الاثنين، 5 فبراير 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2450 du 05.02.2007

 archives : www.tunisnews.net


مجلة « كلمة »:تونسيّون في غوانتانامو النقابيون الراديكاليون: بــــلاغ

الوطن: الحكومة التونسية تكشف تورّط مسلّحي الإشتباكات الأخيرة في « محاولة لقلب نظام الحكم » و تُبرّؤهم من الإعداد لضرب سفارات الموقف: التنكيل بعائلات الموقوفين من التيار السلفي الموقف: تعريف عامّ للفكر السلفي الموقف: ذهنيّة الإرهاب…لماذا يقاتلون بموتهم؟

«الحياة» تحاور الفكر العربي: أين نحن في العالم؟ متى ينتهي الانحدار؟ أي دور للمثقف؟ … المنصف المرزوقي صـابر: الطلاق بالإكراه .. وأشياء أخرى لكسر إرادة المعارضين التونسيين صابر التونسي: ســــــــواك 16 عباس: الي ومتاع الشعبه (حاشاكم) : فَرْسِيُونَات الصحافة متاعكم عبدالباقي خليفة :  إلى السيد لاشين حيدر وكل اليساريين الشرفاء  تحية وعلى درب المواطنة نلتقي  لاشين حيدر: تبعا لرد السيد عبد الباقي خليفة الوارد بموقع الحوار نت مرسل الكسيبي: بورقيبة الزعيم : مدرسة وطنية مجددة لابد أن نرفع عنها كل تقديس د. خالد شوكات: مناعة تونس البورقيبية حسين المحمدي :المجتمع الدولي والسلطات العربية والإرهاب؟ الحياة: مفتي مصر يجيز تولي المرأة رئاسة الدولة جمال أحمد الحاجي: رسالة وفاء .. الى صديق الحرية الدكتور محمد الهاشمي .. موقع « البرهان »: موقف الإمام الطاهر ابن عاشور من الشيعة في تفسيره (التحرير والتنوير) محمد المحسن حمدوني:بن علي ينقذ تاريخ الأمة الهاشمي بن علي: مقدمات منهجية


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


دهـالـيـز

لطفي حيدوري

تونسيّون في غوانتانامو

أرسلت منظمة »reprieve » الى المجلس الوطني للحريات بتونس رسالة تعلمه فيها إنّ 12 معتقلا تونسيّا بغوانتانامو منذ 5 سنوات يعيشون مأساة حقيقية بين ظروف سجنهم وتعبر فيها عن خشيتها على مصيرهم في صورة ترحيلهم إلى تونس، طالبة التعاون معه في هذا الملف.

وقد وكّل هؤلاء المساجين المنظمة المذكورة للدفاع عنهم وهم:

رفيق بن بشير الحامّي 37 سنة من العمران- تونس

ومحمد عبد الرحمن 41 سنة

والهادي بن الهذيلي الهمامي 37 سنة

وعمر بن عبد الله 50 سنة

وعادل بن أحمد الحكيمي 41 سنة من بن عروس

وهشام بن علي السليطي 40 سنة من حمام الأنف

ورضا بن صالح اليزيدي 41 سنة من النفيضة

وسيف بن عبد الله 33 سنة

وعادل بن حميدة 36 سنة

وعبد الله بن محمد الورغي 41 سنة

ورياض بن محمد الطاهر ناصري 40 سنة من قفصة

ولطفي لاغة 38 سنة.

ولم تسع السلطات التونسية إلى إطلاق سراح مواطنيها المحتجزين في غوانتانامو، غير أنّ تونسيّين حاصلين على الجنسية الفرنسية كانا قد أفرج عنهما في وقت سابق وعادا إلى فرنسا بعد مساع كبيرة قامت بها الحكومة الفرنسية.

رئاسة الجمهورية تختار أمينا عاما على التكتل

أثيرت من جديد دعوى قضائية ضد الدكتور مصطفى بن جعفر الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات رفعها المنصف الوحيشي الذي يدّعي صفة الأمين العام. وكانت المحكمة قد قضت ببطلان هذا الادعاء في مناسبة سابقة، إلاّ أنّ محامي الوحيشي استند هذه المرة في دعواه إلى شهادات من رئاسة الجمهورية ومن الحكومة والبرلمان مضمونها مجموعة من بطاقات المعايدة والتهاني وجّهها إليه الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية وإدارة التشريفات برئاسة الجمهورية والوزير الأوّل ورئيس البرلمان خاطبوه فيها بصفته الأمين العام للتكتل من أجل العمل والحريات.

وقد حددت الجلسة بالمحكمة الابتدائية بتونس ليوم 13 مارس 2007.

موظفون مطرودون يقاضون المعهد العربي لحقوق الإنسان

تنظر المحكمة يوم 13 مارس القادم في قضية الطرد التعسّفي التي رفعها عدد من المطرودين من المعهد العربي لحقوق الإنسان منذ سبتمبر 2005 ومن بين هؤلاء من له أقدمية في العمل بالمعهد لـ13 سنة و15 سنة.

كتب مرهونة في وزارة الثقافة

لا يزال فريد خدومة في انتظار الحصول على الإيداع القانوني لكتبه « من أجل عقل إسلامي عام » الذي قام بإيداعه منذ جانفي 2006 ومجموعة شعرية بعنوان « الصعلوك » منذ نوفمبر 2006. وكان فريد خدومة السجين السياسي السابق قد نشر على نفقته الخاصّة سنة 2000 رواية « ترشيش الأعرج » التي كتبها خلال سنوات سجنه (1991- 1999).

(المصدر: مجلة « كلمة » (شهرية ألكترونية – تونس)، العدد 50 لشهر فيفري 2007)

الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=452

 

النقابيون الراديكاليون

بــــلاغ

 تونس، في 02/02/2007 

على اثر مثول الرفيق حسين بن عون للمرة الثالثة للمحاكمة يوم الأربعاء 31/01/2007 دون موجب قانوني على اعتبار ان تهمته هي اقتحام الكلية التي يتحمل بها  مسؤولية نقابية باعتباره عضو لجنة مفوضة للاتحاد العام لطلبة تونس كلية الحقوق بصفاقس، تم إطلاق سراحه ليتواصل مسلسل محاكمته يوم الأربعاء 14/02/2007 وعليه يهم النقابيين الراديكاليين ان يتوجهوا للرأي العام الوطني والديمقراطي بالتالي:

1- ان هاته الحملة التي يتعرض لها منا ضلونا لن تزيدنا الا إصرارا على المواصلة في نهج النضال والدفاع عن حقوقنا المشروعة.

2- استعدادنا للدفاع عن منا ضلينا بكل الأشكال والوسائل المتاحة.

3- إن هاته الحملة لن تثني عزائمنا في إنجاز المؤتمر الموحد للاتحاد العام لطلبة تونس حتى نقطع الطريق امام كل الأطراف المتمعشة من أزمته.

هذا ولا يفوتنا أن توجه برسالة شكر الى كل المحامين الذين لم يتوانوا في  الوقوف إلى جانبنا في الدفاع عن كل الرفاق الذين تعرضوا للمحاكمة. كما لا يفوتنا ان نتوجه بالشكر إلى كل المنظمات التي عبرت عن مساندتها لنا.

النقابيون الراديكاليون

دائرة الإعلام


 

الرئيس زين العابدين بن علي يؤكد أهمية دور الأحزاب والمنظمات في إثراء الحياة الوطنية

قرطاج 05 فيفري 2007 ( وات ) – اكد الرئيس زين العابدين بن علي لدى استقباله اليوم الاثنين السيد المنذر ثابت الامين العام للحزب الاجتماعي التحررى اهمية دور الاحزاب والمنظمات في إثراء الحياة الوطنية ومكانة المشروع الديمقراطي والتحديثي في توجهاته الإصلاحية .

كما اكد سيادة الرئيس ان الثوابت الوطنية تبقى هى القيم المرجعية لكل العائلات الفكرية والسياسية والولاء لتونس وحدها .

جاء ذلك في تصريح السيد المنذر ثابت الذى ذكر انه نقل لرئيس الدولة مشاعر التقدير والاحترام من مناضلي ومناضلات الحزب الاجتماعي التحررى وعرفانهم بالجميل لما حققه لتونس وللتونسيين جميعا من انجازات تاريخية .

وأضاف قوله // وأكدت لسيادة الرئيس التزامنا التام بالثوابت الوطنية وعملنا من اجل إثراء المشهد السياسي ضمن رؤية تحررية تلتزم بخصوصيات الظرف وتستجيب لطموحات الأجيال الصاعدة لغاية تنشئتها على قيم الاعتزاز بالانتماء إلى الوطن والذود عن مكانته في كل المحافل الدولية والحرص على وحدته وصيانة استقلاله فالولاء لتونس وحدها والوفاء لمبادئ التحديث السياسي كما رسمها التغيير يوم السابع من نوفمبر بقيادة الرئيس زين العابدين بن علي.

(المصدر: وكالة « تونس إفريقيا للأنباء » (رسمية) بتاريخ 5 فيفري 2007)


تذكّرت والدها المتوفى فسكرت حتى الثمالة وهاجـــت في الطريق العــام

صفاقس – الاسبوعي أحضرت يوم الثلاثاء الفارط (30 جانفي 2007، التحرير) فتاة موقوفة وقد جاء في ملف قضيتها أنها خلال الايام الفارطة شربت الخمر حتى الثمالة وخرجت للشارع تترنح وتثير الهرج مما لفت انتباه دورية أمنية فتم اقتيادها إلى مقر الفرقة لكنها تهجمت على الأعوان وتفوهت نحوهم بكلام بذىء.

وبإحالتها على هيئة المحكمة سألها رئيس المحكمة عن سبب تناولها الخمر فأجابته بأنها تذكرت والدها المتوفي فخاطبها قائلا: «عوض أن تقرئي على روحه الفاتحة شربت الخمر وتطاولت على أعوان الأمن» ولكنها اعترفت بتناولها الخمر فقط وأنكرت اعتداءها لفظيا على الأعوان وبعد ذلك أخرت الجلسة ليوم غد الثلاثاء (6 فيفري) للتصريح بالحكم.

الحبيب فراجة

(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 5 فيفري 2007)


مؤسف: أحدثوا هرجا وشجارا رفقة فتيات ومسؤول

3 لاعبين شاركوا في مونديال كـرة اليد ضبطــوا سكــارى ليلــة الأحـد

أخفق كما هو معلوم المنتخب الوطني التونسي لكرة اليد في الظهور بمستواه العادي خلال بطولة العالم بألمانيا التي أسدل الستار عليها أمس وعادت عناصرنا الوطنية يوم الاربعاء الى تونس يجرون أذيال الخيبة بعد أن كانوا أصابوا ملايين التونسيين بالاحباط. وقد فضل بعضهم الاحتفال بهذه الهزيمة المخجلة عوض العودة لبذل الجهد والمثابرة فقد تحول ثلاثة ممن شاركوا في بطولة العالم الاخيرة ليلة الأحد الى سوسة رفقة فتيات ومسؤول رياضي. وتناولوا مشروبات كحولية باحدى المؤسسات السياحية طوال ساعة من الزمن غادروا بعدها المكان متوجهين الى ملهى ليلي وهم سكارى ليواصلوا السهرة ويعاقروا الخمرة مجددا ولكن فجأة نشب شجار حاد بينهم وبين مجموعة أخرى من حرفاء الملهى ولولا التدخل السريع للحاضرين لحصل ما لا تحمده عقباه. ويعود نجاح الحاضرين في فضّ النزاع الى تأكدهم من أن أحد طرفيه عناصر دولية في كرة اليد وهو ما أثار في الآن نفسه استياء الجميع.. فبمثل هذه الحال قد نجد تفسيرا لضعف مشاركتنا في المونديال .

صابر المكشر

(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 5 فيفري 2007)


صدور الحكم ضد وسام العابدي ويامن بن زكري في مصر

غرامــة مالية بـ 500 جنيــه لكـل منهمـا

 

الاهلاوي دوما في ترصد الزملكاوي والعكس بالعكس في الدوري المصري وهذا التنافس أوقع لاعبينا يامن بن زكري ووسام العابدي في قضية كادت تتطور الى ما لا يحمد عقباه وأصلها أن هذا الثنائي أوقف سيارتهما مساء الثلاثاء الماضي في موقع محجر واسترخصا من رجل الشرطة ذلك لكن لما رجعا الى السيارة وجدا عجلات السيارة كلها خاوية من الهواء مما أدى الى مشاجرة انتهت بنقطة الأمن ولم تكن مغادرته الا بكفالة مالية قدرها 500 جنيه واتضح ان من تعمد الاعتداء أهـــلاوي علمــا وأن اخـــر نتيجـــة للعابـــدي وبن زكــري مع الزمالك هي الانتصـــار عـــلى الاولمــبي (1 – 0) في تصفيات الكأس.

(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 5 فيفري 2007)

 


أخبار قصيرة من الموقف

 

مجلس تأديب

أحيل يوم السبت 27 جانفي نشطاء نقابيّون من الإتّحاد العام لطلبة تونس على مجلس تأديب بكلّية الحقوق بسوسة، وهم سناء فرجي التّي اتُّهِمت ب »التهجّم على عون إداري أثناء قيامه بمهامه » بعد ان تمسّكت بحقّها في الدخول للكليّة بخمارها، وشاكر السيّاري وصابر اللطيفي ومروان ميغرين الذين اتّهموا ب »الإعتداء بالعنف على طالب ». وقرّر المجلس توجيه « توبيخ » إلى فرجي وطرد السيّاري لمدّة 3 أشهر وحفظ الملّف للطيفي وميغرين. وقد شهدت الكليّة وعدّة أجزاء جامعيّة أخرى بالمنستير وسوسة والقيروان وتونس تحرّكات مساندة.

جواز سفر

مازال الزميل غسّان بن خليفة الصحفي بجريدة « الموقف » وعضو اللجنة المركزيّة للحزب الديمقراطي التقدّمي محرومًا من جواز سفره، الذي تقدّم بمطلب تجديده منذ يوم 18 نوفمبر 2006 الى مركز الحرس الوطني بحمّام الشطّ. علمًا وانّ الزميل قد تمّ استدعاءه في شهر ديسمبر إلى منطقة الأمن بحمّام الأنف بغية « التعرّف عليه أكثر »، حيث أكّد له رئيس فرقة « الإرشاد السياسي » انّه سيتسلّم جواز سفره في ظرف أسبوعين، وهو مالم يحصل رغم انّ الإجراءات الإدارية لا تستغرق أكثر من عشرة أيّام في العادة. 

شهادات تاريخية  

تستضيف « مؤسّسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات » يوم السبت 03 فيفري الجاري مدير الحزب الإشتراكي الدستوري الأسبق السيّد محمّد الصيّاح في إطار سلسلة الشهادات التي يدلي بها مسؤولون في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. ومعلوم انّ السيّد محمّد الصيّاح كان يشغل منصب وزير التجهيز عند تنحية الرئيس بورقيبة في نوفمبر 1987 

فيلم عن بورقيبة

تستعد قناة « العربية » لبث فيلم وثائقي عن الرئيس الحبيب بورقيبة في عدة حلقات وهو الأول من نوعه. وعلمنا أن الزميل ماهر عبد الرحمان اعتمد في إعداد الفيلم على تسجيلات ووثائق نادرة تحصل على كثير منها من البلدان التي زارها الرئيس الراحل ومن بينها الولايات المتحدة. 

محامون 

يعقد المحامون جلسة عامة يوم 10 فيفري الجاري لمناقشة مشروع النظام الداخلي لهيئتهم الوطنية. ومعلوم أن الهيئة تفتقد حتى الآن قانونا داخليا ينظم نشاطاتها. وقد أعدت الهيئة الحالية برئاسة العميد عبد الستار بن موسى مشروعا ينظم أخلاقيات المهنة أي واجبات المحامين وحقوقهم وتمت مناقشة المشروع في عدة مناسبات سابقة مما ساعد على وضع الإصبع على بعض النواقص التي سيتم تداركها. وينتظر أن تصادق الجلسة العامة بالأغلبية المطلقة للحاضرين على المشروع.

مكتب سياسي 

يعقد المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي إجتماعه الدوري يوم الاحد 4 فيفري القادم بالمقر المركزي للحزب لمناقشة جملة من القضايا السياسية والتنظيمية. 

استقالة 

تقدم السيد شكيب نويرة الرئيس المدير العام لبنك تونس العربي الدولي باستقالته الى مجلس الادارة وعلمنا ان الدافع الى هذا القرار خلاف مع مجموعة مبروك المساهم الرئيسي في البنك. وسينظر المجلس المسير للبنك في الاستقالة للبت فيها خلال اجتماعه القادم 

كيف نبني المغرب العربي؟

تنظم الزميلة « مواطنون » لسان التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ندوة اليوم الجمعة 2 فيفري بمقر التكتل بالعاصمة موضوعها « دور المجتمع المدني في بناء المغرب العربي الكبير ». يحاضر في الندوة التي يفتتحها الدكتور مصطفى بن جعفر الأساتذة مصطفى الفيلالي وعبد الجليل بدوي وحفيظة شقير وفيليب كوردوري والأمجد الجملي وسمير بالطيب وهرليم ديزير.

ندوة سياسية 

تستعد « المبادرة الديمقراطية » لعقد ندوة سياسية يومي 9 و10 فيفري الجاري تمهيدا للمؤتمر الوطني المنوي عقده لاحقا. ومن المتوقع أن تكون الندوة حاسمة في تحديد قرار العناصر المستقلة التي تعتزم تشكيل كيان موحد مع « حركة التجديد ».

تأخير النظر في شكوى القاضيات 

قررت المحكمة تأخير الجلسة المخصصة للنظر في الدعوة التى تقدمت بها السيدات القاضيات وسيلة الكعبي وكلثوم كنّو وروضة القرافي الى يوم 17 فيفري القادم وذلك استجابة لطلب نائب المدعى عليه السيد طارق براهم الرئيس الحالي لجمعية القضاة. علما وان موضوع الدعوى ابطال المؤتمر الذي عقدته الجمعية في 3 ديسمبر 2006 وكذلك ابطال الجلسة العامة المنعقدة في 31 جويلية 2006 والقرار الصادر عنها بتنقثيح الفصل 13 من القانون الاساسي للجمعية الذي يحرم قضاة داخل الجمهورية من الترشح لعضوية المكتب التنفيذي. علما وانه في تم في البداية نشر القضية بالدائرة المدنية الخامسة التى يتراسها القاضي محمد بوستة والتى تعقد جلساتها عادة يوم الجمعة، الا انها احيلت على الدائرة المدنية الاولى التى تتراسها القاضية ماجدة الخروبي وتعقد جلساتها عادة يوم السبت، ولذلك لا يمكن للمرء الا ان يتساءل عن الاسباب التى تقف وراء هذه الاحالة؟ ومقارنة مع القضايا التى تم نشرها في ديسمبر 2005 طعنا في المؤتمر الاستثنائي يلاحظ ان مدة التأخير طويلة (4 اشهر). يذكر ان جلسات القضية الاولى كانت متقاربة، بل وصل الامر الى رفض الاستجابة لطلب التاخير لإضافة نسخة من الحكم الإستعجالي.

جواز سفر 

مازال الزميل غسّان بن خليفة الصحفي بجريدة « الموقف » وعضو اللجنة المركزيّة للحزب الديمقراطي التقدّمي محرومًا من جواز سفره، الذي تقدّم بمطلب تجديده منذ يوم 18 نوفمبر 2006 الى مركز الحرس الوطني بحمّام الشطّ. علمًا وانّ الزميل قد تمّ استدعاءه في شهر ديسمبر إلى منطقة الأمن بحمّام الأنف بغية « التعرّف عليه أكثر »، حيث أكّد له رئيس فرقة « الإرشاد السياسي » انّه سيتسلّم جواز سفره في ظرف أسبوعين، وهو مالم يحصل رغم انّ الإجراءات الإدارية لا تستغرق أكثر من عشرة أيّام في العادة.

(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية – تونس)، العدد 391 بتاريخ 2 فيفري 2007)

 


 

صفاقس: استياء أعوان العدلية من تردّي أوضاعهم

عبّر أعوان العدلية في بيان أمضته الكاتبة العامة نعمة النصيري عن انشغالهم من الوضع الذي تردّى فيه القطاع نتيجة ما اعتبروه انتقاما من الإدارة بتخفيضها غير المبرّر لمنحة أغلبية الأعوان وممثّليهم النقابيين وما قامت به من نقل عشوائيّة للأعوان. واعتبروا أنّ هذه التصرّفات تأتي على خلفية التحرّكات الاحتجاجية بجهة صفاقس (إضرابي جويلية و سبتمبر2006 والحركة الاحتجاجية في ديسمبر200). وأشار البيان إلى أنّ تمادي الإدارة في نهجها المعارض للعمل النقابي خلق جوّا من التوتّر وظروف عمل لا تليق بالموقع السيادي للوزارة، وأكّد أنّ كل هذه الظروف المعيقة وردود الفعل الانتقامية لن تثبط من همّة مناضلي القطاع في الدّفاع عن حقوقهم المشروعة. 

ثروات صحرائنا في خطر

تستقبل بلادنا في هذه الفترة من كلّ سنة عديد الشخصيات المعروفة في الوطن العربي وخارجه لإقامة مخيّمات في صحراء ولاية قابس وقبلي و تطاوين حيث يتمّ اصطياد طائر « الحبارى » وإذا كانت زيارتهم تنعش الاقتصاد المحلّي وتنشّط الحركة التجارية في تلك الولايات فإنّها تشكّل تهديدا خطيرا لثروات صحرائنا وتنذر بانقراض قريب لهذا النّوع النّادر من الطيور. ومن المفارقات أنّ صائدها إذا كان تونسيا يقع تغريمه بما لا يقل عن 500 دينارا. وشرف بعض رجال الأعمال على تأمين هذه الزيارات ويزوّدون الزوّار بكلّ المستلزمات الاستهلاكية كما يقومون بتأجير العمال للعمل في تلك المخيّمات فيتقاضون على كلّ واحد من هؤلاء 40 دينارا يوميا ويدفعون له 10 دنانير، فيكون فائض القيمة وأيّ فائض !! وسيلة للثراء السريع في غيبة تامّة للسلطة عن مراقبة ومحاسبة هذه التجاوزات.

معز الجماعي

(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية – تونس)، العدد 391 بتاريخ 2 فيفري 2007)


خبر من قابس

قابس في4-2-2007

في غياب مقر لجامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي الذي سدت أمامه أبواب الكراء، عقد مكتب الشباب اجتماعه الدوري باحدى مقاهي المدينة واصل خلاله ضبط برنامجه و التخطيط لنشاطاته الجهوية و الوطنية. و قد حضر الكاتب العام للجامعة جانبا من هذا الاجتماع

عبدالوهاب

مراسلة خاصة بالموقع

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 4 فيفري 2007)


 

الحكومة التونسية تكشف تورّط مسلّحي الإشتباكات الأخيرة في « محاولة لقلب نظام الحكم » و تُبرّؤهم من الإعداد لضرب سفارات

* محامي المتهمين يُشكّك في صدقية الملف و يقول « إن المتهمين أعتقلوا قبل تاريخ المواجهات«   

تونس– الوطن – كتب سليم بوخذير كشفت السلطات في تونس أنّ المجموعة المسلّحة التي سبق أن دخلت معها في إشتباكات خلال الأسبوع الأخير من العام المنقضي كانت تنوي « قلب نظام الحُكم و تبديل هيئة الدولة » ، ساحبة عنهم أي إتهام بنية ضرب سفارات أجنبية مثلما سبق أن إتّهمهم وزير الداخلية التونسي جانفيكانون الثاني الماضي . و قال لنا عبد الرؤوف العيادي محامي بعض المُتّهمين ، « لقد تمّ عرض جميع المُتهمين على المحكمة مؤخرا بتهمة التآمر على أمن الدولة و محاولة قلب النظام و ليس بتهم ضرب السفارات و قد كان عددهم 30 و ليس 15 مثلما سبق أن ذكر وزير الداخلية » . و تابع « لقد تمّ حرمانهم عند العرض من حقّ توكيل محامين المكفول في المُدوّنة الجنائيّة التونسية و لم تتسنّ لنا إنابتهم و الإطّلاع على ملفات القضية إلاّ آخر الأسبوع المتخلي حيث فُوجئنا بتناقضات كثيرة بين الدعوى و ما سبق الإعلان عنه رسميا » ، حسب تعبيره . و سبق لوزير الداخلية التونسي رفيق الحاج قاسم أن أعلن السبت 12 جانفي – كانون الثاني 2007 في ندوة للحزب الحاكم في تونس، أنّ الضواحي الشمالية لمحافظة نابل التونسية (60 كلم جنوب العاصمة ) شهدت خلال الفترة من 23 ديسمبر – كانون الأوّل- و 3 جانفي – كانون الثاني ، مُواجهات مُسلّحة بين قوات الأمن التونسي و مجموعة مُسّلحة تتكوّن من27 عنصرا من « السلفيين الجهاديين » . و تابع الوزير أنّهم سرّبوا السلاح من الجزائر و كانوا ينوُون فقط ضرب سفارات أجنبية بتونس تزوّدوا بخرائطها ، وا أنّ المواجهات أسفرت عن قتل 12 من المسلحين و إعتقال ال 15 المتبقيين . و كان المحامي العيادي أوّل محام يُسمح له بتسلّم ملف القضية و بزيارة عُنصر من المتهمين في قضية الإشتباكات المسلحة الأخيرة حيث زار المُتهم محمد الأمين الجزيري (27 سنة) أمس الأوّل السبت بسجن « المرناقية » (محافظة منوبة) . و قال العيادي « أشار ملف القضية إلى أنّ المتهمين تسربوا بالسلاح من الجزائر في ماي- مايو الماضي بينما الوزير سبق أن ذكر أنّ 6 منهم سرّبوه تحت عيون البوليس في ديسمبر- كانون الأوّل ، كما أورد الملف أنّ مواجهتين مسلحتين فقط تمّتا بينما الوزير سبق أن تحدّث عن مواجهات دامت 10 أيام » . و تابع أنّ « الذي فاجأه أكثر هو أن مُنوّبه(الجزيري) وقع إعتقاله منذ 24 ديسمبر 2006 في محافظة سيدي بوزيد (370 كلم جنوب العاصمة) عندما كان بصدد السير في الطريق العام و آخرين أعتقلوا في الفترة ذاتها ، بينما الملف يقول إنّ المواجهات المُفترضة تمّت بعد ذلك التاريخ و بالعاصمة و ليس بمحافظة سيدي بوزيد ، الأمر الذي يُشكّك في قضية حصول مواجهات مسلّحة بالتاريخين و المكانين اللذيْن ذكرهما الإدعاء » ، على حدّ قوله . و قال العيادي « لقد خلا ملف القضية تماما من أي محاضر عرض و تسلم رُفات تُثبت تسلّم 12 عائلة لجثث أبنائهم القتلى في المواجهتين المفترضتين رغم الإشارة إلى هذه المحاضر في القضية ، الأمر الذي يجعل إدعاء وفاة 12 شخصا أصلا من غير دليل » . و تابع « بشأن هذه النقطة بالذات فوجئت أيضا بإشارة السلطات في الملف إلى مقتل عنصرين من ال12 المُفترضين في مواجهة بمدينة حمام الشط و 5 في المواجهة الثانية بمدينة سليمان لكن لا توجد إشارة إلى ظروف وفاة ال5 المتبقيين » . و قال المحامي العيادي « فوجئت أيضا في ملفّ بالإشارة إلى وفاة نقيب في الجيش الوطني بينما الدعوى تقول إنّ المواجهات تمّت بين قوات أمن (فرقة أمنية تُسمّى فرقة مجابهة و قمع الإرهاب تابعة للإدارة العامّة للتدخّل) و ليس مع الجيش و لا نجد أثرا في القضية لشهادات أعوان جيش » . و لم تٌعلن أي جماعة سلفيّة في تونس أو خارجها تبنّيها لما قالت السلطات التونسية إنّها مُواجهات تمّت بين قوات الأمن و « سلفيّين جهاديّين » في ديسمبر – كانون الأول و جانفي – كانون الثاني الماضيين . و إتّهم المحامي العيادي السلطات ب »إخضاع المتّهمين للتعذيب الشديد منذ ديسمبر الماضي في مخافر وزارة الداخلية بغرض تحصيل توقيعاتهم على تُهم لم تثبت بعد و هم يُنكرونها أصلا » ، مُعبّرا عن « خشيته على السلامة الجسدية لهم حتّى بعد إحالتهم من التحقيق إلى السجن، حيث أعلمه مُوكّلة بإستقدام أعوان مُلثّمين قاموا بتعذيبهم في السجن أيضا »، على حدّ وصفه . و قال العيادي « لقد وجدت مُنوّبي في حالة صحية مُؤسفة للغاية و آثار التعذيب الذي تعرّض له لمدة تتجاوز شهر من الزمن ، بادية » ، مُتابعا « لقد فُوجئت بتمييزه هو و باقي المتهمين بملابس خاصة تُشبه ملابس معتقلي غوانتانامو و بمعاملة قاسية عند إصطحابه لمقابلتي حيث يُجبر على الإنحناء ماشيا ممسُوكا من قبل الحارس من أعلى الرأس و كانت تبدو عليه صعوبات في طريقة المشي بسبب تقييد خاص أُخضع له،فهل أصدرت إدارة السجن الحُكم بعقابه و باقي المتهمين بدل المحكمة التي لم تقل كلمتها بعدُ  » . و قال العيادي « كان المُوكّل يرتعش إرتعاشا طوال الزيارة من فرط تعرّضه للصقيع في زنزانات إنفرادية لا يتمتع فيها بأي غطاء »، متابعا « أنكر لي المنوّب أي ضلع له بالتهم المنسوبة له و إنّني أجرّد الإعترافات التي تمّ إنتزاعها منه هو و باقي الموقوفين تحت التعذيب ، من أي مصداقية  » . و من جهتها ندّدت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين في بيان لها اليوم بما وصفته ب » تعرّض هؤلاء المتهمين لإساءة المعاملة حيث يقبعون في غرف تفتقر لأبسط الظروف الصحية و تنعدم فيها التهوئة والإضاءة و هي شديدة البرودة و الرطوبة كما يخضعون لسياسة التجويع والضرب و التهديد بالشنق و الترويع »، حسب وصف البيان . و لم يتسنّ لنا الحصول على أي تعليق رسمي من الدوائر الحكومية التونسية على هذا الموضوع  

(المصدر: صحيفة  الوطن بتاريخ 5 فيفري 2007)


التنكيل بعائلات الموقوفين من التيار السلفي

محمد الحمروني

على أحرّ من الجمر تعيش عشرات العائلات التونسية في الآونة الأخيرة أيامها وجزءا كبيرا من لياليها بسبب فقدانها احد أفرادها. عشرات الأمهات والآباء ينزلون العاصمة، ومنهم من يزورها لأول مرة، يجوبون شوارعها بحثا عمّن يعطيهم أي خبر عن فلذات أكبادهم. وبخطى مثقلة وظهور منحنية من الهموم يتنقل آباء الموقوفين وأمهاتهم بين مقرات منظمات وجمعيات حقوق الإنسان ومراكز الاعتقال، يطلبون العون والمشورة ويشْكون لوعة فراق أحبّتهم. القاسم المشترك بين المناطق التي شهدت تلك الإعتقالات هو كونها مناطق غابية أو هي قريبة من مكونات غابية، والقواسم المشتركة بين المعتقلين صغر سنّهم ومواظبتهم على أداء الصلاة في المسجد بما في ذلك صلاة الصبح إضافة إلى كون الأغلبية الساحقة منهم طلبة بالجامعة.

اما القاسم المشترك بين عائلات الموقوفين فهو تعرضها لتجاوزات عديدة التعديات تمتد من المسائلة الى اقتحام منازلها وتفتيشها، كما تشترك تلك العائلات في الجهل بمصير أبنائها. أول من إلتقيناها من تلك العائلات كانوا أهالي مجموعة من الشبان الموقوفين من مدينة رأس الجبل، جاؤوا يبحثون عن اثر لأبنائهم في مراكز الاعتقال في العاصمة. ونظرا لغرابة ما قدم لنا من معلومات قرّرنا حزم أمتعتنا والوقوف على تلك الأحداث وقفة من رأى لا من سمع.

تقع مدينة رأس الجبل في أقصى الشمال وإلى الشرق من مدينة بنزرت، عرف أهلها بحبهم للعمل وبرعوا خاصة في الفلاحة وتربية الماشية، وكعهدها طوال تاريخها الطويل تنام عروس الشمال الشرقي هادئة على سواحل شاطئ متوسطيّ جميل لم تعكّر صفوه الوحدات الفندقية الضخمة، فحافظ على نقاوة رماله وعذارة أدغاله المحيطة به. لكن هذه الهبات الطبيعية الجميلة تحولت من نعمة إلى نقمة على أهل هذه المدينة خاصة بعدما أصبحت المناطق الغابية وشبه الغابية « متهمة حتى تثبت براءتها » بسبب الأحداث التي دارت في سلسلة جبال بوقرنين والرصاص وفي الأحراش القريبة من مدينة سليمان.

يقول البعض من أهالي المدينة ممن تجرؤوا على الكلام أن « متاعبهم » بدأت قبل أحداث الضاحية الجنوبية، فقد دأبت قوات الأمن على استدعاء أعداد من أبنائهم واستجوابهم كما دأبت على القيام بسحب جوازات سفرهم وهواتفهم الجوالة. وكانت في كل مرة تطلق سراحهم وتضعهم تحت المراقبة المشددة المتمثلة في الزيارات المتكررة لمنازلهم وسؤال عائلاتهم عنهم وتفتيش بيوتهم وحجز أجهزتهم الإعلامية ومصادرة كل ما تقع عليهم أيديهم من كتب ووثائق..مشهد ظل يتكرر مع كل من تحدثنا إليهم وسمعنا عنهم ( مراقبة .. هرسلة ..فاعتقال).

أحمد بن خليفة، وهو من أبناء المدينة، غاب عن أهله منذ 3 سنوات، ومنذ ذلك التاريخ لم تعلم عائلته عنه شيئا..وذات فجر شتوي بائس وحزين نهض أبو أحمد مذعورا على صوت أَيَادٍ تقرع الباب الخارجي للمنزل، لعبت آلاف الصور في مخيلته وجالت بخاطره كل السيناريوهات الممكنة إلا واحدة..تقدم الأب بخطى أثقلها الكبر وفتح الباب وسأل عن الطارق فجاءه الرد « يجب أن تأتي معنا .. نريدك في أمر يهم ابنك ».

لم يكن التوقيت ولا الظروف العامة التي تمر بها البلاد تسمح للوالد « المفجوع » في إبنه بأن ينتظر خيرا ولم يكن أمامه سوى أن يتوقع الأسوأ. وبعد أن دلف إلى إحدى السيارات التي كانت في المكان نُقل الوالد إلى مقبرة المدينة وأُعلم هناك بأنه أُحضر ليشهد دفن إبنه. كانت لحظات صعبة على والد يفجع في ولده بتلك الطريقة ويدفن فلذة كبده قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. المقبرة التي دفن بها أحمد موضوعة الآن تحت حراسة مشدّدة ليلا ونهارا وعلى قبر الفتى يقف عونان يرقبان على مدار الساعة الرّمس، و لم تتجاوزالعائلة بعد صدمتها ولم تصدق أن إبنها قضى نحبه 

اشرف بن حسونة التونسي ( 21 سنة ) مرسم بالسّنة أولى تكنولوجيا أوقف منذ يوم الخميس 11 جانفي الماضي ولا تعلم عنه عائلته شيئا منذ ذلك التاريخ. ويقول أهالي مدينة رأس الجبل أنه أوقف في المبيت الجامعي ويرجّحون أنه موقوف بوزارة الداخلية. وأكّد الأهالي أن والدته تعاني الأمرّين جراء إعتقاله وأنها تتعرض إلى المضايقة باستمرار بما في ذلك اقتحام المنزل وتفتيشه، وتقضي أيامها ومعظم لياليها كأنها تتقلب على الجمر بسبب لوعتها على إبنها.

والى جانب اشرف أوقفت قوات الأمن عددا آخر من أبناء المدينة من بينهم احمد المرابط وهو متخرج حديثا وجمال الدين الملاّخ طالب بأحد المعاهد العليا للطب البيطري ولم يتبق على تخرجه سوى أربعة أشهر ووليد محجوب ومهدي بن رايس. غادر مراسلنا المدينة وقد تغيرت ملامحها وذهب الحزن الذي خيم عليها بخضرة الجنان التي كانت تعلو محياها، فبحجّة البحث عن احد المطلوبين لأجهزة الأمن أصبح الشاطئ مراقبا والتجوال على رماله شبه ممنوع، وما يقال عن الشاطئ يقال عن الغابة التي تمتد من رفراف إلى « شط »ّ سيدي عليّ المكّي لتصل الى تخوم مدينة بنزرت.. واقع حوّل أجواء المدينة من عرس متواصل إلى حالة من الحزن والترقب 

وأثناء رحلة العودة إلى العاصمة ومن خلال الدردشة مع بعض الركّاب علمنا بإيقاف عدد جديد من شبّان الجهة من مدينة بنزرت وجرزونة ورأس الجبل وسجنان والعالية، وهم على التوالي محمد بن محمد ومحمد الطرابلسي ومحمد مجدي المشرقي ونور الحق بن الشيخ وحسام ريحان وقيس الخياري وهشام البليدي ومصطفى ميهوب. وعلى بعد 60 كلم تقريبا باتجاه الجنوب من مدينة رأس الجبل ترقد قرية قمّرت إحدى الضواحي الجميلة الهادئة لتونس العاصمة، وما بين مرتفعاتها وغابتها وبحرها الجميل وعلى سفح صغير أشبه بالمضيق ظلت هذه القرية طوال عشرات السنين تنام هانئة كعذراء غطت وجهها خصلات شعرها المتطايرة بفعل ريح المتوسط الجميلة والناعمة.

لا تزيد قرية قمرت من حيث المساحة عن 20 كلم مربعا ولا يزيد عدد سكانها عن الخمسة آلاف، ومثل شقيقتها الكبرى رأس الجبل تتوفر القرية على شاطئ جميل وغابة كثيفة مما شكل مركبا بيئيا غاية في الجمال. ومثلها أيضا تعيش المنقطة منذ ما قبل أحداث سليمان حملة إعتقالات طالت عددا من شبابها من مرتادي المساجد، وجرت تلك الإعتقالات خلال شهر رمضان الماضي، أي منذ أربعة أشهر تقريبا. وعلمنا أن الموقوفين هم طارق فتح الله وخالد العروسي ورمزي بن عياد إضافة إلى اثنين آخرين لم نتمكن من معرفة أسمائهما وينتميان على التوالي إلى عائلتي بن حمد و بن زيتون المعروفتين بالجهة وآخر يدعي وسيم لم نتمكن من معرفة لقبه. ويضاف الى هؤلاء الشاب فاضل الهويملي الذي اعتقلته قوات الأمن السورية وسلمته إلى السلطات تونس منذ ما يقرب عن السنة ونصف لما كان يهمّ بالالتحاق بالمقاومة العراقية. 

واستغرب بعض أهالي القرية، خلال حديثنا معهم، إعتقال هؤلاء الشبان لأنهم لا ينتمون إلى أي تيار فكري أو سياسي، فهم لا يطلقون لحيّهم ولا يلبسون السراويل القصيرة، وتهمتهم الوحيدة هي المواظبة على حضور الصلاة في المسجد بما في ذلك صلاة الصبح. وعلى بعد 60 كلم أخرى جنوبا عن قرية قمرت وتحديدا على يسار المتّجه إلى مدينة قربص تعيش قرية سيدي الرايس بجهة المريسة أوضاعا مشابهة لما يحدث بكل من مدينة رأس الجبل وقرية قمّرت. احمد سهيل 25 سنة يعيل عائلة فقيرة لم تجد من الدنيا ما يرد عنها القرّ والحر غير كوخ بنته على قطعة ارض صغيرة هي آخر ما تبقى لها من متاع الحياة الدنيا. يعمل احمد بحارا ويقضي اغلب أيام الأسبوع في البحر عساه يظفر بما يسدّ به رمقه ورمق عائلته. ولم تجد والدة احمد إلا السلطات الرسمية لتوجه إليها الرجاء الأخير بعد أن ضاقت عليها الدنيا بما رحبت. وطالبت الأم في رسالة وجهتها إلى وزير الداخلية وحصلت « الموقف » على نسخة منها بإطلاق سراح إبنها مؤكّدة أن التهم الموجهة له ملفقة وكيدية. أما أخوه عبد الكريم فعلمنا انه تعرض للضّرب المبرّح من طرف أعوان الأمن لما كان بصد السؤال عن أخيه بأحد مراكز الإيقاف. أهالي القرية تحدثوا أيضا عن تعرض عدد من أبنائهم لعمليات خطف واعتقال بالإضافة إلى تعرض الأهالي أنفسهم لمختلف أشكال المضايقات والمراقبة، مثلما وقع لعلى حسين البختي والد الشاب المختطف حسين البختي الذي تعرض للحجز والضرب المبرح لما حاول السؤال عن إبنه المختطف، وكذلك ما تعرض له اخو الموقوف منجي الوشتاتي (29 سنة). كما تحدث الأهالي عن حملة إعتقالات واسعة في كل من مناطق الشريفات وسيدي عيسى وبئر مروة ودوالا التابعة لمعتمدية قربص.

والى جانب الإيقافات أصبحت عمليات الخطف تمارس بشكل شبه مستمر ومنهجي في عدد من جهات البلاد ولم تقتصر على منطقة المريسة. وفي هذا الإطار أفاد السيد محمد منصف الجزيري من ولاية سيدي بوزيد أنه فقد أيّ اتصال بإبنه محمد أمين الجزيري منذ يوم الأحد 24 ديسمبر الماضي. وقال الأب في رسالة وجهها لجريدة « الموقف » أن إبنه كان متوجّها إلى العاصمة على متن سيارة خاصة وان آخر اتصال به كان حوالي منتصف النهار من يوم الأحد المذكور سابقا، ولما ذهب للسؤال عنه أُعلم أنه موقوف وانه متّهم بالإنتماء للتيّار الجهادي ورفضوا إعطاءه أيّ معلومات أخرى. ولاحظ الأب أن أعوانا من الأمن اقتحموا يوم 27 ديسمبر الماضي منزل إبنه وفتّشوه مستعملين في ذلك مفاتيح المنزل وهو ما يعني حسب الأب أنّ إبنه هو من سلّمهم المفاتيح وهو وما يعني أيضا أنه محجوز لديهم، وطالب الأب في آخر رسالته بمساعدته على معرفة مصيره. وفي جبل الجلود أعلمت عائلة ملوحي بعض المنظمات الحقوقية عن اختفاء السيد عباس ملوحي منذ أفريل سنة 2005، ويعمل السيد عباس قابضا محاسبا بإحدى الشركات وهو عضو في مجلس شورى حركة الدعوة والتبليغ ومعروف بصفته تلك لدى الدوائر الحكومية. وحسب شهادة بعض الجيران فإن سيارة مدنية تشبه التي يستعملها الأمن عادة كانت متوقفة قرب منزله قامت بأخذه إلى جهة مجهولة وكانت تلك آخر مرة شاهدوه فيها. وهكذا وبمجرد أن بدأت بلادنا في استعادة عافيتها من معاناة عشرية التسعينات، أو ما بات يعرف بسنوات الجمر، يبدو أننا على أبواب عشرية جديدة تؤكد كل الدلائل على أنها ستكون اشد قسوة وأكثر مرارة من العشرية الأخيرة للألفية الثانية. و ما لم يسارع العقلاء في هذه البلاد إلى نزع عوامل الاحتقان السياسي وروافدها من تفاوت إجتماعي وحيف إقتصادي نكون فعلا مقبلين على ما هو أمرّ من « الجمر ».

(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية – تونس)، العدد 391 بتاريخ 2 فيفري 2007)


تعريف عامّ للفكر السلفي

غسّان بن خليفة ومهدي الجلاصي

** تعريف عامّ للفكر السلفي

كلمة سلفيّة تُعبّر في الأصل عن تيّار إسلامي عريض يشمل الكثير من الحركات الإسلاميّة والمفكّرين الإسلاميّين، يدعون فيه إلى العودة إلى نهج « السلف الصالح » كما يرونه والتمسك به باعتباره يمثّل نهج الإسلام الأصيل متبّعِين مقولة  » لا يَصلُح حال آخر هذه الأمّة الاّ بما صلُح به حال أوّلُها ». وذلك بأخذ الأحكام من الأحاديث الصحيحة دون الرجوع للكتب المذهبيّة، وبالإبتعاد عن كل المُدخَلات الغريبة عن « روح الإسلام و تعاليمه ». يعارض رجال الدين المسلمين من المذاهب الفقهية السنّية الأربعة (المالكي، الشافعي، الحنفي، الحنبلي) التوجّه السلفي لإعتقادهم انه امتداد لدعوة ابن تيْميّة، وبأنّه يعارض بُنيَة مذاهبهم متهمّين السلفيّين بأنّهم يهدمون علم أصول الفقه، علمًا انّ هؤلاء الأخيرين يأخذون كثيرًا بأراء ابن حنبل. توجد ضمن هذا التيّار تنويعات كثيرة لتفسير وتطبيق السلفيّة، فمنهم من يحاول استمداد فهم الشريعة من « السلف الصالح »، و منهم من يطالب بالتطبيق الحرفي لآراء السلف غالبا وفق فهمه الخاص لهذه الآراء، والمدارس الرئيسيّة لهذا التيّار هي:

** السلفيّة النصّية: وهم أتباع الحركة الوهابيّة التّي أسّسها السعودي محمّد عبد الوهاب (1703-1792)، والتّي يُعرَف أتباعها بإلتزامهم فقط بالنقل وبالنصوص الشرعيّة (القرآن والسنّة)، ورفض الإجتهاد والقياس وكلّ وسائل الإستدلال العقلي. ويُعرَف عنهم أيضًا التزامهم بموالاة « وليّ الأمر » ورفض الخروج عن طاعته ما دام يعلن أنّه مسلم.

** السلفيّة الإجتهاديّة: اعتُبِرَ « سلفيّونّ » أيًضًا بعض العلماء المجدِّدين في الإسلام الذين أرادوا تطهير « الإسلام الشعبي » من الفكر الخرافي والأسطوري الذي علِق به، ومن التعصّب المذهبي الذي كان شائعا في أيام الدولة العثمانية، وذلك بمحاولة اتبّاع منهج السلف الصالح في « العقيدة » مع التجديد والإجتهاد في الفقه مركّزين على فكرة « مقاصد الشريعة ». من بين هذه الشخصيّات التّي يمكن اعتبارها رموزًا لهذه المدرسة الشيخ محمّد عبده وتلميذه رشيد رضا من مصر، وعبد العزيزالثعالبي من تونس، وعلاّلة الفاسي بالمغرب، وابن باديس بالجزائر وغيرهم.

** السلفيّة الجهاديّة: هم بالأساس أتباع « الوهابيّة » الذين تأثّروا بالفكر السياسي الإسلامي فإختلفوا مع « النصيّين » في مسألة « الخروج على وليّ الأمر » إذا لم يطبّق « شرع الله ». تبنّى أهمّ أعلامها (عبد الله عزّام، أسامة بن لادن، الزرقاوي، المقدِسي…) النهج « الجهادي » الهادف إلى إعادة بناء « الدولة الإسلاميّة العادلة »، وإلى طرد الإحتلال الأجنبي « الكافر » من « ديارالإسلام » خاصّة بمنطقة الخليج العربي. بدأ نشاطهم الفعلي في أعقاب حرب أفغانستان ومن هناك انتقلوا إلى مناطق أخرى كالبوسنة والشيشان والعراق والمغرب العربي.

** الظاهرة السلفيّة في تونس..ما حقيقتها؟

أعلن وزير الداخليّة التونسي قبل ثلاث أسابيع في ندوة إطارات حزب السلطة، انّ أعضاء المجموعة المسلّحة التّي تمّ الإعلان عن القضاء عليها مؤخّرًا هم « سلفيّون إرهابيّون »، في إشارة واضحة، رغم تحفّظها، إلى انتمائهم إلى ما يُعرَف ب »السلفيّة الجهاديّة ». فما هو حجم وتركيبة التيّار السلفي بتونس؟ متى وكيف ظهر؟ بماذا يؤمن أتباعه وإلى ماذا يطمحون؟. « الموقف » خيّرت هذه المرّة عدم طرح الأسئلة على الباحثين والأكاديميّين، وانّما حملتها مباشرة إلى السلفيّين أنفسهم…

إنتشار السلفيّة « العلميّة » بدأ في أواخر التسعينات يُجمع المتابعون على انّ بداية انتشار الفكر السلفي بتونس تزامنت تقريبًا مع حدثين مهمّين، الأوّل هو الغياب الذي فُرض على أنصار حركة « النهضة » أهمّ ممثّل ل »الإسلام الحركي » بتونس في أوائل التسعينات من القرن الماضي. والثاني هو الثورة المعلوماتيّة في وسائل الإتّصال التي كانت من أهمّ مُنتَجات العولمة. هذه « الثورة » ترافقت مع جنوح شرائح واسعة من المجتمع إلى التديّن في ردّ فعل طبيعي، كما يصفه علماء الإجتماع، على ما أدّت اليه الحقائق الإقتصاديّة والسياسيّة الجديدة للعولمة من نتائج اجتماعيّة وثقافيّة سلبيّة، فاقمت من انتشار « قيم جديدة » مجّدت كلّ ما هو مادّي وفردي ضيّق، وهمّشت كلّ ما هو روحي وجماعي تضامني.

هذين المُعطيَين الرئيسيّين، قد يفسّران إلى حدّ كبير مفارقة انتشار الفكر السلفي في بلادنا، التّي عُرِفَ عنها دائمًا بأنّها تتبنّى اسلامًا معتدلاً ووسطيًا، وهي قاعدة لم تَحِد عنها حتّى تيّارات « الإسلام السياسي » التونسي عمومًا. فبعد فترة التسعينات التي تبنّى فيها الشباب التونسي بشكل كبير، إلى حدود سنواتها الأخيرة، عادات ثقافيّة جديدة قادمة من الغرب المُبهِر ب »تفوّقه في كلّ المجالات »، كغناء « الراب »، وموضة سراويل الجينز العريضة والهوَس بمادونا ومايكل جاكسون…، كان من الطبيعي ان يفيق البعض من وهم « الذوبان الثقافي في الآخر » على نداءات عمرو خالد وغيره من « الدُعاة الجُدد »، أو « دعاة الفضائيّات » كما يسمّيهم البعض، الذين تمكّنوا بفضل أسلوبهم التبسيطي وغير المعقّد من شدّ انتباه الملايين من العرب، سيما الشباب منهم، داعين ايّاهم إلى إعادة إكتشاف « الإسلام الحقيقي » كحلّ شامل لكلّ أوجه التخلّف الذي تعاني منه مُجتمعاتنا. لكنّ الإعتدال النسبي للدعاة الجدد لم يمنع من الإنتشار التدريجي لكتب وأشرطة، تروّج لفكر ديني سلفي أكثر حسمًا ووضوحًا في الإجابة على كلّ الأسئلة المتعلّقة بحياة الفرد والمجتمع المسلِمَيْن.

هذا الفكر يقوم أساسًا على قاعدة بسيطة تتمثّل في ضرورة ترك كلّ المذاهب الفقهيّة المعروفة، والعودة إلى المنابع الأصليّة للدين من خلال الإقتداء ب »السلف الصالح ». هكذا اذن بدأ شباب تونسي من الجنسين طريق « العودة إلى الأصول » و »ترك البِدَع »، فظهرت القمصان الرجاليّة الطويلة واللحيّ المُعفاة، وبدأت بعض الفتيات تلبسن الجلابيب السوداء، بل وحتّى النقاب، وساهمت الأنترنات والأقراص المضغوطة في انتشار فتاوي وخطب المشايخ السعوديّين الوهابيّين من أمثال عبد العزيز ابن باز والعثيمين وناصر الدين الألباني وغيرهم…

وبغضّ النظر عمّا يُقال عن انّ السلطة قد شجّعت في البداية ظهور ما يُعرَف ب »السلفيّة العلميّة »، التي ترفض الخروج على « وليّ الأمر » مهما ظلم واستبدّ مادام يعلن اسلامه، وذلك لمحاصرة تيّارات الإسلام السياسي، يبدو واضحًا للعيان اليوم انّ أنصار هذا الفكر هم حقيقة واقعيّة يجب التعاطي معها.

« ع » هو أحد هؤلاء الشبّان الذين اهتمّوا حديثًا بالفكر السلفي « العلمي »، اذ تعرّف في المسجد على شابّ يَكبُره سنًا بقليل، دعاه إلى منهج « أهل السنّة والجماعة » كما يقول. في محاولة لإستقصاء رأيه في بعض المسائل سألناه عن موقفه كسلفي من الشيخ يوسف القرضاوي؟ فأجاب بكلّ بساطة وحسم: « انّه كافر، لأنّه ميّع الدين عندما قال بحقّ المرأة في العمل والخروج من البيت »، مخالفًا بذلك أمر الله إلى نساء النبيّ، وهنّ « أفضل نساء الأرض التّي يجب على كل النساء المسلمات ان تتبعهنّ »، بأن « يقرَرْن في بيوتهنّ » حسب معنى الآية القرآنيّة. بهذه الجملة البسيطة يغلق محدّثنا باب النقاش حول « حقوق المرأة » في المجتمعات المسلمة. « ع » هو ذي الرابعة والعشرين، يعمل سائق سيّارة أجرة بالضاحية الجنوبيّة للعاصمة، منذ انقطاعه عن الدراسة في السنوات الأولى للتعليم الثانوي، وبعد فشل محاولاته المتكرّرة في « الحرقان » إلى ايطاليا. « ع » يرى أيضًا انّه لا يجب الإهتمام كثيرًا بإنتصار « حزب الله » اللبناني على اسرائيل في الحرب الأخيرة، لأنّ هذا الحزب شيعي ومشكوك في صحّة اسلامه، لكن « ع » الذي يتحدّث من منطلق ديني بحت في السياسة الخارجيّة، يرفض الغوص في تفاصيل السياسة الداخليّة مؤكّدًا على انّه لا يهتمّ بالسياسة ولا يهمّه سوى التفقّه في الدين والدعوة اليه مثله مثل كلّ أتباع « السلفيّة العلميّة »… أمثال « ع » في تزايد مستمرّ بين شبابنا، ولكن منهم من يؤمن بالعنف وسيلة لعودة الأمّة إلى عنفوانها وإلى « الإسلام الصحيح ».

ظهور السلفيّة الجهاديّة بعد حرب العراق الأحداث العالميّة في السنوات الأخيرة، وبالأخصّ الجارية منها بمنطقتنا العربيّة، وما حملته لشعوبها من حروب وظلم ودماء، أدّت الى بروز رموز تنتمي الى الفكر السلفي أعلنت تصدّيها للقوى « الكافرة » المحتلّة ل »ديار الإسلام »، كإبن لادن والزرقاوي الذين أصبحا بطَليْن في عيون العديد من الشباب المتحمّس، بل ولم يكتف هؤلاء بمحاربة المحتلّين، وانّما أعلنوا « الجهاد » ضدّ الأنظمة العربيّة التي رؤوا أنّها كافرة إمّا لتواطئها مع المحتلّ وإمّا لعدم تطبيقها ل »شرع الله ». بلادنا لم تشذ عن القاعدة، فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر بدأ العشرات من الشبانّ التونسيّين يتطلّعون الى بن لادن على أنّه ذلك المسلم الذي تحدّى أمريكا دفاعًا عن بلاد الإسلام. لكنّ المنعرج الحقيقي يبدو أنّه حدث مع الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003 ، اذ بدأنا نسمع عن شبانِ تونسيّين يحاولون السفر الى هناك لمحاربة الأمريكان، وانّ منهم من « يسشتهد » ومنهم من يُلقى عليه القبض بالعراق أو على الحدود ويُسلّم الى السلطات التونسيّة. وبغضّ النظر عن مساجين ما صار يُعرف ب »قانون الإرهاب » الذين يقول نشطاء حقوق الإنسان انّ أغلبهم حوكم وأدين بدون أدلّة ماديّة تُثبت ما وجّه اليه من تهم، فإنّ السلفيّين الجهاديّين موجودون فعلاً في بلادنا، وان كان عددهم جدّ قليل، ولايمكن التعرّف عليهم، لأنّهم يفضّلون التكتّم على أفكارهم، خوفًا من الملاحقات الأمنيّة.

لا يختلف السلفيّون الجهاديّون عن « العلميّين » في ما يخصّ العقيدة أو الفقه ، وانّما يختلفون معهم فقط في ما يخصّ حكم « فريضة الجهاد » وشروط وجوبها، فهم يرون أنّها واجبة ضدّ « وليّ الأمر » الذي تسقط عنه الولاية اذا عطّل « شرع الله » أو رفض تطبيقه، وهم يرفضون التحزّب السياسي كما يرفضون « الديمقراطيّة » التي يعتبرونها كفرًا، لأنّها قد تؤدّي إلى انتخاب برلمان أو حكومة تضع القوانين بنفسها ولا تعترف ب »حاكميّة الله ». علمائهم الكبار هم عبد الله عزّام المعروف بشيخ « المجاهدين العرب » في أفغانستان ويعدّ الأب الروحي لأسامة بن لادن، والمقدسي من الأردن والذي يعدّ شيخ أبو مصعب الزرقاوي، كما يمكن ذكر منظرّين أخرين مثل أبو بصير صاحب كتاب « الإنتصار لأهل التوحيد »، وأبو قتادة الفلسطيني او أبو حمزة المصري…

وأمّا عن تونس، فيقول « أ » وهو أحد المتحمّسين للفكر السلفي الجهادي انّ السلفيِّين التونسيِّين، يحترمون الى جانب من تقدّم ذكرهم شيخًا ضريرًا تتلمذ بالسعوديّة، ثمّ عاد واستقرّ بمنطقة سيدي بوزيد، ويُدعى الخطيب الإدريسي (راجت أخبار عن اعتقاله بعد المواجهات المسلّحة الأخيرة)

محدّثي « السلفي الجهادي » الذي يقول أنّه لا يوافق على ما جرى مؤخّرًا في تونس من أعمال عنف، مشدّدًا على الجهاد ضدّ المحتلّين لديار المسلمين، يرى بدوره انّ الشيخ يوسف القرضاوي يُعدّ كافرًا كما أفتى بذلك أبو بصير، لأنّ القرضاوي على حدّ قول « المفتي » يتحدّث في السياسة، وتجرّأ في إحدى خطبه على الحديث عن « الديمقراطيّة الإسرائيليّة »، وعلى القول في سياق انتقاده للأنظمة العربيّة انّ الله ذاته لا يمكن ان يتحصّل على 99 بالمائة من الأصوات إذا شارك في الإنتخابات.

كلام مضحكٌ مبكي يدفعنا إلى التسائل أساسًا عن سبب اخفاق السياسات الإجتماعيّة للدولة، التي من المُفتَرض انّها تهدف إلى إنتشال مثل هؤلاء الشباب من براثن الفقر والإنحراف والإنقطاع المبكّر عن التعليم؟، وهي ظروف تسهلّ عمليّة « غسيل الدماغ » التي يتعرّضون لها ومن ثمّ جرّهم الى متاهات الفكر المتطرّف. كما يطرح سؤالاً مُلحًا عن مدى نجاعة البرامج التعليميّة الموجّهة الى شبابنا، خاصّة اذا علمنا انّ مادة « التفكير الإسلامي » التي تُدرّس في التعليم الثانوي تشتمل على دراسة فكر المعتزلة وعلماء ومفكّرين مسلمين مستنيرين من أمثال محمّد عبده والأفغاني وصولاً إلى حامد أبو زيد وحسن حنفي ومحمّد الطالبي وغيرهم..، وهو ما لا يفسّر نظريًا على الأقلّ انتشار التيّارت الفكريّة الرجعيّة في مجتمعنا..فأين يكمن الخلل يا تُرى..في الخطاب أم في الممارسة؟

(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية – تونس)، العدد 391 بتاريخ 2 فيفري 2007)


 

ذهنيّة الإرهاب…لماذا يقاتلون بموتهم؟

*ـ مراجعة: محسن المزليني

« إنّ كلّ وسائل الرّدع والدمار لن تكون مجدية ضدّ عدوّ سبق له أن جعل موته سلاحا إيديولوجيا مضادا » جان بودريار

يقدّم هذا الكتاب متوسّط الحجم (222 صفحة) الصادر في طبعته العربية عن المركز الثقافي العربي سنة2003 ، رؤية مغايرة عن حدث 11 سبتمبر وما مثّله من لحظة فارقة في التاريخ الرّاهن. إنّ آراء جان بودريار وامبرتو إيكو وجاك دريدا وإد فولامي وجان لوكاريه فتحت أفقا مختلفا وتأويلا مغايرا لما يوصف ب »الإرهاب » وعلاقة كلّ ذلك استراتيجيا الهيمنة الأمريكية وسعيها إلى جعل العالم مجالا حيويّا لها من خلال اعتماد عنف واقعي ورمزي يستبطن القوّة ويستعمل مفاهيما وشعارات غدت هي نفسها سببا للعنف ومصدرا من مصادره. 

ذهنية الإرهاب

يتناول الفيلسوف الفرنسي بودريار الإرهاب في إطار تداعيات 11 سبمتبر بقوله: »نحن (الغرب) الذين أردنا هذه الأحداث وإن ارتكبها (هم)، وإذا لم ندرك ذلك يفقد الحدث كلّ بعده الرمزي، فيبدو حادثة محضة نفّذها بضعة متعصّبين يمكن القضاء عليهم وإزالتهم من الوجود، والحال أنّنا نعلم جيّدا أنّ الأمر ليس كذلك ».

إنّ المشهد الذي تحيل عليه أحداث البرجين تحكمه مفارقة تصل إلى منتهى النّفاق الكامن في ذلك التداخل بين الشجب الأخلاقي و الاتحاد المقدّس ضدّ الإرهاب وبين التهلّل الاستثنائي لرؤية هذه القوّة الفائقة العالميّة وهي تدمّر نفسها بنفسها وكأنّها ترتكب انتحارا مشهودا، ذلك « أنّها نظرا لقوّتها التي لا تحتمل، هي التي أججت كلّ هذا العنف المبثوث في أرجاء العالم وهي التي أثارت هذه المخيّلة الإرهابية التي تسكننا جميعا ». ووفق هذه النظرة فإنّ الحدث يتعدّى بكثير مجرّد الحقد على قوّة عالمية مسيطرة، فمن المنطق أن يؤجّج تفاقم قوّة القوّة وتركّزها الرغبة في تدميرها، وأن تكون شريكة في تدميرها الخاص. فالغرب الذي يتصرّف، حسب بودريار، كما لو أنّه في موقع (الله) ذي القدرة الإلهيّة الكلية والشرعية الأخلاقية المطلقة يغدو انتحاريا ويعلن الحرب على نفسه، وكان انهيار برجي مركز التجارة وكأنّه تواطؤ غير منتظر.

إنّ النظام الذي أسّسته هذه القوّة العالميّة وحاربت في سبيله شرقا وغربا هو الذي خلق الشروط الموضوعية لهذا الرد العنيف والمباغت بما أنّه حاول أن يستأثر بكلّ أوراق اللعبة ولم يترك لـ »الآخر » من سبيل سوى أن يغيّر كلّ قواعد اللعبة. بهذا المعنى، يغدو المشهد رعبا مقابل رعب « ولم يعد هناك أيّ بعد إيديولوجي، فقد أصبحنا بعيدين عن كلّ إيديولوجيا وسياسة ». فالطاقة التي تغذّي الرعب لا تعبّر عنه إيديولوجيا، ولا أيّة قضيّة، ولم يعد الأمر منوطا بتحويل العالم كما تهدف الحركات الإيديولوجية، ولكن نظام القوّة العالمي المهيمن هو الذي يهدف إلى ذلك. ويؤكّد بودريار أنّه لو كان الإسلام هو المسيطر على العالم لنشط الإرهاب ضدّه، ذلك أنّ العالم هو الذي يقاوم العولمة. 

أنّ الأساس الذي تقوم عليه فكرة النضال ضدّ العولمة يختزلها في الآتي: « إنّ هذا النظام الذي يكره الموت ولا يضعه في حسابه، يكون السلاح المميت ضدّه هو الموت ». وقد استخدم المنفّذون رتابة الحياة الأمريكية قناعا للعبة مزدوجة، عاشوا في ضواحي أمريكا وتدربوا في وسط عائلاتها قبل أن يتحوّلوا فجأة إلى قنابل بشرية، وربّما كانت قدرتهم على تدبير هذه الحياة السرية ببراعة تساوي إرهاب العمل الاستعراضي يوم 11 سبتمبر لأنّها جعلت كلّ إنسان مثار شبهة إرهاب.

فرضيات حول الإرهاب 

بعد الفصل الأوّل الذي أثار سجالا واسعا نشر أيضا في الكتاب، تعرّض بودريار بنفس المقاربة المنهجيّة والمعرفية إلى موضوعات العنف والعولمة والإرهاب والغرب والإسلام. يعتقد الفيلسوف الفرنسي أنّ النّظام العالمي المهيمن يستلزم ضرورةَ وجود إرهاب كي يستمرّ في العمل والسيطرة لأنّه وبدون نقيضه سينهار هذا النّظام، بل إنّ تواطؤا عميقا ينشأ بين الخصمين، ويتساءل بهذا المعنى عمّن يستخدم الآخر. إنّ العلاقة بين المستويين تتحدّد كعلاقة تواطؤ موضوعي ليس بالضرورة أن يكون عن خطّة معدّة سلفا، وإنّما لأنّ نظام الهيمنة والعولمة والتسلّط يحملون دائما نقيضهم في ذاتهم، بل غالبا ما يكون التناقض حاجة بنيويّة في النظام نفسه. فالأمريكيون كما يرى بودريار يحتاجون لتعاطف العالم معهم ويجيدون لعبة الضحيّة كي يستخدموا مأساتهم كبطاقة ائتمان وأيضا لتجاوز أيّ إحساس بالذّنب تجاه ما يفعلونه وما سيفعلونه. إنّ المخيال الأمريكي كان معدّا سلفا لكي يستبطن في لاوعيه أنّه مهدّد من قبل قوّة غامضة وتحوّل هذا الافتراض إلى حقيقة بفضل الإرهاب والعنف.

تعدّدت سيناريوهات أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتعدّدت معها المقاربات والتأويلات، أمّا بالنسبة إلى الفيلسوف الفرنسي فمنهجه يرتكز على تفكيك المنطق الكامن خلف كلّ فرضيّة. ينطلق من تناول ما سمي بنظريّة المؤامرة والتي ترجع الحدث إلى مؤامرة إرهابية داخلية نفذها المحافظون الجدد بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية. الواقع أنّ هذه الرواية تستبطن ميلا غربيا للتقليل من شأن الخصم، فهي أفضل لديهم من الاعتراف بقدرة هؤلاء الغامضين على تكبيد الأمريكان هذه الضربة الكبيرة. ولكن حتّى ولو كان هذا التفسير حقيقيا، فإنّه يصبّ، حسب بودريار، في الافتراض الأوّل وهو أنّ النظام يحمل عناصر تدميره في ذاته. ثمّ إنّ استراتيجيات الأمن ليست سوى استكمال للإرهاب، وأنّه انتصار فعلي ذاك الذي حقّقه الإرهاب بإغراقه الغرب في الهاجس الأمني، إذ صار شبح الحرب يرغم الغرب على إرهاب نفسه، باعتبار أنّ شبكة الشرطة العالميّة تعادل التوتّر الذي تسبّبه حرب باردة شاملة 

سيناريوهات الحرب الشاملة

أمّا الكاتب الإيطالي الشهير إمبرتو إيكو فيجادل مقولة صراع الحضارات التي تفسّر الحرب الأمريكية على العالم الإسلامي، فيعتبر أنّ الغرب هو الذي كانت له الغلبة في تاريخ الصراع الطويل بين الشرق والغرب، وأوروبا لم يسبق لها أن أُحتلّت من قبل الدول الإسلامية باستثناء حالات قليلة في إسبانيا وشرق أوروبا، ولكن المسلمين هم الذين اضطرّوا إلى التعامل مع الهيمنة الأوروبية بكافة أشكالها. وعن سؤال هل أنّ ما يجري هو صراع بين الشرق والغرب، على غرار ما تمّ في التاريخ القديم والحديث، يستبعد إيكو نظرية صراع الحضارات ويدعو بقوّة إلى مقاومة نزعة العداء الحضاري لأنّ كلفتها تضرّ بالغرب نفسه. 

دريدا والدولة المارقة

أمّا بالنّسبة إلى فيلسوف التفكيكيّة الفرنسي جاك دريدا فتساءل إن بقي، بعد الهيمنة الأمريكيّة على دول العالم والإنقاص من سيادتها، مجال للحديث عن مفاهيم العقل والديمقراطية والسياسة والحرب والإرهاب، ليخلص إلى أنّ ما تقوم به أمريكا بالتعاون مع حلفائها من خروقات لقانون دولي تتحدّث عنه ليل نهار وما تزعم من دفاع عن الشرائع والقوانين تبرّر به فعل الهيمنة يجعلها بحقّ الدولة المارقة الوحيدة في عالم باتت الأحادية القطبية أكبر خطر على حاله ومآله وأهمّ سبب لإرهاب قد يقضي على الأخضر واليابس. في الكتاب أيضا قراءات نظريّة من وحي الحدث الدرامي لكلّ من البريطاني جان لوكاريه و إد فوليامي. يبدو الكتاب حاملا إذن لنظرة غربية مختلفة جديرة بأن تناقش لأنّها تسبح ضدّ تيّار الفكر المبرّر لفعل الهيمنة الغربي الذي ساد لفترة طويلة والذي كثيرا ما اعتبر المعرفة جزءا لا يتجزّأ من مشروع السلطة السياسية الثاوية خلفه.

(المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية – تونس)، العدد 391 بتاريخ 2 فيفري 2007)


 

الحياة» تحاور الفكر العربي: أين نحن في العالم؟ متى ينتهي الانحدار؟ أي دور للمثقف؟ … المنصف المرزوقي:

لا وحدة عربية فعلية إلا عبر الثقافة… كلنا نتكلم والاستبداد هو الأخرس مشكلة المثقفين شعورهم بالذنب، ودورهم الاحتراز من أفكارهم قبل أفكار الآخرين

ابراهيم العريس

عندما اتصلنا بالمنصف المرزوقي للقائه في باريس، قبل فترة لاجراء هذا الحوار لـ «الحياة» ضمن اطار سلسلة الحوارات مع المفكرين الفاعلين حالياً في الثقافة والحياة العربيتين، كان يستعد لمغادرة العاصمة الفرنسية الى تونس. حتى هنا قد يبدو الأمر عادياً، فالرجل تونسي وهو لا يقيم في فرنسا إلا في شكل موقت، واعتاد التوجه الى بلاده لشؤون البحث والتدريس بين الحين والآخر. لكن الأمر كان في هذه المرة مختلفاً. فالذي قرأ الصحف الفرنسية في صباح ذلك اليوم نفسه كان يعرف أن المرزوقي يتجه في ذلك اليوم الى تونس متوقعاً ان يرسل الى السجن منذ أن تحط الطائرة به في مطار عاصمة بلاده. فالنائب العام في تونس يطلبه للتحقيق معه في عدد من الاقوال والتصريحات حول حرية التعبير وحقوق الانسان في تونس وفي غيرها، نسبت اليه وجرى تداولها في الصحف وارتأت السلطات التونسية ان الوقت حان للعودة الى مساءلة المرزوقي في شأنها، صحيح أن المرزوقي كان اعتقل مرات، لكن توجهه الى تونس هذه المرة لم يكن بحسب العادة، بل على سبيل التحدي، لكي يبرهن عملياً انه، في الاصل، لم يقترف جرماً لا في حق بلاده ولا في حق سلطتها.

 

أمام إصراره هذا نُصح المرزوقي بعدم السفر، لكنه أصر، وسافر بعد اجراء اللقاء، لكنه بدلاً من أن يعتقل هذه المرة، شرح موقفه ووجد من يستمع اليه ولا يؤذيه، ولو من دون اقتناع. هل لأن الامور تبدلت، أو لأن هذا المفكر الناشط في مجال حقـوق الانسان في بلده لم يعـد «يخيف»؟ فـقـط هو نفسه لا يعرف السبب. المهم انه من جديد أكد مواقفه وجرأته وكون لا شيء يمكنه أن يمنعه من العودة الى بلاده، بحسب أقواله.

 

والمرزوقي دكتور في الطب، وضع العديد من المؤلفات في مجال الصحـة العامة، وعلاقة القضايا الصحية بالحياة الاجتماعية. غير أن شهرته بدأت منذ عقدين من السنين وأكثر حين ترأس الجمعية التونسية لحقوق الانسان ما جعله مادة خصبة للمطاردة والملاحقة من السلطات الامنية، وذلك بالتوازي على تكوينه، ضمن اطار كلية الطب في الجامعـة التونـسية لجيل من الباحثـيـن الذيـن اهـتموا خاصة، تحت اشرافه، بالامراض النـاتـجة عن الظلم الاجتماعي والفقر، وكذلك بامراض الاطفـال ووفيـاتهم. ولقد اثمر هذا العمل، طبـياً وفكرياً لا سيما انطلاقاً من كليـة الطب في مديـنة سوسة. غير ان هـذا كله لم يـحمه من مغبة الطرد والملاحقة منذ ذلك الحين ما اضطره الى الاقامة بين الحين والآخـر في فرنسا يخـوض انطلاقاً منها يعتبره معركته الدائمة من اجل حقوق الانسان.

 

و د. المنصف المرزوقي، الذي صور تجربة حياته ونضاله في اجزاء اربعة يتألف منها كتاب له أصدره قبل فترة في عنوان «الرحلة» هو حالياً الناطق باسم المجلس الوطني للحريات في تونس، ويكتب في الصحف والمجلات، ومن ضمنها مجلة «الحدث» الصادرة في باريس باللغة العربية والتي له فيها زاوية شهرية دائمة يتناول فيها شؤون الديموقراطية ومستقبل المجتمعات العربية.

 

وهذا الحوار مع المرزوقي المولود في العام 1945، هو حلقة جديـدة من هذه السلسلة التي تنشرها «الحياة» منذ حين، والتي ضمت حوارات مع ابرز قادة الفكر في العالم العربي.

 

> فترة طويلة أمضيتَها في العمل الفكري والدفاع عن حقوق الإنسان ومسائل أساسية مثل الإصلاح والنظرة الى المستقبل العربي. أي صورة يمكن ان تنقلها إلينا من موقعك الراصد للواقع، من خلال التاريخ، والمتطلع الى المستقبل، نعني صورة الوضع الراهن للعالم العربي؟

 

– المشكلة ان الزمن الجيولوجي ليس زمن الحضارات وزمن الحضارات ليس زمن الشعوب، وزمن الشعوب ليس زمن الدولة وزمن الدول ليس زمن الأشخاص. أنا أعيش في زمن الأشخاص، وبالنسبة إليّ، ثلاثون سنة نضالاً من اجل الديموقراطية وحقوق الإنسان من دون نتيجة واضحة شيء رهيب. لكن ثلاثين سنة بالنسبة الى الشعب المصري وعمره خمسة آلاف سنة أو بالنسبة الى شعب شاب كالشعب التونسي (ثلاثة آلاف سنة فقط) هذا مثل لا شيء.

ما أشعر به وأنا داخل زمني ولا أستطيع ان أرتفع بقامتي لرؤية زمن الشعب والحضارة، اننا أخذنا منعرجاً واضحاً. الناس يتصورون ان الديموقراطية موجودة ككل أو ليست موجودة وهم يقولون إنها غير موجودة عندنا. ولكن انظر لآلياتها الأربع, وسترى الأمر بصفة مختلفة. فعلى صعيد حرية الرأي، كلنا نتكلم والاستبداد هو الأخرس. على صعيد حرية التنظيم من يستطيع اليوم العودة بنا الى نظام الحزب الواحد؟

المجتمع العربي تقدم شوطاً كبيراً في استقلاله. بقي القضاء المدجن والانتخابات المزوّرة. لكن آخر قلاع الاستبداد هذه آيلة للسقوط، طال الزمان أو قصر. إذاً، ما أقوله لنفسي أوقات الإحباط: ثمة شيء يتحرك ولكن ببطء وبزمن غير زمنك. قد لا أعيش لأرى أمتنا تتخبط في مشاكل الديموقراطية بدل مشاكل الاستبداد، لكنني أشعر بأنني ساهمت في الجهد الجماعي وهذا يعيد إليّ معنوياتي.

علاقة عصابية

 

> بما ان المطروح حالياً بإلحاح في العالم العربي مسألة علاقتنا بالآخر، وهي موضوع اشتغلت عليه طويلاً، السؤال: أين نحن الآن من هذا الآخر الذي يمثله الغرب عموماً، وأين نحن من المواجهة الحضارية؟ هل صارت هذه المواجهة قدراً لا يمكن السير قدماً من دونه؟

 

– علاقتنا مع الغرب علاقة عصابية (Nevrotique) والبرء منها يتطلب التشبع ببعض البديهيات. ان هناك ثلاثة مستويات من الغرب: غرب الأنظمة وهو غرب قبيح، لنا الحق في مواجهته لأنه غرب الاستعمار في السابق وغرب دعم الديكتاتوريات في الحاضر. هناك غرب القيم والتكنولوجيا، وهذا علينا ان نتعلم منه كما تعلم منا. وهناك غرب المجتمعات المدنية وهذا غربٌ حليف لنا وصديق، من الغباء وضعه في السلة ذاتها مع غرب الأنظمة.

المفكر Jared Diamond يعبّر عن أفكار أخرى يجب زرعها ايضاً، منها ان الغرب كما يظهر ذلك الباحث الأميركي عاش على حافة الهمجية 9500 سنة ولم يتقدم إلا منذ 500 سنة، وبفضل علوم العرب والفرس والهنود وتكنولوجيا الصين، خصوصاً لأن فيه أراضي خصبة واسعة في الوقت الذي تصحرت فيه اراضينا… أي ان عوامل تخلفنا مرتبطة بالبيئة وبظروف تاريخية، وأن ليس لنا ان نعاني عقدة نقص او تفوق، فكلنا بشر تواتيهم الفرص، او تتحالف ضدهم الطبيعة. المهم في مستوى الحضارة ككل ان يتواصل التقدم البشري، فكل حضارة تحمل المشعل لفترة ولمصلحة الجميع. يجب إذاً الخروج من عُقد لا تجدي نفعاً، والتشبع بعقلية اليابانيين الزاخرة بالتواضع والتعلم والعودة تدريجاً الى ساحة الابتكار، لا لإحراز تفوق على الغرب بل لإحراز تفوق على أنفسنا.

نهضة ما…

> بعد هزيمة 1967، كانت هناك نهضة فكرية نهلت من الحداثة ولكن ايضاً من الوجوه المضيئة في التراث، علاماتها كتب ودراسات قالت غضب الفكر العربي من الهزيمة ورغبته في تجاوزها… فهل تعتقد بأن تلك الانتفاضة النهضوية أثرت؟

– المشكلة الأساسية التي طُرحت في ذلك الحين، كمنت في ان تشخيص سبب الهزيمة لم يكن واضحاً، والدليل ان القوة الاحتجاجية التي صعدت وتحتل اليوم الواجهة هي القوة الإسلامية وهذه تطرح ان هزيمتنا- والعسكرية الجزء الطافي من جبل الجليد- كانت نتيجة التخلي عن القيم وأن الرد هو العودة الى القيم. والحال ان المسألة الأولى هي مسألة آليات الحكم القديمة، أي آليات الاستبداد وهذه ليست في حاجة الى خطاب أخلاقي وإنما الى مشروع سياسي يقطع مع كل أصناف الاستبداد، بخاصة اذا كان باسم القيم. لكن تياراً فهم هذا المعطى وهو الذي يطرح مشاكل الديموقراطية وحقوق الإنسان كأولوية مطلقة للخروج من مسلسل الهزائم، فيما غاب المعطى عن كثر، وبينهم بعض كبار المثقفين.

> ألهذا يرى كثر اليوم ان المثقفين صامتون، خانوا أو دُجّنوا… او ابتعدوا مشمئزين، بينما لجأ بعضهم الى مهادنة أنظمة وتيارات قومية متأزمة أو أصوليات… بكلمات اخرى ما هي صورة الساحة الفكرية العربية الراهنة؟

– مشكلة المثقفين، ولا أتحدث هنا عن الأكاديميين ولا عن أبواق السلطة هي شعورهم بالذنب. كل من تجند لإيديولوجية ما، شاهد أين وصلت وأين أوصلت. ثمة إذاً خوف مفهوم من التورط بالغلطة ذاتها. باستثناء بعض المثقفين الإسلاميين الذين يكررون أخطاء كل من تجندوا للماركسية والقومية العربية والوطنية الخ.

إن دور المثقف ليس ان يكون مبرر الفعل السياسي، وإنما هو من يقوّمه من موقع الأهداف التي سنّها لنفسه. ربما تقول لي: أنت ايضاً تنهى عن المنكر وتأتيه بما أنك مجند للدعوة الديموقراطية وحقوق الإنسان. وردي انني تعاملت في كتاب «عن أي ديموقراطية تتحدثون» وفي كتاب «الإنسان الحرام» بكثير من الحزم والمراجعة والتنسيب، حتى مع الأفكار التي أدافع عنها. دور المثقف ان يحترز من أفكاره قبل ان يحترز من أفكار الآخرين… دوره ان يبقى العين التي لا تنام عندما تنام كل العيون لئلا تصبح أفكار التحرر أدوات تجدد الاستعباد. 

> طالما نتحدث عن المثقف ودوره، لا بد ان تخطر في بالنا كلمة حداثة، فهل يمكن اتهام حداثة عربية ما بأنها مسؤولة جزئياً عما يحدث؟

– بصراحة، لم أفهم يوماً ما الحداثة وما بعد الحداثة، ربما لأنني لم أدرس بما فيه الكفاية «القدامة» و «ما قبل القدامة»، لذلك استسمحك عذراً بعدم الرد على السؤال حتى لا أفضح جهلي الفاضح بمفاهيم تبدو مهمة لأصحابها.

الذهنيات وصناعته 

* في رأيك، من يصنع الذهنيات العربية حالياً، وأي ذهنيات تُصنع على هذا النحو؟

– نحن أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب على رغم ان كتابها المقدس اسمه القرآن الكريم وأول أمر صدر للرسول (صلى الله عليه وسلم) هو عبارة أقرأ. العرب يخصصون عشرين دقيقة سنوياً للقراءة ونحن ننتج من الكتب أقل ما تنتج اليونان. تقول عدنا للجلد الذاتي، ابداً إنه واقع ندين به للاستبداد الذي حاصر المبدعين وحاصر الفكر ومنع الحوار والجدل، وتتبع الكتاب وأغلق الحدود في وجه الكتاب العربي. لهذا، تتشكل الذهنيات من الفضائيات سلباً وإيجاباً. الإيجابي هو وصول المعلومات وتشبع العرب بمفهوم الحوار، ولو كان افتراضياً. الخوف هو ان ينمي عصر الإعلام هذا السلبية. لكن قناعتي ان عصر الصدمة بالصورة والاستهلاك السريع سيمر، وأن الكتابة والفكر عائدان. 

> هل يمكن، بعد، الحديث عن وحدة ثقافة أو فكر عربية… أم ان ثمة كما يقول البعض، «تطوراً غير متكافئ» بين منطقة وأخرى، بل حتى بين فئات مختلفة داخل كل منطقة يجعل الوصول الى نقاط تلاق مستحيلاً؟

– إن الفضاء العربي موحد ثقافياً، بل لا وجود لوحدة عربية فعلية إلا عبر الثقافة على رغم الاختلافات التي تشير إليها والموجودة في كل فضاء ثقافي باتساع فضائنا وتعقيده. السؤال هو هل الثقافة قادرة وحدها على تحقيق وحدة الفضاء السياسي الذي يمكن ان يوحد الفضاء الاقتصادي أو يدمجه؟ هذا ما لا أعرفه، ولكن اذا اعتبرنا اننا أمة تسكن لغتها وتاريخها اكثر مما تسكن أرضاً وواقعاً فلن أستغرب ان تنجح الوحدة الثقافية في خلق وحدة سياسية.

> إذا كان تشخيصك للواقع الراهن، في صورة عامة، تفاؤلياً… هل تحدد لنا، دوافعه، وإذا كان متشائماً قل لنا لماذا؟

– أنظر الى قوى الدمار الهائلة التي حولنا، مثلاً بالاستماع الى نشرة الأخبار أو بقراءة التقارير المخيفة حول الكارثة المناخية التي تهددنا. إنها تمنع كل تفاؤل. انظر الآن الى قوى الإبداع والمقاومة التي حولنا ومنها ولادة الأطفال ولو في المخيمات. إنها تمنع كل تشاؤم. هذا ما يجعلني من أصحاب التشاؤل، بحسب التعبير الشهير للأديب الفلسطيني إميل حبيبي. إن قدرنا، افراداً وشعوباً وحضارات، ان نتحرك على الدوام بفعل هاتين القوتين. المهم ان نجند وأن نتجند لقوى الإبداع وأن نثق فيها ونتحمل ما تفعله بنا قوى الدمار، وهكذا الى النهاية. لست من المؤمنين بالنهايات السعيدة لكنني جعلت شعاري في الحياة: من الغباء محاولة إصلاح العالم ومن الإجرام عدم المحاولة.

> في خضم هذا كله، أي دور يمكن للفكر ان يلعبه؟ في الجامعات؟ في الإعلام؟ من خلال المناصب السياسية… او حتى من خلال الشارع؟

– الدور الأول والأهم والأخير، كل شيء فكر حتى احتقار الفكر، التكنولوجيا، السياسة، كل هذا فكر يصنع حياتنا لأننا لسنا كائنات بيولوجية فقط وإنما كائنات مصنوعة هي وعالمها من الكلمات والمفاهيم، ومن ثمة تأكيدي مسؤولية المثقف. فكل كلمة يكتبها يمكن ان تكون نبتة مباركة أو لغماً سينفجر عاجلاً أم آجلاً في وجه شخص، أو حتى أمة. تذكر الأفكار الخطرة التي قادت للغولاج (المنافي) السوفياتية او للمحتشدات النازية او غرف التعذيب في بلداننا.

في مجال بحثه الدائم عن مفهوم جديد للهوية يقول المنصف المرزوقي اخيراً «يفكر سجين الرؤيا لثقافة مغلقة ومتحجرة، أكان عربياً أو مسلماً أو آسيوياً، من منطلق القفص الذي وضع نفسه فيه. هو لا يتـصور رؤيا شرعية وأخلاقية غير التي نشأ عليها أو اعتنقها. هو يريد تصدير تصوره للعالم وتصوره للإنسان، لتعم الحقيقة التي خص بها. هو يفرح عندما تنتصر نظرته ولا يضيره في شيء اغتيال معتقد على غرابته أو لغة على ضيق انتشارها. انظر اليه والزبد حول شفتيه والشر يتطاير من عينيه، واستمع الى خطابه الحماسي حول ضرورة تخليص لغته من الشوائب التي دخلتها وتنقية موسيقاها من الدنس الذي لحقها من التأثير الأجنبي وفظاعة الأفكار المستوردة التي تشكل وباء ومرضاً يتهدد عقول الناشئة. 

لكن التنوّع بالنسبة الى المشرّع العالمي ليس شيئاً غريباً يواجه في أسوأ الحالات بالاستهجان والرفض وبـ «التسامح» في أحسنها. هو على العكس، ظاهرة صحية لأن التباين هو الذي يعطي للتقاسم معناه وجدواه. يركز المشرع العالمي في فقرة أخرى على الفكرة نفسها. «عليها (الأمم) أن تتقاسم ما لديها من علم ومعرفة». يأمر المشرع الأمم اذاً ان تكف عن اعتبار ثقافتها ملكاً لها بل يطالبها بـ «أن تنظم المبادلات بروح السماحة والعطاء المتبادل». 

يدعو المشرع العالمي اذاً الى استبدال الفقر بالغنى، لأن التنوع ظاهرة خصب وعلامة ثروة، وكل نتاجه راجع لمن يرضى بالغناء الفاحش بدل الفقر المدقع. ها قد أصبحت موسيقى بيتهوفن ولغة الإسكيمو المؤهلة للانقراض وأثار أنجاكور، ملككَ أنت العربي المسلم، لك فيها حق ونصيب بما هي جزء من تراثك كعضو من العائلة البشرية الكبرى. ها قد أصبح فكر ابن عربي وآثار قرطاج والفن المعماري بسيدي أبو سعيد مُلكاُ وحقاً من حقوق قبائل الهنود الحمر في غابات البرازيل ومواطني بافاريا وفنلندا.

صحيح ان الثقافات تتقاسم أحسن ما لديها منذ القدم، لكن الأمر أصبح بتشريع وتشجيع وتنظيم جعل كل الشعوب تسعى كي تصنف المنظمة العالمية للتربية والعلوم معالمها الطبيعية والمعمارية في قائمة كنوز البشرية لتفاخر بكونها حافظة لهذه المعالم ووصية عليها باسم البشرية جمعاء لا بكونها مالكتها الوحيدة. أول شعور ينتابنا أمام هذا المشروع الجبار نوع من الذهول.

أصبحنا نغرف من كل الثقافات كأصحاب الحق لا كلصوص أو متسولين. لكن أهمّ ما في العملية تبعاتها الهائلة على صعيد تشكيل هويتنا أو على وجه التحديد القفزة النوعية التي تحدثها داخلها. ان التفاعل الإيجابي الذي يصفه المشرع العالمي ليس موقفاً انتهازياً ينطلق من السطو على أحسن ما في كل ثقافة لترصيع جِيد ثقافتنا واثرائها حتى تكتسب تفوقاً على الثقافات الأخرى، بخاصة المتقوقعة على ذاتها من فرط عقدة النقص أو عقدة التفوّق. انه تحوّل جذري في العلاقة مع الثقافات الأخرى وقد أصبحت فجأة الكنز المشترك الذي يحق لنا جميعاً التمتع به.

نحن إذاً أمام موقف يقطع مع الموقف القديم الذي كان يصنّف الثقافات الى ثقافتي وثقافاتهم. أضيف الى حقي القديم في التمتع بالثقافة العربية الإسلامية بحكم مكان ولادتي وتاريخي وشعوري بالانتماء العربي المسلم، حق التمتع بكل الثقافات. أصبح من حقي القول: ليَ الحق في الغَرف من كل ثقافاتنا، لأنني صاحب ثقافة في مستوى وصاحب كل الثقافات وجزء منها جميعاً في المستوى الأعلى الحقيقي.

هذا ما جعلني أردّ يوماً على آدمي متخلف صرخ في وجهي: لا تنسَ أنك على أرض بلدي، فأجبته ببرود: وأنت لا تنسَ أنك على أرض كوكبي. المستوى الأعلى للانتماء اذاً ليس الثقافة وانما اعتبار الشخص لنفسه أنه ابن أم كل الأمم التي هي الإنسانية، وابن أب كل الأوطان الذي هو العالم».

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن)، الصادرة يوم 5 فيفري 2007)


المستبد أكبر ضحية للاستبداد

«… كتب ماكيافلي «الأمير» ليعلم راكب الأسد الجائع المتربص براكبه فن البقاء على قيد الحياة أطول وقت ممكن. يبدأ بشتم كل الذين وضعوا المسكين في الورطة يفتعلون الطاعة ويخططون للانقلاب عليه حال ظهور أول ضعف وأول فشل: هناك شيء واحد يمكن أن نقوله عن كل البشر. هم لا يعترفون بالجميل، هم متغيرون، منافقون، جبناء، طماعون… هم لك طالما أحسنت إليهم. يعدونك بدمهم ورزقهم وحياتهم وأطفالهم إذا كان الخطر بعيداً، لكنك لا تجد أحداً منهم في وقت الشدة».

لا تعامل إذاً مع مثل هؤلاء الناس إلا باكتساب خصائص الثعلب، كالحيلة والمراوغة وخصائص الأسد كالبطش الدموي. كذلك على الأمير ألا «يهاب دخول الشر إن لم يجد له بداً من ذلك». فلا يتردد في التقلب وخيانة تعهداته والعمل ضد الخير وضد الانسانية وضد الدين لأن كل هذه الامور حيل يستعملها أعداؤه لتعجيزه والقضاء عليه. ثمة بداهة مشكلة ضخمة في قلب «جهاز تعقب العدو الداخلي» ورأس الدولة مطوّق، محاصر، مهدد، يعيش كل يوم وكأنه آخر أيامه. لندقق في الحالة النفسية لهذا الآدمي الذي وضع نفسه في ورطة السلطة المطلقة أو أجبر عليها.

لا ننسى أن الظروف الموضوعية تعيّن مكان كل فرد داخل مجتمع له سلم واضح للاعتبار والمكانة، شبيه بالموجود عند كل الثدييات. تعمل هذه الظروف لتضخيم الأنا أو لتقزيمها كما تحث كل فرد على السعي الى اكتساب أحسن مكان ممكن على سلم الاعتبار، مما يجعله في حالة استنفار دائم للخروج من الدرجات الدنيا والصعود الى أعلاها. نحن هنا في مواجهة قوة جبارة تعمل وراء الستار لتعتصر من كل أحد أحسن ما فيه، جاعلة طموحه الشخصي عنصر ديناميكية الطموح الجماعي. وفي حالة فشل القوة الدافعة أو لوضع قاهر، يجد الأنا نفسه في أدنى درجات السلم ليضمر الى درجة ازدراء الذات لذاتها. أما في أعلى درجات السلم فيمكن للأنا، وهو في قمة الهرم، أن يتضخم بصفة مَرَضية معتبراً نفسه لا مركز عالمه هو بل مركز العالم(…).

وفي مثل هذا الوضع يتضافر العامل الايديولوجي مع العامل النفسي كي تنزلق السلطة سريعاً الى التسلط. فالسلطة هي قدرة جزء من النظام على التحكم ببقية الاجزاء كي تتناسق أعمال كل الاجزاء في خدمة المصلحة العامة للنظام ككل. هي وظيفة فيزيولوجية وضرورية لبقاء أي نظام وعمله سواء كان بيولوجياً أو اجتماعياً. ولكن عندما يصبح همّ الجزء المكلف بالتنسيق العمل لمصلحته الخاصة ضد مصلحة النظام واستعمال كل الوسائل لتسخير بقية أجزاء النظام في خدمة وجوده، ولو على حساب وجود النظام ذاته، نصل سريعاً الى حالة من الخلل تتطلب حلاً جذرياً يمر بالقضاء على المنسق المجنون الذي لم يعد ينسق شيئاً وإنما يدمر ويخرب.

لا غرابة أن يدخل هتلر وستالين وبول بوت وأنور خوجة وصدام وجنكيز خان ومراد الثالث في دوامة الشك والبارانويا والقتل بلا ضوابط. إلا أن الامر لا يزيد إلا في تعميق قلق سجين القفص الذهبي وخوفه، فهو آخر من يجهل أن عواقب مثل هذا العنف المطلق من عنانه توسيع رقعة المتربصين به، بخاصة الحاشية المقربة محل كل الشبهات ومصدر كل الأخطار العاجلة والمؤجلة. يفرض الأمر تفاقم استعمال العنف وتوسيع مجاليه، ما يزيد في تهاوي السلطة وانقلابها الى تسلط يفاقم عجز النظام وشلله. هكذا يتزايد الغرق في مستنقع الدم ويتزايد اقتراب سكين الجزار من عنق القربان الأزلي المبلل عرقاً يأتي يوم النحر عاجلاً أو آجلاً…».


من مقال طويل للمنصف المرزوقي عنوانه «الانتماء عند الناس طبقات»

«دمقرطة» أم «لبرلة»

«ما الذي تريده الادارة الاميركية عندما تحاول زرع ما تسميه الديموقراطية في بلد ما، او على النقيض ما الذي تريد منعه وهي تتصدى بالقوة او بالتآمر لتجربة ديموقراطية مستقلة في هذا البلد او ذاك. يكمن الرد على السؤال في الاطلاع على تاريخ السياسة الاميركية طوال القرن الماضي. آنذاك يكتشف المرء ان ما تريد فرضه تحت غطاء النظام الديموقراطي هو النظام الليبرالي. ولقائل ان يقول: لكنهما الشيء ذاته خطأ.

ثمة فرق كبير خلافاً لما يتوهم البعض وما يخادع به البعض الآخر، بين الدولة الليبرالية والدولة الديموقراطية. فالأخيرة هي دولة الخدمات التعليمية والصحية والضمان الاجتماعي، والحريات الفردية والجماعية التي لا تراقبها عشرات وكالات الاستخبارات والتجسس. هي دولة ترتبط بالمجتمع بعلاقات تعاون لا تخشاه ولا يخشاها، ناهيك على كونها تخضع للقانون الدولي ولا تعتدي على أحد.

شتان بين هذه الدولة التي تكمل خصائصها في البلدان الاسكندينافية ودولة ليبرالية مثل أميركا، لا تعنيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للغالبية في شيء ورفضت دوماً ابرام المواثيق الدولية للبيئة او لحقوق الانسان او لتتبع جرائم الحرب. وتصدت لمبدأ التجارة العادلة لانقاذ ثلث الانسانية من الموت جوعاً، وتتدخل عسكرياً في كل مكان من الارض للحفاظ على الحلف المتين بين العصابات المحلية وشركاتها العملاقة لمواصلة استغلال العالم وتدميره.

معنى ان الهدف زرع دول ليبرالية محلية تحت ستار الديموقراطية لتجعل منها الدولة المركزية وكالات محلية لتصريف شؤونها ومصالحها. لكن هذه السياسة مرفوضة داخل الدولة المركزية من الاميركيين أنفسهم الذين يدركون يوماً بعد يوم ان تلاقي مصالحهم مع مصالح النومنكلاتورا الليبرالية لا يقل كذباً وهشاشة عن تلاقي مصالح الشعب الروسي مع مصالح النومنكلاتورا الشيوعية يوم كان يرزح تحت الفاشية الحمراء. فلماذا نقبل نحن بالأمر بخاصة ان من سيسهرون على ديموقراطيتنا الممنوحة هم جلادونا في الماضي القريب.

قلّ من يتذكر اننا جربنا في عدد من البلدان العربية قبل منتصف القرن الراحل هذا النموذج المتمثل في نواة صلبة من الليبرالية الاقتصادية، يغلفها نظام برلماني قوامه صراع سريالي وعبثي بين الاحزاب والاشخاص على المكاسب. قل من يتذكر ان عيوب هذا النموذج هي التي ولدت الانقلابات العسكرية ضد انظمة كانت عميلة للخارج وعاملة على نشر الظلم الاجتماعي في الداخل. ولأن الاسباب ذاها تولد النتائج ذاتها، من حقنا ان نفترض انه لو استطاعت الادارة الاميركية فرض مثل هذه الديموقراطية، لما كانت الا مرحلة عابرة بين ديكتاتوريين.

آن الاوان للديموقراطيين العرب ان يبلوروا مشروعهم وليس فقط الاكتفاء برفض المشروع الاجنبي. نعم، آن الاوان ليكون لنا مشروع قومي ورؤيا لديموقراطية نفرضها على انفسنا ولا يفرضها علينا أي وصيّ. كل هذا حتى لا تصادر الاحلام مجدداً، حتى لا يتمخض الجبل فيولّد خازوقاً، حتى لا تصبح الديموقراطية الممنوحة تغطية على الاستبداد الجديد ومدخلاً لعودة الاستبداد القديم».

 

من مقال طويل للمنصف المرزوقي عنوانه «إصلاح العرب أميركياً»

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن)، الصادرة يوم 5 فيفري 2007)

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم  

الطلاق بالإكراه .. وأشياء أخرى لكسر إرادة المعارضين التونسيين
 

الطلاق بين الزوجين بالإكراه أسلوب عقابى مستحدث من قبل أجهزة بوليس السلطة التونسية و يقصد منه تحطيم معنويات المعارضين السياسيين للنظام الدكتاتورى ( وخاصة الإسلاميين , وقد أصبحت اليوم الممارسات الأمنية الشاذة لا تستثنى أحدا) .. هذه الطريقة تندرج فى إطار عقلية أمنية تسلطية يتبعها البوليس تجاه المعارضين السياسيين وعائلاتهم وهو ليس الأسلوب الوحيد الغريب المبتدع ذلك أن المعارض السياسى فى تونس لا يتوقف الأمر عند إستهدافه شخصيا بالتعذيب المادى الشنيع وإنزال أحكام ثقيلة بحقه وسوء معاملته فى الإعتقال والتحقيق و أثناء تقضية العقوبة فى السجن وحصاره حتى داخل الأسوار العالية وإنما الأمر يتعداه إلى أقاربه المقربين كزوجته وأبنائه وأبويه وأشقائه وشقيقاته وأيضا إلى دوائر فى القرابة والصداقة تتسع كثيرا , فكل أولائك يوضعون على قوائم البوليس ويصبحون محل متابعة كما يحرم الكثير منهم من حقوق المواطنة كالوظيفة فى دوائر رسمية والسفر والحصول على قروض إلى غير ذلك من المضايقات المباشرة والغير المباشرة السرية والعلنية التى تطالهم , وهذه الممارسات الأمنية قد تختلف من جهة إلى أخرى فى تونس ولكنها لا تستثنى أي منطقة فى البلاد
 
إن الحرمان و التضييق فى الدراسة (معهد , جامعة…. ) الذى يسلط على المستهدف أمنيا يتعداه ليبلغ أفراد عائلته لإجبارهم على مغادرة مقاعد الدراسة فى نية مبيتة لتجهيلهم وهدر مستقبلهم وتفويت حظوظ الحياة والنجاح عليهم وإشعارهم بأنهم منبوذين ومحل شبهة , ولوضعهم تحت ضغوط نفسية ثقيلة و مسترسلة كي يغيروا رأيهم فى من جعله البوليس عنوة سببا لهذه الهرسلة الأمنية ولكي تمل العائلة من الضغط الأمنى المخيف وتنبذ إبنها أو عائلها هي الأخرى وهذه إحدى الغايات من الممارسات البوليسية العجيبة وهو مسعى عبر عنه النظام بصريح العبارة وعلى ألسنة مسؤوليه الأمنيين ولكن مكر ألائك يبور
 
  حرمان آخر يطال الخارج من السجن كما السجين والملاحق أو أحد أفراد عائلته وهو الحرمان من آداء الخدمة العسكرية الوطنية وقد حصل للبعض أن إنخرطوا فى أداء الواجب الوطنى الذى يستمر لسنة واحدة وحين علمت دوائر النظام لاحقا أنه أحد أقارب معتقل سياسى -وخاصة إذا كان من عائلته – يقع طرده من الخدمة الوطنية , كما حدث لبعض المواطنين الشباب الذين فسخت عقودهم مع الجيش الوطنى أومع وزارة الداخلية أو دوائر أخرى فى الدولة كالتربية والصحة والبلدية والبريد وغير ذلك , بسبب أن لهم قرابة مع أحد المساجيين السياسيين أو الفارين , أما المعتقل السياسى نفسه فإنه محروم من آداء الخدمة الوطنية ولا سبيل له أن يفكر فيها وحتى الإجراء الذى أقدمت عليه السلطة أوائل التسعينات بإرسالها بعض الطلبة إلى التجنيد الإجبارى بمنطقة رجيم معتوق فهو إجراء عقابى لعزل الطلبة عن الجامعة لكسر التحركات الطلابية
 
 حتى الجيران الذين ليس لهم أي قرابة دم مع المعتقل السياسى تطالهم يد الجور حين يبدون قدرا من التعاطف مع جارهم المعتقل وعائلته , فيصبحون محل إستهداف البوليس وقد حدث أن أعتقل أربعة شيوخ لا يعرفون حتى الكتابة ولا القراءة  , يتجاوز عمر الواحد منهم 70 عاما , أودعوا سجن برج الرومى تحت طائلة أحكام بلغت خمس سنوات وقد كان ذنبهم أنهم رقوا لحال أبناء معتقل سياسى ولوضعهم المادى الصعب للغاية فجمعو ا لهم مبلغ بسيط من المال لفائدتهم وقد ساهم فيه كل منهم بخمس دنانير تونسية فوجدوا أنفسهم فى السجن .. والمواقف كثيرة فى ذلك
  
من الأساليب المتبعة من قبل البوليس التونسى هي احتجاز بعض أقارب من هو بحالة فرار , من أجل الضغط عليه كى يسلم نفسه للبوليس وفى أثناء ذلك ينال الرهينة نصيبه (ا) من التعذيب والإهانات
 
الخارج من السجن يجد سجنا آخر فى إنتظاره فعند خروجه تحمله سيارة البوليس من باب السجن إلى دوائر الأمن ويخضع لتحقيق جديد يشبه فى بعض الأحيان يوم إعتقاله أول مرة ثم يمضى على تعهدات ويبلغ عنه فى منطقته ويخلى سبيله , وهناك يأتيه البوليس إلى البيت أو يستدعى على الفور وتبدأ الهرسلة الأمنية والحضور للتوقيع حتى وإن لم يكن له حكم بالمراقبة الإدارية كما يخضع للتحقيق كل من يعثر عليه بصحبته حتى فى الشارع إلى نهاية الممارسات الإسبدادية والتى ليست لها حدود  
 
تبقى الأساليب المتبعة من قبل السلطة التونسية تجاه كل معارض لها غير مضبوطة بقائمة سلوك أمنى يتخذ من القانون والدستور مرجعا له ولكنها أساليب تخضع لمنطق ما يمكن أن نطلق عليه عصاب سياسى وأمنى يجعل هدفه تدمير الضحية بدنيا ونفسيا وسحق إرادته بالكامل وهذا السلوك العصابى تنفذه فلول من البوليس المتوحش يجد شراهة غير مفهومة فى ممارسة سادية بغيضة على ضحاياه وهو ما يطرح التسائل التالى : على أيدى من يتخرج هذا البوليس , وبأي عقيدة أمنية تربى ؟
 
صـــابر : سويســــرا

 


ســــــــواك 16

أكد السيد شريف الطرابلسي في رسالة سلمها إلى جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي أن أعوان امن بالزي المدني اقتحموا محل سكناه الكائن بجرزونة بتاريخ 9 جانفي 2007 و القوا القبض على ابنه محمد الطرابلسي البالغ من العمر 22سنة و هو منذ ذلك الحين يجهل مصيره. (الموقف 26 جانفي07)

لم يشفع لمحمد الطرابلسي أنه « طرابلسي » … يبدو أن « الإرهاب » يسوي بين المواطنين في القمع ولا فرق بين طرابلسي أو غنوشي فالكل أمام « قانون الإرهاب » سواء!!

أدى السيد الهادي مهني الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي امس السبت زيارة عمل الى ولاية القصرين التقى خلالها بمناضلي ومناضلات الجهة (التجمعيين) وتعرف على معالم التنمية والتقدم بها من خلال معاينة عدد من المشاريع التنموية.(« الصحافة » 28 جانفي07)

وقد حمل سيادته معه شاحنة من العصي الغليظة (ارزامات ، مفردها ارزام) لتوزيعها على مناضلي الجهة بصفتها من أهم وسائل الإنتاج بالجهة،  » فالحلفاء ما تطيب كان بالرّزام« !!

و تجدر الإشارة بأن جهات أمنية قد سلمت جثة الشاب محمد بن عيسى بن خليفة إلى عائلته في رأس الجبل حيث تم دفنه في الخامسة صباحاً بأمر من رجال الأمن بعد أن مُنعت عائلته من فتح تابوت الجثمان. (تونس نيوز عن نواة)

خسارة! لقد رحل القس بيار قبل الشاب محمد!! لذلك لم نشهد له موقفا في المسألة!!… لكن ما موقف خلائف بيار والمترحمين عليه، أنصار الرحمة اليسوعية والصليب المتسامح من هذه الجريمة؟؟ … « عليهم مش علينا ولا عصمة لدماء « الإرهابيين »!!… تلك حقيقة البرهنة الكاذبة والنفاق المسيس!!

أجمع وزراء الداخلية العرب على ضرورة تطوير التنسيق في مكافحة الإرهاب. وباشروا في اجتماعاتهم السنوية التي بدأت في تونس أمس برئاسة وزير الداخلية والبريد الموريتاني محمد أحمد ولد محمد الأمين درس مشاريع اتفاقات وخطط تنفيذية لتعزيز التعاون في المجالات الأمنية. (رشيد خشانة)

ما تفرقه المطامع السياسية « لعوائلنا » الحاكمة تجمعه الهواجس الأمنية « لبوليسنا » المتنفذ!

تونس ـ الصباح: طغى هاجس التصدي الامني المشترك لظواهر الارهاب والتطرف والجريمة المنظمة على أشغال الدورة 24 لمجلس وزراء الداخلية العرب التي افتتحت يوم أمس بمقر الامانة العامة للمجلس بمنطقة البحيرة بالعاصمة تونس، (الصباح)

وهل لهم غير التخويف من الإرهاب المصنوع لمحاربة « الإرهاب » المنتشر!

فيما استمر الحديث في الشارع عن هوية هؤلاء الشبان المغامرين من هم ومن أين جاؤوا وماذا يريدون ولم فعلوا ما فعلوا؟ ..في غياب صورة مكتملة عن الوقائع الدامية في الضاحية الجنوبية وسليمان لا يمكن الجزم بأحكام قاطعة حول طبيعتها وخلفيتها وربما يتعين انتظار ما سيسفر عنه التحقيق الجاري مع المعتقلين من عناصر المجموعة المسلحة، (الوحدة 27 جانفي)

استني يا دجاجة حتى تُخْرِجَ لك العصا « قمحا » من دهاليز الداخلية يقدمه لكِ « الدواجني » المسيس مقابل شيء من « البيض » فلا يوجد « نسناس » يصطاد لوجه الله!

أما الشاب الرابع عشر والأخير فهو يؤكد على إصلاح الطريق المعبدة التي تعطبت وأصبحت غير صالحة واستعمالها أصبح خطرا على السيارات والشاحنات . ومن المؤسف أنها أنجزت خلال 1999 عن طريق صندوق 2626 بما قيمتة 960 ألف دينار (محمد لعروسي الهاني)

ولعل المبلغ توزع كالآتي: 60 ألف دينارا مواد تجهيز وأجور عمال! و900 ألف دينارا « مصاريف » إدارية ومكافئات للمشرفين على حسن الإنجاز وهبات لأصحاب الفضل في تأسيس الصندوق!

قرأت في تونس نيوز يوم 31 يناير ( مقال ) برهان بسيس نقلا عن صحيفة الصباح، والذي قام فيه بتدليس بعض ما ورد في مقالي ليؤكد ما ذهبت إليه من فساد عقيدته… وكان عليه الالتزام بالامانة ،ولكن فاقد الشئ لا يعطيه. فقد حرف كلامي… وخرج باستنتجات  مقصودة ليكذب علي متعمدا في أمرين رئيسيين … وهذا كذب فاضح أراد به التلبيس على القراء في موضوع محسوم (عبد الباقي خليفة)

استغرابك غريب يا عبد الباقي، الذي يسرق جملا لا تُعيِيه بيضة، والذي يضلل شعبا ويصفق لتزوير إرادته لا يُخجله أن يحرف كلمة أو جملة أو كتابا أو يفتح مدرسة للبرهنة الكاذبة والتدليس المفضوح!

بمناسبة إحياء ذكرى 5فيفري المجيدة ،تنظم اللجنة الطلابية لحزب الوحدة الشعبية ندوة سياسية حول:  » مسيرة الحركة الطلابية بين 5 فيفري 1972 و5 فيفري 2007 الواقع والآفاق «  وذلك بحضور نخبة من مختلف الأجيال الطلابية . (رئيس اللجنة الطلابية صابر بن مصباح)

ماذا لو توجهون دعوة رمزية لعبد الكريم الهاروني والعجمي الوريمي (هيثم) السجينان، ودعوة حقيقية لعبد اللطيف المكي ومحمود قويعة؟؟ هل تتم الندوة أم تؤجل إلى وقت غير معلوم؟؟

لكن لا بأس والطوفان من حولنا يهدر سنصرخها «بكل اطمئنان وسعادة» «عاشت الامة وليخسأ الخاسئون.. » فعلا اشياء كثيرة ينبغي ان تخسأ حتى تضمن هذه الامة حظوظا حقيقية في الحياة. (برهان)

صَدَقَكمْ وهو كذوب!! « فعلا اشياء كثيرة ينبغي ان تخسأ حتى تضمن هذه الامة حظوظا حقيقية في الحياة«  وإلا كان حظها في الحياة هو الحظ في زنزانة مظلمة أو تابوت مغلق ودفن تحت جنح الظلام!!

من جهة أخرى، (ا ب) قال وزير الأمن العام الليبي صالح رجب المسماري إن بلاده ستفرض قريباً تأشيرة الدخول على جميع المواطنين العرب الراغبين في زيارتها، في خطوة تهدف إلى مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة. (رشيد خشانة)

يبدو أن زمن « الأمة » الليبية قد حل بعد « رحيل » مشروع وحدة الأمة العربية بقيادة الزعيم الأممي الثائر!! « وكرسي بيدك خير من أريكة في خيالك« !!

ســواك: صابر التونسي

النصوص منقولة عن الحوار نت و تونس نيوز

 


 

الي ومتاع الشعبه (حاشاكم) : فَرْسِيُونَات الصحافة متاعكم

عباس

 

الزوّالي : ما تقوليش شنيّ الحكايه، كل واحد يطلعنا بطلعه في الصحافه، كل يوم فَرْسِيون جديده على القتيله ، صُبّ التاي، السّاعه

متاع الشعبه (حاشاكم) : لا فَرْسِيونات ولا هم يحزنون، معناها، هي فَرْسِيون وحده

الزوّالي : آعجب، جماعه دخلوا من الجزاير، واحد موريطاني، مخدرات، تبعهوهم ملّي دخلوا من الحدود، سلفيه جزائرية، كشفوهم بالخبز من عند الخباز، حمّام الأنف، وسليمان، ستة من الناس، ولاّو 25 ، البوليسيه يراقبوا فيهم، وزيد يا اللّي تزيد

متاع الشعبه : هذي كلها قصّه وحده

الزوّالي : آبي، كيفاش تركب هذي على بعضها

متاع الشعبه : كيما ركبت غيرها، اسمعني يا سيدي، اسمع الصّحّ، معناها، هو موريطاني تعرّف على خمسه توانسه في الجزاير، ولاّوشي ستّه، وعاشوا أيامات عند سلفيه الجزايريه، علّمهم الموريطاني تجارة المخدرات، داخلين خارجين على تونس، قلّي مع شكون يتعاملوا … مع

 الزوّالي : ما تقوليش مع البوليسيه، هيَّ هكّا وْهُوليود

متاع الشعبه : الله يعفو من اليهود، يا سيدي مع خباز على الحدود، عامل روحو معلابالوش، وهو يِدْهن في الفلوس

الزوّالي : يعطيك إخذه، يبَيّض في الفلوس

متاع الشعبه : ما عليناشي، ماهو كلّو دُهن، في دخله من الدّخلات، فاق بيهم واحد من الجهة غادي، معناها، يخّي صبّ الصبّه

 الزوّالي : هاو فاتك هذا

متاع الشعبه : لا شبيني ناقص وطنيه، راني خبرة 45 سنه

الزوّالي : في الصبّه

متاع الشعبه : صبّه ولاّ باكوات، لمّا كان هذا متاع الحدود يرضع في صبعو، أنا هرّبت بفلوسي بورقيبه لجزيرة جالطه

الزوّالي : طوّل بالك، ما تتغشش، ما ياخذلكش بلاصتك، لأنّو موش موجود أصلا، كمّل، كمّل، وخلّينا من جزيرة جالطه اللّي نفيت فيها بورقيبه بفلوسك

متاع الشعبه : ما نطوّلوهاش وهي قصيره، تبعوهم البوليسيه، معناها، والباقي ماني حكيتهولك البارح

الزوّالي : حكيتلي البارح، يعطيك الصّحّه، لكن حكيتلي على الجبل آكهو، لكن ولاد سليمان شافوا الكرتوش يخيّط في المدينه

متاع الشعبه : وانت صدّقتهم

 الزوّالي : علاش لا، ولا شبيهم ولاد سليمان، شديت عليهم سيادتك كذبه! نِعْم الناس

متاع الشعبه : شنوّ علاش لا، نقطّع حوايجي توّ، هو سليمان ولّى عندو ولاد جمله وحده، يا ولدي هذا سليمان الموريطاني شِنتي صغير، عظمو طري، البارح حل عينيه

الزوّالي : هذا خيوطو ضاربه جمله وحده، جاب ربّي ما سألتوش على حمّام الأنف، ولاّ راهو قالي سليمان الموريطاني قبل ما يوصل للجبل مشى للحمّام متاع عمّك الأنف، وكسّلو طيّاب غادي … قلّي، إلى حدّ الآن ما حدّثتنيش على السّلفية الجزائرية، وقتاش دخلت في العَجْنه اللّي عجنتهانا

متاع الشعبه : يا سيدي لحكايه وما فيها، ها السته الزّواوش، كيف ما قاوْ حدّ في الجزاير مشاو سِكنوا عند مَرَاه جزايريه اسمها « سلفيه »، كيما نحن نسميوا « علجيّه » و »منوبيّه »، الوحَيّدَه، شُوف، آه، ويطلع منهم الجزايريات، آه، تحضّن فيهم كيما تحضّن في راجلها، قلّة الحيا والدّين فين توصل، آه

الزوّالي : « علجيّه » و »منوبيّه »، يعطيك الصّحّه، باللّهي قلّي، منين تجيب في الخبار متاعك، متاع تحضّن في راجلها، وهل الحكايات الكلّ

متاع الشعبه : ماك تعرفني، ما نزيدش كلمه، نقلّك آش قال رئيس الشعبه بالضبط « رمتهم السّلفية الجزائرية في أحضانها وآوتهم »، ما يحشموش، ويتكلموا باسم الدين، ها الصيّاع الزّوفّره، آه. نعرف اللّي رئيس الشعبه حتى بمقصّ العافيه ما يتهزّش، ولكن ما عملش ها العمايل، والعياذ بالله

 الزوّالي : صُبْ، صُبْ، صُبّ التاي، صُبْ، بَعِّد عليّ مقصّ العافيه من هنا، وصُبْ

 

 

 

إلى السيد لاشين حيدر وكل اليساريين الشرفاء  تحية وعلى درب المواطنة نلتقي    

عبدالباقي خليفة * كتب السيد لاشين حيدر على تونس نيوز بتاريخ 3 فبراير منتقدا ما عنونت به مقالي  » من ظلمات اليسار إلى ظلمات النصرانية ولعنة العداء للحركة الاسلامية  » وقال فيما معناه و ليس حرفيا ( حتى لا يؤاخذني على ذلك ) أن العنوان لم يلق حظه في النص ، كما أني لم أذكر من أقصده في كلامي . في البداية أوجه التحية لاخي في الوطن لاشين حيدر إن كان تونسيا وفي العروبة إن عربيا وفي الانسانية إن كان غير ذلك ، و لما لا الاسلام الحي ، بتعبير رجاء غارودي ، لأني وحسب ما فهمت من رسالتك من مناضلي اليسار الذين لا يزالون مخلصين لايديولجيتهم و لمواقفهم المناصرة للعمال والفلاحين ليس في تونس لوحدها وإنما على المستوى الأممي . حتى وإن اختلفنا معكم ، فالاديولوجية الماركسية لم تعد تعنيني كاسلامي وهذا رأي الكثيرين أيضا ، فقد انتهت – من وجهة نظري – من ساحة المنافسة السياسية والاديولوجية ،ولا سيما خطها الاصولي ، الماركسي اللينيني الستاليني – وبالمناسبة فقد كنت مثلك ، قبل أن اكتشف ذاتي في اسلامي ، على طريقة أبو حامد الغزالي رحمه الله  » نور قذفه الله في قلبي  » عرفت معناها وبؤس منتقديها بعد ذلك ،وهذه تجربة تخصني لوحدي . لذلك لا أريد أن أخوض في صراع مع ايديولوجية تلفظ أنفاسها الأخيرة ، رغم رقصة النهاية وليس العودة هنا وهناك ، فالديمقراطية قضت على ديكتاتورية البروليتاريا ، التي لم تحكم أبدا و لن تحكم – من وجهة نظري – كما ان الديمقراطية لم تمثل أو قل لم ترتق للنموذج الانساني الذي نسعى إلى أن تبلغه فتكون مشاعا للجميع وليس لمنظومة دون غيرها أو دولة دون أخرى أو أمة دون أمة . سيد لاشين ، عندما كتبت مقالي لم أكن أنتقد الماركسية أو اليسار ، هذه ليس معركتي وليست حربي وإنما مشكلتي ومشكلتك ، أوهكذا أرى على الاقل ،ومشكلة كل مواطن هي الديكتاتورية الجاثمة على صدري و صدرك وصدر كل مواطن ، نحن يمكن أن نختلف ،ولكن مع ذلك يمكن أيضا أن نلتقي على درب المواطنة ، من حقي ومن حقك التعبير عن الرأي ، ومن التواصل ومن الاتفاق على عقد اجتماعي . قبل عدة سنوات كتب حمة الهمامي  » ضد الظلامية في الرد على الاتجاه الاسلامي « حمة الهمامي هذا من مؤسسي حركة 18 أكتوبر التي يلتقي فيها مع الاسلامي والعروبي وغير ذلك . الخلاف السياسي والمماحكة الايديولوجية لا تمنع من اللقاء على أرضية مشتركة تضمن الحريات للجميع ، والشعب هو الفيصل لا محاكم التفتيش وعصي البوليس . لقد كنت أرد على شخص معين ذكرت اسمه عندما قام بالرد علي . كان يساريا حتى النخاع وانقلب على وجهه ، وكان مقالي يصف حال ذلك الشخص الذي سميته ورددت على تخرصاته في مقالي اللاحق  » احذروا هذا المدلس « ويمكنك معرفة اسمه بالعودة ليوميات تونس نيوز . بالنسبة لكتاب غارودي هو  » الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائلية « وليس ما ذكرته في مقالك ، فأرجو تحري الدقة ، وأرجو أن تقرأه ، ولا تكن حاطب ليل كغيرك ، أشباه الدخان الذي يتصاعد وهو وضيع ( لا أقصدك ) أما مناصرة القس بيار لغارودي فهو موقف جيد يحسب له كانسان والنوايا يعلمها الرحمن . وجميعنا معنيون بالدفاع عن حقوق الانسان دون انتظار تتويج من أحد أو شكر أو غشادة من أي كان ، وأعلمك أنه ليس بيني و بين بيار أو كاردان أي مشكلة شخصية وإنما كان الموضوع رد على من حاول توظيف مناصرة القس بيار لغارودي ،أونشاطه التبشيري أو الانساني سمه ما شئت ، في تسفيه الآخرين والانتقاص منهم . إذن المشكلة اختلاف في وجهات النظر، وتقويمات متباينة ، تعد طبيعية لا تحتاج إلى التشنج أو وصايات على العقول والآراء ، وبإمكانك أن ترفع مقام بيار إلى درجة المناضليين الاميين أو يرفعه غيرك إلى مقام القديسيين أو أولياء الله الصالحين ،على أن لا تفرض علي أنت أو غيرك نظرة معينة للامور ،بما فيها الموقف من بيار أو غيره أو تضعني في قوالبك ، كما ليس من حقي ولا أي أحد غيري أن أحجر عليك أو على غيرك حرية الفهم والنظر ، فإذا اتفقنا جميعا على ذلك فالانسانية بخير والسلام الوطني والاقليمي والاممي بألف ألف خير . بقي علي الرد على مسألتين ، الاولى ما يجري في العراق وفي باكستان وايران وما جرى في الدولة الاموية والدولة العباسية وما إذا كان ذلك حجة على المسلمين ، ثم موضوع لاهوت التحرير في أميركا اللاتينية . أولا : إن ما جرى في التاريخ الاسلامي وما يجري في البلدان التي ذكرتها لا يساوي واحد في المائة مما جرى في التاريخ الاوروبي ، بدون الولايات المتحدة ، أرض المقابر الجماعية ، حتى قيل أن سر خصوبة الارض الاميركية يعود لنوعية السماد الذي خضبت به ، وهي أجساد الهنود الحمر . المسلمون في عمومهم لا يتحملون بالطبع المسئولية عما جرى ويجري ،وإنما يتحمله من قام ويقوم بالجرائم ،بما فيها جرائم الديكتاتوريات ومن يقف إلى جانبها ، وجرائم الامبريالية التي هي أعلى مراحل الرسمالية ، كما تعلم من مقولة لينين . وإذا كانت الكنيسة في التاريخ الاوروبي تقف وراء كل الشرور التي حدثت ،وأنت تعلم أحد شعارات الثورة الفرنسية  » اسنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس  » فإن العلماء في تاريخنا كانوا في صف الامة وكانوا ضحايا لبطش الاستبداد والبغي ، من عمار بن ياسر مرورا بسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وأنس بن مالك وحتى آلاف الشهداء الذين ليس لهم آخر حتى الآن . وكلما اشتدت الخطوب على الأمة لجأ الناس للعلماء وللمساجد حتى أن جمال عبد الناصر فعل ذلك ، أتدري لقد لجأ جمال عبد الناصر إلى جامع الازهر وخاطب الجماهير من فوق منبره لادراكه بقيمة ذلك المنبر في وعي الجماهير .كانت لحظة فارقة رغم أن عبدالناصر وغيره حاولوا دائما إبعاد الناس عن تلك المنابر ليجعلوا من أنفسهم كعبة يطوف حولها الناس . كذلك فعل صدام حسين عندما ادلهمت الخطوب أصبح متدينا حقيقيا ،ولكنه كمن تاب من الزنا بعد إصابته بالايدز ،أو امتنع عن أكل الجيفة والدم ( بتجنب الذبح والاستعاضة عن ذلك بالخنق أو الصعق الكهربائي ) ولحم الخنزير بعد إصابته بالسرطان ( هناك نظريات تقول بذلك وينصح الاطباء بعض المرضى النصارى بعدم تناول لحم الخنزير ) . ثانيا : بالنسبة للاهوت التحرير ، فهو متأثر بالاشتراكية وليس بالمادية التاريخية أو المادية الجدلية واستنباطات الديالتيك،وإلا لما سمي بلاهوت التحرير وأنت كيساري تعلم الفرق بين المدارس الاشتراكيةومقاماتها الايديولوجية والفكرية ،فبعضها يحاول أن يعطي للدين بعدا اشتراكيا وهذا ما يجري في أميركا اللاتينية ، حتى أن فيديل كاسترو صرح في السنوات الاخيرة بذلك ، وهو ما يفعله هوغو تشافيز ، لذلك يتقدم اليسار هناك ،رغم أنف الفاتيكان المستريب من لاهوت التحرير ، وفي العالم الماضي حيل بين قس من لاهوت التحرير وبين الصعود للباوبوية التي أصبحت حكرا على الاوروبيين ، في حين يرى آخرون الدين  » من أقوى قلاع الاقطاع « و » أفيون الشعوب « بناءا على الاصول الماركسية اللينينة وحورب الدين بضراوة في المنظومة الاشتراكية التي كانت تمثل حلف وارسو ،لذلك لا تجد من يجاهر بالحاده اليوم في أوربا الشرقية على الأقل . وإذا كنت تريد معرفة المزيد عن لاهوت التحرير في أميركا اللاتينية وتريد أن تقود حركة مماثلة في تونس أو البلاد العربية فأخبرنا لنساعدك ، وتقبل تحياتي . ملاحظة : اسمح لي أن أعاتبك قليلا على إشارتك لما وصفتهم بأنهم من خاصيتي « الذين يعيشون عيشة الرفاه في الغرب  » ! من قال لك أن المسلمين في الغرب وخاصة الاسلاميين منهم ، يعيشون عيشة الرفاه ؟!. وإذا كنت تقصد الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله ، فقد خاب ظنك . أما بقية من استشهدت بهم فلا يعيشون في الغرب ، وهم الشيخ أحمد ديدات رحمه الله وجلال كشك، فصحح معلوماتك وتحياتي لك مرة أخرى .   * كاتب و صحافي تونسي

 

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 4 فيفري 2007)


 

 

الى السيد عبد الباقي خليفة

تبعا لرد السيد عبد الباقي خليفة الوارد بموقع الحوار نت بتاريخ 04/07/2007

في بدا كلمتي اتوجه لك بالشكر على ردك الأنيق غير المتشنج المتماهي مع خطاب المواطنة و الديمقراطية (و إن إختلفنا في تحديد ماهيته بالضبط و لكن يبقى ضروري لمجابهة الديكتاتورية الجاثمة على صدري و صدرك وصدر كل مواطن كما ورد على لسانك ).

لن اخوض في سجال إيديولوجي وفكري معك و لن اعقب على كلامك الذي اتفق معه في جانب و اختلف معه في أخر لأنه لن يدفع بنا الى الأمام و لن يغير من واقع الوطن و المواطن في شيء  ولكن أؤكد مجددا على ان ما عبته على مقالك هو اسلوب التعميم الذي ينتج الخلط و اللبس لدى المتلقي فإنتماء السيد الذي تعنيه (و الذي أتعفف عن ذكره لكي لا أدنس كلماتي ) سابقا الى اليسار لا يمكن ان يؤدي الى إطلاق الأحكام جزافا على الفكر اليساري من خلال تجربة شخصية إتسمت بالإنتهازية و الوصولية (مع إحترازي التاريخي في خصوص إنتماء ذلك الشخص لأي من فصائل اليسار كما هو الشأن بالنسبة الى سمير العبيدي سيء الذكر) .

بخصوص  قولك « الخلاف السياسي والمماحكة الايديولوجية لا تمنع من اللقاء على أرضية مشتركة تضمن الحريات للجميع  »  سيدي الكريم هذا كلام جميل شريطة الإلتزام بحد ادنى من الإحترام المتبادل البعيد عن كل ما من شأنه ان يساهم بطريقةاو باخرى في تشويه الطرف المقابل مهما كانت التعلاّت او الدوافع( و انا لا اقصدك بهذا الخصوص ).

سيدي الكريم لم اعتبر مطلقا مقالك نقدا مباشرا للفكر الماركسي او اليساري و انما تلمست فيه تصنيفا مريبا للفكر المذكور  من خلال تجربة شخصية معزولة و هذا ما دفعني الى الرد الذي اقر بانه إتسم ببعد عاطفي حنيني اكثر منه فكري و عقلاني و انه سلك ما عبته على مقالك من اسلوب التعميم و التعويم .

الخلاصة سيدي انني كما الكثير من ابناء هذا الوطن المخلصين نشعر بالإساءة و التقزز لما نطالع كلمات ذلك الشخص سيء الذكر (و هو نفس الشعور تقريبا عندما نشاهد الدكتور الهاشمي الحامدي يطل علينا من قناة المستقلة بأطروحاته الزئبقية مقارنة مع تاريخه الطلابي و إنتمائه الهيكلي و العضوي للحركة الإسلامية في تونس ونتذكر جميعا مواقفه و دعواته غداة احداث الحادي عشر من سبتمبر وكذلك عقب فوز الفريق الوطني بكأس إفريقيا لكرة القدم ) و لكن هل العيب في ذاته ام في الفكر الذي كان يعتنقه و تخلى عنه مقابل بعض الفتات المتبقي على موائد جلادي الشعب و مصاصي دماء الفقراء و المستضعفين و قامعي الفكر و ساجني المفكرين اظن ان الإجابة سهلة المنال إذا كنا نسعى جميعا الى ذات الهدف ,مجابهة الديكتاتورية المتعفنة و سيادة قيم المواطنة و القانون و الديمقراطية فساحة الوطن تتسع لكل نفس حر, شريف, مناضل .

مع تحياتي                  

لاشين حيدر

 

 

بورقيبة الزعيم : مدرسة وطنية مجددة لابد أن نرفع عنها كل تقديس

كتبه مرسل الكسيبي (*)

لايشك التونسيون والتونسيات أو المثقفون العرب ممن عاصروا الزعيم التونسي والعربي الحبيب بورقيبة في وطنية وكفاح هذا الرجل الذي لانملك الا أن نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة فيما أخطأ فيه التقدير أو أساء فيه التنزيل أو فيما زل فيه به لسانه ,وذلك من باب العرفان بما قدمه لجيل الاستقلال من فضائل وخصال مازال التونسيون يلمسون اثارها اليوم في حياتهم المعاصرة ,كما مازالت ألسنة العرب تتناقلها في بقاع الأرض قاطبة من باب الاقرار له بالنضج السياسي والواقعية في فهم المعادلات الدولية الصعبة أيام كان الخطاب الناصري والقومي يملأ ساحاتنا العربية ويهز المجتمع الدولي بما يقدمه من شعارات وخطب بلغت أوج غرورها حين وعدت برمي »اسرائيل » في البحر!.

وقائع كثيرة تحسب لبورقيبة رحمه الله حين كان يحذر في الأربعينات من القرن الماضي الحركة الوطنية من الانسياق وراء التيار النازي في تونس المستعمرة انذاك فرنسيا ,وقد توقع يومها في غير خطأ انهيار المشروع النازي بعدما كانت كل المعطيات تؤكد سيطرة ألمانيا على القارة الأوربية ومناطق أخرى واسعة من العالم.

ولم يكن خطاب أريحا الشهير الذي يتذكره الاخوة الفلسطينيون الا علامة أخرى على تميز الرجل بالحنكة والدهاء حين دعى الفلسطينيين الى القبول بمشروع الدولتين المتجاورتين مع مواصلة الكفاح الوطني المقاوم من أجل استرداد بقية الأرض المسلوبة من قبل الاحتلال الاسرائيلي,غير أن الرئيس جمال عبد الناصر والقوى القومية العربية والتيارات الاسلامية يومها سخرت من الرئيس التونسي بناء على مايتملك العرب والمسلمين من طموحات ثورية ونقائية لم تتمثل تعقيدات الوضع الدولي وعمق التحالف الغربي الاسرائيلي..,وهو ماأدى الى حرمان الشعب الفلسطيني يومها من مشروع دولة كان من الممكن اقامتها ولو بشكل مؤقت على نصف خارطة فلسطين التاريخية…!

أما اليوم فهاهم الفلسطينيون مع كبير احترامنا وتوقيرنا واجلالنا لتضحيات شعبهم المرابط وكل قواه الوطنية الحية ,يتقاتلون على من يحكم غزة التيار الفتحاوي أو حركة المقاومة الاسلامية ؟!,بعد أن تقهقر مشروع التحرير من مربعات خطاب أريحا الذي سخر منه قادتهم القوميون الى مربعات « أوسلو » و »مدريد » و »واي ريفر »  و »واي بلنتايشن » و »خارطة الطريق »  ثم الحرب الأهلية الداخلية التي تتاهفت على مساحة تديرها سلطة وطنية فلسطينية على أقل من أربعة في المائة من مساحة فلسطين التاريخية!!!…

وقف بورقيبة بمقولته التاريخية « خذ وطالب » مدرسة وطنية ذكية في مواجهة قوى التحنط السياسي والخطاب الديماغوجي الذي لايحسن الا تقديم الخطب والشعارات الرنانة ,ومن ثمة فقد قبل تاريخيا قبل أن يسوق نموذجه التاريخي للاخوة والأشقاء الفلسطينيين ,قبل بمشروع الحكم الذاتي سنة 1952 على أمل نيل الاستقلال الرسمي سنة 1956 ثم استكمال مشروع الجلاء العسكري الفرنسي عن قاعدة بنزرت البحرية والجوية التونسية سنة 1958…,وشهد قبيلها بسنوات قلائل وتحديدا سنة 1955 تحديا يوسفيا خطيرا ,في ظل انسياق الزعيم الوطني صالح بن يوسف رحمة الله تعالى وراء المدرسة الناصرية في الخطاب السياسي ,وكان أن حسمت المعركة لاحقا وفي اطار تاريخي يحتاج الى كثير من اعادة النظر والتدقيق بنار السلاح الذي يمكن أن يكون بداية أخطاء لم تخل منها مسيرة الرجل.

بورقيبة رحمه الله مدرسة سياسية عظيمة وعريقة لايمكن النظر اليها بعين التقديس ,فعلاوة على أنه كان رجل التحرير والدولة والبناء والاعمار ومجانية ورقي الصحة والتعليم …فان له أيضا أخطاءه التي لابد أن نقف اليوم عندها بالتأمل واعادة النظر حتى لانقدم للأجيال التونسية والعربية القادمة تجربة مشوهة لاتنقل عن الرجل الا التعظيم والتقديس والاجلال ومن ثمة يصبح نهجه بايجابياته وسلبياته طريقا ملزما للتونسيين حتى بعد مرور العشرات من السنوات عن ازاحته عن الحكم وانتقاله الى الرفيق الأعلى.

لن أكون في هذا المقام تكرارا لمقولات الأستاذ راشد الغنوشي الذي رفض الترحم على الرجل يوم وفاته مستجمعا وبشكل حصري يوم رحيله عن الدنيا واجتماع عشرات الالاف من التونسيين والتونسيات حول موكب جنازته الصفحات السلبية فقط من تاريخه ,ومتناسيا فضله علينا بعد الله تعالى أولا واخرا في الدولة المستقلة الحديثة ذات النظام التعليمي الراقي والخدمة الصحية المتقدمة والمؤسسات الخدمية والادارية المحترمة وسط مناخات دولية واقليمية بددت فيها شعوب عربية واسلامية أخرى وذات ثروات باطنية قدراتها التنموية في الحروب والصراعات الأهلية الداخلية في ظل حمى ماعرفه العالم انذاك من حرب باردة .

كما لن أكون في هذا الموضع أتاتوركيا الى الحد الذي يحكمنا فيه بورقيبة رحمه الله من قبره ,حيث أن تونس بشعبها المعطاء وقادتها المتجددين قادرة على ابداع تجارب فكرية وسياسية تنهل من تجربة الرجل الثرية ولاتجد حرجا في مراجعة أخطائه دون عقد أو صنمية ,تحول من قبره مزارا لايحق لغير الأماكن المقدسة وهي مكة المكرمة والمدينة المنورة والمسجد الأقصى عجل الله بفرج كربه وكرب أهله في كل انحاء أرض فلسطين .

لقد أخطأ بورقيبة خطأ فادحا بلاشك في نظرته الى مؤسسة حضارية ودينية عريقة وهي الجامعة الزيتونية بمختلف فروعها في أنحاء الجمهورية التونسية ,ومن ثمة لعب دورا في تحويل القائمين عليها وخريجيها الى شيء تراثي استغنت الدولة شيئا فشيئا عن خدماته مما تسبب لاحقا في احداث حالة فراغ ديني وفكري وثقافي غير معقول وهو مامهد لاحقا لظهور الحركة الاسلامية كردة فعل على حالة اللاتوازن الثقافي صلب المجتمع التونسى.

أخطأ بورقيبة بلا شك في بعض اجتهاداته المتحررة من الضوابط الفقهية الاسلامية المجمع عليها نصا وعقلا ,ومن ثمة لم تكن دعوته الى الافطار في شهر رمضان في أواسط السبعينات أو بداياتها بدعوى تقديم التنمية على فريضة الصيام الا ترنيحة من ترنيحات الحكم الفردي الذي لم يخضع لمشورة أهل العلم والتخصص الفقهي ,كما أخطأ بورقيبة في مانقل عنه -دون تحقق علمي وتاريخي شخصي من ذلك- في نظرته لللقصص القراني وماأراده الله فيه من عبرة للناس …وأخطأ بورقيبة في قرنه لمفهوم تحرير المرأة بتخليصها من اللباس العربي والاسلامي المحتشم ومن ثمة اقدامه على نزع السفساري التونسي عن رأسها تحت مشهدية وامتاعية الكاميرا بعد تقبيل وجنتيها أمام عدسات التلفزيون..,كما أخطأ بورقيبة حين وافق أو غض الطرف على استصدار المنشور 108 الفضيحة المحارب للحجاب .

ولعل أبرز أخطاء الرجل بعد تجرئه على الاجتهاد في النص الديني -القران خاصة – دون امتلاك اليات الاجتهاد المعرفي الفقهي المتخصص المتعارف عليه في معظم جامعات العالم الاسلامي وأقصد بذلك الأزهر وجامعة فاس وأم القرى والمدينة المنورة ودمشق والزيتونة على أيام تألقها العلمي والمعرفي…,لعل أبرز أخطائه تكمن في نزعته الى الاحتفاظ بكرسي الرئاسة في فترات الهرم والشيخوخة والعجز المترتب عن المرض وتقدم السن وهو ما ساهم في زعزعة أمن واستقرار البلاد منذ نهاية السبعينات أو بداية الثمانينات ومن ثمة جعل المراقب غير المنصف والقوى السياسية الصاعدة تنظر الى الرجل وتجربته الوطنية بعين الحيف والاستخفاف وتصفية الحسابات الدينية والفكرية والسياسية ولاسيما في ظل ماعرف به الرجل من أفكار تحررية جريئة لم تكن محل استساغة من قبل قادة الحركة الاسلامية التونسية التي لم يعرف قادتها الى حد كبير كيفية التفاعل مع شخصية الرجل أيام أفسح لهم فرصا من التعبير والتنظم والتفكير باتوا يتحسرون اليوم عليها في ظل اتقان أطراف أخرى لأصول اللعبة السياسية وفشل « الاسلام الاحتجاجي » في تونس في افراز خطاب وفعل سياسي معقول ومنطقي يخرج من دائراة المواجهات والصراعات والمغالبات التي لم تزد الدولة الا ابتعادا بمسافات كبيرة عن طروحات وجسم التيار لاسيما بعد مرور حوالي 26 سنة على أول التحام أمني بين السلطة بأجهزتها الحداثوية وبين الحركة المعارضة بخطابها وممارساتها الطامحة الى استثمار اخطاء البورقيبية دون النظر الى ايجابيات التجربة في بعدها التنموي والتحريري.

(*) رئيس تحرير صحيفة « الوسط التونسية »

(المصدر » صحيفة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 3 فيفري 2007)


مناعة تونس البورقيبية

كتبه د. خالد شوكات (*)

ليس تهديد النظام التونسي بانحدار البلاد نحو الإرهاب والفتنة الدموية، على غرار دول عربية أخرى، كالعراق والجزائر والصومال، بالمدخل الصحيح للاحتجاج على طبيعة الحكم الشمولية والأحادية السائدة، فعناصر وذرائع هذا الاحتجاج كثيرة في المشهد السياسي التونسي الحالي، والحاجة إلى إدخال إصلاحات سياسية وديمقراطية جدية ليست مرتبطة بالخوف من وقوع تونس في مستنقع العنف الأهلي، بقدر ما هي مرتبطة بالتحديات الراهنة و الإستراتيجية المطروحة، وكذلك بمتطلبات العملية التنموية الرئيسية، حيث انتظار مئات الآلاف من الشباب العاطل عن العمل، وحيث الخطر الذي يهدد قدرة التونسيين الشرائية و رفاههم الاجتماعي وطبقتهم الوسطى الواسعة التي ظلت مناط فخرهم واعتزازهم طيلة نصف قرن من عمر دولة الاستقلال.

و تونس ليست بحاجة إلى حركة النهضة الإسلامية، كي تكون بمنأى عن العنف والإرهاب الأصوليين، خلافا لما صرح رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي، في تعليقه الصحفي على المواجهات المسلحة التي دارت مؤخرا بين عناصر الجيش والأمن التونسيين وأفراد جماعة أصولية متطرفة، لأن المجتمع التونسي الحديث، الذي أنتجت ملامحه الأساسية دولة عصرية حداثية أقام أسسها الصلبة الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة، يتوفر على مناعة فكرية وأخلاقية كبيرة إزاء تيارات العنف والتطرف أيا كان مصدرها، كما يتوفر أيضا على تجارب سياسية متعددة تعلم منها كيفية تهميش الظواهر الأصولية والفاشية، ودفع أصحابها باستمرار إلى العيش في أطراف الحياة والتاريخ والجغرافيا.

لقد كانت لدى الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة، قائد مسيرة الاستقلال والتنمية في تونس، حساسية بالغة حيال كافة مصادر العنف والتطرف، وهو ما انعكس على كافة الخطط التي تبنتها الحكومة المتعاقبة، والتي ركزت على تكوين مواطن محب للعيش ومتصالح مع هويته والعصر في نفس الوقت، وعلى القضاء على كافة البنى الاجتماعية والدينية التقليدية، التي يمكن أن تشكل مصدرا لإعادة إنتاج القيم الرجعية والمتخلفة، ويشار هنا على وجه الخصوص إلى توجه الدولة إلى محاربة العقلية القبلية (« العروشية » في اللهجة التونسية)، وكذلك إلى إلغاء التعليم الزيتوني والاستعاضة عنه بإدماج التربية الإسلامية في مناهج التعليم المدنية العصرية.

بل لعل عكس ما صرح به زعيم الحركة الإسلامية التونسية هو الصحيح، فلقد كان ظهور تيار سياسي قائم على مرجعية دينية أصولية، مجالا لاحتضان بوادر وأسس العنف، حيث بدأت أول مواجهات عنيفة بين طلاب الجامعة التونسية مع ظهور تيار طلابي إسلامي فيها، قبل أن يتطور مسار الاتجاه الإسلامي إلى العمل على استقطاب عناصر في المؤسسات الأمنية والعسكرية، وإلى تبني مخططات للاستيلاء على الحكم بالقوة، وهو ما سيعرف أواخر عقد الثمانينيات باسم المجموعة الأمنية، وهي ثاني محاولة انقلابية عسكرية تشهدها تونس المستقلة، بعد المحاولة الأولى التي قادتها مجموعة ذات مرجعية قومية أوائل الستينيات.

و إذا ما جرى تقسيم تاريخ الدولة التونسية المستقلة المعاصرة إلى حقبتين من ربع قرن لكل واحدة، تمتد الأولى من 1956 إلى 1981 (تاريخ الإعلان عن تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي في تونس)، وتمتد الثانية من 1981 إلى 2006 (تاريخ وقوع المواجهة المسلحة بين الأمن والجماعة الدينية المتطرفة)، فإنه سيكون من اليسير الإثبات بأن الفترة التي كانت أكثر اضطرابا وعنفا وضبابية، هي تلك التي شهدت بروز الإسلاميين كقوة سياسية واجتماعية مضادة ومعرقلة لمسار الحداثة الذي انطلق مع فجر الاستقلال.

إن بروز التيار الإسلامي في تونس، في تزامن مع مرض الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة، وتحديدا في السنوات الخمس الأخيرة من عمر حكمه، لم يكن سببا في عرقلة دوران عجلة التحديث فحسب، بل كان أيضا سببا في توجيه موارد الحكم إلى العناية أكثر بالمؤسسات الأمنية، بالنظر إلى تحدي الوجود والاستمرار الذي طرح لأول مرة على دولة الحداثة منذ 1956، في حين كانت غالبية هذه الموارد موجهة طيلة الحقبة الأولى المشار إليها، إلى قطاعات التربية والتعليم والصحة العمومية.

لقد كان التونسيون قبل ظهور الحركة الإسلامية، مسلمون متدينون، تدينا متسامحا لا عنف ولا استغلال سياسي فيه، و قد عاد هذا التدين إلى طبيعته المسالمة والشخصية بعد المواجهة التي خاضتها الدولة التونسية مع هذه الحركة، غير أن محاولات التوظيف السياسي برزت مرة أخرى، في أشكال جديدة، لا تختلف في نوعيتها عن تلك التي ظهرت في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، لكنها قد تكون في توجهها أكثر تركيزا على العنف، لعوامل متعددة من بينها تأثيرات المحيط العربي والإسلامي والدولي، التي أخذ فيها تنظيم القاعدة واجهة الأحداث، في مكان حركة الإخوان المسلمين.

إن المسار البورقيبي للمجتمع والدولة في تونس، الذي قام على قرار سيادي، حاسم وواضح، في ضرورة مواكبة الحداثة وتطوير أسس الهوية الوطنية على نحو يساير العصر، قد وفر حصانة ثقافية وسياسية واجتماعية ليس بمقدور التطرف الديني، أو أي نوع آخر من أنواع التطرف، اختراقها، إذ أن التطرف لا ينمو إلا في بيئات ملائمة، والمتطرفون لا يمكنهم الوصول ببرامجهم إلى حد الفتنة الأهلية، إلا إذا وصل المجتمع إلى حالة انقسام حقيقي، ووصلت الدولة إلى مرحلة انهيار واضح، و هو ما لا يمكن أن يحدث في الحالة التونسية.

لقد اتخذت تونس إجراءات إصلاحية بنيوية وعميقة، على المستوى التشريعي والتعليمي والسياسي، في مطلع الاستقلال، أي أواخر خمسينيات القرن العشرين، لم تنجح غالبية الدول العربية في السير على منوالها حتى يومنا هذا، كما هو شأن مجلة الأحوال الشخصية، التي تعد ثورة حقيقية في مجال تحرير المرأة والمساواة بين الجنسين، ولا يرى أنه بمقدور أي قوة سياسية في تونس اليوم، طرح مشروع أقل سقفا على هذا الصعيد مما هو قائم حاليا.

وإن الحركة الإسلامية التونسية نفسها، التي يفاخر قادتها بأنها الأكثر اعتدالا ووسطية ومدنية قياسا بغيرها من الحركات الإسلامية، لم تكن فيما يتعلق بهذه الجوانب الايجابية في أطروحاتها، إلا نتاجا للبيئة التونسية التي أفرزتها الرؤية البورقيبية، إذ أن أي تيار سياسي مهما تكن أفكاره الأساسية مستوردة، فإنه لا بد وأن يتأثر بالفضاء المحلي الذي يتحرك فيه ويبغي تغييره، فالإسلاميون التونسيون كانوا في جانب محدود أيضا بورقيبيين، حتى وإن لم يدركوا ذلك أو يعترفوا بفضله.

ومثلما لن يكون بمقدور الإسلاميين معتدلين ومتطرفين، تجاوز الأسس البورقيبية للمجتمع والدولة التونسيين، وهم الأكثر عداء لبورقيبة كمشروع إصلاحي حداثي مستنير، فإنه لن يكون بمقدور أي نظام حكم جديد، أو أي تيار سياسي آخر داخل السلطة أو خارجها، تجاوز هذه الأسس أو نقضها… المتاح والأجدى وطنيا إذن، لن يكون إلا العمل على استكمال السيرة البورقيبية في تحديث المجتمع وعصرنة الدولة وإصلاح الدين، أما زبد المشاريع الأصولية المتطرفة والمنغلقة والعنيفة فلن يذهب إلا جفاء.

(*) كاتب تونسي

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 2 فبراير 2007)


 

المجتمع الدولي والسلطات العربية والإرهاب؟

.حسين المحمدي تونس في 4فيفري2007

مبارك يستغبي البشر بعيون مفتوحة…ابحث عن كوكب أخر.تشليل مبارك لماذا 

   –مبارك يعلن هذه الايام عن اكتشاف شبكة جاسوسية تتركب من فرد مصري عمره 26سنة وتقاضى خلال ثلاث سنوات 56الف دولار وهو يحمل الجنسية الكندية وعاد الى مصر لعمل هام ومهم؟ومبارك هذا تمسك به دولة اسرائيل

لانه رئيس غير شرعي وبشهادة من اشرف على الانتخابات.ومبارك هذا لعب ويلعب اقذر الادوار عربيا وفي مجال

الحريات والتحولات باتجاه المشاركة واخراج بلداننا من الفقر والنذالة والذل وانتهاء ولو بسيط واحد يدفع هذا او ذاك الى ان يكون لقمة سائغة.ومبارك قبل ساعة واحدة من اجتماعه الاخير مع اولمارت عرفت رام الله هجوما اسرائيليا ونام الرجل على الخبر وهو ما يعني الكثير والكثير.ومبارك جعل من مصر تقريبا من اوسخ البلدان العربية من حيث البيئة والفقر والحال ان الاموال التي تحصل عليها الرجل من العرب والغرب تجعل مصر غير مصر الحالية..ومبارك

لا يختلف عن صدام في شيئ.فكلاهما قتل ودمر ونهب وسجن بقانون الغاب.الفارق بسيط جدا.صدام كان غبيا ومبارك لعوب وهو حاله حال زملائه العرب.بل جل الانظمة العربية يمسك بها هذا اليهودي وذاك وان لزم الامر الضغط على بوش نفسه..واسالوا بوش يا عرب…

  –مبارك اليوم بالذات يعلن عن الخبر.وتنشغل بالخبر فضائيات وصحف العالم؟اليست عملية تشليل وتنظيف لمبارك؟

بعدان تورط في كل ما يجعل الفردالانسان يشمئز منه؟مبارك يشغل الراي العام المصري بخبر كهذا؟الخيانة والجاسوسية والارهاب والتلذذبنهب المال العام والحكم بالتزوير وامتصاص دماء الشعوب..كلهاعملةواحدة.في نظري الاغبياء هم

من يسقط في هذه السقطات الاخلاقية والاجتماعية والانسانية.وقلت هذاعندماتحدث النظام عن سلفيين  وجهاديين أغبياء يصنعون من هنا ومن هناك لتبرير وجود تافه او لاعادة تعويمه…العيب ليس في مبارك ولا في الصحف الغربية او الاسرائيلية او الفضائيات الغربية بل في مايقدمون انفسهم من رجال الحريةوالفهم…خبر مثل هذا واي سلوك من

مبارك وجب رميه في سلةالمهملات لأنه لا يمتلك أدنى مقومات الخبر…مبارك انتهى كل دور له.وطول الازمةفي العراق

فضح الكل كما سنرى..نسيت تذكير مبارك بالفلقة التي اكلها وزير خارجيته يوم دخل الاقصى؟لماذا؟لان مصر دورها امني استخباراتي لا غير.وعندما حاول الذهاب الى السياسي اخذ علقة..ماذا تسمي هذا يا مبارك؟هناك ما لا يمكن قوله

.الدولة الامنية المخابراتية لانها تعمل بالمخبرين واصحاب الملفات وبالشلايك تصطنع من حين لاخر اعداء ليتلهى بهم الشلايك.وهكذا يصبح الشلاكة محاربا لاعداء الوطن ويصبح الوطني خائنا ومجرما ومتطرفا وارهابيا…نعت ووصف لكل زمن…متطرفون دينيون..ارهابيون..اخوان..حزب تحرير..قاعدة..جهاديون..سلفيون..تكفيريون..وسنرى في زمن قريب جدا اعداء واوصاف جديدة وممن؟من اتفه بني البشر ولكن الغرب هنا والويل لمن يقترب ودائما باسم محاربة الارهاب والخارجين عن القوانين والشرعية؟هكذا حالنا عربيا وتحت عين المجتمع الدولي..ومنذ60عاما…وندخل60 سنة اخرى بذات الذهنية والتصور والإدارة والاستنجاب…

المجتمع الدولي ونتائج إدارته لدولنا بعد عقود من الزمن؟

قالت الدكتورةرايس يوم الجمعة2فيفري2007 في معرض ندوتهاالصحفيةتقديمالماتعتزم الرباعية رؤيته في خصوص الوضع في فلسطين وإسرائيل أن من يكون ضدخارطةالطريق فهو ضدالمجتمع الدولي.وهوقول جميل من ناحية معينة ولكنه لن يكون كما سنرى ومن أعضاء المجتمع الدولي..

وبدوري أقول لهاالمجتمع الدولي هومؤسسات وقوانين وأخلاقيات وسياسات من الإنسان الفرد وله وليس دولا في شكل مزارع خاصةوإرهاب وقتل وإجرام وفي حمايةالمجتمع الدولي؟والحالتين العراقيةوالأفغانيةصارختين في هذاالإطار وإذا أردناأضفنااللبنانيةوالصوماليةوالتشاديةوالسودانيةو..كل المصائب هنامن صناعات وإدارات أعضاء في المجتمع الدولي؟

المجتمع الدولي هو مجموع الدول والمؤسسات والهيئات والدساتير.وهذه الأمور عربيا صنعت وتصنع الإرهاب وتفنن في ابتكارالجريمة لمحاربتها ومات الملايين مناوالمجتمع الدولي يراقب ويرى ولا يتحرك عمليا .

بل إذاتحرك فلحمايةالتزويروالفساد والترهيب وكل أنواع صناعات الحقد والتعويل على افسدمايكون ؟وأفضل مثال على هذاماجرى ويجري في مصر وتونس والسعودية واليمن وغيرها…انتخابات منعدمة وأنظمة أقيمت على أساس انقلابات ووضعنا أمام المجتمع الدولي الجرائم والتزوير في كل مجالاته وبما هو صادر من هذه السلطات ولكن المجتمع الدولي أمعن في التشبث بهذه السقطات الأخلاقية والقانونية والدستورية والاجتماعية زمن محاربته التطرف وتقديم الآلاف من أولاده والمليارات من أمواله؟

نرجومن الدكتورةرايس أن تفيدنافي هذه المجالات علماوانه لاخلاص لناجميعاإلابإشاعة ثقافةالقانون والدستور واحترام هذه الثقافة من كل فردإنسان وفي نظري غيابهاصنع ويصنع الإرهاب والحالات العراقية واللبنانية والسودانية والتشادية والصومالية وأمس الجزائرية…واليوم التونسية بالمكشوف..

يمكنناالاستنادإليهاللوقوف عندالخطرالذي تهددويتهددالمستقبل والأمل والحياة.أي القيم التي يمكن أن يعيش من  اجلها الإنسان.العكس مع المجتمع الدولي الحالي صارالحزام الناسف تعبيرةمن تعبيرات الرفض والصراخ والقول لهذا المجتمع نحن نقتل ونموت وننهب ونسرق من جهة.وآخرون تركواالعقيدةوالهويةوالفكرمؤقتاليستلفواالزندقة في محاولات رهيبةلتمريرهذاعلى أساس وانه تطوّر فكري وتزحزح عن الجمود من ناحية أخرى.ومراكز دراسات وأموال طائلة وإعلام غريب زكر وطبل ويزكر ويطبل لهذا ويخرجه في شكل إبداعات العصر؟

وجب الوقوف عندنتائج الكوارث العربيةوفي حمايةالمجتمع الدولي؟أليس المجتمع الدولي من حمى ويحمي التيجان المهتزةوالمتعفنةمنذعقودوالنتائج بعد60عاما؟إعطاء المنطقةلمايقال عنهم ارهابيين؟أليس هذاماتعانون ونعاني؟من أعطى لإيران المجال الفسيح لكي تتحرك وتتغلغل وهو من حقها؟وهل يمكن أصلا محاربة عمل وتغلغل وانتشار عمره الزمني تجاوز العقدين واستثمر في مجموعات وجماعات عقائدية دينية وأخرى دينها المال وأخرى صارت تشترك مع الدين في الكره لأمريكا ولليهود؟تحالف بالضرورة من متناقضات على دفن أي خير وليس شر يرد من الأمريكان وان كان منع ذلك بالحيلة والتخلي عن العقيدة والجمود والتحنط؟

ألم يحدث سلوك المجتمع الدولي فراغامقيتا؟استغله التطرف؟الم تعطى لسلطةتونس مثلا كل أنواع الشهادات ومن المجتمع الدولي وتحديدامن جل الهيئات الأممية؟الم يرى بعينه الأمين العام السابق للأمم المتحدةوهو في تونس مهازل؟ الم يسمع باذنية كلمة الرئيس العظيم السويسري؟ماذا وقع من يومها؟الإعلان عن القاعدة في 23ديسمبر2006 والويل لمن يقترب من صانعي الموت والكذب؟هنانتوقف وهنانبحث وهنانرى بعيون متفحصةوبكل عنايةودراية.. 

أليس المجتمع الدولي المسئول عن إدارةالمجتمعات؟ومتابعةومراقبةسلوكياتهاوأعمالهاوتصرفاتهافي مختلف المجالات؟ الم توضع أمام هذاالمجتمع الدولي مايجب أن يكون ليتبصررجال الاختصاص في كل مجال وعبرالتوثيق المنشور للعموم والنتيجة تشبث فج برجال النهب والتزوير والحالة التونسية احد الأمثلة الصارخة؟

اليوم بعد 60عاما من رعايةالمجتمع الدولي بمعرفةوعن سبق إصرار وتصميم سلمت وتسلم المنطقة العربية إلى الحقد والتطرف والانطواء والغضب ورد الفعل وكل ما يفقد الثقة والأمل في القيم والأخلاق والقوانين وحتى العادات الجميلة المكتسبة.فرفع هذاشعارالاسلام الحل.وتم التعبير إلى حد الآن عن هذا باجتهادات متنوعة ومتعددة.وذهب آخر إلى إحياء الشيوعيةورأى فيها الحل والخلاص وآخر القومية وآخر كل أنواع تخطي وتجاوز ما يدار به العالم حاليا…؟يعني إجماع على هذا التنوع على الكوارث.؟ما وقع ويقع في العراق وأفغانستان بدرجة اقل احل مفاهيم ورؤى لم تتبلور بعد كفكر

وكطريقة سيتخذها هذا وذاك للرفض…

غاب ويغيب المثل والتمثّل…مقابل هذا الاجتهادات الفردية والتعبيرات غير المتوقعة.

أليس إفلاس للمجتمع الدولي وصارخ في لبنان كما سنرى؟إذاغاب المثل والتمثّل بالقيم والسلوكيات  ورؤية نتائجها ميدانافان البشرومن طبيعته ذلك يبحث عن المثل والقيم والأخلاقيات ليعيدالامل لنفسه وليتشبث بها وقاية للذات وحماية وتحصينا لها من قانون الغاب؟لكن أين هذااليوم عندما يصرخ المجتمع الدولي في وجه أي تغييرحقيقي مدني وسلمي عندمالا يعجب ولا يراعي ذهنية ومصالح وسلوكيات وتخمينات شيراك على سبيل المثال؟هذا هو الواقع اليوم بكل الم وحسرة…

أقول للدكتورةرايس لتعدقليلا إلى السنتين الأخيرتين لماقبل وفاةعرفات.ومن كان يحيط به من رجال حكم اليوم ودعنا من حماس؟يوم رفض عرفات مامكنه منه كلنتن وهوعظيم.مر الرجل من باريس وفي هالة.ومن تونس أين عقد له اجتماعا ورفعت يديه إلى السماء؟ثم إلى مصروالأردن ؟السعودية؟الكويت؟اليمن؟وكل الدول الخليجيةوالمغاربية؟أليس منتوجاتهم من زعزع ويزعزع؟أين هوالتعاون الأمني المخابراتي لاجهزةاعدادهاتجاوزأعدادالمواطنين وتنهب المال الرهيب؟وتتعاون مع أمريكا؟بل ما تسرب على اثر لقاء رايس الأخير مع ملك السعودية مخجل أمريكيا؟أمريكا ومهما

كانت قراءاتها لما يجري في العراق ولتملق حركات معينة(في الواقع ليس تملق هي اجتهادات لإدارة أوضاعا)فإنها

خسرت وتخسر صحبة إسرائيل وفي وقت وجيز جدا الكثير والكثير.وخسر معها رجال الليبرالية إلى سنوات..

فشل ذريع وانكشاف كل المسرحيات التي كانت وتواصل منذ60عاما.. 

.قال العقيدالليبي في29ديسمبر2006..دون مكياج..رئيس ايطاليا الأوروبية وليس العرب فقط قال لي..اتركنا نتحدث ونكذب..وجب أن نفعل ذلك..مسرحية..نعلم انه لا يوجد سلام..لكن لنتحدث بذلك…يعني متاجرة رخيصة جدا بالإنسان ..ومن أوروبي وليس من عربي أو مسلم..وهذاكتبته حرفيامنذمارس2004 واعلمه منذ على الاقل1994 ومن أهله..

وهنا يتواصل تعويم مبارك ومن شاكله.

مسرحية ضحاياها يهود وفلسطينيون ونحن عبر العالمين العربي والإسلامي من خلال قتلنا باسم فلسطين…أليست ايطاليا جزء هام من المجتمع الدولي؟أليست فرنساوايطالياوأسبانيامن يدعمون مبارك لتصريف هذا الذهن؟الرجل مستعد ويبذل قصارى الجهد لأداء هكذا ادوار شريطة بقائه في الحكم بالتزوير والعفن أو ترك المجال لولده؟الرجل وهو على هذه الحالة من الاستعداد لبيع الوهم والكذب والحيلة ويتحدث عن جاسوس مصري؟وتهتم بالأمر فضائية المحور مساء يوم 3فيفري2007 وتحضر مخبرا من رجال امن الدولة السابقين؟كان الاولى ان يكون متابعات دولية وليس اخراجه ومنذ 11سبتمبر وتقريبا عبر كل الفضائيات؟في شكل رجل تقني وخبير وفاهم؟ومعه أيضادكتورا في علم  الجاسوسية؟ وحديث عن خطورة ذلك المواطن؟وعن مبلغ56الف دولار سيقلب بها مصر وسيجند بها 70مليون؟ملعون ابو هكذا ذهنيات.وملعون من يروج هكذا تعاسات…يتصورون البشر من أتفه ما يكون.

إنجاز امن مبارك كان عناوين لنشرات إخبارية عالمية؟تنظيف للرجل لماذا؟لمحاربة الإرهاب؟اليس مبارك أهم عضو عربي في المجتمع الدولي؟إذا كان ربنا هكذا نحن العرب ماذا تنتظرونا منا غير الإرهاب والموت؟عفوا…الحيز الاعلامي الذي خصص للخبركان اكبر بكثير من الحيزوالاهتمام الذي خصص لاية انتخابات عربية؟من هناولدت وتولد الجاسوسية والانتهازيةوماتت وتموت القيم؟بل نظام مبارك او تونس او غيرهايفرحون بهذا حكايات مصطنعةاو حقيقية.لأنها تنزل عليهم من السماء مثلما يفرحون بالسلفية والجهاد والقاعدة والاخوان والليبرالية و..امن مصر العبقري وامن تونس والسعودية والاردن والكويت ودول الخليج برمتها واليمن…اين هم مما جرى ويجري في العراق ؟اليسوا من حلفاء امريكا؟بل بها باركون علينا؟اليس الحليف زمن الضيق؟من هنا ايضا نعود الى المجتمع الدولي..

المجتمع الدولي يرى السلام بمن هم تجّار موت وكذب ومنبتين؟

 لا يوجد توجها حقيقيا نحو السلام والمشاركة من داخل فتح ومن داخل حماس.بل محاولة من كل طرف لتثبيت الذات والدور والحاجة والخدمة.وهنا طبيعي جدا ان يبحث كل طرف عن مساند واين يمكنه تصريف دوره والحاجة اليه.وهنا كل دخيل من إدراكه لهذا سيلعب بالاثنين وعلى الاثنين دون ان يكون هناك حلا يشرف الاثنين. 

بل في أفضل الحالات يموت أولاد فلسطين وإسرائيل وتتاخر الحرية عندنا ليتقدم ولينمو التطرف والتوجه نحو الغيب والآخرة بما أن الآفاق المرئية غابت وانسدت.لا يوجد اليوم أي بوادر ولو بالحد الأدنى للحالة الفلسطينية.وهو ما يعني أن توجه رايس هو الصحيح وليس الخاطى. 

تلمّس وتحسّس ما يمكن ان يبنى عليه وليس ما يتاجر به.تلمّس تفاعلات جديدة وليس اتفاقيات جديدة بعقول وذهنيات لا يمكنهاوان اجتهدت تحقيق السلام الحقيقي وليس النابع من قراءة لتغير ظروف ومعطيات او محاولة دفع ظروف ومعطيات..ماأراه لا يعدوأن يتجاوزحسابات سياسويةمرجعياتهااتق شربوش ورايس إلى أن يذهبافي جانفي 2009؟وفي تقديري الخاص هذا حاضر في ذهن الجمهوريين والديمقراطيين وكل من له عقلا.وهذا دين كل الحلفاء العرب.

من يبني لأمر ما عليه توفيره أسسه وشروطه.والأسس والشروط هي ذهنيات مستعدة فعلا وقادرة على تحقيق سلام وحمايته من منطلقات ديمقراطية وسلوكية من ولدولتين متجاورتين دون ان يكون هناك ترصّد ليوم ما.هذا في نظري لا يوجد لا داخل فتح ولا داخل حماس.وهذا اهم شيئ.كما لا يوجد هذا في ذهن ومنطق أي حاكم عربي.بل فلسطين لوبانة وقميص عثمان… 

لهذاأقول للدكتورةمايجري في فلسطين وفي لبنان وبالطريقةالحاليةهوخدمةلكل فكر متطرف وليس العكس.الاسلام عقيدة ورجال يموتون من اجله في كل لحظة.ومقابل هذافاسدون مفسدون وجهلةويحاربون هؤلاء؟غير ممكن .رجال الإسلام السياسي تجاوزوا الكثير من المحرمات اجتهادا منهم في قراءة ما به يتم تجاوز شر بوش لا أكثر ولا اقل.بل الحكام العرب يرون أصلا انكماش أمريكا عن التقدم إليهم كان ويكون بفضل حماس وحزب الله وما يجري في العراق.وعبر عن هذا بوضوح إسماعيل هنية يوم عودته من جولته العربية..اذ قال حرفيا…قالوا لنا شكرا انتم الأمل والخلاص..

ومن قال هذا رجال أمريكا واليهود وليس إيران أو سوريا.وهذا مهم جدا.

وهناك من الأوروبيين من يروج لهدا لاعتبارات سياساوية بحتة وفي إطار استقطاب وسائل وعوامل ضغط على كل من بوش واليهود…وقال هذا الدكتور حدادة أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني من لبنان عبر برنامج حوار مفتوح مساء السبت 3فيفري2007 وهو هام جدا.

  نحن لا نجرم ولا نلوم رجال الإسلام السياسي..وجدوا الفراغ فلعبوا..مبروك..لكن ندافع عن خط الليبرالية..

 المجتمع الدولي ولنأخذ فقط منذ11سبتمبر يدعم الأنظمةالمجرمةوالإسلام السياسي يستفيد حتى دون أن يتحرك رجاله وهذاحقهم وليس مزيةمن أي كان وبالمقابل لهذا من هم مع المدنيةمحاصرون بالليل والنهار ومتهمون  بالعمالة والخيانةوالإجرام؟(وممن؟من أوسخ عباد الله ومن خلقوا من هذه الجهة وتلك والتي بها يخوّنون اليوم؟وأتمنى هناان يعودكل تونسي وتونسيةالى بياني بتاريخ 6نوفمبر2006 والذي قدمت فيه لنوعية الجاسوس والخائن وبروفيلاته ووسائل عمله) بل نفس من هم متهمون بهم لم يدركوا بعد انه دون فتح مجالات الإعلام وتفعيل مراقبة المجتمع الدولي على كل مراحل تطبيق القوانين والدساتير..حرث في تراب لا ينبت ألا الإرهاب وقانون الغاب..

المجتمع الدولي وعبر هيئاته المتخصصة سنويا يصدر هذا في تقارير سوداء ولكن التغيير ممنوع على أبناء البلد؟

تقاريرلا غير..الويل لمن يريد تفعيلها…هذا هو الإرهاب.

تشخيص العيوب والعلل القاتلة وترك المريض يصدر زفيره وروائحه الكريهة وسمومه إلى أن يفنى معه من هم من حوله وما هم ابعد؟أي طب هذا؟ولماذا أصلا التشخيص إذا غابت نية إعطاء الدواء؟

المصيبة كلها عند المجتمع الدولي.يعرف العيوب والأمراض الخطيرة ويرفض السماح لأطباء جيدين بالمداواة.بل من هو مريض وهو طرف فاعل في المجتمع الدولي على غرار شيراك كيف يكون طبيبا أصلا ومداويا؟من هنا افتضح في لبنان وتعرى وانهزم وسينهزم أكثر.وستكتشف الدكتورة رايس وغيرهاأن شيراك خرج من لبنان نهائيا.العقائديون وجب أن يقابلهم مدنيون هم النظافةوالنزاهةوالسلوك القويم أيضاوليس مجرمين أو ناهبي وموزعي أموال…جنبلاط أو جعجع ربما اليوم صراخهما نافع؟…لكن حزب الله استطاع امتصاص إلى حد اليوم أمرين كاناسيقضيان عليه.

الحرب الأهليةزمن الحرب وبعدها.وهو في نظري الرابح الكبير مع حلفائه.إذ هم في المعارضة.والحكم تحمل عليه

مسئولية الأمن والتشغيل وما يلزم للمواطن اللبناني.

أي المعارضةوظيفتهانقديةوالطرف المقابل التزام بتحقيق ماهومطلوب من الدولةوالدولةمشلولة؟ولهذا قال نصرالله ينهزم من يصرخ الأول.بل المعارضةربحت معركةإظهارجعجع وجنبلاط والحريري وغيرهم للبنانيين وللعالم كمستعملي سلاح مع أول فرصة لذلك؟المعارضة ربحت إعلامياوحاصرت وتحاصر السلطة على كل الواجهات..

فرنسا عاشت وتعيش على لحظة زمنية تجاوزتها الأحداث.لحظة ما بعد الحرب وكيفية تعظيم وتقديم كل واحد لتفسيراته وتاويلاته والبناء على أساس ذلك.قبل الحرب لم تكن تحالفات حزب الله مثلما هي عليها اليوم.بالمقابل السلطة ضعفت

أكثر وصار الخارج في نظر كل لبناني من يحمي السلطة.وهذا سياسيا أعطى كل عومل الدفع لحزب الله.الخارج تصرف

بفكرة تقول لا لتفرد حزب الله وحلفائه بلبنان.وجب إخراج حتى الشيطان لمنع ذلك.وهذا السلوك عملت به السلطات العربية منذ60عاما اذ قالت الفساد ولا الحركات الاسلامية ودمرت وذبحت الاسلامي والكافر وما هو بينهما والنتيجة 11سبتمبر وسنرى ما اتعس.اسلوب فاشل تماما وجرب.لنبحث عن غيره.

وهنا حزب الله استفاد كثيرا.ولنرىتنوع وتعدد حلفائه اليوم.كما انه تصرف بحكمة في نظري أضعفت وهمشت التدخلات الخارجية…هو عدم إسقاطه الحكومة وهو بمعية حلفائه قادرين على ما هو ابعد…وكنت رأيت هذا السلوك منذ بداية الأزمة(انظر تونس نيوز ديسمبر2006).هذاالسلوك قال عربياالكثير.ومن يراجع كتابي المنشور بتونس نيوز في 27ديسمبر2005 أي قبل حرب جويلية بسنة؟وقبل اعتصام لبنان بسنة؟سيجد تحت عنوان…الحرية للجورجي لا لك أيها العربي؟ويومها قلت حول الانتخابات التي جرت…لولا مشاركة عون لقلناأن سوريالا تزال في لبنان…وثبت هذا اليوم لكن بطريقة مزرية ومقرفصة.. 

أحذية سوريا بالأمس صارت أحذيةديمقراطيةواستقلاليةوصارعون حذاء سوريا؟وان رفض عون هذه الخبطة الفرنسي

صار مجرما ومتعاونا ومتحالفا بالضرورة مع المخابرات السورية وهو ما جاء منذ يومين على لسان جوني عبدو ومن باريس؟

وهذا الرجل بالذات هو احد مصائب لبنان…ما لم يدركه بعد الأمريكان والألمان والبريطانيين أن سلوك شيراك وسياساته منذزمن أنتجت الكوارث وجعلت التافهين يرتبطون بالغرب وهوماأنتج من المقابل قوى افتكت منها الشارع؟والتدليل على كلامي هو بروز حزب الله في لبنان والإخوان في مصر وهكذا…أين رجال الغرب؟بروز أي قوى رافضة للغرب بعد60عاما هي ادانة صريحة للفشل والرؤية والتصور والإدارة لشيراك ولغيره؟

هناك من تفطن ويتفطن للغباء الشيراكي ويلعب..نحن أقصى ما لدينا اليوم أن نصرخ بهذا..

يواصل شيراك وغيره ذات المسرحية…لقد تفطن رجال الإسلام السياسي إلى هذا ولعبوا ويلعبون بحذق في العديد من الأماكن…وأقول للأمريكان ولليهودكماقلت هذاقبل الحرب وبزمن استنادا إلى خطب نصرالله لسنتين قبل الحرب ولمواقف عون ولحود أن الحرب ستكون نتائجها كما كانت على الأرض بنهايتها…بل نصرالله واجزم على ذلك انه عمل ويعمل بنفس طريقة اسرائيل…تقويم وإعادة بناء للقدرات الذاتية والأوضاع الحالية أفادته إلى ابعد الحدود..انشغال وانشغال

وخوف من هنا وتلمس لهذا لمواقف أمريكية قد تتغير..بينما الطرف الآخر يعرف ما يريد من نفسه وما هي حدوده وقدراته.وهذاغيرمتوفرعندالسلطة…

حزب الله طبيعة رؤيته للصراعات والتحالفات ودرجة وقوفه عند خطورتها وتبويبها شكّلت لرجاله حجة كافية لاتخاذ قرار الحرب.وفي تقديري الخاص لا أمريكا ولا إسرائيل واليهودعبر العالم(دعنا من فرنسا)ولا فريق السلطة أدركوا الى اللحظة قرار تقبل حزب الله الحرب وهو يعلم من تكون اسرائيل؟وما هي اوضاع الحزب الداخلية؟

هذه اللحظةالزمنيةوالحالةالنفسيةوعوامل قوتهاواسبابهاالحقيقيةولا جهة دوليةالى حد الساعة ادركت هذا.ولهذا ما رايته من سلوكيات وتصرفات خدمت وتخدم حزب الله وسوريا وايران وحماس والحركات الاسلامية عبر الدول العربية مضاف الى هذا تكتيك متنوع ومتحرك من هذه الحركات جعل ويجعل بعض الذهنيات الغربية الحاكمة تتوه وتتوه…هذا ما نظّرنا له وهذا ما كتبنا ونكتب له.وهذا نهجنا.ولكن دعنا من الحركات الاسلامية فمن حقها وواجبها ان تمنعني من ابراز هذا وإشاعة هذا.لكن الغرب منعني بشكل لا يوصف.وهويريد محاربة التطرف وعدم اعطاء المنطقة لحركات اسلامية؟بماذا الحرب؟من هنا أدرك حزب الله وحلفائه وغيرهم الذهنية الغربية المتذبذبة والتائهة وخاصة ما تعتمد من آليات إيصال وتبليغ وتصور وقدرة على الفعل…بل من هو مطّلع ومحلّل موضوعي يرى ان ايران ومنذ سنوات تتبع نفس اسلوب امريكا في الاستنجاب عربيا…تحالفات مع الانظمة القائمة ومنذ مدة طويلة..اي ايران كسبت من الجهتين..من جهة الانظمة نومتها وغازلتها…ومن جهة الحركات الاسلامية حتى وان شعرت هذه بالضيم فان حدود دينية ترجع هذا وذاك الى معدنه..ودعنا هنا ممن يريد المراهنة لاسباب تكتيكية ومن قراءات للحاضر…ان يقدم نفسه محاربا الشيعة او غير ذلك…كلها انتهازية لا اكثر ولا اقل…على سبيل المثال الشيعة حكموا المغرب العربي زمنا طويلا..ومصر..ولنرى مادة التاريخ بالنسبة لتلاميذ الاساسي في تونس وسنفهم الكثير في هذه المجالات..وكان هذا قبل ان تبرز حكاية الشيعة والسنة…هناك عمل انجز وينجز..ولا يكون محاربته بحكة راس او بالصدمة او بذات اللئيم والتافه الذي يباع ويشترى ويذهب حيث من يضمن له الكرسي…ايران قامت بعمل فكري..ونحن كليبراليين علينا القيام بعمل فكري وبنظافة وبشفافية تتجاوز التجند لامر واحد بقدر الذهاب الى هدف اعم.تحصين التونسي والتونسي ذاتيا وعقليا وادراكيا من أي انبهار سريع واستبطان لكل دخيل حتى وان كان بوشاح دني…هذا غائب ويغيب..نحن عربيا حاربنا ونحارب من توشح بالدين عبر انتن بني البشر…ولهذا مع كل زمن نعود الى ذات الاسطوانة.

.قال لي المئات عبر البريد الالكتروني ومباشرة..انت تكتب عن الغرب بما تكتب.هل تستطيع ان تقول لنا لماذا يبصر شيراك الحريةوالشرعيةفي لبنان ولا يراها عندنا؟طبعاالاجابةالحقيقيةتوجد لدى شيراك.قلت بدوري لهذااكتب بما يعرّي

شيراك.اكتبوا انتم وهكذا علنا نحاصره فيقلع عن الكذب علينا وعلى نفسه.يقلع عن الإضرار بنا وبأولاد العالم.اكتب

حتى لا يتوه اكثر المجتمع الدولي.

المجتمع الدولي تائه ويتوه…الحركات الإسلامية أتقنت لعبة استيعابه وليس العكس…نحن نعبّر..

في كلمةمانراه اليوم عبرالعالم وبما يحمله من تهديدات برز منها القليل ربما؟هو نتاج حماية دولية كبيرة لرجال النهب والفسادوالكذب..وهذاقلناه منذزمن..المجتمع الدولي هو في جانبه الأهم تكتل للدول..وهذه الدول مع 11 سبتمبر2001 تعرى جميعها…العالم في حاجةإلى جرأةونباغةونباهةونقدذاتي حقيقي ومهماكانت نتائجه لان يولّدسلوكيات وقيماأخرى وبالتالي أشخاصا آخرين لان أي تغيير هو شخص وإنسان فرد…

هذاالإنسان الفرداليوم لا وجود له..من هناكل سيرى نفسه مثلا وفكرة..وهذامانراه اليوم عبر العالم…ماجرى في العراق كان كارثيا إلى حد اليوم..ما يجري في دارفور كارثي..في الصومال..في تشاد داخل فلسطين..في أفغانستان…وغدا في غيرها من المناطق…أين المجتمع الدولي؟شخصيا تابعت كلمات لكرزاي واستقبالاته لمدة معينة وكتبت عبر تونس نيوز لاقول الرجل لن يفعل الكثير.كما تابعت كلمة المالكي في مبنى الكونغرس ووقفت عند ذات الأمر.رجال عاديين إلى ابعد الحدود في زمن يتطلب الخوارق والأذكياء والأقوياء كلمة وقرارا وسلوكا وتصرفا…النتائج الحالية تقول بهذا وكلامنا

نشر منذ زمن…الأرشيف كشّاف..

السودان حكمهاويحكمهاالانقلابيون..مصر انقلابيون..تونس انقلابيون..تشاد انقلابيون..الصومال انقلابيون..ليبيا ..  اليمن انقلابيون بالدم والناربين الأخ وأخيه وحديث عن المجتمع المدني والحرية والديمقراطية.ولا بذرة واحدة باستثناء

الموريتانيةاليوم وهي في أولى خطواتهاوتحسب لبوش ورايس.كل انظمتناانقلابيةاوبحكم العائلة..وهذابفضل المجتمع الدولي رغم مرور60عاما من التعليم والتعلم؟ماذايفعل المجتمع الدولي ميدانا؟الإرهاب نبت وينبت وسينبت في كل مكان .أليس هومن حمى ويحمي التيجان المهتزة؟اليست التيجان المتعفنة تشكل أجزاء هامة منه؟من هنا خرج حزب الله وإيران والحركات الإسلامية..قرؤوا بشكل جيدا هذا الخور وذهبوا إلى المواطن المنهار والمقهور والذي صرخ وصرخ ورفض هذا المجتمع الدولي الاستماع إليه.بل قال له إذا لم تقبل سلطات الكذب والتزوير فأنت إرهابي؟هذا هو الواقع بكل بساطة.

المسئوليةالكبيرةتقع عليه اليوم.والإرهاب والتطرف وصناعات الموت والدمار لن تحاصر إلا بمجتمع دولي جديدعماده دوران السلطةبجدية وغياب حماية أي متعفن…هذه أسس وبدائيات الحديث عن مجتمع دولي…

الارهاب والتطرف نتائج طبيعيةلادارةورؤيةوتصور ما هي عليه الدول العربية وما هو مسموح لأهلها وللمواطن داخلها بعد زمن وعقود من التعليم ومن انتشار كل وسائل التوعية.الارهاب نتيجة لعلاقات داخل الدول وما بين الأفراد والدول وبالتالي نقول للمجتمع الدولي هذا منتوجك وللسلطات العربية هذا متاعكم…؟هنا كتبنا ونكتب..وهنا سيكون الصراع أمريكيا في انتخابات2008 وليس كما استمعت واستمع إليه من هذا المفكر والباحث وكبير الباحثين…رؤيتين للعالم والمصالح والقوة وعناصر استعمالها وإدارتها في تلازم مع الدبلوماسية..أقول هذا بكل تواضع إلى فرنانديز وحمزاوي

و….الانتخابات الامريكيةالنصفية لم يتحكم فيها العراق ولا لبنان ولا أي حالة خارج أمريكا…تحكم فيها ذهول الأمريكي

أمام تآكل عناصرقوته وتفوقه..وقلت هذاقبل الانتخابات..وقلت خلال بداية2008 نقدم عملا..وردهذابتاريخ 6 نوفمبر 2006 انظر تونس نيوز…ولهذا ولغيره نحاصر بالليل والنهار ومنع عنا الاتصال والبوليس يلف بنا من كل صوب

والمخابرات الأجنبية تساعد…وهو ما ينقلني من العام إلى الخاص..

العطش المالي والأخلاقي لفريق حاكم أنموذج تونس الصادر بتاريخ 21فيفري2006..عنوان كتابي الثاني..صدر بتاريخ 21/2/2006. لمن يريد نسخة بالمجان يرجى مراسلتي على عنواني البريدي…وسنرى طبيعةونوعية الارهاب

Houcine_mhamdi@yahoo.fr


مفتي مصر يجيز تولي المرأة رئاسة الدولة

 

القاهرة   أجاز مفتي مصر الدكتور علي جمعة تولي المرأة رئاسة الدولة، ما يُتوقع أن يثير جدلاً يفوق ما أثارته فتاوى سابقة أباحت تولي المرأة القضاء. واعتبر جمعة أن ما لا يجوز للمرأة توليه هو «منصب خليفة المسلمين» الذي قال إنه «من التراث الإسلامي القديم ولم يعد له وجود… منذ سقوط الدولة العثمانية». وكانت وسائل إعلام مصرية نقلت عن المفتي تحريمه تولي المرأة رئاسة الدولة «لأن ذلك يتطلب منها إمامة المصلين، وهي مهمة تقتصر على الرجال». غير أنه قال، في بيان أمس، إن «الإسلام لا يمنع تولي المرأة رئاسة الدولة»، مشيراً إلى أن «الفتوى التي تناولتها وكالات الانبــــاء تشير إلى منـــــصب خـــليفة المسلمين، وهو منصب من التراث الاسلامي القديم، ولم يعد له وجــود في الوقت الحالي على الساحة الدولية منذ سقوط الدولة العثمانية». ولفت جمعة إلى أن «الفقهاء الأوائل أصدروا بالفعل فتوى صريحة تنص على عدم قدرة المرأة على تولي منصب الخليفة. لكن الأسباب الفقهية الواردة في نص هذه الفتوى تؤكد أن منصب الخليفة يختلف عن المفهوم الحالي لمنصب رئيس الدولة». ورحبت أستاذة الفقه في جامعة الأزهر عميدة كلية الدراسات الإسلامية سابقاً الدكتورة سعاد صالح بالفتوى. وقالت إن «الأصل في الاسلام هو المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات والكرامة الانسانية، اعتماداً على مبدأ المساواة في النفس الانسانية الواحدة التي خلقا منها». ورأت أن «العبرة في تولي رئاسة الدولة بالكفاءة، سواء كان الرئيس ذكراً أو انثى. والشعب هو الحكم في هذا الأمر». وأشارت إلى أن «هناك دولاً اسلامية تولت رئاستها نساء مثل اندونيسيا وباكستان». وأضافت: «كانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل في القاهرة أمس، والتقت المسؤولين المصريين، وعلى رأسهم الرئيس حسني مبارك ومارست عملها من دون أن تؤثر انوثتها على (تأديتها) مهامها».

 

الحياة     – 05/02/07
 

رسالة وفاء ..
الى صديق الحرية الدكتور محمد الهاشمي ..
تحية صادقة وبعد ..

أيها الصديق .. إن منهجكم في حرية الكلمة المبني على نصرة حق الكلمة .. وطريقة عرضكم للملف الليبي وبمشاركة هذا العدد من المعارضين الليبيين الأوفياء لليبيا والشعب الليبي ومن فوق الطاولة وبهذا الوضوح وبعدالة بين الأطراف .. استطعت ان تدخل من خلالها قلوب كل الليبيين أحباء الحرية من أوسع أبوابها .. محترمين فيكم مهنيتكم الرفيعة وما يقتضيه دوركم الحساس من مهارة ودبلوماسية دون المساس بالثوابت .. وإن تلميحكم أثناء حواركم للأستاذ محمود شمام المحلل السياسي على فضائيتكم المستقلة فضائية الحرية .. بأنكم تتحسسون ربما من سوء فهم البعض لعرضكم للحال الليبي ولربما البعض يرى عدم إنصافكم ويتعرض لكم على المواقع الإعلامية .. شخصياً أرى من يفكر بهذا مقامر خاسر .. فمكانتكم في الشارع الليبي.. (لا أحد غيركم) يستطيع مساسها .. أقول هذا من داخل البيت الليبي .. أما الشواذ .. وفريق خالف تُعرف .. فمخالفتهم لما أنت عليه اليوم تؤكد صدقكم في رسالتكم .. أما سبابهم فلا أعتقد أن يجدوا موقعاً محترماً ينشر لهم ذلك ..

فيا صديق الحرية إمضي في خيارك الصعب هذا فنعم الخيار .. وإن خيار كهذا في زمن كهذا لا يرتقيه إلا الأوفياء.. وندعو الله أن تكون منهم .. ونأمل أن نراك عملاق إعلامي عربي نفخر بك .. وبكل تأكيد مثلكم من أكثر من يعلم الطريق الى هذا الفخر ..

وأذكر نفسي ومن يقرا كتابي هذا بالحديث الشريف للنبي صلوات الله وسلامه عليه  » اقتدوا بمن مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنه  » .. الفطنة والكياسة مطلوبة .. فقول كلمة حق مستنداً الى الحق تمثل الوفاء ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله .. ولربما ومن نفس هذا المنبر الإعلامي نقول كلام أخر على نفس الرجل يخالف ما نقول عنه اليوم إذا انحرف عن الحق وكلمة الحق .. وإلا يكون كل كلامنا ضرب من النفاق لا سامح الله ..

تحية لرجل المستقلة وللعاملين في الظلام بهذا المنبر الإعلامي العملاق .. كما أنقل لكم جميعاً تحية حب وتقدير ووفاء من الشعب الليبي الحر .. وعرفانه بدعمكم لقضيته العادلة في تطلعه الى الحرية والديمقراطية ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمال أحمد الحاجي
طرابلس في 3/2/2007 م
هاتف 0926569338 jamalhaggi@yahoo.com


موقف الإمام الطاهر ابن عاشور من الشيعة في تفسيره (التحرير والتنوير)

والآن إلى المراد من بيان موقف العلامة الكبير الطاهر ابن عاشور من الشيعة من خلال كتابه العظيم (التحرير والتنوير).

[الموضع الأول]

 ·   قال رحمه الله في المجلد الأول (ص:61) من تفسيره، عند كلامه على القراءات في المقدمة السادسة:

«…وقرأ بعض الرافضة: ((وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)) [الكهف:51] بصيغة التثنية وفسروها بأبي بكر وعمر حاشاهما، وقاتلهم الله».

·    أقول: وهذا مذهب وعقيدة الشيعة الإثني عشرية اليوم، فهم يكفرون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وذلك لأن أسياد الشيعة علموا أن الطعن فيهما طعن في الإسلام. وإليك ما يشيب منه مفرق الغراب وناصية الوِلْدان من أقوالهم في الشيخين رضي الله عنهما، موثّقة من مصادرهم الأصلية ومراجعهم المعتمدة:

زَعْم الشيعة الاثني عشرية وجوب لعن الشيخين والبراءة منهما:

يوجب الشيعة الاثنا عشرية لعن الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويزعمون أن بعض أئمتهم قد لعنهما:

فقد نسبوا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه -زورًا وبهتانًا- أنه لما قام إليه أحد الناس، وطلب منه أن يبايعه على ما عمل أبو بكر وعمر، قال: «فمد يده، وقال له: اصفق، لعن الله الاثنين»([1][1]).

وزعم سليم بن قيس -من الشيعة- أن عليًّا كان يلعن الشيخين دائمًا([2][2]).

وذكر بعض الشيعة أن الإمام جعفر الصادق رحمه الله كان يلعنهما رضي الله عنهما في دبر كل مكتوبة([3][3]).

وقد أنشأ الشيعة أدعية عديدة في لعن الشيخين رضي الله عنهما، ذكروها في كتبهم، ووضعوا في فضلها أحاديث كثيرة، ترغيبًا لشيعتهم في قراءتها، والإكثار من ترديدها والدعاء بها.

وسأذكر منها:

الدعاء المسمى بـ«دعاء صنمي قريش»:

هذا الدعاء اعتبره الشيعة من الأدعية الخاصة في لعن الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وابنتيهما عائشة وحفصة زوجتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والشيعة قد زعموا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -وحاشاه مما نسبه إليه الشيعة- كان يقنت في صلاة الوتر بهذا الدعاء([4][4]). ونسبوا إليه -زورًا وبهتانًا- أنه قال عنه: «إن الداعي به كالرامي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بدر وحنين بألف ألف سهم»، ونسبوا إليه كذلك قوله عنه: «إنه من غوامض الأسرار وكرائم الأذكار»([5][5]).

وقد زعم الشيعة أنه -حاشاه عما نسبوا إليه- كان يواظب عليه في ليله ونهاره وأوقات أسحاره([6][6]).

ونسبوا إلى بعض أئمتهم -زورًا وبهتانًا أيضًا- في فضل هذا الدعاء: أن من قرأه مرة واحدة «كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، ويقضى له سبعون ألف ألف حاجة»([7][7]) وأن من يلعن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في الصباح لم يكتب عليه ذنب حتى يمسي، ومن لعنهما في المساء لم يكتب عليه ذنب حتى يصبح([8][8]).

واهتم الشيعة بهذا الدعاء اهتمامًا كبيرًا، واعتبروه من الأدعية المشروعة([9][9]).

وعمدوا إلى شرحه، فبلغت شروحه أكثر من عشرة شروح([10][10]).

وقد ذكر مصنفو الشيعة هذا الدعاء -بعضه أو كله- في مصنفاتهم، فممن ذكره كله: الكفعمي في البلد الأمين (ص:511514)، وفي المصباح (الجنة الواقية ص:548 557)، والكاشاني في علم اليقين: (2/701703)، والنوري الطبرسي في فصل الخطاب (ص:910)، وأسد الله الطهراني الحائري في مفتاح الجنان (ص:113114)، وسيد مرتضى حسين في صحيفة علوية (ص:200202)، ومنظور بن حسين وغيرهم (في تحفة العوام مقبول ص:213214).

وممن ذكر مقتطفات من هذا الدعاء أو أشار إليه من مصنفي الشيعة:

الكركي في نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت (ق:6/أ:74/ب)، والكاشاني في قرة العيون (ص:426)، والداماد الحسيني في شرعة التسمية في زمن الغيبة (ق:26/أ)، والمجلسي في مرآة العقول (4/356)، والتستري في إحقاق الحق (ص: 58، 133134)، وأبو الحسن العاملي في مقدمته على تفسير البرهان(ص:113174226250290294313339)، والحائري في إلزام الناصب (2/95)، والنوري الطبرسي في فصل الخطاب (221222)، وعبدالله شبر في حق اليقين (1/219)، وغيرهم.

وقد سمّى الشيعة هذا الدعاء بـ«دعاء صنمي قريش» كما تقدم، لأنّ أوله: «اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، والعن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها، وابنتيهما…إلخ».

ومرادهم بصنمي قريش: أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما وعامل بعدله من يبغضهما- كما صرح الشيعة بذلك في العديد من مصنفاتهم، منهم: الكفعمي في شرحه لهذا الدعاء([11][11])، والكركي في نفحات اللاهوت([12][12])، والمجلسي في مرآة العقول: (4/356)، والداماد الحسيني الذي أشار إلى دعاء صنمي قريش، وقال: إن المراد بـ(صنمي قريش) الرجلان المدفونان مع رسول الله([13][13])، والتستري في إحقاق الحق (ص:133134)، والحائري في إلزام الناصب (2/95) ومما قاله: «صنما قريش هما: أبو بكر وعمر… غصبا الخلافة بعد رسول الله…»، والنوري الطبرسي في فصل الخطاب (ص:910) وقال نحوًا من قول الحائري.

وبعض الشيعة لم يصرحوا بأن المراد بهما أبو بكر وعمر -وهذا من باب التقية التي يتعاملون بها مع أهل السنة- واكتفوا بالإشارة إلى ألقابهما، بحيث يدرك الشيعي الذي يعرف ألقابهما أنهما المرادان بهذا الدعاء، فالكاشاني: ذكر أن المراد بهما: فرعون وهامان، فقال: «أرذل المخلوقات صنما قريش عليهما لعائن الله.. وهما فرعون وهامان» وفرعون وهامان من الألقاب التي يطلقها الشيعة على الشيخين رضي الله عنهما كما سيأتي([14][14]).

وأشار أبو الحسن العاملي إلى أن المراد بهما: فلان وفلان، أو الجبت والطاغوت([15][15])، وكلها من الألقاب التي يطلقها الشيعة على الشيخين.

والدعاء الذي وسمه الشيعة بـ«دعاء صنمي قريش» مليء باللعن والسب والشتم، والدعاء بالويل والنار على الشيخين رضي الله عنهما، وقد ختموا هذا الدعاء بقولهم: «ثم قل أربع مرات: اللَّهم عذّبهم عذابًا يستغيث منه أهل النار..».

وهو مليء أيضًا بالافتراءات المكذوبة، والإفك الواضح، والبهتان المبين، والاتهامات الباطلة الموجّهة لأفضل الناس بعد النبيين، الشيخين الجليلين أبي بكر وعمر، مثل: دعواهم أنهما أنكرا الوحي، وحرفا القرآن، وخالفا الشرع، وعطلا الأحكام، وخرّبا البلاد، وأفسدا العباد، وأخربا بيت النبوة، و…، و…، إلى آخر هذا الهذيان الكاذب، والإفك المفترى الذي لا يسعفه برهان، ولا تؤيده حجة ولا دليل. وهو يكشف بوضوح عما يعتمل في صدور الشيعة من حقد دفين، وبغض شديد، وكراهية شنيعة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ولأفضلهم على الإطلاق: اللذين أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نقتدي بهما بعد موته.

·أما عن عقيدة الشيعة في البراءة من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما:

فإن البراءة منهما ومن عثمان ومعاوية رضي الله عنهم تعد من ضروريات مذهبهم، فمن لم يتبرأ منهم، فليس من مذهب الشيعة في شيء.

قال المجلسي -مرجع الشيعة المعاصرين-:«ومن ضروريات دين الإمامية البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية…»([16][16]).

بل والبراءة منهم تعتبر عند الشيعة من أسباب ذهاب الأسقام وشفاء الأبدان([17][17]).

ومن تبرأ منهم ومات في ليلته دخل الجنة: روى الكليني في كتابه الكافي (2/389) -الذي يعد أحد الأصول الأربعة المعتبرة عند الشيعة- بسنده عن أحدهما([18][18])، قال: «من قال: اللَّهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك المقرّبين، وحملة عرشك المصطفين أنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم، وأن محمدًا عبدك ورسولك، وأن فلانًا إمامي ووليي([19][19]) وأن أباه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي والحسن والحسين وفلانًا وفلانًا حتى ينتهي إليه([20][20]) أوليائي، على ذلك أحيا، وعليه أموت، وعليه أبعث يوم القيامة، وأبرأ من فلان وفلان وفلان. فإن مات من ليلته دخل الجنة».

وفلان وفلان وفلان هم أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.

وليس الشيعة وحدهم الذين يلعنون الشيخين الجليلين: أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويتبرءون منهما، بل هناك خلق آخر -على حد زعم الشيعة- خلقهم الله للعن الشيخين والتبرؤ منهما فقط.

فقد نسب الشيعة زورًا وبهتانًا إلى جعفر الصادق رحمه الله أنه قال: «إن من وراء عين شمسكم هذه أربعين عين شمس فيها خلق كثير، وإن من وراء قمركم أربعين قمرًا فيها خلق كثير، لا يدرون أن الله خلق آدم أم لم يخلقه، ألهموا إلهامًا لعنة فلان وفلان».

وفي رواية الكليني صاحب الكافي: «لم يعصوا الله طرفة عين، يبرءون من فلان وفلان»([21][21]). وقد أورد رجب البرسي هذه الرواية وزاد على الشيخين عثمان بن عفان([22][22]).

وقد علّق المجلسي على هذه الرواية بقوله: «من فلان وفلان، أي: من أبي بكر وعمر»([23][23]).

·    وخلاصة القول: أن الشيعة الاثني عشرية مجمعون على لعن الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والتبرؤ منهما، بل ويوجبون ذلك كما تقدم آنفًا.

ولا ريب في مخالفة هذه الأقوال لما يعتقده أئمتهم في الشيخين رضي الله عنهما خصوصًا وفي الصحابة عمومًا، ولا شك أن ما نسبوه إلى أئمتهم من لعن الشيخين رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة والتبرؤ منهم؛ مكذوب على أولئك الأئمة رحمهم الله.

(انظر كتاب: أوجز الخطاب في بيان موقف الشيعة من الأصحاب للحسني).

ونحن نقول هنا كما قال إمامنا المفسر الكبير شيخ الإسلام الطاهر ابن عاشور رحمه الله: «قاتل الله الرافضة وقتلهم».

 

[الموضع الثاني]

 ·    قال رحمه الله (ص:139) من المجلد الأول، في معرض كلامه عن (البسملة) وخلاف أهل العلم في كونها آية من كل سورة: «… قال الباقلاني: لو كانت التسمية من القرآن لكان طريق إثباتها إما التواتر أو الآحاد، والأول باطل؛ لأنه لو ثبت بالتواتر كونها من القرآن لحصل العلم الضروري بذلك، ولامتنع وقوع الخلاف فيه بين الأمة، والثاني أيضًا باطل؛ لأن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، فلو جعلناه طريقًا إلى إثبات القرآن لخرج القرآن عن كونه حجة يقينية، ولصار ذلك ظنيًا، ولو جاز ذلك لجاز ادعاء الروافض أن القرآن دخله الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف. اهـ… إلى أن قال رحمه الله في نقل كلامٍ لعبدالوهاب:.. ولذلك قطعنا بمنع أن يكون شيء من القرآن لم ينقل إلينا، وأبطلنا قول الرافضة إن القرآن حِمْلُ جَملٍ عند الإمام المعصوم المنتظر، فلو كانت البسملة من الحمد لبينها رسول الله بيانًا شافيًا. اهـ».

·وأقول هنا: يجب علينا حتى نَعِي ونفهم كلام هذا الإمام رحمه الله في موقف الشيعة من كتاب الله تعالى، أن نشير إلى بعض كلام علمائهم المعتبرين وعقيدتهم في القرآن الكريم… وإليك هذا:

قال الشيخ المفيد: «إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن، وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان»([24][24]).

وقال أبو الحسن العاملي: «اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها، أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرًا من الكلمات والآيات»([25][25]).

وقال نعمة الله الجزائري: «إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين؛ يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلامًا، ومادةً، وإعرابًا، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها»([26][26]).

وقال محمد باقر المجلسي في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية» قال عن هذا الحديث: «موثق» وأضاف: «ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره، وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأسًا، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة، فكيف يثبتونها بالخبر؟»([27][27]) أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟

وروى شيخهم محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد في كتاب الإرشاد (ص:365، الطبعة الثالثة، مؤسسة الأعلمي، بيروت:1979) عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا قام قائم آل محمد ضرب فساطيط يعلم فيها القرآن على ما أنزل، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم؛ لأنه يخالف فيه التأليف».

وروى شيخهم النعماني في كتاب الغيبة (ص:318) عن علي عليه السلام قال: «كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن كما أنزل، قلت -أي الراوي-: يا أمير المؤمنين! أو ليس هو كما أنزل؟ فقال: لا. مُحي منه سبعون من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، وما ترك أبو لهب إلا إزراء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأنه عمه».

وقال نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية (2/360): «روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها، والعمل بأحكامه، حتى يظهر مولانا صاحب الزمان (المهدي) فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء، ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام، فيقرأ ويعمل بأحكامه».

ويصرح الفيض الكاشاني في تفسير الصافي (المقدمة السادسة:1/44 ط: الأولى 1979م، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت لبنان) بأن: «المستفاد من جميع الأخبار والروايات الواردة من طريق أهل البيت، أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وأنه حذف منه أشياء كثيرة، منها اسم علي عليه السلام في كثير من المواضع، ومنها لفظة آل محمد».

وذكر علي بن إبراهيم القمي في تفسيره([28][28]) بأنه قد قرئت على أبي عبد الله عليه السلام هذه الآية: ((وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)) [الفرقان:74]  فقال أبو عبد الله عليه السلام: «لقد سألوا الله عظيمًا أن يجعلهم للمتقين إمامًا، فقيل له: يابن رسول الله! كيف نزلت؟ فقال: إنما نزلت هكذا: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إمامًا)».

وقال أيضًا في تفسير القمي [(1/37) دار السرور بيروت]: «وأما ما هو محرف فهو قوله تعالى: (لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون). وقوله: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته). وقوله: (إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم). وقوله: (وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون).وقوله: (ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم في غمرات الموت)».

ويقول نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية (2/357 ط.تبريز إيران): «الأخبار المستفيضة المتواترة الصريحة على وقوع التحريف في القرآن».

ويورد محمد باقر المجلسي في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (12/525526 ط:2  نشر دار الكتب الإسلامية طهران) ما رووه عن أبي عبد الله أنه قال: «إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية».

ويعلق على هذه الرواية بقوله: «فالخبر صحيح، ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره، وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة».

ويقول أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتابه المعروف الاحتجاج (1/225228 ط.(1414) منشورات شركة الكتبي بيروت:1/371 ط: الأعلمي. بيروت ج:1 ص:249) «وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين ولا الزيادة في آياته… فحسبك من الجواب عن هذا الموضع ما سمعت؛ فإن شريعة التقية تحظر التصريح بأكثر منه».

ويقول الطبرسي في الاحتجاج [(1/377378)،  ط: الأعلمي بيروت 1/254)]: «ولو شرحت لك كل ما أُسقط وحرِّف وبُدِّل وما يجري هذا المجرى، لطال وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء».

ويقول أبو الحسن العاملي المولى محمد طاهر بن عبد الحميد بن موسى بن علي بن معتوق بن عبد الحميد العاملي النباطي الفتوني في مقدمة تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار [ص:36، ط: الأفتاب بطهران عام (1374هـ) منشوارت مؤسسة إسماعيليان بقم] ما نصه: «اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها؛ أن هذا القرآن الذي بين أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرًا من الكلمات والآيات عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى؛ ما جمعه علي عليه السلام وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن عليه السلام، وهكذا إلى أن انتهى إلى القائم عليه السلام، وهو اليوم عنده صلوات الله عليه».

·هذه هي عقيدة الشيعة في كتاب الله تعالى الموصوف بأنه: ((لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)) [فصلت:42].

وأن الله تكفل بحفظه، فقال سبحانه: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر:9].

ولكن الشيعة اتبعوا غير سبيل المؤمنين ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وأعرضوا عنه بالكلية… معتقدين أنه محرف زيد فيه وأنقص منه، وأن القرآن الكامل سيأتي به المهدي (المختبئ)! آخر الزمان، وأنه حِمْلُ جَمَل، يعني أضعاف قرآن المسلمين اليوم!!!

[الموضع الثالث]

·قال رحمه الله (ص:46) من تفسيره الجزء الرابع من المجلد الثالث، عند تفسير قوله تعالى:

((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)) [آل عمران:106].

«..من العتبية قال: ما آية في كتاب الله أشد على أهل الاختلاف من أهل الأهواء من هذه الآية: ((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)) [آل عمران:106] قال مالك: إنما هذه لأهل القبلة. يعني أنها ليست للذين تفرقوا واختلفوا من الأمم قبلنا، بدليل قوله: ((أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)) [آل عمران:106] ورواه أبو غسان مالك الهروي عن مالك عن ابن عمر، وروي مثل هذا عن ابن عباس، وعلى هذا الوجه: فالمراد الذين أحدثوا بعد إيمانهم كفرًا بالردة أو بشنيع الأقوال التي تفضي إلى الكفر ونقض الشريعة، مثل الغرابية([29][29])  من الشيعة الذين قالوا بأن النبوة لعلي، ومثل غلاة الإسماعيلية أتباع حمزة بن علي، وأتباع الحاكم العبيدي… إلخ».

·أقول: هكذا الشيعة محكوم على أقوالهم بأنها تُفضي إلى الكفر ونقض الشريعة،فقد غلوا فيمن جعلوهم (أئمة) لهم، ورفعوا درجتهم من البشرية إلى مرتبة الربوبية والإلهية، فصرفوا لهم العبادة من دون الله، وإليك بعض الأمثلة من كتاب واحد للشيعة لتعلم كيف أنهم يدعون أن الوحي ينزل على أئمتهم:

في كتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار (ص:251):

(باب في أنهم -الأئمة- يخاطبون ويسمعون الصوت ويأتيهم صور أعظم من جبرئيل وميكائيل):

 (1) حدثنا علي بن اسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن منا لمن يعاين معاينة، وإن منا لمن ينقر في قلبه كيت وكيت، وإن منا لمن يسمع كما يقع السلسلة كله يقع في الطست، قال: قلت: فالذين يعاينون ما هم؟ قال: خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل».

 (2) حدثنا محمد بن عيسى عن زياد القندي عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «قلت: كيف يزاد الإمام؟ فقال: منا من ينكت في أذنه نكتًا، ومنا من يقذف في قلبه قذفًا، ومنا من يخاطب».

(3) حدثنا بعض أصحابنا عن محمد بن حماد، عن أحمد بن رزين، عن الوليد الطائفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن منا لمن يوقر في قلبه، ومنا من يسمع بأذنه، ومنا من ينكت، وأفضل من يسمع».

(4) حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن نعمان، عن يزيد بن إسحاق يلقب شعر، عن ابن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن منا لمن ينكت في أذنه، وإن منا لمن يؤتى في منامه، وإن منا لمن يسمع الصوت مثل صوت السلسلة يقع على الطست، وإن منا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرئيل وميكائيل».

وغير هذا من الروايات والأعاجيب التي كذبوا فيها على أئمة أهل البيت عليهم السلام.. وخالفوا فيها كتاب الله تعالى، وصريح قول النبي صلى الله عليه وسلم.

[الموضع الرابع]

 ·    قال رحمه الله في (ص:260) من المجلد الرابع الجزء السادس عند قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) [المائدة:67]: «… وإذ قد كانت هذه الآية من آخر ما نزل من القرآن، علمنا أن من أهم مقاصدها أن الله أراد قطع تخرص من قد يزعمون أن الرسول قد استبقى شيئًا لم يبلغه، أو أنه قد خص بعض الناس بإبلاغ شيء من الوحي لم يبلغه للناس عامة. فهي أقطع آية لإبطال قول الرافضة بأن القرآن أكثر مما هو في المصحف الذي جمعه أبو بكر ونسخه عثمان، وأن رسول الله اختص بكثير من القرآن علي بن أبي طالب، وأنه أورثه أبناءه، وأنه يبلغ وقر بعير، وأنه اليوم مختزن عند الإمام المعصوم الذي يلقبه بعض الشيعة بالمهدي المنتظر وبالوصي.

 وكانت هذه الأوهام ألمت بأنفس بعض المتشيعين إلى علي رضي الله عنه في مدة حياته، فدعا ذلك بعض الناس إلى سؤاله عن ذلك. روى البخاري أن أبا جحيفة سأل عليًّا: (هل عندكم شيء ما ليس في القرآن وما ليس عند الناس؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن؛ إلا فهمًا يعطى رجل في كتاب الله، وما في الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر). وحديث مسروق عن عائشة الذي سنذكره ينبئ بأن هذا الهاجس قد ظهر بين العامة في زمانها. وقد يخص الرسول بعض الناس ببيان شيء من الأحكام ليس من القرآن المنزل إليه لحاجة دعت إلى تخصيصه، كما كتب إلى علي ببيان العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر؛ لأنه كان يومئذ قاضيًا باليمن… إلخ».

·أقول: راجع ما نقلناه في [الموضع الثاني] (ص:100106) من أقوال علماء الشيعة، وعقيدتهم في القرآن الكريم.

[الموضع الخامس]

 ·    قال رحمه الله (ص:311) من المجلد الرابع -الجزء السابع- عند قوله تعالى: ((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [الأنعام:74]: «… قال الفخر: وقالت الشيعة: لا يكون أحد من آباء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجداده كافرًا. وأنكروا أن آزر أب لإبراهيم وإنما كان عمه. وأما أصحابنا فلم يلتزموا ذلك. قلت: هو كما قال الفخر من عدم التزام هذا، وقد بينت في رسالة لي في طهارة نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكفر لا ينافي خلوص النسب النبوي خلوصًا جبليًا؛ لأن الخلوص المبحوث عنه هو الخلوص مما يتعير به في العادة».

·    أقول: ثبت عندنا أهل السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب: (لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه، يغلي منه دماغه)([30][30]) وفيه بيان أن أبا طالب في النار.

ومن هذا الباب وبمساندة غلو الشيعة الكبير في الأئمة عندهم، فقد ادعوا إيمان أبي طالب والد الإمام علي رضي الله عنه، فقد روى الصدوق عن جابر قال: (قلت: يا رسول الله! إن الناس يقولون: إن أبا طالب مات كافرًا، قال: يا جابر! ربك أعلم بالغيب، إنه لما كانت الليلة التي أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش، فرأيت أربعة أنوار فقيل لي: هذا عبد المطلب، وهذا عمك أبو طالب، وهذا أبوك عبد الله، وهذا ابن عمك جعفر بن أبي طالب، فقلت: إلهي لم نالوا هذه الدرجة؟ قال: بكتمانهم الإيمان وإظهارهم الكفر حتى ماتوا على ذلك!!)([31][31]).

فلم اعتقد الشيعة هذه العقيدة؟

يجيبك أحد عقلائهم! فيقول: (كيف عقلًا يكون إمامنا عليٌ أبوه كافر في النار، ومعاوية يسلم أبوه وهو من الأعداء؟!) هذا مبلغهم من العلم!

وكذلك في كفر عمه (أبي لهب) دليل آخر على إمكانية وقوع ذلك، وكفر أبي لهب واقع باتفاق السنة والشيعة!

 فلا أدري لم تكلف الشيعة اختلاق الأحاديث الموضوعة ولي عنق الآيات، لإثبات إيمان أبي طالب؛ ذريعة بتنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن أن يكون عمه كافرًا، مع أنهم أثبتوا ذلك في عمه أبي لهب!!

فلو كان كفر عمه أبي طالب منقصة، فالمنقصة واقعة بكفر عمه أبي لهب!

ولكن فعل الشيعة هذا ليس تنـزيهًا للرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما المراد منه تنزيه علي رضي الله عنه عن أن يكون أبوه أبو طالب مشركًا، وهم الذين نعلم أنهم قد وصفوا عليًا رضي الله عنه بصفات لا يتصف بها إلا الخالق عز وجل.

والشيعة يرون أن القرابة كافية لدخول الإنسان الجنة، فأنكروا أن يكون آزر أبو إبراهيم في النار وكذلك أبو طالب.. حتى ألف بعض معاصريهم كتابه النشاز (أبو طالب مؤمن قريش) ودعا فيه لهذه العقيدة الفاسدة.
 

[الموضع السادس]

 قال رحمه الله في (ص:16) من المجلد الحادي عشر-الجزء الثاني والعشرون-عند تفسير قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) [الأحزاب:33]: «…وقد تلقف الشيعة حديث الكساء، فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لسن من أهل البيت. وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشوًا بين ما خوطب به أزواج النبي. وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف على أهل الكساء؛ إذ ليس في قوله: (هؤلاء أهل بيتي) صيغة قصر، وهو كقوله تعالى: ((إن هؤلاء ضيفي)) [الحجر:68] ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها وما بعدها.

ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين وأن منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها، ويدل لذلك ما رواه المفسرون عن عكرمة أنه قال: من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قال أيضًا: ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يصرخ بذلك في السوق. وحديث عمر بن أبي سلمة صريح في أن الآية نزلت قبل أن يدعو النبي الدعوة لأهل الكساء، وأنها نزلت في بيت أم سلمة.

 وأما ما وقع من قول عمر بن أبي سلمة أن أم سلمة قالت: (وأنا معهم يا رسول الله ? فقال: أنت على مكانك وأنت على خير)؛ فقد وهم فيه الشيعة فظنوا أنه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد ما سألته من الحاصل؛ لأن الآية نزلت فيها وفي ضرائرها فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم، فالدعاء لها بأن يذهب الله عنها الرجس ويطهرها دعاء بتحصيل أمر حصل، وهو مناف لآداب الدعاء كما حرره شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه، فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم تعليمًا لها. وقد وقع في بعض الروايات أنه قال لأم سلمة: (إنك من أزواج النبي). وهذا أوضح في المراد بقوله: (إنك على خير.

·    وأقول: رحم الله العلامة الكبير، شيخ الإسلام الطاهر ابن عاشور فقد بين بالحجّة والبرهان، والعلم الدقيق، والمعرفة الثاقبة بتفسير آي الكتاب، وردّ أقوال المبطلين أعداء النبي صلى الله عليه وسلم والطاعنين في أزواجه الكرام المطهرات، من الشيعة الذين ما فتئوا يقدحون في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهم بهذا يؤذونه أشد الإيذاء، والله سبحانه وتعالى يقول:

((الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) [النور:26].

([1]) رواه الصفار في بصائر الدرجات الكبرى (ص:412) والمفيد في الاختصاص (ص:312).

([2]) السقيفة لسليم بن قيس.

([3]) نفحات اللاهوت للكركي (ق:6/أ:74/ب).

([4]) البلد الأمين للكفعمي (ص:511)، والمصباح له (ص:511)، ونفحات اللاهوت للكركي (ق:74/ب)، وعلم اليقين للكاشاني (2/701)، وفصل الخطاب للنوري الطبرسي (ص:221-222).

([5]) المصادر السابقة نفسها.

([6]) المصادر السابقة نفسها

([7]) ضياء الصالحين (ص:513).

([8]) المصدر السابق (ص:513).

([9]) الذريعة لآغا بزرك الطهراني (8/192).

([10]) راجع المصادر الشيعية التالية: البلد الأمين للكفعمي (ص:511)، والمصباح له (ص:551)، ونفحات اللاهوت للكركي (ق:74/ب)، وعلم اليقين للكاشاني (2/701)، وفصل الخطاب للنوري الطبرسي (ص:221-222) والذريعة إلى تصانيف الشيعة لآغا بزرك الطهراني (8/192) وأمل الآمال للحر العاملي (2/32).

([11]) المصباح للكفعمي (ص:552-554).

([12]) وكتابه نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت، صنفه خصيصًا في لعن الشيخين الجليلين صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما اللذان عناهما بقوله: الجبت والطاغوت، وقد ذكر في هذا الكتاب أن عليًا رضي الله عنه وحاشاه مما ينسبه إليه الشيعة -كان يقنت في الوتر يلعن صنمي قريش، ثم قال: يريد بهما أبا بكر وعمر، وقد ورد استحباب الدعاء على أعداء الله في الوتر، نفحات اللاهوت للكركي (ق:74/ب).

([13]) شرعة التسمية في زمن الغيبة (ق:26/أ).

([14]) قرة العيون للكاشاني (ص:432-433).

([15]) مقدمة البرهان للعاملي (ص:133).

([16]) الاعتقادات للمجلسي (ق:17).

([17]) إلزام الناصب للحائري (2/9).

([18]) مصطلح يستعمله الشيعة ويريدون به أحد الإمامين: جعفر الصادق أو أباه الباقر

([19]) ويسمى إمام زمانه.

([20]) أي: إلى إمام زمانه.

([21]) رواه الصفار والكليني بسنديهما: بصائر الدرجات الكبرى للصفار (ص:510-513)، والروضة من الكافي للكليني (ص:347). وانظر الخرايج والجرايح للراوندي (ص:127)، ومختصر بصائر الدرجات لحسن الحلي (ص:12)، وقرة العيون للكاشاني (ص:433)، والبرهان للبحراني (1/48) (4/216)، ومرآة العقول شرح الروضة – للمجلسي (4/347).

([22]) انظر: مشارق الأنوار لرجب البرسي (ص:42).

([23]) مرآة العقول – شرح الروضة – للمجلسي (4/347).

([24]) أوائل المقالات (ص:91).

([25]) المقدمة الثانية لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار (ص:36) وطبعت هذه كمقدمة لتفسير البرهان للبحراني.

([26]) الأنوار النعمانية (ج:2) (ص:357)

([27]) مرآة العقول (12/525).

([28]) تفسير القمي (1/36)، دار السرور، بيروت.

([29]) الغرابية: تقدم تعريفها (ص:39-40) في فصل: أهم عقائدهم التي خالفوا فيها الإسلام وأهله.

([30]) رواه مسلم (1/135)

([31]) انظر: جامع الأخبار، نقلاً عن تنقيح المسائل (ص:140).

(المصدر: موقع « البرهان » – تصفح يوم 5 فيفري 2007)

الرابط: http://www.alburhan.com/book_articles.aspx?num=1039

 

بن علي ينقذ تاريخ الأمة

بقلم: محمد المحسن حمدوني

Acte114@yahoo.fr

مع بداية كل سنة هجرية جديدة، يحيي قسم كبير من المسلمين في جميع أنحاء العالم، ذكرى انتصار المستضعفين على المستكبرين، استكبار عم فساده كل مصر وغطى ظلمه كل قطر. طاغوت لم يتوان في كتم الأفواه، وإخراس الألسن، وتكبيل الأيدي، جبروت لم يرعو في تزييف الحقائق، وترويع الآمنين، ومصادرة الحقوق، واستباحة الأبرياء، وهتك الأعراض، وغصب الأموال والفتك بكل مناوئ ومعارض مهما ارتفع شأنه وعلت منزلته… 

ولعل المطلع بشيء من التأمل وعمق النظر، لا يفوته ادراك، أن النظام الذي كان يحكم بلاد العرب والمسلمين قبل حوالي 1400 عام، هو الأب الروحي للأنظمة القائمة حاليا في جميع الأقطار العربية. ألا يقول المثل: « هذا الشبل من ذاك الأسد »، وهذه الأنظمة الدكتاتورية من ذاك النظام الجبروتي. فأفضل موروث يعود الفضل فيه إلى نظام تلك الحقبة من التاريخ، هو هذا التفنن في نهب أموال الشعوب، والاستحواذ على خيرات بلدانها، وممارسة الوصاية، وإقصاء الآخر وانتهاك كل الحقوق: حق التعبير وحق التكتل وحق تشكيل الأحزاب وحق إنشاء الجمعيات والمنظمات ، وحق المعارضة. والتنافس في تشييد السجون، والزج في غياهبها بكل معارض ومناوئ ، واستحداث كل أساليب التشريد والقتل والإبادة الجماعية…

أقدم النظام الطاغوت في تلك المرحلة على إبادة ثلة من خيرة البشر، رفضت الدخول تحت راية الظلم، رافعة شعار: « هيهات منا الذلة »، واليوم وفي سبيل المحافظة على العروش المهترئة، تقدم الأنظمة الدكتاتورية في مشارق العالم العربي ومغاربه على نفس الجرائم تقريبا…

لإلقاء شيء من الضوء على هذا الموضوع، أستسمحكم عذرا في استقراء بعض أحداث التاريخ من خلال الأسئلة التالية: 

ـ ما الذي حدث بعد أقل من نصف قرن على وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، حتى يضطر حفيده الحسين بن علي  إلى أن يقوم بحركته المشهورة ويخلد بالدماء الزاكيات على صفحات التاريخ أروع أنواع البطولة والمجد. ويضرب للإنسانية أسمى مثل للفداء والتضحية بالنفس والنفيس وثلة من خيرة البشر أبناء وإخوة وأصحابا، تضحية لا نظير لها في التاريخ ؟

ـ وأي سرطان سرى في كيان ذاك المجتمع وأي جرثومة دبت في جسد تلك الأمة، وأي آفة حلّت بذلك المجتمع الإسلامي حتى حدثت تلك الواقعة وضحى الحسين بن علي بنفسه وبمن معه تضحية دموية عظيمة في ذلك المجتمع وبين أولئك الناس وبتلك الصورة التي رفعت فيها رؤؤس أولاد أمير المؤمنين على الرماح وطيف بها بين المدن وسيقت بناته وحرمه أسرى في أسواقها؟

ـ ما هو الخطب الجلل الذي حصل حتى يقوم الحسين بن علي بثورة على عاصمة الدولة الإسلامية، ومهبط الوحي؟

ـ وأي وضع كان بحيث يشعر الحسين بن علي أن مستقبل الإسلام وبقاؤه مرهون بالتضحية بنفسه ؟

ـ ماذا حلّ بذاك المجتمع وتلك البلدان وتلك المدن بحيث ابتعدوا عن الإسلام لدرجة أن يتولى شؤونهم شخص لا علاقة له بالدين، ولا هم يربطه بالمجتمع؟

ـ إلى أي شيء كان يهدف الحسين بن علي عندما عزم على بدء تحركه ضد نظام الحكم الطاغوتي؟

ـ وما هي النتائج التي تحققت على إثر هذه الملحمة الخالدة، فهل أطاح بالنظام المتسلط وانتصر، أم قتل وانهزم ولم يبق له أثر؟

ـ وهل كانت هذه الواقعة استنقاذاً لحياة شعب فحسب, أم كانت استنقاذاً لتاريخ أمة بأكمله؟

ـ لماذا أصيبت الأمة بهذه الحالة من الغفلة والتهاون والتراخي الذي انتهى إلى بروز فاجعة كهذه رغم الحيطة والحذر والدرجة العالية من التدقيق في تفاصيل الأحكام الشرعية وما نزل من الذكر الحكيم ؟

وتمهيدا للإجابة على هذه الأسئلة تجدر الإشارة إلى ما يلي:

 إذا أصبحت النخبة في أي مجتمع، شديدة التعلق بالحياة الدنيا وملذاتها، ولا تخاف على شيء إلا على حياتها، ولا تحذر شيئا سوى فقدان المناصب والجاه والمكانة الاجتماعية، ولا تحرص على شيء سوى الحرص على جمع الأموال، ولا تقيم وزنا للمبادئ السامية والقيم الإنسانية النبيلة. وإذا التزمت الصمت حيثما يجب أن يصدع بالحقيقة. كانت النتيجة تأييد النظام القائم، ودعم خياراته، ومجاراة سياساته، وتبني توجهاته. وعندئذ فلا حديث عن حق، ولا عن عدل، ولا انتظار لإنصاف، ولا تفكير في معارضة، ولا سعي للمقاومة ولا مجال للكلام عن تضحية أو فداء. وحينما تصير الأمور على هذه الشاكلة، تحل الكوارث والمصائب بالمجتمع. ويزيد الظلم تفشيا وتتوسع دائرة القمع والاضطهاد، ويمعن الحاكم في التسلط والجبروت والغطرسة. والويل حينئذ كل الويل لمن تحدثه نفسه بالتصدي، والمقاومة، فإن مصيره الاقتياد إلى مسالخ الذبح مثلما أقتيد الحسين بن علي والثلة الصادقة معه. و وسيتسلط أمثال يزيد على مقاليد الأمور، وسيتحول نظام الحكم، من نظام جمهوري ديمقراطي إلى نظام دكتاتوري، وراثي، مثلما تحول نظام حكم الدولة التي أسسها وترأسها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، إلى حكم قيصري، أحياه بنو أمية، حكم سلطنة، وملكية، تسلط على رقاب الناس بالحديد والنار. وعلى العكس من ذلك، إذا كانت النخبة في المجتمع نخبة واعية، ونخبة قادرة عن كبح جماح رغباتها عند الضرورة، ونخبة تستطيع الانتهاء عن متاع الدنيا في الوقت المناسب، ونخبة بإمكانها تقديم الصالح العام على المكاسب الذاتية الآنية، لم يبتل المجتمع بأي فاجعة، بل نهض وتطور وارتقى إلى مصاف المجتمعات الإنسانية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني.

وفي ذلك المجتمع، ظهرت بوادر انزلاق النخبة المؤيدة للحق في المستنقع العفن، مستنقع جمع الأموال وتكديس الثروات، والحرص على الدنيا والتنافس في الملذات، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بثمان سنوات على أقصى تقدير. وبدت أولى مؤشرات هكذا وضع مع تبني فكرة تفضيل ذوي السابقة في الإسلام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذين شاركوا معه في الغزوات والحروب على سائر الناس في العطاء، وتقسيم الأموال، فتم منح هؤلاء عطاءات، وامتيازات من بيت مال المسلمين على حساب غيرهم.

فكانت هذه هي الخطوة الأولى والشرارة الأساسية لتأسيس الانحراف, وهكذا تكون دائما بدايات انحرافات الشعوب: تبدأ من نقطة صغيرة ثم يستفحل شأنها ويتفاقم مع تقادم الزمن إلى أن يبلغ الأمر حدا يستحيل معه العلاج. كانت هذه هي إذا بداية الانحراف، أما الذروة فقد بلغها في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، حيث آلت الأوضاع كما يروي المؤرخون، في أوساط خلافته إلى حالة صار فيها كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ من ذوي الأسماء المعروفة، أثرى الأثرياء في زمانهم. غدوا من كبار برجوازي الأمة، بمصطلح العصر الحديث.  فلقد تجاوزت الثروات الحد المعقول. ألم يرو لنا التاريخ أن  أن أحدهم وبعد أن مات، أرادوا تقسيم أمواله بين ورثته فاضطروا إلى كسر الذهب الذي أذابه وحوّله إلى سبائك بالفؤوس؟ فكم يا ترى بلغ مقدار ذاك الذهب الذي حتى يكسر بالفؤوس؟

ضاعت إذا في ذاك المجتمع كل المبادئ والقيم، وغلب حب الدنيا والتنافس فيها على النخبة التي كانت ترى الحق وتعرف أهله، وكانت فيما مضى مناصرة لهم. لقد بات بحق ينطبق على بعض أفراد ذاك المجتمع وصف:  » يتخذون مال الله دولا وعباده خولا ودينه دخلا بينهم ». لقد استحوذ التعلق بالدنيا وزخرفها وزبرجها على القلوب، وعميت البصيرة بعد الأبصار، وطغت الأهواء على أصحابها، وانهار كيان المجتمع الذي بذل فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قصارى الجهد لتشييده. « أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ » الجاثية 23

قد يجد المرء العذر في وصول مجتمع ما إلى هذه الحالة إذا ما كان مجتمعا لا رسالة سماوية أنزلت إليه، ولا رسول أو نبي بعث إليه ولا مصلح قام فيه مرشدا، ومعلما. وقد يلتمس الإنسان العذر كذلك لمجتمع كان له كل ذلك، لكن قد بعدت الشقة بينه وبين تلك الرسالة وذاك الرسول أو المصلح. فلو مرت فترة طويلة ـ مئات السنين مثلا ـ بحيث تتغير القناعات، والمبادئ والأخلاقيات، والممارسات، وتحل ظروف متغايرة، لكان التماس العذر ممكنا. لكن ما هو العذر الذي يمكن أن يلتمس لمجتمع تفضل الله عليه بخير الخلق وخاتم الرسل وأقدس الكتب وأسمى الديانات، ولم تمر عليه فترة أكثر من ربع قرن، بعد ختم هذه الرسالة، والتحاق مبلغها بالرفيق الأعلى ؟ ألا يدعو هذا الأمر إلى الغاربة والدهشة ؟ ألا يدفع هذا الحال الإنسان إلى أن يتساءل ويلح في السؤال عن الأسباب الكامنة وراء ذلك؟ 

لقد قتل الخليفة الثالث جراء ذلك الانحراف وبسبب ذلك الحيف الذي لحق فئات عريضة من المجتمع، واستشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بسبب تلك الأوضاع أيضا, وقتل ابنه الحسن من بعده، ذاك الرجل الذي لم يتسن له الصمود بوجه تلك الحالة أكثر من ستة أشهر، وذاك السبط الذي اضطرته النخبة غير الوفية لمعتقداتها ومبادئها إلى مصالحة الظالم، وذاك العادل الذي خدعته النخبة التي لو سار بها لمحاربة ناكث العهود، والمواثيق، لسلمته إليه مقيدا، أو قتلته، فلن يكون من بعده من يطالب بدمه، فضلا عن الحفاظ عن تعاليم الدين الإسلامي، وإشادة معالم المجتمع الإنساني. خاصة إذا ما أخذ في الحسبان الحملات الإعلامية العدائية التي سخر لها الظلم أموال بيت مال المسلمين، وجند لها ملايين البشر، وحكّم السيوف في الرقاب، حيث كانت بيد أكياس الأموال، وباليد الثانية السيف المهند.

وعلى العكس من ذلك حينما استلم يزيد السلطة لم يكن للإمام الحسين خيار فيها إلا خيار الثورة، فالبقاء على قيد الحياة، وعدم الثورة ما كان له آنذاك أي معنى. فكان لا بد له من الثورة, سواء انتهى به الأمر إلى القبض على الحكم أم كان مصيره الشهادة. إن الأمور إذا بلغت هكذا حد لا بدّ وان يكون التحرك في هذا الاتجاه. فثار بن علي…

وعندما ثار لم يأت الكثير من النخبة لنصرته مع ما كانت له من منزلة عظمى في المجتمع الإسلامي.

فما أعظم ضرر، وما أبلغ خطر، هكذا نخبة على المجتمع، النخبة التي ترجح مصالحها الضيقة على مصير العالم بأسره لقرون عديدة مقبلة !!!

 

التفكير في الإسلام (1)

مقدمات منهجية

 

الهاشمي بن علي

Hachemib2007@yahoo.fr

 

 

« يعتبر الجدل المذهبي (مع أنني أحبذ تسميته بالحوار المذهبي) واحدا من بين أكثر المواضيع حساسية في الحياة الفكرية والسياسية عند المسلمين. في دائرة هذا المبحث يتداخل النص بالتاريخ وكلاهما بالسياسة ليفرزوا مجتمعين أنماطا من الخطاب يصنفها بعض المتابعين لمثل هذه الكتابات في سياق الكتابة السجالية المناضلة »

 

المقصود بالنضالية هو السعي في الغالب لتبكيت الآخر وإلزامه ما يعتقد أنه الحجة القاطعة في موضوع خلافي تتجاوز أبعاده الجانب النظري إلى  جوانب أخرى عملية تمس واقع المسلمين في الصميم.

 

ولما كان الانقسام على أكثر من صعيد واقعا ماثلا في حياة الأمة الإسلامية، وكان الاختلاف البيّن الشديد عنوان العصر، بدا من الطبيعي جدا أن يستمر هذا الجدل/الحوار رغم كل ما يقال عن المخاطر التي يحملها في أحشائه.

 

أمام المنافع المفترضة والمخاطر المحتملة لهذا النوع من المعرفة العملية، يبقى المخرج الأقلّ تكلفة هو أن يشتغل المثقفون بها منضبطين لمقاييس العلم ورصانة التحقيق، مبتعدين ما وسعهم الجهد عن الخطاب الهابط الذي يحاسب النيات ويقدح في الشخصيات أو ذلك الذي يغلق على العقل البحث في ملفات يودّ العقل الإيماني لو احتكرها واستبد بها دون المباحثة الحرة الموضوعية.

 

إن الناظر في أغلب ما تنتجه المكتبة العربية، يجده غارقا في منهج تمجيدي أبعد ما يكون عن روح العلم، فالعلم فيما أفهم لا يقبل ومن ناحية المبدأ أن يطرق باب مبحث تاريخي من باب التمجيد والتقديس. لكنك ترى الكتب والدراسات ينحو أغلبها هذه الوجهة عازفا على وتر العاطفة الدينية والتاريخية التي يلاقي فيها خطاب المناقب والتمجيد والتقديس هوى في قلوب المسلمين وهم الذين يعيشون واقعا مرا أسودا تخفف من وطأته الكلمات البراقة التي لا تقنع في الأخير سوى من يحملها.

 

لقد تطرقت بعض العلوم الإنسانية للأبعاد السوسيولوجية والسيكولوجية للمعرفة، وهي وإن افترقت بها المناهج والتطبيقات حينا، فقد التقت في نهاية المطاف عند تنسيب الجهد المعرفي للإنسان سواء تعلق بالمقدس أوبالتاريخي.

 

وأيا يكن الأمر، فإن أخذ التاريخية بعين الاعتبار في التعاطي مع الشأن الديني يمكن العقل المسلم في تقديري من التواضع أمام الحقيقة والواقع، وينقذنا من طهرانية مزعومة ومن ادعاءات للحقيقة مبالغ فيها.

 

هذا في نظري ما يغيب بشدة في الجدل المذهبي حيث تقع أغلب الكتابات في دائرة الشك والتشنج.

 

 الشك إما في المخالف الذي بحكم كونه مفارقا،  بل وخصما أو عدوا في مفاصل ما من العلاقة به،  فيصبح محلّ نفور مسبق ينعكس على درجة تفهم نسقه الفكري. أما التشنج فهو استكمال للحظات الصراع والتناحر التي اكتنفت بعض منعرجات التاريخ وفيه يوصف الآخر ويصنف على أساس أنه شر شبه مطلق وخور لا منطق فيه وتفسير لكل أو أغلب نكسات الأمة الإسلامية.

 

تتغذى الذهنية الإسلامية في جزء من نتاجها وإلى اليوم على مبدأ الفرقة الناجية الذي هو في جوهره اختزال لفكرة شعب الله المختار وإعادة إنتاج لها داخل الدائرة المذهبية على وجه الخصوص. والامتداد الطبيعي لهذه القناعة ظاهرة كانت أو كامنة هو التشبع بعقلية المؤامرة، فالأنا الجمعية  لا تكون عظيمة مكتملة إلا إذا كانت محاطة بالمؤامرات والدسائس والأعمال السرية التي يكشف عنها بين الحين والحين!

 

لست هنا أجامل أو أداري أحدا عندما أقول إن الأنساق الكلاسيكية الإسلامية كلها تقريبا لم تنج من هذا الشرك فالجميع سواسية فيما كتبوه طيلة قرون متتابعة. سواء من موقع الغالب أو من موقع المغلوب.

 

لقد كانت جميع العناوين المذهبية والسياسية تسبح في إدانة المختلف عنها وتسعى جاهدة لتشويهه، الأمر الذي تظهر أكثر صوره ابتذالا في نصوص ليس من هدف لها سوى إلصاق الغث والسمين بمن يباينها الرؤى.

 

التشهير والتشنيع والحط من الإنسانية هي الطرق التي تسلكها تلك الكتابات لعلها تدرك مقصدها الأخير: إلغاء الآخر، إذ كيف السبيل حقا لإلغاء الآخر وهو جماعة لا يستهان بثقلها الجماهيري. ثم كيف يمكن إلغاء تلك الجماعة والمنهج المستعمل في الرد عليها منهج غير علمي بالمعنى الصارم.

 

دل الواقع على أن العقل ألإقصائي بقي يتخبط في أزمته بل زاد ضعفه أمام تحدياتها لأنه في النهاية يجد نفسه قد رسخ كينونة الآخر إذ سعى في التخلص منها. فها هي الأمة الإسلامية بعد القرون المتطاولة على حالها من التعدد المذهبي والفكري مما يدل على أن أيام التعايش مع هذا الواقع ما تزال بحق طويلة. وربما سيكون من يستعجل حسم هذا التعدد أكثر المسلمين شقاء في انتظار أن يدكه يوم تصفو فيه الساحة لما يراه هو حقا.

 

ربما يبدو هذا الكلام اعتباريا تنظيريا، لكن المقام يقتضيه هكذا ما دمنا نتحدث عن المنهج، وبالمنهج أردت عمدا أن أبدأ المقالة. لقد وجدت من المناسب أن أتوقف لحين بعد أيام من الجدل الذي خضته مع إخوة لي في الدين والإنسانية وأحببت أن أرى كيف تعاطوا مع المواضيع التي تطرقنا لها. قمت بعمل أضناني قليلا لكنه أفادني فائدة جمة في نهاية المطاف.

 

لقد عدت إلى كل ما كتبه الإخوة الذين يخالفونني الرؤية وقرأت نصوصهم بتأن مجددا وصنفت معجمها ومضامينها، فوقفت على ما فيها من منهج في تناول القضايا المطروحة  واستقصيت طريقتهم  في الردّ على المخالف لهم.

 

في الواقع أشرت سابقا إلى أن كثرة النصوص وتعدد القضايا المطروحة واختلاف زوايا البحث التي طرحتها جعلت مسار النقاش مخيرا بين أن تأخذ وقتا كافيا لتحرير الردود( التحرير بمعنى التحري الدقيق) وهو ما يتطلب الوقوف على الجزئيات ومراجعة المصادر والمراجع والغوص في مواقع الشبكة العنكبوتية. أو على العكس من ذلك الاكتفاء بردود برقية المعول فيها على فطنة القارئ ونباهته.

 

لكل من الطريقتين مزايا وسلبيات، لكن دقة المواضيع المطروحة وحساسية السياق السياسي الذي تتحرك فيه جعلني في النهاية أختار التريث واعتماد أسلوب جديد سيكون عماده فسح المجال للآخر كي يقول ما عنده ومن ثمة القيام بعمل تصنيفي وتحقيقي يستوعب منهجيا ما ساقه من الأفكار والأدلة وذلك أولا ليأخذ هو حقه من التفهم والتدقيق وثانيا احتراما للعمق الذي يتطلبه الموضوع.

 

أسوق هنا مثالا ربما يجعل القارئ يفهم المصاعب التي يفرضها البحث العلمي المشبع بالسجالية، فمنذ بداية الجدل نهاية 2006، أمطرنا الإخوة بما لا يقل عن 100مسألة تتوزع على المحاور التالية وبالترتيب من حيث الكم والكيف:                    

                 

                 1)  الإمامة تفنيدا للمعتقد الشيعي

                 2)  توهين منهج الاستدلال الشيعي (من ناحية المصادر) سندا ومتنا

                 3)  تكفير الصحابة وكذلك أهل السنة والجماعة

                 4)  تفنيد عصمة الأئمة مفهوما وتطبيقا

                 6)  إثبات قول الشيعة بتحريف القرآن العظيم

                 7)  تقييم أصالة المذهب الشيعي و »كشف » حقيقة أدواره

                 8)  إثبات أن الشيعة تكفيريون هم الآخرون

                 9)  التدليل على شناعة موقف الشيعة من أم المؤمنين عائشة (رض)

               10)  معارضة نظرة الشيعة في الصحابة بالمناقب المروية عنهم

               11)  امتناع التقارب مع الشيعة لعدد من الأسباب

               12)  نقد توجهات إيران وحزب الله في صلة بالملف العراقي

               13)  تشويه الشيعة لشخصية وسيرة الرسول الكريم محمد (ص)

               14)  خيانات الشيعة للأمة في العراق و قصة ابن العلقمي

               15)  كشف خرافا الشيعة ومن بينها الإمام المهدي عقيدة وتاريخا

               16)  نسف المفهوم الشيعي لمفردة أهل البيت وتوسيع معناها

               17)  تبيان النظرة السوداوي التي يشيعها الشيعة عن التاريخ الإسلامي

               19)  ملف التصفية الطائفية في العراق ومسؤولية الشيعة فيه

 

يرى السادة القراء المدى الواسع الذي تتحرك فيه هذه الأسئلة مثيرة مجال بحث وتمحيص يحتاج كل واحد منها في الواقع مبحثا أو قل كتابا مستقلا. زد إلى ذلك أن ذهنية الصراع بين المذاهب والتيارات المختلفة على هذا الصعيد تجعل البحث عن الرؤية الموضوعية مهمة غاية في العسر.

 

تزداد تلك المهمة عسرا في هذا المقام لأن الكتابة تتطلب في جملة ما تتطلب قارئا صبورا يتحمل جفاف المادة العلمية ويضحي من أجل الوصول إلى معرفة أدق وأعدل بوقت وجهد لا يبذله إلا أهل الثبات من الصادقين في السعي إلى إبراء الذمة أمام الله وأمام ضميرهم.

 

مع ذلك تستحق الديانة عامة مثل هذه التضحية فهي لا تتعلق بمجرد خلاف عادي وإنما بتلمس طريق الحق والنجاة به من مزالق الفكر والسلوك. أردت أن أقول إنه في غياب الصدق والأخلاق الرفيعة قد لا تستطيع المقاييس العلمية وحدها حمل الناس على ما قد يكون في الواقع هو الحق.

 

لأجل هذا، رأيت أنه من الموضوعي أن أجعل هدفي توضيح  معتقداتي وأفكاري قدر المستطاع بمعزل عن النتيجة التي قد يحققها ذلك.

 

والآن كيف السبيل للإجابة على هذه الأمطار من الشبهات التي تجعل التشيع يبدو مرمى سهلا لسهام النقد والتجريح؟..لكن لا بأس، ذاك هو منطق الحياة. الإسلام نفسه محل اتهامات تبدأ ولا تنتهي : بعضها تاريخي وبعضها عقدي بعضها أخلاقي.

 

نحن نعيش في زمن مفتوح على الخير وعلى الشر بنفس المستوى والنسبة تقريبا، فتصوروا أن نبيا في منزلة نبينا عليه وعلى آله الصلاة والسلام يتحول إلى ملهاة لرسوم الكاريكاتير التي تجسده في أبشع الصور، وتصوروا أن كتابا يحبرون صفحات البحوث ليثبتوا أنه كان (حاشا قدره العظيم) زير نساء وسفاك دماء.

 

أما إذا ما تعلق الأمر بمفاهيم الإسلام وأحكامه فإن أول ما يستقبلك به الناقدون للإسلام هو أحكام الجلد والرجم وقطع الرقاب والتقطيع من خلاف ليقول لك : هل تجد وحشية وقسوة أكثر من هذه؟

 

وإن أعتقك أحدهم من تلك الشبهة وجدت المنظمات النسوية تتعقب تشريع التسري لتتحدث تصريحا وتلميحا عن الحياة الجنسية لمجتمع صدر الإسلام بما يفهم به الجميع أنه كان مجتمعا يقضي لذائذه  بنحو ما وبغطاء شرعي هو عبارة عن نصوص مبثوثة في بطون كتب التراث.

 

كنت قد قرأت أيام الجامعة كتبا من قبيل « جذور القوة الإسلامية » لكاتبه عبد الهادي عبد الرحمن، وقد تمكن صاحبه وتحت مظلة البحث العلمي أن يقول كل ما يشاء في النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. بدا الرسول الكريم مجرد قائد عسكري: يغزو ويغنم ويبسط سلطانه على الإرادات السياسية و الاجتماعية المحيطة به.

سرد الرجل نصوصا من الصحاح وكتب التاريخ تظهر النبي متعطشا للدم لا يرويه سمل الأعين ولا بتر الأعضاء، يقتل خصومه صبرا بعلة المعاملة بالمثل.

 

هذا مجرد مثال، وإلا فإن كتابات صادق جلال العظم وفاطمة المرنيسي و الصادق النيهوم وغيرهم كثير في متناول من يريد تتبع هذا النمط من الكتابة.

 

هذا ما قصدته عندما قلت إن مباحث التاريخ الإسلامي وعدالة الصحابة والعقائد والأحكام لم تعد حكرا على العقل المؤمن، لقد أصبحت تلك القضايا بابا مشرعا لكل سائل ومجيب ومن هنا استقر في ذهني أنه لابد من تنوير عربي إسلامي نحاول فيه تقليب المدونة التقليدية والتفكير فيها بحرية، هذا المنطلق بالذات هو الذي جعلني أتبرأ ودون تردد من نصوص تجانب الموضوعية أو الأخلاق المفترضة في الإسلام أي يكن صاحبها، لكن المخالف لم يفهم الرسالة واستغلها مستمرا في الطعن على الشيعة بنصوص قلت إنها تعبر عن لحظة تخلف حضاري وتشنج مذهبي ..وأشرت إلى أن حشر الشيعة في الزاوية لن يعفي غيرهم من نفس الأثقال.

على السنة أيضا يقع عبء التفكير في نصوص تشتمل عليها الصحاح بأسانيد يقولون إنها فوق النقد، وهي تحمل بدورها استفهامات وأبعاد غريبة عن روح الإسلام وعن منطق العقل.

 

سيقول المخالف عاد الهاشمي إلى عمومياته، لكن العارف بمدونة الحديث من الأكاديميين والباحثين الأحرار يعرفون جيدا ما أقصده. وسوف يأتي حين نتناول فيه هذا الجانب بعيدا عن روح الإدانة وتشويه الآخر.

 

الهدف عندي ليس إلحاق هزيمة بأهل السنة والجماعة فهذا غرض وضيع أترفع عنه بدافع علمي يفرض علي الإقرار بأنهم مكون أساس في الحضارة الإسلامية من المتعذر القفز فوقه لمجرد خلاف مذهبي، إنما الغاية عندي هو التوصل إلى فهم متنور وموضوعي للإسلام لفهم أفكاره وهديه في عدد من القضايا المختلفة.

 

وإذا كان عنوان التشيع مثيرا لهذا الحدّ، فليكن شعار البحث الحر بديلا عنه إذ لا أريد أن تتمادى نصوص النقاش في أي لغة نابية بعيدة عن روح التسامح والأخوة.

 

عند هذا الحد أتوقف اليوم لأعود غدا أبسط القول في أول محور  وهو يتعلق بمحددات منهجية لا فائدة من المضي في الحوار إن لم تكن واضحة بالقدر الكافي .  

 

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.