الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان: بيـــان
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان
القيروان 1 مارس 2007
بيــــــــــــــــــان
يوم غرة مارس2007 تمر الذكرى الثانية لإيقاف وسجن المحامي الأستاذ محمد عبو وذلك على خلفية مقالين نشرا عبر الانترنات ، الأول حول الوضع في السجون التونسية والثاني حول استدعاء الحكومة التونسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي أريال شارون لقمة المعلومات .وقد حوكم بثلاث سنوات ونصف بعد أن أثيرت ضده فجأة قضية تعود وقائعها لأكثر من سنتين ، في محاكمة لم يحترم فيها حق الأستاذ عبو في الدفاع عن نفسه ولاحق المحامين في الدفاع عن زميلهم.
ومنذ إيقافه في غرة مارس 2005 والأستاذ عبو يواجه ظروف سجنية قاسية ، خاصة بعد نقله إلى السجن المدني بالكاف . كما أن عائلته – وخاصة زوجته وأبنائه – تواجه العديد من المضايقات كالمنع من الزيارة والتهديد والاعتداءات اللفظية .
وبهذه المناسبة يؤكد فرعنا على :
– مساندته الكاملة للأستاذ محمد عبو وتضامنه معه ومع عائلته ويدعو إلى إطلاق سراحه والكف عن مضايقته واحترام حق عائلته في حياة آمنة، خالية من المضايقات .
– تأييده لكل المبادرات الوطنية والعالمية التي تطالب بإطلاق سراح الأستاذ محمد عبو ويدعو إلى مزيد تفعيلها .
– دعوته المتجددة لإطلاق سراح جميع مساجين الرأي وسن عفو تشريعي عام .
عن هيئة الفرع
الرئيس
مسعود الرمضاني
عامين وراء القضبان محمد عبو المتمسك بحقه في حرية التفكير والتعبير ورفضه الخضوع للابتزاز
القاهرة في 1 مارس 2007م اليوم في العاشرة مساء يمر عامين كاملين في أول مارس/آذار 2005 علي اعتقال الناشط والمحامي محمد عبو في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، كعضو قديم في الهيئة الإدارية لجمعية المحامين الشبان وكعضو في المكتب التنفيذي لمركز تونس لاستقلال القضاء والنقابة. هو أيضا عضو مؤسس للمنظمة الدولية لنصرة المساجين السياسيين وعضو في الهيئة الوطنية للحريات في تونس حكم عليه بالحبس ثلاث سنوات وست أشهر سجن في قضية ملفقة تعود وقائعها إلي عام 2002 إلي ما قبل ثلاث سنوات علي تاريخ المحاكمة لتحويل الأنظار عن الأسباب الحقيقية لمحاكمته حيث تمت محاكمته بسبب نشر مقالين . الاول بعنوان أبو غريب العراق وأبو غريب تونس » يجري هذا المقال مقارنة بين وضع السجناء في السجون العراقية والسجناء السياسيين في تونس. ويستنكر عمليات التعذيب الممارس في السجون. والمقال الثاني بعنوان « بن علي- شارون » في مناسبة توجيه الدعوة لشارون لحضور قمة المعلومات « . ويتعرض عبو وعائلته لكل إشكال الاضطهاد من منع للزيارة وظروف غير إنسانية بالإضافة للمضايقات التي تتعرض لها عائلته وخاصة زوجته السيدة سامية عبو التي كلما حاولت زيارته يتم إيقافها وكل من معها في الطريق عدة مرات مع ما يرافق ذلك من استفزازات واعتداءات لفظية . والمنظمات الموقعة علي البيان تؤكد على ضرورة إطلاق سراح محمد عبو وجميع مساجين الرأي والتعبير بوصفه مطلبا لا يحتمل التأجيل خاصة وان جميع الأعراف الدولية تقضى صراحة بحرية الرأي والتعبير . مزيد من التفاصيل علي الرابط : http://www.hrinfo.net/tunisia/makal/2005/pr0917.shtml المنظمات الموقعة : الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب
برامج حصة يوم الأحد 4 مارس 2007
الحلقة 43 تبث الحصة من الساعة السابعة إلى التاسعة مساء وتعاد يوم الأربعاء على نفس التوقيت. الأخبار: متابعة لآخر الأحداث الاجتماعية والسياسية وللتحركات النضالية الميدانية. أخبار واقع الحريات وانتهاكات النظام التونسي للحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للشعب التونسي. تقرير بالصور على عين المكان للاجتماع الذي منعه البوليس بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي الذي دعت إليه هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات ,ويحمل هذا التقرير شهادات حية جديدة لمعانات عائلات الشبان المتهمين بالإرهاب ومداخلات سياسية . تقرير حول الدورة السادسة للمطالبة بالعفو التشريعي العام وإطلاق سراح المساجين السياسيين الذي التأم بباريس يوم 23 فيفري 2007 شهادة من قبل بوحجيلة حول معاناته و معانات ابنه المحكوم ب11سنة سجن . حوار بين صحافيي قناة الحوار التونسي حول معاناتهم اليومية والملاحقات البوليسية لمنعهم من التصوير . تقرير حول الصحف التونسية الصادرة حديثا وأساسا صحف المعارضة . تقرير صحفي حول الإضرابات الطلابية الأخيرة قناة الحوار التونسي باريس في 2-3-2007
تقرير مفصل من الحوار نت عن اليوم التضامني مع السجين السياسي في تونس
الذي عقد بباريس تحت عنوان من أجل إطلاق سراح المساجين السياسيين بتونس
تظاهرة أمام مكتب السياحة التونسي في باريس احتجاجاً على اعتقال محمد عبو لأكثر من عامين
خمسة ملايين يورو لإصلاح تعليم الفرنسية في تونس
تقرير إخبارى: تونس تسعى لزيادة إستغلال حصص صادراتها الزاعية إلى أوروبا
ازدياد نسبة الشيخوخة وتراجع النمو السكاني في تونس
خيار الديمقراطية والحوار في إيطاليا على المحك
إلغاء انعقاد ندوة دولية في تونس
الإستهانة بقطاع صناعة الألبان يُهدد أمننا الغذائي
تونس..عندما يتحول » بوليس » إلى إمبراطور فى جمهورية !!!؟
صـــابر – سويسرا
مفارقات عجيبة ومقرفة تلك التى تحدث فى جمهورية « سبعة حناش » … وما أكثر تلك المفارقات المذهلة فى » دولة القانون والمؤسسات » … من تلك العجائب أن يتحول عون أمن بسيط إلى حجاج زمانه وبوكاسا عصره وتشاوسيسكو مملكته . لقد وجد الشرطى العادي من الحصانة من قبل الدولة فى تونس ما يكفيه لسفك الدماء وإنتهاك الأعراض والعبث بالمواطن على هواه وكيفما يحلو له دون أن يخضع للمحاسبة أو التتبع القانونى العادل , ليتحول هذا الشرطى من رجل أمن يحرس القانون وأمن المواطن وحقوقه إلى مارق عن القانون وعابث ومستهتر بكل الحقوق , يتصرف بصبيانية تجاه كل من لا يعجبه إن الإعتداء السافر الذى تعرض له المواطن الشاب محمد الجبالي من قبل عون الأمن المسمى يسري يلخص الممارسات التى يقترفها البوليس فى تونس تحت الحصانة الرسمية بالرغم من أن هذه الممارسات لا تسمح بها دولة تحترم » القانون والمؤسسات » التى تدعيها السلطة , وما يزيد فى الجرم فى هذه الحادثة أن عون الأمن حاول مرة ثانية بعد الأولى إطلاق النار على المواطن محمد الجبالي وهو ما يعنى بلا لبس أن العون المذكور يتصرف تصرف الواثق من نفسه أنه محمي بتأكيدات رسمية قبل أن يباشر مهامه فى هذه المهنة , فهو يعرف أنه فى حصانة من أي عقاب حين إقترف هذه الجريمة , طالما أنه لا يعصي أمرا رسميا مهما كان , أما إذا » تجاوز » فى حق المواطنين فهو فى حل من أي تتبعات وما أخطر أن تكون هذه التجاوزات هي سياسة رسمية وهذا هو الذى يحصل على أرض الواقع إن أي خصومة عادية لمواطن عادي مع شخص يعمل بالأمن وهو خارج أوقات العمل ( ودعك من الحديث أثناء عمله ) ولا يحمل زيا رسميا تجعل هذا المواطن عرضة لممارسات تعسفية تحول حياته إلى جحيم حتى وإن كان فى الموقف هو المظلوم وليس الظالم … ففى الوقت الذى تكون فيه هذه الخصومة البسيطة بين مواطنيين مهما كان وضعهما المهنى أمر عادي يطويها النسيان وتنتهي , فإن الخصومة الشخصية مع أي شخص يعمل فى الأمن تحول الموضوع إلى قضية أمن دولة يتصرف فيها هذا العون تصرف السلطان حين يتحول المركز الذى يعمل به إلى متبن لقضيته الشخصية واضعا كل إمكاناته تحت تصرف هذه القضية من أجل نصرته ولو كان ظالما … وهناك حوادث وقعت فى تونس كانت عابرة للولايات كانت القضية برمتها حصول نزاع شخصي عادي بين » رجل أمن » تنقل إلى ولاية أو جهة تونسية بعيدة عن مقر عمله وحصلت له مشاجرة مع مواطن عادي فأخذ الأمر أبعادا تحول بموجبه ذلك العون البسيط إلى شخص ذو نفوذ غير معقول وسطوة غير بسيطة , لتتحول المشاجرة العادية إلى خصومة مع الدولة فينفتح باب الويل والثبور على المواطن المسكين والذى لم يكن ذنبه إلا أنه تخاصم مع رجل يعمل فى سلك الأمن وهو لا يعلم !!! .. فتعلمه الأحداث أنه فتح على نفسه حرب البسوس وهو خالي الذهن . وما تجدر الإشارة إليه هو العدد الغير محصور من أسماء الفرق الأمنية فى تونس لقد أطلقت أيادي البوليس من قبل مرؤوسيهم ليتصرفوا تصرف الصعاليك والمنحرفين تجاه المواطنين من أجل زرع الخوف والإرهاب بينهم كي لا يرفعوا رؤوسهم بالإحتجاج أو حتى التفكير فى أي صيغة منه تجاه السلطة ليتحول البوليس إلى غول يسحق كل من يرفع له رأسا بمخالفة حديث أو أمر عون عادي, وهذه الممارسات لا تخص المعارضين السياسسين للنظام فقط بل إنها تطال كل مواطن لا ينصاع إلى أمر ظالم أو لا يقبل ممارسة غير قانونية , وحين يحتج أي مواطن على ممارسات البوليس فى حقه يجد الجواب المهذب » هاذيكة خدمتو » أما الأجوبة الأخرى فهي من الحزام وإنتى هابط » حتى الجلد ومشتقاته وما السجن ببعيد إن أهم وزارة اليوم فى تونس بن علي والتى تحظى بالرعاية الأولى للدولة وبالنفوذ الأول فى البلاد هي وزارة الداخلية حتى أنها فاقت المؤسسة العسكرية فى النفوذ و الرعاية والإنفاق , كما أن هذه الوزارة لا تخضع للمحاسبة على أي تجاوز ترتكبه فى حق المواطنين وما أكثر الفضائع الذى إرتكبتها هذه العصابات التى تأتمر بأوامر رأس الدولة ووزير داخليته إن حالة الشاب محمد الجبالي ليست مع الأسف حادثة معزولة فى تونس ولكنها سياسة رسمية , ولا أمل لهذا الشاب وعائلته أن تأخذ العدالة طريقها لتسائل العون المعتدي ولكن جل ما سينتهى إليه الأمر هو أن يعفى العون يسري من مسؤولية الإعتداء ويذهب حق المواطن الضحية هدرا لدى السلطة هذا إن لم يقع تتبعه بقضايا ملفقة من أجل أن يصمت.. ولكن عين الله لا تنام على الظالم
« للذّكر مثل حظّ الأنثيين » (1)
جرح التّفضيل الإلهيّ
رجاء بن سلامة
كانت حصّة ابن الزّنا في فرنسا تعادل نصف حصّة الأبناء الشّرعيّين، إلى أن تمّ تعديل القانون الفرنسيّ سنة 2000 ، امتثالا للمعايير التي تعتمدها المجموعة الأوروبّيّة في العمل بمبدإ المساواة. وعملا بآية المواريث التي تنصّ على أنّ « للذّكر مثل حظّ الأنثيين » (النّساء، 11)، ترث الابنة التّونسيّة « الشّرعيّة » اليوم نصف ما يرثه أخوها الذّكر. فتونس لم تشهد بعد الإصلاح القانونيّ الذي يسوّي بين الورثة بقطع النّظر عن الجنس ونوعيّة البنوّة. ولكنّ اللاّفت للنّظر على كلّ حال، هو أنّ ابن الزّنا في نظام ميراثيّ نظير البنت الشّرعيّة في نظام آخر.
هذه المقارنة بين نظامين قانونيّين مختلفين قد تبدو خلطا غريبا، ولكنّنا نرى فيها نوعا من « التّرجمة » التي تمكّننا من الكشف عن طريقة اشتغال الأنظمة الميراثيّة وعلاقتها بأجهزة السّلطة التي تقوم عليها المجتمعات التّقليديّة، أي تسمح لنا باكتشاف اللاّمفكّر فيه واللاّمصرّح به في هذه الأنظمة، ككلّ عمليّة ترجمة بين الثّقافات. فالتّمييز في حصّة الميراث طبقا للجنس والتّمييز طبقا لطبيعة البنوّة يشتركان في أمر مهمّ : إنّهما ناتجان عن الخوف نفسه من « الشّائبة » التي تشوب التّسلسل المطّرد لنسل الأب وتشوب نقلة أملاكه. ولد الزّنا هو « ابن الحرام » المنحدر من الغريبة، والبنت وإن كانت شرعيّة فإنّها تظلّ الغريبة التي تتزوّج غريبا يمدّ يده إلى ميراث الأب. المرأة هي الغريبة التي تدخل الغريب إلى بيت الأب، رغم أنّها تمثّل في الوقت نفسه حافظة للهويّة وللشّرف في النّظام الأخلاقيّ. فما يبدو مولّدا لهذين النّوعين من التّمييز في الميراث هو نوع من عبادة الخاصّ والمحض والعصبة، أي القرابة من جهة الأب، والملكيّة الخاصّة العصبيّة والنّسب الأبويّ والاسم الأبويّ.
وهذه « التّرجمة » من شأنها أن تكشف أيضا عن العنف البارد الصّامت المنجرّ عن التّمييز عندما يكون مؤسّسيّا، وعندما يستند إلى تنظيمات اجتماعيّة ضاربة في القدم، فيكون بديهيّا مسلّما به، ويكون التّشكيك فيه كالتّشكيك في قرص الشّمس الطّالع في وضح النّهار. ورغم ذلك، فإنّ قسمة الميراث كما نعيشها اليوم لحظة غريبة تتكثّف فيها معاني الوجود والنّصيب، بحيث يمكن أن تهمس البنت الشّرعيّة أو كلّ من يرث نصف حصّة إخوته : « أنا أساوي حصّتي، حصّتي نصف حصّة لأنّني نصف بشر »… ففي اللّحظات الحرجة التي يمثّلها الحداد والافتراق والقسمة يدرك هذا الصّنف من البشر أنّ لعنة ما تبصمهم بالغرابة والهجنة، وأنّهم يتحمّلون وزر إثم لم يقترفوه، هو إثم تلويث النّسب وميراث الأب.
ولكنّ هجنة المرأة تبدو لنا أكبر من هجنة ولد الزّنا، بما أنّها ليست ناجمة عن ملابسات حياة الأب، بل هي نتاج مباشر لكينونة المرأة باعتبارها امرأة. فليس من الغريب أن يكون المحرّم المتعلّق بالميراث منظّما اليوم حول المرأة، بما أنّ الابن غير الشّرعيّ المولود من أب تونسيّ يمكن أن يرث كبقيّة إخوته إذا قبل الأب بالأمر، في حين أنّ المساواة في الميراث بين الرّجال والنّساء تواجهها معارضة عنيفة ومتنامية، ليس أدلّ على ذلك ممّا قرأته مؤخّرا في بعض مدوّنات شيكة الأنترنيت، فقد اعتبر بعض المدوّنين العرب مطالبة التّونسيّات بالمساواة في الإرث من أشراط السّاعة لا أكثر ولا أقلّ.
إنّ التّناظر الذي أقمناه بين الابن غير الشّرعيّ والبنت وإن كشف لنا بعض أبعاد المعاملة القانونيّة المهينة، فإنّه لا يفسّر لنا سبب تواصل المحرّم ومحاولات تأبيده عندما يتعلّق الأمر بالنّساء المسلمات. هجنة المرأة قد تكون معطى أنتروبولوجيّا ناجما عن الصّيغة العتيقة لمنطق تبادل النّساء، ولكنّ لعنة المرأة المسلمة لها أسباب أخرى تضاف إلى هذه المعطيات العامّة نسبيّا.
فعمليّة التّرجمة تفضي بنا إلى عمليّة حفر في الذّاكرة وفي أرشيف النّصوص، لمحاولة إحلال مبدإ « للذّكر مثل حظّ الأنثيين » في سياقه التّاريخيّ والعقائديّ، مقتصرين على مسألة ميراث الأبناء، دون الدّخول في تفاصيل علم الفرائض وفي تفريعاته المعروفة والمنشورة قي كتب التّراث، فليست هذه غايتنا من هذا المقال.
يبدو أنّ العرب في الجاهليّة لم يعرفوا نظاما ميراثيّا موحّدا، بحيث كانت المٍرأة ترث في بعض القبائل ولا ترث في بعضها الآخر. ولكن يمكن أن نستنتج من القرآن ومن الجهاز التّفسيريّ المحيط به أنّ مبدأ التّفضيل على أساس المشاركة في الحرب كان معمولا به لدى هذه المجموعات القبليّة التي يمثّل فيها الغزو وتحصيل الغنيمة وسيلة للإنتاج : يقول الواحديّ : « وكانوا في الجاهلية لا يورّثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكراً، إنما يورثون الرجال الكبار، وكانوا يقولون: لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل وحاز الغنيمة. » (أسباب نزول القرآن، ص 50، موقع الورّاق). وقد تعامل الإسلام على نحو مختلف مع هاتين الفئتين المحرومتين من الميراث. أمّا الصّبيان، فهم اليتامى الذين أنصفهم القرآن، ومنحهم حقّ الميراث في الآية الثّانية من السّورة التي جاءت فيها آية المواريث المشار إليها، وهي سورة النّساء : « وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدّلوا الخبيث بالطّيّب، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنّه كان حوبا كبيرا. »
أمّا النّساء، فشأنهنّ أكثر تعقيدا، لما تفيده الأبحاث التّاريخيّة من وجود نظامين ميراثيّين مختلفين : نظام مكّيّ يمكّن النّساء من الميراث، ومن ميراث أزواجهنّ خاصّة، وهو ما يفسّر ثروة خديجة زوجة الرّسول الأولى، ونظام مدنيّ كان فيه النّساء لا يرثن، بل يتوارثن أحيانا. فحصيلة ما فعله القرآن في ما يتّصل بميراث المرأة يتمثّل فيما يلي :
1-النّهي عن توارث النّساء رغم عدم رضاهنّ، كما جاء في الآية 18 من السّورة نفسها : « يا أيّها الَّذينَ آمَنوا لا يَحِلُّ لَكُم أَن تَرِثُوا النِساءَ كَرها ». وتحريمه في الآية 22 : « وَلا تَنكِحوا ما نَكَحَ آَباؤُكُم مِّنَ النِساءِ… ». وهذا التّحريم يعني أنّ الإسلام لطّف من قسوة منطق تبادل النّساء بجعل النّساء الحرائر لا يتوارثن كالعبيد.
2-استبدال مبدإ التّمييز في الميراث على أساس القدرة في المشاركة في الحرب بالتّمييز على أساس النّوع، بما أنّ الصّبيان أصبحوا يرثون كالكهول، وظلّ عامل التّفرقة الأساسيّ في أحكام الميراث هو الاختلاف بين الذّكر والأنثى، وبين العصبة وذوي الرّحم، وهم الأقرباء من الأمّ.
3-إيجاد حلّ وسط بين حرمان النّساء من الميراث وتوريثهنّ مثل الرّجال، عن طرق مبدإ التّنصيف.
ربّما يكون هذا الحلّ الوسط نوعا من التّوفيق بين النّظامين المكّيّ والمدنيّ، ولكنّ مبدأ التّنصيف ذاته يجب أن يساءل على ضوء الأحكام الأخرى المحدّدة لمنزلة المرأة في الإسلام، وهذا ما سنحاول تبيّنه، دون أن نحاكم المؤسّسة الإسلاميّة النّاشئة بمعايير العصر الحديث، ودون أن نتبنّي الموقف الدّفاعيّ التّمجيديّ الذي يترك التّاريخ جانبا ليرى ما يريد، مستسلما إلى الحلم بالفردوس المفقود.
لم تكن المساواة بين المرأة والرّجل مطروحة في العصور القديمة بالوعي الذي تطرح به اليوم، وداخل السّياق المفاهيميّ نفسه. ومع ذلك، فيمكن أن نذهب إلى أنّ تساوي نصيب المرأة والرّجل في الميراث-لكي لا نستعمل العبارة الحديثة : « المساواة في الميراث« – لم يكن أمرا لامفكّرا فيه في عهد النّبيّ، بل كان إمكانيّة مطروحة في أفق المجموعة النّاشئة بما يعتمل فيها من طموح ما إلى تحقيق نوع من العدالة. كانت هذه الفترة فترة تحوّل واهتزاز للمؤسّسات القديمة، جعلا بعض النّساء الجسورات يطالبن النّبيّ بما سيصبح منعه شيئا فشيئا من الثّوابت المجمع عليها. يقول الواحديّ في تفسير أسباب نزول الآية « وَلا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ » : أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصوفي، أخبرنا إسماعيل بن نجيد، حدثنا جعفر بن محمد بن سوار، أخبرنا قتيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث، فأنزل الله تعالى (وَلا تَتَمنوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ) ». (ص50، موقع الورّاق).
في منطق هذه المرأة المكّيّة التي كانت إحدى زوجات الرّسول، لم يعد القتال مزيّة للرّجال تجعلهم جديرين بالميراث، بل أصبح مزيّة للرّجال تضاف إلى القتال مع ما يتبعه من غنيمة. فالسّؤال الذي طرحته هو : كيف يمكّن الرّجال من وسيلة إنتاج هي الجهاد، ومن وسيلة انتقال للثّروة هي الميراث؟ لماذا يفضل الرّجال على النّساء بالجهاد وبالميراث؟ لماذا يفضّل اللّه الرّجال على النّساء؟
وهناك رواية أخرى تبيّن أنّ النّساء طالبن أيضا بالجهاد : « أخبرنا محمد بن عبد العزيز، أن محمد بن الحسين أخبرهم عن محمد بن يحيى بن يزيد، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عتاب بن بشير، عن حصيف، عن عكرمة أن النساء سألن الجهاد، فقلن: وددنا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب الرجال، فأنزل الله تعالى (وَلا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ)« .
ربّما كان لمطالبة النّساء بالميراث تأثير في القرار الإلهيّ بعدم حرمان النّساء من الميراث حرمانا تامّا، ولكنّ عدم الحرمان كان يدخل في إطار الإنصاف لا المساواة. إنّ مبدأ الإنصاف غير مبدإ المساواة، لأنّ الإنصاف يعني تلطيف العلاقة بين الفاضل والمفضول دون إلغاء علاقة التّفاضل، وهذا ما فعله الإسلام في ما تعلّق بالرّقيق وفيما تعلّق بأحكام النّكاح. بل يمكن أن نذهب إلى أنّ الإنصاف من شأنه أن يبرز الأفضليّة ويؤبّدها، وهو ما يظهر من خلال دعوة القرآن إلى التّدرّج في معاقبة الزّوج زوجته معاقبة تصل إلى حدّ الضّرب، ففي ذلك تأكيد لمبدإ قيام الرّجال على النّساء، وحدّ من الإسراف الذي يمكن أن تؤدّي إليه متعة الرّجال المطلقة بطاعة الزّوجات لهنّ. فنحن نتّفق مع أنصار « النّسويّة الإسلاميّة » في اعتبار الحدّ من تسلّط الزّوج إنصافا للمرأة ورحمة بها، إلاّ أنّنا لا نتّفق معهم في الخلط بين الإنصاف والمساواة، بل نرى في هذا الإنصاف دعما لعلاقة السّيّد بالمسود، وإطالة لها بجعلها في حدود المحتمل. الإنصاف في المنظومات الاجتماعيّة القديمة هو ما يجعل العبد لا يفكّر في الأبوق، وما يجعل المرأة تتحمّل شروط النّكاح وطاعة الزّوج، ومؤسّسة الحجاب وكلّ آليّات المراقبة المسلّطة عليها.
وما نستنتجه رغم تعدّد روايات أسباب نزول الآية المذكورة، هو أنّ النّساء ذهبن في مطالبتهنّ إلى أبعد الحدود، وكان الرّدّ عليهنّ رادعا إلى أبعد الحدود. كان الرّدّ عليهنّ قاطعا وجازما، رابطا بين النّصيب في الإرث وبين قيمة الإنسان. إذا كان نصيب النّساء أقّلّ من نصيب الرّجال، وإذا كان الرّجال ينفردون بمزيّة الجهاد والغنيمة، فلأنّهم بكلّ بساطة أفضل من النّساء.
كان الجواب قرارا إلهيّا، وكان تأسيسا لمبدإ أنطولوجيّ وقانونيّ سيحدّد سقف الممكن، وسيحدّد نصيب النّساء من الميراث ومنزلتهنّ ودورهنّ في المجتمع طيلة قرون طويلة تمتدّ إلى اليوم. هذا القرار بأفضليّة الرّجال على النّساء لم يرد ضمنيّا أو مفترضا، أو « مشكلا »، بل كان صريحا لا غبار عليه، وهكذا فهمه القدامى رجالا ونساء حسب ما تفيده نصوص التّراث. وقد تكرّرت صيغ هذا القرار : أعيد التّذكير به في الآية 34 من السّورة نفسها : « الرّجال قوّمون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم… » ونجد تذكيرا به في الآية 228 من سورة البقرة : « … ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف وللرّجال عليهنّ درجة، واللّه عزيز حكيم ».
كان العصر عصر الأفضليّة لا عصر المساواة، وكان أقصى ما يمكن أن يؤنسن به نظام الأفضليّة هو حماية المفضول من إفراط الأفضل في العسف أي إنصاف المفضول لإدامة نظام الأفضليّة. كان لا بدّ من وضع حدّ لهذه المطالبة بالمساواة في عصر لم يكن فيه للمساواة بين الذّكر والأنثى وبين الأحرار والعبيد، والمسلمين وغير المسلمين مكان.
فنظام المواريث لم يكن اعتباطيّا بل كان مساوقا للمراتبيّة الاجتماعيّة التي كانت محكومة بأفضليّات ثلاث : أفضليّة الرّجال على النّساء، وأفضليّة الأحرار على العبيد، وأفضليّة المسلمين على غير المسلمين. وهذا ما يؤدّي إلى الأصناف التّالية من الورثة والموروثين : الوارث التّامّ، وهو الذّكر، والذي يرث نصف نصيب الذّكر ونصف نصيب الأنثى، أي نصيبا ينقصه ثلث، وهو « الخنثى المشكل » حسب أغلب الفقهاء، و »نصف الوارث » وهي البنت الأنثى، والذين لا يرثون، وهم غير المسلمين، وأطفال الزّنا، والقتلة، والذين لا يورثون، وهم المرتدّون، والذي يتوارثون ولا يرثون، وهم العبيد.
إلاّ أنّ مقدار نصيب المرأة لم يكن اعتباطيّا كذلك، لأنّ مبدأ التّنصيف كان ملاحقا لها منذ ولادتها إلى موتها. فـ »عقيقة » البنت، أي الوليمة التي تقام عند ولادتها يذبح فيها نصف ما يذبح في عقيقة الذّكر (شاة واحد مقابل شاتين للذّكر)، وشهادة المرأة تساوي شهادة نصف رجل، ودية المرأة، أي ثمن دمها إذا قتلت واختار أهلها العقل بدل القصاص هي نصف دية الرّجل حسب إجماع كلّ الفقهاء، وهو إجماع يستند إلى حديث يضعّفه بعض فقهاء اليوم، متغافلين عن مبدإ الأفضليّة الذي ينصّ عليه القرآن. ونجد في بعض النّصوص ربطا وثيقا بين نصيب المرأة من الميراث وقيمة ديتها، فقد جاء في لسان العرب : « وفي حديث ابن المسيب : المرأَة تُعاقِل الرجل إِلى ثُلُث ديتها، فإِن جاوزت الثلث رُدَّت إِلى نصف دية الرجل، ومعناه أَن دية المرأَة في الأَصل على النصف من دية الرجل كما أَنها تَرِث نصف ما يَرِث ما يَرِث الذَّكَرُ، فجَعَلَها سعيدُ بن المسيب تُساوي الرجلَ فيما يكون دون ثلث الدية. » (مادّ ع ق ل).
فلئن كان نصيب الابنة في الميراث نصف نصيب الذّكر، فمردّ ذلك يعود إلى أنّها ببساطة تساوي نصف رجل. إنّها بحكم أنّها نوع من الملك يسمّى « مالكيّة غير المال »، وبحكم طبيعة عقد النّكاح، ذات منزلة هجينة : إنّها وإن كانت حرّة، فهي في منزلة وسط بين الحرّيّة والعبوديّة : إنّها تنتمي إلى صنف الأحرار بحكم أنّها لا تورث ولا تستأجر ولا توهب ولا تخضع إلى البيوع كبقيّة المال، ولكنّها تنتمي إلى صنف العبيد لأنّها « تباع » إلى الزّوج بمقابل هو الصّداق. ولهذا السّبب يقول حجّة الإسلام الغزالي عن النّكاح والزّوجة : « والقول الشّافي فيه أنّ النّكاح نوع رقّ، فهي رقيقة له، فعليها طاعة الزّوج مطلقا في كلّ ما طلب منها في نفسها ممّا لا معصية فيه… » (إحياء علوم الدّين، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1986، 2/ 62-64). وليست الهجنة التي ذكرناها في أوّل المقال سوى راسب من رواسب هذه الهجنة العتيقة التي بصمت تاريخ المرأة بالعبوديّة.
وهكذا نفهم سرّ همس المحرومة من حظّها الكامل من الميراث : أنا أساوي حصّتي، حصّتي نصف حصّة لأنّني نصف بشر. وما هذا النّصّ الذي كتبناه سوى رجع الصّدى لهذا الهمس الذي سمعناه مرّات، من نساء حائرات جازعات، يؤول بهنّ الأمر إلى الصّمت والرّضا بالمقدور الآتي من بعيد.
كيف يمكن للّه أن يفضّل قسما من خلقه على قسم آخر؟ إذا كانت المرأة في الإسلام مخلوقا مكلّفا وذا روح، كما يقول أنصار النّسويّة الإسلاميّة، فلماذا تكون دون الرّجل، بل ولماذا تساوي نصف رجل، ويساوي دمها نصف دم الرّجل؟ هل يمكن التّسليم بهذا المبدإ دون دكّ مبدإ العدل الإلهيّ؟
هذا الحرج هو ما شعر به إخوان الصّفاء في انتفاضة حاولوا بها إنقاذ العدل الإلهيّ : « واعلم يا أخي أن كثيراً من العقلاء الذين يتعاطون الفلسفة والنظر في المعقولات، إذا فكروا بعقولهم في أحكام الناموس، وقاسوها بآرائهم وتمييزهم وفهمهم، يؤدي بهم اجتهادهم وقياساتهم إلى أن يروا ويعتقدوا في كثير من أحكام الناموس أن العدل والحق والصواب في خلافه، كل ذلك لقصور فهمهم وقلة تمييزهم وعجز معرفتهم عن كنه أسرار أحكام الناموس. مثال ذلك أنهم إذا فكروا في حكم المواريث، أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فيرون أن الصواب كان أن يكون للأنثى مثل حظ الذكرين، لأن النساء ضعفاء قلائل الحيلة في اكتساب بالمال، ولا يدرون ولا يبصرون أن هذا الحكم الذي حكم به الناموس يؤول الأمر به إلى ما أشاروا إليه وأرادوه، وذلك أن الناموس لما حكم للذكر مثل حظ الأنثيين، حكم أيضاً أن المهر في التزويج على الرجال للنساء، فهذا الحكم يؤول الأمر به إلى أن يحصل للأنثى من المال مثل حظ الذكرين.مثال ذلك لو أنك ورثت من والدك ألف درهم وورثت أختك خمسمائة درهم، فإذا تزوجت أخذت مهرها خمسمائة درهم أخرى، فيصير معها ألف درهم، وأنت إذا تزوجت وأمهرت خمسمائة درهم بقي معك من المال نصف ما مع أختك. » (رسائل إخوان الصّفاء، ص 629، موقع الورّاق).
تختلف هواجس المتفلسفين عن هواجس الفقهاء. فما فات إخوان الصّفاء هو أنّ مهر المرأة ليس نظيرا لنصيبها المشطور من الميراث، فالمهر هو الأجر الذي يدفع مقابل استمتاع الرّجل بجسدها في النّكاح، وهو ما تنصّ عليه الآية 24 من سورة النّساء : « … وأحلّ عليكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ».
لم يكن الفقه هاجس هؤلاء المتفلسفين، ولم يكن هاجس الفقهاء العدل الإلهيّ، ولم يكونوا يبالون بـ »ناموس » الفلاسفة، بقدر مبالاتهم بالأحكام التي تضمن استقرار المجتمع وتواصل سلطة الأسياد.
أفضليّة الرّجال على النّساء كانت قرارا إلهيّا ومبدأ تشريعيّا بديهيّا في عصر الرّقّ والقوامة، أمّا في عصرنا الحاضر، فقد تحوّلت إلى جرح منسيّ وغير مندمل، كما سنبيّنه لاحقا. اكتفينا في هذه الحلقة بالتّرجمة إشارة إلى اللّعنة المبهمة، واكتفينا بالحفر في الذّاكرة لربط عدم المساواة في الميراث بهذا الجرح.
قد لا يكون هذا المقال قابلا للاستعمال السّياسيّ في الجدل الحاليّ حول المساواة في الإرث، وقد لا يجد قبولا لدى أعداء المساواة في الميراث وأنصارها، ولكن كان لابدّ لي من كتابته، لأنّ جرح التّفضيل الإلهيّ يفغر فاه مع ولادة كلّ طفلة في عالم الإسلام، ولأنّ النّضال من أجل المساواة لا يمكن أن يقتصر على المطالبة بالحقّ، بل يجب أن تصاحبه عمليّة تذكّر وبحث في أسباب حضور الماضي في حاضرنا وأسباب بقاء أشباحه حائمة حولنا. لا بدّ من معرفة ركام الضّحايا الذين بنت أديان التّوحيد صرح عبادة الأب على أجسادهم، ربّما لكي تقهر سطوة الأمّهات العتيقات والآلهة المؤنّثة، ربّما لأسباب وجيهة في تلك العصور الغابرة… أمّا اليوم، فلا بدّ من البحث وراء اللّعنة المبهمة عن الجرح، وتحويل الجرح إلى قدرة على التّجاوز والنّسيان. هذا أحد الدّروس التي تعلّمتها من التّحليل النّفسيّ. هكذا يمكن أن نطرق باب المستقبل عساه ينفتح.
نشر في موقع الأوان www.elawan.com
|
|
إشكاليات التحول الديموقرطي في البلدان العربية 1 |
|
|
باريس- د. نجيب عمر |
شهدت عدة بلدان عربية في العشريَّتَين السابقتين محاولات متعددة لإرساء تجارب للتحول الديموقراطي المتدرج، مع الحفاظ على الأنظمة القائمة، والعمل من خلال ما تتيحه من فضاءات محدودة، سعيًا لتوسيعها، والوصول شيئًا فشيئًا لترسيخ أهم أهداف الديمقراطية وهو التداول السلمي على السلطة. وقد مرت على هذه التجارب فترة تزيد على العقدين، دون أن يتحقق في هذا السبيل شيء يذكر، بل على العكس من ذلك، نشهد تراجعًا كبيرًا ونكسات متواصلة، مما أفضى إلى إفراغ معظم هذه التجارب من كل محتوى. وما يبدو من تقييم إيجابي لبعض هذه التجارب في الوقت الراهن ناتج عن جدتها – والتجارب السابقة لاقت هي الأخرى ترحيبًا في بدايتها – وناتج أيضًا عن المقارنة بين الانفتاح النسبي الذي توفِّره وبين الانغلاق الذي سبقها. وفي كل الحالات، لم تصل أيًّا من هذه التجارب إلى إرساء تحول ديمقراطي حقيقي يستجيب لمطامح الشعوب في هذا الصدد، ومما لا شك فيه أن الوقت قد حان للتساؤل عن حدود مثل هذه الوسائل. وفي البداية، نلمح إلى أن هذه الطريقة تبدو مغرية؛ نظرًا لأنها توهم بإمكانية إجراء تحولات ديموقراطية دون دفع أي ثمن في المقابل، وفيما يلي نتناول بالتحليل هذا النمط من تجارب التغيير السياسي، في محاولة لتحديد دوافعه وأسباب فشله. التجارب الديمقراطية كانت مجرد رد فعل وقتي فمما هو مجمع عليه، أن كافة هذه التجارب كانت – ودون استثناء – ردًّا على هبَّات شعبية عامة، في محاولة لامتصاص نقمة الشارع وغضبه، بإحداث نوع من تنفيس الضغط على المستوى السياسي؛ لتجنب تفاقم الأحداث. ويتم هذا التنفيس بفتح مجال العمل السياسي والاجتماعي، بشكل نسبي وانتقائي، لبعض القوى السياسية ذات الحضور الجماهيري. ونظرًا لخلفيته تلك، فإن حدود هذا التحول هي بالضبط حدود الامتداد الزماني للنقمة الشعبية، حيث يتناسب مقدار ما يتوفر من حريات مع المظاهر الملموسة، أو تلك المتوقعة للغضب الشعبي. وحالما تعود الأمور إلى الهدوء، وتنزاح نذر الغليان في الشارع، تضيق المساحات شيئًا فشيئًا، وتتقلص فضاءات التعبير الحر والممارسة المستقلة. » والسبب في ذلك هو، من ناحية انعدام أي قناعة لدى جُلّ هذه الحكومات بجدوى التحول الديمقراطي وضرورته، ومن ناحية أخرى عدم تبلور وعي شعبي ضاغط في هذا الاتجاه. ذلك أن جميع الهبَّات الشعبية التي كانت الدافع المباشر وراء مثل هذه التحولات، إنما كانت حوافزها اقتصادية بحتة، ولم ترتقِ إلى مستوى رفع شعارات سياسية واضحة، تجمع عليها الفئات الشعبية المنتفضة، وترفعها في وجه الحكام. وتستمر في ضغطها الجماهيري إلى أن تتحقق تلك المطالب. وهذا لا يعني بحال من الأحوال أنه لم تكن تكمن وراء الأسباب الاقتصادية أسباب سياسية، بل هذا مؤكد؛ غير أنه لم يتبلور في شكل وعي عام، دافع وضاغط. وبالنتيجة، فإن الأنظمة تعمد إلى الرد على المطالب الاقتصادية للجماهير بحلول ذات طابع سياسي، وتفرغ الجانبين من محتواهما. والسبب في ذلك أنها – وبكل بساطة – عاجزة عن الرد الفعلي على المطالب الاقتصادية، فتقوم بعملية تحويل الانتباه، لعلمها بأن تفريغ شحنات الاحتقان في الشارع السياسي يؤدي إلى تخفيض مستوى الغضب في الشارع عمومًا، مما يكسبها – حسب ما تعتقد – مزيدًا من الوقت. والتساؤل الذي يُطرح بإلحاح هو عن كيفية التعامل مع مثل هذا الوضع، بالنسبة للقوى ذات المصلحة في التغيير الحقيقي. فمن الواضح أنه لا يمكن رفض تلك المبادرات على محدوديتها. غير أن المحذور هو مقايضة السعي إلى تحول حقيقي بالانخراط في تحول مزيف. والمساهمة في الحفاظ على وضع يراوح مكانه دون تقدم حقيقي، بدعوى الخوف على جملة من المكاسب المحدودة جدًّا والواقعة تحت سقف منخفض جدًّا، وغير القابلة للتطور. هذا هو المأزق الذي وقعت فيه قوى عديدة. فما هي يا ترى الوسيلة المثلى للتعامل مع مثل هذه الحالات؟ الخطأ الأساسي للقوى السياسية المعارضة إن النظر في هذه الإشكالية يقود إلى الاستنتاج بأن الخطأ الأساسي الذي وقعت فيه القوى السياسية التي انخرطت في هذا الخيار هو التصديق بأن الحرية والديمقراطية يمكن أن يتوصل إليهما بهذا الشكل. واعتبار أن التقدم نحوهما بهذه الطريقة سيكون قدمًا. وأن ما يتم تحقيقه لا يمكن التراجع عنه. وقد أثبتت التجربة أن هذا وهم كبير. ونتيجة هذا الخطأ هي الانغماس في العمل السياسي، وكأن الديمقراطية قد تحققت فعلاً. والاهتمام بالتأطير الحزبي. والعمل كلٌّ على حدة؛ لتحقيق غاياته وأهدافه الخاصة، من تكثير الأنصار، وإعداد النفس للتمتع بمباهج هذه الانفتاحة الديمقراطية. وقد أثبتت الأنظمة الحاكمة أنها لا تُلقي بالاً، ولا تقيم وزنًا للتشكيلات الحزبية والجمعيات المستقلة، مهما بلغت قوتها النسبية، ومهما كان صداها الجماهيري. وعندما تحين ساعة الجد ويدق ناقوس الخطر، ينزل سيف القمع على القوى التي تمثل – أو يتوهم أنها تمثل – خطرًا أو بديلاً، فيتم تفكيكها بصور عدة، تتباين في ضراوتها من بلد لآخر. والنتيجة واحدة، وهي تهميشها، وإخراجها من الساحة تمامًا إن أمكن ذلك. أو تحجيمها والحد من طموحاتها، ومن ثَم استمرار الوضع على ما هو عليه، من إغلاق كامل وتام لباب التداول على الحكم بالأساليب السلمية، وهو جوهر الديمقراطية التي لا مغزى لها بدونه. الارتقاء بالوعي العام أهم من الانخراط في العمل الحزبي ما هو المخرج من هذا المأزق يا ترى؟.. هل هو نفضُ اليد نهائيًّا من هذه الأساليب، واعتبارها مجرد تمثيليات سخيفة لا تؤدي إلا إلى تأخير ساعة الحسم ؟ .. أم هو التعاطي معها بأساليب جديدة تساهم في التحول السلمي الديمقراطي المنشود؟ إذا استبعدنا الجواب الأول لأسباب لا تخفى على أحد، فإننا نعتقد أن المخرج من هذا المأزق يجب أن يقوم على الخلاصات التالية: 1 – أن التخلص من الاستبداد والديكتاتورية لا يكون دون ثمن. 2 – أن الأنظمة الديكتاتورية لا تتحول من تلقاء نفسها إلى أنظمة ديموقراطية، وأن هذا وهم لا يجب الاستسلام له. 3 – أن الهبَّات الشعبية ذات المطالب المحدودة، والحوافز غير السياسية، والنفس القصير، لا تشكل دافعًا لتنازل الأنظمة الديكتاتورية عن منهجها القائم على الاحتكار والإقصاء. والناتج من هذه الخلاصات أنه على القوى صاحبة المصلحة في إحداث تغيير نوعي وحقيقي، استغلال المساحات المتوفرة من الحرية النسبية، ليس بالانخراط في عمل حزبي – سياسي، بالمعنى الضيق والمباشر، بل استغلال هذه الفترة – التي هي بطبيعتها محدودة مهما امتدت زمنيًّا – في العمل المشترك، الذي يضع نصب عينيه الارتقاء بالوعي الشعبي العام، نحو تبني مطالب سياسية واجتماعية ذات طابع جذري، تقطع أساليب الهيمنة والاحتكار والديكتاتورية، مما يؤهل الجماهير لأن ترفع في المستقبل هذا المطلب في هبَّات شعبية، تُصِرُّ عليه وتنتهي بفرضه، كما حدث في بلدان أوروبا الشرقية، وجنوب شرقي آسيا، ومؤخرًا في بلدان إفريقية ليست أكثر وعيًا ولا ثقافة ولا حرصًا على الحرية من شعوبنا العربية. العمل المشترك هو الأهم أما إنزال هذا الخيار عمليًّا على أرض الواقع، فيتم بأساليب متعددة: 1 – اتفاق القوى السياسية والاجتماعية ذات التأثير الحقيقي أو المفترض على أرضية عامة مشتركة، الغاية منها توحيد الجهود داخل أطر جماهيرية تكون محاضن حقيقية للإعداد للتغيير المنشود. 2 – بناء هذه الأطر الجماهيرية من منظمات وجمعيات تغطي مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والحقوقية، التي تستصحب في نشاطها مفهوم التوافق الديمقراطي الذي يؤطِّر الخلاف، ويوجه الجهود نحو بؤرة واحدة مشتركة، هدفها المعلن هو سد الطريق على قوى الردة. 3 – الحرص على القراءة السليمة للواقع الاجتماعي، وتحديد مكامن القوة والضعف لكل من قوى الدفع إلى الأمام، وقوى الجذب إلى الخلف، لحسن إدارة الصراع. 4 – تجنب التنافس الحزبي الضيق، وإثارة الخلافات إلى الحد الذي تصبح معه مانعًا من العمل المشترك. 5 – الحذر من التعويل على ما قد تُبْدِيه الأنظمة من مرونة نسبية، تجاه بعض الأطراف، وفي بعض الحالات، للقفز على المراحل، طالما لم يتوفر الوعي الشعبي العام، الضاغط والمانع لكل ردة أو نكسة. وبدون توفر هذا الوعي لدى القوى السياسية والاجتماعية التي تناضل، كلٌّ من موقعه، لإحداث هذه النقلة النوعية والضرورية في حياتنا السياسية، فسوف نظل إلى أمد بعيد نجني الخيبات تلو الخيبات نظير جرينا وراء ديموقراطية القطرة قطرة، بينما الماسك بالزجاجة يرى نهايته في نهايتها!
جدولة الانسحاب البريطاني تعزل بوشتوفيق المديني
أعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يوم الاربعاء 21 فبراير/شباط الماضي عن المرحلة الأولى من جدولة انسحاب القوات البريطانية من بلاد الرافدين. وبموجب هذا القرار سينسحب 1600 جندي من أصل 7200 جندي بريطاني متمركزين في العراق خلال الأسابيع المقبلة. وسيتبعه انسحاب ثان يعادل الأول في عدد الجنود حتى نهاية السنة الحالية. ويعتبر القرار البريطاني بالانسحاب من العراق، الأكثر أهمية، الذي لا يمكن للإدارة الأمريكية أن تتعامل معه بالتجاهل أو التهوين من أمره، كما فعلت في السابق، بشأن قرارات سابقة، مماثلة أو أبعد شأواً، اتخذتها إسبانيا عقب وصول خوسيه لويس ثاباتيرو إلى رئاسة حكومتها، أو إيطاليا بعد أن خلف اليساري رومانو برودي اليميني سيلفيو بيرلوسكوني. ويُعد القرار البريطاني الأسوأ في توقيته السياسي والميداني للرئيس بوش، بوصفه تعبيرا قويا عن الإخفاق الذي منيت به سياسته العراقية، إضافة إلى حالة التأزم والانسداد الذي بلغته. فبلير الذي فضل حل الخلاص الفردي، هو آخر حليف كان يُتوقع منه أن “يخذل” الرئيس بوش. وما أن أعلن بلير عن قراره، حتى سارع نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني الذي كان في زيارة لأستراليا الأسبوع الماضي، إلى القول: “إن واشنطن وحليفتها استراليا لا يمكنهما ببساطة الموافقة على فكرة الانسحاب من العراق قبل إنجاز المهمة، إن البلدان الحرة لا يمكنها تجاهل ما يحصل في بلدان مثل أفغانستان أو العراق أو في أي بؤرة أخرى للإرهابيين”. وأضاف: “الخيار الوحيد لأمننا وبقائنا هو الهجوم ومواجهة التهديد مباشرة وبصبر وبشكل منهجي حتى ندمر العدو”. لا شك في أن قرار توني بلير بجدولة الانسحاب من العراق، يشكل سلاحا قويا للأغلبية الديمقراطية في الكونجرس، التي تخوض معركة قوية ضد سياسات البيت الأبيض العراقية، إذ يعد أعضاء ديمقراطيون بارزون في مجلس الشيوخ اقتراحا لبدء سحب القوات الأمريكية من خلال إعادة صياغة التفويض الذي منحه الكونجرس إلى القادة الميدانيين هناك بالإلتزام بالمهمة المقلصة. هذا الاقتراح تمت صياغته شراكة بين السيناتور الديمقراطي كارل ليفين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ والسيناتور جوزيف بيدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية فيه، وبمباركة زعيم الأغلبية الديمقراطية هاري ريد. القرار البريطاني لم يكن مفاجئاً. فمنذ ثلاثة أشهر، كانت قيادات الجيوش البريطانية تضغط على بلير بتخفيض عدد القوات البريطانية في العراق، من أجل تعزيز تواجد القوات البريطانية المتمركزة في افغانستان البالغ تعدادها 5000 جندي، والتي تخوض منذ صيف 2006 حرباً ضروساً ضد حركة طالبان في جنوب شرق أفغانستان. ويبلغ مجموع القوات البريطانية العاملة في 15 بلدا حوالي 24000 جندي. إضافة إلى ذلك، يشعر الجيش البريطاني بأن الرأي العام لا يدعمه في حربه على العراق، بعكس حربه في أفغانستان التي يعتبرها أكثر شرعية. فقد ازداد قلق الشارع البريطاني من موجة الإرهاب التي عادت تؤرق مضاجع المواطنين في الأسواق وأماكن العمل والمؤسسات الحكومية بعد أن ضربت مثنى وثلاث مواقع تزدحم بالعامة، ألم يسجل انفجار طرد بريدي في إدارة تراخيص سوق السيارات البريطانية (جنوب ويلز) يوم 7 فبراير/شباط ،2007 ثالث هجوم من نوعه خلال الشهر المذكور؟ أبعد من المبررات العسكرية، يشكل القرار البريطاني بالانسحاب الجزئي، في حد ذاته رسالة سياسية من بلير إلى مواطنيه مفادها: آن الآوان للقيام بانقلاب استراتيجي يسمح بعودة الجنود البريطانيين إلى البلد. حتى وإن أخذ هذا الانسحاب بضع سنوات، فإن الأهم هو أنه تجاوز نقطة اللاعودة. بهذه المبادرة، وقبل الدخول في السنة الخامسة من الحرب، تطغى الهموم السياسية الداخلية على تفكير بلير. إذ يخشى حزب العمال من التعرض لخسارة كبيرة في الانتخابات المحلية والإقليمية التي ستجرى في مايو/ايار المقبل، لا سيما في اسكتلندا. وسجل خليفة بلير جولدون براون، حسب استطلاع للرأي نشر يوم الثلاثاء الماضي، أسوأ نتيجة تعرض لها زعيم حزب عمالي منذ ربع قرن. ويأمل بلير أن يسمح له الانسحاب الأول من العراق، بترك السلطة في أحسن الظروف، في نهاية يونيو/حزيران أو بداية يوليو/تموز المقبل. إن أهمية القرار البريطاني تكمن في أنه وجه ضربة موجعة للاستراتيجية الأمريكية التي تقوم على الانفرادية بقيادة العالم، باعتبارها حقا محفوظا لها، أو الأحادية القطبية التي شكلت منذ الحرب الأمريكية على العراق معضلة دولية، بل أصبحت عبئا ثقيلا على أمريكا ذاتها وعلى العالم، الأمر الذي جعل عدة دول كبرى مثل فرنسا وألمانيا وروسيا والصين، تطالب بالتخلي عنها لجهة العودة إلى نظام دولي متعدد الأقطاب. لقد وصل نظام القطبية الأحادية إلى مأزقه المحتوم في معالجة قضايا العالم المعاصر ما بعد نهاية الحرب الباردة، تكشف عن ذلك الأزمة العراقية التي عرّت عجز استراتيجية بوش عن تحقيق الحسم العسكري، الذي بات من المستحيلات، وهو ما دفع روسيا وفرنسا إلى المطالبة بعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة العراقية، بوصفه الحل الوحيد الممكن لمنع العراق من الغوص في الحرب الأهلية على طريق تقسيمه، وبالتالي بلقنة بلدان المنطقة. ولعل توني بلير اقتنع مؤخرا بعدم الركض وراء سراب الحسم العسكري في العراق، وهو ماجعله ينفضّ عن صديقه بوش ليتركه وحيدا معزولا في صحراء التيه العراقية.
(المصدر: صحيفة الخليج رأي ودراسات الصادرة يوم 2 مارس 2007) المـأزق الشامل للاحتـلال الأمريكـي في العـراق ماهـر حنين تتلاحق الأحداث والتطورات الميدانية والعمليات العسكرية لتؤكد مأزق الاحتلال الأمريكي في العراق. فالإدارة الأمريكية التي تتجاهل الوقائع الميدانية، واستخلاصات تقارير الخبراء بمن فيهم بيكر هاملتون وتصّم اذانها عن الأصوات المرتفعة ضد الحرب من أمريكا ذاتها أو خارجها. تقف اليوم عاجزة عن رسم خريطة طريق لنفسها للخروج من المأزق العراقي. وتأتي الفضيحة الأخيرة التي فجرتها السيدة العراقية الفاضلة صابرين الجنابي بعد اغتصابها من قبل ثلاث من القوات الحكومية العراقية لتكشف الانهيار الأخلاقي للمحتل و أعوانه المحليين، فهذه السيدة تغتصب بعد أن القي عليها القبض بتهمة تقديم الطعام والمأوى للمقاتلين ضد القوات الأمريكية والحكومية ومن المفيد التذكير أن القضاء الأمريكي مازال يحقق في حادثة مماثلة مضى عليها ما يفوت العام مع جنود امركيين قيدوا فتاة عراقية لم تتجاوز 15ربيعا وحاولوا اغتصابها قبل أن يقتلوها صحبة عائلتها في بلدة المحمودية، وليست هذه الأحداث إلى جانب أبو غريب وحديثة إلا النزر القليل مما كشفه الإعلام عن الوجه الحقيقي للسلوك الهمجي والأخلاق المنحطة التي يراد لها أن تزرع في ارض العراق العظيم بتاريخه الحضاري العريق وشعبه المكابر. أما على المستوى الميداني والعسكري فان دائرة العنف المدمر تتسع ودرجات الاحتقان الطائفي ترتفع يوما بعد يوم كأنما يراد للعراقي أن يرتد بوعيه بذاته من عراقيته المتسامية إلى طائفته المغلقة،ليضل المتضرر الأول المدنيون العراقيون وبدرجة أولي الأطفال والنساء والشيوخ حيث تشير تقارير الهيئة العليا للاجئين بالأمم المتحدة تضاعف أعداد اللاجئين العراقيين إذ وصل إلي سوريا وحدها 5 آلاف لاجئ يومي الأحد والإثنين وأضاعهم حسب أنطونيو جوتيريس مفوض شؤون اللاجئين تبعث على القلق ومما يزيد في ارتباك الأمركيين أنفسهم في العراق أن فئة من المقاتلين مازالت توجه نيرانها لقوات الاحتلال حيث أسفرت عملية عسكرية يوم الاثنين الفارط عن مقتل 5 جنود أمريكيين وإصابة 17 آخرين فى ترجمة فعلية لاستمرار الطاقات القتالية للمقاومة الوطنية العراقية رغم إطلاق المالكي خطته الأمنية الجديدة والتي يساهم فيها 110.000 من القوات الأمريكية والحكومية الموالية لها. الجنرال ويليام كالدوال الناطق الرسمي باسم الجيش الأمريكي في العراق مازال يستحضر فشل خطة مماثلة السنة الفارطة أكد على أن خطة امن بغداد أو فرض القانون كما يسميها تحتاج إلى وقت طويل وحذر كبير وهو ما يفسر بقاء المسلحين الأمريكيين داخل مدرعاتهم اغلب الأوقات. أما على المستوى الداخلي فان الإدارة الأمريكية ما.فتئت تواجه صعوبات مضاعفة داخل الكونغرس وخارجه، فالرئيس بوش لم يجد الطريق معبدة للحصول على موافقة النواب لتوفير 145 مليار دولار لتمويل حربه على الإرهاب سنة 2008 والديمقراطيون يرون أن دافع الضرائب الأمريكي قد تحمل كلفة هذه الحرب منذ 2001 والتي بلغت 501 مليار دولار على حساب تراجع نفقات الدولة الداخلية خاصة في مجال الخدمات الصحية. كما تزداد القناعة والجرأة فى أوساط الرأي العام الأمريكي للتعبير عن معارضة الحرب واحتلال العراق فبعد نداء ليس باسمنا تخاض الحرب والذي أمضاه الآلاف وبعد كشف وسائل الإعلام عن تورط البانتعون في إرسال 15 جندي إلى العراق دون 18 سنة وبعد تظاهرة 27 جانفي في واشنطن لدفع الكنغرس للتصويت على قرار إنهاء الحرب تخوض هذه الأيام أم احد المجندين « اوغيستو اغيوايو » Augusto Aguayo حملة إعلامية وتعبوية دفاعا عن ابنها الذي سيحاكم بداية مارس القادم بعد رفضه العودة إلى العراق وقد كان هذا الجندي الممرض قد رحّل إلى القاعدة العسكرية الأمريكية بألمانيا سنة 2004 عندما امتنع عن شحن سلاحه استعداد للقتال وتقول هذه الأم أن ابنها المكسيكي الأصل والمولود في « Guada Lajaraa » وادي الحجارة بالمكسيك والحامل للجنسية الأمريكية والمكسيكية ليس خائنا ولا جبانا بل محركا للسواكن وللضمائر الحية ضد هذه الحرب وتناشد الحكومة المكسيكية والرأي العام الأمريكي والمكسيكي وكل أحرار العالم الوقوف إلى جانب ابنها حتى لا يسجن ويخمد صوته. إن النواميس التي تدير بها الإدارة الأمريكية حربها على العراق وتصوغ بموجبها تهديداتها على المنطقة والعالم ليست إلا نواميس القوة يغيب منها صوت توكفيل و وروزا بارك.وغيرهم من دعاة الحرية والسلام وتثبت الأيام تباعا أن منطق القوة هذا في مأزق شامل عسكريا وميدانيا وأخلاقيا وسياسيا. وبقدر ما تستمر المقاومة في العطاء والرأي العام الأمريكي والعالمي في التعبئة ضد خيارات إدارة بوش تقترب ساعة اللقاء بالعراق مجددا حرا مستقلا و موّحدا. (المصدر: « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس) العدد 393 الصادر يوم 23 فيفري 2007)
الرئيس بوش..السيدةنانسي بيلوسي..المعتدلون تحت رحمةالمتطرفين بعد60عامامن الحكم والرعاية..
حسين المحمدي تونس السيد الرئيس..السيدة الرئيسة…إيران وسوريا وحزب الله وحماس والجهاد والقاعدة…يشغّلون المعتدلين العرب وصاروا بهم رحماء وكرماء..هل بعد هذا من إفلاس وعار وقتل للأمل؟فلماذا النفخ فيهم؟اجتماع لوزراء خارجية سلطات عربية؟ الحرية والتداول على الحكم والمشاركة وحدها تصنع الاعتدال والمسئولية والهمة وتحاصر التطرف…وهذه بضاعة لا توجد عربيا بل محرمة. يجتمع اليوم 3مارس2007 في القاهرة وزراء خارجية سلطات عربية للبحث في حالات العراق وفلسطين ودارفور ولبنان؟أي لبيع الكذب والوهم واعادة تعويم هكذا تعاسات بعد 60سنة من تكرارها واستنساخها؟ منذ60عاما وهم حاكمون ومتاجرون بهكذا قضاياولاواحدةمنهارات الحل العادي الذي يموت معه على الاقل الموت. تاجروا بالقضية الفلسطينية فانتجوا حماس والجهاد داخل فلسطين ليخرجوا من أي حضور الا من خلال الضغط عبر معبري رفح من جانب مصر ومعبر الاردن؟تاجروا بالحالة اللبنانية عقودا والنتيجة كانت حزب الله فخرجوا كلية من أي تاثير ووجود وامتلاك أي حل الا ما رضي به لهم حزب الله وايران وسوريا؟تاجروا بالسودان ويتاجرون به والنتيجة معرة دارفور. تاجروا بالعراق ويتاجرون واليوم الفوضى وبحلولها سيذهبون ليكون لهم دورا هناك أي لتشغيلهم اذ دون هكذا ادوار خرج المعتدلون العرب من أي حضور فهم ضد التداول والحرية والمشاركة والشفافية والسلام والسلم والتقدم والتنمية الحقيقية داخل بلدانهم.ولكن هذه المعاني بالذات يبيعونها في فلسطين ولبنان ودارفور والعراق و…غريب الامر.. اليوم يجتمعون ليحشروانوفهم في حل لبناني وفي دارفور وفي فلسطين وفي العراق.والحال ان جناب وزراء الخارجية باستثناء سوريا(في ما يتعلق بالعراق وفلسطين ولبنان)عاشواويعيشون بكل تعاسةحدثت وتحدث فيصبح جميعهم يتسابق على الوساطة لتصريفها داخليا ولا واحد منهم يملك الحل بما فيها السعودية التي هناك من يحاول النفخ فيها واعطائها ما تصرف للقول بان المعتدلين العرب هنا. السعودية كغيرها من الدول العربية لا تملك أي تأثير ولا تستطيع إيجاد أي حل دون مزية من إيران وسوريا وحزب الله وحماس والجهاد..وكل هؤلاء ليسوا بمعتدلين.كما ان كل هؤلاء متطرفون فكيف يعطي المتطرف للمعتدل ما به ينشغل ويشتغل؟أليس هذا ما حدث في مكة وما يمكن ان يحدث في لبنان؟ومن هنا اطلب من وزراء خارجيةسلطاتناوضع أموالهم الخاصة في صندوق يخصص لنشر الحرية والمشاركة والتداول على الحكم عندها فقط سيسجلهم التاريخ وسيتجاوزن الإرهاب والتطرف. كما اطلب من الرئيس بوش والرئيسة نيلوسي الوقوف عند هذا وطرح السؤال التالي..المعتدلون تحت رحمة ما نراهم متطرفون فكيف العمل مستقبلا؟ولماذا وصل العالم إلى هذه الوضعية؟المعتدلون خرجوا من التاريخ حتى مع الأمريكي والأمريكي ولا يفرقون بين جمهوري وديمقراطي..ودليلي…
هاتف أبو غزالة..منذ20سنة… اذكر به اليوم 3مارس2007 والاجتماع في القاهرة وأمين عام الجامعة مصري أي كان زامل أبا غزالة والوزراء من رجال الاعتدال والمسئولية والمحاربين للتطرف؟ وهو رجل عاقل ومدرك ومن ذهنية مبارك ومن العقلاء العرب وليس من المتطرفين ويتواصل ذهنه داخل السلطات العربية(وزير خارجية تونس اليوم هو أب الإعلام المشيطن والمجرم للأمريكي والأمريكية واليهودي واليهودية ولنا من نبحث عن الحرية.شبكة إعلامية له داخل وخارج تونس وهو من رجال الاعتدال ومن يحميه الأمريكان واليهود؟ونملك أدلة على كل حرف كتبنا ونكتب.) يقول الكاتب الناقل…من خلال وجودي بالصالون الخاص لملحق مكتب رجل أعمال عربي كبير في فندق ريجنت بواشنطن سمعت الحوارالتالي….قال رجل الأعمال للوزيرالمصري مرحّبا به في واشنطن…إن شاءالله الأمور ماشية كويّس؟أجاب على الفور حاجة تقرف.حاجة تجنّن.(وهذا من رجال السلام والاعتدال ومن أصدقاء اليهود وأمريكا ودعنا من المتطرفين أليس من هنا تمططت وتتمطط إيران وولدت القاعدة وخرج الحاكم العربي من أي تأثير؟هذا ما هو مطروح على كل من يريد أن يبحث عن التطرف في جذوره.وهذا ما أريده من بوش والديمقراطيين.إذ من هنا يكون إبصار الحقيقة) ثم أضاف…البارحة قضيت بعدالظهروأناأجيب على أسئلةأعضاء اللجنةالخاصةالتابعةللكنغرس حول المعونات الاقتصادية لمصر وكانت أسئلتهم لي مجبولة بألوان من الإذلال والتحقير والإحراج….وكلام آخر كبير… وختم الكاتب الحديث الأرشيف…بسماعه أباغزالة يقول لصديقه رجل الأعمال في تلك المحادثةالتليفونية(…)يا أخي ملعون أبوهم...ووقتهاالامين العام الحالي للجامعةالعربية وزيروشخصية محورية في النظام المصري.بل عمرو موسى يقدّم على انّه أكثر تطرّفا من الكل؟..ونحن اليوم 3مارس2007 وذات الوجوه والسياسات وحديث عن المعتدلين والمتطرفين؟من أين برز ويبرز التطرف؟اطرح هذا على الرئيس بوش والرئيسة بيلوسي؟أليس هذا ما يقوله رجال التطرف من خطاب؟ايهما اخطر صديق مخادع؟أم عدو واضح؟…وقلت هذه عينة صغيرة وسنرى مع قرب زمن ما عينات افدح ومن المعتدلين.. كما أقول لرجال اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية وعبر العالم الباحثين عن حلول حقيقية مستقبلية..جربتم الطغاة والنتيجة أمامنا تحكم المتطرفين في كل شيء خرج منهم..بل صاروا عبئا عليكم…وهذه شهادة منكم.. شهادة من مجموعة من المثقفين اليهود على هامش معرض الكتاب بفرنكفورت في2004 .قالواعبرها بان غياب الديمقراطية يصنع النظم الدكتاتورية والدكتاتوريون هم الذين يفرزون مناخ الإرهاب ويصدّرونه إلينا. واليوم ذات الوجوه والطغاة معتدلون وحكماء؟ماذا يعني هذا؟من هنا زحف يزحف الطغاة تحت إيران وحزب الله وحماس والجهاد وسوريا…الاعتدال ميزة وقيمة وليس تيها وخروجا ومذلة… السيد الرئيس السيدة الرئيسة..بروفيلات ما قبل 11سبتمبر ماتت وانتهت وهذا ما أدركه الغير..وهذا ما لم تدركوه بعد.
11سبتمبر فضح الكل.بعد 60عامامن حكم بروفيلات عربيةإذا أبعدنا ما يجري بين الفلسطينيين والاسرائليين فان الحاكم العربي يخرج من التاريخ..سماسرةدم وقتل لا غير…تاجر الحاكم بحكايات الإسلام السياسي والنتائج عبر كل الدول العربية إسلام سياسي أقوى من أي زمن مضى.. اليوم العراق للمتاجرة به لاحقا..إيران…القاعدة..الجهاد..السلفية..وهذه كلها منتوجات الحاكم العربي المسئول والمعتدل والمنخرط في عادات وأهداف المجتمع الدولي؟أمنيات لا مثيل لهالان تشتعل الحرب بين بوش ونجادي فينسى بوش مشاريع الحرية.وهكذا قد يصبح الطاغية صاحب شان في زمن الحرب.؟لعب على كل الحبال. إيران’لعجزالطغاة وبفضل طمعهم النفطي والمالي من جهة وعدم مطالبتها بالحرية وكبح جماح الحركات الإسلامية التي قد تشاغب هذا الطاغية وذاك من جهة أخرى’تمططت ودخلت مجالات ودولا وحيثما يوجد المعتدلين والعقلاء والمسئولين؟وهم في نفس الوقت رجال أمريكا واليهود؟ ايران المحاصرة من المجتمع الدولي وبرجال الاعتدال تمطّطت؟ورجال العقل والمجتمع الدولي تاهوا؟على من اللوم هنا؟ولماذا أصلا تمطّطت إن لم تجد تافهين ؟التطرف أصلا يعشّش حيث الفساد والكذب والانهيارات الخلقية وموت العادات الجميلة وحيث البيع والشراء في ولكل شيء ومجال مهما كان له من هالة؟وهنافعلت براميل النفط ما فعلت. لفترات الاستثنائية تتطلب رجالا استثنائيين. لا يمكن محاربة التطرف والقاعدة والجهاد والسلفية برجال فاسدين ومنعدمي الشرعية الدستورية والشعبية.وهذا ما لم يدركه أو رفض فهمه بوش وغيره.قلت وأعيد كرزاي لن يفعل شيئا..ومهانة أن تجري محاولة اعتداء على تشيني وهو داخل ثكنة؟ألا يعني هذاقمةفي التحدي والثقة بالنفس من مجموعات مقاتلة؟ماذا يعني أن يتعرض عادل عبدالمهدي إلى محاولة قتل داخل وزارة؟هذا قلته منذ اشهر. لهذا كتبت حول واشنطن والعم سام في مقالي بعنوان نريد تراث واشنطن والعم سام..وليس حماية سلطات تافهة قتلتنا ومزّقنا..حتى تكون هناك بدائل أخرى يمكن استحضارها وان يتشبّع بها هذا وذاك..اذ ما نرى من مفردات ومضامين نشرات إخبارية منذ 11سبتمبر خطير جدا حيث… قتل ودمّروفجّروانتحروارهب واندسّ ومزّق ونهب وسرق وأطاح وابعد وسلّح وردّ الفعل وخان وباع …كلمات لعينة لا يمكنهاأن تكون أبدااستراتيجيات لاعسكريةولامدنيةولا سياسيةولا اجتماعيةلزمن طويل..وهومانراه منذ 11سبتمبر2001 . ولغاية اليوم… الإنسان الفردعسكرياكان أوسياسياأومواطنالا يمكنه أبداأن يكون مستعداوعاملا لثقافةالقتل والموت والرعب والمفردات هذه بطبعيتها ومن تكرارها تشوّه عقولا وتخلق وعادات وتعاملات وسلوكيات ومصالح معينة ورؤى للإنسان الفرد ولإدارتها ولكيفية تفكيره.وهذا في نظري كان في العراق نتيجة الحظر على العراق.وكان في إسرائيل وفلسطين وفي لبنان وفي أفغانستان وفي دارفور وفي تشاد و…وهي مناطق عرفت وتعرف حروبا واوضاعا استثنائية. قلت كان في العراق..إذ الحظر احل كل أنواع المراكنات والتجارات المحرمة وثقافة دبر راسك وبيع وشراء كل شيء. أي هيا العراقي والعراقية لكل ما هو قبيح وتعيس إضافة إلى ثقافة الرأي الواحد والحزب الواحد والوطني الواحد وهذا عربيا…السلطة وطنية ودونها الخيانة وبحماية ورعاية المجتمع الدولي؟ قلت في إسرائيل..ثقافة جعلت من العسكر حاميا للوطن.وهذا ما جعل كل السياسيين البارزين قدموا من العسكروهذا ما يعني هشاشة الأحزاب من حيث التأثير الحقيقي في مجرى الأحداث الجوهرية وليس من حيث الشكل والتعبير والإخراج…إذ هنا هناك تداول وحراك وتباين وتنافس..ولكن اصل الأمر بيد الجيش على الميدان وعلى أي حل حقيقي ممكن.الجيش يصنعه ويراه ويؤشر له.ورجال السياسة يدورون في فلكه ولا يصنعونه.وحرب لبنان اقرب مثال. قلت فلسطينيا..إذ حركة فتح برمتها أمس واليوم لا تبتعد عن هذاالإطار.بل جل الفاعلين فيها برزوا من هذا الإنتاج.لهذا قلت وأقول السلام غير متوفر في أبجدياته اليوم.بل هناك تفكير من الكل في حلول وليس في حل.والتفكيراليوم هوالجميل الوحيد.ولكن هناك من يريد قتله من خلال الحديث عن سلام ومؤتمرات دولية و…واقف هنا اليوم.. قلت لبنانيا..من خلال نتائج الحرب الأهلية اللبنانية وسيطرة سوريا بمباركة المجتمع الدولي على لبنان كان حزب الله وكان وقوفه الندي في وجه إسرائيل.ووقوفه الندي دعم التطرف والجهاد والقاعدة وادخل بلبلة لا مثيل لها في المعتدلين العرب…إسرائيل لم تعد لهم الغول والحامي.هم لا يفكرون إلا بمنطق من يحميهم ولا يهمهم اللون أو الجنس.. وقلت في أفغانستان..إذ نرى يوم 27فيفري2007 وبعد 6سنوات من الحرب على الإرهاب من المجتمع الدولي؟كاد يلقى حتفه نائب الرئيس الأمريكي؟ وهكذا دارفور وتشاد والصومال…ليبيا مثلا بنت ما به تبرر غربيا وجودها المعرة على التوسط في حل نزاعات…وإذا غابت النزاعات ماذا تفعل؟وتكونت داخل الدول المتنازعة طبقات ومصالح تعيش من الاقتتال ومن صناعاته إضافة إلى العوامل الخارجية…يعني ببساطة ثقافة الموت والاتجار به مع تفاوت هنا وهناك وتحت نظر المجتمع الدولي؟ السيد الرئيس..السيدة رئيسة المجلس… اتفاق مكة قال بذل ومهانةللمعتدلين من حكامنالا تقاس بثمن.أمس هنيةإرهابي واليوم رجل عاقل؟اكبر دولتين عربيتين صاراتحت رحمةإيران وحلفائهاسورياوحماس والجهاد وحزب الله.كماقال الاتفاق برهان شيراكي تحديداعلى إعادة تعويم الطغاة العرب ولو على دماء الاسرائليين والفلسطنيين.تقاتل الإخوة معرة.والمتاجرة بذلكمعرّة اكبر. مصرلا نسمع لهاأثراداخلياوخارجياإلاعندمايتخاصم الفلسطينيين ويذهب مدير مخابراتها للتوفيق وينجح؟مصر هذه تفرح عندما يقبل مشعل بزيارتها وعقد ندوة صحفية فوق ترابها.مبارك يصرّف ذلك لدىإسرائيل وأمريكا وتبرير بذلك كل أنواع الفساد والتخلف والدمار والبطش؟وهو من تحصّل على مليارات ومليارات والنتيجة اليوم انتخابات حرة يأتي في مصرالشيطان إلاهووجماعته وهكذاعربيا؟السعوديةيحاكم إصلاحيين كتبوا بياناوينتشي عندالتوفيق بين الفلسطينيين؟ مصر والسعودية وكل المعتدلين دون سمسرة بفلسطين لا وجود لهم؟وهي معرة كانت وتكون منذ60عاما. هذاكله ممنوع وفي جل الدول العربية.لذاوجب أن تبقى فلسطين لوبانة حتى نبرر تواجدأنذل الماركات العربية؟واعتقد من هنافهم رجال الإسلام السياسي اللعبة وصاروايلعبون بإتقان…طالما مبارك منهار وهكذا السعودية وغيرها فلماذا مجابهةالأنظمة المنهارة؟سيكون ذلك من الغباء..الاقتراب من الأنظمةوحمايتها ولعب نفس لعبتها سيزيد من متاعب أمريكا واليهود وسيزيد من تقوية جبهات التطرف. أي الحركات الإسلاميةأوكلت مهمة التطرف للقاعدة وقررت هي الانخراط في لعبة السياسة بعد أن أيقنت أن الأنظمة سرا تطلب ليلا نهاراما به تشتغل…قال رجال التطرف؟نحن أولى باللعبة.لنلعبهامع اليهود ومع أمريكا طالما هي تريد ذلك…ولا ننسى أن كل الأنظمة محمية من الغرب وفي رعايته حتى بعد أن أخرجته من إطار اللعب هو نفسه؟اليوم من يلعب هم رجال التطرف وليس المجتمع الدولي؟ورجال الاعتدال.. الرئيس بوش..عراقيا طالما المحاكمات مستمرة فان العنف والإرهاب والترويع سيزداد لان رجال العصابات يراهنون على إيقافهاومعهم كل الحكام العرب… شهادةمجرم تجلب مجرمين آخرين…طالماالمحاكمات مستمرةطالماالتفجيرات ستكون ولو كانت هناك مليون خطة أمنية.التفجيرات في غالبيتها من طبيعتها ونوعيتها هي من مجرمي الأمس ومن مجرم يجلب مجرم…القاعدة في العراق هي بقايا نظام الأمس وخوف رجال السلطات العربية من أن يأتي الدور عليهم…انظر أين يتواجد من يدعم ما يقال عنها مقاومة؟في الأردن والكويت؟والإمارات والبحرين وقطر والسعودية ومصر وسوريا وإيران…يعني حلفاء أمريكا؟وهنا ربما يقال سنة ضد شيعة؟شيعة العراق مع أمريكا؟أو يقال لأمريكا إنهم عندنا أفضل من تواجدهم بمكان آخر؟ الحالة العراقية قالت بهذا بشكل صارخ والحالة اللبنانية تقول بهذا والحالة السودانية…غدا إذا تم الاتجاه إلى محاكمات في أفغانستان سنرى عنفا رهيبا…منع المحاكمات هي لب المعركة بين الطغاة وأمريكا…لذا المشكلة لا تكمن في انسحاب الجيش الأمريكي ولا في فشل الخطة الأمريكية ماتقوم به السعوديةحالياظاهره الخيرولكنه الشر وفسح كل أنواع مجالات إعادة تعويم الطغيان والقول بقدرات أتفه بني البشر؟التحرك هو لحاجات أردنية ومصرية بالأساس وعربية عموما لاحقا.وهو خدمة لتعويم المعتدلين العرب بعد أن خرجوا من التاريخ؟وهي خدمة مجانية للإرهاب.اليوم حماس وحزب الله وإيران وسوريا هم من يحيي المعتدلين العرب وليس العكس؟لماذا؟وليسوا بأغبياء والأيام تقول بهذا؟ إيران من ناحيةإرهابيةومتطرفةوتسعى للسلاح النووي ومعها سورية وحماس وحزب الله ومن جهة أخرى توافق إيراني سعودي في المقام الأول على الهدوء داخل فلسطين؟وعلى إيجاد مخرج في لبنان؟ماذا يعني هذا؟ سياسيايقول هذابانهياراشد للمعتدلين العرب..وبأنهم صارواتحت رحمةحماس وحزب الله وإيران وسورياوهوإفلاس غريب.وهناك من يراهن على حماية الإفلاس لماذا؟هل تطلب حماس أو إيران أو سوريا أو حزب الله أكثر من خدمة مصالحهم حتى وان كان ذلك من إسرائيل وليس من السعودية؟أيّة رسالات مرت وتمر إلى الشباب والمستقبل؟ المعتدلون العرب ورجال المسئوليةفي زاويةوماقيل عنهم وفيهم متطرفون يفرحون عندمايرضى عنهم ذاك المتطرف؟الحركات الإسلاميةفي بيوتهاورجال الاعتدال العرب يخدمونهاويفرحون عندماترضى عنهم؟ذهن سياسي يحارب التطرف والقاعدة؟ سيادةالرئيس بوش..السيدة بيلوسي..أمطري حيث شئت فان الخراج لهم..هكذاصارالمتطرفون رحماء بالمعتدلين.. انه حكم رجال الاعتدال بعد 60عاما ومن يشتري؟ ماوقع في مكةهوأمرعادي جداولكن تم النفخ فيه مع إضفاء طابع القدسية عليه(مكة)لتكون مهاجمته خروجاعن ملة الإسلام؟هوخدمة للمعتدلين العرب وليس للفلسطينيين ولا الاسرائليين..وحملت الخدمة مزية كبيرة لإيران..أمس حماس مجرمةواليوم عندماذهبت إلى مكة تصبح عاقلة ومسئولة؟ أمس حزب الله مغامرافجرحرباواليوم عندمايذهب إلى السعودية أو مصريصبح عاقلا ومسئولا هو أيضا؟هو نفسه الحليف لإيران ماذا تغير؟هو نفسه مع سوريا؟تجارة وسمسرة ومن لا يركب يصبح غير معتدل؟ هناأيضاإيران والحركات الإسلامية عبر العالم كسبوا ويكسبون…يحصلون على ما يريدون ولكن من حيث الإخراج عبر المعتدلين العرب..هات ماأريدحتى عبرالشيطان..المعتدلون العرب خرجوامن إطارالفعل وسنرى تنازلات اكبر من إيران ومن الحركات الإسلامية… اليوم يرضون بالقليل القليل…لا يريدون الحكم عربيااليوم في أي بلد…هم يعلمون أن الريح ضدهم…وانه بداية من 2012 يمكن أن يكون ذلك…إلى هنا أوصلنا الاعتدال العربي..وهنا يتحمل المجتمع الدولي كامل المسئولية. اليوم المهم التغييرعربيالا ينجزه أي كان دون الإسلاميين..وكان ويكون لهم هذا..وعبرالمعتدلين العرب وأمريكا تفرح بهذا عوض أن تكنس رجال الاعتدال لأنهم ورطوها ويورطونها ويخرجونها من الفعل عمليا يوما بعد آخر…ما فعلت وتفعل السعوديةومصرواليمن و.. معرةبالمعاني السياسية..من يفرض الشروط هم رجال الإسلام السياسي.. السيد الرئيس..السيدة رئيسة مجلس النواب.. غياب السمسرة وافتضاح حكاية الإرهاب..ادخل المعتدلين العرب غرفة الإنعاش..وهذا ما تلعب به وعليه الحركات التي قيل إنها متطرفة؟عمليا هي من يحكم العالم…انه الاعتدال العربي..بجاه ربّي يا مشعل…أعطيني حويجة نتاجر بيها راني خوك...وتوّ نتفاهمو من بعد…وأناأقول لمشعل..خذ بخاطرهم…إذ في ذلك تعرية لكل تاجر.. فتح هي الحلقة الأضعف..ومن يتأمل في طريقةاستقبال وكلام الملك السعودي مع مشعل ومع عباس يلاحظ الفوارق كلمة مشعل أمام الملك..كلام هنية أمام الملك…وقوله ..أعدنا القضية الفلسطينية إلى الحضن العربي والإسلامي..أي إلى السماسرة والسمسرة…أي تكسيرالجهدالذي رأيناه منذ سنوات.. دفع الفلسطينيين والاسرائليين للحواروالجدال بعيدعن السماسرة..أي المعتدلين العرب عندمانزعناالسمسرة بالقضية الفلسطينيةوعندماكشف أن الإرهاب بضاعتهم صاروا في حالة بطالة…لذالابدمن عودة السمسرة إليهم. قالها العقيد الليبي ولهذا جرى ويجري تاطيره…قال رئيس ايطاليا..اتركونا نتاجر…مسكين الفلسطيني والإسرائيلي ومساكين نحن من نبحث عن قليل من الحرية.واستشهادي بهذا الكلام جعل كل وزراء سلطة تونس يذهبون إليه والغير كذلك خوف من كلام أخر من الرجل…أي لتاطيره من قول كلمات حقيقية.وهذا يجعلني أقول انه بعد العرب الدور قادم إلى اليهود؟ آمل سيادة الرئيس..السيدة ناننسي بيلوسي أن أكون قد أبلغت … اسألوامشعل ونصرالله ونجادي وشلح من يمردتحتهم من رجال الاعتدال؟وجهراسيحاربون القاعدة وإيران؟ ذهن اخذ ويأخذالعالم إلى الهاويةوهناك من يراهن على تعويمه وخلق مابه ينشغل ويشتغل مع اعتبارناناحميرا.لم نعدمن الحمير أفقنابفضل الصدمات والترويع والتجويع والتزويروالملفات المالية والأخلاقية والطبية.نعم.(كل أنواع الإجرام استنجبت وتستنجب وحديث عن محاربةالارهاب وفي حمايةالمجتمع الدولي ؟سنعود.)وغيرها.من فرط ضربنا وتهميشنا حضرت لديناالرجولة شكرا للإرهاب والكذب.ارهاب وكذب سلطاتنا جعلنا نستذكر.لكم مني التحية. آمل في الختام أن أجد لدى السيدة بيلوسي(دعنا من بوش والجمهوريين الآن) استراتيجية الديمقراطيين في العراق وفي فلسطين ومامايقال عنهم دولا معتدلة؟وإيران؟وأفغانستان؟كيف النظرإلى هؤلاء؟وكيف النظرإلى الإرهاب كمنتوج وصناعات؟ومن أين يحارب؟وماهودورالمعتدلين في صناعاته وماهوالمطلوب ديمقراطيامن اجل الحرية؟ .طرحت هذالان لجان العلاقات الخارجيةوالدفاع والأمن والسياسةو…تكون متناصفةبين الجمهوريين والديمقراطيين وهذه اللجان تقوم بزيارات الى الدول المعتدلة او تأتيها زيارات من الدول المعتدلة..ولكن نرى بيانات إشادة وإكبار وتعظيم وافتخار؟ إذن من أين جاء الإرهاب؟وماهوالفارق بين الجمهوري والديمقراطي؟دعنا من الأمور الداخلية ومن عدم غياب أي طرف او استفراد سلطة بالسلطات لطول الوقت وسعي سلطة أخرى لاسترجاع نفوذها وهو ما نراه وماسنراه في امريكاالداخل وهوامرعادي جدا.نحن نريد رؤية كل طرف للمناطق الساخنة وتعريفه للإرهاب ومسئوليه وكيفية محاربته. رأيناتعريفات الجمهوريين ووسائل محاربتهم.ومنهامحورالاعتدال.رأي الديمقراطيين في هذا؟وهل بامكانه محاربة التطرف والوقوف فعلا في وجه ايران؟او الأصح كيف تمططت ايران داخل دول الاعتدال وهي الخائفة من المد الشيعي؟ آمل ابيضا أن تطلب السيدة بيلوسي من المختصين إحضار ما تكرمت الصحف يوم غادر كلنتن الرئاسة.ما قيل فيه وفي هيلاري.وفي الديمقراطيين ومن المعتدلين العرب.وسنرى لماذا تمططت ايران ولماذا كان11سبتمبر ولماذا سيكون غيره.قلت هذا لان المعتدلين العرب سماسرة من افسد نوعية.إذ فعلوا هذا أيضا مع بوش الأب ومع ريغن.. آمل من الرئيس بوش ان يفعل نفس الامر عندما خرج والده وعندما سيخرج جنابه وسيرى ان الاعتدال لا ينتج إلا قلة الحياء والسمسرة وبالتالي تربته تنبت كل لعين وفاسد وتاجر وكذاب.وزراء خارجية سلطات عربية خرجوا ويخرجون من التاريخ وواهم من يراهن على النفخ في جثث هامدة…أليسوا تحت رحمة من برروا ويبررون بهم الوجود؟ماذا جنى العالم المتحضر منهم؟أن صار بدوره تحت رحمة التطرف؟ حسين المحمدي 2مارس2007
صكوك الغفران القروسطية تظهر من جديد في لاهاي أستاذ القانون الدولي قاسم ترنكة : » محكمة لاهاي ترسل بهذا القرار رسالة خطيرة لأصحاب النوازع الشريرة بأنه بامكانهم القيام بجرائم الإبادة لإن محكمة لاهاي الدولية لا تستطيع الكشف عن نواياهم وما إذا كانوا يقصدون الابادة أوشيئا آخر »
سراييفو : عبدالباقي خليفة
لم يكن يوم 26 فبراير الماضي يوما كسائر الايام ، ليس في لاهاي فحسب أو البوسنة فقط بل في العالم بأسره . كان يوما استثنائيا ستعيش أحداثه مع الأجيال وتسجل في كتب التاريخ كمظلمة كتب لها أن تبقى وتتداول بين الناس كتلك الايام . في ذلك اليوم أصدرت محكمة ( العدل ) الدولية في لاهاي قرارها الجائر بحق مظلمة البوسنة ، حيث برأت صربيا من جريمة الإبادة . فيما يشبه صكوك الغفران التي كانت تبيعها الكنيسة للدهماء بدراهم معدوات ، مما يوحي بأن دورة جديدة من القرون الوسطى تطل برأها من هولندا .
وقالت رئيسة المحكمة الدولية البريطانية، روزالين هينغز، إن صربيا ليست مسؤولة بشكل مباشر عن الابادة في سريبرينتسا » صربيا لم تخطط للابادة ولكنها لم تحاول منعها » ، واضافت » لا يمكن التأكيد على أن المسؤولين الصرب لهم علاقة مباشرة مع جريمة الابادة في سريبرينتسا سنة 1995 حيث لم يكن صرب البوسنة أو جيشهم جزءا من صربيا » . لكن القاضية أكدت أن » صربيا قامت بمساعدة صرب البوسنة ودفع رواتب للقيادات العسكرية، إلا أن ذلك لا يحمل بلغراد المسؤولية عن الابادة » وبخصوص سريبرينتسا أشارت القاضية بزعمها
إلى أنه لم توجد أدلة كافية على أن صربيا قامت بتقديم المساعدة لصرب البوسنة عندما بدأت حملة الابادة في سريبرينتسا » وأضافت » ليست هناك أدلة كافية لادانة صربيا » . وقد اتخذ قرار تبرئة صربيا من جرائم الابادة في البوسنة بالاغلبية حيث وافق 14 قاضيا من أصل 16 على القرار. وكانت البوسنة قد تقدمت في 27 فبراير سنة 1993 بشكوى لمحكمة العدل الدولية في لاهاي حملت فيها صربيا المسؤولية عن جرائم الابادة في البوسنة، حيث كان الجيش اليوغوسلافي الذي يسيطر عليه الصرب أول من قام بارتكاب جرائم الابادة في شرق البوسنة، وظل بعض قياداته فيها بعد انسحابه سنة 1993، إضافة لعصابات أركان وشيشيلي والعقارب المتهمة بارتكاب جرائم حرب وإبادة في البوسنة، وفي جميع مراحل الحرب كانت بلغراد تدعم صرب البوسنة بالمال والسلاح والرجال. لكن صربيا تنصلت من التهم الموجهة إليها بالزعم أنها لم تكن عضوا في الامم المتحدة في الفترات التي ارتكبت فيها جرائم إبادة بالبوسنة، كما زعمت بأن الحرب في البوسنة كانت حربا أهلية بين مكوناتها الاثنية البوشناقية والصربية والكرواتية .
توفر جميع الشروط : لقد توفرت في جرائم الابادة في البوسنة جميع شروط القانون الدولي وهي » المساس الخطير بالسلامة الجسدية والنفسية » فهل كان غير كاف قتل 200 ألف مسلم واغتصاب ما بين 20 و 60 ألف إمرأة حسب تقويمات المصادر المختلفة وتدمير 90 في المائة من البنية التحتية وتهجير ما يزيد عن مليوني مسلم وهدم 14 ألف مسجد . و »الاخضاع المتعمد لافراد مجموعة لظروف معيشية قد تؤدي إلى تدميرهم بشكل كامل أو جزئي « وهو ما حدث في سراييفو وغوراجدة و بيهاتش حيث قضى الآلاف بسبب القصف والحصار ، فضلا عن معسكرات الاعتقال الجماعي التي ضمت الآلاف وقتل فيها الآلاف.ثم « النقل القسري للأطفال « وكان الصرب ينقلون الأطفال ثم يرمونهم في الشوارع في مدن صربيا ،وقد قام الصليب الأحمر بإعادة بعضهم إلى ذويهم بينما لا يعرف مصير نحو 12 الف طفل تم نقلهم وبيعهم أو تسليمهم للكنائيس في ايطاليا واسبانيا وغيرها ،وهو ما لا يخفى على جناب المحكمة الدولية العتيدة .
وقال الرئيس البوسني الاسبق ورئيس حزب العمل الديمقراطي سليمان تيهيتش » للفرقان » « المحكمة الدولية أثبتت حصول إبادة جماعية بحق البوشناق المسلمين ،وحملت صرب البوسنة المسئولية عن ذلك « وتابع « المسلمون علقوا الأمل على محكمة العدل الدولية ،واعتقدوا بأن الأجيال القادمة ستعيش أفضل في مستقبل أكثر أمنا ورخاءا لكن محكمة لاهاي ورغم تأكيدها على حصول سريبرينتسا ( فقط ) إلا أنها لم تكن في مستوى الآمال التي علقت عليها منذ ما يقرب من العقد والنصف » . من جهته قال أستاذ القانون الدولي والدبلوماسي السابق الدكتور قاسم ترنكة » للفرقان » « محكمة لاهاي ترسل بهذا القرار رسالة خطيرة لأصحاب النوازع الشريرة مثل كراجيتش وملاديتش وسفاحي رواندا وغيرهم بأنه بامكانهم القيام بجرائم الإبادة لإن محكمة لاهاي الدولية لا تستطيع الكشف عن نواياهم وما إذا كانوا يقصدون الابادة أوشيئا آخر « وتابع » أعتقد بأن القضاء الدولي وضع معايير من الصعب اعتبارها منطقية ، فإذا وجدت جيشا يذبح شعبا فعليك أن تتأكد من نيته عما إذا كان يذبحه بنية الإبادة أو تحديد النسل وبذلك يتم توفير الغطاء القانوني للمجرمين ولا يمكن بذلك إدانة أي دولة بارتكاب جرائم إبادة » . ووفقا لجميع استطلاعات الرأي أجمع المسلمون في البوسنة على أن » قرار محكمة لاهاي كان سياسيا ،وهو بمثابة عقوبة للضحايا أكثر منه تبرئة للجناة » .
موت ميلوسيفيتش : بقطع النظر عن الأساس السياسي الذي أملى على محكمة لاهاي موقفها من شكوى البوسنة ضد يوغسلافيا ، إلا أن الجهات الحقوقية التي تحاول تجنب إدانة محكمة لاهاي بشكل مباشر تعتقد بأن موقت ميلوسيفيتش كان له تأثير على مجرى المحاكمة .وقال محام البوسنة في محكمة لاهاي ثاقب صوفتيتش » للفرقان » » موت ميلوسيفيتش كان مأساة بالنسبة لشكوانا « وتابع « حكم المحكمة ليس نهاية المطاف ،نحن سنطالب بمعاقبة صرب البوسنة فلدينا الآن اعتراف من المحكمة بأنهم ارتكبوا جريمة إبادة في سريبرينتسا « وعن الموقف الصربي قال « لو كنت مكانهم لما عبرت عن فرحي بحكم المحكمة ، الجريمة هي الجريمة سواء كانت إبادة أو جرائم حرب « .لكنه أكد في نفس الوقت » لست مقتنعا بتبرئة صربيا من جرائم الابادة في البوسنة ،ولكن هناك إدانة لصرب البوسنة لذلك يجب إزالة نتائج الابادة « و يعني إلغاء كيان صرب البوسنة الذي يتمتع بالحكم الذاتي ويشترك فيه رمزيا البوشناق والكروات .
ويرى محللون أن قرار محكمة لاهاي الدولية ، بتبرئة صربيا من جرائم الابادة ، كان قرارا سياسيا ، هدفه تجنب تداعيات أخرى في المنطقة فيما لوتم تنفيذ الأجندة الغربية في منطقة البلقان دون إعطاء صربيا تعويضات عما ستخسره في كوسوفا . فقد كانت جميع الحلول المطروحة لهذا الغرض صعبة ويمكن أن تثير حساسيات كثيرة ، وبالتالي فإن تحميل الجهة الأضعف في المعادلة نتيجة التقسيم الدولي للادوار و المنافع كان الحل لتلك الاشكاليات . حيث أن تقسيم كوسوفا لم يعد واردا لصلابة الموقف الالباني ووجود دعم دولي لبقاء كوسوفا موحدة . كما أن تقسيم البوسنة هو الآخر يمكن أن يفجر المنطقة من جديد . ويبدو أن الفاعلين الرئيسيين في مطبخ السياسة الدولية توصلوا إلى حل لا يثير الكثير من الغبار أو حتى الاشكاليات الكبيرة ،وهو حرق حقوق ضحايا الابادة في البوسنة والعدالة معا . وكان المبعوث الدولي إلى كوسوفا مارتي اهتساري قد أكد على أن التعديل النهائي على خطته سيكون في الفترة ما بين 2 و10 مارس قبل عرضها على مجلس الامن بعد ذلك بفترة وجيزة . وتأتي تصريحات اهتساري بعد ثلاثة أيام من المفاوضات المباشرة بين بلغراد وبريشتينا ، قبل نهاية الاسبوع ، تحت إشراف دولي في فيينا. وقال اهتساري في حوار مع محطة ،كوهافيجن ، التلفزيونية الالبانية « سأقدم خطة الوضع النهائي في كوسوفا إلى مجلس الأمن في شهر مارس القادم للمصادقة عليها ،وهناك توافق داخل لجنة الاتصال الدولية باحترام رغبة الاغلبية في كوسوفا »ووصف الرئيس الفندي السابق المتظاهرين في كوسوفا بداية الشهر الجاري بأنهم » لم يقرأوا الخطة جيدا » وتابع « لو إنهم قرأوا الخطة جيدا ما قاموا بتلك المظاهرات ولانتفت أسبابها و نتائجها « .وكانت مجموعات كبيرة من الصرب والالبان قد تظاهرت احتجاجا على ما تراه تفريطا في مصالحها وموالاة للطرف الآخر. كما أن التغير المفاجئ في موقف موسكو يؤكد على وجود تقاسم للمنافع على حساب الضحايا فقد أشار رئيس ،مجموعة الازمات الدولية ،غاريت ايفانس ،على أن موسكو ستمتنع عن التصويت في مجلس الأمن لتمرير خطة المبعوث الدولي ،مارتي اهتساري.وقال ايفانس لاذاعة ،أوربا الحرة ، » موسكو ستمتنع عن التصويت عندما يتم عرض خطة اهتساري على مجلس الامن « وتابع « خطة اهتساري تمهد الطريق لاستقلال كوسوفامن خلال مرحلة انتقالية تظل فيها تحت اشراف الاتحاد الاوروبي »وأضاف قائلا « خطة اهتساري هي الخيارالمتاح حاليا،كما أنها تراعي الموقف الروسي من استقلال كوسوفا » وأشار إلى أن » معلوماتنا تؤكد على أن روسيا ستتمنع عن التصويت وهذا شكل من أشكال عدم التأييد « وأوضح بأن « عدم تصويت روسيا موقف ايجابي سيحسب لموسكو دوليا ومن قبل بلغراد أيضا « واعتبر » سيادة صربيا على كوسوفا أصبح شيئا من الماضي » وقال » يجب المحافظة على وحدة مجلس الأمن وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة على جميع الأطراف » واستبعد منح كوسوفا الاستقلال التام في ظرف وجيز رغم وحدة الموقف الاميركي والاوروبي » قد يحصل الاستقلال على المدى البعيد ،ولن تصبح كوسوفا دولة مستقلة ما لم يتم الاعتراف بها دوليا وعبر الاعتراف المباشر وليس عن طريق الجمعية العام للامم المتحدة » .
مظاهرات احتجاج : وعلى الصعيد الجمعياتي ومنظمات المجتمع المدني ، نظمت الفعاليات الشعبية في البوسنة مساء الثلاثاء 27 فبراير مظاهرات أمام المقرات الرسمية في سراييفو شارك فيها 10 آلاف نسمة تقريبا ،أعرب فيها المشاركون فيها عن غضبهم ورفضهم من قرار محكمة لاهاي الدولية .وذلك تحت شعار « العدالة لضحايا الابادة في البوسنة » كما شارك في المظاهرات منظمات مثل » دائرة ضحايا الابادة في البوسنة « و « عوائل الشهداء » و » أهالي المفقودين » و »ضحايا الحرب » و » نساء ضحايا الحرب « و » تجمع ضحايا معسكرات الاعتقال « وغيرها . وأعرب المتظاهرون عن احتجاجهم على قرار المحكمة الدولية معتبرين ذلك » قرارا سياسيا غير عادل تم اتخاذه على حساب الضحايا » و « يمثل السياسة الدولية المنحازة ضد الضحايا و المسلمين منذ سنة 1992 وحتى الآن » و دعا منظموا المظاهرة إلى « الدفاع عن مصالح بلدهم كما دافعوا بالسلاح في وجه الابادة « .وطالبت الجمعيات المشاركة في المظاهرة في بيان موجه للرئاسة البوسنية ،ومجلس الوزراء البوسني ،والبرلمان البوسني،و الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة ب » إزالة كيان صرب البوسنة الذي هو نتيجة لجرائم الابادة وغيرها من جرائم الحرب » و »إصدار قانون يعاقب كل من ينكر جرائم الابادة و جرائم الحرب التي تم اقترافها بحق المسلمين في البوسنة « .كما طالب المتظاهرون باعطاء سريبرينتسا وضعا خاصا تكون فيه بمثابة ساحة عامة تروي جرائم حرائم الابادة .
في القانون الدولي : أستاذ القانون الدولي والقاضي الصربي السابق في محكمة لاهاي الدكتور ، فويين ديميتريفيتش أكد في اتصال هاتفي أجرته معه » الفرقان » على أن » العار الذي تسربلت به صربيا لا يمكن محوه « وتابع » لم يتم تبرئة صربيا نهائيا من جرائم الابادة في البوسنة ، فقد أدينت بعدم معاقبة المتهمين بارتكاب جرائم حرب ،و بعدم تسليم المتهمين منهم إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي » وأضاف » الدعوة الموجهة لصربيا بالتعاون مع محكمة لاهاي ، يمكن أن تتطور في حال عدم الاستجابة لها إلى مشاكل مع مجلس الامن الضامن لعمل المحكمة ،وإذا أصدر مجلس الامن قرارا بعدم تعاون صربيا تصبح صربيا الجهة التي تخرق قرارات مجلس الأمن … ولأن صربيا أول دولة تتهم بارتكاب جرائم إبادة من الحمق الاحتفال بالبراءة « .وهو رأي رئيس » الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي » جاركو كوراتش «
بينما اعتبر المحامي سيرجا بوبوفيتش » قرار المحكمة جيد لصربيا » .والحقيقة أن الذين كانوا على اطلاع مباشر على الدور الصربي في حرب الابادة في البوسنة ،هم من أعلنوا فرحهم بقرار المحكمة ، بينما أبدى الذين كانوا بعيدا عن مطبخ مخططات الإبادة تعجبا من ابتهاج مواطنيهم بالقرار .
الموقف الصربي : لقد وقع قرار محكمة لاهاي الدولية وقع الصدمة على البوشناق المسلمين ،وعلى الصرب أيضا ،ولكن كل على طريقته الخاصة . فإن كان المسلمون قد أحسوا بطعنة جديدة توجهها لهم الامم المتحدة والمحكمة التابعة لها في لاهاي ، فإن الصرب كانوا بمثابة الغريق الذي يئس من النجاة وينتظرالقصاص العادل فإذا به يجد نفسه على اليابسة دون أن يصاب بأذى يذكر . لذلك بدوا لبقين في ردود أفعالهم ،وقال رئيس الوزراء البوسني نيكولا شبيريتش ( صربي ) » نحن والشكوى والمحاكمة خرجنا من الماضي وعلينا النظر في المستقبل « وتابع » علينا العمل من أجل مستقبل هذه البلاد » .
رئيس وزراء صربيا فويسلاف كوشتونيتسا قال بأن « محكمة لاهاي وضعت كل شئ في نصابه ،ومعاقبة المتهمين بارتكاب جرائم حرب ،هو الطريق الوحيد للمصالحة » وأعرب عن سعادته لتبرئة صربيا من جرائم الابادة في البوسنة » قرار محكمة لاهاي مهم لانه برأ صربيا من تهمة خطيرة وهي جرائم الابادة » . أما وزير خارجية صربيا فوك دراشكوفيتش ، فقد ذكر بأن » قرار محكمة لاهاي حكم تاريخي لصالح صربيا أشهرني بالارتياح لانه لم يدين صربيا بارتكاب جرائم إبادة ،ولكن يجب معاقبة الجناة » ؟ !!!
نائب رئيس » الحزب الراديكالي الصربي » توميسلاف نيكوليتش أكد من جهته على أن » قرار محكمة لاهاي يحمل في طياته دعوة لالغاء كيان صرب البوسنة » وقال في حوار مع صحيفة » براس » يوم 27 فبراير » الحكم أدان صرب البوسنة وحملهم المسئولية عن جرائم الابادة في سريبرينتسا وهذا تمهيد لازلة كيان صرب البوسنة » معتبرا قرار محكمة لاهاي » خطير للغاية » .
ضربة لكرواتيا أيضا : قرار محكمة ( العدل ) الدولية لم يثر حفيظة البوشناق المسلمين فحسب ، بل غضب كرواتيا أيضا ، حيث تقدمت هي الأخرى بشكوى ضد صربيا تتهمها فيها بارتكاب جرائم إبادة في كرواتيا في الفترة ما بين 1991 و1995 . وقال رئيس البرلمان الكرواتي ، فلاديمير شاكس » المحكمة الدولية لم تدين صربيا بارتكاب جرائم إبادة وإنما لعدم معاقبتها للجناة ،وأعتقد بأن العدالة لم تأخذ مجراها وأن القانون الدولي لم يطبق » وتابع شاكس في حوار مع التلفزيون الكرواتي يوم 27 فبراير » الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة هو اعتبار جرائم الابادة لم تحدث سوى في سريبرينتسا بينما كانت البوسنة بكاملها تحت السيطرة الصربية » وعن شكوى بلاده ضد صربيا قال » للأسف الشديد فإن ما ستجنيه كرواتيا سيكون شبيها بما حصلت عليه البوسنة » و كانت كرواتيا قد تقدمت بشكواها ضد صربيا و الجبل الاسود سنة 1999 أي بعد 6 سنوات من تقديم البوسنة شكواها لمحكمة ( العدل ) الدولية . بيد أن المحامي الكرواتي في محكمة لاهاي ، ايفو شيمينوفيتش ، ذكر بأن شكوى كرواتيا مدعومة أكثر من شكوى البوسنة ،لكنه لم يذكر مقومات ذلك الدعم وما إذا كان سياسيا أو قانونيا . واعتبر صحافيون كروات بأن قرار المحكمة يثير المخاوف من امكانية حدوث جرائم جديدة في البلقان ، من أجل قيام صربيا الكبرى مرة أخرى .
تعليقات دولية : صحيفة نيويورك تايمز الاميركية في عددها الصادر يوم 27 فبراير أشارت إلى المسلمين ضحايا الحرب ،سجلوا ثان خسارة لهم على التوالي،معتبرة « موت الرئيس الصربي الاسبق سلوبودان ميلوسيفيتش
في مارس 2006 احدى خسائرهم « و » قرار محكمة لاهاي خسارتهم الثانية » وذكرت الصحيفة بأن هدف الصرب من الحرب كان إقامة صربيا الكبرى ،وهو ما تجاهلته المحكمة الدولية . الواشنطن بوست ، من جهتها تحدثت عن شكوى البوسنة كسابقة في القضاء الدولي ، حيث تتهم دولة لاول مرة بارتكاب جرائم إبادة . بينما لم يتم محاكمة سوى أفراد على جرائم ارتكبوها في كل من البوسنة ورواندا . وتحدثت الصحيفة عن فشل الامم المتحدة في الضغط على صربيا منذ 12 سنة من أجل دفعها لاعتقال وتسليم مجرم الحرب الجنرال راتكو ملاديتش . و حول نفس النقطة تحدثت الغارديان البريطانية مكدة على أنه يتوجب على صربيا » بعد تبرئتها من قبل محكمة العدل الدولية في لاهاي اعتقال وتسليم الجنرال راتكو ملاديتش « وركزت الفاينايشيل تايمز ،اللندنية على تصريحات الرئيس الصربي بوريس طاديتش التي دعا فيها البرلمان لادانة جرائم الابادة في سريبرينتسا ،وكيف أنقذ قرار المحكمة صربيا من دفع تعويضات للضحايا بمليارات الدولارات . وهو ما تحدثت عنه لومند الفرنسية أيضا .
صحيفة ، فرانكفورتير روندشو ، الالمانية حاولت تبرئة ساحة صربيا معتبرة ما حصل في البوسنة لا يشبه ما حدث عندما غزت المانيا بولندا . كاشفة بذلك عن جهل مطبق أو تحامل على الضحايا المسلمين .
« الفيغارو »الفرنسية من جهتها اشارت إلى أن قرار محكمة لاهاي الدولية ، حمل صرب البوسنة لوحدهم المسئولية عن الابادة في سريبينتسا . مذكرة بمخاوف صربيا من الادانة بجرائم الابادة قبل صدور قرار المحكمة الدولية . وقالت إن » موت الرئيس الصربي الاسبق سلوبودان ميلوسيفيتش ،واستمرار فرار رادوفان كراجيتش و الجنرال راتكو ملاديتش أثر على قرار محكمة لاهاي « .ليبرالسيون تطرقت لقضية انضمام جمهوريات يوغسلافيا السابقة للاتحاد الاوروبي بعد 16 سنة من الحرب .وأن الوقت قد حان لاستيعاب دول المنطقة في الاتحاد الاوروبي » تم تبرئة صربيا الآن من جرائم الابادة وهي بذلك أصبحت أقرب لتحقيق معايير الانضمام للاتحاد » . وهكذا أصبحت العدالة الدولية بيدقا في رقعة الشطرنج أمام اللاعبين الكبار،وصكوك غفران جديدة تمنحها كنيسة عباد اليورو والدولار في مزاد دم وحقوق الضحايا وقدسية الحقيقة . * تقرير أعد خصيصا لمجلة الفرقان سينشر بعون الله في العدد القادم ( يوم الاثنين ) (المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 28 فيفري 2007)
أزمة العقل الكنَسيّ في الغرب:
الكنيسة الغربية ليست سلبيّة ومنعزلة ومبعَدة وهي تسجّل في الواقع حضورا اجتماعيا وسياسيا في مجتمعاتها تأخر الاعتراف بحقوق المهاجرين بتأثير الكنيسة والحوار الاسلامي ـ المسيحي يعاني من خلل بنيوي وعقدة استعلاء د. عزالدين عناية (*) يأتي حضور الدّين بشكله المؤسّسي، في الغرب، من بين أكثر الأنماط المؤسّسية الاجتماعية تركيبا وتداخلا ونشاطا، وفي مقابل ذلك يحضر التديّن بمفهومه الفِطْري الرّوحي دون ذلك بكثير، لضمور أثره وتواري ملامحه. خلّف ذلك التوّازي اللاّمتوازن عدّة أوجه من التّضارب، كانت وراء توليد أزمات مختلفة داخل الهيكل الدّيني العام، انعكست آثارها في الدّاخل كما الشّأن في الخارج. من ذلك التضارب، بين الدّين كمؤسّسة، والتديّن كتفعيل، نحاول استعراض بعض أوجه تلك الأزمة. 1- الكنيسة وخيار المحرومين أو المترفين برغم فسيفساء النّحل والعقائد التي تميّز الواقع الدّيني المسيحي الغربي، يجمع رابط مشترك بين كنائسه المختلفة، مما يجوّز إطلاق نعت كنيسة علي شتاته المتنوّع، نظرا لوحدة الإيقاعات التي تضبط علاقاته الدّاخلية ونظرته للآخر الحضاري. فجرّاء القوّة المادّية التي تميّز الغرب الحالي، وسمات الهيمنة التي تطبع سياسته الخارجية، رافقتها قناعة لدي السّاهرين علي مؤسّساته الدّينية، ترنو للعب نفس الدّور في مجال النّفوذ الرّوحي علي العالم أيضا. تلخّص ذلك في السّعي للوصاية علي الأخلاق الدّينية ، والتطلّع لإعادة تربية الجنس البّشري، بغرض إعادة تهيئته روحيّا عبر مداخل مختلفة، منها ما سمّي بالأنجلة، أو بإعادة الأنجلة، أو بحوار الأديان أو بحوار الحضارات. وهو ما جعل بعض المفكّرين واللاّهوتيين المنشقّين، ينتقدون بشدّة هذه المركزية، فقد دعا اللاّهوتي الألماني السّويسري هانس كونغ في كتابيه: الأديان والأخلاق العالمية و نحو أخلاق عالمية للسياسة والاقتصاد ، الصادرين بإيطاليا سنة 2002، لأخلاق كونية شاملة كبديل لمركزية طروحات الكنيسة الحالية. وتحاول الكنيسة، في التاريخ المعاصر، وخصوصا منها تفرّعيها الكاثوليكي والإنجيلي الأمريكي، أن تبقي عين الغرب الرّاصدة في الخارج، عبر تنبيه العقل السّياسي وإشعاره، بنقاط التحذير والانتقاد للعالم الإسلامي أو للعالم الكنفوشيوسي، وغيرها من الفضاءات الحضارية التي تشهد تدافعا مع الغرب أو مع الكنيسة. فنظرا لما تملكه المؤسّسة الدّينية الغربية من قدرات علمية وإمكانيات، متمثّلة في مراصد ومعاهد ورجالات وخبراء، تحاول من خلالهم صنع تلك الهيمنة، تعضدها في بلوغ مقصدها ارتباطات مع أقلّيات دينية منتشرة في أرجاء العالم، استطاعت أن تستوعبها وتحتضنها، تارة عبر التحذير من الذّوبان في الدّاخل وطورا عبر الإغراء بربط مصالحها بالخارج، موظّفة إياها لصنع الحدث السّياسي الدّيني الإشكالي الذي تنتَقَد منه بلدانها، أو مجتمعاتها، خصوصا إذا ما كانت متعدّدة الأعراق والدّيانات، سواء في خياراتها الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية. وضمن لعبة التوظيف تلك، غالبا ما أخطأ مسيحيو الشّرق التّقدير حين اعتبروا الغرب حامي المسيحية وراعيها، ولم يدركوا أنه مجموعة من المصالح الوطنية المختلفة، استغلّت مسيحيي الشّرق لتفتيت عديد المجتمعات، وفي أيّامنا لصياغة توازنات قوي خارجية وربط تطلّعات الأهالي المحليين وإرادتهم بالخارج. فأحيانا يحاول الغرب السّياسي، عبر الكنيسة، أن يبرّر فعله بخلفية خلقية وإنسانية، تتستّر وراء يافطات متنوّعة: حوار الأديان، حوار الثّقافات، ادعاءات القضاء علي الفقر والأوبئة، تدعمه في ذلك آلة دعائية، تحاول توجيه الوعي العالمي، حتي وفّقت في إلحاق هزيمة دلالية بقضايا مشروعة، لدي مظلومين عدّة، وقد حازت الكنيسة نصيبا معتبرا في تلك المهمّة. فذلك الارتباط المتين بين استراتيجيا السّياسة وتطلّعات الكنيسة، والذي حضر فيه رجل الدّين، مبرّرا ومباركا لا فاعلا ومبادرا، غالبا ما انعكس أثره سلبا وقلّص من فرص بناء ثقة مع التكتّلات الحضارية والدّينية الأخري، بغرض تأسيس إيلاف جامع بين أتباع الأديان. وقد تولّد اقتناع الإكليروس في العهود السابقة بإقرار الارتباط بالآلة السّياسة، بعد يقين الكنيسة من دحرها خارج مجال النفوذ السّياسي المباشر في السّاحة الغربية، فرضيت بما منح لها من موقع خلفي. وفي الزّمن الحالي، تحاول اكتساب ما فرطت فيه، عبر امتلاك الحقيقة الخلقية كونيا، بالاستناد إلي قوي هيمنة دولية في المجال السياسي. والواقع أنه ليس من الهيّن للكنيسة، في ظلّ تحالفها الجليّ والخفيّ مع الآلة السّياسية، التي يطبعها التجبّر، إرساء حوار شفّاف مع الأديان الأخري أو مع الفضاءات الحضارية المحاصَرة نهضتها، تكسب فيه ثقة أتباعها، نظرا لمحاولة الكنيسة الصّعبة للإمساك بالمتناقضات في الآن نفسه، المتمثّلة في الولاء للمستكبِر والدّعم للمستضعَف. لذلك تأتي مساعيها للحوار مع الحضارات الأخري باهتة ومفتقدة لدعامات القوّة، لعلّ هذا الوهن ما جعل الكنيسة تتعثّر حتي الآن في إرساء حلف ديني عالمي، برغم توفّر قدرات هائلة مؤسّسية وتكنوقراطية ومالية لديها. فممّا قلّص الثّقة بين التكتّلات الدّينية العالمية المختلفة، أن الجانب القوي منها -وهو الطّرف الكنسي- يهدف في انفتاحه علي الفضاءات الحضارية الأخري لاحتوائها، وليس لتطارح الإشكاليات معها والبحث لها عن حلول مشتركة وعادلة، تُبني علي أساسها خلقية كونية جامعة، في كنف الندّية الحضارية والدّينية. استلزم بلوغ ذلك الهدف توظيف مقولة الحوار بدل مقولة التبشير المحورية، بعد أن صارت الأخيرة تلاقي انتقادا. وحتي علم التّبشير و لاهوت الأديان ، النّاشطان داخل المؤسّسات الأكاديمية الكاثوليكية، في الجامعات البابوية الرئيسية بروما، الغريغورية والقدّيس توما الأكويني، لم يقدرا حتي الرّاهن علي تجاوز الإرث اللاّهوتي القديم، وإنتاج خطاب منفتح يتجاوز ضيق الرّؤي القروسطية، المتلخّصة في ألاّ خلاص خارج الكنيسة. جاء في وثيقة صادرة عن مجمع عقيدة الإيمان ـ ، وهي أعلي الهيئات الفاتيكانية السّاهرة علي العقيدة، ضمن تصريح Dominus Iesus ، بإمضاء مفتّش العقائد السّابق، الكردينال جوزيف راتزينغر، بنيدكتوس السّادس عشر، الذي يشغل في الرّاهن منصب الحبر الأعظم في حاضرة الفاتيكان: الحوار وإن كان يشكّل جانبا من رسالة الأنجلة، فهو واحد من أدوات الكنيسة لتبشير الأمم، والندّية المطروحة أثناء الحوار، تتعلّق بتساوي الكرامة الذّاتية للأطراف، لا بالمحتويات العقدية التي بحوزتها ، الأمر الذي جعل أحد منتقدي الكنيسة من الدّاخل، ليوناردو بوف في كتاب صدر سنة 2005 بإيطاليا، بعنوان: بابا تتعذّر محبّته ، يعلّق علي هذا الموقف المتملّك للحقيقة بقوله: هذا ليس حوارا بل ذمّا . تلك العَقَدِيّة الخلاصيّة تشترك فيها كبري التيّارات المسيحية الكاثوليكية والإنجيلية، ففي منطقة حزام التوراة ، في الولايات الجنوبية في الولايات المتّحدة الأمريكية، أين تهيمن التيّارات الإنجيلية، يبقي الشّعار الأساسي المرفوع المسيح هو الحلّ Jesus is the answer . 2- تحدّيات الدّاخل: علي خلاف الرّؤية الشّائعة عن الكنيسة الغربية كونها مؤسّسة سلبيّة، منعزلة ومبعَدة، تسجّل في الواقع حضورا نشيطا في المجتمعات التّابعة لها، تختلف حدّته من بلد لآخر. ولم يخل ذلك الحضور من إثارة عديد الانتقادات لها، سواء في ما تعلّق منها بالشأن الدّيني أو بالشأن المدني. عبّر عن ذلك العنت الاجتماعي منشقّون داخليون، لعلّ أشهرهم اليسوعي كارل راهنر (1904ـ 1984)، الذي أجبر علي الصّمت من نظامه الكهنوتي في الخمسينيات، بضغط من الفاتيكان؛ وكذلك اليسوعي تايلار دي شاردان (1881 ـ 1955)، الذي منع من نشر مؤلّفاته، بغرض تحييد حضوره العلمي؛ وكذلك الدّومينيكاني ايفاس كونغار (1904 ـ 1995)، عقل جماعة اللاّهوت الجديد – Nouvelle thژologie ـ، الذي نفي من فرنسا إلي القدس بسبب آرائه المغايرة؛ وفي الرّاهن الحالي نجد الذّائع الصّيت اللاّهوتي السويسري الألماني هانس كونغ. يَعتبِر هذا الأخير أن تثبيت بني السّلطة في الكنيسة الكاثوليكية، تعود منطلقاته للقرون الوسطي، ثم جري تدعيمه أثناء الإصلاح المضاد ، واستحضر كمفاتيح مضادة للحداثة خلال القرنين الأخيرين. يحدّد كونغ مجموعة انتقادات للكنيسة الكاثوليكية، ممثّلة في هرم قيادتها البابا السّابق كارول ووجتيلا، تتلخّص في ما سماه بـ أزمة الأمل . فالبابا يوحنا بولس الثّالث كارول ووجتيلا يدعو للحوار في الخارج وينقضه في الدّاخل. كما أن سعي الكنيسة للحوار مع أديان العالم يصحبه في الآن تواصل احتقارها معتبرة إياها أشكالا ناقصة من الإيمان ، كما لا زال البابا يعرض نفسه مبشّرا بالشّكل القديم. بالإضافة، أن الفاتيكان عادي في السّابق حقوق الإنسان ثم تراجع عن ذلك وسعي للاندماج مع السّياسات الأوروبية، لكنّه رغم ذلك لم يوقّع بعد علي إعلان حقوق الإنسان للمجلس الأوروبي. كما تتواصل مواقف الكنيسة السّلبية من الشأن العائلي، حيث تستمرّ معارضتها لوسائل منع الحمل. وهي تعارض الفقر، وتمنع في الآن تنظيم النّسل، الذي يحدّ منه ومن مرض فقدان المناعة. كما يري كونغ أن ترويج الأنموذج الكهنوتي الذّكوري العزوبي، كان وراء انحرافات خلقية خطيرة، مثل انتشار الاعتداء الجنسي علي الأطفال واللّواط والسّحاق بين رجال الدّين والرّاهبات، مبيّنا أن العزوبة المفروضة هي تنكّر لما ساد في الألفية الأولي، التي لم تعرف فيها المسيحية هذا المنع. أـ الاحتكار الكاثوليكي كتب ويليام. ف. باينبريدج رئيس المؤسّسة المعمدانية الأمريكية ورئيس وفود التبشير الخارجية سنة 1882، أنه خلال زيارة لروما فتّش مراقبو شرطة البابا بيو IX كافة أمتعتنا لمنعنا من إدخال الكتاب المقدّس إلي المدينة المقدّسة . جري هذا الأمر في وقت سالف، بيد أنه حتي سبعينيات القرن الماضي، لا يزال بإمكان الكهنة الكاثوليك فقط إجراء قُدّاس الزّواج في إيطاليا، كما ليس بمقدور البروتستانتيين فسخ عقود زواجهم، إذا ما أقرّت من الكنيسة الكاثوليكية. ونجد الإذاعات والتلفزات الحكومية في إيطاليا تبثّان كلّ أسبوع عدّة ساعات من البرامج الكاثوليكية، في حين تبقي الأديان الأخري مغيبة كلّيا. وقد يحضر بعضها، مثل الإسلام، في برامج احتقار وتجريح، تمس كرامة أتباعه وسماحة تعاليمه، برغم أن الإسلام الدّين الثّاني في إيطاليا من حيث عدد الأتباع. وفي الثلاثين من شهر تشرين الاول (أكتوبر) سنة 1981، سحبت الحكومة البلجيكية بشكل نهائي تحجيرها التام، عبر السّكك الحديدية وعبر البريد، نقل مطبوعات شهود يهوه، والتي من ضمنها الكتاب المقدّس. بالمثل حتي كانون الاول (ديسمبر) 1974، كانت الشّرطة البرتغالية تُصادر وبشكل روتيني كتابهم المقدّس ومطبوعاتهم الدّينية، وعادة ما تعنّفهم بشكل مفرط. وفي كانون الثاني (يناير) 1991، نقّحت البرتغال قانونا كان يسمح للكاثوليك فقط بتدريس مادة الدّين، منِحت بموجبه بعض الحقوق للبروتستانيين أيضا. وفي سنة 1970، أصدرت إسبانيا مرسوما للتسامح الدّيني، يجيز لغير الكاثوليك تولّي بعض الوظائف الدّينية. وفي 1992، وسّعت الحكومة الإسبانية إعفاءاتها المالية لتشمل تكتّلات الجماعات البروتستانية الإنجيلية، سامحة لهم بحق تشييد المدارس، ومعترفة بالرّعوية البروتستانية شغلا قانونيا. كيفما كان، فإن الحقوق الجديدة لم تتوسّع لتشمل الجماعات البروتستانية التي لا تنضوي تحت الفيدرالية أو غير المسيحيين. تلك أوضاع المسيحيين، أما أوضاع الإسلام فهي الأكثر سوءا بين مجمل النّحل والدّيانات الأخري، فمثلا في إيطاليا التي تضم ما يقارب المليون مسلم، يحوز مسجد واحد -مسجد المركز الإسلامي بروما- اعترافا قانونيا، في حين لم تنل المصليات الأخري ذلك الاعتراف. فالإقرار للمهاجر المسلم بأن إتيانه للغرب للعمل، وأن الصّلاة لا تشكّل جانبا من عِقْد العمل بين الطّرفين، هو شكل من التّمييز، الذي يلغي بعنف حقّا أساسيا متمثّلا في حرية التديّن، ويستند هذا التأخّر في الاعتراف الحقوقي للمهاجر المسلم لتخوّفات متنوّعة، تدعمها وقائع عن تآكل ديمغرافي، مرفوق بتنام حثيث لأبناء الجالية المسلمة المقيمة داخل الغرب. فبرغم ما دبّ من وهن في عديد المؤسّسات الاحتكارية الكاثوليكية في أوروبا، فإن جانبا كبيرا من الدّول الكاثوليكية لم تحرّر اقتصادها الدّيني بعد، ولا زالت تفتقر لهيكلية تعدّدية عادلة وسويّة. ب- الاحتكار البروتستانتي في أغلب البلدان البروتستانتية الأوروبّية، تواصل الدّولة توفير الأديان بشكل مجاني، أو علي الأقل، الدّين الذي دفع المستهلِك سهْمه فيه عبر الضّرائب. كما تستمرّ تلك الدّول في نصب العراقيل البيروقراطية أمام المؤسّسات الجديدة التي تحاول دخول سوقها الدّينية أو تتطلّع للنشاط فيها. ففي بعض الدّول تتوفّر المساعدة لكنائس مختلفة، وفي أخري لواحدة فقط. كما نجد إكليروس تلك الكنائس البروتستانتية التابعة للدّولة يوجّه الأمور حسب مراده. في السّويد، تمثّل اللّوثرية أنموذجا للشّكل الذي تسير عليه كنيسة الدّولة، فمنذ النّشأة كانت الكنيسة جهازا تابعا للدّولة، حيث تتواجد عديد القوانين الخاصة التي تضبط نشاطها مع الملك، بصفته راعي الكنيسة والمكلّف بتعيين الأساقفة ورؤساء الأساقفة. وكما هو معلوم يولد المواطن السّويدي منتميا بالوراثة للكنيسة. وبكون السّويد يسمح لعقائد أخري بالتواجد، فليس صحيحا أن تلك العقائد تتمتّع بحرية تامة، لمجرّد نعتها بالكنائس الحرّة. فمثلا، غالبا ما تلاقي الجماعات البروتستانتية الإنجيلية صعوبة في الحصول علي ترخيص لعقد لقاءاتها العامة. كما ترتفع العراقيل أمامها عند الاحتكاك ببيروقراطية دولة، تخلو من أي تعاطف عند تحدّي اللّوثرية الرّسمية. تهيمن تلك الأوضاع علي البلدان الاسكندنافية بشكل متشابه، فقد لاحظ بيتر لودبيرغ، الأمين العام للمجلس المسكوني بالدّنمارك، أن البرلمان له سلطة مطلقة في تسيير الكنيسة الوطنية (الكنيسة اللّوثرية) ، وأضاف، أن إكليروس الكنيسة الوطنية يعتبر النِّحل المسيحية الأخري عبثية. 3- المركز والأطراف طيلة بداية حقبة الحرب الباردة بين المعسكرين الشّرقي والغربي، كان تحالف الكنيسة مع الآلة الرّأسمالية الغربية في العمل علي نخر الكتلة الاشتراكية خفيّا، وحتي زيارة البابا يوحنا بولس الثاني سنة 1979، التي مثلت اختراقا للفضاء البولوني، إحدي الأركان الأساسية للمعسكر الاشتراكي، ما كان العداء صريحا وعلنيا. ولكن إثر تفاعلات تلك الزّيارة، تم التنبّه لانحياز الفاتيكان في الصّراع الإيديولوجي ضدّ الكتلة الاشتراكية، بعد أن صار علنيا. وقد مثّل البابا الرّاحل الوجه البارز في العملية، يسنده في ذلك الكاردينال شيبرياني لوباز تروجيلو، المكلّف بتنقية الكنيسة من أي نفس اشتراكي. فعلي مدي حقبة الثمانينيات، تمتّنت عري التنسيق بين كنيسة البابا البولوني كارول ووجتيلا وحكومة الرّئيس الأمريكي السّابق رونالد ريغن، مبدع شعار مملكة الشرّ في الثامن من اذار (مارس) 1983. فقد دفع توافق مصالح موظّفي البيت الأبيض مع نظرائهم في الفاتيكان للتنسيق فيما بينهم، شمل من جملة ما شمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، كما بين ذلك ويليام ب. كلارك المستشار السّابق للرّئيس الأمريكي، في حوار مع ـ Catholic World Report ـ في تشرين الثاني (نوفمبر) 1999، برغم مظاهر التّعادي السّابق بين الكنيسة الإنجيلية الأمريكية وكنيسة روما. كما لا زالت تبعات الخلاف الرّوسي الفاتيكاني السّابق تخيم بظلالها علي تطبيع العلاقات الكاثوليكية الأرثوذكسية حتي الراهن. فلم يُسمح للبابا السّابق ووجتيلا بزيارة روسيا، كما لم يأت الرّئيس الرّوسي لجنازته عند مماته. وتعدّ المشاكل المعلّقة بعد الفترة الشّيوعية مما عكّر صفو تطبيع العلاقات بين الفاتيكان والكنيسة الأرثوذكسية. وما يزال حضور المؤسّسات الكاثوليكية في روسيا والمتّهمة بالتبشير، إضافة إلي انبعاث الكنيسة الأوكرانية الإغريقية الكاثوليكية، من المسائل العالقة التي منعت اللّقاء بين ألكسيج الثاني، زعيم الكنيسة الروسية، ويوحنا بولس الثاني. كان من الضروري التعريج علي دور الكنيسة الهام في نخر المعسكر الاشتراكي السّابق، لتبين ملامح الاستراتيجية الكنسّية المستقبلية. فبعد انتهاء الكنيسة الغربية من ملحمتها مع الكتلة الاشتراكية، والتي انهدّت إثرها عديد الأسوار تحاول في الزّمن الحالي بناء سلطة عالمية، توجه من خلالها المسيحية الواقعة خارج الفضاء التقليدي الغربي والتحكّم بمصيرها، وهذه الهيمنة غالبا ما تجلّت في تطلّعات روما التي تصرّ علي التكفّل بتعيين الأساقفة والكرادلة في الأطراف، دون تنازل في ذلك للكنائس المحلّية. فنهجها العَقَديّ الملزِم والرافض لأيّة استقلالية، غالبا ما أرهق الكنائس المحلّية، فرأت في المعيَّنين أجانب وغرباء عن الكنيسة المحلّية، مما خلق تململات في عديد الفضاءات. أ- التّناقض مع أمريكا اللاّتينية: بدا ذلك جليّا في الموقف مما عُرِف بـ لاهوت التحرّر ، إثر التجمّع الأسقفي العام بمادلين بكولمبيا سنة 1968. فقد فرض تحالف الكنيسة مع آلة الهيمنة الغربية، التنكّر لذلك اللاّهوت، عبر سحب المشروعيّة منه واتهام رجالاته بموالاة الكفر (الإلحاد الشيوعي)، ونعتهم بوصمة الأساقفة الحمر ، ومن ثمّة محاصرتهم، لما يطرحونه من مراجعة جذرية تعيد تعريف ماهية الكنيسة، ورسالة المسيح. فالمسيح لم ينهر كهنة هيكل أورشليم وفي باله رهبة من سلطان قيصر، الجاثم علي البلاد والعباد، بل صدح مملكتي ليست من هذا العالم، متجاوزا كافة الرّهانات الزّمنية، بصفة الدّين إن لم يحالف الفقراء مبدأ يوالي الأغنياء مقصدا، وإن لم يناصر المقهورين فسيدافع عن العشّارين، فلا منزلة له بين المنزلتين. كتب غوستافو غوتيراز، الأب الرّوحي للاهوت التحرّر، في نهاية الستّينيات، في كتابه الشهير: لاهوت التحرّر : منذ أمد جري الحديث في العالم المسيحي عن المشكلة الاجتماعية، أو ما يسمّي بالمسألة الاجتماعية، ولكن فقط في السّنوات الأخيرة جري التنبّه لعمق البؤس، وحياة العسف والاغتراب التي ترزح تحتها الأغلبية السّاحقة من البشرية، ضمن أوضاع مذِلّة للإنسان، وبالتالي لله . فحياة البؤس، لأولئك الذين ألغي حقّهم في الوجود، من خلال دوْس علي كرامتهم الإنسانية، مرتبطة بنظام خضوع، تصير بموجبه بلدان وطبقات اجتماعية أكثر غني وأشدّ قوّة، في حين تصير غيرها أكثر سوءا وتدهورا. لا يكفي التدخّل، عبر إيديولوجيا النّهوض الاقتصادي، للحدّ من هذه الأوضاع، لأن ذلك الفعل يبقي خاضعا لإرادة الأقوي، الذي يحافظ علي شدّ تلك الدّول والتجمّعات لأوضاع استغلالها. فالذي يدفع بالمضطَهدين، لهجران أوضاع اغترابهم، نوع من الوعي يجعلهم صانعي تاريخهم. ولكن هذا الوعي الذاتي لدي الفقراء غير كاف، ما لم يعضده تطوير نظام اقتصادي عالمي يحوّر بني الاستغلال السّائدة، ويدفع الدّول الضعيفة باتجاه اقتدار ذاتي من أجل نماء فعلي، هكذا يري اللاّهوتي الإيطالي برونو فورتي السّبيل للخروج من هذا المأزق. لقد أثارت كنيسة أمريكا اللاّتينية بدورها عديد الانتقادات المتعلّقة بالشّأن، خصوصا في المؤتمرات العامّة لأسقفية القارة، في مدلين بكولمبيا سنة 1968، وفي بوبلا بالمكسيك سنة 1979. كما نادي التجمّع المنعقد بسانتو دومنغو، في 1992، بضرورة التّنمية الشاملة للشخصية البشرية، ودعا في نفس السّياق لاهتمام خاصّ بالثّقافات الأهلية، الإفريقية ـ الأمريكية وتلك المولّدة. لقد تلخّصت محاصرة لاهوت التحرّر وإدانته، في محاكمة غوستافو غوتيراز (1983ـ 1984)، وفي محنة منظّره، ليوناردو بوف، الذي حوكم من طرف هيئة عقيدة الإيمان بروما، بين سنتي (1984ـ 1985)، التي كان يترأّسها البابا الحالي جوزيف راتزينغر (بنيدكتوس السّادس عشر). أُجلِس بوف علي نفس كرسي المحاكمة الذي أجلس عليه غاليلو غاليلي وجردانو برونو، بتهمة الانحراف عن الصّراط المستقيم، إثر صدور كتابيه، اللّذين لخص فيهما فلسفة لاهوت التحرّر: Jesus Cristo Liberador يسوع المسيح المحرّر ، و Igreja, carisma e poder الكنيسة والكاريزما والسّلطة . أراد الرّجل إعادة صياغة فلسفة المسيحية خارج معادلات الزّمن الحالي، ضمن رؤية طهريّة أصيلة. يقول بوف في كتابه: بابا تتعذّر محبّته : علي ما أعتقد يصعب الحديث عن المسيح الفقير والوديع داخل قصور روما… فالبديل، في فعل ما فعله عديد أساقفة أمريكا اللاّتينية، باعوا قصورهم وتحوّلوا للسّكني في بيوت متواضعة . فبموجب تلك الرّؤي الانقلابية، تم عزله وتجريده من كافة مهامه الأكاديمية والدّينية. ب- الكنيسة الإفريقية لا يزال النّفوذ الفعلي داخل الكنيسة الكاثوليكية بأيدي البيض الغربيين، برغم التطوّر العددي الهائل للكاثوليك خارج الفضاءات التقليدية. ففي إفريقيا، تعرف أعداد الكاثوليك نموا لافتا يصل إلي 148 بالمئة، من جملة عددهم البالغ 135.660 مليونا، وهو تنام يفوق نسبة الازدياد الدّيمغرافي في القارّة، الذي يقدَّر بـ 83 بالمئة. برغم ذلك لا يزال حضور الأفارقة هامشيا في مؤسّسات القرار في الفاتيكان، حيث يقدّر عددهم في مجلس الكرادلة بـ 12،83 بالمئة من المجموع العام، ويمثّلهم في التكتّل الانتخابي عشرة كرادلة، أي 8،7 بالمئة من مجموع النّاخبين، واحد فقط منهم له مهمّة في الكوريا رومانا ، وهو فرانشيس آرينزي كبريفاتو، في مجمع الشّعائر الإلهية وتنظيمات الأسرار، بعد أن شغل طويلا مهمّة رئيس مجلس الحوار الدّيني. فتنصيب الأساقفة في الأصقاع الخارجية لا يزال شأنا فاتيكانيا، بدون ترك الخيرة لرجال الدّين المحلّيين، لتسيير شؤونهم، والعملية تعبّر عن إرادة إخضاع الأطراف للمركز. كان من أبرز ما خلّفه الإحساس بتدنّي نفوذ الأفارقة، تولّد مظاهر تململ داخل الكنيسة الإفريقية، نظرا لمشاكلها المغايرة عن الكنيسة الغربية الممسِكة بمقاليد الأمور، الأمر الذي جعل الفاتيكان يسعي جاهدا لمحاصرة بوادر ذلك الانشقاق قبل انفلاته. فقد دعا البابا السّابق، يوحنّا بولس الثّاني، للتفكير بجدّية في تشكيل كنيسة أفروأوروبية لاحتواء الأزمة بغرض تجنّب انشقاق شبيه بما هزّ كنيسة أمريكا اللاّتينية. وقد اتخذت خطوات جادة في ذلك بعقــــد الملتقي الإفريقي الأوروبــــي بروما، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004، بمشــــاركة 50 أسقفا أوروبيا و 50 أسقفا إفريقيا، لتطارح المسائل ذات الشأن. ففي كنيسة إفريقيا هناك إلحاح علي ضرورة الخروج من رهن المسيحية الاستعمارية، المثقلة بمركزيتها الأوروبية. جري التأكيد علي ذلك خصوصا مع الكاثوليكي جون مارك إلاّل ومع الأنجليكاني جون امبيتي، كما يُعتـــبر انبعاث المجلّة الإفريقية للاّهوت Revue africaine de thژologie ـ بكنشاسا في الكونغو، موحيا في ذلك الشأن. ج- آسيا والكنيسة لا تزال تحدّيات عويصة تعترض الكنيسة الكاثوليكية في آسيا، جرّاء مظاهر نفور متأصّلة، عبّر عنها البابا السّابق ووجتيلا (يوحنّا بولس الثّاني) في مقدّمة رسالته Ecclesia in Asia ـ لأعمال مجمع أساقفة آسيا المنعقد بالفاتيكان بين نيسان (أبريل) وايار (مايو) 1998 بقوله: إنه لغريب سبب بقاء مخلّص العالم، المولود بآسيا، مجهولا بشكل واسع لحدّ الآن بين شعوب القارّة . سعي البابا السّابق لاختراق ذلك النّفور، من خلال زيارات لأذربيجان وكازخستان وباكستان والهند وسيريلانكا وبانغلاديش وتايلاندا وسنغافورة وأندونيسا واليابان وكوريا الجنوبية والفلبين. فالكاثوليك يمثلون أغلبية في الفلبين فحسب، بنسبة 63 مليونا من جملة 76، أي قرابة 83بالمئة؛ وفي المرتبة الثانية تأتي الهند بـ13 مليونا، بنسبة مئوية 1،5 بالمئة؛ ثم أندونيسيا بـ7،5 ملايين أي 3،6بالمئة؛ والفيتنام بـ6 ملايين بنسبة 7،5بالمئة؛ وكوريا الجنوبية 3،1 مليونا بنسبة 6،6بالمئة؛ وسيريلانكا 1،3 ملايين بنسبة 6،9 بالمئة. لا زال النّفور من الكاثوليكية يحرج الكنيسة، فمثلا في ماكاو التي حكمها البرتغال الكاثوليك مدّة تزيد عن الأربعة قرون، من 1576 إلي 20 كانون الاول (ديسمبر) 1999، تاريخ انتقالها للسّيادة الصّينية، رضخت طيلة تلك الفترة لسيطرة الكنيسة الشّاملة علي مجالات التربية والتعليم، تدعمها في ذلك شبكة خورنات نشيطة، بيْد أن عدد الكاثوليك لم يتجاوز 20 ألفا، أي 4،5بالمئة، من جملة 450 ألف ساكن. وبالمثل تجلّي ذلك البحث عن الاستقلالية مع الكنيسة الوطنية الصّينية، منذ قطع العلاقات مع حاضرة الفاتيكان وطرد المبشّرين الكاثوليك سنة 1951، والإصرار علي رفـــــض المركزية الكنسية الغربية، بناء علي مقولة ماو تسي تونغ حتي السّماء في الصّين صينيّة ، لتجنّب أي نفـــوذ خارجي في الدّين، والذي لا زال الفاتيكان يصرّ عليه، كما قام به أخيرا من خلال تنصيب أسقف هونغ كونغ، المونسنيور زان كردينالا، في تحدّ للكنيسة الوطنية الصّينيّة. وبالمثل كردّ فعل علي الموقف الصّيني الباحث عن الاستقلال الدّيني، سعي الفاتيكان لـ تطويب صينيين في يوم العيد الوطني لجمهورية الصّين الشّعبية، في أوّل تشرين الاول (أكتوبر) سنة 2000، كضغط علي خيار الاستقلال الدّيني الصّيني. ولا تزال العلاقة بين الدّولتين مأزومة برغم ما يبدو من سعي جاد نحو التّطبيع، فقد أعربت الصّين عن رفضها تدخّل روما في شأنها الدّاخلي، عبر غياب وفد بكين عن المشاركة في جنازة البابا الرّاحل كارول ووجتيلا، كما لا زالت متمسّكة بمنع تنصيب قساوسة من الفاتيكان لديها. 4- تعثّر حوار الكنيسة الغربية مع الإسلام تبدو لأغلب الأوروبيين، أديان الصّين ـ الكنفوشيوسية والتاوية ـ نائية ومجهولة وشرقا قصيّا، فهي لا تشكّل أيّة خطورة بالمرّة، وحتي وإن شهدت توتّرات معها فهي تنحصر بالسّياسي لا الدّيني. كما تبدو أديان الهند -الهندوسية والبوذية- للعديد أدني قربا وأوفر إلماما بها، وقد تظهر لدي البعض وديعة وسلميّة ولا تتضمّن تهديدا، لما تفتقده من حدود صراع مع الدّول المسيحيّة؛ برغم تصاعد الأصوليّة الهندوسية العنيفة، التي بدأت في الانتشار بالهند مع منتهي القرن المنصرم. علي خلاف ذلك، فإن الإسلام، الذي تشترك المسيحية معه، في عدّة آلاف من الكيلومترات فهو يحضــــر دائما تهـــديدا مفتوحا. ذلك ما يلخّص به هانس كونغ الوضع الحالي لنظرة الغرب للإسلام في كتابه الحديث الصدور الإسلام: الماضي والحاضر والمستقبل ، الصادر بميلانو سنة 2006. تلك الأوضاع جعلت من الإسلام عنوان التحدّي، في الدّاخل وفي الخارج، الأوّل مثّله المهاجر والثّاني المسلم في وطنه البعيد. وترافقت تلك الهواجس بتراجع بيّن وفعلي للمسيحية في فضائها التاريخي، أي في أوروبا الغربية، الأمر الذي يُخشي أثره علي قلب المسيحية في روما، يصحبه قلق من الصّحوة الإسلامية وتطوّراتها المجاورة المنتظَرة. أمام تلك المخاوف، استُلزم إنتاج أواليات دفاعية، تلخّصت في ما يمكن أن نطلق عليه السّور الحضاري ، أُرْسي بناء علي اصطفاف ثقافي مصطَنع، أُسّس علي مفهوم التراث اليهودي المسيحي ، والذي انطلق الترويج له منذ تأسيس دولة إسرائيل ومسعي الغرب لموضعتها ضمن شموله الحضاري. انساقت الكنيسة الكاثوليكية في المساهمة في تشييد ذلك السّور الحضاري والترويج لدعمه منذ المجمع الفاتيكاني الثاني، وهو ما يكشف عن ارتباط الكنيسة الاستراتيجي بالقوي السّياسية الغربية، عبر ترويج المقولات البراغماتية والدعاية لها، علي حساب الوقائع الحضارية التاريخية. وقد بلغ التأسيس النّظري لتلك المقولة أوجه في خطاب الكنيسة، مع إصدار وثيقة نحن نتذكّر: تأمّلات في المحرقة (12 اذار ـ مارس 1998) بالفاتيكان، التي لخّصت اعترافات الكنيسة وتكفيرها عن مواقفها السّابقة تجاه اليهود، والتي يرد في إحدي فقراتها: بالنظر إلي آفاق علاقات اليهود بالمسيحيين، نطلب، في مستوي أوّل، من إخواننا وأخواتنا، الكاثوليك والكاثوليكيات، تجديد الوعي بالجذور اليهودية لإيمانهم. كما ندعوهم لتذكّر أن يسوع المسيح منحدر من داود، وأن مريم العذراء والتلاميذ الأوائل من سلالة ذلك الشّعب اليهودي أيضا؛ وأن الكنيسة تستمدّ جذورها من تلك الزّيتونة الطيّبة التي طعّمت بها غصون الزّيتون البرّي للأغيار؛ وأن اليهود اخوتنا الأعزّة والأحبة، وبمعني ما هم (اخوتنا الكبار) . والواقع أن مفهوم الحضارة اليهودية المسيحية اللاّتاريخي، يتغافل عن مفهوم الحضارة المسيحيّة الإسلامية التاريخي، لاغيا قرونا من التّماس والاندماج الحضاري، بما فيها من سلام وحروب وتوتّر وتفاعل. وفي الآن الذي تتكثّف فيه هواجس الكنيسة من الكتلة الإسلامية، يتعدّد عقد مؤتمرات الحوار الدّيني، المصحوبة بنزعة بطرياركية للكنيسة علي الدّيانات الأخري. ففي كتاب الحوار الإسلامي المسيحي ، الصادر بفرنسا سنة 2002، الذي أصدره الأب الأبيض، موريس برمانس، يُلخِّص تلك النزعة البطرياركية، حيث يترجم صاحبه أطروحة التعالي الحضاري الغربي دينيّا، إذ يتناول بالتفصيل الهندسة الإصلاحية للعالم الإسلامي، محدّدا مقياسين للصواب لها: التّشريعات الاجتماعية الغربية والمناسك الدّينية الكنسية، وما عداهما فهو هراء. نقيصة الحوار المركزية تلك، شكّكت في قدراته، علي شكله الحالي، لإرساء إيلاف بين الطّرفين، وبرّرت مقولة منتقديه كون الأمر يتجاوز نشاطه الظّاهر إلي مقصد مضمَر، متشابك مع استراتيجيات هيمنة، خاصة وأن الحوار علي شكله الحالي، هو فعل كنسي واستجابة إسلامية له، وليس فعلا متوازنا بين الطرفين. لقد انطلق حوار الكنيسة مع الإسلام بشكل مكثّف، منذ ستّينيات القرن الماضي، في وقت كان فيه العالم الإسلامي مشغولا بتثبيت قدميه، بعد ليل استعمار بغيض. كانت أثناءها قدرات العالم الإسلامي، المعرفية والعلمية متواضعة جدّا، ولا تسمح له بمشاركة فعّالة في صياغة فلسفة الحوار، الذي بادرت الكنيسة الكاثوليكية به، إثر تسريحها من عقالها بعد المجمع الفاتيكاني الشّهير (1962ـ 1965). لذلك لا يزال الحوار في المنظور الإسلامي في بداياته، من حيث تعريفه، وأشكال ممارساته وأدواته، مما أبقي تفعيله غائبا من حيث أغراضه، وجعل الكنيسة متفوقة في جني ثماره. فهو لديها فعل براغماتي، مندرج في مخطّط تبشيري أوسع، أكثر مما يتخيّله العالم الإسلامي مجرّد تفاهم أخوي علي أساس وحدة الرّوابط الإبراهيمية. ولكن منذ فترة الثمانينيات من القرن الماضي بدأ يدبّ تحوّل في المجتمعات الإسلامية، وبدت مظاهر وعي ومناعة في الجسد الإسلامي، جعلت الكنيسة تتنبّه الي أن أسلوبها السّابق ما عاد يسير حسب مرادها. ولعل آخر تداعيات ذلك ما أقدم عليه البابا الجديد جوزيف راتزينغر (بنيدكتوس السّادس عشر) من إغلاق مجلس الحوار بين الأديان والانطلاق في استراتيجية جديدة تتناسب مع التطورات الجارية. والواقع أن الحوار، بعيدا عن أغراض توظيفه، قيمة سامية، ولكن بشكله الحالي، المستتبَع بعنف رمزي واستعلاء حضاري، يكشف عن خلل بنيوي في التواصل الحضاري وفي مطلب المثاقفة الأصيل. ولذلك لزم التمعّن، في المقاصد العــــليا التي يحتكم إليها، وفي الموجّهين له، لتبيّن المنطق الذي يسير ضمنه، والمقاصد العليا التي يسير نحوها. فإلحاح الكنيسة الغربية علي الحوار، في وقت تعرف فيه الكتلة الإسلامية شيطنة موسّعة، من مؤسّسات مجتمعات الكنيسة يدعو للرّيبة. لذا يبدو مشروعا طرح عديد التساؤلات، بشأن هوية الحوار، وسبله، وتفعيل أخلاقياته في النسيج الاجتماعي. فمن مأزق الإسلام الحالي، وبحث أبناء حضارته عن العودة للسّاحة الحضارية، تتولّد إحدي الاختبارات العسيرة للعقل الحواري، والتي تلحّ بالمراجعة الإبستيمية لمعقولية الغرب. فإحدي مسبّبات أزمة الحوار الجوهرية، تعود بالأساس إلي خطاب الغرب المنفلت والمتنكّر للأخلاقيات الكونية. ففي العقود الأخيرة تشكلّت شراذم، كُلِّفت بمهمّة عرض الإسلام، منها ما أفرزته الكنيسة ومنها ما استصنعه الإعلام، داخل عملية فبركة مستعجلة. يُطلَق عليهم نعت المستعرِبين أو المتخصّصين بالإسلاميات، يتولّون تقديم الإسلام وعرض مواقفه بشكل مغرض، يفتقر للموضوعية والرّصانة. والواقع أن المقاربة الهشّة، المستحدثة مع هؤلاء الوكلاء، الذين أنشأتهم الظّروف الطارئة ولم يقدّهم التمحيص العلمي، استعراضية وغير رصينة، وغالبا ما سممت مناخ المثاقفة بين الحضارتين. تلك بعض مظاهر الأزمة التي يعاني منها العقل الدّيني الغربي، والخطير فيها أن مؤسّسته الدّينية ناشطة بشكل لافت وفاعل في تحديد توجّهات الغرب السّياسية، في الخارج بالأساس. لذلك إن يبدو التديّن فاترا ويشكو جيش الكهنوت تراجعا، من حيث أعداد الرّهبان والرّاهبات، فإن الاستعاضة عن ذلك النّقص بحضور فاعل علي مستوي القرار والتوجيه في السياسات العامة، يبقي إحدي مظاهر قوة المؤسّسة الدّينية الغربية. فهي تستند إلي جيش من العلمانيين واللاّئكيين المأجورين، يعضدهم رجال دين منحدرون من المجتمعات الفقيرة، مسلوبي النفوذ والقرار، يخضعون لنواة المؤسّسة المركزية الغربية. يبقي ذلك الترميم، إحدي مبتكرات الحلّ المستعجل للأزمة المتحكّمة بالمؤسّسة الدّينية في الغرب. (*) أستاذ من تونس بجامعة لاسابيينسا بروما (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 فيفري 2007)
موريتانيا تضع قانونا جديدا لـ احتواء المعارضة في اطار شرعي بهدف ضمان الاحترام بين الحكام والمحكومين والتناوب السلمي علي السلطة نواكشوط ـ القدس العربي من عبد الله السيد: استباقا لانتهاء الفترة الانتقالية التي ستختمها الانتخابات الرئاسية المقررة في الحادي عشر اذار/مارس المقبل، كشفت حكومة الرئيس ولد محمد فال أمس الاربعاء عن قانون جديد أسمته قانون احتواء المعارضة في اطار شرعي ضمانا للتناوب السلمي علي السلطة. وكانت الحكومة قد وزعت نسخا من مشروع القانون الجديد علي الأحزاب لإبداء ملاحظاتهم تجاهه قبل إقراره بصورة رسمية. وقال مصدر بوزار الداخلية لـ القدس العربي ان الحكومة الموريتانية تسعي لتنظيم التعامل السياسي السليم من خلال هذا القانون، بين من سيحكمون موريتانيا غدا وبين من ستضطرهم الأوضاع ليكونوا معارضة في المستقبل.
وأشار المصدر إلي أن النص الجديد يستهدف نزع فتيل النقمة واستلال روح الانتقام من الساحة السياسية الموريتانية حتي تكون في مأمن من التصادم السلبي الذي عصف بدول ومجتمعات أخري. هذا و ستنهي لجنة وزارية مختصة اليوم تنقيح القانون الجديد حيث ستدخل المقترحات التي تقدم بها قادة الأحزاب السياسية بخصوص مضامينه قبل أن يحال لجلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الأربعاء المقبل لإقراره.
ويهدف المشروع الجديد إلي احتواء الحوار السياسي ضمن حدود الشرعية كما يسعي إلي تحديد مفهوم المعارضة ووظيفتها في النظام السياسي الموريتاني المنشود. ويحدد القانون الجديد بنية هيكلية للمعارضة السياسية حيث يقترح اختيار زعيم للمعارضة يتمتع بامتيازات تشريفية ومادية تحدد بموجب مرسوم. ويقترح القانون أن يتم اختيار هذا الزعيم من طرف التشكيلات السياسية المكونة للمعارضة. ويقدم زعيم المعارضة تقريرا سنويا لجهات من بينها رئيس الجمهورية حول تطبيق هذا القانون والتوصيات والمقترحات التي من شأنها تفعيله كما يقترح أن تتمتع كتل المعارضة البرلمانية بذات الإمتيازات المالية التي تتمتع بها كتل الأغلبية البرلمانية ويعطي للمعارضة الحق في الإطلاع علي كافة القضايا الهامة المتعلقة بالحياة الوطنية. ويسعي القانون الجديد كما يفهم من فحواه،لخلق حالة إجماع وطني دائمة عبر قنوات التشاور التي يؤسس لها من حيث الاستشارات التي يطلبها رئيس الجمهورية من زعيم المعارضة.
ويلزم النص الجديد الاحزاب السياسية الموريتانية بتنمية الثقافة الجمهورية عن طريق احترام قاعدة الأغلبية ومبدأ اللاعنف كوسيلة وحيدة للتعبير السياسي مع تنمية الفكر والثقافة الديمقراطية في الوسط السياسي. وتنص المادة الخامسة من النص الجديد الذي حصلت القدس العربي علي صورة منه، علي أن المعارضة السياسية تتحدد كتشكيلة أو مجموعة مختلفة عن التشكيلات أو ائتلاف التشكيلات السياسية، الداعمة للعمل الحكومي. وتشير المادة نفسها إلي أن المعارضة يمكن أن تكون برلمانية أو خارج إطار البرلمان ويختار لها زعيم من طرف التشكيلات المكونة للمعارضة حيث يتمتع هذا الزعيم بامتيازات تشريفية، ومادية تحدد بموجب مرسوم.
وتنص المادة الثامنة للنص الجديد علي أنه يمكن للتشكيلات السياسية المعارضة أن تشكل تكتلا موحدا من أجل تنسيق نشاطها، لكن لا يمكن لأي تشكيلة أن تنتمي إلي أكثر من كتلة واحدة. ويمنح النص الجديد المعارضة الحق في انتقاد العمل الحكومي بصفة موضوعية، وبناءة، وبشكل يرسخ المشروع الديمقراطي، والتقدم مع احترام القيم السامية للشعب الموريتاني. ويحظر النص علي معارضة كل نوع من أنواع التجريح والقذف بحق الشخصيات أيا كانت. ويمنح القانون الجديد للمعارضة الحق في الإطلاع علي جميع القضايا الهامة المتعلقة بالحياة الوطنية، ومن أجل ذلك يسهل لها حرية النفاذ إلي الأخبار من طرف الوزارات والإدارات العمومية في حدود النصوص المعمول بها عند الضرورة وبطلب من المعارضة أو مبادرة من السلطات. ويضمن للتشكيلات السياسية المعارضة تغطية نشاطاتها من طرف وسائل الإعلام العمومي طبقا للقوانين المعمول بها. كما تسهر هيئات التنظيم المختصة علي احترام مبدأ الشمولية والمساواة بالنسبة لهذه التغطية. وعلي التشكيلات السياسية المعارضة، حسب النص الجديد، أن تعمل أساسا علي احترام الدستور والمؤسسات مع تنمية الفكر والثقافة الديمقراطية لدي منتسبيها ومناصريها.
ويلزم القانون الجديد المعارضة بترسيخ الثقافة الجمهورية عن طريق احترام قاعدة الأغلبية ومبدأ اللاعنف كوسيلة وحيدة للتعبير السياسي.هذا وقد لاقي القانون الجديد ترحيبا من لدن الأوساط السياسية الموريتانية سوي أن الصحف اعتبرته وسيلة لتدجين المعارضة وبل أجنحتها حتي لا تتمكن من الطيران بحرية في سماء الرأي المخالف. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 مارس 2007)
البيانوني يؤكد لدبلوماسيين أوروبيين رفض المعارضة التدخل العسكري الأجنبي في سورية لندن ـ يو بي آي: قال علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الأخوان المسلمين في سورية المعارضة المحظورة، رفض جماعته والمعارضة السورية عموماً التدخل العسكري في سورية.
وأبلغ مصدر في مكتب البيانوني يونايتد برس إنترناشونال امس الأربعاء أن البيانوني استقبل في مكتبه في العاصمة البريطانية لندن وفداً من وزارة خارجية إحدي الدول الأوروبية (لم يرغب الكشف عن هويته)، و شدد أمامه علي أن الإخوان المسلمين السوريين وتحالف إعلان دمشق وجبهة الخلاص الوطني في سورية اللذين يضمان معظم أطياف المعارضة من شتي الاتجاهات السياسية والفكرية ترفض أي تدخل عسكري أجنبي في سورية .
وأضاف المصدر أن البيانوني أكد للوفد الذي إلتقاه أمس (الثلاثاء) أن الدور الأوروبي هام جداً في الضغط علي النظام لإحداث تغيير حقيقي في سياساته الداخلية ، وأوضح له أن البديل الذي نطالب به وطني ديمقراطي منفتح علي المجتمع الدولي ويؤمّن الاستقرار في المنطقة، لأن استمرار النظام الحالي بسياسات القمع والفساد والاستبداد سيزيد الاحتقان داخل المجتمع السوري ويفرخ الإرهاب داخل سورية وخارجها. كما أكد للوفد أيضاً أن الإخوان المسلمين في سورية يريدون دولة مدنية، قيمها الأساسية مستمدة من المرجعية الإسلامية التي تتفق مع القيم الإنسانية للحضارة الغربية والديمقراطية، كالحرية والعدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص وفصل السلطات واحترام حقوق الإنسان .
وقال المصدر إن البيانوني نفي لوفد وزارة خارجية البلد الأوروبي أن تكون الدولة التي يدعو إليها الإخوان المسلمون ثيوقراطية ، مؤكداً أنه لا سلطة لرجال الدين علي الدولة وإنما السلطة لبرلمان منتخب يمثل الشعب ، مشيراً الي أن النموذج التركي، مع ملاحظة الخصوصية التركية، قريب الي نموذج الدولة المدنية التي ننشد . (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 مارس 2007)
ندوة علمية واحتفاليات اعتبارية لدور المرأة في المسرح التونسي
02/03/2007 تونس ـ القدس العربي ـ من شمس الدين العوني: اختتمت فعاليات الدورة الواحدة والعشرين لمهرجان علي بن عياد للمسرح بجهة بن عروس حيث قدمت علي مدي اسبوع مسرحيات تونسية كما اهتمت هذه الدورة بموضوع المرأة والمسرح في تونس من خلال تكريم عدد من المبدعات في الميدان المسرحي فضلا عن الندوة التي اهتمت بالتجربة المسرحية النسائية في تونس حيث قدمت مداخلات حول رائدات المسرح التونسي والتكوين والمسار الفني للممثلات والنقلة في التجربة المسرحية المحترفة في تونس بالاضافة الي تجربة الممثلة لطيفة القفصي وقد التقت المداخلات لتبرز التحولات والأهمية ضمن تجربة المسرح التونسي من خلال ما لعبته المرأة من أدوار وحضور ومشاركات في سياق الحضور علي النطاق الحياتي والاجتماعي. هذه الندوة احتضنها فضاء المكتبة العمومية بحمام الانف كما انتظم تربّص للتكوين حول مسرح الشارع بدار الشباب حمام الانف في تأطير لنبيل ميهوب ومحمد الحبيب المنصوري وقد شارك فيه عدد من الشبان المهتمين بفنون المسرح فضلا عن الهواة وعدد من التلاميذ والطلبة الذين تعرفوا علي خصائص ومميزات وتقنيات مسرح الشارع. المعرض الوثائقي الذي شهدته هذه التظاهرة اهتم برائدات المسرح في تونس من خلال وثائق وصور ونصوص تبرز العلامات النسائية في دنيا المسرح التونسي وقد نشطت عدة فرق هوامش المهرجان في فضاءات مختلفة ومفتوحة ومن بين هذه الفرق نجد مجموعة كر نفال الاقنعة ومجموعة قرطاقو للرقص بسوسة ومجموعة افريقيا في عرض طرق علي الايقاع فضلا عن مجموعة الاستاذة سامية القطفي للموسيقي… ان اختيار هذه الدورة للطيفة القفصي وناجية الورغي ومنجية الطبوبي في خانة التكريم يعدّ مبادرة ايجابية بخصوص تثمين المجهود المبذول من قبل المرأة التونسية في المجال المسرحي خاصة وان المكرمات قدمن الكثير للمسرح التونسي منذ عقود ويمثل ذلك دفعا باتجاه الافاق المسرحية في تونس في ضفاف متعددة منها المسرح التلمذي والمسرح الجامعي والمسرح الهاوي والمسرح المحترف… المسرحيات التي قدمت عديدة ومختلفة التجارب والاتجاهات الفنية وقد واكبها الجمهور الذي صار المهرجان من مواعيده الاساسية في النشاط المسرحي خصوصا وانه يحمل اسم علم في المسرح التونسي وهو الراحل علي بن عياد. هذه المسرحيات هي وفي المكتوب لمسرح البلاد وفلة والسقاء للقناع النجم ويوراشكا والفلايك ورق لفنون وثقافة وطائر المينرفا لأرتيس للانتاج وقلب حمام لمسرح ا لشراع. كما شاركت عدة فرق في مسرح الهواية منها ابن خلدون الذاكرة الحية لجمعية الزيتونة للتمثيل وحي تحت الميزاب لفرقة بلدية دوز للتمثيل وقصوا الهدرة لجمعية الشمس بعمدون ودار جدود لجمعية أنوار المسرح بفوشانة ومسرحية حنين لجمعية مسرح الجمهور وعمل كلاسيكي لنادي المسرح بدار الثقافة بالمحمدية. ان هذا المهرجان صار محطة مهمة من محطات النشاط المسرحي في تونس بعد اكثر من عشرين دورة يمــــــكن ان نقول انه يتطلّب فتحا في آفاقه علي البانوراما المسرحية المغــــاربية والعربية والدولية حيث أشعّ اسم الراحـــــل علي بن عياد كثيرا خارج تونــــــس وبالتالي فالمهرجـان الذي يحمل اسمه جدير بان يبحث عن حضور خارج تونس خاصة وان المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة علي التراث ببن عروس قد عملت علي انجاحه طيلة هذه الدورات السابقة . (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2مارس 2007)
|
السويد تعدل عن قرار طرد مصري وتقرر تعويضه عن تعذيبه في مصر
مصر: نوال السعداوي تهاجم الأزهر لقراره مقاضاتها