TUNISNEWS
8 ème année,N°3048 du 26 .09.2008
حــرية و إنـصاف : مقتل شاب ببنقردان على إثر مطاردته و إطلاق الرصاص عليه
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : : و لا يزال مسلسل المحاكمات مستمرا .. !
حــرية و إنـصاف : منع الحجاب سياسة ممنهجة
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية : بيان تضامني مع الأساتذة المبرزين الموقوفين عن العمل لأسباب نقابية.
حــرية و إنـصاف : أخبار الحريات في تونس
كلمة: أخبـــــــــــــار
إسماعيل دبارة : على الحكومة أن تأخذ الحالات الواردة بالتقرير وتعالجها حالة بحالة
الجزيرة.نت: المبيتات الجامعية في تونس تحاصر الطالبات المحجبات
أ ف ب: الإفراج المؤقت عن تونسي متهم بنشر اخبار كاذبة على قناة الجزيرة
مراد رقية : التضييق على الابحار واستباحة الصناديق
الوطن : ندوة « دور الإعلام في ترسيخ التعددية »
شكري الحمروني : الشيخ و الدكتور والأستاذ
مدونة زياد الهاني: المفاوضات في قطاع الصحافة المكتوبة: الأعراف ينهون مقاطعتهم.. وتفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق؟
مصطفى عبدالله ونيسي: هذه مطالبنا نرفعها إليكم يا أصحاب القرار بوبكر الصايم: مقال لتوضيح ورفعا للبس حوار ‘الطريق الجديد’ مع مصطفى بن جعفر مواطنون : أيّ دور للإعلام في ترسيخ التعدديّة؟ : فراغات تشريعيّة تقلص مساحة حريّة الإعلام
الصباح: حوار مفتوح مع المدير العام لقناة «الزيتونة» حول – ضرورة تجديد الفكر الإسلامي… دعما لقيم الاعتدال
مواطنون: أمن الدولة ورعب المواطنين(1)
كلمة: موعد 2009 يفرض على المعارضة تجاوز المصالح الذاتية والحزبية مواطنون : الشاب صاليح يؤازر الصّحفيين التونسيين!
مواطنون : الصحفيّون في الأرض !
مواطنون : صندوق التأمين على الديمقراطية
الموقف : هل يتطور مشكل دكتوراه الدولة إلى نزاع قضائي ؟
منتدى الصحافيين الأحرار بتونس : هنيئا لك .. بأحمد ياسين
سي ان ان: مقبرة عائمة’ بين تونس وصقلية ومالطا
الصباح: خمس سكان البلاد يقطنون بالعاصمة والخمس الآخر بالوسط الشرقي
كلمة : في قلب العاصمة متساكنون دون ماء…
محمد البوزيدي : الباحث السوسيولوجي المغربي عبد الرحيم العطري : الشغب الرياضي ملمح من ملامح الاحتقان الاجتماعي
زهير الخويلدي : منطق الاختراع العلمي عند العرب
مسعود الرمضاني : قراءة في كتاب : دولارات الرعب، حول العلاقة بين الولايات المتحدة والإسلاميين، للصحفي : ريشار لابيفيار.
غسان إبراهيم : التنين ينهض.. ولكن! الصين تنتج والفقراء يدفعون الثمن والدول الغنية تجني الأرباح
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante :Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
21- هشام بنور
22- منير غيث
23- بشير رمضان
24- فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- الصادق العكاري
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش
|
6- منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8- عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1- الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5- الكريم بعلو
|
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي
حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :
liberte.equite@gmail.com تونس في 26 رمضان 1429 الموافق ل 26 سبتمبر 2008
مقتل شاب ببنقردان على إثر مطاردته و إطلاق الرصاص عليه
تواتر من مصادر مختلفة نبأ مقتل المواطن عبد السلام هلال أصيل منطقة بنقردان نتيجة لإطلاق النار عليه إثر مطاردته من طرف أعوان الديوانة الذين استنجدوا بالحرس الوطني عندما اجتاز الحدود الليبية التونسية على متن سيارته بعد غروب شمس نهار يوم الأربعاء 24/09/2008 و هو ما أدى إلى قيام حركة احتجاجية إثر صلاة التراويح من طرف أهالي القتيل تواصلت إلى ساعة متأخرة من الليل نتج عنها غلق شارع البيئة الرئيسي بمدينة بنقردان و وقعت محاصرة المدينة و تطويقها بالكامل من طرف قوات الأمن التي تقوم بتفتيش الداخلين و الخارجين منها و التثبت من هوياتهم ، و تم دفن القتيل يوم الخميس 25/09/2008. و حرية و إنصاف تطالب بفتح تحقيق في الموضوع و إطلاع الرأي العام على نتيجته.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
« الحرية لجميع السجناء السياسيين » الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr
تونس في 26 سبتمبر 2008
كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب « : و لا يزال مسلسل المحاكمات مستمرا .. !
* مثل اليوم الخميس 25 سبتمبر 2008 أمام الدائرة الجنائية 27 بمحكمة الاستئناف بتونس برئاسة القاضي المنوبي بن حميدان في القضية عدد 11937 كل من : بلال بن عبد الحق جلالي ( مولود في 26 أفريل 1984 ) و طاهر بن أحمد عاصي ( مولود في 23 ديسمبر 1978 ) و رياض بن الأمين عمري ( مولود في 31 جانفي 1986 ) و هشام بن عبد الرزاق المنافقي ( مولود في 3 أفريل 1978 ) و ماهر بن الأمين عمري ( مولود في 15 سبتمبر 1988 ) و جنيدي بن صالح رابحي ( مولود في 19 جويلية 1979 ) و رمزي بن محمد الحكيم بكاري ( مولود في 18 أوت 1979 ) و محمد الصغير بن الأمين عمري ( مولود في 1 نوفمبر 1981 و منعم بن علي رابحي ( مولود في 27 نوفمبر 1985 و جمال بن محمد بن صغير قدري ( مولود في 11 أوت 1977 ) و الطاهر بن الهادي زويدي ( مولود في 1 ديسمبر 1984 ) و رياض بن محمد الهادي بن صالح زويدي ( مولود في 18 أوت 1986 ) و سامي بن بوصالح بن أحمد ربعاوي ( مولود في 28 سبتمبر 1984 ) و علي بن العيدي عمري ( مولود في 9 فيفري 1983 ) ، و المحالين من أجل الانضمام إلى تنظيم إرهابي والدعوة إلى الانضمام إلى تنظيم إرهابي و استعمال تراب الجمهورية لانتداب أشخاص بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية و استعمال اسم و رمز للتعريف بتنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية وبنشاطه و إعداد محل لاجتماع أعضاء تنظيم لهم علاقة بالجرائم الإرهابية و توفير أسلحة و متفجرات و غيرها من المواد المماثلة لفائدة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية و جمع أموال مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص و تنظيمات و أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية و التبرع مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص و تنظيمات و أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية و استعمال تراب الجمهورية للقيام بأعمال تحضيرية قصد ارتكاب جرائم إرهابية و توفير معلومات لفائدة تنظيم بقصد المساعدة على ارتكاب جرائم إرهابية و الامتناع عن إشعار السلط بما بلغهم من معلومات و إرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية . و قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 10 أكتوبر 2008 استجابة لطلب هيئة الدفاع المتكونة من أنور أولاد علي و المختار الجلالي و كريم الصالحي و سمير ديلو . و تجدر الإشارة إلى أن الشبان المحالين في هذه القضية هم أصيلو منطقة سيدي بوزيد و متهمون بالانتماء الى خلية سيدي بوزيد التابعة لمجموعة سليمان . و قد قضى الحكم الابتدائي بإدانتهم و سجنهم مدة تتراوح بين عامين و ستة أعوام . * نظرت الدائرة الجنائية الأولى بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي مصدق مصدق اليوم الجمعة 26 سبتمبر 2008 في القضية عدد 16010 التي يحال فيها كل من: عبد الله بن منصور بن حمودة بنيحيى ( مولود بقبلي في 12 جانفي 1988 ) و علي بن عمر بن علي شقرون ( مولود بقبلي في 2 ماي 1988 ) ، و المحالين من أجل الانضمام إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و عقد اجتماعات غير مرخص فيها . و بعد مرافعة هيئة الدفاع المتكونة من الأستاذين بوبكر بالثابت و سمير بن عمر قررت المحكمة حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم اثر الجلسة . * كما نظرت الدائرة الجنائية الأولى بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي مصدق مصدق اليوم الجمعة 26 سبتمبر 2008 في القضية عدد 16016 التي يحال فيها كل من : زياد بن الهادي بنور ( بحالة سراح ) و سامي بوراس ( بحالة فرار ) ، و ذلك من أجل من أجل الانضمام إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الامتناع عن إشعار السلط بما بلغهم من معلومات حول جرائم إرهابية. و قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم17 أكتوبر 2008 استجابة لطلب الاستاذ كمال بن مسعود نائب المتهم . عن الجمعية لجنة متابعة المحاكمات السياسية
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي
حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :
liberte.equite@gmail.com تونس في 26 رمضان 1429 الموافق ل 26 سبتمبر 2008
منع الحجاب سياسة ممنهجة
اعتصام سيد المبروك داخل المعهد الثانوي بنابل احتجاجا على منع ابنته من الدراسة بسبب ارتداء الحجاب: رغم استجابتها لطلب مدير المعهد الثانوي محمود المسعدي بنابل باستبدال الخمار بغطاء للرأس فإن مدير المعهد المذكور المدعو صالح الجملي واصل منع التلميذة جهاد المبروك المرسمة بالسنة الثالثة ثانوي تقني من الالتحاق بقاعة الدروس مشترطا عليها عدم وضع أي غطاء على الرأس و هو ما دفع والدها سيد المبروك عضو منظمة حرية و إنصاف إلى الاعتصام بإدارة المعهد طيلة فترة الدوام هذا اليوم الجمعة 26/09/2008 و قد تجاهلت إدارة المعهد وجوده و أصرت على موقفها. مدير يطرد المحجبات من المعهد: قام يوم الاثنين 22/09/2008 المدعو »فتحي الحنفي » مدير المعهد الثانوي علي البلهوان بنابل بتفقد قاعات الدراسة بالمعهد المذكور و اخرج منها جميع التلميذات المحجبات و طردهن من المعهد على ألا يعدن إليه إلا بعد نزع الحجاب ، و من الغد رجعن و هن يرتدين أشكالا أخرى من غطاء الرأس كــ »المرسياز » و »التقريطة » و »الشابو ».
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
بيان تضامني مع الأساتذة المبرزين الموقوفين عن العمل لأسباب نقابية.
انسجاما مع مواقفه الثابتة والمبدئية في الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية وفي إطار تضامنه مع القضايا النقابية المغاربية يعبر المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية عن مساندته المطلقة للأساتذة المبرزين الخمسة في المغرب وهم خالد عبد المنعم , محمد ايت لهش , فؤاد مخوخ , حميد مصيح , عبد الحق ألباسطي مع العلم أن هؤلاء أساتذة وقعت إحالتهم على مجالس التأديب على خلفية نشاطهم النقابي وتقرر إيقافهم عن العمل لمدة 6 اشهر مع تجميد أجورهم . ان المرصد يعتبر هذه العقوبات تعديا صارخا على القوانين والمواثيق الدولية التي تكفل الحقوق والحريات النقابية وبالتالي فهو يدعو وزارة الإشراف في المغرب إلى التراجع عن هذه العقوبات وتجميد تنفيذها كما يدعو جميع التشكيلات النقابية المغاربية إلى التضامن الفعلي مع هؤلاء الأساتذة النقابيين وتنظيم حركة احتجاجية مساندة لهم على نطاق واسع تفعيلا للتضامن والنضال النقابي ألمغاربي المشترك . المرصد فضاء نقابي مستقل ديمقراطي وهو مفتوح للجميع بدون استثناء ويمكن التواصل مع المرصد على العناوين الالكترونية التالية :
http://nakabi.blogspot.com http://nakbi.maktoobblog.com
عن المرصد المنسق : محمد العيادي
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي
حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :
liberte.equite@gmail.com تونس في 26 رمضان 1429 الموافق ل 26 سبتمبر 2008
أخبار الحريات في تونس
سنتان سجنا لعلاء الزيادي و عام لكل من غيث متهني و إلياس بوربيع: مثل يوم الخميس 25/09/2008 أمام أنظار الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية ببنعروس كل من علاء الزيادي ( طالب بكلية العلوم بتونس سنة التخرج برتبة مهندس ) و غيث متهني و إلياس بوربيع ( موظف بوزارة المرأة ) أصيلي المدينة الجديدة بولاية بنعروس لمقاضاتهم من أجل عقد اجتماعات بدون رخصة و قد أصدر القاضي حكمه في القضية بسجن علاء الزيادي مدة عامين و سجن كل من قيس و إلياس مدة عام واحد. علما بأنه تم اعتقال هؤلاء الشبان في إطار الحملة التي يشنها البوليس السياسي على الشباب المتدين إثر صلاة التراويح في بعض المساجد.
الحكم بشهر سجنا نافذا على شادي بوزويتة
أصدر يوم الأربعاء 23/09/2008 قاضي ناحية نابل حكمه في القضية عدد 12304 حكما يقضي بسجن الشاب شادي بوزويتة عضو منظمة حرية و إنصاف مدة شهر نافذ من أجل ما اعتبره هضما لجانب موظف و الاعتداء على الأخلاق الحميدة و هي التهمة التي أصبحت توجه للنشطاء الحقوقيين و المسرحين من المساجين السابقين و ذلك للتنكيل بهم و تحقيرهم بين الناس. علما بأنه سبق للسيد شادي بوزويتة أن تعرض إلى مضايقات عدة من طرف أعوان البوليس السياسي التابعين لمنطقة الأمن بنابل و أنه فوجئ يوم 10 سبتمبر 2008 عندما كان يسبح مع أفراد عائلته و أصدقائه بشاطئ نابل ، إذ وقف بالقرب منهم المدعو تميم التريكي العون بفرقة الإرشاد بنابل لإشعاره بحضوره و بأنه محل مراقبة من طرف أعوان البوليس السياسي ، و طال انتظار ذهاب تميم التريكي لكن دون جدوى و هو ما أدى للاحتجاج من طرف السيد شادي بوزويتة نظرا لحالة الارتباك التي أصابته هو و أفراد عائلته و أصدقائه جراء هذه المراقبة اللصيقة و كان ذلك سببا لإحالته على حاكم ناحية نابل لمحاكمته من أجل أفعال لم يرتكبها.
عبد اللطيف بوحجيلة يعلن الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام:
لا يزال السجين السياسي السابق السيد عبد اللطيف بوحجيلة يعاني من أمراض خطيرة جراء طول إقامته بمختلف السجون التونسية ، و قد استعصى علاجها و أصبح مضطرا حفاظا على حياته و لوضع حد للأوجاع التي أصبحت تنتابه كامل الأوقات للسفر إلى الخارج للتداوي في المستشفيات المختصة فتقدم بطلب إلى مركز الأمن بمقرين منذ 10 أفريل 2008 للحصول على جواز سفر لكنه لم يتحصل عليه و هو ما جعله يعلن الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام بداية من يوم 2 أكتوبر 2008 في صورة عدم تسليمه جواز السفر.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
أخبـــــــــــــــــار
إطلاق سراح مختطفين في جندوبة
أطلق البارحة سراح جميع الشبان الذين تمّ اختطافهم من قبل الشرطة السياسية منذ يوم 19 سبتمبر الجاري. وكانت الشرطة السياسية قد اعتقلت بطريقة الاختطاف مجموعة من الشباب من مدينة جندوبة (شمال غربي العاصمة تونس) تحت تعلّة انضباطهم في آداء الصلاة والتردّد على المسجد. هذا وقد كان من بين المعتقلين الشاب عبد الواحد العرقوبي مؤذّن جامع السلام أكبر مساجد المدينة. وأفادتنا مصادر حقوقية في الجهة أنّ الاستجوابات تجري بصفة يومية على شباب الجهة حول حضورهم المنتظم لصلاة الفجر وحول طبيعة لباسهم وأسباب إطلاق لحيّهم وما أنواع القنوات التلفزية التي يشاهدونها وطرق آدائهم للصلاة وما يقرؤونه من كتب ونوعية علاقاتهم الشخصيّة. وأنهى المختطفون فترة اعتقالهم دون أن يكون لعائلاتهم علم بمكان الاحتفاظ بهم حيث لم تمكّنهم السلطات الأمنية بالجهة من أيّة معلومة حولهم ولم يتسنّى لهم الاتصال بأبنائهم ولا معرفة ظروفهم وهو ما يعدّ تعاطيا مع المواطنين بأساليب حالات الطوارئ التي يتمّ فيها تجاوز القوانين المتعلقة بالاعتقال وبالاحتفاظ والتي تضبطها قوانين الإجراءات الجزائية.
وليّ يعتصم بإدارة معهد اعتصم المواطن السيد مبروك كامل نهار اليوم بإدارة المعهد الثانوي محمود المسعدي بمدينة نابل احتجاجا على منع ابنته جهاد من مزاولة دراستها بالسنة الثانية من التعليم الثانوي بسبب ارتدائها للحجاب. وكان صالح الجملي مدير المعهد، الذي سبق وأن أثارت تصرفاته تذمر عديد الأولياء، هو من اتّخذ قرار منع التلميذة من الدرس. وتواصل الاعتصام إلى غاية إغلاق الأبواب مع نهاية الوقت الإداري. ويذكر السيد المبروك أنّه لجأ للأسلوب المذكور بعد أن أرسل مكاتيب في الموضوع إلى الجهات المعنية دون أن يتلقّى ردّا يذكر.
إرجاء النظر في استئناف قضية نشطاء بنزرت أفادت مصادر حقوقية مطلعة من مدينة بنزرت بالشمال التونسي أن محكمة الاستئناف قرّرت صباح اليوم تأجيل النظر في قضية النشطاء الحقوقيين الذين أدينوا ابتدائيا لمشاركتهم في تجمع سلمي انتظم أمام مقر البلدية يوم 25 جويلية المنقضي بمناسة الذكرى الواحدة والخمسين لعيد الجمهورية رافعين شعارات تنادي بإقرار القيم الجمهورية وبإطلاق الحريات. وكان المتهمون الأربعة مثلوا بحالة سراح بعد أن حوكموا ابتدائيا بأربعة أشهر سجنا منهم اثنين مع تأجيل التنفيذ. مع الإشارة إلى أنّ قرار التأجيل جاء بطلب من محاميي المتهمين إعدادا لدفاعهم. هذا وقد شهدت مدينة بنزرت صباح اليوم استنفارا أمنيا كبيرا حيث جرى تطويق منازل عديد الحقوقيين والمعارضين كما تمّ منع البعض منهم من الدخول إلى قاعة المحكمة. وكان الحكم الابتدائي قضى بالسجن أربعة أشهر على النشطاء الأربعة منهم إثنان مع تأجيل التنفيذ فيما بقي في السجن اثنان أطلق اليوم سراحهم في انتظار إقرار الحكم الاستئنافي.
التراجع عن إعادة فتح موقع يوتيوب عاودت السلطات التونسية إغلاق موقعي يوتيوب وديليموشيون بعد مرور 12 ساعة على رفع الحجر عنهما يوم أمس. إذ سرعان ما تمّ قطع فرحة المبحرين على النات الذين استبشروا مساء أمس بإطلاق سراح الموقعين ليجدوا أنّ العملية لم تكن سوى اضطرابا في التعليمات أدّى إلى إفراج قصير بساعات على هذين الموقعين ثم إعادتهما إلى المعتقل الأمني الذي يقبع فيه العشرات من المواقع الإخبارية ومواقع المنظّمات والجمعيات المستقلّة وعدد من العناوين الإلكترونية لعديد النشطاء الحقوقيين. وكانت التهم التي وجّهت إلى الموقعين تتعلّق بترويج مشاهد فيديو تعرض تحرّكات احتجاجية لأهالي بعض جهات البلاد التونسية ولقطات من عمليات تعذيب للموقوفين والمعتقلين في هذه التحرّكات وخارجها وبعض التسجيلات التي تطالب باحترام القانون وتندّد بقمع الحريات.
برلسكوني ورايس أمام محكمة ميلانو طالب الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإيطالية نيكولو بولاري من المحكمة دعوة وزيرة الخارجية الأمريكية كونودوليزا رايس إلى الحضور للإدلاء بشهادتها في قضية اختطاف أبو عمر المصري إمام مسجد ميلانو. وأصرّ محامي بولاري المتهم الأول في عملية الاختطاف على المطالبة بشهادة رايس استنادا إلى معلومات كان قد نشرها الصحافي الأمريكي كارلو بونيني يؤكّد فيها إمضاء وزير الخارجية الأمريكية على قرار اختطاف المصري. وقالت هيئة المحكمة أنّها ستنظر في مطلب المحامي خلال شهر بمجرّد انتهاء فترة المرافعات، وكانت هيئة المحكمة قد عقدت جلسات استماع سرّية إلى تصريحات 30 مسؤولا إيطاليا من بينهم رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني وسابقه رومان برودي. بعد أن استمعت في السياق نفسه إلى شهادات بعض الممثلين للجالية المسلمة في إيطاليا. وصرّح أبو عمر المصري أنّه أصبح من الضروري مثولها أمام المحكمة لتقديم شهادتها.
(المصدر: موقع مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية محجوبة بتونس) بتاريخ26 سبتمبر 2008) الرابط:http://www.kalimatunisie.com/ar/4/10/309
« على الحكومة أن تأخذ الحالات الواردة بالتقرير وتعالجها حالة بحالة » لجنة حماية الصحافيين تصدر تقريرًا جديدًا ينتقد حرية الإعلام في تونس حجّي لـ « إيلاف »: « على الحكومة أن تأخذ الحالات الواردة بالتقرير وتعالجها حالة بحالة »
إسماعيل دبارة من تونس: « الظالم المبتسم » عنوان التقرير الجديد الذي صدر منذ يومين بقلم جويل كمبانا منسق برامج ومسؤول عن قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحافيين الأميركية. وأعدّ كامبانا تقريره إثر زيارته التي أداها إلى تونس في يوليو الماضي واستمرّت أسبوعًا كاملاً مع وفد من المنظمة الأميركية للوقوف على حقيقة الأوضاع الصحافية وواقع الحريات الإعلامية في تونس. التقرير الذي ورد مطولاً استهل بالكلمات التالية: « تونس تريد من الناس أن يصدّقوا أنها دولة تقدمية تحمي حقوق الإنسان. ولكنها في الواقع دولة بوليسية تعمل بحزم على إسكات أي أحد يتحدى الرئيس ». واستهلّ كمبانا تقريره الذي من المتوقّع أن تكون له أصداء عدة في تونس، بما تعرّض له الصحافي سليم بوخذير مراسل العربية نت وجريدة ‘المصريون’ من مضايقات أدت به إلى السجن ، على خلفيّة تعرّضه للرئيس التونسي والمقربين منه بالنقد وتتطرقه إلى مظاهر الفساد التي تنخر مؤسسات الحكم. ودان كمبانا ما اسماه بالمحاكمة الصورية التي تعرض لها بوخذير، واتهامه بالعمالة لدولة أجنبية وما تعرّض له من تعذيب في مخافر البوليس، معتبرًا أن الهدف من سجن بوخذير هو إرهابه وإرهاب كل العاملين في القطاع الإعلامي. وحاول كمبانا من خلال تقريره إبراز المفارقة القائمة بين الصورة التي يحاول النظام ترويجها عن تونس من أنها بلد الشواطئ الجميلة والمواقع السياحية المتميزة وبين حقيقة ما يجري بداخلها وهي أنها دولة بوليسية على حدجّ تعبيره و كتب قائلا : » تشتهر تونس عالميًا بشواطئها الجميلة ومواقعها السياحية، ولكنها تعمل بهدوء كدولة بوليسية في الداخل. ولا توجه الصحافة المطبوعة أية انتقادات للرئيس، وهي مصابة بالشلل جراء الرقابة الذاتية. أما الأصوات القليلة التي تظهر على شبكة الإنترنت والمنشورات الأجنبية والصحف الأسبوعية محدودة الانتشار التابعة للمعارضة، فعادة ما تتعرض للمضايقات والتهميش من قبل السلطات التونسية. » أما صحف المعارضة فهي عادة ما تتعرض للمضايقة والمنع والحجز وهو حال صحفيتي « الموقف » و »مواطنون »، وهي في ذلك مثلها مثل المواقع الالكترونية التي تتعرض لحجب ممنهج، مثل المواقع التابعة لجماعات حقوق الإنسان الدولية، وموقع تقاسم أفلام الفيديو الشهير « يوتيوب ». وتطرّق كامبانا إلى قضية صحيفة « الموقف » وما تعرضت له من محاصرة و كتب : » دخل المحرر الدمث لصحيفة « الموقف »، رشيد خشانة، في معركة متواصلة من أجل نشر صحيفته الأسبوعية منذ عودتها إلى أكشاك بيع الصحف في عام 2001 بعد توقفها عن الصدور لمدة سبعة أعوام. ويملأ رشيد خشانة بمساعدة خمس موظفين صفحات جريدته بمواضيع صحافية لا تنشرها الصحف الأخرى ? تقارير حول جماعات حقوق الإنسان تنتقد سجل الحكومة، ومقالات حول صفقات مشبوهة لبيع الأراضي من قبل المسؤولين الحكوميين، وقصص عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية. وقد حقق كل ذلك على الرغم من شح الموارد المالية للصحيفة. وعلى العكس من معظم صحف المعارضة، لا تتلقى صحيفة « الموقف » أي تمويل حكومي (بموجب القانون، كما أن المعلنين يتجنبون الإعلان في الصحيفة ما عدا استثناءات قليلة. ونتيجة لذلك، حافظت الصحيفة على بقائها من ريع بيع أعدادها، ولا يتمكن محررها رشيد خشانة من تلقي أجر عن عمله ». واستعرض مبعوث لجنة حماية الصحافيين سلسلة القيود المفروضة على التغطية الصحفية، بما في « ذلك الحظر الصريح على الإساءة للرئيس، وتكدير النظام العام، ونشر ما تعتبره الحكومة « أخبارًا كاذبة ». وأضاف أن السلطات تسيطر على توزيع التمويل الحكومي والإعلانات من القطاع العام، وبالتالي فإنها تتمتع بسلاح اقتصادي في هذا الصدد ». وأعطى فكرة عن جملة المضايقات التي يتعرض لها الصحافيون في تونس من « قطع خطوطهم الهاتفية، وتهديدهم من مصادر مجهولة، وخضوعهم لمراقبة الشرطة، وحرمانهم من السفر خارج البلاد، حتى أن حريتهم بالتحرك داخل البلاد مقيدة ». أما الذين « يتجاوزون الخطوط التي تسمح بها السلطات في توجيه النقد، فيتعرضون لإجراءات أقسى، مثل السجن والاعتداءات العنيفة ». وذكر كامبانا عددًا من الصحافيين التونسيين و الشخصيات المساهمة في توسيع هامش حرية التعبير في البلاد، خصوصًا ممن تعرّضوا للمضايقة و الانتهاكات المختلفة على غرار المثل الكوميدي الهادي أولاد باب الله الذي سجن بسبب تقليده للرئيس بن علي والمحامي والمدوّن محمد عبو الذي اعتقل وسُجن بسبب مقال له على الانترنت والصحافي لطفي حجي مراسل قناة الجزيرة القطرية الممنوعة أصلاً في تونس. وجاء في نصّ التقرير: « واليوم، نجد العديد من الصحافيين التونسيين الماهرين يندبون الحالة المؤسفة التي وصلت إليه مهنتهم، ويشيرون إلى الفجوة بين الوضع في بلدهم وبين البلدان المجاورة مثل الجزائر والمغرب، حيث ترسخت صحافة جريئة على الرغم من القمع الحكومي الشديد. وفي العديد من الحالات التي وثقتها لجنة حماية الصحافيين، عمد صحافيون تونسيون بارزون إلى مغادرة البلاد من أجل البحث عن عمل مع مؤسسات إخبارية دولية ». وحريّ بالإشارة إلى أنّ لجنة الدفاع عن الصحافيين أرفقت نشر التقرير مع جملة من التوصيات وجهتها إلى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية طالبت فيها بـ »إثارة الشواغل المتعلقة بالمضايقات والتهديدات والرقابة المفروضة على الصحافيين المستقلين، في المحادثات مع كبار المسؤولين الحكوميين التونسيين، وذلك في المحادثات الخاصة والتصريحات العلنية ». و »إيضاح أن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وتونس تتوقف على احترام الحكومة لحرية الصحافة. واقتراح خطوات محددة بوضوح من أجل تحسين أوضاع الصحافة في البلاد ». وفي تعليق له على صدور التقرير قال الصحافي لطفي حجي مراسل قناة الجزيرة بتونس لإيلاف: » لقد سبق للعديد من المنتظمات الوطنية التونسية أن نبهت إلى خطورة واقع الإعلام وحرية التعبير غير أن الحكومة لا تنصت إلى مثل تلك الدعوات ولا تريد إحداث التغيير الضروري في هذا القطاع عبر مداخله المعلومة لدى الجميع. واذكر هنا بتقارير صدرت بدءًا من سنة 2000 و ما تلاها عن لجنة الحريات الصحافية بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و كنت احد أعضائها ثم بعد ذلك عن نقابة الصحافيين التونسيين التي أسسها جمع من الزملاء المستقلين سنة 2004 وأصدرت تقارير وبيانات تبرز تراجع الواقع الإعلامي بالبلاد وكذلك الضغوطات التي يتعرض لها الصحافيون. وعلاوة عن تلك التقارير فقد نبهت منذ عقد التسعينات العديد من وسائل الإعلام و الهيئات والشخصيات المختصة إلى ضرورة إصلاح القطاع الإعلامي كمدخل أساسي لحياة سياسية تعددية غير أنها لم تجد الأذان الصاغية من الحكومة. ويتابع حجيّ الذي أورد التقرير المذكور فقرة كاملة للتعرّض إلى المضايقات التي استهدفته : »أردت بذلك القول إن المنظمات الوطنية سبقت المنظمات الدولية في تشريح واقع القطاع الإعلامي و من ثمة لا عذر للحكومة و أجهزتها الدعائية التذرع بان المنظمات الدولية تتدخل قي الشأن الداخلي التونسي أو أنها تتعامل مع أطراف عرفت بنقدها للحكومة إلى غير ذلك من الجمل الجاهزة التي تعودنا على سماعها. إن العبرة ليست في من أورد التقرير أو في محاكمة النوايا بل العبرة في مدى صحة الوقائع الواردة . والحكومة تعودت أن ترسل من يكذب تلك الوقائع حتى وإن كانت بالصورة، وهو أسلوب يبرز عدم الرغبة في الإصلاح باعتبار أن قطاع الإعلام قطاع حساس وعبره تتحكم الحكومة وحدها في صناعة الرأي العام. ويختم بالقول: » أقول إن الأولى بالسبة للحكومة- بدل الردود التي عودتنا عليها- هي أن تأخذ الحالات الواردة بالتقرير المذكور وتعالجها حالة بحالة و هو الأسلم و الذي أراه مدخلاً للتعبير عن حسن النية في الإصلاح. أما التمسك بالمنهج القديم في التعامل مع النقد فهو الذي جعل تونس في مرتبة متأخرة إعلاميًا في التصنيف العالمي ». للإطلاع على تقرير لجنة حماية الصحافيين كاملاً اضغط هنا :
http://www.cpj.org/smiling/arindex.html (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 26 سبتمبر 2008)
المبيتات الجامعية في تونس تحاصر الطالبات المحجبات
خميس بن بريّك-تونس أدانت منظمات حقوقية تونسية رفض بعض المبيتات الجامعية السماح لفتيات بالتسجيل فيها بسبب ارتدائهن الحجاب، ممّا دفع بعضهن إلى البحث عن سكن خاص رغم ما في ذلك من إرهاق لميزانية الأسرة التونسية التي تعيش ظروفا صعبة بسبب غلاء المعيشة. نماذج واشترطت مديرة إحدى المبيتات في الحي الأولمبي بوسط العاصمة على المحجبات نزع الخمار والالتزام بعدم ارتدائه داخل المبيت للسماح لهنّ بالإقامة. وقد أكدت ذلك مسؤولة إدارية بالمبيت ذاته، رفضت نشر اسمها، مشيرة إلى أنّ الحملة على الحجاب عادة ما تنطلق بداية كل سنة دراسية. وقالت طالبة رفضت الكشف عن اسمها للجزيرة نت ‘لقد واجهت ضغوطا لنزع الخمار والتزمت بعدم وضعه داخل المبيت حتى أحافظ على السكن الجامعي’. ضغوط مادية وفي الوقت الذي رضخت فيه بعض الطالبات لشروط إدارة المبيت، تحت عبء الضغوط المالية المتزايدة، رفضت أخريات التخلي عن حجابهن، وفضلن استئجار منازل خاصة برفقة زميلات لهن. وتقول لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس إن عشرات الطالبات ممن رفضن نزع حجابهن داخل المبيتات يواجهن مصاريف باهظة بالنظر إلى ارتفاع أسعار السكن. وأدانت الهيئة الطلابية، التي ترصد أوضاع المحجبات اتخاذ هذا الإجراء في وقت تشهد فيه البلاد موجة غلاء كبيرة وارتفاعا في نسبة التضخم. ويتراوح سعر إيجار منزل غير مؤثث في العاصمة بين 200 و365 دولارا في الشهر، في حين لا تتعدى تكلفة الإيجار لدى المبيت الجامعي 100 دولار في السنة. انتقادات واسعة كما استنكرت الهيئة المذكورة رفض مدير معهد الدراسات التكنولوجية بمحافظة سيدي بوزيد، محمد الصغير الزعفوري السماح للمحجبات باجتياز باب المعهد. وقالت إنّ عدد المحجبات اللاّتي منعن هناك من الترسيم الجامعي بلغ عشرين طالبة، معتبرة ذلك تجاوزا خطيرا للسلطة واعتداءً على حق التعليم. وقالت منظمة ‘حرية وإنصاف’ إن إحدى المدارس الإعدادية بمحافظة نابل (60 كلم جنوب تونس) تمنع بعض الفتيات المحجبات من التسجيل فيها. وأكد رئيس المنظمة محمد النوري للجزيرة نت أنّ منع المحجبات من التسجيل سواء في المبيتات أو الجامعات أو المدارس يخالف القانون. وتساءل عما إذا كان منع المحجبات من التسجيل سياسة ممنهجة أم تجاوزات فردية، وطالب بوضع حد للاعتداء على الحرية الشخصية في اختيار اللّباس. مناشير مخالفة وفي الآونة الأخيرة انتشرت مناشير وزارية تمنع ارتداء ما يوصف باللّباس الطائفي (الحجاب) وكذلك الملابس الخليعة. يذكر أن المحكمة الإدارية قد قضت منذ عامين بعدم دستورية المناشير التي تمنع ارتداء الحجاب، ناقضة بذلك المنشور الوزاري 108 الصادر سنة 1981. كما فازت مدرّسة بدعوى قضائية في ديسمبر/كانون الأول 2006 بعد إيقافها عن العمل بسبب رفضها نزع حجابها أثناء التدريس. ولم يخف المحلل السياسي برهان بسيّس وجود تجاوزات من قبل بعض المشرفين على تطبيق التعليمات الإدارية، مؤكدا أن القضاء التونسي بالمرصاد لكل هذه الخروقات. وأعاب على بعض الأوساط محاولة تشويه صورة البلاد من خلال حملات مغالطة، مشيرا إلى أنّ المجتمع يعجّ بالمحجبات اللاتي يتمتعن بجميع حقوق المرأة التونسية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 سبتمبر 2008)
الإفراج المؤقت عن تونسي متهم بنشر اخبار كاذبة على قناة الجزيرة
تونس (ا ف ب) – افاد مصدر قضائي ان محكمة الاستئناف في تونس افرجت الخميس عن ناشط تونسي في مجال حقوق الانسان اعتقل وتجري ملاحقته بتهمة نشر اخبار كاذبة عبر قناة الجزيرة القطرية. واوضح المصدر ان ‘الافراج الموقت عن المتهم لن يعرقل السير الطبيعي للتحقيق الجاري’ في اشارة الى قرار غرفة الاتهام لدى محكمة الاستئناف في تونس. واتهم طارق سوسي (48 سنة) ‘بنشر اخبار كاذبة من شانها ان تعكر النظام العام’ لانه ندد باعتقالات غير شرعية في بنزرت (شمال) في بيان ارسله الى قناة الجزيرة الفضائية القطرية. واعتقل في 27 اب/اغسطس واحيل في الثالث من سبتمبر/ايلول امام قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية في بنزرت (60 كلم شمال تونس) قبل الطعن في ابقائه قيد الاعتقال من قبل قاضي التحقيق. وقالت السلطات القضائية ان الناشط ‘زعم ان +الشرطة خطفت+ بعض الاشخاص في حين كانوا قيد الاعتقال على ذمة التحقيق في اطار تحقيق حول جرائم نيل من اشخاص وممتلكات’. ويعاقب القانون التونسي ‘نشر اخبار كاذبة’ بالسجن ثلاث سنوات. ودانت منظمات غير حكومية محلية واجنبية اعتقال طارق سوسي العضو في الجمعية الدولية للدفاع عن المعتقلين السياسيين (غير قانونية موالية للإسلاميين). واعتبرت منظمة الدفاع عن حرية الصحافة ‘مراسلون بلا حدود’ انه من ‘العبث’ ملاحقة ذلك الناشط معتبرة ان ملاحقته تهدف الى ‘ردع من تسول له نفسه التعاون مع الصحافة الاجنبية’. ودانت المنظمة ظروف توقيف سوسي ‘بدون مذكرة توقيف’ في منزله من قبل شرطيين يرتدون الزي المدني على حد قولها. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 26 سبتمبر 2008)
الوكالة التونسية للأنترنات تغتال حرية المواطنين التونسيين في بلد قمة مؤتمر المعلومات *التضييق على الابحار واستباحة الصناديق*
مراد رقية لقد تساءلت في مقال سابق يحمل عنوان »الوكالة التونسية للأنترنات والأربعماية وأربعماية باشي »الدور السلبي وغير المبرر الذي تلعبه هذه الوكالة التي يدفع المواطن التونسي أجور موظفيها ومهندسيها المبدعين تضييقا من جيبه من خلال تنصيب نفسها وصيّة لم يكلفها أحد سوى « أولي الأمر » من خلال قطع الصلة المباشرة بين الشبكة العالمية ومزودي الأنترنيت التونسيين حماية لنا من تداعيات العولمة؟؟؟ وطالما أننا ندفع لمزودي الأنترنيت،وكذلك لشركة اتصالات تونس الرافعة لشعار »كلّنا على فرد كلمة » دون أن تبين لنا هل نكون على فرد كلمة في الاتجاه القويم أو في الاتجاه الخاطىء المقابل النقدي اللازم فان الوكالة تتولى دون أن ندفع لها مراقبة حركة الابحار بطلب من وزارة تكنولوجيات الاتصال،وخاصة من وزارة الداخلية والتنمية المحلية.وطالما أن وزارة الداخلية أصبحت تتولى أيضا ملف التنمية المحلية،فهل أن مراقبة حركة الابحار وحجب المواقع تدخل في تكريس التنمية المحليةو التنمية المستديمةأو المستدامة خصوصا بعد احتضان بلادنا لمؤتمر قمة المعلومات التي يبدو بأن الوكالة التونسية للأنترنات لم تأخذ بها علما،ولم تلتزم بشيء مما ورد في لوائحها ومقرراتها؟؟؟ ولعل آخر تقليعة ابتكرتها الوكالة التونسية للأنترنات أو »التضييق على الأنترنات » والتي يشرف عليها مهندسون مختصون مقتدرون في مجال الاعلامية،ومن الأكيد بأنهم متألقون متميزون في كل مجالاتها التي تشمل حجب المواقع والتضييق على الحريات أكثر من تكريس حرية المواطن في الاتصال عبر الشبكة والالتزام بالمواثيق الدولية المتعلقة بحرية الفكر والتعبير وخاصة الاطلاع،آخر تقليعة اذا هي الدخول الى الصناديق البريدية الألكترونية وافساد محتوياتها وحتى الرموز الخاصة بها مما جعلها وبتأكيد أصحابها تستعصي على الفتح أو حتى ان فتحت فانها لتنقل بعض البيانات غير المفهومةأو حتى الخارجة عن المقبول والمعقول؟؟؟ فكيف يقبل هؤلاء المهندسون الذين يفترض فيهم حصولهم على شهادات عليا ودرجات امتياز في مجالات اختصاصهم المختلفة أن يتعاطوا مثل هذه الممارسات التي يعاقب عليها القانون في بلدان أخرى اذ هي بمثابة تدليس أو تحيل على ملك خاص،والاعتداء غير المبرر على محتوياته.فاذا كانت وزارة الداخلية المكلفة بحفظ الأمن والنظام تقبل على ذلك وهي المفترض فيها حماية أمن وأملاك وحرمة المواطن فكيف تقبل وزارة تكنولوجيات الاتصال وهي المشرفة على الوكالة التونسية للتضييق على الأنترنيت أن تضحي بحقوق المواطن التونسي التي يتفنن في اغتيالها اكترونيا ويوميا عبر مراقبة الابحار وخاصة وعبر التقليعة الجديدة أي اقتحام واستباحة الصناديق البريدية الالكترونية والتلاعب بمحتوياتها أو »فيرستها »؟؟؟ المطلوب اذا من وزارة الداخلية والتنمية المحلية الالتزام بمتطلبات التنمية الحقيقية التي من مقوماتها حماية الحرية الشخصية والمحافظة عليها،والمطلوب من الوكالة التونسية للتضييق على الأنترنات توظيف مهنديها في الاتجاه الايجابي وليس السلبي تبديدا وهدرا للحقوق،كما نطالب وزارة العدل وحقوق الانسان التي من بينها حرية الفكر والتعبير والاطلاع ،وكذلك الهيئةالعليا لحقوق الانسان والحريات العامةالتي يشرف عليها المناضل المجتمعي العريق الأستاذ منصر الرويسي أن تهتم بهذا الملف الهام وذي الأولوية القصوى لالقائه الكثير من الشك والظلال على مصداقية الشعارات المرفوعة والمرتبطة بمدى التزام السلطات التونسية بتركيز أكيد وحثيث لدولة القانون والمؤسسات،فأين انجازات الوكالة التونسية للتضييق على الأنترنيت من تأكيد مصداقية هذه الشعارات وهي التي تطلق حواسيبها وبرمجياتها الفائقة التطور والأداء المدفوع التكلفة من جيوب دافعي الضرائب،مكلفة مهندسيها المتميزين عطاء وابداعا في التضييق على حرية الابحار،والتطاول دون وجه حق ودون محاسبة تذكر على الصناديق البريدية الالكترونية. ولعل ذلك يدخل في اطار مشاركة المبحرين التونسيين أفراحهم وأتراحهم وحتى فوزهم في بعض أنواع اليانصيب،فاذا كان هناك مجال للفوز لتأكد كثرة النصابين والمفترين على الشبكة فتحن نعد ونلتزم لمهندسي الوكالة الذين يتعبون في متابعتنا ويوفرون لنا الرعاية والعناية من خلال الوسائل التقنية المختلفة بأننا سوف نخصهم بنصيبهم أو بجانب من قلب الحلوى لو تحققت المعجزة المطلوبة ،ونؤكد لكم وبكل أخوية منذ الآن بأنها لن تتحقق البتة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ندوة ‘دور الإعلام في ترسيخ التعددية’
تغطية صحفية: نور الدين المباركي تونس/الوطن احتضن المقر المركزي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي مساء الخميس 18 سبتمبر ندوة ‘دور الإعلام في ترسيخ التعددية’ نظمتها جامعة الأساتذة الجامعيين وأشرف عليها الأمين العام للحزب أحمد الاينوبلي. حضر الندوة عدد هام من الإعلاميين ومن نشطاء المجتمع المدني والسياسي خاصة السيد إسماعيل بولحية الأمين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين ووفد يمثل المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية. ومثلت الندوة فرصة لتشريح الواقع الإعلامي في تونس والمعوقات التي تجعله غير قادر على التقدم… وتميزت كافة المداخلات بالمسؤولية والجدية. وفيما يلي وقائع الندوة ** العربي مقايدي (كاتب عام جامعة الأساتذة الجامعيين) بداية أرحب بالإخوة الحضور وأرفع للجميع باسم جامعة الأساتذة الجامعيين للاتحاد الديمقراطي الوحدوي تحية تقدير على حضوركم ومشاركتكم في هذه الندوة كما أتوجه بالشكر والإكبار للأستاذ عبد الكريم الحيزاوي الأستاذ الجامعي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار والأستاذ ناجي البغوري رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين على تلبيتهما دعوتنا للمساهمة في هذه الندوة الفكرية والعلمية والتي أردناها أن تكون فاتحة السنة السياسية للحزب وذات صلة بأهم موضوعات الساعة وأجدرها بالاهتمام نظرا للدور الهام للإعلام في حياتنا اليومية بمختلف أبعادها الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية فالاختلاف والتعدد صار ضرورة موضوعية من أجل التطور والتقدم من خلال جدلية الرأي والرأي الآخر في كل المجالات إذ أن الإعلام وحضوره في حياة الشعوب صار له التأثير الرئيس وهو المحرك والمساعد على إبراز هذا التعدد وتأطيره وهو بالتالي قادر على قيادة الرأي العام وترسيخ قيم الاختلاف والتعددية والديمقراطية في المجتمعات من خلال المكاشفة الموضوعية وطرح مختلف التصورات والآراء والأطروحات أمام الرأي العام ولئن كان للأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والمدارس الفكرية والمنابر الثقافية دور بارز في ترسيخ هذه القيم وتجذير التعددية إلا أن هذا الدور يبقى في رأينا محدودا وقاصرا إذ لم يكن عماده إعلاما يتسم بالشفافية والموضوعية والحرفية قادرا على أن يكون وعاء لمختلف الرؤى. فأي دور للإعلام في ترسيخ التعددية في تونس الحديثة؟ هذا ما أردنا من هذه الندوة أن تجيب عليه. وإذ أجدد لكم التحية وأكبر حضوركم ومساهمتكم فاني أؤكد على أمر هام مفاده أن نتائج هذه الندوة لن تكون حكرا على الجامعيين الوحدويين ولا على مناضلي الحزب وإنّما سنعمل على أن تكون في متناول الجميع إعلاميين وطلبة ورأي عام. وبذلك تعم الفائدة. ودون إطالة على مسامعكم أجدد الترحاب بكم جميعا ونتمنى أن تكون لنا معكم نحن جامعة الجامعيين الوحدويين لقاءاتٌ متجددة من خلال ندوات علمية وفكرية تثريها خيرة نخبتنا بتحصيلها العلمي والأكاديمي والسياسي. وأحيل الكلمة للأخ الأمين العام الأستاذ أحمد الاينوبلي ونشكره على تفضله بالإشراف على هذه الندوة الافتتاحية لنشاطنا. ** أحمد الاينوبلي (الامين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي) أرحب بكافة الضيوف الذين لبوا الدعوة وأخص بالذكر الأخ اسماعيل بولحية الأمين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والأستاذين المحاضرين عبد الكريم الحيزاوي وناجي البغوري رئيس النقابة الوطنية للصحافيين. وأيضا أعضاء المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية والصديق أبو بكر الصغير مدير مجلة الملاحظ الذي لبى الدعوة مشكورا. هذه الندوة تندرج في إطار نشاط الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وتنظيمه لسلسلة من الندوات التي تهم الشأن العام للبلاد، وأردنا أن يكون موضوعها دور الإعلام في ترسيخ التعددية لما يحتله موضوع الإعلام من أهمية وحيوية خاصة في ظل التحولات العالمية. آمل أن يكون النقاش مفتوحا وأن يتم التعرض إلى كافة الإشكالات بكل حرية… وأنا واثق من ذلك… وأحيل الكلمة إلى الأستاذ الحيزاوي. ** عبد الكريم الحيزاوي (أستاذ جامعي بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار) أشكر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي على دعوته إيّاي للنقاش حول موضوع ‘دور الإعلامي في ترسيخ التعددية’، وهو موضوع سبق أن تطرقنا إليه في مناسبات سابقة، وفي كلّ مرة نأمل أن يطرح في عناصر مختلفة أي أن يكون هناك جديد في هذا الموضوع، لكن ذلك لم يحصل لذلك أخشى أن اكرر ما قلته في ندوات ومناسبات سابقة. ولتلافي التكرار، سأحاول أن أتعرض إلى ما هو جديد في مستوى القطاع السمعي البصري. كما تعلمون جميعا في شهر سبتمبر 2007 تم الإعلان عن الفصل الهيكلي داخل مؤسسة الإذاعة والتلفزة وتقسيمها إلى مؤسسات مستقلة (مؤسسة التلفزة التونسية ومؤسسة الإذاعة التونسية). والسؤال الذي يطرح، هل هذا الفصل يتقدم بنا نحو وضع أكثر استقلالية… وأكثر تعددية؟ في هذا الصدد سأطرح بعض الأفكار، لكن قبل ذلك لا بد من التذكير بأن الإعلام هو من الشروط الأساسية في أي عملية تنموية، وأن تعددية الإعلام لا تقل أهمية عن حرية الإعلام، وهناك ارتباط وثيق بين التعددية الإعلامية والتعددية السياسية. لقد أوردت منظمة اليونسكو تعريفا بالإعلام التعددي (بالمناسبة لا نرى أي مبرر لغلق مكتب هذه المنظمة في تونس والحال أنها نظمت عدة ندوات مهمة). تعرف منظمة اليونسكو الإعلام التعددي بأنه يعني القضاء على الاحتكار بجميع أنواعه. وتوفير أكثر عدد من المجلات والدوريات التي تعكس وجهات نظر مختلف شرائح المجتمع. ومن جهة أخرى فإنه في عديد الدول هناك تنصيص في الدستور على الإعلام السمعي البصري وهذا ما يشير ويؤكد على أهمية القطاع السمعي البصري. في تونس ثمة عدة مؤسسات أساسية لم تدرج في الدستور إلا لاحقا من ذلك الأحزاب السياسية (1997) والمجلس الدستوري (1995)… الخ والمؤسسات الإعلامية هي من المؤسسات الهامة ولها تأثيرها ولا تقل أهمية عن بقية المؤسسات، لماذا إذا لا نفكر في وضع ضمانات للإعلام السمعي البصري على مستوى الدستور؟ ! إن قانون جوان 2007 الذي انتظرناه طويلا جاء بنسق بطيء… وسبقته عدة خطوات سنة 1990 بعث مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية وسنة 1997 الفصل بين التلفزة والإنتاج وسنة 2007 الفصل بين الإذاعة والتلفزة والعودة إلى الإنتاج… هذا كله يشير إلى أن هناك ضبابية وتذبذبا في الرؤية… كيف ننظم القطاع العمومي وما هي وظائف القطاع العمومي في المجال السمعي الأمر الذي يحتاج إلى قانون توجيهي؟ قبل الحديث عن قانون 2007 أريد أن أقدم أنموذجين من بلدين عربيين قاما بإصلاح للقطاع السمعي البصري لتلبية حاجة المواطن. وأقدم الأنموذجين من بلدين عربيين عن قصد. أولا: لبنان معروف أنه سباق في مستوى التجربة الإعلامية وأيضا في مستوى التشريع فقد تم سنة 1994 إقرار قانون يلزم القنوات المرخص لها باحترام الشخصيات الفردية والالتزام بموضوعية بث الأخبار (تعددية الآراء). ثانيا: المغرب أقر سنة 2005 قانونا يفرض على المؤسسات الإعلامية الالتزام بكراس شروط يتضمن الالتزام بالتقيد بتعددية الآراء وبث الخطب والتدخلات في المجالس النيابية بمعنى أنها تلزم الإعلام العمومي (السمعي البصري) باحترام التعددية. نعود إلى قانون جوان 2007 في تونس لنبحث في الوظائف والمهام التي وضعها هذا القانون للقطاع السمعي البصري. القانون يعتبر أن هذه المؤسسات تقدم بالمرفق العمومي وتساهم في الإعلام والتثقيف وإثراء القوانين… لكن هناك بعض المسائل تعتبر مفقودة في هذا القانون: القانون لم يضع أية ضوابط لتغطية أراء ووجهات نظر مختلف مؤسسات المجتمع. في مستوى الهيكل، يلاحظ أن قانون 2007 قام بحذف مجلس الاستشاريين الذي يساعد رئيس المؤسسة (الذي تمّ إقراره في قانون 1997). في الهيكلة الجديدة لا وجود لأي هيكل استشاري الموجود هو مجلس إدارة فيه أطراف وأعضاء يمثلون عدة وزارات. أي خط للتعددية على مستوى الإعلام السمعي البصري؟ صحيح أن بعض الملفات التلفزية تتم دعوة بعض الأطراف لها، لكن ما يجب الانتباه إليه هو أن المعايير الدولية الحالية تعتبر أن الإعلام السمعي البصري مستقل وان تسييره يكون حسب ضوابط معينة. القانون (جوان 2007) لا يعطي للمجلس الأعلى للاتصال أي تأثير… هو مجرد هيكل وأقول في الختام أن الإعلام السمعي البصري (الذي يعتمد على الذبذبات) هو ملك عمومي، واستعمال الثروة العمومية لا يجب أن تكون لأغراض خاصة أي حسب النظرة القديمة التي ترتكز على أن الإعلام ‘في خدمة الدولة وبالتالي الحكومة وبالتالية الحزب الحاكم’. نحن في حاجة إلى قطاع سمعي بصري أكثر تعددية واستقلالية وخاصة في هذا الظرف الذي يتميز بالمنافسة. ** ناجي البغوري (رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين) إن أهم ما طبع عصرنا وتحديدا الحقبة الممتدة من نهاية القرن الماضي إلى بداية القرن الحالي هو الثورة الإعلامية التي غيرت عديد المفاهيم السياسية والثقافية والاجتماعية. فعلى الصعيد العالمي برز الإعلام كسلاح فعال في توجيه العلاقات الدولية وتحديدها. أما على المستوى المحلي فإنه لا يمكن الحديث عن مبادئ المشاركة والديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد في غياب حرية الإعلام. ويذهب البعض إلى أنه لا قيمة للسلطتين التشريعية والقضائية في إحداث التوازن مع السلطة التنفيذية في غياب السلطة الرابعة التي تحولت إلى ‘السلطة التي تحد من السلطة’ على حد تعبير منتسكيو. بل إن مسألة تعددية وسائل الإعلام وحرية الصحافة تحولت تدريجيا، ولكن بشكل حاسم إلى شرط أساسي لإرساء أي تجربة ديمقراطية. وليست حرية الصحافة من أمور الترف التي يمكن أن تنتظر حلول أيام الرخاء بل العكس هو الصحيح إنها جزء أساسي من مسيرة الجهود التي من شأنها أن تؤدي إلى أيام الرخاء. لأنه بفضل الصحافة يمكن لأفراد المجتمع التعبير عن آرائهم والمشاركة الفعلية في إيجاد الحلول لمشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. إن دور الصحافة أساسي وحيوي في ترسيخ أي بناء ديمقراطي، وذلك من خلال توفير الفضاءات الإعلامية التي تضمن ممارسة الاختلاف والجدل وتطوير حرية الفكر والعقل النقدي، وإثراء التعددية الفكرية والسياسية. كما أن من أهم أدوار الصحافة، توفير فضاءات ذات مصداقية لممارسة الاختلاف ومقارعة الحجة بالحجة وإثراء النقاش والحوار الفكري والسياسي العقلاني، وتطوير حرية الفكر. لذلك لا يمكن تصور مجتمع ديمقراطي دون وسائل إعلام وصحافة متطورة وتعددية قادرة على أن تعكس مختلف الآراء والمواقف وتبلغ للرأي العام مختلف الأخبار حول القضايا التي تهمه في إطار من الموضوعية واحترام أخلاقيات المهنة وميثاق شرفها. وطنيا هل استطاعت ثورة المعلومات والدخول في عصر الأقمار الصناعية والفضائيات والانترنيت إحداث قطيعة مع إرث الهيمنة والاحتكار المفروضين من الدولة على الإعلام. هل استطاع إعلامنا أن يعكس ما يعتمل في مجتمعنا من تنوع سياسي واجتماعي وثقافي؟ هل استطاع هذا الإعلام أن ينتقل من التعدد على مستوى العناوين إلى تعددية حقيقية تستوعب كل الآراء والتوجهات التي يزخر بها مجتمعنا. من جهة أخرى يبقى التساؤل مشروعا عن دور الإعلام في بلادنا وإذا ما كان ينبغي عليه أظهار الحقيقة كما هي مهما كانت قاسية أم يعمل على تزييفها وإخفائها بدعوى مراعاة الظروف الأمنية والسياسية وعدم إثارة الرأي العام وتهييجه. ماهي الحدود الموضوعية التي ينبغي على الإعلام أن يقف عندها ولا يتجاوزها وهل هناك حدود موضوعية بالأساس لتدخل الإعلام. وماهو موقف الإعلام الحر في التعامل مع المصلحة الوطنية. وهل تتنافى المصلحة الوطنية مع حق المواطنين في إعلام حر تعددي وشفاف؟ رسميا عبر رئيس الدولة في أكثر من مناسبة عن مواقف داعمة لحرية الصحافة والإعلام حيث أكد على سبيل المثال في خطابه يوم 7 نوفمبر 2007، أن بناء المجتمع الديمقراطي التعددي ‘قوامه حرية الرأي واحترام حق الاختلاف، والتعبير، وثقافة سياسية راقية تحترم علوية القانون ومبادئ الجمهورية’. وقرر زيادة الدعم المالي لأحزاب المعارضة وعلى الرغم من أن القرار يستثني من الدعم المالي حزبي التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي باعتبار أنهما غير ممثلين بأي نائب في البرلمان إلا أن ستة أحزاب معارضة شملها القرار. لكن وبشكل عملي مازال تصرف السلطة تجاه قطاع الإعلام والصحافة يغلب عليه الهاجس الأمني بدل هاجس التفتح والحوار، ومازال البعض داخل السلطة يتمعش من الانزلاقات المعزولة التي تحصل من حين لآخر، من خلال تضخيمها للتخويف من الصحافة والإعلام الذي ينبغي أن يضلا، برأيهم، محروسين بمختلف الوسائل والآليات، وهو ما بدا واضحا من خلال التوتر الذي طبع تعاطي السلطة مع القطاع ومع النقابة. لا يمكن تصور أي تطور للتعددية والديمقراطية في بلادنا، مادامت السلطة تنظر بعين الريبة والحذر إلى حرية الصحافة، تسعى نتيجة ذلك إلى مراقبتها والتحكم فيها وتكبيلها. وهو ما ساهم في تفويت الفرصة على إمكانية الانتقال إلا إعلام تعددي حر ومستقل كما تعرفه المجتمعات الديمقراطية. إن ممارسة حرية الصحافة ليست عملية معزولة عن المناخ السياسي العام وعن سائر الحريات مثل حرية التنظم وحرية التظاهر وحرية الرأي والتعبير بشكل عام، في إطار يحترم التعددية السياسية والثقافية وحق الاختلاف وحق الأقليات في التعبير عن مواقفها من خلال وسائل الإعلام المختلفة. ولذا ينبغي أن تتمتع وسائل الإعلام داخل المجتمع الديمقراطي ليس فقط بالاستقلالية، بل أيضا أن تتصف بالتعددية. نعم تستلزم الديمقراطية الحية استقلال وتعددية وسائل الإعلام، وأن تكون غير خاضعة للسيطرة لا من جانب الحكومة، ولا من جانب التنظيمات السياسية، ولا من جانب القوى الاقتصادية. في ظل ضعف الرأي العام والمعارضة السياسية فإن الصحافة خصوصا المستقلة عليها أن تلعب دورا أساسيا في تحدي الفساد وخلق رأي عام متغير ومؤثر يعزز التعددية السياسية. لكن عادة ما يبرر المتمسكون بتدجين الإعلام مواقفهم بأنه لا وجود لحرية مطلقة للإعلام نعم لا يوجد إعلام حر مطلق، كما لا يوجد إعلام حيادي بالمطلق، الإعلام الأمريكي مثلا لديه درجة كبيرة من الانحياز، ونحن هنا لا بد أن نفرق بين إعلام يحظى بثقة أمته، وبين إعلام لا يحظى بذلك، فالإعلام الغربي مثلا يكذب – كما نرى نحن – ولكن المشكلة أن المجتمعات الغربية تثق بهذا الإعلام لأنه تأسس على هذه الثقة، فالإعلام منتج طبيعي لواقع المجتمع والمجتمعات المتقدمة هي التي تنتج إعلاما متقدما.. بينما يفتقد إعلامنا لثقة الجماهير. ** إسماعيل بولحية (الأمين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين) أولا أشكر حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي على تنظيم هذه الندوة التي تعني بملف هام ودقيق هو ملف الإعلام. وأقول إنه بعد عشرين سنة من التحول لا بد أن نقيم واقعنا وخاصة في ميدان حيوي هو الإعلام نحن أحزاب سياسية تتناغم مع مشروع 7 نوفمبر… وهذا المشروع اعتمد على حرية الصحافة. تونس كان لها دائما صيت في مجال الإعلام والصحافة، قبل الاستقلال وبعده. فهناك وسائل إعلام سمعية بصرية في القطاعين العمومي والخاص وأغلب العناوين المطروحة في الصحافة المكتوبة هي حرة ومستقلة وهناك أيضا صحافة الأحزاب (وهي موضوع آخر ربما نتناقش فيه في مناسبة أخرى رغم أن نشرها وتوزيعها محدود جدا).. صحيح أن قناة تونس 7 ليست في المستوى الذي يعكس ثراء المجتمع التونسي… لذلك أقول إنه بعد أكثر من 20 سنة من التحول هناك عدد من الخيارات لا بد من تقييمها… لأن تونس تحتاج إلى طاقاتها وطاقات نعتقد أنها هامة. المجلس الأعلى للاتصال من الضروري أن ينكب على دراسة كافة القضايا والمسائل التي تهم الشأن الإعلامي ويقدم لرئيس الدولة توصيات لتحديث الإعلام وخاصة الإعلام السمعي البصري.. صحيح أنه هناك مجهود في هذا الصدد لكنه في حاجة إلى خطوات أخرى. أقول هذا لأنه في بلادنا لا وجود لدراسات تعين صاحب القرار على معرفة حقيقة الأوضاع وهذه مسؤولية تتحمل وسائل الإعلام بمختلف أنواعها جانبا منها، لأنه عليها أن تهتم بالمواضيع التي تمس حياة المواطن اليومية وهي مواضيع يجب أن يعرفها الرأي العام. رغم الدعوات الملحة لرئيس الدولة للارتقاء بأداء التلفزة التونسية، فإن عدد من البرامج مازالت محبطة لهذه التوجهات، من ذلك البرمجة الخاصة بشهر رمضان.. في عدة جوانب منها هي بمثابة ‘تضييع للوقت’ (خاصة الفترة قبل الإفطار) وكأن الوقت هو عدو التونسيين. موضوع الإعلام في تونس نتحدث في كل سنة تقريبا ونحاول أن نتجاوز نقائصه… ومع ذلك أقول أن الإعلام مازال دون مستوى ما يطلبه شعبنا هو في حاجة إلى جرعات أقوى ليبلغ هذا المستوى. المسؤولية ليست مسؤولية الصحفيين ولا يمكن إلقاء اللوم عليهم.. من وجهة نظري قضية توجه عام، هي قضية الطريقة التي سنستعملها لتونس بعد أكثر من عشرين سنة من التغيير الذي جاء بمجموعة من القيم صادق عليها المجتمع بكافة فئاته. الشعب التونسي يستحق اليوم إعلاما أفضل بكثير مما هو موجود لأن ذلك من شأنه أن يساهم في تغيير وضعنا… ذكر المحاضر الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي تجربة المغرب، الإعلام في المغرب تطور لأنه يوجد حماس من القاعدة والقمة لتطوير هذا القطاع. وفي تونس نحن قادرون على تقديم مادة إعلامية أفضل خاصة أن القيادة تقف مع الإعلام. ثمة مسألة أخرى لا بد من الوقوف عندها وهي أنه في تونس لا توجد مؤسسات لسبر الآراء للعناوين الصحفية ومدى تأثيرها على المجتمع في اتجاه تطويره.. ** أحمد الاينوبلي (الامين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي) رؤيتنا للإعلام أنه كاشف للشعب طريق الحياة من خلال قراءة الواقع ومحاولة إيجاد حلول لمشكلاته. ** هشام الحاجي (عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية) أولا أريد أن أشير إلى أنه لا إعلام مستقل بدون صحفي مستقلا له مكانة اجتماعية، إذ لا يمكن الحديث عن إعلام يستجيب للمعايير الدولية أو غيرها دون مكانة اجتماعية واعتبارية للصحفي. وأعتقد أن مثل هذه الندوات مهمة لأنها تساهم في التواصل بين الأحزاب السياسية رغم وجود ما يمكن أن أسميه بـ’الإعلام الذي يغذي الخلافات والانقسامات’.. أعتقد أن التواصل بين النخب مسألة هامة ويقدم الإعلام فيها بدور هام.هناك إدارة سياسية لتطوير الإعلام في تونس (بعث النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، توسيع صلاحيات المجلس الأعلى للاتصال – إلغاء الإيداع القانوني…)، كل هذه العناصر تشير إلى أن هناك بالفعل إرادة سياسية لأن يقوم الإعلام بدوره، لكن في المقابل هناك نقاط أخرى تدفع للقول إن ما يحدث هو دون هذه الإرادة. لماذا غابت مؤسسة التلفزة التونسية عن تغطية هذه الندوة؟ هل أن تغطية مثل هذه الندوات التي تنظمها الأحزاب السياسية مسألة تخضع لمزاج بعض المسؤولين. إن مثل هذه الممارسات من شأنها أن تقدم رسائل عكسية غير التي ينتظرها المجتمع. الإعلام الرسمي بمثل هذا الأداء يفقد قدرته التنافسية الاقتصادية والسياسية والاقتصادية من زاوية حصته في الإشهار ومن السياسة من زاوية قدرته على مواكبة ما تقدمه الفضائيات الأخرى. نحن هنا أمام إشكالية كبيرة وهي بعد هذه التحولات العالمية هل مازال من الممكن احتكار الخطاب الإعلامي؟ أعتقد أن هذا الأمر أصبح غير ممكن وغير وارد، خاصة أننا على الصعيد الوطني أمام عدة مناسبات هامة، فنحن في سنة الحوار مع الشباب والبلاد مقدمة على استحقاق انتخابي. ثمة بعض الأفكار التي أريد أن أقدمها في علاقة بتطوير القطاع الإعلامي ليكون أكثر تعددية واستقلالية: المجلس الأعلى للاتصال: يجب البحث في كيفية تحوله إلى سلطة في ميدانه. في علاقة بالتلفزة التونسية لا بد من مجلس برمجة يتكون من خبرات مستقلة قادرة على تقديم الإضافة. الوضع الاجتماعي والمادي للصحفي نقطة هامة يجب البحث في كيفية تحوله إلى سلطة في ميدانه. مسألة مصادر الخبر نقطة هامة تتطلب أيضا متابعتها. ملف الصحافة الإلكترونية مسألة التمويل العمومي لصحف المعارضة نأمل أن تشمل كافة الأحزاب المرخص لها. صحافة الأحزاب صحيح أنها موجودة لكنها من وجهة نظري مطالبة بتطوير خطابها. في علاقة بالترخيص لإصدار الصحف أعتقد أن يكون هناك كراس شروط والاكتفاء بالإعلام. هذه بعض الأفكار أرى من الضروري مزيد النقاش حولها بما يساهم في تطوير الإعلام في بلادنا ليكون تعدديا ومستقلا. ** أبو بكر الصغير (مدير مجلة الملاحظ) في البداية لدي ملاحظتان، الأولى تتعلق بمداخلتي المحاضرين، أعتقد أنه من الصعب توظيف الوضع الإعلامي في تونس بمثل هذه الرمادية وذلك على الأقل لسببين أثنين.. أولا أن هناك إرادة سياسية لتطوير المشهد الإعلامي في تونس وهذا في حد ذاته مكسب هام لا بد من تثمينه. ثانيا: لدينا في تونس تشريعات هامة تحافظ على حرية الإعلام وهي تشريعات ترتقي إلى مستوى الدستور الذي يشير إلى حرية التعبير (وهي عملية إعلامية بالأساس). النقطة الثانية التي أريد أن أشير إليها أنه إذا كانت هناك ثغرات في الأداء الإعلامي عموما فإن ذلك لا يجب أن يحجب نقاطا مضيئة خاصة في مستوى الصحافة المكتوبة. أذكر مثلا صحيفة الوطن (لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) تعرضت إلى عدة ملفات سقف الجرأة كان فيها عاليا (عبدة الشيطان في تونس- التبشير في تونس…) هذا يجعلنا نقول أن هناك أقلاما في المشهد الإعلامي قادرة على رفع سقف الجرأة. يذكر الجميع أنه في السبعينات وفي بداية الثمانينات كان الرقيب بالمرصاد لكل شيء… وجريدة ‘الرأي’ لم يكن من الممكن أن تخرج من المطبعة إلا بعد وصول هاتف من الرقيب !! علينا الاعتراف أن هناك مكاسب… مهما كان حجم هذه المكاسب علينا أن نشتغل عليها.. ولا يجب أن نكون عدميين في تقييمنا. في خصوص التلفزة التونسية حقيقة أتألم لوضعها وأتساءل لماذا لا تقوم قناة تونس 7 برفع سقفها إلى مستوى الإرادة السياسية.. والحال أن قناة حنبعل دفعت فعلا بسقف الجرأة ورفعته. شخصيا حضرت عدة منابر حوار كان سقف النقد فيها عاليا (في مجلس النواب وفي مجلس المستشارين وفي منابر أخرى) أتساءل دائما لماذا لا تنقل التلفزة التونسية هذه النقاشات.
أحمد الاينوبلي(الامين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي) حقيقة لم أنتبه في البداية إلى غياب التلفزة التونسية عن الندوة، وأتساءل عن سبب ذلك خاصة أن موضوع الندوة يهمها. الشعب التونسي يمول التلفزة التونسية من حقه أن يطالبها بنقل مختلف الآراء وأن تكرس التعددية. ** خالد الحداد (صحفي) شكرا للاتحاد الديمقراطي الوحدوي على إقامة هذه الفرصة للنقاش في موضوع الساعة. في البداية أريد أن أشير إلى وضوح الخطاب الرسمي في الدعوة إلى تحرير الإعلام، وإلى الخطوات الملموسة التي قطعت في هذا الاتجاه من خلال عدة إجراءات أعلن عنها. ويجب أن نقر أن هناك إعلاما تعدديا (وجود صحف الأحزاب) وهناك أيضا تعددية سياسية (الأحزاب السياسية)، وأن هناك علاقة جدلية بين المشهد السياسي والمشهد الإعلامي.هذه العلاقة تدفعني للقول إن الإعلامي في حاجة إلى السياسي والسياسي بدوره في حاجة إلى الإعلامي. هذه العلاقة الجديلة بين الإعلامي والسياسي نتساءل ما هي حدودها؟ لماذا تتوتر العلاقة بينهما؟ للسياسي ضوابطه وقوانينه وكذلك الشأن بالنسبة للإعلامي. السياسي يجب أن يخضع للمساءلة وقد يقوم بها الإعلامي من خلال ما يكتبه…. وربما هذا ما يدفع إلى القول إن هناك معوقات مشتركة بين الطرفين تجعل العلاقة بين السياسي والإعلامي في أحيان عديدة تتميز بالتوتر، ومن ضمن هذه المقومات ‘عقلية الحزب الواحد’ لدى بعض السياسيين. بالنسبة إلي أرى أن الإعلامي والسياسي يجب أن يسيرا على سكة واحدة وأن تكون العلاقة بينهما علاقة احترام. ** نوفل الزيادي (حقوقي) تأتي هذه الندوة التي ينظمها الاتحاد الديمقراطي الوحدوي قبل نحو سنة من الاستحقاقات الانتخابية لذلك اعتبر أنها جاءت في وقتها. لقد تابعت مداخلة الأستاذ عبر الكريم الحيزاوي، وأيضا مداخلة ناجي الباغوري رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، وأتساءل لماذا لا تبث مثل هذه الآراء القيمة في التلفزيون التونسي؟ لماذا لا تستدعي التلفزة التونسية مثل هذه الكفاءات الوطنية القادرة على التحليل وتقديم الرؤى؟ لو فعلت التلفزة التونسية ذلك أنا متأكد أن المشاهد التونسي سوف لن يضطر ‘للذهاب إلى القنوات والفضائيات الأخرى. علينا الاقتناع بأن تونس غنية بكفاءاتها وهذه الكفاءات لا بد أن تجد أمامها الطريق لتبدع وتقدم الإضافات… لا أن تبقى مهمشة. الإعلام هو قاطرة التنمية، هذه حقيقة وليقوم بهذا الدور يجب أ، يكون تعدديا يجب أن ينفتح على جميع الآراء ووجهات النظر. إني أتساءل مرة أخرى لماذا غابت التلفزة التونسية عن هذه الندوة؟ هل بمثل هذا الأداء يمكنها أن تقدم الإضافة أو أن تكون في مستوى الدعوات الرسمية للنهوض بقطاع الإعلام؟ لا أعتقد ذلك. في أحيان عديدة نسمع أن مسؤولا في الحكومة أدلى بحوار مطول لإحدى الفضائيات العربية أو الأجنبية وتعرض فيه إلى عدة ملفات وطنية هامة… لماذا الحوارات فقط مع الفضائيات الأجنبية؟ لماذا لا تكون لفائدة التلفزة التونسية. التلفزة التونسية يجب أن تنفتح على الجميع وتكون تعددية في نقلها لأراء مختلف فئات المجتمع. أعتقد أن الإعلام يجب أن يهتم بالقضايا التي تمس المواطن… يهتم بقضايا التشغيل والبطالة، بقضايا التفاوت الجهوي… لأن من شأن ذلك أن يجعل منه إعلاما تعدديا يعكس شواغل المجتمع. لقد عرفت البلاد خلال المدة الأخيرة عدة ملفات اجتماعية لم يواكبها الإعلام بما فيه الكفاية من ذلك مثلا ملف الحوض المنجمي وما شهده من أحداث يعرفها الجميع… لكنه في المقابل واكب بأدق التفاصيل عدة ملفات رياضية.. نحن لا نريد أن تكون الديمقراطية في الرياضة فقط، نريدها أن تشمل كافة المجالات. المسألة الأخرى التي أريد التحدث فيها هي مسألة الفرق بين النقد والتعدية، صحيح في تونس هناك أكثر من 250 عنوان صحفي لكن المضامين تكاد تكون متقاربة… يجب أن تكون التعددية واقعا ملموسا نعيشه في وسائل إعلامنا وهذا يتطلب أيضا الاهتمام بالأوضاع الاجتماعية للإعلاميين ليقوموا بدورهم كاملا. ** سفيان الأسود (صحفي) ‘دور الإعلام في ترسيخ التعددية’ أعتقد أن هذا الموضوع فيه الكثير من المقاربات التي تتطلب الوقوف عندها. أعتقد أن ترسيخ التعددية هو دور تقدم به الأحزاب السياسية، فإذا كانت هناك حياة سياسية ثرية فبالضرورة هناك إعلام ثري. فيما يتعلق بالصحافة المكتوبة أعتقد أن هناك متابعة لنشاط الأحزاب السياسية وتشمل أيضا متابعة الخلافات داخل هذه الأحزاب. لأن هذه المتابعة هي جزء من المتابعة الإخبارية. وفي المقابل فإن الأحزاب السياسية لا تتابع الأوضاع الاجتماعية، بل تكاد تكون شبه غائبة عن الملفات الاجتماعية الكبرى… من ذلك ملف أزمة الحوض المنجمي، لقد اكتفت أغلب الأحزاب السياسية بنشر بيانات (أعتبرها شخصيا دون المستوى وبائسة) وقمنا كإعلاميين بمتابعة هذه البيانات ونشرها. إن ترسيخ التعددية هي أيضا مسؤولية من مسؤوليات الأحزاب السياسية يقوم الإعلام بدوره. ** أحمد الاينوبلي (الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي) تطور الإعلام هو مسألة وطنية بالأساس. ولكل حزب مرجعيته التي يتحرك على أساسها. نحن في الاتحاد الديمقراطي الوحدوي تابعنا أزمة الحوض المنجمي وقدمنا المقترحات ويمكن الرجوع في هذا الصدد إلى صحيفة ‘الوطن لسان حال الحزب… نحن لم نكتف ببيانات دون المستوى والأحزاب السياسية لا تصدر البيانات البائسة بل تصدر رؤى ومواقف سياسية وكل حسب مرجعيته… ** عبد الحميد بن مصباح (ناشط سياسي) انطلق من تسجيل احترازه على تناول الموضوع بهذه الصيغة العامة التي لا يمكن أن تؤدي حسبه إلى استنتاجات دقيقة وعلمية، متسائلا عن مدى وجاهة الحديث عن الإعلام باعتباره موضوعا موحدا ذا إشكالية موحدة، مسجلا تحبيذه أن يكون التناول بحسب كل فرع من فروع المادة الإعلامية (سمعي، بصري، مكتوب، الكتروني). كما اعتبر أن الحديث عن التعددية بصيغة التعميم في حاجة إلى تدقيق، فللتعددية حسب رأيه وجوه، ولا يفترض الأمر أن تسير الأمور بالتوازي، فقد شهدت بلادنا في فترة من تاريخها التعددية الفكرية دون أن تكون هناك تعددية إعلامية أو حزبية قانونية وذلك بعد مؤتمر بنزرت 1964، كما عرفت التعددية الإعلامية غير الموازية لتعددية سياسية، وذلك في أواسط السبعينات مع تجربة جريدة الرأي في 1977، ليستنتج أن الحديث عن التعددية كإطار شامل كان في 1983 مع الاعتراف بحزب الوحدة الشعبية وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، وهو ما تدعم لاحقا عبر الإصلاحات المتعاقبة التي بدأت مع تحول 7 نوفمبر، والتي كان أهم حلقاتها دسترة مؤسسة الأحزاب السياسية في 1997. وفي علاقة بموضوع واقع الإعلام الوطني وسبل النهوض به، لاحظ المتدخل، انه من الضروري الانطلاق من التوصيف مرورا بالتشخيص وانتهاء إلى رسم البدائل. ففي باب التوصيف، لاحظ أن هناك إجماعا على أن القطاع لم يواكب نسق الإصلاحات في باقي المؤسسات في البلاد، وأننا مازلنا نتعاطى مع الملف الإعلامي باليات ما قبل الثورة الاتصالية. وفي باب التشخيص، تساءل هل أن الإشكال في التشريعات أم في التطبيقات، وعقب على من دعا إلى ضرورة سن قانون توجيهي للإعلام على غرار ماهو معمول به في لبنان والمغرب، بان النص القانوني يظل محكوما بالتجريد والعمومية، وبالتالي فلا يمكنه أن يتغوص في ثنايا الممارسة الإعلامية باعتبارها نشاطا يوميا،وتساءل، هل أن كان الفصل الخاص بتحديد أهداف الإعلام في لبنان مطبق؟ كما أعرب بن مصباح عن قناعته بان تقنين المجلس الأعلى للاتصال خطوة هامة وجريئة في اتجاه إصلاح القطاع، ذاكرا أن بالإمكان مزيد تعهده بالتنقيح توسيعا لصلاحياته وتعزيزا لاستقلاليته، رافضا الرأي القائل بان وجود المجلس من عدمه سواء. وبالنسبة إلى الإعلام الحزبي المعارض، لاحظ المتدخل، بان على هذا الصنف مسؤولية مضاعفة، لأنه مطالب بان يجعل صحفه مخبرا يجسد فيه تصوراته للصورة التي من المفترض أن يكون عليها الإعلام، ذاكرا انه من المهم قبل مطالبة الآخر بأداء دوره مطالبة الذات بأداء دورها. وتفاعلا مع موضوع علاقة الإعلامي بالسياسي، قال السيد بن مصباح، بان العلاقة تحكمها ثنائية الأخلاق والقانون، وبأنها لا يجب أن تخضع لمبدأ التوافق ولا لمبدأ العداء، وان لكل منها دور وان كان مختلفا عن دور الآخر فانه مكمل له، متخلصا إلى انه يرفض فكرة أن يكون رجل السياسة محصنا عن الإعلام، وان تكون تصرفاته خارج إطار النقد،
نصر الدين بن حديد(صحفي) حين نعتبر أن منظومة الإعلام تتأتّى وتتجسّد عبر وجود باثّ ومتلقّ وأداة بثّ وأخرى للتلقّي وخطاب ينتقل من هذا إلى ذاك، يكون من المنطقي أن نسأل ـ ضمن الحال التونسي ـ عن هويّة كلّ من الباثّ والمتلقّي وأيضًا عن نوعيّة الخطاب ومدى تعبيره عن الواقع… يمكن ـ استنادا إلى الواقع الماثل أمامنا ـ الجزم بوجود تداخل بين المنظمومة «التونسيّة» وغيرها من المنظمومات، وأيضًا ـ وهنا تأتي الأهميّة ـ في تجسّد جدليّة الفعل وردّ الفعل بين الأطراف القائمة ضمن مجالات أخرى غير تونسيّة… هذا التباين بين المجال الإعلامي التونسي ومجال الفعل الإعلامي بين التونسيّين يطرح على المدى المنظور مفهوم التوافق القائم بين هذه الأطراف، وأيضًا يطرح أسئلة بخصوص هويّة الدولة القطريّة وماهيتها وأسسها ومنتهاها، حيت يأتي الخطاب الإعلامي ـ ضمن جميع تجلياته وكلّ تمثّلاته ـ أحد المؤسّسين الأهمّ لمفهوم الانتماء وروح المواطنة، مع ما يعني ذلك من تقاسم للقيم واشتراك في الجذور… حين نلقي بنظرة إلى الواقع القائم في تونس، ونسحب الرؤية على بقيّة دول المغرب العربي الكبير، نرى بوجود تهديدين يقفان في وجه الدولة القطريّة ويمثلان عائقًا بينها وبين ما ترنو إليه النخب من حياة أفضل ومستقبل زاهر… تأتي من ناحية التحديات الاقتصادية، ممثّلة في ارتفاع أسعار المواد الأوليّة وعلى رأسها النفط، وعدم قدرة صندوق التعويض والمنظومة الاقتصادية برمّتها على التلاؤم مع هذا الارتفاع، مع نعلمه من تأثيرات اجتماعيّة وتفاعلات سياسيّة… أيضًا يأتي الإرهاب ـ حين نقرّ بأنّ الخيار الأمني المطلق من الأمور المستحيلة حسابيّا ـ من أهمّ التحديّات وأخطرها، وحين نرى ما تشهد المنطقة من أحداث، يكون من المنطقي ـ في تونس كما في البلدان المجاورة ـ السؤال ليس فقط بخصوص فرضيّة هذه الاحتمالات بل في القدرة ـ الجماعيّة ـ على امتصاص الصدمة ومن ثمّة تأمين ردّ فعل يؤمّن تجاوز الفعل ومن ثمّة امتصاصه… يأتي دور قطاع الإعلام على درجة كبيرة من الأهميّة، وإن كان الإجماع ـ أو هو التوافق قائم ـ بشأن قدرة المنظومة الأمنيّة على التصدّي لهذا التحدّي أو ذاك، فإنّ قطاع الإعلام يطرح أسئلة خطيرة ومصيريّة، حين نرى الإجماع قائم بين الأطراف السياسيّة ـ نظامًا ومعارضة ـ على اعتبار أنّ الإعلام لا يرتقي إلى المأمول ولم يصل بعد حدّ المطلوب… ** وسيلة العياري (ناشطة سياسية) أجد نفسي مضطرة للحديث عن غياب التلفزة التونسية في هذه المناسبة… والحقيقة أني لا أستغرب من ذلك لأن التلفزة التونسية لم تفتح المجال أمام المعارضة وإن فعلت ذلك فإن المواقف تكون مبتورة مما يشوه صورة المعارض. أحزاب المعارضة الوطنية في حاجة للتعريف ببرامجها وأهدافها والتلفزة إحدى هذه الوسائط لكنها لا تقوم بذلك إلا في مناسبات محدودة (الانتخابات مثلا) والحال أن الحزب الحاكم ترك الأبواب مفتوحة أمامه طوال السنة. إذا أردنا النهوض بقطاع الإعلام يجب أن نتحمل مسؤوليتنا كأحزاب معارضة ويجب أيضا أن يتم تشريكنا في مختلف القضايا التي تهم البلاد… فتونس للجميع. ** شوقي بن سالم (إعلامي) ثمة مسألتان جوهريتان أكدت عليهما الندوة. المسألة الأولى وفاقية وتتعلق بالارتباط العضوي بين التنمية السياسية وتطور المسار الديمقراطي وبين مفاهيم وقيم الإعلام التعددي والمستقل. أمّا المسألة الثانية وهي خلافية تذهب إلى أنّ الإعلام الوطني ما يزال دون انتظارات الأحزاب والنخب والمواطن رغم الإصلاحات التي أدخلت على مجلة الصحافة. لذلك فإنّ التأسيس لإعلام تعددّي ومستقل يقتضي توفير جملة من الشروط لعلّ أهمها مزيد الارتقاء بالأوضاع المهنية والمادية للإعلاميين والصحفيين وضمان حقهم في الوصول إلى المعلومة وهو ما يتطلّب سنّ التشريعات القانونية ذات العلاقة بهذا المنحى. ولا شكّ أنّ علاقة الإعلام الوطني بما تحقق في تونس من تطور في المسار الديمقراطي يظلّ دون ما هو مأمول فالصحف المستقلة لم تساهم في تطور الجدل السياسي وحضور المعارضة المعتدلة والإصلاحية في مادتها الإعلامية شبه باهت. أمّا في ما يتعلق بالإعلام السمعي البصري فإنّ الحيز الزمني الذي تتواجد داخله أحزاب المعارضة الإصلاحية يحتاج إلى مزيد التطور. لكنني في نفس الوقت أعتقد أن المعارضة قد أضاعت أحيانا فرصا مهمة لجذب الناخبين أثناء حضورها في الملفات التلفزية. وللأسف فنحن نلاحظ كيف يجنح بعض ممثلي الأحزاب المعارضة الإصلاحية إلى تسويق خطاب لا علاقة له ببرامج الحزب الذي يمثله بل أحيانا لا تجد اختلافا بينه وبين بقية ممثلي الأحزاب الحاضرين وكأنّ للكاميرا سحرا آخر. أمّا الوجه الآخر لمشكلية دور الإعلام في ترسيخ التعددية فيتعلق بدور ووظائف إعلام المعارضة. ونحن نلاحظ أنّ بعض الأحزاب التي تصدر صحفا ظلت مساهماتها متواضعة في ترسيخ إعلام تعددي ومستقل رغم الجهد المبذول على المستوى العام ورغم ما تتمتع به صحف المعارضة من دعم. وفي اعتقادي فإنّ عدم الرضا عن المشهد الإعلامي الوطني في علاقة بمسألة التعددية السياسية والفكرية لا يحجب ما يشهده هذا الإعلام من تطور ولو نسبيّ ومن سعي لكثير من الصحافيين للارتقاء به وإن كنّا نعتقد أيضا أنّ نسق هذا التطور ما يزال بطيئا وغير مجد نظرا للتحولات العالمية المتسارعة وهو ما يحتاج في نظرنا إلى إصلاحات عميقة لا بدّ أن تطال خاصة الإعلام السمعي البصري العمومي. ولا شكّ أنّ الإرادة السياسية العليا تمنحنا دائما الأمل في تطوير الإعلام الوطني. ** الناصر المولهي (صحفي) لقد تعرض تقرير النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين إلى التعددية في وسائل الإعلام العمومية واعتبر أن نقطة الضعف في هذه الوسائل هي التعددية… وهذا واقع وحقيقة. أعتقد أنه من حق كافة الأحزاب السياسية أن يكون لها حضورها الإعلامي ليس فقط من خلال صحفها بل أيضا من خلال المواقع الإلكترونية وأن تكون حاضرة في وسائل الإعلام العمومية… لماذا اليوم التلفزة التونسية وهي مؤسسة عمومية غائبة وفي الوقت ذاته قناة حنبعل حاضرة؟ الجواب هو أن التلفزة التونسية مازالت لم ترتق بعد إلى مستوى التعددية وتكريسها. هناك عدة ملفات أخرى مرتبطة بقطاع الإعلام عموما وهي ملفات أعتقد أنها تعيق تطور هذا القطاع وبلوغه الأهداف التي يصبو إليها الجميع. ومن ضمن هذه الملفات مسألة انتداب الصحفيين في المؤسسات العمومية على أي مقاييس تتم، إلى جانب أنها انتدابات محدودة جدا. وهناك أيضا مسألة انتماء الصحفي، فالصحفي المنتمي للحزب الحاكم يفتح طريق الترقيات أمامه أما الصحفي المستقل فإنه عادة ما يجد عدة عوائق أمامه. هذه الملفات أعتقد أن النقابة الوطنية للصحافيين مطالبة بالاهتمام بها ومتابعتها سواء في إطار مرصد الحريات أو في إطار التقرير السنوي الذي تصدره بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. ** عبد الكريم عمر (رئيس تحريرجريدة الوطن) في البداية أتوجه بالشكر إلى المحاضرين وإلى كافة المتدخلين الذين حقا أسعدونا بتدخلاتهم وهو ما يدل على أن وسائل الإعلام في تونس تضم كفاءات على مستوى عال. سأبدأ بحادثة جدت سنة 1996 وكنت شاهدا.. في نقاش في مجلس النواب موضوعه الإعلام تمكن الدكتور حامد القروي أن يقدم توصيفا جيدا للوضع، قال إن الإعلام الحر المستقل هو الذي يبني الوطن أما الإعلام الأحادي فإنه يبني وطن القطيع. هذا التوصيف على أهميته ودقته غاب في متابعة الصحف في اليوم الموالي… وكانت تغطيتها للنقاش الذي كان حاميا، تغطية باهتة لا روح فيها. بدأت بهذه القصة لأقول إن هناك إرادة سياسية من أعلى هرم السلطة للارتقاء بالإعلام وفي المقابل هناك إرادة أخرى مضادة لا تريد أن يتقدم الإعلام في بلادنا. اليوم هناك قفزة نوعية في الإعلام لا يمكن أن ينكرها أي كان… صحف المعارضة موجودة وتمكنت من فرض مكانتها رغم الصعوبات وتمكنت من التطرق إلى عدة ملفات جريئة وهامة. ومع ذلك أقول أنه مازال أمامنا الكثير للقيام به من أجل مزيد الارتقاء والنهوض بالقطاع الإعلامي. في خصوص وسائل الإعلام العمومية (وخاصة مؤسسة التلفزة) مازالت دون الاستجابة لطموحاتنا رغم أنها تأخذ من أموال المجموعة الوطنية. مازالت دون الاستجابة لطموحات الشعب لأن هناك إرادة مضادة تمنع أن تتقدم إلى الأمام. وختاما أقول نحن جميعا نريد أن نبني وطنا وذلك لن يكون إلا من خلال حوار وطني تساهم فيه الأطراف الوطنية ويقوم الإعلام فيه بدور متقدم. ردود وتعليقات بعد تدخلات الإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني والسياسي، طلب كل من الأستاذ ناجي البغوري والسيد إسماعيل بولحية والأستاذ عبد الكريم الحيزاوي إبداء بعض الملاحظات حول هذه التدخلات.
الأستاذ ناجي البغوري
ثمة سؤال يطرحه دائما الإعلاميون وحتى غيرهم، وهو لماذا يتمكن الصحفي التونسي من البروز كلما التحق بوسائل إعلام أجنبية، بل إنه يصبح نجما؟ هذا سؤال مشروع لأنه لدينا أرقام تشير إلى أنه من جملة 93 صحفيا هاجروا اثنان فقط غيروا المهنة، و91 صحفيا لم يفشلوا في مهنتهم و70 صحفيا يحتلون مواقع هامة في المؤسسات الإعلامية التي يشتغلون فيها. الإجابة عن هذا السؤال هي أن الصحفي التونسي متى توفرت له الأرضية الملائمة للعمل يتمكن من الإبداع وتحقيق أفضل النتائج. الصحفي التونسي يعيش أوضاعا اجتماعية ومادية تكبل أداءه وتجعله غير قادر على البروز. النقطة الأخرى أريد الحديث حولها هي أخلاقيات المهنة. أنا لا أنكر أن هناك تجاوزات يمارسها عدد من الصحفيين من ذلك ‘الرشوة’ والمقالات الإشهارية… الخ لكن لو تثبتنا في هؤلاء الصحافيين سنجد أوضاعهم في المؤسسات التي يشتغلون فيها غير مستقرة من كافة النواحي. جل المؤسسات الإعلامية في تونس تخرق القانون وخاصة المؤسسات الخاصة… القوانين المنظمة لعمل الصحفي على علتها غير محترمة من طرف عديد المؤسسات. لذلك أقول إن الصحفي هو العمود الفقري للمؤسسة الإعلامية ولا يمكن أن نطالبه بأداء دوره كاملا إلا متى تم توفير الظروف الملائمة له. وللأسف رغم أن أغلب المؤسسات الإعلامية تخرق القوانين فإننا لا نلاحظ وجود رقابة، لا نلاحظ أنه تم دعوة هذه المؤسسات لاحترام القوانين كما يحدث في قطاعات أخرى. تعرض بعض المتدخلين إلى أداء النقابة الوطنية للصحافيين، أقول إننا كنقابة نعمل في إطار الشراكة ونمد أيدينا للحوار مع كافة الأطراف المعنية بالشأن الإعلامي وكذلك نحن لا نتراجع عن الدفاع عن مصالح الصحافيين المادية والمعنوية. الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي: لقد استمعت إلى كافة المداخلات وهي فعلا قيمة وثرية وتجعلنا نخرج بجملة من الأفكار. التشريعات الإعلامية لها دور هام في ضمان التعددية الإعلامية… نحن في حاجة إلى قانون ينظم ويقيد أي تجاوز… هناك فراغات قانونية لا بد من تجاوزها. فيما يتعلق بمشكل الكفاءة المهنية وهي مسألة هامة باعتبار أن قطاع الصحافة والإعلام يتطلب حرفية، يلاحظ مثلا أن تسمية المسؤولين غير محددة بمواصفات مهنية وهذه معضلة لها انعكاساتها. من وجه نظري هناك اليوم عدة فراغات قانونية يمكن حوصلتها في: غياب قانون توجيهي للإعلام السمعي البصري، فقناة حنبعل ممنوعة من تقديم نشرات الأنباء. فيما يتعلق بالإشهار، هناك غياب لقانون الإشهار. غياب قانون ينظم الوصول إلى مصادر الخبر وذلك بالرغم من التصريحات والندوات حول الموضوع وأهميته. غياب قانون حول الإعلام الإلكتروني. من حق الصحفي والمواطن أن يطلع على الأخبار والمعلومات التي هي حوزة الإدارة. وأعتقد أنه بتجاوز هذه الفراغات سيكون بالإمكان تحقيق التقدم المطلوب لقطاع الإعلام. وسيكون بالإمكان أيضا تحصين التونسي من البضاعة المستوردة. السيد إسماعيل بولحية حقيقة تمنيت أن يتم تسجيل هذه الندوة حتى يمكن استثماره. لدي بعض الملاحظات السريعة: حق الخطأ وقد تعرض له البعض، حق الخطأ مهم ذلك أن الخطأ مسألة بشرية لكن شرط أن لا يكون مقصودا. أعتقد أنه لا وجود لتضارب بين رجال السياسة والإعلاميين، فالصحفي دوره النقد ودور السياسي أن يتقبل ذلك. ودورنا جميعا أن نقدم التصورات والبدائل لصالح المجتمع وللصالح العام.
هوامش من الندوة
* اكتظت قاعة الشهيد صدام حسين التي احتضنت الندوة بالحضور، وهناك من اضطر للبقاء واقفا لمتابعة المداخلات وكان الحضور فعلا نوعيا. * تواصلت أشغال الندوة إلى حدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ودامت نحو ثلاث ساعات. * كان حضور الإعلاميين لافتا للانتباه كما كانت مداخلاتهم لافتة للانتباه بدقتها وجديتها. * علق بعض الإعلاميين بعد انتهاء الندوة أنها كانت في المستوى المطلوب * اقترحوا التكثيف من مثل هذه الندوات. * استاء كل من حضر الندوة من غياب التلفزة التونسية لتغطية هذه الندوة دون مبرر حتى أن هناك من قال إن التلفزة الوطنية تشكو من توعك صحي لذلك غابت عن تغطية ندوة موضوعها يتعلق بأدائها ورسالتها وعموما نتمنى لها الشفاء العاجل. * حضر أشغال الندوة عدد من الصحفيين في مؤسسة التلفزة بصفتهم الشخصية. * ثمن عدد من الحضور التنظيم الذي ميز الندوة التلفزة التونسية: معادية لخيار التعددية لماذا غابت التلفزة التونسية عن تغطية ندوة ‘دور الإعلام في ترسيخ التعددية’ رغم الدعوات التي تم توجيهها إلى المسؤولين في إدارتها؟ نحن لا نملك إجابة عن هذا السؤال لأننا لا نعرف المقاييس التي تعتمدها هذه المؤسسة في الحضور إلى ندوات دون أخرى لكن ذلك لا يمنعنا من القول: هل أن غياب التلفزة التونسية يعني أنها غير معنية بمسألة ترسيخ التعددية؟ هل أن عدم حضورها الندوة هو اجتهاد من أحد المسؤولين في المؤسسة ولا يعبر عن الموقف العام لإدارة المؤسسة. وعموما مهما كانت التفسيرات والتبريرات فإنها لا يمكن أن تقع في غياب التلفزة التونسية لتغطية ندوة ينظمها حزب سياسي معترف به وتناول موضوعا هاما وحيويا وهو دور الإعلام في ترسيخ التعددية في أبعادها ومستوياتها المختلفة. لقد بين المحاضران في الندوة وكذلك المتدخلون أن التلفزة التونسية مازالت دون المستوى المطلوب في الاستجابة لتطلعات التونسيين وقد أكدت ذلك بغيابها عن هذه الندوة وهي بذلك أثبتت مرة أخرى أنها معادية للتغيير والتحديث وأن المشكلة لا تكمن في من يرأسها أو في المسؤول المسير لها وإنما في ذلك الحرس المعادي للتعددية والمتمترس داخلها وعليه فإنه مهما كان رئيس هذه المؤسسة ولو كان شخصا في مكانة الأستاذ الهادي نصر المعروف بثقافته الراسخة وتفتحه على الآخر وانتصاره للحداثة. فإن التلفزة لن تتطور إلا بإزالة هذا الحرس القديم الذي يقدم صورة مشوهة عن تونس اليوم من خلال برامج ومنوعات يغلب عليها طابع التهريج ولا علاقة لها بالثقافة والتنمية والديمقراطية وللإشارة فإنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تتصرف فيها مؤسسة التلفزة التونسية مع أنشطة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي على هذا النحو… لا نعتقد أنه بمثل هذا الأداء وهذه ‘المزاجية’ سيكون بإمكان التلفزة التونسية كسب المشاهد مادامت تنتقي تغطيتها للندوات والتظاهرات والملتقيات وتعتمد مقاييس غير مفهومة. نحن في مجتمع يعيش التعددية السياسية هناك أحزاب سياسية تنشط ومنظمات وجمعيات. ومن واجب التلفزة التونسية أن تغطي نشاطها لأنها تمول بأموال المجموعة الوطنية… غياب التلفزة التونسية عن ندوة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يشير بوضوح إلى أن هناك عقليات مازالت تحكمها عقلية الحزب الواحد والرأي الواحد وهي عقليات تجاوزها الزمن. فمتى تستوعبون الدرس. درس من قناة حنبعل حضرت قناة حنبعل الندوة وقامت بتغطية أغلب وقائعها… وقد نالت التثمين من كافة المتدخلين الذين أكدوا أنها أثبتت دورها الريادي في ترسيخ واقع إعلامي جديد في المشهد السمعي البصري. وأن مساحة الجرأة التي تميز عدد من برامجها ليست صدفة وإنما هي خيار يتماشى وما بلغه الشعب التونسي من وعي. لقد مل الشعب التونسي الخطاب الخشبي والرأي الواحد وأصبح في حاجة إلى خطاب جديد وهو ما تحاول قناة حنبعل القيام به. نتمنى أن يدرس المسؤولون في التلفزة التونسية تجربة حنبعل خلال السنوات الأخيرة وكيف تمكنت من احتلال صدارة الترتيب في نسبة المشاهدين. وسيكتشفون أن الانفتاح على الرأي الآخر هو أحد أسباب النجاح.
(المصدر: صحيفة ‘الوطن’ (أسبوعية – تونس)، لسان حال الاتحاد الوحدوي الديمقراطي الوحدوي، العدد52 الصادر في 26 سبتمبر 2008)
الشيخ و الدكتور والأستاذ
شكري الحمروني لقد أحجمت عن الكتابة في هذا الشأن خوف أن يحمل كلامي على غير مقصده فيفسد حيث أراد الإصلاح ويهدم حيث أراد إعادة البناء. الحقيقة أنني لست أول من زهد في التعبير عن قناعاته مخافة شبهة أو درءا لمفسدة أو اتقاء لفتنة… فنحن نعيش زمنا صعبا ازدهرت فيه محاكمات النوايا والتفسيرات التآمرية كتعبير عن تصدع العلاقات و تهافت الثقة بين سائر مكونات مجتمعنا المصغر (« الميكروكوزم » حسب تعبير البعض). ولكن المقام خطير…يقتضي منا جرأة على الصدع بالحق وحلما كبيرا في قبوله والإقرار به…والحق كما جاء في الأثر يحتاج إلى رجلين: « واحد يقوله والآخر يسمعه ». أملي وطيد أن تكونوا من الذين يحسنون قوله مثلما يحسنون سماعه. لقد اخترت أن أتوجه بخطابي هذا إلى الشيخ والدكتور والأستاذ (راشد الغنوشي ومنصف المرزوقي وأحمد نجيب الشابي) لما يشكلونه من ثقل في المعادلة السياسية ومن حضور رمزي واعتباري يجعل منهم على السواء إما جزءا من الحل وطرفا فاعلا في عملية تطوير الحياة السياسية أو جزءا من المشكلة وسببا في تعطيل مسارات الإصلاح والتنمية كما هو الحال اليوم. لن أتعرض إلى أشخاصكم فأخلاقي تأبى علي السقوط في مستنقع الصائدين في الماء العكر والقدح في نزاهة الشرفاء ولكني سأتعرض إلى خياراتكم السياسية وحصيلتها الكارثية طيلة العشريتين الماضيتين. لقد تحدثتم كثيرا حتى أطنبتم وبلغتم الحد عن تجاوزات السلطة فحولتم البلاد بأقلامكم و ألسنتكم إلى « هولوكوست نوفمبري » و »عصابة حكم » و « مافيا » « لا تصلح ولا تصلح » و »مجتمع حانق ثائر على وشك الانفجار » وما إلى ذلك من النعوت والأوصاف التي وصفت كل شيء إلا تونس. لن أدافع عن السلطة حتى وإن خالفتكم الرأي في تقييم إنجازاتها وتحديد نسبة الخطإ و الصواب أو النجاح والفشل في سياساتها، فهي لا تحتاجني وأنا لست من أعوانها …ولكني سأدافع عن وطني أولا ثم عن ضحايا بعض من خياراتكم، هذه الفئة المنسية التي دفعت ولا زالت الثمن باهظا لعنادكم و إصراركم على الهروب إلى الأمام، وسأدافع أيضا عن حقكم في الدفاع عن هذا الوطن الذي لا يمكن له أن يستغني عن خيرة أبنائه دون أن يدفع الثمن غاليا. سادتي الأفاضل إنكم حملتم السلطة مسؤولية كل شيء وفي المقابل من يتحمل مسؤولية العجز الهيكلي عن توحيد المعارضة…ومسؤولية محاكمة محمد القوماني…والحملة المسعورة ضد الدكتور عبد المجيد النجار…وانحسار دور المؤتمر من أجل الجمهورية…وإغلاق مقرات الحزب في وجه المخالفين للرأي…ومن المسؤول عن الصراع الإديولوجي العقيم بين الإسلاميين واليسار…وإضعاف لجنة 18 أكتوبر…والتنافس « اللاأخوي » بين الجمعيات الحقوقية والإنسانية…وتراجع نسبة المنخرطين في أحزاب المعارضة…وعزوف العديد من المعارضين عن الخوض في الشأن العام وخروجهم « للتقاعد السياسي المبكر »…وإعلان توبة قيادات متنفذة…والمردود الإعلامي الهزيل لبعض القيادات الأخرى…ومخالطة أجهزة الاستعلامات و المخابرات الأجنبية…والحصول على الدعم المالي والمعنوي من جهات عرفت بعدائها الشديد لقضايا الأمة…والدعوة لتنظيم انتخابات تحت إشراف أممي وبحضور القبعات الزرقاء…والحملة من أجل تغير قانون الميراث …وعدم الترحم على رئيس سابق…و ادعاء أن أسوأ ما في تونس شعبها…ورفض التوقيع على وثيقة أكس…والإعلان عن عدم الرغبة في إسناد الإسلاميين شهادة في الديمقراطية…و تحويل لجنة 18 أكتوبر إلى لجنة مساندة الترشح لانتخابات رئاسية عامين قبل موعدها… والتصريح بأن سبب إضراب الجوع والقدوم إلى باريس هو التمتع بالخمر وخدمات المومسات…وأن المعارضة « راطسة غريبة » إن لم تكن » مقرونية » فهي « إسلامية مسيحية »…وأن العائدين متساقطين، والباقين في منفاهم متقاعسين و »مستكرشين »، و »التائبين » مجانين، والمخالفين انفلاتيين، والواقعيين انبطاحيين… ثم كيف نفسر استنكار المعارضة الديكور ثم ابتداع الأمانة العامة الديكور والكتابة العامة الديكور ونيابة الرئاسة الديكور والمكتب السياسي الديكور…والإمضاء بأسماء مستعارة في المواقع المستقلة لا لنقد السلطة وإنما للتحرش على رفقاء الدرب من المعارضين…والانقلابات داخل الجمعيات والأحزاب وانتخابات المحامين (اسألوا الحسني و اليحياوي والخياري والشامخ والصيد والهاني والعيادي…) ومساندة أمريكا في غزوها للعراق والجلوس إلى سفرائها…وتنظيم الندوات في مجالس الشيوخ الأجنبية حول استقلال القضاء في تونس…والدعوة إلى العصيان المدني عبر الفضائيات الأجنبية…والتخلي عن مطلب العفو التشريعي العام وجعل إطلاق سراح المساجين وعودة المغتربين أولوية وطنية… منذ أكثر من عشرين سنة والشيخ والدكتور والأستاذ ينشطون في ساحات المعارضة ولكنهم لم يوقعوا على بيان مشترك واحد. ستون سنة من النضال مجموعة والحصيلة لست أدري هل هي مدعاة للسخرية أم للإشفاق: – أربعة أشهر سجنا لهم وآلاف السنين لأنصارهم وأتباعهم. – آلاف الساعات هي حجم مداخلاتهم في وسائل الإعلام شرقا و غربا في مقابل بعض السويعات لرفقائهم. – آلاف الصفحات تم تحبيرها أغلبها راح في السب والقذف والتنديد والاستنكار والبكاء والتظلم وتصفية الخصوم وقليلها في الدفع و البناء . وإذا علمنا أن « الناس على دين ملوكهم » فلا عجب أن سار الأنصار والأتباع على ذات النهج. فلو قمنا بجرد لما كتب خلال سنة لهالنا الأمر: سب وقذف واتهام واستعداء ونفث سموم… عندما لا يطال السلطة فإنه يطال أصدقاء وحلفاء الأمس. – ستون سنة مجموعة ولم يتخرج من » مدارسكم » قادة أو شخصيات مرموقة من الجيل الجديد في غياب أي جهد للتأهيل. لقد أحدثتم فراغا رهيبا من حولكم فلا نكاد نجد من هو أهل لخلافتكم وحمل المشعل من بعدكم. أما من يمثل بديلا جديا فهو إما خارج الأطر التي استحوذتم عليها وزهدتم المناضلين فيها أوعازفا عن السياسة عاكفا على الشأن الخاص بعد أن رأى منكم الويلات. – عدد المناضلين والمقتنعين بخياراتكم في تراجع، والنزيف مازال مستمرا…ولكنكم لا تبالون وكأن شيئا لم يكن. – هبوط مستوى النقاش وتدني أخلاقيات النضال بعد أن اكتسحت الساحة سلوكيات كانت بالأمس مستهجنة كتأليب البعض على البعض الآخر وإيغار الصدور والتخفي وراء الأسماء المستعارة وترويج الأكاذيب والإشاعات حتى صار كل شيء مباحا… هذا وقد تجنبت سادتي الدخول في تفاصيل خاصة بكل إطار تشرفون عليه فليس الغرض المحاسبة، فلا أحد بمنأى عنها، ولا نشر الغسيل فشرفكم وشرف رفقائكم من شرفي، ولكني أردت لفت الانتباه والحض على إعمال المسؤولية وتحكيم العقل وتغليب مصلحة الوطن. إنها حصيلتكم سادتي، لن أدعي أنكم السبب الأول والأخير في هذا الحصاد الهزيل. فلكم حسناتكم التي يسجلها الوطن لكم. ولكنكم حتى و إن لم تمارسوا أو تتسببوا فإنكم لم تمنعوا ولم تتصدوا إلى حالة الرداءة غير المسبوقة التي تقرون بها في مجالسكم الخاصة. هذه حصيلتكم لا يمكنكم بعد اليوم لفظها و التملص من مسؤوليتها والمفاخرة بالإنجازات فحسب. أنتم سادتي لا تملكون تغيير هذا الماضي ولكنكم تملكون القدرة عل توسيع دائرة الممكن ونحت معالم مستقبل أفضل لكم ولتونس. أنتم تملكون تحويل هذه الجموع من الحاقدين التي تعج بها أطركم إلى طاقات إيجابية هائلة في خدمة الوطن. أنتم تملكون المساهمة في رفع المعاناة عن المساجين والمغتربين والعاطلين والمهمشين سياسيا و اجتماعيا وإدخال السعادة إلى قلوب الملايين… أوليس هذا لب السياسة؟ فكروا في أجندة البلاد والمحرومين قبل أن تفكروا في أجنداتكم الخاصة…فكروا في تونس قبل أن تفكروا في قرطاج…زودونا وزودوا البلاد بأفضل ما عندكم: معرفتكم\تجربتكم\ذكاؤكم…ولا تخصوها وتخصونا بغيض قلوبكم وسوء مزاجكم و أذى نرجسياتكم وحدة خطابكم…فالصبر على الكلمة الطيبة أفضل من الصبر على الغلظة والفظاظة، وحب تونس ورفع رايتها أفضل من احتقارها والإساءة إليها. أملي أن يجد ندائي هذا صدى في قلوبكم وأن تعقدوا العزم على إحياء الأمل من جديد والالتقاء حول مشروع وطني طموح ومسؤول يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار فلا يغامر بها مغامرات وخيمة العواقب ولا يعود بها إلى الوراء فتتبدد مكاسبها… تعالوا سادتي نبني معا وطنا يسعنا جميعا. تعالوا ننزع الأحقاد من قلوبنا فلقد أضنانا جميعا ظلم ذوي القربى…تعالوا نتواد ساعة ونتناصح ساعة ونتعاون ساعة… فقد أنهكنا الحرث في البحر والسير في الظلام. أما إن غلبت فيكم نزعات الشيخ الذي يرى الناس عصاة ضالين، والطبيب الذي يراهم مرضى مجانين، والأستاذ الذي يراهم جهلا حمقى…وبعثتم إلينا بجنود وأعوان يهتكون أعراضنا ويكيلون إلينا السب والشتيمة فتلك والله خيبة المسعى…عندها نكون قد أعذرناكم… فنعود إليكم وقد صنفناكم هذه المرة خصوما لا أصدقاء.
Chaleureusement Chokri HAMROUNI
المفاوضات في قطاع الصحافة المكتوبة: الأعراف ينهون مقاطعتهم.. وتفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق؟
التأمت صباح الخميس 25 سبتمبر 2008 الجولة الثالثة والعشرون من المفاوضات الاجتماعية في قطاع الصحافة المكتوبة. هذه الجولة تميّزت بعودة ممثلي الأعراف إلى طاولة المفاوضات بعد أن قاطعوها خلال الجولتين السابقتين، وخاصة تولّـي السيد الهادي المشري رئيس جمعية مديري الصحف بنفسه قيادة وفد الأعراف. مصادر نقابية مشاركة عبّرت عن ارتياحها للجوّ الذي دارت فيه الجلسة التفاوضية والتفهم الذي أبداه السيد الهادي المشري للمطالب المشروعة للعمال وخاصة منهم الصحفيين الذين قال أنه يعرف وضعهم وأنهم يستحقون كل ما يطالبون به. معبّرا عن استعداده للتفاوض من أجل التوصّل إلى نتائج ترضي الطرفين. الوفد العمالي أعرب للطرف المقابل بأنه من غير المعقول أن تكون الزيادة في 2005 في حدود 6,25 في المئة مع نسبة تضخم على المستوى الوطني حوالي 2 في المئة، في حين جاءت الزيادة المعروضة خلال المفاوضات الجارية أقل بكثير حتى من نسبة التضخم المتراوحة حسب التقديرات بين 4,9 و 6,5 في المئة!؟ علما بأن الزيادات في الأجور كانت خلال المفاوضات السابقة موزعة كالتالي: 25 د للتنفيذ 30 د للتسيير 35 د دينار للإطارات ويتمسك الطرف النقابي بأن تكون الزيادات في الأجور خلال المفاوضات الجارية كما يلي: 40 د للتنفيذ 50 د للتسيير 60 د للإطارات مع التمسك بالمطالبة بمنحة الموازنة والزيادة في منحة الصحافة. وفد الأعراف المكوّن من السيدين الهادي المشري وعمر الطويل (دار الأنوار) نفى أن يكون قاطع المفاوضات. وأوضح السيد الهادي المشري أن المسألة لا تعدو أن تكون أكثر من استراحة للتشاور. واضح أن شخصية السيد الهادي المشري الذي يحظى باحترام كبير في صفوف الصحفيين، طبعت بقوة الجلسة التفاوضية الأخيرة. ويتوقّـع أن تكون الجولات القادمة حاسمة في التوصل إلى حلّ يحفظ حقوق العاملين في القطاع وفي مقدمتهم الصحفيين، وازدهار المؤسسات الصحفيّـة. (المصدر: مدونة زياد الهاني بتاريخ 25 سبتمبر 2008) الرابط:http://journaliste-tunisien.blogspot.com/2008/09/blog-post_1387.html
هذه مطالبنا نرفعها إليكم يا أصحاب القرار
هذه مطالبنا ، نرفعها إليكم يا أصحاب القرار في أواخر هذا الشهر الكريم ، شهر الرحمة و الصفح والتضامن و الأمن و الأمان ، فهل من مُستجيب ؟ يا أهل الحل و العقد في بلدنا تونس الحبيبة نناشدكم بكل ما هو جميل وجذاب في تونس وشعبها : أن تُعجلوا بإطلاق كل سراح المساجين السياسيين وأصحاب الرّأي المخالف، وعلى رأس هؤلاء بدون شك ما تبقى من قيادة حركة النهضة . هؤلاء المناضلون هم مواطنون صادقون ومخلصون لوطنهم و شعبهم . وبقطع النظر عن الملابسات والظروف التي حُوكموا فيها ، فتلك صفحة ينبغي طيّها ، وهم الآن أقدر على التدارك والإصلاح بما يعود على تونس و شعبها بالخير و الصلاح و الإصلاح لو توفرت لهم الظروف المناسبة و المشجعة على الإنخراط في خدمة الشأن العام بكل مسئولية. مساجين من هذا الطراز لا ينبغي بكل المقاييس الشرعية و الإنسانية أن تستمر محنتهم أكثر. فسجن هؤلاء قد طال، و طال معه حرمانهم من الحريّة و العيش الكريم بين ذويهم وأهاليهم. وهذا الشهر المبارك هو فرصة حقيقية مكتنزة بمعاني الرحمة والتجاوز، نأمل فيه أن تعملوا، يا أصحاب القرار على رسم الفرحة في قلوب وَجِلَةٍ والبسمة على على شفاه شيوخ ركع وأطفال صغار أبرياء لا شأن لهم بالسياسة و همومها. إن إطلاق سراح هؤلاء المساجين سيؤشر لمرحلة جديدة من الإنفتاح السياسي و الديمقراطية . كما أنّ قرارا تاريخيا مثل هذا لو أنّكم اتخذتموه ، فلن يزيدكم إلاّ شرعيّة و مصداقية سواء في الدّاخل أو الخارج. إنّكم و لا شك قادرون بمثل هذا النوع من القرارات أن تجعلوا من عيدنا عيدين، عيد للفطر تتويجا لعبادة الصيام والقيام، وعيد بمناسبة إطلاق كل المساجين، فتكون السلطة بذلك قد صنعت الحدث الذي ينتظره كل التونسيين في مثل هذا المناسبات المباركة. نناشدكم أيضا بأنّ تتول الدّولة بنفسها توفير أسباب و متطلبات إدماج هؤلاء المساجين في المجتمع والدورة الإقتصادية للبلاد حتّى لا يشعر هؤلاء بأنّهم قد خرجوا من سجن ضيّق إلى سجن أوسع قد يكون أكثر مرارة لا قدّر الله. كما نطالب بإيقاف كل التتبعات ضد الشباب المتدين و خاصة منهم ما يعرف بالتيار السلفي . كما نطالب بإصدار أوامركم لرفع التضيقات على المحجبات ، ولن يتم ذلك بشكل جذري و نهائي إلا إذا أعدتم النظر في منشور108 باتجاه نسخه ليرفع الحرج الشرعي عن بناتنا و نساءنا و يمارسنّ حريتهن الشخصية كغيرهن من بقية النساء التونسيات. نطالب أيضا بالعمل على توسيع مساحة الحريات و توسيعها، وعنوان ذلك في تقديرنا هو السماح للتيار الإسلامي الوطني و المعتدل بالتنظم سياسيا ليساهم مع بقية القوى الحية بالبلاد في معركة التنمية الإقتصادية ورفع التحديات المستقبلية وتحقيق الإجماع والتضامن الوطني بين كل جهات البلاد والمواطنين. إنّ استجابة السلطة تحقيق مثل هذه المطالب في المرحلة الرّاهنة ، و لو اعتبرها البعض محدودة و جزئية ،هي كفيلة بطيّ صفحة الماضي بكل جراحاته ومآسيه. وهي كفيلة أيضا وخاصة بأن تفتح أملا جديدا و عزما متجدّدا وأفقا باسما في علاقة السلطة بالتيار الإسلامي و خاصة منه الوطني و المعتدل. كما نشير في هذا المقام بأنّه على الإسلاميين أيضا أن يتحملوا مسئولتهم التاريخية ،فيتعاملوا مع الحدث المنتظر من السلطة أن تقوم به بإيجابية. كما أنّه عليهم أن يؤسسوا لعلاقة جديدة مع السلطة قوامها خدمة البلاد و تغليب المصلحة العامة و المشتركة مهما كانت الظروف . كما أنّهم مطالبون بأن يتحرروا من الظلال القاتمة التي لا زالت تلقي بها عليهم تجربتهم السابقة. وعليهم أن يجتهدوا لإيجاد الصيغ التنظيمية المناسبة للإلتزام والإنسجام مع القانون المنظم للعمل الحزبي و السياسي والإعتراف به خطابا و ممارسة وسلوكا و لو كلفهم التنازل عن بعض ما يرونه من حقوقهم الطبيعية التي يصعب عليهم التنازل عنها . فإضاءة ولو شمعة واحدة في هذا الزمن الصهيو- أمريكي خير ألف مرة من سبِّ الظلام ليلا نهارا. تقبل الله صيام الجميع و صالح الأعمال. عاشت تونس حرّة أبيّة ، ووطنا حبيبا لكل التونسيين و التونسيات. مصطفى عبدالله ونيسي / باريس
بوبكر الصايم – باحث إجتماعي – دابلن ما أردت أن أقوله في هذا المقال هو محاولة مني لتوضيح بعض النقاط وكذالك رفعا للإلتباس وقع عند البعض الذي حاول بعضهم أن يلمز إليا على أن لي تقارب أو إنتماء لأي تيار ديني سياسي فهذا هراء في وجهة نظري بالإضافة أن ليس له من الصحة في شيء فمواقفي واضحة من هذه التيارات فأنا رجل مستقل ليس لي أي إنتماء سياسي فأنا رجل علماني وليبرالي وتقدمي إلى النخاع البارحة واليوم وغدا ولا يمكن لي أن أكون أو أن أتصور نفسي غير ذالك بل أذهب إلى أبعد من ذالك. و قبل أن أشرع في توضيح ذالك أريد التأكيد على أنه يجب تفريق مابين الحركة الأصولية الدينية السياسية ومابين التدين الإجتماعي بشرط من غير تطرف فهذه الأخيرة في رأي أراها هي كلها حركات متطرفة فلا يوجد عندي حركة دينية سياسية متشددة وأخرى ما تطلق على نفسها معتدلة فكلاهما أضعهم في سلة واحدة وسأحاول جاهدا لشرح أو لرد وتفنيد أرائ البعض في هذا الموضوع وسأثبت أنه لا يوجد فرق حقيقي و كل من يقرن الدين بالسياسة ويحاول الخلط أو الجمع ما بينهما هو في الأخير متطرف سوى حركة النهضة الإتجاه الإسلامي سابقا أو حزب التحرير أو ما يسمى الجبهة الإسلامية بتونس وما خرج وما سوف يخرج من تحت عباءة هذه الحركات الأصولية الدينية السياسية من جماعات أو أفراد صغيرة أو كبيرة فكلها في نظري متطرفة على بكرة أبيها وما أعتبره أنه من الواجب علينا كأفراد أو أحزاب قوى تقدمية أو مؤسسات المجتمع المدني الحسم في الأصولية الدينية السياسية و التصدي لها فكريا وسياسيا. وكذالك أعتبر أن ماقامت به شخصيات المحسوبة على المعارضة التقدمية في تونس المعروف بتجمع 18 أكتوبر بالتقارب مع الأصولية الدينية أعتبره أمر غير مقبول بالإضافة إلى تناقض صارخ وغير مفهوم لي لحد هذه الساعة وسلوك يدل على التخبط السياسي ولما أعتقده في نظري أن ما تشكله هذه التنظيمات الأصولية من تهديد وخطورة حقيقية سوى على مستوى الدولة أو أمن السلم الإجتماعي ولا تقل خطورتها سوى في تونس أو في باقي الدول الأخرى عن أي تنظيم إرهابي في العالم وأعتقد من خلال هذه السطور قد سجلت موقفي بوضوح من هذه التيارات بدون تردد ومن غير لبس وأتمنى أني قد رفعت لبس عن البعض الذي حاول أن يشير من قريب أو من بعيد إلى هذه التهمة فأعتقد أن الجمع مابين النار والماء فيه استحالة لمن له أدنى من القدرة على الفهم أو التحليل فمحاولة جمع النقيضين أراها مسألة عبثية وهو حتما شيء مستحيل. وستكون لي لاحقا بعض الورقات كدراسة مقاربة ومحاولة لتوضيح خطورة الحركة الدينية السياسية بصفة عامة سوى التي حاولت أن تسمي نفسها بالمعتدلة أو المتطرفة وشابه الفرق بينهما وهل يوجد حقيقة شيء اسمه حركة أصولية معتدلة وأخرى متطرفة وماهية الإعتدال عند هذه الأخيرة سوى على مستوى الخطاب أو الممارسة بالإضافة إلى مضمون رؤيتها السياسية كانت أو الفكرية وكذالك رؤيتها لمفهوم الدولة الحديثة موضوع الديمقراطية هل حقيقة تؤمن بالديمقراطية وعلاقة الدولة بالدين وعملية تأويلها لنص الديني وكذالك رأيتها للمجتمع ككل و لقضاياه بنفس الأداة و المنظور الديني بالإضافة كذالك المحاولة الدؤوبة لإدخال الدين في كل الشيء في السياسة والدولة والثقافة والإقتصاد والتعليم والمحاولة الدائمة لعملية التمايز داخل المجتمع من طرف هذه الجماعات فلم يبقى لهؤلاء سوى الهواء والشمس لم يتم إضفاء عليهم صبغة دينية ثم تحليل ظاهرة أسباب الهوس الديني في مجتمعنا وعلاقة المجتمع بالدين وصولا إلى العنف السياسي. وشكرا
حوار ‘الطريق الجديد’ مع مصطفى بن جعفر
سؤال: بمناسبة انطلاق السنة السياسية الجديدة، ما هي حسب رأيكم أهم الملفات الأساسية المطروحة على بلادنا؟ بن جعفر: تستوقفني في البدء عبارة ‘السنة السياسية’ حيث ليس لدينا سنة سياسية بالمعنى المتداول لها في الأنظمة الديمقراطية، لأن ذلك يفترض وجود إمكانية حقيقية للنشاط السياسي بدون قيود أو محاصرة. وهذا للأسف الشديد يعتبر السمة الأولى للوضع السياسي الحالي، حيث أن النشطاء الحقوقيين والنقابيين والسياسيين يتعرضون للمحاصرة بشكل متواصل و ينتج عن ذلك شبه شلل لجل إمكانيات التحرك. فهل يمكن أن نتحدث عن سنة سياسية في ظل احتكار كامل للمجال السياسي من قبل حزب يتصرف كأنه حزب واحد، وأطراف تناضل من أجل الوجود؟ بخصوص الملفّات، هناك ملفات مهمة مطروحة على غرار الملفات الاجتماعية التي تتعلق بمسائل قارة ودورية يقع التركيز عليها خلال المفاوضات الاجتماعية وتخصّ وضع الأجراء بصفة عامة من زاوية التدهور المتواصل لمقدرتهم الشرائية. ومن ناحية ثانية فهناك مسألة وطنية مهمة ألا وهي مسألة البطالة التي أصبحت مشكلة عويصة نتيجة عدم اهتداء السلطة إلى حلول جذرية وحلول صحيحة لا يمكن الوصول اليها بدون تشريك كل القوى السياسية والنقابية من خلال حوار جدي، وكذلك تعبئة القوى الوطنية بما فيها قوى الاستثمار في إطار مخطط يهدف إلى البحث عن تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية. ولا بد من إثارة أزمة الوضع في الحوض المنجمي وعلى الرغم ممّا يميزها من حدة فهي تعكس وضعا عاما تتفاوت خطورته من جهة إلى أخرى، ولكنه يبقى نفس المشكل، لذا لابد من تضافر الجهود من أجل إيجاد الحلول الناجعة لمشكل البطالة التي لم تتمكن ‘المعجزة الاقتصادية’ من التخفيف من حدتها، وبالخصوص مشكلة أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل، وهي بمثابة القنبلة الموقوتة، لأن الخيارات الحالية للسلطة لا تفتح الآفاق بجدية لحلها في ظل تراكم الأفواج من آلاف حاملي الشهائد التي تتقي الجامعة بها في نهاية كل سنة في خضم سوق الشغل. أما بالنسبة للوضع السياسي، فالكل يعلم أن الانغلاق هو السائد و أنّ السلطة متعنتة في خيار واحد ألا وهو أن تلعب بمفردها مع من يقبل بقاعدة اللعبة التي وضعتها على قياس مصالحها والتي أدت إلى انعدام حياة سياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة. أشير هنا إلى تقلص الحريات الأساسية و إلى تكاثر الإيقافات و المحاكمات في صفوف شباب منطقة الحوض المنجمي و في غيرها,÷ذا إضافة إلى ما وقعت صياغته من طرف السلطة التنفيذية وصادق عليه مجلس النواب خلال شهر جويلية المنقضي بخصوص القانون الاستثنائي الذي يضبط شروط الترشح إلى منصب رئاسة الجمهورية. فمن المعلوم أن هذا القانون الذي اعترض عليه نواب حركة التجديد ونائبان ‘مستقلان’ يعكس أمرين هامين: أولهما أن السلطة اختارت للمرة الثالثة الاستثناء عوض اللجوء أو البحث الجدي عن مراجعة قانون أثبتت التجربة استحالة تطبيقه و تناقضه الصارخ مع تعددية حقيقية في مجال الانتخابات الرئاسية. وثانهيما هو لجوء السلطة للمرة ثالثة وفي ظرف 20 سنة من الحكم بعد بيان التغيير إلى أسلوب الإقصاء لمن لا يروق لها. وهؤلاء عديدون موجودون في التنظيمات القانونية (السياسية والجمعياتية والنقابية) وغير القانونية وكذلك من بين الشخصيات الوطنية التي قد ترى في نفسها من الكفاءة ما يسمح لها بتحمل هذه المسؤولية الجسيمة، مقابل ذلك عمدت السلطة كعادتها إلى تعيين من ترى لمنافستها. فالتكتل الديمقراطي على سبيل المثال مقصى تماما من اللعبة، فلا أمينه العام ولا أي عضو من قيادته له الحق في المشاركة في العملية الانتخابية. وهذا في حد ذاته خلل خطير في منظومتنا السياسية لا بد من تلافيه في أقرب الأوقات. سؤال: ما هي مسؤولية المعارضة في بلورة ظروف مقبولة لإجراء انتخابات يتوفر فيها حد أدنى من المصداقية؟ بن جعفر: في الحقيقة ما يجب أن تقوم به المعارضة الجدية- وأستثني هنا معارضة الولاء التي تتسابق و تتنافس في مجال التأييد- هو أن تضع كل جهودها في نفس الاتجاه للنضال من أجل تغيير قواعد اللعبة حتى ننتقل من مرحلة الانتخابات معروفة النتائج مسبقا، تسيرها وزارة الداخلية التي تتصرف وكأنها مؤسسة حزبية، لنتجه نحو انتخابات شفافة لا يقع النيل فيها على الأقل من إرادة المواطنو مصداقية صندوق الاقتراع وتنتظم فيها حملة انتخابية حقيقية يتمكن كل المنتخبين من التعبير عن رأيهم خلالها بكل حرية ويتمكن المشاركون في هذه الانتخابات من مراقبة جدية لصندوق الاقتراع. وفي هذا الاتجاه، يكاد يكون هناك اتفاق شامل حول الشروط السياسية والتقنية من أجل الاقتراب من هذا الهدف. المشكل المطروح هو لماذا لم نهتد خلال السنوات الماضية إلى تجسيم هذا الاتفاق؟ هذا لا بد من معالجته في اقرب الأوقات عبر إجراء حوار جدي وسريع بين الأطراف المعنية بهذه الانتخابات وفي مقدمتها الأحزاب القانونية (التكتل/ الديمقراطي التقدمي/ التجديد). في الوضع الراهن إذا لم يحدث أي تغيير على القانون الانتخابي ستكون الانتخابات المقبلة فاقدة لأي رهان انتخابي حقيقي. وستبقى المسألة متعلقة بالشكل الذي يمكن أن تتخذه المعركة السياسية من أجل الانتقال الديمقراطي.هكذا، بعيدا عن الرهانات الانتخابية يمكن أن نجد موقفا موحدا حول شكل المساهمة المشتركة في هذه المعركة بين الأحزاب الثلاثة والأطراف ( أحزاب و مجموعات و شخصيات) التي تنسجم معها. سؤال: ما الذي يعرقل، حسب رأيكم العمل المشترك لخوض معركة سياسية من أجل فرض انتخابات شفافة؟ بن جعفر: في الحقيقة بينت التجارب السابقة أن اللقاء بين هذه الأحزاب يتواصل طالما نحن نتحدث عن أهداف عامة تتعلق بالحريات الأساسية وانتقاد سياسة السلطة في العديد من المجالات الخ. ولكن قبيل موعد الانتخابات، و بالأساس عندما ينتظر المواطن أن نجسم الوفاق، ينصرف كل طرف للمحافظة على مصالحه الحزبية الخاصة. لا بد إذا من أن نتجاوز هذه العقدة من أجل خدمة المصلحة الوطنية. ولقد بينت التجارب السابقة أنه نتيجة لتشتتنا ظلت قضية الديمقراطية تراوح مكانها بالرغم مما يمكن أن نعتبره مكاسب تحققت لهذا الطرف أو ذاك. فموعد 2009 وفي الظرف الحالي، يفرض علينا أن نتجاوز المصالحالحزبية و الذاتية، رغم مشروعيتها، لتحقيق نقلة نوعية في اتجاه الانتقال الديمقراطي وهو أمر ممكن. وفي هذا السياق اعتبر ربما أن نقطة الخلاف على مستوى التكتيك بين هذه الأحزاب يكمن فيما اختارته من تمش في خصوص الانتخابات الرئاسية. وقد دافعت في صحيفة ‘الطريق الجديد’ الغراء في وقت سابق عن فكرة إعطاء الأولوية إلى ‘المرشح الممكن’ عوض ‘المرشح الرمزي’ لأني أعتبر أن وقت المعارك الرمزية قد ولى وانتهى. سؤال: هل يعني هذا أن القانون الانتخابي- وهو قانون إقصائي- قد عين الأمين الأول لحركة التجديد كمنافس بمجرد توفر إمكانية ترشحه للرئاسية؟ بن جعفر: ومن جانبي أنا أنتقد مبدأ التعيين، إلا أنه قد يكون من بين المعينين من يستحق أن يكون مرشحا مثل ما كان عليه الحال سنة 2004 بالنسبة للأخ محمد علي الحلواني. نقدي موجه إلى الأسلوب الذي توخته السلطة في غض الطرف عن البحث عن قاعدة صلبة وقارة معروفة مسبقا وقابلة للتطبيق في إطار التعددية حتى يعلم كل مواطن بشكل مسبق الشروط، وحتى يتمكن من السعي إلى الالتزام بها واحترامها. ونحن نرى أن الأجدى هو البحث الجدي عن أفضل الظروف لقيام معركة سياسية ميدانية بالنسبة للانتخابات الرئاسية مع إعطاء الأولوية للانتخابات التشريعية التي تسمح حسب وجهة نظري بظروف أفضل للعمل المشترك مع ضبط للأهداف الأساسية التي تريد الحركة الديمقراطية تحقيقها من أجل أن لا تكون انتخابات 2009 نسخة مطابقة للأصل للانتخابات السابقة. سؤال: ما الذي يمنع التحضير المشترك للانتخابات التشريعية التي تبدو أقل تعقيدا؟ بن جعفر: لا يمكن أن يمنع ذلك إلا التشبث بمركزية الانتخابات الرئاسية. وقد ناديت في افتتاحية صحيفة ‘مواطنون’ في عددها الأخير إلى اجتماع القوى المعنية حول مائدة للحديث في هذا الشأن.و لعل الأمر يزداد وضوحا لو استجابت السلطة لمطلب طالما ألححنا عليه و هو الفصل بين موعد الانتخابات الرئاسية و موعد الانتخابات التشريعية. سؤال: لقد تم الحكم مؤخرا على السيدة زكية الضيفاوي بأربعة أشهر ونصف سجنا نافذة، فما هي حسب رأيكم أبعاد هذا الحكم القاسي؟ ين جعفر: يجب أن نضع قضية اعتقال الأخت زكية الضيفاوي في إطار الحملة الشعواء التي تقوم بها السلطة منذ بداية هذه الصائفة ضد كل من تحرك في إطار الاحتجاج على الوضع المتردي السائد في منطقة الحوض المنجمي. و قد طالت الحملة بدون استثناء كل من ساند القضية ثم كل من ساند ضحايا القمع الذين بدأت تغص بهم السجون التونسية. إلا أن ما يثير الانتباه هو أن ما يتعلق بالأخت زكية الضيفاوي يبدو وكأنه عملية تمييز وتشفّ خاص بها. حيث أنها اعتقلت لأنها امرأة ولأن النظام يبدو متخوفا من تحرك النساء. وقع اقتناص زكية الضيفاوي من بين مئات النساء اللواتي حضرن في تجمع27 جويلية بالرديف. فلماذا هذا التمييز؟ هي نقطة استفهام مطروحة على السلطة. كذلك وقع التركيز على الأخت الضيفاوي لأنها تمكنت من كسر الحصار المفروض على الرديف، وهو ما يعتبر من زاوية نظر السلطة إجراما لا يغتفر. ثم أنه تم تمييز الضيفاوي ‘سلبيا’ لأنها صاحبة قلم قادرة على نقل المعلومة وكسر حواجز التعتيم التي تصرف السلطة من أجل إقامتها جهودا وأموالا لا تحصى ولا تعدّ. ولا ننسى أنها إضافة إلى كونها مراسلة لصحيفة ‘مواطنون’ فهي مسؤولة في حزب قانوني هو كما هو معلوم عضو في نفس المنظومة الدولية (الاشتراكية الدولية) التي ينتمي إليها أيضا الحزب الحاكم. وكان من المفروض أن تربط هذا الحزب بحزبنا، إن لم نقل علاقة ‘أخوية’، على الأقل علاقة احترام متبادل تمكننا من القيام بنشاطاتنا السياسية وتحركاتنا في ظروف طبيعية وعادية. لكل هذه الأسباب وبخاصة لأن زكية الضيفاوي هي قلم حر ورأس مرفوع، وقع تمييزها بأقصى العقوبات في إطار المجموعة التي ضمت ستة من زملائها من قطاع التعليم والتربية. ونحن بهذه المناسبة نثمّن كل حركات التضامن الوطنية والدولية التي حضيت بها الأخت زكية الضيفاوي، ونطالب بإطلاق سراحها و سراح كافة المساجين السياسيين والكف عن هذا النهج الذي اختارته السلطة في معالجتها للقضايا السياسية والاجتماعية من خلال توظيف الجهاز الأمني والمنظومة القضائية. (المصدر: صحيفة الطريق الجديد (أسبوعية – تونس)، لسان حال حركة التجديد، من 20-27 سبتمبر 2008)
أيّ دور للإعلام في ترسيخ التعدديّة؟ فراغات تشريعيّة تقلص مساحة حريّة الإعلام
كشف الباحث في مجال الاتصال الدكتور عبد الكريم الحيزاوي خلال ندوة حول دور الإعلام في ترسيخ الديمقراطيّة نظّمها حزب الاتّحاد الديمقراطي الوحدوي وجود خمسة فراغات قانونيّة في المنظومة التشريعيّة المنظّمة لقطاع الإعلام من شأنها أنّ تعرقل تطوّل القطاع في اتّجاه الانفتاح وتشرّع الأبواب أمام إمكانية السيطرة عليه والتحكّم في مؤسساته مما قد يحد من تطوّر حريّة التعبير. وقد أوجز الدكتور الحيزاوي الفراغات التشريعيّة الخمس في : **انعدام قانون توجيهي ينظّم القطاع السمعي البصري ويضبط شروط واضحة ومقاييس دقيقة للاستثمار في القطاع ، وقد دلل الحيزاوي على ذلك بغموض الشروط التي وضعتها سلطات الاشراف أمام المستثمرين الخواص في القطاع السمعي حيث اشترطت السلطة على باعث قناة حنّبعل الخاصة عدم انجاز شريط للأخبار . كما عبّر الدكتور الحيزاوي على استغرابه من ترخيص السلطة ببعث كلّ من إذاعة الزيتونة وقناة « حنّبعل الفردوس » الدينيّتين رغم أنّ التشريع التونسي يوكّد على ضرورة احتكار الدولة لإدارة الشأن الديني ورعاية مؤسساته. **غياب قانون ينظّم قطاع الإشهار ومسالك توزيعه والمؤسسات التي تشرف عن العمليّة، حيث أبرز الدكتور الحيزاوي المفارقة بين تطوّر نظم وأسواق الإشهار وبين تخلّف القانون الذي يعود لسنة 1971. ** غياب قانون خاص بتنظيم المهنة الصحفيّة، حيث يعتبر قانون الشغل لسنة 1966 المرجعيّة الوحيدة في هذا المجال وهو قانون لا يشمل العلاقات الشغليّة المستحدثة في القطاع كما يغفل عديد النقاط خاصة المتعلقة منها بحماية الصحفي أثناء ممارسة وضيفته وهو ما يبدوا تخلّفا واضحا عن جميع التشريعات العالميّة المنظّمة لقطاع الإعلام، كما يغفل القانون حقّ الصحفي في الوصول إلى مصادر الخبر، وقد عدد الدكتور الحيزاوي جملة العراقيل التي يتعرّض لها الصحفي في هذا المجال. **انعدام قانون ينظّم قطاع الإعلام والنشر الالكتروني. **غياب قانون يكفل حقّ الصحفي وعموم المواطنين في الاطّلاع على المعلومات الإدارية خلافا لما هو معمول به في البلدان المتقدمة.
توفيق
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 74 بتاريخ 26 سبتمبر 2008 )
حوار مفتوح مع المدير العام لقناة «الزيتونة» حول:
ضرورة تجديد الفكر الإسلامي… دعما لقيم الاعتدال «انتقادات للفضائيات العربية والصفحات الدينية في الجرائد والمسلسلات الإباحية»
تونس الصباح: انتظمت مسامرة رمضانية مساء أول أمس بمقرحركة الديمقراطيين الاشتراكيين حول’ تجديد الخطاب الديني’ افتتحت بمحاضرة للجامعي والاعلامي كمال عمران المديرالعام لاذاعة الزيتونة وأستاذ الحضارة في الجامعة التونسية والخبير في تطورات الفكرالتونسي وقضايا الفكر العربي الاسلامي المعاصر بحضور عشرات من المثقفين والجامعيين والاعلاميين وعدد من ممثلي المعارضة والمجتمع المدني مما ساعد على فتح حوار جريء حول كثير من القضايا الخلافية ذات العلاقة بالمرجعيات الاسلامية والتراث العربي الاسلامي والايديولوجيات الجديدة التي تنتسب الى الدين ويروج بعضها مقولات متشددة ومتطرفة جدا تبرر أحيانا العنف اللفظي والمادي وتكفيرالمخالفين وقتلهم. اللقاء أداره الاستاذ علية العلاني ـ المؤرخ والقيادي في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ـ بعد تقديم من الاستاذ اسماعيل بولحية الامين العام للحركة. الاستاذ كمال عمران قدم خلال محاضرته قراءة لتطور الفكر الاسلامي ومدارس الفقه والتفسير ومختلف مكونات الثقافة العربية الاسلامية التي اعتبرأنها كانت دينية أساسا طوال قرون لكنه أصبح مجرد مكون من مكوناتها. فقد تاكد أن الشعوب في العالم عموما وفي العالم العربي الاسلامي خاصة تمسكت بالمعتقدات والشعائر الدينية خلافا لما أورد نيتشة الذي تحدث قبل أكثرمن قرن عن نهايةالمقدس و’وفاة الالهة’.. لكن عناصر أخرى تدخلت مؤثرة في ثقافة الشعوب بما في ذلك ثقافات العرب والمسلمين والمجتمع التونسي. التقليد والتجديد وفي المدخل النطري للمحاضرة قدم الاستاذ كمال عمران قراءات لمصطلحات التقليد والتجديد والدين والخطاب الديني والفكر الاسلامي..مستدلا بعدد من كتابات الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة خلال محاورته الكتابية مع المستشرق جاك بيرك وبمؤلفات ثلة من العلماء وكبارالمصلحين التونسيين لاسيما الشيخ سالم بوحاجب والشيخ محمد الطاهر بن عاشور (مثل تحقيقات وانظار في الكتاب والسنة وأليس الصبح بقريب..) والشيخ الفاضل بن عاشور.. وووظف المحاضر استشهاداته وبعض مقولات المصلح سالم بوحاجب ومن بينها’ الشريعة حق لكنها ليست من الفلسفة في شيء والفلسفة حق لكنها ليست من الشريعة في شي ء’ للتديل على الحاجة الملحة لعقلة الخطاب الديني والفكر الاسلامي المعاصر’ لان علوم الشرع لا تتطور إلا بعلوم العقل ‘.. و’ لان التجديد يقتضي التبحر في علوم العصر’.
الانفتاح على المسيحيين واليهود
وتوقف المحاضرعند عدد من مظاهر التسامح والانفتاح في التراث الاسلامي من بينها اسهامات جامعة الزيتونة وعلماء القيروان وشمال افريقيا ـ مثل العلامة الزيتوني عبد الرحمان بن خلدون ـ في الفكر والثقافة الاسلامية.. ونشر قيم الاعتدال والدعوة إلى المشاركة..ضد بعض قيم الاستبداد التي روجها بعض الفقهاء القريبون من الحكام المستبدين الفاطميين (‘ الشيعة’ ). ونوه المحاضر بمساهمة علماء المسلمين وعدد من حكامهم في نشر الفلسفة اليونانية والفكر اليوناني الى العالم أجمع بالاعتماد على خبراء في الترجمة بعضهم من الديانتين اليهودية والمسيحية.. مثلما حصل مع خالد بن يزيد بن معاوية الاموي والخليفة العباسي المامون.
تجربة اذاعة الزيتونة
وخصص الاستاذ كمال عمران فقرة من مداخلته للحديث عن رسالة الاعلام عامة والاعلام التونسي خاصة والاضافة التي قدمتها اذاعة الزيتونة منذ تاسيسها قبل عام ـ بدعم من رئيس الدولة زين العابدين بن علي ـ في سياق ارادة سياسية عليا لدعم الهوية العربية الاسلامية لتونس ونشر قيم الاعتدال والوسطية ونبذ التاويلات المتطرفة والقراءات السطحية المتشددة للنصوص القرانية والتراث الاسلامي. وأورد المديرالعام لاذاعة الزيتونة أن الاحصائيات والتقديرات تؤكد شعبية هذه القناة وتزايد متتبعي برامجها. وفسر الاقبال الكبيرعلى برامج الزيتونة حرصها على التنويع بين حصص ترتيل القران الكريم وتجويده وتفسيره ونشرالاداب الاسلامية في المعاملات اليومية بين المواطنين والحث على العمل والنظافة والتحابب والتعاون والتكافل والتضامن مع الا قتداء بالسلوكيات النبيلة والراقية والمعتدلة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والاجيال التي تفاعلت مع الاسلام وقيمه بعقلانية ووعي مما فسر الانجازات التي قام بها المسلمون والعرب تاريخيا واسهاماتهم في تقدم البشرية جمعاء علميا وفلسفيا واقتصاديا وحضاريا..
تجديد المضامين وليس الخطاب
وخلال النقاش العام تدخل الاستاذ سامي ابراهم فاشار الى ان التجديد لا ينبغي ان يشمل الخطاب الديني فقط بل المضامين.وطرح عدة تساؤلات حول المنهجيات التي اعتمدت في القطيعة المعرفية والانقطاع عن التراث والمرجعيات الدينية.. وحول المناهج السلفية والسلفيات الدينية وغيرالدينية.. والعلاقة النقدية مع التراث.. وعلوية العقل على النقل بالاستفادة من المدارس المستنيرة والعقلانية مثل الشاطبي (وتفسيره المقاصدي للقران والتعاليم الاسلامية) والقرافي وابن خلدون..
الفضائيات التي تنشر الخرافة
وتوقف المؤرخ الحبيب الجنحاني في مداخلته ان الفضائيات الدينية تنشر احيانا الاساطيروالقراءات الخرافية للاسلام وتشجع التصوف الجماعي والطرقية..بخلاف التمشي الذي قام به مصلحون عقلانيون مثل الشيخ عبد العزيز الثعالبي في كتاباته المستنيرة التي حاربت الرداءة. وأكد الجنحاني على الصبغة العقلاينة والجريئة للاجتهادات التي قام بها عمربن الخطاب عندما اوقف العمل بقرارات اتخذها الرسول من قبله من ذلك تقسيم اراضي المهزومين في الحرب على الفاتحين (بعد غزوة خيبر) اذ منع عمرتقسيم اراضي سواد العراق على الفاتحين واعتبران عصره غير عصر النبي من حيث حاجيات الناس وحجم الدولة الاسلامية.
الزيتونة رمز الاعتدال والوسطية
ونوه عدد من المتدخلين بالتجربة الاعلامية لقناة الزيتونة وبرامج مديرها الاستاذ كمال عمران.ووصف الاستاذ الاينوبلي الامين العام لحزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي والاستاذ المؤرخ رضا بن حسين (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين) والاستاذان عادل بن سالم وهشام الحاجي (حزب الوحدة الشعبية) ان برامج اذاعة الزيتونة تساهم في ترسيخ الهوية العربية الاسلامية للمجتمع التونسي ضمن مضمون يتميز بالاعتدال والتسامح والوسطية ونبذ كل الفتاوى والمضامين التي تروج للتطرف والعنف في بعض الفضائيات المشرقية.
مسلسلات نشر الميوعة والانحلال
واعتبر الاستاذ الاينوبلي ان بعض المسلسات التي تبث في التلفزة التونسية بصدد الترويج لقيم الميوعة والانحلال والتفسخ الاخلاقي وتبريرالسلوكيات الاباحية والشذوذ والتورط في المحظورات من بينها تعاطي المخدرات. وانتقد الاستاذ الاينوبلي بصفة خاصة مسلسل’ مكتوب’ واعتبرانه يشجع على سلوكيات منافية للقيم التونسية العربية الاسلامية وليس بصدد تقديم عمل درامي يحذرمن مخاطرها. وحمل الاينوبلي النخب الوطنية وقناة الزيتونة مسؤولية المساهمة في نشرثقافة الاعتدال والتسامح والاعتزاز بالهوية ومكوناتها وعلى راسها الدين الاسلامي الحنيف.وعارض الاينوبلي تاسيس جمعيات واحزاب لائكية (علمانية) في تونس واعتبران السماح بقيامها سيدفع البعض الى المطالبة بجميعات واحزاب دينية. وقد اعتبربعض المتدخلين ان الشباب يواجه انواعا من التطرف من بينها التطرف الديني مقال تطرف في العداء للدين والانسلاخ عن الهوية والانحلال.واعتبر احد المتدخلين أن من مزايا مسلسلات رمضان التلفزية ـ وبينها مسلسل مكتوب ـ انه لفت النظر الى سلوكيات لا يدرك كثيرمن الناس خطورتها على الشباب التونسي والعربي.
احترام العلمانيين والخطاب اللاديني
وكان من ابرز المشاركين في النقاش العام السيد صالح الزغيدي الوجه الحقوقي والسياسي والنقابي المعروف واحد اصحاب مبادرة تاسيس جمعية تدافع عن اللائكية في تونس. وقدم الزغيدي قراءة نقدية لاداء غالبية الفضائيات الدينية العربية ـ بما فيها تلك التي تبث من خارج منطقة الخليج العربي ـ واستدل بوجود قنوات في مصرتروج لمفاهيم دينية تقنن العنف والقتل وتحرم استلام النساء بعض المهام من بينها خطة قاضية. كما انتقد صالح الزغيدي مضمون غالبية الصفحات الدينية التي تنشرفي الجرائد التونسية ايام الجمعة وخلال شهر رمضان. وتوقف الاستاذ الزغيدي عند ملف التعددية والديمقراطية وعلاقته بالفكر الديني اوضوح ان اللائكية ليست العداء للدين بل تمسكا بحق المتدينين في التدين واللادينيين في اللاتدين. ولاحظ الزغيدي ان التطرف ليس فقط حمل السلاح بل يبدا بترويج المقولات التي تنظر للعنف وتشرعه.
بين التوظيف والتجفيف
وتطرقت بعض المداخلات الى توظيف الخطاب الديني سياسيا ماضيا وحاضرا من قبل عدة قوى سياسية في الحكم وفي المعارضة..ضمن صراع سياسي اجتماعي استخدمت فيه خيارات متناقضة من بينها محاولة ‘ تجفيف المنابع الدينية’ ثم’ توظيف التدين والحملات الايمانية’ كما اورد الاستاذ البحري العرفاوي الذي حذرمن وسائل الاعلام التي تنتشر الفكر الخرافي والاسطوري والمقولات السطحية والسائدة باسم الحث على التدين وعلى التمسك بالهوية. وحذرت بعض المداخلات من بعض الجهات الدولية والاقليمية التي تحاول توظيف الاختلافات الفكرية داخل العالم الاسلامي (وهي عنصر قوة وثراء) لافتعال تناقضات داخلية وتبرير صراعات طائفية سياسية..تخدم مصالح جهات معادية. كما لاحظ أحد المتدخلين أن تجديد الفكر الاسلامي وتجسيم شعارات العقلنة والاجتهاد لن يتحققا الا توفرت عدة شروط معرفية وسياسية من بينها التعمق العلمي واحترام حرية التفكيروالتعبير وتجنب التقييمات والمواقف المتسرعة التي تخلط بين كل اللائكيين وتتهمهم بالعداء للدين وبين كل المتدينين وتتهمهم بالتشدد أو بالتطرف. واجمالا فقد طرحت الندوة من التساؤلات اكثرمما قدمت اجابات مثلما اورد السيداسماعيل بولحيةالامين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين الذي تعهد بتنظيم لقاءات حوار جديدة مع الاستاذ كمال عمران في سياق الوفاء للمبادئ الثلاثة التي تاسست عليها حركته منذ 30 عاما وهي الديمقراطية والاشتراكية والهوية العربية الاسلامية. كمال بن يونس (المصدر: جريدة ‘الصباح’ (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 سبتمبر 2008)
أمن الدولة ورعب المواطنين(1)
الصحبي صمارة هل يحتاج مفهوم الدولة إلى إعادة تعريف وفق النموذج التونسي؟ وهل بالإمكان اعتماد هذا النموذج مثالا مرجعيا في إنجاز التعريف الجديد؟ أم أن في الأمر لبسا على مستوى مطابقة الواقع للمفهوم؟ وهل من سبيل إلى تكذيب المفهوم وتصديق الواقع؟ عندما أصبحت الدولة ضرورة مادية كان الفكر البشري قد سار خطوات هائلة في التنظير لها وافتراضها. وبلغ تمثّل مؤسساتها درجة من التكامل القائم على ديناميكية تمضي قدما في تحسين حضورها لمزيد ضمان نجاعتها في تسيير حياة مجموعة بشرية ما. لم تولد الدولة لتترجم إرادة طبقة ما بالمعنى الميكانيكي للترجمة بل في إطار جدليّ وواقع موضوعي كان الهدف منه لضم العلاقات الاجتماعية وتقنينها وجعلها نسقا بما يعنيه النسق من تنظيم لما هو طبيعي وجعله قابلا للاستمرار في خطّ تجاوز لما تفرضه الطبيعة البشرية من مفاجآت وحتميات. هذا على المستوى السياسي العام الذي يتضمّن بالأساس شأن الناس وكلّ ما يحدوهم من رغبات وكلّ ما يعبّرون عنه من إرادة. وواجب الدولة هو تنظيم الممكنات الطبيعية في الإنسان بدءا بقوّة العضلات » المستوى الفيزيونومي » وصولا إلى القيمي الفكري » المستوى الأكسيولوجي ». ولا يمكن أن ننكر أنّ أي نسق لابدّ له من هامش أي لابدّ له من أن يقصي جزءا من الطبيعي والقيمي ولكن مع الحفاظ على الهدف الأول الذي من أجله وجد.. ألا وهو الإنسان أو بلغة السياسة مصلحة الإنسان. وجدت الدولة بتلازم نظري أكيد جدّا مع وجود المواطن ووجدت أيضا من أجل المواطن وهي إذّاك فكرة واضحة المعالم وصعبة التجسيد مع المثاليين أو الماديين من فلاسفة. ولكنها استطاعت مع سيرورة المجتمعات وصيرورة الفكر أن تتطوّر لتعبّر في تجلّيها الديمقراطي عن أكثر ما يمكن من التطلعات وأكثر ما يمكن من الجماعات داخل المجتمع سواء كانت جماعات تتفارق وتختلف على أسس دينية أو عرقية. فلا حلّ للجماعات لكي تحافظ على بقائها إلاّ بالمحافظة على بقاء المجتمع ولا حلّ للمجتمع في الحفاظ على بقائه إلاّ بتطوير الدولة باتجاه قبول هذا الكلّ المتنافر والمختلف تحت أنسب الأطر التي تسمح بالتعايش المشترك. طالما وأنّ المفهوم هو إفراز نظري للفكر فإنّ انحرافا ما طرأ على واقع الدولة أو الدولة في الواقع فأصبح نسق وجودها يترك على الهامش أكثر بكثير من السابق المكنات الإنسانية والحاجات الإنسانية والخصائص الإنسانية. وتحوّلت الدولة في مشهدها الراهن إلى ميكانيكية أكثر ممّا تحتمله الطبيعة والطبيعة البشرية حتّى أنّها أصبحت تترجم إرادة قلّة قليلة لا تنتج ولا تفكّر إنّما تعيش على انحراف الفكرة في الواقع. نموذج هذه الدولة ينتج من رحمه أغلبية مسحوقة مسلّمة وعاجزة ومكرهة ونافرة وشاذّة ويسلب روح المجتمع حيويتها وإرادتها وأهدافها النبيلة في الوجود. وهذا النموذج وإن كان من شبه المستحيل أن يصلحه التفكير السياسي فحسب فإنّه يبقى في حاجّة ماسة إليه لأنّ الفكر السياسي في مقصده النبيل هو الالتزام بشأن المجموعة أما في مقصده الدنيء فإنّه تنكّر لشأن المجموعة. من هنا يمكن استيعاب أسباب نزول التفكير والممارسة السياسيين إلى الحضيض خصوصا عندما تساهم تجارب متداولة ومتكرّرة في إفراغ السياسي من القيم والمراهنة على ما يحمله السياسي من تناقضات وقوّة شدّ باتجاه الفردانية المجحفة التي تؤدّي في آخر المطاف إلى فقدان اجتماعية الإنسان. إذن تصبح الدولة ضالّة ومجرمة ومنحرفة إذا همّشت مقصد وجودها ويسيطر عليها عبث الميكانيكي والانخراط الأعمى في نجاعة قد تحفظ للأقلية بقاءها ولكنّها تسلبها روحها الجماعية وحميمية انتمائها إلى المعطى البشري السويّ الذي لا يقف عند حدود توزيع الأدوار في السلطة والإدارة بل إنّ أسمى أهدافه تتمثل في الانضباط الإراديّ للواجب والالتزام الطوعي لخدمة المجموعة التي هي بالضرورة خدمة للفرد لأنّ مصلحة الفرد كامنة بإطلاق في مصلحة المجموعة أما مصلحة المجموعة فكامنة بالنسبية في مصلحة الفرد. وعندما تنحرف الدولة تحتاج أكثر للقوّة وتناصب المواطنين العداء المتزايد شيئا فشيئا لأنّ العلاقة لم تعد علاقة سوية قائمة على الانسجام بل علاقة مخاتلة ويضعف بذلك امتداد الدولة من إطار يضمّ جميع المواطنين إلى هيكل هزيل موسوم بالعنف والانفعالية. وقد تتطرّف الدولة عندما تبلغ هذا الحدّ من الهزال فتتراجع آلاف السنين إلى الوراء لتصبح تعبيرة طائفة أو عائلة أو فرد شأنها شأن القبائل المتوحّشة أو الطائفية. عند هذا الحدّ تفقد الدولة مشروعية وجودها في أذهان المواطنين الذين همّشتهم وأهملتهم وتضطرّ للبحث عن مشروعية جديدة لكنها تسعى إلى منحها عناوين تضليلية منها الخوف على أمن الدولة، حيث تختصر وجودها المتوازن والمنسجم في وجود جهاز وحيد من أجهزتها وهو جهاز القوّة الرادعة والذي لم يعد دوره عضويا كما هو في الحالة المدنية للدولة بل يصبح دوره هو الآخر ميكانيكيا ويصبح هدفه الأول هو خلق حالة من الرعب في المواطنين ليكفّوا عن التفكير في إعادة الدولة المنحرفة إلى مسارها السوي. تخرج الدولة في هذه المرحلة من خطّ التاريخ الاجتماعي المتطوّر والتقدّمي وتسقط في هوّة سحيقة خارج هذا التاريخ. ولكن سرعان ما يعود البعد الاجتماعي في الإنسان إلى محاولة جديدة لترميم المشروع وسدّ نقائصه الفكرية والمادية ليبدأ في نحت مشروع بديل وهو ما يحدث دائما في تاريخ المجتمعات.
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 74 بتاريخ 26 سبتمبر 2008 )
موعد 2009 يفرض على المعارضة تجاوز المصالح الذاتية والحزبية
في حوار مطوّل أجرته معه جريدة » الطريق الجديد » في عدد 94 الصادر في 20 سبتمبر 2008 تحدث الدكتور مصطفى بن جعفر الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات عن الوضع السياسي الراهن في البلاد التونسية سنة تقريبا قبل موعد انتخابات 2009، وقد تساءل د. مصطفى في بداية حديثة عن وجود سنة سياسية حقيقية في بلادنا لأن ذلك يفترض وجود إمكانية حقيقية للنشاط السياسي في حين ان عناصر المشهد يحتكرها حزب واحد مقابل أطراف تناضل من أجل الوجود … وفي ما يتعلّق بالملفات الأساسية المطروحة في بلادنا تحدث بن جعفر عن المفاوضات الاجتماعية المتعلقة خاصة بوضع الأجراء والتدهور المتواصل لمقدرتهم الشرائية ومسألة البطالة التي عجزت السلطة في التوصل إلى حلول جذرية لها بسبب رفضها تشريك القوى السياسية والنقابية ويتعلق بذات المسألة قضية أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل وهي عبارة عن قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة كل ذلك إضافة إلى تداعيات أزمة الحوض المنجمي المتواصلة منذ عدة أشهر وما نجم عنها من اعتقالات ومحاكمات وحصار متواصل مضروب على مدينة الرديف وسقوط ىعدد من الشهداء والجرحى أثناء مظاهرات نظمها وشارك فيها أبناء المنطقة…وفي المجال السياسي تحدث الأمين العام للتكتل عن التقلّص الكبير في مجال الحريات الأساسية ومضايقة وملاحقة ومحاصرة النشطاء الحقوقيين والنقابيين والسياسيين، وعن القانون الاستثنائي الذي يضبط شروط الترشح إلى منصب رئاسة الجمهورية الذي صادق عليه أعضاء مجلس النواب يوم 24 جويلية والذي اختارت فيه السلطة الإستثناء للمرة الثالثة على التوالي عوض اللجوء إلى مراجعة قانون أثبت تناقضه الصارخ مع تعددية حقيقية في مجال الانتخابات الرئاسية….إضافة إلى لجوء السلطة للمرة الثالثة منذ التغيير إلى إقصاء من لا يروق لها مقابل تعيين من تراه صالحا » لمنافستها « ، وإن كان هذا القانون الاستثنائي يسمح لبعض الأحزاب بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة فإن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مقص تماما من اللعبة وهذا يمثل خللا خطيرا في منظومتنا السياسية وجب تلاقيه في أسرع وقت… أما فيما يتعلق بدور المعارضة الجديّة في الظرف السياسي الراهن فقد دعا الدكتور بن جعفر إلى ضرورة إجراء حوار جدي وسريع بين الأحزاب الجادة والنضال المشترك من أجل تغيير قواعد اللعبة الانتخابية لأن موعد 2009 يفرض علينا تجاوز المصالح الذاتية والحزبية في إطار عمل مشترك يعطي الأولوية إلى المرشح الممكن عوض المرشح الرمزي لأن زمن المعارك الرمزية ولّى وانتهى (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 74 بتاريخ 26 سبتمبر 2008 )
الشاب صاليح يؤازر الصّحفيين التونسيين!
ما انفكّ صندوق التآزر بين الصحفيين التونسيين ومنذ أن حطّ به الرحال في شارع فلسطين نازحا من « الولايات المتّحدة الأمريكيّة » ونصّب أعضاء « المجلس التأسيسي » أنفسهم على رأسه، يسدي « خدمات جليلة » لعموم الصحفيين ويذلل الصعاب أمام أبناء القطاع من المنخرطين وغير المنخرطين على حد سواء انطلاقا من التدخّل السريع على طريقة الرجل الخارق » سوبر مان » لدفع غرامات النفقة وإهمال العيال ثوان قبل دخول الصحفي إلى الزنزانة وتوثيق الحدث بالصوت والصورة على نحو دراميتيكي استعراضي مشوّق، وصولا إلى تنظيم حفلات الاستقبال في النزل الفخمة على شرف كبار المسؤولين وتوزيع الجوائز والهدايا على النجباء من أبناء الصحفيين على طريقة « بابا نوّال » ليلة أعياد الميلاد. كلّ هذا مع الحرص الدائم لـ »أصحاب الصندوق » على عدم تكليف الصحفيين عناء الاطلاع عن مصير ميزانية الصندوق ومجالات صرف اعتماداتها، والتشبّث بدور الأخ الأكبر الذي يتكرم متى وكيف ما يشاء للمنّ على باقي أفراد الأسرة. آخر خوارق المجلس التأسيسي للصندوق تتمثّل في التفويض لأحد متعهدي الحفلات بتنظيم ليال رمضانيّة راقصة مستغلا اسم الصندوق كعلامة تجارية دون الإفصاح عن حيثيّات الصفقة وفق ما يقتضيه مبدأ الشفافيّة . متعهّد الحفلات انتقى « الفنانين » الذين سيحيون سهرات « التآزر » بعناية فائقة تتناسب مع قيمة الصحفيين التونسيين ورفعة ذائقتهم والمكانة الاعتباريّة لأصحاب السلطة الرابعة في البلاد ، فلم يجد خيرا من الشاب صاليح وزينة القصرينيّة ليحيون أعراس التآزر ويرقصون فرحا و انتشاء بما الت إليه الأوضاع الماديّة والمهنيّة للصحفيين التونسيين . نعم، فمن المؤكّد أنّ الشاب صاليح خير من يآزر الصحفيين التونسيين في هذا الظرف العصيب خاصة عندما يغني متنططا « يا لندرا وقتاش يفرّج ربّي » على أبناء قطاع الصحافة ويرحمهم من مؤجّر يسرق العرق ومقصّ يشوّه الرأي و السبق وصندوق لإسالة اللعاب واستثارة الشبق. فهل أخطأ حقا أعضاء المجلس التأسيسي لصندوق التآزر بين الصحفيين التونسيين؟
توفيق
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 74 بتاريخ 26 سبتمبر 2008 )
الصحفيّون في الأرض !
توفيق العيّاشي هل تصدقون؟؟ الصحفي كائن بشري، يحتاج للأكل والشرب بصفة يوميّة كغيره من الكائنات التي خلقها الله ويشعر بالجوع..نعم يشعر بالجوع، ، ويحتاج الصحفي أيضا إلى سكن يأويه ويضطرّ إلى دفع إيجار السكن بصفة شهريّة، وان عجز عن توفير الإيجار يقذف به صاحب المنزل إلى الشارع فيصبح مشرّدا هائما على وجهه تتقاذفه المقاهي وتجلده الأرصفة، ويطمح الصحفي إلى مظهر محترم ولباس لائق بغرض نيل احترام الآخرين وقبولهم التواصل معه. هذا ويحتاج الصحفي أيضا إلى استعمال وسائل الاتصال الحديثة ومتابعة الصحف واقتناء الكتب… هل تتصوّرون أيّها السادة أنّ الصحفي الشاب كغيره من بني جنسه _مثلكم يعني_ طموح يحلم بعيش هانئ ويتطلّع إلى المستقبل، ويحلم بالاستقرار المادي والنفسي، وقد يفكّر في الزواج ..نعم قد يفكّر في الزواج وإنجاب الأطفال، هل تتصوّرون ؟؟ … هل تعلمون أنّ الصحافة مهنة مثل المحاماة والطب والهندسة كانت تسمى في عصر ما قبل الطوفان « السلطة الرابعة » وأنّ ممتهنيها من حملة الشهادات الجامعيّة..و أنّ الصحفي يجب أن يتقاضى أجرا شهريّا قارا لقاء أتعابه وجزءا مما يدرّ به عليكم عمله من أرباح، وهل تعلمون أنّ هناك قانون شغل في البلاد واتفاقيات مشتركة تضبط أجر الصحفي وصيغ تعاقده ومقاييس انتدابه..صدّقوني هناك قوانين في البلاد وهناك مواثيق قطريّة وعالميّة تضمن حقوق الإنسان وتجرّم استغلال الصحفيين، وطبقا لها فانّ أغلب مديري المؤسسات الإعلامية في تونس هم وفق تعريف القانون « مجرمون »..نعم مجرمون؟ هل يعلم السادة مديرو المؤسسات الإعلامية أن مبلغ 150دينارا أو 350 دينارا هو إهانة وليس أجرا و هو مسّ من كرامة الصحفي وطعن في شرف مهنتة وضرب من ضروب الاستغلال والعبوديّة وأنّ الاعتماد على المتعاونين العرضيين والمتعاقدين في انجاز المادة الإعلامية هو عمليّة نهب منظّمة لعرق الصحفيين وأنّ إجبار الصحفيين على الالتزام بعدم المطالبة بمستحقاتهم هو جرم تعاقب عليه قوانين البلاد؟ هل فكّر السادة المديرون يوما كيف سيقسّم الصحفي مبلغ 150 دينارا على نفقات الشهر ؟ هل يدفع الإيجار ويصوم عن الأكل والشرب والتنقّل واللباس؟ .. أم يمد يده صاغرا للإقتراض أو التسوّل، أو ربّما يجنح إلى الحلّ السحري فيعرض قلمه على قارعة الشارع الثقافي أو الرياضي ليكتب المقالات المأجورة التي تضجّ بها الصّحف؟ هل تعلم إدارتا مؤسستي الإذاعة والتلفزة، على سبيل الذكر، ما يمكن أن ينجرّ عن تأخّر صرف مستحقات أعوانها ولو لمدّة شهر واحد « بسبب انشغال الموظّفة المكلّفة بذلك في « الخلاعة »؟ هل يتصوّر السيّد المدير كيف ستجابه الصحفيّة الشابة نفقات ثلاثة أشهر عجاف؟..تقترض لتقتني أبسط حاجياتها الخاصة.. تحتجّ على تأخّر صرف مرتّبها فتطرد فورا وتسحب منها شارة الدخول إلى المؤسسة. ثم تعمد الإدارة إلى انتداب غيرها عن طريق « الكاستينغ السحري »، أم تتردّى إلى مصير المتاجرات بأجسادهنّ، فينتهي بها المطاف للاستسلام إلى نزوات مديريها المتربّصين بها ثم تنقل إلى جناح الخدمات الخاصة. هل خامرت كلّ هذه الهواجس ضمائر السادة المديرين والمسؤولين؟ وهل يعلمون أنّ أغلب أهل قطاع الصحافة من الشبّان يتعرّضون للاستغلال من طرف مؤجّريهم وأنّهم يعانون أزمات معيشيّة يومية ويكابدون قسوة الحياة يوما بيوم ، وأنّ المراهنة على إغراق الصحفيين في هاجس اللّأي وراء القوت لإخضاع إرادتهم ولجم تفكيرهم في تحرير القلم قد انتهت فعلا إلى جريمة تجويع جماعي لجيل كامل من الوافدين على المهنة الحالمين بأمجاد السلطة الرابعة. فهل يعلم هؤلاء أنّ الجوع كافر ؟
يتبع
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 74 بتاريخ 26 سبتمبر 2008 )
صندوق التأمين على الديمقراطية
إنّ ما به المجتمع المدني مجتمعا مدنيا هو إفرازه عبر مسيرته التاريخية لنظام قيمي تراكمي يمكّنه من تأمين مكتسبات الحرية التي تراكمت عبر نضالات العقل في التاريخ والمجتمع لأنّ التاريخ هو بالضرورة تاريخ الحرية و لم تكن الديمقراطية أو اللائكية أو الليبرالية أو حتى الاشتراكية إلا ّ تفرّعات من أصل هو الحرية و بذلك لن يكون تاريخ العقلانية السياسية إلاّ تاريخا للديمقراطية منذ الديمقراطية الإغريقية إلى آخر تحوّل ديمقراطي في المجتمع الدولي المعاصر يوم 15 أوت الماضي في الباراغوي يوم تسلّم فرناندو لوغو (53 سنة ) الحكم عبر انتخابات حرّة و نزيهة منهيا بذلك 60 عاما من سياسة الحزب الواحد …. إنّ النظم التي تحوّلت حديثا إلى الديمقراطية استفادت و لا شك من التثاقف الديمقراطي العالمي لكنّها اعتمدت بالأساس على نظامها القيمي التراكمي الناتج عن نضالات شعوبها و خاصة نخبها عبر التاريخ؛ أمّا في بلادنا فالمحيّر هو أنّ مبدأ التراكم التاريخي للقيّم الديمقراطية تعمل فيه آليتان: آلية اللاجدوى و آلية المسخ و التلاشي. فها نحن اليوم إزاء استحقاقات انتخابية جديدة سنة 2009 فما هي التراكمات القيمية الديمقراطية التي يمكن أن تجعل من هذه الاستحقاقات انتخابات الصدمة الديمقراطية ؟…ما هي التراكمات السياسية القيمية التي تجعل السلطة تدرك أنّ السير في الاتجاه المعاكس لتاريخ الحرية إنّما هو الطريق المؤدي إلى الرجوع عن الإصلاح؟… فمن عقلانية ابن خلدون إلى إصلاحات خير الدين التونسي فلائكية الطاهر الحداد و رومنطقية الشابي إلى حركة آفاق وصولا إلى هيئة 18 أكتوبر…أيّ نظام قيميّ تراكميّ يمكّن من تأمين العبور إلى التداول السلميّ على الحكم و إلى الكف عن الاستمرار في سياسة الحزب الواحد و ادّعاء امتلاك الحقيقة المطلقة ؟… إنّ صندوق ادخار التراكمات القيمية في بلادنا بقي نخبويا تحكمه السلبية و يطبق عليه التعتيم الإعلامي و تأكله مأساة اللاجدوى لتستهلكه في النهاية المنتديات الثقافية و السياسية الضيّقة التي لا يتجاوز عدد روّادها « عدد ركاب حافلة » كلّنا يعلم أنّ السلطة منذ تغيير سنة 1987 ظلت مولعة بتأسيس الصناديق ذات الأبعاد الاجتماعية و أنّها كرّست لذلك طاقات إعلامية و إشهارية هائلة من صندوق التضامن 26 /26 إلى صندوق النفقة و جراية الطلاق الذي ظل عاجزا عن استخلاص جرايات المطلقات إلى صندوق التشغيل 21 /21 الذي لم يستطع تخفيض نسبة البطالة وصولا إلى صندوق التأمين على المرض الذي أصرّ على أن تكون 53 ٪ من مصاريف العلاج على كاهل منظوريه ؛ فالسلطة رغم تأسيسها هذه الصناديق التي تؤمن خدمات اجتماعية تغافلت عن تأسيس صناديق أخرى كصندوق التأمين على البطالة الذي سيستوعب أغلبية المتخرجين الجدد المعطّلين عن العمل من كل الشرائح و الاختصاصات …هذا من الناحية الإجتماعية أمّا من الناحية السياسية فالسلطة و منذ بيان التغيير إلى الميثاق الشبابي الذي سيتمخض عن الاستشارة الموسعة للشباب مرورا بالميثاق الوطني ، لم تسع إلى التأمين على المكاسب الديمقراطية … كان على السلطة أن تؤسس ـ ضمن سياساتها في تأسيس الصناديق ـ صندوقا للتأمين على الديمقراطية يحافظ على المكاسب الحاصلة… ليس من مهام « صندوق التأمين على الديمقراطية » ضخّ العملة أو السيولة زمن الأزمات بل ضخ القيم الديمقراطية قبل الاستحقاقات الانتخابية 2009 و في كل المناسبات السياسية الهامة كالتعديلات الدستورية المتكررة. إنّ ضخ هذا الصندوق لقيّم ديمقراطية تكون بمثابة الحكم الذي يجعل الممارسة السياسية ممكنة خارج إطار الحزب الواحد و الرأي الواحد و البرلمان الواحد و القضاء المنحاز… إنّ المعارضة الحقيقية ( لا المعاضدة ) عبر الحيز الإعلامي الضيّق المتاح لها توجه جلّ انتقاداتها إلى السلطة من داخل الآلية التي ظلت بها السلطة منذ عقود تمارس سياسة تعطيل الصدمة الديمقراطية وإبطاء الإصلاح والاستمرار في إنتاج الحكم الفردي المؤبد » وترك دار لقمان على حالها » » فليس في الإمكان أحسن مما كان » إن وعي المعارضة الجادة اليوم في بلادنا بضرورة الديمقراطية ناتج عن تجربة مأساوية شاقة عبر الوعي بأصول الاستبداد ومرتكزاته لأن الديمقراطية الحديثة إنما هي الشكل التاريخي لانحطاط سياسة الحزب الواحد والرأي الواحد والبرلمان الواحد. ابن البحر (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 74 بتاريخ 26 سبتمبر 2008 )
هل يتطور مشكل دكتوراه الدولة إلى نزاع قضائي ؟
خصصت الصحافة الوطنية بعض مقالاتها في الأسابيع الماضية لعرض ومناقشة قضية جامعية طفت على السطح في المدة الأخيرة وعرفت بقضية دكتورا الدولة ( انظر مثلا الصباح 30 اوت و4و6و 18 و21 سبتمبر2008 ) ويتمثل المشكل في الطلب الذي تقدم به نحو 250 من الأساتذة الجامعيين المساعدين من أجل السماح لهم بصفة استثنائية من فرصة تمديد اجل مناقشة مشاريع رسائلهم الجامعية حسب نظام دكتوراه الدولة ( نظام قديم ) ويعلل الأساتذة طلبهم هذا حسب ما ذكرته المصادر الصحفية « بأنه لن تكون للتمديد مضاعفات مالية بالنسبة لسلطة الإشراف.. فضلا عن كونه سيدعم جهود البحث العلمي.. هؤلاء الجامعيون قدموا التماسا ومناشدة إلى كبار المسؤولين في الدولة بكل لطف.. واثقين من كون الاستجابة إلى مطلبهم واردة.. مراعاة لتعقيدات بعض الأبحاث الأكاديمية.. وصعوبة التوفيق بالنسبة لعدد منهم بين مسؤولياتهم المهنية العادية ومشاغلهم العائلية وحرصهم على أن تتضمن رسائلهم إضافات علمية نوعية.. ولا تكون مجرد رقم في عالم الكتب التي ستوضع في رفوف مكتبات الكليات والمكتبة الوطنية.. » مع العلم انه الغي العمل بهذه الشهادة بموجب الأمر الصادر في سنة 1993 . هذا الأمر الذي مكن المترشحين المسجلين في تاريخ مفعوله من إتمام ما شرعوا فيه في أجل لا يتجاوز عشر سنوات ولكن عندما تبين سنة 2003ان الكثير منهم لم يتموا أعمالهم تم التمديد في اجل العشر سنوات وذلك لسنة واحدة قابلة للتجديد أربع مرات . ومع انتهاء اجل الخمس عشرة سنة المذكورة أرسلت وزارة التعليم العالي يوم 4 سبتمبر 2008 منشورا إداريا تعلم فيه المؤسسات الجامعية بحل لجنة دكتورا الدولة التي كانت تشرف على لجان التقارير والمناقشات وآجالها الشيء الذي يعني رفض مطلب التمديد أولا ثم إيقاف مناقشة الرسائل التي قدمت قبل موعد 6 سبتمبر2008. أما بالنسبة للحل الذي اقترحته الوزارة على الأساتذة المعنيين فلقد نسبت المصادر الصحفية الى مصدر رسمي: انه عليهم إتمام أبحاثهم وتقديم أطروحاتهم وفق النظام الجديد.. والترشح أمام لجان التأهيل العلمي (Habilitation) ..التي تقيم كتابات الجامعي وإنتاجه العلمي والمعرفي خلال مسيرته الجامعية ويحق لها الموافقة على طلبه التأهيل والإشراف على دروس وأبحاث معمقة في المرحلة الثالثة من التعليم العالي.. ولكن نفس المصادر الصحفية عادت بعد ذلك لتنسب إلى ما أسمته مصادر مطلعة » صحة المنشور الصادر والذي أمر بوقف مناقشة الرسائل التي قدمت قبل موعد 6 سبتمبر2008 وبررته بكون » نظام دكتوراه الدولة القديم أصبح لاغيا ولا وجود له قانونيا » ولا يمكن الموافقة قانونيا على الإيداع والمناقشة بعده ..وذلك اعتمادا على النص القانوني الصادر في سبتمبر2003 والذي مدد أجل العشرة أعوام التي منحها قرار 1993. نفس المصدر أورد ان الذين لم يناقشوا رسائلهم بعد يمكنهم أن يناقشوا وفق نظام الدكتوراه الموحدة الجاري به العمل حاليا » . هذه بعض حيثيات القضية التي نريد أن نتوقف عندها قليلا لمناقشة بعض تفاصيلها 1)على فرض صحة ما نسبته الصحافة إلى المصادر الرسمية فنحن نستغرب التضارب في ما يخص الحل المقترح على الأساتذة الذين أودعوا رسائلهم بعد( تأهيل ام دكتورا موحدة ؟ ) ، مع العلم أن المقترح الأول يبدو على جهل تام بالنص القانوني الذي سنناقشه في مكان آخر من هذا المقال . ويعود هذا التضارب في نظرنا إلى نوع من الارتجال الذي تعامل به بعض مسؤولي الوزارة مع هذا المشكل 2) يتمثل الخلاف بين الجامعيين ووزارتهم في نقطتين أساسيتين أ) الأولى تتعلق بطلب 250منهم التمديد لهم مرة ثانية حتى يتمكنوا من إتمام أعمالهم. ب) والثانية تهم من سلموا بعد رسائلهم ويطلبون مناقشتها وإذا تركنا النقطة الأولى جانبا باعتبار أن التمديد من صلاحيات الإدارة وجزء من سلطتها التقديرية التي لا مجال لمناقشتها هنا وقصرنا نظرنا على النقطة الثانية لأنها تطرح مشكلا قانونيا بالغ الصعوبة فإننا نلاحظ تضاربا بين وجهة نظر الجامعيين ووزارة التعليم العالي . ففي حين يستند الأساتذة الذين أودعوا أعمالهم و يطلبون المناقشة إلى مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 25 من الأمر الصادر في 6سبتمبر1993 الذي يتحدث عن إتمام العمل قبل 6سبتمبر 2003 لاعن المناقشة وعلى الأمر الذي تممه والمؤرخ في 4اوت 2003 الذي يتحدث هو أيضا عن الانتهاء من إعداد الدكتورا قبل 6 سبتمبر 2008 ويرون بناء على هذا أن النصين صريحان إذ إنهما يتحدثان عن الانتهاء من إعداد الدكتورا وهو ما تم فعلا بالنسبة لكل من أودعوا وان أي رفض للمناقشة يعد مخالفا للأمر مما سينتج عنه قضايا إدارية حسب ما أعلمنا به بعض الجامعيين، فان وزارة الإشراف تستند إلى مقتضيات الفقرة الثانية من الفصلين 25 و25 مكرر من الأمر المذكور التي تنص على انه » بعد انقضاء الآجال المذكورة ( العشر سنوات + الخمس سنوات ) يحول التسجيل لإعداد دكتورا الدولة إلى تسجيل لإعداد الدكتورا المعرفة بالأمر » أي ما يسمى بالدكتوراه الموحدة ( نظام جديد ) غير أن هذا التحويل وبقطع النظر عن الفروق الجوهرية بين الدكتورا تين من حيث حجم العمل ودرجة التعمق والقيمة العلمية ومن حيث الرصيد الرمزي الذي تملكه دكتورا الدولة يطرح مشاكل عويصة على مستوى انسجام هذا التحويل مع النظام الأساسي الخاص بسلك المدرسين الباحثين التابعين للجامعات لان من سيقبل هذا التحويل ويحرز على الدكتورا الجديدة سيكون كمن يراوح مكانه مهنيا إذ أن هذه الشهادة لن تمكنه من أية ترقية ، فالدكتوراه الموحدة تهب حاملها رتبة أستاذ مساعد على معنى الفصل 25 من الأمر المؤرخ في 6 سبتمبر 1993في حين أن كل من سوف يرضون بعملية التحويل هم بعد من الأساتذة المساعدين لأنهم حازوا هذه الرتبة إما لحصولهم على شهادة التبريز أو شهادة الدراسات المعمقة اللتين كانتا تمكنان المساعدين الجامعيين قبل 1993 من الحصول على رتبة أستاذ مساعد هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لن يتمكن هؤلاء الأساتذة في حال قبولهم لمبدأ التحويل و حصولهم على الدكتورا أن يتقدموا بنفس العمل لنيل التأهيل الذي يمكنهم من الترقية لأنه لا يجوز تقديم نفس العمل لنيل شهادتين مختلفتين . وبالإضافة إلى ذلك فانه لا يمكنهم أيضا سحب أعمالهم من الدكتورا تماما وتقديمها مباشرة في شكل ملفات تأهيل لان ملف التأهيل يشترط أن يحتوي ملف المترشح كما ينص على ذلك الفصل الرابع من الامرالمتعلق بالتأهيل الجامعي بالإضافة إلى أطروحة دكتورا على مجموعة أعمال مبتكرة منشورة.وهو ما لا يتوفر في أعمال الدكتورا التي تكون في شكل مرقون وإذا ما لجا أصحابها إلى نشرها فان العملية نظرا لضخامة العمل قد تحتاج إلى سنوات إذا وجد بطبيعة الحال من يقبل بنشرها في صيغتها الجامعية المتخصصة وما يستخلص من كل هذا أن عملية التحويل التي تقترحها الوزارة على منظوريها أما أنها لا قيمة لها من الناحية العملية مما يجعلها خالية من النجاعة المهنية إذا كان التحويل من دكتورا الدولة إلى الدكتورا أو هي مستحيلة لأنها مخالفة تماما للنصوص الجاري بها العمل إذا كان التحويل من دكتورا الدولة إلى التأهيل . ولا شك أن كثيرا من الأساتذة لن يقبلوا بهذا التحويل في صيغته الممكنة مما سيؤدي على الأرجح إذا تشبثت الوزارة بموقفها وبقراءتها للفصل المذكور إلى خلاف قضائي ينضاف إلى النوازل الأخرى التي يبدو أنها أصبحت من اختصاص الجامعة التونسية في حين أن الحل غير بعيد وهو أن يسمح للجنة دكتورا الدولة أن تتم أشغالها لتفرغ من مناقشة الأعمال التي أودعت مع إمكانية ربط ذلك بأجل مسمى أو إحالة الملفات إلى لجنة الدكتورا والتأهيل التي تتكفل بشكل استثنائي بمهمات اللجنة المنحلة أو أي حل آخر تراه الوزارة ومن شانه أن يحفظ مصالح هؤلاء الأساتذة الذين قضى البعض منهم أكثر من عشرين سنة للقيام ببحث هو خلاصة عمر وعصارة فكر وهو عمل تريد منهم الوزارة أن يحولوه إلى عمل للباحثين الشبان خصص له القانون ثلاثة سنوات كأجل للفراغ منه .
عبدالسلام الككلي (المصدر جريدة الموقف( أسبوعية تونسية معارضة لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي ) العدد بتاريخ 26سبتمبر 2008)
هنيئا لك .. بأحمد ياسين
بكثير من البهجة والسرور .. ووسط نفحات العشر الأواخر المباركات من رمضان .. ازدان فراش زميلنا العزيز الصحفي المناضل محمد الحمروني « بولي العهد » احمد ياسين. ونحن بهذه المناسبة العزيزة وفي هذه الأجواء التي عزت فيها لحظات الفرح في بلادنا، وفي هذه الساعات المباركات نتوجه بخاص التحية إلى العزيز محمد والى زوجته اختنا الكريمة تسنيم بخالص التهاني وأحر التبريكات بالمولود الجديد راجين من الله العلي القدير أن يقر عينهما بما رزقهما ويجعله من الصالحين. ونهمس في أذن سي « احمد » لنقول له لقد اختار لك أبوك اسما قصده لك ..فكن أنت له. هنيئا مجددا للعزيز محمد والعاقبة لبقية الإخوة الذين عطلت السجون والمنافي سير حياتهم الطبيعية وعسى أن تبدل « زينة الحياة الدنيا » حزنهم فرحا الله أمين اللهم أمين اللهم أمين وصلي اللهم وبارك على خير النبيين وإمام المرسلين منتدى الصحافيين الأحرار بتونس
مقبرة عائمة’ بين تونس وصقلية ومالطا
(CNN)– تمشّط دوريات خفر السواحل التابعة للاتحاد الأوروبي المياه الإيطالية بحثا عن قارب مفقود يحمل على متنه عددا غير محدد من رعايا أفارقة قادمين من شمال القارة السمراء في محاولة منهم للوصول إلى أوروبا، وفق ما علمت CNN من قائد في البحرية المالطية. وقبل نحو أسبوع، أبلغت فرقاطة دورية فرنسية تعمل تحت لواء هيئة خفر السواحل الأوروبية، المسؤولين الإيطاليين بقدوم المزيد من القوارب بعد أن لاحظوا وجود ستّ جثث وهي تطفو على سطح البحر الأبيض المتوسط. ولم يكن بإمكان الجيش المالطي انتشال الجثث بسبب رداءة الأحوال الجوية. وقال الرائد إيفان كونسيليو، من البحرية المالطية في تصريحات لـCNN من العاصمة المالطية فاليتا ‘من دون اعتبار هذه الجثث، لاحظنا الجمعة الماضية، قاربا من الألياف الزجاجية من شمال أفريقيا يحمل على متنه ما بين 30 إلى 35 شخصا.’ وأضاف أنّ مصير القارب مجهول ‘حيث فقدنا أثره.’ وتعدّ مالطا محطة حيوية للمهاجرين الأفارقة في رحلة الوصول إلى أوروبا المحفوفة بالمخاطر. روابط ذات علاقة وعثرت السلطات الأوروبية على نحو 20 ألف شخص راغبين في الهجرة في السواحل الأوروبية خلال هذا العام وحده، كان الموت مصير الكثيرين منهم، وفق أرقام أوروبية رسمية. وقال كونسيليو إنّ ‘هذه المياه تعدّ بمثابة البرية الغربية للولايات المتحدة ولذلك فإنّ الكثير من القوارب تحاول شقّها وهي محملة بعائلات وأطفال من دون أن ينجح البعض منهم.’ وتقول منظمات إنسانية، من ضمنها ‘متحدون ضدّ العنصرية’ والتي تتخذ من هولندا مقرا لها، وتختصّ بالعمل في ميدان الهجرة، إنّ آلاف الأفارقة لقوا حتفهم وهو يحاولون عبور المتوسط والبحر الأدرياتيكي. ووفق هذه المنظمات فإنّ الرحلة القصيرة بين تونس وجزيرة صقلية الإيطالية تعدّ ‘مقبرة عائمة’ بالنسبة إلى المهاجرين الأفارقة. وفي أغسطس/آب، لقي 70 شخصا مصرعهم قبل أن يبلغوا سواحل مالطا في محاولة منهم لعبور المتوسط. والأربعاء، تمّت إغاثة نحو 300 شخص كانوا يحاولون الهجرة السرية، أثناء عاصفة ضربت جزيرة لمبيدوزا الإيطالية التي لا تفصلها عن السواحل التونسية سوى مسافة قصيرة. وقال كونسيليو إنّ أعدادا متزايدة من الراغبين في الهجرة باتت تتحدى مياه المتوسط في قوارب ‘تعيسة’ وزائدة عن حمولتها ولاسيما في مثل هذا الوقت من العام الذي يتميز برداءة الطقس. وأضاف ‘المياه خطيرة هنا والضباب يلفها والرحلات باتت أخطر وأخطر ولا تقوى عليها مثل هذه القوارب محلية الصنع.’ (المصدر: موقع Cnn arabic بتاريخ 26 سبتمبر 2008) الرابط:http://arabic.cnn.com/2008/world/9/25/eu.immigration/
في إحصائيات جديدة للمعهد الوطني للإحصاء خمس سكان البلاد يقطنون بالعاصمة والخمس الآخر بالوسط الشرقي نسبة سكان الجنوب الشرقي والغربي لا تتجاوز 15% من مجموع السكان
تونس/ الصباح: كشف المعهد الوطني للإحصاء في مسح جديد أن إقليم تونس وجهة الوسط الشرقي هما أكبر الجهات حجما من ناحية عدد السكان إذ أن كليهما يعد أكثر من خمس سكان البلاد ويصل إلى 4 ملايين و676 ألفا و800 نسمة من بين 10 ملايين و208 آلاف و900 نسمة (وهو العدد الجملي للسكان بتونس المسجل في منتصف شهر ماي 2007).. كما تتميز هاتان الجهتان بنسبة مرتفعة للتزايد السكاني بين سنتي 2006 و2007.. تبلغ على التوالي 1 فاصل 23 بالمائة و1 فاصل 57 بالمائة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى تطور عدد سكان تونس الكبرى من مليونين و309 آلاف و500 نسمة سنة 2006 إلى مليونين و337 آلف و800 سنة 2007 . وتطورت نسبة الزيادة من 1 فاصل 22 إلى 1 فاصل 23. وتطور عدد سكان الوسط الشرقي من مليونين و302 ألف و800 نسمة خلال سنة 2006 إلى مليونين و339 ألفا سنة 2007 وتطورت نسبة الزيادة من 1 فاصل 39 بالمائة إلى 1 فاصل 57 بالمائة.. ولا شك أن هذه الإحصائيات تبعث على القلق إذ أنها تترجم عن إنخرام واضح في التوزيع الجغرافي للسكان ففي الوقت الذي تزدحم فيه مدن تونس الكبرى والوسط وقراها بالسكان تشهد مدن أخرى بالجنوب والوسط الغربي والشمال الغربي ظاهرة نزوح مثيرة للانتباه.. وحسب نتائج المسح نفسه ارتفع عدد سكان الوسط الغربي من مليون و368 ألفا و400 نسمة سنة 2006 إلى مليون و377 ألفا و600 نسمة سنة 2007. وارتفع عدد سكان الشمال الشرقي من مليون و410 آلاف و100 نسمة سنة 2006 إلى مليون و425 ألفا سنة 2007 وتطورت نسبة الزيادة من واحد فاصل صفر 3 إلى واحد فاصل صفر 6. وفي ما يتعلق بالسكان في الشمال الغربي وبعد أن تم خلال سنة 2005 تسجيل نسبة زيادة سلبية قدرت بـ (- صفر فاصل صفر 6) شهد عدد السكان ارتفاعا طفيفا من مليون و213 ألفا فاصل 3 إلى مليون و214 ألفا فاصل 3 بين سنتي 2006 و2007. وبعد أن كان عدد سكان الجنوب الشرقي في حدود 931 ألفا و300 نسمة سنة 2006 أصبح 938 ألفا و300 نسمة سنة 2007 وتطورت نسبة الزيادة من صفر فاصل 65 بالمائة إلى صفر فاصل 75 بالمائة خلال نفس الفترة. وارتفع عدد سكان الجنوب الغربي من 571 ألفا و700 سنة 2006 إلى 576 ألفا و900 سنة 2007 وتطورت نسبة الزيادة من صفر فاصل 63 بالمائة إلى صفر فاصل 91 بالمائة خلال نفس الفترة. وبالنظر إلى نسب عدد سكان الشمال الغربي والجنوب الغربي من مجموع سكان البلاد نلاحظ وجود نقص طفيف.. فبعد أن كانت النسبة المسجلة في الشمال الغربي في حدود 12 بالمائة سنة 2006 أصبحت 11 فاصل 9 بالمائة سنة 2007 وبعد أن كانت هذه النسبة في الجنوب الغربي في حدود 5 فاصل 7 بالمائة سنة 2006 أصبحت 5 فاصل 6 بالمائة سنة 2007. ومثلت نسبة عدد السكان من مجموع سكان البلاد في تونس الكبرى سنة 2007 نحو 22 فاصل 9 بالمائة (مقابل 22 فاصل 8 بالمائة سنة 2006) وهي في حدود 14 بالمائة في الشمال الشرقي (مقابل نفس النسبة سنة 2006 ) وبلغت في الوسط الشرقي 22 فاصل 9 بالمائة سنة 2007 مقابل 22 فاصل 8 بالمائة سنة 2006.. وسجلت النسبة استقرارا في جهتي الوسط الغربي 13 فاصل 5 بالمائة وفي الجنوب الشرقي 9 فاصل بالمائة. وبذلك تكون نسبة سكان الجنوب الشرقي والغربي لا تتجاوز 15 بالمائة من مجموع سكان البلاد. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصاتدرة يوم 26 سبتمبر 2008)
في قلب العاصمة متساكنون دون ماء…
خولة يعيش سكان الوكالة بنهج الاغة بالحفصية بالعاصمة منذ ثمانية أشهر دون ماء صالح للشراب حيث قامت الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه بقطعه منذ فيفري 2008 جراء عدم استخلاص فواتير الاستهلاك التي كانت بلدية تونس تتعهد بتغطيتها عوضا عن السكان منذ سنة 1981 باعتبارهم من ضعاف الحال ومحدودي الدخل إلى أن انقطعت ودون سابق إعلام حسب ما أفادنا به السكان عن الدفع مما جعل المبالغ تتراكم منذ سنة 2004 فمن يتحمل مسؤولية عشر من العائلة محرومة من منذ ثمانية أشهر خاصة أن وضعيتهم تسوء يوما بعد يوم دون أن يجدو أي التفاتة من المسئولين… راديو كلمة تنقل على عين المكان ونقل لكم هذه الشهادات الحية…
(المصدر: موقع مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية محجوبة بتونس) بتاريخ 26 سبتمبر 2008)
الباحث السوسيولوجي المغربي عبد الرحيم العطري: الشغب الرياضي ملمح من ملامح الاحتقان الاجتماعي
حاوره: محمد البوزيدي **كيف تقاربون ظاهرة الشغب الرياضي من داخل علم الاجتماع؟ إن ظاهرة الشغب الرياضي التي تتواصل آثارها خلال مباريات كرة القدم، لا ينبغي النظر إليها بغير العين السوسيولوجية، فالأمر لا يتعلق بتشجيعات رياضية تقفز على المعتاد، أو انزلاقات غير محسوبة، إنه البحث المستمر عن فريق/ وطن آخر، بانتماء جديد و هوية أخرى، فكل عنف ما هو إلا محصلة لعنف سابق عليه، و العنف الذي يجنح إلى الدخول فيه المشجعون الرياضيون من الشباب و المراهقين، ما هو إلا نتيجة للعنف المسلط عليهم تهميشا و إقصاء من طرف مالكي وسائل الإنتاج و الإكراه، و هذا ما يتضح من خلال تأمل انحداراتهم الاجتماعية، و أوضاعهم السوسيواقتصادية، فجمهور الرجاء البيضاوي المتهم دوما باقتراف الشغب، يتحدر في غالبيته من هوامش البيضاء و من أكثر المناطق التي أخطأتها مشاريع التنمية الإنسانية. **(مقاطعا) الأمر يتعلق باحتجاج اجتماعي و ليس مجرد شغب و تشجيع عاد؟ فالظاهرة تلوح مركبة و فائقة التعقيد تماما كما تركيبية المجتمع المغربي، إذ تتداخل في صناعتها عوامل متعددة الأبعاد و المستويات، تتوزع بالأساس على أسباب اجتماعية و تربوية و ثقافية و اقتصادية و سياسية، و هذا ما يوجب التحليل التركيبي لمستوياتها و انطراحاتها، أملا في الفهم و التفسير. فبممارسة بسيطة لنوع من السوسيولوجيا العفوية يتضح أن غالبية ممارسي الشغب تتراوح أعمارهم ما بين 16 و 22 سنة، و يتحدرون بنسب عالية من أحياء الصفيح و مناطق السكن العشوائي التي أخطأتها مشاريع التنمية، كما أنهم ينتمون إلى أسر فقيرة تعوزها إمكانيات العيش الكريم، و هم فضلا عن ذلك انقطعوا مبكرا عن الدراسة و لا يعملون إلا بشكل مؤقت في مستوى الأعمال الحرفية، أو لا يعملون بالمرة. كما يلاحظ بأنهم يتعاطون المخدرات، و قد سبق لبعضهم أن مر من تجربة السجن، إنه البورتريه الأكثر تركيبية للمشجع الرياضي الذي يمتشق دروب الشغب، و ينخرط في الفوضى الرياضية التي تعقب الهزائم أو الانتصارات. لهذا يصير الشغب احتجاجا بديلا عما يعانيه هؤلاء الشباب من تهميش و إقصاء، فثمة بحث عن هوية و انتماء جديدين، بمواصفات مختلفة تنتفي من جنباتها إمكانات التهميش. ففي الحريك الرياضي نحو البارصا و الريال، بدل الانتصار للبطولة الوطنية، كما نلاحظ بقوة في مدن الشمال، نكتشف انهجاسا بالانتماء إلى زمن / وطن آخر يقدم ما يفيد باحترام فكرة الانتماء و الهوية. و بما أن الوطن لا يقدم هذه الفكرة على أحسن وجه، فإن الحريك الرياضي و العنف المضاد الذي يرافقه يظل جوابا محتملا على قلق الهوية و الانتماء في هذا الهنا و الآن ** بحكم هذا الترابط و هذا المستوى العالي من التعقيد ألسنا في حاجة اليوم إلى تحديد و تأطير مفاهيمي لشكل و جوهر الشغب الذي يعتمل في الملاعب و خارجها؟ فعلا نحن في حاجة إلى التأطير المفاهيمي و في حاجة إلى اكتشاف البدء المشاغب، لنفهم ما يعتمل في مشهدنا الرياضي، يتوجب علينا في البدء أن نحسم في المفهوم، ليس من باب الترف الفكري، و إنما لضرورة منهجية صرفة، فما الذي نقصده تحديدا بالشغب؟ و ما الذي لا يدخل في خانة هذا التوصيف؟ و كيف كان بدايات الشغب محليا و دوليا؟ كانت الرياضة في البدء، و كان العنف مصاحبا لها في كثير من اللحظات التاريخية، بدءا من اليونان، و مرورا بالقرون الوسطى، و انتهاء بتنظيم منافسات كرة القدم، التي ستصير اللعبة الجماهيرية الأولى في العالم، و كيف لا يكون العنف مصاحبا للرياضة، و هي تتأسس قبلا على » تنظيم العنف »، فالرياضة تحيل في أبسط تعريفاتها على تنافس مشروع يتوسل بالقوة لتأمين الانتصار، إنها تبدو، كما الانتخابات، كحروب سلمية لتحقيق الامتياز و الفوز. ففي كل تجمع بشري، يكون العنف محتملا، بسبب تباين الرؤى و المواقف و الانتماءات. لكن في منتصف ثمانينيات القرن الفائت، سيصير العنف مكونا باصما للفرجة الرياضية، و ستلوح في الأفق ظاهرة الشغب من على مدرجات الملاعب الرياضية، ففي التاسع و العشرين من ماي 1985، سيشهد ملعب « هيزل » أحداث شغب فائقة الخطورة كانت من توقيع مشجعي فريقي ليفربول و جيفنتوس بمناسبة نهائي الكأس الأوربية،و هي الأحداث التي ذهب ضحيتها 39 شخصا. و ليصر بعدئذ توصيف الهوليغانز دالا على ممارسي الشغب الرياضي. فالهوليغانيزم Hooliganism يؤشر في اللغة الإنجليزية على الشغب و الفوضى، و هو مفهوم بدأ يردد على نطاق واسع بدءا من ستينيات القرن الفائت من طرف وسائل الإعلام، للتأشير على حالات الفوضى التي تعقب الهزائم أو الانتصارات التي تعرفها مباريات كرة القدم، و هكذا و بسبب استحالة مثيري الشغب Troublemakers أو Hooligans إلى رقم أساس في فهم السلوك الفرجوي و دينامية الحشود و الجماهير، فإن الأنظار العلمية ستتجه مباشرة إليهم في محاولة لفهم دواعي الشغب و جذوره الأولية، خصوصا و أن ظاهرة الشغب ستعرف انزياحات متوالية عن متنها الأصلي، و ذلك بدءا من تجاوز رقعة الملعب في شكل اشتباكات بين اللاعبين أو اعتداءات على الحكام، إلى مجال المدرجات في صيغة مشاحنات بين المشجعين و أجهزة الأمن، و أخيرا في مستوى نقل ممارسات الشغب إلى خارج الملعب بتخريب الممتلكات الخاصة و العامة. **ألا يتعلق الأمر بنوع من الفوضى الاجتماعية؟ إن الشغب يحيل مفهوميا على أفعال بصيغة المفرد أو الجمع، تخرج عما هو مسطر من قواعد و ضوابط، إنه اختراق قصدي أو عفوي لمعايير العقل الجمعي، الشيء الذي يدخله في خانة الشذوذ، و عندما يصير الشغب مفتوحا على المجال الرياضي، فإنه يكون بدافع الاستنكار و الرفض و الاعتراض و الرفض و إبداء الامتعاض من شيء ما، أو يكون أحيانا بسبب الاحتفاء و التعصب لإنجازات الفريق. فالشغب داخل الملاعب الرياضية يدل على نوع التحرك الفجائي، و على شكل من الهبات و الهزات الاجتماعية التي تنتشر داخل الملاعب أو خارجها في أعقاب الهزيمة أو الانتصار. فالشغب الرياضي يعبر عن حالة من الفوضى الاجتماعية تغيب فيها عناصر الضبط الاجتماعي، و تتعالى فيها بالمقابل إمكانيات و ملامح العنف و الانفلات و الصراع، فالشغب يندلع بشكل عفوي و يتجاوز سقف مولداته و شروط إنتاجه المباشرة، بسبب افتقاده للتنظيم و الهدفية الاستراتيجية، مما يجعل منها مجرد » رد فعل عنيف و هدام، محدود و عابر، محدد مجاليا و اجتماعيا و ليست له مطالب و أهداف واضحة « . و هذا كله يفضي بنا إلى القول بأن الشغب الرياضي هو حركة جماهيرية عفوية لا تتردد في اللجوء إلى العنف، محدودة في الزمان و المكان، توجبها عوامل و شروط موضوعية، و تدل على اختلال عميق في النسق المجتمعي. **هل هذا يعني أن الشغب الرياضي هو تفريغ لمكبوت سياسي ناجم بالأساس عن الإحساس بالغبن على مستوى الاستفادة من التنمية؟ طبعا من مقترب آخر يمكن تمثل الشغب الرياضي بالمغرب كمناسبة لتفريغ المكبوت السياسي، و الاقتصاص من المسؤولين عن تفاقم المشكلة الموجبة للاحتجاج، و لو بصيغة رمزية، » فالقوى التي لم تستفد من عوائد التنمية، أو تلك التي تستشعر أنها استفادت ، أقل مما كانت تتوقع أو أقل من حجم تضحياتها و مساهماتها في هذه العملية ، قد تلجأ إلى ممارسة العنف للاحتجاج على النظام القائم باعتباره المسؤول عن عملية التوزيع »، إن الأمر أشبه ما يكون بانتقام من التقسيم غير الطبيعي للعوائد التنموية، على اعتبار أن » الحركات الاجتماعية تتحرك وفقا لتطور خطي من الشعور بالغضب إلى فعل احتجاجي للجماهير »،و لو بهدف التفريغ و التعويض الرمزي عن المفتقد و المغتصب خطأ و كرها. « فالتجمع يولد إحساسا بالقوة والعنف و اللامسؤولية، فالتجمع يجعل عدوانية بعض الأفراد المقموعة عادة، تنفلت من قيودها، إنه يخلق ويحرر، في نفس الوقت، التوترات المتراكمة الناتجة عن خنق الطاقات الفردية والجماعية ». و لهذا يلاحظ كيف تتحول شعارات مسيرة للتضامن مع الشعبين الفلسطيني و العراقي إلى انتقادات لاذعة لعمل الحكومة، و كيف تتحول التشجيعات أثناء متابعة مباراة رياضية إلى التعبير عن الغضب الشعبي من انسداد آفاق الشغل و عسر الحال. إن الاحتجاج المغربي بهذا المعنى يعد فرصة لتفريغ المكبوت السياسي، فالانضواء في الجماعة يساعد الفرد على امتلاك مزيد من الجرأة كما يؤكد غوستاف لوبون في سيكولوجية الجماهير، و هذه الجرأة الزائدة تمكن من تصريف الشحنات المكبوتة بفعل القمع أو الخوف، خصوصا في ظل الأنظمة الاستبدادية، و منه يتحول الموقف الاحتجاجي في كثير من الأحيان إلى فضاء للتفريغ السيكولوجي أكثر من فضاء للمطالبة بالتغيير. « . **فكيف السبيل إلى تجاوز هذه الظاهرة المسيئة لمشهدنا الرياضي ؟ ما يقع في الملاعب الرياضية و خارجها أيضا من ممارسات الشغب، لا يمكن تفسيره بمنطق الحقل الرياضي فقط، إنه ظاهرة مركبة تتجاوز رقعة الملعب إلى مجموع النسق المجتمعي، فالشغب الرياضي ملمح من ملامح الاحتجاج الاجتماعي بالمغرب، إنه عنوان آخر لمغرب العطب و الاحتقان، و بالنظر إلى هذه التركيبية التي تبصم ظاهرة الشغب الرياضي، فإن التساؤلات المنذورة للقادم من الأيام، من الممكن أن تتوزع على الحال و المآل، فكيف السبيل إلى إحلال اللاعنف مكان العنف في جغرافيا الرياضة المغربية؟ و كيف يتأتى تحجيم الشغب و إقرار السلم الرياضي؟ و أي المقاربات أجدى و أنفع لتأهيل السلوك الفرجوي الرياضي؟ الحل في اعتقادي يكون مواتيا و ممكنا عبر بوابة البحث العلمي، فلحد الآن لا نتوفر على دراسات حول هوية المشاغبين مطالبهم، هناك فقط سوسيولوجيا عفوية تثار حولهم، و بعدا يمكن الانتصار لمقاربة مندمجة لا تركز فقط على التدخل الأمني الذي يبرز محدوديته دوما، فلابد من مقاربة تربوية ثقافية اجتماعية منسجمة.
منطق الاختراع العلمي عند العرب
زهير الخويلدي ‘الحداثة هي موقف للروح أمام مشكلة المعرفة، إنها موقف للروح أمام كل المناهج التي يستخدمها العقل للتوصل إلى معرفة ملموسة للواقع. أما التحديث فهو مجرد إدخال للتقنية والمخترعات الحديثة إلى الساحة العربية أو الإسلامية’ محمد أركون ما هو بديهي أن الكثير من العرب يؤثرون التقليد والإتباع والمحاكاة على التجديد والابتكار والتحديث وقد أدى بهم هذا الأسلوب في الحياة إلى التحول إلى كائنات استهلاكية ترضى بالسهل والبسيط والسطحي وترفض مشقة البحث وعناء التفكير وصعوبة الاختبار وبالتالي هبطوا من عقول فاعلة تنتج العلم وتشرع للكلي الفكري للعالم بأسره إلى مجرد عقول مستقيلة وأجساد مهيكلة وفق الطراز الغربي للحداثة. لكن ماهو إشكالي وما يمثل إحراجا بالغ التعقيد هو مطالبتهم اليوم بالابتكار والعود على بدء وإحداث قطيعة واستئناف الحضارة لأن العصرنة ومواكبة التقدم والريادة في الاطلاع على ما حدث في العلوم والعمران عند الدول المتقدمة هي من تحصيل حاصل عنهم لأنهم يركبون أفضل السيارات ويستهلكون أفخر العطور ويقيمون في أحدث القصور ويجسدون أسلوب الحياة الغربي على أحسن وجه. بيد أن ذلك ليس سوى المظهر وحقيقة الواقع بعيدة عن زعم الادعاء لأن المطلوب لتحقيق تجربة الاختراع ليس تكاثر البضائع الجديدة في الأسواق ولا استيراد الأفكار والآليات التي تؤدي إلى إنتاج هذه البضائع بل التعويل على الذات وإنتاج هذه الأفكار والآليات بالقدرات الذاتية. تشير هذه الوضعية المتأزمة إلى غياب كلي للاختراع والخلق وحضور كثيف لنزعات التقليد واجترار عادات الماضي وقيمه وإهمال كلي لقيم الحاضر وتغييب لماهو أصيل من روح العصر. إذا كان الاختراع غير موجود في ساحات الفعل المعرفي والتقني عند العرب فماذا نفعل لإحيائه؟ هل نركز على المنظومة التربوية وعلى مخابر البحث في الجامعات من أجل صناعة الذكاء أم نوكل مهمة المحافظة على الخبرات والأدمغة العربية من داء الهجرة والالتحاق بالغرب إلى المؤسسات الاقتصادية العربية ورجال الأعمال العرب؟ إذا أما أردنا إطلاق حركة الإبداع في ذهن الإنسان وتفجير طاقة الإبداع في مخيلته وبدء مسيرة الاختراع وشحذ عزيمة الباحث وتنقية وجدانه فانه من الضروري خلق الشروط المعرفية والتحولات التاريخية والقيام بالإصلاحات الهيكلية وربط جسور التواصل بين العلم والمجتمع وبين الثقافة والسياسة والاقتصاد. لقد تعودنا أن ننسب الخلق لله ونبقي لأنفسنا ملكة الصنع ونضع خاصية الخلق في مرتبة أعلى من ميزة الصنع ونزعم أن ادعاء الإنسان القدرة على الخلق هو شرك وجحود ونكران لقدرة الله المطلقة قد يؤدي عدم اعتراف بمحدودية الإرادة الإنسانية أمام الإرادة الإلهية التي تستطيع أن تقول لكل شيء كن فيكون. ربما تكون هذه الفكرة الاعتقادية هي أساس عزوفنا عن الخلق وسبب توقفنا عن الإبداع والاختراع والاكتفاء بالصنع والتركيب والبناء والتدبير والتنظيم طالما أننا مازلنا نؤمن أن الكون هو أفضل العوالم الممكنة وأنه ليس بالإمكان أحسن مما كان وأن نهاية الإقدام في العلم هو الاعتبار من الموجودات والكشف عن الحقائق المخبوءة بين فواصل الوجود وإماطة اللثام عن القوانين التي تتحكم في ظواهر الطبيعة. بينما تبدو حقيقة الكون مليئة بالألغاز والعالم مازال لم يعرف بعد وهو يسير نحو اللانهائي ويعرف جدلية الانفطار والانبساط ويتردد بين التقلص والتمدد وأما عن الحقيقة العلمية فهي مشروع يبنيه العقل وقيمة جزئية ونسبية أكثر من كونها معطى جاهز وقيمة مطلقة وثابتة والقانون هو افتراض مؤقت واحتمال إحصائي تظل له نجاعة تفسيرية ما لم تفنده تجربة جديدة وما لم يظهر اختراع جديد يحيله إلى التقاعد وينتج قانونا أكثر نجاعة ومردودية. ان الدخول إلى الطريق الايجابي الاثباتي المؤدي إلى الخلق والموصل إلى إنتاج العلم والتقنية يمر حتما عبر التطهر من الأفكار الخاطئة والممارسات الشائعة ويستوجب إعطاء الفرصة للطبقة الشابة وكف الطبقة المسيطرة عن ممارسة الأستذة وتكريس القصور والوصاية على مقدرات الأفراد وتشجيع المواهب والعمل على صقلها والسماح للناس باستعمال الحر والمنهجي والخاص لعقولهم. انه من الضروري أن نتوجه نحو الاختراع وأن نتهيأ لاستقدام الماضي من أجل فهمه والإقبال على الحاضر من أجل نقده واستشراف المستقبل عن طريق المساهمة في صنعه وبناء صروحه ومقوماته، كما أنه من اللائق التذكير بأن فائدة الاختراق كبيرة ومنافعه على المخترع والمجتمع الذي يحيا فيه والإنسانية التي ينتمي إليها عظيمة وجليلة ولذلك تجدد الثقافات وتحيا الأمم وتتباهى الدول عن طريق الاختراعات وبوجود مخترعين كبار في جميع المجالات المعرفية والدينية والتقنية والفنية والاقتصادية والسياسية وحتى الرياضية. يعرف الاختراع عند الإنسان العامي على أنه الانتقال من المجهول إلى المعلوم وذلك بالإتيان بشيء مخالف للسائد ولم يخطر ببال أحد من قبل واكتشاف شيء جديد أما عند المختصين فهو تأليف جديد لأفكار ووسائل بغية تحقيق هدف معين، وينطبق هذا المفهوم على الأدب والفن ولكنه يخص العلم والتقنية ويرتكز على اكتشاف قانون غير معرف يحكم الظواهر ويسمح بإيجاد وسيلة محددة وآلة أكثر تطورا تتميز بالدقة والصرامة والموضوعية في رصد الظواهر وتتمكن من معالجة المشاكل والعراقيل التي تعذر على الأدوات المستعملة في السابق تخطيها.ان الاختراع قد بدأ شأنا خاصا وتجربة شخصية يكد في طلبه ذلك المنعزل العاكف على العلم والمنكب على الدرس ولكنه ما فتئ أن أصبح من اختصاص عمل المجموعات وخلايا البحث وفرق العمل وثمرة تعدد الاختصاصات وتضافر جهود علماء ومفكرين من حقول متنوعة. ان السبل المؤدية إلى تفعيل آليات الاختراع عندنا هي المراهنة على الإنسان لأن الرأسمال البشري هو الشكل الأقصى للرأسمال والقيمة التي ليس بعدها قيمة مضافة ولأن العقل البشري هو المعين الذي لا ينضب من إمكانيات انجاز الاختراعات، ثم ينبغي القيام بقراءة علمية معاصرة للمجال الإيماني من أجل تخليصه من الشوائب وتهيئة الأرضية التي تستنبت قيم الحرية والعمل والتنوير والاجتهاد فيه، يجب القيام في مرحلة ثالثة بإصلاح حقيقي للجامعة وتنقية أجوائها من الفساد والوصولية والمحسوبية ومن الفوقية والبيروقراطية التي تعفن الأوساط الجامعية وتجعل الشهادات الممنوحة فاقدة الأهلية على الصعيد العالمي، زد على ذلك يمكن إيجاد آليات تضبط علاقة تعادلية بين الباحثين والمؤطرين تصون مبدأ الحريات الأكاديمية بوصفه المحفز الحقيقي للاختراعات ومسطح المحايثة لكل اجتهاد، يلزم من جهة رابعة أن تقوم المؤسسات الاقتصادية بدورها الطبيعي في النهوض بالثقافة العربية بالتشجيع على طلب العلم ومساعدة أصحاب المشاريع وتمكين الباحثين الشبان من استخدام التقنيات الحديثة والتمتع بالوسائل المادية الكافية من أجل الترويج لأفكارهم وتصوراتهم المغايرة لماهو موجود. صفوة القول أن استصلاح الأرض وتعمير الكون يرتبط جوهريا بتهذيب العقول وتنمية القدرات وإطلاق الملكات من أجل الخلق والابتكار وأن هذا المقصد ليس من الممتنعات بالنسبة للعرب بل من الممكنات شريطة التشجع في ذلك والمغامرة والمراهنة الجدية على العقول الحرة والأيادي الشابة النظيفة المتسلحة بالقيم الأصيلة. يعبر أركون عن روح التحديث ويدعو إلى ضرورة امتلاك العقل العربي الإسلامي منطق الاختراع العلمي بقوله: ‘في لحظة انبثاقه التاريخي فقد كان الإسلام يمثل لحظة حداثة دون شك أي لحظة تغيير وتحريك لعجلة التاريخ، هذا شيء أساسي جدا لكي نفهم جوهر الحداثة،إنها تعني الحركة والانفجار والانطلاق’. فمتى نرى المخترعين العرب يعودون من ديار المهجر إلى ديار الوطن من أجل أن يساعدوا الباحثين المبتدئين ويساهموا في إطلاق حركية اختراعية شاملة؟
قراءة في كتاب : دولارات الرعب، حول العلاقة بين الولايات المتحدة والإسلاميين، للصحفي : ريشار لابيفيار. Richard Labévière (Les Dollars de la terreur : les Etats-Unis et les islamistes) Edition:Grasset الجزء الثاني
مسعود الرمضاني يرى الكاتب أن أمريكا لها تاريخ مع الأنظمة الإسلامية فكانت دائما صديقة « للنظام السعودي -منذ أن تقابل روزفالت العائد من اجتماع بدايات الحرب الباردة بيالطا في 14 فيفري 1945 مع الملك ابن سعود على الباخرة كوانساي – وللنميري في السودان ولضياء الحق في باكستان ولكافة القادة العرب اللذين لا يخفون مرجعيتهم الإسلامية . ماذا عن المبادئ التي دافع عنها « الآباء المؤسسون » ؟يجيب روبارت ستالوف احد منظري السياسة الخارجية الأمريكية ، بانه » لابد للسياسة الأمريكية أن تكون ناجعة لان التماسك الثقافي – يقصد المبادئ- ليست ذات أولوية في البناء الاستراتيجي للسياسة الأمريكية. » كما أن جل الأنظمة الإسلامية تحمي المصالح الأمريكية. نقطة أخرى تقرب الولايات المتحدة من الحركات الإسلامية : كل هذه الحركات تبني معاملاتها المالية والتجارية على اقتصاد السوق. زيادة على « أن الحركات الإسلامية لا تشبه الشيوعية في شئ، إذ ليس لها توجه ولا برنامج مركزي » فهي تنحدر من » الثقافة المحلية التقليدية. » لتؤسس لنظام لايعادي الرأسمالية. كما يستشهد الكاتب بروبارت فوللر، احد أهم المنظرين للسياسة الأمريكية في التسعينات الذي دافع عن العلاقة التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية بجبهة الإنقاذ الجزائرية،فهؤلاء لا يقبلون فقط باقتصاد السوق ، بل كذلك » يدعون لتشجيع اللغة الانكليزية كي تعوض اللغة الفرنسية في الجزائر. » وللتدليل على العلاقات الجيدة بين الجبهة والولايات المتحدة الأمريكية يورد الكاتب مثالين: ·الاختطافات التي طالت كل الأوربيين في الجزائر في التسعينات استثنت الجالية الأمريكية المتكونة من 7000 شخص يعملون في مجال النفط، مما يوحي بان إسلاميي الجزائر قد استثنوا الأمريكيين. ·تحول أنور هدام للقاء روما الذي جمع المعارضة الجزائرية في نوفمبر 1994 على متن الطائرة الخاصة لوزير العدل الأمريكي بينما أوعزت الولايات المتحدة للسلطات الألمانية بان تمنع رابح كبير – مزاحم أنور- من السفر. ولم تقتصر الولايات المتحدة على مساعدة بروز الحركات الإسلامية بل إنها أوعزت لحليفها الإسرائيلي بالنسج على منوالها. فحسب الكاتب » الحركة الأصولية الإسلامية والصهيونية هما عدوان يكملان بعضهما البعض. » ما كانت لحركة حماس أن تبرز لولا التشجيع الإسرائيلي الرسمي في السبعينات حين أرادت أن تحد من نشاط منظمة التحرير الفلسطينية. لقد دعمت الشين بيت ، المختصة في الأمن الداخلي ، الحركة الإسلامية في فلسطين التي يعتبرها الكاتب » الفرع الفلسطيني لحركة الإخوان المسلمين » وذلك بهدف « إضعاف حركات مثل الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية » . حسب الكاتب فقد التقت مصالح كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس في ذلك الوقت في هدف مشترك: « أولوية مواجهة الحركات الماركسية واليسارية. » ولم تقتصر المساعدة على الأمور المالية بل أن إسرائيل قد سمحت للمجمع الإسلامي، ببناء » مستوصفات ومستشفيات ودور أطفال ونوادي رياضية » كي تدعم تواجدها في غزة. كما يورد مقولة للحاكم العسكري الإسرائيلي في غزة، الجنرال سيقاف » الذي يلخص موقف الدولة الصهيونية بقوله » نعطي بعض المساعدات المادية لبعض الحركات الإسلامية كما نساعد في بناء مساجد ومدارس وذلك لبناء قوة مضادة للمجموعات اليسارية التي تساند منظمة التحرير. » صعب جدا أن نأتي على كل ما يحويه الكتاب من معطيات هامة. فهو عبارة عن تقارير صحفية موثقة يحاول الكاتب عبرها إبراز دور الولايات المتحدة الامريكية في بروز الحركات الإسلامية بمختلف تفريعاتها ، انطلاقا من رؤيتها البراغماتية والنفعية التي هيمنت-وتهيمن-على سياستها الخارجية. في المقابل فان الحركات الإسلامية استفادت من هدا البعد البرغماتي في السياسة الأمريكية ، كما استفادت من النيوليبرالية الاقتصادية لتنتشر وتقوى، لان « عصب الإسلام السياسي ليس الدين بل المال. » لكن في رأينا ما يمكن أن يثير جدلا مثلما أسلفنا في بداية المقال – ليست الحقائق الموثقة التي يرويها و لا تعاليق الكاتب على الأحداث التي نعتقد أنها موفقة ، ما يمكن آن يعترض عليه العديد من المحللين هو جمعه لكل الحركات الإسلامية في سلة واحدة ، دون انتباه للفوارق المهمة -في الوسائل والغايات- التي تشقها والتي إن انتبه لها الكاتب تساهم حتما في بناء رؤية أكثر دقة وموضوعية.
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 74 بتاريخ 26 سبتمبر 2008 )
التنين ينهض.. ولكن! الصين تنتج والفقراء يدفعون الثمن والدول الغنية تجني الأرباح
غسان إبراهيم* روجت وسائل الإعلام لظهور الصين على الساحة الدولية كعملاق جديد يدخل نادي الكبار من أوسع الأبواب. واعتمد الكثير في طرحهم هذا على ان الصين أسرع الاقتصاديات نموا (11% سنويا)، وتحتل المرتبة الأولى في ادخار الاحتياطات الأجنبية حيث بلغت 1534 مليار دولار (بالدرجة الأولى الدولار الأمريكي). وتمتلك أكبر جيش في العالم من حيث العدد (يتراوح بين 2.5 – 3 مليون فرد)، ورابع أكبر ميزانية دفاع في العالم والتي تتزايد بنسبة 10% سنويا. كما تعتبر الأولى عالميا في إنتاج الحديد والمعادن والاسمنت، والثانية في استهلاك الطاقة بشكل عام، والثالثة في استهلاك النفط تحديدا، كما تعتبر ثالث اقتصاد من حيث الدخل القومي الإجمالي الذي بلغ 6991 مليار دولار امريكي. وحسب موقع مجلة الايكونومست، فقد ساهم الاقتصاد الصيني بإنقاذ الاقتصاد العالمي في بدايات هذا العقد من ركود عالمي خصوصا بعد الأزمات المالية التي ضربت الاقتصاد الأمريكي. ويرى بنك (مورغن ستانلي) أن انتقال الكثير من الشركات الأمريكية إلى الصين بغرض الإنتاج وفر على المستهلك الأمريكي خلال عشر سنوات (1996-2006) أكثر من 600 مليار دولار. وتضاعفت صادراتها إلى أمريكا 16 مرة خلال 15 عاما بينما تضاعفت وارداتها من أمريكا أربع مرات فقط، فقد استوردت شركة « Wal-Mart » الأمريكية (التي يمثل دخلها حوالي 2 الى 3% من الدخل القومي الأمريكي) 80% من منتجاتها من الصين، ففي عام 2006 استوردت أكثر من 18 مليار دولار من المنتجات الصينية. إضافة إلى ذلك، يذهب الكثير من المحللين إلى المغالاة في تعظيم الدور الصيني عالميا من خلال اعتبار أن الظهور الصيني يمثل مرحلة ثالثة من مراحل التطور في الساحة العالمية خلال القرون الأربعة الماضية، حيث تمثلت المرحلة الأولى بظهور القوة الأوروبية في القرن السابع عشر. ثم المرحلة الثانية المتمثلة بنهوض الاقتصاد الأمريكي في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، أما المرحلة الثالثة المبالغ فيها تتمثل في بزوغ قوة جديدة من الشرق وهي القوة الآسيوية وتحديدا في الصين بالدرجة الأولى ومحيطها من الهند وكوريا واليابان. وبالعودة إلى تاريخ هذا التطور العالمي نجد أن الانتقال من مرحلة إلى أخرى كان مترافقا مع أزمات ومحاولات من طرف للتغلب على الآخر ليحل محله ويتابع مسيرة جديدة في النظام العالمي، فمثلا بروز أمريكا كقوة عالمية وقطب أوحد لم يصل إلى هذا المستوى إلا بعد الاستفادة من انتصارات عسكرية لها ولحلفائها في الحروب العالمية وانتهاء مرحلة الحرب الباردة بإزاحة أي منافس عن المشهد العالمي بكل الطرق. وسابقا الظهور الأوروبي والنهج الاستعماري التقليدي الذي غذى النهضة والثورة الصناعية وقدم ارو ربا كقوة عظمى، أما اليوم فيبدو أن المرحلة الجديدة الصينية لا تحمل هذا البعد (من انتصارات، إزاحة، استعمار..) لا لكونها أكثر إنسانية بل لكونها غير قادرة على أن تزيح اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية ولا تزال عاجزة أن تفرض نفسها بشكل مستقل. إن ظهور الصين كقوة حقيقية منافسة في المجتمع الدولي أو بديل عن أقطاب رائدة في العالم أمر مشكوك فيه، فهي لا تعدو عن كونها ورشة عمل تنتج لحساب الدول المتقدمة على حساب الدول الفقيرة. ولتوضيح هذا الطرح لابد من أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار: -قطاع الصناعة الصينية عبارة عن مصنع أو معمل ينفذ تصاميم وطلبات العالم المتقدم الذي يحدد معايير الإنتاج ومواصفاته وتصاميمه ومدة الإنتاج ونوعية المنتج وجودته لتتناسب مع السوق الذي تختاره الدول المتقدمة، حيث تنفذ الصين ذلك بأرخص التكاليف تاركة هامشا كبيرا من الربح لتلك الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي نقلت جزءا كبيرا من خطوط إنتاج شركاتها إلى الصين. وبالتالي فان النمو الاقتصادي في الصين لم يخلق قطاعات إبداعية، لأن أغلب المنتجات الصينية قائمة على تنفيذ الأوامر المحددة مسبقا وتخلو من أي إضافة صينية إبداعية في أغلب مجالاتها.. -الصناعة الصينية تقدم منتجا مصنعا من مواد أولية مستوردة بأسعار رخيصة جدا من الدول الفقيرة. وتعيد تصنيعها لتحويلها إلى سلع تحتوي قيمة مضافة لترفع أسعارها إلى أضعاف ما استوردته من مواد أولية. لتقدمه للعالم المتقدم بأسعار رخيصة نسبيا (في حال إذا ما قارنا عملية الإنتاج هذه بين الصين والعالم المتقدم) ليتكفل مهمة تسويقه وجني الأرباح على حساب الدول النامية المصدرة للمواد الأولية الرخيصة، والصين المنتج للسلع باستخدام القوة العاملة الرخيصة. عليه, يبقى العالم الثالث (بما فيه الصين طبعا) في المرحلة المقبلة عالماً متخلفاً لا يجد أي فرصة لتحقيق تنمية تخرجه من هذه الدائرة المغلقة. – النمو الصناعي الكبير الذي تحقق في الصين لم ينعكس على المستوى المعاشي للشعب الصيني بل تضاعفت الفجوة بين طبقات الشعب وتحول أغلب الطبقة المتوسطة إلى طبقة عاملة بدخل محدود، بينما ظهرت طبقة ثرية تستثمر بالتعاون مع الشركات العالمية التي توظفهم كوسطاء ينقلون أوامر الإنتاج إلى الشركات الصينية التي تقتصر مهمتها على الإنتاج بأرخص التكاليف، ولم تلعب هذه الطبقة الثرية دوراً تنموياً في الصين كما فعلت الطبقة البرجوازية التي ظهرت أيام الثورة الصناعية في أوروبا. اذاً، النمو الاقتصادي الصيني لا يحمل في طياته بعداً تنموياً بل نموا متسارعا نتيجة دخول استثمارات أجنبية يهمها الإنتاج الرخيص وليس تحقيق تنمية تخدم الشعب الصيني. -الثورة الصناعية في الصين خالية من مضامين النهوض الاجتماعي كونها لم تترافق مع انفتاح في الحريات وحقوق الإنسان والتحرر الفكري والثقافي بل ظهرت كطفرة في مسيرة النمو على عكس ما شهدته التجربة الغربية في أوروبا. -المنتج الصيني ليس له معايير وطنية ودولية ثابتة، فما تنتجه الصين من منتجات موجه الى أوروبا مثلاً لها مواصفات الإنتاج الأوروبي. وما ترسله إلى الدول المتخلفة خال من أية معايير ومقاييس للجودة ولا تتشابه مع ما ترسله إلى الغرب إلا في الشكل فقط فهي مجرد سلعة رخيصة للاستخدام بدون معايير الجودة والسلامة والأمان، المهم أنها رخيصة. -دخلت الصين نادي كبار الملوثين للبيئة ليس نتيجة الأعمال التنموية التي تحققت في الصين بل نتيجة تحولها إلى أكبر منتج لحساب الآخرين على حساب تحمل الصين أعباء بيئية أمام شعبها من جهة، حيث أصبحت أغلب المدن الصينية مصنفة من بين أسوأ المدن للعيش عالميا نتيجة ارتفاع مستويات التلوث في الجو والتربة والهواء. ومن جهة أخرى، تتحمل الصين عبئاً بيئياً دولياً أمام المجتمع العالمي الذي بدأ يضغط على الدول الصناعية لتحمل مسؤولية التلوث المسبب لاتساع ثقب الأوزون واعتبار الصين أحد أكبر المسؤولين، متناسين أن الانبعاثات الملوثة للبيئة الصادرة عن الصين ليست نتيجة بناء وتنمية بل نتيجة ما تقدمه وتنتجه بالنيابة عن العالم المتقدم والذي وجد في الصين « كبش الفداء » لتحميلها أغلب الأعباء بتصنيفها أكبر الملوثين الآن، ومتناسين أيضا أن العالم الصناعي التقليدي وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية ظلت تلوث خلال الخمسين عاما مضى رافضة أن توقع على اتفاق « كيوتو »، ولكن بعد أن نقلت اغلب صناعاتها إلى الصين، أظهرت الدول الصناعية اهتماما بقضية التغير المناخي وحماية البيئة ومطالبة الصين عن ذلك وتحميلها مسؤولية عن الكوارث المناخية. -جزء كبير من الإنفاق العام الحكومي الصيني يتوجه لخدمة عمليات الإنتاج المخصص للتصدير (التي تخدم السوق الخارجية) مع إهمال قطاعات حيوية (التي تخدم الشعب الصيني) مثل الصحة والتعليم والتربية. -النمو الصناعي حمل أثراً سلبياً على قطاع الزراعة حيث سحبت الصناعة الأيدي العاملة من الزراعة التي تخضع إلى العامل الموسمي غير الثابت من جهة. ومن جهة ثانية، تراجع دعم الحكومة للقطاع الزراعي وبالتالي انخفاض المستوى المعاشي للفلاحين على عكس ما يفعله الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية من دعم غير محدود للزراعة. -تعتمد الصين الدولار الأمريكي كعملة لتقييم كل الأصول الصناعية والاستثمارات وبالتالي يترتب عنه ربط غير مباشر بهذه العملة ومستقبلها، مما يعني أن الاقتصاد الصيني سيعمل جاهدا على حماية الدولار من الانهيار من خلال ضخ المزيد من الأموال لشراء سندات الخزينة الأمريكية لتغطية العجز في الميزانية الأمريكية والعجز في ميزان التجارة الخارجية ولدعم الدولار. اي تعاظم المديونية الأمريكية التي بلغت 12250 مليار دولار أمريكي لحساب الصين التي تعتبر اكبر الدائنين. وبكلام آخر لا يكتفي المستثمر الأمريكي مما يجنيه من أرباح السلع الصينية رخيص التكاليف بل يضع الصين في موضع لا يمكنها أن تتخلى عن الاقتصاد الأمريكي أكبر مستورد للسلع الصينية. مما يجعل الصين تابعا بشكل غير مباشر للسياسات الاقتصادية (النقدية والمالية) التي تصدرها واشنطن، وواجب عليها أن تصلح وتتحمل أعباء ما تخربه الإدارة الأمريكية في الاقتصاد العالمي ككل. -النمو الاقتصادي السريع الذي تنعم به الصين يسير في مستقبل ضبابي لكونه معتمداً على تلبية احتياجات السوق الدولية (أي تنتج للخارج فهي اقتصاد تصدير) مما يعني أن مستقبل هذا النمو الاقتصادي يعتمد على مدى استقرار السوق الخارجية، فأي أزمة في السوق الأمريكية ستنعكس على الاستهلاك الأمريكي وبالتالي على الإنتاج الصيني وعلى مستقبل النمو الاقتصادي هناك، لغياب سوق صيني حقيقي وغياب عملية تنمية مستدامة في البلاد. -على الرغم من كون نموها معتمداً على التصدير فهي تعتبر من أكبر مصدري السلع في العالم من ناحية الكم، أما من ناحية قيمة صادراتها فترتيبها الرابع بما يقدر بحدود 1217 مليار دولار بينما تفوقت ألمانيا على الصين في قيمة ما تصدره 1334 مليار دولار بالرغم من الأزمات الاقتصادية التي تعانيها « العجوز الأوروبية ». لذا لا يمكن تصنيف الصين كقوة اقتصادية خارقة حتى مع الأخذ بعين الاعتبار أهم عنصر من عناصر نموها وهو التصدير. -وعلى الرغم من أن شنغهاي مركز مالي مساحته ثمانية أضعاف مساحة مدينة المال في لندن تظل الصين غير قادرة على أن تلعب دور مركز مالي عالمي يضاهي لندن او نيويورك. وعلى صعيد النظام البنكي، تعاني الصين من عدم وجود سياسيات نقدية فعالة يديرها بنك مركزي تابع لسياسات الحكومة المركزية ذات التوجه المشوش بين الاشتراكية والرأسمالية، إضافة إلى غياب قطاع مصرفي يتناسب مع الأنظمة البنكية العالمية، فلازالت أغلب الاستثمارات الأجنبية في الصين تدار من قبل بنوك وصناديق استثمارية غربية بالدرجة الأولى. – صحيح أن الاقتصاد الصيني هو الثالث من حيث الدخل القومي الإجمالي ولكن عندما نوزع هذا الدخل على الشعب الصيني نجد أن متوسط الدخل السنوي بالنسبة للمواطن الصيني بحدود 5300 دولار أمريكي فقط لا غير. أي تحتل مرتبة اقل من الكثير من الدول الفقيرة حيث أخذت المركز 133 بينما مصر إحدى الدول النامية تحتل المرتبة 130. أضف إلى أننا إذا أخذنا في الاعتبار أن حوالي 30% إلى 40% من الدخل القومي الصيني ناتج عن مستثمرين وشركات أجنبية ويعود لحسابها الخاص، سنجد أن متوسط الدخل السنوي الفعلي بالنسبة للمواطن الصيني سينخفض إلى أقل من 4000 دولار أمريكي، وبالتالي ستصنف الصين في مراتب بعد 150 بين دول العالم وستكون أكثر فقرا من كوبا مثلا التي تصنف في المركز 149. بكلام آخر سيتحول هذا التنين العملاق الناهض إلى سحلية هزيلة في عالم تسود فيه القيمة على الكم والحجم. غير أن الأمر الذي لا شك فيه هو أن التنين الصيني ينهض، ولكن يبدو أنه نهوض هزيل وتابع لدرجة أن الصين غير قادرة على أن تأخذ دورا حقيقيا في الاقتصاد العالمي، لتظهر كطرف ثالث يعمل بالوساطة لحساب أطراف أخرى، وليس كلاعب مستقل يأخذ مكانا بارزا في المجتمع الدولي ويفرض شروطه التي يفضلها بقدر ما يتقبل شروط الآخرين ويخدم مصالحهم أملا في الحفاظ على نصيب فيها أو على بعض من الفتات المتبقي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مدير تحرير جريدة « العرب الأسبوعي » الصادرة من لندن. ghassan.ibrahim@yahoo.co.uk
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 74 بتاريخ 26 سبتمبر 2008 )