فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia |
11 ème année, N°4093 du 13.09.2011
archives :www.tunisnew .net
بناء نيوز:بيــــان:المرزوقي يتهجّم دون مبرّر على صحفي بوكالة « بناء نيوز »والوكالة تطالبه بالإعتذار
اللوز يؤكد أن « نهائي الانتخابات » سيكون بين النهضة والديمقراطي التقدمي
بسيكو آم لـ « الأسبوعي » سأصوت لحركة النهضة.. وأتمنى صعودها للحكم
الصباح:أي موقع للأحزاب الكرتونية في الانتخابات؟
المشهد:إستحقاق أيلول أم حقائق أيلول ؟
الصباح:هل تفك محاكمة السرياطي عسكريا الالغاز؟
الشروق:الأستاذ علي الهرابي: دعـــــوة الاستفتاء، مريبــــة
زكية الضيفاوي:صرخة شهيد
نور الــدين عـاشــور :أيـــــن نحـــن ســــائـــرون؟
ناجي الزعيري:الحركة الإسلامية في تونس:بأي خطاب عادت…. وماذا تريد؟
محمد ماضي :خبير أمريكي: « عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ستغيِّـر قواعد اللعبة »
د. مصطفى يوسف اللداوي:طرقاتٌ مصرية على الأدمغة الإسرائيلية
د. عبد الستار قاسم:مأزق إسرائيل الاستراتيجي يتعمق
ياسر الزعاترة:عشر سنوات على « غزوة مانهاتن »
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
تابعوا جديدأخبار تونسنيوز علىالفايس بوك
الرابط
http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141
وجهت إدارة دار الأنوار اليوم الاثنين استجوابا للزميلة أنيسة سليم الكاتبة العامة المساعدة للنقابة الأساسية على خلفية تعليقها رفقة زملائها لبيان النقابة العامة للثقافة والإعلام بالمكان المخصص للنشاط النقابي، بتعلة أن هذا البيان لم يقع تمريره على مكتب الضّبط كما هو منصوص عليه قانونيا. يذكر أن النقابة العامة للثقافة والإعلام أدانت في بيانها الذي تعرّضنا له سابقا محاولات الانقلاب على النقابة الأساسية. مزيد من التفاصيل مع مروان بن صالح الكاتب العام للنقابة الأساسية لدار الأنوار: (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 12 سبتمبر 2011)
تونس – بناء نيوز – على عبد الطيف اللافي أصدرت يوم امس 11 سبتمبر 2011 كل من (الجمعية التونسية لأئمة المساجد – الجمعية التونسية للعلوم الشرعية – جمعية المصطفى للعلوم الشرعية – جمعية نون والقلم – جمعية الزيتونة للعلوم الشرعية – جمعية المنبر الإسلامي – جمعية الخطابة والعلوم الشرعية)، بيانا عبرت فيه عن وجهة نظرها حول مضمون الأفلام الوثائقية التي أدرجها البيان ضمن « مسلسل الإساءة إلى الرسول وزوجاته، الذي لم ينته في تونس من طرف البعض سمّاهم البيان بــ » اللاّدينيين ». جاء ذلك ردا على ما راج من حصول جمعية « صوت وصورة المرأة » على ترخيص من وزارة التربية لعرض أفلام وثائقية مسيئة للإسلام وللرسول، جمعتها من محفوظات الأرشيف السمعي البصري في فرنسا لتعرض على شبابنا وأطفالنا. وبعد مشاهدتها لمحتوى بعض الأفلام تبين لهذه الجمعيات أن فيلم « الرسول والنساء » » يحتوي على إساءة واضحة للرسول الأعظم صلّى الله عليه وسلم ومحاولة الإزدراء به لإزالة القدسية عنه بإظهاره في شخص الشهواني المنهمك في الجنس لا همّ له إلاّ ذلك، وبتشخيصه وتشخيص نسائه في مشهد حوله نساء يخاصمنه.. ». كما دعا بيان الجمعيات أبناء الشعب التونسي إلى « التصدّي لهذا المشروع الخطير ودعا مؤسسة الإفتاء والمجلس الإسلامي الأعلى ووزارة الشؤون الدينية وجامعة الزيتونة وسائر الجمعيات الدينية والمدنية أن يتابعوا مختلف مظاهر التجاوز والاعتداء على مبادئ الدين الإسلامي الذي يمثّل جوهر المقوّمات الوطنية وأن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية أمام الله وأمام الشعب ». وفي الأخير خلص بيان الجمعيات الى دعوة كل من الرئيس المؤقّت والحكومة المؤقتة ووزير التعليم ووزير الشؤون الدينية إلى إيقاف هذه المهزلة بقولهم « نحن نحمّلهم المسؤولية في كلّ ما يحاك للإسلام في هذه البلاد من مثل هذه المشاريع ». وهذا نص البيان بسم الله الرحمان الرحيم قال الله تعالى: » إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ » [سورة المجادلة: آية 5]. قال الله تعالى: » إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ » [سورة النور: آية 19]. وبعد؛ فإن الجمعيات التالية: 1. الجمعية التونسية لأئمة المساجد 2. الجمعية التونسية للعلوم الشرعية 3. جمعية المصطفى للعلوم الشرعية 4. جمعية نون والقلم 5. جمعية الزيتونة للعلوم الشرعية 6. جمعية المنبر الإسلامي 7. جمعية الخطابة والعلوم الشرعية تتوجّه إلى الشعب التونسي أوّلا، وثمّ إلى كلّ مواطن في موقع المسؤولية سياسيا وإداريا وقضائيا ونقابيا ومدنيا، ويرى نفسه معنيا بالحفاظ على هوية تونس العربية الإسلامية، والذود عن رسول الإسلام وسيرته النقية، والدفاع عن المجتمع التونسي من الانحراف الأخلاقي والتفكّك الأسري وعن شبابنا من التلاعب بغرائزه والرمي به في مستنقع الفوضى الجنسية والتحلّل من كلّ القيم؛ وذلك لنلفت الانتباه إلى أنّ مسلسل الإساءة إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وزوجاته الطاهرات وأصحابه الكرام لم ينته في تونس من طرف اللادينين؛ وأخيرا ويبدو أنّه ليس آخرا، قامت جمعية « صوت وصورة المرأة » التي تترأسها (نادية جمال) بإحضار أفلام وثائقية جمعتها من محفوظات الأرشيف السمعي البصري في فرنسا وجلبتها إلى تونس واقترحتها على وزارة التربية لتعرض على شبابنا وأطفالنا. وقد أثبتت رئيسة جمعية « صوت وصورة المرأة » حصولها على ترخيص من وزارة التربية لعرض أفلامها في كلّ معاهد الجمهورية ومدارسها. هذه الأفلام بعضها يحتوي على إساءة واضحة للرسول الأعظم صلّى الله عليه وسلم ومحاولة الإزراء به لإزالة القدسية عنه بإظهاره في شخص الشهواني المنهمك في الجنس لا همّ له إلاّ ذلك، وبتشخيصه وتشخيص نسائه في مشهد حوله نساء يخاصمنه، أو هو ممدّد بين يدي امرأة على أنها عائشة، وعرض امرأتين إحداهما عارية الكتفين والصدر والجيد، والثانية مكشوفة الشعر، على أنّ الأولى تمثيل للسيّدة خديجة والثانية تمثيل للسيدة عائشة. كما تحتوي هذه الأفلام على تأويل محرّف للقرآن وتكذيب للآيات المتعلقة بالأحكام الشرعية التي شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم وطبقها في الحكم مثل رجم الزاني والزانية ومثل حكم الحجاب. وتتضمّن أيضا الإساءة إلى بعض الصحابة والخلفاء الراشدين مثل عمر بن الخطاب الذي ملأ الأرض عدلا وتشويهه وإظهاره في صورة الغليظ الذي يحقد على النساء ويحول دون حرية المرأة. وبعض الأفلام الأخرى تعتبر دعوة صريحة وملّحة إلى الحرّية الجنسية بما تتضمنه من إباحية وإثارة للغرائز الجنسية، كما تعتبر دعوة تحريضية إلى الزنى واللواط والسحاق (الشذوذ الجنسي) والخيانة الزوجية، وإلى ذبح العفة، من خلال إظهار نساء عاريات في الحمام وتعليم الشباب إجراء علاقات جنسية دون طمس البكارة، معتبرة عذرية المرأة مظهرا من مظاهر التخلف، ممّا يفتح الباب على مصراعيه للتشريع للعلاقات الجنسية غير الشرعية بين الشبّان والفتيات، ويسبب أمراض الغرب الجنسية المعروفة مثل السيدا ويؤدي بالضرورة إلى التفكك الأسري وانهيار المجتمع وتربية الناشئة على الانحطاط الأخلاقي وغياب القيم الفاضلة. إن هذه الأفلام المحرّفة لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وللقرآن، والمحرّضة على الفساد ونشر الفاحشة بين شبابنا، تعتبر اعتداء على الشريعة الإسلامية ومقدّسات الإسلام ورسول الإسلام والقرآن العظيم وأمّهات المؤمنين الطاهرات والصحابة الكرام، وهذا ما يدعو الجمعيات المذكورة إلى التنديد بالجمعية التي تقوم على السعي لترويج هذه الأفلام، وتعتبر عملها عملا إجراميا، إذ من الواضح أنّها تهدف إلى تقويض أركان مجتمعنا وقيمه، وتسعى إلى إفساد المجتمع واستهداف هويته وعقيدته التي تجمع شمله منذ 14 قرنا. وندعو كلاّ من الرئيس المؤقّت والحكومة المؤقتة ووزير التعليم ووزير الشؤون الدينية إلى إيقاف هذه المهزلة، ونحمّلهم المسؤولية في كلّ ما يحاك للإسلام في هذه البلاد من مثل هذه المشاريع. وندعو أبناء شعبنا إلى التصدّي لهذا المشروع الخطير. كما ندعو مؤسسة الإفتاء والمجلس الإسلامي الأعلى ووزارة الشؤون الدينية وجامعة الزيتونة وسائر الجمعيات الدينية والمدنية أن يتابعوا مختلف مظاهر التجاوز والاعتداء على مبادئ الدين الإسلامي الذي يمثّل جوهر المقوّمات الوطنية وأن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية أمام الله وأمام الشعب. والله ولي التوفيق »
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 12 سبتمبر 2011)
تونس في 10 سبتمبر 2011 بيــــان المرزوقي يتهجّم دون مبرّر على صحفي بوكالة « بناء نيوز » والوكالة تطالبه بالإعتذار
تهجم الدكتور المنصف المرزوقي دون مبرر على الصحفي بوكالة « بناء نيوز » الاستاذ نورالدين فردي الصحفي المكلف بتغطية الشؤون الوطنية بالوكالة. وجاء هذا التهجم خلال الندوة الصحفية التي عقدها حزب المؤتمر من اجل الجمهورية اليوم 10 سبتمبر 2011 بنزل أفريكا بتونس العاصمة وكان الزميل نورالدين فردي يستعد لطرح سؤال على السيد المرزوقي، وبمجرد ان قدم نفسه وقال إنه صحفي من « بناء نيوز »، اندفع رئيس حزب المؤتمر في كيل الاتهامات للوكالة رافعا الصوت على الزميل دون احترام لذاته ولصفته. وجرت هذه الحادثة امام عدد من الصحافيين ومن مناضلي حزب المؤتمر بمن فيهم أعضاء المكتب السياسي وهو ما اشعر الصحفي بإهانة كبيرة، خاصة ان الطريقة التي تحدث بها المرزوقي كانت حادة جدا حتى لم نصفها بصفات اخرى. واتهم المرزوقي وكالة « بناء نيوز » بغياب المصداقية في تناولها للأخبار التي تنقلها فهي حسب رايه « تقوم بالشيء ونقيضه، فمن جهة تنشر خبر محاولة تحجيم الاحزاب في وسائل الاعلام ومن جهة أخرى تقوم عن قصد بإسقاط اسم المؤتمر من أجل الجمهورية وبالتالي فهي فاقدة للمصداقية وتتعامل بسياسة الكيل بمكيالين ». وقال إنه لن يتعامل مستقبلا مع هذه الوكالة ورفض بشكل فج ان يتحدث مع الصحفي بعد انتهاء الندوة رغم ان الزميل حاول يفسر له حقيقة المسألة. والمقصود بكلام المرزوقي الخبر الذي نشرته وكالة « بناء نيوز » يوم 8 سبتمبر الجاري تحت عنوان « سرّي للغاية: اجتماع على مستوى عال لأقصاء حركة النهضة وحزب العمال من وسائل الاعلام ». وكانت الوكالة سبّاقة في نشر هذا الخبر، وتناولت فيه ما ورد عليها من تسريبات عن الاجتماع السري الذي عُقد على مستوى عال وجمع رموزا سياسية ومالية واعلامية . وقالت الوكالة في خبرها ان الاجتماع عقد في احد نزل الفاخرة بحمام سوسة وان المجتمعين اتخذوا جملة من القرارات من اهمها إقصاء او على الاقل تحجيم الحضور الاعلامي لبعض الاحزاب من اهمها حزب العمال الشيوعي التونسي وحركة النهضة. واعتبر المرزوقي ان الاجتماع قرر ايضا اقصاء حزبه وان الوكالة تعمدت تغييب هذه المعلومة عن خبرها. وبناء عليه يهم أسرة « بناء نيوز » أن توضح ما يلي: 1 – انها نشرت الخبر كما ورد عليها من المصدر، والخبر عبارة عن « تسريبة » اعلامية ولم ترد فيها اية اشارة الى حزب المؤتمر من اجل الجمهورية. مع العلم ان الخبر الاوّلي الذي نشرناه لم يكن كاملا فقد تكشفت فيما بعد اسماء الشخصيات التي حضرت ذلك الاجتماع، كما تكشفت مقررات اخرى لهذه الاجتماع من اهمها فرض او محاولة تمرير مسألة الاستفتاء. 2 – تؤكد « بناء نيوز » أن حزب المؤتمر لم يكلّف نفسه الاتصال بالوكالة واعلامها بـ « النقص » الحاصل في الخبر والذي اعتبره المرزوقي متعمدا. 3 – تشدد « بناء نيوز » على انها ليست طرفا في الصراع السياسي الدائر حاليا بين مختلف التيارات والاحزاب وأنها تقف على نفس المسافة منها جميعا، وهو ما تعلمه قيادات حزب المؤتمر من اجل الجمهورية جيّدا، والذين نشكرهم بالمناسبة على محاولتهم تلطيف موقف رئيس حزبهم. 4 – تعبّر « بناء نيوز » عن اسفها الشديد لهذا الاستهداف الذي طال احد صحافييها. ويصبح هذا الأسف مضاعفا اذا علمنا ان المؤتمر من اجل الجمهورية لم يكن مقصيّا أبدا من الوكالة، ورغم ذلك تهجم رئيسه على احد صحافييها، وتطالبه بناء على ذلك بالاعتذار عما بدر منه. وكالة بناء للأنباء
يحيي الشعب التونسي يوم 13 سبتمبر 2011 الذكرى الثامنة و الخمسين لاستشهاد المناضل الهادي شاكر الذي اغتاله المستعمر الفرنسي بعد أن تم إلقاء القبض عليه في جانفي 1952 و تم نفيه إلى طبرقة ثم تم إبعاده إلى تطاوين فإلى جربة فإلى نابل حيث تم اقتحام منزله في الليلة الفاصلة بين 12 و 13 سبتمبر 1953 و قتل رميا بالرصاص في طريق قرمبالية .
إن حزب الوطن يرفع بالمناسبة تحية إكبار و إجلال إلى كل زعماء الحركة الوطنية الذين قدموا التضحيات الجسام من أجل عزة تونس و كرامة شعبها بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة ، كما يغتنم الحزب هذه الذكرى للتعبير عن : ـ عرفانه للمناضل الشهيد الهادي شاكر الذي مثل إحدى القيادات البارزة في الحركة الوطنية المطالبة آنذاك باستقلال تونس و ساهم من موقعه بشكل كبير في قيادة الحزب الدستوري في الجنوب التونسي الأمر الذي جعل المستعمر الفرنسي يستشيط منه غضبا و يضيق عليه الخناق و يلاحقه بالاعتقال و النفي وصولا إلى اغتياله بطريقة وحشية .
ـ يؤكد على ضرورة مزيد التعريف بنضالات الهادي شاكر و رفاقه الذين ضحوا بالغالي و النفيس من أجل أن تنعم الأجيال الموالية بالاستقلال و الحرية و الكرامة . ـ يغتنم هذه المناسبة و في هذه المرحلة بالذات ـ بعد ثورة 14 جانفي المجيدة ـ للتذكير بضرورة إخلاص الانتماء إلى تونس وفاء لدماء شهدائها الذين قدموا مهرا نفيسا من أجل عزة تونس و كرامة شعبها و في مقدمتهم شهداء الحركة الوطنية في مختلف جهات البلاد و من بينهم المناضل الشهيد الهادي شاكر .
ـ يعبر عن اعتزاز مناضليه بالانتماء إلى المدرسة الدستورية التي أنجبت و مازالت تنجب أجيالا مناضلة و مخلصة في ولائها اللامشروط إلى تونس . ـ يستنكر تصريحات و مواقف بعض قيادات الأحزاب السياسية التي تقلل من قيمة نضالات جيل الاستقلال و يشككون فيها ناسبين صفات النضال إلى أنفسهم دون سواهم في محاولة يائسة للسطو على المشهد السياسي الحالي . عاشت تونس حرة مستقلة الوفاء لشهداء تونس حزب الوطن الرئيس : محمد جغام
تسارعت الأحداث بجامعة بنزرت بعد الاستقالة الجماعية لأعضائها ليتم إثر ذلك تزكية القائمة الجديدة برئاسة مهدي بن غربية من قبل الهيئة التنفيذية ، ومن ثم حضور 3 أعضاء من المكتب الوطني وهم عصام الشابي والمنجي اللوزوالشادلي الفارح حفل تقديم أعضاء تلك القائمة والذي أقيم يوم الخميس الماضي بأحد نزل بنزرت. وقد أكد المنجي اللوزأن المنافسة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي ستنحصر بين الحزب الديمقراطي التقدمي والنهضة. ومن جهته أكد عصام الشابي أن الانتخابات ستكون مفصليةً في تاريخ تونس؛ فإما النجاح والقطع مع الاستبداد وإما الدخول في نفق مظلم. كما أكد ان حزبه متمسك بالدعوة إلى قيام جمهورية ديمقراطية ثانية يكون رئيسها منتخباً من المواطنين ومحدود الصلاحيات. منصورغرسلي (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 12 سبتمبر2011)
بسيكو آم لـ « الأسبوعي » سأصوت لحركة النهضة.. وأتمنى صعودها للحكم
قال فنان الراب « بسيكو آم » انه سيصوت لحركة النهضة في انتخابات المجلس التأسيسي رغم اختلافه مع الحركة بشأن مفهوم الديمقراطية على حد تعبيره مؤكدا انه لا يشعر بي حرج من جراء كشفه ومجاهرته بمناصرته لطرف سياسي دون التزامه بمبدأ الاستقلالية .مستطردا بالقول: « أنا لست فنانا يهتم بنجوميته و »برستيجه » وأناقته وإنما أعتبر نفسي صاحب رسالة فنية ويشرفني أن أدافع على حركة النهضة التي أشعر أنها الأقرب الى الشعب وهوما تعكسه قاعدتها الشعبية وفقا لآخر استطلاعات الراي . ولئن كنت لست متطرفا كما حاولت بعض وسائل الإعلام ترويجه لا أخفي أني أتمنى صعود الحركة إلى الحكم ». « الكلها راكبة » وبعيدا عن السياسة كشف «بسيكو ام» أنه يحضر لألبومه الجديد الذي يصدر في اكتوبر المقبل ويضم 16 أغنية متنوعة سياسية واجتماعية ودينية من بينها «الكلها راكبة» . كما يستعد لتصوير البوم « Danger public » وبعض المشاريع الفنية الى جانب إحيائه بعض الحفلات التي ستقوده إلى جولة في مختلف مناطق الجمهورية. محمد صالح الربعاوي (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 12 سبتمبر2011)
أي موقع للأحزاب الكرتونية في الانتخابات؟
« الديمقراطي الوحدوي » حظوظه وافرة.. وأحزاب برأسين ممنوعة من الترشح!
الأحزاب القومية ليست أفضل من الوحدوي – أي موقع لأحزاب « الموالاة » أو ما سميت بالأحزاب الكرتونية في النظام البائد في انتخابات المجلس التأسيسي، خاصة أنّ ممثليها ظهروا في الفترة الأخيرة لتقديم برامجهم ورؤيتهم للتنمية والحياة السياسية ما بعد 14 جانفي..؟ الاجابة كانت من عند خليفة الطرابلسي المنسلخ من الإجتماعي التحرّري والأمين العام الحالي لحزب «تيار الغد» الذي أكد أن هذه المسألة مغلوطة فالديمقراطي الوحدوي ينطلق بحظوظ وافرة للتواجد في المجلس التأسيسي معتبرا أن باقي الأحزاب القومية ليست أفضل منه حيث يقول خليفة الطرابلسي «.. لا أرى أية موانع يمكن أن تعرقل بعض الأحزاب المعارضة السابقة في التواجد في المجلس التأسيسي واحتلال مواقع هامة خاصة اذا علمنا أن الأحزاب التي تدعي الثورية الحصول عليها في الانتخابات المقبلة وسنرى أن هذه الأحزاب احترفت الجعجعة اللغوية والخطابية لا غير وحتى إذ احتلت مواقع فستكون هزيلة لأن الصراع سينحصر بين القائمات المستقلّة والنهضة والأحزاب الوسطية بما فيها الأحزاب التجمعية».. أحزاب تستعير الأسماء ويرى أمين عام حزب «تيار الغد» أن عديد المفاجآت ستسجلها انتخابات 23 أكتوبر اذ يقول «.. لدينا أحزاب ممثلة في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة لم تتمكن من استكمال قائماتها الإنتخابية فاضطرت لاستعارة بعض الأسماء.. الاحصائيات والحقائق ستظهر وبيننا وبين الأحزاب التي تدعي الثورية يوم 23 أكتوبر، وإذا كانت الإنتخابات تعكس الأحجام الحقيقية للأحزاب سترون المفاجأة ومن سيكون صاحب الأغلبية. تحالفات وحول دخول «تيار الغد» في تحالفات وما يمكن ان تحققه عمليات الائتلاف قال الطرابلسي «نعم التزمنا بالدخول في عمل جبهوي انتخابي وبالتوازي مع ذلك قدمنا قائمات مستقلّة في عديد الدوائر في انتظار توحيد الموقف مع الجبهة التي تضم حاليا 18 حزبا أغلبها وسطية حيث سندخل هذا الأسبوع جبهة انتخابية تعتمد بيانا انتخابيا موحدا وحملة موحدة وتمويلا موحدا وتصوّرا موحدا للدستور».. من جهة أخرى وجدت بعض أحزاب الموالاة صعوبة في تقديم قائماتها التي اسقطت نتيجة الخلافات والاختلافات في كل حزب برأسين على غرار «الاجتماعي» التحرّري في ظل عدم الاتفاق بين منذر ثابت الذي يعتبر نفسه رئيسا للحزب وحسني لحمر الذي يقدم نفسه أمينا عاما الحزب وكذلك حركة الديمقراطيين الاشتراكيين المنشطرة الى نصفين واحد لأحمد الخصفوصي الذي يعتبر نفسه الشق الشرعي والنصف الثاني للطيب المحسني الذي يؤكد أنه صاحب الشرعية والأغلبية. عبد الوهاب الحاج علي الفن لخدمة السياسية.. لا يمكن بحال أن ننفي الدور الذي يضطلع به الفنّ في خدمة المجتمع خاصّة متى التزم هذا الفنّ بقضايا مجتمعه وكانت له الجرأة الكافية ليعبّر بصراحة عن كل خروقات أو انتهاكات تطال النسيج الاجتماعي ويكون صوتا صادحا للطبقات المسحوقة للتعبير بكل حرية عمّا تعيشه من محن ومن معاناة اجتماعية بسبب الجور والاستبداد..والفنانة المسرحية المعروفة جليلة بكّار كانت من الممثلات اللاتي اتسمت أعمالهن بالجرأة والمصداقية وعبّرت بصراحة عن مواقف وأفكار ظلّت مكتومة في صدور الكثيرين..ورغم أن بكّار تحفّظت من إبداء رأيها في مسائل سياسية عدة ما بعد الثورة ومن الثورة فإنها فاجأت الرأي العام مؤخّرا يترأس قائمة مشتركة مع أمين عام حركة التجديد أحمد ابراهيم في قائمة القطب الحداثي الديمقراطي عن دائرة تونس 1 كما تأكد ترشح لمين النهدي ، سلمى بكار و زينب فرحات للتأسيسي..وهنا لا يسعنا الاّ الانتظار للتأكّد عمليا من الأمر أي إلى أي مدى يمكن للفنّ أن يخدم السياسة؟ منية من الملاعب «يصنع» القرار السياسي منذ انتهاء تقديم القائمات الانتخابية كثرت التخمينات والفرضيات حول مرشحي بعض الّأحزاب خاصّة تلك التي تكتّمت عن قائماتها ومن يترأسها . ولئن ما زال نشاط حزب الاتحاد الوطني الحرّ يكتنفه الكثير من الغموض والتحفّظ في المشهد السياسي خاصّة..فإن تكتّمه عن أسماء مرشّحي قائماته الانتخابية زاد من تخمينات البعض وانتشرت الأقاويل والإشاعات هنا وهناك.. خاصّة أن هذا الحزب ذا الإمكانيات المالية الضخمة تصدّرت قائماته وجوه فنية ورياضية معروفة من أمثال شكري الواعرالذي تؤكّد مصادرأنه ترأس قائمة الاتحاد الوطني الحرّ بدائرة تونس 1..كما تصدرت وجوه رياضية معروفة المشهد السياسي من أمثال صابر بن فرج، فوزي البنزرتي ، منجي بحر ، صلاح الزحاف ، ياسين بوشعالة ومهدي بن غربي… منية المستقلون.. «دون» نساء حسب التوقعات الأولية لاتجاهات الرأي العام فإن للمستقلين أماكن شاغرة بانتظارهم في المجلس التأسيسي خاصّة أن الكثير يحظون باحترام شق كبير من الشارع التونسي الذي يميل نحو الأشخاص مع جهله الشبه التام بالأحزاب قبيل أيام من انتخابات التأسيسي.. ولعل مجموعة المستقلين الذين شدّوا انتباه الرأي العام في الآونة الأخيرة هم مجموعة «الائتلاف الديمقراطي المستقل» و من أبرزهم عبد الفتاح مورو وصلاح الدين الجورشي وزهير مخلوف..ولعلّ الملفت في القوائم التي تقدّم بها الائتلاف المذكورهو الغياب أو النقص الواضح في الوجوه النسوية وخاصّة فيما يتعلّق بتصدّر القائمات. منية النساء الديمقراطيات والصراع الحزبي.. كانت ولا تزال الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات من الجمعيات الحقوقية التي لم تنفكّ وبالرغم من الضغوطات التي مورست عليها زمن المخلوع تستبسل في الدفاع عن قضايا المرأة العادلة و تحاول بالإمكانيات المتاحة نصرة النساء والحفاظ على مكتساباتهن وتدعيمها والتمسّك بما تراكم من حقوق على مدى عقود.. اليوم نجد وجوها معروفة من النساء الديمقراطيات يترأسن قائمات حزبية في أكثر من دائرة على غرار بشرى بالحاج حميدة على رأس دائرة زغوان ممثلة لحزب التكتّل الديمقراطي من أجل الحريات والعمل وسعيدة قرّاش على رأس قائمة مشتركة بين حركة الوطنيين الديمقراطيين وحزب الطليعة في دائرة المهدية.. النهضة.. تحترم التناصف بالمرتبة الثانية انتهت الأربعاء الفارط مرحلة تقديم القائمات الانتخابية للأحزاب والمتعلّقة بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي؛ ولئن تفاوت عدد الدوائر بالنسبة للأحزاب بالنظر لثقلها الجماهيرومناطق «نفوذها» جهويا..فإنه وبنظرة سريعة للقوائم المقدمة والتي سيقع التصويت عليها فيما بعد وتحجز من خلالها مقاعد التأسيسي نخرج بقواسم اشتركت فيها هذه الأحزاب ولو عن غير قصد من ذلك أنه ندر وجود امرأة على رأس أغلب القائمات كما أنه حسب مصادرنا تكبدت جلّ الأحزاب مشقة في بحثها عن التناصف ..ولئن تبقى حركة النهضة من بين أبرز الأحزاب التي احترمت التناصف «بصرامة» -ملفتة للانتباه – غيرأنه كنّا نأمل أن تكون النساء على رأس هذه القائمات وأن لا تكتفي في غالبيتها بالمرتبة الثانية.. م.العرفاوي جمعية مناهضة التعذيب وحزب العمال الشيوعي كانت جمعية مناهضة التعذيب حاضرة بقوة في القائمات الانتخابية لحزب العمال الشيوعي..بحيث ترأس منذر الشارني كاتب عام الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب قائمة الحزب العمّال الشيوعي بدائرة تونس1 وترأست راضية نصراوي رئيسة الجمعية دائرة تونس 2..علما أن الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب عرفت بنضالاتها لمقاومة الانتهاكات التي كان يتعرّض لها النشطاء السياسيين والحقوقيين إبان حكم بن علي.. منية (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 12 سبتمبر2011)
المشهد الحر ـ مقال رأي ـ أسامة ذياب يبدو أنّ أيلول هذا العام سيكون أشدّ سخونة من الصّيف ذاته ..فذهاب الفلسطينيين للأمم المتّحدة في ما يُسمّى “استحقاق أيلول” للإعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 أحدث جدلا صاخبا بين مؤيّد و معارض. أمّا على الجانب الأمريكي الإسرائيلي فهناك رفض قاطع لهذا فقد حيث اعتبرت “اسرائيل” هذا اجراء أحادي الجانبي و توعّدت بعدم تسليم الضّرائب المستحقّة للفلسطينيين من جانبها أعلنت الولايات المتّحدة الأمريكيّة عن نيّتها صراحة في استعمال الفيتو ضدّ مشروع الدّولة الفلسطينية في مجلس الأمن كما أعلنت أنّها ستقطع المساعدات عن الفلسطينيين. أمّا في الجانب الفلسطيني فقد تباينت المواقف بين مؤيّد و معارض. مؤيّد يدّعي البراغماتيّة و معارض يخشى أن تهدّد هذه الخطوة حقوق أساسيّة للفلسطينيين. السّلطة الفلسطينيّة رغم أنّها قالت ستتوجّه للأمم المتّحدة باسم منظّمة التّحرير الفلسطينية إلاّ أنّها هي المحرّك الأساسي لهذه الخطوة. أعتقد أنّه إقتناع منها بعدميّة المفاوضات و إعلان وفاة للمفاوضات الثنائية مع الإسرائيليين التي كلّ مرّة يخسر الفلسطينيون خلالها على الأرض و سياسيا نقاط جديدة. التّصويت على الدّولة في أروقة الأمم المتّحدة هو أيضا بمثابة حجب للثقة على الإدارة الأمريكية التي طالما رعت المحادثات بين الجانب الإسرائيلي و الفلسطيني و إقرار بعدم قدرة الولايات المتّحدة على إيجاد حلّ يرضي طرفي النّزاع و بخاصّة الجانب الفلسطيني. مناصرو “استحقاق أيلول” يرون في التّوجّه للأمم المتّحدة هو السّبيل الوحيد لحلحلة الوضع الحالي من الرّكود كما يعتبرون أغلبية الثّلثين في الجمعيّة العامّة أمرا مطمئنا نحو الإعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67. لكن البعض ينسى أو يتناسى تباين موقف دول الإتّحاد الأوروبي بل و يتجاهل الفيتو الأمريكي الموعود بنقض هذا القرار …حينها ماذا سيفعل الفلسطينيون يا تُرى و قد استنفذوا كلّ أساليبهم الدّبلوماسية ؟ و أيّ فرق عظيم بين من يحمل صفة مراقب الآن و بين دولة غير كاملة العضويّة قد يتحصّل عليها ؟ أليس هذا أقرب للهروب إلى الأمام من البراغماتيّة ؟ و ما معنى هذا الإعتراف الغير كامل العضويّة في أروقة المتّحدة إذا لم يكن صادر عن رغبة سياسية للدوّل الكبرى ؟ فالأمم المتّحدة يمكن أن تمنحك أهليّة بالإعتراف لكن الإعتراف الحقيقي يكون نابعا من إرادة الدّول الكبرى في تعاملها معك كدولة ..عدا ذلك سيكون الأمر أشبه وثيقة كلّ يوم تزداد غبار في أروقة الأمم المتّحدة . هل سنستنكر عندها أم ندين أم نشجب ؟ و ماذا سنشجب يا تُرى ؟ “الشّرعيّة ” الدّوليّة التي توجّهنا إليها ؟ مخاطر “استحقاق” أيلول إذا أردنا أن نعرف مخاطر استحقاق أيلول فنطرح السّؤال التّالي : هل فلسطين قضيّة أرض فقط حتّى نذهب لنطالب بدولة فلسطينية على حدود 67 ؟ فلسطين أكبر من ذلك هي قضيّة إنسان و عندما نقول إنسان نقول حقّ العودة الذي لا عودة عنه. و هنا يبدو أنّ السّيد عبّاس (الذي قريبا تنتهي رئاسته و لم يحقّق شيئا في نهجه التّفاوضي) و كأنّه لا يلقي بالا لهذا أو لا يقرأ له حسابا إذا أفرطت في حسن النّية . فلنفترض جدلا أنّه كان هناك اعتراف بدولة فلسطينية (طبعا منقوصة العضويّة) ألن يُحدث هذا تعارضا مع الإعتراف بشرعيّة منظّمة التّحرير الفلسطينية كممثلّ شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في الدّاخل و الخارج و يُلغي وضعيّتها القانونيّة ؟ ماذا سنفعل عندها ؟ فهل يأمل مناصرو الإستحقاق أن تعترف الأمم المتّحدة بمنظّمة التّحرير(كحركة تحرّر) و الدّولة الفلسطينية في آن ؟ أليست الدّولة مجبرة باحترام القوانين و المواثيق و المعاهدات الدّولية ؟ فإذا رفضت إسرائيل الإنسحاب من الأراضي الفلسطينية (و هذا أمر متوقّع ) ألا تعني الدّولة إلغاء حقّ المنظّمة كحركة تحرير وطني في مقاومة الإحتلال ؟ ثمّ أليس احتمال حلّ منظّمة التّحرير يعني أنّ لا ممثّل لللاجئين الفلسطينيين في الشّتات ؟ ألا يعني الإعتراف “بإسرائيل” كدولة ذات سيادة على أرض 48 هو بعبارة أخرى إلغاء حقّ الفلسطينيين في العودة طالما أنّها دولتهم اليوم ليست فلسطين التّاريخية بل هي فقط على حدود 67 تساؤلات لا أعتقد أنّ لها ردود قاطعة بقدر ما لها من أمانيّ من أهل استحقاق أيلول .. هل “استحقاق أيلول ” فشل صرف ؟ إذا حصل و ذهب الفلسطينيون الى الأمم المتّحدة و اعتدمت الولايات المتّحدة الفيتو في وجه الدّولة الفلسطينية رُبّما يُشكلّ هذا فشلا كبيرا لمناصري هذا “الإستحقاق” . أعتقد أنّ هذا الفشل هو عين النّجاح و هو أقصى ما يُمكن أن نُحقّقه من نقاط إذا ذهب الفلسطينيون للأمم المتّحدة . هذا الفيتو هو تلك” الضّارة” النّافعة ..هذه المرّة ستظهر الولايات المتّحدة في احياز سافر لا سابق له (و إن كانت دائما منحازة “لإسرائيل”) و هي التي طالما ادّعت الحياد و أنّها تقف على مسافة وسط بين الفريقين هذا الفيتو سيثبت أنّ الولايات المتّحدة لم تكن يوما وسيطا نزيها بل هي تدعم طرفا على حساب طرف أهمّية هذا تكمن ليست في الرّأي العام العربي فمنذ نشأنا نعرف أنّ أمريكا هي أمريكا لكن أهمّية هذا في انعكاسه على الرّأي العام الغربي في قراءته للصراع العربي الإسرائيلي و الذي طالما اعتقد (في مغلبه) أنّها مشكلة أمن لإسرائيل نحن في أمسّ الحاجة لهذا الرّأي العامّ الغربي الذي تقف وراءه حكومات ديمقراطيّة و بالتّالي هو قادر أن يكون فاعل إذا اقتنع بحقيقة و جوهر الصّراع العربي الإسرائيلي . أعتقد أنّ هذا الأمر على قدر بالغ من الأهمّية خصوصا في ظلّ التّضليل الإعلامي الذي تقوده الولايات المتّحدة الأمريكية . هذا من ناحية من ناحية أخرى فشل هذا اللّجوء الدّبلوماسي للأمم المتّحدة شكليا سيعطي شرعيّة أكبر للمقاومة على اعتبار أنّ كلّ الطّرق الدّبلوماسية أصبحت مغلقة الآن و نحن أمام طريق مسدود الطّرف الفلسطيني غير مسؤول عنه و هذا المشروعية الأكبر للمقاومة أعتقد أنّها ستصبح قناعة سواء في الدّاخل الفلسطيني أو حتّى على مستوى صورة الشّعب الفلسطيني في الخارج كشعب محتلّ من حقّه المقاومة لاستعادة أرضه و أنا أتكلّم هنا على الأقلّ على مستوى شعبي و ليس على مستوى الحكومات إذن أكبر نجاح لاستحقاق أيلول في فشله عبر الفيتو الأمريكي أي احراج الولايات المتّحدة أمام العالم الذي بدوره سيؤثّر قطعا على الرّأي العالمي . ما الحلّ إذن ؟ كيف نذهب للأمم المتّحدة ؟ هل يعني هذا أنّ الذهاب للأمم المتّحدة و الدّيبلوماسيّة هو المشكل؟ الإجابة قطعا لا المشكل الأساسي ليس في الدّبلوماسية لأنّ الدّيبلوماسية سلاح قويّ إذا أحسنّا استغلاله خاصّة و أنّ القضيّة الفلسطينية قضيّة عادلة و تحظى بتعاطف واسع في العالم . المشكل هو التّوجّه للأمم المتّحدة بهذه الكيفية و في هذه الظّروف المشكلة في تلخيص فلسطين في الأرض في حين أنّها ليست كذلك بل هي أيضا إنسان أسير و لاجئ …كلّ هؤلاء يجب أن تُحفظ حقوقهم على حدّ سواء و التّوجّه للأمم المتّحدة لا يجب أن يكون توجّه مجتزءا بل يجب أن يُحمل كامل الملفّ الفلسطيني و إلاّ فذلك يعني ضياع الحقوق أيضا يجب الحفاظ على ورقة المقاومة حتّى الرّمق الأخير فمن غير المعقول في الظّرف الرّاهن التّخلّي عن المقاومة و الجنوح الكلّي للمفاوضات التي تُثبت كلّ يوم أنّها تُثقل كاهل الفلسطينيين بالهزائم و التّنازلات. وحتّى لو كانت هذه المقاومة غير قويّة بمافيه الكفاية فهي لا شكّ أنّها مزعجة بما فيه الكفاية و تُشكّل أرق يوميا ل”إسرائيل” ..و غزّة و إن كان الإنسحاب فيها أحادي الجانب فهي خير دليل على أنّ ورقة المقاومة فعّالة .فإن لم نستعملها على الأقلّ وجب التّلويح بها إنّ أيّ ذهاب للأمم المتّحدة بهذا الشّكل و بكلّ هذه البراءة السياسية أو السّذاجة في رواية أخرى لن يصنع حلّا بقدر ما سيطرح من إشكالات إنّ طريق التّحرّر الفلسطيني لا يُمكن إلاّ أن ينبني على ثُنائية الدّبلوماسية و المقاومة جنبا إلى جنب فالدّيبلوماسية دون مقاومة هي ضعف و استجداء في عالم الأقوياء و المقاومة دون دبلوماسية هي ساعد لا يُفكّر ..
(المصدر: موقع المشهد التونسي الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 12 سبتمبر 2011)
لماذا لم يتهمه قريرة بالتآمر على أمن البلاد؟ – من طالب « سيكسالم » بالاختفاء؟ – ومن هم المندسون « الخوانجية » مع سمير الطرهوني؟ – تنطلق يوم 16 سبتمبر الجاري المحاكمة العسكرية للمدير العام للأمن الرئاسي السابق علي السرياطي الذي كان تم ايقافه من قبل وزير الدفاع السابق رضا ڤريرة مساء 14 جانفي إثر اشرافه على تأمين خروج « المخلوع » وعائلته باتجاه السعودية.. وفي انتظار أن تقول العدالة كلمتها بما توفر من أدلة واعترافات وغيرها من الوسائل يظل السؤال المطروح، من وجّه تلك التهم (التآمر على أمن البلاد الداخلي وإثارة الهرج….) الى علي السرياطي خاصة إذا علمنا أن رضا ڤريرة الذي أمر بايقافه لم يوجّه اليه مثل هذه التهم كما أن الجنرال رشيد عمار الذي كان يومها يشرف على التنسيق بين الأمن والجيش لم يعلم بأمر السرياطي الا بعد ايقافه حيث أعلمه بالامر وزير الدفاع السابق..؟ غير مرتاح الاسئلة والاستفهامات عديدة حيث علمنا أن وزير الدفاع السابق الذي كان يشك في علي السرياطي وغير مرتاح لأمره (وذلك حسب تصريحاته واعترافاته) قد أكد بأنه لا علاقة له بنص التهمة الموجّهة لعلي السرياطي ولا يملك الحجج والادلة التي تؤكد اتهام علي السرياطي بالتآمر على أمن الدولة الداخلي وارتكاب الاعتداء المقصود منه حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح واثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي.. وهي التهمة التي قد يحاكم عليها يوم الجمعة بالمحكمة العسكرية.. غموض كبير يسود هذه القضية الشائكة قد تكشف عن تفاصيل جديدة ابتداء من يوم الجمعة خاصة أن علي السرياطي سبق له وأن قال على لسان أحد محاميه أنه سيكشف عديد الحقائق للشعب التونسي يوم محاكمته عسكريا ومن المتوقع أن يكشف خلال محاكمته عن تفاصيل جديدة تفسر بعض الاستفهامات والرموز.. أين الزبدة؟ ومن بين هذه الالغاز والطلاسم الجملة التي قالها رضا قريرة عندما أعلمه رشيد عمار بايقاف السرياطي Cet homme veut le beurre » et l’argent du beurre « يحب الزبدة وفلوسها » ماذا يعني ذلك.. الألغاز عديدة في هذه القضية التي من المنتظر أن يتوصل القضاء الى كشف طلاسمها لكن من أشار على «المخلوع» بأن «مندسين من الخوانجية يعملون في فرقة مقاومة الارهاب حجزوا عائلته في مطار تونس قرطاج (ويقصد بذلك الطرابلسية) ومنعوهم من المغادرة خارج البلاد ولا بد من تصفيتهم حتى بالرصاص وهذا في إشارة الى المجموعة التي تحولت مع سمير الطرهوني رئيس فرقة مكافحة الإرهاب عشية 14 جانفي الى المطار أين وقع احتجاز عدد من عائلة الطرابلسي ومنعهم من السفر.. « خبي راسك »!! سؤال آخر يطرح، من هو المسؤول البارز الذي أشار على العقيد سامي سيكسالم بالاختفاء وقال له « براشوف بلاصة وين تخبي راسك » عندما اتصل به ليستفسر عن حقيقة ما يحدث قبل أن يتصل بمحمد الغنوشي ويعلمه بما حدث ويطلب منه الحضور للقصر الرئاسي ما المقصود « بخبي راسك » ما الذي كان يحدث بالضبط خاصة أن سامي سيكسالم خرج أكبر متضرر من العملية لذلك يرفض حتى مجرد الظهور في ندوة صحافية لسرد ما حدث عشية 14 جانفي.. ننتظر الإجابة عن عديد الاسئلة بعد أشهر من عودة الهدوء والاستقرار. عبد الوهاب الحاج علي قضية جديدة للسرياطي ومحاميه محتار بين موكلين! انطلقت مؤخرا الابحاث في قضية مارينا الحمامات بعد أن اتضح تورط الرئيس المدير العام علي دبية في قضايا الرشوة والفساد. وتفيد المعلومات أن هذه الشركة العقارية. كانت قد منحت ليلى بن علي قطعة أرض مساحتها الجملية 3500 متر مربع بسعر «خيالي» 100 دينار لكامل القطعة أي بحساب حوالي 29 مليما للمتر المربع الواحد. وقد تم بناء قصر على هذه المساحة المطلة على الشاطئ مع توغل صاحبة البناية بمساحة قدرت بـ 300 م باتجاه البحر. هذه التجاوزات بررها المتهم الرئيس المدير العام لهذه الشركة بأن تصرفه هذا كان إثر توسط علي السرياطي لليلى بن علي قصد تمتيعها بهذه الامتيازات ولئن يبدو الأمر غريبا لمكانة الوسيط مقارنة بالمستفيد بهذه الوساطة. فإن ذلك لا يعدو أن يكون أكثر غرابة مما اكتشفه أحد المقربين من علي السرياطي ذلك أحد محامي هذا الاخير وهو عبادة الكافي هو نفسه محامي علي دبية مما صعّب مهمته في المرافعة وما جعله يواجه اشكالا حقيقيا.. غرسل بن عبد العفو عائلات الشهداء يتلقون تطمينات من المحكمة العسكرية !! على إثر الوقفة الاحتجاجية لهم أمام المحكمة العسكرية بالعاصمة الاربعاء الماضي أصدرت عائلات الشهداء ومجلس حماية الثورة بدقاش توزر بيانا أكدت فيه أن جلسة دارت بين ممثليهم والمسؤول الأول عن المحكمة العسكرية تم خلالها الاستفسار عن مآل قضايا عائلات الشهداء والجرحى وقد تبين لهم أن التحقيق العسكري يسير بشكل عادي إلا أن الاشكالية التي ظلّت قائمة تتمثل في عدم تفعيل بطاقات الجلب وجاء أيضا بهذا البيان أنه تم الاتفاق بين ممثلي عائلات الشهداء والجرحى على عقد جلسات أسبوعية بالمحكمة العسكرية يحضرها ممثل عن المحكمة وعن عائلات الشهداء ليكونوا ملمين بمستجدات قضاياهم وعارفين بجميع أطوار القضايا: أين وصلت؟ ما هي العراقيل والمشاكل التي تعترضها؟ وحتى لا تضيع حقوق شهدائنا والجرحى فقد طالبت هذه الأطراف أيضا بتكريس استقلالية القضاء مهما كانت طبيعته وإصدار مرسوم أو «قانون» إستثنائي وخاص يمكن القضاء العسكري من الضابطة العدلية ليكتسب سلطة تنفيذ القرارات الصادرة عنه حتى لا تبقى حبرا على ورق، وذلك نسجا على منوال المرسوم الذي منح القضايا المحالة على المحكمة العسكرية «حق الدفاع» بإمكانية إنابة محام. غرسل
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 12 سبتمبر2011)
القيروان (الشروق) مع اقتراب موعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، تحاول بعض الأصوات ان تقيد صلاحيات هذا المجلس رغم انه منتخب وان تحدد مدة عمله الشرعي. «الشروق» استوضحت جوانب الموضوع مع الأستاذ علي الهرابي. عبر اعتصام «القصبة 2» عن إرادة الشعب في فرض المجلس الوطني التأسيسي الذي دعت اليه النخب الشعبية المناضلة. وطرح المجلس التأسيسي كبديل شرعي للوضع غير الشرعي والفراغ الذي التزمت بسداده الحكومة المؤقتة والرئاسة المؤقتة. وعندما تم تعيين موعد 24 جويلية لانتخابات المجلس التأسيسي، لم تطرح مسالة الاستفتاء حول صلاحياته بقدر ما فرضت مسالة تأجيله. فهل من الوجاهة من الناحية القانونية ومن «المنطلق الثوري» ان يتم تضييق صلاحيات المجلس التاسيسي وتقييد دوره. وهل هناك جهات يمكن ان يخيفها تمتع المجلس بصلاحيات المحاسبة ومقاضاة المتورطين في ملفات الفساد، خاصة وانه سيمكن للمجلس بتلك الصلاحيات من الوصول الى الأدلة والوثائق بما في ذلك ملفات الرئاسة والحكومة المؤقتة وغيرها من القضايا العالقة التي تراوح مكانها. يشير الخبير الدولي بداية الى انه اذا ما كتب القدر بأن تتم انتخابات الثالث والعشرين من اكتوبر في كنف الحرية والديمقراطية والنزاهة والشفافية، فان جميع أعضاء المجلس التأسيسي ستكون لهم شرعية انتخابية. وهي شرعية في نظره منحها إياهم الشعب التونسي. ولكن هذا ليس هو المهم. بل الأهم من ذلك ان يكون لذاك المجلس الوطني التأسيسي مصداقية شعبية وبمعنى أدق فان ينال ثقة الشعب التونسي وان يكون صادقا معه وأن يعبّر عن تطلعاته ومطالبه وطموحاته. وهذا لن يكون الا إذا التزم كل عضو من أعضاء المجلس بتعهداته التي طرحها أثناء حملته الانتخابية وان يبقى الوصل دائما بينه وبين من انتخبوه وأن يشاورهم في كل المسائل بعيدا عن الأسلوب القديم الذي كان فيه النائب المنتخب في مجلس النواب في غربة تامة مع دائرته الانتخابية. حيث وبمجرّد انتخابه يقطع حبل التواصل إلى موعد انتخابي لاحق. هذا إضافة إلى ان كل عضو في المجلس التأسيسي وجب عليه تغليب مصلحة الشعب ككل دون المصالح الفردية او الحزبية او التحالفات الظرفية المعطّلة لسير العملية الديمقراطية وبين هذا وذاك يجب أن يعلم ويعي رئيس وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي بان الكمال إلا لله وحده وعليه وجب عليهم ان يعلموا من الآن وان بعض القرارات أو التسميات او التوجهات قد تجد معارضة شعبية او نقابية او سياسية سلمية مما يتجه الحذر من التعامل معها بطريقة أمنية. ويقسم الاستاذ الهرابي مؤشر مصداقية المجلس التاسيسي الى قرارات عاجلة وأخرى آجلة. قرارات عاجلة: الحكومة والسلط؟ من أهم القرارات العاجلة التي ستكون امتحانا هاما لمصداقية المجلس الوطني التأسيسي تلك التي تتعلق بتعيين رئيس وحكومة مؤقتة وإصلاح جهاز القضاء وإعادة النظر في المرسوم المتعلق بالتعويض لسجناء الرأي وتطوير إجراءات محاكمة قتلة شهداء الثورة التونسية وأعوان النظام السابق والرئيس السابق. ففي خصوص تعيين الرئيس والحكومة المؤقتة نجد أمام المجلس التأسيسي خيار الإبقاء على الرئيس والحكومة المؤقتة الحالية. وهو خيار لن يلاقي نجاح وترحاب لان المواطن سيظل يحس بأنه لا زال تحت فترة المرحلة الانتقالية هذا دون ان ننسى الانتقادات الموجهة للقيادة السياسية الحالية حول بعض التسميات السياسية والإدارية والأمنية. اضافة إلى تعهد المسؤولين السياسيين الحاليين بانهم لن يواصلوا مهامهم بعد انتخاب المجلس التأسيسي. اما الخيار الثاني فيتمثل في تعيين رئيس وحكومة مؤقتة من داخل المجلس التأسيسي وهو ايضا خيار مرفوض وغير وجيه اذ سيصبح المجلس في آن واحد يشرّع وينفّذ ويعيّن ويعزل مما سيعطيه كامل السلطات ويخضع الشعب من جديد لدكتاتورية الأغلبية داخل المجلس، مع ما في ذلك من خرق لمبدأ فصل السلط . اما الخيار الثالث والأخير والأفضل هو تعيين رئيس وحكومة مؤقتة جديدة خارج المجلس التأسيسي يقطعا مع حكومات الماضي الأمر الذي سيؤدي إلى وجود توازن في ممارسة السلطة من ناحية ومن ناحية أخرى تشريك كفاءات وطاقات تونسية في الداخل والخارج في تسيير دواليب الدولة حرمت من ذلك السنين الطوال. القضاء؟ أما في خصوص إصلاح جهاز القضاء فعلى المجلس الوطني التأسيسي ان يعيد النظر في قانون 1967 وآليات التأديب للقضاة التي ظلت سيفا مسلطا عنهم اذ لا يعقل ان يبقى المجلس الأعلى للقضاء غير منتخب وان يترأسه رئيس الجمهورية كما لا يعقل ان لا يقع الطعن في قراراته أمام المحكمة الإدارية كما لا يعقل ان تخضع النيابة العمومية خضوعا تاما لسلطة وزير العدل هذا إضافة إلى ضرورة إعادة النظر في حركة القضاة هاته السنة التي تطرح أكثر من سؤال وكل هذا لن يكون الا بتعيين وزير عدل متفهّم لواقع القضاء ومعاناته مع الأخذ بعين الاعتبار التطور الايجابي الذي حدث داخل القضاء العسكري والذي جاء به المرسوم عـ7ـدد المؤرخ في 29/07/2011 المتعلق بتنظيم القضاء العسكري وضبط النظام الأساسي الخاص بالقضاة العسكريين وخاصة فصله 26 الذي جاء فيه «يقع الطعن في القرارات التأديبية الصادرة عن مجلس القضاء العسكري بالاستئناف والتعقيب أمام المحكمة الإدارية وفق الإجراءات والقوانين المقرّرة لديها» وهو ما يجب تكريسه ايضا صلب القضاء العدلي. العفو التشريعي والمحاكمات اما في خصوص التعويض عن الأضرار اللاحقة بسجناء الرأي فعلى المجلس التأسيسي إعادة النظر في المرسوم عـ1ـدد لسنة 2011 المؤرخ في 19 فيفري 2011 المتعلق بالعفو العام وحق من شملهم في التعويض الذي شابته نقائص عديدة رغم انه يهم أربعون الف متضرر تلك النقائص التي أوردناها في مقالة نشرتها جريدة الشروق بتاريخ 29 جوان 2011 أضف إلى ان الإطار القانوني الخاص الذي سيعتمد للنظر في مطالب التعويض ويكمّل ذاك المرسوم مازال لم يصدر إلى حد الآن والجميع في الانتظار. اما محاكمة قتلة شهداء الثورة التونسية ورموز النظام السابق وكذلك الرئيس السابق، فانها تتطلب اعادة نظر عميقة وجادة اذ في الوقت الذي بلغت المحاكمات شوطا كبيرا في مصر فان تونس قائدة الثورات العربية لازالت العدالة فيها تتقدم ببطء واتضح جليا عدم فاعلية لجنة الفساد والرشوة ولجنة التجاوزات كما اتضح ان النوايا غير جادة في طلب تسليم الرئيس السابق من المملكة السعودية وذلك بتفعيل اتفاقية الرياض العربية مع ما اصطحب ذلك من افراجات وهروب لبعض من الذين نهبوا الوطن وأذلّوا أبناءه. المهام الآجلة والمصيرية تتلخّص هذه المهام حسب الخبير الدولي في وضع دستور للبلاد مع ما يتطلب ذلك من توافق وتحديد سقف زمني حتى لا تطول المرحلة السياسية وهذا الدستور الذي يجب ان تكون فيه الهوية الإسلامية حجر الزاوية وغير قابل لأي نقاشات حزبية أو طائفية مع ضرورة التركيز على ان تكون سيادة الشعب فعلية وليست شكلية. أما في خصوص السلطة السياسية وطبيعتها فيقول انه مهما كان شكل النظام برلماني أو رئاسي، فان المهم ان تكون السلطة السياسة مقيدة بالقانون. لذلك يرى الهرابي انه يجب تكريس قاعدة الدورتين فقط في خصوص الرئاسة على ان لا تتجاوز الدورة الواحدة خمس سنوات مع ضرورة التنصيص على محاسبة رئيس الجمهورية اذا ما خرق الدستور او قام بأفعال مجرّمة او خرق القسم. وذلك وفق إجراءات معتمدة في القوانين المقارنة كاشتراط مثلا ضرورة موافقة ثلث البرلمان على تتبع رئيس الدولة هذا دون أن ننسى ضرورة مناقشة ميزانية رئاسة الجمهورية علنا. أما في خصوص حماية الحقوق والحريات فلا مفر من تكريس رقابة على دستورية القوانين وذلك عن طريق الدفع امام القضاء العدلي لعدم دستورية قانون بمناسبة قضية منشورة لديه من طرف المتهم وكذلك عن طريق الدعوى بواسطة محكمة دستورية ذات انتصاب دائم تمكن لكل شخص اللجوء إليها وإثارة عدم دستورية أي قانون من القوانين . استفتاء مريب ويبين الخبير الدولي انه بتحقيق هذه الشروط نصبح في غنى عن الاستفتاء الشعبي لتحديد مدة عمل المجلس الوطني التأسيسي. كما يرى ان هذا الاستفتاء والمناداة به الآن يطرح اكثر من سؤال إذ ماذا لو يقع استفتاء الشعب ويحدد مدة عمل المجلس التأسيسي ويحصل ان لا يكمل المجلس مهمته طيلة تلك المدة فهل ستقع الدعوة لاستفتاء جديد لتحديد مدة جديدة ؟ ويتساءل عن جدوى المناداة الآن باستفتاء الشعب حول مدة عمل المجلس شهرا قبل الانتخابات والحال أن نفس المنادين بالاستفتاء قد رفضوا في الماضي، وقبل ثلاثة اشهر من الموعد الأول لانتخابات 24 جويلية، استفتاء الشعب التونسي حول طريقة الاقتراع رغم انه استفتاء مصيري ومهم خاصة مع ما نلاحظه من ضياع وغموض يعيشه الناخب التونسي اليوم متعلق بالقائمات وبتعدد الأحزاب التي لا علاقة له بها في شعب أغلبه غير ملتزم حزبيا وهو ما يلخّص الغموض والتردد وحالة الارتباك التي كانت بالأساس نتائج حتمية لمرسوم انتخابي مستعجل تمّ تغييب إرادة الشعب فيه وتغليب إرادة الأحزاب عليه وهو ما مثّل انحرافا خطيرا بالثورة التونسية التي انطلقت بسواعد شبابية وانتهت بقيادات حزبية. ويختم الأستاذ الهرابي بالقول ان تحقق تلك المطالب الشعبية مقترن بمصداقية من سيقع عليه الاختيار. ويرى في المقابل انه على الشعب التونسي ان يعي ما يختار وانه على من وقع عليه الاختيار من الناحية المقابلة، ان يكون أمينا ومخلصا وأهلا للاختيار بعيدا عن الحزبية والفردية والتحالفات المهدّمة والمعطلة والمطيلة للمرحلة التأسيسية. ناجح الزغــدودي (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 سبتمبر 2011)
الإهداء إلى زعامات أحزاب فتحت أبوابها لبقايا التجمع، كذبتم كذبتم قد تكون أرهقتكم الثورة لكن ما أرهقتكم حمايتها فكفاكم حديثا عنها، كفا نفاقا …كفا كذبا و اركبوا جهرا، إن اتعظتم، جراحات شعب كان حقه باسمكم للخسيس قد اغتصب كم انتظرناكم و ما حركتموا ساكنا حتى ثار الدم فينا ثم من أجسادنا انسكب يرسب لكم من جنان الحرية, غصبا عنكم, طريقا و دربا نحن أكرم منكم، يا قادة أكل الزمان على زعاماتكم و ما شرب سوى كاس هوان لولانا لكان عليكم، بقية العمر، قد انسكب كذبتم وحق الشهيد كذبتم و حق الشهيد الذي لو نطق، قبل الممات، حرفا واحدا لأزاح عن خياناتكم الأردية و الحجب و لانكشفت عوراتكم و ليس أصعب من كشف العورات سوى الذنب الذي منكم في حقنا قد ارتكب ماذا قدمتم للشهيد قبل و بعد مماته سوى لحظات صمت رسمتم فيها طريق الوفاء لمن من قوته كان قد نهب بقلم : زكية الضيفاوي
بقلــم نور الــدين عـاشــور –
كادت بعض التطورات التي شهدتها الأيام الماضية تقضي على ما اكتسبه التونسيون من ثقة بخصوص الحاضر والمستقبل وقد اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الانفلات الأمني يبقى العنصر الأكبر الذي يخشاه المواطنون. ولعل اندلاع الاحتجاجات وأعمال العنف بصورة فجئية وغير متوقعة خاصة بعد عيد الفطر وانقضاء شهر رمضان في هدوء يعيد إلى الأذهان سؤالا لا بد من طرحه بين فينة وأخرى لأنه سؤال مشروع ويستمد شرعيته من حق المواطن في معرفة ما يجري حوله وما تخبئه الأيام خصوصا في فترة الأعداد لأول انتخابات يؤمل الجميع أن تكون نزيهة وشفافة وفي مستوى الثورة وتضحيات أبناء تونس. أي نحن سائرون ؟..السؤال رغم بساطته يترجم أحاسيس ومشاعر التونسي العادي اللاهث وراء العيش الكريم والكرامة في شتى تجلياتها والذي لا ناقة له ولا جمل في السياسة وخباياها وأساليبها الواضحة أحيانا والملتوية أحيانا أخرى. لا شك أن بمجرد التمعن في الأماكن المستهدفة في الآونة الأخيرة بأعمال العنف يفاجأ المرء بأن المناطق في معظمها داخلية سواء منها تلك التي اندلعت منها الثورة أو مجاورة لها أو مناطق كانت هي الأخرى مهمشة وعرفت في الماضي بردود أفعال متساكنيها المحتجة في عديد المناسبات. فهل ما حصل كان نتيجة استفزازات أو ما تضمره بعض الأطراف من شر بهدف الإساءة لتلك المناطق وإدخالها في دوامة العنف وعدم الاستقرار وفق أجندات قد تكون خفية أو صراع بين بعض القوى الفاعلة في البلاد؟ بقدر ما ينتظر المرء إجابات شافية.. بقدر ما يطمح إلى أن لا تتكرر تلك المشاهد أو السناريوهات التي تستسهل الزج بالأبرياء في أتون الصراعات الخفية بين ما يمكن تسميته بمراكز القوى . وقد خلنا أن الإعلان عن خطاب للوزير الأول الباجي قائد السبسي من شأنه تبديد كل المخاوف ويعيد الطمأنينة بصورة نهائية لكن رغم طمأنته الرأي العام بأن الانتخابات ستجرى في موعدها يوم 23 أكتوبر القادم خصوصا أن الاستعدادات المادية في مراحلها الأخيرة فإن قرار تجميد نشاط اتحاد النقابات المنتخبة لقوات الأمن الداخلي وحديثه بطريقة غير ملائمة عن بعض رجال الأمن من شأنه إشعال فتيل انقسام في جهاز لا يشك أحد في أهميته في حياتنا اليومية بل رأى البعض أنه إشغال وإلهاء في فترة ما قبل الانتخابات لجانب من التونسيين بقضية العمل النقابي في سلك الأمن الداخلي وما نخشاه هو أن تكون هناك قطيعة أو شرخ بين جميع المتدخلين والفاعلين في المجال الأمني. ومع نفي وجود أي خلاف بين الأمن الداخلي والمؤسسة العسكرية أو «منافسة» بينهما تبقى مصلحة البلاد في تثبيت الاستقرار وعودة الطمأنينة إلى كافة المناطق أولا من أجل عودة مدرسية وجامعة آمنة وثانيا من أجل تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي في أجواء مستقرة كفيلة بفتح جديدة في تاريخ تونس. بالتأكيد يهمنا حاليا التمسك بالموعد الانتخابي رغم أن بعض الأصوات تنادي بتنظيم استفتاء حول المجلس وهو ما يبدو منطقيا لأن بعض المسائل ذات العلاقة بالمجلس تبقى في حاجة إلى الضبط مثل مدته التمثيلية حتى لا يصبح المؤقت بلا ضوابط سواء في المهام أو المدة الزمنية. صحيح أن الإرادة الحقيقة والصادقة كفيلة بإنجاح الانتخابت لكن لا بد من توفر الثقة لدى المواطنين عموما وبالذات لـدى الناخـبين وذلـك في النواحـي التالية : – نزاهة الانتخابات ومصداقيتها – التأكد من عدم تفشي عدوى «الزبونية السياسية « (Clientelisme) بما يمكن تلخيصة بشراء الأصوات وتجاوز حدود العمل السياسي في العلاقة بالناخب – الشعور بوجود أخلاقيات في النشاط السياسي سواء في الخطاب السياسي للأحزاب أثناء حملتها الانتخابية أو في طريقة تعاطيها مع الناخبين وتحديدا الوعود . – القطع مع أساليب الماضي في الترهيب ومحاولة التأثير على الناخبين إنها جملة من المسائل يتعين العمق فيها في هذه الفترة النهائية من الإعداد للموعد الانتخابي ولعل استعادة المواطن الثقة في العملية الانتخابية تبقى هامة مع الأحزاب أو مع الهيئة المشرفة على الانتخابات فما عاشه التونسيون منذ عقود طويلة يتطلب عملا تدريجيا لإرساء الثقة . إن المرحلة الحاسمة والحقيقية للثورة تبدأ بعد 23 أكتوبر لأنها تشكل امتحانا صعبا للجميع.. للحكومة المؤقتة التي أدارت البلاد حتى تصل إلى بر السلامة وللهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تشكل تجربة فريدة من نوعها في تاريخ تونس منذ الاستقلال وللأحزاب وبقية مكونات المجتمع المدني وكذلك للتونسيين ليؤكدوا أنهم فاعلون وليسوا عنصرا مفعولا به فيما يتعلق بمستقبلهم وبمستقبل البلاد . نقول هذا حتى لا تخرج بعض الأصوات بعد الانتخابات مفادها أن النتائج هي عبارة عن طبخة جاهزة أضفيت عليها صبغة الديمقراطية ترضي أطرافا معينة وتخدم مصالح ضيقة وربما ترضي أطرافا خارجية يهمها استقرار تونس على نمط معين ترتئيه ليصبح سيناريو لبلدان أخرى ترغب شعوبها في الإطاحة بأنظمتها السياسية . كما أن من مصلحتنا عدم الوقوع في ما من شأنه أن يمثل انتكاسة لا قدر الله- فلا نريد بالتأكيد أن آخر مرحلة لتثبيت الثورة مرحلة من التطاحن والتقاتل مثلما آلت إليه بعض الثورات في البلدان العربية فالمثال الليبي درس لا بد أن نتعظ منه وكذلك المثال السوري . لتونس العربية الإسلامية خصوصياتها ..بتياراتها السياسية التعددية ..بمثقفيها..بطبقاتها الكادحة على مر العقود ..هذه الخصوصيات لا نريدها عنصر انكفاء على الذات ورضوخ للأمر الواقع ..نريد رضاء داخليا وإعجابا خارجيا بأن التونسيين قادرون على الفعل بعد أن غيروا ما بأنفسهم ويدركون إلى أين هم سائرون. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 سبتمبر 2011)
س (الشروق) انهار نظام بن علي وسقطت رموزه في ثورة 14 جانفي التي سبقت فيها الجماهير نُخبها… هذه النخب التي كانت تنام وتصحو على مشهد سياسي مألوف لا حراك فيه ولا مفاجآت لتعود حركة «النهضة» من جديد ويُحمل شيخها الذي داهمه الكبر، على الأعناق، في مطار تونس قرطاج قال أحد المتخصصين في دراسة الحركات الإسلامية أن بيت «الإخوان» في تونس لم يتشقّق وأن العقود الثلاث بما فيها من محاكمات وسجون ونفي لم تزدهم إلا صلابة في الوقت الذي تصدّعت فيه بيوت اليساريين والقوميين وحتى من ينعتون أنفسهم «الليبيراليون». عاد أبناء الحركة الإسلامية بعد الثورة ليشهدوا اقتسام إرث نظام بن علي… عادوا ليرفعوا شعارا إلى جانب الشعار الذي رفعه التونسيون «الشعب يريد» وشعارهم كان ««النهضة» تريد»… وعادت شبيهات «النهضة» مثل حزب التحرير والحركة السلفية الجهادية وحتى الشيعة لتقول هي الأخرى «نحن أيضا نريد». عودة الضحية عادت «النهضة» هذه المرة بنفوذ مالي كبير بعد اغتراب قادتها في العواصم الأوروبية وقمع وملاحقة وتضييق على أبنائها في الداخل والخارج ورصيد لا بأس به من تعاطف الرفاق اليساريين والقوميين وشق من المستقلين والحقوقيين في الداخل والخارج. ومن عايشوا حركة الإسلاميين التونسيين وخصوصا «النهضة» يعرفون أن قوتهم لم تكن مستمدة من برنامجهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي بل من قمع وملاحقات بورقيبة لهم وتعاطيه مع المسألة الدينية بشكل اعتباطي وانتهازي فقد احتاج بورقيبة إلى الإسلاميين لضرب اليسار عندما فشلت تجربة التعاضد لكنه انقلب عليهم حين أحس بخطر الفكر الإسلامي على الدولة المدنية الحديثة ذات التوجه العلماني. وكما أخطأ بورقيبة في التعاطي مع المسألة الدينية، فقد أخطأت الحركة الإسلامية هي الأخرى في تبنّي العنف والتصعيد وإشعال فتيل الانفجار الاجتماعي ومع مجيء الجنرال بن علي إلى الحكم حاولت «النهضة» فرض بديلها المجتمعي وحاولت مرارا أن تكون حركة إسلامية تونسية صرفة لكنها فشلت ـ كما يقول الدكتور عليّة العلاني ـ بسبب انخراطها في البداية في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وصلاتها الوثيقة بحسن الترابي الرجل القوي في السودان في فترات لاحقة. السلفيون ولعبة الجلاد والضحية اليوم، وبعد قيام ثورة فاجأت الجميع وأسقطت نظاما سياسيا كان على مدى ثلاثة وعشرين سنة طاحونة لكل معارضيه من اليساريين والإسلاميين والحقوقيين تعود الحركة الإسلامية لتلتقط أنفاسها من جديد وسط ساحة سياسية تم تعويمها ـ عن قصد أو عن غير قصد ـ بترسانة من الأحزاب السياسية والجمعيات. عاد الإخوان في «النهضة» كما في حزب التحرير أو الجماعة السلفية للتحرّك بحرية لكن العودة لم تكن على شاكلة واحدة، فالسلفيون اختاروا منذ البداية النزول إلى الشارع بشكل استعراضي كأن يؤدوا صلاة جماعية في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة ويخوضوا مع الخائضين في الاعتصامات والاحتجاجات لمواجهة قوات البوليس أو كما يحلو لهم أن يسموهم «جلاّدو الأمس» ويبدو أن ما كان يطمح إليه السلفيون وهو كسب تعاطف التونسيين مع «أحد ضحايا نظام بن علي» قد ذهب أدراج الرياح فعادوا إلى العمل السرّي… مثلما كانوا دوما. حزب التحرير… وقلق الحكومة حزب التحرير التونسي أو أحفاد تقيّ الدين النبهاني كما يحلو للبعض أن يسميهم سقط في أول امتحان للعودة فقد رفضت وزارة الداخلية تمكينهم من تأشيرة العمل والنشاط بعد الثورة. لم يكن هذا الرفض الصدمة الأولى للإخوان في حزب التحرير الذين عانوا هم أيضا من آلة القمع والملاحقات والسجون بل يشهد تاريخ حزب التحرير عموما الذي تأسّس على يدي القاضي الفلسطيني تقي الدين النبهاني في الخمسينات على رفض بعض الأنظمة السياسية العربية الترخيص له مثلما جرى في الأردن وسوريا ونحى التحريريون مناحي كثيرة للاعتراف بهم رغم ميلهم للمناقشات الدينية ونبذهم العنف ونقدهم للإخوان المسلمين بسبب «تقديمهم صورة غير أصلية عن الإسلام». رغم رفض وزارة الداخلية الاعتراف بحزب التحرير التونسي فإن الجماعة واصلت عملها بنسق عادي مع ملازمة السرية في التحركات والاتصال ببعضهم البعض، ومع عدم ثبوت ممارستهم العنف المادي أو السياسي فإن حكومة الباجي قايد السبسي ظلت تنظر إليهم بقلق وريبة وشملتهم وزارة الداخلية برعايتها الأمنية خشية دخولهم الإرادي إلى مربّع العنف إلا أن ذلك لم يحدث لأسباب غير معروفة لعل جانبا منها يتعلق بانتظار ما سيحدث في الساحة السياسية من تطورات بعد انتخابات المجلس التأسيسي (الذي لم يعترفوا به) بحثا عن موضع قدم فيها. «النهضة»… وميراث القمع أمّا عودة حركة «النهضة» بعد الثورة وما صاحبها من ضجيج إعلامي في الداخل والخارج، قد لفتت انتباه الشارع السياسي واللاعبين القدامى في الساحة السياسية عودة التعاطف الشعبي مع هذه الحركة قابله خوف وقلق وحيرة لدى شرائح واسعة من التونسيين بعد أن اشتغلت آلة الدعاية السياسية المضادة في اتجاه تخويف الناس من خطاب «النهضة» ومواقفها من مجلة الأحوال الشخصية وهوية الدولة ومسألة المساواة بين الجنسين. وتعاظم من حركة «النهضة» خلال الأشهر الأولى التي تلت الثورة بعد عزل أئمة المساجد وتنصيب أئمة جدد بتزكية من القيادات. بعد مسلسل إسقاط الأئمة وحيال صمت غير مفهوم من وزارة الشؤون الدينية، أفاق التونسيون على أخبار غلق «الجماعات الإسلامية» للمواخير وبيوت الدعارة، وكاد مسلسل غلق هذه المحلات يتواصل لولا الانتقادات الحادة التي وجهت إلى «النهضة» على شبكة الـ«فايس بوك» ورفع شعار «Dégage». البحث عن عدوّ ويبدو أن بعض هذه الانتقادات أتت أكلها فتراجعت الحملات الإخوانية على بيوت الدعارة وتوقف إسقاط الأئمة وأرسلت حركة «النهضة» عبر وسائل الإعلام رسائل إلى الرأي العام تطمئنه على توخيها الاعتدال والتسامح ضمن خطاب سياسي وتصريحات إعلامية محمّلة برسائل إلى الأحزاب والجمعيات وسائر مكونات المجتمع المدني بأنها لا تريد القفز على السلطة. ويرى باحثون عرب متخصصون في الإسلاميات أن الحركات الإسلامية ـ سواء في مصر أو تونس ـ «كانت تستند إلى جدار قد انهار وبهذا أصبحت طريحة الأرض وربما ترغب هذه الحركات في النهوض من خلال صناعة عدوّ خارجي أو داخلي يجمع الناس حولها لكن الثورات لم تكشف عورات الأنظمة فقط، بل كشفت عورات المعارضة والحركات الإسلامية أيضا». وأطلق باحثون آخرون أسئلة ضاغطة حول إمكانية نجاح حركة «النهضة» في فرض وجودها وخطها السياسي والاستفادة من درس انتخابات 1989 الذي كاد يودي بها إلى «مقبرة الحركات السياسية». ويبدو أن جماعة «النهضة» واعون بهذه المسألة ويعملون بنسق حثيث على أن يكون لهم حضور متميز في المجلس التأسيسي القادم ويشاركوا في رسم ملامح المستقبل السياسي التونسي وهو ما يتطلب الاستفادة من أخطاء الماضي من حيث اختيار المرشحين ونوعية الخطاب تحسبا من انفجار تناقض بينها وبين مختلف مكونات الطبقة السياسية. وشائج بين الغنوشي وأردوغان وقد فرض الوضع السياسي الجديد على حركة «النهضة» تقييم أخطائها وتغيير لغة الخطاب وتعويض سنوات المهجر والابتعاد عن الواقع الوطني. وفي سياق المراجعة الذاتية وقطعا للطريق أمام هجمات التشكيك في صدقية الإخوان، تسرّبت بعض التصريحات على لسان الشيخ راشد الغنوشي رئيس حزب «النهضة» يقول فيها إن وشائج حركة «النهضة» هي أقرب إلى المثال التركي منه للإيراني أو السوداني مع عدم إهمال هذين التجربتين. وبرّر الغنوشي هذا الاختيار بأن تركيا تخلّت تماما عن حلمها بتطبيق الشريعة الإسلامية وحزب العدالة والتنمية التركي (الإسلامي) تخلّى عن «إسلاميته» المتشددة وقصرها على لبس الحجاب في الجامعات أو في الحياة العامة أو منع الزنا، بل يكابد منذ سنوات لإقناع دول الاتحاد الأوروبي بالانضمام إلى هذا الهيكل العملاق وقدّم تنازلات كثيرة من أجل ذلك. بهذه المنطلقات تحاول حركة «النهضة» دخول الساحة السياسية التونسية وإعادة خلط الأوراق من جديد ولا يختلف المتابعون للشأن السياسي الوطني في أنّها أعادت صناعة جانب من المشهد السياسي لكن لا أحد يعرف بدقّة ما تخبؤه «النهضة» من مفاجآت لخصومها السياسيين ولا أحد يملك الجواب عن سؤال مركزي سنحاول بدورنا الإجابة عليه «ماذا تريد الحركة الإسلامية التونسية؟». من الاتجاه الاسلامي الى حركة «النهضة»: أوجاع النشــأة وتــاريخ طويـل ترجع بدايات حركة «النهضة» في تونس الى أواخر السبعينات تحت إسم «الجماعة الاسلامية» التي أقامت أول لقاءاتها سرّا في أفريل 1972 ومن أبرز مؤسسيها راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وانضم اليهما عدد من النشطاء أبرزهم صالح كركر وحبيب المكني وعلي العريّض. ٭ تونس ـ «الأنوار»: وقد اقتصر نشاطهم في البداية على الجانب الفكري من خلال اقامة حلقات ودروس في المساجد والانخراط في جمعيات المحافظة على القرآن الكريم. وقد لقي نشاط الجماعة في البداية ترحيبا غير معلن من الحزب الاشتراكي الدستوري الذي رأى في الحركة الاسلامية سندا له في مواجهة اليسار المهيمن على المعارضة في تلك الفترة. وفي سنة 1979 عقدت الجماعة الاسلامية بشكل سرّي مؤتمرها التأسيسي الذي تمت فيه المصادقة على قانونها الاساسي، وجاء في البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الاسلامي (وهي التسمية التي أطلقها الجماعة على أنفسهم آنذاك) ان الحركة تعمل على تحقيق جملة من المهام الأساسية وهي: دعم التعريب في مجال التعليم والإدارة مع الاهتمام باللغات الأجنبية ورفض مبدأ الانفراد بالسلطة الأحادية واعتماد التصوّر الشمولي للاسلام والتزام العمل السياسي بعيدا عن اللادينية والانتهازية وبلورة وتجسيم الصورة المعاصرة لنظام الحكم الاسلامي بما يضمن طرح القضايا الوطنية في إطارها التاريخي والعقائدي. البدايات وفي عام 1985 أعلنت حركة الاتجاه الاسلامي عن مكتبها التنفيذي الثالث برئاسة راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو أمينا عاما وعضوية حمادي الجبالي وحبيب اللوز وحبيب السويسي. واعتُرف بشرعية الحركة رسميا باستقبالهم رسميا من قبل الوزير الأول محمد مزالي في قصر الحكومة تبعها اعتراف الأطراف السياسية الأخرى بها وكانت جريدة «الرأي» وسيلة هامة ساعدت على نشر أفكار الحركة فكتب على أعمدتها أسماء من أمثال عبد المجيد النجّار ومحسن الميلي. ومع قدوم بن علي الى السلطة في 7 نوفمبر 1987 تم الافراج عن رموز حركة الاتجاه الاسلامي المعتقلين في السجون واضطرّ قادتها في 8 فيفري 1989 الى تقديم طلب تأشيرة للسماح للحركة بمواصلة نشاطها تحت اسم «حركة النهضة». لكن قبل مجيء بن علي الى السلطة وتفصيل الحديث عن علاقة الاسلاميين بهذا النظام لابدّ من الوقوف على أبرز المحطات والمنعرجات في تاريخ هذه الحركة. محاكمات عقد الثنائي راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو في 6 جوان 1981 بمدينة سوسة مؤتمرا صحفيا أعلن فيه عن تغيير تسمية التنظيم ليصبح «حركة الاتجاه الاسلامي» وتقدّموا بطلب الى وزارة الداخلية للحصول على تأشيرة لكنهم لم يتلقوا اي ردّ من السلطات. في 10 جويلية من نفس السنة ألقت السلطات التونسية القبض على قيادات الحركة وتم تقديمهم في شهر سبتمبر الى المحاكمة بتهم الانتماء الى جمعية غير مرخص فيها ونشر أخبار زائفة وتوزيع منشورات معادية للنظام السياسي. وأفضت المحاكمة الى الحكم على الغنوي ومورو بالسجن عشر سنوات وأفرج عن عبد الفتاح مورو خلال سنة 1983 على اثر وساطة من الوزير الاول محمد مزالي وأفرج عن راشد الغنوشي في أوت 1984. شهد منتصف الثمانينات تناميا متسارعا للصدامات بين الحركة ونظام بورقيبة، وبلغت هذه الصدامات اوجها خلال سنة 1987 بالحكم على راشد الغنوشي بالأشغال الشاقة مدى الحياة واتهام السلطة للحركة بضلوعها في التفجيرات التي استهدفت 4 نزل سياحية في جهة الساحل. لكن الواضح ان النظام البورقيبي ومنهجه السياسي والفكري ساهم ـ باجماع المؤرخين ـ في افراز الحركة الاسلامية ذلك ان تطرّف بورقيبة في تبنّي الاطروحات الأوروبية أدى الى ردّة فعل النخب التي لا تؤمن بالبديل الغربي في تونس. الخصومة مع بورقيبة ولمقاومة مشروع بورقيبة الهادف الى تحديث الحياة الثقافية وفق المنظومات الفكرية الأوروبية، سعى أعضاء الحركة الاسلامية الى التركيز على الدروس الوعظية والحلقات في المساجد وتكثيف المحاضرات في المعاهد الثانوية والجامعات وإقامة معارض للكتاب الاسلامي والمشاركة في المؤتمرات الاسلامية التي كانت تعقد في الداخل والخارج وتركيز الدعوة في أوساط النساء لإقناعهنّ بارتداء الحجاب وتبنّى الفكر الاسلامي على أساس ان المرأة نصف المجتمع وأن النظام السياسي التونسي عمل على تغريب المرأة التونسية. واعتبرت الحركة أن بورقيبة تنكّر بإصلاحاته لإيديولوجيا الحركة الوطنية التي كان مطلبها الرئيسي صيانة الثقافة الوطنية من سياسة الاستعمار الساعي الى تهميش اللغة العربية والثقافة العربية والاسلامية. ورأى الاسلاميون المجتمع التونسي مدفوعا ـ على حد قولهم ـ الى مخطط تغريب أخلاقي ولأجل ذلك وضعوا مشروعهم الاسلامي القائم على معارضة عملية «التغريب» البورقيبية باسم الثقافة الوطنية وباسم الاسلام. تأثير الثورة الايرانية واعتبرت الحركة الاسلامية التونسية ما قام به بورقيبة من إغلاق لبعض المساجد وتطاوله على جامع الزيتونة الذي جرّده من بعض صلاحياته وتعمّده شرب الماء أثناء إلقائه خطاباته السياسية خلال شهر رمضان وترديده لتجربة كمال أتاتورك في تركيا مصدر استفزاز سياسي واجتماعي وأن المعركة هي صراع مع علمانية بورقيبة أكثر منها مجرّد خصومه مع نظام سياسي. وفي حلقات التشاور بين الغنوشي وأعضاء الحركة، كان الحديث يجري حول جدوى الدعوة الاسلامية وضرورة التركيز على الفضاءات الجامعية والتربوية لتربية جيل جديد على أبجديات الحركة الاسلامية. لكن كان مطلوبا من الغنوشي توخي المرحلية في مقاومة نظام بورقيبة وتوخي التكتيك السياسي المخادع من خلال بعث رسائل تطمين للنظام السياسي بالاعلان عن ان حركة الاتجاه الاسلامي تنبذ العنف، غير ان النظام البورقيبي لم يقتنع تماما بتلك الرسائل التطمينية بل زادت خشيته أكثر حين أعلن الغنوشي إشادته بالثورة الايرانية وبزعيمها آية الله الخميني وزادت تلك الخشية بعد تسرّب معلومات تفيد أن بعض قادة الحركة التفوا بالإمام الخميني سرّا في منفاه بباريس. إعادة قراءة الأفكار ورغم تسارع نسق الملاحقات والاعتقالات لقادة الحركة الاسلامية، فقد لجأ القياديون الى اجراء مراجعات وتعديلات في الفكر والمنهج من خلال التركيز على مفاهيم الحرية والديمقراطية كمدخل لإصلاح المجتمع التونسي مع إحياء مفاهيم التعددية السياسية والثقافية والانتصار للفئات الضعيفة والمحرومة. وفي هذه المرحلة أعاد الغنوشي وقياديو الحركة قراءة أفكار سيد قطب وحسن البنّا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين في مصر وأبو الأعلى المودودي وانفتحوا على كتابات منظّري الثورة الايرانية أمثال مرتضى مطهّري وعلي شريعتي والمفكّر العراقي محمد باقر الصدر. كما أعاد الغنوشي قراءة المشروع الديمقراطي وأحداث العنف التي سادت العالم العربي والاسلامي. ومن وحي هذه المراجعات والقراءات أسّس راشد الغنوشي حركة النهضة الجديدة التي قامت على انقاض حركة الاتجاه الاسلامي وأعلن في مبادئها عن اعترافه بالتنظيمات السياسية الأخرى وأقرّ بالتعددية السياسية والقبول بقواعد اللعبة الديمقراطية. وقد لفت أنظار المتابعين للشأن السياسي آنذاك اعتراف الغنوشي بشرعية الحركة الشيوعية لكن اعترافه لم يكن يعني تخليه عن مبدإ اقامة الدولة الاسلامية فهو يعتبر ذلك فرضا على كل مسلم والشرعية في النظام الاسلامي هي الالتزام الكامل بما أنزل الله والقبول بالاحتكام الى شرع الله. وأثارت هذه الازدواجية ردود فعل بعض القوى العلمانية في تونس التي اتهمت الشيخ راشد الغنوشي بتوخي اسلوب المناورة واستخدام الوسائل الديمقراطية كمطية للاعلان في مرحلة لاحقة عن إقامة نظام أموي على الطراز الايراني. في المقابل كان اليسار التونسي يعيش أزمة بنيوية وحالة من التشرذم في صفوفه وبداية انهيار تأثيره في الفضاءات الجامعية، ومع حلول منتصف الثمانينات تعاظم وجود حركة الاتجاه الاسلامي داخل الاطر النقابية الطلابية. بداية الانفراج وفي منتصف الثمانينات شهدت الحركة بداية انفراج بينها وبين حكومة محمد مزالي، ولعب الدكتور حمودة بن سلامة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان آنذاك دور الوساطة للتقليص من حدة الخصومة بين الحكومة والتنظيم الاسلامي وقد نقل صلاح الدين الجورشي (الذي انشق عن حركة الاتجاه الاسلامي) شروط حكومة مزالي الى الحركة تمحورت حول ضرورة تخليها عن اعتبار نفسها حزبا سياسيا والتوقف عن سياسة تسييس المساجد واحترام القانون وإدانة العنف. وكان أن استجابت الحركة لشروط الحكومة ضمن بيان أعلنت فيه عن عدم لجوئها مستقبلا الى العنف ونبذه كوسيلة في العمل السياسي. واستجابت الحكومة بدورها لهذا الاعلان واعتبرته خطوة ايجابية مهّدت بعد ذلك لإطلاق سراح مساجين الحركة وقيادييها ولقي هذا التجاوب ترحيبا من أحزاب المعارضة ورابطة حقوق الانسان. المعركة مع بن علي مع قدوم الجنرال العسكري زين العابدين بن علي الى السلطة وانقلابه على الحبيب بورقيبة وترهّل الدولة الوطنية وانخرام موازين القوى الاقتصادية والاجتماعية وتوتّر العلاقة بين النظام ومعارضيه من اليساريين والاسلاميين بالخصوص، حاول راشد الغنوشي ورفاقه الخروج من دائرة التوتّر والصراع مع السلطة فبادر الى مباركة مجيء بن علي في 7 نوفمبر 1987 واعتبر نظامه تجديديا وضروريا لتجديد تونس وإخراجها من عنق الزجاجة وبناء الديمقراطية إلا أنه جرى اعتقاله مجددا في عهد بن علي. ورغم تخلي الشيخ راشد الغنوشي عن تسمية «حركة الاتجاه الاسلامي» والاعلان عن حلّها وتأسيس حركة النهضة كبديل لها ورفضها ورود كلمة «إسلام» في التسمية، الا ان النظام ظل يعتبر الغنوشي وجماعته مصنّفين في خانة الرجعيين الظلاميين ويشكلون خطرا على الحداثة والتنوير وعلى صورة تونس في عيون أوروبا. تأسيس حركة «النهضة» وفي سنة 1988 أعلن الاخوان رفقاء الغنوشي عن تأسيس حركة النهضة الا انهم لم يحصلوا على التأشيرة الرسمية واستقرّ الصدام بينهم وبين السلطة وفي هذه المرحلة أصدرت الحركة جريدة ناطقة باسمها أطلقوا عليها «الفجر» ومرّروا من خلالها رسائل الى السلطة لإقناعها بأن الحركة تنبذ العنف وأن ما يلصق بها من اتهامات هو مجرّد افتراء حتى يكون فتيل الصراع متوقّدا بين الحركة والنظام، إلا ان السلطة أصرّت دائما على ان الحركة غير شرعية وتطمح الى الاستيلاء على نظام الحكم. ومع حلول عام 1989 أطلقت السلطات التونسية سراح راشد الغنوشي لكن حركة النهضة عاشت أزمة داخلية كادت تعصف بها بسبب الخلافات بين أعضائها الذين قدّم بعضهم استقالته من الحركة وكان أبرز المستقيلين عبد الفتاح مورو على إثر خلافه مع راشد الغنوشي كما استقال كوادر منهم الهاشمي الحامدي. ومع تفاقم الهزّات داخل الحركة، استطاع النظام استغلال التصدع الداخلي باستمالة بعض كوادر الحركة والمضي بهذا التصدع الى منتهاه وتفكيك التنظيم من الداخل تمهيدا للاجهاز عليه تماما. ويبدو ان السلطة السياسية التونسية كانت تحاول النسج على منوال السلطة في الجزائر آنذاك التي نجحت الى حدّ ما في ضرب الحركة الاسلامية هناك المعروفة بالجبهة الاسلامية للانقاذ واستطاعت استقطاب بعض كوادرها بتسليمهم حقائب وزارية في الحكومة أمثال سعيد قشّي الذي عيّن وزيرا للتشغيل وأحمد مراني الذي تحمّل حقيبة وزارة الشؤون الدينية وأودعت أخطر رجلين في الحركة السجن وهما عباسي مدني وعلي بلحاج بتهمة التآمر على أمن البلاد ومحاولة قلب نظام الحكم وارتكاب العنف المنظّم. سنوات الجمر مع مستهل التسعينات عرفت تونس أحداث عنف دامية جرى على إثرها اعتقال العديد من القياديين في حركة النهضة ومنهم حمادي الجبالي رئيس تحرير جريدة «الفجر» الناطقة باسم الحركة وصدر في شأنه حكم قضائي بالسجن مدة 15 عاما، وبالتوازي مع قضية الجبالي، أصدرت المحكمة حكما بالسجن المؤبد ضد الشيخ راشد الغنوشي في 28 أوت 1992. ويشير الأستاذ أعلية العلاني الباحث المتخصص في الحركات الاسلامية الى أن حبل الودّ بين السلطة وحركة النهضة انقطع مع نهاية الانتخابات التشريعية التي جرت خلال سنة 1989 وقد قرر الشيخ راشد الغنوشي بعد مضي شهر تقريبا مغادرة البلاد بحجة أداء فريضة الحج ومنذ ذلك التاريخ لم يعد الى أرض الوطن إلا بعد قيام ثورة 14 جانفي 2011. وإذا استثنينا الأشهر القليلة التي تلت تاريخ وصول بن علي الى الحكم في نوفمبر 1987 والتي وصفت «بأشهر الحوار بين الحركة والنظام» تخللها لقاء ثنائي بين بن علي والشيخ راشد الغنوشي وتوقيع المحامي والقيادي في النهضة نور الدين البحيري نيابة عن الحركة على مبادرة الميثاق الوطني، فإن باقي السنوات كانت توصف بسنوات المحنة في تاريخ النهضة التي دخلت مسلسل محاولات استئصال من الداخل لم تشهد لها مثيلا في أحلك فترات صدامها مع بورقيبة. ويجمع المؤرخون على أن نظام بن علي وقف على «تغوّل» حركة النهضة والخطر الذي قد تشكله على السلطة فالقائمات المستقلة ذات اللون البنفسجي التي استطاعت النفاذ بقوة الى الأحياء الشعبية واجتياح الذراع الطلابية للحركة (الاتحاد العام التونسي للطلبة الذي تم حلّه لاحقا) للفضاءات الجامعية وسيطرته على أغلب مجالس الكليات جعل السلطة والحزب الحاكم يتحركان بسرعة وبشراسة للتخطيط الهادف الى القضاء نهائيا على الحركة الاسلامية التي بدأت تُحكم سيطرتها على عدد كبير من المساجد والأحياء الشعبية. وشرعت السلطة في تنفيذ مخططها الرامي الى تفكيك عظام الحركة من الداخل واجتثاثها من الواقع الاجتماعي والسياسي فأعلن بن علي صراحة في خطابه يوم 7 نوفمبر 1989 عن منع قيام اي حزب على أساس ديني في إشارة واضحة لحركة النهضة. وكان تعيين المرحوم محمد الشرفي على رأس وزارة التربية، المعروف بعدائه للأصوليين، الخطوة اللاحقة في مخطط السلطة للحيلولة دون أسلمة المؤسسات التربوية والجامعية وهو ما أثار غضب القياديين في الحركة وأصدروا بيانا في أكتوبر 1989 طالبوا فيه بإقالة هذا الوزير واتهموه بزرع العلمانية في البرامج التربوية واجتثاث الحركة من الفضاءات التربوية والجامعية وبالعمالة للجهات السياسية الفرنسية. عودة الخصومة وأمام هذا المخطط حصل لدى كوادر حركة النهضة شبه يقين بأن أبواب الحوار والتواصل مع نظام بن علي قد بدأت توصد الواحد تلو الآخر حاولت تغيير تكتيك التعامل معه بتنظيم المسيرات وإصدار البيانات المنددة بالسياسات المتبعة خاصة مع اندلاع حرب الخليج خلال سنة 1990 وصرّح الغنوشي من منفاه في لندن بوجوب مناصرة الشعب العراقي. لكن المفاجأة صنعها آنذاك عبد الفتاح مورو الذي أصدر موقفا مناقضا لموقف الغنوشي حيث ندّد بالغزو العراقي للكويت ومناصرة الشق الخليجي وهو ما يعكس التباين والخلاف بين الرجلين رغم ان بعض المتابعين للشأن التونسي آنذاك رأوا في هذا التناقض مناورة تعكس ازدواجية الخطاب الذي تتقنه الحركة. وكانت الخطوة الموالية في مخطط ضرب الحركة الاسلامية تعطيل صدور جريدة «الفجر» الناطقة باسم الحركة في شهر ديسمبر 1990 بحجة نشرها بيانات للشيخ الغنوشي من منفاه في بريطانيا تحرّض على العنف والفوضى وإثارة الرأي العام والمساس بالأمن العام. مخطط الاستئصال وذهبت السلطة أشواطا أخرى في مخطط استئصال الحركة وكانت الضربة الموجعة للغنوشي ورفاقه سنة 1991 حين أعلنت وزارة الداخلية عن اكتشافها لما أسمته «تسرّب عناصر حركة النهضة الى المؤسستين الأمنية والعسكرية ومحاكمة 300 شخص من أجل تهم التأهّب لتنفيذ عمليات ارهابية في الضواحي الجنوبية للعاصمة تستهدف ثكنة الجيش بالزهراء وعدد من مراكز الأمن وإقامات شخصيات سياسية واتهم وزير الداخلية آنذاك حركة النهضة بأنها «وجهت تعليمات الى مجموعات للقيام بهذه العمليات وضلوعها في ما أسماه «محاولة قلب نظام الحكم». وكان المنعرج الموالي في محنة حركة النهضة حصول ما أطلق عليه بـ «حادثة باب سويقة» واتهام قياديي الحركة بحرق مقرّ لجنة تنسيق التجمع الدستوري الديمقراطي بباب سويقة على الساعة الخامسة صباحا من يوم الأحد 17 فيفري 1991 نجم عنها وفاة أحد حارسي المقر فتمّت إحالة 28 شخصا صدرت ضدّهم أحكام بالسجن اثر محاكمة وصفتها الحركة «بالمستعجلة» وصلت الى حدّ الحكم بالإعدام في حق خمسة منهم. سنوات المنفى في الخارج كان السؤال يلحّ على الشيخ راشد الغنوشي والمقيمين معه في المنفى «كيف السبيل للمحافظة على التنظيم خارج البلاد؟». قرر الشيخ ورفاقه مواصلة العمل بمن تبقى من عناصر التنظيم بالداخل ممن لم تشملهم الاعتقالات الأمنية والمحاكمات. ولإنقاذ الحركة من الاندثار والتشرذم بادر شباب النهضة المقيم في الخارج الى عقد المؤتمر السادس للحركة خلال سنة 1995 وانتخبوا بالاجماع الشيخ راشد الغنوشي رئيسا للحركة عوضا عن الصادق شورو، وبهذا المؤتمر استطاعت الحركة انقاذ هيكلها المؤسساتي من الانهيار ولم يكن من الصعب بعد ذلك عقد المؤتمر السابع سنة 2001 والمؤتمر الثامن في العاصمة البريطانية لندن سنة 2007 وكان المطلب المركزي الذي يتكرر دائما في كل هذه المؤتمرات «إطلاق سراح مساجين النهضة» وهو المطلب الذي تحوّل في ما بعد بمساعدة بعض الجمعيات الحقوقية والأحزاب الى مطلب «العفو التشريعي العام». ودخلت حركة النهضة بعد ذلك في اتباع منهج تحرّك جديد تمثل في تنظيم التظاهرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية المتكررة أمام السفارات التونسية في العواصم الاوروبية وجمع العرائض المناهضة للضغط على النظام السياسي التونسي الذي بدأ في الرضوخ تدريجيا لهذا الضغط المصحوب بدعم من الشركاء الأوروبيين والأمريكيين وكان أن شرع بن علي في اطلاق سراح بعض مساجين النهضة على دفعات وبطريقة غير معلنة حتى لا يُنعت بالضعف والتنازل المجاني. مصادر للتمويل وبالتوازي مع هذه الضغوطات والتحرّكات السياسية الذكية المعلنة وغير المعلنة، سعت حركة النهضة الى خلق مصادر جيّدة لتمويل تحرّكاتها تأهبا لموعد العودة الى النشاط العلني من جديد على أرض تونس رغم ان لا أحد من قادة النهضة كان يعلم تاريخ هذا الموعد، فشرعت في انشاء مدارس وشركات وسلسلة من المطاعم في بعض العواصم الأوروبية سيما في فرنسا وبريطانيا وألمانيا تدرّ أموالا طائلة على خزينة الحركة. واستطاعت من خلال هذه التمويلات تقديم مساعدات مالية الى أنصارها في تونس ممن تم الافراج عنهم او الى عائلات المساجين راغم ان الجهاز الأمني كان من حين لآخر يكتشف بعض خلايا توزيع الأموال المتأتية من الخارج ويحيل عناصرها الى المحاكمة. ورغم اعلان بعض أعضاء الحركة من الصفّ الثاني والقاعدي عن انسلاخهم منها لأسباب مختلفة منها ما هو شخصي ومنها ما هو سياسي، فإن حركة النهضة ظلت محافظة على صلابة بنيتها بالتفاف جماعة الخارج حول شخص الشيخ راشد الغنوشي وجماعة الداخل الذين يمثل الصادق شورو ومحمد العكروت وحمادي الجبالي وعلي العريّض وزياد الدولاتلي وفاضل البلدي وقياديين آخرين أبرز رموزهم، وظلّ التواصل قائما بين من في الداخل ومن في الخارج. وبالمحصلة فإن عقدين من الزمن والمنفى والسجون والمحاكمات لم يمنحا نظام بن علي فرصة النجاح في استئصال حركة النهضة من منابتها وخلخلة جهازها التنظيمي من الداخل. الناطق باسم حركة «النهضة» لـ «الشروق»: هذا ما قلنا للأمريكان ولمن شككوا في توجهات الحركة تدافعت الأسئلة في رأسي بعد قراءة صفحات طويلة من الوثائق التي أرّخت لحركة «النهضة» والاستماع الى شهادات بعض من درسوا هذه الحركة وواكبوها وكان لابدّ من ايجاد أجوبة أحد قادة الحركة على الاسئلة الكثيرة فكان هذا اللقاء. تونس ـ «الشروق» الاسئلة يتداولها المتابعون للشأن السياسي التونسي وكذلك الشارع حول عودة حركة «النهضة» الى الوجود من البوابات المشروعة ولعلّ أوكد هذه الاسئلة وأكثرها تردّدا على ألسنة الناس «ماذا تريد حركة النهضة وإلى ماذا يطمح قياديوها؟». قصدت المسالك المؤدية الى مقرّ حركة النهضة المتمترس بلافتته العملاقة وسط عمارات مونبليزير بالعاصمة، هناك التقيت بالأستاذ نور الدين البحيري عضو المكتب السياسي للحركة والناطق الرسمي باسمها وأحد رفقاء الدرب الذين ناضلوا جنبا الى جنب مع الشيخ راشد الغنوشي زعيم الحركة ومؤسسها، وعاش المحامي البحيري كل ردهات تاريخ الحركة واكتوى ـ كما اكتوى آخرون ـ بلسعات نظام بورقيبة ونظام بن علي وشهد كل خصومات الحركة وصداماتها مع السلطة واختار البقاء في تونس حين قرّر زعيم الحركة وبعض قادتها وكوادرها الرحيل الى العواصم الأوروبية هروبا من غياهب السجون والمحاكمات المتلاحقة التي كان يستخدمها النظام لاستئصال الحركة من ينابيعها. جرى اللقاء على مدى ثلاث ساعات مع الاستاذ نور الدين البحيري حاولت خلاله المضي بالأسئلة الى أقصى حد ممكن. سألته: عادت حركة النهضة الى الوجود من جديد في الساحة السياسية التونسية بعد الحصول على تأشيرة تأسيس الحزب من وزارة الداخلية وعاد شيخ الحركة الى أرض الوطن وسط ردود فعل متباينة تراوحت بين رافض لهذه العودة ومشكك في نوايا قياديي الحركة ومؤيد لها لكن الواضح ان الحركة أعادت خلط الأوراق والحسابات فكيف واجهت كل هذا؟ أجابني: الثابت ان حركة النهضة لها مكانتها في الساحة السياسية التونسية حتى في مراحل القمع الذي مارسته السلطة التونسية في حق قيادييها ومناضليها وكان حضورها منتظما داخل البلاد رغم المنع والملاحقات لفترة دامت حوالي 20 سنة وحافظت على هذه المكانة رغم ظهور تيّارات ذات مرجعية اسلامية تستمد رؤاها من قنوات تلفزية ومن بعض مشايخ الصحوة لأن الساحة السياسية الوطنية في حاجة لتيار اسلامي يعبّر عن توق نحو تطوير الفكر وقراءة الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي بشكل جيّد وتقديم البدائل للقضايا والاشكاليات ويكون متجذّرا في هويته العربية والاسلامية وما تحتاجه تونس هو تيار اعتدالي وسطي يرفض الغلو والانزلاق نحو الأقصى سواء في الفكر او في السلوك. وقد سعينا لتقييم مسار الحركة قبل ثورة 14 جانفي للوقوف على نقاط الضعف وتوصلنا الى وضع تقييم شامل لتجربة الحركة وصياغة ورقة حول العمل السياسي لحركة النهضة وبادرنا بلمّ شمل أبناء الحركة، وتفاديا لنتائج التداعيات السياسية قدمنا مطلب التأشيرة في فيفري 2011 والاعلان عن هيئة تأسيسية جديدة تضمّ عناصر من الداخل والخارج لقيادات النهضة لكن واجهنا اثر ذلك بعض الصعوبة في التواصل مع الناس وعملنا على ربط قنوات للتواصل مع فئات التونسيين والتعريف بالحركة وبمبادئها رغم الأحكام المسبقة التي ساقها البعض وتخوّفهم من نوايا الحركة. سألته: هل غيرتم أساليب التعامل مع الناس والتعاطي مع الوضع السياسي في تونس؟ أجابني: تسلّحنا بخطاب قادر على التعبير عن حقيقة الحركة ويرفع عنها الكثير من اللبس ولا ننسى رمزية الحركة وتاريخها الطويل وتضحيات قيادييها لكن كانت هناك ردود فعل تتراوح بين الإحساس بالشفقة والتعاطف مع الحركة وتقدير رموزها وهو ما ساعدنا على سرعة الاندماج وكما أسلفت فإن تونس بحاجة الى تيّار فكري سياسي يوفّق بين التجذّر في الواقع الاجتماعي والتمسّك بالهوية العربية الاسلامية ومنفتحا على الحداثة ويرفض الغلوّ وله مواقف واضحة من المسائل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ويحاول ان يعبّر عن جزء من تطلعات الناس وحقوقهم الاجتماعية وقد اكتسبنا قدرة على ردّة الفعل السريعة وما فاجأنا أن الكثير من الشباب والبنات المحجبات وغير المحجبات والمتديّنين وغير المتدينين انتموا الى الحركة بل لاحظنا ان غير المحجبات اللاتي انتمين الى الحركة كنّ أكثر عددا من المحجبات، لذلك فإننا نجحنا في ما فشلت فيه بعض التيارات والأحزاب الأخرى التي حاولت تعديل ايديولوجياتها ومنظوماتها الفكرية وفشلها كان في عدم فهم ما يريده التونسيون لأن التونسي عربي ومسلم في تركيبتهم الذهنية. سألته: هل تزعجكم كثرة الأحزاب الناشئة بعد الثورة ومحاولات بعضها تأليب الرأي عليكم؟ أجابني: التعددية السياسية ضرورية فلا يمكن رسم مستقبل واضح للبلاد إذا لم يكن الخيار مبنيا على حوار عميق بين كل الأطراف ومنافسة فكرية وسياسية حقيقية ومن واجب النخب التونسية تجنّب الوقوع في كارثة 1956 حين واجه بورقيبة الرأي المخالف له بالقمع وظهور حزب قويّ عمل على توظيف التنظيمات النقابية والمهنية لتكون في صفّه ومؤيدة له وأفرغ الاستقلال من محتواه لذلك يجب ان تستفيد النخب التونسية من هذه التجربة وتتجنّب الوقوع في أخطائها وانحرافاتها وتحمي التعددية كما يجب ان يكون المجلس التأسيسي تعدديا وعلينا ان نحول دون أي تحالف بين المنظمات المهنية والنقابية والأحزاب السياسية حتى لا يقع السطو على القرار وبالتالي على إرادة الشعب وهذا الكلام ينسحب على النهضة وغيرها من الأحزاب. سألته: هل تخشون تحرّكات بعض الأطراف المحسوبة على المجتمع المدني وتحالفاتها غير المعلنة مع أحزاب سياسية تحضيرا لتكتيك انتخابي؟ أجابني: على المجتمع المدني التونسي ان يرفع أيديه عن الأحزاب لأن مكوّناته كانت جزءا من الازمة التي عاشتها تونس إبان حكم بن علي الذي سيطر على هذه الكيانات وجعلها تعبّر عن سياساته وتونس اليوم في حاجة الى إعادة بناء المجتمع المدني والمحافظة على استقلاليته لأن المجتمع المدني المهيكل هو الضامن لعدم تغوّل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية. سألته: هل ترمي من هذه التلميحات الى مساعي الاتحاد العام التونسي للشغل لتشكيل قائمات انتخابية؟ أجابني: مساعي اتحاد الشغل لإعداد قائمات انتخابية هو استنساخ لتجربة 1956 وأستبعد ان ينجح التحالف المهني والنقابي مع أحزاب سياسية. سألته: هل ستواصل مساعيكم للدخول في تكتلات مع أحزاب أخرى قبل انطلاق انتخابات المجلس التأسيسي؟ أجابني: علينا النجاح في المرحلة الانتقالية والوصول بسلام الى الانتخابات المقبلة ويجب على كل التشكيلات السياسية التي ستفوز بمقاعد في المجلس التأسيسي أن تتعايش بعيدا عن مطامع الاستحواذ على القرار وإحداث انقسامات داخل المجلس وقد عرضنا على بعض الأحزاب الدخول في تحالف ومنها حركة التجديد وحزب العمال الشيوعي والحزب الديمقراطي التقدمي وننتظر ردودهم لكن ما لاحظته ان الحسابات السياسية اليوم يسيطر عليها هاجس احتساب المقاعد في المجلس التأسيسي والفوز بأكبر عدد ممكن. سألته: هل لديكم تصوّر للدستور الذي سيعمل المجلس التأسيسي على صياغته؟ أجابني: طبعا، أعددنا مشروع دستور متكامل لا يختلف كثيرا عن المشاريع التي عُرضت في المدة الأخيرة ويرتكز مشروعنا على جملة من المبادئ وهي: 1ـ بناء دولة مدنية حديثة بكل ما تحمله كلمة مدنية من معان سواء في علاقة الدولة بالمواطنين وبالخارج او في علاقة المواطنين ببعضهم البعض. 2 ـ نظام جمهوري يكرّس سيادة الشعب عبر انتخابات حرّة نزيهة وفصل بين السلطات ومنع كل مداخل الاستبداد والانفراد بالرأي ولذلك طالبنا بنظام برلماني معدّل يكون منتخبا من الشعب والرئيس يكون منتخبا ورئيس الحكومة يتم تعيينه من قبل رئيس الدولة باقتراح من البرلمان وتحديدا من الكتلة البرلمانية الأكثر عددا لضمان تحقيق الاستقرار السياسي والتوازن بين البرلمان ورئيس الجمهورية والحكومة والرئيس يتابع عمل الحكومة وله حق اتخاذ الاجراءات التي تضع حدّا للتجاوزات والاعتراض على ما يصدره البرلمان من قوانين إذا كانت تمسّ بالثوابت المشتركة. 3 ـ قيمة المواطنة مع ما ينتج عنها من ضمان للمساواة بين جميع التونسيين. سألته: قيل كلام كثير عن موقفكم من مسألة الهوية اي هوية الدولة، أريد توضيحات حول هذه المسألة؟ أجابني: تبقى تونس دولة مستقلة دينها الاسلام ومن مصلحة كل الأطراف عدم تحرير المقدّس وحشره في التجاذبات الحزبية وتحرير أماكن العبادة وعدم احتكار الاسلام او التحدث باسمه ونحن كحزب سياسي مدني من حقّنا ان نستلهم آراءنا وأفكارنا من اي خيار نشاء. سألته: نقلت وثائق ويكيليكس معطيات عن محادثات جرت بين السفير الأمريكي بتونس وبعض قيادات حركة النهضة خلال السنوات القليلة الماضية، أيعني هذا أنكم في تنسيق وتواصل مع السفارة الأمريكية ومن ورائها الإدارة الأمريكية؟ أجابني: حركة النهضة هي تعبير عن تيار مجتمعي وسطي معتدل وهذا قلناه للأمريكان فتلك حقيقتنا ومن حقنا التعريف بأفكارنا وتوجهاتنا وتبليغ آرائنا ليكون الحكم علينا موضوعيا ومن خلال قناعاتنا لا من خلال ما يروّج عنّا. المخابرات الأمريكية: الإسلام المتطرّف سينمُو بنسق متزايد في 2020 في تقرير أصدرته المخابرات الأمريكية سنة 2005، أبدت الولايات المتحدة خشيتها من أربعة سيناريوهات من بينها ما أسماه خبراء الوكالة بسيناريو «الخلافة الجديدة» وقالت إنها حركة شاملة قد تغذيها سياسة هوية دينية أصولية تشكل تحديا لثوابت الغرب وقيمه. تونس «الشروق» جاء في التقرير أن انتشار الإسلام المتطرف سيكون له كبير الأثر إلى حدود عام 2020 وستلقى الدعوة للرجوع إلى جذور الحضارة الإسلامية بعض الاذان الصاغية ويتنامى الإسلام الراديكالي المتطرف بشكل تصبح الحكومات العربية غير قادرة على مجابهته. ويعتبر مركز نيكسون للدراسات والبحوث أنه على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في مجموعة الثمانية تخصيص 1٪ من الناتج الإجمالي لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمسلمين، ويعتبر المركز أن مثل هذا الجهد سوف يكون مقنعا لدحض مقولة أن النظام الرأسمالي الديمقراطي هو فقط للأغنياء. ويؤكّد المركز في تقريره الصادر في ماي 2010 أن معركة الأفكار هي في المقام الأول حرب أهلية فقهية داخل العالم الإسلامي، وهي حرب الولايات المتحدة الأمريكية غير مجهزة لخوضها ولكن يمكن مع ذلك أن تساعد المعتدلين للكشف عن الطبيعة الحقيقية لأشد خصومهم. ونصح مركز نيكسون الإدارة الأمريكية بمساعدة المسلمين المعتدلين من خلال «توفير منافذ إلى وسائل الإعلام وإمكانيات النشر والتوزيع لمواجهة الاثار الناجمة عن أدبيات الحرمات الإسلامية المتشددة ولا بد من استراتيجية دولية جديدة لمكافحة انتشار ثقافة التطرف على شبكة الانترنت والتصدي لكل منشورات الحركات المتطرفة». كما نصحها بتشجيع الحكومات في الدول الإسلامية للسماح لمنظمات إسلامية وتعزيز التسامح والحوار بين الأديان. وانتهى تقرير المركز إلى التأكيد على أن حرب الولايات المتحدة الأمريكية ضد الحركات الإسلامية المتطرفة وخصوصا تلك التي تعتبرها «الشيطان الأكبر» تستدعي من المسؤولين في الإدارة الأمريكية التفاعل مع المسلمين وتلقي تدريبات حول ثقافات المسلمين وطريقة تفكيرهم والاطلاع على قيمهم وتقاليدهم مع توخي الحذر الشديد في التعامل مع أي قضية يطرحها الإسلاميون المتشددون وتجنّب اعتماد المقاربات المعقدة والتعامل مع الحركات الإسلامية المعتدلة بكل تواضع لدحض ما يروّج عن الأمريكيين بأنهم متغطرسون وقوة بطش ضاربة في العالم. وقد أدركت الإدارة الأمريكية وصانعوا القرار فيها أنهم قد انجرّوا في السنوات الأخيرة إلى حرب مع الإسلام بسبب تزايد وتيرة الهجمات العسكرية الأمريكية على المساجد والأضرحة وغيرها من الرموز الهامة للمسلمين في العراق. وعلى الرغم من أن تكتيك ملاحقة المتمردين المختبئين في الأماكن الدينية الهامة قد يكون منطقيا ومثاليا ـ حسب تقرير نيكسون ـ فإن الولايات المتحدة تخسر الحرب الايديولوجية إذا استمرت في هذه الإجراءات ولذلك كان واضحا خلال السنوات الأخيرة أن أمريكا خسرت معركة التصورات والمفاهيم في العالم الإسلامي والعمليات العسكرية في المواقع ذات الأهمية الدينية للمسلمين سوف تفسّر على أنها استمرار للحرب على الإسلام. وفي تونس تعاملت الإدارة الأمريكية مع الحركات الإسلامية بشيء من الريبة والحذر، وقد كشفت وثائق ويكيليكس حول حركة النهضة عن قرب استغناء أمريكا عن خدمات الحركة. وأشارت وثائق وبرقيات السفير الأمريكي بتونس الواردة في ويكيليكس إلى وجود علاقة جيدة جدا في السنوات الأخيرة بين بقايا حزب النهضة الإسلامي التونسي في عهد الرئيس المخلوع وفي الزيارات التي أداها بعض قادة النهضة كان الحديث يجري حول وضع الإسلام في تونس وتزايد التديّن في البلاد وقال السفير في إحدى برقياته «أن العلاقة بين السفارة وحركة النهضة جيدة» وكان زياد الدولاتلي عضو المكتب السياسي للحركة كثير التردد على السفارة ويسعى دائما لإقناع السفير بأن النهضة تمثل الإسلام المعتدل في تونس وخطهم الاعتدالي هو ما تبحث عنه الولايات المتحدة الأمريكية. لكن برقيات السفير الأمريكي التي يوجهها إلى الخارجية الأمريكية كانت تورد كلمة معتدلين بين مزدوجين في سياق الحديث عن خط النهضة الإسلامي. ويقول المسؤول الأمريكي بالارد في إحدى البرقيات أن السفارة سعيدة بالتعامل مع مسؤولي النهضة لكنها لا تأمل تغييرا كبيرا في المستقبل السياسي التونسي. حركة الإسلاميين التقدميون (15 ـ 21): ولدت من رحم الاتجاه الإسلامي وأجهضت بسرعة في نهاية السبعينات ظهر تيار فكري جديد في مصر انسلخ رواده عن حركة الاخوان المسلمين ومن أبرز منظريه د. حسن حنفي وفي تونس ظهر كتيار على هامش حركة الاتجاه الإسلامي. تونس ـ (الشروق) الإسلاميون التقدميون كما يصفهم حسن حنفي هم أعضاء «تيار قادر جمع بين التراث الإسلامي وقضايا العصر ويلتزم بالفكر الإسلامي بمنهج واقعي وتحديثي يحاول كسر جدار الثلج بين عدة اتجاهات فهو يؤكد على الإسلام ومبادئه وينطلق منه ولكنه يقرؤه قراءة عصرية وفقا لمقتضيات الفترة الزمنية الراهنة بخلاف الإسلام السياسي الذي يقرأ الإسلام قراءة سياسية. ويضيف حسن حنفي أن مشروع الاسلام التقدمي أو ما أطلق عليه «اليسار الإسلامي» هو الدولة المدنية الديمقراطية بخلاف تيار الإسلام السياسي الذي ينادي بدولة الخلافة وإن تغير اسمها في بعض الأحيان. بداية الانشقاق مع اشتداد حركة الصراع الاجتماعي والنقابي في تونس وانفجار الأزمة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب والحكومة واندلاع أحداث قفصة العسكرية التي أطاحت بالوزير الأول الهادي نويرة الذي أصيب بشلل نصفي أقعده عن الحركة واستبدال بورقيبة له بمحمد مزالي كانت حركة النهضة تعيش صراعا إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا وحربا مفتوحة مع السلطة ومع الحركة اليسارية. بدأت مؤشرات التصدع الداخلي تبرز في الحركة الإسلامية التونسية بسبب الاختلاف في الأفكار والمبادئ والتعاطي مع الشأن السياسي التونسي فكانت القطيعة بين حميدة النيفر والجماعة الإسلامية عندما حاول نشر مقال في مجلة «المعرفة» الناطقة باسم الحركة وكان آنذاك رئيس تحريرها انتقد فيه تجربة الإخوان المسلمين لكنه فوجئ بسحب مقاله من المطبعة دون علمه فقرر الاستقالة من التنظيم والمجلة. وأعلن حميدة النيفر آنذاك قائلا :« اعتبرت بعض كتاباتي بمجلة المعرفة خروجا عن الخط الرسمي للتنظيم ونشرا لغسيل الحركات الإسلامية». بعد استقالة النيفر قررت الحركة تعيين صلاح الدين الجورشي رئيس تحرير للمجلة وهو أحد كوادر التنظيم آنذاك وصديق حميدة النيفر. لكن الجورشي لم يعمر طويلا في رئاسة تحرير المجلة حيث تم حذف اسمه من المجلة تمهيدا للتخلص منه نهائيا أو قال الجورشي آنذاك «فوجئنا بنوع من الحركة الانقلابية بطريقة لا أخلاقية ولا قانونية بدون إعلامي» ويؤكد أنه وجد نفسه رفقة صديقه احميدة النيفر «بدون هوية وتأخذنا الحركة إلى طريق تبني نموذج الإخوان الذي نرى أنه فشل تاريخيا فرفضنا كل ذلك وانتهينا إلى تأسيس مجموعة الاسلاميين التقدميين». انسحابات ويثير الباحث المتخصص في تاريخ الإخوان توفيق المديني إما أن «وصول الأصداء الأولى للثورة الإيرانية عجزت الأطر التي كانت متحكمة في أجهزة الجماعة التنظيمية عن أن تستوعب التطورات والتحولات أو أن ترسي حوارا جديا في الداخل أو عبر مجلة المعرفة مما أدى إلى انسحاب جماعي من الحركة وتكوين نشاط مستقل عرف بعد ذلك بالاسلاميين التقدميين لكن الجسم الأصلي لم يستطع إعادة الاستقرار النظري والتنظيمي الذي كانت المؤسسة الحركية تجهد نفسها لتحقيقه إثر عملية الإنشقاق. واستطاع تيار الإسلاميين التقدميين أن يجمع بعض الأنصار وعقد مؤتمره التأسيسي في جوان 1980 معلنا توجهه العقلاني في قراءة الفكر الإسلامي وإجراء عملية مراجعة لأدوات دراسة التاريخ الإسلامي وتاريخ حركة الإخوان المسلمين وخصوصا منهج حسن البنّا وسيد قطب إلاّ أن هذا التيار ظل أقليّا. وقد علق الشيخ راشد الغنوشي زعيم الحركة الإسلامية على انفصال النيفر والجورشي قائلا أن هذا «الانشقاق حدث في منعطف هام من تاريخ الحركة الاسلامية في تونس بعض أجزاء هذا الجسم ذهبت شظايا ولم تتمزق الحركة وإنها فقدت بعض عناصر مهمة فيها…تقديرنا أن هذه العناصر لم تصبر على ضرورات التطور. أسئلة الجورشي واستنادا إلى رواية قدمها صلاح الدين الجورشي في منتدى الجاحظ التابع لحركة الإسلاميين التقدميين فإن السلطة كانت تبذل مساعي حثيثة من أجل توظيف الاسلاميين التقدميين لضرب بقية التيارات لذلك أوقفت الحركة إصدار مجلتها المعنونة (15ـ21) وجمعية الاسلاميين التقدميين ومنتدى الجاحظ الذي أعيد استئناف نشاطه خلال السنوات الأخيرة كفضاء مفتوح للفكر الحرّ. وقال الجورشي عن حركة النهضة أنها الأكثر قدرة على ترتيب أولوياتها بشكل يجعلها ذات وزن في المرحلة المقبلة ولكنها تجد منافسة مع السلفية وحجم هذه المنافسة يبقى محكوما بما ستؤول إليه هذه الظاهرة هل ستقع انقسامات في المستقبل أم لا؟ وكيف ستتعامل معهم السلطة؟ وهل ستستفرد في سياسة الإقصاء أم ستحدث معجزة سياسية وتشهد اندماجا للإسلاميين في السياسة؟ محطات في تاريخ الحركة الإسلامية في تونس ٭ 1950 تأسيس لجنة صوت الطالب الزيتوني على أيدي مجموعة من الطلبة الزيتونيين، وقد دخلت هذه اللجنة في صراعات مع الحكومة خاصة في فترة شنيق وبن عمار على خلفية المطالبة بإصلاح التعليم الزيتوني ودعمه. ٭ 1971 راشد الغنوشي ينضم الى جمعية المحافظة على القرآن الكريم التي بدأت تمارس نشاطات أهمها الدعوة والتبليغ إلاّ أن الحزب الدستوري تدخل وأوقف بعض هذه النشاطات فخرج الغنوشي وآخرين وأنشؤوا حلقة في جامع صاحب الطابع. ٭ 1972 انعقاد اجتماع الأربعين باحدى ضواحي العاصمة بمرناق ضمّ الغنوشي وآخرين لمناقشة الخطّ الفكري للحركة وإطلاق تسمية «الجماعة الاسلامية» على المشاركين في الاجتماع وتم انتخاب راشد الغنوشي أميرا للجماعة واحميده النيفر نائبا له وصالح كركر نائبا لنائب الأمير، واعتبر الاجتماع تأسيسا لحركة الاتجاه الاسلامي. ٭ 1974 الحركة الاسلامية بتونس تصبح عضوا في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. ٭ 1979 انعقاد المؤتمر الأول للحركة الاسلامية بتونس في ضاحية منوبة، واعتبر هذا المؤتمر تقنينا للتأسيس الذي تمّ سنة 1971 في ضاحية مرناق وتزامن عقد هذا المؤتمر مع اندلاع الثورة الايرانية بقيادة آية اللّه الخميني واحتفى الاسلاميون في تونس بهذه الثورة وأعلنوا مساندتهم المطلقة لها. ٭ 1980 صدرت أول مجلة حائطية في الجامعة التونسية «الحدث» لطلبة الاتجاه الاسلامي لنقد النظام وأطروحات اليسار العدو التقليدي لحركة الاتجاه الاسلامي. ٭ 1981 انعقاد المؤتمر الثاني للحركة الاسلامية بمدينة سوسة على مدى يومين كاملين (9 و10 أفريل) وتزامن ذلك مع انعقاد مؤتمر الحزب الدستوري الحاكم. ـ مسيرات تلمذية وطلابية يحرّكها القياديون في الحركة الاسلامية لمهاجمة النظام والتدخل لعزل بعض الأيّمة الذين تعيّنهم السلطة وتعويضهم بآخرين. ٭ ـ 6 جوان الاعلان ضمن ندوة صحفية عن ميلاد حزب «حركة الاتحاد الاسلامي» رسميّا والسلطة تطلق موجة واسعة من الاعتقالات شملت عديد القيادات وكوادر الحركة. ٭ 29 ماي: الاعلان عن أعضاء الهيئة التأسيسية للحركة بزعامة راشد الغنوشي وبروز أول خلاف بين عبد الفتاح مورو والغنوشي حول غياب العنصر النسائي في تركيبة الهيئة التأسيسية التي ضمّت الى جانب الغنوشي ومورو، زاهر المحجوب وبنعيسى الدمني والحبيب المكني. ٭ 30 جويلية: وزير الداخلية ادريس قيقة يعقد ندوة صحفية يشرح فيها الأسباب التي دفعت الوزارة لاعتقال عدد كبير من قيادي حركة الاتجاه الاسلامي. ٭ 4 ديسمبر: المحكمة تصدر أحكاما بالسجن تراوحت بين 11 سنة وعدم سماع الدعوى ضدّ الغنوشي ومورو وصالح كركر وآخرين في حركة الاتجاه الاسلامي. 1983 ـ اندلاع مظاهرات دامية في كل أنحاء البلاد عرفت بانتفاضة الخبز وكان لاتحاد الشغل والاسلاميين دور فاعل فيها. ٭ 1984 ـ 6 جانفي: بورقيبة يعلن في خطاب الى الشعب أنه قرر إلغاء الزيادات في أسعار الحبوب ومشتقاته والعودة بالأسعار الى ما كانت عليه قبل الزيادات. ٭ 30 جويلية: الوزير الأول محمد فرالي يستقبل في منزله عبد الفتاح مورو الذي ما يزال آنذاك تحت الاقامة الجبرية كتتويج لمسلسل المصالحة بين الاسلاميين والسلطة وكان صلاح الدين الجورجي الوسيط في هذه المصالحة. ـ الافراج عن قيادات حركة الاتجاه الاسلامي بعد ضغط من محمد مزالي الذي كان يخطط لغلق ملف الصراع مع الاسلاميين والتفرغ لملف المنظمة النقابية. ٭ 1985 ـ محمد مزالي الوزير الأول يلتقي راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو بمكتبه بقصر الحكومة واعتبر هذا اللقاء إيذانا بالسماح للحركة بالنشاط رغم عدم حصولها على تأشيرة العمل. ٭ 1986 ـ عودة الصراع بين الاسلاميين والسلطة في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية خانقة تمر بها البلاد وتجاذبات بين الأجنحة داخل الحكومة والقصر الرئاسي. ـ ديسمبر: حركة الاتجاه الاسلامي تعقد مؤتمرها الرابع تحت شعار «مؤتمر المضامين» في كامل السرية. ـ الاتحاد العام التونسي للطلبة (الذراع الطلابية للحركة الاسلامية في الجامعة)، الذي تأسس سنة 1985 يعقد مؤتمره الثاني في نفس اليوم الذي انعقد فيه مؤتمر الحركة كتكتيك تمويهي لتضليل البوليس السياسي. ٭ 1987 ـ الجنرال بن علي يزيح بورقيبة عن الحكم والحركة الاسلامية تنفي عن نفسها سياسة التصعيد لطمأنة النظام الجديد. ٭ 1988 ـ الافراج عن عدد كبير من قيادات الاتجاه الاسلامي ـ دعوة الحركة للمشاركة في التوقيع على الميثاق الوطني. ٭ 1989 ـ الاعلان عن تغيير تسمية حركة الاتجاه الاسلامي وتعويضها بتسمية حركة النهضة وتقديم طلب الى السلطات للحصول على تأشيرة العمل. ـ انضمام عبد الفتاح مورو الى المجلس الاسلامي الأعلى ممثلا لحركة النهضة. ـ مشاركة الحركة في الانتخابات التشريعية وخروجها منها بلا مقاعد وعودة التأزم بينها وبين السلطة. ـ ماي: راشد الغنوشي يغادر البلاد هربا من قمع السلطة وعودة الاعتقالات في صفوف قيادة الحركة. ٭ 1990 ـ تعطيل صدور جريدة «الفجر» لسان حال حركة «النهضة» بحجة تحريضها على الفوضى. 2001 ـ حركة النهضة تؤكد رفضها كل أشكال العنف على إثر أحداث 11 سبتمبر الشهيرة. ٭ 2005 ـ انضمام حركة «النهضة» الى هيئة 18 أكتوبر وانطلاق التنسيق مع مكوّنات المجتمع المدني لمواجهة السلطة وقمعها للمعارضة الحقيقية. ٭ 2007 ـ حركة «النهضة» تصدر بيانا تدين فيه العملية التي قامت بها الجهادية السلفية في أحداث سليمان. ٭ 2011 ـ عودة راشد الغنوشي رفقة قياديي حركة «النهضة» الى أرض الوطن بعد ثورة 14 جانفي. ـ فيفري: تقديم طلب الى وزارة الداخلية للاعتراف رسميّا بحركة النهضة. الناطق الرسمي باسم «حزب التحرير» : جهات أمنية تعمّدت الخلط بيننا وبين السلفيين خلافا لما كنت أعتقد، لم يكن من الصعب الوصول إلى الناطق الرسمي لحزب التحرير رضا بلحاج فقد لبّى الدعوة لإجراء لقاء معه بلا تردد وكان تلقائيا في أجوبته عن كل الأسئلة التي طرحتها عليه رغم تحفظه على بعضها بكل لباقة. تونس «الشروق» استوجب فهم أدبيات حزب التحرير وأهدافه ونشأته وتطلعاته وارتباطاته بالكيانات السياسية الداخلية والخارجية وعلاقته بالثورة التونسية وبالأحداث المتتالية التي شهدتها البلاد في الأشهر الموالية حوالي الساعتين مع الأستاذ رضا بلحاج أستاذ اللغة العربية وخريج دار المعلمين العليا ولم تثنه متاعب الصيام عن تفصيل الكلام في تاريخ الحزب ونظرة التونسيين إليه واتهام عناصره بالعيش خارج سياق المدنية والحداثة في مطالبتهم بدولة الخلافة الإسلامية والربط بينهم وبين الحركة السلفية في تونس… وتولّدت عن الأسئلة أسئلة أخرى وزخم هائل من الإجابات ضمن الحديث التالي: الجميع يعلم أن حزب التحرير كان بمثابة التنظيم السري وكانت له خصومات طويلة مع نظام بورقيبة ونظام بن علي وتعرّض الكثير من عناصره للسجن لكن عودته إلى الساحة السياسية التونسية بعد الثورة كانت مصحوبة بخيبة أمل لقيادييه حين رفضت وزارة الداخلية منحه تأشيرة العمل مثلما فعلت مع أحزاب كثيرة فلو حدثتني عن هذه العودة وخيبة الأمل؟ ـ في البداية يجب أن يعلم الجميع أن المنتمين لحزب التحرير شاركوا في أحداث الثورة وخرجوا مع الشعب في الأحياء الشعبية وهو ما يعني أن الحزب موجود وينشط منذ نشأته في أواخر السبعينات ويشهد تاريخ الحركات السياسية في تونس أن عناصر الحزب تعرضوا للمحاكمات والملاحقات وأبرزهم محاكمة حوالي 300 شخص بينهم عسكريين بتهمة الانتماء إلى حزب سياسي غير مرخص له ومخالفة القانون الأساسي للعسكريين وكذلك محاكمة أفراد من هذا الحزب سنة 1985 لكن مع كل هذه المحاكمات كنا ننشط داخل الفضاءات الشعبية والجامعية وعقدنا مؤتمر الخلافة وهو مؤتمر سنوي خلال سنوات 1988 و1989 و1990 ثم تلت ذلك مرحلة صعبة كان الأمن يلاحق فيها شباب حزب التحرير في الجامعة وخارجها ولم تثننا الملاحقات والمحاكمات عن التحرك والكتابة في الصحف الوطنية وإصدار مجلة ناطقة باسم الحزب «الخلافة» فأصبحنا طرفا فاعلا في الساحة السياسية. لماذا رفضت الحكومة المؤقتة منح حزبكم تأشيرة العمل بشكل قانوني؟ ـ طلب التأشيرة ليس استئذانا للعمل ولا توسّلا ولا تسوّلا فنحن أبناء هذا البلد وضماناتنا للأمة واضحة وهي: لا للارتباط بالأجنبي ـ لا لممارسة العنف السياسي ـ لا لاحتكار الإسلام وتوخي منهج التكفير، وهذه الضمانات تجعلنا أولى من غيرنا بالعمل السياسي في وقت اعترفت فيه الحكومة المؤقتة بأحزاب تجمعية المرجع والنشأة وأحزاب أخرى موالية لدول عربية أيديها ملطخة بدماء شعوبها وأقصد الأ حزاب التي تدافع اليوم عن نظام العقيد الليبي معمر القذافي. هل وجدتم مؤازرة من أحزاب أخرى؟ أبدت بعض الأحزاب مؤازرتها لنا لكن حركة «النهضة» للأسف لم تصدر أي موقف وهو ما أثار استغرابنا رغم أن الأستاذ حمة الهمامي (الحزب الشيوعي التونسي) آزرنا وساندنا في محنتنا وسنعمل على إعادة تقديم المطلب من جديد. هناك بعض الأفكار والمواقف الصادرة عن حزب التحرير تثير الدهشة والغرابة مثل دعوتكم لدولة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية وتطبيق أحكام الفقه الإسلامي ألا ترى أن هذه الأطروحات تخرجكم عن سياق العقلانية والحداثة؟ ـ دولة الخلافة هي كيان تنفيذي لمجموع المفاهيم والمقاييس والقناعات الإسلامية لتصبح سارية في شكل علاقات تنفع الناس وتحقق لهم الرعاية والكفاية والرفاه وندعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية والدولة الإسلامية هي دولة وحدة وليست دولة اتحاد أو فيدرالية ونظام الحكم الإسلامي الذي ندعو إليه يقوم على مبادئ السيادة للشرع أي وضع القوانين على أساس العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها والمبدأ الثاني يتلخّص في أنّ السلطان بيد الأمة ونقصد به اختيار المواطنين لمن يحكمهم لأن البيعة (الانتخاب) هي عقد مراضاة بين الحاكم والمحكوم والانتخابات هي شكل من أشكال المراضاة. إذن تؤمنون بالانتخابات كشكل من أشكال ممارسة الديمقراطية وممارسة الحكم؟ ـ طبعا الخليفة يتم انتخابه من الشعب ومجلس الشورى (مجلس النواب) وينتخب ويمكن أن لا يقتصر على الإسلاميين فقط ومجلس الولاية منتخب كذلك وهذا الطرح ليس من قبيل التشبّه بالغرب وإنّما هو تأصيل شرعي وأدلة تفصيلية أضيفت إلى المبادئ التي ذكرتها أن رئيس الدولة (الخليفة) له الحق في تبني القوانين والمصادقة عليها، لكن الأهم أن الدولة التي نطالب بها يجب أن تكون دولة رعاية والأمة (الشعب) لها الحق في المحاسبة ويمكن أن تتجسّم هذه المحاسبة في إيجاد الأحزاب كآلية من آليات المحاسبة ومن حقها السعي للوصول إلى الحكم دون طلب تأشيرة. ما الذي يميزكم عن حركة النهضة؟ ـ هناك خط فاصل بيننا رغم أن حزب التحرير لا يريد التمايز عن الأحزاب الأخرى لكن الملاحظ أن مشروع حركة النهضة محلي ولدينا نظرة أخرى لإنضاج الخطاب الإسلامي وبناء وعي جديد بالإسلام السياسي المغيّب في تونس من خلال بدائل في الاقتصاد والحكم والنظام الاجتماعي وأردنا أن نجسد الإسلام كبديل على رأسه دولة الخلافة. كيف تنظرون إلى أحزاب ما بعد الثورة وفسيفساء المشهد السياسي التونسي؟ ـ الأخطر في تونس بعد الثورة أن تشكيلة الأحزاب الجديدة بالخصوص والأداء السياسي يكاد يكون عملا مخابراتيا باستثناء البعض وهذا عمل تخريبي لكيان الشعب التونسي والملاحظ أن هناك أجندات خفية وارتباطات لم تُكشف بعد. هناك من يربط بينكم وبين السلفيين المتشددين ويحاول الزجّ بكم في دائرة العنف والتطرّف؟ ـ لا علاقة بنا بالحركة السلفية ولم نتورط في ممارسة العنف فحزب التحرير ليس سلفيا فهو لا يرجع في أدبياته، إلى جيل معيّن من السلف مثل ابن تيمية بل إلى القرآن والسنة رأسا وقد فتحنا باب الاجتهاد و الخلط بيننا وبين السلفية مقصود من بعض الجهات الأمنية وغيرها من الجهات الأخرى لضرب حزب التحرير والاستخفاف به واختزاله في مجرد اللباس وإطلاق اللحية، وكما تراني لا أطلق لحيتي ولا أحمل لباسا أفغانيا وأغلب الإخوة في الحزب على شاكلتي. هل تنوون خوض انتخابات المجلس الوطني التأسيسي كمستقلين؟ ـ نحن ضد فكرة المجلس التأسيسي والقانون الانتخابي الذي أعدته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة فضيحة فقد تم وضعه بطريقة تضمن لبعض الأطراف تقاسم الكعكة والسطو على إرادة الشعب وللأسف فإن حركة النهضة انساقت في هذه اللعبة بعد موقفها الرافض وانسحابها من الهيئة. ولا بد من التأكيد على أن ما يقع في تونس هو اختزال هائل لوضعية التأييد والتأبيد للظلم فلا بد من نفس جديد صادق وعدم الالتفاف على إرادة الناس حتى تؤول هذه الثورات إلى نتيجتها الطبيعية. كم يبلغ عدد المنخرطين في حزب التحرير وهل لديكم مقرات وفروع في الجهات؟ ـ (صدرت عنه ابتسامة عريضة وأشار إليّ برأسه بالممانعة واكتفى بالإجابة) نحن متواجدون والحمد لله في كل جهات البلاد وعددنا في تزايد مستمر. السلفيون في تونس : من هم… أين كانوا… وكيف عادوا؟ حين أطلّ السلفيون بعد 14 جانفي بلحيّهم الطويلة ولباسهم الأفغاني وأعلامهم السوداء والبيضاء تعلوها كلمة «لا إله إلا الله» أصيبت نخب سياسية وثقافية كثيرة بدهشة غير مألوفة ومزيج من الخوف والاستهجان… تونس ـ «الشروق»: فالمشهد لم يألفه التونسيون إلا في الفضائيات العربية او في المسلسلات التاريخية حيث يبدو رفع النداء «حيّ على الجهاد» أمرا عاديا. دفع مشهد الاحتجاج أمام الكنيس اليهودي بشارع الحبيب بورقيبة في مستهل شهر فيفري الماضي والمطالبة بطرد اليهود من تونس وعودة «جيش محمد» الى الإسراع بإصدار بيان انهالت فيه على السلفيين بتوصيفات مقذعة ونعتتهم بالارهابيين والمتطرّفين… وتلك كانت إيذانا ببدء مسلسل أداء الصلوات الجماعية أيام الجمعة في شارع الحبيب بورقيبة وقد أراد السلفيون من وراء هذه الصلوات إبلاغ وزارة الداخلية العدوّ التقليدي والتاريخي لهم، بأنهم عائدون الى الظهور مجددا وممارسة النشاط العلني لكنهم كانوا في الوقت ذاته يتابعون درجة الشراسة في تعاطي رجال الأمن معهم. والسلفيون في تونس ليسوا حزبا سياسيا ولا تيّارا منظما ينشط في العلن وتحت طائلة القانون، لقد كانوا منذ الثمانينات على شاكلة تنظيم يطلق عليه «الجبهة الاسلامية». ورغم سريان الحديث عن تصاعد مدّ السلفية في تونس وتنامي عددهم إلا أن الأمر يبدو مجرد قوقعة إعلامية فظهورهم المفاجئ في الشوارع الكبرى وأداؤهم الاستعراضي لصلاة الجماعة في شارع الحبيب بورقيبة كان مجرد رسالة الى الجهات الرسمية إيذانا بالعودة. يتزعّم الحركة السلفية في تونس، التي تعود في الأصل الى الجبهة الاسلامية المتأثرة بأفكار وقناعات جماعة الإخوان المسلمين في مصر بقيادة حسن البنّا، الخطيب الادريسي الذي قضى في السجن سنتين وأطلق سراحه أوائل سنة 2009 بتهمة التحريض على الجهاد، وقد أصدر الادريسي مؤلفات حول بعض المسائل الفقهية. داخل هذه الحركة، يوجد شباب السلفية الجهادية الذين بدأت أعدادهم في تزايد وانتشار وانخرط في هذا التيار سلفيون كانوا يقاتلون رفقة أعضاء الحركات السلفية في العراق والجزائر وأفغانستان وموريتانيا وليبيا وبعض المناطق الساخنة في العالم. وتعشش في أذهان المنتمين الى السلفية الجهادية عقيدة «الجهاد في سبيل الله» في أي مكان وهمّهم الوحيد التطوّع للقتال من أجل نصرة الاسلام ومحاربة أعداء الله وهم أساسا الجيوش الأمريكية وحلفاؤهم. وثمّة مجموعة أخرى دائرة دائرة السلفيين وهم «جند أسد بن الفرات» وهؤلاء تحركهم محاولات الاعتداء على المقدّسات الدينية مهما تعددت أشكال هذه الاعتداءات وتعبيراتها (سينما أو مسرح أو رسم). غير أنه لم يثبت وجود علاقات أو روابط بين السلفيين وحزب التحرير وحركة النهضة، فالناطقون باسم النهضة يدحضون اي محاولة للربط بينها وبين الجماعة السلفية رغم ان الشيخ صادق شورو عضو المكتب السياسي للحركة حضر ضيف شرف في أشغال مؤتمر السلفيين الذي انعقد خلال شهر أفريل بجهة سكرة بأريانة. ويصرّ حزب التحرير على أنه لا تجمعه بالسلفية اي روابط فكرية او علائقية فالفوارق بينهما كبيرة لعلّ أهمها ان حزب التحرير لا يدعو الى الجهاد في سبيل الله ولا يحرّض على ممارسة العنف رغم انه يعتقد جازما في فرض دولة الخلافة وتطبيق الشريعة الاسلامية. حاولنا مرارا وتكرارا الوصول الى بعض القياديين في الحركة السلفية التونسية لكن يبدو ان طابع السرية في تحركاتهم كان مفرطا أكثر من اللزوم. علاقات تواصل بين الاسلاميين التونسيين وإيران والسودان والسعودية تعتبر حركة الإخوان المسلمين في مصر المرجع الأول في نشأة الجماعة الاسلامية بتونس وتأكد هذا الارتباط عمليا من خلال البيعة التي أداها راشد الغنوشي ومن بعده حميدة النيفر للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين المنعقد في السعودية في الستينات. لكن مع بروز الثورة الايرانية، بدأ التأثير الاخواني يتقلص تدريجيا ليفسح المجال أمام الطرق التنظيمية والفكرية للثورة التي قادها آية الله الخميني سنة 1979 لكن العلاقة ـ حسب الباحث التونسي علية العلاني ـ مع الإخوان المسلمين لم تنقطع تماما بحكم رباط العقيدة الاسلامية. كما كان للحركة الاسلامية التونسية علاقة متينة بالجبهة القومية الاسلامية في السودان التي تزعمها حسن الترابي، واستوحى الاسلاميون من التنظيم الاسلامي السوداني منهجيتهم الفاعلة في تعبئة الأنصار وأساليب التأثير عليهم. وكانت علاقة الحركة الاسلامية التونسية بالتنظيم الاسلامي في الجزائر متميّزة وكان التشابه بينهما كبير في مستوى الفكر وترابط المصالح. وقد عملت الحركة الاسلامية في تونس على ربط علاقات تواصل مع الحركات الاسلامية في السعودية ويذكر ان حكومة المملكة تدخّلت للضغط على حكومة محمد مزالي عن قيادات حركة الاتجاه الاسلامي. سيرة الشيخ راشد الغنوشي : من الحامة الى السجون والمنافي والعودة إلى أرض الوطن لا أحد يمكن ان يتجاهل اسم راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» ومؤسس حركة الاتجاه الاسلامي فالرجل على كبر سنّه وبياض لحيته وكثرة خصومه ومحبيه، اختزل تاريخا سياسيا دام أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. تونس ـ «الشروق» فردهات حياته ترزح بخصومات طويلة ودامية مع نظام بورقيبة ثم مع نظام بن علي وعاد الى أرض الوطن بعد ثورة 14جانفي 2011 ليعيد الحياة من جديد في حركة النهضة ويخرج بها من السر الى العلن ويخلط الأوراق في ساحة سياسية وطنية تضخّم حجم الفاعلين فيها وتعاظم الغموض المخيّم عليها. بين البنّا والغنوشي ولد راشد الغنوشي سنة 1941 بمدينة الحامة بولاية قابس اي بعد ثلاثين عاما تقريبا من مولد حسن البنّا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر. ومن المفيد هنا أن نذكر ان الرجلين انحدرا من وسط اجتماعي متواضع فقد كان والد الغنوشي فلاّحا صغيرا فيما كان والد البنّا ساعاتيا ونشأ الغنوشي وسط تخوم اجتماعية مهملة اقتصاديا والمعروف عن الجنوب التونسي انه كان وكرا من أوكار الحركة اليوسفية في بداية الاستقلال. وقد ترعرع الغنوشي في منطقة يشعر سكانها بالغبن السياسي والاجتماعي والاقصاء من دولة بورقيبة فاضطرّ الى ترك المدرسة مدة سنتين بسبب فقر أسرته، ولئن عاد مجددا الى الدراسة فلكي يتابع التعليم الزيتوني التقليدي الذي كان غير مؤهل للانتقال الى مرحلة التعليم العالي في تونس وهو ما أصابه بالاحباط وعرقل رغبته في ركوب المصعد الاجتماعي. في هذه المرحلة، اعتنق الغنوشي العروبة وأحبّ جمال عبد الناصر وكره بورقيبة ثم التحق بمصر لمواصلة دراسته العليا باللغة العربية واستهل طريقه المهني بعد عودته الى تونس بالتدريس في احدى مدارس ولاية قفصة لينتهي به المطاف الى تحقيق مشروعه والالتحاق بكلية الزراعة في القاهرة. وكان الغنوشي خلال فترة اقامته بالقاهرة كثير الاستماع الى إذاعة ألبانيا التي كانت تذيع برامجها باللغة العربية باتجاه بلدان الشرق الأوسط وراسل هذه الاذاعة في مرحلة لاحقة وكاد يتجه نحو ألبانيا لمواصلة دراسته الجامعية وقد كان ممكنا ان يصبح الزعيم المقبل لحركة الاتجاه الاسلامي مناضلا ماركسيا لولا نصيحة صديق له بالتوجه نحو سوريا ليحصل منها على ديبلوم الفلسفة والعلوم الاجتماعية من جامعة دمشق. وواصل الغنوشي في سوريا موالاته لعبد الناصر غير انه كان يناهض حزب البعث السوري بسبب افشاله مشروع الوحدة بين مصر وسوريا وكان لابدّ من حلول هزّة سياسية عسكرية (هزيمة 1967) ليفيق الغنوشي على اهتزاز الناصرية والعروبة معا رغم سطحية التزامه السياسي فحوّل عقيدته نحو الدين والسياسة وأطلق لحيته على طريقة حسن البنّا. التحق الغنوشي بعد ذلك بباريس لإعداد رسالة الدكتوراه في الفلسفة الاسلامية ثم انضمّ الى جماعة «التبليغ» الاسلامية التي كانت تتنقل بين الأحياء الشعبية للمهاجرين المسلمين بهدف نشر تعاليم الاسلام ويقول الدكتور عبد القادر الزغل المتخصص في دراسة التنظيمات الاسلامية ان تلك كانت احدى الفوارق بين حسن البنّا وراشد الغنوشي فالاول كان يجهل واقع المجتمعات الاوروبية فيما عاش الثاني في باريس ومارس النضال الديني فيها. مشوار الخصومات مع السلطة اضطرّ الغنوشي الى قطع اقامته في باريس وعاد الى تونس خلال السبعينات على اثر وفاة والدته وانضمّ بسرعة الى حلقة نقاش داخل أحد المساجد التي يؤمها شبان اسلاميون ولما كان اليسار وأقصى اليسار مصدر قلق لبورقيبة ونظامه فقد حصلت المجموعة الاسلامية على ترخيص لإصدار مجلة ناطقة باسمهم (المعرفة) واستخدموها لمهاجمة اليسار والشيوعيين في العالم وبعض النقد المحتشم لسياسة بورقيبة وحكومته. ومع قيام الثورة الايرانية وشروع دولة «الآيات» في تصدير الثورة الاسلامية «الشيعية» تغيّر توجه المجلة جذريا ووجد الغنوشي نفسه بعد ذلك على رأس حركة سياسية لا يستطيع التحكّم فيها. وتواصلت خصومات راشد الغنوشي طوال حوالي عقدين من الزمن مع نظام بورقيبة ونظام بن علي الى أن غادر البلاد في أواخر الثمانينات متوجها نحو العاصمة البريطانية حيث أقام فيها هناك الى أن عاد مجددا بعد ثورة 14 جانفي 2011 وسقوط نظام بن علي ليخرج بحركة «النهضة» من طور العمل السري الى العلن وصحح وضعيتها القانونية بعد ان تقدّم بطلب تأشيرة الى وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة فرحات الراجحي في فيفري 2011 ونال التأشيرة بسرعة. الشيعة في تونس : ظهور إعلامي مفاجئ بعد الثورة والتخلّي عن السرية والتقية يمكن لأي متصفّح للشبكة الاجتماعية الـ«فايس بوك» الاطلاع على موقع الشيعة في تونس الذي يتخذ من العلَم التونسي شعارا لواجهته مع كثير من الأدعية بصلاح حال الأمّة والترحّم على آل البيت والتغنّي بمناقب فاطمة زوجة علي ابن أبي طالب. تونس (الشروق) ولم ينس مؤثّثو هذا الموقع تنزيل مقاطع فيديو لخطابات حسن نصر اللّه زعيم «حزب اللّه» اللبناني وزعامات أخرى من دولة «الآيات» الايرانية. لا تتوفّر أرقام رسمية حول حجم المتشيّعين في تونس ومن الصّعب التعرّف على قياداتهم وأماكن تواجدهم فهم يستخدمون مبدأ التقيّة الذي يفرض إخفاء العقيدة. لكن يبدو أن المتشيّعين في تونس قد غيّروا من أسلوب تعاطيهم مع الناس فتواجدوا بعد ثورة 14 جانفي على صفحات الـ«فايس بوك» وتقدّموا بطلب تأشيرة لتأسيس جمعية أطلقوا عليها «المودّة والثقافة» فوجدت وزارة الداخلية نفسها أمام هجمة إعلامية شرسة قادها محامون لإثناء الوزير عن الموافقة على تأسيس الجمعية التي لم تتلقّ أيّ جواب من الوزارة الى اليوم. كان من الصعب الوصول الى قيادات شيعة تونس لكن المعطيات التي توفّرت من مصادرهم تؤكد أن عددهم يعدّ بالآلاف ويمارسون شعائرهم وطقوسهم. ويذهب شيعة تونس الى أن وجودهم في تونس يعود الى سنة 921 ميلادي وهي مرحلة الدولة الفاطمية ومع بداية السبعينات دخل المذهب الجعفري الى قلوب الشيعة لتبدأ مرحلة تأثيث البيت من الداخل وعدم الظهور الى العلن. ويقول الأستاذ محمد التيجاني السماوي أحد رموز الشيعة في تصريح أدلى به لوسائل الاعلام «إن شيعة تونس لا يتآمرون على النظام السياسي ولا ينتقدوه ولا يطمحون الى التواجد في المؤسسات المنتخبة رغم أن بعض المتشيّعين التونسيين يؤكدون أنهم ساهموا بشكل مباشر في إسقاط نظام بورقيبة ولم يؤيدوا انقلاب الجنرال بن علي واستحواذه على السلطة. والملفت للانتباه أن شيعة تونس لم يواجهوا أي ملاحقات أو تضييقات عليهم أو محاولات عرقلة نشاطهم وربما يعود ذلك الى ارتباط وجودهم ببقية مكونات الشيعة في إيران ولبنان والبحرين وسوريا وتجنّب ردود فعل غير متوقعة. ولعلّ محدودية عدد المتشيّعين هي السبب الرئيسي وراء رفض السلطات التونسية منع نشاطهم ولقاءاتهم فعددهم لا يرتقي الى مستوى يجعل منهم «طائفة» تماما كفرقة الإباضية في جربة التي يمارس المعتنقون لها طقوسهم وشعائرهم دون التدخل في الشأن الوطني العام وخصوصا السياسي. لكن بعض المتابعين للحركات الاسلامية في تونس لا يخفون مشاعر القلق إزاء الظهور الاعلامي لشيعة تونس بعد ثورة 14 جانفي وحديثهم المتزايد عن الاستقطاب وعلاقة السنة بالشيعة وإعداد مواقع على شبكة الأنترنت وصفحات على الـ«فايس بوك»، وسبب قلقهم أن تمرّ هذه الحركة الى مرحلة التعبئة والاستقطاب والتأسيس للطائفية التي احترقت بنارها دول كثيرة على رأسها لبنان لكن يظلّ قائما حول ما إذا كان التونسيون سيتقبّلون هذه العودة غير البريئة للتشيّع. «النهضة» وازدواجية الخطاب اعتمدت حركة «النهضة» منذ تأسيسها وطوال فترة السبعينات والثمانينات على ازدواجية الخطاب، فقد راوح هذا الخطاب بين الديمقراطية والتيوقراطية. كانت حركة «النهضة» تستلهم مبادئها ومنهجها من مدرسة حسن البنّا وسيّد قطب التي أسّست لمقولة «مجتمع داخل المجتمع» وإقامة دولة الاسلام، لكنها كانت في بعض خطاباتها تندّد بالعنف وتدعو الى الديمقراطية وتعتبر الانتخابات المسلك الوحيد للممارسة الديمقراطية. كما كانت الحركة تراوح بين السرية والعلنية فما كان يقال في الاجتماعات السرية بين أعضاء الجماعة لا يقال في التصريحات لوسائل الاعلام وهو ما كان يثير منذ السبعينات تحفّظ بعض الأطراف السياسية. ويقول الأستاذ علية العلاّني أن تحفّظ الأطراف السياسية على «النهضة» كان مردّه أيضا موقفها من الديمقراطية واعتبارها مرحلة انتقالية لا خيارا ايديولوجيا استراتيجيا مثلما ورد في الوثيقة السياسية المقدمة خلال المؤتمر الرابع للحركة، هذا ما جعل العديد من الباحثين يشكّكون في مسألة التزام الحركة بالمنظومة الديمقراطية. وقد حاول قياديو الحركة ملازمة الحذر في ردودهم على الأسئلة التي كان يوجّهها الصحافيون الشبان بعد الثورة حول موقف الحركة من مجلة الأحوال الشخصية ومسألة تعدّد الزوجات والمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة وكانوا يواجهون هذه الأسئلة الضاغطة بأجوبة عائمة أحيانا أو الاكتفاء بالتأكيد على أن مجلة الأحوال الشخصية مكسب للشعب التونسي لا يجب التراجع عنه لطمأنة الرأي العام وتهدئة خواطر الخائفين من مستقبل مجهول بعد الثورة. لكن الأسئلة ماتزال تؤرّق بعض النخب والحيرة تلازم الحداثيين بالخصوص في ظلّ انتخابات مقبلة للمجلس التأسيسي لا أحد يستطيع توقّع نتائجها؟ تواريخ وأحداث 1927 ـ تأسيس جمعية الشبان المسلمين في مصر 1928 ـ حسن البنا يؤسس الاخوان المسلمين في مصر 1935 ظهور حركة الاخوان المسلمين في سوريا بعد عودة الطلبة السوريين من مصر ـ تأسيس الجهاز السري للاخوان المسلمين في مصر 1940 ـ تأسيس فدائيي إسلام في إيران 1941 ـ مصطفى السباعي يؤسس حركة شباب محمد في سوريا 1946 ـ تأسيس حركة الاخوان المسلمين في الأردن. ـ تأسيس حركة الاخوان المسلمين في فلسطين ـ تأسيس حركة التحرير الإسلامية في السودان. 1948 ـ الاخوان المسلمون يعقدون المؤتمر الأول للأممية الإسلامية في مكة المكرمة أثناء الحج. 1949 ـ اغتيال حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين 1951 ـ تأسيس الحزب الديمقراطي الإسلامي في تركيا. 1952 ـ خروج جماعة عباد الرحمان في لبنان إلى العلن ـ تأسيس تقي الدين النبهاني لحزب التحرير 1954 ـ محاولة اغتيال جمال عبد الناصر حين كان يخطب وسط حشد في الاسكندرية وإيقاف آلاف في الإخوان المسلمين. ـ حل جماعة الإخوان المسلمين في مصر 1956 ـ حلّ جمعية العلماء المسلمين في الجزائر 1958 ـ انتفاضة الاسلاميين في لبنان انتهت بنزول البحرية الأمريكية في بيروت 1960 ـ تأسيس حركة تحرير إيران 1964 ـ ابعاد آية الله الخميني من إيران ـ حسن الترابي يؤسس جبهة الميثاق الاسلامي في السودان 1965ـ تأسيس منظمة مجاهدي خلق في إيران ـ تأسيس حزب الله في اليمن 1966 ـ إعدام سيد قطب (ملهم جماعة الإخوان المسلمين) مع آخرين في مصر. 1968 ـ تأسيس حزب الدعوة الاسلامية في العراق ـ تأسيس الاتحاد الاسلامي الدولي لمنظمات الطلبة 1969 ـ تأسيس منظمة الشبيبة الاسلامية في المغرب ـ نشوء جماعة التكفير والهجرة في مصر علـى يد شكري مصطفى 1970 ـ نجم الدين أربكان يؤسس حزب النظام الوطني في تركيا وينشئ لاحقا حزب السلامة التركي. 1977 ـ حسن الترابي يؤسس الجبهة الاسلامية القومية في السودان ـ جماعة الاخوان المسلمين تغتال وزير الأوقاف المصري. 1978 ـ اختفاء الإمام موسى الصدر زعيم حركة أمل اللبنانية عندما كان في زيارة إلى ليبيا. ـ آية الله الخميني يطرد من منفاه في العراق ويتوجه إلى فرنسا ـ اندلاع المظاهرات والاحتجاجات في إيران أدت إلى إحراق مبانى حكومية 1979 ـ تأسيس الجبهة الاسلامية لتحرير البحرين. – تأسيس جماعة الجهاد الإسلامي في مصر ـ استفتاء في إيران يصوت فيه أغلب الإيرانيين لصالح الجمهورية الاسلامية ـ عودة آية الله الخميني إلى إيران والشاه يتركها والجيش يستسلم للقوات الثورية بقيادة الخميني ـ مجموعة من الطلبة المسلحين في المدينة المنورة يعلنون أن أحد أفراد مجموعتهم هو المهدي المنتظر ويحتلون الحرم في مكة المكرّمة لأسبوعين فيتمّ قتل عدد منهم في اشتباكات مع الجيش السعودي والحكم بالاعدام على البقية. 1980 ـ إعدام العالم الاسلامي محمد باقر الصدر في العراق. ـ ظهور حركة الجهاد الاسلامي في الضفة الغربية وقطاع غزّة برئاسة فتحي الشقاقي. 1981 ـ اغتيال أنور السادات رئيس مصر على يد ضابط في الجيش في جماعة الاخوان المسلمين خالد الاسلامبولي. 1982 ـ الأصوليون الاسلاميون ينتفضون في مدينة حماة السورية والجيش السوري يحاصر المدينة ويقتل حوالي 20 ألف شخص. ـ مقاتلون من الاخوان المسلمين هاجموا مدرسة تدريب عسكرية في مدينة حلب السورية وذبحوا عشرات الضباط. 1984 ـ الاعلان عن تأسيس حزب اللّه في لبنان 1988 ـ تأسيس الجبهة الاسلامية للانقاذ في الجزائر على أيدي عباسي مدني وعلي بلحاج. 1990 ـ حلّ جماعة العدل والاحسان في المغرب ووضع رعيمها عبد السلام ياسين تحت الإقامة الجبرية. 1996 ـ نجم الدين أربكان يصبح رئيس وزراء حكومة ائتلافية بقيادة الاسلاميين في تركيا. 1998 ـ تنظيم القاعدة والجهاد الاسلامي يفجرّان مقرّ السفارة الأمريكية في دار السلام. 2001 ـ عمليات انتحارية في نيويورك وفرجينيا وتفجير مبنيي مركز التجارة العالمي وجزء من البنتاغون والرئيس بوش يعلن مسؤولية «القاعدة» عن هذه العمليات. ـ حملة اعتقالات واسعة ومحاكمات لأعضاء حركات الجهاد الاسلامي وتنظيم القاعدة والرئيس الأمريكي يصدر لائحة بأسماء الارهابيين الذين قاموا بالتفجيرات ويأذن بتجميد أرصدة منظمات وجمعيات اسلامية متهمة بتمويل القاعدة. ناجي الزعيري (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 سبتمبر 2011)
بقلم : محمد ماضي – واشنطن- swissinfo.ch مع اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ينتظر أن تحتدِم المعركة الدبلوماسية حول طلب الفلسطينيين منْـح دولة فلسطين على حدود عام 1967 العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وفيما يتوقع المراقبون أن تستخدم الولايات المتحدة حقّ النقض (الفيتو) ضد أي توصية من مجلس الأمن للجمعية العامة بالموافقة على الطلب الفلسطيني، أرسلت إدارة الرئيس أوباما، المبعوث الأمريكي الجديد للشرق الأوسط ديفيد هيل، لمحاولة إثناء الرئيس محمود عباس عن التوجّـه بالطلب، في مقابل خارطة طريق جديدة تصدرها اللجنة الرباعية لتحديد أسس استئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، بحيث تقود إلى إقامة دولة فلسطينية، فيما حذر خبراء قانونيون ومسؤولون فلسطينيون من عواقب طلب عضوية كاملة لدولة فلسطين في المنتظم الأممي. في هذا السياق، توجهت swissinfo.ch إلى البروفيسور فرانسيس بويل، أستاذ القانون الدولي بجامعة إلينوا والمستشار القانوني السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية، لمناقشة ما في الطلب الفلسطيني من إيجابيات وما عليه من سلبيات محتملة. swissinfo.ch: ألَـن يشكِّـل طلب الرئيس محمود عباس مجابهة لا يُـحمد عُـقباها مع الولايات المتحدة وما الذي سيُـمكن للفلسطينيين عمله إذا استخدمت واشنطن حقّ النقض؟ فرانسيس بويل: يجب أن يتذكّـر الجميع أن الرئيس عباس هو الذي قال إن خيار الفلسطينيين الأول والثاني هو المفاوضات، ولكن يجب أن تكون جدية. ويُـدرك الرئيس عباس أن الولايات المتحدة تُـعارض توجُّـه السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة بذلك الطلب وتريد عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات، ولم يكن الرئيس الفلسطيني راغبا في أي مجابهة مع إدارة أوباما، ولكن المشكلة منذ بدأت مفاوضات السلام في مؤتمر مدريد عام 1991، هي أن إسرائيل لا تتفاوَض بنيِـة حسنة، بل تتَّـبع منهج إسحق شامير في التسويف والمُـماطلة والتهرّب مما تُـوقِّـع عليه. وقبِـل الفلسطينيون العودة للتفاوض على أساس حدود عام 1967. كما اقترح الرئيس أوباما في مايو الماضي، وكان نتانياهو الذي رفض، ولذلك أشعُـر بأمل في أن الولايات المتحدة قد تمتنع عن التصويت في مجلس الأمن حول الطلب الفلسطيني، ولكن إذا استخدمت حق الفيتو، فستدفع ثمنا دبلوماسيا لذلك، حيث ستزيد مشاعِـر العداء للولايات المتحدة في العالميْـن العربي والإسلامي، باعتبار أن واشنطن وقَـفت كحجر عَـثْـرة أمام تحقيق طُـموحات الفلسطينيين المشروعة. وسيمكن للفلسطينيين استخدام القرار رقم 377 المعروف باسم « الاتحاد من أجل السلام » والذي يُـتيح للجمعية العامة للأمم المتحدة الالتِـفاف حول الفيتو الذي تستخدِمه إحدى الدول دائمة العضوية، لعرْقلة قرار المجلس يخصّ السلام في العالم ويمكن للجمعية العامة قَـبول دولة فلسطين على أساس حدود 1967 كعضو كامل العضوية بأغلبية ثُـلثَـي الدول المشاركة في التصويت، ولن يكون ذلك أمرا صعبَ المنال على الفلسطينيين. البروفيسور فرانسيس بويل، أستاذ القانون الدولي بجامعة إلينوا والمستشار القانوني السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية (null )unbekannt)) واشنطن تهدِّد بقطع المساعدات الأمريكية للفلسطينيين، وإسرائيل تهدِّد بإلغاء اتفاقيات أوسلو وعدم تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية إلى السلطة. فما الذي سيستفيده الفلسطينيون من عضوية دولة فلسطين بالأمم المتحدة؟ فرانسيس بويل: ستصبح دولة فلسطين العُـضو بالمنظمة العالمية، دولة خاضِـعة لاحتلال دولة مجاورة، وبذلك يمكن المطالبة بتحريرها كما حدث مع الكويت عندما احتلّـت أراضيها قوات عراقية. كذلك، سيمكن لدولة فلسطين إقامة دعاوى قضائية على أكبر المسؤولين في إسرائيل، مثل نتانياهو وليبرمان وباراك وباقي الجنرالات أمام المحكمة الجنائية الدولية بتُـهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، بل سيُـمكن للفلسطينيين، ولأول مرة، المطالبة بوقف الاستيطان وإزالة المستوطنات باعتبارها انتهاكا لقوانين جنيف. كما سيُـمكن للفلسطينيين إقامة دعْـوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتُـهمة ارتكاب جرائم إبادة للشعب الفلسطيني وطلب عقْـد جلسة طارئة لإصدار أمر من المحكمة بوقْـف كلّ الممارسات الإسرائيلية في هذا الصدد. كما أن العضوية ستُـحوِّل كل الفلسطينيين في الخارج أوتوماتيكيا إلى مواطنين ورعايا للدولة الفلسطينية، بما يترتَّـب على ذلك من حقوق لهم في التنقّـل والسفر والتمتّـع بالحماية، وكذلك حق العودة إلى وطنهم. ولكن ذلك لن يغيِّـر الحقائق على الأرض، طالما أنه لم يتم التوصّـل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، خاصة إذا قرّرت إلغاء اتفاقيات أوسلو؟ فرانسيس بويل: لا يوجد في اتفاقات أوسلو ما يمنع الفلسطينيين من ممارسة الفلسطينيين لحقوقهم الدولية وِفقا لميثاق الأمم المتحدة، كما أن إسرائيل حصلت على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بشرط أن تقبل قرار الأمم المتحدة رقم 181 بتقسيم أرض فلسطين التاريخية بين اليهود والفلسطينيين في دولتيْـن مستقلَّـتيْـن مع إقامة وصاية دولية على مدينة القدس، وبالتالي، فإذا قرّرت إلغاء اتفاقيات أوسلو، فلن يستطيع أحد منعها، ولكن ستتحمّـل بكافة مسؤوليات الدولة التي تحتلّ أراضي دولة أخرى، حسب اتفاقيات جنيف، وهو ما حاولت إسرائيل تجنُّـبه بإقامة السلطة الفلسطينية إلى حين التوصُّـل إلى اتفاق سلام نهائي. وكيف سيُـمكن التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، عندما يختار الفلسطينيون طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وتعتبر إسرائيل ذلك إجراءً أُحادِيا لا يترتَّـب عليه قيام دولة على أرض الواقع؟ فرانسيس بويل: في حقيقة الأمر، فإن منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، سيُـغيِّـر قواعد لعبة السلام في الشرق الأوسط، فلن يضطر الفلسطينيون بعد ذلك إلى استجْـداء إسرائيل أو الولايات المتحدة للحصول على دولتهم. فبعد اعتراف المجتمع الدولي بدولة فلسطين على حدود عام 1967 كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، سيكون الطريق أسهَـل إلى حلّ الدولتين، الذي سانده الرئيس بوش الابن ويسعى لتحقيقه الرئيس أوباما، حيث ستكون المفاوضات حينئذ بين حكومتَـي دولتيْـن، إحداهما فرضت احتلالها لأراضي الأخرى بالقوة المسلحة، ويمكن عند التفاوض الاتفاق على أسُـس الانسحاب وضمانات الأمن بين دولتيْـن عضوتيْـن في الأمم المتحدة في إطار معاهدة سلام، وِفق قواعد القانون الدولي، وليس الإملاء الإسرائيلي بفعل عدم وجود توازُن في القوة بين الطرفيْـن. ولكن البعض يخْـشى من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، يمكن أن تكون أكثر عُـنفا ودمَـوية، حتى إذا نجح الفلسطينيون في إحراز نصْـر دبلوماسي بمنح دولتهم العضوية في المنظمة العالمية؟ فرانسيس بويل: يبدو أن إسرائيل تخطِّـط من الآن لتحويل نتائج التصويت على عُـضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة إلى جولة جديدة من العنف، لاستخدامه في تبرير تملُّـصها من السلام. فوفقا لأحدث الخطط الإسرائيلية المُـسمّـاة « عملية بذور الصيف »، يقوم الجيش الإسرائيلي بتدريب وتسليح المستوطِـنين اليهود لممارسة عُـنف منظّـم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، بمجرد خروجهم للشوارع للاحتفال بقَـبول طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. ومجرّد ظهور المستوطنين كقوّة شبْـه عسكرية، ستُـثير غضب الفلسطينيين وقد يشتبِـك الجانبان في أعمال عنف مروِّعة، لتخرج القوات الإسرائيلية بآلتها العسكرية الضخمة وتستخدِم القوة المُـفرطة في قمْـع الفلسطينيين، كما حدث في الانتفاضة الثانية، ولكن ما يمكن أن يكون مختلِـفا هذه المرة، هو أن دولة فلسطين العُـضوة في الأمم المتحدة، سيمكنها مطالبة المجتمع الدولي بحماية مواطنيها من بطْـش قوات دولة مجاورة، مثلما حدث للكويت على أيْـدي قوات صدّام حسين. محمد ماضي – واشنطن- swissinfo.ch http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=31081122
د. مصطفى يوسف اللداوي
زاغت أبصار الإسرائيليين، ودارت عيونهم في محاجرها، وبلغت قلوبهم الحناجر، ومادت الأرض تحت أقدامهم وتزلزلت، واضطربت رؤوسهم خوفاً وحيرةً وقلقاً، فلا يكاد يصدقون ما يحدث أمام عيونهم في مصر، فقد انهارت آمالهم، وتصدعت أحلامهم، وسقطت مخططاتهم، ولم يعد لهم حراسٌ على الحدود يحرسون كيانهم، ويسهرون على راحتهم، ويعملون لأجلهم، ويعاقبون كل من يحاول المساس بأمنهم، فقد أتت الثورة المصرية على بنيانهم، ودخلت إلى سفارتهم، وعبثت بأوراقهم، وأجبرت سفيرهم وحراسه على التخفي للخروج من السفارة من غير باب العمارة، ليغادر القاهرة وهو لا يعلم إن كان يستطيع العودة إليها مجدداً، وبات من كان يعمل لأجلهم نزيل السجون، يتردد كل يومٍ إلى قاعات المحاكم، توجه إليه تهمة خيانة تاريخ مصر، وضمير مصر، فيشمت به المصريون، ويضحكون من مآله والمخازي التي تنتظره، ولكنهم لا يترحمون عليه، ولا يتمنون له المغفرة، ولا يدعون له بالفرج، بل يأملون أن يكون وغيره عبرةً لكل من تآمر على كرامة الأمة، وأسقط هيبتها، وأهان تاريخها، وفرط في مستقبلها، وتآمر مع عدوها، وتحالف مع خصومها، فلا الحلفاء تمكنوا من حمايته، ولا الأعداء استطاعوا أن يحتفظوا بما سرقوه من حقوق الأمة، فلا حاضراً لنفسه أبقى، ولا مستقبل لذريته ضمن، ولا تاريخ مشرف لنفسه وأهله حفظ. يتساءل الإسرائيليون بألمٍ وحسرة أين مصر التي كانوا يدخلون إليها دون خوفٍ متى شاءوا، يتجولون في شوارعها، ويجلسون في مقاهيها، ويشترون من أسوقها، ويزورون كل مكانٍ فيها، ويطوفون في معالمها السياحية في الجيزة والأقصر وأسوان، يركبون الخيول والحمير والبغال والجمال، ويستحمون في شواطئها، ويستمتعون بجمال طبيعتها، وسمرة أرضها، وحرارة شمسها، ويقيمون في أكبر فنادقها، ويملأون أشهر منتجعاتها، فقد كانت لهم الأولوية والصدارة، ولهم الأمن والحماية، لا يخافون من أحدٍ قد يعتدي عليهم، أو يعكر صفو رحلتهم، ويحاسبون من لا يبش في وجوههم، ويعاقبون من أساء إلى مشاعرهم، أو امتنع عن التعامل معهم، فقد كانت حصانتهم كبيرة، وامتيازاتهم مهولة، وحقوقهم محفوظة، وطرقهم مؤمنة، وحافلاتهم محروسة، واتصالاتهم مع سفارة كيانهم ساخنة ليلاً ونهاراً، تتابع شؤونهم، وتلاحق معاملاتهم، وتفرض لهم الحماية والمرافقة، وتسعى لضمان راحتهم، وتأمين سلامتهم. المصريون بثورتهم ينهضون كل يومٍ من جديد، يعيدون البريق الأصيل والألق القديم إلى الشعب المصري العتيد، ويلقمون في كل يومٍ حجراً في أفواه الإسرائيليين، ويطرقون على رؤوسهم وأدمغتهم بمطارق من حديد، ضرباتٍ متلاحقةٍ متتالية، فمصر التي حاول نظام مبارك أن يرسمها لهم، وأن يجعلها حديقةً خليفةً لكيانهم، لم تعد كذلك، والعلم الإسرائيلي الذي رفرف طويلاً فوق أبنية القاهرة، أصبح من الصعب على أي ساريةٍ مصرية أن تحمله، ومن المتعذر عليهم إيجاد مبنى يستأجرونه، أو عقارٍ يشترونه، وسيفكر الدبلوماسيون الإسرائيليون آلاف المرات قبل أن يقبلوا العمل في سفارة كيانهم في القاهرة، إذ لن تكون فترة عملهم فيها ممتعة ولا نزهة، وسيجدون أنفسهم مضطرين للعيش في غيتواتٍ مغلقة، وتجمعاتٍ صغيرة دقيقة ومحسوبة، ولن يجدوا من الشعب المصري من يقبل العمل معهم، أو تقديم الخدمات لهم، وإن كانت قصة السفارة العمارة يوماً فيلماً، فقد أضحت اليوم حقيقة لا خيالاً. الإسرائيليون سيتوقعون في الأيام القادمة أحداثاً جديدة، وسيشهدون مواجهاتٍ مختلفة، فلن تتوقف الأحداث عند سفارتهم في القاهرة، ولن يكتفي المصريون بحصارهم والتضييق في عاصمة بلادهم، فسيلاحقونهم في طابا وشرم الشيخ، وفي سيناء وفي أسوان، وفي كل مكانٍ كانوا يرتادونه ويستمتعون به، وما لم يتمكنوا من تحقيقه هذه المرة فإن الأيام القادمة كفيلة بتحقيقه، وسيكون هدفهم القادم اتفاقية كامب ديفيد المذلة، التي مست سيادتهم وكرامتهم، والتي عزلتهم عن محيطهم، وأساءت إلى تاريخهم، وأبعدتهم عن أدوارهم القومية، فالمصريون الأصلاء الشرفاء قادمون، يحملون معهم مطارقهم وفؤوسهم وكل آلات الطرق عندهم، ليقولوا للإسرائيليين قد أخطأتم كثيراً عندما ظننتم أن هذا الشعب قد نام واستكان، وأنه رضي بالذل والهوان، واستبدل رأسه المرفوعة بكسرة خبز أو قطعةٍ من قماش، وقبل بالعيش المهين حارساً للكيان الإسرائيلي، ومعادياً لنفسه وأهله وشعبه وأشقائه الفلسطينيين، يتآمر معهم ويقاتل إلى جانبهم، ويسكت عن اختراقهم له، وعبثهم بأمنه وسيادته، فذلك النموذج المخزي الذي أراده مبارك لشعب مصر قد انتهى وولى، وحل مكانه شعبٌ أبيٌ حرٌ أصيل، يتوق إلى الماضي، ويتطلع إلى المستقبل، ويرنو بعيونه إلى العزة والكرامة، ويتطلع إلى جيشٍ مصريٍ قوي، ودولةٍ مصرية عصرية تحرص على حياة وكرامة شعبها، وترفض أن تدفن أبناءها على استحياءٍ بصمتٍ في جوف الليل، وترفض أن تنام عن حقها وتسكت عن قاتل أبنائها ليعود فيقتلها من جديد. لم يكن يتوقع الإسرائيليون أنه سيأتي يومٌ تعود فيه الأمور إلى حقيقتها، وترجع مصر إلى مربعاتها الأصيلة الأولى، وموقعها الريادي الأول، ولكن ثورة مصر وشعبها صنفتهم من جديد أنهم أعداء غير مرغوبٌ بهم، ووجوهٌ غير مرحبٍ بها، وأن عليهم الرحيل والمغادرة، واليقين بأنه لم يعد لهم في مصر مكان، فلا المصريون يرحبون بهم، ولا شمس بلادهم الحارة ترغب أن تلون أجسادهم، ولا أن تلوح وجوههم، وقد أدرك الإسرائيليون أنه لم يعد في مقدورهم أن يتجولوا في شوارع مصر، ويشتروا من أسواقها، ويعبثوا بأمنها وسيادتها، فقد باتت أصوات جيرانهم في السفارة مرتفعة، وإرادتهم قاهرة، ويستطيعون أن يجأروا بحقهم بلا خوفٍ من أمنٍ مركزيٍ يلاحقهم، ولا وزير داخلية يستمد القوة من ولاءه لهم، وسهره على راحتهم، ويطالبون برحيلهم، ويرفضون جوارهم، ويمتنعون عن تقديم الخدمات لهم، ولعل جمال وخيول وحمير الجيزة والهرم ترفض أن يمتطيها الإسرائيليون، وأن يستمتعوا بالتجوال على ظهورها، مقابل بضعة دولاراتٍ أصبح المصريون يرون أنها نقود قذرة وملوثة، وأن أصحابها لا يقلون عنها خسةً ونذالة وحقارة، فهي أموالٌ لشراء الذم وقتل الضمائر واسترقاق النفوس، فالمصريون ليسوا في حاجةٍ لها، ولا يرغبون أن يشتروا حليب أطفالهم منها، أو يربوا صغارهم عليها، فهي أموالٌ عليهم وعلى أولادهم حرام، لا يستحلونها ولا يرغبون في كسبها. moustafa.leddawi@gmail.com دمشق في 12/9/2011
د. عبد الستار قاسم
ظهر مأزق إسرائيل الاستراتيجي بوضوح بعد حرب تموز/2006، وتعزز وضوحه في حرب الكوانين على غزة، 2008/2009. فشلت إسرائيل في جنوب لبنان على الرغم من أن الحرب استمرت ثلاثة وثلاثين يوما، ولم تحقق أهدافها السياسية في غزة على الرغم من استمرار الحرب مدة ثلاثة وعشرين يوما. جيش إسرائيل لم يعد قادرا على حسم المعارك، ولم يعد قادرا على تنفيذ التهديد الذي يطلقه قادة الصهاينة السياسيين ضد هذه الجهة أو تلك. لقد وجدت إسرائيل نفسها أمام مأزق استراتيجي كبير بحيث أنها لم تعد تهيمن تماما على المنطقة، ولا تستطيع أن تشن حربا في أي وقت تشاء، ولم تعد هي بمنآى عن صواريخ الطرف الآخر. لقد تصدعت نظريتها الأمنية التقليدية، وأصبح لزاما عليها أن تطورها بطريقة تتناسب مع الأوضاع المستجدة. لكنها تدرك أيضا ان الطرف المقابل ليس غافلا، وهو يعمل ليل نهار على تطوير قدراته العسكرية وتكتيكاته، ويطور رؤاه الأمنية والعسكرية والاستراتيجية. أضاف شعب مصر بثورته بعدا استراتيجيا جديدا للقوى العربية والإسلامية التي تواجه إسرائيل. الثورة المصرية بحد ذاتها تعبر عن إرادة عربية مصرية حرة، وهي تصر على الحرية والاستقلال ليس لمصر فقط وإنما لكل الأقطار العربية. ويكفي أنها خلعت أكثر نظام عربي ملتزم بالأمن والمصالح الإسرائيلية. لكن شعب مصر لم يتوقف فيما يتعلق بإسرئيل عند حد التحرر من التزامات مصر تجاه إسرائيل، وإنما يصر على خلع إسرائيل من أرض الكنانة، واستعادة سيناء لتصبح جزءا لا يتجزا من السيادة المصرية الكاملة. ما قام به شعب مصر في الأيام الأخيرة من السيطرة على سفارة الصهاينة في مصر يعبر عن هذه الإرادة المصرية الصلبة التي لا تهون ولا تذل. وقد صدق شعب مصر موقفه من الصلح مع إسرائيل وإقامة علاقات اعتيادية معها. شكك كثيرون عبر ثلاثين عاما بإرادة شعب مصر، وبموقفه من إسرائيل، لكن الشعب أتاهم بالخبر اليقين. تدرك إسرائيل أن المسألة ليست فقط سيطرة على سفارة وطرد سفير، وإنما تتعلق بتغيير جذري في السياسة المصرية تجاهها وتجاه أعمال المقاومة والعلاقات مع الدول الغربية عموما. أي أن المسألة ستمتد إلى إعادة بناء الجيش المصري، والإصرار على دخول سيناء عسكريا وحتى الحدود الافتراضية بين مصر وفلسطين، وإعادة تقييم العلاقات الإقليمية والدولية. وتدرك إسرائيل أن جبهة مغلقة، بل حليفة قد أغلقت، وأنها ستتحول تدريجيا إلى جبهة مفتوحة ضدها سواء من خلال أعمال مقاومة سرية تنطلق من سيناء، أو دعم المقاومة الفلسطينية في غزة، أو في مواجهة مباشرة مع الجيش المصري. لقد كانت إسرائيل في ورطة استراتيجية، والآن هي في ورطة تتعمق بالمزيد. شعب مصر سيغير الكثير من العلاقات القائمة الآن في المنطقة العربية الإسلامية. على الأقل ستؤثر مصر في مواقف العديد من الدول العربية تجاه إسرائيل والتطبيع معها، وسيتم التركيز على البناء العسكري جنبا إلى جنب الجهود الديبلوماسية، وستتغير تحالفات على مستوى منطقة الخليج وإيران. ومهما كانت التغيرات التي ستحدث فإن إسرائيل هي الخاسر الأول. ربما هناك بعض أصوات عميلة سورية تنادي بالاعتراف بإسرائيل، وهي أصوات معزولة لا يوجد لها امتداد في الشارع السوري، لكن الحراك في المنطقة يشير بوضوح أن إرادة الشعوب العربية التي تناهض إسرائيل هي التي ستسود. من المفروض والمطلوب أن يستفيد الفلسطينيون من هذا الوضع العربي الجديد، ومن المأزق الصهيوني المتعمق. واضح أن الميزان العسكري أو الاستراتيجي في المنطقة قد تغير وتبدل، وان الميزان الذي كان لم يعد قائما. السلطة الفلسطينية تفاوض الآن وتتحرك ضمن ميزان استراتيجي قد دُفن، ولم يعد قائما، ومن المفروض أن تدرك الميزان الجديد وتتحرك ضمنه لأنه عبارة عن حقيقة موضوعية قائمة. المفاوضات التي تخوضها السلطة الفلسطينية هي إفراز لميزان قوى قد اهترأ وأصبح في ذمة التاريخ، وإذا كان لها أن تحقق إنجازا فإن الاستفادة من الميزان الجديد يعبر عن حكمة سياسية واستراتيجية. أي أن الخروج من الدوامة التفاوضية القائمة حاليا والولوج إلى داخل التفاعلات الاستراتيجية الإقليمية سيشكل مكسبا كبيرا للفلسطينيين.
ياسر الزعاترة
تحلُّ اليوم الذِّكرى العاشرة لهجمات سبتمبر التي هزَّت العالم أجمع، والتي لا زال هناك- بعد عشر سنوات على وقوعها- مَن يُمارِي في نِسْبَتِها إلى تنظيم القاعدة، رغم شهودها الأحياء (في سجون الولايات المتحدة) مِمَّن شاركوا في تخطيطها، ورغم أسماء المنفِّذين وعناوينهم وصورهم وسائر المعلومات الموثَّقة حول تفاصيل العملية منذ أن كانت مجرَّد فكرة أقرب إلى الحلم، حتى تنفيذها صبيحة الحادي عشر سبتمبر عام 2001م. أتذكر الآن- بعد عشر سنوات على الهجمات- كيف اسْتَنَد البعض في رفض نسبتها لتنظيم القاعدة التي أكَّدنا مسؤوليته عنها منذ اليوم الأول تبعًا لعددٍ من المعطيات الواضحة، كيف استندوا إلى دِقّة الهجمات وحسن تخطيطها، ومنهم محمد حسنين هيكل الذي نقل عن « مصادر في بروكسل » نسبتها إلى منظمات صربية!! لكأنَّ المسلمين لا يُحْسِنون غير الفشل، مع أنَّ الفشل والنجاح هنا لا يتعلَّق بشرعية العملية من الناحية السياسية والأخلاقية، لاسيما أنَّ أكثرية علماء المسلمين قد رفضوها تبعًا لاستهدافها مدنيين غير محاربين من خلال طائرات مدنية فيها رُكّاب أبرياء من شتَّى الجنسيات ومن بينهم مسلمون. لنَدَعْ ذلك كله ونتحدث عن التداعيات التي خلَّفتها الهجمات بعد عشر سنوات على وقوعها، ليس على تنظيم القاعدة، وإنَّما على الولايات المتحدة التي قادَتْ حروبًا من أجل الثأر لكرامتها المستباحة. اليوم بعدَ عشر سنوات على الهجمات يُمْكِنُنا القول بكل بساطة: إنَّ الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر، وللمفارقة فقد كان هذا رأينا منذ البداية؛ حيث تَبنّينا وجهة نظر تقول: إنَّ الثأر المجنون الذي سيقوده جورج بوش سيؤدِّي إلى خسائر هائلة للولايات المتحدة على مختلف الأصعدة. حوالي 4 تريليون دولار خسائر أمريكا المباشرة وغير المباشرة جراء حروبها الثأرية على خلفية هجمات سبتمبر، ناهيك عن أكثر من خمسة آلاف قتيل من العسكريين (عدد المدنيين غير معلوم)، وعشرات الآلاف (قد يكون الرقم أكبر) من الجرحى أكثرهم من المعوّقين الذي تكلف رعايتهم عشرات المليارات. منذ هجمات سبتمبر وأمريكا تخوض حروبًا عبثية، من أفغانستان إلى العراق، الأمر الذي استنزفها على مختلف الأصعدة، ناهيك عن كُلْفة الإجراءات الأمنية الرهيبة التي اتخذت من أجل الحيلولة دون تكرار الهجمات أو ما يُشْبِهُها. كانَ بوسع أمريكا أن تستثمر الهجمات في كسب التعاطُف الدولي كما وقع في الأيام الأولى، لكن إصرار بوش على حروبه العبثية هو الذي أفْضَى إلى تلك الخسائر الرهيبة. ونعلم أنَّ بوش لم يذهب إلى العراق انتقامًا لهجمات سبتمبر، وإنَّما تنفيذًا لأجندة صهيونية إمبريالية (تكريس القرن الإمبراطوري الأمريكي الجديد). وقد قال جورج تينيت مدير السي آي إيه السابق: إنَّ بوش دخل البيت الأبيض وفي جيبه قرار الحرب على العراق، وما لم يقله: إنَّ الرجل كان يطارد أساطير توراتية تعلمها على أيدي قساوسة الكنائس المعمدانية الجنوبية المتعصبة، والتي باتَتْ رصيدًا لليمين الصهيوني في الولايات المتحدة. بعد عشر سنوات على هجمات أيلول لا مجال لمقارنة خسائر القاعدة بخسائر أمريكا؛ لأنَّ القاعدة مجرد تنظيم صغير، وغياب مثل هذا التنظيم أو نهايته، مع أنَّه لم ينتهِ عمليًّا لا تعني الكثير، في حين كان العالم قبل تلك الهجمات خاضعًا لسطوة أكبر وأقوَى إمبراطورية في التاريخ البشري، وإذ به بعد عشر سنوات أمام قوة من نوع آخر لم تَعُد تَمْلِك ذات السطوة ولا ذات النفوذ، فيما تتخبط في أزمة مالية مستعصية. وللتذكير فقد كانت أُمّتنا من أكثر المتضررين من التفرُّد الأمريكي بالشأن الدولي، لاسيما خلال حقبة جورج بوش بأجندته الصهيونية المعروفة. مرة أخرَى نؤكّد أنَّ ذلك لا يدلّ على صواب الهجمات من الناحية الشرعية والأخلاقية، مع أنّ لمنفذيها مبرراتهم الخاصة، وقد كان بإمكان أمريكا استثمارها على نحوٍ مختلفٍ يكرِّس قوتها ونفوذها ويزيد في خسائر المسلمين من جَرَّائها. لا يعنِي ذلك أنَّ المسلمين لم يخسروا بسببها، لكن المؤكَّد أن احتلال العراق كان سيقع في كل الأحوال (لم يستند قرار الحرب إلى أيِّ مبرر أخلاقي أو قانوني ورفضته غالبية دول العالم)، بينما كانت الخسارة في أفغانستان، فضلاً عن مسألة الإرهاب التي سادت العالم وأدَّت إلى خسائر لا بأس بها للمسلمين. في أيِّ حالٍ، فقد كانت أمريكا هي الخاسر الأكبر، وفي هذا خير للمسلمين ولكل المستضعفين دونَ شكٍّ (التعددية القطبية هي الخيار الأفضل لكل العالم)، وقد رحل أسامة بن لادن قبل أن يشهد الذكرى العاشرة، ولو بَقِي حيًّا لأصدر تسجيلاً يعدِّد فيه مزايا « غزوة مانهاتن » والإنجازات التي تحققت بسببها بعد عقد على وقوعها كما فعل ذلك في ذات المناسبة غير مرة خلال السنوات الماضية. المصدر: البشير للأخبار