الاثنين، 17 مارس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2854 du 17.03.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 

المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا : بــيـان الشروق اليومي: صحيفة نمساوية تكشف: – « القاعدة » تطلب 5 ملايين يورو لتحرير الرهينتين وتمدد المهلة الصباح الأسبوعي: كشف: عائد من أبشع سجون العراق يروي – مازلت الى اليوم اعاني مخلفات الاعتقال النفسية والجسدية الأخبار: المرزوقي في جنيف: النموذج الموريتاني هو الحل سبأ نت: تونس تعتزم إلغاء تأشيرات السفر مع اليمن الوحدة: فضائيات الكورة… !! الوحدة: مساجين يناشدون السلط المسؤولة والمجتمع المدني شادية السلطاني: حول الاعلام التونسي الموجه للشباب نور الدين العويديدي: خطف السائحين النمساويين.. النفاق يصطدم بالجنون المنجي الفطناسي: السلطة لا تمت لتونس بصلة مرسل الكسيبي: تونس : مجتمع قلق ودولة رافضة والنتيجة سلفية صاعدة …! زهير الخويلدي: سبل معالجة مرض الإرهاب خالد شوكات: صلاة استسقاء من أجل الديمقراطية! محمد العيادي: استقلال كوسوفو: غياب دبلوماسي عربي لافت توفيق المديني: القمة الإسلامية والإسلاموفوبيا محمد المزوغي: العقل في التاريخ.. منابع إسلاميات محمد أركون (2) عبد النور بن عنتر  :فرنسا وإسرائيل.. تحالف إستراتيجي  إسلام أونلاين: بعد أيام من اعتزال المطربة المصرية شاهيناز وارتدائها الحجاب:مطرب كويتي يتوجه للجهاد في أفغانستان العربية.نت: عائلة المطرب الكويتي حسين الأحمد تؤكد وجوده في ايران عبدالحميد الحمدي: مراسلة: من- الدنمارك الجزيرة.نت: إساءة للمسيح في الدانمارك بعد أزمة الرسوم


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 
 
المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا  بــيـان  

كفى تشفيا وانتقانا..! أتريدون قتله في السجن. !! هل انتم بشر..

 

إلى كل منظمات المجتمع المدني.. إلى كل الصحافيين الشرفاء.. إلى كل شهم وشريف.. في تونس وخارجها  إلى كل الشجعان حيثما كانوا .. إن الوضع الصحي  للسجين السياسي رضا البوكادي، بسجن المرناقية بتونس العاصمة،  لم يعد يتحمل الانتظار.    لقد أصيب بمرض نادر يسمّى Syndrome nephrotique وهو مرض حاد يصيب الحجيرات الكلوية) اثّر على جهازه المناعي وأضعفه،  إضافة إلى عدة أمراض أخرى منها التهاب حاد في القولون وخروج كمية من الدم  عند التبوّل و التهاب الحنجرة والأذنين مما يستدعي إخراجه من السجن لتلقي العلاج المناسب إنها حالة إنسانية مستعجلة تستصرخكم أيها الأحرار.   ان المكتب يدعو المنظمات الدولية والجمعيات الحقوقية الى التدخل العاجل من أجل إنقاذ السيد رضا البوكادي ويطالب السلطات التونسية باطلاق سراحه وتمكينه من العلاج، كما يحملها المسؤولية كاملة للمضاعفات الصحية التي قد تهدد حياته داخل السجن.   سويسرا في : 16/03/2008 z_militants@yahoo.fr  

 
 
منظمة العفو الدولية تونس  في 14 مارس 2008   إلى : كافة الجمعيات

الموضوع  :المشاركة في الأيام الدراسية « من أجل الكرامة الإنسانية : الحقّ في الصّحة والهجرة »

 

 
تحية طيبة وبعد،   تعتزم الهيئة التنفيذية للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية تنظيم أيام دراسية حول موضوع: الكرامة الإنسانية: الحقّ في الصّحة والهجرة  » وذلك يومي 21 و22 مارس 2008 بمقر الفرع الكائن بتونس العاصمة نهج أم كثلوم عدد 67، الطابق الثالث المدرج –ب-.   وإذ تذكر الهيئة التنفيذية على أهمية المشاركة في هذه الأيام فإنها تطلب منكم اقتراح عضوين من جمعيتكم للمشاركة مع العلم وأن الفرع سيتولّى تحمّل مصاريف الإقامة والأكل والتنقل المترتبة عن مشاركة العضوين الغير القاطنين بتونس الكبرى.   وعليه نرجو من المرشحين ملء استمارة المشاركة المرفقة وإرسالها إلى كتابة الفرع في أجل أقصاه يوم الإثنين 17 مارس 2008 عن طريق الفاكس : 71 352 671 أو البريد الألكتروني : atunisia@sections.amnesty.org     وفي انتظار أن نوافيكم بالبرنامج المفصّل لهذه الأيام، لكم مني جزيل الشكر.     عن الهيئة التنفيذية للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية رئيس الفرع محمد الحبيب مرسيط

 

صحيفة نمساوية تكشف: « القاعدة » تطلب 5 ملايين يورو لتحرير الرهينتين وتمدد المهلة

 

ذكرت صحيفة « كوريير » النمساوية اليومية في عددها الصادر الاثنين، نقلاَ عن مصادر قالت إنها مطلعة أن خاطفي الرهينتين النمساويين اللذين خطفهما تنظيم ما يسمى « القاعدة في المغرب الإسلامي » ، يطالبون بفدية قدرها خمسة ملايين يورو أي ما يعادل 8.3 مليون دولار للإفراج عنهما.   وقالت الصحيفة النمساوية التي تصدر باللغة الألمانية بالعاصمة فينا أن خاطفي الرهينتين طالبوا إلى جانب الإفراج عن ناشطين و قياديين سابقين في « الجماعة السلفية للدعوة والقتال » سابقا ، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حاليا، وأبرزهم عماري صايفي المكنى » عبد الرازق البارا  » المعتقل بالجزائر حاليا ومجموعة من المتشددين الذين تلقو تدريبات لدى التنظيم ومحكوم عليهم عقوبات بالسجن في تونس ، دفع أيضا فدية قدرها « تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » بخمسة ملايين يورو .   وأكد الأحد المتحدث باسم وزارة الخارجية النمساوية بيتر لاونسكي تيفينثال في فينا أنه تم تمديد المهلة التي حددها التنظيم والمقدرة بثلاثة أيام، وقال: » لقد تلقينا بلاغا من فرع « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » يفيد بتمديد المهلة، وهذا سيمنحنا مزيدا من الوقت من أجل جهودنا لضمان سلامة الرهينتين ».    وسبق وأن أدت السلطات النمساوية رفضها المطلق لفكرة التفاوض مع تنظيم القاعدة من أجل الإفراج عن الرهينتين، وأكد المستشار النمساوي الفرد جوسنبوير الجمعة عند حضوره القمة الأوروبية المنعقدة مؤخرا في بروكسل  ضرورة الإفراج عن الرهينتين بدون شروط مسبقة.وكان تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » قد أمهل السلطات النمساوية في رسالة بثت على بعض المواقع الالكترونية، ثلاثة أيام بدأت مساء الخميس الماضي، للاستجابة لمطالبه بالإفراج عن بعض المعتقلين لدى سلطات تونس والجزائر، وانتهت المدة ليلة الأحد.بعدما أعلن ذات التنظيم في العاشر مارس الجاري مسئوليته عن اختطاف سائحين نمساويين من داخل الأراضي التونسية في 22 فبراير الماضي، ويرجح وجودهما حاليا في الأراضي المالية أين تجري حاليا عملية المفاوضات بين الحكومة النمساوية وعدد من الخاطفين التابعين لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.    خير الدين بن زعرور (الشروق أون لاين). وكالات   (المصدر: صحيفة « الشروق اليومي » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 17 مارس 2008)  

 

كشف: عائد من أبشع سجون العراق يروي

قوات الاحتلال اعتقلتني وعذّبتني لأكثر من 3 سنوات دون تهمة… وكنت شاهدا على تمزيق ودَوْس القرآن عدة مرات  كانوا يقدمون لنا الاكل الذي لا يصلح للبشر في أكياس مع مياه ملوثة  أطلقوا كِلاَبهم علينا عديد المرّات وفي احداها خلّفت لي عضّة بـ 16 غرزة رتقوها دون تبنيج  بعد 3 سنوات في معتقل «بوكا» سيء الصيت أطلقوا سراحي قائلين «نحن آسفين» مازلت الى اليوم اعاني مخلفات الاعتقال النفسية والجسدية  

 
صفاقس ـ الاسبوعي : نبيل بن عمر بن ضيف الله.. مواطن تونسي في اواخر عقده الرابع يقطن باحدى ضواحي مدينة صفاقس.. متزوج واب لطفلين.. قست عليه الحياة منذ نعومة اظافره، لكنه صمد وكافح..    عَبَر فوق وجعه وشروخه الغائرة من خلال الارتحال بين ثنايا المغامرة.. فأقتحم المجهول بحثا عن ضربة الحظ في الجزائر والمغرب وتركيا والاردن ولبنان وليبيا وسوريا ليحط الرحال اخيرا بالاراضي العراقية يومان فقط قبل اندلاع شرارة الحرب الانقلو امريكية على بلاد الرافدين.. عاش اهوال هذه الحرب في اسابيعها الاولى قبل ان يتعرض للاعتقال من طرف الجيش الامريكي ويدخل غياهب النسيان مدة جاوزت الثلاث سنوات.. في الذكرى الخامسة لغزو العراق.. التقينا السيد نبيل وحاولنا معه استرجاع بقايا صور احتفظت بها ذاكرته من مشهد الحرب العبثي.. وبقايا لحظات رهيبة قضاها في المعتقلات دون ان توجه له اية تهمة.. انها لحظات استدعينا فيها ذلك الجانب من الحياة المثخن بالجراح والعذابات الذي قد لا نقوى على احتماله.. اليكم التفاصيل كما رواها هذا المواطن «للاسبوعي» بأقصى درجات الألم وربما بأقصى درجات «الاستنفار».   رائحة الموت تغزو «بلاد الرافدين»   لملم السيد «نبيل» شتات ذاكرته المعطوبة.. تنهد بعمق وانطلق يسرد تفاصيل حكايته بعيون زائغة تلهث وراء سراب خيوط دخان سجائره التي لم تنطفىء وهو يغالب بعناد ومكابرة دمعة بدت عصية على النزول قائلا: «بدأت رحلتي مع الغربة منذ سنوات زواجي الاولى حيث فشلت في تحقيق الاستقرار المادي لعائلتي رغم تقلبي في عديد الاعمال حتى انتابني احساس فظيع بالضياع وبأني انسان هجره الحظ دون رجعة، فقررت ان ابحث عن فرص اخرى في عدة بلدان عربية آخرها ليبيا التي بقيت فيها مدة شهرين تقريبا لم افلح خلالها في ايجاد عمل ملائم، وفي لحظة اعتبرها فارقة في حياتي عزمت على الذهاب الى العراق عبر سوريا رغم الظرفية الحرجة التي كان يمر بها ورغم ان طبول  الحرب بدأت تقرع في تلك الفترة.. فاما ان اعيش بكرامة او ان اموت شهيدا في هذا البلد.. وفعلا وصلت يوم 18 مارس 2003 تحديدا الى المنطقة الحدودية السورية العراقية «أبو كمال» ومنها توجهت مباشرة الى بغداد واذكر اني قضيت لياليّ الاولى باحد الفنادق هناك.. وفي الاثناء اي في الليلة الفاصلة بين 19 و20 مارس التمع لهيب اول صواريخ «التوماهاوك» الامريكية في سماء العاصمة.. كانت ليلة مرعبة بكل المقاييس فقد اخترق دوي صفارات الانذار الموحش الاجواء وانقطع التيار الكهربائي، وارتجت الارض حتى كادت تميد تحت اقدامنا.. لتتواصل حلقات هذا الكابوس المرهق طيلة ايام الحرب، فتناثرت الجثث في الشوارع وتطايرت اشلاء الاطفال والشيوخ والنساء وسالت الدماء انهارا وعم الخراب والدمار اجزاء عديدة من العاصمة العراقية وضواحيها.. انها بالفعل مشاهد عبثية تعجز الكلمات عن وصفها والمخيلة عن استيعابها.. وفي هذا الصدد مازالت ذاكرتي تحتفظ بصور حادثة قصف ملعب «الشعب» ببغداد يوم 4 افريل 2003 على ما اعتقد بواسطة طائرات عسكرية امريكية خلفت يومها حوالي 250 قتيلا من جنسيات عربية مختلفة لجأوا الى هذا الملعب بحثا عن الامان، لكن وشاية احد الخونة عجلت برحيلهم دفعة واحدة بطريقة وحشية كما اني مازلت اذكر مشهد احتراق حافلة صغيرة بالكامل يوم 6 افريل حوالي الساعة الثالثة مساء على اثر اصابتها بقذيفة قرب سوق «7 نيسان» في مدينة «الكرخ» لتتفحم جثث خمسة افراد من عائلة واحدة، ولا يمكنني ان انسى ايضا حجم الدمار الذي لحق باحد الاحياء الشعبية التابعة لمنطقة «الكاظمية» الذي هدته الطائرات العسكرية الامريكية فوق رؤوس ساكنيه بقصف عشوائي لم يبق ولم يذر هذا اضافة الى المداهمات الليلية والحصار الخانق والانتهاكات اليومية المهينة التي تتعرض لها النساء والفتيات العراقيات وفي حقيقة الامر يتعرض لها كل عربي عند الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش الموزعة هنا وهناك.   وفي حدود يوم 9 افريل 2003 يتوقف شريط احداث وجع الشعب العراقي بأدق تفصيلاته المأسوية في ذاكرتي.. لا لان هذا التاريخ تزامن مع سقوط عاصمة الرشيد، ولكن لانه اليوم الذي اعتقلتني فيه القوات الامريكية في احد المساجد.. لتنطلق رحلتي مع معاناة من نوع آخر تلقيت فيها كل صنوف الاهانة والتعذيب النفسي والجسدي في المعتقلات الانقلوأمريكية بالبصرة و«أبو غريب» وخاصة بمعتقل «بوكا» بأم قصر.   معتقل «بوكا» تعذيب نفسي وجسدي رهيب   عندما اشتدت الحرب ـ يضيف محدثنا ـ وانقطعت بي السبل لجأت الى مسجد يقع قرب مقر وزارة الاعلام في العاصمة بغداد عليّ اظفر ولو بالقليل من الامان، لكن فاجأتني قوة امريكية يوم 9 افريل باقدامها على مداهمة هذا المسجد وقامت باعتقالي ثم نقلتني الى قاعدة عسكرية متمركزة في احد قصور صدام حسين، وبعد يومين حولوني بواسطة حافلة صحبة عدة اشخاص موثوقي الايدي الى معتقل «الامام علي» بالبصرة ليتم توجيهنا اخيرا وبنفس الطريقة اثر  انقضاء ايام قليلة الى معتقل «بوكا» بام قصر على الحدود الكويتية، وهو معتقل  مترامي الاطراف يقبع فيه حوالي 15 الف اسير من مختلف الجنسيات العربية.. بين اسيجته عشت تجربة قاسية ومريرة على امتداد ثلاث سنوات وشهرين بالتمام والكمال ـ هنا يصمت «نبيل» في محاولة لاسترجاع بعض تفاصيل تلك اللحظات الرهيبة ثم يواصل ـ اذكر انهم غطوا رأسي بكيس بلاستيكي وتركوني مدة يومين مقيدا ويداي خلف ظهري بوثاق بلاستيكي في العراء تحت اشعة الشمس الحارقة دون حراك بل منعوني حتى من قضاء حاجتي البشرية، ثم ضموني الى مجموعة داخل خيمة عملاقة مترهلة تابعة لقسم «الاجانب» بالمعتقل حشر فيها حوالي 800 شخص (تم تسجيلي تحت عدد 106700) لتنطلق سلسلة التحقيقات الماراطونية بمعدل مرتين في الاسبوع وسط وائل من السب والشتم المتواصل، وتحت ضغوط كل انواع التعذيب النفسي والجسدي، حيث تعمدوا تعريتي وضربي وصعقي بالكهرباء في اماكن حساسة من جسدي وسكب المياه الباردة أو الساخنة  على رأسي على ايقاعات مضخمات الصوت التي كانت تصم الاذان من اجل انتزاع بعض المعلومات او الاعترافات، اما وتيرة حياتي في باقي الايام فقد سارت على نفس النهج تقريبا رغم التحسن النسبي الذي طرأ على هذه الظروف بعد الزيارة التي اداها فريق من اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى المعتقل فتمكنت من تبادل الرسائل مع اهلي عن طريق هذه المنظمة رغم انني لا اتسلمها الا بعد مضي اشهر نتيجة خضوعها للترجمة والمراقبة من طرف جيش «قوات التحالف» كما قاموا بتعويض تلك الخيام البالية «بكرافانات» (les caravanes) خشبية مجهزة بمكيفات استعملت هي الاخرى في تعذيبنا اذ كانوا يتعمدون تعديلها على درجات منخفضة جدا في الصيف وساخنة جدا في الشتاء ثم يأمرون كل المساجين بالخروج منها والتجمع فورا فيصاب اغلبنا بنزلات برد حادة اما الاكل فهو باختصار شديد لا يصلح للبشر! يلقوه  الينا بطريقة مذلة في اكياس بلاستيكية، والمياه التي نشربها تكون في اغلب الحالات ملوثة وآسنة، هذا الى جانب العقوبات الجماعية التي تسلط علينا لاتفه الاسباب، حيث يزجون بالبعض منا في حبس انفرادي ويحرموننا من السجائر ثم يصعدون حملات التفتيش التي شهدت في مرات عديدة التعدي على القرآن الكريم بتمزيقه ودوسه باحذيتهم الغليظة وفي مناسبات اخرى يطلقون كلابهم الشرسة والمدربة في جموع المعتقلين دون موجب، وقد كنت شخصيا ضحية سهلة لاحد تلك الكلاب الذي انقض عليّ ذات ليلة وعضّني من يدي اليسرى مما تسبب لي في جرح غائر مازالت اثاره بادية الى اليوم واذكر انهم رتقوا هذا الجرح الذي تطلب 16 «غرزة» دون تبنيج في العيادة الداخلية للمعتقل، هذا عدا الاثار المختلفة التي مازلت اعاني منها الى الوقت الحاضر كالصداع الشديد والدوار وسرعة الغضب اذ ان اعصابي لم تعد تحتمل الضغط كما كنت في الماضي، دون ان اهمل الكوابيس الليلية المرعبة التي كثيرا ما أقضت مضجعي.   نهاية المعاناة.. والعودة الى ارض الوطن   هكذا تواصلت رحلة الجحيم في معتقل «بوكا» بام قصر لاكثر من ثلاث  سنوات ـ يقول السيد «نبيل» الى ان تم استدعائي من طرف مسؤول «بقوات التحالف» والقي علي بعض الاسئلة ذات طابع شخصي ووعدني باخلاء سبيلي، وبالفعل بعد مضي اسبوعين تقريبا وجهوني الى قسم «العمليات» في المعتقل وسألوني ان كنت اريد الرحيل الى بلدي ام ابقى في العراق، فاعلمتهم برغبتي في العودة الى وطني، ومع حلول يوم 21 جوان 2006 نقلوني رفقة مجموعة اخرى الى مطار «شعيبة» بالبصرة على متن حافلة لنستقل الطائرة في اتجاه مطار بغداد الذي بقينا فيه مدة يومين رحلونا على اثرها الى قسم «الحرية» بمعتقل «ابو غريب» اين سلموني وثيقة تثبت اطلاق سراحي لا تتجاوز فترة صلوحيتها 72 ساعة، ثم اخلوا سبيلي.. ولم يجدوا الا بضع كلمات اعتذار نطقوها ببرود وجمود (we are sorry!) نتيجة عدم ثبوت اية تهمة ضدي.. لكن هل ستضمد هذه الكلمات  جراحي؟ وباي ذنب تم اعتقالي؟ ومن سيعوض لي سنوات القهر والظلم والحرمان التي عشتها بين اسوار المعتقلات؟!!   على كل حال اتصلت فيما بعد بالسفارة التونسية ببغداد التي قامت والحق يقال باكثر من واجبها تجاهي فمكنتني من الاقامة بمقر السفارة مدة جاوزت الشهر ونصف في انتظار استخراج جواز السفر بعد ان فقدت كل اوراقي ومتعلقاتي الشخصية باستثناء وثيقة يتيمة تثبت اعتقالي من قبل «قوات التحالف» تسلمتها من اللجنة الدولية للصليب الاحمر اثر عودتي الى تونس وبتاريخ 25 اوت 2006 على ما أذكر  سافرت على متن الطائرة الى العاصمة الاردنية عمان التي اقمت بها يومين ثم قفلت راجعا الى ارض الوطن عبر الخطوط التونسية وكان الوصول الى مطار تونس قرطاج الدولي يوم الاثنين 28 اوت 2006 مساء.   وعن وضعه الراهن ردد السيد «نبيل» بتأثر بالغ ان الحظ السيء لم يفارقني رغم رحلة المتاعب والاهوال التي عشتها، اذ بقيت منذ عودتي الى تونس في حالة بطالة شبه مستمرة، وحاليا اشتغل حارسا ليليا بصفة وقتية في معصرة زيتون.. ولن ابقى في عملي سوى ايام معدودات قادمة.. اي اني بعد انتهاء موسم جني الزيتون سأجد نفسي بين فكي البطالة القاتلة من جديد وانا الكافل الوحيد لعائلة تتركب من خمسة افراد بمن فيهم والدي المسن الذي يعاني من اعاقة بصرية..   الى هنا.. انتهت هذه الكلمات الشجاعة والجريئة للمعتقل السابق عدد 106700 .. التي لا ادري لماذا ذكرتني بأبيات الشاعر المصري الكبير «صلاح عبد الصبور»؛   لا.. لا  امتلك الا أن أتكلم   يا أهل مدينتنا..   هذا قولي انفجروا أو موتوا   رعب أكبر من هذا سوف.. يجيء   لن ينجيكم أن تعتصموا منه   بأعالي جبال الصمت   أو ببطون الغابات..   لن ينجيكم أن تختبئوا في حجراتكم   أو تحت وسائدكم، أو في بالوعات الحمامات.   أنور الغريبي   (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 17 مارس 2008)


العاصمة: حريق المغازة العامة للسكك الحديدية الخسائر قد تفوق المليارين والحماية المدنية حالت دون وقوع كارثة

 

الاسبوعي – القسم القضائي: علمنا أن التحقيقات متواصلة لكشف أسباب وملابسات اندلاع حريق هائل بالمغازة العامة للسكك الحديدية قبل نحو أسبوع وأتى على قطع غيار وتجهيزات مختلفة.   وكشفت بعض المصادر لـ«الاسبوعي» أن قيمة الخسائر المادية مرتفعة وقد تصل أو تفوق المليوني دينار باعتبار أن الحريق الذي شب بعد نحو ثماني دقائق فقط من خروج العمال التهم عدة تجهيزات وقطع غيار للقطارات.    وحسب مصدر آخر فإن الحريق التهم كمية كبيرة من النوافذ البلورية وأنواع كثيرة من البراغي من مختلف الاحجام إضافة لكمية من علب الحليب والكراسي والاقلام وتجهيزات عديدة باهظة الثمن. وقد تفـادى أعوان الحماية المدنية حصول كارثة قد تمتد الى خارج مستودعات الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية بعد أن نجحوا بفضل سرعة التدخل وفطنتهم في إبعاد قوارير الغاز الكبيرة الحجم وأيضا قوارير غاز السيتيلان عن موقع الحريق. وأكيد أن التحريات الأمنية والتحقـيق الاداري ستكشف النقاب عن أسباب وقوع الحريق الذي رجّح البعض أن يكون ناجما عن احتكاك بين سلكين بسبب قدم الشبكة الكهربائية الداخلية التي شهدت حسب ما توفر من معطيات صيانة أو إشعارا بضرورة صيانتها عام 2006 .   صابر المكشر   (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 17 مارس 2008)

 

المرزوقي في جنيف: النموذج الموريتاني هو الحل

 
قال الناشط الحقوقي التونسي الأستاذ منصف المرزوقي على هامش ندوة « جنيف » التى انعقدت يوم 16 مارس في جنيف على هامش المهرجان السادس لأفلام حقوق الإنسان، حول الانتقال الديمقراطي في موريتانيا والتى نظمتها عدة جمعيات حقوقية وكلية الحقوق تحت عنوان : هل الانقلاب ضروري للانتقال الديمقراطي ؟ إن النموذج الموريتاني هول الأفضل.   الندوة التى دعي إليها الرئيس الموريتاني السابق العقيد ولد فال والدكتور منصف المرزوقي والسيد روبار مينارد الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود شهدت العديد من النقاشات المهمة.   وفي مداخلته أكد المرزوقي على أن تجربة الانتقال الديمقراطي بأقل تكلفة نجحت لحد الآن وأن زيارته الأخيرة لموريتانيا أكدت أنه لم يقع العودة للنظام الاستبدادي سنة بعد التغيير الحقيقي الذي أحدثته انتخابات حرة ونزيهة .   وقال المنصف المرزوقى وهو يحاضر أمام الحاضرين : » في ظل عجز الأنظمة الاستبدادية عن الإصلاح و تواصل الحكم الشخصي والمؤبد بتنظيم انتخابات كاذبة ومن العقم محاولة تفويضها من قبل المعارضة لأنها محسومة سلفا ، السؤال بالنسبة للعرب عموما وللتوانسة خصوصا ليس هل الحل الموريتاني قابل للتعميم وإنما هل هناك حل آخر؟ ».   كما قال المرزوقي أن للنموذج الموريتاني خصائص ثلاث: الانقلاب العسكري من داخل النظام ومن أقرب المشرفين عليه ، إزاحة الدكتاتور دون إراقة الدماء وطي صفحة الماضي دون محاكمات ، تنظيم فترة انتقالية قصيرة تتبعها انتخابات حرة ونزيهة مهد لها بتغيير القوانين الانتخابية وتعيين لجنة انتخابية محايدة ومستقلة تشرف على الانتخابات.   فالبنسبة للمرزوقي ما ينتظر تونس وبقية البلدان العربية في غياب حل على الطريقة الموريتانية و تواصل نفس النظام المتحجر والفاسد والمتزايد قمعا هو تفكك المجتمع وتحلله داخليا و أو انفجاره إلى الخارج بالعنف المدمر. لذلك دعا كل الأطراف إلى وضع مصلحة المجتمع ومصلحة السلم المدني والعالمي فوق مصلحة شخص وحاشيته الفاسدة .   أول طرف دعاه المرزوقي للتحرك هو القوى الوطنية داخل الدولة الحبيسة التي استولى عليها الدكتاتور وحاشيته ومهمتها العمل على نقلة موريتانية   هناك المجتمع المدني بأحزابه السياسية ومنظماته و يجب أن يتحد كما فعلت المعارضة الموريتانية حول رفض مطلق للدكتاتور ومطالبة واضحة برحيله وتنظيم المقاومة المدنية وعدم الانخراط في الاعيب الاستبداد ومنها الانتخابات المزيفة التي لا يجب على المعارضة أن تقبل بها إلا عند توفر كل شروطها ووجود كل الضمانات مسبقا حتى لا تضطر لمواصلة اللعب بالقواعد المغشوشة والتنديد بها.   كما أضاف المرزوقي أن الطرف الثالث المسؤول هو الطرف الخارجي الذي يحمي المستبدين العرب بحجة مقاومتهم للإرهاب والحال أن وجودهم هو أكبر مغذي له وهذا الطرف المطلوب منه رفع يده والكف عن حماية أناس يتسببون في تفجير العنف في الداخل والخارج ويضعون مصالحهم الخسيسة فوق كل اعتبارت السلم والعدل والحرية. وقد طالب المرزوقي الحضور والغربيين عموما بالضغط على حكوماتهم لرفع هذا الدعم المضر بمصلحتهم ومصلحتنا.   وبخصوص سؤال عن عدم ملاحقة الجلادين الذين عابه بعض المشاركون على الرئيس ولد فال، أكد المرزوقي أنه يدعم هذا الخيار لأن السلم والحياة أهم من العدل وهو ليس فقط الانتقام. لكنه أكد أن طي الصفحة لتسهيل الانتقال الديمقراطي وطمأنة القوى داخل الدولة وتشجيعها على الانخراط في عملية التحرير الوطني، يجب أن يتماشى مع إجراءات ضرورية هي واجب الذاكرة أي توثيق كل المآسي التي تسببت فيها الدكتاتورية، وواجب الاعتذار أي أن تعتذر الدولة عن كل الانتهاكات التي تسببت فيها أجهزتها، وواجب طلب الصفح أي أنه على الجلادين طلب العفو ، وواجب التعويض المادي والمعنوي للضحايا، وأخيرا واجب الإصلاح في العمق للمؤسسة البوليسية والقضائية حتى لا تتكرر المآسي التي عرفناها.   واختتم المرزوقي أن ما ينتظر تونس وكل بلدان العرب المحكومة بنظام الرئيس المزمن كارثة مؤكدة إن لم يتم تضافر جهود الأطراف الثلاثة لكي تتم النقلة الديمقراطية وخاصة لكي تتم بأقل تكلفة من الدماء والدموع.   (المصدر: وكالة أنباء « الأخبار » (مستقلة – موريتانيا) بتاريخ 17 مارس 2008) الرابط: http://www.alakhbar.info/1106-0–F0CCC-F0-F0C-C0-FF.html  


تونس تعتزم إلغاء تأشيرات السفر مع اليمن

 

صنعاء – سبأ نت : أكد السفير التونسي بصنعاء عبدالعزيز بابا الشيخ توجه حكومته لايجاد اتفاقية مع اليمن خاصة بالغاء التأشيرات بين البلدين من اجل تعزيز التعاون، بحيث تنفذ بالتدرج ابتداءً بالجوازات الدبلوماسية ثم الجوازات العادية.   وتوقع السفير التونسي في المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم الاثنين بصنعاء بمناسبة احتفاء الجمهورية التونسية بالذكرى 52 للاستقلال  » التوقيع على اكثر من عشر اتفاقيات تعاون بين تونس واليمن في الدورة العاشرة للجنة المشتركة اليمنية- التونسية التي ستنقعد مطلع ابريل القادم بصنعاء.   وقال « إن الاتفاقيات ستشمل مجالات البيئة، الاعلام، الشئون الدينية، الشباب والرياضية، التعليم العالي والبحث العلمي، التعليم الفني والمهني، السياحة، والصناعة والتجارة ».   وبين » انه سيتم التوقيع في الدورة على اتفاقيتين في مجال النقل تم التوقيع عليها بالاحرف الاولى في الدورة التاسعة في تونس تتعلق الاتفاقية الاولى بنقل الاشخاص والسلع والبضائع من خلال خفض تعرفة النقل البحري وفتح خط ملاحي جوي بين البلدين، فيما تتعلق الاتفاقية الثانية بالاعتراف برخص قيادة المركبات الصادرة من البلدين ».   واشار بابا الشيخ الى وجود مشروع اتفاقية بين البلدين لارساء التشاور السياسي بينهما، واعرب عن امله ان يمثل هذا المشروع منطلقا للتشاور السياسي حول مجمل القضايا العربية والاقليمية والدولية التي تهم البلدين خصوصا مع وجود تطابق شامل في وجهة نظر البلدين حيال القضايا العربية في العراق ولبنان وفلسطين.   واكد السفير بابا الشيخ على عمق العلاقات الاخوية بين الشعبين الشقيقين اليمني والتونسي.. منوهاً بالزخم الفاعل الذي تميزت به علاقات التعاون المثمر بين اليمن وتونس خلال السنوات الماضية، وتمثلت في تكثيف تبادل الزيارات والوفود في كافة المجالات وكان لرجال الاعمال اليمنيين مساهمة مميزة لتطويد التعاون الصناعي والتجاري وفي قطاع الخدمات كما تواترت زيارات وفود تونسية ومشاركة رسمية في الفعاليات الاقتصادية باليمن في المجال التجاري والسياحي. لافتا الى الترتيبات الجارية لزيارة وفد من رجال الاعمال والصناعيين اليمنيين الى تونس بهدف استكشاف مشاريع تكاملية لاقامة مشاريع صناعية مشتركة والدفع بالتبادل التجاري بين البلدين بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين. مشيداً بدور القطاع الخاص في الدفع بالعلاقات المثمرة بين البلدين حيث شهد معرض صنعاء التجاري الذي اقيم العام الماضي اول مشاركة للقطاع الخاص التونسي في اليمن.. مؤكدا ان الدورة الرابعة لمعرض صنعاء الدولي التي ستقام منتصف العام الجاري ستشهد مشاركة اكبر للقطاع الخاص التونسي من خلال وفد لرجال الاعمال التونسيين.   واستعرض السفير التونسي خلال المؤتمر الصحفي مسيرة النضال التونسي حتى نيل الاستقلال في 20 مارس 1956م والذي توج برحيل اخر جندي مستعمر من ترابها في 15 اكتوبر 1963 بعد معركة قدم فيها الشعب التونسي تضحيات جسيمة وكوكبة من الشهداء الابرار، واكتملت عملية بناء مقومات السيادة التونسية في 12 مايو1964 م بتحقيق التحرير الزراعي واسترجاع الاراضي المغتصبة ممن كانوا يسمون انفسهم بالمعمرين.   (المصدر: موقع سبأ.نت الإخباري (اليمن) بتاريخ 17 مارس 2008) الرابط: http://www.sabanews.net/ar/news149513.htm

 


فضائيات الكورة… !!

بقلم: محمد   فضائياتنا الوطنية بعامها وخاصها أصبحت مختصة في البرامج الرياضية وخاصة كرة القدم… سؤال أصبح يطرح نفسه بشدة خاصة خلال هذا الموسم مع تكاثر وتناسل البرامج الرياضية التي لا تكاد تخلو منها قناة على إمتداد أيام الأسبوع…. هذا إلى جانب تزامن هذه البرامج مع بعضها البعض في قنواتنا الوطنية الثلاث (تونس 7، تونس 21، وقناة حنبعل) في ضرب من التنافس الذي لا يخلو في بعض الأحيان من الإثارة في التعامل مع الأحداث الرياضية التي من المفترض أن تخرج من إطارها الرياضي ولكننا نراها تتحول إلى قضايا وطنية هامة… أهم في بعض الأحيان من بعض القضايا الوطنية الملحة في ضرب التحليل والحديث المستفيض الذي يتحول في بعض الأحيان إلى نقاش أشبه بالنقاش البيزنطي.. حيث تتحول ضربة جزاء مشكوك في أمرها إلى قضية رأي عام..وتتحول « عركة » في إحدى المقابلات إلى حدث أشبه بالحرب الجهوية و »دخلة » في أحد الملاعب إلى حدث وطني وهو أمر كثيرا ما يغذي التعصب الكروي والنعرات الجهوية والعنف الذي أصبح حدثا أسبوعيا في ملاعبنا سواء بين الجماهير وحتى بين المسؤولين الذين يعتبرون مؤطرين ومربين في المقام الأول… ولعل ما يثير بعض الجدل هو تصريح أحد المنظرين والمحللين في عالم الكرة على إحدى فضائياتنا أن المواطن التونسي يعيش كرة ويتنفس كرة…؟؟ فنحن لا نتنفس كرة يا أستاذنا الكريم ولكننا نتنفس تحت الماء… فمشاكلنا ومشاغلنا ليست كرة التي ولئن حازت بعض اهتمامنا فإننا لسنا مرضى بها … ولكن تلفزتنا جعلت منها مرضا عضالا لا ينخر فكر وأخلاق الكثيرين ممن أنسدت أمامهم الآفاق فلم يجدوا غير الكرة متنفسا يصعدون من خلالها … وينفسون عن مكبوتاتهم بدرجة وصلت حد العنف الجماعي … جميل جدا أن نطرح قضايا رياضاتنا وكرتنا ببعض الجرأة ، لكن الأجمل أن نطرح بعض القضايا الأخرى الإجتماعية والإقتصادية والثقافية التي تهم المواطن في معيشه اليومي ولو بنصف تلك الجرأة.    (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 585 بتاريخ 15 مارس 2008)  

محطات
 
المحطة1: في تبييض التاريخ…   كثير من المسؤولين السابقين، في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وجدوا في مؤسسة التميمي للذاكرة الوطنية، ملاذا جيدا لتبييض تاريخهم، فكل من أتيحت له الفرصة ليدلي بشهادة تاريخية هدفها إبراز الحقيقة وتنوير الوضع كما وإفادة الرأي العام والمتابعين والمهتمين بالوقائع كما هي وكما حصلت حتى تكون تاريخا ووثيقة تستفيد منها الأجيال اللاحقة. ما لاحظناه في رواية هؤلاء المسؤولين السابقين، وآخرهم، وأخطرهم، والذي تفردت جريدة يومية واسعة الانتشار بنشر مذكراته يوميا على صفحاتها، لا زال يصول ويجول ويشنف آذاننا بمآثره في عالم الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، وكل شي موش منو، وكل شيء خاطيه، والجميع يعرف وبلدنا صغير والتاريخ مازال قريبا ولم يجف حبره بعد، وحتى جرائمه وضحاياه مازالوا أحياء، ومع ذلك فهو لا يستحي من الحديث عن بطولاته ومعارضته لبورقيبة والجميع يعلم أنه كان يده اليمنى وكان الرجل الذي لا يرحم كل المعارضين الزنادقة المارقين… يا ناس انه تاريخ وليس كازينو لتبييض تاريخكم.. الذي نعرف سواده أكثر من سواد الليل.   المحطة2: العنف… أما من حل؟؟   المطالع يوميا للصحف وبالذات لصفحة الجرائم والمحاكم، يلاحظ سلسلة مرعبة من العناوين التي تضعنا أمام نموذج مجتمعي كنا نعتقد أننا لم نصله بعد، وأنه خاص بالشيكاغو أو التكساس، وإذا به يستفحل عندنا في أحيائنا ومدننا وأريافنا وقرانا وحتى مداشرنا. صرخة نرفعها عاليا، أوقفوا نزيف العنف والإجرام، ولا نريد حلولا من نوع التوعية المستمرة والإحاطة والرعاية والتربية والجمعيات والمنظمات ولا حقوق الإنسان أيضا… وغيرها من الشعارات الجوفاء، لأن لا طائل من ورائها وكلها ثبت فشلها وازداد العنف والجريمة بشكل مهول والحل الوحيد هو اليقظة والحزم والضرب بقوة وبلا رحمة على أيدي العابثين بأمن المواطن وخبزته وحياته.   المحطة3: عنف في مستوى راق   العنف في الملاعب كان في ما مضى نادرا وشاذا ويُحفظ ولا يُقاس عليه، أما الآن فقد أصبح فرضا أسبوعيا تنفذه الجماهير في كل مقابلة، وأصبح تبادل علب البلاستيك والحجارة وما تصله اليد عادة نراها وتعرضها الكاميرات ولا من يتحرك ولا من يوقف هذه المهزلة التي صارت تسم ملاعبنا بسمة لا هي من أخلاق جمهورنا ولا من عادة شعبنا. الغريب في هذه العادة أنها انتقلت تدريجيا من المنصات العادية إلى المنصات الشرفية وصار حتى كبار القوم يتراشقون بالقوارير البلاستيكية والعلب، وامتدت أيضا إلى رؤساء الجمعيات الذين اعتقدنا لمدة طويلة أنهم محترمون ولا يقدمون على هكذا أفعال، لكن ماذا نفعل فتلك هي أحكام التخميرة وذلك هو بالأحرى ثمن السكوت والتساهل مع مثل هذه التصرفات وهذه الأخلاقيات.   المحطة4: تخميرة ثقافية   من خلال خبر طالعه الجميع في الأيام الأخيرة في الصحف الوطنية والذي يقول أن كاتبا مشهورا استدعته الإذاعة الثقافية ليدلي بحديث لبرنامج حول القصة في تونس فذهب إليهم سكرانا فطردوه، والخبر عادي ولا يثير كثيرا من التساؤل لولا اقترانه بموجة من الذهول أو التخميرة التي يعيشها مثقفونا والتي أصبحت جلية وظاهرة للعيان، فتكاد الساحة الثقافية التونسية تخلو اليوم من أي صوت ثقافي جاد يطرح قضايا شعبه وأمته ويدافع عنها ويفرضها في المحافل والمناسبات، بل ان جولة صغيرة في بارات العاصمة ليلا ومطاعمها تؤكد فعلا أن المثقفين يدخلون في غيبوبة ثقافية منذ المساء ويهربون من كل قضايا الوطن ويغوصون في عالم ملؤه الطاس والكاس وأحاديث النميمة والوشاية والتقطيع والترييش وكأنهم تحولوا من كتاب وشعراء الى حارزات حمام..   في المستقبل المنظور ينتظر الجميع مدينة للثقافة بدأت معالمها تظهر على شارع محمد الخامس، وكم نريدها أن تكون فعلا مدينة للثقافة بحق، أما المجلس الأعلى للثقافة، والذي انتظرنا أن يكون ممثلا فعلا لكل الاتجاهات والقطاعات، فقد جاء أخيرا وكالعادة بلون واحد لكن مع ذلك نتمنى صادقين أن يساهم ولو بنزر قليل في اعادة هؤلاء المثقفين الى ساعات الصحو كي يساهموا فعلا في بناء مجتمع الغد بعيدا عن سكرات الموت التي يعانونها الان.   بوعود   (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 585 بتاريخ 15 مارس 2008)  

مساجين يناشدون السلط المسؤولة والمجتمع المدني

 
بقلم: فوزي جراد   يعد السجن الوسيلة الأولى والأخيرة للضرب على أيدي المخالفين للقانون والمجرمين والمعتدين على حقوق الغير أفرادا وجماعات وكل من سولت له نفسه إلحاق الأذى بالوطن والمواطن على حد السواء ولقد أجاز المشرع التونسي للقضاء وأوكل له مهمة القصاص والحكم بالسجن على كل من استحق ذلك. يقضي السجين مدة العقاب داخل السجن بنية الردع وقضاء العقوبة المسلطة عليه ثم بعد ذلك يخرج إلى المجتمع وكله أمل في المستقبل وحسرة على ما اقترفت يداه وأمام كثرة العراقيل التي يجدها السجين في الاندماج في الحياة العامة والتعامل مع المجتمع فإن أمله في المستقبل يصبح ضئيلا ومشاكله تتفاقم ويصبح في أمس الحاجة لمن يأخذ بيده ويساعده على تجاوز الماضي وبناء المستقبل ولئن أطرت العائلة البعض من هؤلاء ووجدوا لديها خير سند للاندماج ومواصلة المشوار، فإن البعض الآخر لا يزال يبحث عن السند الذي يقيه مغبة العود، ويجعل منه المواطن الصالح ذو السلوك السوي والمستقيم. ولعل الحالات التي سنوردها تمثل عينة بارزة على مدى قساوة المعاناة التي يعانيها المسجون بعد خروجه من السجن.   عبد اللطيف الماجري من مواليد 1968 قضى عقوبة بالسجن لمدة 7 سنوات، غادره سنة 2003 ، أب لطفلين وعائل لوالدته التي تعاني مرضا مزمنا حوكم لتعاطي المخدرات، ارتدع وتاب وندم على ما فات وأصبح مثالا يحتذى به في العائلة وخارجها على ما فات وأصبح مثالا يحتذى به في العائلة وخارجها يعمل اليوم أجيرا ويتقاضي 190 دينارا مرتبا شهريا. قضت المحكمة بتخطئته بمبلغ عشرة آلاف دينارا يدفعها لصالح القباضة المالية الراجع إليها بالنظر منذ خروجه من السجن وإلى اليوم دفع مبلغ ثلاثة آلاف دينارا من الخطية المذكورة ، وأمام قساوة الظروف المادية وكثرة الإلتزامات العائلية لم يعد قادرا على دفع ما تبقى من الخطية فأصبح مهددا بالرجوع إلى السجن من الحين إلى الآخر، إتصل بالعديد من المؤسسات وكاتب العديد من المسؤولين قصد مساعدته على التخفيف من عبئ الخطية المالية المثقلة عليه لكنه لم يجد أي حل لذلك، فأصبح يعيش على هاجس الخوف وسوء المصيروالحظ. عبد اللطيف الماجري ومن أعمدة صحيفة الوحدة يناشد رئيس الدولة التدخل لفائدته حتى يتمكن من تسوية وضعيته وإعالة أطفاله وزوجته ووالدته وتوفير العيش الكريم لهم في تونس التسامح والتحابب والتآخي.   الحبيب محمد الشارني من مواليد 55 قضى عقوبة بالسجن لمدة سنتين غادره سنة 2007 أب لثلاثة أطفال حوكم في قضايا الشيك بدون رصيد ، مجاز في التجارة العالمية كان يعمل موظفا وبعد خروجه من السجن أصبح عاطلا عن العمل ، لم يقف مكتوف الأيدى عول على ذكائه البشري وتقدم بمشروع صناعي إلى المصالح المختصة وتحصل على الموافقة لكن تعوزه الإمكانات المادية للإنطلاق في المشروع وعلى الرغم من ذلك لم يتراجع ودق الأبواب التي فتحتها القرارات الرئاسية الرائدة والإرادة السياسية البناءة لكن للأسف أرقه إمضاء مسؤول على وثيقة بين يديه حتى يتمكن الحبيب من الحصول على القرض والدخول الفعلي في المشروع. الحبيب الشارني حاول العديد من المرات الإتصال بهذا المسؤول ومكاتبته بريديا وبشتى الطرق لكن إلى اليوم لم يتلقى أي رد، وبذلك فهو يناشد رئيس الدولة التدخل لفائدته حتى ينعم بالعيش الكريم ويشعر وأنه مواطن في بلد المواطنة. تلكم هي وضعيات من جملة العديد من الوضعيات المماثلة والتي لا تقتضي سوى نظرة إنسانية لحالات اجتماعية تسبب فيها السجين وتعاني منها العائلة. وفي نطاق المشروع الإصلاحي الذي لم يستثني الفئات الإجتماعية، ولمزيد العمل على تكريس مبدأ المواطنة والولاء للوطن فإن الإرادة السياسية الصادقة سوف لن تتخلى على من زلت بهم القدم يوما ما.   (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 585 بتاريخ 15 مارس 2008)  


حول الاعلام التونسي الموجه للشباب

 
إن المتتبع للخطاب الاعلامي في تونس لاسيما في السنوات الأخيرة يلحظ تزايدا كميا في الاهتمام بالشأن الشبابي، سواء من خلال البرامج والملفات التي تحاول ملامسة اهتمامات الشباب أو عبر احداث قنوات اعلامية موجهة للشباب مثل قناة 21 التلفزية والتي أصبحت فضائية في 7 نوفمبر من السنة الفارطة 2007 و قناة الشباب الاذاعية التي بعثت في 7 نوفمبر من سنة 1995، كل هذا في ظل طفرة اعلامية غير مسبوقة تجتاح بلادنا عبر آلاف القنوات الفضائية و المواقع الالكترونية التي تتيحها الشبكة العالمية للمعلومات إضافة إلى وسائط أخرى متعددة، هذا الزخم الاعلامي يوجه إلى شبابنا رسائل متباينة تستهدف توجيه سلوكه و تلبية حاجاته والتلاؤم مع أذواقه، لكن العديد من  الملاحظين للساحة الاعلامية في تونس بشكل عام يقرون بسطحية المعروض من البرامج المخصصة للشباب و ابتعادها عن ملامسة المشاغل الحقيقية لشريحة تعد العمود الفقري للمجتمع التونسي، في حين يؤكد القائمون على المادة الاعلامية الموجهة للشباب على أنهم يعبرون عن ميولات الشباب بشكل أو بآخر كما أن مهمتهم هي جلب المستمع أو المشاهد بكل الطرق في ظل المنافسة سواء بين وسائل الاعلام التونسية أوالعربية أوالأجنبية. و محاولة منها  لملامسة رأي الشاب التونسي في هذا الموضوع عن قرب تحولت الوحدة إلى الشارع و سألت العديد من الشبان والشابات من مختلف الأعماروالشرائح حول البرامج الاعلامية الموجهة إليهم فكانت الاراء متباينة لكنها عموما تصب في مجرى واحد سنكتشفه من خلال هذا التحقيق. يمثل الاعلام القوة الفعالة في تكوين نمط السلوك باعتباره يحظى بقوة تأثيررهيبة لكن للأسف اعلامنا الموجه للشباب في تونس لم يستغل بالشكل الكافي نقطة القوة فيه ليسهم إلى جانب الدولة و بعض هياكل المجتمع المدني في توجيه سلوكات الشباب التوجيه الصحيح والخروج به من بوتقة الانحلال من ناحية والتزمت من ناحية أخرى، هكذا تحدث إلينا نجيب بكل حماس وهواستاذ تعليم ثانوي و أضاف أن تقصير اعلامنا الشبابي دفع بالكثير إلى الانصراف باهتمامه إلى فضائيات و مواقع الكترونية تروج للممارسات الشاذة و تشجع على الانغماس في الجنس و تزين لهم ممارسة العنف و اقتراف الجريمة في صور وأشكال من البطولة المزيفة.  أما نزار و هو تلميذ يرى أن أكثرالبرامج الاذاعية والتلفزية تعنى بالرياضة والغناء او التي تعمل عليها « كيف » على حد تعبيره كما أنها تبث في اوقات مناسبة حيث يتسنى له متابعتها بشكل شبه دائم، و يراها معبرة عن ميولاته باعتباره شابا في مقتبل العمر يبحث عن التسلية والترفيه لينسى مشاغل الدراسة، أما عن البرامج الثقافية و السياسية فنزار لا يعرف حتى عناوينها او إن كانت موجودة أم لا و عن ذلك يحمل القائمين على البرامج  المسؤولية لان اهتمامهم بماهو ترفيهي كان على حساب بقية البرامج و التي يرى أنها لو وجدت بشكل مكثقف و بطريقة سلسلة و ظريفة يمكن ان تفرض نفسها على الشاب و لم لا يهتم بها و يخيرها حتى على برامج الكرة و الفن، في الحقيقة رأي نزار يعبر عن آراء لمجموعة من الشباب ممن التقتهم الوحدة والذين يرون ان شعار الاعلام التونسي « رضاعة التسلية ».  من جهة أخرى يقرلطفي وهو اطار بنكي بكثافة البرامج الموجهة للشباب خاصة في قناة 21 واذاعة الشباب لكنها برامج سطحية و رغم أن القائمين عليها شباب فهي لا تعبر عن مشاغل الشباب الحقيقية التي يأتي التشغيل على رأسها كما انها برامج تمجيدية للواقع الوردي الذي تصوره و للانجازات التي قامت بها الدولة رغم أنها لم ترتق بعد إلى تطلعات الشاب التونسي، و يضيف عبدالله ان المشكلة الاساسية في نظره لهذه المؤسسات الاعلامية تكمن في الادارة المسيرة التي ليست في مستوى المهمة الموكولة لها، كما أنها تعمل على ارساء ثقافة الاقصاء  لمختلف الشرائح الشبابية الممثلة لحساسيات المجتمع.  في الحقيقة البرامج الاعلامية الموجهة للشباب متنوعة لكن شبابنا يفضل برامج الكرة و الغناء اذا لا يجب ان نجعل من اعلامنا شماعة نضع عليها اخطاءنا هذا رأي آية النور و تعمل موظفة وقد اعترفت أنها كجل شباب العصر تبحث عما هو ترفيهي و ليس تثقيفي و تعترف انها في عديد الاحيان تغير القناة إن وجدت برنامجا ثقافيا أو سياسيا، لهذا تقول آية النور أن مؤسساتنا الاعلامية مضطرة لمسايرة الأذواق السائدة للشباب كي تخطف اهتمامه في ظل المنافسة الشرسة التي تلقاها من قبل القنوات التلفزية أو الاذاعية العربية.  في حين ترى منية وهي متخرجة من كلية الحقوق ان الاعلام التونسي عاجز عن مواكبة تطلعات الشباب التونسي و ملامسة عوالمه الذاتية و الموضوعية و الدخول في حيثيات حياته بكل ما يكتنفها من مصاعب في التأقلم او في وجود شغل، كما انه استقال من دوره كجهاز لبث التوعية و التثقيف لينخرط في موجة الترفيه المجاني بكل ما فيه من سلبيات تصل إلى حد التمييع و التهميش و فرض القوالب الجاهزة التي  تجاوزتها الأحداث.  أما ماهر وهو شاب يعمل حلاقا بالعاصمة فقد عبر عن حبه الكبير للرياضة و البرامج الرياضية التي تحظى بحيز زمني كبير في الوسائل الاعلامية  كما تحظى بمساحة كبيرة من الحرية في تناولها عكس بقية البرامج الاخرى التي يغلب عليها الخطاب الافلاطوني مما يجعل الشاب يتحاشى الاهتمام بها لأنه يعرف أنها لاتعبر عنه ولا تعبرعن واقعه، ماهر يقتني يوميا صحيفة على الاقل ليتابع آخر الاخبار الرياضية كما لا يتأخر كذلك عن متابعتها في القنوات التلفزية والاذاعية وهو يثمن المجهودات التي يقوم بها العاملون في اقسام الرياضة في ايصال المعلومة الرياضية بكل سرعة واتقان، وعن البرامج التثقيفية والتوعوية يقول ماهر أنها شحيحة في اعلامنا التونسي كما أن تناولها غالبا ما يكون بطريقة مملة لا تجعل الشاب يقبل عليها بسهولة.  أما شباب المناطق الداخلية وخاصة في الارياف فإن الاهتمام بمشاغله و قضاياه لا نكاد نجد لها صدى في أجندة المؤسسات الاعلامية التونسية على حد قول آمال و هي طالبة بالمعهد الاعلى للصحافة، مما جعل هذه الفئة تجني ثمار تهميشها وتهميش قضاياها بالانخراط في دائرة الانحراف الشيء الذي جعل من بعض المناطق مرتعا للجريمة بكل أنواعها و فنونها، في ظل انقطاع جسور الحوار و التواصل بين هؤلاء الشباب و بين السلطات و التي يفترض أن يكون الاعلام من أبرز قنواتها، وترى آمال أن الاعلام التونسي على ما فيه من ايجابيات فهو مشوب بعديد السلبيات من ضمنها  المساهمة في نشر ثقافة الابتذال والسطحية وعقلية الربح السريع والنجومية الآفلة التي تروجها بعض الفضائيات العربية والابتعاد عن مشاغل الشباب الرئيسية، فالاعلام يجب أن يكون مرأة عاكسة للصورة الحقيقية للمجتمع و ليس أداة حجب للقضايا المطروحة و تجميلا لما هو بشع في الواقع. إذا هذه مختلف الآراء التي رصدتها الوحدة حول الخطاب الاعلامي الموجه للشباب وخلاصة هذه الآراء أن الاعلام الشبابي لا يعبر عموما عن تطلعات الشباب الحقيقية بحيث تتميز البرامج الاعلامية التونسية بتخمة في المادة الرياضية والترفيهية، حيث تمثل نسبة الحصص الترفيهية في قناة 21  التي من المفترض ان تعبر عن هموم و تطلعات الشباب 26  بالمائة مقابل 16 بالمائة فقط للبرامج الخدماتية من جملة المادة المقدمة، و بالتالي صرف اهتمام الشاب عن الاهتمام بقضايا أخرى من شأنها أن ترتقي بفكره و سلوكه، و لذا المطلوب من وسائل الاعلام التطرق الى القضايا و المشاغل الحقيقية للشباب و الاستفادة من علماء النفس و الاجتماع في تحليل المشاكل التي يعانيها، مع الاكثار من فضاءات الحوار الشفاف و النقاش المثمر بين الشباب و المسؤولين، و اشراك كل الحساسيات دون اقصاء، و هنا لابد من التنويه بمجهود قناة حنبعل في هذا الاتجاه، اضافة الى اعتماد عنصر الكفاءة في اختيار المسؤولين عن البرامج مقابل الاعتماد فقط على الصورة الجيدة في البرامج التلفزية و الصوت العذب في البرامج الاذاعية. شادية السلطاني
 
(المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 585 بتاريخ 15 مارس 2008)


 

 

خطف السائحين النمساويين.. النفاق يصطدم بالجنون
 
نور الدين العويديدي   تتفاعل بقوة هذه الأيام عملية اختطاف تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » لسائحين نمساووين على الأراضي التونسية، ثم نقلهما إلى الجزائر، ومن ثم إلى الحدود الجزائرية المالية.   المطالب التي يطالب بها التنظيم كبيرة، تعجز النمسا عن الوفاء بها، فلم تعد فيينا عاصمة إمبراطورية كما كانت، وليس بوسع هذا البلد الأوربي الصغير، أن يفرض إرادته على وزارتين عتيدتين هما وزارتا الداخلية في تونس والجزائر، حتى تطلقا سراح معتقلين يطالب التنظيم بتسريحهم.   يخفي الرفض النمساوي العلني أشياء كثيرة تحت الطاولة.. وكل ما يجري لا يغادر في كبيرة أو صغيرة المواجهة بين معسكري الجنون والنفاق.   1- فتنظيم القاعدة باختطافه السائحين يكشف عن حَوَل هائل في الرؤية والتفكير، وعن جهل مطبق بأبجديات السياسة الدولية، مثلما يكشف عن مقدار أكبر من الجنون والخيبة. فالتنظيم الذي ندب نفسه لمقاتلة الحكومات في المغرب العربي لعمالتها وولائها للأجنبي، بحسب أدبياته، انحرف عن أهدافه، وصار همه الأول ملاحقة سواح آمنين، جاؤوا للتعرف على بلاد العرب والمسلمين وأهلها.   وتثبت الكثير من الدراسات واستطلاعات الرأي أن الأوروبيين الذين زاروا البلاد العربية والإسلامية هم الأقل عنصرية ضد العرب والمسلمين، والأكثر تفهما لعدالة قضاياهم..   ويأتي تنظيم القاعدة بجنونه هذا ليفسد ذلك الحد المتاح من التعاطف، حتى يتمحض العالم إلى فسطاطين، بحسب رؤيته البسيطة الساذجة.. فسطاط كفر وفسطاط إيمان.. وليس في ذلك الجنون من نتيجة سوى الزيادة في أعداد وعتاد فسطاط الكفر، وتقليص حجم المتفهمين للقضايا العادلة لفسطاط الإيمان.   2- حديث المستشار النمساوي العلني عن رفضه للتفاوض مع « الإرهاب » نفاق واضح مكشوف. فالمصادر الإعلامية تتحدث بما يشبه الإجماع عن أن محاولات تفاوض تجري تحت الطاولة مع التنظيم، وأن النمسا مثلها مثل ألمانيا وفرنسا سابقا، مستعدة لدفع فدية مالية لتحرير مواطنيها المختطفين، خاصة وأنها طلبت من تونس والجزائر عدم اللجوء لاستخدام القوة، خشية أن يموت المختطفان أثناء محاولة تحريرهما من خاطفيهما.. فماذا يعني ذلك سوى التمهيد لحل تفاوضي.. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا الكذب والتصريحات العنترية في العلن، وتقديم الأموال في السر.. إنه النفاق ولا شيء غير النفاق.   3- أما إذا بحثنا في الجذور والتربة المنبتة للجنون والباعثة عليه، فإن وجود تنظيم القاعدة وانتشاره في بلاد المغرب الإسلامي وفي باقي بلاد العرب والمسلمين ليس سوى ثمرة زواج بين الجنون والنفاق.. فحكومات المنطقة، وخاصة تونس والجزائر، اجتمع لديها الجنون والنفاق وتزاوجا فأنجبا لنا كما هائلا من المصائب لا تحصى ولا تعد.   فالجنون القاعدي ليس سوى ابن شرعي، داخليا، للقهر والقمع وإذلال الناس والاعتداء على دينهم ولقمة عيشهم وأبسط مظاهر كرامتهم.. وهو أيضا، على الصعيد الخارجي، رد على خنوع حكوماتنا أمام التدخلات الأجنبية، واستئسادها علينا، بل تحول الحكومات والأنظمة إلى وكيل للأجنبي في بلادنا.. وتغول الأجنبي علينا، وتحول الكثير من الديمقراطيات الغربية إلى مصاصي دماء، تشرب من دمنا، وتسمن بهزالنا، وتقوى بضعفنا.   حين يجتمع كل ما سبق يختلط الحابل بالنابل، وتضيع القضايا الكبرى تحت حوافر الجنون والنفاق، وتغرق شعوبنا أكثر تحت سنابك القهر الداخلي والخارجي.. ونسير ويسير معنا العالم من سيء لأسوأ.   والاستبداد الداخلي والاستعمار قديمه وجديده هما المسؤولان عن مصائبنا. أما جنون القاعدة فليس سوى رد أحمق وثمرة بلهاء لواقع يصنع الجنون ويغذيه.   (المصدر: مدونة « آفاق تونسية » لنور الدين العويديدي بتاريخ 16 مارس 2008) الرابط: http://noureddine-2010.maktoobblog.com  


السلطة لا تمت لتونس بصلة

 
المنجي الفطناسي – ألمانيا   كانت هذه آخر كلمات البروفيسور المنصف بن سالم أثناء مداخلته في برنامج بلا تأشيرة الذي تبثه قناة الحوار .   الأهوال والإنتهاكات التي رواها هذا العالم الجليل تفوق الخيال ولا يصدقها عقل ووصمة عار في جبين كل تونسي وتبرز درجة الإنحطاط الشامل التي وصلها حاكم تونس وعصابته.   عشرون سنة قضاها هذا العبقري في زمن ولي الأمر الجاهل عدو الثقافة والمثقفين بين السجن والتعذيب والتنكيل والإقامة الجبرية ومحاصرة بولسية لصيقة له ولبيته ولزواره ، والحرمان من البحث العلمي والعمل الثقافي والمراسلات وأحيانا الهاتف ، وفقدان أبسط حقوق الإنسان  كالعمل والأجر والتأمين الصحي وجواز السفر وحرية التنقل داخل الوطن وخارجه.   ولم تكتف السلطة الغاشمة بمعاناته شخصيا بل عمدت إلى إيصال الأذى إلى أبناءه ، فابنته تتعرض منذ أربعة سنوات إلى مضايقات من قبل حفنة من طلبة الحزب الحاكم في كلية العلوم بصفاقس الشيء الذي أثر على صحتها ونفسيتها وحياتها الدراسية ، وقد صرح أحد الطلبة المعتدين أنه يفعل ذلك بأوامر وتحريض من مسؤوليه ، وعلى بعد شهرين فقط من التخرج يتم فصل ابنه أسامة عن الدراسة ذنبه الوحيد أنه انتخب من قبل زملاءه وبطريقة ديموقراطية ( في بلد غير ديموقراطي ) ليمثلهم في المجلس العلمي للكلية . ولما باءت محاولات السلطة لإبطال ذلك بالفشل التجأت إلى استعمال مجلس التأديب المكون من أعضاء في الحزب الحاكم لفصل مجموعة من الطلبة بتهم عدة منها النقابي ( اجتماع غير مرخص فيه ، المطالبة بحقوق بعض الطلبة ، تعطيل الدروس ) ومنها السياسي ( تشجيع الطالبات على لبس الحجاب في بلد إسلامي ، المطالبة بقاعة صلاة في كلية  صفاقس التي تقع في روسيا البيضاء ) ، كما أن أحد أبناءه  تعرض إلى حادث مرور مروع في ظروف غامضة تسبب له في أضرار بدنية جسيمة.   السلطة لا تمت لتونس بصلة ، وأنا أضيف أن السلطة التي تهين علمائها الأفاضل وتفعل بهم كل هذه الأفاعيل ، السلطة التي تنتهج سياسة التدمير المقصود للعلم والثقافة والأخلاق والصحة والإنسان بكل مكوناته ، السلطة التي تشارك بامتياز في الحرب العالمية على الإسلام لا تمت للعروبة بصلة ، ولا للدين بصلة ولا للإنسانية بصلة.   السلطة التي تحكم شعبها بالحديد والنار وتقمع كل الحريات وتسد أبواب العمل السياسي العلني السلمي وتطلق العنان لعصابات الفساد والجريمة المنظمة ليهلكوا الحرث والنسل ويسعوا في الارض فسادا ويدوسوا كرامة المواطن في كل شبر من تراب الجمهورية هي التي تفرخ العنف ، وهي المسؤولة رقم واحد عن ضحايا حادث الغريبة الأبرياء ( الذي استنكرناه وأدناه في وقته ) ، وعن مواجهات سليمان المسلحة ، وأخيرا اختطاف سائحين نمساويين بريئين ( وأنا أضم صوتي إلى كل ألأصوات المطالبة بإطلاق سراحهما دون قيد أوشرط ) . والامور مرشحة للمزيد إذا لم تتراجع هذه الفئة الضالة المتسلطة على رقاب التوانسة عن غيها.   الشعب التونسي بكل اطيافه مطالب بالتحرك على جميع المستويات وبكل الطرق السلمية لمنع هذا النظام الأحمق والأخرق من إدخال البلاد في دوامة العنف والحرب الاهلية والإعتداء على ضيوف تونس الأبرياء.   (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 16 مارس 2008)

تونس : مجتمع قلق ودولة رافضة والنتيجة سلفية صاعدة …!

مرسل الكسيبي*
يبدو المشهد الاجتماعي والثقافي والسياسي في تونس قلقا الى الدرجة التي جنحت معها أطياف واسعة من المجتمع الى الاحباط واليأس , حيث تخيم على أوساط شرائح ديمغرافية معتبرة أجواء من الاكتئاب والحيرة تجاه المستقبل السياسي للبلاد وتجاه الحالة المعيشية الايلة لمزيد من التعقيد في ظل تشكي الجميع من تدهور القدرة الشرائية وتفاقم مشكلة البطالة في صفوف الشباب وخريجي الجامعات وحتى حملة أعلى الشهادات … المشهد يبدو قلقا وبشكل خطر بالنظر أيضا الى نسبة انتشار المخدرات بين صفوف الشبيبة , اذ اوردت وكالة الأنباء السعودية بالاستناد الى دراسة علمية حديثة خبر تعاطي هذه الافة من قبل عشر شبان تونس , أما بالنسبة لمعدلات التدخين فان الاحصائات الأخيرة تشير الى وجود نسبة 56 بالمائة من المدخنين بالنظر الى مختلف الشرائح العمرية وهو ماجعل تونس تحتل الترتيب الرابع عربيا بهذا الصدد. ارتفاع معدلات الانجاب خارج المؤسسة الزوجية يشكل هو الاخر  مظهرا قلقا يشق البنية الأسرية للمجتمع , حيث تؤكد كل المؤشرات على تفشي الممارسة الجنسية خارج الاطار الشرعي بنسب تراوح الستين بالمائة في صفوف الذكور ونسبة تقارب 26 بالمائة في صفوف الاناث بحسب بعض استطلاعات الرأي الحديثة … وكنتيجة عملية للظاهرة تبدو نسب تفشي الأمراض التناسلية الخطيرة في ارتفاع برغم حرص الدولة على عدم تسريب الأرقام الحقيقية للمرضى والضحايا , حيث لازالت الأرقام المقدمة لاتزيد ومنذ سنوات عن رقم لم يتجاوز الى حد الان 1428 حالة اصابة بمرض فقدان المناعة – حفظنا الله واياكم فضلا وتكريما – . وبالعودة الى موضوع العطالة عن العمل فان احصائات أخرى تؤكد وجود حوالي 50 بالمائة من حاملي شهادة الأستاذية والماجستير في حالة بطالة … مشهد اجتماعي قلق جدا لاتعبر عن خطورته الا الأرقام ومشاهد الاضرابات النقابية المتكررة في ظل زيادة مضطردة في أسعار الوقود والمواد الغذائية الأساسية وارتفاع حاد في تكلفة الملبس والمرافق العامة والعلاج … وعلى هامش هذه التوترات التي تحرص السلطة على تمريرها في صمت اعلامي أو على تبريرها وقبل اسابيع من حدوث مؤشراتها المباشرة عبر الارتفاع الحاد في أسعار النفط عالميا وقلة موارد البلاد الطاقية , على هامش كل هذا تطرق مسامع المواطنين أخبار المحاكمات السياسية شبه اليومية والتي تستهدف مجموعات من الشبان لم يتجاوزوا بعد العقد الثالث في ظل ماتعرفه البلاد من تأثر  واضح بموجات الاكتساح السلفي غير المسبوق … شبان تونسيون في مقتبل العمر كفروا باعلام السلطة وسياستها وخطابها الرسمي وحتى المعارض في ظل ماعرفه المعارضون من تداول مستمر على السجون والمنافي منذ عقد الخمسينات مع اندلاع أزمة التيار اليوسفي داخل أجهزة الحزب الحاكم , وهو ماجعل الشباب الصاعد يكفر بنموذج الدولة التحديثية الرافضة لتطلعات المجتمع على الصعيد الثقافي والاجتماعي والسياسي …! شبان لم تؤطرهم الأحزاب العلمانية ولا اليسارية ولا القومية ولاالاسلامية المعروفة بضبط ساعتها الفكرية والثقافية على التوسط والاعتدال والسماحة في حق المخالفين في الفكر والنهج السياسي …, شبان صنعت كفرانهم بالديمقراطية ونماذج التعايش مع الدولة المركزية العربية حالات القمع الرهيبة في سجون تداول عليها ابرز المعارضين وحتى المقربين في وقت ما … حالة تونسية عصيبة على الفهم والشرح والتفسير في ظل وجود نموذج سياسي وأمني منغلق لايحتمل توسيع المشاركة السياسية وايجاد حالة ليبرالية ثقافية وسياسية تساعد الشباب على التعبير عن نفسه بحرية في كنف احترام النفس والاخرين … يوم أن كانت تونس تحافظ على اقدار من توازنها الحرياتي في ظل ظهور حركة نقابية وطلابية وتلمذية قوية ومنيعة , لم تكن أفكار النكوص الى الماضي التليد والغيبوبة في عالم لايلبي تحديات الأصالة والمعاصرة هي المهيمن على المشهد الثقافي أو الفكري , بل ان البلاد عرفت حركة اسلامية تجديدية معاصرة ستندم الدولة شر الندم على تفويتها في فرصة احتضانها في اللعبة السياسية بعيدا عن أساليب الهرسلة والقمع … لقد كانت الفرصة سانحة منذ أواسط الثمانينات في المزاوجة بين حزب وطني عريق وبين تيار اسلامي مدني وسطي معتدل قابل للترويض والتشريك في مناخ ديمقراطي تركزت نواتاته الأولى ضمن فضائات المجتمع المدني قبل أن تعرف ملامسة قشرية لأجهزة السلطة … غلب الطبع على التطبع وكشر اصحاب السلطان عن أنياب الرغبة في احتكار المشهد العام , فكانت مأساة تونس والتونسيين ذكورا واناثا منذ تزييف المشهد الانتخابي سنة 1981 , وهو ماتواصل لاحقا مع كل محطة انتخابية جديدة حرصت فيها الدولة الغول على التهام كل مقاعد البرلمان والمجالس البلدية باستثناء عظم رمت به هنا وهناك من باب تسويق المشهد السياسي خارجيا في حلة عروس ديمقراطي !!! أجيال تلو اجيال دمرتهم السجون وسجون داخل السجون وزنازين داخل الزنازين وسجانون أصبحوا ديكورا لايتجزأ من أثاث قبور مظلمة …, أما الذين نجوا في المنافي من القوم الظالمين فهم في نظر الدولة الغول مارقون وعملاء وخونة باعوا ضمائرهم للدول الكبرى !!! مشهد قبيح تجرأ الدكتور المنصف المرزوقي في شجاعة وبسالة نادرة على  وصفه بتشخيص الطبيب الماهر فكاد أن يصاب باليأس والاحباط من هول صدمة الأعراض التى اصبحت تنخر الجسد السياسي للدولة … نخب تونسية متعلمة تتفوق اينما حلت ورحلت ومبدعون متميزون في الفنون والمسرح والسينما والرياضة والفكر والثقافة والاعلام والسياسة والعلوم والتقنية , كل هؤلاء يجدون أنفسهم في مواجهة دولة تصنع الأصنام تلو الأصنام عوض صناعة العقول الحرة والمكرمة في ظل سيادة القانون والمؤسسات وقيم العدل والمساواة ! النتيجة من الطبيعي حينئذ أن تكون صناعة ظواهر شاذة أو مغالية أو متطرفة في ظل سد منافذ التعبير والتفكير والاعتقاد الحر , اذ أننا نجد اليوم تونس بلا اتحاد عام تونسي للشغل حقيقي ولا اتحادات طلابية حقيقية ولارابطة تونسية للدفاع عن حقوق الانسان حقيقية ولا مجلس وطني للحريات الحقيقية ولا حزب ديمقراطي تقدمي يعمل في كنف الحرية ولا مؤتمر من اجل الجمهورية داخل الجمهورية – داخل السجن أو في المنفى طبعا !- , ناهيك عن حركة النهضة التي ينبغي أن يمارس عليها الأبارتايد الاجتماعي والثقافي والاعلامي والسياسي أملا في دفع مناضل واحد من مناضليها الى الكفران بها طلبا للارهاب القبيح او العنف الذي تتغذى منه الة السلطة بل تنتجه من أجل البقاء والاستمرار دون مشاركة فاعلة من قبل بقية مكونات الطيف السياسي … ! لاسينما حقيقية حرة تتحدث عن حرياتنا المصادرة والمهدورة , ولا مسرح في الهواء الطلق يمارس النقد ولا مهرجان قرطاج ومهرجانات دولية تستضيف مارسال خليفة أو فيروز أو ماجدة الرومي أو حتى صباح فخري أو وديع الصافي أو نصير شمة -اللهم ان وقع تدمير لبنان مجددا أو عجزت السلطات عن توجيه محاصرة الغضب القومي العارم , فوقتها سيقع بعث فرقة العاشقين الفلسطينية الملتزمة حتى من كباريات الفن الشعبي !!! في ظل هذا المشهد الديمقراطي التونسي جدا , لن تسمعوا مستقبلا عن زعماء معارضين أو حتى رسميين بل أعزيكم في عبد الرحيم الزواري والبشير التكاري وزهير مظفر ومحمد الغنوشي والدكتور المنصف المرزوقي د.مصطفى بن جعفر وحمادي الجبالي وعلى العريض ود.منصف بن سالم وحبيب اللوز وأحمد نجيب الشابي ومية الجريبي ود.خالد الطراولي وكل الأسماء النسائية والرجالية اللامعة في سماء الثقافة والسياسة وحتى الرياضة .., فثمة جيل جديد سيصنع ردة فعله الخاصة من داخل غيتو فرضه عليه النظام بقمعه وتسلطه ولفظه لأنفاس المجتمع المدني وطاقات المجتمع الواعدة , انه جيل سلفي متخمر بأدبيات العودة الى الزمان الأول دون فقه تطلعات وتحديات العصر أو استيعاب روح الاجتهاد الاسلامي المعاصر أو تجارب الاصلاح وفنونه العالمية أو حتى مراعاة روح النصوص الاسلامية المقدسة والتي تحفظ للناس دمائهم وأنفسهم وتقدمها قداسة واجلالا على مقام الكعبة الشريفة …, انه جيل يخرج من الدين كما يخرج السهم من الرمية  في ظل زيتونة مغيبة عن الفعل الحضاري واذاعة دينية معتدلة يتيمة ومحاصرة بكابريات فضائية واعلام رسمي لاهم له سوى اعادة تكرير مشهد  » ياسيد الأسياد ياحبيب البورقيبة الغالي  » … هذا هو واقعنا تونسيا بأمانة مع عدسات اعلامية ساحرة وغشاشة تصور لنا الأمر على احسن مايرام , فهلا تنادينا جميعا رسميين وطنيين ومعارضين صادقين  الى ابعاد هذا الخطر عنا وعن بلدنا باعتماد اليات جديدة تعيد للمشاركة والحوار والاصلاح والعدل وكرامة الانسان معانيها الحقيقية ؟ *رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية (المصدر: مدونة مرسل الكسيبي بتاريخ 17 مارس 2008) الرابط: http://morsel-reporteur.maktoobblog.com
 


 

 سبل معالجة مرض الإرهاب

 
 
 
   زهير الخويلدي
 «هناك انتشار عالمي للإرهاب الذي بات شأن الظل الملازم لكل نظام هيمنة،مستعدا في كل مكان لأن يستيقظ كعميل مزدوج ،لم تعد هناك أية حدود فاصلة تسمح بمحاصرته فهو في قلب هذه الثقافة التي تحاربه»[1]
ان إرهاب القرن 21 يتخذ طابعا جديدا مفارقا فهو يضيف الى القدرة على الظلم النزعة الى الإذلال،ورجل الأخلاق الذي يتأمل في السلوك الانساني لا يستطيع أن يذكره دون أن يستهجنه كما أن رجل السياسة يسعى الى السيطرة عليه ويوظفه لمصلحته ويدرجه ضمن استراجياته,انه ليس فقط إرهاب الأفراد والمجموعات والأحزاب والتنظيمات الباطنية المسلحة بل هو ايضا ارهاب المؤسسات والدول والشركات متعددة الجنسيات والأحلاف العسكرية الكبرى والمنظمات العالمية وهو ليس موجها فقط للفتك بالأجساد ولتخريب العمران المادي بل يطال مداه النفوس ويخرب العمران الروحي.
على هذا النحو بدت مشكلة الارهاب أكثر تعقيدا مما يظن البعض في بادئ الرأي بحيث لم تعد تكفي الإدانة الأخلاقية القاطعة وبيانات الشجب لإخماد ناره ومواجهته بل ان العزم على اقتلاعه من جذوره ومداهمته في حصونه الآمنة ومنابته النائمة لن يتم ولن يتحقق دون فهم حاذق وتدبر ثاقب.                                                           
فكيف يمكن أن نواجه الإرهاب مواجهة ديمقراطية؟  
ان الخروج من حالة الحرب المروعة والوضع المتفجر وايقاف ضربات الارهاب الموجعة ضرورة تقتضيها الطبيعة البشرية ذاتها،فالعقل يفرض علينا أخلاقيا أن ننشد السلم والأمن والتعايش لكونها شروط لتحقيق التطور الكامل للاستعدادات الانسانية أو هي وسائل لاعادة التوازن المفقود بين الروح والجسد وبين الفكر والمادة وبين الأخلاق والسياسة وذلك باخضاع التاريخ البشري للطبيعة الانسية وتفادي التعسف والشطط في تشكيل الهوية البشرية.
ان تجاوز الارهاب مرتبط الى حد كبير بايجاد تدابير كفيلة بأن تجتثه من جذوره كالحد من مظاهر التسلط والكف عن التوسع الاستعماري والعزوف عن التبشير بعولمة ظالمة واختراقية وانهاء مهزلة بلدان مركز وبلدان محيط واحترام الخصوصيات القومية والثقافات المغايرة وتفتيت المركزية الاثنية وتطبيق سياسة دولية عادلة وتحقيق تطور متكافئ بين الدول والشعوب والثقافات وانصاف جميع الأديان والايمان بتضامن الأفراد وحسن تعايشهم ضمن منظور ايكولوجي ايتيقي.
يبدو أن على الفيلسوف أن يتعالى على الإرهاب ويدين العنف مهما كان شكله بأن يحتمي بصدقية الفكر الحر وعدالة الفكرة الشاملة لأنه عندما نقول نعم للفلسفة نرتضي بحياة العقل ونرفض العنف،فالفلسفة ضد العنف واختيارها للخطاب هو اختيار للاعنف ومناهضة للإرهاب،كما أن ارادة التفلسف تبدأ بالإعتراف بالحقيقة والحوار وتتسامى فوق مستوى الواقع وتقيم في عالم القيم الخالصة .
اذ لا توجد معرفة بشرية يمكن أن تؤدي الى تبرير الارهاب بأي شكل لأن التعارض بين المعرفة والإرهاب هو تعارض مطلق بحيث اذا حضر طرف فإنه يلغي على الفور حضور الطرف الآخر. وأمام العنف لا يملك الفيلسوف من حيلة سوى الخطاب. فليست غاية المعرفة السلطان ولا توجد علاقة ضرورية بين غريزة المعرفة وغريزة الموت.
 ان الارهاب الذي تعاني منه البشرية على طول تاريخها ليس الا ناجما عن محدودية معرفتها بالوسائل التي تمكنها من التغلب عليه. لكن التحرر من الارهاب يقتضي ادراك الحدود التي تفصل بين المعرفة والمصلحة وايجاد علاقة ضرورية بين التعليم والتربية وتأسيس مشروع فلسفي يمكننا من عقلنة الواقع ولكن كذلك من ادراك حدود هذه العقلنة.
ان الحوار في اطار ايتيقا النقاس يبلور الديمقراطية الاندماجية والفعل التواصلي في الفضاء العمومي هو  ضروري لتجاوز العنف لأن عدم القدرة على الحوار وعدم جعل العلاقة التعادلية المنفتحة هي منطلق المعرفة والعمل والاعتماد على منطق ثنائي اقصائي من شأنه أن يجعل من المنافس أو المعارض عدوا مطلقا.
الحوار شرط امكان قيام سلم دائم بالنسبة للدول والشعوب وقد يمنع القيام الحرب والدمار وذلك لخضوع الخيار العسكري الى الخيار العقلاني وحكمة المنطق.
كما ينبغي أن تقوم الاستراتيجيا العسكرية على اختيارات عقلانية وعلى مراقبة عقلانية للاستعمال العنيف باستقلال تام عن الأهواء وعن التقييمات المختلفة. ولكن وراء هذه الاستراتيجيا يكمن نموذج للمعرفة يقوم على البحث عن الثبات والثبات قيمة أخلاقية تعني المحافظة على التعايش والدفاع عن السلم.والسلم ليس له معنى استراتيجي فحسب بل له معنى أخلاقي كذلك,فهو لا ينفصل عن تحقيق العدل الذي يعني وجود توازن في القوى والحد من الاستعمال اللامشروع لها.
اذا كان السلم في حد ذاته قيمة أولية بالقياس الى العدل فان العدل يقتضي اضافة الحاجة الى الحوار الى توازن القوى ليتحول الى انصاف بربط السياسة بالتربية وادراك حدود استعمال القوة. ان تعثر الحوار واعتماد منطق الاقصاء وعدم جعل العلاقة منطلق المعرفة والعمل من شأنها أن تجعل من السلم ممارسة للحرب ولكن بوسائل أخرى، فالسلم ليس استسلاما ولكنه ليس توقفا للأنشطة الحربية بل يمكن أن يكون اعدادا لها بطريقة أشمل. فالحرب التي تريد ان تقضي على العدو قضاءا مبرما والتي تجعل من العدو خصما مطلقا لا يمكن أن تؤدي الى السلم.
هكذا يتضح أن الارهاب هو نتاج لظروف البيئة الداخلية والخارجية وهو أكبر الأمراض التي تعاني منها الحياة السياسية الدولية ويمكن تفادي ظهوره على مسرح الأحداث والتخلص منه ومعالجته  معالجة حازمة بالقيام بالاستراتيجيات التالية :
*العزوف عن استخدام العنف المضاد  المتمثل في عنف الدولة لمواجهة أحداث العنف السياسي لأن هذا الأسلوب أثبت فشله وزاد من تغذية الكراهية بين الدولة والشعب وعمق الهوة بين القمة والقاعدة وأخرمشاريع التنمية والتطوير لذلك ينصح باعتماد أسلوب الحوار والمجادلة والادماج والتشريك الفعلي في اتخاذ القرار والشورى الشعبية عن طريق الاستفتاء النزيه.
* الأخد بأسلوب التعددية السياسية والفكرية والالتزام بالتداول السلمي للسلطة واعتماد نظام الانتخاب وليس التعيين أوالتوريث أوالوصية كقاعدة للمشاركة في تسيير شؤون المجتمع مع احترام قيم الجدارة والكفاءة في تحمل المسؤوليات وذلك بأن تحاول الأنظمة تقوية شرعيتها من خلال احترامها لقدرات مواطنيها على الفعل والتفكير ونبذ النزاعات الانفصالية والقطرية والطائفية والمذهبية التي تؤدي الى التناحر.
* ضرورة التخلي عن السلفية الفكرية والأصولية الايديولوجية ونبد يوطوبيات الجنات الموعودة لكونها عقيدة تغذي الصراع والتقاتل بالتقليل من أهمية المؤثرات الخارجية في الحياة السياسية الداخلية والتركيز على الدور المركزي الذي تلعبه المؤثرات الداخلية والتشجع على صناعة القرار من خلال ارادة وطنية.كما ينبغي تركيز بديل حضاري يستمد مشروعيته من قدرته على تجسيد مصالح الأغلبية لا بالقول والادعاء بل بالفعل والعزيمة والعمل الصالح الذي يضعه الناس بيدهم كرد فعل طبيعي على التحديات التي تواجهها وتمس وجودها القومي وكيانها الثقافي.
 * ضرورة توجيه الناس بناء لاعنف ناجع ضد القوى المسيطرة في النظام يكون مشحونا بالمعنى وخاليا من كل قسوة تجاه الضحايا والأبرياء.وذلك بالعمل على تدمير مجتمع القمع الذي نعيش فيه بوسائل غير هدامة وغير عنيفة كفيلة بانشاء مجتمع لا قمعي وذلك بتحرير الرغبة وباقرار مبدأ اللذة كدليل للضمير وتعريف العقل مجددا بعبارة الحب وببناء عقلانية جديدة للاشباع يلتقي فيها العقل بالسعادة .
*  تشجيع نظم التربية التي تساعد الانسان على تكييف مظاهر العدوانية لأن التربية تلعب دورا حاسما في حل هذه النزاعات, وذلك بتسهيل ظهور مواقف مبنية على التفهم العفوي تستبدل الصراع من أجل النفود وارادة الهيمنة بقواعد سلمية لفرض الذات مثل الرهان واللعب والمنافسة.انه يمكن وضع هذه العدوانية الجماعية في خدمة الحياة عوض وضعها في خدمة الموت ويتم ذلك من خلال ضبط هذه القوى المتميزة تحويلا وتصعيدا وذلك بتوجيه قسم منها ضد العالم الخارجي والقسم الآخر ضد نفسه .
  * ان ما يجب الانصراف اليه هو تغيير النظام الثقافي تغييرا جذريا وتفكيك الثقافة الآثمة التي تحاصرنا بافساح المجال أمام الطبقة الناشئة لتعبر عن القيم التي تحملها,كما ينبغي أن تفسح الثقافة الرسمية المجال للثقافة الشعبية في نظامها الهيكلي.وينبغي أن يكون النقد الأساسي موجها ضد الثقافة السائدة وأن يدور بالأساس حول المجتمع الاستهلاكي والثقافة الاستعراضية التي تعيد انتاج الوضع السائد, وذلك بتحديد وتجديد الأهداف الانسانية للفعل البشري.
 *ان اجتثاث الارهاب يمر عبر التقليل من الضغوط الاجتماعية والسياسية والأطماع الاستعمارية التوسعية والاستيطانية حتى لا تثار حركات التمرد أو الاعتراض, فتاريخ البشر يحدثنا عن تحركات عديدة اشعلها تفاقم البؤس الجسدي والظلم الاجتماعي والتدخل الأجنبي مثل الأوضاع التي تمس الانسان في كرامته وتعتدي على مقدساته وشرفه والتي هي أكثر انفجارية وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأحوال الشخصية. من هنا لابد من تمكين الشعوب من حرية تقرير مصيرها واعطائها الاستقلال واحترام سيادتها الكاملة على أراضيها والكف عن التدخل السافر في شؤونها الداخلية والاعتراف بحق وخصوصية ثقافتها.
 * ينبغي اعادة تعريف السياسة لتصبح ناتجة عن حصيلة العلاقات القائمة بين من يمارسون السلطة ومن يطيعونها ولتكن السلطة قائمة على الاقناع وليس على الاكراه.هذا لا يعني أن الاقناع وحده يكفي الا أنه جوهري,فالضغط للأسف ضروري ولكنه قد يؤدي الى الاستبداد لهذا يمكن أن ننظر الى المقاومة السلمية الثقافية التي يبديها شعب بأسره على أنها في الغالب سلاح حاسم لايقاف عجلة العنف الأعمى.لذلك لابد من إعادة بناء ثقافة سياسية جديدة تقوم على الديمقراطية وتعمل على تحديد السلطات ولا تفرض سيطرة سياسية على المجتمع المدني لأن  » السلطة السياسية لا تمارس حيال أشياء لا حياة فيها بل حيال بشر يجب أولا وقبل كل شيء اقناعهم ».
* المطلوب اليوم بالمعنى الدقيق للكلمة التفكير بحرية حتى تنشأ ثقافة فلسفية جديدة تعيد تأصيل العلاقة العتيقة بين النظرية والممارسة وذلك قصد تحرير النظرية من الممارسات المخجلة والمشوهة وتحرير الممارسة من النظريات المسقطة ومعوقات المذهبية حتى لايقع تضليل الممارسة والهيمنة عليها من طرف النظرية وحتى لا يقع تمييع النظرية وجعلها تنقلب على نفسعا.
ان  » الفيلسوف هو من يحاول تحليل العلاقات بين التقاليد الفلسفية وأجهزة النظام التشريعي السياسي التي ما تزال سائدة وتبدو في طور التحول وذلك من أجل استخلاص النتائج العملية والفعلية لمثل هذه العلاقات. فالفيلسوف هو من يبحث عن نسق جديد للمعايير وهذا من أجل أن يميز بين الفهم والتبرير. فبإمكان المرء أن يصف وأن يفهم وأن يفسر هذه أو تلك من المسببات التي تؤدي الى الحرب أو الى الإرهاب دون تبريرها أبدا بل ومع ادانتها ومع محاولة اكتشاف نسق آخر من المسببات… »[2]
يمكن أن نستخلص من هذا التشخيص الرهانات والأفكار الأساسية التالية׃
– ان الارهاب ينغرس في أعماق الطبيعة الانسانية نفسها وفي الهيكل البنوي للدولة الشمولية حيث يوجد في حالة كمون في شكل غريزة عدوانية.
– ان ثقافة مجتمع معين عندما تتعرض الى التهديد تمارس ضغطا ما قد يقبل به الفرد كأمر طبيعي ولكنه قد يتحول الى ارهاب فيحدث لديه ردود أفعال عنيفة.
– ان الفترات الانتقالات والمنعطفات التاريخية التي تشهدها الحضارات وتمر بها الثقافات يتخللها ظواهر غليان وانصهار واضطراب وقد يكون العنف الارهابي هو أكثر تجلياتها حدة.
– ان المجتمعات الصناعية المتقدمة تبدو مشحونة بقدرة فريدة على احداث العنف وانتاج الارهاب والجريمة المنظمة وذلك لما أدى اليه تقدم التكنولوجيا والتنافس الاقتصادي من تحولات سريعة أجهزت على بنى التوازنات القديمة.
– العنف هو جملة من الضغوط التي تحل بالانسان ولكن لا بد من فصل فعل العنف عن سائر أشكال الضغط والاكراه لأنه يطلق على القوة التي تهاجم مباشرة شخص الآخرين وخيراتهم
 ( أفراد أو جماعات) بقصد السيطرة عليهم بواسطة الموت والتدمير والاخضاع.
 على هذا النحو يمكن أن نعرفه بأنه تطاول على الانسان وعلى حقه الذي  لا يمس  في الوجود وفي الحرية لا ينسجم مع طبيعة الانسان العاقلة التي تفضل الكلام والحوار والتوصل.
– ضرورة التمييز بين العنف والارهاب وبين الارهاب الأعمى والمقاومة الشريفة وبين النزاعات المقبولة الخالية من العنف والنزاعات المدمرة التي تؤدي الى تكون بؤرمتفجرة وأوضاع ملتهبة يعشش فيها الارهاب وينمو مثل الاستعمار والحرب الأهلية البغيضة والعدوان والاستيطان والتمييز العنصري المذهبي والعرقي والثقافي .
– لا يشكل الارهاب ظاهرة استثنائية وعارضة بل يدخل في صلب وجودنا الفردي والاجتماعي,تتنوع أشكاله المفرطة والعنيفة وتبلغ حدا يصبح معه من العبث الحلم بامكانية القضاء عليه.
– تعدد المواقف حيال الارهاب دليل على أننا نواجه معضلة كبرى وأزمة خانقة وكأن الانسانية تخوض اليوم معركة جماعية من أجل السيطرة على الكون وعلى الصيرورة الاجتماعية،وأشكال هذه المعركة تختلف باختلاف التصورات. ان الارهاب هو واحد من المحرمات الكبرى التي يصعب التأمل فيها بشيء من المسافة النقدية والمعقولية لأنه لا يمكن تعريفه بعناصر موضوعية ولأنه لا يقوم أي عنف الا بقدر ما تقوم ذات بشرية في مصدره.
– لا يمكن أن نبررالارهاب بأي شكل من التسويغات ولكن من المسموح أخلاقيا وقانونيا التشريع لحق لكل انسان مظلوم أو شعب مقهور في المقاومة، لأن تبرير الارهاب بواسطة غايته الثورية سوف يجد نفسه مسخرا لخدمة ايديولوجيات عنصرية وشمولية.
– ثمة اجماع على الخلفية اللامعقولة للارهاب وضرورة كونية تقوم بادانته وشجبه،فالعنف المدمر ليس موقد التاريخ بل هو العدو الألد والشر الجذري الذي يهدد الحياة الكريمة ولذلك يجب مقاومته بكل الوسائل المتاحة.
اذا كان الوضع الانساني يبدو قائما في جوهره على النزاع في جميع أبعاده فينبغي أن لا نترك المجال لهذا النزاع الى أن يتحول الى عنف ارهابي بل نعمل على ايجاد وسائط ناجعة تحول دون تدهور النزاع وتقتصر على مواجهة واعية وحرة يمارسها الخصوم في حوار ينتهي الى تسوية وتراضى جميع الاطراف, وأن نسعي الى بناء نقد ايجابي وارادة انسانية حقيقية ومشروع سياسي جديد يخدم بدوره الانسان لأن الانسان لا يسعه أن ينمو الا في كنف مجتمع يسعى بدوره وراء تحقيق مشروع شامل. ولذلك فان مهمة دولة العناية,لا سيما في أيامنا هذه، تقوم على مساعدة الجماعة للتعبير عن المشروع الشامل الذي تعد به وفي السعي وراء تحقيقه . 
لكن أين هي الدولة العادلة والانسان الراشد والثقافة المنفتحة والتربية الخلاقة التي تمنع من اندلاع موجات الارهاب مجددا؟
 
* كاتب فلسفي

 

 جان بودريار- روح الإرهاب –  مجلة الفكر العربي المعاصر عدد 120-121-ص8[1]   

[2]  جاك دريدا ماذا حدث في حدث 11سبتمبر ترجمة صفاء فتحي دار توبقال للنشر الدار البيضاء الطبعة الأولى2006ص66/67

صلاة استسقاء من أجل الديمقراطية!

 
خالد شوكات* أنا من الذين يؤمنون بأن الأمم والشعوب كما الأفراد، تمرض وتشفى، وتقوى وتضعف، وتتمايز فيما بينها بالإرادة والذكاء والشجاعة، كما تختلف أيضا في استعداداتها الفطرية أو الجينية، ومن ضمنها أمم محظوظة وأمم نكدة الحظ، غير أن الحظ مرتبط بالتاريخ أيضا، تماما مثلما هو حظ الأفراد مع الزمن، فالبخت يحضر ويغيب، وحضور وغياب الحظ قد يطول أو يقصر، دون قدرة من الأفراد أو الأمم على التدخل. وإذا ما طبقنا هذه الرؤية أو النظرية على مسألة الديمقراطية، فسنجد شواهد كثيرة تؤكد مصداقيتها، إذ لا أحد بمقدوره القول على سبيل المثال، أن الشعب السينغالي أو الجنوب-أفريقي قد بلغ درجة من النضج أهلته لإقامة نظام ديمقراطي، أكثر مما هو عليه الحال بالنسبة للشعب التونسي أو المصري أو السوري، لكن حظ السينغال مع سنغور وعبدو ضيوف، وحظ جنوب أفريقيا مع نيلسون مانديلا وتامو مبيكي، كان أفضل من حظ غالبية الدول العربية. صحيح أن كثيرا من المهتمين، سيشيرون إلى فوارق ثقافية وسياسية، وسيستنجدون بالعديد من آليات التحليل الفكري والتاريخي، لكن كل ذلك لن يجدي في إلغاء دور الحظ، أو التوفيق حسب عبارة المؤمنين، فقوة التاريخ والاجتماع لا تلغي دور الأفراد في حياة الشعوب، وكم من أمم وشعوب ساق الله إليها قادة سابقين لعصرهم أو متفوقين أخلاقيا على محيطهم، فقادوا أهلهم إلى مراتب عليا لم يحلموا بها، وأهلوا دولهم إلى مكانة رائدة على الخريطة العالمية. التجربة الموريتانية الأخيرة تثبت أيضا، دور الحظ في تحقيق الديمقراطية، إذ لم يكن ثمة ما يجبر حقا قائد الانقلاب والرئيس الانتقالي إعلي ولد محمد فال على ترك الترك السلطة، بل لقد قيل إن آلاف العرائض والبيانات والبرقيات كانت ترد عليه لكي يبقى، فعقلية غالبية الموريتانيين لا تختلف في مجملها عن عقلية بقية الشعوب العربية، أي عقلية « مات الملك عاش الملك »، لكن ولد فال هو الذي كان – بالحظ والصدفة فقط- مختلفا، في حالة عربية نادرة، لم يسبقه إليها إلا المشير سوار الذهب، وبين « العلي » و »الذهب » صلة وقدر. قد يشير البعض إلى نضالات الموريتانيين الطويلة ضد حكم الرئيس معاوية ولد سيدي إحمد الطايع، وربما من سبقه، لكن لا أحد يمكنه أن يغفل أمورا من قبيل أن ولد الطايع قد نجح في آخر انتخابات رئاسية بنسبة عربية، كما أن التقديرات تؤكد بأن حكم موريتانيا كان سيكون « بعثيا شموليا » لو أن انقلاب الضابط صالح ولد حننا الذي سبق انقلاب ولد فال بأشهر، نجح في إطاحة ولد الطايع..إنه الحظ مرة أخرى، والقدر الذي بدا وكأنه يريد أن يدفع موريتانيا إلى وجهة غير عربية في مآلات التغيير، هذا إذا لم يزين لولد الشيخ المدني حب البقاء فيبادر إلى وسائل زملائه العرب في تأبيد السلطة، وهي غير هينة أو قليلة، ليفعل ما آبى عسكره أن يفعلوه. وعموما، فإن نضالات الموريتانيين، لم تختلف أو تزد عن نضالات كثير من الشعوب العربية، التي خابت آمالها لاحقا في عمليات تغيير انقلابية، عسكرية أو سياسية، جاءت إلى مواطنيها بعشرات الآمال والوعود البراقة، تناست وعملت خلافها بمجرد استقرارها وتمركزها ونيلها الشرعية بموجبها، حيث لم تجد في الداخل أو الخارج من يمنعها من فعل عكس وعدها، ولا يضير المنقلب مرة أن ينقلب أخرى.  وفي السابق قال « مونتسكيو » أن القوانين ليست كافية وحدها لتحقيق الديمقراطية، بل لا بد من أن تسندها الفضيلة، أي الأخلاق، التي يجب أن يتحلى بها السياسيون، فقدرة البشر على التحايل على القوانين لا تتصور، وقد ضربت الأنظمة العربية المعاصرة أمثلة تفوق الخيال في ممارسة أبشع أنواع الاستبداد والديكتاتورية، في ظل قوانين غاية في التقدمية والديمقراطية. وقد كان بمقدور إعلي ولد محمد فال، أن يحكم على الأقل خمسة عشرة سنة، بدل الخمسة عشرة شهرا التي بقيها في الحكم، ولم يكن ليعدم المبررات أو السند الداخلي والخارجي، لينقلب عليه بعد طول عمر زميل سابق، أو يقويه الله ليخلفه إبنه البار، مقاوم الفساد (فساد الأب) و الأمين على الإصلاح (إصلاح ما خربه الوالد) وقائد مسيرة التجديد ورئيس جمعية المعلوميات ومدير المؤسسات الخيرية وأمين أمانة السياسات. و رجل الحظ القويم، كما هو وارد في الحاضر، كان واردا في التاريخ، فالحكم الجمهوري الدستوري الديمقراطي الذي أقامه الرسول (ص) في المدينة المنورة، وواصله من بعده الخلفاء الراشدون (رض)، وعمر بن عبد العزيز (رض)، لم يكن نتاج ثورات شعبية مطالبة بالتغيير والإصلاح، بل لقد جرى الانقلاب على هذه التجارب التاريخية المضيئة في التاريخ العربي الإسلامي بسند شعبي، أو على الأقل دون اعتراض شعبي حقيقي. خارج السياق العربي، يمكن العثور على نماذج وأمثلة تزكي هذا الاعتقاد، فالماهتما غاندي الذي كان زعيما استثنائيا في تاريخ الأمة الهندية، وقاد حركة الاستقلال ضد الاستعمار الأنجليزي، وكان بمقدوره أن يكون رئيسا للهند مدى الحياة، على غرار زعماء حركات وطنية قادوا عمليات التحرر ضد المستعمر وقرروا لاحقا بفضل بريق شعبي هائل التحول إلى رؤساء دول إلى الأبد، لكنه – أي غاندي- قرر أن يكون زعيما مختلفا، أهدى الهند نظاما ديمقراطيا راسخا، ولا أحد طبعا بمقدوره الزعم بأن الأمة الهندية كانت أكثر نزوعا أو طموحا أو استعدادا للتضحية من أجل الديمقراطية، قياسا بالأمة الصينية أو العربية أو اليابانية. وبصدد الأخيرة، لا مناص من الإشارة إلى أن الحظ السعيد قد ابتسم لبلاد الشمس ومواطنيها، بعد أن قادها الحظ النكد إلى حرب عالمية كادت تعود بها إلى درجة الصفر، فقد قرر المستعمر الأمريكي حماية المستعمرة اليابانية تزويدها بدستور غربي ونظام ديمقراطي،  ولم يمانع اليابانيون في ذلك، لكنهم لم يخرجوا إلى الشوارع على أية حال، لا طلبا للديمقراطية و لا طلبا لرحيل القوات الأجنبية، ولعل كل أملهم كان منصبا على بقاء الإمبراطور، الإله في نظرهم، حتى لو كان بصلاحيات شكلية. وأقدر شخصيا أن مآل الأمة الصينية أو الروسية أو الكوبية أو غيرها من أمم الرفاق سابقا، كان سيكون مغايرا لو أن ماو تستونغ أو لينين أو كاسترو قرروا إقامة أنظمة ليبرالية ديمقراطية بدل الأنظمة الشمولية الاستبدادية التي نصبوها بقوة الحديد والنار واللجان الثورية والشعبية الحريصة على عقيدة المواطنين وأحلامهم الطاهرة النقية. في الغرب أيضا، لعلب حظ الأمم مع رجال جمعوا إلى جانب خصالهم القيادية فضائل أخلاقية، دورا في بناء الديمقراطية، تماما كما لعلب الحظ النحس دورا في بروز زعماء استثنائيين بتوجهات قومية متطرفة، نازية وفاشية وغيرها، وباستثناء فرنسا وأنجلترا، اللتين عرفتا في تاريخهما ثورات شعبية، أقضت مضاجع أنظمة ملكية استبدادية، فعوضتها بأخرى جمهورية أو ملكية دستورية، إلا أن غالبية الدول الأوربية قد تحولت إلى الديمقراطية عبر حركات إصلاحية (وليست ثورية)، توافقت فيها النخب (لا الشعوب) على احترام إرادة الشعوب، وتنظيم العملية السلمية على أسس ليبرالية تعددية سلمية. خلاصة القول، اعتقادي أن الزعماء الكبار إذا ما صمموا على بناء الديمقراطية، قادرون على صناعة أنظمة وشعوب ديمقراطية، تماما كما أن الأنظمة والشعوب الديمقراطية عادة ما تكون مؤهلة لصناعة قادة وزعماء ونخب ديمقراطية، وقد قيل في الأثر العربي أن الناس على دين ملوكها، أي على النظام الذي يرتضيه لها قادتها، ديمقراطية أو استبدادا.     في العالم العربي، ما يزال الحظ الديمقراطي نكدا، وما يزال القادة ميالون إلى أن لا يكونوا استثنائيين في تاريخ شعوبهم، وحتى الذين رأوا يوما بصيص أمل في تدخل خارجي، اكتشفوا أن حظ العرب مع هذا التدخل كان أيضا سيئا، خلافا لحظ اليابانيين والألمان وغيرهم من شعوب نفع معها التدخل الخارجي، ولم يبق إذا إلا التوجه إلى السماء عل نحس هذه الأمة يزول..أيها الإخوة تعالوا نصلي من أجل الديمقراطية في العالم العربي.


استقلال كوسوفو: غياب دبلوماسي عربي لافت

 

انقضى على استقلال كوسوفو قرابة شهر كامل وقد وصل عدد الدول التي اعترفت بهذا الاستقلال إلى 27 دولة اغلبها أوروبية (أقطار الاتحاد الأوروبي) وبعضها أمريكي (الولايات المتحدة وبعض أصدقائها في القارة) إضافة إلى بعض الأقطار الأسيوية والإفريقية (ماليزيا- أفغانستان-السنغال) وكما هو معروف مازالت روسيا وصربيا من اشد المعارضين لهذا الاستقلال. ومما يلفت الانتباه أن أيا من الدول العربية لم تعترف بعد بهذه الدولة الفتية رغم أن عوامل كثيرة تعجل بهذا الاعتراف أهمها الروابط الدينية (في كوسوفو هناك أغلبية مسلمة) وكذلك الدوافع الإنسانية (شعب تعرض إلى إبادة جماعية وتطهير عرقي) وهو ما يطرح عديد التساؤلات عن  هذا الغياب الدبلوماسي العربي غير المفهوم. في الحقيقة لا يمكن وضع الدول العربية في سلة واحدة, حيث نجد دولا عربية مثل سوريا والى حد ما ليبيا ترتبط بعلاقات متميزة مع روسيا وبالتالي فان اعترافها باستقلال كوسوفو هو رهبن الموقف الروسي, كما نجد دولا عربية أخرى مثل لبنان والعراق وحتى السودان, وهي دول لها من المشاكل والاستحقاقات الداخلية ما يبعدها عن الاهتمام كليا بمثل هذه الإشكالات البعيدة. وان كانت هذه الدول العربية التي سبق ذكرها لها مبرراتها الخارجية والداخلية لتفسير هذا الغياب الدبلوماسي فان دولا عربية أخرى مثل دول الخليج العربي وشمال إفريقيا يبقى غيابها غير مفهوم, لان هذه الدول لها علاقات متميزة بل إستراتجية مع الولايات المتحدة (الراعي الرئيسي لاستقلال كوسوفو) وهو ما يعني أن الاعتراف بهذا الاستقلال فيه مساندة للولايات المتحدة وإرضاء للدبلوماسية الأمريكية. من التساؤلات الأخرى أيضا : كيف تعترف بعض الدول العربية بالكيان الإسرائيلي هذه الدولة المعتدية وتقيم معه علاقات دبلوماسية مباشرة أو حتى خفية في حين تتأخر في الاعتراف بدولة كوسوفو التي عانى شعبها من ويلات جرائم ضد الإنسانية؟ أكثر من ذلك, بعض الدول العربية الأخرى ترفع لواء الدفاع عن الإسلام والمسلمين في كل أنحاء العالم ومع هذا غابت تمثيليتها الدبلوماسية عن « برشتينا » لماذا هذا الغياب؟ انه شيء محير فعلا ومؤلم كذلك أن تغيب دبلوماسية العرب عن إحدى « بوابات الإسلام » إلى أوروبا,خاصة وان هذا الاعتراف إن وقع كان سيرفع عدد الدول المؤيدة لهذا الاستقلال إلى أكثر من 50 دولة كما أن هذا الاعتراف يحمل دعما معنويا كبيرا لكل سكان هذه الدولة الصغيرة ويزيد من ارتباطهم بديانتهم السمحاء. على كل بقي تساؤل أخير : هل غابت دبلوماسيتنا العربية عن دولة كوسوفو خوفا من مشاكل المواطنين العرب العالقين هناك وهم كثر على ما نعتقد ومن مختلف الجنسيات العربية؟ أخيرا نتمنى أن لا يطول هذا الغياب الدبلوماسي العربي كما نتمنى أن تستخلص الدبلوماسية العربية الدروس الممكنة من هذا الاستقلال لعل في الإمكان الاستفادة من هذه الدروس في قضيتنا الأم فلسطين محمد العيادي –نقابي وحقوقي-قابس      

القمة الإسلامية والإسلاموفوبيا

 
توفيق المديني القمة الإسلامية الحادية عشر التي أنهت أعمالها نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة السنغالية داكارلاتختلف كثيراًعن المنهج العام للقمم الإسلامية المتلاحقة التي لا تزال عاجزة عن تقديم مقاربات واقعية وعقلانية ووفق رؤية حديثة للمعضلات التي تواجهها الأمة الإسلامية . لقد أنشئت منظمة البلدان الإسلامية كرّد فعل على حرق متطرف يهودي للمسجد الأقصى يوم 21 أغسطس عام ،1969و تأسست في الرباط بالمملكة المغربية يوم 25 سبتمبر1969 ،وهي أكبرمنظمة دولية بعد الأمم المتحدةإذ تضم  57دولة إسلامية، ويعتبر مؤتمر القمة الذي يجتمع خلاله الملوك والرؤساء، ورؤساء الحكومات أعلى هيئة في المنظمة، ويجتمع مرة واحدة كل ثلاث سنوات، لاتخاذ القرارات، ووضع سياسة المنظمة. وجاء تشكل هذه المنظمة الإسلامية  التاريخي أيضا على أنقاض هزيمة 67 ،وتحولت الى مايشبه الإطار الذي يريد محو الفكرة القومية العربية أو التصدي لها، و انساق عدد من أعضائها في الاعتراف بإسرائيل سرا أو جهارا ومقيما معها أوثق العلاقات، حتى أن رئيس المؤتمر الاسلامي التركي إحسان اوغلو أدان عملية القدس قبل أيم قليلة. لقدكان الهدف الأصلي من ابتداع هذه المنظمة التي لم تثبت في أي يوم حضوراً سياسياً فاعلاً، « اختطاف » قضية فلسطين من أيدي أهلها العرب، وبالتحديد من أيدي القيادة القادرة حينذاك، ممثلة بجمال عبدالناصر،وحتى من جامعة الدول العربية، باستغلال الجريمة الإسرائيلية لذلك المسجدذي العبق التاريخي وذي المكانة الاستثنائية لارتباطه بالإسراء والمعراج.. من بين الملفات الشائكة التي ناقشتها قمة منظمة المؤتمر الإسلامي الحادية عشرة في دكار ظاهرة الخوف المرضي من الإسلام أي   ظاهرة الاسلاموفوبيا.فقد جاء في التقريرالذي ناقشته القمة ما يلي:« يجب أن يدرك الغرب أن الحرب ضد الإرهاب لن تكون مجدية إلا بدعم من الدول الإسلامية». ولاحظ واضعو التقرير أن الإسلام يواجه هجمات متصاعدة، ولاسيما في الآونة الأخيرة، مشيرين بذلك إلى الرسوم الدانمركية، وخاصة بعد إعادة نشرها، وأيضا مساعي السياسي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز لعرض فيلمه المثير للجدل والمعادي للقرآن:« المتسببون في انتشار الإسلاموفوبيا ينفذون اعتداءاتهم في غياب الإجراءات القانونية الضرورية لمكافحة إساءة استخدام حق حرية التعبير عن الرأي». فكيف برزت ظاهرة الإسلاموفوبيا  في الغرب »          في ظل أجواء إعلان الحرب على الإرهاب التي جاءت بعد  أحداث 11 أيلول/سبتمبر2001 التي شهدتهاالولايات المتحدة ، نظمت أجهزة الإعلام الأميركية والأوربية والصهيونية حملة واسعة شرسة على الإرهاب ، بوصفه المسؤول الرئيس عن ما حدث ، و نال العرب و المسلمون نصيب الأسد من هذه الحملة التي لم تتوقف . ويختلف المحللون الأميركيون في توصيفهم لمضمون الموجة الحالية من الإرهاب الجديد،ولاسيما بشأن العلاقة الارتباطية بين الإرهاب والاسلام. فعلى الرغم من أن الإرهاب موجود في العديد من الدول، ويصيب بدرجة أو بأخرى العديد من الحضارات و الثقافات، فإن بعض المفكرين الأمريكيين، وبالذات صامويل هنتنجتون، ركزوا على أن الإرهاب لا يمثل شكلاً من أشكال الصراع الدولي، بقدر ما يمكن النظر إليه باعتباره حروب المسلمين، سواء فيما بينهم أو بينهم و بين غير المسلمين. وهي حروب قد تتطور إلى صدام كبير للحضارات بين الاسلام و الغرب، أو بين الإسلام و بقية العالم.والحال هذه ، ساند في الغرب  المتمسكون بمبدأ «حق التدخل » في معظمهم ، الحروب الأميركية ضد طالبان في أفغانستان، ونظام صدام حسين في العراق . و أبدى البعض منهم تعاطفا تجاه الكيان الصهيوني في حربه الأخيرة ضد حزب الله. وهكذا ارتسم في في الوعي الغربي المعاصر ( الأوروبي على نحو، والأميركي على نحو مغاير نوعاً ما) صورة للإسلام وللمسلمين مخالفة لتلك الصورة التي كانت له في الوعي الغربي ( عموما) قبل بضعة عقود كما أنها- من جانب آخر- مغايرة لتلك الصورة الأخرى القديمة التي ظهر بها الإسلام في فكر المفكرين الغربيين في الشطر الأخير من عصر النهضة الأوروبي وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. في المعجم الصادر عن « مركز المساواة في الحظوظ » الموجود مقره في بروكسل نقرأ في تعريف الخوف المرضي من الإسلام أو الإسلاموفوبيا ما يلي« الإسلاموفوبيا تعني كراهية ورفض نوع من الإسلام يتم تقليصه في ماهية شرّية ( نسبة إلى الشر، أي بتشديد الراء مع كسرها وتشديد الياء مع فتحها) والحال أن الإسلام حدث جماعي، سواء نظرنا إليه في مستوياته الاجتماعية والجغرافية والتاريخية أو اعتبرها في المستوى الثقافي المحض. تتغذى هذه الكراهية بأفكار قبلية وتصورات سلبية تقوم، في أغلب الأعم من الأحيان، بعملية خلط بين كل من العربي، والإسلامي، والإرهابي، والمتطرف والإسلام كما أنها تخلط بين الدين والثقافة». و كان من أبرز نتائج أحداث 11 أيلول/ سبتمبر أنها دفعت الإدارة الأميركية إلى وضع هدف مكافحة الإرهاب ومعاقبة الدول التي ترعاه باعتباره الهدف الرئيس للسيا سة الخارجية الأمريكية.وكان المحافظون الجدد في الولايات المتحدة الأميركية الذين يقودون هذه الحرب،قداستفادوا من تحليلات خبراء الخوف الجدد وهم زمرة الخبراء من رجال الإعلام والاجتماع وأساتذة العلوم السياسية في الجامعات ومراكز البحوث في فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا الذين يقدمون أوصافاً عديدة للإسلام تختلف وتتبدل بحسب مواقع  الخبراء ومجالات المعرفة التي يصدرون عنها. فأصبحت الإسلاموفوبيا الاديولوجية الأكثر ملاءمة في نظرتهم إلى الإسلام وفي موقفهم من الذين يدينون به، فهو الإسلام الجديد طوراً، والإسلام السياسي طورا ثانياً،والإسلام الجهادي طورا ثالثا والإرهابي حينا رابعاً. لقد قدم المحافظون الجدد صورة جديدة للإسلام في الوعي  الثقافي الأميركي تقوم على العنف و الإرهاب، وأدرجوا بذلك العالم العربي وباكستان وإيران وأفغانستان وتركيا ومجموع دول جنوب شرق آسيا المسلمة في دائرة الإسلاموفوبيا  التي وجدت دعامتها الاديولوجية ومبرراتها الاستراتيجة في مقتضيات بناء الشرق الأوسط الجديد، حين حدد الرئيس بوش الإبن المعادلة الأثيرة ، في تعريف العداوة والغلو والإرهاب: كل من لم يكن مع الاستراتيجية الأميركية – الصهيونية ،فهو بالضرورة، ضدنا. وهذه هي المرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة التي تضع الولايات المتحدة لنفسها هدفاً محدداً يكون محور التركيز الكامل لسياستها  الخارجية،حيث كان التركيز الرئيس  للسياسة الخارجية و سياسة الأمن القومي للولايات المتحدة في مرحلة الحرب الباردة ينصب على محاربة الشيوعية وردع الاتحاد السوفياتي السابق، ممايعني أن الإدارة الأمريكية وضعت هدف الحرب ضد الإرهاب (و الحال هذه العالم العربي والإسلامي)  في نفس المكانة التي كان يحتلها هدف محاربة الشيوعية في فترة الحرب الباردة.
 
(المصدر: صحيفة « الثورة » (يومية – سورية) الصادرة يوم 18 مارس 2008)


العقل في التاريخ.. منابع إسلاميات محمد أركون (2)

محمد المزوغي        لقد قلنا سابقا بأن أركون استمدّ كل أطروحاته ومناهجه وحتى مصطلحاته من المفكرين الفرنسيين واستثمرها في تأويله للتراث الإسلامي، وهذه الإقتباسات المنهجية ليست نقصا في حد ذاتها، ولا ضير فيها إن كانت تلك الأطر الفكرية ناجعة ومؤدية إلى استخلاص نتائج علمية جديدة. لكن أركون يُنكر بشدّة أن يكون قد تأثر بالتيارات الفكرية الغربية، ويحمل على من يزعم ذلك، واصفا إياه بالسطحية. الرجل واع بآراء منتقديه واعتراضاتهم، ويقول: « ربّما ظنّ بعضهم أني تَبنّيتُ هذا الموقف المعرفي والمناهج التابعة له تأثّرا بالتيارات العلمية المتتابعة السائدة في الجامعات الغربية وبخاصة باريس. وربما استنتجوا أني أفرض على الإسلام والفكر الإسلامي ما لا ينطبق عليهما مِن اشكاليات ومنهجيات ومصطلحات وتأويلات خاصة بالفكر الغربي أو الأوروبي. كثيرا ما سمعتُ هذا الإعتراض. وكثيرا ما رأيتُ هذا « النقد » يَتردد في تقديمات سريعة وسطحية لكتبي. وهذا دليل على أن أصحابه لم يقرأوا بإمعان ما كتبتُ. وإذا قرؤوا فإنهم لم يدركوا أو لم ينتبهوا إلى ما بيّنتُ وشرحتُ في مقالاتي المخصصة لما أسميته بالإسلاميات التطبيقية أو المطبّقة (Islamologie appliquée)1». مِن السهل تَفنيد مزاعم أركون جُملة وتفصيلا، وأظنّ أنني بَرهنتُ على أنهم لم يُخطؤوا بتاتا أولئك الذين أخلصوا ـ مثل كاتب هذه السطور ـ إلى أن أركون لم يَخرج مِن حقل مناهج الفكر الفرنسي، ومِن أطُر فلسفته النيتشوية الهايدغارية. نحن لا ننقده لأنه فَرض على الإسلام مناهج خاصة بالفكر الغربي، هذه شوفينية بعيدة عن عقل المفكر التنويري، نحن نسائله عن نجاعة تلك المناهج، ونأخذ عليه نكرانه للبداهة وعدم الاعتراف بمصادره. وفقط كلمة « الإسلاميات التطبيقية »، التي قال أركون بأنها تُمثّل عِلمه الذي دشّنه منذ بضع سنوات2، هي استنساخ لعنوان كتاب روجي باستيد، « الأنثربولوجيا التطبيقية ». وكلّ ما ورد في تحاليله بخصوص الإسلاميات الجديدة، الخارجة عن معايير الإستشراق الإستعماري، نجد بذورها في مشروع باستيد. أما نقد الميتافيزيقا الكلاسيكية فإن مَرجعه الأوحد، الذي يحيل إليه القارئ، هو « الغراماتولوجيا » لـدريدا3؛ المِخيال والتخيّل والعجيب المدهش هي مصطلحات استمدها ممّن وصفها بـ« الأعمال المبدعة للمؤرِّخَيْن الفرنسيين عن القرون الوسطى: جاك لوغوف (Le Goff) وجورج دوبي (Duby)4»؛ أما شِبه العلم المُسمَّى  » علم النفس التاريخي » والذي حاول تطبيق مقولاته على التاريخ الإسلامي، فقد استمدّه من المؤرخ الفرنسي لوسيان فيفر؛ الفيلسوف الروحاني هنري كوربان يُمثل مرجعه الأساسي في ما يخصّ الفلسفة الإشراقيّة؛ العلاقة بين إنتاج المعنى والقوّة، استوحاها مِن جورج بالاندييه وبالتحديد من خلال كتابه (Sens et puissance)؛ وبخصوص الروابط التي تجمع بين العنف والتقديس، مرجعه المفضّل هو كتاب رينيه جيرار (La violence et le sacré)5؛ ولمعرفة تاريخ الصراع بين الأسطورة والعقل عند اليونان يُحيل إلى أعمال المؤرخ الفرنسي ج. ب. فرنان (Vernant)6. أما إميل بولا الذي يصفه بأنه « أحد كبار عُلماء الإجتماع الديني في فرنسا»، وبَالغ في الثّناء عليه إلى حدّ القول بإنه « لا يُمكن فهم كيفية انبثاق الحداثة ومخاضها العسير إلاّ بعد الإطلاع على مؤلفات إميل بولا7». ثمّ ظهر أخيرا « مفكّر فرنسي هو مارسيل غوشيه ونشّط من جديد مصطلح فيبر الشهير « خيبة العالم »8». أما فوكو فهو سيّد الموقف في كلّ إنتاجات أركون، وحضوره يربو على كلّ المفكرين الفرنسيين الذين تأثر بهم وانساق وراءهم9. لقد استوعب درس فوكو، (الذي تبنّى هو بدوره أطروحات جمعية الحوليات)، في ازدراء التاريخ الوقائعي العلمي: « كان ميشيل فوكو قد بيّن أن الموضوعاتية التاريخية ـ المتعالية التي سيطرت على الفكر الأوروبي لفترة طويلة قد ساهمت في اعطاء صورة خاطئة أو ناقصة عن التحقيب الإبستيمولوجي لهذا الفكر10». ثم فوكو نفسه هو الذي أنجده كي يتخلّص من أسر « العقلية الإستشراقية الكلاسيكية (أو الإبستمولوجيا الإستشراقية التقليدية)» وذلك بتصفية ما أسماه أركون « ذلك الإرث الثقيل الذي يضغط علينا والذي كان ميشيل فوكو قد دعاه بـ » الموضوعاتية التاريخية ـ المتعالية »11». أما معيار التحقيب الزمني لتاريخ الفكر فهو أيضا مُستمدّ من فوكو: « إنه المعيار المعرفي العميق أو ما يُدعى باللغات الأجنبية الإبستمولوجي أو الإبستميائي». لقد تفطّن حتى مترجمه نفسه بأن منهجية أركون لا تختلف في شيء عن منهجية فوكو وبورديو « أركون يُطبّق على نقد الإستشراق ما طبقه هؤلاء الروّاد المجدّدون على الفكر الأوروبي الكلاسيكي عامة12». لقد تشبّث أركون بأطروحة فوكو هذه إلى درجة أنه لم يراجعها أبدا ولم يحدس المخاطر الكبيرة التي يمكن أن تنجرّ عنها؛ إنها كارثة ليس فقط على مصير علم التاريخ، بل على أشياء أهمّ من ذلك كما قال أحد المؤرخين الإيطاليين: « إنه يَوم مَشؤوم […] ذاك اليوم الذي يَتخلّى فيه المؤرّخون عن الإعتناء بالأحداث وبالصراعات السياسية13». لكن فوكو يُفعّل كل طاقاته الأدبية ويُجنّد خَطابته الرّنّانة لكي يُجهز على التاريخ الوقائعي: « ها قد مَضَت عشرات السنين واهتمام المؤرخين متركز بالأولى، على الفترات الطويلة، كما لو كانوا يسعون إلى أن يكتشفوا، خلف تغيرات السياسة وتقلّب أحوالها، التوازنات القارة التي يعسر الإخلال بها، والتطورات التي لا ترتدّ على عقبيها، والإنتظامات الثابتة، والظواهر المالية التي تنقلب عندما تصل إلى أوجها بعد أن تكون قد استمرّت حقبا زمنية طويلة، وحركات التراكم والإشباع البطيئ، والدعائم العظيمة الثابتة الخرساء التي كساها تشابك الحكايات التقليدية بغلاف سميك من الأحداث14». عوضا عن هذا التاريخ « الذي يَعجّ بالحكومات والحروب والمَجَاعات» أقيمت تواريخ بطيئة الحركة « كتاريخ الطّرق البحرية، وتاريخ القمح ومناجم الذهب، وتاريخ الجفاف والرّي والأراضي، تاريخ التوازن الذي يقيمه الجنس البشري بين العوز والرخاء»؛ على كلّ حال، التاريخ الجديد لا يهدف « إلى تقصّي البدايات الصامتة ولا إلى الصعود اللامحدود نحو المُمهِّدين الأوائل، بل إلى رَصد نمط جديد من المعقولية15». هكذا، يكفي أن تُوصفَ البداية بأنها صامتة، والصعود بأنه لامحدود، حتى يُصبح التاريخ الوضعي خاطئا، وتفقد منهجيته من نجاعتها. إن عمل المؤرخ لم يَعد مُقيّدا بالوثائق والمعطيات الخارجية، الوثيقة لا معنى لها في حدّ ذاتها، وبالتالي لا ينبغي اعطاؤها أهمية محدِّدة في سبر الأحداث الماضية بل ينبغي أن توضع هي ذاتها « مَوضع سؤال16». فالوثيقة هي « ضالة المؤرخين، استنطقوها وطرحوا بصددها تساؤلات، فسألوها لا عمّا تريد أن تقوله فحسب، بل وعمّا إذا كانت تقول الحقيقة فعلا، وبأيّ حق تدّعي ذلك، وما إذا كانت تقول الصدق أم تزيّفه، على دراية بالأمور أم على جهل بها، حقيقيّة أم مزيّفة17». لكن التاريخ الحديث « عَدَّل من موقفه تجاه الوثيقة، فأخذ على عاتقه كمهمّة أولى، لا تأويل الوثيقة أو مدى صدقها، وقيمتها التعبيرية، بل فحصها من الداخل وتدبّرها؛ فهو يُنظّمها ويُجزّؤها ويُرتبها ويقسّمها إلى مستويات، ويُقيم سلاسل، ويميّز ما يستحقّ النظر عما لا يستحقّه، ويرصد عناصر، ويعيّن وحدات ويَصف علاقات18». كل هذا السَّيل من الخَطابة والتكرار ـ الذي مَرَّرَه فوكو لأتباعه ومِن بينهم أركون ـ كان يمكنه أن يقوله في كلمتين ويريح القارئ: الوثيقة لا تَدُلّ على الماضي وليست مَرجعا ثابتا نَتقفَّى بها آثار الأحداث، يجب دراستها في ذاتها، أعني في بنيتها الداخلية دون إحالتها إلى شيء خارج عنها. ولكن من أجل الأمانة العلمية، علينا أن نتجرّع خطابة فوكو، كي نُبيّن بالدليل والحجّة ما كنّا قد ذهبنا إليه سابقا من أن المشروع الذي كثيرا ما أشاد به أركون، هو ليس إلاّ استنساخا لأردئ ما أنتجته الفلسفة الفرنسية في العقود الأخيرة من القرن العشرين. يواصل فوكو قائلا: « لم تَبق الوثيقة بالنسبة للتاريخ، تلك المادة الخام التي يسعى من خلالها استعادة ما صدر عن الناس من أقوال وأفعال […] ليست الوثيقة الأداة السعيدة لتاريخ يكون في ذاته وبكامل الحق ذاكرة19 ». هذا هو التاريخ التقليدي، الذي ينبغي، كما يقول فوكو، تخليصه « من الصُّوَر التي ارتضاها لنفسه زمنا طويلا20». لقد ولّى ذاك العصر الذي كان فيه التاريخ « يَسعى إلى أن يجعل من نصب الماضي وأثرياته « ذاكرة »، ويحوّلها إلى وثائق ويَحثّ تلك الآثار على التكلّم، تلك الآثار التي غالبا ما تكون خرساء، في حدّ ذاتها، أو أنها تقول صمتا ما تقوله جهرا21». وقامت مدرسة الحوليات بتدشين عصر جديد أصبح فيه التاريخ « يُحوّل الوثائق إلى نُصُب أثرية، ويَعرض كمّية من العناصر التي ينبغي عزلها وابرازها والربط بينها وحصرها في مجموعات22».       مدرسة الحوليات إذن هي المَعِين الذي استقى منه فوكو انتقاداته للتاريخ الوقائعي: تلك هي المدرسة التي أرادت أن تُثوّر التاريخ وأوحت إلى أركون بمقولات التاريخ الحَدَثي، وأتاحت له تفادي ما أسماه وَهْم الموضوعية التاريخية المتعالية: ليس من المبالغة القول بأن هذه المدرسة كانت السبب في تعطيل مسار علم التاريخ في فرنسا لمدّة سبعين سنة تقريبا، وأدخلت التاريخ في حلقة مفرغة، وكادت أن تقضي على أغراضه العلمية تماما.  « ما أكتُبُه هو تاريخي أنا23»، هكذا يقول جورج دوبي، مُركّزا على ضمير المتكلِّم، يعني أن التاريخ فقَدَ مثال الموضوعية وأصبح مُجرّد نزعة فرديّة تهجم فيها الذات بكلّ ثقلها لتُشرّط عمل المؤرخ، هذا ما صرّح به دوبي وأكد عليه: « لا أنوي، على الإطلاق، إخفاء ذاتوية خطابي». إنه شيء مُذهل حقا: التاريخ أصبح تاريخه هو بالذات، يَلعَب فيه خَياله الشخصي دورا استكماليّا حينما تنقصه الموادّ والوثائق24. التاريخ، أو كتابة التاريخ هي من جنس الأدب، لها علاقة بالأدب التّرفيهي، وبالتالي فإن المؤرّخ يستخدم خياله الخلاّق، مثل الأديب، لكتابة التاريخ، مع فارق بسيط، وهو أن المؤرّخ مهموم بحقيقية الشيء أكثر منه بواقعيته25. لقد وصل اليأس من الموضوعية التاريخية إلى درجة أن لوسيان فيفر، في كتابه عن ديانة رابليه (Rabelais) قال بأن كلّ عصر يَصنَع تَمَثّله للماضي، أثينتَه، رُومَاه، قُرونَه الوسطى، نَهضتَه؛ وبأنه حتى بحضور المَهارة العلمية وتَوفّر المَواد الأولى فإن كلّ البناءات التاريخية تبقى خياليّة، وبالتالي ليست أكثر صدقا من تلك التي سبقتها: فالمؤرخون القدامى صوّروا نفس الحقبة بحسب اهتماماتهم ومصالحهم، وقد تكون التواريخ الحديثة، أَثْرَى وأَزخر منها، ولكنها ليست أصدق26. هذه النسبوية التاريخية المُشِطّة كانت بالنسبة لأركون « بمثابة الصاعقة أو الوحي الذي يَنزل عَلَيّ. لقد كشفَت لي الطريق ـ هكذا يعترف أركون ـ الذي ينبغي أن أسلكه […] ولولا مَجيء لوسيان فيفر من باريس وإلقائه تلك المحاضرة العصماء وحضوري إياها بطريقة تُشبه الصدفة لربّما بقيتُ نائما كغيري دون أن أحسّ بشيء27». على كلّ حال دوبي يوافق تماما هذه العدمية التاريخية ويؤيّد فكرة لوفيفر في نزع التقدّم العلمي والموضوعية عن عمل المؤرخ، ويحيل صناعة التاريخ إلى الذات فقط: « أنا مقتنع بعدم إمكانية تفادي ذاتوية الخطاب التاريخي28». التاريخ هو نوع من التحليل النفسي الذاتي؛ إنه نِتاج حُلم، كما يقول دوبي، والكلّ له الحق في أن يحلم كما يشاء، لأن الواقع لا وجود له، وبالتالي (وهذا استنتاجي) فإن بَهلوانا كفوريسون (Faurisson) لا يمكن أن نَنقُض أحلامه أو نُفنّدَها، فمعيار الصدق معدوم والحدث التاريخي غائب. ولكن المؤرخ دوبي، على العكس من ذلك، متأكد من شيء واحد، وهو أن « المسيحية هي دين مُؤرِّخين » كما قال أيضا زميله بلوخ؛ علم التاريخ هو علم مناسب للغرب المسيحي فقط، أما الصين والهند والعالم الإسلامي وإفريقيا السوداء فإنهم لم يُنتجوا تاريخا البتّة (كلام دوبي). وذلك لسبب بسيط وهو أن الفكرة التي « تَتَمثل سيرورة الإنسانية كشيء مُرتَبِط بمُتّجَه (vecteur) مُعيّن، هي إحدى العناصر الجوهرية في الثقافة المسيحية29»، كلّ شيء نَبَع من المسيحية، لا بل إن « مفهوم زَمَنٍ مُنتَظم ومُوَجَّه؛ مفهوم التاريخية، مُتضمَّن في المسيحية30». هذا هو جورج دوبي الذي أشاد به أركون، واقتفى أثرَه وأثر زملائه31؛ دوبي لم يثوّر التاريخ، وأحكامه القاسية ضدّ الحضارات الأخرى، تُبيّن أنه لم يتخلّص من النظرة العنصرية للآخرين، ومن المركزية الغربية، وتاريخ الحوليات لم يُعلّمه شيئا وما كان ليُعلّمه. لقد تمثّل أركون هذه الأفكار العدمية وحتى أطروحات بعض المراجعين للتاريخ مثل فوريه (Furet) وقال، مدعّما النسبوية التاريخية بأنه « يُمكن للعَرب أن تكون لهم قراءتهم الخاصة عن الثورة الفرنسية، وهي قراءة تُلبّي حاجيات المجتمعات العربية ومطالبها الإيديولوجية في لحظة ما من لحظات التاريخ، أكثر ممّا تُقدِّم صورة حقيقية عن الثورة الفرنسية ذاتها32». يعني أن المؤرخين العرب لا ينبغي عليهم أن يُقدِّموا الحقيقة على المصلحة، أو يحاولوا الإهتداء إلى قراءة علمية لحدث تاريخي ما، بل الحاجة الإيديولوجي الملحّة هي المحرك لأعمالهم. لماذا نعيب على الفرنسيّين تدليسهم لتاريخنا؟ لماذا نستنكر إعادة كتابة التاريخ على حساب الحقيقة العلمية، وعلى حساب الشعوب المستعمرة؟ حسب أقوال أركون، الفرنسيون محقون في ذلك إن كان الغرض هو إعادة اللحمة القومية وتمتين الإحساس بمهمّتهم التاريخية. هذا استنتاج منطقي ضروري، لا يمكن تفاديه. وأودّ أن أعارض في كلامي هذا.       ليس من المستغرب، على أساس مواقف من هذا القبيل، ألاّ تُحضى أفكاره بالترحيب من طرف العلماء الغربيّين أنفسهم، وقد اعترف قائلا: « إنهم لا يُصدّقونني حتى الآن ولا يقتنعون بمشروعية هذا التجديد المنهجي والإبستيمولوجي الذي أدعو إليه33». ولقد كانت صدمته على أشدّها حين عَلِم بأن كلود كاهين، الذي خصّص له دراسة مطولة في سنة 1996 بمجلّة (Arabica)، هو مِن بين أولئك العلماء الذين يرفضون منهجية تاريخ الحوليات التي يدعو إليها، وبالأخصّ يُعارض بشدّة أعمال: « الشخصيّتين العلميتين الكبيرتين: فرنان بروديل صاحب الكتاب الضخم عن المتوسّط، و د. غواتان34». إن اعترَافاته الشخصية فيها شيء من المرارة والخيبة، ولكن فيها نوع من التعنّت وإجهاد لروح العلم لا مُبرّرَ له أصلا. أركون، يرغب في أن يَنظَمَّ المؤرخون، دون حقّ الفحص والنقد، إلى صَفّه ويتقبّلوا سفسطة مدرسة الحوليات: « أعترف بأن كلود كاهين قد صدَمني كثيرا وخيَّب أملي بسبب موقفه السلبي (وغير المفهوم) من فيرنان بروديل. فلم يكن يَطِيق سماع اسمه!35»، ثمّ يستنكر على كاهين إعراضه عنهم، ويتساءل: « لماذا هذا الموقف العدائي من زعيم التجديد في مجال البحث التاريخي والمنهجية التاريخية36»، وأخيرا ينصحه بالتراجع عن مواقفه وبتَقبّل تلك الأعمال التي تناقض، سواء في المنهج أو النتائج، أعماله التاريخية، وذلك لكي يتمكّن من فهم الشرق الإسلامي. حقيقة أشياء مُربكة، وتصريحات لا تليق بالمفكّر، ولكن كاتب هذه السطور يُوردها هكذا في عرائها لكي ييرهن، بالدليل والحجّة النّصيّة ـ كما أكد على ذلك في بداية المقال ـ على آرائه وأحكامه تجاه أركون. كان على كلود كاهين أن يتبنّى بروديل وأعماله؛ من المفروض أن يكون الأمر كذلك، لكنه لم يفعل، وهذا بِحدّ ذاته مدعاة للإحباط وخيبة الأمل، لأنه، حسب أركون: « لو قَبِلَ [كلود كاهين] أن يَستلهِم أعمال هذا الزميل المُجدِّد لاستفاد كثيرا من بحوثه عن الضفّة الجنوبية والشرقية للمتوسط، ولكان تراجع عن ذلك الإستخدام السهل لمصطلحيّ  » الشرق الإسلامي » بشكل تعميمي. لو أنه اطلع على أعمال بروديل لقام بنقد صِحّي وضروري لهذين المصطلحين ولما ألقى الكلام على عواهنه37». لكي يُقلع كاهين على استعمال مصطلح متداول منذ عصور غابرة، أعني  » الشرق الإسلامي » عليه أن ينتفع بالحوليات وتاريخ بروديل. ليس لديّ شيء آخر أضيفه. أترك الحكم النهائي للقارئ. 4 ـ العدمية المُكتمَلة:       إعادة تأهيل الخطابات اللاعقلانية، ووضعها على قدم المساوات مع الإنتاجات العلمية، هي الأطروحة الثابتة التي استقاها أركون من فوكو. لقد ذهب هذا الأخير في كتابه  » حفريات المعرفة » أن في عالم الخطاب، ليس هناك تمييز أو تفاضل بين أصناف المعاني، ذلك لأنه مِن غير المعقول « أن نَقبَل، هكذا، وعلى عِلاته، تمييزا كذلك الذي يُظَنّ أنه قائم بين أنماط الخطاب الكبرى، أو كذلك الذي يُعتقد أنه يوجد بين أشكال وأنواع متعارضة فيما بينها، كالعلم والأدب والفلسفة والتاريخ والخيال الخرافي38». إن منهجية فوكو، التي استمدّها منه أركون وطبّقها على القرآن، تتلخّص في الفكرة المحورية التالية: « التعامل مع العبارة كشيء قائم الذات لا يُحيل إلى مستوى آخر، والنظر إلى ما في خصوصياتها وتَمَيُّزها كحدث لا أصول له، وتحديد شروط وجودها، وتعيين حدود تلك الشروط بكيفية دقيقة وواضحة أكثر، مع إبراز الترابطات القائمة بين العبارة وعبارات أخرى لها صلة بها39». وهذه المنهجية تتضارب مع منهجية تاريخ الفكر، أو ما دعاه أركون، منهجية العقل الكلاسيكي للإستشراق، حيث « تحليل الفكر هو دوما وباستمرار تحليل يسعى إلى البحث عن المعنى الحقيقي وراء المعنى المجازي، يبحث عما وراء الخطاب40». هذا هو علم فوكو الجديد الذي سمّاه حفريات المعرفة، فهي حفريات لا تُعنى بتحديد الخواطر والتمثلات والصور والأفكار المحوريّة والموضوعات الأساسية التي تختفي وتظهر في الخطابات، « لا تنظر إلى الخطاب على أنه وثيقة، ولا تعتبره علامة أو إشارة تحيل إلى شيء آخر41». إن حفريات المعرفة هذه، والتي أجرؤ القول بأنها عَبث فكري وعدمية نظرية مُدمِّرة، لا ترى في الخطاب « عنصرا، مَهمَا بلغ من الشفافية، نكون ملزمين، في الغالب الأعمّ، باختراق عتمته وضبابيته، حتى نصل أخيرا إلى حيث يقبع ما هو عميق وجوهري فيه». ما مُهمّة الحفريات؟ وبماذا تعنى إذن؟ فوكو يُعيد على مسامعنا ما قاله وردّده عديد المرات؛ حفيرياته « تُعنى بالخطاب في حدّ ذاته بوصفه نصبا أثريا. فحفريات المعرفة ليست مبحثا تأويليا: ما دامت لا تسعى إلى اكتشاف « خطاب آخر » يتوارى خلف الخطاب. كما ترفض أن تكون دراسة تبحث عن المعنى الحقيقي خلف المعنى الظاهر، فهي ليست مبحثا مجازيا42». هذه الخَطابة الرّنانة، هذه الفلسفة الأدبية، التي تربط في مكان وتحل في آخر، وتدّعي أن الخطاب لا يحيل إلى شيء آخر، ثم تَمنع من الكشف عن الأصول وعن العلل والأسباب، هي التي شجّعت أركون على عدم اتخاذ أي رأي بشأن النصّ القرآني. أما ما دعاه أركون بالأطراف والهوامش43، فقد استوحى هذه الفكرة أيضا من تخريجات فوكو، حيث يصف منهجه بأنه « يحكي تاريخ الأطراف والهوامش، ولا يحكي، إطلاقا، تاريخ العلوم، بل تاريخ تلك المعرف الناقصة غير المؤسسة والتي لم تتمكّن، في يوم من الأيام طيلة حياتها المثابرة، من الحصول على الصفة العلمية…تاريخ تلك الفلسفات الأشباح التي تخالط الآداب والفن والعلم والقانون والأخلاق وحتى حياة البشر اليومية44». نيتشه عَلّم فوكو الإقلاع عن تتبّع المعاني أو حتى البحث عن المغزى الحقيقي وراء الكلمات، والإكتفاء فقط بالمُتكلّم، مكانته، هويّته، انتماؤه، فعلا « لم يكن المقصود بالنسبة لنيتشه التوصل إلى معرفة الخير والشرّ في الجوهر، بل اكتشاف مَن المَعنيّ، أو بالأحرى مَن المتكلِّم45». ****       لو أنّ عدمية أركون اقتصرت فقط على الجانب المعرفي لما أوليناها أهمية كبرى، لأنها من التهافت والهشاشة بحيث أنه من الهيّن جدّا على الفيلسوف أن ينقضها جملة وتفصيلا. لكن مُعاداته للعقل التنويري، الذي يدعوه بكل احتقار « العقل السكولاستيكي »، أي العقل الذي يبغي اكتشاف الحقيقة، وعدم الركون إلى الخَطابة والمُفارقات، لها استتباعات عملية خطيرة: لقد أدت بأركون، في نهاية المطاف، إلى مناهضة الديمقراطية وإلى تكرار تُهم كثيرا ما كررها الأصوليون والدكتاتوريون في العالم العربي. الديمقراطية الغربية هي ديمقراطية استهلاكية، تحيا وتموت في حينها « وعلى الرغم من ذلك فإنهم، أي الغربيين المسيطرين، يأمرون الشعوب النامية والثقافات المتخلفة باعتناق هذه الديمقراطية التمثيلية الليبرالية الإنتخابية46». هذا الموقف ليس مستغربا من أركون، لأن الرجل هو أيضا مِن مُناهضي العلمانية بالقول والفعل، فهو ما فتئ ينصح فرنسا بأن تُغيّر مناهج تعليمها وتُقحم الدراسات الدينية في معاهدها ومؤسساتها التعليمية47. لكن استتباعات أفكار أركون على الجانب النظري لا تقلّ خطورة، ليس على قرّائه فقط بل على مشروعه هو بالذات. ذلك لأن مَن يَقِف على أرضية من هذا القبيل فإنه من الصعب جدّا أن يُنتج علما، بل ستغلب على أعماله الخطابة المُطوّلة والإختزال والأخطاء وعدم الدقّة في الإحالات (انظر مثلا التبسيطات التي وقع فيها حينما تكلّم عن الفلسفة الحديثة وخصوصا عن فلسفة كانط الدينية48، أو في حديثه عن « تصوّرات السعادة والتوقان إلى النجاة في الفكر الإسلامي »، حيث وَعَد بالتحدّث عن مفهوم السعادة خصوصا في « تهذيب الأخلاق » لمسكويه، إلاّ أنه لم يستشهد ولو بكلمة واحدة من الكتاب الكلاسيكي الذي تناول مفهوم السعادة، أعني « أخلاق نيقوماخوس » لأرسطو، ولا حتى أورد جُملة واحدة من كتاب مسكويه49؛ لقد استشهد بنفسه وأشاد بأعماله وبالمَهامّ الإستكشافية المُلقاة على عاتقه وتاه في مواضيع ليست لها علاقة مباشرة بموضوع البحث50). قد لا نتعجّب إذن والحال هكذا، إن عثرنا في صفحات كُتُبه على مواعظ دينية أو دروس في التربية الإسلامية على الشكل السلفي الوهابي، الذي ادّعى أنه نذر حياته العلمية بتمامها لمحاربته وتفنيده. الرجل مؤمن مقتنع كمثله من المؤمنين لا يختلف عنهم طرفة عين: فالوحي، أو ما يدعوه أركون بالخطاب النبوي، يؤدي حسب اعتقاده دورا عظيما في اقتصاديات الخلاص، بحيث أنه عن طريق الوحي « يَظهَر لأول مرة في التاريخ إنسان الميثاق المتعاقد مع الله الحي، المتكلّم، الفاعل في التاريخ الأرضي، من أجل إغناء وتوسيع العلاقة المتبادلة بين الإنسان ـ والله، أو الله ـ والإنسان […] وبفضل الغِنَى الكاشف للخطاب النبوي فإن الإنسان يرتقي إلى مرتبة الشخص وكرامته عن طريق استبطان الله كمقابل حميمي. ويحصل هذا الإستبطان عن طريق الصلاة وعمل الخير والتأمل في كلّ آيات الله في خلقه وفكّ رموزها. كما أنه يتمّ عن طريق هذه النعمة التي خصّ بها الله الإنسان من بين جميع المخلوقات وحمّله تلك المسؤولية الثقيلة لإدارة وتسيير شؤون النظام العادل بصفته « خليفة الله في الأرض »51 ». ليس من سبيل المبالغة أنني قُلتُ بأن مواعظ أركون لها نفس طبيعة المواعظ الوهابية، فعبارة  » إنسان الميثاق المُتعاقد مع الله »، ثم الأخرى: « خليفة الله في الأرض »، علاوة على أنها عبارات مُوغِلة في التشبيه ومُخلّة بمبادئ التنزيه والتعالي الإلهي، فهي تُعتَبر من بين المكونات الجوهرية في إيديولوجيا الإستخلاف الوهابية52. أما « التأمل في الخلق » و »استبطان الإله »، فهذه أقوال خارجة عن مدارك عقولنا، ولا داعي لمناقشتها. يؤسفني أنني لا أتحاور مع فيلسوف مَحض، وكأني بكاتب السطور أعلاه هو مِن الفقهاء أو الوعّاظ، ولا ينتمي إلى زمرة المفكرين العقلانيين الذين كثيرا ما تَهجَّم عليهم أو تملّص منهم وعارضهم بشدّة. لقد اتَّهم كلّ من يَبحث عن حقيقة ثابتة وغير خاضعة للتاريخ بأنه مثالي، ولكنه، في مقابل هذه المثالية السّيئة، يُقدّم البديل الذي يسمّيه بالحرف « مَوعظة وذكرى53». ويكفي للتثبّت من مواقفه الإيمانية، معارضته دون رجعة لأولئك المفكرين العلمانيين الذين يَرفضون إضفاء القُدُسية على الكتب المدعوّة « مُنزّلة » ويعتبرون الوحي « باطلا « علميا » أو تجريبيا54». لقد موقع نفسه، وأعرب صراحة عن منحاه الإيماني، معترفا باختلافه عن المفكرين المعاصرين الذين وصفهم بالعنجهية والغرور، وبالتغطرس لأنهم يحتقرون المؤمنين احتقارا، ويزجّون بهم في ركن الفئة غير العلمية. أما هو شخصيا فإن منهجيّته الجديد لا تهدف « إلى احتقار القديم أو الماضي أو الدين أو العقائد أو التراث باسم العلم الحديث المتأكد من قواعده ومبادئه ومناهجه ونتائجه». ذلك لأن « التضادّ الحادّ والقاطع بين التراث والحداثة لم يُشكل في التاريخ إلاّ لحظة محددة هي لحظة العقلانية العلموية التي فرضت تحديداتها ووصفاتها. لقد تجاوزنا هذه المرحلة الآن. إن المجتمعات تتكلّم على عدة مستويات وينبغي أن نتلقّى كل خطاب على المستوى المعرفي الخاص به ومن خلال المقولات التي ساعدت على تشكيله وتمَفْصُله55». لكن بالنسبة لأركون العصر الذي اضطهد الفكر الأسطوري وهمشه قد انقضى، والدليل على ذلك « الجهود التي يبذلها حاليا علم الاتنولوجيا من أجل إعادة الإعتبار للأسطورة والتركيبات الأسطورية و »الخرافات » و « الحكايات » و »الشعوذات » و »السحر »، إلخ56». لقد ضُخّم كثيرا، في الماضي، من دور العقل وعَملت الثقافات على « احتقار الخيال أو المخيال وعدم التعرّض له إلاّ نادرا57». يجب دحض الفكر العلماني الوضعي، الذي يروّج إليه العلماء، وأركون يقصد تحديدا المستشرقين العلمانيين والمؤرخين وعلماء الألسنيات، وحتى المُفكرين العرب التنويريّين، ذلك لأنهم « يَحِلّون التفسير الوضعي والعلموي مَحلّ غيره من دون أن يَعوا أن النصّ الديني هو أوّل مرجعية وجودية إجبارية بالنسبة للمؤمن58». أركون يعارض بكلّ حزم هذا النهج، أعني نهج أولئك الذين يكتفون فقط بالتفسير الوضعي العلموي، ويتملّص منهم قائلا: « ليس هذا موقفي59». يبدو أن إنطفاء شعلة الفضول العقلي وضمور الهواجس النظرية، التي نجدها عند أركون، والتي يبثّها إلى قرّاءه، سببها الأساسي هو نظرَته للعالم، وتصوّراته الأنثربولوجية المتشائمة: فالعالم هو كيان مُغلق لا يمكن فهمه، والكلمات لا تحيل إلى الأشياء، وليس هناك ظواهر يمكن تعليلها، والتاريخ فاقد للموضوعية، والمقدّس لا يمكن الإستغناء عنه، والأساطير والخرافات والسحر والشعوذة تُنتج المعنى كما يُنتجها العلم والدين. عن طريق هذا الصنف من الفكر العَدمي لا يمكن أن تُرَبَّي اهتمامات نظرية جدّية، بل إن البعد النظري العقلاني، يفقد جدواه ويصبح نافلا، وعبثيّا.       لا يجب المساس من معتقدات الناس؛ مِن رأسمالهم الرمزي على حد تعبير بورديو، ولا البوح بالحقائق العلمية بهدف تغيير العقليات وبثّ روح التنوير. أركون يتحالف، بأطروحته هذه، مع الوعي الشعبي ضدّ المفكرين الأحرار. وأرى أن خلف هذه الأقوال هناك رغبة (واعية أو لاواعية) في تأبيد حالة الجهل، ومنع الناس عن حبّ الإطلاع والخروج من نفق الجهالة. الحرية الفكرية لها مجال خاص وزمن محدّد ولا تمتد لتشمل الكل، إن كانت الظروف السياسية والإجتماعية مُتوتّرة، يجب تعطيل العلم والمعرفة وتكميم الأفواه، هذا ما يقصده أركون صراحة حينما يقول بأنه: « ضِمن هذه الظروف تُصبح حرّية الفكر تَرفا ما بعده ترف60». وطبقا لمبدأ التقية هذا فإن الرجل يُدِين ذاكرة المفكرين العرب التنويريين مثل طه حسين وعلي عبد الرازق ويقول بالحرف: « لقد تَهوّر بعض الكتّاب وتسرّع في إدخال نظريات علمية شديدة الجدّة حتى بالنسبة للغرب الذي اكتشفها كنظرية داروين فيما يخص تطور الأنواع. يمكن أن يُقال نفس الشيء فيما يخص طه حسين وعلي عبد الرازق اللذين برهنا على سذاجتهما الفكرية عندما اعتقدا بامكانية التعرّض لموضوعين مشحونين بالتصورات الميتولوجية والدينية والتقديسية…61». لا تحضرني في هذا المقام إلاّ قولة للفيلسوف الإيطالي بندتو كروتشي (Benedetto Croce)، الذي صرّح فيها ـ بعد أن اطّلع على خطاب العمادة لهايدغر ـ قائلا: « لقد قرأتُ بالكامل خطاب هايدغر، إنه شيء أحمق وعبودي. لا أستغرب الشّهرة التي ستحوز عليها، لبعض الوقت، طريقته في التّفلسف: الخواء والعموميات دائما تكسب الشهرة. لكنها لا تُنتج شيئا. أعتقد أن الرجل في ميدان السياسة لن يكون له أيّ تأثير يُذكر، لكنه يُدنّس الفلسفة وهذا ضرر حتى على السياسة ذاتها62». أجل، الخواء والعموميات لا تنتج شيئا، لكنها تضرّ بالسياسة وتُدنّس العلم، فلو أن المثقفين العرب اتّبعوا نصائح أركون لَمَا كتب صادق جلال العظم  » نقد الفكر الديني » ولما تجرّأ، في تلك الفترة بالذات ( أحداث سلمان رشدي والآيات الشيطانية)، على كتابة « ذهنية التحريم »، ولَكَبَتَ أفكاره وعِلمه بين جنبيه، أو أرجأها إلى أجل غير مسمّى حتى تمرّ الأزمة وتنطفئ نار الفتنة.       المبدأ الأساسي عند أركون هو هذا: « لا يَحِقّ لك كمفكّر أن تَستهين بهم [بالمؤمنين] أو أن تَحتقر مُعتقداتهم … قليلا مِن الحَياء إذن63». غريب جدّا أن يَطلب الرجل مِن مُنتقديه  » قليلا من الحياء »، وهو الذي شنَّع على العالم الإسلامي ـ ثم يزعم الدفاع عنه ـ واحتقَر المثقفين العرب ولم يُفوِّت فرصة واحدة64 إلاّ وأهانهم فيها، وأمعن في إهانتهم وذلك في أيٍّ من مؤلفاته التي ألّفها منذ بروزه على الساحة الثقافية العالمية. أقول: ليس مِن النُّبل والسَّخاء الردّ على أركون:  » قليلا من الحياء »، ولكن  » قليلا من التواضع » لازمة في هذا المقام. على كلّ حال، أرى أنهم لم يُجانبوا الصواب أولئك الذين اعتَبروا فكر أركون ومشروعه النظري من باب الطوباوية، بل إن أركون ذاته اعترف بأن مشروعه ليس إلاّ « أُمنِية طوباوية »، ولكنه برّر طوباويته تلك، وعدم تَحقُّق أهدافه بسبب غياب « قاعدة سوسيولوجية عريضة و […] جماهير65». كيف يمكن، موضوعيّا، لأركون أن يُكوِّن قاعدة شعبية تَتبنّى أفكاره انطلاقا من مسلّمات عدمية من ذاك القبيل؟ كيف يمكن له ذلك وقد نَبذَته الجماهير المؤمنة ورفَضه العلماء؟ المؤمنون غاضبون عليه لأنه أوهم بإدخال التاريخانية في قراءة نص القرآن، وادعى تنسيب الوحي؛ أما العلماء الوضعيّون فقد أصيبوا بخيبة أمل من تَعلّقه المفرط بمناهج البنيوية والسيمياء وأركيولوجيا فوكو وتاريخ الحوليات، وتَذبذبه بين مواقف علمية منفتحة وأخرى إيمانية منغلقة66. كان على أركون، إن أراد لنفسه تكوين ما أسماه بقاعد سوسيولوجية عريضة، أن يردّ الإعتبار للعقل، وأن يختار بوضوح وصراحة ـ كما فعل المفكّرون العرب المستنيرون ـ أطروحاته ومواقفه وأن يدعّمها، ليس بالخطابة الرنانة ولكن بالبراهين المنطقية والتحاليل العميقة الموثقة ؛ كان عليه أن يختار: إمّا الإيمان الصرف أو العلم، فالجمع بينهما مستحيل كاستحالة أن نحصل في نفس الوقت على شكل مربّع ومستدير.  ****        محمد أركون ليس هو بأرسطو، وشارحه، هاشم صالح، ليس هو بابن رشد، وقد لا يُوافقان على هذه التسمية لأن أحدهما يُزكّي الآخر67، وكِلاهما يَجتمعان في نقطة ثابتة ومُوحّدة ألا وهي ضرب العقل العلمي والتنوير والوضعيّة، والتشبّث بمواقع إيمانية مُلحّفة بلحاف شبه علمي تنويري. كل مواقف أركون تتلخّص في هذه القولة السلبية الجازمة: « لا أريد اختزال الظاهرة الدينية أو نفي الوحي كما يفعل الكثيرون68». ومواقف هاشم صالح تتلخّص في هذه القناعة: « الخطأ والكذب… ضروريان للحياة أكثر من الحقيقة69».  وأن يَدّعي مُترجمه، هاشم صالح، بأنه « تَلزم عدّة كتب من أجل شرح كتاب واحد مُترجَم له!70»، فهذا لا يستثيرنا كثيرا ولا نعجب منه، لأن الرجل فَقدَ الإحساس بالواقع، فهو يدّعي بأنه لا يعيش بَينَنا ولا ينتمي إلى عالمنا، بل إلى جيل أوروبي انقرض منذ ثلاثة قرون71، أما أركون فإنه يُريد الغوص في دنيا لا وجود لها، دنيا الوحي الشفهي الذي امّحى بلا رجعة، ويُحاول الدخول في أذهان أناس ماتوا منذ 1400 سنة خلت.       نحن مِن هذا العالم، نعيش فيه بكل جوارحنا، نودّ أن نعرف قوانين هذا الكون، والكشف عن أسراره، نُؤمِن بالعقل، ومقتنعين بقدرته المعرفية المطلقة؛ نحن مُنغمسون في واقعنا، شئنا هذا أم أبينا، بكلّ ما يحمله مِن نَكَد وضَنك، وحروب وحشية تنطفئ في مكان لكي تشتعل في مكان آخر. وكثير من تلك المِحن والحروب التي تُعاني منها البشرية مَردّها الأساطير والأديان: أسطورة شعب الله المختار وإسرائيل الكبرى، أسطورة التواراة التي كَتبها يهوه بأصابعه؛ أسطورة موسى مُخلّص بني إسرائيل من عبودية المصريين؛ خرافات حول ولادة عذرية، نهاية العالم، بناء المعبد الجديد على أنقاض المسجد الأقصى، أسطورة المسيح والمسيح الدجال؛ أساطير الوحي والنبوّة وإعجاز القرآن، والخوارق والمعجزات، إرعاب الناس بكائنات خرافية: الشيطان، الجنّ، ملك الموت، عذاب القبر، منكر ونكير. كلّ هذه الأساطير لم يُناقشها أركون بجدية ولم يُخضِعها إلى تمحيص عقلاني، وهذا أمر يُعجَب له حقّا، خصوصا لمن سمع بشهرته الفائقة وبغزارة انتاجاته، ولكن الدارس الذي يباشر كُتبه بروح نقدية لا يعجب كثيرا، لأن الرجل يؤمن بتلك الأساطير ( على الأقل تلك التي تخصّ الدين الإسلامي) إيمانا كلّيا، وعلى العكس مِن ذلك فهو لا يؤمن بالعقل بتاتا. المطلوب من العالِم المُتبصّر أن يناقش هذه المسائل ويَضع الأديان على محك العقل وينوّر الناس، باثا فيهم روح الفضول النظري وحب المعرفة، وتشجيعهم على القطع مع نسق الخرافات والأساطير التي لا تؤدي إلاّ إلى الكوارث، لكنه لم يفعل ذلك، ولا يمكن أن يفعله، لأنه لو أقلع طرفة عين عن نهجه اللاّعقلاني العدمي وتخلى عن عادته في إهانة العقل، ولو قذف صراحة بالأديان والكتب المقدّسة في عداد الخرافات، لما كان أركون، ولَما كَلّفنا أنفسنا عناء كتابة هذا النصّ لدحضه.
محمد المزوغي، أستاذ الفلسفة. معهد الدراسات العربية والإسلامية. روما. الهوامش: 1 ن. م، ص، 13. (التشديد من عندي). 2 محمد أركون، الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد، م. س، ص، 35. 3 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 43، هامش، 6. 4 محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، ص، 214. هامش، 1. 5 محمد أركون، الفكر الإسلامي. قراءة علمية، م. س، ص، 278. 6 ن. م، ص، 140. هامش، 32. 7 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 260. هامش، 1. 8 ن. م، ص، 209. 9 أقول سيّد الموقف إلى درجة أن أركون يشبّه ما فعله فوكو بما يفعله هو الآن في حقل الدراسات الإسلامية: « إن الثورة التي أحدثها ميشيل فوكو في الساحة الفرنسية، عندما فكّك أُسس الإنسية البورجوازية والعنجهية والتقليدية الأوروبية تُشبه ما نفعله نحن في الساحة الإسلامية والعربية». حقيقة كان عليه أن يعكس الآية، ويقول بأن أعماله تُشبه ما قام به فوكو، لا أن أعمال فوكو تشبه ما يفعله هو. انظر محمد أركون، الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد، م. س، ص، 334. 10 محمد أركون، ، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 88. 11 ن. م، ص، 91. 12 « هل يختلف نقد أركون لمنهجية الإستشراق الكلاسيكي عن نقد ميشيل فوكو لتاريخ الأفكار التقليدي الذي كان سائدا في القرن التاسع عشر، أي في القرن الذي شهد ظهور الإستشراق؟ لا أعتقد. هل يختلف عن نقد بورديو للنزعة الفكرية المحافظة في علم الإجتماع؟ لا أعتقد. وإذن فإن أركون يطبّق على نقد الإستشراق ما طبقه هؤلاء الروّاد المجدّدون على الفكر الأوروبي الكلاسيكي عامة». ن. م، هامش ص، 147. 13 G. GALASSO, Storia e sociologia, in M. DEL TREPPO, La libertà della memoria, cit in M. CEDRONIO, F. DIAZ, C. RUSSO, Storiografia francese di ieri e di oggi, Guida, Napoli, 1977, p. XV. 14 ميشيل فوكو، حفريات المعرفة، ترجمة سالم يفوت، (ط. 2)، المركز الثقافي العربي، بيروت ـ الدار البيضاء، 1987، ص، 5. 15 ميشيل فوكو، ن. م، ص، 6. 16 ن. م، ص، 8. 17 ن. م، ن. ص. 18 ن. م، ن. ص. 19 ن. م، ص، 8 ـ 9. 20 ن. م، ص، 8. 21 ن. م، ص، 9. 22 ن. م، ن. ص. 23 حوار بين جورج دوبي ولاردرو G. DUBY, Dialogues, Flammarion, Paris 1980 (trad., it., Il sogno della storia, Garzanti, Milano 1987, p. 39) 24 ن. م، ص، 40. 25 ن. م، ص، 42. 26 ن. م، ص، 44 ـ 45. 27 محمد أركون، الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد، م. س، ص، 252. 28 جورج دوبي، حوارات (Dialogues)، م. س، ص، 45. 29 ن. م، ص، 134. 30 ن. م، ص، 135. 31 يقول بخصوص أعمال فرنان بروديل والثورة التي قام بها في التأريخ لحوض البحر الأبيض المتوسط: « كان فيرنان بروديل قد افتتح بكلّ ألمعية واقتدار المنظور الحديث لتاريخ عالَم البحر الأبيض المتوسط. ولكن هذا المنظور لا يزال أبعد من أن يفرض نفسه سواء في الجهة الغربية أم في الجهة الإسلامية». انظر، محمد أركون، الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد، م. س، ص، 152. 32 محمد أركون، الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد، م. س، ص، 233. 33 محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، ص، 82. 34 ن. م، ن. ص. 35 ن. م، ن. ص. 36 ن. م، ن. ص. 37 ن. م، ص، 82 ـ 83. 38 ميشيل فوكو، حفريات المعرفة، م. س، ص، 22. (التشديد من عندي). 39 ن. م، ص، 27. 40 فوكو، ن. م، ن. ص. 41 ن. م، ص، 128. 42 ن. م، ن. ص. 43 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 27. « هناك خاصية أخرى عامة تشترك فيها كلّ الأدبيات التأريخية وتتمثل في استبعاد كلّ الجانب غير المكتوب وغير الحضري وغير النخبوي للحياة الإجتماعية والثقافية». 44 ميشيل فوكو، حفريات المعرفة، م. س، ص، 126. 45 ميشيل فوكو، الكلمات والأشياء، م. س، ص، 255. 46 محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، م. س، ص، 177. 47 محمد أركون، معارك من أجل الأنسنة في السّياقات الإسلامية، دار الساقي، بيروت 2001، ص، 267 وما بعدها. 48 محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، ن. م، ص، 207 ـ 209. 49 محمد أركون، معارك من أجل الأنسنة في السّياقات الإسلامية، م. س، ص، 189. أركون يَعِد القارئ بهذه الكلمات: « سوف أتحدّث من بين الأسماء المذكورة عن مسكويه، صاحب كتاب تهذيب الأخلاق» لم يستشهد ولو بنصّ واحد من كتاب مسكويه، لكنه اكتفى بالقول، دائما حسب عادته في المبالغة والتهويل: « هذا الكتاب يمثل التعبير الأكثر وضوحا وشمولا والأفضل تأليفا وتأثيرا عن موضوع السعادة في السياق الإسلامي». 50 « لكي نتجاوز الجوانب الجدالية والصراعية والسياسية لهذه المناقشة المتكرّرة على مدار التاريخ بين « الإسلام » و « الغرب »، فإنه ينبغي علينا أن نعيد التفكير في تلك القطيعة ذات الجوهر الفكري والروحي. وأقصد بها القطيعة التي أحدثتها أوروبا الغربية التاجرة والرأسمالية والعلمانية منذ القرن السادس عشر. ثم عممت هذه القطيعة على جميع الثقافات البشرية بعدئذ. ولكن ليس هنا المكان المناسب لتعميق الحديث حول هذه النقطة الحاسمة. أريد فقط أن أشير إلى حجم المهامّ الملقاة علينا من قبل تجميع الأوصال الفكرية والروحية والثقافية للفضاء الإغريقي ـ السامي. وكان يمكن أن أقول توحيد هذا الفضاء بجميع ثقافاته وتراثاته (التشديد من عندي)». ن. م، ص، 188 ـ 189. ويبدو أن مُترجمه، هاشم صالح، اتبع نفس منوال أركون، والدليل على ذلك أنه في كتابه « مدخل إلى التنوير الأوروبي » وبالتحديد في الفصل الرابع بعنوان « رُوّاد التنوير الأوائل » حيث أثنى الرجل على المفكّر الحرّ بيار بايل (Pierre Bayle)، قائلا بأن هذا المفكر قد نسيه الفرنسيون « على الرغم من أنه كان الممهّد لفولتير باعتراف الجميع»، لا نعثر اطلاقا على استشهاد ولو بنصّ واحد، بل ولو بكلمة واحدة من كتابات بيير بايل، الذي ادعى سابقا بأن الفرنسيّين قد نسوه. انظر، هاشم صالح، مدخل إلى التنوير الأوروبي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 2005. تحديدا الصفحات، 167 ـ 178. 51 محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، ن. م، ص، 207 ـ 208. (التشديد من عندي). 52 انظر بخصوص مقولة الإستخلاف ما قاله مثلا في كتاب الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد: « ويمكننا أن نستشهد هنا بالكثير من الآيات، التي تركّز بشكل خاص على ترقية الإنسان وترفيعه، وعلى القيم الأخلاقية والروحية التي ينبغي على الإنسان أن يتقيّد بها في حياته لكي يستحقّ هذه الرفعة وتلك الدرجة العالية التي أهّلته لأن يكون « خليفة الله في الأرض »». محمد أركون، الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد، م. س، ص، 319. (التشديد من عندي). ومن أراد أن يطّلع بعُجالة على عيّنة من تلك الإيديولوجيا الإستخلافية، أحيله على كُتيّب تافه لـفاروق الدسُوقي الذي يُعرّف بنفسه، في واجهة الكتاب، بأنه دكتور حائز على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية، والكتاب عنوانه: استخلاف الإنسان في الأرض. نظرات في الأصول الإعتقادية للحضارة الإسلامية، مكتبة فرقد الخاني، الرياض، والمكتب الإسلامي، بيروت 1986. 53 محمد أركون، الفكر الإسلامي. قراءة علمية، م. س، ص، 131. 54 محمد أركون، القرآن. من التفسير الموروث إلى نقد الخطاب الديني، ن. م، ص، 18. 55 محمد أركون، الفكر الإسلامي. قراءة علمية، م. س، ص، 67. 56 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 30. 57 ن. م، ن. ص. 58 ن. م، ص، 22. 59 ن. م، ن. ص. (التشديد من عندي). 60 محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، ص، 318. (التشديد من عندي). 61 محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي، م. س، ص، 32. 62 B. CROCE, Carteggio Croce- Vossler (1899-1949), in Scritti Vari, Bibliopolis, Napoli 1991, pp. 361-362. 63 محمد أركون، ، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، ص، 318. (التشديد من عندي). 64 انظر مثلا ما قاله في الكلمة التي ألقاها أمام جمع من المثقفين والساسة العرب والغربيين بمناسبة حصوله على جائزة ابن رشد للفكر الحرّ: « المشكل هو مع الشعوب العربية ومع الصحافة ومع خطاب الشارع، والمدرسة لا تساعد أبدا، فهي متماشية مع الخطاب الشعبوي، المدرسة تستعمل الخطاب الشعبوي وهذا هو الواقع». 65 محمد أركون، ، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، م. س، ص، 223. 66 يعترف أركون بخيبة أمل المستشرقين الذين يستنكرون عليه قائلين، حسب ما يورده هو شخصيا: « انظروا إلى هذه الفجاجة الناتجة عن مناهج آخر صرعة أو آخر موضة! أهذه هي البنيوية؛ أهذه هي الحداثة؟ نحن لا نريد ذلك». محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، ص، 150. 67 إثر حوار مطول، أجراه معه سنة 1989، يقول هاشم صالح: « بعد أن تركتُ محمد أركون رُحتُ أفكر في حجم المعركة التي يخوضها بكلّ ملابساتها وتفاعلاتها وهالني الأمر. فكلّما اكتشفتُ أن حدودها قد أصبحت واضحة محصورة، كلّما اكتشفتُ أنها متشابكة، معقّدة، شبه لانهائية. هناك شيء واحد مؤكّد على كل حال: هو أن محمد أركون يخوض المعركة على جبهتين: جبهة الداخل وجبهة الخارج، جبهة أصوليّي المسلمين، وجبهة أصوليّي المستشرقين». انظر، محمد أركون، الفكر الإسلامي. نقد واجتهاد، م. س، ص، 335. (التشديد من عندي). 68 محمد أركون، الفكر الإسلامي. قراءة علمية، م. س، ص، 67. 69 قولة هاشم صالح جائت في تعاليقه على كتاب: محمد أركون، الفكر اإسلامي: نقد واجتهاد، م. س، ص، 206، هامش 48. 70 محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، م. س، وكلام هاشم صالح ورد في صفحة، 313. ثم يُضيف في نفس الصفحة: « بمعنى أنه ينبغي شرح كلّ كتاب مترجم عدّة مرّات لكي يُفهم على حقيقته». 71 هاشم صالح، مدخل إلى التنوير الأوروبي، ن. م، ص، 167. « لهذا السبب قُلتُ أكثر من مرّة بأني معاصر للجيل الأوروبي الذي مات قبل ثلاثة قرون أكثر مما أنا معاصر للجيل الحالي».  (المصدر: موقع مؤسسة « جـدل » الثقافية بتاريخ 5 مارس 2008) الرابط: http://www.jadal.org/news.php?go=fullnews&newsid=757
 

فرنسا وإسرائيل.. تحالف إستراتيجي

  

 
عبد النور بن عنتر (*)   « تلخص هذه الزيارة ستين سنة من تاريخ إسرائيل، لعبت فرنسا خلالها دورا مهما للغاية. جئت لأقول لها شكرا (…)، لدى قيام إسرائيل لعبت فرنسا دورا رياديا. بفضلها تمكنا من حيازة أسلحة للدفاع عن أنفسنا (…) لا أعرف أي بلد آخر ساعد إسرائيل كما ساعدتها فرنسا »  (شمعون بيريز/لوفيغارو، 07/03/2008)   هكذا عبر شمعون بيريز عن العلاقة بين فرنسا وإسرائيل، عشية زيارته لها.   ويعد بيريز، الذي تفاوض مع فرنسا للتخطيط للعدوان الثلاثي على مصر، أبو البرنامج النووي الإسرائيلي لأنه نجح في إقناع فرنسا سنة 1956 بتسليح بلاده بقدرات نووية.   وقد أعلمت واشنطن بهذا المشروع النووي، إلا أنها لم تعرقله شريطة ألا تصرح إسرائيل علنا بحيازتها السلاح النووي.. ومنذ ذلك الحين اكتنف النووي الإسرائيلي الغموض، وتلك هي الطريقة الإسرائيلية في ممارسة الردع الذي هو ميزة القوى النووية المعلنة.   تكمن أهمية هذا التصريح في مساهمته في الحد من مصداقية الفكرة الشائعة عربيا والقائلة باهتمام فرنسا بالحقوق العربية وانحيازها إلى القضايا العربية عموما؟ لكن ما سبب هذه الفكرة الشائعة ؟   بريق الظاهر والمتضمن الحاسم.. وقصور الرؤية العربية يتعين بسببه الاهتمام بخبايا الأمور، لأن المتضمن أو الخفي هو الذي يحدد مسارها وليس الظاهر.   فمثلا في حرب 1967 فرضت فرنسا حظرا عسكريا على إسرائيل، لاسيما فيما يتعلق بالطائرات وقطع الغيار. ويشكل قرار ديغول هذا أحد العناصر المؤسسة لأسطورة الانحياز أو التفهم الفرنسي للقضايا العربية. لكن في الواقع إمداد إسرائيل بأسلحة فرنسية استمر سريا أسابيع بعد وقف الاشتباكات.   مواقف ظاهرها الاتزان وباطنها الانحياز   تكتفي الرؤية العربية بالجزء الظاهر من موقف فرنسا ولا تهتم بخبايا علاقات التحالف البنيوية مع إسرائيل، فسقطت في فخ « سياسة فرنسا العربية »، وكأن سياسة كهذه في صالح العرب على حساب إسرائيل، رغم أن الاتزان الظاهر في المواقف لا يعني عدم الانحياز عمليا.   والمقياس الأكثر موضوعية هنا هو التفوق المطلق لالتزام فرنسا بأمن إسرائيل على أي مواقف متزنة حيال العرب، وإذا كان بلد ملتزم بأمن بلد آخر، رغم احتلاله لأراضي الغير، فهو غير متزن في مواقفه.   يأتي الخلل في الرؤية العربية من مقارنة فرنسا مع أميركا، فباريس تبدو متزنة عكس انحياز واشنطن اللامشروط لإسرائيل، ولكن مقارنة أي طرف بطرف متشدد تجعله يبدو معتدلا، أما إذا انطلقنا من قاعدة الاعتدال حيال حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، فإنه لا توجد أي دولة، بما في ذلك فرنسا، مهتمة بقضايا العرب.   الهروب من أهوال الانحياز الأميركي اللامع المظهر جعل العرب يهرولون نحو الانحياز الفرنسي الخافت المظهر، بينما التحالف البنيوي هو القاسم المشترك بينهما، والفرق الجوهري يكمن في درجة الانحياز وليس في طبيعة التحالف.   أما الاختلافات الطفيفة، فتمليها التجربة السياسية الوطنية (النموذج العلماني الفرنسي جعل موقف فرنسا يختلف عن الموقف الأميركي المشحون بالمعتقدات الدينية)، كذلك القرب الجغرافي جعل فرنسا تتبنى موقفا أقل تشددا في مساندة إسرائيل.   ويبدو التحالف الفرنسي الإسرائيلي أكثر متانة لقيامه على قناعة بوجود علاقة وطيدة بين فرنسا والعالم اليهودي الذي تعد إسرائيل امتدادا له، وبالتالي تحكمه قيم وقناعات سياسية وتاريخية (فرنسا هي مهد أول الحركات التنظيمية اليهودية) لا مصالح واعتبارات إستراتيجية أو معتقدات دينية.   وهذا ربما هو ما يفسر قدرة فرنسا –رغم العقدة التاريخية- على قول بعض « الحقائق » التي لا ترغب إسرائيل في سماعها، وهنا يكمن اتزان مواقفها مقارنة بالحليف الأميركي.   إن مسوِّغات ومبررات علاقة هذا الأخير بإسرائيل إستراتيجية ودينية، مما يجعلها أكثر « انكشافا » أمام إسرائيل وبالتالي أقل انتقادا لبعض سياساتها، لأن دور إسرائيل مركزي في الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لفرنسا.   إن الانحياز لإسرائيل قد يختفي وراء مواقف تبدو في غاية الاتزان، فمثلا موقف فرنسا هو أن خير سبيل لضمان أمن إسرائيل هو إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967.   ومثل هذا الموقف له دلالة على الانحياز لا على الاتزان لأن ما يهم أصحابه ليس حقوق الإنسان وحق تقرير المصير وإنما أمن إسرائيل، فهم يضخمون المخاوف الأمنية الإسرائيلية بينما يقزمون المخاوف العربية.   ويعي الغربيون عقدة الأمن لدى إسرائيل، لذا يبنون خطابهم على أساسها مما أضفى شرعية على مطالبها، ويساهمون في استمرار مفعول مقولة تدمير إسرائيل.   وإذا كان العرب عاجزين عن استرجاع أراضيهم المحتلة منذ 1967 فكيف بهم أن يدمروا إسرائيل؟ كما أن للهجة الخطاب دلالة أيضا على مدى الانحياز، إذ يستخدم الغربيون عبارات قوية جدا للتعبير عن دعمهم لإسرائيل والتزامهم بأمنها، بينما لما يتحدثون عن الفلسطينيين يكتفون بمفردات رخوة.   تحالف.. تطبيع.. فتحالف   العلاقة بين فرنسا وإسرائيل كانت دائما وثيقة رغم منحى الصعود والأفول الذي أخذته أحيانا، وقد بدأت حتى قبل قيام إسرائيل، لما دعمت فرنسا اليهود ضد السلطات البريطانية، وصوتت لصالح قرار التقسيم الأممي، لكنها تأخرت أشهرا معدودة عن الاعتراف بدولة إسرائيل.   وعموما يمكن تلخيص العلاقات بين البلدين في مراحل ثلاث كبرى هي: التحالف الإستراتيجي حتى 1967، التطبيع مع صعود وأفول حتى مطلع 2000، فالتحالف مجددا خاصة بعد انتخاب ساركوزي.   لا نعني بالتطبيع إنهاء التحالف لأن فرنسا بقيت ملتزمة بأمن إسرائيل، أي علاقة تحالفية، وإنما نقصد بالتطبيع إيجاد مسافة سياسية معقولة تقلل من حدة الانحياز، لكن لا تضع حدا له.   ثم إن تراخي التحالف الإستراتيجي الفرنسي الإسرائيلي تزامن مع تعاظم التحالف الإستراتيجي الإسرائيلي الأميركي (تقاسم للأدوار بين فرنسا وأميركا).   وهناك علاقة طردية بين طبيعة العلاقات الفرنسية الأميركية والعلاقات الفرنسية الإسرائيلية، إذ كلما تبنت فرنسا توجها استقلاليا عن أميركا زادت المسافة الإستراتيجية بينها وبين إسرائيل، وكلما قلَّ « تمردها » على أميركا تقلصت تلك المسافة (مثال غزو العراق: اعتبرت إسرائيل الموقف الفرنسي خيانة).   بيد أن هذه العلاقة السببية لا تنفي وجود مصالح متقاطعة بين فرنسا وإسرائيل في لبنان وسوريا وإيران والانتشار النووي عموما…   وقد تميزت المرحلة ما قبل الحالية، خاصة في فترتها الأخيرة، باضطرابات بسبب معاداة السامية، وسياسة إسرائيل حيال عميلة السلام (حصارها لعرفات ومجازر جنين ولبنان..) وهذا حتى غاية 2005.   وهنا نلاحظ الصعود والأفول في العلاقة، فمثلا نجاح الإسرائيليين والأميركيين في تحميل عرفات مسؤولية فشل مفاوضات كامب ديفد وطابا جعل الحكومة الفرنسية تتبنى تقريبا نفس الموقف، لكن سرعان ما توترت العلاقات بسبب عملية السلام (إعادة إسرائيل احتلالها لبعض أراضي الحكم وتدميرها للبنية التحتية الفلسطينية الممولة من طرف أوروبا).   وقد وصل الخلاف أوجه في 2002 لدى زيارة شارون لفرنسا، وتوالت حلقات الأزمات بين البلدين بسبب معاداة السامية في فرنسا وعلاج عرفات بباريس وغزو العراق..   ولم تتحسن إلا بعد انسحاب إسرائيل الأحادي الجانب من غزة الذي سهل زيارة شارون لفرنسا في يوليو/تموز 2005 التي أسست لفصل جديد في العلاقات الثنائية مهد لبداية مرحلة نوعية تأكدت أكثر حاليا، بعد مواجهتي معاداة السامية وشخص ياسر عرفات.   معاداة السامية أهم بكثير بالنسبة لإسرائيل من المواقف الإقليمية الفرنسية، إذ استدعي السفير الفرنسي في تل أبيب 10 مرات من قبل الخارجية الإسرائيلية في مطلع العقد الحالي بسبب معاداة السامية في فرنسا وليس بسبب عملية السلام، وهو رقم قياسي في الحوليات الدبلوماسية.   وقد اتهم الإسرائيليون الفرنسيين بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تنامي الأعمال المعادية للسامية، وبلغ التوتر أوجه إبان الرئاسيات الفرنسية 2002.   وهذا ما يعطي للعلاقة الثنائية بعدا « محليا » مميزا، يظهر أيضا نوعا من « عدم التوافق » في المواقف الفرنسية.. فمثلا ميتران الذي عرف بانحيازه لإسرائيل « أنقذ » عرفات ومنظمة التحرير في لبنان من إسرائيل في بيروت، كما أنه اعترف بالمنظمة واستقبل عرفات بباريس.   أما شيراك المعروف بمواقفه المساندة للعرب والمنتقدة للسياسات الإسرائيلية، فهو أول رئيس فرنسي اعترف بمسؤولية الدولة الفرنسية عن محنة يهودها خلال الحرب العالمية الثانية، وهو الأمر الذي رفض ميتران الإقرار به، محملا نظام فيشي، لا الدولة الفرنسية، مسؤولية ما حدث.   من جهة أخرى، حكم شيراك يشبه بعض الشيء من حيث توجهاته الجمهورية الرابعة، ذلك أن الحكومات الفرنسية خاصة بعد رئاسيات 2002 كان معظم وزرائها متعاطفين ومنحازين لإسرائيل (نفس الشيء تقريبا مع الحكومة الحالية)، والبعض منهم أعضاء في جمعيات موالية لإسرائيل. فهذا الانحياز الذي كان يعمل في الخفاء شكل موازنا للمواقف الرسمية.   أما المواجهة الثانية فكانت بشأن عرفات، مواجهة حسمها الموت، وقال الإسرائيليون إن المشكلة هي عرفات نفسه وتتعين إزاحته من السلطة لرفضه السلام (رفضه لما عرض عليه في كامب ديفد وطابا)، بينما قال الفرنسيون إن تنحيه ليس شرطا ضروريا لإحياء عملية السلام.   وشاءت الأقدار أن ينقل عرفات للعلاج في فرنسا، لتفتح صفحة أخرى من المواجهة حول شخصه بين الإسرائيليين والفرنسيين، ثم يموت هناك فتحسم بذلك المواجهة السياسية، ربما الأشد بين الحليفين في السنوات الأخيرة.   يتضح من خلال هذه المعطيات مدى « التناقضات » الداخلية في هذه العلاقة ونسبية مفردات الانحياز والاتزان، فالأمور تبقى نسبية والقاعدة هي تحالف إستراتيجي يقوم على التزام فرنسي بأمن إسرائيل، وتتطور مضامينه دون تغيير جوهره.   فالتحالف بنيوي وليس وقتيا لذا فهو يصمد أمام بورصة التوترات السياسية، لأن الحد الأدنى من التضامن الإستراتيجي يبقى قائما، بل إن العلاقة بقيت قوية ومثال ذلك زيارة دو فيلبان لإسرائيل وخطابه في القدس، حتى في أحلك مراحل التوتر بين البلدين.   واقع العلاقات   هناك حوار إستراتيجي سنوي تعمق منذ 2005 وخص قضايا إقليمية كالنووي الإيراني، وتطبيق القرارين الدوليين 1559 و1710.. وقد شكلت مجموعة عمل عالية المستوى مكلفة بالتفكير في طرق إعادة دفع العلاقات الثنائية.   أما المبادلات التجارية فتضاعفت حسب الخارجية الفرنسية خلال عشر سنوات، ومنذ 2003 زادت الصادرات الفرنسية لإسرائيل بنحو 10% لتبلغ قيمتها 1.6 مليار يورو في 2006.   وتعد فرنسا ثاني مصدر لواردات إسرائيل وتاسع وجهة لصادراتها، وهي أيضا ثاني وجهة سياحية للإسرائيليين بعد الولايات المتحدة.   أما عسكريا، فيبدو أن فرنسا عاودت تعاونها العسكري مع إسرائيل في 1993 عند انطلاق عملية أوسلو، وقد أعلنت في يونيو/حزيران 2004 توقيع اتفاقات عسكرية معها.   وكدلالة على التحسن الملحوظ في علاقاتهما، زاد عدد الزيارات الرسمية العالية المستوى بين البلدين منذ 2003، بوتيرة لم يشهد لها مثيل من قبل، خاصة مع بدء التحسن في العلاقات بعد احتلال العراق، وتحديدا بمناسبة زيارة دومينيك دوفيلبان، وزير الخارجية آنذاك في مايو/أيار 2003، وإلقائه خطابا تاريخيا في القدس، يذكر بخطاب ميتران أمام الكنيست.   وقد أعلن في هذا الخطاب إعادة تأسيس العلاقات الإسرائيلية الفرنسية التي هي امتداد للعلاقة بين فرنسا والعالم اليهودي، وعن تنصيب لجنة عليا لإعادة تأسيس الحياة الروحية، وكذا بناء معهد ثقافي فرنسي في إسرائيل..   سياسة إسرائيلية جديدة لفرنسا   تعد زيارة بيريز لفرنسا هي الأولى لرئيس أجنبي منذ انتخاب ساركوزي ذات دلالة على اهتمام هذا الأخير بإسرائيل، فهو يقدم نفسه « كصديق حقيقي للشعب اليهودي ولدولة إسرائيل ».   ورغم التحسن في العلاقات الثنائية منذ 2005، فإن إسرائيل بقيت ترى في شيراك وريثا لـ »سياسة فرنسا العربية » لديغول.   أما ساركوزي فكان راغبا في التخلي عن السياسة الفرنسية الرسمية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي عموما، بل ووصف مواقف فرنسا المتزنة تلك بأنها « تراجعات » تناقضها التقاليد السائدة في وزارة الخارجية الفرنسية المشهورة بإسرائيل، رافضا تقديم إسرائيل كمعتدٍ لأنه يعتبرها الضحية (لوموند، 13/03/2008).   وابتعاد ساركوزي عن سياسة سلفه وتقربه من واشنطن، حليف تل أبيب الرئيسي، ساهما في إعادة توثيق الروابط الفرنسية الإسرائيلية.   يؤسس ساركوزي لهذه النقلة في سياسة بلاده بخطابه في 13 فبراير/شباط 2008 بمناسبة مأدبة العشاء السنوي لـ »المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا » صاحب النفوذ والتأثير في السياسة الإسرائيلية لفرنسا.   ففي ذلك الخطاب حدد الخطوط العريضة للسياسة الفرنسية تجاه إسرائيل التي بدأت على حد قوله في 2007، مؤكدا رغبته في تقوية « العلاقة السياسية » وفي « تطوير حوار إستراتيجي ثنائي قوي »، مشيرا إلى أن 2008 ستكون سنة تدعيم العلاقة الثنائية، ليسجل بذلك « قطيعة » مع السياسة التقليدية الفرنسية، لكن ليس بالحجم الذي يبدو من الوهلة الأولى، ذلك أن علاقة التحالف بنيوية والتعديل الذي يطرأ عليها يخص درجة الانحياز وليس طبيعته.   ويشدد الرئيس الفرنسي في خطابه على حق إسرائيل في الأمن، متجاهلا جوهر الصراع، إذ يطالب إسرائيل بإجراءات ثقة كرفع الحواجز، وإعادة فتح المعابر نحو غزة لتسهيل الإمدادات الإنسانية، وإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية..، أما المطلب الوحيد الذي له معنى فهو الخاص بتجميد كامل للاستيطان، مغيبا القضايا المركزية كالحدود والقدس واللاجئين.   كما أكد أنه لن يسمح بتكرار التجاوزات غير المقبولة التي جعلت مؤتمر دوربان « منبرا ضد دولة إسرائيل » في مؤتمر المتابعة القادم، وأن فرنسا التي ستترأس الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر القليلة قبل انعقاده، لن تلتزم به إن لم يأخذ في الحسبان مطالبها الملحة.   وهكذا يعد ساركوزي إسرائيل بحمايتها في المحافل الدولية، وبغض النظر عما حدث في دوربان فإن موقفه يوفر حماية لإسرائيل تجعلها في منأى عن أي مسألة دولية…   فرنسا على خطى أميركا؟   لم تعد السلوكيات الإسرائيلية ولو نسبيا، معيارا لتحديد العلاقة معها، وعليه فاستمرار الاحتلال لا يؤثر عليها. لكن هل سيخسر العرب جراء هذه العلاقة « الجديدة »؟   تعي فرنسا جيدا أن العرب يخطبون ود واشنطن ورضاها رغم دعمها اللامشروط لإسرائيل، فما الذي يمنع باريس من انتهاج نفس السياسة؟ ثم ماذا استفاد العرب مما اعتبروه اهتماما أو انحيازا فرنسيا لقضاياهم؟   رغم تعديله لسياسة بلاده فإن ساركوزي لم يراجعها جذريا، فهو يستخدم نفس العبارات التقليدية الفرنسية ويتبنى تقريبا نفس المواقف، فهو يدين مواصلة الاستيطان ولم يساند الهجوم الإسرائيلي على غزة. فهو إذن لم يراجع كلية سياسة فرنسا حيال المسألة الفلسطينية رغم أنه لا يعتبر إسرائيل هي المعتدية.   من المرجح أن تبقى فرنسا تتجاذبها قناعات يصعب التوفيق بينها: فرنسا الصديقة والحليفة الأبدية لإسرائيل؛ فرنسا ذات الرسالة الكونية المتميزة عن باقي أمم العالم وأميركا تحديدا؛ باريس صديقة وحليفة واشنطن؛ مصالح فرنسا القومية لاسيما الاقتصادية ومشاريعها الإقليمية كالاتحاد المتوسطي (وما تفرضه عليها من الاتزان في المواقف).   (*) كاتب جزائري   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 مارس 2008)


بعد أيام من اعتزال المطربة المصرية شاهيناز وارتدائها الحجاب

مطرب كويتي يتوجه للجهاد في أفغانستان

 
إسلام أون لاين.نت – قالت صحيفة كويتية إن المطرب الكويتي المعتزل حسين الأحمد توجه إلى أفغانستان قبل فترة وجيزة من الوقت للمشاركة في الجهاد ضد القوات الأجنبية هناك. يأتي ذلك بعد أيام من إعلان المطربة المصرية شاهيناز ارتداء الحجاب واعتزال الغناء نهائيا.   وقالت صحيفة « الرأي » الكويتية في عددها الصادر اليوم السبت 15- 3- 2008: إن الأحمد « نفر إلى الجهاد في أفغانستان لينصر الدين مع إخوانه في تنظيم القاعدة، وسيبث فيلم له قريبا على موقع السحاب » القريب من القاعدة.   وكان الأحمد قد أوضح سبب « هدايته » في لقاء سابق مع تلفزيون « الرأي » الكويتي وفي تصريحات نشرتها العديد من وسائل الإعلام بقوله: « سبب هدايتي منام رأيته بعد عودتي من سهرة ماجنة.. رأيت فيه رحلتي للدار الآخرة ابتداء من قبض ملك الموت لروحي إلى دخولي للقبر، فرأيت أهوالا وأحوالا لم يرها أحد قبلي، والعلم عند الله، فلما استيقظت من نومي حمدت الله على إنني ما زلت في الحياة وأن الله أمهلني فلم يقبض روحي، فأعلنت عندها أمام والدي وإخواني وأهلي اعتزالي للوسط المظلم الكريه ».   وأضاف بقوله: « وإنني وعدت أن أحذر على قدر استطاعتي من هذا الوسط الذي اغتر به الكثير، وإن أسوأ لحظات عمري وأشقاها هي التي قضيتها هناك مع الفن، وأشعر أن أيامي الجميلة هي أيامي التي بدأت اليوم، فإنني أعيش مع الله من الصباح إلى المساء، أعيش مع الأذكار والقرآن، أعيش مع أشرطة القرآن والدروس ».   اعتزال شاهيناز   وفي الأسبوع الماضي كشفت وسائل إعلام مصرية أن المطربة شاهيناز قررت ارتداء الحجاب واعتزال الغناء بشكل نهائي، بعد دراسة متأنية في الأمور الدينية لتكون أول مطربة من بنات الجيل الحالي ترتدي الحجاب.   خبر اعتزال شاهيناز كان مفاجئا للمتابعين للوسط الفني باعتبار أنها تعاقدت مؤخرا مع شركة إنتاج جديدة، وكانت تجهز لألبومها الأول مع الشركة، كما كانت تجهز لتصوير أول « فيديو كليب » مع نفس الشركة الجديدة.   شاهيناز متزوجة من الملحن آدم حسين، ولها منه ابن وتربطها صداقة قوية هذه الأيام بالفنانة المحجبة حنان ترك وتجمعهما الجلسات الدينية، وكانت حنان أول من شجعتها على اتخاذ قرار ارتداء الحجاب والابتعاد عن الغناء، بحسب جريدة « الجزيرة » السعودية في عددها الصادر في التاسع من مارس الجاري.   ومن أبرز الممثلات والمطربات اللاتي ارتدين الحجاب شادية وياسمين الخيام وسوزان عطية ومنى عبد الغني وحنان ترك.   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 15 مارس 2008)


بعد تقارير عن انضمامه لتنظيم القاعدة في أفغانستان عائلة المطرب الكويتي حسين الأحمد تؤكد وجوده في ايران

 
دبي – فراج اسماعيل   أكدت أوساط من عائلة المطرب الكويتي المعتزل حسين الأحمد إنه يوجد حاليا في ايران للعلاج وللقيام بأعمال خيرية في مناطق يقطنها الفقراء المسلمون، وسيعود لوطنه خلال أيام قليلة.   وقال ابن عمته أحمد الكندري (أبو فيصل) في اتصال مع « العربية نت » إن خبر سفره إلى أفغانستان للانضمام إلى تنظيم القاعدة عار من الصحة تماما، وقد فوجئت به أوساط عائلته وسبب لهم صدمة شديدة خصوصا والده ووالدته.   وأضاف: كنا نعلم أنه حجز للسفر إلى طهران لعلاج آلام في أسنانه، ونيته أيضا القيام بأعمال خيرية في مناطق نائية يقطنها فقراء مسلمون حيث لا توجد كهرباء أو مياه أو مدارس.   واوضح أن المطرب المعتزل حسين الأحمد حرص قبل سفره على اعلام والديه اللذين يعيش معهما، عن وجهته وقام بتوديعهما بنفسه عندما سافرا مؤخرا إلى مكة المكرمة لأداء العمرة.   وعن المكان الذي يتواجد فيها تحديدا علمت »العربية نت » إن هذه المناطق النائية توجد خارج طهران ويسكنها أغلبية من فقراء ينتمون للمذهب السني. عودة للأعلى   والداه اتصلا به   وأشار أبو فيصل إلى أن الحسين (26 عاما) مطلق وأب لطفلتين، احداهما في مرحلة الروضة والثانية في التعليم الابتدائي. وتابع بأن والديه بعد عودتهما انتابتهما صدمة شديدة عندما سمعا بخبر صحفي عن سفره للانضمام إلى القاعدة في أفغانستان،   وقد تمكنا الأبوان من الاتصال به في ايران واطمئنا على أحواله، وقامت العائلة على الفور بنفي خبر سفره إلى أفغانستان بلقاء تم مع ابن خالته في قناة « الرأي » الفضائية الكويتية أمس السبت، ونشر التصحيح أيضا في صحيفة « الرأي » في عددها اليوم الأحد 16/3/2008.   وقال أبو فيصل: نعم اعتزل حسين الأحمد الفن وهو حاليا مهتم بالعمل الخيري ومساعدة الفقراء في بلاد المسلمين وتقديم مساعدات مالية وعينية وكفالة الأيتام والمساهمة في حفر آبار المياه وفي بناء وحدات صحية توفر العلاج، وتأسيس دور لتحفيظ القرآن الكريم.   وأكد أنه لم تحدث أي مشكلة أمنية للعائلة من جراء نشر خبر سفره إلى افغانستان « لأن الأمن الكويتي لا يأخذ الناس بالشبهات ولا بأخبار الصحف وإنما يعتمد على تحرياته القائمة على المعلومات الصحيحة ».   وكانت جريدة « الرأي » الكويتية نشرت أمس السبت إن مواقع مرتبطة بتنظيم القاعدة ذكرت أن المطرب المعتزل حسين الأحمد «  »نفر إلى الجهاد في أفغانستان لينصر الدين مع إخوانه في تنظيم القاعدة وسيبث فيلم له قريبا على موقع السحاب القريب من القاعدة ».   وكان الأحمد الذي اعتزل الغناء قال في لقاء سابق مع تليفزيون « الرأي »إن سبب هدايته « منام رأيته ورأيت فيه رحلتي للدار الآخرة ابتداء من قبض ملك الموت لروحي إلى دخولي للقبر ».   لا يعاني اضطرابات نفسية   وفي جريدة « الرأي » أمس استبعد شخص آخر من العائلة غير الذي تحدثت إليه « العربية نت » سفر الأحمد إلى افغانستان. وقال هذا الشخص واسمه أيضا أحمد الكندري وهو ابن خالة المطرب المعتزل إنه اتصل قبل ايام بأسرته من طهران.   وأضاف الكندري « حسين الأحمد صديقي منذ الطفولة وكنا نلعب الموسيقى سويا قبل ان يحترف هو الغناء، ولا يمكن أن يذهب إلى (القاعدة) ولو أراد ذلك لأبلغني قبل توجهه إلى طهران حيث كنا في ليلتها نجلس مع بعض».   ورجح الكندري الذي يعمل في وزارة الإعلام في قطاع مراقبة الموسيقى ان موقع «القاعدة» لجأ إلى اظهار انضمام حسين الأحمد في سبيل التسويق لجمهور الشباب حيث أن المطرب  السابق تحوّل إلى التدين وترك مغريات الحياة.   وتحدث عن ان ابن خالته حسين الأحمد لديه جمهور واسع يتأثر به فهو لا يستبعد الحيلة التي لجأت اليها « القاعدة » لتسويق هذا الأمر على الشباب.   ونفى الكندري ان يكون حسين الاحمد مضطربا نفسيا وشدد على انه كان ملتزماً دينياً. وأوضح أنه « كثيرا ما كان يرافقه إلى دروس دينية في مناطق مختلفة في الكويت ولم يتأثر بأي رجل دين بعينه ».   وأشار إلى أن أسرة حسين الأحمد صدمت أمس عندما قرأت الخبر الذي نقلته «الرأي» عن أحد مواقع «القاعدة» ويشير إلى انضمام ابنهم إلى التنظيم.   وذكر انه للوهلة الأولى تفحص هذا الموقع وتأكد له انه من باب التسويق ولا يستند « إلى صحة » إذ أن أي أحد يستطيع القول بهذا الشيء دون دليل.   وقال الكندري إن الغالبية من الشباب الذين يذهبون إلى افغانستان لا يبلغون ذويهم « لكن حسين لو اراد الذهاب إلى هذا البلد لأبلغني لأنني كنت جالساً معه الليلة التي سبقت مغادرته إلى طهران ».   وفي ما يتعلق بأحوال حسين الأحمد المالية قال رفيق دربه إن حسين باع الاستديو الذي يمتلكه بحوالي 160 الف دينار.   وأضاف « كان عسكرياً في وزارة الدفاع في سلاح المدفعية واستقال وذهب ليعمل في وزارة الداخلية مدنياً وأيضاً قدم استقالته ».   واستطرد « اتصل بأهله قبل ايام وابلغهم انه بخير وبصحة جيدة ويبدو انه هاتفهم من فندق او من الشارع ». وزاد « حسين وعد أهله بالاتصال بهم في الأيام المقبلة ولم يبلغهم انه انضم إلى (القاعدة) البتة ».   وكشف النقاب عن أن « حسين الأحمد كان يعاني من مشكلات في اسنانه اثناء علاجها المرة الأولى في سورية فتوجه إلى إيران لمجمع الاطباء هناك لهذا الغرض ».   (المصدر: موقع « العربية.نت » (دبي) بتاريخ 16 مارس 2008)
 

متاجر خليجية كبري بدأت بمقاطعة المنتجات الدنماركية

 

بدأت متاجر كبري في دول الخليج العربية وقف بيع المنتجات الدنماركية احتجاجا علي قيام صحف دنماركية باعادة نشر رسم كاريكاتوري مسيء للرسول الشهر الفائت. وذكرت صحيفة تايمز اوف عُمان الاحد ان سلسلة المتاجر الست لمجموعة الجديدة ستورز توقفت عن بيع المنتجات الدنماركية في كافة فروعها الستة في السلطنة. وقال مختار اللواتي مسؤول العلاقات العامة في المتاجر الجديدة للصحيفة ان المقاطعة ستستمر طالما استمر نشر الرسوم الكاريكاتورية المهينة للاسلام. وتتجه متاجر كبري في الامارات العربية المتحدة لمقاطعة تلك البضائع حيث ذكرت صحيفة الخليج تايمز اليومية ان جمعية الاتحاد التعاونية التي تقوم بادارة سلسلة من سبعة متاجر عبر الامارات، بدأت بمقاطعة البضائع الدنماركية. وقال مسؤول في جمعية الاتحاد التعاونية للصحيفة تلقينا تعليمات برفع البضائع الدنماركية ومعظمها من منتجات الالبان عن الأرفف . وأدي نشر الرسم الذي يمثل الرسول صلي الله عليه وسلم، يضع عمامة علي شكل قنبلة مشتعلة الفتيل مع رسوم اخري في صحيفة يلاندز بوستن الدنماركية في اواخر 2005 الي موجة من التظاهرات العنيفة في الدول الاسلامية في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) 2006. وفي شباط (فبراير) الماضي قامت عدة صحف دنماركية باعادة نشر الرسم فأثارت عاصفة من الغضب في عدة دول اسلامية. وافاد تقرير للاستخبارات الدنماركية والاجهزة الامنية ان اعادة نشر الرسم عزز التهديدات بشن هجمات في الدنمارك وضد مصالح دنماركية في الخارج. وأعيد نشر الرسم تعبيرا عن التضامن مع الرسام بعد اعلان الشرطة عن احباط محاولة لاغتياله   نقلا عن : القدس العربي  

رسام الرسوم المسيئة ينوى بيعها في مزاد .. واقتراح بحرقها في مكة

  كشفت صحيفة بريطانية أن الرسام الدانماركي صاحب الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ينوي عرض إحدى النسخ الأصلية للبيع لتعينه على الخروج من المأزق العصيب الذي يعيشه. وأشارت صحيفة « التايمز » البريطانية إلى أنه تم وضع أحد تلك الرسوم الكاريكاتيرية المطبوعة بالحبر, داخل خزانة بأحد البنوك في الوقت الذي توارى فيه الرسام « كورت فيسترجارد » البالغ من العمر 72 عامًا, عن الأنظار خوفًا ممن وصفتهم الصحيفة بالمتطرفين الإسلاميين الذين هددوا بقتله. وذكرت الصحيفة: أن هذا الرسم هو الأكثر شهرة بين عشرات الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها صحيفة ييلاندز بوستن الدانماركية قبل ثلاث سنوات، وهي من أعمال فيسترجارد. وأبدت دور المزادات العلنية شكوكًا في الفائدة وراء عرض سلعة مثيرة للجدل مثل هذا الرسم للبيع، حيث أشار « فرانك لومبريل »، وهو دلال مزاد علني في باريس إلى أن خطوة كهذه تشكل خطرًا على الجمهور لحظة البيع بالمزاد. ومن بين الخيارات المتاحة أمام الرسام الدانماركي حسب الصحيفة البريطانية عرض الرسوم للبيع عبر الإنترنت، وكان رسم أقل شهرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم قد عرض بمبلغ 1500 جنيه إسترليني على الإنترنت. وقد تلقى فيسترجارد بالفعل عروضًا لشراء الرسوم، ففي يوم الثلاثاء الماضي تسلم خطابًا يبدي فيه معتقل يدعى مارتن مكنالي يقضي عقوبة السجن المؤبد في أمريكا لاختطافه طائرة عام 1972 رغبة في شراء الرسوم. ويأمل فيسترجارد أن تقدر قيمة الرسم بأكثر من 2500 جنيه إسترليني التي عرضها مكنالي، وقد اقترحت زوجته بيع كل الرسوم بمبلغ 50 ألف جنيه إسترليني لأحد « شيوخ النفط العرب حتى يتمكن من إحراقها في مكة » على أن يعود نصف ريعها لرسامي الكاريكاتير، ويتم التبرع بالباقي للمحتاجين من المسلمين على حد قول الصحيفة. ولا يبدي فيسترجارد أي ندم على هذا الرسم بل أعرب عن أمله في أن يظل هذا الرسم في الدانمارك التي دافعت عن ما سماه تقاليدها في الديمقراطية وحرية التعبير.   نقلا عن : مفكرة الاسلام  

أغلبية دنماركية:  كان من الخطأ إعادة نشر الرسومات

  في نتيجة غير متوقعة أظهر إستطلاع للرأي نشرته صحيفة اليولاندس بوستن الدنماركية صباح اليوم الأثنين أن أغلبية دنماركية تعتبر إعادة نشر الرسومات  المسيئة في فبراير الماضي عمل خاطئ.   ويظهر الإستطلاع الذي شمل 1,049 دنماركي  أن 58,5 % منهم يرون أن إعادة نشر الرسومات كان عمل خاطئ.  و يذكر أن 17 صحيفة دنماركية قامت بإعادة نشر بعض الرسومات المسيئة في وسط شهر شباط الماضي.   و أجرى الإستطلاع مركز رامبول  لإستطلاعات الرأي و الدراسات.   و لكن نفس الإستطلاع اظهر أن ثلثي الدنماركيين يعتبرون نشر الرسومات في المرة الأولى كان عمل صحيح.   و في تعقيب له على نتائج الإستطلاع أبدى رئيس تحرير صحيفة اليولاند بوستن إستغرابه للنتائج و قال في تصريح لصحيفة اليولاند بوستن  »  من الصعب دائماً تفسير آراء الناس، و لكنني أستطيع أن أقول أن النتيجة تثير إستغرابي إلى حد ما »    » تعب من رسومات محمد »   وبدوره أعتبر سايدينفادين رئيس تحرير صحيفة البوليتيكن أن الإستطلاع يظهر ان الدنماركيين « تعبو من رسومات محمد »  و أضاف  »  المرة الأولى من ممكن أن تُعذر ، و لكن المرة الثانية تبدو كأنها إستفزاز، و الشعب الدنماركي لا يوجد عنده نفس العلاقة بالقضية و حرية التعبير ، كالتي توجد في عالم الصحافة ، أنا أعتقد أنه أصبح لدى الشعب الدنماركي و لدينا ( الصحافة) تعب كبير من رسومات محمد »   نقلا عن: اخبار دك   مراسلة: عبدالحميد الحمدي- الدنمارك


إساءة للمسيح في الدانمارك بعد أزمة الرسوم

 
ناصر السهلي-الدانمارك   هاجم عدد من الأساقفة الدانماركيين معرضا مثيرا للجدل يسمى « الإباحية » (عالم الإثارة) ويقام يوم « الجمعة الحزينة » حسب التقويم الغربي لأعياد الفصح، وفيه يتعرض المسيح عيسى عليه السلام للإساءة عبر مشارك يقلده ويلبس ملابس فاضحة.   والمعرض يقام كل عام في الدانمارك، لكنه تعرض لانتقاد لاذع وغضب من قبل عدد من الأساقفة والمطارنة في أبرشيات دانماركية مختلفة، وذلك لتزامنه « مع يوم مقدس » حسبما عبر عنه المطران يان ليندهارت من أبرشية روسكيلده القريبة من كوبنهاغن.   واعتبر يان ليندرهات إقامة هكذا معرض في مدينة أُبينرو في أقصى الجنوب الدانماركي في اليوم الذي يعتبره المسيحيون « يوم حزن »، تعديا « على أعيادنا التي باتت تُستخدم للاستهزاء بالمقدسات في الكنسية المسيحية ».   وانضم الأسقف كارستن نيسن من أبرشية فيبورغ إلى زميله من روسكيلده، معتبرا أن الأمر يحمل قلة احترام، وأن « اختيار الوقت لم يكن اعتباطيا ».   ويزور معرض « الإباحية » سنويا ما يقارب 200 ألف شخص، ولم يخف المنظمون على لسان كينيث ستراندبو أن « نجوم الإباحية » سيشاركون في هذا المعرض السنوي في عيد الفصح وأن « بعضهم سيرتدي ملابس شبيهة بما كان يرتديه السيد المسيح عليه السلام ».   وفي تصريحات علنية عبر الأساقفة عن رغبتهم في العودة إلى قانون « الإغلاق » في الأعياد الدينية المسيحية، مشيرين إلى أنه لم يعد هناك احترام « للمتدينين المسيحيين ».   سيل إساءات   وفي غمرة النقاش الدائر حول الرسوم المسيئة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لم يُسمع صوت القساوسة إلا حين تعلق الأمر بهذا المعرض المثير للجدل والذي تم انتقاده في السابق.   وقام بعض القساوسة بجمع التواقيع في شهر يناير/كانون الثاني الماضي لمنع إقامة هذا المعرض في مدينة فايلي ونظموا مظاهرة آنذاك أمام مكان المعرض حاملين الصلبان على ظهورهم.   لكن يبدو أن الكنيسة الشعبية (الرسمية) دخلت هذه الأيام على خط النقد اللاذع للسماح بإقامته في أعياد دينية حسب التقويم الغربي.   وفي اتصال مع الجزيرة نت أكد الأسقف نيلس يان ليندهارت من أبرشية هارتسلوو (في المقاطعة التي يقام فيها المعرض) أنه للأسف الشديد فإن عملية « تجريح المعتقدات » عمرها نصف قرن في الدانمارك.   وأضاف « ليست لدينا صلاحيات ولا سلطة غير الأخلاقية بالمناشدة » لأن القانون يسمح لهؤلاء وغيرهم بأن يمارسوا ما يعتقدونه، ولكن تحديدا التعرض للمسيح (عليه السلام) في يوم الجمعة الحزينة هو استفزاز يحميه القانون كما يحمي من لا يريد أن يكون مسيحيا أو مسلما في المجتمع الدانماركي، ولا يمكننا فعل الكثير » على حد قوله.   وقد ذكرت صحيفة كريستلي داوبلاديت التي نشرت خبر المعرض للجزيرة نت أن كاتبة التحقيق « لم تعد تعمل في الصحيفة »، ولم يرغب مسؤول صفحة التحقيقات أن يُبلغنا عن سبب عدم عملها في الصحيفة بعد يوم من نشر التحقيق.   وحين سألته الجزيرة نت عن إمكانية الربط بين الاستهزاء بدين المسلمين والمسيحيين الآن باعتباره مقصودا، لم يشأ مسؤول أبرشية هارتسلوو إلا أن يكون متحفظا ومترددا مع تركيزه على « قانون حماية الحرية الشخصية » بالرغم من تعبيره عن أسفه لهذه الإساءات التي يتعرض لها أتباع الديانتين في الدانمارك.   وفيما يتعلق بإعادة 17 صحيفة دانماركية نشر الرسوم المسيئة الشهر الماضي اعتبرت أغلبية من الدانماركيين بلغت 58.5% أن ذلك التصرف كان خاطئا،  وذلك في استطلاع للرأي أجراه مركز « رامبول مانيجمنت » وأظهر أن اثنين من كل ثلاثة مستطلعين يرون أن نشر صحيفة يولاندس بوستن الرسوم 2005 كان تصرفا صحيحا.   وكانت الدانمارك شهدت قبل سنوات قليلة قضية مشابهة للإساءة للمسيح عليه السلام حين قامت المتاجر ببيع « صنادل » موشومة بما يُعتقد أنها صورة السيد المسيح، مما أثار حفيظة واحتجاج المواطنين المتدينين وأدى لسحب تلك الصنادل من المتاجر.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 مارس 2008)

 

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.