواقعة بالشمال الشرقي للجمهورية التونسية ( الوطن القبلي ) خلال الفترة الأخيرة , فقد أقدم المدعو صالح الجملي مدير المعهد الثانوي محمود المسعدي بمدينة نابل يوم الاربعاء 14 نوفمبر 2007 بطرد مجموعة من التلميذات بسبب لباسهن للفولارة التونسية و لم يسمح بعودتهن الى الدراسة إلا بعد أن أمضى أولياؤهن على التزامات .   كما عمدت قمر بوسن الخضار مديرة المدرسة الابتدائية بطحاء الشهداء بنابل يوم السبت 17 نوفمبر2007 إلى طرد مجموعة من التلميذات المتحجبات ولم تأذن لهن بمواصلة دروسهن إلا بعد أن إصطحبن معهن أولياءهن الذين أمضوا على التزامات بعدم السماح لبناتهن بتغطية رؤوسهن .   ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تحمل السلطات الجهوية بنابل مسؤولية هذه الإنتهاكات وتلفت إنتباه الرأي العام الوطنى والعربي والإسلامي والدولي وكل علماء العالم الإسلامي ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية إلى الإستهداف الممنهج الذى يتعرضن له المحجبات بتونس اللاتي يحرمن من حقهن في التعليم وتمارس عليهن ضغوط شديدة بسبب لباسهن   – تعبر عن إستهجانها للتصريحات الغير واقعية التى أطلقها وزير العدل وحقوق الإنسان السيد البشير التكاري بشأن حرية المحجبات في اللباس وتؤكد أن هذه التصريحات هى لعب على العقول ومجافية للحقيقة التى تشهد بمنع المحجبات بتونس من إرتداء حتى الفولارة التونسية    – تعبر عن منتهى التضامن مع المحجبات في تونس وتدعوهن إلى ممارسة حقهن في اللباس وتهيب بأولياءهن الوقوف في وجه الممارسات الظالمة التى تستهدف بناتهن   – تدعو السلطة التونسية إلى الكف عن إضطهاد المرأة التونسية المحجبة وتحذرها من تداعيات إستضعاف المحجبات التونسيات بالتعدى على أبسط حقوقهن وهي إختيار لباسهن وتحمّلها كامل المسؤولية لما ينتج عن هذه السياسات القهرية       عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr  
 

الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة نابل

مكتب الحقوق و الحريات

نابل في 17 نوفمبر 2007

متى ينتهي مسلسل » مطاردة الفولارة »

علمنا أن مديرة المدرسة الاعدادية ساحة الشهداء بنابل قمر بوسن الخضار عمدت إلى طرد مجموعة كبيرة من التلميذات بسبب ارتدائهن للفولارة التونسية ولم تسمح بإرجاعهن إلى الدراسة إلا صحبة أوليائهن الذين قاموا بالامضاء على التزامات بعدم السماح لبناتهن بتغطية رؤوسهن مستقبلا.

ومكتب الحقوق و الحريات إذ يذكر من جديد بأن هذا الاجراء يعد انتهاكا للحرية الشخصية للمواطن واستخفافا بحقه الدستوري في اختيار لباسه فإنه وبعد قرار المحكمة الإدارية القاضي بلا دستورية المنشور 108 لتقييده أمرا أطلقه وأباحه الدستور يتساءل لمن العلوية في دولة المؤسسات والقانون؟ هل هي للدستور أم لمنشور كان إصداره خطأ في حق هوية شعب هذا البلد الطيب ؟ فهل من مصحح لهذا الخطأ تكون به نهاية هذا المسلسل الفريد من نوعه في كافة أرجاء المعمورة؟

(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 17 نوفمبر 2007)


 

الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة نابل

مكتب الحقوق والحريات

ندوة سياسية: « الحريات وحقوق الإنسان في تونس خلال العشرينية .. الواقع والآفاق « 

يدعو مكتب الحقوق والحريات بجامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي كافة مناضلات ومناضلي المجتمع المدني لحضور الندوة السياسية التي ينظمها يوم الأحد 25-11-2007 بمقر الجامعة الكائن بمحطة الحافلات لحواش على الساعة الثانية بعد الزوال وذلك تحت عنوان« الحريات وحقوق الإنسان في تونس خلال العشرينية .. الواقع والآفاق «  يحضورها وفد من المكتب السياسي تترأسه الأمينة العامة للحزب الأخت مية الجريبي وتتخللها مداخلات لعدد من الشخصيات الوطنية ورموز المجتمع المدني.

(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 17 نوفمبر 2007)


الحملة الطلابية من أجل إخلاء الجامعة من البوليس تونس في 15 نوفمبر 2007 

الفرز الأمني إلى أين ؟  (2)

 
قام أعوان أمن بالزي المدني بالتنسيق مع الأمن الجامعي بإيقاف المناضل الطلابي والعضو بالحملة الطلابية  عبد الحميد الصغير من أجل إخلاء الجامعة من البوليس بالقرب من مقر رئاسة جامعة المنار أمام ذهول العديد من الطلبة والموظفين وقد سبق ذلك منعه من الدخول إلى الكلية في مناسبات عدة، بعد حرمانه من مواصلة الدراسة في المرحلة الثالثة على خلفية نشاطه النقابي والسياسي داخل الجامعة.   والجدير بالذكر، في ما يخص حالة الطالب المذكور، أنه استوفى كافة الشروط التي وقع اعتمادها لقبول زملائه من الطلبة الآخرين، فعدم قبوله يعد استثناءا « غريبا ».   وتأتي هذه الخطوة امتدادا للنهج الأمني الذي يهدف لتكميم الأفواه ومحاصرة الأصوات الحرة عن طريق تطويع الفرز العلمي لإقصاء النشطاء الطلابيين من فضاء الجامعة الذي أصبح يشكو من التصحر .   إن الحملة الطلابية من أجل إخلاء الجامعة من البوليس :   – تعلن استنكارها لهاته الممارسات التي تستهدف المكاسب التي تحققت للجامعة بفضل نضالات الحركة الطلابية. – تؤكد على أن الفرز العلمي يشكل ركن أساسي لاستقلالية ومصداقية الجامعة وأن أي تلاعب بنتائجه قد يفقد الجامعة هيبتها. – تدعو كل القوى الطلابية والجامعية لتحمل مسؤوليتها كاملة تجاه القضايا التي تهم الشأن الطلابي   منسق الحملة محمد الجدلاوي


 
 

تونس في  30 أكتوبر 2007

الإتحاد العام التونسي للشغل

الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي

    النقابة الأساسية للأساتذة الباحثين الجامعيين  

      كلية العلوم الاقتصادية و التصرف بنابل

لائـــحة اجتماع مكتب النقابة الأساسية

          نحن إطارات النقابة الأساسية للأساتذة الباحثين الجامعيين بكلية العلوم الإقتصادية و التصرف بنابل المجتمعون اليوم الثلاثاء 30 أكتوبر 2007 ، بمقر الكلية لمتابعة المستجدات على الساحة النقابية يهمنا أن :

1)   نعبر عن رفضنا لإحالة النقابيين على لجنة النظام و سحب التفرغات و ذلك في خصوص قضايا تعبير عن الرأي و النقد للأداء النقابي،

2)  نطالب القيادة النقابية بوقف هذه الإجراءات فورا و حفظ ملفات المحالين و الذين سيحالون على لجنة النظام و إرجاع جميع الموقوفين عن النشاط النقابي و المجمدين إلى سالف نشاطهم النقابي فورا،

3)  نطالب  بإرجاع التفرغات لمن سحبت منهم و ذلك من أجل الحفاظ على منظمة نقابية قوية موحدة مستقلة و ديمقراطية،

4) نطالب القيادة النقابية باحترام سيادة القطاعات على قراراتها و ترسيخ التسيير الديمقراطي لكل الهياكل النقابية

عاش الإتحاد العام التونسي للشغل حرا، مستقلا، ديمقراطيا ومناضلا .

عـــــــــــــــن

النقابـة الأساسية للأساتذة الباحثين الجامعييـن

كلية العلوم الاقتصادية والتصرف بنابل

الكاتـب العـام

نور الدين  الورتتاني

  يمقراطية النقابية و السياسية  » عدد 47 ليوم 18 نوفمبر 2007 نشرية  » الد  المصدر : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/الروابط :     

                 http://groups.google.com/group/democratie_s_p/                 


تونس في 17 نوفمبر 2007  هيئة تحرير نشرية  » الديمقراطية النقابية و السياسية  » :

مواجهة دامية ،في كلية 9 أفريل بين الطلبة و البوليس السياسي

 
على إثر تحرك الطلبة تحت قيادة الإتحاد العام لطلبة تونس للدفاع عن مطالبهم المشروعة و تنسيقهم مع جمعية خريجي الجامعة و حاملي الشهادات الجامعية المعطلين عن العمل دارت مواجهة دامية ،في كلية 9 أفريل بتاريخ 15 نوفمبر 2007، بين الطلبة و البوليس السياسي استعمل فيها هذا الأخير كل وسائل القمع و قد تمخضت عن عديد الجرحى و المصابين طاردتهم قوات القمع حتى إلى داخل المستشفيات و منعت مداواتهم. و إذ أن هذا التحامل يأتي على خلفية تعبير الإتحاد العام لطلبة تونس عن انضمامه لإضراب الأساتذة الجامعيين بتاريخ 19 و 20 نوفمبر 2007 فإننا نندد بهذه الإجراءات القمعية و خاصة ما عمدت له السلطة اليوم 17 نوفمبر 2007 من مطاردة  مناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس و الطلبة المعطلين عن العمل و اعتقال العديد منهم بطريقة غير قانونية تشبه الاختطاف لكي تعتدي عليهم بالعنف الشديد بعد تحويل وجهتهم إلى غابة البلفيدير  و قد وصل عدد المختطفين إلى عشرين نفر أفرجت قوات القمع عن بعضهم و هم في حالة يزرى لها بعد أن دخل أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة الطلابية في اعتصام مفتوح بمقرها.      هيئة تحرير نشرية  » الديمقراطية النقابية و السياسية «    المصدر : نشرية  » الديمقراطية النقابية و السياسية  » عدد 42 بتاريخ 17 نوفمبر 2007

 

 
تونس في 17/11/2007

تابعوا رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في هذه الأوقات على قناة « الحرّة »

 
إستضاف برنامج « عين على الديمقراطية » الذي يقدّمه الإعلامي محمد اليحيائي على قناة « الحرّة » في حلقته الجديدة لهذا الأسبوع السيد رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الدكتور المنصف المرزوقي، و دار الحوار الذي وقع تسجيله بأستوديوهات القناة بواشنطن حول قضايا حقوق الإنسان وقضايا الفساد المورّط فيها النظام التونسي ومطالبة رئيس حزب المؤتمر ورفاقه بضرورة رحيل الدكتاتور بن علي .   بثّت قناة « الحرّة » البرنامج مساء اليوم الأحد 18 نوفمبر على الساعة الثامنة و 10 دقائق فيما بثّت قناة « الحرّة عراق » الحلقة على الساعة التاسعة و 10 دقائق مساء ، و لمن فاته متابعة الحلقة يمكن له مشاهدة إعاداتها في الأوقات التالية :     * على قناة « الحرّة » :   – يُعاد بثّ برنامج يوم الإثنين على الساعة الرابعة صباحا بتوقيت تونس و على الساعة الثامنة صباحا و 10 دقائق و على الساعة منتصف النهار و على الساعة الثالثة بعد الزوال و 10 دقائق .   * و على قناة « الحرّة عراق » : – يُعاد بثّ البرنامج يوم الإثنين على الساعة الثاثلة صباحا بتوقيت تونس و على الساعة التاسعة صباحا و 10 دقائق و على الساعة و الثانية بعد الزوال و 10 دقائق .   سليم بوخذير


في اليوم العالمي للطلاب 17 نوفمبر:

عصابات من البوليس السياسي تشن حملة إرهاب سافر على المناضلين

 
على إثر سلسلة التحركات التي خاضها مناضلو الحركة الطلابية طيلة الأسبوعين الفارطين بجزء 9 أفريل، انطلقت قوات القمع البوليسي في شنّ حملة جديدة تستهدف مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس واتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل. حيث انطلقت هذه الحملة ابتداء من يوم الخميس 15 نوفمبر2007 باقتحام عشرات من عناصر البوليس بالزيّ المدني مسلحين بهراوات حرم كليّة 9 أفريل بعد أن قاموا برشقها بالحجارة واعتدوا على العديد من المناضلين والطلبة، وطالت اعتداءاتهم بالعنف المادّي واللفظي حتى عميد الكليّة الأستاذ حميّد بن عزيزة. كما واصل العشرات من أعوان البوليس بالزيّ المدني استهداف المناضلين والطلبة عند خروجهم من الكليّة مساءا حيث قاموا بإيقاف عدد منهم وتولّوا الاعتداء عليهم بعنف وحشيّ خلّف أضرارا جسديّة للعديد منهم. ولم تقف اعتداءات البوليس عند ذلك الحدّ بل واصلوا ملاحقة المناضلين الذين تم نقلهم إلى أقسام الاستعجالي بكلّ من مستشفى شارل نيكول، حيث قاموا بإخراج المناضل أمير الهمّامي من قاعة العلاج باستعمال العنف الشديد على مرأى ومسمع من الإطار الطبي والمواطنين ممّا خلف له إصابات أخرى، وفي مستشفى الرابطة لاحق أعوان البوليس السياسي كلّ من سالم العياري، الحفناوي بن عثمان، كمال بوصاع وجابر المسكيني وأجبروهم على مغادرة المستشفى باستعمال العنف.   وفي مساء السبت 17 نوفمبر 2007 اتخذت الهجمة البوليسيّة منعرجا أخطر حيث أقدمت العشرات من عناصر البوليس السياسي على تمشيط شوارع العاصمة ومقاهيها مسلحين بالهراوات بحثا عن بعض المناضلين الطلابيّين والمعطلين عن العمل وقاموا باختطاف العديد منهم وهم إلى حدّ الساعة السابعة مساء:   –   سالم العياري: المنسق العامّ الوطني لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل ومناضل بالاتحاد العام لطلبة تونس وممثل الطلبة بالمجلس العلمي لكلية 9 أفريل. –   بالقاسم بن عبد الله: عضو اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل –   وليد العزوزي: عضو اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل –   عبد الرؤوف سعيد: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   صلاح العويتي: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   يوسف بن موسى: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   أحمد الساسي: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   وليد ميهوب: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   نصرو الحاجي: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   تميم الدايخي: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   مهدي الدّاغوتي: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   قيس المزطوري: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس –   فؤاد الساسي: مناضل في الاتحاد العام لطلبة تونس   وقد تمّت عمليّات الاختطاف باستعمال عنف وحشي بالهراوات وعلى مرأى ومسمع من المواطنين.   وقد قامت قوات البوليس باقتياد كلّ من نصرو الحاجي وتميم الدايخي ومهدي الداغوثي وكمال بوصعاع وقيس المزطوري وبالقاسم بن عبد اللـّه إلى منطقة الأمن بالسيجومي وصلاح العويتي إلى منطقة الأمن بباب سويقة حيث واصل أعوان البوليس تعنيفهم بوحشيّة وتحرّشوا ببعضهم جنسيّا.   أمّا بقيّة المناضلين المذكورين – باستثناء فؤاد الساسي الذي تمّ الإفراج عنه بعد تعنيفه أمام مقرّ ولاية تونس وتحطيم هاتفه الجوّال عنوة وافتكاك شريحة الخطّ (puce) – فقد تمّ نقلهم بواسطة سيارات مدنيّة إلى غابة البلفدير حيث واصل العشرات من أعوان البوليس تعنيفهم بوحشيّة منقطعة النظير لمدّة طويلة قبل أن يقتادوا بعضهم إلى مناطق الشرطة لمواصلة تعنيفهم ثمّ تمّ الإفراج عنهم تباعا في ساعة متأخرة من المساء.   وقد اعتصم العشرات من مناضلي الاتحاد العامّ لطلبة تونس واتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل داخل مقرّ اتحاد الطلبة احتجاجا على هذا الاعتداء الهمجيّ على رفاقهم وعلى منظمتيهم ولم يرفعوا الاعتصام إلا بعد أن تمّ إطلاق سراح جميع المناضلين وذلك حوالي الساعة التاسعة ليلا.   (المصدر: « البديـل عاجل »، قائمة مراسلات حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 17 نوفمبر 2007)

مندوب فلسطين ينسحب احتجاجاً من مؤتمر تونس حول الإرهاب

 
انسحب يحيى يخلف مندوب فلسطين إلى المؤتمر الدولي حول الإرهاب في تونس من الجلسة الختامية للمؤتمر احتجاجاً على خلو البيان الختامي من أي إشارة إلى إرهاب الدولة والتفريق بين الإرهاب والحق المشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال.   وقال يخلف، الذي يرأس اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، مباشرة بعد خروجه من قاعة الاجتماعات إنه طالب المؤتمرين بإدانة الإرهاب بكل أشكاله بما فيه إرهاب الدولة الذي تمارسه “إسرائيل”، إلى جانب تأييد حق تقرير المصير للشعوب، والتفريق بين الإرهاب الأعمى وحق الشعوب في المقاومة، غير أنه لم تتم الاستجابة لهذا الطلب.          (يو.بي.أي)   (المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الشارقة) الصادرة يوم 18 نوفمبر 2007)

 


 
أخبارالصباح

 
استقلال القضاء وحياد القضاة
علمنا أن المحكمة العقارية بقفصة قضت مؤخرا بقبول مطلب تقدم به مواطن لاثبات ملكيته لجزء من عقار كانت المحكمة ستبني عليه مقرها الجديد رافضة مطلب اعتراض تقدم به المكلف العام بنزاعات الدولة وفي ذلك تأكيد متجدد على استقلال القضاء والتزام القضاة بمبدأ الحياد وإعلاء القانون حتى لو كان الامر يتعلق بأرض تعتزم المحكمة إنجاز مقرها الجديد عليها.   عودة النشاط لخط تونس طبرقة الجوي تقرر أن يتواصل ربط مطار طبرقة بتونس بمعدل رحلة أسبوعية تنطلق مساء كل جمعة من مطار تونس قرطاج لتعود مساء كل أحد من طبرقة وذلك بغاية المساهمة في تطوير السياحة بالجهة وقد تكفلت كالعادة «طيران السابع» بتأمين هذه الرحلة التي انطلقت أولاها بحضور اعضاء من لجنة التجهيز والاسكان والنقل التابعة لمجلس النواب مساء الجمعة المنقضي.    ربط جوي مع دول الخليج كثفت شركات طيران عربية اهتمامها بتونس، وتستعد عديد الشركات إلى فتح خطوط مباشرة مع تونس وخاصة بعد مباشرة «الاماراتية» تسيير رحلاتها من دبي وبواقع أربع رحلات أسبوعيا على أن تتحول إلى رحلة يومية أواخر هذه السنة و«القطرية» التي سيرت عام 2005 خطا مباشرا بين تونس والدوحة ورفعت عدد رحلاتها إلى خمس أسبوعيا.   اتفاقية دخلت الاتفاقية الموقعة بين الحكومة التونسية والحكومة السورية الخاصة بتسليم المجرمين حيز التنفيذ بداية من غرة شهر نوفمبر الجاري بعد مصادقة مجلس النواب عليها مؤخرا ويذكر أن هذه الاتفاقية أبرمت بين البلدين في 21 أفريل الماضي.   رحلات شارتر تشهد أغلب مطاراتنا هذه الأيام وخاصة مطارات توزر وجربة والمنستير وصول عديد رحلات الشارتر القادمة من بعض الدول الاوروبية. وما يميز هذه الرحلات هو أسعارها المنخفضة جدا بحيث بلغ سعر احدى الرحلات بين توزر وبروكسيل 25 أورو فقط…   بث مباشر تقرر بث فعاليات الايام الوطنية للبحث العلمي والتجديد التكنولوجي التي تنتظم يومي 19 و20 نوفمبر بقصر المعرض بالكرم مباشرة وبصفة مرئية حيث سيتم الربط مع: المعهد الوطني للعلوم والتكنولوجيا التطبيقية بتونس وقصر العلوم بالمنستير والمدرسة الوطنية للمهندسين بقابس والمعهد العالي للإعلامية والتصرف بالقيروان وكلية العلوم بقفصة. وسيمكن هذا البث المرئي كل الاساتذة الباحثين من متابعة فعاليات هذه التظاهرة التي سيحضرها حوالي 2000 باحث من تونس والخارج.   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 نوفمبر 2007)

مجموعة إيطالية تبني مصنعاً للاسمنت في تونس بـ 140 مليون يورو

 
حصلت مجموعة “ايطاليا” الايطالية على ترخيص لاقامة مصنع جديد للاسمنت في تونس بقيمة 140 مليون يورو، كما افاد بيان لوزارة الصناعة التونسية. واوضح البيان ان المصنع سيقام في مدينة الدهماني في شمال غرب البلاد التونسية وسيتيح توفير قرابة ال 300 فرصة عمل جديدة. ولم يعرف على الفور موعد الانتهاء من انجاز المصنع ودخوله مرحلة الانتاج. وتنتج تونس سنويا 7،3 مليون طن من الاسمنت يخصص 40 في المائة منها للتصدير نحو اوروبا وباقي بلدان المغرب العربي.   وتملك تونس سبعة مصانع اسمنت تم بيع خمس منها منذ 1998 الى شركات ايطالية وإسبانية وبلغارية في حين يسير مصنع اسمنت بنزرت على طريق التخصيص حيث تم ادراجه ضمن قائمة الشركات العامة المطروحة للتخصيص في 2007.   وتعد المجموعات الاسمنتية الاسبانية الاكثر حضورا في تونس.          (أ.ف.ب)   (المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الشارقة) الصادرة يوم 18 نوفمبر 2007)


 

الزعيم الطلابي السابق والسجين السياسي المسرح المهندس عبد الكريم الهاروني في ضيافة الحوار.نت (الجزء الثاني والأخير من الحوار)

 

حاوره: الهادي بريك ـ الحوار.نت ـ ألمانيا.

علم على رأسه نار وفارس لا يشق له غبار :

 ـ ذاك هو القيادي الإسلامي التونسي المهندس عبد الكريم الهاروني.

ـ من مواليد : 17 ديسمبر ( كانون الأول ) 1960 بالمرسى بتونس العاصمة.

ـ مهندس أول متخرج من المدرسة القومية للمهندسين بتونس قبل أكثر من عقدين كاملين.

 ـ حالت الملاحقات الأمنية المنظمة ضده منذ أزيد من ربع قرن كامل دون مواصلة تعليمه الجامعي الذي سبق له أن سجل في أول حلقاته في الجامعة التونسية كما حيل دونه بذلك ودون زواجه.

 ـ إعتقل عام 1981 وأفرج عنه بعد أيام قلائل ثم عام 1987 حيث حوكم ضمن قيادة حركة الإتجاه الإسلامي أمام محكمة أمن الدولة ( محكمة غير دستورية ) ثم عام 1991 ليمثل مجددا أمام المحكمة العسكرية ( محكمة غير دستورية ) ضمن قيادة حركة النهضة عام 1992.

ـ وبذلك يكون قد قضى زهرة شبابه في السجن وراء القضبان تأديبا له على جريمة الإنتماء لجمعية غير مرخص فيها والإشتغال بالسياسة بدون إذن مسبق من الحاكم الأعلى في البلاد.

 ـ عرفته الساحة الطلابية مناضلا عتيدا وفارسا مفوها وزعيما جماهيريا محبوبا وكان له مع بعض إخوانه شرف تأسيس الإتحاد العام التونسي للطلبة في أواسط ثمانينيات القرن الميلادي المنصرم وإنتخب في أول مؤتمر له أمينا عاما.

 ـ أفرج عنه بمقتضى عفو رئاسي خاص رفقة عدد من السجناء السياسيين ( بالكاد يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة ) بمناسبة مرور عشرين عاما على إنقلاب بن علي ضد بورقيبه في يوم السابع من نوفمبر ( تشرين الثاني ) من عام 1987 بينما بقي أزيد من عشرين سجينا سياسيا كلهم من حركة النهضة التونسية يقبعون وراء القضبان محتجزين منذ خريف 1991.

 نص الحوار :

الحوار.نت : مهندس كريم ـ كيف خلفت المساجين وراء القضبان من حيث أوضاعهم الصحية والمعنوية؟

 المهندس الهاروني : واثق من صبر هؤلاء الرجال ومن تمسكهم بمبادئهم وحقوقهم وإن أي تأخير في إطلاق سراحهم هو خسارة للبلاد ولا ربح فيه لأحد وأسال الله أن ييسر سراحهم قريبا وبدون مناسبة.

 الحوار.نت : كنا نسمع كثيرا عن حالات موت بسبب التعذيب فما هي مصداقية ذلك أم أن ذلك من باب الدعاية السياسية والحزبية؟

 المهندس الهاروني : نحن حريصون على مصداقيتنا كما نطالب الآخرين بالمصداقية فعندما نتحدث عن انتهاكات في السجون فلا نحتاج إلى نشر الأخبار الزائفة لأن ذلك ليس من أخلاقنا الإسلامية ولا من تقاليدنا السياسية والإعلامية ولا من مصلحتنا كحركة تحظى بمصداقية فكل ما نشرنا عما حصل في السجون هو حقيقة وألفت الإنتباه إلى أنه في أثناء الإستنطاق عند المحاكمة العسكرية في جويلية 92 أعلن عن فتح السلطة لتحقيق حول وفاة عدد من المعتقلين في أثناء البحث لدى الشرطة ولا أدرى إلى اليوم ما هي نتائج ذلك التحقيق وهل وقعت محاسبة واحد من الذينارتكبوا مثل هذه الجرائم منذ مقتل الأخ الطالب عثمان بن محمود في 1986 إلى حد وفاة الأخ الهاشمي المكي عام 2006 في إثر خروجه من السجن مباشرة مرورا بكثير من الحالات وسيأتي الحديث عنها في إطارها.

 الحوار.نت : هل ينوي المهندس كريم الهاروني تدوين تجربته النضالية في الجامعة وفي الحركة وفي السجن وهي تجربة ثرية خصبة إمتدت عقودا ثلاثة؟

المهندس الهاروني : أشكركم على هذا الإقتراح وبالمناسبة أدعو أخوتي وأخواتي من المساجين وعائلاتهم إلى توثيق هذه المظلمة حتى تبقى في ذاكرة الشعب وذاكرة الأمة وذاكرة الإنسانية وحتى يتسنى معرفة الحقيقة من الزيف وحتى يتمكن أهل الذكر وأهل الرأي من دراسة هذا التراثالمشرف لنا خاصة أن العالم اليوم يعيش ثورة إعلامية كبرى تساعد على وصول الحقيقة عبر الصوت والصورة بعدما إخترق القلم كل الحواجز

 الحوار.نت : عادة ما يتوقف السجين السياسي وسجين الرأي بصفة عامة في السجن ـ سيما إذا إمتد سجنه سنوات طويلة كما هو الحال معك ومع إخوانك ـ عند مراجعات فكرية وتقويمات نقدية. إذا كان ذلك قد حصل للمنهدس الهاروني فهل يمكن أن تفيد قراءنا الكرام بشيء منه؟

المهندس الهاروني : لا شك أن عقل المناضل لا يتوقف في السجن رغم أن الإدارة ومن وراءها قد عملت بكل الوسائل لسجن عقولنا وعزلنا عن واقع مجتمعنا وعن العالم لذلك لم يكن تقييم التجربة وتقييم الأوضاع بالبلاد أمرا هينا داخل السجن وقد توصلت إلى بعض النتائج أوافيكم بها في الوقت المناسب إن شاء الله ونحن لا عقد لدينا في الإعتراف بالإخطاء أو البحث عن الأفضل لأننا كما قال الله تعالى  » إن أريد إلاصلاح ما إستطعت وما توفيقي إلا بالله  » نحن نريد الإصلاح و نجتهد فيه ونتوكل عى الله ولا نضمن النتيجة لأننا لسنا الطرف الأوحد في المعادلة.

الحوار.نت : بعد دخولكم السجن نشأت صحوة من رحم خطة تجفيف منابع التدين التي سخرت لها الدولة كل مؤسساتها. هل سمعتم بتلك الصحوة؟ وكيف يقرؤها المهندس الهاروني؟ وكيف تنشأ صحوة في ظل شن حرب ضروس ضد كل مظاهر التدين من مثل الزي الإسلامي للمرأة؟

المهندس الهاروني : نحمده سبحانه الذي تعهد بحفظ ذكره على هذه الصحوة المباركة التي مثلت دليلا من الأدلة على فشل حملة الإستئصال للحركة الإسلامية في تونس التي بلغت حد خلط السلطة بين الدين والسياسة بالخلط بين الإلتزام الديني والإلتزام السياسي فتورطت أجهزتها في العدوان على الإسلام في بلد مسلم عريق ولكن وجب لفت الإنتباه إلى أن هذه الصحوة في حاجة إلى التأطير والتوجيه.

 الحوار.نت : هي صحوة متنوعة وفق ما ينقل أكثر المراقبين فهل يزعجكم ذلك بسبب أن صحوتكم الأولى قبل أربعة عقود كان يغلب عليها التجانس؟ كيف ستتعاملون مع واقع صحوي جديد عليكم؟

المهندس الهاروني : نبارك كل جهد في مصالحة المجتمع والدولة مع الإسلام مهما كان مأتاه ولا نحتكر لا الكلام بإسم الإسلام ولا العمل على تحقيق الصحوة ولكن ليكن واضحا أن الذي تعرضت له الحركة ساهم في عودة هذه الصحوة ولو بعد حين إضافة إلى ما شهده تطور وسائل الإعلاموالتأثير خاصة في منتصف التسيعينات ولا يخفى على كل متابع لحقيقة هذه الصحوة أن هناك مظاهر تحتاج إلى حوار بين الإسلاميين بمختلف آرائهم حتى لا تنزلق هذه الصحوة المباركة في متاهات التكفير وإقصاء للرأي المخالف ولذلك كما كان لحركة النهضة شرف ريادة الصحوة الإسلامية الأولى في تونس فسيكون لها مستقبلا إن شاء الله شرف ترشيدها بالتعاون مع مختلف مكونات هذه الصحوة المباركة وإني أحذر من أن التعامل مع الشباب الإسلامي بمنطق القوة لن يخدم هذه الصحوة ولن يخدم البلاد لأنه سيدقع إلى الحلول القصوى.

 الحوار.نت : هل أفهم من هذا مهندس كريم بأنك تضم صوتك إلى المنادين بإطلاق سراح آلاف مؤلفة من الشباب الإسلامي من أبناء تلك الصحوة المباركة من الذين يقبعون في السجون منذ ديسمبر الفارط على خلفية ما عرف بأحداث سليمان إحدى ضواحي العاصمة التونسية؟

المهندس الهاروني : أذكر أني قلت لوالدتي في الزيارة أكثر من مرة أني أتمنى أن أكون آخر سجين سياسي يغادر السجن في تونس وفسرت ذلك بأني لا أقبل الخروج من السجن وخلفي سجين سياسي واحد وراء القضبان وفي صورة بقاء مساجين سياسيين من بعدي فإني سأواصل النضال من أجل إطلاق سراحهم جميعا ولو كلفني ذلك العودة إلى السجن لأموت فيه خدمة لديني ولبلادي ولشعبي.

الحوار.نت : إذا كانت قد تناهت إليكم أخبار هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات التي ولدت في إثر أشهر إضراب عن الطعام خارج السجون في تونس إحتجاجا على إنعقاد مؤتمر الإعلامية في تونس وهي البلد الذي وصل فيه كبت الحريات إلى حد سجن مجموعة من الشباب بتهمة الإبحار في بعض المواقع الإلكترونية ( مجموعة جرجيس قبل سنوات ـ السجين السياسي السابق عبد الله الزواري ـ المرحوم اليحياوي .. ) .. فهل للمهندس الهاروني موقف إبتدائي منها؟

 المهندس الهاروني : إستبشرت كثيرا بهذه التجربة بعيدا عن الحسابات الضيقة. فقد إنطلقت كما قلتم بإضراب عن الطعام ذكرني بعدد الإضرابات التي شنها الإسلاميون في السجون على مدى 17 سنة من الإعتقال وهذا دليل أولي على أن هذه الحركة السياسية حركة سلمية مشروعة كما إستبشرت خيرا بجرأة جزء من النخبة التونسية في الدفاع عنا وعن المطالب الحقيقية لشعبنا بعيدا عن التخاذل والنفاق والمبالغة في الحسابات كما أني أحيي كل أطراف هذه المباردة على إستعدادهم للعمل المشترك رغم وجود الإختلافات وقد أثبتت حركة النهضة أنها ـ زيادة على أنها لا تحتكر الإسلام ـ لا تحتكر المعارضة كما أنها في يوم ما لن تحتكر السلطة ولكن لا بد من تطوير هذه التجربة حتى تكون أكثر نجاعة وإشعاعا وإقترابا من الجماهير فهي تجربة قابلة للتطور والتوسع وتحقيق عدد من المكاسب وهي شكل من أشكال تجاوز هيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية طلية نصف قرن وتجاوز الإستقطاب الثنائي الذي حصل في إنتخابات 89 فإتساع المعارضة الحقيقية لغير الإسلاميين مكسب للبلاد وللإسلاميين وأحيي بالمناسبة كل المناضلين في 18 أكتوبر وخارجها.

 الحوار.نت : سؤال لا يكاد يبرح لسان مهتم بالحركة الإسلامية في تونس وهو : الآن بعد خروج أغلب القيادات والمساجين ما هي أولوياتكم؟ هل هي لملمة صفكم الداخلي أم هو المضي على درب الحرية كعادتكم قبل ثلاثة عقود أم هو التفرغ للدعوة والعمل الثقافي والإجتماعي أم ماذاتحديدا؟

المهندس الهاروني : نضالنا من أجل الحرية خيار إستراتيجي منذ 81 ولن يتوقف يوما ولكل مرحلة أولوياتها في إطار هذا الخيار. ومن أوكد الأولويات إخلاء السجون من المساجين وإسترداد المسرحين لحقوقهم المدنية والسياسية وعودة المهجرين المنفيين والمغتربين في أقر ب الآجالوأفضل الأحوال بدون إستثناء حتى تصبح تونس لكل التونسيين فلا مواطن من درجة أولى وآخر من درجة ثانية وثالثة ونضمن كل الحقوق للجميع وبدون هذه الشروط الدنيا لا يمكن التقدم في الإصلاح السياسي والإقتصادي و الإجتماعي إلى آفاق كبيرة.

الحوار.نت : كلمة أخيرة إلى السلطة وأخرى إلى المعارضة وثالثة إلى فرسان الحرية ورابعة إلى الصحوة وخامسة إلى علماء تونس والعالم الإسلامي وسادسة إلى الحركة وسابعة إلى مهدك المحبوب ( الطلبة والجامعة ) وثامنة إلى الشعب وأخيرة إلى الأمة.

 المهندس الهاروني :

 ـ كلمة إلى السلطة : الوضع في البلاد لم يعد يحتمل مزيد التأجيل للإصلاح. لقد آن الأوان لوضع حد للمراهنة على الحل الأمني في معالجة قضايا البلاد ولا بد من فتح المجال لتنافس التونسيين والتونسيات بمختلف أفكارهم ومواقعهم لخدمة البلاد.

ـ كلمة إلى المعارضة : أدعو الجميع إلى الترفع عن المعارك الهامشية والتنابز بالألقاب وإلى الإلتقاء على وفاق وطني حقيقي حول مسألة الحريات وحقوق الإنسان كشرط أول لتقدم البلاد

 ـ كلمة إلى فرسان الحرية من الحقوقيين والإعلاميين في توسن وخارجها : أحييهم وأقدر فضلهم علي وعلى المساجين و عائلاتهم وعلى كل البلاد وأدعوهم إلى مواصلة النضال حتى تحقيق الأهداف.

 ـ كلمة إلى الصحوة الثانية الجديدة : أذكر أخوتي جميعا بهذه الصحوة المباركة بقوله تعالى  » أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين « . ـ

 كلمة إلى علماء الإسلام في تونس وخارجها وربما على رأسهم الإمام القرضاوي من الذين عملوا على التخفيف من وطأة منشور 108 الذي يمنع المرأة من طاعة ربها سبحانه : بهذه المناسبة أعبر عن حزني العميق لما آلت إليه بلادي من فراغ علمي وتراجع خطير لدور العلماء في بلد كان على مر القرون منارة من منارات الإسلام في المشرق والمغرب والشمال والجنوب ورمزها الزيتونة المعمور الذي خطط العديد منذ ظهور البورقيبية إلى تحويله من الجامع المعمور إلى الجامع المهجور. وإني مستبشر خيرا بحركة العلماء المسلمين بمخلتف مكوناتها في العالم الإسلامي وفي الغرب وحسن توظيفها للثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم في مجال الإتصال وأني أكن إحتراما خاصا لشيخنا الفاضل القرضاوي ولأمثاله من العلماء العاملين المجتهدين.

 ـ كلمة إلى الحركة : أوجه تحية حارة إلى إخواني وأخواتي في المهجر وفي مقدمتهم شيخنا الفاضل راشد الغنوشي وأكبر فيهم حرصهم على المحافظة على وحدة الحركة وعلى تطويرها في برامج عملها وفقا لمقتضيات المرحلة ولنضالهم على مختلف الجبهات رغم عديد الصعوبات لإطلاق سراح المساجين وإسترداد حقوقهم المدنية والسياسية والتقدم في الدفاع عن الحريات داخل البلاد

. ـ كلمة إلى المهد المحبب للهاروني : الطلبة والإتحاد والجامعة : أكن حبا خاصا للطلبة والطالبات لأنها من أعز فترات حياتي ولأني أعلق عليهم آمالا كبيرة في المستقبل وأحيي بصفة خاصة كل الأجيال التي ناضلت من أجل حركة طلابية مستقلة مناضلة وديمقراطية ومتجذرة في مجتمعها قبل أن تبتلي الجامعة بحصار أمني مشدد خطير كان سببا في العجز على تأطير جهود الطلبة للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية ودورهم في خدمة البلاد في إطار منظمة طلابية ممثلة ومناضلة وأني أدعو الله أن يبارك لجهود كل المناضلين والمناضلات من هذا الجيل الجديد متمنيا أن يظهر في الجامعة جيل أفضل من جيلنا لزمان أفضل من زماننا.

 ـ كلمة إلى الشعب : أدعو الشعب التونسي إلى ألا ييأس وأن لا يفر إلى الإستقالة واللامبالاة فهو شعب زاخر بالطاقات والكفاءات ويستحق أن يكون في وضع أفضل بكثير مما هو عليه اليوم.

 ـ كلمة إلى الأمة : مستبشر خيرا بالإنتصارات التي تحققها حركات المقاومة والتحرر في بلاد العرب والمسلمين رغم كل التحديات والمؤامرات والأخطاء أحيانا وإني أدعو كل من يراهن على السراب أن يستفيق ويراجع نفسه حتى لا نضيع على هذه الأمة أكثر مما ضاع من الوقت والجهد والفرص للنهوض والتقدم وفي مقدمتها المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية والشيشانية والصومالية والفليبنية وكل من يقاوم الإحتلال الفكري والعسكري والسياسي والإقتصادي و الأخلاقي لأمتنا.

 الحوار.نت : بقي لي سؤال شخصي ولكنه يهم كل أصدقائك والذين يحبونك. وإسمح لي بصياغته باللهجة العامية التونسية  » وقتاش نفرحوا بيك « . أي متى تتزوج؟ ومعلوم أن المهندس الهاروني من مواليد 1960 ( 47 سنة ) ولم يتزوج بعد بعدما حالت دونه ودون ذلك في مناسبات كثيرة آلةالقمع في تونس من خلال السجن والملاحقات.

المهندس الهاروني : لاشك أن الزواج حق وواجب حرم منه آلاف من الإسلاميين بحكم المحنة وحرم منه كثير من التونسيين والتونسيات في مجتمعنا بسبب محنة ضيق العيش التي يلقي بسببها خيرة أبناء تونس بأنفسهم في البحر المتوسط مهاجرين إلى أوروبا بعدما سدت في وجوههم أبواب العيش الكريم وإني أرى أن أقدم حق أهلي علي لأنهم صبروا وناضلوا طيلة ربع قرن إلى جانبي قبل التفكير في نفسي.

الحوار.نت : لو كانت لكل سجين سياسي شقيقة مثلك أي أختك هند لما لبثت ربما في السجن كل هذه المدة بسبب إقدامها وشجاعتها وجرأتها في الدفاع عنك وعن المساجين. هل لك من تعليق؟

 المهندس الهاروني : قبل سجني كان الناس يقولون : هند أخت عبد الكريم واليوم يقولون : عبد الكريم أخو هند. هنا تدخلت هند.

هند الهاروني : الفضل يرجع لربي ثم له ولم أكن أدافع عن الناس وأسير في طريق ربي قبل ذلك والفضل لله ثم له والمحنة عرفتني بأشياء كثيرة أجرها عند ربي وأتمسك بأنه هو أخي الكبير في السن والقدر ودوما تبقى هند أخت كريم ومقامه غال عندي وجهدي ليس إلا واحد في المائة مما عاناه هو وغيره وقمت بما إستطعت و حسبنا الله في كل من ظلم الناس في هذه البلاد وفي مثل هذ المواقف تنتصر الدموع على الكلمات.

 الحوار.نت : فريق الحوار.نت يجدد لك ولعائلتك وأصدقائك ولفرسان الحرية أجمعين التهنئة بالخروج من السجن سائلين أن يمن الرحمان سبحانه في أقرب الآجال على كل مكلوم بالفرج المبين وكل خائف بالأمن الكريم وكل جائع بالطعام وكل ظامئ بالماء الزلال وكل مصلح بالتوفيق وكلمريض بالشفاء التام وكل طريد وحيد فريد شريد بالأنس وحسن المأوى وتفيؤ ظلال الوطن الدافئة. ونجدد لك الشكر على قبولك إجراء حوار مع موقعنا. كما نرجو لك حياة آمنة مطمئنة وعروسا عروبا ودودا ولودا ومسيرة جهاد حافلة بالخير والسداد مكللة بالسعادة والشهادة.

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 17 نوفمبر 2007)

 


ومضة (1):

 

أين رجــلاه؟؟

علي سعيد

« أبو عمرو »

مهداة إلى الشيخ المجاهد الأستاذ « الصحبي العتيق » وابنه الذي ظلّ سؤال سأله ذات موقف حيّا في نفسي، فكانت هذه الومضة التي تختصر حياة عديد مواليد « العهد الجديد ».

وإلى الدكتور « عبد المجيد النجّار » الذى تعتبر هذه الومضة صدى لكلمات كتبها حول ذات السؤال

 

أتى دنيانا مولود

نحيف

مشدود مُحيّاهُ

يسارا

عينه جالت

بعسر

هزّ يسراهُ

يمينا

أمّه كانت

رأها..

مدّ يمناهُ

فضمّته بأجمعها

وشدّته لأضلعها

حباه حضنها شوقا…..

ذابا

في ثناياهُ

********

مضت أيّامه تترى

شهور

سنون أنطقت فاهُ:

 » أرى للكلّ آباء

أحياء

فهل لي والد حيّ؟

أم مات؟

وهذا ما ورثناهُ « 

أشارت:

 » حيّ أبوك يا ولدي

تأمّل

تلك صورته

وفي قلبَيْنا عُهْدته

حفظت الدرس بالأمس

فهل أدركت تنساهُ ..؟؟

فقال الطفل في أملٍ

على عجلٍ:

 » أحيّ والدي حقّا

متى يا أمُّ أحضنه؟

متى أحظى برؤياهُ ..؟ « 

أجابته في خجلٍ

على وجلٍ:

 » لقد أعددت عدّتنا

غدا نمضي لرحلتنا

نجوب الأرض

نطويها

لنلقاهُ

شمال الشرق منفانا

جنوب الغرب منفاهُ

********

تعااالْ….

هنا يا ولدي

انظرأباك …

تراهُ ..؟؟

 

أين؟

أين يا أمي؟

……………

هناك…….

عونانْ…..

سياج أولٌ..

ثانْ

ثُمّاهُ…….

……………….

 

أراهْ

أراه الآن يا أمّي

سياج لفّ صورته

أراهُ…

يحيّيني بيمناهْ

 

« أبيييييي……. »

…………..

« تعااااالْ…….. »

……………..

 

لِمَ لا يأتي يا أمي؟

لِمَ لم يأت

يحضنِّي

أقبّلْه

يقبّلني

ألا يأتي هنا أيضا

بعد أن أتيناهُ..؟

……….

 

آااااااه …!

………

صورتُه

كصورته

ثابتة !

مُثبّتة !

بالبيت كنت أحضنها

هنا ما كدت أسمعها

أراهُ

فاغرا فاهُ….

……………

أرى الوجه

أرى أيديه يرفعها

ولكن

أين رجلاهُ !!؟؟؟

تمّ المشهد الأول انتظروا الثاني بإذن الله ولا تستعجلوا فإنه لا يزال ومضة لم تكتب بعد !!

(المصدر: المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 17 نوفمبر 2007)

 


 

تونس كمثال في كلية الشرطة في السويد

 
 المكان كلية الشرطة في إحدى مدن جنوب السويد. الزمان يوم خريفي في نهاية شهر سبتمبر. المناسبة محاضرة تلقيها شيرين عواد على طلبة الكلية عن كيفية التعامل مع المسلمين.   شيرين عواد ناشطة نسوية وطالبة في كلية الحقوق في مدينة أبصالا شمال استكهولم. هي سويدية ولدت في السويد لوالدين من أصل فلسطيني. عرفت بنشاطها ضمن العديد من الجمعيات السويدية من بينها مركز سمية لاستقبال ومساعدة النساء ضحايا العنف العائلي. دعيت في العديد من المرات لدى المؤسسات السويدية لإلقاء محاضرات والمشاركة في ندوات حول المهاجرين بصفة عامة والمسلمين بصفة خاصة.   في إطار تكوين طلبة الشرطة حول كيفية التعامل مع مختلف فئات المجتمع، دعيت شيرين  للمحاضرة والإجابة على السؤال كيف يتصرف الشرطي حين يصادف مواطنا مسلما أثناء آدائه عمله؟ جواب شيرين كان بسيطا وهو بطرح سؤال معاكس، كيف يتصرف الشرطي حين يصادف مواطنا غير مسلما أثناء آدائه عمله؟ فشيرين ترى أن المسلمين لا يستحقون معاملة خاصة من قبل الشرطة بل يجب أن يعاملوا كبقية المواطنين.   ثم فتح المجال للأسئلة، فسأل أحد الطلبة هل يمكن لمسلمة أن تكون شرطية وتلبس الحجاب تحت قبعة الشرطة؟ ثم أضاف، كيف سيكون موقفها حين تتدخل لفض شجار أحد طرفيه مسلما، ألا ينظر إليها وهي بذلك المظهر أنها منحازة للطرف المسلم؟. ومرة أخرى تجيب شيرين بطرح سؤال معاكس، كيف ينظر للشرطي غير المسلم حين يتدخل لفض شجار أحد طرفيه مسلما، ألا ينظر إليه أنه منحاز للطرف غير المسلم؟.   في آخر اللقاء طرح أحد الطلبة سؤالا ذكيا، شرعة الله أم القانون السويدي، أيهما يّتبع المسلم أولا؟ شيرين أجابت بأن المسلم في إطار التزامه بدينه مطالب باحترام واتباع القانون السويدي. ثم أضافت في حالة تعارض القانون مع معتقدات المسلم، وهو أمر غير مطروح في السويد اليوم، كأن تمنع المسلمة من لبس الحجاب أو يحال دون إقامة المسلمين شعائرهم، في هذه الحالة يجبر المسلم على تجاوز القانون بل وأكثر من ذلك، يضطر على مغادرة البلد. ثمّ أضافت، هل تعلمون أن الكثير من المسلمين تركوا بلدانهم وأتوا إلى السويد لأنهم منعوا من ممارسة شعائرهم في بلدانهم. وأردفت بعد ذلك مستشهدة بمثال حيّ، ففي تونس مثلا يطارد البوليس الفتيات المحجبات في الشارع ويمزق حجابهن!!!   هكذا إذا تونس أصبحت مثالا في اضطهاد المسلمين والمحجبات منهم بالخصوص. هل هذه هي الصورة التي نريدها لبلدنا؟ هل ننكر هذه الوقائع حمية وانتصارا لبلدنا، أم نقرّها آسفين ونسبتها لثلة في الحكم؟ هذه الثلة التي خدمة لمصالحها وتعصبا لأديولجيتها وقناعاتها، اضطهدت الآلاف من التونسيات وحشرتهنّ في معركة لا معنى لها سوى تشويه النظام في الداخل وصورة تونس في الخارج. هل خلى نظام تونس من عقلاء يعوا هذه الحقيقة ويوقفوا هذه المهزلة؟   ألا فاليهنأ وتقرّ عينا من بوّء تونس هذه المكانة وجعلها مثالا يضرب في مثل هذه المقامات!   المقال الأصلي نشر بصحيفة  www.smp.se Smålandsposten  27 September 2007 17:42   تمام الأصبعي استكهولم 18 نوفمبر 2007

 


 

 

كان الله في عونكم سيادة الرئيس!

 
خالد شوكات (*)   حاشية السوء أكثر خطورة على الحاكم من ألد خصومه، فالحاكم بطبعه حذر من أعدائه، لكنه يلقي السمع إلى مستشاريه وخاصته، دون أن ينتبه أحيانا إلى أن سما قد يدس في الدسم، وأن عين بعض المساعدين على مصالحهم الضيقة لا مصالح الوطن، وأن أداتهم في تحقيق غاياتهم المزايدة في إبداء المحبة والولاء، والمبالغة حد التهويل في توصيف التحديات ووصف المناوئين، باعتبارهم حصن الراعي الحصين وعينه الساهرة ويده التي لا تلين.   و قد ذكرني الأستاذ برهان بسيس بنوع من هذه الحاشية البائسة، وهو يصول ويجول في « أكثر من رأي الجزيرة »، فأشفقت أيما إشفاق على الرئيس زين العابدين بن علي، من برهان و أمثاله، أولئك الذين ما انفكوا يوغرون صدره على طائفة من مواطنيه، و يشجعونه بإلحاح لا يستكين على التنكيل بهم وقطع أرزاقهم والتضييق عليهم، داخل السجن وخارجه، لمدة قاربت العقدين، ويقنعونه بأن لا وسيلة لمعالجة ملفهم إلا بإستعمال القوة المفرطة الدائمة والمحاصرة اللصيقة والشك المستمر، غير عابئين في نصحهم المشين هذا، بما قد تجره هذه المعاملة، من أضرار على الوحدة الوطنية، وبما قد تجلبه على مصلحة البلاد والعباد من أهوال الحقد والضغينة والكراهية المتراكمة في القلوب.   لقد تكلم برهان أكثر من غيره كثيرا، بين ضيف جاهل لا علاقة له بالموضوع التونسي، وضيف مؤدب أكثر من اللزوم، ومقدم يجهد نفسه للظهور بصورة فاهم وهو غير ذلك تماما، وليس في الكثرة التي قالها برهان غير عبارة قصيرة كان بالمقدورة إيجازها في جملة أو جملتين، مفادها « أن الإسلاميين – سيدي الرئيس- هم من فئة واحدة، إرهابية النزعة والطبيعة، وما اختلافاتهم إلا ظاهرية مفبركة تحجبها تقية »، و ما واجبكم يا سيادة الرئيس إلا المضي في إعمال ذات الوسائل السابقة، و عدم الإنصات بالتالي إلى أي نصيحة أخرى، قد تشجعكم على اتباع سبل أخرى، أكثر انفتاحا وتسامحا وتجسيدا لما أعلنتموه في خطابكم الأول يوم 7 نوفمبر 1987، والثاني يوم 7 نوفمبر 2007.   الأسلوب الذي اعتمده برهان في برنامج الجزيرة، كان نسخة رديئة من الأسلوب ذاته الذي كان يتبعه طلبة من عتاة اليسار في الجامعة أيام الطفرة الإيديولوجية بداية الثمانينيات، حيث كانوا يعمدون إلى التشويش بأي وسيلة على الخصم المحاور، باعتبار الغاية تبرر الوسيلة، وإنه لمخجل أن يعمد المرء في برنامج تلفزيوني ذائع صيت، يتابعه ملايين المشاهدين، من التونسيين وغير التونسيين، إلى الجلبة والضوضاء للحيلولة دون أن يعبر محاوروهم عن آرائهم بكل رزانة وحرية.   لقد اكتشفت، وأنا الإسلامي السابق، أن اختلافي الفكري والسياسي مع قيادة حركة النهضة، ليس سوى مجرد تكتيك وتقية بنظر برهان ومن شابهه، و لعل خلاف معاوية مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وخلاف السنة والشيعة والخوارج، و خلاف عشرات، بل مئات وآلاف الفرق والجماعات والأحزاب، التي ظهرت على امتداد أربعة عشرة قرنا من التاريخ الإسلامي، ليست سوى تكتيكات وتقية، وأنه لا صراع في حقيقة الأمر بين هؤلاء جميعا، لأن هدفهم في النهاية واحد، وكذا مصلحتهم وطرق عملهم.   الإسلامي برأي برهان لا يتغير أبدا، وإن أبدى في خطابه الظاهر التغيير، ولهذا فعلى السلطة أن لا تنخدع لقول بعض الإسلاميين، وعلى الرئيس أن لا يطمئن لأحدهم أبدا، فمن حوله من الخلص الاستئصاليين ما يكفي، ولله در الشيوعيين الذين وحدهم يراجعون ويتبدلون ويتغيرون، وبقدرة قادر يصبحون أعضاء قياديين في حزب الحركة الوطنية، حزب الدستور، الذي قال شاعر تونس محمد الصغير ساسي أنه « حزب كل مسلم غيور ».   ولقد حمدت الله أن الاستئصاليين من عسكر تركيا والجزائر ليسوا على هذه الدرجة من اكتناز الحقد والشر والكراهية والبشاعة، وأنهم سمحوا لأحزاب إسلامية بالنشاط والحرية، فكان أهل العدالة والتنمية وأصحاب حمس، فيا لهؤلاء الاستئصاليين من أغبياء، لو أنصتوا لزملائهم التونسيين، لأدركوا أن لا فرق بين الملا محمد عمر والرئيس عبد الله غول الذي هنأه الرئيس بن علي بالرئاسة، وأن الشيخ الراحل محفوظ النحناح الذي استقبل في قرطاج مرتين، لا يعدو أن يكون أيمن الظواهري متخفيا.   إن الخلاصة التي انبرى برهان يدافع عنها، ليست – و يا لخيبة المسعى- إلا ماركة لبعض التونسيين مسجلة، لم يؤمن بصناعتها أحد من المسلمين أو الغربيين، بما في ذلك الرئيس بن علي الذي قال في خطابه العشرين أن لا مكان للإقصاء والتهميش في تونس المعاصرة، كما قال في كلمته في المؤتمرين حول الإرهاب، أن حل التطرف الأصولي لا يمكن أن يكون أمنيا أو استئصاليا، وإن غالبية البشر يعتقدون بأن التطور والتغير والتبدل سمة أي عقيدة أو فكرة، وأن الحكم الرشيد يجب أن يقوم على التصنيف العادل لا الإطلاق الظالم، فيفتح الباب لمن يريد الخضوع للقوانين، ويحارب بالقوانين فقط من يريد تجاوز القوانين.   إن اختلافي الشخصي الفكري والسياسي مع قيادة حركة النهضة على سبيل المثال، لم يكن بطلب من أحد أو سعيا وراء إرضاء أحد أو تطبيقا لأوامر أحد، فهو اختلاف أصيل توجبه في رأيي طبائع الاجتماع البشري وتقدير مصلحة الوطن، ولهذا فإن المختلف على هذا النحو لا ينتظر اعترافا أو تنويها من أحد.   وإن هذا الاختلاف الأصيل، لا يوجب برأيي أن أسعى إلى حق على حساب حقوق الآخرين، ولئن أتيحت لي فرصة تأسيس حزب تونسي في المستقبل مثلا، فإن نضالي من أجل أن ينال كل حزب راغب في الشرعية اعترافا، لن يتوقف، وعلى رأس القائمة حركة النهضة، التي إن أعلنت نبذ العنف والعمل على الانخراط في العملية الديمقراطية وفقا للقوانين المرعية، فإنني أحسب أنها تستحق التشجيع والتقدير والمساعدة، لا البحث عن أخطاء وهفوات محدودة ماضية، ليست هي وحدها من ارتكبها.   لست أدري ما هو المطلوب من الإسلاميين في تونس على وجه الدقة، إن لم يراجعوا مسيرتهم، قيل أنهم لم يفعلوا ذلك، وإن راجعوا أنفسهم وأعلنوا مقالاتهم النقدية قيل إن ذلك من باب التقية لا أكثر، أهي دعوة إلى أن ينظموا انتحارا جماعيا مثلا، حتى يريحوا ويستريحوا، أم يغادرون جميعا أرض الوطن، فتصبح تونس صافية لمن لا يسخر الدين لأغراض سياسية، وإن كان أهل الحكم على رأس المسخرين، أفلا يخطب أئمة المساجد، والناس من ورائهم يؤمنون، بالتوفيق لرئيس الجمهورية لما فيه خير الرعية؟   وإنني لأذكر مقالا كتبه الأستاذ أحمد المستيري، في الستينيات ردا على صحيفة جزائرية، أعادت صحيفة الموقف نشره هذه السنة، وقد اتهمت الصحيفة تونس بأنها دولة علمانية، فدافع الاستاذ المستيري على أن النظام في تونس ليس علمانيا، وأن القيادة التونسية، وفي مقدمتها الرئيس بورقيبة، يؤمنون بأن الدين يمكن أن يلعب دورا بناء في العملية التنموية، ومن هنا تبلور الفرق بين الكمالية التي تدعو إلى إلغاء الدين، والبورقيبية التي تؤمن بأن الدين يمكن أن يكون خير معين للبلاد على النهوض بأوضاعها وتحسين معيشة شعبها.   وقد حرص الرئيس بورقيبة على توظيف الدين الإسلامي لصالح قوانين ومشاريع التنمية جل عهده، وهو الذي لم يتخذ أيا من القرارات المصيرية لبلاده إلا مستندا إلى آية أو حديث أو فتوى، هذا بصرف النظر عن أنه كان شخصيا مؤمنا أم لا، فقد كان يرى في مكانة الإسلام في الدولة التونسية المعاصرة، مسألة موضوعية تتجاوز قناعاته الشخصية، حتى وإن كان هو رئيس البلاد والحاكم بأمرها.   كان توجيه برهان الشكر المتواصل لضيف يمثل أكثر التيارات الإسلامية انغلاقا وتخلفا ودموية، أمرا مؤسفا ومهينا، لا أرى الرئيس بن علي يرضاه، فعلى ماذا يمكن أن يحيى هذا الرجل الذي رضي الدخول في حوار حول مسألة لا علم له بها، كما أن معلوماته عنها لا تعدو أن تكون جذاذات جرائد وبعض ما يتناهى إلى سمعه من القيل والقال، وهل يعني الوضوح المطلوب أن تعلن قناعات غير التي عندك وأن تعترف بجرائم لم ترتكبها.   و إنه لو كان بمقدوري أن أنصحكم سيدي الرئيس، فإنني لن أدعوكم إلا إلى إبعاد كل من يدعوكم إلى حقد أو كراهية، أو يزين لكم أخذ فئة من مواطنيكم بالشدة، لأنني على يقين تام أنه لو قررتم فتح صفحة خير جديدة مع هؤلاء الذين قبعوا في السجون ما يقارب فترة عهدكم الزاهر، لما ترددوا في مد يد العون لكم، ونسيان ما سبق، لإيمانهم بأن تونس تستحق أن ينسى التونسيون من أجلها أحقادهم ومشاكلهم العاقلة، وأن يتكاتفوا مهما اختلفت مشاربهم لأجل مزيد من تقدمها ونهضتها ورفعتها.   إن في سيرة الرئيس بورقيبة، يا سيادة الرئيس، خير عبرة وموعظة، فلقد جعلته الحاشية الفاسدة، الناصحة بالشر و الضغينة، ينتهي إلى أرذل العمر لو لم تتدخلوا لإنقاذه من نفسه، ولكم سيادة الرئيس حسن التقدير، بين رأي يريد لكم صناعة القوة من الانغلاق، وآخر يراكم لقوتكم أنسب التونسيين لوضع البلاد على سكة التسامح والإصلاح والديمقراطية، وذلك للحفاظ على المكتسبات ومواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.   و أحسب يا سيادة الرئيس، أن من نصحكم استعمال مزيد من القوة في مواجهة معارضيكم، لا يصدقكم النصح والمشورة، إنما همه بقاء الوضع على حاله للاستفادة أكثر ما يمكن منه، أما من يدعوكم إلى إزالة الآثار السلبية التي علقت بقلوب ووجدان جماعة من التونسيين، فإنه وإن بدا ناقدا، فإنه لا يتمنى لكم ولتونس إلا مزيدا من الأمن والاستقرار والتنمية والديمقراطية، فلا يخيفنكم كلام مزايد وإن أبدى الولاء، ولتنصتوا لأصوات الحكمة وإن بدت خشنة شيئا ما..وكان اللهم في عونكم سيدي الرئيس، خصوصا في مواجهة أصحاب الكلمة الحاقدة.   (*) كاتب تونسي

الـوهـم والـحـقـيـقـة
 
بقلم: الأستاذ عزالدين شمام     في الحقيقة لم يفعل الاستاد برهان بسيس في برنامج اكثر من رأي على قناة الجزيرة الا تبديد الأوهام التي روج لها قطاع من النخبة السياسية والإعلامية طيلة الأسابيع التي سبقت الهالة الاحتفالية للذكرى العشرين من 7 نوفمبر والتي توسمت خيرا في إمكانية حصول تحول في موقف السلطة من التيار الإسلامي من خلال تسوية ملف المساجين وتمكين المغتربين من حق العودة دون قيد او شرط وفتح حوار جدي مع كل مؤسسات المجتمع المدني و السياسي للخروج من حالة الانسداد التي نعيشها.   فالحقيقة الماثلة أمامنا أن قطاعا من نخبتنا يعيش ابهاما تاريخيا في فهم التركيبة السياسية للسلطة ولواحقها الامنية والاعلامية والايديولجية وذهول عن الاستمرارية ضمن نفس النسق الدي تأسس ابتداء على زواج بين المؤسسة الأمنية ومجموعات مصالح من كل الأهواء والمتسلقين من بقايا الايديولوجيا المهزومة.   فتاريخ سلطة 7 نوفمبر هو تاريخ بناء النواة الصلبة شخصية الرئيس و كل الإجراءات التشريعية الدستورية على مدى العشريتين هدفت الى مركزة سلطة الرئاسة وجعل الكل لاحقا بها بشكل انعكس على باقي مؤسسات السلطة عجزا وتبعية كما انعكست مركزية المؤسسة الامنية وحضورها كمكون الاستراتيجي لمؤسسة الرئاسة ذاتها و الادارة الأمنية للفرد والشان العام كانت لها تداعيات على ضعف المجتمع السياسي وهشاشة المجتمع الأهلي و تراجع إرادة الممانعة لديه.   في الواقع لا استبعد ان تكون هذه الاوهام من صنيعة النخبة السياسية و الاعلامية للسلطة والتي يمثل برهان بسيس ناطقا رسميا باسمها و ربما قصد المروجون لها اعطاء زخم احتفالي للذكرى العشرين واللعب على حالة الانتطار التي يعيشها الداخل و الخارج.   والحقيقة غير الوهم اذ ان المتابع لطريقة تعامل السلطة مع ملف المساجين قائم اساسا على ربط ذلك بكرم المؤسسة الرئاسية والعفو الانساني دون ان يندرج دلك في سياق قانوني ودستوري يوازن المسؤولية و الحقوق وما يستتبعه من جبر الضرر والتعويض و استعادة الحقوق المدنية و السياسية. بنفس الطريقة تربط السلطة عودة المغترب و المنفي بسماحة العفو الرئاسي متى اعلن توبته وامن بالخلاص الفردي سبيلا.   في مقال سابق اعتبرت كل التسويات ممكنة متى تعاطت مع الشرعية القائمة بهدف تجنيب بلادنا  كارثة سياسية .. والحال اننا امامها لا يسعنا الا ان نرفض دفع فاتورة خمسة عشر عاما جديدة من اجل تثبيت شرعية الاستئصال سجنا ونفيا.   ينتظر الحركة الوطنية استحقاقا سياسيا كلمة سره الحرية و محورا حركته استعادة حقوق المواطنة كاملة غير منقوصة على أساس دستوري هذا في الداخل وفرض حق العودة كما ضمنه الدستور دون قيد او شرط بعيدا عن أوهام الحلول الفردية والهرولة.

 


 

برهـــــــان

بوعلام بالسايح – دوز – تونس

السيد الناطق الرسمي بإسم النظام التونسي برهــــان

بعد مشاهدتي لبرنامج الراي والرأي الآخر لسامي حداد بقناة الجزيرة ، اتصل بي أحد الأصدقاء وسألني من أيّ ملة هذا الرجل ؟؟ باسم من يتكلم ؟؟ هل هو ناطق رسمي بإسم الحكومة التونسية ؟؟؟ قلت لصديقي لماذا ؟؟ قال لي إنه يذكرني بعملاء العراق الذين أتوا مع الإحتلال إنهم يكذبون ويكذبون حتى أصبحوا يصدقون أنفسهم في كل كذبة !!!

ما هذا الهراء ؟؟ ما هذه التربية ؟؟ ما هذا الأدب ؟؟

لا ادب حوار !!!

لا إحترام للآخر !!!

لا إحترام لمعد البرنامج !!!

بسيّس كأنه في حلقة نقاش في سنوات السبعينات!!! كانه وحده في الأستوديو !! يحساب روحه في ستوديو شبعة 7!!!

جاء من تونس وامام عينيه فقط كم من كذبة سيكذبها !!!

جاء من تونس وامام عينيه كم من الدولارات سيقبضها من صاحب السلطان بعد البرنامج ، وبعد أن يكذب ويكذب حتى يصدقه الرئيس !!!

يا برهان أسمع ( وانا اعرف ان كل ما يكتب هنا في الحوار نت تقرأه ويقرأه سيدك:

أنت …. ، غير …. ، بــــــــــــــــوق من أبواق النظام، انت غير ديمقراطي، ترفض الإسلامي والشيوعي وقد قلتها بالحرف الواحد : إنهم يتحالفون مع اليسار الشيوعي ( حمة الهمامي سيدك وسيد … وسيد سيدك ) والأيام أمامنا يا برهان …

يا برهان أنت بالأكيد ستمنح بعض الدريهمات ولكن بالأكيـــــــــــــــــــد ستخسر الدنيا عاجلا أو آجلا والآخرة اللـــه هو العلم بها ….

تتصوّر أنك بكلامك وتشويشك وصراخك والتدخل في الصغيرة والكبيرة في الدفاع عن سيدك وسيدتك ستقنع التوانسة ؟؟؟؟

(المصدر: المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 16 نوفمبر 2007)


 

مرسل الكسيبي والرسائل المتعددة

لطفي المجدوب

حقيقة لقد أصبحت لدي قناعة أن الأخ مرسل الكسيبي لا يفوت فرصة في كتاباته إلا ويرسل رسائل متعددة في كتاباته ولأطراف متعددة وبذلك أصبحت كتابته لها أكثر من معنى و أكثر من قراءة. إن المقال الذي نشره على صفحة تونس نيوز بالأمس تحت عنوان  : »أكثر من رأي أو أكثر من فخ وقعت فيه حركة النهضة التونسية » لا يخرج عن هذا النطاق، أراد من خلاله أن يبلغ ثلاث رسائل على الأقل لمن يهمه الأمر وهي:

ـ الإستعداد التام للدفاع عما يسميه مكاسب النظام التنموية، فقد ورفي مقاله ما يلي: »  لقد عبرت مرارا وتكرارا عن استعدادي للدفاع عن المحصلة التنموية وعن المكاسب العمرانية ونظيرتها الصحية والاجتماعية وهو ماجعل خطابي مميزا عن الخطاب « الراديكالي » الذي ينظر الى كل ماله علاقة بالسلطات التونسية بكثير من التشكيك والحزازية… » حقيقة ما أتعس أن ينتهي مشروع نضالي لشخص منفي مدة ستة عشر عاما بهذا الشكل! عرض خدمات بدون مقابل، والأتعس من ذلك أن هذا العرض يقع تجاهله، فيصبح كلاما مردودا على وجه صاحبه! 

ـ التبرؤ حتي من صداقة عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، فقد أورد بالحرف الواحد: » عامر العريض مع تقدير لصداقتنا السابقة ومشوار نضالي جمعني به داخل هياكل الحزب … » فصداقة عامر العريض لابد من التأكيد أنها سابقة وقديمة ولم يعد لها وجودا اليوم!

ـ في مقابل ذلك وفي الرسالة الثالثة نجد التأكيد على الصداقة الشخصية المميزة والحية لبرهان بسيس، يقول الكسيبي:  » واذ كنت في معرض تعليقي على مسار هذا البرنامج مميزا بين صداقتي الشخصية للزميل بسيس… » ثم أنه ليس هذه المرة الأولى التي يذكرنا فيها بصداقته الشخصية والمميزة لبرهان بسيس، فهو لا يفوت مقالا واحدا ينشر في جريدة الصباح أو غيرها من الصحف لهذا الكاتب إلا وينشره في نشرته الإلكترونية الوسط، في مقابل ذلك لاحظت أنه يضرب حصارا على مقالات الشيخ راشد الغنوشي، فلم ينشر مقالا واحدا منذ سنوات عديدة ـ راجع صفحته الإلكترونية ـ رغم أن بعض مقالات الشيخ أخذت صدى واسعا وتناقلتها كثير من الصحف المرموقة، ولعل المقال المطول الذي نشر بعد موسم الحج الفارط تحت عنوان: « المفكر راشد الغنوشي يتحدث » أحسن مثال على ذلك.

ولست أدري كيف تكون الصداقة مع على العريض سابقة  والصداقة مع برهان بسيس حية،

والسؤال هو: أنه لو كتب لمرسل أن يسجن ولم يتمكن من النجاة من القوم الظالمين، ألم يكن واحدا من آلاف السجناء الذين ما انفك المجرم بسيس يؤلب زبانية النظام عليهم؟ فكلما سقط السوط من أيديهم إلا والتقطه مده إليهم ليواصلوا الجلد، نعم إن بسيس هذا مجرم بأتم معنى الكلمة وهو مسؤول مسؤولية معنوية عن قتل العشرات من المواطنين التونسيين تحت التعذيب، وذلك بتبريره هذه الجرائم البشعة بدافع إيديولوجي أعمى وكذلك بالتغطية عليها والدفاع عنها في كل مداخلاته التلفزية العديدة والتي سخر نفسه ليكون محامي السلطة الأول فيها، وهو ما عرفه عنه القاصي و الداني!

فبالله عليك يا أخ مرسل ما هو الشرف الذي سيحصل لك بصداقة مثل المجرم الحاقد، هذه الصداقة التي كلما ذكرتنا بها إلا وجرحت مشاعرنا، ولم تراع مشاعر إخوانك الذين لايزالون في السجن أو الذين خرجوا منه حديثا ! فأي معنى بعدها لتهنئتك لهم بالخروج منه! واعلم أخيرا أن المرء مع من أحب يوم القيامة!


 

مزالي والجزائر (7)

 د. محمد الهاشمي الحامدي

بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من هروبه خلسة من تونس عبر الحدود، وصل الوزير الأول الأسبق للجمهورية التونسية إلى الجزائر، عاصمة الثوار والمجاهدين وأبناء الشهداء. وقد تصرف معه قادتها كما ينتظر من أناس شاركوا في صناعة أعظم الثورات التحررية في القرن العشرين. قاد الضابط المرافق السيارة إلى قصر رسمي يبعد زهاء خمسة عشر كيلومترا عن العاصمة، وهناك وجد مزالي في استقباله قائد المخابرات العسكرية الجزائرية، كما تم تمكينه من شقة فاخرة يستريح فيها من وعثاء السفر. بعد الإستراحة، أعلم الجنرال ضيفه أن بوسعه استخدام الهاتف لطمأنة زوجته، وهو ما حصل بالفعل. لكن هذه المكالمة جلبت المتاعب لشخص آخر. ذلك أن مزالي، وحرصا منه على التمويه على الأجهزة الأمنية التونسية التي كان واثقا أنها تتنصت على هاتفه، أعلم زوجته، الوزيرة السابقة السيدة فتحية مزالي، أنه موجود بمدينة باليرمو، في مقاطعة صقلية الإيطالية. لتونس في صقلية قنصل اسمه محمد هاشم، يقول عنه مزالي إنه صديق عزيز من أصدقاء طفولته وزميل دراسة في المعهد الصادقي. وكان من نتائج مكالمة مزالي مع زوجته أن السلطات التونسية دعت قنصلها في صقلية وحققت معه في أمر هروب مزالي ثم أحالته على التقاعد. وقد طلب مزالي المعذرة من الرجل بسبب الضرر الذي ربما لحق به بسببه عن غير قصد. في اليوم التالي، أعلم مزالي زوجته في مكالمة جديدة أنه في مزرعة من مزارع باليرمو لا يستطيع تحديد موقعها، وأنه سيعود إلى تونس حالما يقدر على ذلك. وأضاف في كتابه: ولم أكن أدري في ذلك الوقت أن الأمر سيقتضي 16 سنة من المنفى!! ينقل مزالي عن رئيس المخابرات العسكرية أنه أجابه، ردا على اعتذار الأول بسبب وضعه للسلطات الجزائرية أمام الأمر المقضي، ما يلي: سيدي الوزير الأول، إن المشاكل التي تلاقيها تبعث في نقوسنا الأسف والحيرة على مصير وطنك، ولكنها لا تغير في شيء الإحترام الذي نكنه لك هنا في الجزائر، لأننا مقتنعون، وأنا شخصيا في موقع من السلطة يخوّل لي معرفة كل المعطيات، بوطنيتك وبنزاهتك ونظافة يديك، ومقدرون أجل تقدير ما قمت به من عمل في سبيل التعاون بين البلدين ». في مساء نفس اليوم جاء لمقابلة مزالي في مقر إقامته الرجل الثاني في الدولة الجزائرية، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، السيد محمد الشريف مساعدية رحمه الله. وأواصل عرض القصة غدا إن شاء الله.

 


 

عشرون

 
بقلم: عبد اللطيف الفراتي (*)    كان الأسبوع الأول من شهر نوفمبر 2007 مناسبة لتنظيم احتفالات لم يسبق لها مثيل من قبل أجهزة السلطة والحزب الحاكم بعد مرور 20 سنة على استلام الحكم من قبل الرئيس بن علي بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق بورقيبة الذي أصيب بالوهن وبتراجع مداركه العقلية.   وموضوعيا فإن البلاد التونسية عرفت خلال السنوات المنقضية قدرا من التطور الاقتصادي حقق ارتفاعا في مستوى العيش في بلد عرف كيف يسيطر على الانفجار الديمغرافي وكيف يستثمر الإمكانيات القليلة المتاحة، وتم خلال العقد الأول بعد التغيير الحاصل في قمة السلطة، وبعد أن كانت البلاد على حافة الإفلاس في سنة 1986، تسجيل نسب نمو متوسطة في حدود 4 في المائة سنويا، ارتفعت في العقد الثاني إلى 5 في المائة سنويا، وعلى أمل أن تتجاوز 6 في المائة في العقد الثالث، وهي نسبة يتفق الخبراء على أنه يمكن تجاوزها إلى 7 في المائة أو أكثر لو صح العزم، وتوفر المناخ والقدرة على تعبئة جهد الاستثمار الداخلي والخارجي، بما يمكن من تسريع نسق تحسين مستوى العيش والقضاء على مخزون البطالة الذي ما يزال كبيرا.   وإذ قدم الرئيس التونسي في خضم الاحتفالات وفي الخطاب التقليدي الذي يلقيه بالمناسبة حصيلة إيجابية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية لسنوات حكمه، فإن النخبة كانت تنتظره على صعيد آخر غير الصعيد الاقتصادي الاجتماعي أي الصعيد السياسي.   وخلال الأشهر والأسابيع التي سبقت المناسبة السنوية للتقييم تكاثرت الرهانات حول المنتظر من مشروعات رئيس الدولة لتحقيق التنمية السياسية لدى البعض، وتحقيق المزيد من التنمية السياسية لدى البعض الآخر.   ولم يخيب الخطاب الآمال من حيث تعدد الإجراءات التي تم الإعلان عنها، في انتظار أن تتحول إلى أرض الواقع، وتشهد البلاد نقلة نوعية منتظرة على طريق البناء السياسي بجوانبه المتمثلة في دمقرطة الحياة السياسية، أو زيادة دمقرطة الحياة السياسية حسب التقييمات، ودفع حرية التعبير والصحافة في بلد لا تعتبر صحافته مرآة لمدى تطوره، بل تعتبر متخلفة عما حققه اقتصاديا واجتماعيا، وكذلك في مجالات الحقوق الفردية والعامة للإنسان.   ومن بين أهم وأبرز القرارات المعلنة تلك التي تخص خفض سن الانتخاب من 20 سنة حاليا إلى 18 سنة في المستقبل، بالصورة التي تشرك شريحة من الشباب، الذي ارتفعت مستويات تكوينه، وشمل الارتفاع الجانب الأعظم من تلك الشريحة، نتيجة للنشر الواسع للتعليم، تشركه في أهم مظهر من مظاهر الديموقراطية المتمثل في الانتخاب، وللواقع فإن تونس ليست من أول البلدان التي وصلت لمثل هذا الإنجاز، فمنذ عقدين أو ثلاثة عم حق الانتخاب و شمل الشريحة العمرية لما تحت العشرين بعامين، في غالب بلدان أوروبا وأمريكا والعالم العربي، وإفريقيا، غير أن هذا الإجراء سيتسم بالأهمية من حيث إنه يتطلب تعديلا دستوريا باعتبار أن سن الانتخاب وسن الترشح للنيابة في البرلمان ينحدران من النصوص الدستورية في البلاد التونسية.   وبهذه الصورة فإن سن الرشد السياسي في تونس، يلتحق بسن الرشد الجزائي وسن الرشد التجاري، وإن بقي سن الرشد العام في مستوى ما كان عليه أي 20 سنة. وسيضيف هذا الإجراء بعد أن يتحقق بتعديل دستوري متوقع أن يجرى خلال الأشهر المقبلة وعبر قراءتين وفي موعد لا ينبغي أن يتجاوز سنة 2008 باعتبار توقع انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون عام 2009 سيضيف بضع عشرات الآلاف من الإفراد للجسم الانتخابي، لا ينتظر أن يغيروا شيئا مهما في النتائج المتوقعة للمناسبات الانتخابية المقبلة، باعتبار السيطرة السياسية للحزب الحاكم على الساحة، وقصور المعارضات عن مواجهته بندية.   وباعتبار هذا المعطى الموضوعي بقراءة لنتائج التصويت في الاستشارات الانتخابية الماضية وطبيعة نظام الاقتراع بالقائمات في دوائر كبيرة نسبيا وبالتصويت الأغلبي، فإن رئيس الدولة اتخذ قرارا أعلنه بالمناسبة، من شأنه أن يزيد في عدد نواب المعارضة تحت قبة البرلمان، وذلك عبر جرعة النسبية وعلى المستوى الوطني، بحيث سيشكل عدد نواب المعارضة مستقبلا 25 في المائة من العدد الجملي للبرلمانيين في مجلس النواب المقبل، المتوقع انتخابه في شهر نوفمبر 2009، وذلك على اعتبار أن أيا من نواب المعارضة لم ينجح في الفوز بأي مقعد في الدورات الانتخابية الثلاث السابقة في 1994 و1999 و2004 عبر التصويت الأغلبي، ولن تكون حظوظهم أوفر في الانتخابات المقبلة، وكان لابد للتمثيل من غير حزب الحكومة أن يتم انتخاب جملة من النواب فيما سمي بالمقاعد المخصصة للمستوى الوطني، والموزعة واقعيا بين أحزاب المعارضة كل حزب حسب النسبة التي حصل عليها من الأصوات.   على أن الجديد هو ما تم الإعلان عنه من تخصيص 30 في المائة من المقاعد التي سيرشحها حزب الدستور الحاكم للسيدات، وبما أن سيطرة هذا الحزب على نتائج الانتخابات الجارية بالتصويت الأغلبي كاملة فإن ذلك يعني أن عدد النساء في المجلس المقبل سيرتفع بصورة كبيرة ليبلغ حوالي 40 من السيدات عدا من سينجح من النساء باعتماد التصويت وفقا لجرعة النسبية من أحزاب المعارضة المدعوة بدورها لتقديم عدد مهم من المرشحات فيما تمت تسميته بالتمييز الإيجابي.   وتتخذ هذه الإجراءات المعلنة سواء منها ما يحتاج إلى تعديلات تدخل على الدستور أو تحويرات يتم إدخالها على القانون الانتخابي، أهميتها من استعداد واضح للإعداد للانتخابات المقبلة بعد عامين في متسع من الوقت، وهي انتخابات تشريعية برلمانية، وأخرى رئاسية أخذ الحراك يشتد من الآن بشأنها لدعوة الرئيس بن علي سواء من الحزب الحاكم أو من بعض أحزاب المعارضة والتنظيمات الاجتماعية لترشيح نفسه فيها لولاية جديدة تستمر حتى سنة 2014.   (*) كاتب من تونس   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 نوفمبر 2007)

في الذكرى العشرين للانقلاب الأبيض بن علي يعلن عن قرارات مخيبة للانتظارات

 
بدر السلام الطرابلسي-صحافي تونسي   على خلاف ما كانت تنتظره المعارضة الديمقراطية والنخب المثقفة والهيئات الحقوقية من انفراج سياسي وانفتاح على فعاليات المجتمع المدني في أفق مصالحة وطنية شاملة ، تحمل بين جنباتها، على الأقل، الحد الأدنى من الإصلاحات التي تطالب بها المعارضة والمختزلة في حرية التعبير والصحافة، وحق التنظم للجمعيات والأحزاب المحظورة ، وإطلاق سراح المساجين السياسيين في إطار العفو التشريعي العام ، جاءت الذكرى العشرين « لتحولهم » السياسي مخيبة للآمال على طول الخط ، ومخالفة لانتظارات النخب السياسية بالتغيير الحقيقي أو مااسطلح على تسميته ب »المنعرج الديمقراطي » والذي من شأنه أن ينتشل المعارضة وأحزابها السياسية من تحت عتبة الانغلاق إلى مستوى أقرب إلى الديمقراطية بما يكفل »السميق » الحرياتي كما يحلو للبعض تسميته.   إن القرارات الجزئية التي أعلن عنها الرئيس بن علي في خطابه الأخير والتي جاءت في المجال الاقتصادي (تسهيلات ودعم للفلاحة والفلاحين وتيسير الإجراءات القانونية لأصحاب المشاريع الصغرى.. ) أو في المجال السياسي الثقافي ( إقرار « الاستقلالية التامة  » في المجلس الأعلى للاتصال ، والمجلس الدستوري والمرصد الانتخابي، وإعطاء الضؤ الأخضر للعديد من الشخصيات « الديمقراطية »  والمستقلة للمشاركة والنيابة الذاتية عن النفس في هذه المجالس وفي مواقع أخرى تشريعية تتبع الدولة ، إضافة لتسهيلات أخرى في الحقل الثقافي (إلغاء الإيداع القانوني للكتب…) قلنا إن هذه القرارات الجزئية لاتسمن ولاتغني من جوع المعارضة لقرارات جريئة تخفف من حدة الاحتقان الاجتماعي والسياسي والثقافي . وان هذه القرارات على جزئيتها ومحدوديتها فإنها تفتقد للجدوى على مستوى الممارسة . فمثلا لم يعد خافيا على أحد مدى صدقية الأشخاص الموجودين في تلك المجالس التي كنا بصدد تناولها ، وكيف أنهم يسمون أنفسهم مستقلين وهم في الحقيقة حكاما أكثر من الحاكمين ، فما بالك إذا تحول أعضاء تلك المجالس إلى « مستقلين  » على هذه الشاكلة.   كما أن قرار إلغاء الإيداع القانوني على الكتب ، وان حمل في طياته الأمل للمبدعين والمثقفين ، فئن تطبيقاته ستكون محل استفهام ، إذ أننا لم ننسى بعد ما حدث مع الكاتب الحبيب الحمدوني عندما تحصل على الإيداع القانوني لكتابه « رأسمالي ناجح » وحينما كان بصدد طبعه وتوزيعه منعه بوليس الرقابة من ذلك. ومن ثمة ، فإننا أردنا من خلال هذه الزاوية التي تعاطينا بها مع هذه القرارات ، أن نبرز التناقض الموجود بين التشريع والممارسة ، حتى وان كان هذا التشريع جزئيا إلا أنه في حقيقة الأمر يعكس فلسفة السلطة السياسية ، إن صح تسمية سلوكها الاستبدادي بالفلسفة، في إدارة شؤون البلاد والمجتمع من خلال ترديد شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان في « مفهومها الشامل  » ومناقضتها على أرض الواقع .   من القرارات الأخرى التي أعلن عليها رئيس الدولة في خطابه الأخير، نجد إقراره بمضاعفة المنحة العمومية لأحزاب « المعارضة » القانونية والتي لها ممثلين في مجلس النواب، هذا إضافة لمضاعفة الدعم المالي لصحفها. إن هذا القرار ، وان بدى ايجابيا في ظاهره ، فإنه يحمل في عمقه المزيد من التمييز والتفرقة بين الأحزاب المعارضة الوطنية  وبين ما اصطلح على تسميته بأحزاب الموالاة المستفيد الوحيد من هذا القرار . وهو ما يكرس نوعا جديدا من التفرقة  الطبقية السياسية بين أحزاب تعيش تحت خط الفقر – بالمعنى المباشر للكلمة – وتقتطع من اللحم الحي من أجل أن تضمن استمراريتها ، وأخرى تحصد مئات الآلاف من الدنانير مقابل تأييدها للنظام الحاكم وولائها له مهما كانت برامجه وسياساته وقراراته التي تأتي ، في عمومها ، ضد إرادة الفعاليات المدنية والمجتمعية والشعبية. إن هذه الأموال الطائلة المنفقة على تلك الأحزاب تأتي من عائدات الضرائب والأداءات التي يدفعها المواطنون للدولة ، لقاء خدمات إدارية واجتماعية وسياسية تقدمها لهم. ومن المفروض أن تقوم هذه الأحزاب والجمعيات التي تتحصل على نصيب من هذه العائدات بتأطير المجتمع وأفراده والارتقاء به من أجل المشاركة الفعالة في تسيير البلاد وصياغة برامجها وتوجهاتها وتحديد علاقتها الداخلية والخارجية ، في إطار ديمقراطي وتعددي ، يكفل الحد الأدنى من الحوار والتكامل بين جميع فئاته وطبقاته، إلا أن المفارقة تكمن في أن السلطة /الحزب الحاكم تستغل هذه المسلكية المادية في علاقة بالمعارضة القانونية والمنظمات المستقلة من أجل مزيد التضييق أنشطتها والحد منها ، وذلك بحرمانها من التمويل  العمومي الذي أقرته الأحزاب القانونية المبرلمنة (*).   وهكذا ، فإن ما أعلنت عنه السلطة السياسية ، في الذكرى العشرين لانقلابها من قرارات جزئية وأخرى تمييزية فيما بين المكونات السياسية ، تكشف بوضوح زيف الخطاب التعددي وتداعي طروحاته الديمقراطية، مما يضاعف المسؤولية الملقاة على كاهل المعارضة الوطنية القانونية وغير القانونية ، وذلك بالاعتماد على إمكانياتها على محدوديتها ، والخروج من واقع العزلة والتشتت ، وتعميق التضامن فيما بينها ، وتكثيف الحوار البناء والديمقراطي ، بعيدا عن الحسابات السياسوية والفئوية الضيقة ، من أجل التشكل في مشروع سياسي ديمقراطي حقيقي تتوجه به لمختلف الفئات الاجتماعية والشعبية ، حتى تضمن الحد الأدنى الجماهيري ، والذي تقدر من خلاله الدخول في موازنة سياسية حقيقية مع السلطة تتقارب فيها القوى والقواعد ، وهو ما من شأنه ، أن يوفر منافسة ندية لا منافسة شكلية على قياس النظام السياسي الحاكم ، تقدر من خلالها على نيابة الذات بقوة وبكل ثقة ، وتحقيق حد أدنى من المكاسب الديمقراطية والحقوقية ، تكون بمثابة مرتكزات الصراع حول الاستحقاقات السياسية القادمة وخاصة رئاسية وتشريعية 2009   (*)لأحزاب القانونية المبرلمنة : هي الأحزاب « المعارضة » الممثلة في البرلمان بدون أن يكون لها تمثيلية داخل دوائرها التي ترشحت فيها.   (المصدر:موقع تونس أونلاين نت (ألمانيا) بتاريخ 18 نوفمبر 2007) الرابط: http://www.tunis-online.net/arabic/modules.php?name=News&file=article&sid=2784

السوق المركزي بحي الزهور: عصابة تجمعية تستولي على السوق وتتاجر بأرزاق أصحابه

 
بدر السلام الطرابلسي – صحافي تونسي   رفع الحصير المليء بالتراب والحصى من فوق أرضية « غرفة الجلوس » لينظفه في الخارج, ثم عاد ووضعه في مكانه وحمل ابنتيه في أحضانه وقال لنا بالحرف »ها التؤم كانوا نعمة لو عشت عيشة خير ولو كانت الظروف خير وأحسن »… »   أما والمحل منهوب فهما حمل ثقيل ونقمة » هكذا استقبلنا السيد المنجي السحباني وعلامات البؤس بادية على وجهه , في بيته المتواضع جدا, وقد تبعثر فيه الأثاث القديم هنا وهناك, وبعض الملابس التي لم تجد مكانا لتحفظ فيه , كل ذلك محاط بجدران حديثة البناء , تفتقد لقشرة إسمنتية مما جعل الريح تدخل من شقوق الآجر لتملأ البيت بردا, وتقض مضجع هذه العائلة المعوزة. السيد المنجي تعرض لمظلمة في عقر داره بحي الزهور حيث استولى ابن عمدة حي السعادة على متجره بعد تهيئة سوق حي الزهور.   وقد بعث السيد المنجي برسالة إلى وزير الداخلية يشكو له هذه المظلمة من أجل رفعها وقد جاء فيها « الكيفية التي تحصل بها (…) على المحل (…) تبين أن رخصته مسندة إلى سيدة تدعى نفيسة اتضح أنها زوجة أخو العمدة وتقطن بالسيجومي  » ويضيف في الرسالة على أنها « تحصل على جراية شهرية من وزارة الشئون الاجتماعية )!!؟؟   السيد بلال ليس استثناءا في حي الزهور فقد شملت عمليات التحيل والتبندية الكثيرين هناك . وعمدة حي السعادة ليس المتحيّل الوحيد في هذا الحي الشعبي , والقضية أكبر مما تبدو عليه بكثير.   *تحيل وتباندية ومتاجرة في أرزاق المواطنين   تعود أطوار الحكاية إلى قرار الدائرة البلدية بتهيئة السوق البلدي بحي الزهور من اجل تحسينه وتهذيبه مما جعل جميع التجار ينصاعوا لهذا القرار، وان على مضض. وفي فترة الأشغال, فضل التجار الانتصاب الفوضوي هنا وهناك بالحي حتى لا يبقوا عاطلين ويجدوا مورد رزق يعيلوا به أسرهم, وتمكن البعض الآخر من مساحات داخل سوق حي الزهور 3 لينتصبوا عليها . ولكن انتهاء الأشغال حمل لهؤلاء التجار أخبارا عن وضعهم الجديد أسوأ مما كانوا عليه في السابق.   وفي هذا المقام , يعلمنا السيد الحبيب (رئيس شعبة الزهور ومعارض للتحيل الذي قام به زملاؤه) بأنهم  » عندما أتو لهدم السوق المركزي لحي الزهور أغلقوه وتركوا للناس الانتصاب الفوضوي، وعندما تم إعادة توزيع السوق، كان هنالك في السابق 300 محل أما الآن فالعدد تجاوز 600 محل لأن العمدة والمعتمد والكاتب العام للجامعة الدستورية ارتشوا من بعض التجار عند إعادة التوزيع, فمن كان له محل أصبح يمتلك أربعة , ويضيف  » هذا زيادة عن تجار جدد برزوا لأول مرة, جاؤوا من ابن خلدون وحي التحرير و باردو مما قلص من مساحة الكثير من المحلات »   وهكذا فئن ما حدث للسيد المنجي من افتكاك لمحله عنوة وللتجار من تضييق عليهم في محلاتهم وسرقتهم في أمتار مربعة لم يكن اعتباطيا أو محض صدفة, بل هو عمل منظم ومطبوخ على نار هادئة من قبل المجموعة المتكونة من عمدة حي السعادة وعمدة الزهور ( الذي أعلم السيد خميس بأنه لم يعد له مكان للعمل بالسوق) ورئيس الدائرة . وإذا صح ما نعته بهم السيد خميس « عصابة فكاكة أرزاق » فإنهم بهذه الصفة خرقوا القانون مرتين : أولا حينما سمسروا بمحلات هؤلاء التجار وباعوا العديد منها أصولا تجارية « ليشتروا بثمنها سيارات جديدة وفيلات ويكونوا أرصدة ضخمة في البنوك » على ما أفادنا المواطن عمر (حارس السوق). ثانيا إن تشكلهم المنظم وسرقاتهم وتحيلهم وارتشائهم يتطابق مع تنظيم العصابات وهو ما يعاقب عليه القانون أن كنا حقا في « دولة القانون » .   *حتى المعلم التاريخي لم يسلم من فسادهم!؟   تعتبر دار الثقافة الطيب المهيري بحي الزهور الثاني معلما تاريخيا هاما ، ومركزا ثقافيا له إشعاعه الوطني من خلال احتضانه للمهرجان الوطني لشعراء الشبان ، وإطارا إنسانيا احتضن العديد من أفراح أهل الحي المعوزين (زفاف , ختان ..) ومتنفسا لغالبية المتساكنين لرحابة محيطه الخارجي واخضراره الطبيعي ، لكن الأيادي العابثة لتلك المجموعة لم تترك جماليته و توبغرافيته الخارجية  في سلام  ، بل قامت « باكتراء آلة بلدوزر على حسابها الخاص لتقتلع الأخضر واليابس وتقتلع معه فرحة الأطفال الذين كثيرا ما لعبوا في ذلك المكان والشباب الذين وجدوا فيه المتنفس البديل عن غبار وضوضاء وتلوث المدينة  »   ويضيف محدثنا بأن كل هذا العمل الإجرامي في حق المعلم هو لأجل أن يستقر تجار الملابس المستعملة الذين لم يجدوا لهم مكانا في السوق المهيأة بعد أن فوتوا لهم في  أماكنهم لصالح التجار الجدد وبرشاوى ثقيلة .وفي هذا السياق ذكر لنا سي الحبيب كيف أن أحد أفراد هذه العصابة قام باشتراء أصل تجاري يعود لأحد التجار الأصليين من رجل يدعى الشنوفي (أحد الباندية القدامى الذين قدموا خدمات « جليلة » للنظام فتمت مكافأته بإهدائه هذا الأصل التجاري للمحل عنوة على صاحبه الأصلي) بثلاثين ألف دينارا ليبيعه على عين المكان بستة وأربعين ألف دينار، يعني بعمولة قدرها ستة عشر ألف دينار !!ويضيف محدثنا أن هذه الصفقة تمت عن طريق مكالمة تلفونية لتاجر اخر » وتكاليفها لا تتجاوز دينارا واحدا ثمن المكالمة!؟   كلمة أخيرة   وهكذا، فان ما حدث في حي الزهور من تحيل وفساد واغتصاب لحقوق متساكنيه و تجاره لا يعتبر حالة شاذة أو استثنائية في مجتمعنا بل هي ظاهرة منتشرة على كامل تراب الوطن , وطالت جميع الميادين والمجالات سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية . كما طالت هذه الظاهرة أيضا غالبية المؤسسات الحكومية والعمومية   وهذا ما جعل من منظمة الشفافية العالمية تصنفنا في المراتب الأخيرة.   المطلوب اليوم من سلطة الأشراف و مصالح المراقبة و المحاسبة والتفقديات أن يتعاملوا بجدية مع هذه الظاهرة ويحاسبوا المسئولين عليها مهما كانت مناصبهم أو صفاتهم لأنها تشكل تهديدا حقيقيا لاستقرار المجتمع وتطور اقتصاد البلاد، ولأن ضحاياها، وهذا المهم، يمثلون غالبية الشعب الذين يفتقرون للسند المادي والمعنوي والسياسي حتى يخول لهم ما خول لغيرهم من الأقلية المتمعشة والمستغلة لخيرات البلاد والتي تعتبر نفسها فوق القانون وفوق المحاسبة.   (المصدر: موقع تونس أونلاين نت (ألمانيا) بتاريخ 18 نوفمبر 2007) الرابط: http://www.tunis-online.net/arabic/modules.php?name=News&file=article&sid=2789


          بسم الله الرحمان الرحيم                                                    تونس في 2007/11/17  والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                       بقلم محمد العروسي الهاني          الرسالة رقم 341                                            مناضل وطني وكاتب -رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا في الصميم وضع النقاط على الحروف

 
 

خطاب الرئيس بن علي كان جليا واضحا والقرارات بصدد التطبيق إن شاء الله

في الحلقات السابقة التي تفوق 21 حلقة نشرتها على هذا الموقع الهام منذ يوم 2007/10/17 منها في شكل رسالة مفتوحة والأجزاء الملحقة بها خمسة. وعدد 5 خواطر بعنوان من وحي الذكرى لتوضح نقاط من بيان السابع من نوفمبر 1987  و 7 رسائل بعنوان في الصميم حول فقرات من خطاب الرئيس يوم 7 نوفمبر 2007 و 3 رسائل رد على افتراءات الأستاذ محمد مزالي في حواره الأخير بقناة المستقلة ورسالة ردا على الأساء والافتراء على الزعيم الراحل من طرف شاعر أخذ سهمه للتهجم بأشعاره على صانع المعجزة الكبرى الاستقلال والحرية والسيادة والكرامة والعزة الزعيم المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله. وهذا الشاعر كان يواكب نشاط الزعيم الراحل ويمجّد خصاله وتصحياته واليوم أصبح ذات صورة أخرى سبحانه مبدل الأحوال من أجل المال وهذا كله من أجل المصالح والمادة وإن كل المقالات التي نشرت بامانة وصدق وشفافية عل موقع تونس نيؤز وجدت التشجيع واطلع عليها احرار تونس ورجال الإعلام النزهاء والمناضلين الأحرار والطلبة وإخواننا في المهجر في فرنسا وهولندا وبريطانيا وألمانيا وكل العالم بفضل التكنولوجيا العصرية وقد خاطبني بعضهم شاكرا على المجهود الإعلامي الهام واتصل بي مناضل وطني عريق ووفي وخاطبني بلهجة وطنية حارة صميمة وروح وطنية عالية وبأخلاق فاضلة ونبرة الوفاء والحب للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وشجعني على الكتابة من أجل تونس وقال لي والله كل الإخوة يقدرون هذا الأسلوب والوفاء والعرفان بالجميل لحبيب الأمة وصانع أمجادها الزعيم بورقيبة وأكد لي بان كل إنسان عاقل ووطني يحترم كتابتك ويعتز بها وفي المقابل يحقر كل حقير أخذ قلمه وأراد الإساءة إلى عملاق التاريخ وبطل التحرير وأردف قائلا والله كل انسان يضحك على العقول السخيفة التي تتنكر للأب الروحي لتونس وختم حديثه الذي دام 25 دقيقة على الهاتف واصل الرسالة والله معكم والتاريخ سيسجل لكم هذا الوفاء وأني بدوري اشكر هذا المناضل الشهم الوفي الغيور الذي أثلج صدري وزادني قوة معنوية لمواصلة المشوار وأردت إبراز هذه المكالمة والإشادة بصاحبها والتنويه بأهل الوفاء والإخلاص للوطن وللزعيم الحيب بورقيبة الذي ضحى بشبابه وحياته من اجل الوطن والشعب. وفي هذ الحلقة الختامية بعنوان في الصميم أودّ أن نترك الأيام والأشهر تبرز إلينا مدى ما نطمح إليه وما قدمته من آراء واقتراحات بمناسبة الذكرى العشرين للتحول وخاصة سيادة الرئيس قد أكد في خطابه يوم الخميس 15 نوفمبر 2007 في الندوة العالمية الدولية لمفهوم الإرهاب وخطورته والوقاية منه والتصدي إليه بوحدة وعزيمة وإرادة وحصانة وقرارات ثورية لتحسين الأوضاع الإجتماعية والعدالة والمساوات وأكد سيادته ان دور الانترنات أصبح دور هام وفاعل وناجع وحاسم للشعوب وهذه الشهادة التي جاءت على لسان الرئيس بن علي يوم 15 نوفمبر 2007 جعلتني اكثر اطمئنان بان الرئيس يتابع مواقع الانترنات ويطالع المقالات ويقرأ ما يكتب وهذا يطمئن ويؤكد ان الحواجز أصبحت معزولة وأن الأشخاص الذين كانوا يخفون الرسائل ويسعون بكل الوسائل عدم ايصالها إلى مكتب الرئيس و اصبحوا في تسلل وعندما اكد الرئيس بان دور الانترنات فاعل وحاسم ازداد اعجابي وانشراحي لأن الهاجس الذي كان يسود عدد هام من المواطنين هو إخفاء الرسائل وقد أطنبت في الحديث عن هذه المعضلة وخصصت لها 7 مقالات ووضعت النقاط على الحروف بكل وضوح وصراحة. وأودّ في هذا المقال أن أشير أنه في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الدولة يوم 7 نوفمبر على قرارات هامة تاريخية في شتى المجالات منها العمل على توضيح استرداد الحقوق المدنية ومحو العقوبة والعفو بعد قضاء مدة وفترة العقوبة مع ما أعلن عنه الرئيس من قرارات جديدة فيها المرونة والعطف والحس الوطني حتى يرفع الكابوس على الشبان الذين زلّت أقدامهم ودخلوا السجن وقرار الرئيس واضح لإعادة الشبان إلى سالف عملهم ورفع حاجز السوابق العدلية لمدة طويلة…وقوانين البلاد تحدد المدة وبعدها آليا يحصل المواطن على التسوية وإعادة الحقوق والإجتهاد والإستثناء أصبح مقصورا على شريحة وخطاب الرئيس الجديد إعطاء فرصة جديدة لتعميم القانون على الجميع بصفة واضحة وبعد الخطاب القيم لرئيس الدولة أعتقد ان بعض الاجتهادات والاستثناءات ستزول بحول الله. تكريسا لتعلميات الرئيس وتجسيما   لمبدأ دولة القانون والمؤسسات وتعميقا لثوابت أن تونس لكل التونسيين وأتمنى أن نتطور العقليات لفهم هذا الخطاب ويزول كل التباس أو اجتهاد خارج على دائرة القانون وقد تذكرت وأنا اكتب هذه الخواطر حادثة حصلت لأسرتنا عام 1954 عندما كنت أنشط في صلب الشبيبة الدستورية التابعة لحزب التحرير حلت سيارة الجندرمة الفرنسية بمنطقتنا تبحث عن نشاطنا في الشبيبة الدستورية وخاف والدي رحمه الله وقلت وقتها أتمنى رحيل الجندرمة وتحقق الحلم وزال ظلم الأجنبي ورحل إلى الأبد.  قال الله تعالى : »ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين » صدق الله العظيم ملاحظة : هذه الحادثة لها أبعادها ودلالتها و لكل عاقل ذكي يفهم بين السطور حتى ندرك فهمنا لمعاني الخطاب…. كلمة لمدير قناة المستقلة الدكتور محمد الهاشمي الحامدي المحترم وأود توجيه كلمة شكر خاصة للسيد محمد الهاشمي الحامدي مدير فناة المستقلة الذي اعتنى بمقالاتي وتابعها واطلع عليها وبعث لي عن طريق الانرنات برسالتين هامتين كان لهما عميق الأثر على نفسي …واتصل بي خلال آخر شهر أوت واجري معي حديث طويل وقع بثه يوم غرة سبتمبر  2007 مشكورا وقد اتصلت بي إدارة القناة يوم 2007/11/16 ولم يتحصلوا عليّ نظرا لغلق الهاتف اثناء صلاة الجمعة عيد المسلمين جميعا. مثل اليهود عيدهم يوم سبتهم وبهذه المناسبة أضع الهاتف رقم 22 022 354 على ذمة كل من يتصل بي ما عدى يوم الجمعة اليوم المبارك كما أشرت وأجدد شكري للدكتور محمد الهاشمي الحامدي وأسرة قناة المستقلة على عنايتهم بمقالاتي في موقع تونس نيوز موقع الحرية والرأي الحر والذي نّوه سيادة الرئيس بدور الانترنات ولا شك ان موقع تونس نيوز أحدى هذه المواقع التي لها دور هام وفاعل على صعيد الإعلام الإلكتروني العصري الذي أصبح له إشعاع إعلامي ومصداقية عالمية…..وختاما أجدّد اقتراحي الذي قدمته منذ أسبوع لقناة المستقلة بإجرا حوارات على شاشة الفضائية مباشرة للشأن التونسي دعما للحوار الديمقراطي النزيه والذي غايته الإصلاح ثم الإصلاح والإصلاح.  قال الله تعالى : » إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب  » صدق الله العظيم   محمد العروسي الهاني هـ : 22 022 354

 


 

« عرس الذيب »… أو مستنقع العنف والجنس في السينما التونسية

 
بقلم: د.سالم لبيض (*)   الأفلام التونسية قليلة الظهور لأسباب عدة لعل أهمها محدودية سوقها وهو من العوامل الهيكلية التي تخرج عن نطاق إرادة المشتغلين بها مما يقلل من إمكانيات رواجها وبالتالي تمويلها أو دعمها. وعندما يولد مولود سينمائي جديد فذلك بدون شك بدعم من دافعي الضرائب في تونس حيث باتت مساهمة وزارة الثقافة تتجاوز النصف مليار من المليمات من الموازنة المقررة لهذا الفلم أو ذاك. والخلفية التي تحكم الوزارة أو الجهة الداعمة للنشاط السينمائي مثل إدارة التلفزة، تبقى دائما محكومة بما سيروج له من « ثقافة وخصوصية تونسية ».    لقد شدّ انتباهي احتفاء بعض القاعات بالعاصمة بمولود سينمائي جديد هو عرس الذئب للمخرج الجيلاني السعدي. الاسم لم يكن مألوفا في عالم السينما لاسيما التونسية منها وذلك بسبب محدودية التجربة فهو لم يبرز إلا منذ أربع سنوات بفلم « خورما ». وكان الانطباع الحاصل من أول وهلة هو أن الرجل قد يكون مجددا ومدافعا عن قضية ما في عالم سينمائي محكوم بالأيديولوجيا والبراغماتية وإن روّج لنقيض ذلك، عالم شديد التنافس خاصة في ظلّ الخدمات المجانية التي باتت تقدمها الفضائيات بألوانها وهوياتها ورسائلها المختلفة. لكن الأمر تغير منذ الدقائق الأولى من الفرجة. فالمشاهد الأولى من الفلم كانت تنبئ بأحداث حبلى بالعنف والجنس.وكأني بالسينما التونسية تكرر نفسها منذ البداية إذ بدت مغرقة في تصوير مشاهد العنف. وللعنف أشكال عديدة في الفلم مادية ورمزية وشفوية، وهو عنف تمارسه المرأة كما الرجل، الشاب كما الفتاة، الكبير كما الصغير. إن المجتمع الذي يصوره الفيلم والشرائح التي يعالج قضيتها إن كان الفيلم يعالج قضية فعلا لا تعرف سوى العنف وسيلة لحل مشاكلها. أشكاله متعددة فهي لا تقتصر على الضرب المبرح والخفيف والسبّ وبذاءة القول وعنف اللسان ويصل الأمر حدّ الإلقاء بالمزابل بل والقتل. تبدو أحداث الفلم سلسلة من ممارسات العنف والعنف المضاد بأشكاله المختلفة ودوافعه المتنوعة وكأن المجتمع الذي تنتمي إليه مختلف الشرائح الممثلة في الفلم لا يعرف غير العنف وسيلة للتواصل فهو يخترق كافة الفضاءات، عنف في الشارع، وفي البيت، وفي المستشفى نعم في المستشفى إنها صورة لا يمكن إلا أن تحطّ من تلك المؤسسة وتجرّدها من جوهرها الإنساني وتدين كافة المشتغلين بها والقائمين عليها مجتمعا ودولة.   تدور وقائع الفلم في ثلاثة فضاءات رئيسية هي المدينة العتيقة والخمارة ومحطة القطار. المدينة العتيقة هي الأكثر حضورا من بين تلك الفضاءات. عقدة تلك المدينة لا تغيب عن الكثير من المخرجين التونسيين هي عقدة ذنب دائم، يكاد لا يوجد فلم تونسي لا يتمثل ذلك الفضاء. ولا ندري هل هو انتقام من رمزية تلك المدينة وتاريخيتها لحداثة موهومة حالت الطبيعة العربية الإسلامية للحاضرة دون تحققها ومن ثمة تدنيس قدسيتها المستمدة من طابعها الديني باعتبارها إحدى إفرازات جامع الزيتونة الأعظم. أم أن ذلك محض صدفة ؟ وكأني بلسان حال أولائك المخرجين يقول لنا إن المدينة التي نشأت حول الجامع الأعظم الذي تأسس منذ القرن الأول للهجرة هي مكان ينتج المدنس. رسالة روجت لها أفلام عديدة مثل حلفاوين ويا سلطان المدينة وهاهو عرس الذئب يعيد إنتاجها. الفضاء المقدس لم يعد مقدسا دنسته ممارسات العربدة والاغتصاب إنه فضاء مظلم، قاتم، مخيف لم يعد ينتج إلا مثل تلك الممارسات. رسالة واضحة لا لبس فيها ولا غبار عليها. وبذلك يكون من اليسير تجريده من قدسيته ورمزيته التاريخية. إن الانتقام مستبطن لا محالة. ولنا أن نتساءل عن أسباب قتامة وسواد وهامشية المدينة التاريخية في أذهان مخرجينا، في حين أنها محلّ فخر واعتزاز أمام السيّاح الوافدين من الأوطان الغربية لزيارتها والتمتع بعبقها الضارب في القدم. لسنا في حاجة إلى التذكير بأهمية تلك المدينة وبالأدوار التي لعبتها على مرّ القرون سياسة واقتصادا وثقافة ودفاعا عن هوية الشعب ولا تزال بعض تلك الوظائف حاضرة إلى يوم الناس هذا.   الفضاء الثاني الذي تدور فيه الأحداث هو الخمارة، يحتلّ المرتبة الثانية من حيث الأهمية. الخمر قيمة ثابتة في الفلم، شربه من العادات اليومية، قليلا ما يصادف المرء فلما تونسيا لا يمجد تلك القيمة ولا يضعها في مكان الصدارة. وكأن الأمر يتعلق بقيمة ثابتة في المجتمع. صحيح أن الأمر يتعلق بما هو خاص في حياة الفرد، لكن الفلم يظهر لنا قدرة لدى أولئك الشباب على توفير متطلباتهم الخمرية في واقع يحتلون فيه موقع الهامشية وما يعنيه ذلك من بطالة وفقر وانحراف حتى أنه يتضمن نوعا من التثمين لاستيلاء بل سرقة أحدهم مال والده الذي كان قد طرده من المنزل بسبب بطالته المزمنة. القدرة على توفير الخمر لا تقابلها مقدرة على تلبية الحاجات المتجددة التي تفرضها الحياة اليومية. الخمارة تحظى بمركزية لا تضاهى في الفلم فهي قبلة غالبية شرائح المجتمع. مبالغة لافتة بسبب وجود موانع كثيرة منها ما هو ظاهر ومنها ما هو مستبطن. الأول يتعلق بالعجز المالي، فتلك المادة لا تستهلكها بصفة منتظمة إلا شرائح قليلة تعيش الثراء والرفاهية فهي مادة مرتفعة الثمن لا يقدر عليها أي كان لاسيما أولائك المهمشين الذين يتناولهم الفيلم كمثال للشباب في تونس. إن الشرائح المهمّشة قد انحدرت بوسائل تسليتها و »عبثيتها »إلى مادون ذلك المستوى من مواد سكر وتخدير. أما الثاني فيتعلق بالقيم التي يتربى عليها الشاب في العائلة والمدرسة وهي قيم لا تمجد بأي حال من الأحوال مكانة الخمر بل منها ما يدينه إدانة صريحة وهي القيم الدينية. لقد أثث المخرج وهو صاحب السيناريو مجرى الأحداث داخل الخمارة بمقاطع شرقية هي بعض أغاني أم كلثوم الكلاسيكية كانت تؤديها مطربة شابة، ربما يعكس ذلك حنين قديم إلى الشرق وعبقريته كادت أيام الهجرة التي قضّاها صاحب الفلم بفرنسا أن تذهب بريحه.   الفضاء الثالث هو محطة القطار وهو فضاء احتل مكانة ثانوية ولكنه يرمز إلى السفر والهجرة بل والهرب من مواجهة الواقع على الرغم من أن المخرج اعتمده كوسيلة للانتحار، انتحار من لا يوفر له المجتمع إمكانية الاندماج والعيش بكرامة فهل يحيل السفر على الانتحار فعلا ؟ وهل هي إدانة للمجتمع أم للمنتحر؟   في الفلم مكانة متميزة للمرأة، يظهرها بصفة ثانوية للغاية كأم لها غيرة على ابنها وإحساس بمعاناته المتأتية من البطالة والتهميش. لكنه يبرزها بصفة رئيسية كامرأة بغي لعوب تحترف العهر والبغاء وتمتهن الرقص بالخمارات والملاهي. الفتاة اغتصبت بطريقة حيوانية فظّة من قبل ثلاثة شبّان بصفة متتالية مشهد قلّما يتكرر في الحياة اليومية فهو من الفظاعة بما لا يسمح بتكراره. إن تكراره يعني انتشاره وتحوله إلى مشهد مألوف مما يضع المنظومة التربوية وكافة القيم الأخلاقية والمدنية للمجتمع لاسيما ما يتعلق بحقوق المرأة موضع المساءلة. المرأة لا تحيل إلا على الجنس في تصور المخرج فهي جسد بدون أحاسيس ولا مشاعر ولا ذات مريدة. لم يولّد فيها ذلك الحدث الكارثي سوى الرغبة في الانتقام. أما الدنس الذي ترتب عن عمليه الاغتصاب فهو بسيط وقابل أن يمحى بواسطة الاغتسال أو هكذا بدت رمزية الاغتسال في الفلم. لتعود الفتاة الراقصة مباشرة إلى سالف عملها بعد أن أرجع لها الانتقام كل ما خسرته فهي اغتصبت ولم تخسر شيئا، إذ لا يشير الفلم إلى قضية شرف أو فقدان عذرية أثيرت لديها مجرد الإثارة فالأفلام التونسية أو معظمها دأبت على تجاهل تلك المسألة ووضعها خلف الستار. فلا مكان لشرف المرأة وقدسية جسدها ورهافة أحاسيسها فهي لا تعني في رسالة الفلم غير الجنس عنوة أو طواعية. ولنا أن نسأل المخرج هل انتقمت الفتاة لشرفها المهدور أم لمجرد الاعتداء عليها ؟ يجيب الفلم بأنه انتقام ضدّ إكراهها على ممارسة الجنس مع من لا ترغب. والدليل أنها عادت طبيعية راقصة لاهية منتشية في آخر الليل. كم يتطلب مثل ذلك العنف أو أي عنف يمارس على الإنسان من وقت للتعافي منه ؟ صورة على درجة عالية من الإجحاف والاعتداء في حق المرأة خاصة وأن بقية النساء في الفلم لم يتجاوز دورهن اللهو في الخمارة. يبدو أن المخرج لم يكن يستبطن سوى صورة المرأة الجسد أما المرأة-الإنسان بكل ما في الكلمة من دلالات فلا مكان لها في الفلم. إن المرأة هي نتاج ثقافة مجتمعها ومهما يكن حجم المسألة الجنسية في مجتمعنا فلا نعتقد أن هذا المجتمع قد لقّن نساءه مبادئ تقديس الجنس بصرف النظر عن القيم والضوابط التي تنظمه. ولعل الانتهاء بالفلم إلى تلك المصالحة التي حلّت محلّ الرغبة في الانتقام والتي سيمارس فيها الجنس مجددا ينطوي على تساهل في التعامل مع تلك المسألة واختزالية لا تعكسها الوقائع فليس من اليسير أن تتحول المرأة الباغية العاهرة إلى فتاة قابلة الزواج، ولعلّ المخرج يدرك جيدا أن الشاب اليوم أكثر ميلا للزواج بفتاة ليس له معها علاقة سالفة. ثم إن هذا التسامح الذي أبدته الفتاة كما أبداه الشاب أليس تسامحا مبالغا فيه؟   الشريحة الأخرى التي تحظى بالتبجيل في الفلم هي شريحة الشباب لكن المخرج لا يتمثّلها سوى كفئة منحرفة تحترف الجريمة والانحراف فهي مجرد مجموعة من العصابات المتصارعة المنتمية إلى هذا الحي أو ذاك. لقد جرّد المخرج الحي – الحومة من أي تضامن بين أفراده. فاعتداء مجموعة من الشباب على بنت الحومة لا يمت للواقع بصلة، أبناء الحومة كثيرا ما يغارون بل يتحمسون للدفاع على بنات حيهم إذا تعرضن لمكروه. ثم منذ متى يكون الشاب وهو في عنفوان شبابه مثالا للخوف والهرب إذا ما ارتكب خطيئة ما. ألم تكن الشجاعة التي تصل درجة الاندفاع هي ميزة الفترة الشبابية في حياة الإنسان مهما كانت النتائج المترتبة على ذلك. لقد قدّم لنا المخرج صورة مخالفة لكل ذلك من خلال هرب الشباب مذعورين عاجزين عن أي مواجهة أو تحمل أي مسؤولية تجاه ما ارتكبوه من خطيئة واعتداء.   في النهاية لابد من أن نتساءل عن الرسالة التي أراد المخرج إبلاغها. هل يريد القول إن المجتمع الذي نعيش فيه هو عبارة عن غابة يسودها العنف والجنس الحيواني؟ هل هو مجرد ذئاب بشرية ضحيتها هم ضعاف المجتمع ؟ يبدو أن كل أحداث الفلم تنحو هذا المنحى. لكن من الأهمية تذكير المخرج أن ذلك الطرح لم يعد جديدا وقد قطع معه في الفكر العربي والأوربي على حدّ السواء. قطع معه ابن خلدون منذ ستة قرون عندما كتب « لابد من وازع يزع الناس بعضهم عن بعض ». وقطع معه فكر الأنوار الأوربي بواسطة مقولة العقد الاجتماعي.   (*) أستاذ علم الاجتماع  – جامعة تونس المنار labiadhsalem@yahoo.fr   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 نوفمبر 2007)

استعراض العضلات الأميركية حول إيران!!

 
توفيق المديني* منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، دخلت الولايات المتحدة الأميركية  في حربٍ كونية، لا نعرف كيف يُمكن لها أن تنتهي، أطلق عليها  « الحربٍ على الإرهاب ». وقد خاضت إدارة الرئيس بوش حربين في أفغنستان و العراق، وجرى احتلالهما، ولاتزال حالة الحرب قائمة. علما أن هذه الحرب على الإرهاب لم تكن فعّالة، إذ إنها أعطت بتجاوزاتها شرعيّةً للإرهابيين أنفسهم، بل دفعت  إلى إنتاج المزيد من الإرهابيين.هذا مع ظهور إخفاقها بوضوح، على الأقلّ في الأماكن التي أُعلِنَت فيها علناً :أفغانستان والعراق. واليوم يتوعّد بعض المبشّرين، حتّى في فرنسا التي حلّت اليوم مكان بريطانيا طوني بلير، بأنّ حرباً قادمة مع إيران.  ما انفك المحللون في العالم العربي يطرحون السؤال القديم – الجديد التالي: هل سيهاجم الرئيس الأميركي إيران ، ولا سيما أن منطقة الشرق الأوسط تعيش تحت هاجس التهديد باندلاع مجموعة من الحروب، في الوقت الذي لم يسبق لها منذ عقود أن عرفت هذا القدر من التوتر العلني والمكتوم في الوقت عينه ؟ ورغم معارضة جزءٍ كبيرٍ من الرأي العام الأمريكي للحرب،فإن الرئيس جورج بوش لا يزال مستمرا في تورّطه العسكريّ في العراق،رغم انغراز الجيش الأمريكي في الوحول ، وظهور حدود  القوة العظمى ، وتزايد منتقدي الحرب في التعبيرعن رأيهم بشكلٍ مباشر كما فعل الجنرال المتقاعد ويليام أودوم، الذي ردّد بلا كلل أن احتلال العراق قد جسّد « أهم كارثةٍ استراتيجيةٍ في تاريخ الولايات المتحدّة « ، أو حتى الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، السيد زبيغنيو بريجنسكي، الذي وصف حرب العراق واحتلال البلد « بالكارثة التاريخية، الاستراتيجية والأخلاقية « . بيد أن هذا الوضع قد يدفع الإدارة الأمريكية إلى ممارسة سياسة الهروب إلى الأمام، عبرتصعيد الحرب مع إيران. ومرة أخرى ، تتجه الأنظار في مثل هذه الحالة إلى الصراع الدائر داخل إدارة بوش حول السياسة الإيرانية، حيث يتواجه معسكران. من جهة، نائب الرئيس ريتشارد تشيني وحلفاؤه في البنتاغون والكونغرس، يحثّهم المجلس الأمريكي «الإسرائيلي» للشؤون العامّة (« الأيباك » المعروف) وهم يحرّضون على قصف، ليس فقط مصنع تخصيب اليورانيوم في ناتانز، لكن أيضاً مواقع عسكرية إيرانية موجودة بالقرب من الحدود مع العراق. ومن جهةٍ أخرى، ترغب وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بالاستمرار في التوجّه الدبلوماسي، عن طريق تعزيز وتوسيع المفاوضات مع طهران التي بدأت في أيار/مايو في بغداد، حول توطيد الوضع في العراق؛ لكنّها لم تحصل على تأجيل القرار حول الخيار العسكري إلاّ في مقابل تسويةٍ خطيرة: تكثيفٌ للعمليّات السرّية التي تهدف إلى زعزعة الجمهورية الإسلامية والتي جرى التأكيد عليها بموجب أمرٍ رئاسيّ في نهاية نيسان/أبريل 2007 الساعة الآن هي للهجوم الأمريكي.الولايات المتحدة الأمريكية القلقة من إخفاقاتها العسكرية والسياسية- على جبهتين رئيستين في ما بات يعرف في قاموس السياسة الأميركية ب«الحرب على الإرهاب»، إذ تواجه مقاومتين قويتين في أفغانستان و العراق، تحاول أن تأخذ زمام المبادرة من خلال الانتقال إلى الهجوم المضاد عبر تمديد استراتيجيتها لمقاومة  التحركات الإيرانية في الشرق الأوسط. الهجوم سوف يقوم به سلاح الطيران ، وسيتركز على «2000 موقع » تم تحديدهم من قبل البنتاغون. إذ انتصرت نظرية المحافظين الجدد التي مفادها أن العراق لن ينعم بالاستقرار ما لم يتم معالجة الأزمة النووية الإيرانية .و ما يعزز احتمالات الحرب المقبلة، هو تمركزو انتشار  هذه الترسانة الكبيرة  من البحرية الأميركية في  منطقة الخليج العربي و المحيط الهندي ، في حركة من استعراض القوة الأمريكية التي لا مثيل لها في التاريخ المعاصر، في مواجهة إيران : ثلاث حاملات طائرات أميركية  ، منها حاملة  طائرات نووية نيميتز، و كذلك حاملتي إيزنهاور و جون ستينيس، المحميتين بوجود أربعين سفينة قتالية حربية، و ما يقارب مئة طائرة محمولة، تم تخصيصهم لهذه المهمة الحربية في المنطقة ، حيث يستفيدون من الدعم القوي للبنبة العسكرية الأميركية المتواجدة في العراق، ومن حقل التجارب الجديد للحرب الأمريكية  الحديثة في العالم الثالث،ومن القواعد العسكرية الأمريكية  المنتشرة في المنطقة، ومن «إسرائيل » الحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط. الحجة الرئيسة التي يعتمد عليها المحللون الذين يعتقدون في خيار الحرب، هو أن الرئيس بوش قال أنه لن يقبل  أن تتزود إيران بالسلاح النووي في فترة ولايته.و أضاف في خطاب له يوم 28 أغسطس الماضي: «سنواجه هذا الخطرقبل فوات الآوان »، مثيرا بذلك شبح «الهولوكوست النووي».و الذين يعرفون عناد الرئيس بوش، من الأصدقاء كما من الأعداء، يعتقدون أنه رجل سيلتزم بكلمته. فالرئيس بوش لم يبق له سوى 14 شهرا قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستعين خليفة له. وحتى ذلك الوقت ، تبدو حظوظ إيران ضعيفة، كي تصنع قنبلتها النووية. القاسم المشترك بين إيران و العراق أن إدارة الرئيس بوش ذات القناعات الإيديولوجية الراسخة، اعتبرتهما دولتين ذات نظامي حكم مرفوضين و عدوانيين، ويشكلان خطرًا مباشرًا على مصالحها الاستراتيجية. ففي الحالة العراقية ، كان للرئيس السابق صدام حسين طموح نووي، و كان يسعى لبناء قوة عسكرية ضاربة في منطقة الشرق الأوسط، لكن «إسرائيل» تنبهت بسرعة للأمر، و نفذ الطيران «الإسرائيلي»  عملية قصف تدميرية للمنشآت النووية العراقية يوم الأحد 7 حزيران 1981.هل إيران اليوم أكثر تهديداً من العراق بالأمس؟ إن السمة الأساسية للحرب المقبلة ضد إيران ستكون تدميرية إلى حد كبير، وسيشارك فيها بفعالية سلاح الصواريخ بعيدة المدى، ولن يقتصر دمارها على طرف واحد بعينه، بل سوف يطال الدمار كافة الأطراف المشاركة فيها، في صورة مباشرة وغير ومباشرة، ويذهب البعض في رسم صورة مأساوية، والأخطر من ذلك كله هو أنه لا يستبعد أكثر من خبير غربي أن تتحول حرب منع إيران من امتلاك السلاح النووي، إلى حرب نووية! * كاتب تونسي‏ صحيفة الثورة السورية – شؤون سياسية -الأحد 18/11/2007

 


عن مشروع التنوير الوطني

 
محمد الحدّاد (*)   التنوير مشروع كوني لكنّ كونية التنوير لا تنفي معطى الوطنية التي هي ظاهرة سياسية حديثة. لقد تصلبت الحدود بين المجموعات البشرية منذ أن بدأت وسائل الاتصال تنسف الحدود الذهنية بين البشر وابتدع جواز السفر في نفس القرن الذي اخترع فيه التلغراف. والعالم قرية كونية من جهة تيسير الاتصالات بين أفراده لكنه لن يتحوّل قريبا، والراجح أنه لن يتحوّل أبداً، إلى مساحة مفتوحة ومرفوعة الحدود وإلى أفراد يحملون الجنسية الإنسانية.   إنّ الحدود القائمة في المنطقة المدعوة بالشرق الأوسط الكبير هي حدود اعتباطية لكن كلّ الحدود هي كذلك. لا شيء يبرّر منطقيّا أن تنتمي منطقة الألزاس إلى فرنسا دون ألمانيا ولا منطقة التكساس إلى الولايات المتحدة الأميركية دون المكسيك. وكل ما هو اعتباطي يصبح أمرا واقعا بتقادم العهد ومرور الزمن. وإدارة الموجود مهما عسر هو في الغالب أقلّ مجازفة من تغيير الخرائط بشرط أن تعتبر الحدود كيانات إدارية وسياسية ولا تتحوّل إلى مشاريع لسحق الأقليات والمخالفين تحت غطاء أيديولوجيات غامضة. وتقسيم الكيانات القائمة وتفتيتها لن يسهّل نشر الأنوار والديموقراطية. ومن السذاجة أن نظنّ لحظة أن التدخل الأميركي في العراق يمكن أن يقاس على الحملة الفرنسة على مصر أو أن بوش الابن يمكن أن يشبّه بنابليون بونابرت، بل الأمر إلى العكس أقرب. بونابرت كان ابن الثورة الفرنسية وبوش ابن عائلة نفطية، وكلّ إناء بما فيه يرشح. وخطط التقسيم والتفتيت لا يراد منها سوى تسهيل سيطرة الأقوياء على الضعفاء وهي إلى ذلك مسار إذا بدأ لا يستقرّ إلى قرار. فلا توجد كتلة صماء تدعى العرب ولا الأكراد أو العلويين أو السنة أو الشيعة أو المسلمين أو المسيحيين. ما يعني أنّ تسهيل التعايش بين البشر لن يحلّ بمجرّد تقسيمهم عرقيا أو دينيا أو مذهبيا، إذ تخترق كل دين وعرق ومذهب تفريعات شتى ستدفع إلى مزيد التقسيم والتفتيت.   فالحلّ الأمثل هو نشر التنوير وإعلاء قيمة الفرد وتوسيع دائرة الحرية والمشاركة السياسية والاقتصادية والفصل بين المواطنة والانتماءات العقائدية والمذهبية. لا شيء يمكن أن يوقف النزاعات بين البشر وتأمّل ذلك ضرب من اليوتوبيا. أمّا الإدارة السلمية للنزاعات فهي ممكنة في ظلّ تقدّم التفكير البشري وتقدّم التجارب التاريخية في التنظيم الاجتماعي. وحصيلة هذا التقدّم هو ما ندعوه بالحداثة السياسية.   وكما تخفّى الاستعمار سابقا بالليبرالية وتخفّى الحكم العشائري بالقوميّة والحكم الفردي بالاشتراكية، فلن يكون مستغربا أن تتقدّم مشاريع التقسيم والتفتيت باسم التنوير، لكن التنوير الحقيقي هو الذي يخدم مصالح الشعوب دون مؤسسات النفط وقوى الضغط المرتبطة بها. ولما كانت منطقة الشرق الأوسط تحتوي الاحتياطي الأوّل للنفط والغاز لمدة نصف قرن قادم على الأقلّ فإنها ستظلّ ممزقة بين مشروعين، مشروع المحافظة على السائد للتوقّي من المخاطر المحدقة ومشروع الإصلاح التنويري والديموقراطي لمواجهة هذه المخاطر. والعقل المستنير هو الذي يدرك أنّ السائد لو كان كفيلا بالوقاية من المخاطر لما كنّا في الوضع الذي نحن عليه.   والتنوير ليس قرارا سياسيا أو ندوة تعقد هنا أو هناك لكنه عمل دؤوب وعسير وبطيء النتائج. وليس عرض الأفكار الراجحة بكاف لانتشارها كما لا يكفي جمال اللوحة لشهرة الفنان ولا قيمة القصيدة لمجد الشاعر. ومن أوّل ضرورات التنوير البحث عن الصيغ الكفيلة بتقديم الأفكار الجديدة بأسلوب يرغب ولا ينفّر. وليس المطلوب التفكير من وجهة نظر المجموعة وإنما التفكير لها من خلال الأفق الإنساني الذي ينبغي أن تبلغه وتساهم في نحته، فطرح الأفكار من خلال المخزون الثقافي للمجموعة المتوجه إلها بالحديث يساعد على ترسيخ جسور المحاورة والمساءلة ويرفع الالتباس ويسهل التأثير، بشرط ألا يتحوّل إلى مغازلة للشعور الجمعي وتعميق الحنين إلى أمة متصوّرة على نموذج الأمومة أو الجزع من غرب مرسوم في هيئة الشياطين. ولقد ترجم لوثر الكتاب المقدس من اللاتينية إلى الألمانية كي يصبح الدين ملكا للجميع، وابتدع فلاسفة الأنوار الموسوعة لعرض رؤيتهم للعالم، وأنشأ أدباء الحداثة الرواية ليكون التحليل الاجتماعي متاحا لكل مواطن. وقديما صاغ ابن المقفع فكره السياسي في شكل أمثولات، ولخص ابن طفيل فلسفته في قصّة مثيرة. فالإبهام الذي يظنه البعض جزءا من الحداثة سيزيد من التباس الخطاب التنويري والخلط بينه وبين مآرب أخرى. وليس البحث عن الشكل المناسب في الخطاب بأقلّ قيمة من بناء المضمون المنشود في التفكير. ولو كان كافيا لانتشار الأفكار إعلانات المبادئ واقتباسات العبارات لكان أمر التنوير هينا، لكنّ تنزيل الكوني في الوطني والعام في الخاص والفلسفي المجرّد في القضايا اليومية هو الذي يحوّل الحداثة مطلبا وتطلعا بعد أن كانت شبهة وتوجساً.   (*) كاتب تونسي   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 نوفمبر 2007)


الفتوى ومعضلة الفردية

 
صالح بشير (*)   كان من الأجدى والأجدر أن تُناقش منزلة المهاجر السري (ذك الساعي إلى خلاص يقدّر أن ثمنه قد يكون الموت فلا يحجم عن المجازفة) بين الأحياء لا منزلته في العالم الآخر. لكن صناعة الإفتاء رأت غير ذلك، وفرضت، على ما أضحى ديدنها في السنوات الأخيرة، مقاربتها للأمور. إذ جزم مفتي الديار المصرية، الدكتور على جمعة، بأن الشباب من مواطنيه الذين قضوا غرقى قبالة السواحل الإيطالية في الآونة الأخيرة، «ليسوا شهداء»، وآيته على ذلك أنهم «ألقوا بأنفسهم إلى التهلكة». وخالفه في الرأي أتراب له، علماء أزهريون، اعتبروا الشباب أولئك خليقين بصفة «الشهداء»، وساقوا في تسويغ ما يرون براهين وحيثيات، أوردتها وسائل الإعلام وأسهبت، بما يغني عن تكرارها هنا.   أول ما يمكن أن نلاحظه، إن أردنا أن نستخلص بعض إيجابية من هذه الحادثة، أنها تقدم الدليل على أن الإفتاء ليس من «العلوم الصحيحة»، بل هو يقوم في الغالب على «غلبة الظن» لا على اليقين، كما هو «معلوم بالضرورة» أو يفترض أن يكون كذلك. ولكن الأمر هذا لا يطمئن إلا قليلا، أو قد لا يطمئن البتة، خصوصا إذا اشتط الإفتاء وولغ في قضايا من قبيل إرضاع الكبير وما شابه. إذ أن المشكلة ليست في الإفتاء في ذاته، بل في طريقة مزاولته، وخصوصا في طريقة تلقيه. فالسطوة التي أضحت للمفتي، يخوض في كل شؤوننا تحليلا وتحريما، قد لا يتحمل وزرها هو بقدر ما تقع مسؤوليتها على المستفتي، طالب الفتوى. فهذا الأخير، هو طالب اليقين، في أمر يعنيه، حياتيّ خاص أو يتعلق بقضايا الشأن العام، وهو الذي يحوّل ما يتفوّه به المفتي رأيا في الأمر ذاك، يستند إلى «غلبة الظن» وقد يخالفه رأي إفتائي آخر، إلى يقين يلوذ به ويعمل.   أي أن الفتوى ليست ملزمة في ذاتها في الكثير من الأحيان إن لم يكن في غالبها، أو هي، على الأصح، ليست ملزمة إلا بالنسبة إلى من يريد الالتزام بها. فالفتوى تُطلب ولا تُملى، على ما يدل ما لا يحصى من برامج الفضائيات ومن المواقع الإلكترونية. وهي بهذا المعنى، خيار فردي من المستفتي، الذي يكاد يصطفي الفتوى التي يود العمل بها… لذلك تجد «الجهاديّ» يصم أذنيه عن الفتاوى «القاضية» بتحريم الإرهاب مثلا، مهما بلغ «جلال» العالم الذي أصدرها ومهما أُطلق عليه من ألقاب مثل «العلاّمة» أو ما شابه، ليأخذ بنقيضها الصادر عمّن لا صفة «علمية» له ثابتة وغير مطعون فيها… وكذلك الحال في الكثير من شؤون الحياة، الخاصة والعامة، ومن مناحيها. من ذلك أن فتوى إرضاع الكبير مثلا، قد قوبلت باستهجان واسع وتخلى عنها صاحبها، ولكن ذلك لم يحل دون تبنيها والثبات عليها من قبل أوساط في الجزائر توصف بـ»السلفية»، حتى أن أحدهم هدد زوجته بالطلاق إن هي امتنعت عن إرضاع صديق له كان يزمع استقباله في بيته، خلال شهر رمضان المنقضي.   وهنا تكمن واحدة من أبرز مفارقات ظاهرة الفتوى والإفتاء، في سمْتها الراهن، منظورا إليها من زاوية «المستهلك»، إن جازت العبارة، وهي جائزة على الأرجح بالنظر إلى طريقة إنتاج الفتوى وتداولها. ومفاد المفارقة تلك، أن الإقبال على الفتوى والإفتاء، استصدارا واستهلاكا، إنما يبادر به «مؤمن» أو «مواطن» أو إنسان، سمّه ما شئت، يريد أن يكون فاعلا، لكنه لا يريد أن يكون مسؤولا عن أفعاله وعن تقديرها… يريد لأفعاله، أو لرغباته تسويغا من خارجه، من سلطة يراها متعالية لأنها ناطقة باسم المقدّس وبلسانه، ولكنه لا يتورع عن قدر من «الانتهازية» يسير أو كبير في الاستنجاد بها، إذ هو انتقائي في التعاطي معها واستنسابي، يقيسها بأفعاله وبنوازعه ولا يقيس هذه الأخيرة عليها. ولعل ذلك بعض ما يعنيه ما يجري الحديث عنه، من باب الأسف العاجز والذي يتوقف عند الحوقلة، من «فوضى الإفتاء»، واستفحاله اضطرابا وتناقضا، ما دعا البعض إلى الدعوة إلى قيام مؤسسة دينية في العالم الإسلامي (أسوة بالفاتيكان في الكاثوليكية؟) تكون مرجعية ضبط وتنظيم.   ليس هنا مجال الخوض في هذه الدعوة مع أنها تتطلب سبرا ونقاشا. ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن الفتوى، والتي نفضل، على خلاف ما جرت عليه العادة، تناولها من زاوية مستهلكها لا منتجها، قد تكون أمارة بليغة، على فردية متأزمة، لأنها غير ناجزة. على فرد وُجد كتطلعات، كرغبات، كنوازع، كمطامح، ولكنه لم يوجد كذات سيّدة، مسؤولة، تستقي تسويغها لما تفعل أو لا تفعل من قيم أو من معايير تأخذ بها، من خلفية ضميرية تهتدي بها. فرد وُجد خاما، ولكنه لم يوجد ثقافةً، قاصر كذات، يستقدم «ضميره» ما خارجه، فينسف فرديته من حيث يسعى إلى تأكيدها، أو يبتسرها في أبعادها الذرائعية أو الأنانية.   وبديهي أن فردا كهذا، لم يخترعه ذلك الجيش العرمرم ممن يتصدون للإفتاء، بصرف النظر عن مشروعية تصديهم ذاك من عدمها، ولا هو من اختراع حتى ما يسمى بـ»الصحوة الإسلامية»، بل هو نتاج إخفاقات وطنية، جسيمة ومديدة، تنموية واجتماعية وتعليمية وأخلاقية، ومؤدى عجز عن التكيف مع التحولات، تستوي مثل تلك الظواهر أعراضا عليه لا أسبابا له.   أما الفتاوى في ذاتها، فقد لا تقدم في هذا الشأن ولا تؤخر، والأرجح أن تستمر في وظيفتها لدى مستهلكيها، ضربا من اتكالية ضميرية، تدرأ عنهم وزر تبرير ما اتخذوه أو اندفعوا إليه من قرارات… وما دمنا في صدد الفتوى المصرية الأخيرة، فإن من يستنكف عن الهجرة، سيجد في فتوى الدكتور على جمعة ضالته، ومن يزمع المخاطرة، سيجد في آراء المعترضين عليه ما يريد… فالفتوى لا توجه قرار أحد، وهي تستمد سلطانها من متلقيها لا من الناطق بها.   (*) كاتب تونسي مقيم بإيطاليا   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 نوفمبر 2007)


 

الإسلاميون الجدد

عرض/ كمال حبيب

-الكتاب: الإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية في تركيا

-المؤلف: عبد الحليم غزالي

-الصفحات: 103

-الناشر: مكتبة الشروق الدولية, القاهرة

– الطبعة الأولى 2007

يعرض مؤلف الكتاب لخبرته التي عايشها كمراسل صحفي في تركيا لأربع سنوات مفصلية في تاريخها، وهي الفترة التي امتدت من يوليو/ تموز 2002 إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2006.

والمؤلف بذلك يفتح لنا نافذة لمعرفة ما جرى من ديناميات السياسة الداخلية والخارجية  التركية التي قادت إلى ما أطلق عليه « الثورة الصامتة » التي حققها حزب العدالة والتنمية بفوزه الكاسح في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، ليفتح بذلك عصر ما أطلق عليهم المؤلف « الإسلاميين الجدد » الذين يعتبرهم ظاهرة جديدة في الحياة السياسية التركية تعبر عن تجربة لم تنضج بعد.

يتضمن الكتاب 12 فصلا تحت عناوين متعددة مثل « عسكر وإسلاميون.. تاريخ لا ينسى » و »حزب العدالة.. قصة النشأة »، و »الحلم الأوروبي مشروع الإسلاميين الجدد » و »الاقتصاد قبل الأيديولوجيا » و »واشنطن ولعبة النموذج الإسلامي » و »تركيا والعرب.. نهج يهزم الماضي ».

النشأة والتوصيف والنموذج

يميل المؤلف إلى أن حزب العدالة والتنمية رغم نفيه القاطع عن نفسه صفة الإسلامية وتأكيده احترام النظام العلماني، فإنه لا يمكن نفي علاقته بالتيار الإسلامي, فالحزب خرج من عباءة حزب الرفاه الإسلامي ووريثه حزب الفضيلة، ومعظم قيادات الحزب وكوادره الوسيطة لهم تاريخ معروف كرموز للتيار الإسلامي.

وينفي المؤلف عن الحزب الاتهامات التي تتحدث عن امتلاكه أجندة سرية إسلامية كما يشيع خصومه من العلمانيين، ولكنه يذهب إلى أنه لا يشبه الأحزاب العلمانية القائمة, وإنما يعبر عن توليفة أيديولوجية تتمثل في الإسلام الروحي والعلمانية السياسية، وكما يعبر عبد الله غل فإنه يشبه الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا.

وتعود نشأة الحزب إلي قرار التيار الإصلاحي داخل حزب الفضيلة -الذي يقوده عبد الله غل ورجب طيب أردوغان- تأسيس حزب العدالة والتنمية بعد إغلاق الحزب عام 2001، ويعرف هذا التيار نفسه بأنهم متدينون في المجال الخاص فهم يصلون ويصومون وزوجاتهم محجبات، ولكنهم لا يريدون للدين دورا في المجال العام.

فالدين لا يلعب دورا محوريا في أنشطة الحزب والحكومة، وهم يدافعون عن القيم الإسلامية ولكنهم مع فكرتي الديمقراطية والعلمانية، ليس بمعنى العداء للدين ولكن بمعنى فصل الدين عن الدولة. ويتبني الحزب اقتصاد السوق ولكنه يعمل على التوازن في توزيع الدخل القومي.

ويرى أن العائلة أساس المجتمع ويدعو لضرورة الحفاظ على العادات والتقاليد والمعتقدات والقيم الوطنية التي تنتمي إلى الماضي وعدم الابتعاد عنها.

ويشير المؤلف استناداً إلى مصادر تركية إلى العلاقة التي ربطت بين أميركا وبين رموز حزب العدالة والتنمية عندما كانوا في حزب الرفاه خاصة أردوغان الذي التقاه السفير الأميركي مورتن إيرام أوينز أواخر الثمانينيات ونقل له رسائل إيجابية جوهرها « أنت مهم لمستقبل تركيا في الأعوام المقبلة ».

وقبل نحو عام من تأسيس الحزب زار أردوغان أميركا والتقى بزعيم الطريقة النورسية الشيخ فتح الله غولن وعقد لقاءات تشاورية مع زعماء الأحزاب السياسية، وبعدئذ تم تأسيس الحزب رسمياً في أغسطس/ آب 2001.

ورحبت الولايات المتحدة باكتساح الحزب للانتخابات البرلمانية وحصوله على ما يقرب من ثلثي مقاعد البرلمان باعتباره النموذج الذي يمكن تسويقه كتعبير عن « الإسلام المعتدل » الذي يزاوج بين الإسلام والديمقراطية.

ولكن قرار البرلمان التركي رفض مرور القوات الأميركية عبر تركيا لضرب العراق جعل واشنطن تعيد النظر في فكرة النموذج، إذ ترى أن أردوغان يساير القاعدة الشعبية الإسلامية لحزبه في الهجوم على أميركا وإسرائيل، كما حدث بعد بدء الحرب على العراق، وكما حدث بعد اغتيال الدكتور الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين. وتري الكاتبة التركية عائشة كرابات أن حزب العدالة والتنمية لا يصلح نموذجاً للأحزاب الإسلامية في العالم الإسلامي.

زلزال سياسي

يصف الكتاب ما حدث في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 -وهي المرة الأولى التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية- بأنه زلزال سياسي.

فقد خاض الانتخابات مرشحو 18 حزبا ولم يصل منها إلى البرلمان إلا حزب الشعب الجمهوري فقط، أما أحزاب اليمين الكبيرة مثل الطريق القويم والوطن الأم, والأحزاب القومية مثل الحركة القومية، وأحزاب اليسار مثل اليسار الديمقراطي, والإسلامية مثل حزب السعادة، فلم تتمكن جميعها من تخطي حاجز الـ10% اللازم لدخول البرلمان.

فحصول العدالة والتنمية على 363 مقعدا والشعب الجمهوري على 178 مقعدا يمثل انتصارا كبيرا للعدالة والتنمية مرده في الواقع إلى عاملين هما: رفض الناخبين معظم رموز الحركة السياسية من القادة التقليديين، واجتهاد حزب العدالة في إدارة حملة انتخابية فعالة أقنعت الناخبين باختياره.

وجاء فوز الحزب ليخرج بالبلاد من أزمة اقتصادية حادة أمسكت بتلابيبها منذ العام 2001 وتمثلت في انخفاض حاد في سعر الليرة التركية أمام الدولار، والارتفاع الهائل في حجم عجز الموازنة العامة الذي بلغ 22 مليار دولار قياساً إلى مليارين فقط عام 2000, وبلغ حجم الديون 203 مليارات عام 2002 وانخفض معدل النمو الاقتصادي إلى 4.5% فيما وصف بأنه أسوأ كساد تشهده تركيا في تاريخها المعاصر، وارتفعت نسبة البطالة إلى 10% ونسبة التضخم إلى 35%.

كما جاء فوز الحزب ليخرج بالبلاد أيضا من فوضى وتشرذم سلوك القوى السياسية وعدم إحساسها بالمسؤولية، وهو ما وصفه الكاتب التركي فروح ديميرمان بقوله إن « الانتخابات لم تسجل أقل من ثورة صامتة من جانب الناخبين الذين يرزحون تحت صعوبات اقتصادية »، ويرجع الكاتب يوكسال سويلماز فوز حزب العدالة الكاسح إلى « شخصية رجب طيب أردوغان التي لم تجرب من قبل كزعيم للبلاد ».

وعن دور الجذور الإسلامية للحزب في اختيار الناخبين له، يقول نفس الكاتب « إن سمعة الحزب كحزب ذي جذور إسلامية اعتبرت ميزة في صورته العامة، مما ساعده في الانتصار الانتخابي ».

ويذهب المؤلف إلى أن نتيجة الانتخابات كانت بمثابة « انقلاب أبيض » على العلمانية المتشددة وليست انقلابا على النظام العلماني في المطلق، والتعبير المناسب أنها « ثورة إصلاحات » للنظام تستهدف تخليصه من التطرف الذي يقود إلى إلغاء الآخر، ومن الجانب الآخر هي اعتراف بفشل التيار الإسلامي التقليدي في الانتصار على العلمانية والحكم باسم الدين.

الحلم الأوروبي

يتبنى الإسلاميون الجدد حلم قيادة تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي للنهوض بالبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة وللحصول على مساحة أكبر من الحرية والمناورات السياسية مع النخبة الكمالية العلمانية التي تصر على بقاء النظام السياسي التركي فوق الالتزام بالقانون بحجة مواجهة التيار الإسلامي والتيارات المطالبة بحقوقها الثقافية مثل الأكراد.

واستطاع الحزب بعد توليه السلطة أن يطور النظام السياسي ويجعله أكثر ديمقراطية وإنسانية، وأبرز نجاح حققه هو قرار الاتحاد الأوروبي عام 2004 بدء مفاوضات انضمام تركيا كعضو كامل.

كما حقق حزمة إصلاحات مهمة للتوافق مع المعايير الأوروبية مثل الحد من دور الجيش في الحياة السياسية بتقليص تمثيله في مجلس الأمن القومي، ومنح الأكراد بعض الحقوق الثقافية مثل السماح بالتعليم والبث الإعلامي باللغة الكردية.

وبالطبع فإن التردد الأوروبي والتعنت في بعض المواقف تجاه تركيا يضعف قدرة حكومة العدالة والتنمية في خططها الرامية إلى الانتقال بالنظام السياسي التركي من وضعه الاستثنائي إلى وضعه الطبيعي، ومن بين عوائق انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي الضغط اليوناني والفرنسي من أجل اعتراف أنقرة بقبرص اليونانية، ما يهدد وضعها الجيوسياسي والإستراتيجي في الجزيرة.

وفي الواقع فإن لعبة التجاذب بين العسكر والإسلاميين في عصر « العدالة والتنمية » أصبحت ذات طابع مختلف حيث يمثل حلم تركيا بالانضمام إلى الاتحاد أحد وسائل تحجيم نفوذ العسكر الذين يصرون علي التشبث بامتيازاتهم. وقد كانت ورقة الاتحاد إحدى الأدوات التي دعمت الحزب في معركته الأخيرة مع حزب الشعب والقوى العلمانية والعسكر بشأن ترشيح عبد الله غل لانتخابات الرئاسة التركية.

فكما هو معلوم فإن الاتحاد يرفض تدخل الجيش في السياسة وأصدر بيانا بهذا الشأن، ومع أن أردوغان لم يستعن به في تلك الأزمة -وهو ما حُسب له- فإنه كان يضع تلك الورقة في اعتباره.

ورغم الصعوبات والشكوك التي تعترض حلم اللحاق بالاتحاد الأوروبي فإن الإسلاميين الجدد يتمسكون به من أجل المضي قدما في وضع خططهم الإصلاحية موضع التنفيذ

الاقتصاد وتجربة لم تنضج

ينهي المؤلف كتابه بالحديث عن تجربة حزب العدالة والتنمية في الحكم لخمس سنوات، وكيف أن الأداء الاقتصادي الجيد لحكومة العدالة والتنمية مثل أولويتها الكبرى.

فقد وصل معدل النمو الاقتصادي 9% وانخفض معدل التضخم إلى 8% وبلغ حجم الصادرات 70 مليار دولار وحجم الاستثمارات الأجنبية أكثر من 15 مليارا، ودخل تركيا من السياحة 20 مليارا. كما ألغيت الأصفار الستة من أوراق العملة وعادت الليرة إلى الرقم الأحادي، وأصبح الاقتصادي التركي يقف على أرض صلبة يمكنها امتصاص الأزمات.

وقاد الإنجاز الاقتصادي أكبر مجمع لرجال الأعمال العلمانيين « التوسياد » للوقوف مع حزب العدالة والتنمية في معاركه المختلفة مع العسكر والبيروقراطية الكمالية.

ولا يتعجل المؤلف الحكم على هذه التجربة بالنجاح الكامل أو الفشل، فهي لا تزال تواجه الكثير من العواصف الداخلية والخارجية. ولكن ما لم يذكره الكتاب -لأنه لم يدركه- هو أن حزب العدالة والتنمية فاز للمرة الثانية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت يوم 22 يوليو/ تموز الماضي وحصل على 47% من الأصوات، كما فاز مرشحه عبد الله غل لمنصب رئاسة الجمهورية قلب القلعة العلمانية، ما يعني أن ظاهرة الإسلاميين الجدد -كما عبر عنها الكتاب- في سبيلها إلى الاكتمال والترسخ.

صك المؤلف مصطلحا جديدا هو « الإسلاميون الجدد » ليصف به ظاهرة التيار الإصلاحي من جيل الوسط الإسلامي في تركيا, ولكنه لم يحرر المصطلح ولم يوضح معناه وحدوده التي تحقق له الضبط والشرعية.

كما غاب عن الكتاب أية إشارة إلى أيديولوجية حزب العدالة والتنمية وهي « الديمقراطية المحافظة » التي تضمنتها وثائق الحزب ويعرف أعضاؤه أنفسهم بها.

(المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 نوفمبر 2007)


 

تحديث السلطوية في العالم العربي

عنتر فرحات

لا يزال ملف الاستبداد والسلطوية في العالم العربي يحظي باهتمام مراكز الأبحاث الأمريكية، وذلك علي الرغم من نكوص موجة التحول الديمقراطي التي شهدتها المنطقة علي مدار الأعوام الثلاث الماضية.

 

وفي هذا الإطار تأتي الدراسة المتميزة التي أعدها « ستيفن هايدمان » Steven Heydemann نائب رئيس معهد السلام الأمريكي USIP، ونشرها مركز « سابان » لسياسات الشرق الأوسط Saban Center for Middle East Policy التابع لمؤسسة « بروكينجز » Brookings والتي حملت عنوان « تحديث السلطوية في العالم العربي » أو Upgrading Authoritarianism in the Arab World.

 

النظم العربية والتكيف مع الاستبداد

تشير الدراسة إلي أن العديد من أنظمة الحكم السلطوية في العالم العربي قد نجح في تحييد المطالب الدولية والأمريكية والمحلية الداعية لنشر الديمقراطية، كما أنها مع تكيفت تلك المطالب من خلال إعادة تنظيم استراتيجيات للحكم تواكب الظروف الجديدة إقليميا وعالميا، مؤكدا أن النظم الأوتوقراطية لم تعد تنتهج سياسة العنف والقمع على نطاق كبير مثل الماضي، رغم عدم استغنائها عن تلك الوسائل كلية وتحولت النظم العربية إلى ما يمكن تسميته بـ »تحديث السلطوية ».

وأوضحت الدراسة أن هذه الاستراتيجيات السلطوية قد قوضت المكاسب التي حققتها سياسات دعم الديمقراطية التي جرت طيلة العقدين الماضيين، وأنها خلال عشرين عاماً أصبحت أنظمة الحكم العربية خبيرة في احتواء مطالب دعم الديمقراطية.

وأشارت الدراسة إلى ظهور نمط جديد من أنظمة الحكم السلطوي في عدد من الدول العربية التي تطورت على أساس قاعدة « المحاولة والخطأ » وليس وفق تنظيم داخلي، في حين تكيفت بعض الأنظمة العربية مع سياسات التغيير السياسي، من خلال تطوير استراتيجيات لتنظيم مطالب التحول الديمقراطي، حيث حققت انفتاحا سياسيا محدودا.

كما تكيفت تلك النظم مع مطالب التحرير الاقتصادي والاندماج في الاقتصاد العالمي، وطورت استراتيجيات للدخول إلى مجتمع المعلومات وشبكة الانترنت وعززت دورها من خلال تقديم الخدمات العامة وإصلاح التعليم، وشمل التحديث البحث عن شركاء تجاريين جدد وتعزيز الروابط التجارية مع الشركاء التقليديين.

إلا أن النظم السلطوية تأثرت بـدروس « التعليم السلطوي » الداخلية أو الخارجية ونجحت في خلق نظم « هجينة » من الحكم السلطوي واستغلت لمصلحتها ثمار عملية الانفتاح لفرض نظام حكمها السلطوي واتسمت بالفساد والطابع الشخصي والإكراه والقدرة على البقاء.

وأكدت الدراسة أن العالم العربي يعتبر استثناء لمقاومته التحول الديمقراطي وبخاصة « الموجة الثالثة من الديمقراطية »، الأمر الذي ساعدها على البقاء في مواجهة التهديدات الرئيسية الثلاث وهي الديمقراطية وحرية السوق والعولمة مما أدى إلى نشوء تحالف سلطوي ضد تلك المطالب وضد المعارضة.

خمس خطوات لتحديث السلطوية

تشير الدراسة إلي خمس خطوات أساسية ساعدت أداء النظم العربية في تحديث وتجديد أنماط استبدادها وسلطويتها، وتسمي الدراسة عدداً من الدول العربية التي تقوم بهذه الخطوات مثل مصر والجزائر والأردن والمغرب وسوريا وتونس واليمن. وهذه الخطوات هي:

1- الاحتواء والاستيلاء على المجتمع المدني:

تشير الدراسة إلي سعي الدول العربية إلى احتواء والسيطرة على المجتمع المدني من خلال الأطر التشريعية وحظر أنشطة المنظمات الأهلية. ورغم التوسع في المنظمات غير الحكومية خلال الثمانينات، فإن هذا القطاع لم يتطور بقوة في مصر والجزائر والكويت والمغرب.

وعلي مدار التسعينات كانت بعض المنظمات غير الحكومية تقوم بدور نشط في الحياة السياسية العربية في التسعينيات وعملت على تطوير أجندتها للدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة والإصلاح السياسي والشفافية والبيئة وهو ما اعتبرته النظم العربية وسيلة لتحسين صورتها أمام المانحين. في حين قامت هذه النظم باستغلال المجتمع المدني وتطوير استراتيجيتها لتأكيد سيطرتها، مما أسفر عن دخول الدولة في مواجهة مع منظمات المجتمع المدني منذ التسعينيات وحتى الأن.

وقد قامت هذه الأنظمة بقمع المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان والمطالبة بالمصداقية وإصلاح النظام الانتخابي من خلال المضايقات وتنظيم الأطر القانونية لإدارة أنشطتها مما أضعفها على تحدى سلطة الدولة رغم تعرض تلك الأنظمة للانتقادات الحادة وتشويه سمعتها داخليا وخارجيا.

في حين استفادت تلك النظم من بعض المنظمات الأخرى وبخاصة منظمات مراقبة حقوق الإنسان فيما قامت بمواجهة المنظمات الفردية مما أوجد فراغا سياسيا لكنها لم تتخلى عن كبح أنشطتها مما أدى إلى ضعف دور وتأثير المجتمع المدني.

2- تنظيم المنافسة السياسية:

تذكر الدراسة أن العالم العربي شهد مؤخرا مستويات متزايدة من المنافسة السياسية نتيجة إصلاح وتغيير النظم الانتخابية والتقدم الكبير في عمليات التحول الليبرالي، حيث عدلت مصر والجزائر واليمن والأردن والمغرب أنظمتها الانتخابية، وتحسنت مشاركة الناخبين وقللت القيود على المشاركة السياسية، مما سمح للإخوان المسلمين في مصر بتحقيق مكاسب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وكذلك حزب العدالة والتنمية في المغرب.

وقد نالت هذه التطورات اسستحسان الغرب على الرغم من أن المراقبين العرب أكدوا أنها لم تلب مطالب الإصلاح المنشود. إلا أن رقابة الدولة على الانتخابات تعكس منطق تحديث الأنظمة السلطوية واستغلالها لتلك التطورات متمثلا في عدم إمكانية التمييز بين النظام والأحزاب الحاكمة للاستفادة من موارد الدولة والسيطرة الكاملة عليها في الانتخابات

واتبعت الأنظمة السلطوية التكنولوجيا الحديثة في إدارة العملية الانتخابية مثل غرف العمليات في مصر واليمن لتحديد عدد الناخبين ونسبة المشاركة، وبالتالي تحركت الدول تدريجيا نحو التكيف مع الضغوط الدولية والداخلية لتوجيه وإدارة عملية التنافس السياسي مما أدى إلى إضعاف المشاركة السياسية ومطالب الإصلاح نتيجة القيود المفروضة على المعارضة مما أدى لغياب التغيير والحراك السياسي وتآكلت المصداقية الشعبية لأنظمة الحكم.

3 – السيطرة على عوائد الإصلاح الاقتصادي « الانتقائي »:

أكدت الدراسة أنه علي عكس الانفتاح السياسي المحدود، فقد حقق الانفتاح والتطور الاقتصادي خطوة قوية، وسهلت الحكومات العربية سبل التنمية والاستثمار الخارجي والمحلي من خلال تسهيلات قانونية وضريبية وبحثت الانضمام لمنظمة التجارة الدولية لربط اقتصادياتها بالعالم، إلا أن التطور الاقتصادي الحادث اتسم بالانتقائية من حيث المشروعات التي تم خصخصتها أو المجالات التي سمح للقطاع الخاص أن يلعب دورا فيها وهي المشروعات الخدمية بالأساس فيما ظل النظام مهيمنا على المشروعات القومية الكبرى.

كما تمثلت الانتقائية في المنتفعين من هذا الانفتاح، حيث خلقت تلك التطورات شبكة من رجال الأعمال حلفاء السلطة مما دعم النظم السلطوية وحجم الضغوط المطالبة بالإصلاح على تلك النظم، واعتمد الحكومات في بقائها على شبكة المنتفعين، في حين أن القطاعات العريضة لم تستفد منه، وحدث تزاوج بين السلطة ورأس المال وساهم كليهما في إثراء الآخر.

ومثلت تلك التطورات مصدرا جديدا لتوليد المشاكل مثل غياب المسؤولية وانتشار الفساد والبطالة وموجات الاحتجاج العمالية نتيجة مساوئ الإصلاح الاقتصادي الانتقائي واتسعت فجوة الدخول وعدم المساواة بين الطبقات، وحققت الحكومات مكاسب طائلة من وراء الخصخصة، ونجحت في استغلال عائد تلك السياسات الاقتصادية لإحكام قبضتها على السلطة من خلال مكافأة المقربين ومعاقبة المعارضين واستغلت الطبقة العاملة وعبئتها للمشاركة لصالحها في الانتخابات.ومن ثم كان شعار تلك النظم هو « الانفتاح الاقتصاد أولا والسياسي لاحقا » إلا أن ذلك لم يمكنها من استيعاب المد الإسلامي نهاية القرن الماضي في مصر والجزائر وتونس والمغرب والأردن.

4 – السيطرة على وسائل الاتصالات الحديثة:

أوضحت الدراسة أن عدد الأفراد الذين باتوا يستفيدون من وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة في تزايد مستمر في العالم العربي مما أتاح لهم إمكانية التواصل بقوة مع العالم الخارجي مقارنة بالماضي، وزادت المواقع العربية على الانترنت، كما زادت فرص النشطاء والمعارضة في التواصل ،وتزامن ذلك مع ثورة جديدة في وسائل الاتصالات والقنوات الفضائية،ولم تعد وسائل الإعلام تركز على الإعلام الحكومي ورموز النظام ، بل تعدتها لكشف مختلف الأحداث في المنطقة بما فيها التي تحرج موقف النظم السلطوية، وبات المواطن العربي قادرا على معرفة كل ما يجري في العالم من خلال الإنترنت.

وعلى الرغم من تأكيدها على دعم الثورة التكنولوجية والتظاهر بالانفتاح ،إلا أنها استغلت التكنولوجيا الحديثة لتحسين صورتها في الخارج،وذكرت الدراسة أن تلك التطورات فرضت مجموعة من التحديات على النظم السلطوية وعملية تحديثها، حيث يمكن أن تؤدي إلى إضعاف قبضة الدولة على الحكم من خلال تدفق المعلومات والسماح للمعارضة بالتواصل مما يشكل خطورة علي هذه النظم، فقامت بالتحكم في تدفق المعلومات على الإنترنت وفي محتواها وإصدار الأطر القانونية للسماح بتدشين منتديات أو « كافيه نت » جديدة أي أنها تحكمت بشكل مركزي في الانترنت وفي الاتصالات الحديثة كما قيدت افتتاح محطات فضائية جديدة، وإن لزم الأمر قامت بمواجهة وكبح النشطاء و »البلوجرز » والتفتيش الدوري على مراكز الانترنت أو إغلاقها إن لزم الأمر والرقابة من قبل الجهات الأمنية في مصر والأردن والجزائر وسوريا.

5- تنويع الارتباطات الدولية

أشارت الدراسة إلى أنه من أجل تفادي الضغوط المحلية والدولية المطالبة بالإصلاح ، قامت النظم السلطوية العربية بتنويع علاقاتها التجارية والاقتصادية والدبلوماسية مع مختلف القوى الدولية من أجل تقويض التحالفات الغربية الموجهة ضدها في إطار سعيها أيضا لتحسين صورتها الدولية والظهور كمدافع عن الإصلاح.

وأكدت الدراسة أن تلك الاستراتيجيات تسود أساسا في الملكيات الخليجية التي دعمت علاقاتها مع دول الشرق والصين وروسيا ، وباتت الصين الشريك التجاري الأول للكثير منها بما فيها دول شمال أفريقيا، كما دعمت مصر والأدرن وسوريا علاقاتها مع الملكيات الخليجية بحثا عن الدعم السياسي والمالي ومحاولة لجذب الاستثمارات العربية.

وأشارت الدراسة إلي أن تلك الاستراتيجيات توضح سعي النظم الأوتوقراطية العربية إلى بناء علاقات مستقلة لمقاومة ضغوط الإصلاح ومحاولة الاستفادة من النموذج الصيني والذي يركز على البعد الاقتصادي دون السياسي للإصلاح.

وساد ما يمكن تسميته ب »تطبيع النموذج السلطوي » في العالم العربي بدرجات متفاوتة ،ونجحت أنظمة الحكم السلطوية في استغلال تلك الاستراتيجيات لتدعيم موقفها وتحسين صورتها وإحكام قبضتها على الحكم، إلا أنها ولدت العديد من المشكلات مثل الفساد والبيروقراطية وتدنت شعبية تلك الأنظمة وساد الاستقطاب الاجتماعي والتفاوت الاقتصادي واللامساواة.

واختتمت الدراسة بالقول إن تلك الأنظمة نجحت في تحييد الضغوط والمطالب الغربية المنادية بالإصلاح نتيجة الموقف المعقد في المنطقة، وغرق أمريكا في المستنقع العراقي وفشل العراق في أن يصبح منارة للديمقراطية في الشرق الأوسط مع تنامي الخطر النووي الإيراني وركود عملية السلام، أي أن الفشل الأمريكي ساعد تلك النظم على التكيف مع المتغيرات الجديدة في البقاء في الحكم واستيعاب التكنولوجيا الحديثة واستغلال كل تلك التطورات لإحكام قبضتها على الشعوب.

(المصدر: تقرير واشنطن، العدد 132، بتاريخ 3 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.taqrir.org/showarticle.cfm?id=807

 

 

 

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.