الأحد، 16 مارس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2853 du 16.03.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 

حركة النهضة:بيان حول الأوضاع في منطقة الحوض المنجمي لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس:أستاذ يعتدي بالضرب ويمزق حجاب الفتاة أسماء الحبوبي رويترز: النمسا تسعى في مالي لإطلاق سراح رهينتي القاعدة صحيفة « النهار الجديد »:والدة عبد الحميد أبو زيد للنهار:  أطلب من إبني الإفراج عن السائحين النمساويين وإخلاء سبيلهما صحيفة « الشروق اليومي » :مصادر مسؤولة للشروق: « الفدية هي جوهر المطالب واللعبة قد تستمر لأشهر عديدة » قدس برس: معتقل تونسي في غوانتنامو يجري محادثة هاتفية مع عائلته في تونس صحيفة « الشرق »:تونس تواجه الحاجات الاستهلاكية المتزايدة من الحبوب، بالتوريد و »سياسة التدرج » في الاعتماد على صندوق الدعم.. موقع إيـلاف :ارتفاع أسعار الأراضي في تونس يشجع التمدد العامودي وات: الدورة الخامسة والثلاثون بالقيروان للندوة المولدية مجلة « كلمة »:مراكز النداء في تونس:احتجاجات على ظروف العمل مجلة « كلمة »::إضراب ناجح لأعوان مراكز النداء صحيفة « التجديد »: كيف حوّل الاستئصاليون تونس إلى دولة بوليسية؟ عبدالله الــــــزواري :حصــاد الأسبـــوع صــابر التونسي:ســواك حـار (72) الحوار . نت :هل أتاك حديث الرديف ونبأ أم العرائس؟ نصرالدين :المرأة التونسية …الفطرة التي غلبت السمسار !!! مراد رقية:الاحتفال بيوم اللباس التقليدي فرصة متجددة للاحتفال بنكبة ذاكرة وتراث قصرهلال محمـد العـروسـي الهانـي:يوم 15/03/2008: يوم تطبيق ميثاق حقوق الإنسان الأستاذ الدكتور محمود الذوادي :الفرونكو آراب تخترق حرم إذاعة الزيتونة البشير بن سلامة: حول آثـار الاستعمـار اللّغـويّ والثّقافـيّ عبد اللطيف الفراتي: أي مستقبل ينتظرنا؟ صالح بشير: عشية الذكرى الستين لإسرائيل: أسئلة الغريب والغربي توفيق المديني: هل تنقذ الصناديق السيادية الاقتصاد العالمي؟ ياسر أبوهلالة: في استهداف السياح: من تونس إلى عمان د. محمد نور الدين: تركيا: التديّن والأسلمة وما بينهما! نهلة الشهال »:… وإليكم البراهين عن أميركا! محمد أبو رمان: أميركا والإسلاميون: منظور المصالح لا الديمقراطية د حسن حنفي: اليسار الإسلامي والثلج المقلي صحيفة « الأخبار »:«ثورة الجوع»:«رغيـف الخبز» يهدِّد نظام مبارك موقع الجزيرة.نت :خبراء يتوقعون أن تطيح أزمة الخبز بحكومة مصر

  


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
حركة النهضة
بيان
 
تتابع حركة النهضة بقلق بالغ تطور الأوضاع في منطقة الحوض المنجمي بقفصة، في معتمديات الرديف وأم العرائس والمظيلة. هذه المنطقة التي تشهد منذ بداية السنة تحركات اجتماعية للتنديد بالتلاعب المفضوح الذي قامت به السلطة في نتائج مناظرة الانتداب التي قامت بها شركة فسفاط قفصة. وقد أبانت هذه النتائج عن حقيقة السياسة الاجتماعية للسلطة وتحول المحسوبية إلى ممارسة عادية تمثل أحد مظاهر الفساد المستشري في البلاد. ضحية هذا الفساد هم المحتاجون من أبناء الجهة والعاطلون من أصحاب الشهادات وغيرهم. لقد هب أبناء المنطقة بكل عفوية وروح وطنية، رافضين للظلم المسلط عليهم، هبة سلمية مدنية راقية، لم يشذ عليها أحد، نساء ورجالا شيبا وشبابا، فكانوا عينة ناطقة وطليعة واعدة تعبر عما يعتمل في نفوس التونسيين من نقمة على السياسات المجحفة للسلطة وانتشار الفساد. وقابلت الحكومة كعادتها الموقف الشعبي في هذه المنطقة بالتعتيم والاحتقار ظنا منها أنها ستفرض الصمت و تفشل التحرك، إلا أنها منيت بالفشل بفضل تصميم وإصرار أهلنا ، رغم لجوئها لأساليب الخداع  عبر التفاوض للالتفاف على المطالب الشرعية للمحتجين، ما دفعها -حسب ما تدل عليه المؤشرات الميدانية- إلى ما اعتادت من التعامل مع مطالب الشعب ، عبر أساليب القمع والترهيب. إننا نلفت انتباه الرأي العام المحلي والدولي إلى خطورة الموقف ونعتبر: ـ ان المطالب التي ينادي بها أهالي قفصة مطالب اجتماعية مشروعة وأن تحركهم هو دفاع مدني سلمي للتعبير عن موقفهم والنضال من أجل الحصول على حقوقهم. ـ أن السلطات لا تقوم بأي جهد لتصحيح الوضعية بل تتهرب من مسؤولياتها و تنحاز لمصالح فئات فاسدة ومتنفذة. ـ أن ما وقع في المنطقة من تجاوزات خطيرة في حق المواطنين يمثل عينة لما تعيشه مناطق البلاد الأخرى. و بناء على ما تقدم فإننا: ـ نطالب الحكومة بالاستجابة الفورية لمطالب المحتجين والكف عن المناورات. ـ نحذرها من مغبة اللجوء إلى العنف لفك التحرك ونحملها مسؤولية سلامة الأهالي. ـ ندعو المنظمات الأهلية وعلى رأسها الإتحاد العام التونسي للشغل إلى مساندة هذا التحرك والقيام بواجبه في النضال من أجل إعادة الحقوق لأصحابها. ـ ندعو القوى الحية في الداخل والخارج إلى مواجهة التعتيم الحاصل وتحشيد الجهود لدعم التحرك ودفع السلطة إلى تغيير سلوكها تجاه القضية. لندن في 16 مارس 2008 الشيخ راشد الغنوشي


بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في16.03.2008

أستاذ يعتدي بالضرب ويمزق حجاب الفتاة أسماء الحبوبي

 
بلغ إلى علم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس أن المدعو محسن بالشادلي وهو أستاذ مادة الرياضيات بمعهد حسن حسني عبد الوهاب بحي البساتين المنيهلة بتونس قد إعتدى بالضرب يوم الخميس 06 مارس 2008 على الفتاة المحجبة أسماء الحبوبي التى تزاول تعليمها بالسنة الرابعة شعبة إقتصاد بالمعهد المذكور , كما إستفزها بالألفاظ السوقية النابية ثم عمد إلى تمزيق حجابها بعد أن خلعه من على رأسها بالقوة , وذلك أثناء إجراءها إمتحان التاريخ و الجغرافيا .  
ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تدين بشدة جريمة المدعو محسن بالشادلي , وتطاوله على حرمة المرأة التونسية وإنسلاخه عن القيم التربوية والإجتماعية التونسية , وتقمصه دورالمنحرف بإعتماده أساليب معيبة بإستخدام عضلاته تجاه فتاة ضعيفة وتخليه طواعية عن أدواره التربوية المنتدب إليها وهو ما يمثل إنحرافا سلوكيا لا تحتمله الفضاءات التربوية من أي جهة صدر ,وعلى الإدارة الجهوية ووزارة التعليم معالجته وعدم الصمت عليه أو مباركته , ونحن نحمّل كل الأطراف المعنية إلى أعلى هرم السلطة في تونس نتائج التمادي في هذا الطريق المسدود . تطالب إدارة معهد حسن حسني عبد الوهاب بحي البساتين المنيهلة بتونس برد الإعتبار للآنسة أسماء الحبوبي والإعتذار لها عن سلوك المدعو محسن بالشادلي , وإتخاذ إجراء إداريا رادعا تجاه الأخير لتجاوزه صلاحياته التربوية وإستخدامه العنف المادي واللفظي والتى لا تجوزه أي مؤسسة تربويه لمنتسبيها , وهو سلوك غريب على الفضاء التربوي حتى من القصّر ناهيك عن غيرهم . تدعو الفتاة أسماء الحبوبي وكل زميلاتها المحجبات التونسيات إلى التمسك بالشجاعة الكاملة لفضح هذه الممارسات , والتجند لإبلاغ أصواتهن إلى كل المستويات الإدارية في البلاد والتظلم إلى المحاكم الوطنية والدولية وتوقيع العرائض ومراسلة المنظمات الدولية كالأمم المتحدة واللجنة العالمية لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات والهيئات . تجدد الدعوة إلى كل الهيئات والمنظمات الحقوقية المحلية والعربية والدولية إلى التدخل لصالح الفتيات المحجبات بتونس من أجل وضع حد للتمييز والعنف الذى تمارسه السلطات التونسية تجاههن , كما تطالب علماء ودعاة الأمة إلى مناصرتهن والعمل على رفع الغبن والتمييز والعنف والضغوطات التى تمارس ضدهن . عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr
 

بسم الله الرحمان الرحيم  « و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة،  إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون » 

أحمد الذهيبي يملك نصف دينه

 
و أخيرا نقول لأخينا أحمد الذهيبي: « بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير » ينهي أخونا أحمد مشوار العزوبية الطويل يوم الأحد 16 مارس 2008 في قريته « زمرتن’ من قرى »مارث »/ ولاية قابس… و أخونا أحمد من مواليد 22 ديسمبر 1959، وهو سجين سياسي سابق، قضى وراء القضبان 14 سنة… اشتغل بالتدريس قبل اعتقاله.. و بهذه المناسبة السعيدة يطيب لنا تقديم أحر التهاني إلى أخينا أحمد و إلى زوجه الفاضلة سائلين المولى جل في علاه أن يعزز بهذه الأسرة المباركة المسيرة نحو مجتمع العدل         و الحق و المحبة و السلام…  لتقديم التهاني: أحمد الذهيبي:95885758   عبدالله الـــــــــــــزواري جرجيس في 16 مارس

النمسا تسعى في مالي لإطلاق سراح رهينتي القاعدة

 

باماكو (رويترز) – قال مسؤولون نمساويون وماليون إن مبعوثا دبلوماسيا نمساويا كان يحاول يوم الاحد التوصل الى اطلاق سراح اثنين من السياح النمساويين يحتجزهما تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي في اقليم كيدال النائي في شمال شرق دولة مالي.   وكان المحتجزان اندريا كلويبر البالغة (43 عاما) وفولفجانج ابنر (51 عاما) فقدا اثناء قضائهما عطلة في تونس في الشهر الماضي وقال تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي انه يحتجزهما منذ يوم 22 فبراير شباط.   وطلبت القاعدة فدية مع اطلاق سراح 10 متشددين معتقلين في تونس والجزائر خلال ثلاثة ايام بدءا من منتصف ليل الخميس وهي مهلة تنتهى في منتصف ليل الاحد.   وقالت وزيرة الخارجية النمساوية اورسولا بلاسنيك في بيان في فيينا ان هدف الحكومة هو اطلاق سراح الرهينتين في اقرب وقت ممكن.   وقالت « لذا فانه على سبيل المثال التقى سفير نمساوي سابق بطلب مني مع رئيس مالي امادو توماني توري وابلغه شخصيا بالقضية. »   وأكد ضابط كبير بالجيش المالي المعلومات التي وردت في الموقع الجزائري (النهار) على الانترنت الذي ذكر ان الرهينتين محتجزتان في شمال مالي.   وتابع الضابط الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز « تشير معلومات مخابرات الى تواجدهما في أراضي مالي بمنطقة كيدال وعلى وجه الدقة في قطاع تيجارجار. »   وكان مسؤولون نمساويون قالوا انهم لن يتفاوضوا مع ارهابيين لكن موقع (النهار) المتخصص في الشؤون الامنية ذكر يوم السبت ان المبعوث النمساوي البارز بدأ مفاوضات عبر الهاتف مع الخاطفين.   ولم تؤكد بلاسنيك ذلك.   وتقع مالي بين الصحراء الافريقية والحزام الساحلي القاحل الممتد الى الجنوب وهي منطقة يجوبها البدو الرحل والجماعات المتمردة والمهربون.   وكان جناح القاعدة في شمال افريقيا الذي غير اسمه في العام الماضي من الجماعة السلفية للدعوة والقتال الى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي ضالعا منذ وقت طويل في اعمال التهريب وغسل الاموال وحماية التجارة غير المشروعة في المنطقة.   وقال الضابط المالي ان المنطقة التي يحتجز فيها الرهينتان معروفة بانها مخبأ للاسلاميين.   وقال « المنطقة من تساليت الى كيدال اصبحت اقطاعية للاسلاميين. انهم يعرفون جغرافية هذه المنطقة الشاسعة التي يصعب السيطرة عليها. ويمكن العثور هناك على اسلاميين ذوي لحى من جميع الجهات من باكستان وافغانستان والمغرب. »   ولم تذكر بلاسنيك اسم الدبلوماسي البارز الذي ارسلته الى مالي لكن بعض وسائل الاعلام الجزائرية قالت انه انطون بروهاسكا السفير السابق لدى فرنسا.   وقال موقع (النهار) ان جماعة يقودها المتشدد الجزائري عبد الحميد ابو زيد تحتجز الرهينتين في قاعدة تابعة لتنظيم القاعدة على بعد نحو 150 كيلومترا من بلدة كيدال في مالي.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريح 16 مارس 2008)

السيدة حمادو فاطمة والدة عبد الحميد أبو زيد للنهار:

أطلب من إبني الإفراج عن السائحين النمساويين وإخلاء سبيلهما

 
ع.سيد أحمد   ناشدت السيدة فاطمة حمادو والدة حمادو عبيد المعروف باسم « عبد الحميد أبو زيد » نائب أمير كتيبة « طارق بن زياد » أو ما يعرف بـ « الكتيبة الصحراء » من ابنها الذي يحتجز السائحين النمساويين فولغانغ ابنر « 51 عاما » واندريا كلويبر « 44 عاما » شمال مالي « الإفراج عنهما وإخلاء سبيلهما ». وتعرض السائحان النمساويين إلى عملية إختطاف من طرف مجموعة مسلحة تنشط تحت لواء تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » بمنطقة صحراوية جنوب تونس ويقود المجموعة المسلحة حمادو عبيد المعروف باسم « عبد الحميد أبو زيد » الذي ظهر في صور وزعها التنظيم المسلح مساء الخميس الماضي وهو يجلس إلى جنب السائحين النمساويين. وترجت السيدة حمادو فاطمة في لقاء مع « النهار »، أمس، من ابنها « أن يعود إلى رشده وأن يتقي الله في نفسه وفي بلده الجزائر »  وأضافت « أطلب من ابني إن كان فعلا يقف وراء عملية خطف هؤلاء الأبرياء أن يفرج عنهم ويطلق سراحهم » وعبرت عن أملها في أن يسمع ابنها إلى رجاءها وأضافت « ليس لدي من كلام إلى أن أطلب من ابني أن يخلي سبيل هؤلاء » وتابعت « ليس لهؤلاء (تقصد السياح) أي ذنب ». وتستقر السيدة فاطمة حمادو في بيت متواضع يوشك على الانهيار يدعى « دار السلام » كما هو مكتوب على بابه بحي سيدي عبيد كما أن حالتها الصحية سيئة للغاية وظروفها الاجتماعية مزرية واستغلت السيدة حمادو لقاءها لأول مرة مع صحافي لتوجه عبر « النهار » رسالة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بقصد « التدخل العاجل » لمساعدتها في تجاوز محنتها. ولم تتمالك السيدة فاطمة حمادو نفسها وشرعت في البكاء بسبب الأوضاع الصعبة التي توجد فيها وأيضا لفقدانها لاثنين من أبناءها الأول بشير حمادو الذي لقي مصرعه في اشتباكات مع قوات الأمن والثاني حمادو عبيد الذي يوجد محل متابعة من طرف أجهزة الأمن لتورطه في جرائم قتل واغتيال وسجلت له قبل أيام تهمة اختطاف السائحين النمساويين جنوب تونس. ودعت السيدة حمادو فاطمة ابنها عبيد المعروف باسم « عبد الحميد أبو زيد » إلى العودة إلى العائلة وقالت « إنني أنتظر عودة ابني بفارغ الصبر في أي لحظة ».   « النهار » تجولت في بلدته والتقت جيرانه حمادو عبيد ابن تقرت الذي يقف وراء اختطاف الزوج النمساوي ع / سيد احمد   الزاوية العابدية بتقرت بلدة صغيرة تقع على بعد نحو 165كلم شمال عاصمة الولاية ورقلة عرف عن أهلها طيبتهم وكرمهم وترحيبهم لكل من هو غريب عن المنطقة لكن ما لا يعرفه الكثير من المتتبعين للشأن الأمني  خاصة أن الأمير عبد الحميد أبو زيد واسمه الحقيقي حمادو عبيد الذي أختطف بالتراب التونسي الرهينتين النمساويتين الشهر الماضي ينحدر من هذه البلدة المترامية الأطراف وسط واحات النخيل. فعبد الحميد ورغم انتمائه إلى تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » و قبلها الحركة الإسلامية المسلحة يشهد له كل من التقينا به من سكان الزاوية و منطقة تقرت الكبرى بنبل أخلاقه ومعاملته الحسنة لجيرانه وأهل بلدته ولم يتوقع أحد ممن تحدثوا لـ »النهار » أن يصبح أميرا في تنظيم إرهابي خاصة وانه لم يظهر عليه أي مظهر بالتشدد عند عودته الى الزاوية العابدية بعد انه قضى نحو 10سنوات مقيما رفقة عائلته المتكونة من بنتين متزوجتين حاليا وشقيق آخر يدعى بشير ببلدية حمام قرقور بولاية سطيف كما عرف عنه أيضا مواظبته على الصلاة بمسجد سيدي عبيد الذي كان ملازما له كثيرا.   عبد الحميد أبو زيد المولود سنة 1965 والذي انخرط في العمل الإرهابي مبكرا اختار بيتا مهجورا يقع بحي السلام  بالزاوية العابدية لإيواء مجموعته الإرهابية  التي كان يقودها الإرهابي كساب الذي قضت عليه قوات الأمن سنة 1994 بتقرت عقب اغتياله لأحد أفراد الشرطة والاستيلاء على سلاحه.كان يفكر حسب مصادرنا  القيام بعمليات إرهابية إلا أن معلومات وصلت الى مصالح الأمن آنذاك أدت إلى دخول هذه المجموعة الكثيرة العدد في اشتباك مسلح مع قوات الأمن أفضى إلى القضاء على إرهابي وفرار البقية من بينهم الأمير « عبد الحميد ابوزيد » وشقيقه بشير اللذين تسللا تحت جنح الظلام الى واحات النخيل المحيطة بالبلدة ومن ثمة مغادرة منطقة وادي ريغ نحو وجهة مجهولة الى غاية السنة الماضية أين تم تعيينه كنائب لأمير كتيبة طارق ابن زياد أو ما يعرف بكتيبة الصحراء التي يقودها عبد الحق « ابو خبابة » واسمه الحقيقي نقية محمد ومشاركته في العديد من العمليات الإرهابية في مناطق الوادي تبسة ورقلة غرداية وجنوب الصحراء .من بينها الاعتداء على مطار جانت أواخر السنة الماضية ومقتل افراد حرس الحدود التابعين لثكنة قمار بالوادي اضافة الى عمليات اخرى ساهمت في بروز اسمه كواحد من الامراء الذين يعول عليهم ما يعرف  بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي لفتح جبهة للعمل المسلح في الصحراء الكبرى.   قال أن الجزائر ليست معنية مباشرة بقضية المختطفين النمساويين بلخادم: الاختطاف وقع بأرض غير جزائرية والمختطفان يوجدان في بلد ثان سميرة مواقي   أكد عبد العزيز بلخادم، رئيس الحكومة،  أن الجزائر ليست معنية مباشرة بقضية المختطفين النمساويين ، وأوضح أن حدث الاختطاف وقع بأرض غير جزائرية، و أن المختطفين « يوجدان بأرض أخرى غير جزائرية » وأضاف أن »هؤلاء اختطفوا في بلد آخر و حسب بعض المعلومات يوجدان حاليا في بلد ثان أو ثالث ». و أشار بلخادم أمس، في تصريحات تعتبر الأولى من نوعها من قبل السلطات العليا للبلاد منذ اعلان اختطاف الرعيتين النمساويتين، على هامش انطلاق أشغال المؤتمر الرابع للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء بفندق الاوراسي،  حول ما إذا كانت هناك اتصالات بين الحكومتين النمساوية والجزائرية الى  أن الجزائر « تتعامل مع كل الدول في إطار مكافحة الإرهاب » دون أن يحدد الدول المعنية أو موضوع الاتصال بدقة ، قائلا « نحن نتصل مع كل الدول في إطار مكافحة الإرهاب »، بلخادم ، الذي امتنع عن الخوض في أسئلة الصحافيين وخاصة مسألة مطالبة الجهة المختطفة بالإفراج عن بعض السجناء الإرهابيين بالجزائر وتونس،  تناول  في كلمة  ألقاها  أمام المؤتمرين قضايا أخرى مطروحة على الرأي العام، مؤكدا  أن الحكومة صارمة في تطبيق قانون المجاهد و الشهيد الذي صدرت منه نصوص تطبيقية وستدخل البقية حيز الدراسة خلال الأسابيع القادمة، وأشار الى أن هناك ثوابت تراها الجزائر خطا احمرا  لا يمكن تجاوزه و هي الوحدة و الوفاء و الاستمرارية.   (المصدر: صحيفة « النهار الجديد » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 16 مارس 2008)

مصادر مسؤولة للشروق: « الفدية هي جوهر المطالب واللعبة قد تستمر لأشهر عديدة »

البارا مؤهل لإقناع الخاطفين بإطلاق سراح السائحين « دون شرط »

 
أبرقت الجزائر إلى السلطات النمساوية تطلب منها الإطلاع الكامل « أولا بأول » على محتوى الاتصالات التي جرت مع المجموعة الإرهابية التي اختطفت السائحين « بعد أن تبين أن هناك مطالب أخرى تكون قد تضمنتها اتصالات مكتوبة وشفوية أجراها الخاطفون على أكثر من مستوى نمساوي » حسب ما كشفت مصادر مسؤولة للشروق، في إشارة إلى أن الخاطفين أجروا اتصالات أولية مع سفارة النمسا في الجزائر ثم مدوا الخط لاحقا الى العاصمة فيينا مباشرة ومهما يكن الأمر فهي بالنسبة للجزائر اتصالات « جرت بين دولة عضو في الأمم المتحدة وجماعة إرهابية بنص القانون الدولي تلزم المواثيق الأممية لمكافحة الإرهاب الشفافية والتعاون المطلق بشأنها »، وهذا الكلام ينطبق سواء كان الخاطفون داخل أو خارج التراب الوطني، ولا يعرف إن كان الطلب الجزائري قد نقل إلى المبعوثين الذين أوفدتهم النمسا للتنسيق مع نظرائهم الجزائريين في التحقيق الجاري حول الاختطاف، أم انه أخذ قنوات دبلوماسية أخرى أرفع مستوى، لكن مصادرنا تقول إن الطلب الجزائري جاء « هادئا ومسؤولا »، ويعتقد أن رد الفعل الجزائري برز بعد أن بدأ يتضح أن مطالب الخاطفين المعلنة رسميا في بيانهم الأخير، حيث  قالوا إنهم قدموا للطرف النمساوي قائمة بأسماء بعض أمراء القاعدة المسجونين يطالبون بإطلاق سراحهم، قد لا تكون سوى فرقعة إعلامية تخفي المطالب الحقيقية التي تدور حول فدية مالية لأجل إطلاق سراح الرهائن، وهو ما أكدته السلطات النمساوية بعد نحو 24 ساعة من صدور بيان القاعدة، وكشفت أن الحصول على فدية مالية ضمن المطالب التي تلقتها شفويا من الخاطفين في الاتصالات الأولية، وهنا لم تتردد الجزائر في القول إنها « تؤكد أنها لن توافق مطلقا على حصول الإرهابيين على أي مقابل مادي أيا كان شكله مقابل إطلاق سراح الرهائن، لأنه سيستعمل تلقائيا في إحياء النشاط الإرهابي وسفك دماء الأبرياء »، وحرص الطرف الجزائري على القول إن هذه الرسالة « موجهة لكل من يعنيه الأمر »، وهو كلام يحمل في طياته عدة دلالات في اتجاه النمسا أو أي أطراف أخرى رسمية أو غير رسمية مثل ما قيل بشأن اعتزام رجل أعمال تونسي دفع الفدية المطلوبة، ولا زالت الجزائر لم  تبلع حتى اليوم غصة مريرة تركها في حلقها الغموض الذي اكتنف الفدية التي دفعت للبارا العام 2003 لإطلاق سراح السياح الألمان، وكان قدرها 5 ملايين أورو استعملت لتسليح عناصر الجماعة السلفية في الشمال، ولا يعرف البارا نفسه من أين أتت تحديدا، لكن بعض الأشخاص يتحدث عن قرائن، لم يكذبها أحد، تشير الى الجمعية الخيرية التي يرأسها نجل الزعيم الليبي، سيف الإسلام القذافي.    أفكار البارا الجديدة « قد تؤهله » لدور ما    ولم تستبعد بعض مصادر الشروق أن تتم الاستعانة بعبد الرزاق البارا (عمار صايفي)، أمير منطقة الصحراء السابق في الجماعة السلفية للدعوة والقتال الموجود حاليا في سجن سركاجي، في الاتصالات الجارية مع المجموعة التي اختطفت السائحين النمساويين لأجل إطلاق سراحهم، ويعتقد ان البارا هو أحد الأسماء التي يكون الخاطفون قد أدرجوها في القائمة التي طلبوا بإطلاق سراحها مقابل إخلاء سبيل السائحين، لكن ذات المصادر شددت على أن أي دور للبارا إن كان، « يجب أن ينحصر تحديدا في محاولة إقناع الخاطفين بأن مطالبهم مرفوضة شكلا ومضمونا وأنه من الضروري  إطلاق سراح السائحين دون قيد أو شرط »، ولا يعرف إن كانت السلطات النمساوية هي من طلبت من نظيرتها الجزائرية الاستعانة بالبارا أو غيره من أمراء القاعدة القابعين في السجون، ولكن يبدو البارا المؤهل الأكبر لدور مماثل على أساس علاقاته الشخصية بالخاطفين الذين عمل بعضهم طويلا تحت إمرته ولا زالوا موالين له، وعلى رأسهم أمير المجموعة الخاطفة عبد الحميد أبو زيد، 43 سنة، وما من شك في أن السنوات الأربع التي قضاها البارا حتى الآن في السجن « غيرت كثيرا من أفكاره ومواقفه »، ويذهب بعض الاشخاص إلى التأكيد أنه أبدى تعاونا في أكثر من مرة مع مصالح الأمن في  تفكيك بعض ألغاز القاعدة القديمة والجديدة و »أبدى استنكاره الصريح للعمليات الانتحارية التي نفذتها العام الماضي ». كما أن شخص بحجم  البارا، الذي يعتبر أول من سن سنة خطف السياح الأجانب، ويعتقد أنه يتصدر قائمة الذين تطالب المجموعة الخاطفة بإطلاق سراحهم، سيشكل نكسة معنوية قاصمة للخاطفين إذا كان هو نفسه من يطلب منهم إنهاء هذه  اللعبة. وقدرت مصادرنا أن تدوم عملية الاختطاف « عدة أسابيع وربما شهور » لأن إثارة الاهتمام الاعلامي تحول منذ سنتين إلى أهم هدف للقاعدة، وهو ما يبدو أن الخاطفين مستعدون له ويهمهم أن يمارس عامل الوقت ضغطا إعلاميا وسياسيا متزايدا على حكومات الدول المعنية، بعد أن أخذوا الوقت اللازم لتهريب الرهينتين الى مكان يعتقدون أنه آمن وبعيد عن يد قوات الأمن، في عمق الحدود الصحراوية المشتركة بين ليبيا والجزائر وتونس.     شكوك قوية .. وتجربة لعيادة الفاشلة تعود    لكن شكوكا قوية لا زالت قائمة حول ما إذا كان البارا قادرا فعلا على التأثير على خيارات الخاطفين، بالرغم من أن قائدهم عبد الحميد أبو زيد واسمه الحقيقي حمادو عبيد، « من أشد الأوفياء للبارا ومصدر ثقته السابق »، وساند البارا بفعالية في كل مشاريعه السابقة ومنها اختطاف السياح الألمان العام 2003، وهو مثل أميره السابق من أشد خصوم مختار بلمختار المتخفي حاليا شمال مالي، وبرغم أن أمير القاعدة أبو مصعب عبد الودود رفض تعيين ابو زيد على رأس المنطقة التاسعة وفضل أن يضع مكانه « جوادي يحيى » المكنى « أبو عمار »، فإن الأول ظل بحكم معرفته القديمة بالمنطقة وبالأشخاص، هو القائد الفعلي في الميدان لمن تبقى من عناصر القاعدة في الصحراء، لكن هذا كله قد لا يكون كافيا، وهنا يجري الحديث عن السابقة التي وقعت نهاية العام 1994 عند اختطاف طائرة « الأيرباص » الفرنسية من طرف « الجيا »، وجاءت حينها السلطات بمؤسس « الجيا » عبد الحق لعيادة الذي كان ضمن من طالب الخاطفون بإصرار بإطلاق سراحهم في وقت كان يقبع في سجن سركاجي يواجه حكما بالاعدام صدر في حقه، ولكنه فشل في فعل شيء ورفض الإرهابيون الحديث إليه.   عبد النور بوخمخم   (المصدر: صحيفة « الشروق اليومي » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 15 مارس 2008) الرابط: http://www.echoroukonline.com/ara/une/1224.html


معتقل تونسي في غوانتنامو يجري محادثة هاتفية مع عائلته في تونس

 
تونس – خدمة قدس برس   كشف مصدر حقوقي من تونس لـ »قدس برس » إنّ المعتقل التونسي في غوانتنامو المعروف باسم سيف بن عبد الله قد أجرى منذ أسبوعين مكالمة هاتفية مع عائلته في تونس دامت قرابة الساعة. وجرت المحادثة بوساطة من مكتب الصليب الأحمر الدولي في تونس الذي تحوّل وفد منه إلى منزل عائلة المعتقل المذكور في محافظة بنزرت (60 كم شمال العاصمة تونس). ومثلت تلك المكالمة أول اتصال للعائلة بابنها منذ انقطاع أخباره قبل 6 أعوام، تاريخ اعتقاله في غونتنامو، حيث ظلت عائلته تجهل مصيره إلى أن اتصل بها مكتب الصليب الأحمر مؤخرا. وكان صالح ساسي (35 سنة) المعروف باسم سيف بن عبد الله في معتقل غوانتنامو قد امتنع عن مراسلة عائلته من سجنه خشية عليها من ملاحقات الأجهزة الأمنية التونسية، حسب تقديره. وقد صدر ضده حكم غيابي بالسجن من قبل محكمة جنايات تونس في شهر أيلول (سبتمبر) 2007 بتهمة الانضمام خارج البلاد إلى تنظيم إرهابي. من جهة أخرى قال المستشار في منظمة روبريف الإنسانية اللندنية التي تعنى بمعتقلي غوانتنامو كريستوف شانغ في اتصال بـ »قدس برس » إنّه تعرض لمعاملة سيئة وأوقف لأكثر من ساعة من قبل وحدة مكافحة الإرهاب في مدينة طورينو الإيطالية. وقال إنّ ذلك حصل يوم 6 آذار (مارس) الجاري بعد اتصاله بشقيق سيف بن عبد الله المقيم بإيطاليا، وكان ذلك في إطار مهمة بحث تقوم بها المنظمة المذكورة للعثور على إثباتات قانونية لإقامة هذا المعتقل في إيطاليا خلال التسعينات قبل انتقاله إلى باكستان ثم اعتقاله. وقال شانغ لـ »قدس برس » إنّ وحدة مكافحة الإرهاب الإيطالية اقتادته إلى أحد المراكز الأمنية واستجوبته حول عمل منظمته وبرنامج زيارته لإيطاليا والأشخاص الذين اتصل بهم. كما شددت عليه بأنّه لا يمكنه القيام بمهمته دون الحصول على ترخيص في ذلك وإشعار السلطات الأمنية في كل تنقلاته. وفي سياق متصل أفاد شانغ بأنّ الداخلية البريطانية تعتزم ترحيل المواطن التونسي محمد الصالح الخميري إلى تونس حيث ينتظره حكم بالسجن صدر ضده غيابيا من قبل محكمة عسكرية بتهمة الانضمام خارج البلاد إلى تنظيم إرهابي، وأنّ مساعيا تجري من قبل محاميه لمنع ترحيله. وقد حوكم الخميري (54 عاما) في تونس غيابيا بعشرين سنة سجنا ضمن مجموعة من التونسيين شاركوا في حرب البوسنة.   (المصدر:  وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 16 مارس 2008)


أمام ارتفاع أسعار المواد الأولية ومادة الحبوب في السوق العالمية..

تونس تواجه الحاجات الاستهلاكية المتزايدة من الحبوب، بالتوريد و »سياسة التدرج » في الاعتماد على صندوق الدعم..

 
تونس – صالح عطية :   بالإضافة إلى الارتفاع الحاصل في حاجيات تونس من المحروقات والنفط أمام ارتفاع الأسعار في السوق العالمية، تبدو الحكومة التونسية مقبلة على مرحلة لا تحسد عليها، نتيجة ارتفاع حاجياتها الاستهلاكية من الحبوب بجميع أنواعها، حيث بلغ حجم استهلاكها من هذه المادة، إلى نحو 31 مليون قنطار خلال العام الماضي، مقابل 25 مليون قنطار العام 2006.   وترافق هذا الارتفاع، مع تطور الواردات التونسية من الحبوب التي مرت بسرعة من 19 مليون قنطار العام2006 إلى24.7 مليون قنطار سنة 2007.   وحسب التقديرات الرسمية، من المتوقع أن يبلغ إنتاج البلاد من الحبوب خلال العام الجاري، معدّل 13 مليون قنطار، منها مليونا قنطار فقط من القمح اللين، المستخدم بكثرة في صناعة الخبز وشتى أنواع العجين التي تستهلك بكثرة في تونس، سيما منها المكرونة والكسكسي، اللذان يعدّان أحد أشهر وأفضل الأكلات التونسية والأوسع انتشارا في كامل البلاد.   وقال عبدالعزيز الليلي، مدير ديوان الحبوب في تونس، في تصريح لـ « الشرق »، إن كمية 13 مليون قنطار من الحبوب، لن تغطي سوى %47 فحسب من إجمالي حاجيات تونس الاستهلاكية من الحبوب خلال العام الجاري، مقابل%24 العام 2007، موضحا أن ذلك سيؤثر على حجم واردات البلاد من الحبوب، إلى نحو 14.5 مليون قنطار، بعد أن كانت في حدود 21 مليون قنطار العام المنقضي..   وتوقع عبدالعزيز الليلي، أن تصل نفقات الدعم الحكومي لواردات الحبوب خلال السنة الجارية، إلى حوالي413 مليون دينار(344.16 مليون دولار)، بعد أن تم حصر الأمر في حدود240 مليون دينار(200 مليون دولار) العام 2007.   ضغوط صندوق النقد الدولي..   ورغم مطالبة صندوق النقد الدولي الحكومة التونسية، بإلغاء صندوق الدعم لتحسين مردود الاقتصاد التونسي وخفض العجز في الموازنة التونسية، الذي استقر في حدود3 في المائة منذ عدة سنوات، فإن الحكومة حرصت على التعامل مع هذا الملف بكثير من العقلانية وفق سياسة المراحل والتدرّج، لتجنيب البلاد هزّة اجتماعية كانت حصلت في العام 1984، فيما يعرف بثورة الخبز الشهيرة، التي جاءت إثر قرار الترفيع في سعر الخبز بما يزيد على100 بالمائة، للتقليل من تدخل صندوق الدعم..   وكان مسئولون في الحكومة التونسية، أعربوا في وقت سابق عن تخوفهم من الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الأولية والمنتجات الزراعية، وبخاصة الحبوب في الأسواق العالمية، نظرا لانعكاساتها الكبيرة على المالية العمومية، بالإضافة إلى تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.   وتشير بيانات حكومية، إلى أن التونسيين ينفقون يوميا نحو مليون دينار (ما يعادل833 ألف دولار)، في استهلاك العجين بمختلف أنواعه، في مقدمتها الخبز…   واللافت للنظر في هذا السياق، أن تونس تستورد ما قيمته360 مليون دينار (300 مليون دولار) من القمح اللين بشكل سنوي، بغرض تلبية حاجيات الاستهلاك التونسي من الحبوب.   ويرى مراقبون، أن الحكومة مقبلة على فترة دقيقة في علاقة بملف الحبوب والمنتجات الزراعية، خاصة في صورة استمرار الارتفاع المسجل في أسعار هذه الموادّ في السوق العالمية، بما سوف يلقي بظلاله على المعيشة اليومية للمواطنين، الذين باتوا يتذمرون من ارتفاع الأسعار خلال المدة القليلة الماضية.   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) بتاريخ 16 مارس 2008)

ارتفاع أسعار الأراضي في تونس يشجع التمدد العامودي

 
إيهاب الشاوش من تونس: من المفارقة أن يشبه التونسيون، المسكن، بعبارة « قبر الحياة »، وهم يقصدون بذلك الفضاء، الذي سيكملون فيه بقية حياتهم و منه نحو ملاقاة ربهم، لكن المتمعن في طريقة الحصول على المسكن و رحلة البحث على قرض تمويله يمكن أن يجد مخرجا آخر لهذا التوصيف، حيث يفرض الحصول على مسكن، التضحية بكل « ملذات الدنيا »، و نذر النفس لتسديد قرض مقابل فوائض مجحفة قد تنتهي بك إلى القبر دون سدادها.   الأسباب تختلف، و الحقيقة واحدة:   و المسكن في طبيعته مرتبط بالاستقرار، لكن سوق العقارات في تونس غير معنية بهذا الاستقرار، بل إن أسعار العقارات ما تفتأ ترتفع، بالتوازي مع ارتفاع أسعار المواد الأولية و الأراضي و اليد العاملة. كما تختلف أسعار العقارات بحسب الموقع و التهيئة.   يقول الباحث العقاري،جلال ادريس لـ »إيلاف » اعتقد أن سعر العقار لم يتغير، بل إن سعر الأراضي هو الذي في ارتفاع جنوني. فعلى سبيل المثال كان سعر المتر المربع في مدينة الحمامات الساحلية السنة الماضية في حدود 300 دولار، في حين ارتفع هذه السنة إلى أكثر من 600 دولار ».و حول السؤال عن الأسعار الدنيا للمساكن، يقول إدريس، إن سعر المسكن اللائق لا يقل حاليا عن 80 ألف دينار لمساحة 100 متر مكعب.   غير أن شطحات أسعار العقارات في تونس، و نزواتها، ليست مقتصرة على سعر الأراضي، بل أن هناك من يعزو ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية و خاصة الحديد، حيث ارتفع سعر الطن من الحديد من 600 دولار سنة 2006، إلى 1000دولار حاليا، إلى جانب اليد العاملة المرتفعة و غياب اليد العملة المتخصصة.   80 في المئة من التونسيين يمتلكون مسكنا:   التعداد الأخير للسكان و السكنى في تونس كشف أن 77,4 في المئة من التونسيين، يمتلكون مساكنهم، بينما تطور الرصيد العقاري في تونس حسب التعداد نفسه ليصل إلى 5ر2 مليون وحدة سكنية، أي بنسبة نمو سنوي تناهز 95ر2 في المئة منذ سنة 1994، في حين تطورت نسبة الأسر ب75ر1في المئة سنويا لتصل إلى 87ر1 مليون أسرة في الفترة نفسها.أما المساكن البدائية فقد أضحت في حدود 69ر0 في المئة سنة 2007 مقابل 8ر0 في المئة سنة 2004 ونحو 7ر2 في المئة سنة 1994 من مجمل الرصيد العقاري. و مثلما لا يجب أن تحب الشجرة الغابة، فإن ارتفاع نسبة امتلاك التونسيين لمساكنهم، لا ينبغي أن يخفي، متاعب رحلة الحصول على هذا المسكن، بدءا بالبنوك، و وصولا إلى الباعث العقاري. إذ تشترط البنوك نسبة معينة من الادخار السكني لا تقل عن 30 في المئة من السعر الجملي للمسكن، مع فرض نسبة فوائض مرتفعة، قد تضاعف في أحيان عدة من سعر المسكن. هذا طبعا إذا كان المقترض من المثبتين في وظائفهم أو من أصحاب المشاريع التي يمكن أن تشكل ضمانا للبنك. و أمام هذه الشروط المجحفة، فقد اختارت فئة من التونسيين إما البقاء في حضن العائلة و امتلاك الطابق العلوي، أو اقتناء قطعة أرض ثم بناءها حتى يتسنى لهم تصميم مساكنهم حسبما يرغبون و أينما يريدون، و بأقل التكاليف.   300الف وحدة سكنية بين 2007 و 2011:   تواصل ارتفاع كلفة البناء وقلة الأراضي المهيأة لهذا الغرض وتراجع عدد المساكن الاجتماعية المعروضة للبيع وتواصل ارتفاع ضغط الطلب على المساكن الموجهة للفئات الاجتماعية محدودة الدخل داخل الأقطاب العمرانية المهمة، دفع الحكومة التونسية إلى تشجيع البناءات العمودية، وتم وضع شروط يخضع لها الباعثون العقاريون والمشرفون على عملية الانجاز كاحترام الطابع العربي الإسلامي عند تصميم العمارة في الشكل حتى يتمكّن الأجنبي من تمييز الطابع المعماري التونسي، والبناء بطريقة مقتصدة للطاقة وتهيئة الطرقات والتأكيد على اتساعها، وتوفير مأوى للسيارات. كما ينتظر أن تشهد فترة المخطط الحادي عشر للتنمية 2007، 2011 بناء حوالى 300 ألف وحدة سكنية منها 260 ألف وحدة سكنية لتلبية الطلبات الإضافية للسكن، و10 آلاف وحدة سكنية لتخفيف الازدحام، و30 ألف وحدة سكنية لتعويض المساكن القديمة. وسيتولى القطاع الخاص انجاز القسط الأوفر من المساكن وذلك ببناء 281 ألفاً و362 وحدة سكنية،منها أكثر من 70 في المئة موجهة للفئات الاجتماعية ذات الدخل المتواضع. ومن المؤمل أن تمكن الإجراءات المتخذة لدعم السكن العمودي والجماعي بالتقسيمات السكنية الجديدة من تطوير دور الباعثين العقاريين.   ويتوقع أن تبلغ نسبة المساكن المنجزة من طرف القطاع الخاص المنظم أكثر من 25 في المئة مسجلة بذلك نموا بعشر نقاط مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.ويتطلب بناء هذه الوحدات السكنية توفير حوالى 5625 هكتارا من الأراضي الصالحة للبناء بالوسط الحضري، على أساس كثافة سكنية بنحو 40 مسكنا بالهكتار الخام باعتبار ما ستوفره عمليات التكثيف بالأحياء القائمة والتي ستمكن من تلبية حوالى 25 في المئة من احتياجات السكن، وسيتولى القطاع الخاص شركات وأفرادا توفير القسط الأوفر من الأراضي الصالحة للبناء.   مساكن لصغار الأجراء:   و أقرت الحكومة التونسية مؤخرا، إجراء، يخص صغار الأجراء الذين تتراوح أجورهم ما بين 200 و 400 دولار، يتمثل في الحصول على مسكن اجتماعي دون شرط ال30 في المئة ادخار.و قال مسؤول من بنك الإسكان لـ »إيلاف » إن سعر المسكن من طراز » فوبرولوس1″، لا يتجاوز ال 25 ألف دولار، و يمكن للأجير أن يتمتع بمنحة من صندوق التضامن تصل إلى 3ألاف دولار وهو عبارة عن تمويل ذاتي. لكن في انتظار أن يقع تعميم هذه المساكن على الباعثين الخواص مع موفى 2009، ما يزال القطاع العام محتكرا لبناء المساكن الاجتماعية.   استثمارات عقارية خليجية ضخمة و التونسي يكتفي بالنكات:   سوق العقارات، و لئن بقيت أسهمه محلية و في حدود « معقولة » نسبيا في حدود السنوات القليلة الماضية، إلا أن هجمة الاستثمارات الخليجية التي فتحت تونس لها ذراعيها انطلاقا من السنتين الماضيتين، لن تؤثر في أسعار العقارات في تونس فحسب بل أنها و حسب المراقبين للشأن التونسي، سوف تغير شكل العاصمة التونسية و المناطق التي استقطبتها.   المواطن التونسي، الذي لم يتعود سماع وعد الألوف المؤلفة من المليارات المخصصة للبناء، اكتفى بالنكات، حيث يقول بعضهم إن سعر « مرحاض » صغير في  » مدينة تونس الرياضية لمجموعة ابو خاطر أو مدينة المتوسط لسما دبي، قد يساوي سعره فيلة فاخرة في أرقى الأحياء التونسية. أما الأبراج و المدن التي تنوي الشركات الخليجية إنشاءها في تونس، فتشبه أرقى المدن الأميركية و الأسيوية.   و في هذا السياق أعلنت،مؤخرا،شركة المعبر الإماراتية عن خطة لإنشاء أكبر مشروع لها في القارة الإفريقية من خلال تشييد مدينة على ضفاف الضاحية الشمالية للعاصمة تونس باستثمار يبلغ عشرة مليارات دولار. وقال يوسف النويس عضو مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة في مؤتمر صحافي إن مشروع « مدينة بلاد الورد يمثل انجازا فريدا من نوعه في جنوب المتوسط بتطويره لمدينة متكاملة عصرية تحتوي على عناصر متعددة منها المدينة الصحية الدولية وممرات مائية ومنتجعات سياحية و الاقامات . » كما أعلنت مجموعة « بوخاطر » الإماراتية أنها ستنفذ مشروعا لإقامة مدينة سكنية وترفيهية ورياضية متكاملة على ضفاف بحيرة تونس الشمالية باستثمارات قدّرت بنحو 5 مليارات دولار. غير أن أبرز وأهم المشاريع الاستثمارية الإماراتية في تونس، يبقى مشروع « تونس باب المتوسط » الذي يوصف في تونس بأنه « مشروع القرن »، الذي ستنفذه مؤسسة « سما دبي » باستثمارات قدّرت بنحو 14 مليار دولار. و بخصوص هذا المشروع، يرجح المختصون، أن تسجل المساحات المربعة المبنية سنويا نموا ب 50 في المئة، و حال انتهاء أشغاله سيمكن مشروع باب المتوسط من استقطاب ما بين 300 و 500 ألف ساكن. إلى ذلك، أعلن « بيت التمويل الخليجي » البحريني عن رصده نحو 3 مليارات دولار لبناء « مرفأ تونس المالي الدولي » في الضاحية الشمالية، والذي يضم مركزا للتداول وآخر خاصا بشركات التأمين وثالثا للبنوك غير المقيمة بالإضافة إلى مركز للشركات الاستشارية المالية. وقد دفعت هذه الطفرة في الاستثمارات ، الحكومة التونسية إلى التخطيط لمشاريع جديدة خلال السنوات الخمس القادمة تتراوح كلفتها الإجمالية ما بين 50 و60 مليار دولار.   (المصدر: موقع إيـلاف (بريطانيا) بتاريخ 15 مارس 2008)


الدورة الخامسة والثلاثون بالقيروان للندوة المولدية

 
القيروان 15 مارس 2008 (وات) انطلقت يوم السبت بالقيروان أشغال الدورة الخامسة والثلاثين للندوة المولدية التى تتواصل يومي 15 و16 مارس تحت شعار /المصلحة المعتبرة واثرها فى معالجة قضايا العصر/ .   وابرز السيد بوبكر الاخزورى وزير الشؤون الدينية في كلمة الافتتاح ان وضع هذه الندوة كسابقاتها تحت سامى اشراف رئيس الجمهورية يبرز رعاية الرئيس زين العابدين بن على لشؤون الدين والقائمين على خدمته وتقديره للجهود التي يبذلونها من اجل مزيد تطوير الخطاب الدينى وربطه بواقع المجتمع التونسى.   وذكر بطبيعة الخيارات والثوابت التى انبنت عليها فلسفة التغيير والقائمة على قناعة ان مصلحة الوطن فوق كل اعتبار مؤكدا ان الخطاب الدينى سبيل لترسيخ الوعى لدى الفرد والمجتمع بهذه الفلسفة.   وحلل الوزير بالاستناد الى ماثر الفقهاء مفهوم المصلحة المعتبرة ومدى الحاجة الى احكام الربط بين مقاصد الدين ومبادئه السامية ومتغيرات الزمان والمكان مشيرا الى الفتاوى والاجتهادات المتبصرة بجوهر الاسلام وافاقه الواسعة والتى راعت اعتبار الظروف والاحوال المتحولة باستمرار.   وبين ان الشريعة الاسلامية كانت ولا تزال مثالا يحتذى فى نظرية الاعتدال فى كل شيء مؤكدا ان الواجب الدينى والوطنى يستدعى صيانة الحياة البشرية ومكاسب البلاد واقتصادها وانجازاتها.   كما أشار الى ما يشهده العالم اليوم من ارتفاع غير مسبوق فى أسعار المحروقات وتصاعد للتحديات البيئية وانعكاساتها السلبية مبينا ان تونس كانت ولا تزال صاحبة المبادرة الرائدة فى معالجة قضايا العصر وتحقيق الاستقرار والتوازن.   وحث السيد بو بكر الاخزورى الاطارات الدينية على مزيد تحسيس المواطنين بالتحديات الاقتصادية والبيئية وعلى ترشيد استهلاك الطاقة وتفادى التبذير والتوجه نحو الطاقات المتجددة والتقنيات التى تحد من خسائر المجموعة الوطنية.   ويشارك في هذه الندوة التي دابت وزارة الشؤون الدينية على تنظيمها سنويا بالقيروان أيمة ووعاظ وأساتذة باحثون فى شؤون الفكر الاسلامى.   (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 15 مارس 2008)


إضراب ناجح لأعوان مراكز النداء

 
الصحبي صمارة أضرب يوم الاثنين 10 مارس الجاري أعوان مراكز النداء التابعة لمؤسسة « التيليبرفورمونس » (التسويق والوساطة عن بعد) الدولية بتونس. وقالت مصادر نقابية أنّ نسبة نجاح هذا الإضراب الذي استمر كامل يوم الاثنين تجاوزت 90 بالمائة. وقد أعلنت النقابات الأساسية لأعوان مراكز النداء بكلّ من الشرقية 1 والشرقية 2 والشرقية 2 مكرّر أنّ يوم الاثنين هو يوم إضراب احتجاجي لكافة الأعوان في ردّ فعل على تجاهل إدارة المؤسسة لمطالبهم المتمثّلة في التخفيض في ساعات العمل وتطبيق اتفاقية الزيادة في الأجور التي تمّ إمضاؤها مع النقابات منذ أكثر من شهرين واعتماد المعايير الدولية المنظّمة للعمل في هذه المؤسسات. وكانت إدارة مؤسسة التيليبورفورمونس في تونس قد تراجعت عمّا أمضته من اتفاقيات تتعلّق بالزيادة في الأجور للأعوان واقتطعت من المنح القارّة الملحقة لرواتبهم أكثر من النصف. وقالت مصادر مطّلعة أنّ إعلان الإضراب لقي نجاحا كبيرا حيث التزم به ما لا يقلّ عن 4000 عون فيما حضر يوم الإضراب ممثّلون عن نقابات أخرى تعبيرا عن المساندة كما حضر ممثّل عن الاتحاد الجهوي للشغل بتونس. وأفادتنا السيدة هزار الطرابلسي الكاتبة العامة للنقابة الأساسية بتونس « أنّ جميع الأعوان شاركوا في الإضراب من منطلق الدفاع عن حقوقهم التي تراجعت عنها الإدارة وكنّا قد طالبنا بجلسة تفاوض منذ 14 فيفري الماضي وأعلمنا تفقّدية الشغل برغبتنا في تدارك الأوضاع ولكنّ الإدارة رفضت التفاوض في نقاط اعتبرتها منتهية فيما نعتبرها حقّا مشروعا يجب احترامه ». واعتبرت الطرابلسي « نجاح الإضراب علامة على مشروعية المطالب ». ويعتبر إضراب أعوان مراكز النداء التابعة للشركة الدولية تليبورفورمونس الأول من نوعه بالنسبة لهذه المؤسسة ويمثّل توقّف العمل في مثل هذا النوع من المؤسسات ذات الصبغة التسويقية العالمية سببا في حصول خسارات مالية كبيرة للمؤسسة خصوصا وأنّ هناك العديد من المؤسسات المنافسة لها من حيث نوعية الخدمات انطلقت في السنوات الأخيرة في الاستثمار في اليد العاملة المختصة في تونس.
(المصدر: مجلة « كلمة » العدد 61 بتاريخ 13 مارس 2008)


مراكز النداء في تونس احتجاجات على ظروف العمل

 
الصحبي صمارة  
شهدت مراكز النداء في تونس التابعة لمؤسسة  » تليبرفورمونس » (التسويق والوساطة عن بعد) أواسط شهر فيفري الماضي تململا بين العاملين فيها على خلفية تلاعب مجلس إدارة المؤسسة بالاتفاقات التي أمضاها مع النقابة فيما يتعلّق بمسألة الترفيع في الأجور. وقد أعلن قرابة 4000 عون بمراكز الشركة في كلّ من الشرقية 1 والشرقية 2 والشرقية 2 مكرّر على احتجاجهم بالقيام باجتماعات عامة وحمل الشارة الحمراء يوم 14 فيفري المنقضي. وتعتبر تونس من أهمّ البلدان التي تنشط فيها هذه المؤسسة التجارية التي تلعب دور الوسيط التجاري والمسوّق عن بعد. فيما ترى الحكومة التونسية أنّ هذا النوع من المؤسسات يمثّل حلاّ لأزمة البطالة التي تعيشها الشريحة الشبابية خصوصا من أصحاب الشهادات العليا.  » كلمة  » كانت قريبة من الحدث واتصلت بأعضاء النقابة الأساسية لتطلّع على ظروف العمل في هذه المؤسسات فأمكن لها رصد ما يجول في كواليس هذا النموذج من مؤسسات الاستثمار الأجنبي وما تمارسه من خروقات لقوانين الشغل وما يعانيه أعوان هذه المؤسسة من واقع استغلال.  
الانقلاب على الاتفاقات النقابية
تمّ خلال الأشهر القليلة الماضية صياغة اتفاق بين إدارة الشركة والنقابات الأساسية الممثّلة لأعوان مراكز النّداء وقد أمضى الطرفان وثيقة الاتفاق التي سعت إلى توضيح الوضع التنظيمي للأعوان. ونصّ محضر الجلسة على أن  » المرشد  » الذي يدخل إلى المؤسسة لأول مرّة فإنّه من حقّه بعد ستّة أشهر الحصول على زيادة في الأجر بـ 5 في المائة وإذا بلغ سنة من العمل يرتفع أجره بـ 5 في المائة مرّة أخرى ونفس القاعدة تستمرّ بزيادة 5 في المائة كلّ ستّة أشهر إلى حدود بلوغ عامين من العمل بالإضافة إلى منحة الأقدمية. يعني أنّ المقبولين للعمل في مؤسسة تليبرفرمونس يكون لهم الحقّ في الزيادات المضبوطة والتي ذكرناها ولهم الحقّ أيضا في منحة شهرية تقدّر بـ 25 دينار علما وأن هذه المنحة قد لا توجد في مؤسسات أخرى لكنّ النقابة استطاعت تحقيقها من خلال سلسلة من المفاوضات. أمّا بالنسبة للإطارات فبعد ثلاثة أشهر من العمل تنضاف إلى أجورهم، حسب نصّ الاتفاقية، 10 في المائة وبعد عام تضاف إلى الأجور 10 في المائة أخرى وبعد عامين تضاف 10 في المائة للمرّة الثالثة دون اعتبار منحة الأقدمية التي تحدّثنا عنها. هذه الأشياء مضبوطة في محضر الجلسة التي جمعت بين النقابة وإدارة مؤسسة تليبرفورمنس فيما يتعلّق بموضوع الترفيع في الأجور بالنسبة للنقابة الأساسية بتونس والنقابة الأساسية ببن عروس. وبحلول شهر فيفري وبعد اتصال الأعوان بأجور شهر جانفي تمّ اكتشاف التلاعب الذي قامت به إدارة المؤسسة. فبعد القيام بعملية الترفيع في الأجور المتفق عليها تمّ التراجع في حجم المنح إذ أنّ الإطار مثلا كان لديه منحة أقصاها 200 دينار وفي غالب الأحيان يحصل على 180 دينار أو 190 . فتقرّر تخفيض هذه المنحة إلى 100 دينار وإلى 80 دينار في بعض الأحيان. بمعنى أنّه أضيف إليه في الأجر الثابت وأنقص له في المنحة. فأصبح يحصل على أجر جملي أقلّ ممّا كان يتحصّل عليه في السابق بخصم ما جملته 120 دينار من المنحة والترفيع بـ 10 في المائة في الأجر. أحد أعضاء النقابة صرّح لـ  » كلمة  » قائلا :  » إلى حدّ الآن لم يحصل إضراب فقط ارتدينا الشارات الحمراء يوم 14 فيفري 2008 . لأنّنا في المرّة الأولى أرسلنا إلى الإدارة وطلبنا منها تحديد موعد لاجتماع طالما وأنّ الإطارات والأعوان والمنسّقين بعد ما حصل لهم من خصم رواتبهم أصبحوا في وضعية احتجاج وهم يطالبون بتوضيح المسألة فيما يتعلّق بقضيّة الترفيع في أجورهم فردّت الإدارة ببعث مراسلة رفضت فيها الاجتماع معنا وهذا في حدّ ذاته يعدّ مسّا من الحق النقابي. فاتّصلنا بالتفقّدية لطلب اجتماع استعجالي وإلى حدّ اليوم لم تتحدّد الجلسة الاستعجالية. وأثناء اتصالاتنا بالتفقدية وقعت هرسلة الأعوان والعاملين بمعنى أنّ الذين أمضوا في الشكوى توجّه إليهم البعض من المسؤولين وأعلموهم أنّه في صورة ما وقع إضراب أو احتجاج حتّى باعتماد الشارة الحمراء فسيتعرّضون إلى عقوبة بخصم أجر شهر كامل ومنهم من قال بالحرف الواحد « من يشارك في الإضراب أو حمل الشارة الحمراء فسنريه الأمرّين ». علما وأن الإطارات الذين لحقهم أكثر الضّرر تمّت ترقيتهم من إطار مسؤول على الأعوان إلى مديري إنتاج فبعد أن كانوا يتحصّلون على أجر شهري بـ 890 دينار تمّ الترفيع في أجورهم إلى 1300 دينار حسب الترقية التي قدّمت لهم. ومن الواضح أنّ الإدارة تقوم بهذه العملية حتّى يقوم المسؤولون بالضغط على الأعوان وتهديدهم وبالرغم من ذلك لم تكلّل مجهوداتهم بالنجاح. بمعنى أنّه عندما يتمّ تطبيق قرار أليس من المفترض أن يطبّق على الجميع وقد تمّ الاعتراف والتعامل على أساس أن المنحة 20 بالمائة مهما كان الأجر الخام فلماذا تتمّ ترقية الإطارات إلى مديري إنتاج وتعمل على منحهم امتيازات فردية كلّ هذا حصل لكي يتمّ إفراغ المطلب من مضمونه ويتحوّل المتضرّرون إلى أدوات للضغط على بقية زملائهم الأعوان « . ويضيف محاورنا:  » وإحقاقا للحقّ يوجد من بين هؤلاء من رفض الترقية إلى رتبة مدير إنتاج لأنّ المسألة تتناقض مع مبادئه وقد احتجّ على ترقية لم يكن قد أعلم بها من قبل بل لم يتمّ دعوته إلى القيام باختبار للترقية حيث فوجئ هذا المسؤول وهو يسحب أجره بالارتفاع الكبير في المبلغ عندها توجّه إلى الإدارة ليكتشف أنّه تمّت ترقيته. وإلى اليوم لم يقبل بالترقية لأنّها على حساب مبادئ العمل الجماعي وهي ترقيات الهدف منها شقّ صفوف العاملين في المؤسسة والمتضرّرين من خيارات الإدارة. إذ من غير المعقول أن يتضرّر زملاؤه الأدنى منه رتبة وهو يقبض مقابل ذلك ترقية مهنية وترفيعا في الأجر ». المماطلة واللاّمبالاة
وفي جولة بين الأعوان العاملين في المراكز الثلاثة بجهة الشرقية عبّر هؤلاء عن الأسلوب الاستهزائي الذي تتعامل به الإدارة مع أي محضر جلسة تمضيه مع النقابة ولا مبالاتها بأي قرار تتّخذه. وقد جنت الشركة بعد قرار الترفيع في الأجور مرابيح إضافية من خلال تراجعها عن منح الأعوان فالمفارقة التي تكشف ما يحصل هي أنّه في العادة عندما يتمّ الترفيع في الأجور فإنّ ذلك يخفّض في نسبة المرابيح أمّا في هذه الحالة فقد ربحت المؤسسة بعد عملية الترقية والترفيع أكثر من 70 ألف دينار باعتبارهم قد انحرفوا بالمطلب الأساسي ليقوموا بحلول لعدد محدود من الأفراد. فالذي حصل هو انخفاض أجرة الأغلبية من الأعوان الذين اكتشفوا بعد شهرين من الاتفاق أنّ أجورهم قد انخفضت رغم الإمضاء على اتفاقية الزيادة في الأجور. والجدير بالذّكر أنّ القانون التونسي ينصّ على عدم المساس بحقوق العمال المكتسبة. الوضع التنظيمي للعمل في التليبرفورمونس
تشغّل مؤسسة التليبرفورمونس اليوم 4795 عون في تونس الكبرى والمتضرّرون من قرار التخفيض في الأجور هم الأغلبية الغالبة من هؤلاء ما عدا قلّة قليلة تمتّعت بالترقية التي ذكرناها. الوضعية التنظيمية للمهنة فيها العديد من التناقضات إذ تجد مثلا في تسميات الأعوان téléacteur un و un télé conseiller ولا فرق بين الاثنين في العمل الذي يقومون به فالاثنان يردّان على المكالمات ويرشدان الحرفاء إلاّ أن الثاني يتقاضى أجرا أكبر من أجر الأوّل. و لا يوجد أي تفسير فهناك اختلاف فقط على مستوى التسمية. التناقض الثاني مثلا: Le responsable de qualité و L expert métier والاثنان يقومان بنفس العمل إلاّ أن الأول يتقاضى أجرا أكثر من الثاني والفرق الوحيد أيضا في التسمية. فتسميات الوظائف ليس لها أي معنى فهي لا تعتمد على فروق في طبيعة المهمّة في العمل. الترقيات
عمليّات الترقية غير خاضعة لأي تنظيم في المهنة ويمكن أن تتوقّف المؤسسة عن الترقيات بشكل فجئي. حيث تتمّ دعوة العون وإعلامه بأنّه سيدخل فترة تربّص تدوم 18 شهرا بغرض ترقيته ودون أن يقدّم له عقد أو أية وثيقة توحي بأنّه سيتحوّل إلى مرتبة أخرى في مهنته. وتنقسم فترة التربّص إلى 9 أشهر قابلة للتجديد وعلى المشرف بعد انتهاء فترة التسعة أشهر الأولى أن يقوم بجلسة تقييم لآداء المنتدب إمّا أن يوافق له على إتمام مدّة التربّص أو يطلب منه في صورة ما لم يكن آداءه جيّدا إعادة فترة التربّص ولكن عمليّات التقييم لا تحصل بالمرّة. في السابق عندما يسعى مدير الإنتاج لانتداب  » مسؤول الجودة  » مثلا، فإنّ لديه فترة تسعة أشهر في نهايتها يقوم إمّا بترقيته أو يطلب منه إعادة التربّص أو يعيده إلى وضعه القديم. والجديد في هذه الوضعية هو الاقتصار على خيار من اثنين فقط إمّا أن يعيد فترة التربّص أو ينجح في الترقية، وفي الأسبوع الثاني من شهر فيفري قامت إدارة التليبورفورمونس بمراسلة المسؤولين لإيقاف التربّصات والترقيات ودون استشارة للنقابة أو إعلامها خصوصا وأنّ النقابة تعدّ عضوا في المجلس الاستشاري للمؤسسة فالقرارات تتّخذ دون إعلام للطرف النقابي ومجلس المؤسسة. بل إنّ البعض من الذين تمّت ترقيتهم إلى « مسؤول فريق » أو مجموعة وبعد فترة ستة أشهر من العمل في الموقع الجديد يطلب منهم بشكل فجئي العودة إلى وضعهم القديم كأعوان وحتّى الذين يحتجّون على هذه القرارات ليس لديهم عقود ليثبتوا بها أنه تمّ إلغاء ترقيتهم ما عدا شهادات الأعوان الذين عايشوهم لمدّة ستة أشهر كمسؤولين. وبعد الاتفاق على الترفيع في الأجور منذ شهرين لم يقع مدّ النقابة بوثيقة أو ملفّ حول المسألة لا بصفتها نقابة ممثّلة للأعوان ولا بصفتها عضوا في مجلس المؤسسة. أرباح خيالية على حساب العاملين
المرابيح بلغت في تونس العاصمة لوحدها 37 مليون أورو بالنسبة لشركة تليبرفورمونس في العام 2006 بما يعادل 63 مليون دينار تونسي. وأكّد العديد من العاملين أنّ الأجر الشهري للعون المرشد لا تساوي ثمن ساعة من عمله . فمعايير الأجور في تونس تختلف كلّيا عن المعايير التي توجد في البلدان الأوروبية وخصوصا فرنسا وكذلك الفروق كبيرة من حيث ساعات العمل وظروف العمل فكلّ مراكز النداء في جميع أنحاء العالم لا يشتغل فيها العون لفترة ثمانية ساعات في اليوم وهو يردّ على المكالمات الهاتفية لأنّ مشرّع القوانين على وعي بمخاطر هذا العمل وبالأضرار التي تخلّفها هذه المهنة بالنسبة للأعوان سواء على مستوى البصر أو على مستوى السمع وأيضا على المستوى النفسي ولهذه الأسباب لا يوجد في فرنسا أو أوروبا بشكل عام من يعمل في هذه المهنة لمدّة أكثر من 5 ساعات في اليوم. أمّا في تونس فساعات العمل تصل أحيانا عشرة ساعات في اليوم وبمعدّل ثماني ساعات في العادة إلى درجة أنّ الذي ينهي يوم العمل لا يستطيع أن يفتح التلفاز أو يسمع أي صوت لأنّه يخرج في حالة انهيار تام جرّاء تعب الأعصاب والأجور لا تتجاوز 420 دينار شهريا فيما المحظوظ الذي يعمل ساعات إضافية يتحصّل على أجر شهري يصل إلى 500 دينار أمّا زملاؤهم في فرنسا فأقلّ أجر يحصلون عليه في أوّل شهر عمل هو 1350 أورو أي ما يعادل 2300 دينار تونسي دون اعتبار المنح ولا يعمل العون في اليوم أكثر من 5 ساعات على الهاتف وحتّى إذا تجاوز الخمس ساعات فإنّه يقوم بأعمال أخرى غير الاتصال والردّ على الهاتف وعدد ساعات الأسبوع بالنسبة لهم بين العمل على المكالمات والأعمال الإدارية في حدود 35 ساعة. بالنسبة للساعات الإضافية فإنّه من حقّ العامل أن لا يقوم بالساعات الإضافية لأنّها مسألة اختيارية حسب قوانين الشغل في العالم أمّا في تونس فإنّ العقد الممضى مع هذه الشركة ينصّ على 40 ساعة في الأسبوع وهم اليوم يشغّلون الأعوان 48 ساعة منهم ثماني ساعات إضافية إجبارية وعندما يناقش العامل الإدارة يجيبه المسؤولون بأنّ هناك تفويضا من التفقّدية ولكنّ التفقدية منحت الشركة الحقّ في الساعات الإضافية ولم تمنحها الحقّ في إجبار الناس على العمل ساعات إضافية وتتعمّد الإدارة عقاب من يرفضون العمل 48 ساعة في الأسبوع. شروط الانتداب
يجري العمل على مكاتب متلاصقة عليها أجهزة حاسوب وكلّ حاسوب معه هاتف وكلّ عون مرتبط بسماعة casque بشكل يقيّده تماما والعمل يتمّ عبر الاتصال بالحرفاء عبر الهاتف أو تلقّي مكالمات الحرفاء وتقديم المعطيات انطلاقا من المعطيات الموجودة على الكومبيوتر المقابل . ولا يمكن بهذه الطريقة للعون مغادرة كرسي العمل . بالنسبة لشروط الانتداب فإنّ المؤسسة تعلن أنّها تشترط مستوى بكالوريا مع سنتين للعمل في حين توجد أصناف عديدة من مستويات التعليم. والعمل لا علاقة له بالشهادة العلمية إذ تجد من يعدّ رسالة دكتوراه والمئات من الحاصلين على الأستاذية والماجستير يعملون بصفة أعوان ويتقاضون نفس الأجر الذي يتقاضاه غير الحاصلين على البكالوريا. القضية بالنسبة لمؤسسة التليبرفورمونس ليست مرتبطة بالقانون بل بطبيعة تعامل هذه المؤسسة مع تونس والمسؤولون الأوائل على المؤسسة في تونس يجاهرون أمام العمّال بأنّ تونس تحتاج إلى مؤسسات للتشغيل. وبالفعل تحتاج تونس إلى مواطن شغل لكنّ المستثمرين لم يأتوا لحلّ الأزمة الوطنية للتشغيل بل استغلّوا هذه الوضعية لجني الأرباح الطائلة دون التزام بظروف عمل مناسبة ولا بتقديم حقوق الآلاف من العاملين معهم من شباب تونس. (المصدر: مجلة « كلمة » العدد 61 بتاريخ 13 مارس 2008)

كيف حوّل الاستئصاليون تونس إلى دولة بوليسية؟

 
تعد تونس مضرب المثل في الاستئصال وتجفيف المنابع، في مواجهة ما أسمته  »تطرف ديني »، وعبأت لذلك النخبة العلمانية، بشيوعيها وحداثييها من أجل محو آثار الإسلاميين، باستعمال كل الوسائل اللاإنسانية، بدءا باعتقال آلاف الناشطين من حركة النهضة وقيادييها، والزّج بهم في السجون لسنوات طويلة بدون محاكمات، وتفكيك بنيتها التنظيمية، ثم نهج سياسة تجفيف المنابع ثقافيا، من خلال تغيير مناهج وبرامج التعليم الديني، بعد إغلاق جامعة الزيتونة، وإفراغ المؤسسة الدينية من دورها والتحكم فيها، والتضييق على كل رموز الثقافة الإسلامية، ومحاصرة جميع مظاهر التدين في المجتمع. وهكذا أصبح الخيار الاستئصالي، بدعم ومساندة من النخبة العلمانية، نموذجا للشمولية السياسية التي تضيق بالرأي المخالف وبكل المخالفين سياسيا. ومع تطور الأحداث، انتبه اليسار الوطني التونسي وجزء من النخبة إلى حدة وشمول وتوحش الخيارالأمني الرسمي، فبدأت في أواخر التسعينات التحول نحو النضال الحقوقي، ليجد هذا اليسار الذي صفق في البداية لشعار  »مجتمع مدني بدون أصولية »، أي بدون حركة النهضة الإسلامية، مستهدفا هو ذاته، وضحية للدولة البوليسية التونسية. (المصدر: صحيفة « التجديد » (المغرب) الصادرة يوم 15 مارس 2008)


بسم الله الرحمان الرحيم   حصــاد الأسبـــوع
 
بقلم الصحفي المنفي في وطنه :عبد الله  الزواري   1- علمت: 1- غادرت البارجة الأمريكية ميناء بنزرت يوم الأربعاء 12 مارس 2008 على الساعة الثالثة و النصف عصرا.. و كانت قد رست به يوم الأحد 9 مارس 2008.. 2- تحدثنا عن » تكرم » بلدية جرجيس بالسماح بإقامة « الماناج »  تزامنا مع بداية « الأسبوع المغلق » ، و هو الأسبوع الذي يجري فيه التلاميذ و التلميذات في المدارس الإعدادية و المعاهد الثانوية امتحانات الثلاثي الثاني… و أشرنا إلى رفض مجالس بلدية أخرى قريبة السماح بذلك لتزامنه مع الأسبوع المذكور… و إن تساهل المسؤولون البلديون في حق فلذات أكبادنا فما يمنعهم أن يتساهلوا في توفير التأمين اللازم لهم في ساحة الألعاب… و في هذا السياق تعددت حالات الإغماء.. كما أدخلت فتاة مصحة خاصة لتعكر حالتها و ارتفاع نسبة السكر إثر مشاركتها في لعبة من الألعاب… 3- أجرى أخونا علي شنيتر عملية جراحية لاستئصال المرارة يوم الأربعاء 12 مارس، و كللت العملية بالنجاح، و قد عاد أخونا إلى بيته.. تمنياتنا له بالشفاء العاجل ليستأنف نشاطه.. 20125100 رقم هاتفه الشخصي لمن أراد الاستفسار أو المواساة.. 2- تدبرت:  » لا يطمعن البطال في منازل الأبطال ، إن لذة الراحة لا تنال بالراحة ، من زرع حصد و من جد وجد ، فالمال لا يحصل إلا بالتعب ، و العلم لا يُدرك إلا بالنصب ،      و اسم الجواد لا يناله بخيل ، و لقب الشجاع لا يحصل إلا بعد تعب طويل .  » ابن الجوزي   3- سمعت:   1- سرير من الحرير في أفخم نزل جزيرة جربة من ذوي الخمس نجوم…هذا قليل من كثير في قائمة شروط هيفاء وهبي.. أجر إحياء هذا الحفل- أو بالأحرى إماتة هذه الضمائر- أربعون ألف دولار، و قيل أكثر… أما الفنان التونسي كريم شعيب فإن أجره لم يتعد ألف دولار مما دفعه إلى الانسحاب.. و بعملية حسابية بسيطة يتبين أن أجر هيفاء وهبي  لبضع ساعات يقابل أجر أربعين فنانا تونسيا، أو أجرة يوم عمل لألف فتاة تونسية تعمل في مصانع تصبير الأسماك، أو أجرة يوم عمل لألفي فتاة تعمل في محلات التاكسيفون أو بيع المرطبات و ما يماثلها.. و أجرة يوم عمل  لأكثر من مائة أستاذ في التعليم الثانوي.. و بعد هذا ألا يحق لأطفالنا أن يستنكفوا من التعليم و من الدراسة عموما..   4- رأيــت:   أن ترى شابا يمتطي دراجة نارية يسير بسرعة جنونية وسط المدينة أمر عادي جدا، لا يحرك في عون الأمن أو عون المرور أي شعور بالخطر المحدق بالمواطن البسيط السائر على قدميه يبتغي قضاء بعض شؤونه… كما يمكن أن ترى شابا آخر يمتطي دراجة نارية أخرى في حركة بهلوانية يسير بها بسرعة فائقة على عجلتها الخلفية وحدها… أما في أطراف المدينة و أمام المعاهد و المدارس فهي ساحة لاستعراض فنيات قيادة الدراجات أمام اضطراب الفتيات أو إعجابهن.. ما ذكرنا من المشاهد أصبحت عادية تماما في المدينة إلى أن حدث ما لا بد منه أن يحدث… يوم الأحد الماضي كانت المأساة في الموعد على الطريق الرابط بين المعهد الفني بجرجيس و ضاحية السويحل.. شابان يمتطيان دراجة نارية  سمح لهما شبابهما أن يقوما بحركات بهلوانية على الطريق العام، و كان أحد الشيوخ في الموعد كذلك ليلتحق بالرفيق الأعلى حين اصطدام دراجته النارية بدراجة الشابين.. لم يشفع له سيره البطيء و لا ملازمته اليمين… و بعدها انطلقت دوريات أعوان شرطة المرور، بلا هوادة و بلا توقف، تحجز الدراجات النارية لأسباب مختلفة.. هذا ليس له بوليصة التأمين، و ذاك ليس له خوذة و الآخر يسير بسرعة… و كأن لسان حالهم يقول: جاء الآن وقت العمل، إن صمتنا الطويل السابق قد انتهى و يجب علينا الآن أن تستدرك ما فات فاستعدوا… تواصلت هذه الدوريات طيلة الأيام التي تلت الحادث الفظيع… شاحنة البلدية مع سيارة شرطة المرور رفقة عون آخر على دراجة نارية ضخمة…الدراجة النارية على أهبة الانقضاض على من تسمح له نفسه بتجاهل إشارة الأعوان الآخرين بالتوقف… و قديما قيل قليل دائم خير من كثير منقطع…   5- قــرأت:   هل يستفيد الفلسطينيون من خبرة حركة التحرر الوطني الجزائرية؟                     كتب أ. حسام تمام*    مع تصاعد الثورة واضطرار دولة الاستعمار الفرنسية إلى التفاوض مع قادتها، حسم قادة الثورة الجزائرية موقفهم سريعًا وتلخص في رفض ربط المفاوضات بوقف القتال، معتبرين أن السلاح هو ورقة من أوراق الضغط في التفاوض لا يجوز التخلي عنها، بل هي أهم أوراق التفاوض فعلا؛ إذ لم يضطر العدو للتفاوض إلا تحت تأثيره ولن يقدم أي تنازلات إلا تحت وطأته.   ——————-   وقعت هذه الحادثة أثناء حرب التحرير الجزائرية؛ إذ كانت ثمة قرية صغيرة وفقيرة لا تكاد تملك من أسباب الحياة إلا النزر اليسير، ورغم ذلك كانت كلما توفر لها قطعة سلاح أو بعض طلقات البارود هاجمت قوات الاستعمار الفرنسي الرابضة على مداخلها.. وفي كل مرة تفعل ذلك كانت تُعاقَب بحملة تأديب وحشية، تقتل فيها قوات الاستعمار من يقع في أيديها من المقاومين، وتخرب بيوت القرية، وتفسد زرعها، وتقتل ماشيتها نكاية وتنكيلا بها.. ورغم ذلك لم تتوقف القرية عن هذه العادة؛ مهاجمة القوات الاستعمارية كلما تيسر لها سلاح وبارود ولو كان قليلا وبدائيًّا.   استدعى قائد القوات الاستعمارية شيوخ ووجهاء القرية وأخذ يحاول إقناعهم بعدم جدوى ما يفعلون، وشرح لهم كيف أن موازين القوى ليست لصالحهم، ومن ثَم فلا فائدة من هجماتهم، وكيف أن قواته من القوة بمكان لا تفلح معه طلقات البارود البدائية، وذكّرهم بأن القرية طوال سنوات الهجوم البدائي هذه لم تتمكن ولو من قتل جندي واحد من قواته المستعمِرة، وأنّ العقاب الذي تناله القرية والتنكيل الذي يقع بأهلها يحتم عليهم التفكير في جدوى هذا العبث!   أمام منطقية كلام القائد الفرنسي وقوة حجته لم يستطع وجهاء القرية إلا أن يطلبوا منه أن يمهلهم يومًا أو يومين في الرد، وبعدها جاءوا إليه مسلّمين بحجته مقرّين بمنطقه؛ لكنهم رغم ذلك اعتذروا عن أنه ليس باستطاعتهم أن يوقفوا عادتهم في قتال الفرنسيين بكل بندقية قديمة يحصلون عليها أو بعض من طلقات البارود تتوفر لهم.. سألهم القائد الاستعماري عن السبب متعجبًا: فقالوا: « نخشى إن أوقفنا قتالكم أن تفسد تربية أبنائنا!! ».   •كلمات من مجاهد كبير:   روى لي تفاصيل هذه الواقعة الزعيم والمجاهد الجزائري الكبير السيد عبد الحميد مهري الأمين العام السابق لجبهة التحرير وأحد أبرز قادة حرب التحرير الجزائرية. كنت قد التقيت به في مؤتمر دولي عن « الأمة في قرن » نظّمته مؤسسة خالد الحسن للدراسات والأبحاث في العاصمة المغربية الرباط، وكان من أقدار الله الطيبة أن يعرج حديثنا إلى خبرة حركة التحرر الجزائرية وأسباب عدم تدوينها ودراستها، وما إذا كان من الممكن أن تستفيد منها الأمة في الوقت الراهن، خاصة في قضية فلسطين التي افترق فيها المفاوضون عن المقاومين حتى وقع الصدام داخل حركة التحرر الوطني لشعب واحد.   عودة للواقعة التي رواها السيد عبد الحميد مهري؛ فوجهاء القرية رغم إقرارهم بغياب أي توازن للقوى وقناعتهم باستحالة تأثير أسلحتهم البدائية في ترسانة السلاح الفرنسي اعتبروا أنه لا مفر من الاستمرار في القتال والمقاومة؛ لأن القضية أبعد من التأثير على الأرض أو تغيير موازين القوى، بل هي تتمثل في أن التسليم بالأمر الواقع وما فيه من اختلال يتطلب تغييرًا في منظومة القيم التي تربى ونشأ عليها الشعب الجزائري العربي المسلم؛ فهو يعني إسقاط فكرة المقاومة، ومن ثم الإقرار بالهزيمة والانكسار، وما يترتب عليه من قبول بالتبعية والذيلية والإقرار بمنطق الاستعمار، وهو ما سيجرّ فسادًا كبيرًا على الأبناء والأجيال الجديدة التي إن قبلت بالتعايش مع الاحتلال فستفقد نخوتها وما تربت عليه من أخلاق وشيم ترفض الخضوع.   الحق أن السيد عبد الحميد مهري فتح عيني على أبعد من ذلك وهو ما يتصل بالانقطاع الذي جرى في تجربة النضال والتحرر العربي والذي أدى بحركة تحرر -مثل فتح- لها وزنها ودورها التاريخي إلى أن تفقد البوصلة وتضرب صفحًا عن خبرات الآخرين فتدخل في تيه المفاوضات، ولا تخرج منه بعد أن غرقت وأغرقت في بحر أوسلو وما جرّه ذلك من نكبة على النضال الفلسطيني.   لن أذكر نص حديثي مع السيد عبد الحميد مهري؛ إذ كان أقرب إلى دردشة لم تسجّل؛ نظرًا لطبيعة جلستنا التي كانت على مقهى في الرباط، نتابع منه مسيرة شعبية خرجت تساند أهل غزة، ولكنني سأنقل هنا الأفكار الأساسية التي طرحها المجاهد الكبير وأراها تستحق من الزملاء الجزائريين أن يعودوا إليها مع الرجل بشيء من التفصيل والتوسع، إضافة إلى أنها تنبه إلى أهمية العودة إلى خبرة حركة التحرير الجزائرية تدوينًا ودرسًا واستخلاصًا للدروس.   •المقاومة والمفاوضة.. معادلة صفرية:   في معرض ذكرياته التي رواها لي كان عبد الحميد مهري يقارن بين تجربتي النضال الجزائري والفلسطيني فيتوقف كثيرًا عند ضرورة فهم العلاقة بين السلاح والسياسة في فعل التحرر، ومن ثم التوافق بين المقاومة والمفاوضة. فمن أهم مكتسبات الخبرة الجزائرية أن الجزائريين ظلوا قادرين على إدارة علاقة تكامل بين المقاومة والمفاوضة، دون أن يحدث تعارض بينهما أو تناقض، ومن ثم مواجهة، كما جرى في الحالة الفلسطينية التي انتهت إلى معادلة صفرية لا بد أن يزول فيها أحد طرفي المعادلة: المقاومة أو المفاوضة!   مع تصاعد الثورة واضطرار دولة الاستعمار الفرنسية إلى التفاوض مع قادتها، حسم قادة الثورة الجزائرية موقفهم سريعًا وتلخص في رفض ربط المفاوضات بوقف القتال، معتبرين أن السلاح هو ورقة من أوراق الضغط في التفاوض لا يجوز التخلي عنها، بل هي أهم أوراق التفاوض فعلا؛ إذ لم يضطر العدو للتفاوض إلا تحت تأثيره ولن يقدم أي تنازلات إلا تحت وطأته.   روى لي السيد مهري أن الحكومة الفرنسية أرسلت لقادة حركة التحرر بتصورها للتفاوض معها، وكان يتمثل في ثلاثة مطالب أو شروط هي بالترتيب: وقف القتال، ثم إجراء انتخابات بين الشعب الجزائري، ثم بدء التفاوض مع من يختارهم الشعب.. وقد قبل المقاومون بهذه المطالب، لكن مع إعادة ترتيبها بحيث تكون: بدء المفاوضات مع قادة المقاومة، ثم إجراء الانتخابات لاختيار ممثلي الشعب الجزائري، والانتهاء بإيقاف القتال وفق اتفاقات محددة.   لقد رأت قيادة حركة المقاومة أن إيقاف القتال ليس فقط تضييعًا لأقوى أوراقها في التفاوض، بل بداية لنقل المعركة داخل الصف الجزائري، فالقتال حق للشعب طالما وُجد جندي مستعمر واحد على أرضه، والتنازل عن ذلك هو لصالح العدو، والأخطر -وهو الخطوة التالية- أن يطلب من قادة المفاوضات التحكم في السلاح وضبطه باعتبار أنه لا يصح أن يتفاوضوا إلا بعد وقف القتال، ثم الانتقال إلى ضرورة إلزام الجميع بوقفه لإتاحة فرصة للتفاوض (تقريبًا هو ما جرى مع الفلسطينيين).   • مهمة المقاومة ومهمة الدولة:   مباشرة حسم الجزائريون موقفهم: التفاوض يكون منفصلا عن القتال، ووقف القتال هو رهن بتحقق مطالب المفاوضين، ودون ذلك لا التزام من المفاوضين بوقف القتال، فضلا عن إلزام غير المفاوضين به.   قال الجزائريون وقتها: إن الالتزام بوقف القتال أو السعي لإلزام بقية الشعب به هو من مهام الدولة المستقلة وليس من مهام حركات التحرر، وطالما لم يقبل المحتل بالدولة الجزائرية ولم يقرّ بسيادتها على أرضها فليس من حقه أن يطلب شيئًا هو من مهام الدول ومما يطلب منها، وعليه فليس على الحركة (جبهة التحرير) أي مسئوليات تجاه المستعمر، خاصة إذا كان ينظر إليها كحركة إرهابية.   وقرّر قادة الثورة وقتها أنه من العبث أن تلزم حركة مقاومة نفسها بما تلتزم به الدول، فتقدم ضمانات وتقوم بمهام، هي من صميم مهام الدولة دون أن يكون لها صلاحيات هذه الدولة، وكان الدفع الذي يطرحونه في وجه مطالب سلطات الاحتلال الفرنسي، أننا ما زلنا حركة مقاومة ولسنا دولة حتى تلزمونا بتفاهمات واتفاقات لا تقع إلا بين الدول، خاصة أنكم ما زلتم تنظرون إلينا كحركة إرهابية.. اعترفوا بنا وأعطونا الاستقلال، ثم لنعقد اتفاقيات ملتزمة بيننا كدولتين يمكن أن نرعى فيها مصالحكم السياسية والاقتصادية، بل الثقافية في الجزائر، ولكن جزائر ما بعد الاستقلال.   حاول الرئيس الفرنسي وقتها -شارل ديجول- التلاعب بالمقاومين فأعلن قبيل المفاوضات عن هدنة من جانب واحد التزمت فرنسا فيها بوقف القتال، وأطلقت سراح عشرة آلاف أسير جزائري ونقلت قادة المقاومة من السجون إلى إقامات جبرية.. كل ذلك لدفع المقاومة الجزائرية لتبنّي فكرة وقف القتال، لكنها أصرت على موقفها فرفضت الهدنة من جانب واحد واعتبرتها كأن لم تكن، بل صعّدت في وتيرة القتال لتوصل رسالة أن التفاوض مسار منفصل تمامًا عن القتال وليس بديلا عنه.   •التفاوض.. وسيلة لا غاية:   وتوقف السيد عبد الحميد مهري في حديثه معي عند درس بالغ الأهمية في التجربة الجزائرية مفاده: أن التفاوض هو آلية من آليات إنجاح المشروع الوطني وليس مقصدًا في ذاته، ومن ثم فلا بد من مرجعية نهائية للمفاوضات والتي يجب أن تتمثل في الدولة المستقلة. فقد حرص قادة الثورة الجزائرية قبل دخول المفاوضات على إعداد وثيقة إستراتيجية شاملة تؤكد أن المرجعية النهائية لهذه المفاوضات هي الدولة المستقلة وليس مجرد التفاوض.   فالتفاوض لمجرد التفاوض، والتفاوض علي أي شيء وكل شيء، والتفاوض في كل خطوة وحول كل جزئية هو عبث وتضييع لمشروع التحرر، ولا بد أن تتحدد المرجعية النهائية وهي الدولة المستقلة ذات السيادة، ويكون التفاوض على التفاصيل، وهو ما أصر عليه الجزائريون فنجوا من الضياع في متاهات التفاوض العبثي اللانهائي.   ومن دروس حركة التحرر الجزائرية التي حدثنا عنها السيد عبد الحميد مهري خطأ مقولة إننا كلما كنا معتدلين قبل بنا الخصم (العدو) فتيسرت سبل حل الأزمة.   رفض قادة الثورة الجزائرية هذه المقولة، بل عملوا على الضدّ منها، ورفض فريق التفاوض تقديم نفسه كتيار معتدل في إزاء تيارات أخرى متشددة يسعى إلى تحييدها وحصارها، ورفض فكرة المظهر المعتدل حتى على المستوى الرمزي.. حتى أن السيد مهري يحكي أن فريق المفاوضين ظل طيلة ستة أشهر من المفاوضات يرفض مجرد السلام أو التصافح مع ممثلي الاستعمار الفرنسي على طاولة المفاوضات.   من يتأمل خبرة حركة التحرر الجزائرية خاصة حين يرويها مجاهد بوزن السيد عبد الحميد مهري وتأثيره ومصداقيته يتعجب من هذا الانقطاع العجيب الذي وقع بين حركة التحرير الوطني الفلسطينية وبين مثيلتها الجزائرية، على الرغم من أن الجزائر احتضنتها حينًا من الدهر، ومن أرضها أعلن ياسر عرفات قيام الدولة الفلسطينية.   لقد اختطت قيادة فتح مسارًا بدا فيه أنها أهدرت تمامًا كل هذا التراث التحرري أو كأنها ما سمعت به أو عايشت من قاموا به زمنًا.   •وجوب المقارنة بين حالة فلسطين وتجربة الجزائر:   مباشرة تعلّق الثوار الفلسطينيون بالتفاوض واعتبروه في ذاته نصرًا يجب الحفاظ عليه، وضيّعوا من أجله ورقة المقاومة، بل اعتبروا أن التفاوض والقتال ضدان لا يجتمعان، فتحركوا بكل قوة لوقف المقاومة وتجريد المقاومين ورفاق السلاح السابقين من أي شرعية حتى وقع المحذور، وتواجه المقاومون والمفاوضون أبناء المشروع التحرري الواحد.   لقد آمن ثوار فتح السابقين بالتفاوض طريقًا وحيدًا لنصرة قضيتهم؛ التفاوض على كل شيء وأي شيء وفي كل خطوة، بل التفاوض على التفاوض ومن أجل التفاوض! دون مرجعية نهائية.. حتى خيار الدولة استبدلوا به سلطة حكم ذاتي ليس لها من الدولة إلا أعباءها ومهامها وعصا غليظة تقطع بها ظهور أبناء وطنها دون أن تملك من أمرها شيئًا.   ولأنها وضعت التفاوض في مواجهة المقاومة فقد تحول التفاوض من آلية غير مسلحة للمقاومة (الحرب بطرق دبلوماسية) إلى أداة لضرب المقاومة وسحب غطاء الشرعية من المقاومين، خاصة بعدما أعلن المفاوضون أنفسهم وكيلا حصريًّا لحركة التحرر الفلسطيني.   ثم وجدنا حالة « الاعتدال » المجاني؛ سيلا من القبلات والمجاملات والقفشات والصور التذكارية مع « العدو »، حتى بدا المفاوض الفلسطيني كأنما هو مقاول يفاوض على شراء قطعة أرض وليس مناضلا يجاهد لاسترداد أرضه من مغتصب.   من يتأمل ما جرى في مسلسل التفاوض الصهيوني-الفلسطيني سيشعر أن قادة إسرائيل ربما كانوا أكثر وعيًا بخبرة حركة التحرير الجزائرية من قادة حركة التحرير الفلسطينية.   ذكرت للسيد مهري ما قد يكون من تحفظ على المقارنة بين تجربة الاستعمار في كل من الجزائر وفلسطين فرفضه بشدة، وأكد أن طبيعة المشروع الاستعماري واحد في كل منهما فالاستعمار الفرنسي -بعكس مثيله في تونس والمغرب مثلا- كان شاملاً إحلاليًّا يرى أن الجزائر ليست مستعمرة وإنما هي أراض فرنسية وراء البحار، ومن ثم فقد قام بتفكيك هياكل الدولة في الجزائر تمامًا، خاصة بعد فشل ثورة الأمير عبد القادر (1830 – 1847)، وأعاد بناءها كجزء من الدولة الفرنسية، وهو ما كان من الصعب بل المستحيل تكراره لاحقًا فكان أن أبقى الاستعمار الفرنسي على هياكل الدولة في تونس، واكتفى بإخضاعها للإدارة الفرنسية، أما في المغرب فقد أبقى حتى على هياكل المجتمع نفسه وتنظيماته مكتفيًا بالسيطرة عليها من خارجها، ثم إن الاستعمار الفرنسي في الجزائر لم يكن مجرد حامية عسكرية، بل زادت قواته على 600 ألف جندي، وكان له وضع قانوني دولي يقر بالجزائر كأرض فرنسية وكان له غطاء عسكري دولي من خلال حلف الناتو الذي تعامل مع الجزائر كأرض فرنسية.   أي أن حركة التحرير الجزائرية أعادت بناء الدولة من الصفر، والمجتمع الجزائري تعرف على فكرة الدولة من جديد؛ إذ لم يجد لديه دولة من الأساس.   في عام 1930 احتفلت فرنسا بمئوية احتلالها للجزائر؛ أرض فرنسا فيما وراء البحار، كانت ثورات التحرير قد توقفت تمامًا لما يقرب من ربع قرن قضت فيه قوات الاستعمار على كل بؤر المقاومة الفاعلة والمحتملة، لكن بعد ربع قرن آخر وفي عام 1954 كانت الأجيال التي فتحت عيونها على العيد المئوي لاحتلال بلادها هي نفسها التي قادت ثورة التحرير الجزائرية ونالت الاستقلال.   • باحث متخصص في شئون الحركات الإسلامية. •  المصدر: موقع إسلام أون لاين.   6- نقــلت:   من من وسائل الإعلام العربية قدمت لمستمعيها أو مشاهديها أو قرائها حقيقة المدرسة الدينية التي تمكن الفلسطيني ابودهيم من اختراق كافة تحصيناتها ليقتل ثمانية من طلبتها بل من أعضاء « جيش المؤمنين » أو العصابات الدموية « غوش أمونيم »..؟؟   « مركز راهاف » لم يكن مدرسة كسائر المدارس؟؟ قتل الفلسطيني هشام أبو دهيم ثمانية طلية إسرائيليين في مركز تكوين و إعداد لحركة استيطانية. بعدها بدقائق كان مئات من طلبة هذا المركز يصرخون : » الموت للعرب » أمام مدخل مركزهم،  و هذا المشهد لم تكلف عدسة ال ب ب س عناء نقلها.. ……. و يبدو أن ال ب ب س أرادت إيهامنا أن هذه المدرسة هي مدرسة عادية يتابع فيها طلبة متدينون دراساتهم اللاهوتية… و في الحقيقة فإن « مركز راهاف » هو المركز الأساسي لأعداد و تكوين و تربية الحركة الإسرائيلية المتعصبة للاستيطان « غوش أمونيم » و تعني بالعبرية  » جيش المؤمنين »…. أن المنظمة الأم أي « غوش أمونيم » هي على أعلى درجات التسلح و ترتكب أفظع الجرائم في حق الفلسطينيين الأبرياء في كامل الضفة الغربية.. « مركز راهاف » هو مركز لإعداد و تدريب منتسبيه على الاحتلال غير القانوني      و على اغتيال الفلسطينيين..   للمزيد http://www.michelcollon.info/articles.php?dateaccess=2008-03-12%2006:19:33&log=attentionm     بالانكليزية: http://www.scottishpsc.org.uk/index2.php?option=com_content&task=view&id=2249&pop=1&page=0&Itemid=404   7- دعــاء:   « ربنا إن تعذبنا فإنا عبادك و إن تغفر لنا فإنك العزيز الحكيم »   عبدالله الــــــزواري Abzouari@hotmail.com


ســواك حـار (72)

 
ســواك: صــابر التونسي وقال رجل ذكر أن اسمه صلاح أبو محمد المتحدث باسم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي في الشريط ان الجماعة ستعلن قريبا شروطها للافراج عن الرهينتين. ولمح بيان منفصل للقاعدة الى أن الجماعة خطفت الاثنين في الجزائر على مقربة من الحدود (الحوار نت عن رويترز) هناك رائحة تفوح من « البيان المنفصل » مفادها أن كاتبه قد يكون ناطقا باسم الجهة التي سارعت لطلاء معبد الغريبة بالجير الأبيض وطمس آثار العدوان والإعلان بأن الحادث عرضي لا علاقة له بالإستهداف المقصود قبل أي تثبت أو تحقيق!! بينما يتفنن الآخرون في رسم خرائط إبادتنا .وفي حالة تمكنوا – لا قدر الله – من صنع هذا السلاح العرقي ،فإنهم لن يميزوا بين معتدل ومتطرف ،أو اسلامي وليبرالي ،فجينات الجميع واحدة ،وهم في نظر الأعداء عند الحرب الطرف المقابل. (الحوار نت: عبد الباقي خليفة) إن صحّ « الزعم  » بأن جينات الجميع واحدة فلا بد أن أحد الطرفين ـ المعارض أويالمطبل ـ قد حصل في جيناته اختلال لينحرف عن المسار! … المشكلة أن هذا السلاح ـ إن وجد ـ سيكون بمقدوره التمييز بين المجنّس وصاحب العرق « الأصيل »!! تعتزم مجموعة من الناشطين المسلمين ومعتنقي مذهب القرآنيين والمناهضين للإسلام تنظيم مؤتمر غير مسبوق هو الأول في أمريكا « للكفار المسلمين » بهدف إصلاح الإسلام وتقديم وجهات نظر بديلة للمفاهيم السائدة في العالم الإسلامي. وأعلنت المجموعة في بيان الاثنين 10-3-2008 أن المؤتمر سيعقد بين 28 إلى 30 مارس في مدينة اتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية تحت اسم « الاحتفال بالكفر: التفكير الناقد من أجل الإصلاح الإسلامي ». (الحوارنت عن العربية نت) ما من شك أن اجتماع « فِكر » الكفّار « المسلمين » مع عقول المآمرات الغربية ينتج « فقها » غريبا سلاحه الكفر وهدفه التدمير وأما الثمار التي يجنيها أصحابه فتشبه ما « يجنيه الذي وجه وجهه للسماء وبصق!! وهذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها الحديث عن شبكات تبشيرية وتنصيرية بالشرق الاوسط , خاصةً منطقة المغرب العربي، الا أن الجديد هذه المرة يكمن فى صدور إقرارات رسمية عن الوزارات الوصية عن الشأن الدينى فى المغرب والجزائر على الخصوص، تعترف علنا باختراقات خطيرة لشبكات التنصير بالمنطقة. (الحوار نت عن محيط ـ وكالات) يبدو أن آخر إنجازات « حماة الدين والأوطان » أنهم أفتوا الشباب اليائس بجواز تحويل الصلبان إلى قوارب « يحرقون » على متونها للضفة الأخرى حيث « الرخاء » والعملة الصعبة … والغاية تبرر الوسيلة!! نظم ناشطون فلسطينيون اليوم الثلاثاء، في سابقة تعد الأولى من نوعها، اعتصامًا شاركت فيه  » جموع الحيوانات » من الأغنام والماشية والإبل أمام مقر الأمم المتحدة بمدينة غزة، تحت شعار « نداء الحيوان من أجل حقوق الإنسان »، تنديدًا بالصمت الدولي إزاء الحصار المفروض على قطاع غزة، والتصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. (الحوار نت عن القدس أون لاين) لعل جمعيات « الحيوان للرفق بالإنسان » تفلح فيما عجزت عن تحقيقه جمعيات حقوق الانسان!! …  » حتى هو شيء يزوك منّو البقر »!! … والخسارة أن « الفهود » والأسود » غابت عن المظاهرة وعجزت عن رفع أصواتها بالإحتجاج بعد أن كُسرت أنيابها وقّـلّمت أظافرها!! تعهدت ألمانيا والولايات المتحدة بالسماح بعضهما لبعض بتبادل المعلومات والوصول الى قواعد البيانات الخاصة بالحمض النووي وبصمات الاصابع في محاولة لتحسين تبادل المعلومات بشان من يشتبه بأنهم ارهابيون. ويسمح الاتفاق الذي وقعه بالاحرف الاولى وزير الداخلية الالماني فولفجانج شيبل ووزير الامن الداخلي الامريكي مايكل شيرتوف يوم الثلاثاء لواشنطن وبرلين بتبادل بيانات شخصية عن المشتبه بهم الذين يعتقد انهم يخططون لارتكاب اعمال ارهابية او ارتكبوها. (الفجرنيوز: عن رويترز) يصنعون الإرهاب بتصريحاتهم الوقحة ومواقفهم الغريبة ثم يستغربون حدوثه ويدعون مقاومته!! … والإرهاب جنون وصناعته فنون!! و قد بادر البوليس السياسي التونسي إلى تصوير المتجمعين فوق الجسر (المتحرك)، و فعل الأمريكان نفس الشيء من البارجة التي كانت راسية … على بعد قرابة مائتي متر في الميناء حينذاك، و لمزيد من الاستفزاز انطلق قارب مطاطي من الميناء في اتجاه الجسر المتحرك لأخذ بعض الصور ثم عاد أدراجه إلى قاعدته.. لم يتبين المنددون هوية القارب لكونه لا يحمل راية محددة، فقد يكون تونسيا كما يمكن أن يكون أمريكيا.. (عبد الله الزواري: تونس نيوز) سي عبد الله لو كان « النظام » التونسي كما تزعمون مساندا لأمريكا في حربها على الإرهاب مساندة غير مشروطة لأمر بفتح الجسر المتحرك ليسقط المتظاهرون جميعا في الماء ويسجل الحادث خطأ تقني صادف حظا عاثرا!! وقال مصدر رسمي تونسي إن « آخر التحريات أظهرت أن السائحين (النمساويين المختطفين) توغلا بسيارتهما رباعية الدفع إلى اتجاه خارج الحدود التونسية » في إشارة إلى الجزائر التي يرابط بها تنظيم القاعدة. وتابع أنه « لا خوف على سلامة وأمن ملايين السياح الأوروبيين الذين يزورون تونس سنويا ». (تونس نيوز عن الجزيرة نت عن وكالات الأنباء) النظام التونسي « قد أحاط بكل شيء علما » لذلك علم أن السائحين قد توجها بسيارتهما خارج الحدود التونسية وبنى على ذلك أن عملية الإختطاف قد تمت خارج التراب التونسي وتونس بلد « الأمن » والسياحة بلا منازع!! … ولكن أسئلة « ساذجة » تطرح نفسها: كيف تسمحون لهما بمجاوزة الحدود دون رخصة؟ … ألا يحتمل أن يكون الخاطف أو الخاطفون يركبون معهما السيارة وهم يتجاوزون الحدود؟؟ حين تصرّ آلة الدعاية ان تكون حياة الناس كرة ونقاشهم الوحيد كرة، وحريّة تعبيرهم كرة. وجرأة تلفزيوناتهم كرة وطموحات شبابهم كرة، وأوقات فراغهم كرة، وهويّة انتمائهم كرة، ومشاعر نصرهم كرة، وآهات حزنهم كرة، وطريق ثروتهم المقامرة على الكرة، ووجاهة نبلائهم كرة، وفسطاط أصدقائهم من أعدائهم كرة، وتراث آبائهم وأجدادهم كرة، وشرفهم وكرامتهم كرة … (برهان بسيس تونس نيوز عن »الصباح » 11 مارس 2008 ) الغريب أن « صاحبنا » الذي ينتقد هذا الوضع البائس يتغافل عمدا عن « مُكوّر » كل تلك « الكُوَرْ » بل يصفق له في كل محفل ولم يبق إلا أن يقول له « شئت لا ما شاءت الأقدار، احكم فأنت الواحد القهار »!! (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 13 مارس 2008)

 


هل أتاك حديث الرديف ونبأ أم العرائس؟

 
ظلت تونس لزمن طويل بعيدة عن أضواء الإعلام لأسباب كثيرة منها رضى غربي عن تجربة أولى في عالم العروبة تخوض غمار تجفيف منابع التدين ويقودها صاحب مقولة  » فرنسا أمنا الحنون  » ثم عن تجربة ثانية عماد مشروعها : عصى غليظة تنشر الخوف في كل مكان في البلاد. وبذلك ساد في البلاد مظهر من مظاهر الإستقرار الخادع يحسبه الظامئ إلى إمتصاص دماء المستضعفين والمقهورين عرشا مريحا يطحن شعبا مطيعا حتى إذا دقت ساعة الإنتفاضة لم يكسل مظلوم واحد ولم يتبلد.  ورغم ذلك فإن أغلب النخبة التونسية اليوم تستبعد جدا إنتفاضة شعبية بمثل ثورة الخبز التي عرفتها تونس في آخر يوم من أيام كانون الأول ( ديسمبر ) 83. ألم تسفه تلك الثورة تكهنات النخبة التونسية تسفيها؟  أغلب حديث النخبة اليوم يوئسك من تغيير في تونس تتراكم لبناته من تململات الشعب المجلود وغضباته التي يغص بها صدره المكلوم بل يتندر بعضنا في ضحك يشبه البكاء بأن الشعب التونسي لا يرد يد لامس كأنما عجنت طينته من خميرة فطرية أخرى بينما يبش آخرون في وجه كل تحرك شعبي مهما كان محدودا حتى إذا أطفأته عصا السلطة بقمعها ومكرها إنضم هؤلاء إلى معسكر الموئسين والنتيجة هي دوما : زرع اليأس من الله ومن الإنسان في زمن غدت فيه الديمقراطية حلما بعيد المنال بل أضحت الديمقراطية  لعبة القط والفأر المفضلة لدى القطط السمان التي ترفل في الذهب والحرير بينما يبيت الناس على الطوى.  ومن يدري لعلنا نستقبل زمنا يعير فيه الحديث عن حق الشعب في الإنتفاضة تعييرا إرهابيا وإذا نجح وكلاء أمريكا منا في ذلك فإن كل أبواب التغيير أمامنا موصدة إلا بابا واحدا يغرون به الطامعين فإذا ولجوه نهشوهم نهشا : الديمقراطية على الطريقة اليونانية القديمة ( ديمقراطية السادة والنبلاء ) أما العبيد والأوضاع فحسبهم وظيفة الكلاب : الحراسة والنباح.  في تونس عهد جديد به الليالي السوداء حبلى :   المشهد الأول : الرديف وأم العرائس وثورة خبز أخرى.   منذ أكثر من شهرين كاملين يخوض عمال المناجم بالحوض المنجمي في ولاية قفصة سيما بالرديف وأم العرائس تحركات عمالية إحتجاجية لم تنجح وعود السلطة الكاذبة في إطفاء جذوتها مما يدل على أن الوضع الإجتماعي هناك بلغ مأزقا حادا جدا نتيجة تراكم المظالم التي تطحن بها شركة فسفاط قفصة أولئك العملة وعائلاتهم منذ زمن بعيد. تلك هي صورة ناصعة من صور التفاوت الجهوي الذي زرع الرئيس السابق بورقيبة وزبانيته ألغامه في البلاد ففي حين يلقى إلى سكان الشريط الساحلي خاصة في شطره الأعلى فتات موائد دسمة وبقية عظام منخورة يطفؤون به لهيب الجوعة الضارية فإن سكان المناطق الداخلية ( مناطق الظل ) مما يلي الحدود الجزائرية من شمال البلاد إلى جنوبها لا يجدون ذلك. وإذا كانت النكت الشعبية بوصلة ثابتة على إتجاه نبض الناس فإن الشعب التونسي لم ينس قط كلمة قالها أحد وزراء بورقيبة حينما بشر أهالي الجريد بإحداث معمل لتجفيف التمور في المنستير فباغته مواطن يطالب بإحداث مصنع مماثل في الجريد لتجفيف الأسماك ولكن كان الوزير على درجة من الغباء غير مسبوقة وهو يستغرب الطلب بسبب أن المنطقة ليست بحرية فعاجله المواطن بالضربة القاضية التي حولت الحدث إلى أبرز نكتة تونسية مذكرا إياه بأن المنستير أيضا ليست بلاد تمور حتى نخصص لها معملا لتجفيف التمور. ولعله ليس بعيدا عن ذلك ما رواه العقيد بالطيب لما طلب منه المرحوم الهادي نويرة فيما عرف بأحداث قفصة في كانون الأول ( ديسمبر ) 79 نسف منطقة قفصة بالكامل من الخريطة التونسية بحكم سلطته العسكرية يومئذ فلما رفض العقيد طلب الوزير الأول عوقب بالإلحاق مستشارا عسكريا بسفارة قطر في إنتظار إستكمال إجراءات التقاعد المبكر.    قد لا تجد أنكى عليك من إنبعاث محامين عن سلطة الفساد في تونس ينثرون أمامك سيلا من الأرقام والنسب ليبثوا في روعك أن الوضع الإقتصادي التونسي بخير وقديما قال محمد الصياح في جريدة  » الرأي  » التي أعدمها خلف بورقيبة منذ الأسبوع الأول من إنقلابه  » تونس بخير لولا الفئات الضالة « . عندما يحاصر أولئك المحامون ممن يطلق عليهم خبراء إقتصاد بسيل آخر مضاد من المظاهر الإجتماعية التي تنخر المجتمع وتكرس الحيف والجور والظلم .. يلجؤون إلى القول بأن الوضع التونسي بخير بالمقارنة مع بلدان أخرى.    أي أرقام وأي نسب يمكن أن تصمد أمام إنتفاضة الحوض المنجمي في الرديف وأم العرائس وأمام سلسلة من الإضرابات الإحتجاجية التي لجأ إليها المعلمون والأساتذة وقطاعات أخرى في بحر السنوات القليلة الماضية لا بل أمام ما يبتلعه المتوسط يوميا ( أجل يوميا دون أدنى مبالغة ) من خيرة شباب البلاد من الذكور والإناث على إمتداد عقدين كاملين تقريبا؟    هل بمقدور أكبر محلل إقتصادي في الدنيا أن يشبع البطون الخاوية لأهالي الرديف وأم العرائس بإحصائياته الباردة؟    وهل بمقدور إنسان يحترم نفسه اليوم أن ينكر أن العائلة الحاكمة في تونس تطلق أيدي رجالها ونسائها حرة في أموال الناس تستولي على ما تشاء من المشاريع الناجحة وتقتطع لها ما تشاء من ريعها الخصب مهددة بعصا الإرهاب الجبائي؟ هل ترانا مبالغين لو قلنا بأن كل تونسي اليوم ودون أدنى مبالغة يعرف مثالا واحدا على الأقل عن إستيلاءات العائلة الحاكمة؟    لكم كانت الحقوقية التونسية المعروفة سهير بلحسن موفقة حين قالت في تحليل سياسي للحالة التونسية في منتصف عقد الثمانينات بأن قوى ثلاثا في البلاد لا يتيسر لأحدها إستخلاص السلطة دون تحالف طرفين منها ضد ثالث  : السلطة وإتحاد الشغل والإسلاميون. فارس رقعة الشطرنج هنا هو إتحاد الشغل فإن ظفرت بولائه السلطة جمدت الإسلاميين وإن ظفر بولائه الإسلاميون إضطرت السلطة إلى إجراء مصالحات سياسية وإجتماعية حقيقية لا مغشوشة.    المعنى من ذلك هو أن القضية الإجتماعية في تونس هي الجواد الرابح وفي التاريخ مصداق ذلك إذ عندما كافح اليسار العربي من أجلها بالغالي والنفيس حاز ثقة الناس وعندما ضن عليها زهد فيه الناس وهو درس بليغ للإسلاميين ليحملوا قضايا الأمة بقوة وجد ودون مساومة وعزاؤهم أنهم يرجون من الله ما لا يرجو اليسار.   المشهد الثاني : تونس هدف محقق لتنظيم القاعدة.    حدثان بارزان لا يغربان عن حصيف يؤكدان ذلك : أحداث ضاحية سليمان التي تراوحت السلطة فيها بين التعمية والتوظيف الماكر وإختطاف سائحين نمساويين في الأسبوع المنصرم. يمكن للمحامين عن السلطة أن ينعوا الحظ العاثر للبلاد بسبب جيرتها للجزائر أحد أكبر أحضان تنظيم القاعدة بجبالها الكثيفة ولكن المؤكد أن المسؤول عن إختراق تنظيم القاعدة لتونس وما يعنيه من إرهاب أعمى بإسم الإسلام ـ والإسلام منه براء ـ ليست هي الجغرافيا ولا حتى التاريخ ولا حركة النجوم بحسب إدعاءات المشعوذين المرخص لهم في تونس بإسم أطباء روحانيين بما يناهز خمسين ألف دجال .. وإنما الخيار القمعي الإستئصالي للسلطة هو المسؤول عن إنتاج إرهاب تنظيم القاعدة وتأجيج سعيره الذي يأكل الأخضر واليابس.   بكلمة واحدة : السلطة في تونس هي من منحت تأشيرة عمل قانونية لتنظيم القاعدة وبعض أطرافها يعي تداعيات ذلك وعيا تاما وبعضها الآخر غلب عليه الحمق وسوء التقدير.   يمكن لك أن تقول إذن بإطمئنان كبير جدا بأن تونس أصابها سرطان إرهاب القاعدة ولكن الحل دوما في المتناول وبأقل التكاليف لو تحولت السلطة عن خيارها الإستبدادي وهي أمنية كل تونسي ولو كانت التغييرات والإصلاحات بالتمني لأنقشعت سحب الشر عن كوكبنا.    المعنى من ذلك هو أن أولئك الشباب الذين غرر بهم في غفلة منهم وفي مناخات أمنية مسدودة الأفق على إمتداد عقدين كاملين هي فترة عمرهم .. ممن إعتقلوا في أحداث ضاحية سليمان الدامية لا يحسن بهم سوى إطلاق سراحهم رحمة بهم في إثر أول تجربة دموية في تونس كما يجب أن نتقاسم المسؤولية جميعا : السلطة المتطرفة ضد هوية البلاد والمستبدة ضد إرادة التحرر الشعبي والتي أطلقت أيدي عائلاتها لتكرع من دماء الفقراء وتلغو فيها كما تلغو السباع الضارية في البرية. والمعارضة التي باركت أو صمتت عن قمع الإسلاميين بوحشية لا نظير لها في عصرنا الحاضر. والإسلاميون الذين لم يسلم ميزانهم من إخسار هنا وطغيان هناك.    المعنى من ذلك هو أن الديمقراطية الحقيقية لا المغشوشة هي البلسم الشافي ضد إرهاب القاعدة الأعمى أما الحلول الأمنية فلو كانت كفيلة بتجفيف المنابع لجففت منابع الإسلام بعد ما بنت السلطة التونسية مشروعها بالكامل على مقتضى ذلك ورصدت له أجهزة الدولة وما تيسر لها من أرصدة المجتمع ولو كانت الحلول الأمنية كفيلة بتحقيق الأمن نفسيا وغذائيا لفعلت ذلك عندما سلطت آلة القمع البوليسية ضد حركة النهضة تطاردها حتى في نخاع كوب من الحليب معد لرضاعة طفل صغير تخفيه أرملة الشهيد والسجين والمنفي في حثالة المتاع لئلا يعثر عليه زبون فرعون فيلفق ضدها تهمة التآمر من أجل قلب نظام الحكم بالقوة والتخابر مع جهة خارجية.   المعنى من ذلك هو أن إعدام الشاب المحكوم عليه بالإعدام في قضية ضاحية سليمان في الأيام الأخيرة لن يكون سوى تأشيرة بيضاء ناصعة لإعتمال غضبات وتراكم شحنات وترسب نقمات تفضي بالنتيجة إلى أن يتخذ تنظيم القاعدة في بلادنا له مقرا رئيسا له أميره وجنوده وشعاره وأهدافه وضحاياه ولو تنازلت السلطة عن كبريائها فأتاحت عشر معشار تأشيرة بطريقة غض الطرف عن المعارضة الوطنية الديمقراطية بإسلامييها وعلمانييها لكانت تونس بخير حقا وليس كما قال محمد الصياح.   أما الحركات الجوفاء التي يصطنعها بعض الصاعدين زورا إلى مجلس النواب أحادي اللون من مثل إلغاء عقوبة الإعدام فهي لا تسمن ولا تغني من جوع إذ أن الإعدام في تونس يجري حثيثا على قدم وساق منذ أول يوم لصعود بورقيبة حتى يومنا هذا ( سلوا غار الملح عن دماء اليوسفيين والزيتونيين وسلوا سجن 9 أفريل سيئ الذكر الذي أعدم فيها الشابان : محرز بودقة وبولبابة دخيل في أكتوبر 87 ثم ثلاثة شبان آخرين فيما عرف بقضية باب سويقة عام 91 وسلوا المنظمات الحقوقية التونسية التي تحتفظ بخمسين إسما ممن أعدموا بالموت البطيء في سجون العهد الجديد ثم سلوا عمال الرديف وأم العرائس الذين يعدمون في اليوم مرات ومرات وسلوا من يطلق الرصاص يوم 3 جانفي 84 في ثورة الخبز وسلوا .. وسلوا .. ثم أصيخوا السمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب  » وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت؟ ». وأخيرا …    هل يعترف لهذه السلطة بشرعية تجعل من المسرحية المقبلة ( 2009 ) فرصة لإمتحانها حتى تتنازل عن التسعة الثالثة من اليمين فتكون نتيجة المسرحية : 98,27 مثلا بدلا من 99,27 ومن 99,97 ومن 99,99 أم أن كل تسعة تتخلى عنها السلطة تحت ضغط المعارضة هو كسب ما ينبغي التهوين من شأنه؟    هنا تختلف أنظار الناس وتتباين تقديراتهم ولكن ما يجب أن نتنازع حول أولوية الجهاد الإجتماعي بالوسائل السياسية والشعبية لإنتزاع حق المحرومين من الإستمتاع بكد عروقهم من عمال الحوض المنجمي في الرديف وأم العرائس وحق آلاف من النساء المطرودات منذ سنوات طويلة من معامل النسيج وحق الشباب الذين غرقوا في المتوسط دون أموالهم فهم شهداء وحق الطالبة في وضع خرقة قماش على رأسها وحق السائح من كل دين ولون وطائفة وقومية في الإستمتاع بجمال بلادنا الدافئة آمنا مطمئنا. مشاهد كثيرة وعميقة سياسية وإجتماعية وثقافية تنبئ خلدوني العقل بأن الليالي السوداء لتونس المعاصرة في عهدي بورقيبة ووزيره المنقلب عليه تحمل في أحشائها جنينا إستعصى عن الإجهاض فيه من عمال مناجم الرديف وأم العرائس شامة سليلة لا تخطؤها عين قائف حداس. الحوار . نت


المرأة التونسية …الفطرة التي غلبت السمسار !!!

 
*بقلم : نصرالدين    تونس، هذا البلد الجميل من يعرفه جيدا يخاله نموذجا مصغرا من هذا العالم الفسيح فعلى صغر حجمه تحمل أرضه نماذج المعمورة :  فهذه صحراء وسهول وجبال .. وتلك تضاريس وغابات وسباسب عالية ومنخفضة ..على إختلافها حطت رحالها هنا، وإن سألت عن مناخها فصيف « البرمة » حرارته فوق الخمسين وشتاء » تالة « تحت العشرة درجات والثلج عشق هضاب هذه البلدة وعشقته فتلازما في تزاوج بديع.. كثر هم الذين حطوا رحالهم هنا، رومان وفنيقيون وبربر وعرب صهرهم التاريخ في تجانس بديع هذبه الإسلام وضمد فواصله ونفى عنه الخبث. هي هذه الخضراء.. شامة معلقة في جبين إفريقيا وعينها الحوراء التي ترقب بها المتوسط.  طالما حاولوا إستمالتها وتلويثها وطالما راودوها عن تغيير قبلتها فأبت واستعصت ، ثم ما لبثوا أن ذهبوا وبقيت!! ومن فرط حنانها أن اسكنتهم دفء ترابها وغطت قبورهم ببعض من العشب والعوسج والنوّار. فهيا نستسمح هذه الدوحة الخضراء ونلج برفق من بوابة صحرائها لنعاين بعض ما تعودت عليه من شغب مستنسخ دخيل.   الحصّادة في وجه الريح!!! نحن الآن على مشارف معتمدية الذهيبة من ولاية تطاوين ، هناك في زاوية من زوايا المفترق نلمح امرأة منتصبة تلامس عامود الإنارة وتباعده ، بيدها دفتر وقلم ، تحاول التودد لبعض المارة ، وهاهي تظفر بسيدة وتبادرها بالسؤال: *يامَدَامْ دقيقة بربي *تفضل *نحن مجموعة نساء نناضل من أجل القضاء على غطرسة الرجل وجبروته ونريد ان ننهض بك وبغيرك .. *كَانِكْ عليَّ أني بنوض من الصباح ملي نْفِيقْ نصلي الفجر ما نرجعش نُرقد *علاه انت تَعْبَانَه هكا وينو سي الشْبَابْ راجلك *الحق الحق هو ما هوش شْبَابْ اما أني راضية بيه وراه يفيق بكري يسبقني للحصيدة وأني بنخلط عليه * توقعلي يعيشك على هالائحة؟ * لاَيَحْتْ أشنهو ..لوح علي غادي من اللّوايح..ماعادش عليًّ بكري حِِمْيتْ علي القايلة باش نلْحقْ  بن عمي نعاونو.. إلى الطريق… ما أطيب اهلك يا « ذهيبة »… بهذه الطمأنينة المرسومة على الوجوه رغم شظف العيش وقساوة الحياة نودعك لنستلم الطريق الذي سيسلمنا بدوره بعد مفترقات وانحناءات ومسافة ليست بالهيّنة إلى الجريد على مشارفه لم ننتبه « للترقيم الكيلومتري » إنما تحسسنا قرب المنطقة برائحة النكت المنبعثة من فضائها… من لا يعرف النكتة الجريدية هذه الماركة المسجلة فقد فاته الكثير في فن المزح والترويح ، حتى ان الحجر والحصى المتناثر على حافة الطريق تلبسته النكتة لتدفع عن المارة قساوة الظلم ومرارة الإبتزاز عند كل الحواجز التي مروا ويمرون بها وتطعّمهم بجرعة من الأمل ليستعينوا بها على بعض الطريق .   الأولويات المغيّبة في مهب نضال التخمة والترف لم يمر الوقت الطويل على ترحيب توزر بنا حتى لاحت لنا سيدتان واحدة تعالج بعض الأوراق لعلها كانت تعد غنائم اليوم ، والاخرى تسمرت امام محل لبيع المرطبات لا هي إشترت ولا تحولت عن واجهة المحل ليسترزق الرجل ، هي تكرر « يا مدام دقيقة » ..وهو يردد « هَالدَّعْوة منين جتني » وكأنهما يتجاذبان الزبائن هذا لتسويق « الألف ورقةMille feuilles » وتلك لتسويق « النضال »…كانت امرأة تهم بدخول المحل حين إقتنصتها مبادرة: *عَسْلامة *الله يسلمك *أنا معي لائحة من أجل المطالبة بالتسوية في الإرث ومنع الرجل التونسي من الإنفراد بالملايين والمليارات والبليارات والعقارات المنقولة وغيرمنقولة… *باهي برشة *إذا وقعلي هُونِي * إنت تحبي « تُوَدْرِينِي » *علاه  *أنا بُويَا مات وما خلاش إرث إلا ّ أمي عندها الكلوة تغسل و تصفي ديمة ويلزمها فلوس وعندي أختي مُعَاقة إعاقة تامة هما الاثنين عند خويا لكبيرإلِي يخدم في السْوَانِي وكاري حوش قديم ياسر، إذا تساوينا في الإرث يلزمني نأخذ وحدة منهم ونخرج من حُوشُو…وعندي نصيحة ليك مالتَّعبِيش روحك ياسر لأنو 95% من الشعب ما عندك ما تورثي منو …شهار ..كمبيالات…مرهون …موسال ..كريدي ..سلف..وثمة شكون مات ما عندوش حق اللحُودْ غطوه بفرشات مغشوشين ، ثلاثة ..أربعة بالات تراب تكسروا ولو ردموه هكاكا غير إكرم الميت بركة ، أما 5% لخرين إللّى أصابتهم تخمة الاموال والثروة فاتهني عمرهم ما سمعوا بحاجة إسمها إرث ولا يعرفوا ذكر ولا أنثيين… إمشي أختي نَاضْلي باش يتوجد الإرث هذا… وبعد تعالي اناضلو على قسمانو مع بعضانا..ياخي انَّاضلُوا على حاجة مثماش هاعباد ربي!!!… في لاَمَانْ أختي.  هكذا كانت الرحلة الى بنزرت عبر قفصة والقصرين والقيروان مرورا بالساحل والوطن القبلي والعاصمة.. نختصر الطريق ونجمل الأحداث  إمراة فاتتها عناية الرئيس وأدركت أبناءها *إسمع يا..آشْ إسمك..جيتك بكنز من بنود وثيقة بيكين تكسري بيها كبرياء الراجل ..هيا وقعليِ هُوني.. *راجلي الله يرحمو عند سبعة سنين ملي مات..خلالي أربعة أولاد  *ممتاز على الأقل تخلي ذريكْ مَسْطرة ما يتعبوكش وتروضيهم لزوجات المستقبل  *ذريا الثلاثة في الحبس  *شبيهم مجرمين ؟  *واحد قالولي خوانجي ظلامي يحب يرجع للعصور الوسطى ميتافيزيقي متخلف متآمر ونحنا بلاد تقدمية.  *بعد مدة شدو الأخر هَاوْلاَدِي شْبِيهْ ؟..قالولي ملحد شيوعي تطاول على الشريعة الإسلامية السمحاء ويطعن في السادة العلماء.  *نهارات و شدو الثالث وَاشِي زَادَة …قالوا إنتهازي وسلبي كي بيه كي بلاش موتو خيرمن حياتو يعرف كان ينكت ويمس اعراض الشخصيات المرموقة..ويقول أنا مسرحي وهومايجيش حتى سارح.  * باهي والرابعععععععععععع…  *الرابعععععععععععععع حرق ليطاليا غرق في البحر كلاه الحووووووووووووووووت.    فرصة سانحة للنضال أتلفتها « المكينة »  *تعالى أختي وقع على اللاّئحة باش راجلك يشعف ما عادش يمد عليك يديه  *لا أختي ما نستحقش .. راجلي ما عندوش يدين!!! قصت هملو المكينة في معمل السيمان…عاوني بحويجة ماني أختك في النضال  *علاش راجلك ما عطوشوا شهرية مُقْعدْ؟  *لا أختى لا مقعد لا متكي ، بعد شهرين من الحادث قالولوا ارجع للخدمة قالهم كيفاش نخدم بلا يدين قالولو أخدم في الصيانة عبي فمك بالشحم وشحم الماكينات ..ماحبش سحتوه..شكا للمعتمد ربي يبارك فيه ساعة ساعة يعطينا شكارة سميد!!!  جلّ من لا يخطئ…  *عسلامة ..يا بنية يعيشك تدعم هالائحة باش ننتزعوا بيها حقوق المرأة من بين براثين الرجل  *مشني بنية  *مالا شنو مِثلِ..يعني راجل عندك ميولات أنثوية ما يهمش مارس حريتك المهم إنت سعيد بِهَاشَّئْ  *أختي انا لاني مثلك لاني مثلو لاني مثلها اليوم دِرْبي يعني مَاتِشْ جِوَارْ والحالة مْرَفلة لبست دبش أختي وعملت بيريك باش كي نمشي للماتش نمنع من الرافل..يعيشك براثين الكلمة هذي مانعرفهاش!! حاجة باهية وإلا خايبة؟  *حاجة هايلة ياسر  *مالة يعطك برشة براثين..ونحن إن شاء الله ديمة مبرثنة عنا..  مأساة تجاوزها النضال!!!  « مناضلة »تعترض سيدة هائمة في الشارع  *يا مدام إيجا..إيجا  *نحوا لحجر..نحوا لحجر…وخرجوا هملي من القبر  *شنوه  *نحوا لحجر..نحوا لحجر…وخرجوا هملي من القبر  احد المارة من نفس البلدة بصدد عبور الطريق مع إبنه الصغير يتدخل:  *راك تكلمي في مجنونة يا أختي..هذيكا تصَدَّعَتْ دارهم في الفيضنات قدموا ملف باش يصلحوها وعدتهم الجهات المختصة………… بقوا يستنوا عشرة سنين نهار مشت تزور في أختها رجعت لقت خمسة أولادها وراجلها طاحت عليهم الدار..ماتو الكل ..هبلت عاد. المرة هذية السلطات حست بتقاعسها في تصليح الدار..حست ياسر.. فعجلت بتعويضها… عطوها سَدّايَهْ باش ادَّبِّر بِيْهَا راسها !!! مَهبولة تْسَدِي يا مْهَبْلَة…بربي عاونها بشوي فلوس يا مدام  *لا خويا الاموال إلي تعطي هالنا الدولة وتأتينا من الخارج مخصصة للأسرة  *حتى هي أسرة أختي مالا معصرة  *الاموال هذي متاع تأهيل وترشيد وتحسيس  *علاش ما تكونش متاع توكيل وتشريب وتمريض؟؟؟  * « باردون » خويا هذي الاموال مخصصة لهدف سامي  *هدف سامي؟؟..!!! هايا هيا يا سامي ولدي خير ما تسكّر علينا الكوشة!!!  عَرَقٌ في صندوق التضامن..وتضامن في جيب النظام!!! منطقة أخرى ..مدينة أخرى ..حي آخر..وشارع آخر  *وقعلي..وقعلي هوني حتى نجبرو زوجك على اعطائك الشهرية في يدك وتخصيص الوقت الكافي لشؤونك الخاصة…  *صعب لأنو يخدم عليّ وعلى غيري 16 ساعة في النهار  *راجلك معدد يصرف على وحدة اخرى؟  *أكثر…  ما تقوليش يصرف على أربعة؟؟؟  أكثر..راجلي لمَكْسِبْ لواج يصرف بيها على ثلاثة وخمسين  *كيفاش؟  *إي نعم ماني أنا وحدة زيداهم 26 و26 ولوش53 مالة صواردو قاسمهم بيني وبين الصندوق.    أمريكا تناضل مع النضال!  *يا بنات ..يا بنات إيجاو..إجاو وقعوا على حاجة تخصكم  *رانا مزروبين ثم تجمع إحتجاجي أمام السفارة الأمريكية هيا معانا باش نعطوا للسفير الامريكي لائحة إحتجاج وبعدين نوقعو معاك  *بروا إنتوما أنا البارح برك كنت عندو!!!  *عطيتيه اللائحة مَالاَ ؟؟؟  *لا هو إلي أعطاهالي!!!    بروسترويكا الجسد  *يا بنية توقع على حرية المرأة في العلاقات الحميمية المتعددة والغير مقننة…  *شنوه ؟  * ندعوا إلى حرية المرأة في جسدها بعيدا عن تسلط الأب والزوج والأخ ..تصنع به ما تشاء ، تبيع ، تكري ، تسلف ، ترهن ، الطير، تحط ، تنفخ ، تفش… هي حرة… *واش معناها هذا؟؟ وإنت أصل شكون؟؟؟  *أنا إمرأة تقدمية أمارس النضال  *سامحني يا مدام هذا ما إسموش نضال …هذا إسمو تشويش في الطريق العام مع السّكر الواضح.    النضال تصالح مع البورجوازية  *إسمع إسمع يا مدام إيجا وقع على هاللائحة اليد في اليد نتكاتفوا باش نصدو غطرسة واحتكارالراجل.  *إي نعم نبصملك بالعشرة بارك الله فيك أختي مالا إذا المثقفات كيفي وكيفك ما يتصدوش للراجل إللي يمارس إحتكار السلطة والمال العام وموارد البلاد وتبييض الاموال وتجار العملة الصعبة العابرة للقارات وتشويه صورة لبلاد بسرقة بطّوات الدول الصديقة… لو كان مشني أنا وانت نوقفوا أمام غطرسة الراجل إلي يستعمل أجهزة الأمن الوطني لقمع المواطن وتفكيك منظمات المجتمع المدني ويستعمل المخابرات إلِّلي تغيرت وجهتها من جهاز وطني يسهر على مصالح البلاد ويدفع عنها المؤامرات إلى جهاز خاص يفبرك القضايا للمعارضة ويعشش فوق المساجد وفوق مقرات الأحزاب والهيئات المستقلة..إذَا كان مشني أنا وإنت,, * وقف وقف وقف شنو هذا ؟؟؟ اللائحة بريئة من هذا ..تعرف إنت قاعدة تمس في السيادة الوطنية  *لواش قصدك إللي ذكرتهم مهمشي رجال!!! وإلا إنت قصدك باش نوقع ضد لمرماجي والقهواجي والبناي والفلاح والتكسيست واللواجيست والبطال… باش إطّلقهم نساهم ويبقوا لولاد ملوحين ..هذا نضالك واش قالك ..برا ناضل أحسنلك ضد غلاء المعيشة والبطالة والقروض إللي لا نعرفوا مصدرها ولا مآلها نفيقوا كان بيهم يطلبوا منا المزيد من التقشف باش انخلصوا القروض!!!هَيْ وقتاش خذيتوهاأصل ؟ وين هي ؟ حتى صوتها ما سمعناشوا وإلا ما فيهاش الصرف الكلها أوراق ما تقَرْبَعشْ؟؟؟   خارج الموضوع  *ها هي أخرى أنهكها التعب والإفلاس ولائحتها تحت إبطها تقف أمام إمرأة تحرس بعض الأحذية القديمة فزوجها « ملاّخ » ذهب لتوه إلى صلاة العصر وتركها عند نصبته  وقفت السيدة المناضلة أمامها وشرحت على مدى نصف ساعة مقررات مؤتمر بيكين وما انتهى إليه مؤتمر القاهرة للسكان ومزايا الثورة الفرنسية ..وحدثتها طويييييييلاعن فلسفة ما بعد الحداثة..و..و..بعد نصف ساعة استوقفتها زوجة الإسكافي سائلة:  *إنت جيتي من تونس العاصمة  *أي نعم  *ثماش أخبار على المُسْمَارْ؟  *مسمار شنو!!!  *المسمار اللي يملخوا به الصبابط قالوا باش يزيدوا فيه ؟؟؟ومشني عارفة عاد باش يزيدوا فيه الكل وإلا كان في المسمار لِخْشِيْنْ..ربي يستر كان زادوا حتى في المسمار الرقيق تقطعت خبزتنا وخايفة لا الهادي راجلي يزيد يرجع لليبيا ويقعد خمسة سنين ما يجيش كيف المرة الأخرى…ربي يقدر الخير وبرا.    بركات السيدة بيكين  لسان حالهن ولسان حال من على حالهن ولسان من يدور في فلكهن يقول آه لو تم توقيع وتفعيل كل هذه اللوائح المنبثقة أصلا عن وثيقة مؤتمر بكين وخاصة فقرة الحقوق الجنسية « التي تدعو لإباحة الإجهاض والبغاء والشذوذ الجنسي وتشجيع الإباحية » لكنا الآن في حال آخر: لانخفضت الأسعار واختفت الجريمة وغابت الرشوة والمحسوبية إلى الأبد ولكنا ننعم الآن بحرية التعبير وحرية التنظّم ولكان الإعلام شغله الشاغل المواطن وهمومه وانتهى استغلال المرأة في جسدها وفي جهدها ولاختفى الاحداث من ورش السيارت وازدانت بهم المدارس ولولى أجر السبعين دينارا ولكان الأجر الأدنى مليون وزوز ملاين بخلاف منحة الإنتاج وفلوس الذراري ..لو انتبهنا منذ 1995 وفعّلنا مقررات بيكين بفقرتها « الساحرة » لتداول منذ ذلك الحين ثلاثة رؤساء على البلاد ولدمرنا كل السجون وأبدلناها بالحدائق الغناء ولامتلأت هذه الحدائق بالصالحة وبرنية وعيشة والهذبة وزعرة والعكري اللواتي أزحن حزم الحلفاء من على ظهورهن وتركن مقاعدهن في معامل الخياطة وألقين صناديق الطماطم وغادرن الحقول القاسية وتخلصن من أطباق الملسوقة والمعدنوس ودخلن هذه الحدائق للترويح بعد أن رمين لباس الروبافيكا…وهاهي برنية وقد اختفت الأورام من أقدامها والتأمت الجراح الغائرة المعبأة بالأتربة القديمة قدم شقائها وشقاء أمها وجدتها .. هاهي تتهادى خلف إبنها المندفع فوق أعشاب الحديقة وقد أصبحت أقدامها ناعمة تطأ الورد فلا تؤلمه تكسوها ثياب فاخرة من حرير مشربة بخمائل يداعبها النسيم فتلّوح للزهور الناعسة فوق حلة خضراء زاهية.. ورأس الصالحة الذي عشش فيه الهم سنين عددا ، هاهو تعلوه قبعة بنفسجية تخللتها خيوط برتقالية لتفسح مسارب لأشعة الشمس حتى يختم الجمال على المشهد..تلك الهذبة تسرع الخطى تدفع العربة التي تبدو مستوردة ورضيعها يداعب حقيبتها اليدوية التي تحتوي على أوراقها والعملة الصعبة وتذاكر السفر إلى مايوركة لقضاء العطلة…وصديقتها زعرة تسبقها مسرعة زوجها عوادي بالخارج كان عوادي في أعقاب توقيع وتفعيل ميثاق بيكين قد ألقى البالة والفاس.. وهاهو أمام الحديقة يستنى في مرتو « مراكي المرسديس ». أما العزوزة نوة فبعد بيكين إرتد إليها بصرها الذي فقدته منذ عشرين عاما وأسنانها التي أتلفها البرد والصقيع أبدلتها بأسنان الذهب والفضة والعاج الخالص وارتدت فستانا للسهرات وحذاء الكعب العال وعلقت في جيدها سلسلة غليظة من الذهب البراق وبدل العزوزة نوة كتب فوق الصفيحة « النّو ».. أه لو وقعنا وفعلنا وثيقة « الجسد » لفاقت البحبوحة كل الحدود و الإحتمالات وعم السلام والوئام ربوع الوطن فهاهو خروف صغير أمو من باجة وابيو من جندوبة يداعب الذئب ويقفز حوله والنعجة تنهره أخطى عمك خلي يرتاح ، أما الكبش فقد عاد مسرعا إلى المحل نسى سطوشو فوق الكونتوار عرضو برشني في الطريق جايب هولو. الثقة عَمَّتْ البلاد والبراشن والعباد.. والنعجة في خفة ونشاط أنهت المشوي وقدمته للذيب والذيب  يقول خوك فيجيتاريا مانكلش اللحم كان ثمة شوي سلاطة وإلا خليني نبات خفيف ، وهذا بورقيبة اليد في اليد مع صالح بن يوسف يتنزهان في جبال طبرقة  ومن خلفهما لزهر الشرايطي ينادي استنوا عاد راهو الصباط يزلق، وهذا زرق لعيون يحتضن صالح بن يوسف ويقول وْرَاسْ وْلِيدَاتِي يا سي صالح ما كنت حَابْ إنْظُرَّكْ حَبِيْتْ إنْرَعْشِكْ شْوَيْ جِتْ فِيكْ…لا تستغرب من هذه الحركية  الكبيرة أولئك بنو زيد يجهزون الوليمة فالقبائل بدأت تتوافد منذ الفجر من كامل أقطار الجمهورية للإحتفال.. لقد عاد الدغباجي ..لم يستشهد إنما كان بْرِيْزُونِي وبعد تفعيل وتوقيع اللوائح عاد… هو الآن في الحوش يقلب في الذكريات مع البشير بن زديرة ، وعلى بن غذاهم على يمينه يتحسس ذراعه الذي داعبه منه الدغباجي ويقول الله يهديك يا الدَّغْ هاك خليتلي بقعة زرقة..الدغباجي من قْبَلْ معروف لِعْبُوا خَايبْ أسهلو عليه الفرانسيس!!! هذه قطرات من بركات بيكين فحي على النضال.. اليد في اليد نخرج مهاجرين إلى الصين ومن مات في الطريق الله وحده أعلم بأجره على من وقع.   هل من وقفة تأمل؟؟؟ بلد مثل تونس يأنس فيها الضيف والعابر والزائر فكيف لا يأنس أهلها بعضهم ببعض وهذا المطلوب والمفروض والممكن إن ابتعدنا عن تجذيف الإتجاه المعاكس وإذا ما توفرت إرادة صادقة للتخلص من لمم النضال ودخلنا في عمقه وإن تخلت كل الأطياف عن رؤية الزاوية الواحدة وعَدَّلت  بصرها الذي يعاني من خلل مدمر، فعين تسكنها زرقاء اليمامة والعين الأخرى مطموسة مظلمة لا تملك حتى البصيص، على الكل ان يقوم بمراجعات يعدل فيها بصره ليستوي حظ العينين هنا زرقاء وفي الاخرى اليمامة،حتى يرى الكل من حوله وما حوله ولا يتجاهل هذا ذاك وتلك هاتيك وهؤلاء أولئك.

 


الاحتفال بيوم اللباس التقليدي فرصة متجددة للاحتفال بنكبة ذاكرة وتراث قصرهلال

 
مراد رقية  
للقد كان من سخرياء القدر ومن نوائب الدهر القاسية على مدينة قصرهلال  منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا أن يصاب تراث قصرهلال ،المدينة الألفية بمحنة ونكبة ثقافية من الدرجة الأولى تظافرت فيها جهود المجالس البلدية المتعاقبة المنصّبة،والتي ضربت رقما قياسيا في الانبتات والتنكر للأجداد ،مع استقالة وزارة الثقافة التي تستفيد من الضرائب المدفوعة من مواطني قصرهلال،فترتكب جريمة ابادة ثقافية لتراث مدينة قصرهلال،مدينة 2مارس1934،مدينة الحاج علي صوّة،مدينة الخلق والابداع على الدوام، ولعل الجميع يعلم بأن هذا التراث المتنكر له باصرار وامتياز من قبل المجالس البلدية المنصّبة المنبتة،ومن قبل مصالح وزارة الثقافة وحماية التراث ،ولعل أبرزها في تجسيم هذه الجريمة الثقافية هو المعهد الوطني للتراث »المعهد الوطني للآثار والفنون »سابقا الذي تولى الاشراف على حظوظه أحد أبناء المدينةالوالذي يتولى حاليا مسؤوليات رفيعة الذي لم يحرك ساكنا لحماية هذا التراث المستهدف من الداخل والخارج،هذا التراث المعتدى عليه تدميرا وتبديدا والغاء لغياب هياكل محلية غيورة بلدية وثقافية،وخاصة لغياب أي تدخل تقني من قبل وزارة الثقافة في مستوى انجاز متحف للنسيج وللعادات والتقاليد.هذا التراث هو الذي كان بحكم محوريته ومركزيته في المنظومة الاقتصادية الهلالية الممول الأساسي للحركة الوطنية التونسية أيام الكفاح التحريري،ثم الركيزة الأساسية في بناء مقومات اقتصاد ما بعد الاستقلال؟؟؟ فلو طالب أهالي قصرهلال الذين أنفقوا في تلك الأيام العصيبة على الحركوة الوطنية وزعمائها »انفاق من لا يخشى الفقر » باسترجاع ولو نسبة من تلك الأموال لا ستغلالها في الحفاظ على ذاكرتهم وتراثهم المستهدف تطاولا على جدارة وأسبقية وشموخ قصرهلال في أكثر من مستوى،ومن خلال أكثر من مرحلة من مراحل تاريخ البلاد التونسية تحقيقا للحصار وللحجر الصحي المفروض بأيدي أبنائها من المسؤولين غير الحريصين على ذاكرة وتراث مدينتهم لأنهم ملتزمون الالتزام الكامل بارساء  الصحراء الثقافية،وبتكريس الانبتات والقطيعة مع الأصول رغبة في تسريع نسق العولمة المعكوسة بالغاء كل مقومات هوية قصرهلال سوف تطلع علينا الهياكل التجمعية والجمعيات المدينة لها بالولاء والتبعية غير المشروطة ببعض التظاهرات الترويجية السياحية مثل عروض الأزياء التراثية،وبعض حفلات رياض الأطفال احتفاء بهذا العيد السياحي لأن المواطن الهلالي أصبح سائحا في مدينته ينفق بالدينار التونسي،ولكن المطلوب هو الوقوف دقيقة صمت،أو حتى دقائق متتالية حدادا وترحما وحزنا على نكبة ذاكرة وتراث قصرهلال المغتالين عن سابق اصرار وترصد من وزارة تهميش الثقافة واغتيال التراث عبر مندوبية مدينة المنستير للثقافة وحماية التراث الملتزمة منذ سنين بالقضاء المبرم على هوية قصرهلال الثقافية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين  الرسالة رقم 418 على موقع تونس نيوز الحلقة : 8 بقلـم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي

يوم 15/03/2008: يوم تطبيق ميثاق حقوق الإنسان مذكراتي في محطات وطنية بكامل الإيجاز والنتائج والبصمات بارزة

 
على بركة الله أواصل اليوم الحلقة الثامنة حول مذكراتي التي أصيغها بكامل الإيجاز والسرعة بطريقة برقية. حتى يتمكن القارئ الكريم والإعلامي اللامع والمفكر النزيه والمؤرخ الصادق والكاتب النظيف وصاحب القلم الحر من الوقوف عند هذه المحطات الهامة،،، ويأخذ العبرة لأن الحياة جهاد وعقيدة… واليوم أتحدث على بعض البصمات والنتائج في هذه المحطات التاريخية. المحطة الأولى من 1954 إلى 1969 بشعبة سيدي حسن الحونية : عملت في صلبها 15 سنة في الشبيبة الدستورية والشعبة وكانت النتائج المشاركة الفاعلة في قافلة الإنجاز والبناء لتحرير الوطن وبناء الدولة العصرية وخوض معارك الجلاء ومعارك التخلف والجهل وبناء المدارس وإنجاز المراكز الصحية والمساجد. وتوعية الشعب لمساعدة المواطنين في كل المجالات وحصلت والحمد لله علاقة حميمة وصدقات قوية وجسور متينة وشامخة ومحبة دائمة ووفاء للعهد استمر إلى اليوم والحمد لله. المحطة الثانية من 1970 إلى 1974 بشعبة حمام الأنف : العمل والتركيز على التوعية والتوجيه والتركيز على المحاضرات الدينية والسياسية والإحاطة بالمواطن وتشريك رجال التعليم ورجال الدين في النشاط الوطني المكثف وقد شهدت الشعبة نشاطا مكثفا لا مثيل له وتم انجاز مشاريع وبناء أكبر جامع مسجد بالجهة دشنه يوم 16/03/1974 المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله. وكان يوما مشهودا في تاريخ الجهة. والشيء الهام الذي حصل هو معرفة عدد هام من الإطارات التي تعج بها جهة الضاحية الجنوبية وهذه العلاقات كان لها تأثير هام على مجرى الأحداث الوطنية، والمثل يقول « معرفة الرجال كنوز… » المحطة الثالثة من 1975 إلى 1981 بشعبة الصحافة الحزبية : كما أشرت في الحلقات السابقة وكان أهم إنجاز يذكر وله أبعاد اجتماعية هامة. هو المشروع السكني الذي فكرت فيه الشعبة عام 1975 وبفضل الله انجز ونجح بفضل العزم والحزم والمثابرة والجدية والصدق وفي عام 1977 تحقق جزء من المشروع وفي المؤتمر الثاني للشعبة عام 1979 تحقق الجزء الثاني وتم من 1976 إلى 1980 توزيع 254 مسكنا على كافة أو جل الصحافيين والأعوان الإداريين وأعوان المطبعة والفنون وإطارات وأعوان الحزب. وكان مشروعا رائدا تحقق وهو من المشاريع الاجتماعية التي كانت تراود الصحافيين والأعوان منذ عام 1960 والحمد لله تجسم على يد هيئة الشعبة عام 1977 ومن حسن الطالع كنت رئيسا للهيئة وكان التتويج على يد الشعبة. وبقي هذا المشروع حديث العام والخاص إلى اليوم وهذا الحلم تجسم بفضل إرادة الخير والمناخ السائد وروح الانسجام والتعاون والدعم والتشجيع من طرف الأخ مدير الحزب السيد محمد الصياح وبدعم وحرص من السيد لسعد بن عصمان وزير التجهيز والإسكان وبدفع ووفاء كبير من لدن قائد الجهادين رمز الأمة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله. وأهم عامل للنجاح وضامن لتحقيق المشروع هو رمز الأمة الزعيم الأوحد للشعب بدون منازع على مدى الدهر… المحطة الرابعة من 1984 إلى 1990 في معتمديات فوسانة وسجنان وجومين : فضلا على جميع الشمل وتوحيد الصفوف وتوطيد اللحمة ودعم المجهودات ورفع المظالم والعناية بالأوضاع الاجتماعية. والاهتمام بالتشغيل والمساعدات للعائلات المعوزة ودعم المجهودات في مجال العناية بالتعليم والمساعدات للتلامذة في خصوص النقل والمبيتات وتخصيص جهود إضافية وتخصيص مبيت خاص محلي بمجهودات محلية والعناية بالمناضلين ورفع معنوياتهم. والاهتمام بالمسالك الفلاحية والطرقات والتنمية الشاملة ومزيد النهوض بالمناطق النائية وتوفير كل المواقف اللازمة. تم بفضل الله وبجهودات محلية صرفة انجاز جامع مسجد ومدرستان بفوسانة ودار للحزب وبناء مدرستان وتوسيع جامع كبير بسجنان وبناء مركز إداري وبناء مسجد أخر. وفي جومين ثم انجاز 5 مساجد بمجهودات محلية صرفة. وتوسيع جامعين بجومين وبازينة وبناء 5 مدارس ابتدائية ومستوصف  وتعبيد طريق مدخل جومين 2  كلم و3 مساحات خضراء هامة كل ذلك بمجهودات محلية وبناء مركب إداري. هذه بعض البصمات والنتائج بكل ايجاز واختصار شديد وبأسلوب برقي. وأريد أن أقول في خاتمة هذا الشوط الموجز- ماذا حقق الآخرون بعد إنجاز مشروع السكن الخالد للصحافيين والأعوان…؟ وماذا حقق الآخرون بمجهودات محلية في الجهات التي ذكرتها آنفا. وأستطيع أن أقول أن قيمة تونس ونجاحها وتألقها وضمان استمرار رسالة النضال الوطني تكمن في قيمة رجالها ومدى قدرتهم على الإضافة والبناء والإنجاز اقتداء بالسلف الصالح وقدرة بمن سبقونا من الرجال البررة الذين عاهدوا الله والوطن على التضحية والفداء وفي طليعتهم الزعيم العملاق التاريخي المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله. ملاحظة : صادف هذا اليوم أن التقيت بالأخ محمد الحبيب الطياري، صحفي في جريدة لاكسيون سابقا – قال لي « لا أنسى مشروع السكن الذي استفاد منه 254 إطار ماعدى الأخ الهاني اقتداءا بزعيم الأمة »…؟ وذكر الأخ الطياري أن الذي جاء بعد الأخ الهاني لم يحقق أي مسكن…؟ قال الله تعالى :  » ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة  » صدق الله العظيم محمـد العـروسـي الهانـي الهاتف : 22.022.354

 

 

الفرونكو آراب تخترق حرم إذاعة الزيتونة

 
بقلم الأستاذ الدكتور محمود الذوادي (*)   ينتقد الكثير من التونسيين إذاعة موزاييك للغة منشطات ومنشطي برامجها وللغة المتحدثات والمتحدثين الذين لا يكادون يعرفون الحديث إلى المستمعين بغير لغة هجينة تفرط في مزج العامية التونسية بعدد هائل من الكلمات والجمل الفرنسية على الخصوص فظاهرة الفروكو أراب هذه لا تقتصر على إذاعة موزاييك فقط بل هي منتشرة ولكن بدرجات أقل في كل الإذاعات التونسية الوطنية والجهوية على حد سواء.    وليست إذاعة الزيتونة الصغيرة السن استثناء لهذا النمط من السلوك اللغوي الذي تتبنّاه اليوم أغلبية أفراد المجتمع التونسي. واللافت للنظر في دخول إذاعة الزيتونة ميدان الفرونكو أراب أن أشهر المتحدثين في برامج إذاعة القرآن الكريم هو الذي يمزج كلامه أكثر من غيره بكلمات وجمل اللغة الفرنسية في الحديث إلى مستمعيه بدون أية حاجة حقيقية لاستعمال كلمات فرنسية في طرح ومناقشة عدة قضايا أو شرح وتفسير بعض المسائل البسيطة فقد استعمل مثلا في إحدى حصصه في شهر فيفري كلمة سبور عوضا عن رياضة وكلمة رجيم بدلا عن كلمة حمية وو… ليس هناك عذر مقبول في اللجوء إلى كلمات أجنبية وذلك لسببين على الأقل.   أولا: أنّ اللغة العربية غنية بالمفردات التي تعبر على كل ما نود التعبير عنه. وشيخنا يعرف جيدا مقدرة لغة الضاد على التعبير على كل شيء إذا ما استعملها أهلها في كل أنشطتهم الشخصية والمجتمعية.   ثانيا: من المفترض أن تكون إذاعة الزيتونة متحمسة وملتزمة أكثر من غيرها من الإذاعات التونسية بصيانة اللغة العربية في شكليها الفصيح والعامي. أي أن تتحاشى استعمال الفرونكو أراب في كل برامجها. فالمرء يرحب كل الترحيب باستعمال الدارجة التونسية النقية في تقديم العديد من برامج إذاعة الزيتونة لأن ذلك يخدم سهولة وتيسير الفهم لما يذاع من برامج مختلفة حول مواضيع ومسائل لها علاقة بالدين الإسلامي ومصادره الرئيسية المتمثلة في القرآن الكريم والحديث النبوي على الخصوص ونذكر مثالا آخر لحصة إذاعية لهذا المتحدث الشهير بإذاعة الزيتونة جاءت فيها كثرة استعمال الكلمات والجمل الفرنسية بطريقة لا تليق بمبدإ احترام اللغة العربية لغة تونس الوطنية بثّت هذه الحصة القصيرة في غرة شهر مارس 2008 استعمل فيها المتحدث الرئيسي الكلمات والجمل الفرنسية التالية:   La femme est plus fidèle que l’homme, système, souple, spontannée, esprit batha, ومن المؤكد أن هذا المتحدث كان يمكن له بسهولة استعمال مفردات وجمل من اللغة العربية تعبر بالكامل عما تعبر عنه تلك الكلمات والجملة الفرنسية. وليست الحصتان المذكورتان بالحصتين الوحيدتين اللتين يقع فيهما المزج اللغوي المفرط في برامج الحصص الإذاعية لهذا المتحدث المعروف في إذاعة الزيتونة. هل يعود هذا السلوك اللغوي عند شيخنا إلى ما أسميه بضعف التعريب النفسي السائد بين أغلبية التونسيين اليوم؟ يتمثل هذا المفهوم في أن اللغة العربية،   اللغة الوطنية لا تحتل نفسيا بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال المكانة الأولى في قلوب وعقول واستعمالات معظم التونسيين ونظرا لما ترمز إليه إذاعة الزيتونة من ارتباط قوي بالدين الإسلامي واللغة العربية (قطبي الهوية الجماعية التونسية) فقد كان منتظرا أن يكون احترام اللغة العربية بارزا وقويا في حديث برامج الشيخ إلى مستمعاته ومستمعيه. ومن ثم يأتي التساؤل المشروع: هل  سياسة إذاعة الزيتونة هي استعمال العامية التونسية بما فيها من كلمات وجمل فرنسية كثيرة متداولة في لغة الفرونكو أراب التونسية؟ أم هل أنّ إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم لا تتبنى من حيث المبدإ مثل تلك السياسة اللغوية ولكنها لا تمانع، ومن ثم فهي لا تراقب ولا تنهي عن تحاشي استعمال خطاب الفرونكو أراب أثناء تقديم البرامج الى المستمعين؟   (*) عالم اجتماع   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 مارس 2008)

حول آثـار الاستعمـار اللّغـويّ والثّقافـيّ

 
بقلم: البشير بن سلامة (*)   قرأت ما كتبه الدّكتور محمود الذّوّادي في جريدة الصّباح بتاريخ 2 مارس 2008 حول ما خفي من آثار الاستعمار اللّغويّ والثّقافيّ. ولاحظت حرص صاحب المقال على صياغة العنوان على طريقة أدبائنا القدامى سواء من حيث الطّول أو اتّباع شيء من التّرصيع البديعيّ.    فجاء هكذا:  » كشف الحجاب بعدسة العلوم الاجتماعيّة عمّا خفي من آثار الاستعمار اللّغويّ الثّقافيّ وغاب ». ولا غرو فهو الباحث الاجتماعيّ الّذي عرفناه متمسّكا بالأصالة، ولكنّه أيضا ذاك المتشيّع بطرق البحث الحديثة والدّقيقة في مجال علم الاجتماع. لذا اتّصفت دراساته وتحاليله بالعمق والمنهجيّة العلميّة.   أراد الدّكتور الذّوّادي في هذه المقالة لفت النّظر إلى ما جدّ في الدّراسات الأكادميّة لما بعد الفترة الاستعماريّة بالنّسبة إلى معظم مجتمعات العالم الثّالث. والّذي حظي باهتمامه هنا هو مدى تحرّر البلدان المستقلّة من كلّ الآثار الاستعماريّة اللّغويّة والثّقافيّة.   كما تطرّق الباحث إلى الحديث عن حال اللّغة العربيّة بتونس بعد الاستقلال، وأكّد ضرورة القيام بجرد لمواقف التّونسيّين اليوم كأفراد ونخب سياسيّة، وجماعات ومؤسّسات، وطبقات اجتماعيّة من اللّغة العربيّة، مع تحليل انعكاسات تلك المواقف على شخصيّة التّونسيّين وثقافة مجتمعهم، وجزم بأنّه قد يجوز القول بأنّ الموقف غير العاديّ المشوب بالسّلبيّة لأغلبيّة التّونسيّين اليوم من اللّغة العربيّة هو وليد الاحتلال الفرنسيّ الّذي بذل جهودا كبيرة في نشر لغته في المجتمع التّونسيّ المستعمَر لإحلالها محلّ اللّغة العربيّة قدر مستطاعه، ممّا ساعد على غرس حالة الاغتراب في التّونسيّين إزاء لغتهم العربيّة من جهة، ومن جهة أخرى بثّ موقف التّحقير إزاءها، وبثّ مركّب النّقص بينهم تجاه استعمال العربيّة أو الدّفاع عنها. وقد عبّرت عن ذلك في كتابي الشّخصيّة التّونسيّة بمفهوم حلّلته طويلا وسمّيته  » الغربة اللّغويّة ». كلّ هذا واقع لا يمكن لأيّ كان دحضه. لكنّ الّذي يجعلني لا أوافق الباحث في شأنه هو قوله: إنّ » هناك مؤشّرات عديدة أنّ القيادة السّياسيّة البورقيبيّة (ولم يقصر ذلك على بورقيبة فقط)  للعقود الثّلاثة الأولى للاستقلال كانت ترحّب باستمرار ببقاء الإرث الاستعماريّ في المجتمع التّونسيّ أي أنّ تلك القيادة لا تكاد تعتبر ذاك الإرث اللّغويّ الثّقافيّ الفرنسيّ معلما من معالم الاستعمار… فقد نادت تلك القيادة البورقيبيّة بالتحرّر من الاحتلال الفرنسيّ والعسكريّ والفلاحيّ… ولكن لم يُعرف عنها أنّها دعت أو كانت متحمّسة للتحرّر من الاستعمار اللّغويّ الثّقافيّ الفرنسيّ «. ويمضي إلى حدّ القول بأنّ هذه القيادة نادت بالجلاءات الثّلاثة السّياسيّ والعسكريّ والفلاحيّ لاستكمال الاستقلال ولم تول أهمّيّة للرّكن الرّابع ألا وهو الجلاء اللّغويّ والثّقافيّ.   إنّ هذه الاستنتاجات تظهر لأوّل وهلة منطقيّة في خصوص العقود الثّلاثة من حكم بورقيبة ولكنّها في الواقع لا تخضع للمقاييس العلميّة الموضوعيّة لاعتبارات عديدة أوجزها في الملاحظات التّالية :   – في اعتقادي يجب التّفريق بين أمرين: بين قضيّة تعريب التّعليم والإدارة وبين الإرث الثّقافيّ الفرنسيّ الّذي ليس في إمكان أيّ كان أن يمحوه بجرّة قلم أو بقرار سياسيّ، لأنّ هذا الأخير دخل في كيان الشّخصيّة التّونسيّة لأنّ تأثير الثّقافة الفرنسيّة في النّخبة التّونسيّة بما في ذلك فلسفة الأنوار لم يأت مع الاحتلال الفرنسيّ، بل جذوره بعيدة تمثّل في موقف النّخبة الزّيتونيّة الّتي قامت بحركة الإصلاح. ومن أهمّ ما أنجزته تأسيس المدرسة الصّادقيّة الّتي أخذت على عاتقها تدريس اللّغات وخاصّة اللّغة الفرنسيّة، وكذلك جهودها لإصلاح التّعليم الزّيتونيّ وتعصيره. هو اختيار رأت هذه النّخبة أن لا مندوحة عنه للدّخول في الحداثة والتّشبّع بثقافة التّنوير. حتّى أنّ تونس كانت أوّل دولة إسلاميّة سنّت دستورا ( سنة 1861)اعتمد ثقافة مغايرة للثّقافة السّائدة آنذاك بالرّغم من اعتراضات المحافظين من مشايخ الزّيتونة والمؤسّسات القائمة وعامّة الشّعب.   – أنّ اللّغة العربيّة وبالتّالي الثّقافة العربيّة لم تتغلغل في إفريقيّة بسرعة، إذ أنّ بقايا اللّغة اللاطينيّة ظلّت بارزة ناهيك أنّ والد ابن رشيق ( القرن الرّابع والخامس هجري ) كان روميّا يحذق هذه اللّغة، وأغلب الظنّ أنّ ابنه الشّاعر كان عارفا بـها. ولا نتحدّث عن البربريّة الّتي لم تزُل سيطرتها إلاّ بعد زحفة بني هلال. ولا ننسى أنّ الدّولة الصنهاجيّة جذورها بربريّة ثمّ بعدها الأسرة الحفصيّة وهي فرع من الدّولة الموحّديّة البربريّة الّتي كان ملوكها الأوّلون لا يعرفون اللّغة العربيّة. ثمّ لمّا أصبح الحكم تركيّا مع الدّايات ابتداء من القرن السّابع عشر تراجعت اللّغة العربيّة ونالها الضّيم، من جرّاء التّتريك، وهو ما نلمسه في كتابات العديد من مؤرّخي الدّولة المراديّة والحسينيّة. ناهيك أنّ لغة شاعت عند التّجّار وعلية القوم خاصّة آنذاك واسمها  » الفرنكاويّة « ، وهي خليط من الإيطاليّة والإسبانيّة والفرنسيّة، وكان يحذقها حسين بن علي، ولعلّها شبيهة بما نسمعه في المشهد اللّغويّ اليوم. ولم يرجع ألق اللّغة العربيّة إلاّ مع التّخلّص من هيمنة الإنكاشريّة التّركيّة، ومحاولة حسين بن علي الاستقلال عن الباب العالي، وهو الّذي لم يكن يعرف التّركيّة إذ هو كورغلي، والده تركيّ وأمّه شارنيّة من قبائل الكاف. ثمّ حرص أقطاب الحركة الإصلاحيّة على العناية بالفصحى، وإن بدرجات متفاوتة. وهكذا فإنّ الغربة اللّغويّة مستحكمة منذ القديم في المجتمع التّونسيّ بأطيافه كلّها تقريبا. وليس لنا، حسب علمي، دراسات علميّة تتناول الظّاهرة اللّغويّة بصورة موضوعيّة يمكن الوثوق بها، ولكنّ الّذي أثبتّه يكتسي جانبا من الصّحّة، لعلّ الدّراسات العلميّة تؤكّده أو تفنّده.   – إنّ القول بأنّ القيادة السّياسيّة البورقيبيّة بعد الاستقلال كانت ترحّب باستمرار ببقاء ذلك الإرث الاستعماريّ في المجتمع التّونسيّ فيه الكثير من التّجنّي. صحيح أنّ فئة قليلة من المسؤولين السّياسيّين أثناء حكم بورقيبة كانت لا ترى ضيرا في ذلك من باب الخوف من استحكام الرّجعيّة والنّكوص على الأعقاب على حدّ زعمها. ولكن من تتبّع ما قامت به الأغلبيّة الغالبة من الفاعلين تربويّا وثقافيّا وإعلاميّا يجدْ أنّ إجراءات عديدة تمّت لمحو التّأثير السّلبيّ للاستعمار الثّقافيّ. وإلاّ بم يفسّر الباحث النّزيه ما تقرّر من تعريب الحساب والإيقاظ العلميّ في التتّعليم الابتدائيّ وتدريس العلوم الإنسانيّة باللّغة العربيّة في الثّانويّ والعالي. وهنا لا بدّ من التّنويه بما قام به أساتذة أجلاّء من جهود لتثبيت أقدام اللّغة العربيّة في الجامعة (مواقف د. محمّد اليعلاوي مثلا) وخاصّة في أقسام التّاريخ والجغرافيا والفلسفة والحقوق وغيرها. وكذلك لا ننسى ما قامت به الجمعيّات الثّقافيّة من حرص على النّهوض بالثّقافة العربيّة ومناصرة اللّغة العربيّة عبر حملات مشهودة مثل الاتّحاد العامّ لطلبة تونس واتّحاد الكتّاب التّونسيّين وجمعيّة الفلسفة واللّجان الثّقافيّة التّابعة لوزارة الثّقافة وغيرها وكذلك المجلاّت والجرائد مثل  » الفكر  » والعلم والتّعليم وجوهر الإسلام وملحقات الجرائد كبلادي والعمل الصّادرين عن الحزب الاشتراكيّ الدّستوريّ والصّباح وغيرها. ثمّ إنّ مشروع الإصلاح الّذي قام به الأستاذ محمّد مزالي بما فيه التّعريب كان بموافقة الدّيوان السّياسيّ للحزب الاشتراكيّ الدّستوريّ بعد جلسات عديدة. وحسب علمي، وقد كنت في صلب النّظام تحمّلت مسؤوليّات سياسيّة عديدة، لا أعرف أنّ بورقيبة أبطل سعيا في اتّجاه تثبيت الثّقافة العربيّة الإسلاميّة أو وقف ضدّ من قاوم الاستعمار الثّقافيّ، بل ترك للمجلاّت والجمعيّات وحتّى الوزارات مثل التّربية القوميّة والعدل والثّقافة والإعلام المجال للاجتهاد كلّ حسب قناعاته، من دون أن يترك الفرصة للتّعبير عن رأيه وفرض إرادته في مسائل يراها هو أساسيّة وتتعلّق بطبيعة الحكم. وما على الباحث الموضوعيّ إلاّ الرّجوع إلى الجرائد والمجلاّت والقرارت الّتي اتّخذت في هذا الباب للتّأكّد من صحّة ما أقوله، ولا يُكتفي بالاقتصار على وجهة النّظر المعاكسة فقط، لأنّ المسالة لا تعدو أن تكون إلاّ صراعا بين تيّارات عديدة متباينـة.     – أنّ الأجيال من المتخرّجين من معاهد التّعليم سواء الابتدائيّ أو الثّانويّ أو العالي بقيت متمسّكة في معظمها باللّغة العربيّة لم تتأثّر كثيرا بدعاة العامّيّة وعددهم قليل آنذاك، لأنّنا كنّا نشبّه سعيهم بسعي النّظام الاستعماريّ في الحطّ من اللّغة العربيّة. وحافظت وسائل الإعلام على الفصحى. وأذكر مثلا في السّتّينات عندما كنت رئيسا لديوان المدير العام للإذاعة والتّلفزة أنّني فرضت، باتّفاق مع الأستاذ محمّد مزالي، على كلّ تسجيل بالفصحى أنّ يمرّ بلجنة متركّبة من أحمد خير الدّين وحسين الجزيري ومحمّد اللّقّاني عليهم رحمة اللّه، ولكن للأسف لم يعمّر هذا الإجراء طويلا بعد انتقالنا إلى مسؤوليّات أخرى. أمّا البرامج بالعامّيّة فكانت في حدود معقولة متمشّية مع تقاليد الإذاعة التّونسيّة الّتي أرساها بناة هذه الوسيلة الإعلاميّة الهامّة من دون أن يكون من وراء ذلك حرص على جعلها تنافس الفصحى.     – أنّ المشكل الّذي سيطر على العقود الثّلاثة من حكم بورقيبة في المجال اللّغويّ يتعلّق بالثّنائيّة اللّغويّة أي استعمال اللّغة العربيّة والفرنسيّة معا في ميادين التّعليم والإدارة خاصّة. وكانت هناك محاولات كثيرة لتعريب الإدارة منها ما نجح مثل وزارة الدّاخليّة بما فيه الأمن والإدارة المحليّة ووزارة العدل ومنها ما كان من باب المبادرة والحماس من مسؤولين في ميادين أخرى. أمّا في التّعليم فكان الالتباس كامنا في أنّ التّيّار الّذي تغلّب وفرض الثّنائيّة في آخر الأمر لم يقرأ حسابا لسلبيّاتها عندما يقع تعميمها. واعتبر أنّ النّظام التّعليميّ الّذي كان يسير على هديه المعهد الصّادقيّ وأفرز نخبة حذقت اللّغتين على السّواء واضطلعت بالكفاح التّحريريّ على أحسن وجه، وقدّمت مشروعا لبناء الدّولة الوطنيّة، وبدأت في تنفيذه هو أحسن نظام لا بدّ من الحرص على ديمومته. ولكن غاب عمّن أُوكل إليه تطبيقه أنّ النّظام التّعليميّ الصّادقيّ القديم، ثنائيّ اللّغة والثّقافة لم ينجح إلاّ لأنّه لم يشمل إلاّ نزرا قليلا من التّلامذة. وهؤلاء تلقّوا أوّلا تعليمهم الابتدائيّ في المدارس الفرنكو- عربيّة على أيدي معلّمين فرنسيّين وتونسيّين ممتازين، أغلبهم متخرّج من مدرسة ترشيح المعلّمين، وثانيا خضعوا لمناظرة صعبة، وأمضوا، في انضباط وجدّ كبيرين، سنوات طويلة في أخذ العلم والمعرفة من أساتذة تونسيّين وفرنسيّين أفذاذ. وبعد الاستقلال لم يجد المسعدي أحسن من تكريس النّظام الصّادقيّ في شعبة ب. وهي الشّعبة الّتي قضت على شعبة أ المعربّة وشعبة س المفرنسة. ولكن للأسف تطبيق هذا النّظام النّخبويّ على الآلاف المؤلّفة من جماهير التّلاميذ ذات المستويات المتدنّية مع الاضطرار إلى انتداب العدد العديد من الأساتذة قليلي الخبرة أفرز آلافا مؤلّفة من ذوي المستويات المتوسّطة جدّا، عدا النّزر القليل من المتفوّقين. فكان ما يسمّى بـ  » الانتقاء المتوحّش  » أو العشوائيّ.   هكذا أصبحت الثّنائيّة الّتي كانت نعمة قبل الاستقلال وبُعيْده نقمة لا تحصى ولا تعدّ سلبيّاتها. فالمسألة كامنة في حسن التّصرّف في هذه الثّنائيّة بإيجاد مزاوجة بين تعليم نخبويّ وفي الآن نفسه جماهيريّ. وهي معادلة صعبة إن لم تكن مستحيلة التّحقيق. وتكاد تكون ذلك من باب تربيع الدّائرة. لذا لم يكن من اليسير ترقيع هذا النّظام التّعليميّ وباءت محاولات الإصلاح الكثيرة بالفشل لأنّه لم يُترك لها المجال للدّيمومة والتّواصل. وانجرّ عن ذلك تعثّر لا مثيل له طال التّعليم الخاصّ أيضا، واتّصف بالخلل منه نفذ دعاة عديدون: هذا يدعو إلى الفرنكوفونيّة وآخر الى العامّية وثالث ايضا  الى الفرنكو ـ عربيّة، ورابع للـ « فرنكاويّة » وهلمّ جرّا. وبمرور الزّمن تفاقم الحال حتّى أفرز ما نراه اليوم من مشهد لغويّ وثقافيّ برز في الكتابات والإعلانات ووسائل الإعلام وغيرها.  هذه ملاحظات عابرة أوحت لي بـها مقالة الدّكتور محمود الذّوّادي، شاكرا له أن أتاح لي الفرصة لإبداء رأيي في موضوع شائك أعتقد أنّ دراسته موضوعيّا من شأنها أن تأخذ منحى في الاتّجاه الّذي ذكرته من دون محاولة تسييس الموضوع والبحث عن تجريم هذا أو ذاك. فالأمر يتعلّق إذن بمصير تونس اللّغويّ والثّقافيّ ومكانتها  في الحضارة  الإنسانية.   (*) كاتب ووزير سابق   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 مارس 2008)

أي مستقبل ينتظرنا؟

 
عبد اللطيف الفراتي (*)                شارف سعر البترول على 110 دولارات للبرميل الواحد، ويغامر بعض الاختصاصيين بالتصريح بأنه لن يمر وقت طويل حتى يصل إلى 120 أو 130 دولارا، وترتفع في الغرب نبرة متشائمة حول المستقبل، لا نجد لها صدى كبيراً في البلدان العربية ولا في صحافة البلدان العربية، ولا في قنواتها التلفزيونية العربية.   وبسعر عال للبترول، مصحوب بالتهاب أسعار الحبوب والسكر والحليب واللحم، ما جعل الاقتصاديين يرفعون الرايات الحمراء خوفا من التضخم المالي وارتفاع الأسعار، وهو أمر آت لا محالة إن لم يكن قد استقر بعد، وفي الدول الخليجية ذات الفوائض المالية العالية، تذمر الناس لأول مرة من ارتفاع الأسعار واضطرت الحكومات لرفع أجور عامليها من «الوطنيين» أي المحليين، بل إن بعضها رفع رواتب الوافدين، أما في الدول الغربية التي تقوم فيها المفاوضات الاجتماعية كدين مقدس للعلاقات بين فئة أصحاب العمل وفئة العاملين فإن الشد كبير بين مطالبات عالية، وحذر حكومي من أن يزيد ذلك في تضخم الأسعار، فتصبح غير قادرة على كبح جماحها، ولأول مرة منذ ثلاثين سنة فإن الأسعار قد ترتفع في بعض البلدان برقمين، كما تدل على ذلك مؤشرات المعيشة.   وهناك نوعان من المعلقين على هذه الحال، الأوائل من بقي لهم بصيص أمل في أن تخضع الأسعار للسيطرة، كما حصل في السبعينيات، وأن يستقر الوضع عند حد معين، وأن تعود الأشياء إلى نصابها.   غير أن هؤلاء قلة أمام من يعتقدون العكس، وينتهون إلى أن العالم سيستقر في وضع التوازن غير المستقر على رأي إخصائيي الماتيماتيكا، فتزداد الأسعار التهابا متبعة اتجاها تصاعديا لا قدرة لأحد على السيطرة عليه، أو رده إلى الوراء.   وفي رأي هؤلاء فإن أنماط الحياة، ستتغير تغييرا جذريا أمام ارتفاع غير مسبوق منذ قيام الثورة الصناعية، والانفجار الاستهلاكي، وعندما يصل سعر اللتر من البنزين إلى ما بين 3 و5 دولارات، فإن الناس سوف يضطرون لترك السيارة إما نهائيا أو للمناسبات أو لأيام العطل والنزهة، ويعود الاهتمام المطلق إما للنقل العمومي إذا توفر، أو للدراجة، ويكثر الاهتمام بالمشي للمسافات القريبة والمتوسطة.   ومن رأي المتابعين للذي يجري فإن المنازل سيتقلص حجمها، بسبب غلاء مواد البناء الذي بدأ يظهر للعيان، ففي بلدان الاقتصاد الحر وحيث تحدد السوق الأسعار، فإن أثمان الحديد والنحاس قد زاد ثمنها بثلاثة أضعاف ما كانت عليه، كما زادت أسعار الإسمنت والآجر وغيرها بنسب متفاوتة ولكن لا تقل عن 100 في المائة، وباتت نفقات الصيانة غالية، أما نفقات التدفئة والتبريد فإنها زادت بصورة كبيرة ومرشحة لزيادات عالية جديدة، وبات القيام على منزل واسع الأرجاء عالي الكلفة في وقت قفزت فيها أسعار الأراضي بصورة مشطة بالنظر لندرتها وغلاء أسعار تهيئتها.   ومن هنا فإن أنماط حياة الرخاء والسهولة التي عرفناها قد ولت وانقضت، ولن تعود وستكون الأيام المقبلة مختلفة خاصة للأجيال الجديدة التي ستعاني ابتداء من العثور على عمل، إلى بناء عش الزوجية، والعثور على مسكن سيكون من نوع مساكن يعيش فيها اليوم الناس في أوروبا، حيث إن العيش في مسكن من مائة متر مربع في الطابق العاشر أو الثلاثين هو القاعدة، وصاحبه محظوظ.   يتساءل بعد ذلك الاختصاصيون في الدراسات الاستشرافية، ما هو سبب هذه النقلة النوعية في الحياة؟ هل هو غلاء أسعار البترول؟   ويعتقد غالبهم، أنه من الواضح أن ارتفاع الطلب العالمي، وهو ظاهرة متزايدة باضطراد يقف وراء الذي يحدث، فالكعكة العالمية يتطور حجمها بسرعة أقل بكثير من تطور الطلب، والصين والهند حيث تسجل سنويا نسب نمو تتراوح بين 8 و12 في المائة تستحوذ سنويا على كميات من بترول لا تنتجه في تطور كبير، والصين والهند ومن سنة إلى أخرى ترفع وارداتها وباستمرار بنسبة 100 في المائة سنويا، وهي والبلدان النامية وأمام ارتفاع مستوياتها المعيشية نتيجة نسب النمو المسجلة فيها وارتفاع مستوياتها المعيشية وتحسنها، قد أخذت حصتها من استهلاك الأساسيات وغير الأساسيات تتطور فيها بحيث ازداد طلبها، مما رفع أسعار القمح ومشتقاته وكذلك المواد الغذائية الأخرى التي تختص بإنتاج الكميات الأوفر منها بعض البلدان مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وأستراليا فتحتكرها مما يرفع أسعارها بصورة مشطة أحيانا.   ومن جهة أخرى وأمام التهاب أسعار البترول، فإن بلدانا لا تريد «تبذير» عملاتها الأجنبية أخذت في إنتاج الطاقة من خلال استعمال مواد فلاحية غذائية على رأسها الذرة أو القطانية ولكن منتجات زراعية أخرى مما قلل وجودها في السوق، وبالتالي رفع من أسعارها وأسعار الحبوب عموما،   ولعل للإنسان في هذه العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين سيتعلم كيف يوقف هدر الثروات الزراعية والتعدينية التي تمتع بها طويلا بلا حساب، وسيتعلم لا فقط الاقتصاد في الطاقة، ولكن أيضا في المياه التي تتهدد الإنسان بالندرة، وأيضا في بقية المواد الفلاحية وغير الفلاحية التي لن تكون متوافرة كما كانت حتى الآن.   وعلى عكس الانفتاح الاقتصادي والتجاري والمالي، فإن تيارات الهجرة ستوضع أمامها مزيد من العراقيل، إلا في مجالات انتقال الأدمغة من مهندسين وأطباء ومعلوماتيين وغيرهم كثير، ممن لم تنفق عليهم البلدان المتقدمة لتأهيلهم شيئا ولكنها تستفيد منهم ومن طاقاتهم بلا حساب وبلا كلفة تدفعها.   والتنظيم العائلي الذي كانت بلدان عديدة تقف ضده هي وشعوبها سيفرض نفسه، لأنه أصبح ضرورة لابد منها حتى لا يزداد أمر مستوى الحياة تدهورا.   ليست هذه نبرة تشاؤم بل هي تصوير لواقع يهجم علينا وعلى عالمنا وليس لدينا سبيل لمقاومته.   (*) كاتب من تونس   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 16 مارس 2008)

عشية الذكرى الستين لإسرائيل: أسئلة الغريب والغربي

 
صالح بشير (*)   قامت دولة إسرائيل، بين ظهرانينا، في غفلة منا… لا نعني، بطبيعة الحال، بالغفلة غير تلك الأفدح، أي المعرفية، أما في ما عدا ذلك فلم يسيطر على بلدان المنطقة وشعوبها، منذ أكثر من ستين سنة على الأقل، هاجس غير الدولة العبرية، حضورا طاغيا استلحق كل ما عداه أو كاد، واستوى لديها أفقا، لا يكاد يقع شيء، طلب قوة أو تحرر، سعي إلى تنمية أو إلى ديموقراطية، إدراك للذات أو للعالم، خارجه أو بمعزل عنه.   فإسرائيل، التي لن تصبح، على الأرجح، إمبراطورية في مجالها الشرق الأوسطي، لأنها لن تحظى، بسبب طبيعة نشوئها ووجودها، بنيل الانصياع الضروري لتمكّن الإمبراطوريات، و»تحتل» مع ذلك «وعينا»، على ما كتب مرة ياسين الحاج صالح في مقال نافذ (نشرته يومية «الجريدة» الكويتية، بعنوان «من صنع إسرائيل؟ ومن هم عملاؤها؟»، بتاريخ 10/02/2008)، تحتل في حقيقة أمرها «وعيا» أخفق في وعيها وفي إدراكها، في الوقوف على خصوصية المشروع الصهيوني، أو بمعنى آخر قد يكون أوفر دقّة، على تاريخيته، فنسبه، قوة وسطوة، إلى المطلقات، ألحقه بصراعات كبرى لم يكن اندراجه فيها عضويا بالضرورة بل على سبيل الانتهاز لا أكثر ربما، رأى في الواقعة الإسرائيلية جزءا من غربٍ مفترض فحوّل مواجهةً موضعية إلى مواجهة «كونية» يتعذر الانتصار فيها، بالقوة أو بالسياسة، أو يبلغ مبلغ العسر الشديد.   ليس من عاقل ذي حس سليم، يجحد دور الغرب في دعم الدولة العبرية، انبعاثا فبقاءً فغلبةً كلتك التي نكابد، ولكن الدولة تلك ليست امتدادا للغرب على نحو ما اعتقدنا يقينا جازما، أو أنها لم تكن دوما كذلك، أو أن الامتداد ذاك ذا دلالة ووظيفة استراتيجيتين (ما قد يعني أننا نتحمل بعض المسؤولية في إرسائه) وليس من طبيعة تكوينية أو عضوية، على خلاف ما يوحي به ظاهر الأمور. بل يغامر المرء ويذهب أبعد من ذلك ليزعم بأن الدولة العبرية، وإن كانت آية نجاح خارق أصابه المشروع الصهيوني، إلا أنها، في العمق وفي الحقيقة، ثمرة مرة («استأثر» الفلسطينيون بمرارتها أو نالوا منها نصيب الأسد) لفشل ذريع في الانتساب إلى الغرب. لا يقال ذلك على سبيل الخطابة، أو باستحضار قيم غربية معلوم مدى نسبيّتها، بل استنادا إلى «ملموسات» تاريخية وقائعية: هل كان للدولة العبرية أن تقوم لولا أن أخفق يهود كثر في الاندماج في أوروبا ولولا إخفاق بعض هذه الأخيرة في إدماجهم، «إخفاقا» كانت المحرقة النازية تعبيره الأقصى والأكثر مأساوية.   والإخفاق ذاك لا يزال ماثلا مقيما في الوجدان الغربي، ولعل ذلك ما يفسر أن دعم إسرائيل لا يُبرر بالاستناد إلى ما استقر من مبادئ ومن أعراف ترعى حقوق الدول والكيانات في الوجود وتقرها، بل هو لا يني يستحضر كارثة محدقة، استحضارا لا يبخل العرب بتوفير ذرائعه لفظا وخطابة، من «رمي اليهود في البحر» إلى «إرهاب» يتوعدهم بـ»الإبادة». لا يعود ذلك الاستحضار فقط إلى ذكرى المحرقة يُخشى تكرارها، بل وكذلك وربما أساسا، إلى شعور، ضمني ولكنه بالغ الحضور، إلى أن وجود الدولة العبرية لا يمكنه أن يُسوّغ إلا باعتبارات استثنائية، بطارئ أقصى، ماض أو محتمل، لا ينضوي ضمن عاديّة القانون وما استتب منه مبدأ وإجراءً، وأن اليهود، لا يزالون يكابدون معضلة إدماجهم واندماجهم، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط (وذانك إدماج واندماج قد لا يريدونهما ولا يبدون حرصا يُذكر على تحقيقهما) بل في ذلك الوجدان الغربي إياه.   ذلك أن اليهود «الأشكناز» الذين أسسوا دولة إسرائيل، لم يكونوا «غربيين» إلا في أوهامنا، بل صدروا عن أوروبا الأخرى، تلك الوسطى والشرقية (والتي كانت ألمانيا، بالمناسبة، في عدادها فلم يُصرْ إلى «تغريبها» إلا في أعقاب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية). أوروبا الإمبراطوريات الشرقية العتيقة، الروسية والنمسوية-الهنغارية والعثمانية. أوروبا التي لم تبتدع الحداثة (وإن كان لمفكريها دور فاعل في بلورة مفاهيمها واجتراح «قارّات» معرفية لها جديدة)، لكنها جوبهت بصدمتها، على نحو عاتٍ مزلزل، فلم تفلح في تدجينها إلا بعسر ومشقة، كلفاها حروبا واستبدادا واحتلالا واضطرابا أهليا مطردا، لم تجتزها إلا بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الإمبراطورية السوفياتية وقيام الاتحاد الأوروبي أفقا واعدا باستيعابها مشترطا أخذها بالديموقراطية. أوروبا القوميات المتأزمة المحتقنة، الحرجة الوجود، كيانات سياسية مؤقتة لم تستقر على حالة معلومة.   «الحركة القومية اليهودية»، كما تجسدت في الصهيونية ففي دولة إسرائيل، نبتت عضويا عن تلك الخلفية الأوروبية الشرقية، جارت فئاتها اللإثنية والعرقية والدينية، ما بعد الإمبراطورية، في محاولتها الانبعاث أمة وشعبا، عرّفت القومية بالانتماء الديني، نقيضا للتقليد الغربي ولكن جريا على سنّة أوروبية شرقية ووسطى مستقرة راسخة. لجأت إلى «التطهير الإثني» في حق الفلسطينيين (حسب ما أقر به ووثقه مؤرخ إسرائيلي مرموق هو إيلان بابيه)، أسوة بما اقترفته «قوميات» أوروبا الشرقية والوسطى في حق بعضها البعض، سنّة عريقة لم تكن حروب يوغسلافيا السابقة إلا آخر تجلياته. حتى بعث اللغة العبرية من «عدم» المخطوطات ودوائر رجال الدين وتحويلها لغة قومية، وهو ما عدّ إحدى معجزات الانبعاث القومي اليهودي، لا يشذ في عمقه عن إنجازات من قبيله شهدتها المنطقة إياها، في مسار «انبعاث» أعراقها وإثنياتها «قوميات» أو «دولا-أمما» حديثة، وتمثلت في «الارتقاء» بما كان مجرد لهجات محكية في الغالب أو لغات ثانوية، شأن الألبانية أو الرومانية أو الصربية-الكرواتية أو سواها، إلى مرتبة اللغة القومية، لغة الثقافة والتعليم والإعلام.   لم تتمايز التجربة الصهيونية، عن مثيلاتها في أوروبا الشرقية والوسطى، إلا في كونها تحققت خارج مجالها «التاريخي» أو «الطبيعي»، ربما لأن الشتتلات اليهودية (مفردها «شتتل»، وهي القرية التي كان يسكنها اليهود أو كان غالبية سكانها من اليهود)، في تلك الأرجاء، في بولندا وفي غرب روسيا وسواهما، لم تكن تتمتع بتواصل ترابي يرسي مناطق متجانسة، ما يذكّر على نحو مذهل، كما «تذكّر» المرآة بالأصل، بذلك الواقع الذي تسعى الدولة العبرية حثيثا إلى إنشائه في الضفة الغربية على حساب أبنائها من الفلسطينيين، تحشرهم في تجمعات سكانية منفصلة متباعدة تحاصرها طرقات وجدران ومستوطنات إسرائيلية. ذهب أحدهم مرة إلى أن إسرائيل تريد، إرادة غير واعية ربما ولكنها جارفة، إحلال الفلسطينيين في الموقع الذي كان لليهود، تشتيتا واضطهادا وانفرادا بموقع الضحية، وربما كانت استعادة تجربة «الشتتل» على حسابهم أمارة من أمارات ذلك إن صح.   غير أن تحقيق الفكرة الصهيونية خارج مجالها «الطبيعي» كما ذكرنا قد لا يمثل، لدى إمعان النظر فيه، تمايزا جذريا أو يعتدّ به، إذ أن مجال التحقق ذاك، وإن استند إلى حافز ديني، بالغ القوة بصفته تلك من منظور قومية تأسست على الدين، إلا أنه من وجه آخر مجال عثماني ثم ما بعد عثماني، ضالع، بسبب ذلك، في شَبهِ التعدد الإثني والعرقي وحمى الانبعاث العرقي مع ذلك الشرق الأوروبي الذي كانت الخلافة العثمانية مكوّنا من مكوناته وعنصرا في تأسيسيا نصابه القائم.   كل ذلك للقول بأن دولة إسرائيل قد لا تكون غربية بالقدر الذي ندّعيه أو الذي نتوهمه فيها، وأن نخبتها الأوروبية الشرقية المؤسسة والحاكمة، هي أقرب إلى نخب صربيا منها إلى نخب وستمنستر، وأن دونها وبلوغ الأنموذج الغربي الذي تنتحله، إرساء دولة لمواطنيها، مهما كان انتماؤهم العرقي أو الديني، أو دولة ثنائية القومية إن شئنا، لا ديموقراطية إثنية، وحصرية، كتلك القائمة فيها حاليا، تؤبد وضعا استثنائيا، غاشما بصفته تلك.   فهل نرتاد هذا الاحتمال مع حلول الذكرى الستين لقيام دولة إسرائيل، استعادةً لفكرة قديمة، على أسس جديدة أو تحاول التجديد؟   (*) كاتب تونسي   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 مارس 2008)


هل تنقذ الصناديق السيادية الاقتصاد العالمي؟

 
توفيق المديني تعد الكرة الأرضية ما يقارب أربعين صندوقاً سيادياً . هذا المصطلح العويص والمقلق قليلا يعود إلى استثمارات حكومية . وتحظى صناديق الاستثمار هذه المملوكة من قبل الدول، والمعروفة بالمحافظ السياسية بتصنيفات إيجابية، وتقدر قوتها المالية بأكثر من 3 تريليونات دولار . وأكثر الصناديق توسعاً، هي التابعة للصين وروسيا، ودول الخليج، يتقدمها صندوق أبوظبي بمبلغ 1،3 تريليون دولار، وسنغافورة 330 مليار دولار، والنرويج 322 مليار دولار، والسعودية 300 مليار دولار، والكويت 250 مليار دولار، والصين 200 مليار دولار، وروسيا 158 مليار دولار، وسنغافورة (توماسيك) 115 مليار دولار . لم يتسم صيف 2007 بالأزمة المالية، ولكن أيضا بإعلانات المشاركة المشهدية  (حيث تصل المبالغ المالية الى مليارات عدة من الدولارات) التي تقوم  بها بشكل سري مؤسسات مالية حكومية في كل من قطر، ودبي، وسنغافورة، والصين، المعروفة تحت اسم “الصناديق السيادية” . الصناديق السيادية هي عبارة عن صناديق للاستثمار، حيث تعود أرباحها إلى ملكية للدولة . حتى الوقت الحاضر، كانت الدول تستثمر في منتجات من دون أخطار، مثل شراء الأسهم والسندات الحكومية . غير أن الجيل الجديد  تكيف مع  التقنيات المالية المعقدة جدا . وطورت الصناديق السيادية استراتيجية أكثر هجومية، إذ يكمن هدفها في استثمار فوائضها المالية، وتنويع استثماراتها، والتحول جذريا إلى التملك في مؤسسات وشركات كبرى ذات جدارة عالمية وعائد مالي مرتفع – وحضت كندا ودولاً أوروبية، لتبحث عن صيغة قانونية تحول دون توسع هذه الصناديق، وغيرها من صناديق الاستثمار الأخرى، في تملك المؤسسات الاقتصادية في تلك الدول . وتذرعت أمريكا بالخطر على الأمن القومي، فمثل هذه الاستثمارات يعرض أمنها واقتصادها إلى أخطار محدقة بالبلاد . ويقول الخبراء إنه على الرغم من أن مستثمري الشرق الأوسط قد يضخون أموالا هائلة في هذا المجال ،فإنه من المستبعد أن يشتروا بالفعل بورصات بالكامل . وكانت دول الخليج الغنية بالنفط بدأت في اقتناص حصص أو شراء شركات مختلفة امريكية وأوروبية منها كارلايل جروب للاستثمار في الأسهم وشركة بارنيز نيويورك الأمريكية لمبيعات التجزئة . وتريد هذه الدول الخليجية نفوذا في أسواق المال العالمية بشراء حصص في بورصات لكنها قد لا ترغب في شراء بورصات بالكامل . واثارت مساعي التملك للبورصات العالمية، مشكلات سياسية في البلدان المتطورة .ولعل أبرز مثال على ذلك، مسعى بورصة دبي للحصول على خمس شركة ناسداك الأمريكية أكبر سوق للتعاملات الالكترونية في الولايات المتحدة، الذي أثار مخاوف في شأن سيطرة حكومات أجنبية . وهذا ما جعل الرئيس الأمريكي جورج بوش يقول: “إنه يتعين إجراء مراجعة دقيقة لصفقة ناسداك لتقييم تداعياتها على الأمن القومي” . ويثير وصول هذه الصناديق السيادية المقترنة مع قوة  الشركات الحكومية مثل شركة غاز بروم الروسية، أو الشركة  البترولية الصينية كنوك، ردوداً حمائية . ففي العام ،2005 عارضت الولايات المتحدة الأمريكية شراء الشركة الأمريكية للنفط أونوكال من قبل كنوك . في العام التالي، تخلت شركة “موانىء دبي العالمية” عن إدارة ستة موانئ أمريكية بدلاً من الشركة البريطانية المعروفة باسم “بي .اند .أو” مقابل دفع 6،85 مليار دولار للشركة البريطانية . اضطرت واشنطن إلى التراجع عن الشروط والمعايير التي دعت صندوق النقد الدولي وهيئة منظمة دول التعاون والتنمية الاقتصادية، إلى وضعها، بهدف الحد من توسع النشاط الاستثماري للصناديق السيادية . ليست الدول الغنية هي وحدها التي تحاول أن تحمي نفسها، بل إن الصين وروسيا تقومان بالشيء عينه . وعلى الرغم من أن المصالح تحتم على البلدان الناشئة وكذلك البلدان الكبيرة من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، التعاون فيما بينها، فإن هذا لا يعني عدم ظهور نزاعات . فظاهرة الانقباض هي في طور التعميم . إنها رد فعل طبيعي لمرحلة  جديدة من العولمة، التي تمس من الآن فصاعدا مراقبة الشركات سواء كانت استراتيجية أو لها قيمة رمزية قوية . إما أنها تترجم خشية الرأي العام العالمي تجاه العولمة المالية واستراتيجيات خلق قيم في المدى القصير، أو هي رد فعل سياسي، وفيما نلمس ابتعاد الاندماج العالمي، نرى بالمقابل عودة ظهور منطق الأمم، المحمول بوجه خاص من قبل الصين وروسيا . وهذا ما يفسر لنا ردة الفعل الألمانية: ماذا نستفيد من خصخصة شركاتنا التي تفسح في المجال لاستملاكها من قبل شركات حكومية أجنبية؟ والسؤال الذي يطرحه الخبراء، هل ستثير رأسمالية البلدان الناشئة عودة الدولة إلى السياسة الصناعية للبلدان المتقدمة؟ في ظل غياب نظام ينظم المنافسة الدولية، تظل الاتفاقات التجارية حبلى بالتناقضات، ومسألة تطبيقها غاية في الصعوبة . وما هو أبعد من سلاح الطاقة أو مسائل الدفاع (وهي مجالات تقليدية للدول)، فإن رفع الحواجز في مواجهة  الصناديق السيادية يمكن أن يفسر أيضا إرادة البلدان المتطورة الحصول على مزيد من المعاملة بالمثل من جانب البلدان الناشئة في مجال الانفتاح الاقتصادي، وسياسة الصرف أو احترام الملكية الصناعية . كاتب اقتصادي صحيفة الخليج الإقتصاد: آراء و تحليلات2008-03-16


في استهداف السياح: من تونس إلى عمان

 
بقلم: ياسر أبوهلالة (*)   تصلح تونس نموذجا  لدعاة التيار الاستئصالي، فعلى رغم اعتدال الحركة الإسلامية ممثلة بحزب النهضة بزعامة الشيخ راشد الغنوشي في الفكر والممارسة إلا أنها لم تجد لنفسها مكانا تحت الشمس. وأبناء الحركة مشتتون بين السجون والمنافي. وخلافا للحرب التي شنتها أنظمة مثل مصر وسورية على الحركة الإسلامية كانت حرب النظام التونسي حرفية معقدة.   شكل « المثقف الواشي » بحسب تعبير الكاتب حازم صاغية رأس حربة  للنظام. وغدا اليساريون المتقاعدون جندا محضرين في أجهزة الأمن يستخدمون موروثهم الأيديولوجي  وثاراتهم الحزبية  لتصفية التيار الإسلامي. وغدت تونس تحتل موقعا ثابتا في تقارير منظمات حقوق الإنسان.   ولم يعرف العالم العربي منعا للباس الشرعي إلا في تونس، بذريعة أنه « زي طائفي » في بلد إسلامي ! بالنتيجة لم  ينته التيار الإسلامي. في بلد أوربي قابلت شابا تونسيا عشرينيا، واستغربت من توجهه الإسلامي العميق مع أنه من جيل نشأ بعد ضرب الحركة الإسلامية. سألته : كيف عرفت الحركة الإسلامية ؟ قال نحن مثل المسلمين في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق عندما كانوا يحفرون ملاجئ تحت الأرض لحفظ القرآن. في السكن الجامعي كنا نقيم حراسات ونضع الأثاث وراء الباب حتى لا يكتشف الوشاة أننا نصلي جماعة.   على هامش ضرب التيار الإسلامي المعتدل نما التيار السلفي الجهادي، وقد كتب المثقف التونسي صلاح الدين الجورشي عن هذه الظاهرة التي أخذت منحى مسلحا غير مسبوق.  نشر مقال الجورشي قبل أن يقوم تنظيم القاعدة باختطاف السائحين النمساويين في تونس. وهو ما كشف عن قدرات عملياتية للتنظيم، خطفا وتصويرا ونشرا ومفاوضة.   لم تكن تونس قبل ضرب الحركة الإسلامية المعتدلة تعرف هذه الظاهرة. وهو ما يمكن مقاربته مع ما شاهدناه  هنا  بعد اتجاه العلاقة بين الحركة الإسلامية والدولة إلى المواجهة. فالتيار السلفي الجهادي ازدهر بعد العام 1993 مستفيدا من حال التراجع الديمقراطي.   يظل الوضع في الأردن أفضل كثيرا لأن القمع أقل كثيرا، ومع ذلك فإن القاعدة لا تتخلف: ضرب الاعتدال يقوي التشدد. فالاعتداء على السائح الألماني حتى لو كان بفعل مهووس يعبر عن ثقافة معادية لكل ما هو غربي. وإلا كان المهووس وجد أهدافا أخرى في طريقه.   في أعرق الديمقراطيات يبقى للعنف وجود، وإطلاق الحريات العامة لن يمنع العنف بشكل كامل، بقدر ما يحصره في أضيق نطاق. نسبيا يمكن المقارنة بين تونس والأردن، ففي عمان كان العمل فرديا معزولا بأداة بسيطة، في تونس فإن العمل جماعي مركب.   يستحيل وضع حارس لكل سائح، ومن السهل إشاعة ثقافة السلم التي تحترم الآخر سائحا أم تاجرا أم طالبا..، وهي ثقافة لا تتعارض مع ثقافة الجهاد التي تقاتل المعتدين والبغاة. في العام 1990 كان أول طعن لسائح في عمان بدوافع حرب الخليج الثانية، وإلى اليوم تتكرر الحكاية، وهي تشبه بمحدوديتها حوادث العنصرية التي يتعرض لها المسلمون في أعرق الديمقراطيات. (*) كاتب أردني   (المصدر: صحيفة « الغد » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 16 مارس 2008)

تركيا: التديّن والأسلمة وما بينهما!

 
د. محمد نور الدين (*)   لم تنته قضية الحجاب في تركيا بإقرار التعديل الدستوري الذي يتيح ارتداء الحجاب في الجامعات على الأقل.   فرغم توقيع رئيس الجمهورية على القانون وصدوره في الجريدة الرسمية، فإن العديد من الجامعات لا تزال تمنع المحجبات من دخول ابوابها بذريعة انه يجب تعديل المادة 17 من ملحق قانون الجامعات. ورغم ان رئيس مجلس التعليم العالي ارسل كتابا الى رؤساء الجامعات لتنفيذ قانون السماح بارتداء الحجاب فإن مجلس الشورى اصدر رأيا بمنع الحجاب الى ان تعدل المادة 17 المذكورة.   ربما ينتظر معارضو الحجاب قرار المحكمة الدستورية التي لا تزال تنظر في الطعن المقدم من المعارضة العلمانية ومن حزب الشعب الجمهوري بالذات لإبطال قانون الحجاب.   والى ان يصدر قرار المحكمة الدستورية سيبقى الهرج والمرج والفوضى في تطبيق القانون ما يعني ان حزب العدالة والتنمية لا يزال يواجه صعوبات في اثبات مرجعيته كسلطة سياسية وحيدة في البلاد.   وهذا يظهر ايضا في تحدّي الهيئات القضائية في اتجاه اغلاق الأحزاب السياسية ولاسيما حزب المجتمع الديمقراطي الكردي، حيث انه رغم تعديل قانون الأحزاب لتصعيب حظرها فإن القضاء التركي لا يزال يجد نوافذ يدخل منها لعرقلة عملية تطبيع الأوضاع السياسية.   وفي الواقع لا تزال قلة في تركيا تحاول السير بعكس التيار بل الارادة الشعبية.   وتنتشر في هذه المرحلة الكتابات التي تحذّر من انتشار المظاهر الاسلامية في المجتمع التركي في محاولة للتشكيك بنوايا حزب العدالة والتنمية وبخطابه العلماني الذي يريد حماية الحريات الفردية والجماعية الدينية وغير الدينية.   وقد لفت في هذا الاطار ما عرضه الكاتب التركي محمد علي بيراند في صحيفة حرييت من تعداد لمظاهر التدين المتزايدة في المجتمع التركي.   فعلى صعيد الكلام اليومي بين الناس يقول بيراند ان الناس تكثر في احاديثها من المفردات العربية وتقتبس الكثير من الآيات القرآنية.ويغلب على خطابات رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان هذا النوع من اللغة الدينية.   وتبدو ايضا لغة الجسم بارزة في السلوك اليومي. فمن قبل كان اذا التقى شخصان من جنسين مختلفين يتبادلان القبلات بصورة عادية وعفوية، اما اليوم فإن امتناع المرأة عن التسليم باليد ينتشر بسرعة وغالبا ما يكون تسليم الرجل عبر وضع يده على قلبه او حتى هزّ رأسه كإشارة على المصافحة مع امرأة. وهذا لا يسري فقط على مناصري حزب العدالة والتنمية بل كذلك على مؤيدي حزب الحركة القومية.   كذلك بدأت بالاختفاء المشروبات الكحولية في المطاعم والمقاهي واذا كان احد يريد شرب ذلك فعن طريق طلبها من النادل وليس عبر وجودها تلقائيا على الطاولة كما كان سابقا. فيما يغلب على المشروبات تناول عصير الفاكهة او العيران (اللبن).   وتأثرت الملابس ايضا بالحالة الاسلامية حيث تكثر مرتديات الثياب الشرعية والمعاطف الطويلة.   وتتكاثر الفنادق والمسابح والشواطيء المخصصة للنساء كما تحظى صلوات الجمعة بحضور جماهيري لم تشهده سابقا حتى من قبل من لم يكن يقصد الجوامع من قبل للصلاة وليس فقط من قبل الجيل الجديد.كما ينتظر الناس قدوم شهر رمضان المبارك بفارغ الصبر.   ايضا تهتم الصحافة ووسائل الاعلام اكثر من قبل بما يحدث في العالم الاسلامي وبدأت تنتشر في الكتابات الصحفية مصطلحات ذات طابع ديني.   كما تخلق الفئات الاسلامية مصانعها واغنياءها وموظفيها وطبقتها العاملة ومن خلفهم عائلات بكاملها تتحرك وفقا لهذا المناخ الاسلامي.   والى هذه المظاهر لا تختلف استطلاعات الرأي عن الانتشار المتزايد للحالة الاسلامية حيث تؤكد ان اكثر من 75 في المائة من المجتمع التركي يؤيدون السماح بارتداء الحجاب في الجامعات ومنهم 71 يريدون الغاء حظره حتى في المؤسسات الرسمية.   ويلفت كذلك ان 35 من قاعدة الحزب العلماني الاكثر تطرفا اي حزب الشعب الجمهوري وخمسين في المائة من قاعدة الحزب العلماني الآخر الأقل شعبية حزب اليسار الديمقراطي يؤيدون الغاء حظر الحجاب.   من الواضح أن المجتمع التركي يجد امامه فرصة للتعبير عن هوية حرم منها طوال عقود من تحكم علمانية غير طبيعية. لكن الأهم برأينا ان تكون مظاهر التدين الحالية جزءا من ترسيخ نظام قيم الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان التي تمنح «الآخر» المختلف فكريا ودينيا ومذهبيا وعرقيا حريته الكاملة في السلوك والعقيدة والتعبير والفكر وهذه لاشك مسؤولية سلطة حزب العدالة والتنمية.   اما المتشددون من العلمانيين فربما عليهم ان يأخذوا دروسا في الفرق بين التديّن والأسلمة.   (*) كاتب وأكاديمي لبناني متخصص في الشؤون التركية   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 16 مارس 2008)

… وإليكم البراهين عن أميركا!

 
نهلة الشهال (*)   -فيما تكتمل بعد أيام خمس سنوات على احتلال العراق، بدأت في بغداد «مفاوضات» بين الجانبين الأميركي والعراقي على «اتفاق تعاون طويل المدى». وللتذكير، ففي 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، عشية مؤتمر أنابوليس، وقع الرئيس بوش والسيد نوري المالكي ما سمي «إعلان النيات للتعاون والصداقة الأميركية – العراقية».   استطراد أول: ليس من علاقة بين المناسبتين الفلسطينية والعراقية، سوى ربما أن الرئيس الأميركي كان بصدد صناعة الانطباع بأنه يسيطر على أصعب الملفات ويتحكم بها. وُصفت الوثيقة الموقعة وقتها بـ»غير الملزمة» لأنه يتوجب إتباعها بمفاوضات واتفاقات تفصيلية ملزمة هذه المرة. المبرر المطروح للتفاوض هو قرب انتهاء فترة تطبيق قرار مجلس الأمن نهاية هذا العام، وخروج العراق من أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وبالطبع من غير اللائق أن يبقى العراق بلا إطار ينظّم واقعه، فارتُئي أن تحل المعاهدة الثنائية محل الفصل السابع.   استطراد ثانٍ: دعوة اللبنانيين إلى تفحص أحكام الفصل السابع ذاك، الذي يهدد بعضهم باللجوء إلى المطالبة به إذا ما فشلت مفاعيل الفصل السادس الذي ما زال يتحكم بقرارات الأمم المتحدة بخصوص لبنان. فقد اتُخذ قرار إخضاع العراق للفصل السابع غداة اجتياح صدام حسين للكويت عام 1991، ثم «تأقلمت» الأمم المتحدة مع الاحتلال الأميركي لعام 2003، وألحقته بعد حصوله بالفصل السابع، وهو ما يخالف روح القوانين ومبدأها، ولكن هذا تفصيل. أطرف ما في الأمر المتداول اليوم قصة السيادة الوطنية، والمقصود بالإشارة المتكررة إليها بشكل لافت، والى حد مزعج، العراق بالطبع. فكأنها مفاوضات تتم بين طرفين متساويين، أو فلنقل حرّين. هكذا، وبكل أناقة، يقول بيان وزارة الخارجية العراقية المؤرخ في 11 آذار (مارس) ما نصه الحرفي: «بدأ الطرفان في مقر وزارة الخارجية العراقية محادثات بين وفدين يمثلان بلدين كاملي السيادة والاستقلال».   يشبه البيان نصوصاً تقرأ في مسرحيات بغرض إثارة الضحك المرّ – تذكرتُ دريد لحام لأن سخرية زياد رحباني أشد إحباطا وحزناً من اللجوء إلى اللعب على المفارقات، وهي بهذا المعنى «مودرن» أكثر. لن نحاجج فالوقائع أهم: 150 ألف جندي أميركي يحتلون العراق، ومثلهم من المرتزقة الخاضعين لهم، ومقار عمليات وقيادة قطاع إلى آخر ما هو معروف، وما يتناقش بصدده الأميركان أنفسهم متسائلين عن أوجه الشبه مع فيتنام. هل تجوز في نظر القانون الدولي معاهدة بين القوة المحتلة والبلد الواقع تحت الاحتلال؟   -سيقوم السيد ديك تشيني بجولة في المنطقة تبدأ هذا الأسبوع، ليشرح لمستقبليه من عرب وإسرائيليين مدى «التزام الولايات المتحدة العمل على تطبيق اتفاقية سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وفق خريطة الطريق»… في وقت تتسارع المخططات الاستيطانية في الضفة الغربية، فيُشرع اليوم ببناء ألف وحدة جديدة في مستعمرات عملاقة، توسعت هي نفسها كثيراً منذ توقيع اتفاقية أوسلو وعند كل اتفاقية أخرى تلتها، مع أن تلك الاتفاقيات جميعها، وآخرها خريطة الطريق التي يعتد بها السيد تشيني في جولته، تنص على تجميد الاستيطان في الضفة الغربية، ومع أنه يُفترض أن أي عملية سلام ستفكك تلك المستوطنات، ومعها جدار الفصل الذي أدانته المؤسسات الرسمية الدولية، والذي رغم ذلك اكتمل، وبات الإسرائيليون يعاملونه كمرجع فيتكلمون عما هو غربه وعما هو شرقه. كما أن إسرائيل «تعرف» صيغة الاتفاق النهائي، فتعتبر أن الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية –غرب الجدار – ستبقى «على أية حال» تحت سيطرتها، على ما قال وزير البنى التحتية الإسرائيلي!   ويحدث الأمر نفسه في ما يخص القدس فتتسارع عملية تهويدها عبر نزع ملكية الفلسطينيين بالقوة الجبرية، بينما مفاوضات الوضع النهائي للمدينة لم تبدأ بعد. ما تجب إضافته أن ذلك الواقع المادي قائم بالفعل طبعاً، ويزداد بؤساً وانحطاطا بوتائر سريعة، يعرفها من يعيشونه. وأما مسألة الانفصام بين الواقع والكلام عنه، فهي فن وليست كذباً.   ويقع في الحيز القائم بين الأمرين ما يمكن استشرافه كتعيين «للبشر الزائدين عن الحاجة»، أولئك الذين تغيّبهم آلة الكلام والسرد والدعاية، بينما يطحنهم الواقع المادي ويقضي عليهم بالمعنى الحرفي للكلمة. فهم إما يُقتلون يومياً بأعداد كبيرة، أو يختفون مهمشين، فيذوبون رويداً. وعلى أية حال، والأهم، فإن روايتهم لواقعهم لا مكان لها، وهي نفسها يصيبها الاختلال والارتباك، فتضطرب الكلمات وتفقد المفردات والمصطلحات معانيها، وينتابهم شك كبير في جدوى… وجودهم، أي إدراكهم لأنفسهم كذوات تاريخية فاعلة.   بعد ذلك يصبحون كماً، رقماً مجرداً: وإلا فكيف يُقتل بشكل عادي مألوف كل يوم مائة عراقي وعشرة فلسطينيين، علاوة على آلاف الأفارقة (بالحروب والمجاعات والأمراض معاً)، بينما يهز الضمير العالمي مقتل 15 إسرائيليا في عملية انتحارية استهدفتهم، أو اختطاف سائح أوروبي؟   -وقبل أن انتقل إلى برهان آخر، أود التعريج على ما لا علاقة لفلسطين أو للعراق به، لأثبت أن الأمر ليس استثناء يطال هذه الموضوعات فحسب. فقد عرضت منذ أيام القناة الفرنسية-الألمانية «أرته» فيلماً وثائقيا، «العالم وفق مونسانتو»، عن هذه الشركة العملاقة المحتكرة للبذور المعدلة جينياً… والتي سبق لها الاختصاص بإنتاج مادة الديوكسين، أو السم القاتل للنباتات والمبيد للغابات الذي ألقته الطائرات الأميركية بكثافة فوق فيتنام، وما زال يتسبب حتى اليوم بولادة أطفال مشوهين بعدما أعطب ما تيسر وقتها من الفيتناميين (والجنود الأميركان). المهم، مونسانتو تلك التي يقاتل ضدها المزارعون في أميركا اللاتينية، انتهت من تشويه حقول الذرة، الغذاء الأساسي للناس هناك، ومن السيطرة على عملية الإنتاج الزراعي والحيواني، وهي تسوّق بضاعتها عالمياً بواسطة حملة دعائية مدعومة بالمال والحماية من حكومة الولايات المتحدة، على ما يقول الفيلم.   وقد اشتهرت نقابة «الطريق الريفي» التي تضم 50 مليون عضو من المزارعين في العالم كله بنضالها ضدها، كما اشتهر الناطق باسمها إذاك، الفرنسي جوزيه بوفيه، لاقتلاعه حقولاً معدلة جينياً، وقد أعطته بعض المحاكم الحق بذلك استنادا إلى مبدأ «الخطر الداهم». ولكن كل هؤلاء لا اعتبار لهم. وأما مونسانتو فتقول في موقعها على الانترنت أنها تعمل «لمساعدة المزارعين على إنتاج غذاء أكثر صحية، وأقدر على حماية البيئة»!!   -أخيراً: معرض الكتاب في باريس مجدداً. دع عنك التحليل الثقيل الظل لدلالة الحفلة التي أقامها في الاليزيه الرئيس ساركوزي لضيفه شمعون بيريز، والتي شابهت، بل طابقت حفلات مهرجان «كان» السينمائي، حيث حضرت الوزيرات – ومنهن من هو شاب وجميل – بثياب السهرة الفاتنة، فاستحققن صراخ المصورين الصحافيين عند درج المقر الرئاسي و»صفيرهم»، تماما مثلما يحدث لنجمات السينما أمام الدرج الآخر الشهير…   ولنعد إلى الحملة المنظمة من الاستهجان حيال الاعتراض على اختيار إسرائيل ضيف شرف لهذا العام، بمناسبة الذكرى الستين لـ»إستقلالها» (وليس لتأسيسها، يا للكلمات!!). ينعت المؤيدون للمعرض، (وبعضهم كتّاب عرب)، قرار مقاطعته أو نشاطات الاعتراض عليه، بأنها معاداة للثقافة، بل دعوة إلى محارق كتب (على الطريقة النازية). وحين يذكَّرون بأن شمعون بيريز وليس عاموس أوز هو من يفتتح المعرض، وأن المناسبة سياسية بامتياز وليست ثقافية، يضيقون من حرفيتك!!   وحين يذكَّرون بأن هناك كتّابا إسرائيليين رفضوا المشاركة تحت علم بلادهم، فامتنعوا عن الحضور أو حضروا في المنصة المناهضة، منصة نكبة فلسطين، يعتبرونهم سخفاء وهامشيين. وحين يذكَّرون بأن الاعتراض عمل سياسي مدني مشروع، يضيقون أكثر بتخلّفك: متى تصبحون واقعيين وحضاريين يا قوم؟! سؤال محق تماماً في عالم مونسينتو ورفيقاتها، عالم يسير على قفاه.   (*) كاتبة لبنانية   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 مارس 2008)

أميركا والإسلاميون: منظور المصالح لا الديمقراطية

 
محمد أبو رمان (*)   ينطلق أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، مارك لينش، في ورقته « رؤى إسلامية في الإصلاح » (التي قدّمها في مؤتمر « أميركا والعالم الإسلامي » في الدوحة مؤخراً) من موقع النخبة الأميركية التي تؤمن بالحوار بين الولايات المتحدة الأميركية والحركات الإسلامية (التي تعلن قبولها باللعبة الديموقراطية وبالتعددية وتداول السلطة).   ولينش أقرب إلى القراءة العقلانية منه إلى المواقف الأيديولوجية المعلّبة، ما يسمح برؤية المشهد بألوانه المتعددة، على خلاف الاتجاه الآخر، الذي يصر على دعم النظم العربية الحالية، بذريعة حماية المصالح الغربية في المنطقة، التي ستتضرر في حال وصلت حركات إسلامية إلى الحكم.   ومع اتفاقي مع لينش في ضرورة التخلص من « فوبيا البديل الإسلامي » وعدم الاستسلام لمقولات الحكومات العربية ضد الإسلاميين، ما يُعطِّل مسار الإصلاح السياسي ويعزز من الأزمات البنيوية التي تعاني منها المجتمعات العربية اليوم، إلاّ أنني أخالفه في تحديد العقبات الرئيسة التي تحول دون الوصول إلى « الأرضية المشتركة » بين الولايات المتحدة والإسلاميين، والتي يرى لينش أنّها تتمثل بالمطالبة بالديمقراطية في العالم العربي.   فلينش يرى أنّ نزعة معاداة الولايات المتحدة المنتشرة في العالم العربي تؤدي إلى حجب الرؤية عن « القواسم المشتركة » بين الطرفين، بالإضافة إلى النزعة الاجتماعية المحافظة التي تتسم بها مواقف الحركات الإسلامية، إذ تقف – في الأغلب الأعم- موقف المعارضة للقيم الاجتماعية الليبرالية السائدة في الغرب عموماً وفي الولايات المتحدة خصوصاً.   إنّ مركز اختلافي مع لينش أنني أشكك ابتداءً بأنّ هنالك أرضية مشتركة بين الطرفين (الأميركي والإسلامي)! فالإدارة الأميركية لا تحتكم في سياستها الخارجية لمعيار الديمقراطية من جهة، والحركات الإسلامية لم تتجذر الديمقراطية بعد في تصوراتها وممارستها السياسية.   على الطرف الأميركي؛ اتسم الموقف الغربي، منذ الحرب البادرة إلى أحداث أيلول، بغلبة مقولات « المدرسة الواقعية » أي تفضيل المصالح الاستراتيجية والاعتبارات الأمنية على شواغل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة وما يرتبط بها. وربما تشكل مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بصورة خاصة مبادرة الشراكة الأميركية، لحظة تاريخية مفارقة للمسار الأميركي العام، إذ تغلّب الاتجاه الذي يدفع إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة على الاتجاه الواقعي، وبرزت أصوات داخل الإدارة الأميركية تتحدث عن عدم وجود ممانعة في وصول إسلاميين إلى الحكم طالما التزموا باللعبة الديمقراطية وبعض المعايير الأخرى، كما صرّح بذلك ريتشارد هاس، مدير التخطيط السابق في وزارة الخارجية الأميركية.   إلاّ أنّ هذه اللحظة التاريخية، على الرغم من كل الآمال التي عُقدت عليها لم تدم طويلاً. إذ بدأ المشهد العراقي يتدهور ويتحول إلى مأزق حقيقي للإدارة الأميركية، في المقابل برزت أزمة المشروع النووي الإيراني، والانتصار الساحق لحركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ما دفع بالإدارة الأميركية إلى إعادة ترميم تحالفاتها مع الدول العربية، فعادت قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الوراء مرة أخرى مقابل حسابات المصالح الاستراتيجية والأمنية.   لقد انتهت الدعوة الأميركية للإصلاح نظرياً وعملياً، وظهرت مقاربات متعددة في الولايات المتحدة والغرب تعيد التركيز على مقولات المدرسة « الواقعية ». فيما برزت مقاربات تحاول التوفيق بين الاعتبارات الأمنية والمصالح من جهة وبين الديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة أخرى، إلاّ أنّها تعطي الأولوية والأهمية للاعتبارات الواقعية، كما يذهب زيغينو بريجينسكي في تبنيه مقاربة « الواقعية التقدمية ».   لا يعني انتهاء دعوة الإصلاح الأميركية أنّ العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والحركات الإسلامية أصبحت أمام طريق مغلقة. لكن المعيار الرئيس الذي يحدد طبيعة هذه العلاقة ليس الديمقراطية، بل مدى خدمة هذه الحركات للمصالح الأميركية أو تضاربها معها، كما يذهب الخبير الأميركي روبرت ساتلوف في دراسته المهمة « السياسة الأميركية تجاه الحركات الإسلامية ».   على الطرف الآخر، المتعلّق بمدى إيمان الإسلاميين بالديمقراطية؛ فقد أصدرت حركات اسلامية رئيسة وثائق ومبادرات للإصلاح، خلال السنوات الأخيرة، تؤكد قبولها بالديمقراطية وقيمها، بما في ذلك التعددية السياسية والفكرية وتداول السلطة، ما يمثل مرحلة فكرية- أيديولوجية جديدة في خطاب هذه الحركات. لكنّ ذلك لا يعني نقطة النهاية في النقاش. فالإيمان بالديمقراطية وقيمها ليس قراراً « سياسياً » بقدر ما هو عملية تاريخية متطورة ترسو إلى ثقافة مستقرة بعد أزمات وصراعات أو مخاضات فكرية وثقافية.   ولعلَّ العديد من التجارب الإسلامية المستحدثة في الحكم لا تبعث على « الاطمئنان » إلى إعلان الإسلاميين قبولهم بالديمقراطية. وإذا تجنّبنا الحالات التاريخية السابقة (من حكم الإسلاميين) فإنّ المتغيرات الجديدة لا تخدم الدعوى الإسلامية، والشاهد الرئيس على ذلك ما يحدث في العراق اليوم على يد الحركات الإسلامية التي أعلنت سابقاً التزامها بالديمقراطية والدولة المدنية ثم هي اليوم تحتكم في ممارساتها وقيمها السياسية إلى المعايير الأولية ولا تحترم التعددية الدينية والمذهبية والسياسية وتقدَّم أدلّة هائلة لخصوم الإسلاميين. والحال نفسها تنطبق على حركة حماس، فبعيداً عن الضغوط والحصار الظالم الذي تعرّضت له الحركة فإنّ إدارة الحركة وأخطاءها ساهمتا في زرع شكوك وتساؤلات حول إيمانها بالديمقراطية بعد استيلائها على غزة بخاصة سلوكها مع الخصوم السياسيين والصحافيين.   لا يعني ما سبق الحكم أنّ الصراع هو العنوان المكتوب لعلاقة الإدارة الأميركية بالحركات الإسلامية، تحديداً في المنطقة العربية، لكنّ المقصود أنّ المدخل « الديمقراطي » لم يقوَ بعد لبناء قراءة العلاقة، مقارنة بمدخل « المصالح الاستراتيجية » الذي يحكمها بالفعل.   (*) كاتب أردني   (المصدر: صحيفة « الغد » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 12 مارس 2008)


اليسار الإسلامي والثلج المقلي

د حسن حنفي على رغم المداخل الواضحة لليسار الإسلامي وعرض أوجهه المختلفة إلا أن تجربة ربع قرن من محاولات تأسيسه لم تمنع من توجيه بعض الاعتراضات الرئيسية عليه. وهي شبهات تثار من الأحزاب السياسية الدينية والعلمانية، المحافظة والتقدمية، ومن الدولة ومؤسساتها الدينية، ومن الأفكار الشائعة نتيجة للإعلام المزيف، وما تعود عليه الناس من تقليد لما هو سائد دون التفكير الأصيل. إذ يقال عن اليسار الإسلامي: 1- ليس في الإسلام يسار ويمين. الإسلام دين واحد، جوهره واحد، وعقائده ثابتة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر، خيره وشره. كبائره معروفة وصغائره محصاة. لا تختلف العبادات من قُطر إلى قُطر، ولا من قارة إلى قارة، ولا من شعب إلى شعب، ولا من ثقافة إلى ثقافة. شهادة أن لا إله إلا الله على كل لسان. ينطقها المسلم ليعلن انتماءه وانتسابه إلى الأمة. وهذا صحيح نظراً، ولكن عملاً تتعدد القراءات والممارسات الإسلامية خاصة في المعاملات والعادات. يشير اليسار الإسلامي إلى إحدى القوى الاجتماعية الموجودة في المجتمع، الفقراء والمحرومين والمساكين والطبقات الدنيا في مقابل إسلام الأغنياء وشركات توظيف الأموال ورجال الأعمال وموائد الرحمن وبيوت الزي الإسلامي. ففي كل مجتمع هناك يسار ويمين، فقراء وأغنياء، طبقة دنيا وطبقة عليا. اليسار الإسلامي سياق اجتماعي سياسي تاريخي للإسلام في مرحلة تاريخية معينة وفي عصر معين ولدى شعب معين، في مرحلة تفاوت الدخول. وكما أن هناك تمايزاً بين المذاهب الفقهية الأربعة والاتجاهات الفلسفية والفرق الكلامية والطرق الصوفية هناك تمايز أيضاً في تفسير الإسلام طبقاً لحاجات الناس وطبقاتهم الاجتماعية التي تتغير بتغير الزمان والمكان، وكما فعل الشافعي بين العراق ومصر.  2- اليسار الإسلامي نزعة توفيقية وأحياناً تلفيقية بين نزعات عدة تجمع بين عدة متناقضات. هو مشروع مستحيل مثل « الثلج المقلي »، يرفضه اليسار واليمين، فاليسار علماني لا ديني، واليمين ديني لا علماني. والحقيقة أن هذه الشبهة إنما تنتج من عقلية الاستقطاب بين مطلبين كلاهما صحيح، القديم والجديد، الماضي والحاضر، التراث والمعاصرة، الأصل والفرع، الآخرة والدنيا. وكل سمات اليسار الإسلامي مطالب فعلية للعصر. فهو إسلام مستنير لحاجة العصر إلى العقلانية والاستنارة كما عبر عن ذلك بعض المفكرين العرب المعاصرين مثل محمد عبده ومصطفى عبد الرازق وطه حسين. وهو إسلام ليبرالي لحاجة العصر إلى الحرية كما عبر عن ذلك الطهطاوي والعقاد والشرقاوي، وهو إسلام اشتراكي جماعي لحاجة العصر للعدالة الاجتماعية والمساواة كما عبر عن ذلك مصطفى السباعي في سوريا، وهو إسلامي قومي كما هو الحال عند منير شفيق وخلف الله ومحمد عمارة نظراً لمخاطر التجزئة والتفتيت للأقطار بعد أن قضى على الخلافة لصالح القومية في 1923 ثم قضى على القومية لصالح القطرية، ثم قضى على القطرية لصالح الطائفية والمذهبية والعرقية والعشائرية والقبلية. وهو إسلام إنساني كما عبر عن ذلك العقاد وغيره نظراً لخرق حقوق الإنسان في عصرنا وتعذيب المعتقلين السياسيين بالآلاف. وهو إسلام تقدمي كما هو الحال في تونس نظراً لتصنيف الشعوب العربية والإسلامية ضمن الدول المتخلفة أو النامية. وهو إسلام طبيعي يبدأ من العالم والناس نظراً لغلبة العقائدية القطعية والنصية الحرفية مثل أحمد كمال أبو المجد وسليم العوا. وهو إسلام وطني مثل طارق البشري نظراً للهويات الطائفية السائدة الآن وتواري الأوطان. وهو إسلام أممي مثل عادل حسين نظراً لما فعلته الحدود الوطنية من تجزئة وتقسيم ومعارك حدودية ونزاعات بين القبائل على طرفي الحدود على الثروات الطبيعية. وهو إسلام علماني مثل أحزاب الوسط نظراً لسيادة النزعات الدينية المعادية لقيم العقل والحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وهي قيم إسلامية أصيلة تجلت في التراث الإسلامي. وهو إسلام عملي حركي مثل بعض الأجنحة المستنيرة في الحركة الإسلامية نظراً لسيادة الخطاب الديني النظري الوعظي الذي يدخل في أذن ويخرج من الأذن الأخرى.   3- اليسار الإسلامي نزعة مادية وتيار ماركسي شيوعي إلحادي. لا يهتم بالغيب ولا بالحياة بعد الموت إلى آخر ما هو معروف من أمور المعاد. والحقيقة أن هذه صورة نمطية للإسلام منذ العصر العثماني، تغليب الآخرة على الدنيا، والنفس على البدن. وهو ما قاومته حركات الإصلاح الديني الحديثة. فالتراث الإسلامي قام على أساس الاهتمام بالعالم. يبدأ علم الكلام وهو علم العقائد بالعالم أولاً للاستدلال به على وجود الله. ويتحدث الفلاسفة عن الطبيعيات كمقدمة للإلهيات. ويدافع بعض الصوفية عن وحدة الوجود، الجمع بين الحق والخلق. ويقوم علم أصول الفقه على تعليل الأحكام بالعلل المادية ليقيس عليها أحكام الوقائع الجديدة.   4- اليسار الإسلامي تيار غربي يقلد « لاهوت التحرير » في المسيحية خاصة. والحقيقة أن اليسار الإسلامي استئناف لحركات الإصلاح التي أسسها الأفغاني وإقبال، وتطويرها كي تصبح أكثر جذرية وقدرة على التأثير في العالم وإصلاح المجتمعات وتأسيس نهضة الشعوب. وقد سبقت الديانات الأخرى مثل المسيحية والبوذية الإسلام في وضع أسس « لاهوت التحرير » المعاصر في تحقيق المشاريع القومية في الحرية والعدالة، والاستقلال والتنمية ابتداءً من تراثها. كان القدماء منتصرين على الأرض فصاغوا العقائد النظرية. ونحن منكسرون على الأرض في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير، وكلها تحت الاحتلال المباشر، ومازلنا نتحدث عن إرضاع الكبير. كما أن هذه الشبهة تعطي النفس أقل مما تستحق، وتعطي الغرب أكثر مما يستحق. وترجع كل تقدم وإبداع عند الأنا إلى منابعه ومصادره عند الآخر، وكأن الأنا أصبح عقيماً رضي بأن يكون تلميذاً إلى الأبد، والآخر هو المبدع والمعلم. ولقد استطاع الإسلام في الماضي القيام بنهضة من الداخل وتأصيله في إبراهيم ولم يرَ غضاضة في التعامل مع الحضارات المجاورة، يونانية ورومانية غرباً، وفارسية وهندية شرقاً، والآن أوروبية شمالاً، وأفريقية جنوباً.   5- اليسار الإسلامي خلط بين الدين والسياسة، يرغب في الوصول إلى الحكم. هو مجرد توزيع أدوار داخل الحركة الإسلامية التي مازالت تسعى للوصول إلى السلطة. اليسار الإسلامي مجرد واجهة إعلامية مستنيرة تقوم بدور الغطاء النظري للحركات الإسلامية المحافظة. والحقيقة أن الإسلام -من وجهة نظري- لا يفرق بين الدين والسياسة كما يفعل الغرب نظراً لظروف الكنيسة في صراعها مع الدولة. الإسلام يطبق المثال في الواقع، يحول النظر إلى عمل، والفكر إلى ممارسة. هدفه تحقيق التقدم والتغير الاجتماعي من خلال التواصل وليس من خلال الانقطاع حتى لا يحدث رد فعل إلى القديم من جديد كما حدث في الغرب. الإسلام هو اللحظة الثالثة في تطور العلاقة بين الدين والسياسة بعد اللحظة الأولى تغليب السياسة على الدين في اليهودية، واللحظة الثانية، الفصل بين الدين والسياسة في المسيحية. اليسار الإسلامي تيار معارض. ينقد بعض النظم السياسية القائمة على التبعية للخارج، والقهر والفساد في الداخل. وينقد المؤسسة الدينية التابعة للدولة والمبررة لقراراتها في الحرب والسلم، في الاشتراكية والرأسمالية بنفس الرجال ونفس الفتاوى. الإسلام دين ليس به رجال دين أو كنيسة أو سلطة دينية إلا سلطة العلم. يفك الحصار عن المعارضة العلمانية بأنها ضد الدين. ويخفف من عداء الحركات المحافظة للأيديولوجيات العلمانية، ليبرالية وقومية واشتراكية وماركسية وإسلامية مستنيرة، كما هو الحال في تركيا وماليزيا. وينقد نفاق بعض الإعلام الرسمي واستخدام الدين لصالح الحزب الحاكم.   6- اليسار الإسلامي قد يرفضه الناس لأنه يمس عقائدهم الشعبية. هو تيار نخبوي يسهل حصاره من اليمين واليسار والدولة. هو عند اليمين الديني شيوعية وإلحاد مقنعان. وعند التيار العلماني إسلامي مقنع، وفي أجهزة الدولة الأمنية اليساريون الإسلاميون « إخوان شيوعيون » كما اتهم الشاه من قبل فصائل الثورة الإسلامية مثل « مجاهدي خلق ». هو غير مؤثر، أقلية معزولة أمام الأغلبية الطاغية للحزب الحاكم. والحقيقة أن الاتصال المباشر بين اليسار الإسلامي والجماهير يدل على قدرته على التعبير عن الأغلبية الصامتة، عن الوسط بين الجناحين السلفي والعلماني. يريد المحافظة على الشرعيتين في نفس الوقت، الإسلام والعالم، الدين والثورة. ليس حريصاً على السلطة والحكم بل هو للحفاظ على وحدة الأمة في مسارها التاريخي، إن الله يبعث للأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها. نشر بموقع المثقف العربي بتاريخ 15 مارس2008


«ثورة الجوع»

«رغيـف الخبز» يهدِّد نظام مبارك

 
القاهرة ـ وائل عبد الفتاح   «الثورة» و«الطوابير»، هما الكلمتان الأكثر تداولاً هذه الأيام في القاهرة. تنتظر التقارير والخبراء «ثورة الجوع» احتجاجاً على أزمة الخبز المتصاعدة في المدن المصرية. تقارير أمنية عُليا وصلت إلى الرئاسة، تحذّر من «غضب كبير» نتيجة السياسات الأخيرة لوزارة التموين، التي تحولّت بعد التعديل الوزاري إلى وزارة التضامن الاجتماعي.   ولم يتغيّر الاسم فقط، إلّا أن الوزير الجديد، المنتمي إلى لجنة السياسات، قرّر أن يكون ملف «رغيف الخبز» ضربته الأولى. ورغم أن هذا الملف، على المستويين السياسي والأمني، من ملفات «الأمن القومي»، إلاّ أنه شعبياً، يسمى «العيش» باعتباره الحياة بالنسبة إلى قطاع واسع من الناس.   وتعدّ لجنة السياسات مركز القوّة لجمال مبارك، وتمثّل «الفكر الجديد» في الحكم، الذي لا يشمل الاهتمام بالبعد الاجتماعي، الذي أنقذ اهتمام نظام حسني مبارك الأب به من غضب الشعب طوال ٢٧ سنة، رغم تغييرات اجتماعية عنيفة سببتها برامج الإصلاح الاقتصادي.   مبارك، الذي تربّى في دولة «القطاع العام» و«العدالة الاجتماعية»، حوّل السياسة إلى أداة لإنقاذ نظامه، أطلق عليها اسم «البعد الاجتماعي». وهذا ما جعله ينتبه مرتين أخيراً إلى التقارير الأمنية التي وصلته عن خطورة السياسات الجديدة. مرةً حين أرجأ قرار إلغاء الدعم قبل أشهر، بعدما أعلنت الحكومة تطبيق السياسة الجديدة لتوزيع الدعم والتفكير في توزيع بطاقات «ممغنطة» ببدل نقدي للمستحقين فقط، ما كان يعني انفجار الأسعار بشكل يجعل الحياة بالنسبة إلى غالبية المصريين مستحيلة تقريباً. والآن توجد مفاوضات بين الحكومة والعمال لتحديد الحد الأدنى للأجور الذي تريده الحكومة ٤٥٠ جنيهاً (أقل من ١٠٠ دولار)، بينما يرفض العمال أن يقل عن ٨٠٠ جنيه (حوالى ١٥٠ دولاراً).   ويمكن القول إن اهتمام مبارك الأب بأزمة الخبز لم يكن إلا ترحيلاً للمشكلة، إذ إنه، كما قالت الصحف، طلب من رئيس الوزراء أحمد نظيف تقريراً يومياً يرصد المحافظات والأحياء التي تعاني أزمة في الحصول على الخبز بسعر مدعم (خمسة قروش)، وهو الخبز الذي أصبح الحصول عليه بمثابة «معركة يومية»، وسبّب الأسبوع الماضي موت رجل مصري بسبب مناوشات الطوابير الممتدة أمام المخابز، وهو «أول شهيد للخبز في مصر».   والوصول إلى مرحلة الشهداء، هو ما كان وراء اهتمام مبارك الأب وتخوفه من أن يكون هو ونظامه ضحية ثورة خبز شبيهة، كما حدث للرئيس السابق أنور السادات يومي ١٨ و١٩ كانون الثاني عام ١٩٧٧. هذا الإحساس بالخطر، دفع الرئاسة إلى توفير ٤ مليارات جنيه لحل هذه الأزمة (أقل من مليار دولار تقريباً)، وعلى طريقة اجتماعات الطوارئ في الحروب، وخصوصاً أنه يتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة اجتماعاً لمناقشة الأزمة.   ويلاحظ المراقبون أن استخدام أسلوب «ثورة تموز» خلال علاج أزمات الخبز التي استخدمها مبارك أخيراً، تزامنت مع استعادة أسلوب آخر من أساليب الستينيات، وهو «تأميم السياسة». لكن هذه المرة بقوة الأمن واختراع أساليب تمنع وصول المرشّحين إلى مكاتب الترشيح في انتخابات المحليات المقرّرة في نيسان المقبل.   وهذه خطوة متقدمة هدفت إلى منع مرشحي «الإخوان» المسلمين من منافسة الحزب الوطني الحاكم. والمفارقة أن النظام استخدم أساليب جديدة، تضاف إلى الرفض الإداري والأمني لأوراق المرشحين. ودسّ الحزب الحاكم أعداداً كبيرة كوّنت طوابير طويلة من مرشحين وهميين، عطلت وصول المرشحين الفعليين إلى مقارّ الترشيح.   ورغم هذا، نجح أكثر من ٤ آلاف مرشح «إخواني» من تقديم أوراق الترشح، بينما كانت التظاهرات تملأ شوارع المدن المصرية لحرمان أعداد كبيرة من المرشحين، ما يشير إلى «أزمة ثقة» لدى نخبة القيادة في الحزب الحاكم، و«خوف من فقدان قبضة التحكّم في البلد».   (المصدر: صحيفة « الأخبار » (يومية – لبنان) الصادرة يوم 15 مارس 2008)
 


خبراء يتوقعون أن تطيح أزمة الخبز بحكومة مصر

    

 
                 محمود جمعة-القاهرة   اتخذت أزمة الخبز في مصر منحى جديدا بعد تحذيرات الخبراء من تحولها إلى « اقتتال اجتماعي » في ظل الارتفاع المضطرد للأسعار و »عشوائية » الحلول الحكومية، مما أثار التساؤلات حول مستقبل حكومة رئيس الوزراء أحمد نظيف المتهمة بالفشل في مواجهة الأزمة الاقتصادية وضبط الأسعار.   وأعادت أزمة الخبز والأسعار الحديث مجددا في أوساط المصريين عن تعديل وزاري تردد بقوة قبل شهرين يطال رئيس الحكومة ووزراء المجموعة الاقتصادية استنادا إلى خلافات داخل الحزب الوطني الحاكم بين ما يعرف بالتيار الجديد بقيادة رئيس لجنة السياسات بالحزب جمال نجل الرئيس حسني مبارك والحرس القديم بقيادة الأمين العام للحزب صفوت الشريف.   وفي ظل هذه التجاذبات، تواجه قطاعات عريضة من الشعب المصري خاصة الفقراء أزمة متفاقمة تتعلق بشح رغيف الخبز حتى باتت الطوابير الطويلة أمام المخابز منظرا مألوفا، مع ما فيها من حالات تزاحم وتدافع وشجار خلفت أربعة قتلى في القاهرة وحدها منذ بداية مارس/آذار الجاري.   وبلغ الوضع حدا دفع الصحف الحكومية للانضمام إلى منتقدي السياسات الاقتصادية خاصة لوزارتي المالية والاستثمار عبر عناوين وصور كاريكاتيرية تهاجم الحكومة وتتهمها بأنها لا تشعر بمعاناة المواطنين، مما زاد من حجم التوقعات بقرب إجراء تغيير حكومي.   يشار إلى أن المعدل السنوي للتضخم وصل 12.5% نهاية الشهر الماضي -وهو الأعلى منذ 11 شهرا- مصحوبا بارتفاع أسعار السلع الغذائية التي زادت أسعار بعضها بنسبة 122% خلال عام واحد، حسب ما ورد في الصحف المحلية.   ليبرالية غير منضبطة    وتعزو الحكومة هذا الغلاء إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية في حين ترجع المعارضة هذه الأزمة إلى السياسة الليبرالية غير المنضبطة التي تنتهجها الحكومة مما يجعلها أزمة نظام وليست مجرد أزمة حكومة.   وقال القيادي بحركة كفاية عبد الحليم قنديل للجزيرة نت إن أزمة الخبز والغلاء « مسؤولية عهد كامل للرئيس مبارك وليست أزمة حكومة »، وإن « الأزمة ستعجل بما هو أبعد من مجرد تغيير وزاري، وإنما زوال نظام مسؤول عن فقدان الاقتصاد الوطني لطابعه الإنتاجي وبالتالي تحوله إلى لعبة بيد الأسعار العالمية ».   فالنظام المصري -يضيف قنديل- « نجح في تجاوز أزمات سابقة كانت أخف وطأة من أزمة الأسعار وتدني الرواتب الراهنة، لكنه خلال السنوات العشر الأخيرة فقد كل منافذ الحلول التقليدية، وأصبحت الأزمة أكبر من قدرته وقدرة الاقتصاد الوطني الهزيل ».   واعتبر قنديل تدخل جهاز الخدمات العامة التابع للجيش المصري في علاج أزمة الخبز « إعلانا صريحا بفشل الأجهزة المعنية في مواجهة مسؤولياتها ».   وتبنى الخبير الاقتصادي ممدوح الولي رأيا مماثلا حيث أعرب للجزيرة نت عن اعتقاده أن التعديل الوزاري « قادم لا محالة وأنه سيجري بعد انتهاء انتخابات المجالس المحلية في الثامن من أبريل/نيسان القادم ».   لكنه أشار إلى أن « المجموعة الاقتصادية في الحكومة ستبقى في حال حدوث أي تعديل لأنها مقربة من نجل الرئيس مبارك، وتتمتع أيضا برضا أميركي وغربي ».   ورأى أن « التعديل لن يكون حقيقيا وإنما لخداع رجل الشارع بأن هناك محاولة لتغيير السياسات الاقتصادية » مما يعني أن أي حكومة قادمة ستواجه المصير نفسه.   رد الحكومة   من جانبها، ترى الحكومة في كثير من مواقفها المعلنة أنها تقوم بواجبها حيال تأمين مادة الخبز من خلال دعم الرغيف بنحو 15 مليار جنيه مصري عبر منح الدقيق لأصحاب المخابز مباشرة بسعر منخفض، فضلا عن منحها صلاحيات واسعة للمحافظين لضبط وضمان توزيع هذه المادة الغذائية الرئيسة بصورة عادلة على المواطنين.   بيد أن المراقبين يرون أن هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه -وخاصة في الريف- نظرا لانعدام الرقابة على أصحاب المخابز الذين يتهمون من قبل جهات كثيرة ببيع الدقيق المدعم بأسعار مرتفعة في السوق السوداء.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 مارس 2008)

 

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.