الاثنين، 11 فبراير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2819 du 11.02.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيي:  تأجيل جديد لمحاكمة الموقوفين الثلاثين .. في قضية  » المشروع الإرهابي  » ..! حركة النهضة تحيي البرلمان التركي ا ف ب: تنظيم القاعدة يتبنى عملية بالقرب من الحدود الجزائرية التونسية رويترز: تنظيم القاعدة يعلن مسؤوليته عن قتل ثمانية جنود جزائريين إيلاف: الإستحقاق الانتخابي 2009 في تونس – الحزب الديمقراطي التقدمي يرشح أحمد نجيب الشابي السبيل أونلاين : رفع حظر الحجاب بالجامعات التركية .. متى في تونس؟ الخليج: سينمائيون عرب يرفض مهرجاناً بلجيكياً يحتفي بـ « إسرائيل » الحياة: مصانع الفخار التقليدية التونسية تستقطب المُعجبين الأوروبيين  الحياة: تونس تعزز الرحلات نحو مدريد لاستقطاب السياح الإسبان الحياة: اتفاق على «تذليل عقبات» أمام القمة المغاربية  زهير مخلوف: كشف النقاب  عن مقتل الشاب الحبيب بوعجيلة: رسالة مفتوحة إلى السيد الشماري ومن يهمه أمر استقلال قراراتنا الحزبية غسّان بن خليفة: دفاعا عن ولد باب اللّه لأنّ حريّة السخرية من حرّية التعبير ! هندة العرفاوي: الحفاظ على صندوق التعويض رغم هيمنة اقتصاد السوق – هامش من « التوجيه » للحفاظ على القدرة الشرائية ومنع استشراء الفقر محمد العروسي الهاني: ثوابت ومصداقية زياد الهاني: إلى بن حديد: نفّـذ إن كنت صادقا!! زهير الخويلدي: الإنسان بين سياسة الحقوق وأخلاق الواجبات السيد عماد الدين الحمروني: الثورة الاسلامية في عيدهاالتاسع و العشرين عزة و وحدة و اقتدار جريدة « الشعب »: الأمهات العازبات والأطفال غير الشرعيين: «مجتمعنا ضحية انبهار خاطئ بالحداثة!!» جريدة « الشعب »: مصلحة الاتحاد من مصلحة البلاد ودون ذلك خطأ جريدة « الشعب »: القضاء العادل والمستقل صحيفة « الوطن »:كلمة لا بدّ منه:الا بديل إلاّ بموقف عربي موحّد صحيفة « الوطن »:الديمقراطية شرط للمقاومة والممانعة: لا فضل لعربي على عربي إلا بالمقاومة صحيفة « الوطن »:نعم للواقع التاريخي ولا للتضليل الإيديولوجي موقع « إيـلاف »:معجم الشباب التونسي الخاصّ: حماية وتكتيك « الشروق اليومي » تنفرد بنشر رسالة أبوبكر جابر الجزائري الى جماعة درودكال: »توبوا وكفوا عن هذا الفعل الشنيع القبيح » الغد: حكمان قضائيان في مصر يقران بمبدأ حرية العقيدة سمير صالحة: الحجاب العائد إلى الجامعات التركية نوال السباعي: نُـذُر أزمة حجابٍ خطيرة.. لكن في مدريد هذه المرة! خالد الحروب: قراءتان في «الهولوكوست»: التوظيف الإسرائيلي والإنكارات العربية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1 الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 

الحوار الذي أجرته قناة فرانس 24 مع الأستاذ أحمد نجيب الشابي يوم الأحد 10 فيفري 2008

 

http://smawebdesign.com/mcgallerypro/show.php?start=0&id=311&video=1

 

http://www.dailymotion.com/PDPTunisie/video/7290738 http://video.google.fr/videoplay?docid=4467171707951503426&hl=fr  


 

“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 11 فيفري 2008   كشف الحساب..لقضاء .. »يكافح الإرهاب  » ..! :

تأجيل جديد لمحاكمة الموقوفين الثلاثين .. في قضية  » المشروع الإرهابي  » ..!

 
* نظرت  الدائرة الجنائية الأولى  بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي الهادي العياري اليوم الإثنين 11 فيفري 2008 في القضية عدد 14505 التي يحال فيها كل من : هشام السعدي و محمد توفيق بن عبد الله و توفيق الحرزلي و أحمد الهذلي و أسامة نوار و يحيى بن زاكور و سلمان رزيق و محمد اللافي و علي العرفاوي و لسعد حشانة و نوفل ساسي و أنيس الهذيلي و رفيق العوني و أحمد السعداوي و أمير شرف الدين و عبد الرحمان طنيش و مهدي خلايفية و معز الغزّاي بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و المشاركة في الدعوة إلى الإنضمام لتنظيم له علاقة بجرائم إرهابية و استعمال اسم وكلمة و رمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و بنشاطه و أعضائه ، و قد كانت هيئة الدفاع مكونة من الأساتذة : أحمد نجيب الشابي و محمد نجيب الحسني و عبد الفتاح مورو و أنور أولاد علي و سمير بن عمر و عمر الحرشاني و سمير ديلو  ، و قد قرر القاضي تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 25 فيفري 2008  بسبب .. عدم جلب  المتهمين من السجن ..! علما بأن المحاكمة لم تكن علنية إذ عمد  أعوان البوليس السياسي–  مرة أخرى ..! –  إلى منع معظم أفراد عائلات الموقوفين من حضور الجلسة أو الإقتراب من المحكمة . *  كما نظرت  الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي  التهامي الحافي اليوم الإثنين  11 فيفري 2008 في القضية عدد 14661 التي يحال فيها كل من : مراد عبد السلام و محمد ضيف الله و أيمن الإمام و سفيان بن رمضان  بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الدعوة للإنضمام لتنظيم إرهابي  و توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و مواد و معدات و تجهيزات مماثلة لفائدة تنظيم إرهابي  ، و توفير معلومات لفائدة تنظيم إرهابي ، و كانت هيئة الدفاع المتكونة من الأساتذة : عبد الفتاح مورو و سمير بن عمر و عبد الرؤوف العيادي و راضية النصراوي و قد قرر القاضي البت إثر الجلسة في مطالب الإفراج و تحديد موعد الجلسة المقبلة .  عن لجنة متابعة المحاكمات        الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو

بسم الله الرحمن الرحيم

حركة النهضة تحيي البرلمان التركي

 
أصدر البرلمان التركي يوم أمس بأغلبية ساحقة قرارا تاريخيا حسم الجدل المحتدم منذ سنوات بين التيار الاسلامي وبين تيار العلمانية المتطرفة، قرارا  رفع الحظر الدستوري على ارتداء الزي الاسلامي « غطاء الراس » في الجامعات التركية ، معتبرا الحظر- الذي فرضه العسكر عقب انقلابهم سنة1980 وأكدوه عقب إطاحتهم حكومة نجم الدين اربكان-، عدوانا على حرية الضمير وعلى الحق في التعليم ، عودا الى أصل الإباحة وتأكيدا للحرية الشخصية وتسوية بين المواطنين في الحقوق ورغم أن رفع الحظر تم بأغلبية ساحقة، إلا أن الاقلية العلمانية الأصولية التي لم تنجح في استقطاب أكثر من خمس أعضاء المجلس دعت بالويل والثبور وعظائم الامور، ناقلة المعركة الى الشارع رافعة شعارات تهويلية من قبيل » لا لعودة الخلافة » » تركيا ستبقى دولة علمانية »، فلم تتردد ولم تخجل من توجيه النداء الى العسكر والى الجهاز القضاي للتدخل من أجل  استبقاء الحظر التعسفي. أمر عجيب أن تصر الاقلية على فرض إرادتها على الاغلبية في منزع وصائي استبدادي، مع أنه ليس من حق أحد حتى ولو كان أغلبية أن يتظاهر ويحشد أتباعه  لحرمان آخر من حقه، أكان أقلية أم أغلبية. وحركة النهضة إزاء هذا الحدث التاريخي في دولة كبرى شقيقة مثلت نموذجا ملهما للنخبة التونسية:  تحيي تركيا برلمانا وحكومة وشعبا مهنئة بهذا الانجاز المندرج ضمن المساعي المتدرجة  لتصالح الدولة مع هوية مجتمعها وردم الهوة التي حفرتها سياسات التطرف والاستبداد باسم العلمانية ، والعلمانية  براء،فقد عرفت في بئاتها الاصلية فلسفة ونهج تحرير للافراد والمجتمعات. – تذكّر أنه في السنة الموالية لسن الحظر على ارتداء الزي الإسلامي في تركيا تقحمت الأصولية العلمانية في تونس بالمجتمع التونسي نفس المخاضة إذ أقدمت على سن قرار إداري حمل الرقم 108سيئ الذكريحظر الخمار تحت مسمى « الزي الطائفي »في كل مؤسسات التعليم والادارة ، فمثّل مذاك مشنقة لآلاف المتدينات في تونس، فرض عليهن الخيار الصعب بين العلم وبين التدين، بين حق التكسب وبين التدين ، بين المشاركة في الحياة العامة بما في ذلك السير في الشارع وبين التدين. ولقد تدخل غلاة المبغضين للاسلام على الخط فدفعوا بالمأساة الى أقصاها. واليوم وقد تهاوى نموذج الاصولية العلمانية في تركيا، نأمل ألا تظل تونس وحدها من بين دول عالم  الاسلام متورطة في هذه الشناعة لندن   2008-02-11 رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي


 

 تنظيم القاعدة يتبنى عملية بالقرب من الحدود الجزائرية التونسية

 
دبي (ا ف ب) – تبنى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي هجوما شن ليل الخميس الجمعة واوقع عدة قتلى بالقرب من الحدود الجزائرية التونسية حسب ما جاء في بيان للتنظيم نشر على شبكة الانترنت الاحد. وجاء في البيان الذي نشر على موقع « الحسبة » الاسلامي والذي لم يتم التأكد على الفور من صدقيته « بعد السفارة الاسرائيلية (في موريتانيا) وبعد الهجمات المتوالية في تيزي وزو وبرج منايل على قوات الشرطة ها هم ابطال منطقة الجنوب تحت امرة القائد يحيى ابي عمار يلقنون احفاد مسيلمة درسا جديدا ». واضاف « نفذ المجاهدون كمينا محكما لقافلة الدرك الوثني ببلدية الحمراية (الوادي) المتكونة من ثلاث عربات فتمكن اخواننا من القضاء على ثمانية دركيين وغنم اسلحتهم وعتادهم » مؤكدا « تمكن اخواننا من الانحياز لقواعدهم سالمين غانمين ». وذكر مصدر امني جزائري ان سبعة دركيين قتلوا ليل الخميس الجمعة في كمين نصبته مجموعة مسلحة اسلامية في منطقة الوادي بالقرب من الحدود الجزائرية التونسية. وكان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي تبنى الهجوم على السفارة الاسرائيلية في موريتانيا الذي لم يوقع ضحايا في صفوف طاقم السفارة بل ادى الى جرح ثلاثة فرنسيين كانوا يتواجدون في المكان.   (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 11 فيفري 2008)


تنظيم القاعدة يعلن مسؤوليته عن قتل ثمانية جنود جزائريين

 
دبي (رويترز) – أعلن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي مسؤوليته عن قتل ثمانية جنود من قوات الامن في كمين بشرق الجزائر الاسبوع الماضي. وتابع في بيان نشر في وقت متأخر من مساء الاحد على موقع تستخدمه الجماعات الاسلامية انه استولى على أسلحة الجنود وستراتهم الواقية من الرصاص ونظارات مكبرة ليلية. وقال البيان باللغة العربية « جاءت العملية كثأر لمقتل اخواننا في الاشتباكات الاخيرة بمنطقة الجنوب وليعلم المرتدون أن كل شهيد يسقط منا سيدفعون ثمنه غاليا باذن الله. « وقد جاءت العملية كتأديب لهذه القوات العميلة التي دأبت في المدة الأخيرة على اضطهاد واعتقال اخواننا المسلمين الابرياء بولاية الوادي تحت غطاء محاربة التطرف. »  والكمين الذي نصب في السابع من فبراير شباط هو أعنف هجوم في الجزائر منذ 11 ديسمبر كانون الاول عندما سقط 37 قتيلا بينهم 17 من العاملين بالامم المتحدة في هجومين انتحاريين بالجزائر العاصمة. ووقع الهجوم الذي استهدف جنودا من قوات الأمن في قرية بولاية الوادي الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر جنوب شرقي الجزائر العاصمة. واندلعت أعمال عنف في الجزائر عام 1992 بعد أن ألغت السلطات المدعومة من الجيش انتخابات برلمانية اقتربت الجبهة الاسلامية للانقاذ من الفوز بها. وتراجعت أعمال العنف منذ التسعينات ولكن سلسلة من التفجيرات الانتحارية في الجزائر العاصمة وحولها أسفرت عن سقوط العديد من القتلى خلال الثمانية عشر شهرا المنصرمة منذ أن غيرت الجماعة السلفية للدعوة والقتال اسمها الى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 11 فيفري 2008)  


الإستحقاق الانتخابي 2009 في تونس الحزب الديمقراطي التقدمي يرشح أحمد نجيب الشابي

إسماعيل دبارة من تونس: صوتت اللجنة المركزية (أعلى سلطة بين مؤتمرين) للحزب الديمقراطي التقدمي التي انعقدت يوم السبت 9 شباط (فبراير) بغالبية واسعة على ترشيح الأستاذ أحمد نجيب الشابي مدير صحيفة الموقف – لسان حال الحزب – وأمينه العام السابق للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في تونس في تشرين الاول (أكتوبر) 2009.   وحصل « الشابي على أصوات 46 عضوا من اللجنة المركزية مقابل رفض 16 اخرين وامتناع اثنين عن التصويت . ويبلغ أعضاء اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي 75 عضوا. ودامت النقاشات وعملية التصويت التي جرت في نزل البحيرة وسط العاصمة تونس قرابة الـ12 ساعة تخللتها نقاشات معمقة بخصوص جدوى المشاركة في الانتخابات الرئاسية وجدوى الإعلان منذ الآن عن مرشح خاص بالحزب .   وقد برز في الحزب الديمقراطي التقدمي تياران سياسيان ، يرى الأول ضرورة خوض معركة الانتخابات الرئاسية برهان سياسي يطمح إلى فرض الشروط الدنيا لترشح المواطنين إلى هذا المنصب . في حين يرى الشق الآخر أنه لا جدوى من المشاركة في الاستحقاق الرئاسي كون الحد الأدنى من الشروط الموضوعية لخوضها غير متوفر ، ويدعو هذا التيار إلى ضرورة الاستعداد للاستحقاق التشريعي برهانات انتخابية كاملة .   وكانت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي قد كشفت في حوار خاص مع « إيلاف »الشهر الماضي عن وجود تلك التباينات داخل حزبها .   وقال « الشابي في تصريح لـ « إيلاف » عقب عملية التصويت : إنه يشكر إخوته في الحزب الذين منحوه الثقة ليمثلهم في الانتخابات الرئاسية القادمة « .   وبخصوص الإشكال القانوني الذي ينتظر المرشح والمتمثل في منع المجلة الانتخابية التونسية لممثلي الأحزاب غير الممثلة في البرلمان من إعلان مرشح لها، يجيب الشابي :القانون التونسي يسمح لكل مواطن عمره 40 عاما ويتمتع بكافة حقوقه السياسية والمدنية أن يترشح للرئاسة ويشترط الحصول على تزكية 30 نائبا بالبرلمان أو 30 من رؤساء البلديات ،أعلم أن الحصول على هذا الحق يبدو مستحيلا في تونس لكنني سأسعى إلى ذلك بكل السبل حتى ليلة الحملة الانتخابية .   ويضيف : سيلتجئ الحكم إلى محاولة إقصائي كما فعل في السابق لان ترشحي يمثل إحراجا شديدا بالنسبة إليه.   ويدور الجدل منذ مدة في تونس عن إمكانية تزكية المعارضة ممثلة في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات التي تضم علمانيين وإسلاميين ومستقلين لمرشح واحد في الانتخابات القادمة.   وحول أثر مثل هذا القرار على وحدة الائتلاف المعارض في تونس ومستقبله يقول الشابي لإيلاف: نحن متوحّدون في المعارضة على ضرورة العمل لتوفير شروط انتخابات حرة ونزيهة. لكننا لم نتوفّق إلى سياسة موحدة إزاء هذا الاستحقاق . إلا أن الإجماع حاصل بين كل الأطراف على أن المواجهة مع السلطة وليست بين رموز المعارضة.   (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 10 فيفري 2008)


رفع حظر الحجاب بالجامعات التركية .. متى في تونس؟

السبيل أونلاين – وكالات أقر البرلمان التركي في تصويت أخير السبت 09 جانفي 2008 تعديلين دستوريين ينص الأول على معاملة مؤسسات الدولة للمواطنين الأتراك على قدم المساواة، والثاني على المساواة في الحصول على حقّ التعليم وهو ما يعني رفع الحظر عن الحجاب داخل الجامعات التركية، وقد صوت لصالح التعديلين 403 نائبا من أصل 550 بعدما كان قد وافق عليه في قراءة أولى 404 نائبا وعارضه 92 إثر نقاش دام أكثر من 13 ساعة. ويُفترض أن يحال القانون المعدل على الرئيس التركي عبد الله غول ليصادق عليه خلال أسبوعين ثم يدخل حيز التطبيق وقد يُعطل في حال إعترض عليه العلمانيون الأتراك أمام المحكمة الدستورية العليا. يذكر أن القانون يخص فقط الجامعات التركية وقانون الحظر ما يزال ساريا في المدارس والإدارات والدوائر الحكومية ولن يشملهم هذا القانون. وكان الجيش التركي فرض حظر الحجاب سنة 1980 في أعقاب الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال كنعان أفرين. وقد دعت أكثر من 70 منظمة علمانية تركية للتظاهر ضد التعديل الدستورى الذى تقول حكومة رجب طيب أردوقان بأنه يدفع نحو إشاعة مزيد من الحريات الخاصة والعامة في تركيا المرشحة للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي. وتوعد حزب الشعب الجمهوري المعارض باللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لعرقلة مساعي الحكومة. من جهة أخرى إعتبر نائب رئيس محكمة الاستئناف أن إقرار التعديل يهدد النظام العلماني في تركيا. وتخشى القوى العلمانية من أن يتوسع رفع الحظر عن المحجبات التركيات إلى بقية الدوائر الرسمية. هذا وتعاني حوالى 800 ألف محجبة من القانون الصارم بعدم إرتداء الحجاب في حرم الجامعات التركية. ورحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوقان بإجازة التعديلين ووصف ذلك بانتصار الديمقراطية والعدالة في تركيا،  وكان حزب العدالة والتنمية الذى يقوده تقدم بالتعديلين الدستوريين بالاتفاق مع حزب الحركة القومية القومي. وفي تونس ما يزال حظر الحجاب ساريا في الجامعات ومختلف الدوائر الرسمية بموجب منشور صدر بعد حوالي عام واحد من منع الحجاب في تركيا والمعروف بمنشور 108 الذى صدر سنة 1981 على عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والذى يَعتبر الحجاب « لباسا طائفيا »، وقد تلت هذا المنشور منشورات أخرى تضيّق على المحجبات في الإدارات الحكومية والمؤسسات العامة ومنها الجامعة التونسية. وتعامل الحكومة التونسية المحجبات بقسوة تصل حد الإعتداء بالعنف والتهديد بالإغتصاب والطرد من العمل والحرمان من إجتياز الإمتحانات والملاحقة في الشارع. المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 10 جانفي 2008

 

سينمائيون عرب يرفض مهرجاناً بلجيكياً يحتفي بـ « إسرائيل »

 

 
رفض السينمائي التونسي فاضل الجعايبي المشاركة بفيلمه الجديد “جنون” في فعاليات الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان أفلام الحب في مدينة “مونس” البلجيكية التي انطلقت الجمعة الماضي بسبب مشاركة “إسرائيل” فيه.    وكان الجزائريان سعيد ولد خليفة وناديا شرابي قد انسحبا أيضا من هذا المهرجان السينمائي للسبب ذاته، ونقلت صحيفة “الشروق” التونسية المستقلة امس عن مصدر من مجموعة “فاميليا” التي أنتجت فيلم “جنون”، قوله إن إدارة المهرجان المذكور وجهت دعوات لعدد من السينمائيين التونسيين منهم فاضل الجعايبي الذي رفض المشاركة “بعد اكتشافه تخصيص المهرجان لتظاهرة كاملة للاحتفال بتأسيس دولة “إسرائيل” إلى جانب عرض أفلام “إسرائيلية””.   وتشارك في هذا المهرجان عشرة أفلام “إسرائيلية” ضمن فقرة مخصصة للاحتفال بتأسيس دولة “إسرائيل”، منها سبعة أفلام أنتجت خارج “إسرائيل” بتمويل من دوائر صهيونية منها فيلم أوكراني عن “الهولوكوست”.   وبحسب المصدر، الذي لم يذكر اسمه، فإن السينمائي فاضل الجعايبي احتج على إدارة المهرجان المذكور لأنها لم تعلن من البداية عن “الاحتفال بدولة تحكمها عصابات عنصرية تبيد الأطفال والنساء والأبرياء وتغتصب أراضي عربية”. واعتبر أن هذا الرفض “هو أقل شكل من أشكال التعاطف مع الأبرياء والعزل الذين يموتون كل يوم برصاص الاحتلال”.  فيما اعتبر المفوض العام للمهرجان أن المنسحبين “لهم مواقف معادية للسامية”.   وكانت مشاركة بعض الممثلين التونسيين إلى جانب ممثل “إسرائيلي” في فيلم عن حياة الرئيس العراقي السابق صدام حسين صورت بعض مشاهده خلال شهر يونيو/حزيران الماضي في تونس، قد أثارت جدلا كبيرا داخل الأوساط الثقافية والسياسية التونسية التي لم تتردد في اتهام الذين شاركوا في الفيلم بالتطبيع مع “إسرائيل”.   (المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الشارقة)، الصادرة يوم 11 فيفري 2008)


 

تشكيل جامعة للديمقراطي التقدمي بباريس

أشرف السيد أحمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي على اجتماع حزبي بباريس شكلت على إثره جامعة للحزب انتخبت مكبا لها من سبعة أعضاء هم على التوالي: عدنان بن يوسف مهندس إعلامي، عبد الستار الباجي ناشط جمعوي ومسؤول في إتحاد العمال المهاجرين التونسيين، منصف قدورا صاحب مؤسسة، محمود البارودي طالب مرحلة ثالثة اقتصاد، اياد الدهماني إعلامي، أمية الصديق ناشط جمعوي و باحث في العلوم السياسية، وناجع الشعري باحث في العلوم السياسية.   (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 438 الصادر يوم 8 فيفري 2008)


تونس تعزز الرحلات نحو مدريد لاستقطاب السياح الإسبان

 
تونس – الحياة       انتهز التونسيون الدورة الأخيرة للمعرض الدولي للسياحة في مدريد التي اختتمت في الثالث من الشهر الجاري لتعزيز حضورهم الترويجي في اسبانيا. وأتت هذه العملية بعد تراجع إقبال السياح الإسبان على المنتجعات والمحطات السياحية التونسية بنسبة زادت عن 9 في المائة في العام الماضي، بالإضافة لتراجعات مُسجلة في السنوات السابقة.   واستقطب المعرض أكثر من 13 ألف عارض من 170 بلداً. وأثمرت المشاركة التونسية القوية بواسطة مكاتب سفريات وناقلين ومؤسسات رسمية وشركات خدمات، تحسناً طفيفاً في الحجوزات يشير إلى احتمال عودة تدريجية لهذه السوق التي تُعتبر من مصادر السياحة الأساسية في تونس منذ السبعينات. لكن يُرجح أن يؤدي قرار تعزيز الرحلات المباشرة بين البلدين برحلة أسبوعية بين مدريد وواحة توزر في الجنوب التونسي إلى تنشيط إقبال الإسبان على الواحات والمراكز السياحية في الجنوب.   وتوقع مسؤولون في «الديوان الوطني للسياحة» أن تلعب الحوافز الممنوحة لحجوزات اللحظة الأخيرة دوراً مهماً في تكثيف التدفق السياحي الإسباني على البلد الذي تربطه رحلات جوية عدة بمدينتي برشلونة ومدريد. وأفادوا أن تونس ستُطلق حملة ترويجية واسعة في مدن اسبانية عدة وتُوجه دعوات لمسؤولين في مكاتب سفريات لزيارتها. وأوضحوا أن الحملة ستُركز على منطقتين تقليديتين هما الأندلس وكتالونيا.   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 11 فيفري 2008)

مصانع الفخار التقليدية التونسية تستقطب المُعجبين الأوروبيين

 
تونس – سميرة الصدفي       يُظهر السياح الأوروبيون في تونس اهتماماً خاصاً بزيارة ورشات المشغولات التقليدية بالنظر الى أصالتها وطرافتها، خصوصاً أنها اندثرت في بلدانهم واستُبدلت بمصانع حديثة لا مكان فيها لحذاقة الحرفيين. وفي أطراف مدينة نابل التي لا تبعد عن العاصمة تونس سوى 70 كيلومتراً يوجد مجمع عتيق لورشات تصنيع الأواني الفخارية يستقطب يومياً أعداداً كبيرة من السياح الذين يُمضون الوقت في متابعة مراحل عجن الطين وتشكيله في أوان قبل إدخاله الفرن، ثم تركه يجف أياماً قبل طلائه. لكن أكبر مجمع لمصانع الفخار التقليدية يوجد في قرية «قلالة» في جزيرة جربة. واسم القرية مُقتبس من القلال (بكسر القاف) ومفردها القلة أي الجرة التي يوضع فيها الماء أو يُخزن الزيت أو الحبوب.   وعلى رغم أن أهل البلد عرفوا هذه الحرفة منذ عهد القرطاجيين وكانوا يستخدمون القلال لتصدير الزيت إلى بلدان بعيدة، فإن مجيء الأندلسيين المطرودين من جنوب اسبانيا في القرنين السادس عشر والسابع عشر إلى منطقة نابل ومدينة حمامات المجاورة أدى إلى تطوير تلك الصناعة. ونقلها أهل جربة عنهم لاحقاً فباتت قريتهم «قلالة» متحفاً حياً لفنون تصنيع الفخار لا يستغني أي سائح تقريباً عن زيارته واقتناء بعض مشغولاته.   وتستقطب القرية السياح ليس فقط بسبب مصانعها القديمة وإنما أيضاً لعمارتها المُميزة وسواحلها الجميلة. مع ذلك تراجع عدد الحرفيين الذين يحذقون صناعة الفخار في القرية التي تُعتبر أكبر ورشة لتصنيعه في شمال أفريقيا، إذ كانوا 500 حرفي سنة 1950 لكن لم يبق منهم سوى 40 حرفياً اليوم.   يتنقل السياح بين ورشات متباعدة ويلتقطون صوراً تذكارية مع الحرفيين ويعتمرون القبعات التقليدية المصنوعة من سعف النخل المنتشر في الجزيرة. وفي متحف فسيح يوجد عند أطراف قرية سدويكش البربرية المجاورة يطلع السياح على الأواني الأثرية القديمة التي تحكي عن عراقة المشغولات التقليدية خصوصاً صناعة الفخار. ويشرح الأدلاء الإستخدامات المختلفة لتلك الأواني ذات الأحجام الكثيرة.   يتحدث فتحي الذي أمضى عشرين سنة في هذه المهنة عن خصائصها وسبب تعلقه بها، ويروي للسياح في دقة مراحل تصنيع الأواني منذ أن تكون مادة طينية إلى أن تُصبح آنية جاهزة وتُطلى بألوان زاهية ومتشابكة. ومن تلك الأواني الصحون الكبيرة التي يوضع فيها الكسكس وهو الطبق المفضل لدى التونسيين والمغاربة عموماً منذ أيام الأمازيغ. ويروي ماهر الشاب اليافع سر مجيئه إلى هذه المهنة مُتابعاً في الوقت نفسه عمله في طلاء الأواني، ويشرح كيف تعلم هذه الحرفة، ويقول إن زملاءه في الدراسة استقطبتهم السياحة فهم يعملون أدلاء أو موظفين، أما هو فلديه ميول للرسم والنحت جعلته يتفنن بتنويع الديكور على الأواني الخزفية والفخارية.   ويتعرف السياح في متحف الصناعات التقليدية على أبرز المشغولات الموروثة منذ عهد القرطاجيين، وإلى جانبه يوجد متحف آخر يروي مراحل تطور الحياة اليومية في الجزيرة وعمارة البيوت وعلاقتها بالمنتجات الزراعية. كذلك يزور السياح متحف التماسيح، وبعد نهاية جولتهم على المتاحف ينتشرون في المطاعم القريبة المطلة على البحر لأخذ نصيب من الراحة قبل العودة إلى فنادقهم في مدينتي ميدون وحومة السوق، وهما المنطقتان السياحيتان الرئيسيتان في الجزيرة.   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 11 فيفري 2008)


 

وفد إيراني يستطلع آفاق التعاون… تونس تستقطب 32 بليون دولار استثمارات إماراتية وإيطالية

تونس – سميرة الصدفي        في خطــوة عـــززت إقـــبال الاستثمارات الإماراتية المتدفقة على تونس العام الماضي، استقطبت البلاد في الفترة الأخيرة استثمارات جديدة في القطاعين العقاري والسياحي تجاوزت 32 بليون دولار.   وبعد مشروع «باب المتوسط» الذي باشرت مجموعة «سما دبي» تنفيذه في البحيرة الجنوبية للعاصمة تونس نهاية العام الماضي، بقيمة 14 بليون دولار، أعلنت مجموعة «المعبر للاستثمارات الدولية» ‘الإماراتية تنفيذ مشروع «بلاد الورد» في محيط مدينة أريانة شمال العاصمة. ويرتكز المشروع على استصلاح سبخة أريانة وإقامة مجمعات سكنية وسياحية واستشفائية وترفيهية في المناطق المُستصلحة. ويُعتبر هذا المشروع المقدرة قيمته بـ 10 بلايين دولار، الأكبر الذي تُنجزه المجموعة في أفريقيا.   وقدر عضو مجلس إدارة المجموعة يوسف النويس، المساحة الإجمالية لمشروع «بلاد الورد» بنحو خمسة آلاف هكتار، ستضم مدينة صحية دولية ومنتجعات سياحية ومجمعات سكنية ومراكز تجارية وملاعب غولف ومنشآت رياضية، إضافة الى ممرات مائية داخلية. وأوضح أن المشروع «سيشتمل على 50 كيلومتراً من السواحل على ضفاف ممراته المائية»، وأن مرحلته الأولى، التي أُطلق عليها اسم «ديار الفُل» وتشمل 300 هكتار، «ستنجز في خلال خمس سنوات».   مرفأ مالي   الى ذلك، باشر «بيت التمويل الخليجي» البحريني إعداد الدراسات الفنية لتنفيذ مشروع «مرفأ تونس المالي»، وهو أعلن نهاية العام الماضي أنه يعتزم بناءه في مدينة رواد الساحلية شمال العاصمة تونس. واعتبر أن مشروعه في تونس «يشكل جانباً من خطته الرامية الى توسيع نشاطه دولياً، خصوصاً في الاقتصادات الواعدة». وتتجاوز الاستثمارات التي يُنفذها في مراكز للطاقة ومشاريع بنية أساسية في ليبيا والهند وقطر 12 بليون دولار على مدى ثماني سنوات.   وأعلن رئيس مجموعة «برياتوني للاستثمار» الإيطالي أرنستو برياتوني في ختام زيارة لتونس، أن مجموعته «ستُنشئ مدينة سياحية مندمجة على السواحل التونسية بين بنزرت وطبرقة بقيمة 22 بليون دولار». ولفت الى بناء فنادق ومراكز ترفيه وموانئ بحرية، على أن «ينطلق العمل في المشروع قبل نهاية هذه السنة ويستمر على مدى 12 عاماً». وتوقع أن يغير مشروعه «وجه السياحة التونسية» من دون إعطاء إيضاحات.   وتوقعت مصادر تونسية أن يستوعب مشروع المدينة السياحية الجديدة جزءاً من العاطلين من العمل ليؤمن 30 ألف فرصة عمل جديدة، في منطقة تسجل نسبة بطالة مرتفعة قياساً الى متوسط النسبة في المناطق الأخرى. وتسعى تونس الى زيادة إيرادات القطاع السياحي التي تجاوزت بليوني دولار العام الماضي.   وفد إيراني   من جهة أخرى، أنهى وفد من رجال الأعمال الإيرانيين من مقاطعة قزوين، زيارة لتونس استمرت أسبوعاً، لدراسة آفاق تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين. وزار الوفد الذي يضم 40 رجل أعمال بقيادة محافظ قزوين سيد احمد نصري مدينة صفاقس، ثاني المدن التونسية والعاصمة الاقتصادية للجنوب، لإقامة توأمة مع غرفتها الصناعية والتجارية. وأشار نصري الى أن تونس التي ترتبط باتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي «تشكل بوابة لإيران للوصول إلى الأسواق المجاورة خصوصاً جنوب أوروبا».   وضم الوفد صناعيين ومستثمرين في قطاعات الإلكترونيات والزجاج والمنسوجات والخزف والزراعة، وتحتل مدينة قزوين المرتبة الثانية بعد طهران في مجال إنتاج قطع الغيار وبدائل السيارات المُعدة للتصدير. وكانت اللجنة المشتركة التونسية – الإيرانية قررت في اجتماعها الأخير في تونس، تسريع نسق التعاون بإنشاء مصرف مشترك وتأسيس شركة للملاحة، ودرس فتح خط جوي مباشر بين تونس وطهران.   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 فيفري 2008)  


اتفاق على «تذليل عقبات» أمام القمة المغاربية

تونس – رشيد خشانة    

 

أفادت مصادر تونسية وجزائرية متطابقة أن تنشيط المؤسسات المغاربية حاز على قسم مهم من المحادثات التي أجراها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي خلال زيارته القصيرة لتونس الخميس الماضي. وأوضحت أن زعيمي البلدين اتفقا على تفعيل التعاون الثنائي وتذليل العقبات التي حالت دون عقد القمة المغاربية المؤجلة منذ العام 1994.

 

وكان مجلس الرئاسة المغاربي عقد دورته الأخيرة في تونس في 1994 وتعذر عليه الاجتماع بعد ذلك بسبب تداعيات قضية الصحراء الغربية والخلافات المغربية – الجزائرية. وتردد في الفترة الأخيرة أن جهوداً تُبذل لعقد قمة مغاربية يكون موضوعها الرئيسي تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب وتنضم إليها مصر على ألا تتطرق إلى قضية الصحراء.

 

وكان الرئيس بن علي أرسل موفدين إلى نظرائه المغاربيين لم يُكشف عن فحوى المهام التي كُلفوا بها، ثم تلقى ردوداً على رسائله. وأفيد أن الرسائل تتعلق بالصيغ المطروحة لتنشيط الاتحاد المغاربي.

 

من جهة أخرى، أفاد رئيس مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات الدكتور عبدالجليل التميمي أن جهاز الرقابة على المطبوعات في وزارة الثقافة التونسية أجاز لمؤسسته توزيع أربعة كتب كانت محتجزة منذ خمس سنوات. وأوضح في بيان صحافي أرسلت نسخة عنه إلى «الحياة» أن ثلاثة من الكتب تتعلق بحقبة حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1956 – 1987).

 

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 فيفري 2008)


 

كشف النقاب  عن مقتل الشاب

 

قبل العرض التوضيحي حول مقتل الشاب الذي سبق أن أخبرت عنه الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب و منظمة حرية و انصاف و ذلك يومي 31 / 01 / 2008  و 1 / 02 2008 إثر تحركا ت تلمذية جدت بولاية صفاقس و بالتحديد بجهة جبنيانة لا يسعنا قبل ذلك إلا سوق جملة من الملاحظات الهامة و الأسباب التي حفت بهذا النبأ.

الملاحظة الأولى:  إن الانغلاق الذي تشهده البلاد في كل المجالات و الاحتقان الحاصل من جراء ذلك قاد بالضرورة شريحة كبرى من شبابنا إلى اعتماد الإشاعة و النكتة كشكل من أشكال تفجير الاحتقان الكامن داخل أسوار الذات المسحوقة و المأزومة .

الملاحظة الثانية:إن الحصار الذي تفرضه السلطة على وسائل الاعلام و منع الصحفيين من الوصول إلى مصادر الخبر و الكيد للمخلصين و الأحرار و المعارضين منهم و مصادرة وسائلهم و تقنياتهم و الزج بهم في السجون كل ذلك أدى ببعضهم إلى اعتماد آليات لمتابعة الأحداث و الأخبار تكاد تكون بدائية بالمقارنة مع تطور و تقدم وسائل الإعلام الحديثة مما يجعلهم عرضة للخطإ في أحوال عدة.

 الملاحظة الثالثة : إن القطيعة الحاصلة بين السلطة و المجتمع المدني و علاقة التنافي المعششة في أذهان أصحاب السلطة هي المتحكم الأساسي في ملعب الأحداث في بلادنا و إن تصيد سقطات و هفوات المعارضين أصبح الميكانيزم الموجه للأحداث و العلاقات في تونسنا الحبيبة .

 إن ثقافة الحوار بين السلطة و المعارضة أصبحت معدومة في بلادنا و إن المصالحة بين الشعب والسلطة تكد تكون بعيدة المنال و ذلك بسبب منظومتها الاستبدادية ، حتى أصبح المواطن العادي لا يشعر بمواطنته الحقيقية و أضحى المثقف لا يهتم إلا بنفسه و أمست النخبة المسيسة في شبه استقالة ، همها الوحيد الدفاع عن حصونها و أعضائها و غاية بعضها نيل رضى سيدها وولي نعمتها و تبرير تصرفاته و أعماله ووصل الأمر ببعض رموز نخبتها الحقوقية التمترس وراء الصمت المطبق و المتعمد على ما حصل من انتهاكات طالت كل المجالات إلى حد التعدي على أقدس قيمة وهي الحياة .

الملاحظة الرابعة: لم نشهد في تونس ولو مرة واحدة جبرا للضرر حقيقي أو فتحا لبحث هام أو حوارا صريحا و شفافا أو مناظرة حقيقية في ملف وطني أو انتصاب لجنة لتقصي الحقائق في موضوع يشغل المجتمع المدني أو الحقوقي أو السياسي ، أو استشارة وطنية تلتزم السلطة بما تمخضت عنها ، أو اعلام يرفع الالتباس عما يدور في وطننا من أحداث خطيرة و هامة ، حتى أصبح المواطن لا يصدق ما تقوله السلطة و لايثق بمسؤوليها و برامجها و لا يتحمس لمخططاتها وهو في الأخير غير آبه بهموم وطنه و لا بتطلعاته الحاضـــــــــــــــرة و المستقبلية .

 

كان هذا عرضا لبعض الملامح الأساسية التي تصبغ واقعنا المدني و السياســـــــــي و الشعبي في وطننا تونس.

 

ونأتي الآن إلى الموضوع الذي قدمنا له بهذه التوطئة وهو الخبر الذي تناقلته وسائل الاعلام عن مقتل شاب تونسي في منطقة جبنيانة من ولاية صفاقس و الذي أوردته الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب و منظمة حرية و انصاف و جريدة الطريق الجديد و تناقلته وسائل الاعلام الدولية في المواقع الإلكترونية و الفضائيات التلفزية.

 و باعتبار انتمائي للوسط الحقوقي سأعرض الملابسات التي حفت بالخبر لعل الأمر ينجلي .

1 )  اتصلت منظمة حرية وانصاف عشية يوم الخميس 31 /  01 / 2008 برسالة ممضاة من أحد الطلبة الذين تثق بهم المنظمة و القاطن بولاية صفاقس يعلمها فيها عن حصول أحداث و تحركات احتجاجية بمعاهد جبنيانة و كليات صفاقس المدينة  و كليات العاصمة نظمها الاتحاد العام لطلبة تونس وانضم إليها جل الطبة و ذلك بسبب مقتل شاب يدعــــــــى  » سامي بن فرج  » على اثر تعرضه للضرب على رأسه من طرف عون أمن.

فأوردت المنظمة الخبر ليلة الخميس 31 / 01 /2008 على الساعة الثامنة ليلا في المواقع الالكترونية بدون ذكر لا الاسم و لا اللقب ونسبته إلى الاتحاد العام لطلبة تونس الذي نضم الاحتجاجات .

 ورغم تواتر الخبر بتفصيل دقيق هاتفيا و من مصادر موثوقة إلا أن المنظمة من قبيل الاحتياط لم تفصل في عرض النبأ.

 وقد اطلع كل المشاهدين على الساعة التاسعة ليلا على الخبر ببعض القنوات الفضائية يؤكدون حادثة الوفاة نسبة إلى هيئات حقوقية تونسية.

 و في صبيحة يوم الجمعة 1 /02 /2008 اطلع المتابعون في المجلات الالكترونية على الخبر مفصلا بشكل دقيق منسوب إلى منظمة حقوقية وهي الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب و في مساء الجمعة 1 /02 / 2008 أوردت جريدة الطريق الجديد لسان حزب التجديد – وهي صحيفة وطنية مرخص لها- أوردت الخبر في صفحتها الثانية تحت عنوان  » وفاة تلميذ إثر التعنيف «  ورد فيه اسم ولقب المعتدي عليه ( سامي بن فرج ) و الجهة التي قامت بالإعتداء عليه ( قوات الأمن ) و المستشفى الذي توفي فيه ( مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس ) و تاريخ الوفاة ( صبيحة الخميس 31 /01 / 2008  ).

 و للثقة الكبرى  في مصادر الخبر الذي ورد على المنظمة و تواتره و كثرة وتنوع المصادر و تأكيده من هيئات حقوقية محترمة و صحف وطنية موثوقة ( جريدة الطريق الجديد )و فضائيات عرفت بالمصداقية..  ارتأت تلك المنظمة تفصيل الخبر ببيان ثان و ذلك يوم الجمعة 1 /02 /2008 مساء ورد بالصحف الالكترونية يوم السبت 2 / 02 / 2008 .

 و على إثره ورد تكذيب لخبر الوفاة من طرف رابطيين من ولاية صفاقس نشر يوم 2 / 02 / 2008  جاء فيه « .. تأكيد العديد من سكان منطقة أولاد حسن بجهة جبنيانة و المناطق المجاورة عدم حصول أية حالة وفاة أو تنظيم أي مأتم بها في اليومين الأخيرين « . و إزاء هذه التجاذبات لا يسعني إلا أن أسوق بعض الحقائق في هذا الموضوع .

باعتبار أن السلطة التونسية لم تكشف عن حالة وفاة شاب و ملابساتها بشكل دقيق و قول الرابطيين الذين نفيا وجود أية حالة وفاة في الجهة والمناطق المجاورة و لا تنظيم أي مأتم أيام الأحداث التلمذية ، أقول.. لقد نقل أحد الشبان من مواليد 8 / 07 / 1974 المدعو خليفة بن فرح إلى المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس على متن سيارة اسعاف مستشفى جبنيانة و ذلك يوم الاربعاء على الساعة H 5019  بعد أن بقي حوالي ساعتين ملقى على حافة طريق المهدية قرب منطقة جبنيانة و كان حضور أعوان الأمن مكثفا مما أثار انتباه كل المارين و الحاضرين حين كان المجني عليه ملقى على حافة الطريق و قد انتشر خبر الحادث بجبنيانة و معاهدها .

و قد نقل الضحية إلى المستشفى الجامعي بصفاقس حيث لفظ أنفاسه الأخيرة و ذلك على الساعة الخامسة صباحا يوم الخميس 31 / 02 / 2008 .

و مما زاد الطين بلة أن المشتبه فيه بأنه هو القاتل فر من مكان الحادثو شاع خبر الوفاة وانتشر بشكل كبير مما ولد لدى البعض الشك و الابهام في ملابسات الوفاة و هنا يكمن خطأ السلطة حيث أحيل ملف هذه القضية إلى حاكم التحقيق بمحكمة صفاقس و لم توضح معالم و ملابسات الوفاة للرأي العام و للتلاميذ مما جعل الخبر ينتقل و يصل مبهما و مشوها إلى تلاميذ منطقة جبنيانة .

و مما عمق الشك و الريبة حضور الأمن بشكل مكثف بمراسم الجنازة التي تمت في وقت مشبوه حيث لأول مرة و بشكل غير مألوف دفن هذا الشاب من مواليد 1974 بمقابر الكتاتنة بذراع بن زياد من أولاد حسن بمنطقة جبنيانة من ولاية صفاقس بعد صلاة العصر بساعتين – وفي العادة يدفن موتى هته الجهة بعد صلاة الظهر – .

و قد انتصبت سيارات الامن على الطريق بمسافة كيلومتر و ذلك بمراسم الجنازة كما أكد ذلك لي شقيق المتوفي السيد محمد بن علي بن خليفة بن فرح عضو الحزب الديمقراطي التقدمي وكان الحضور لافتا للانتباه مما رفع منسوب  الريبة و الشك.

 و أدعو في هذا المقام عضو الرابطة السيد عبد العزيز عبد الناضر الذي نفى وجود مأتم و حالة وفاة في جبنيانة أو المناطق المجاورة أن يتصل ليتسلم مضمون رسمي للوفاة صادر عن معتمدية العامرة بعمادة ذراع بن زياد من جهة جبنيانة مرسم تحت عـ267ـدد بتاريخ 31 / 01 / 2008 صادر عن بلدية صفاقس يؤكد وفاة شاب يدعى خليفة بن فرح مولود في 8 جويلية 1974 وهو موضوع الالتباس ، ونرفق هذا المقال بصورة شمسية ومضمون وفاة للمجني عليه و أدعو السلطة لإنارة الرأي العام و الكشف عن سبب وفاة هذا الشاب و كيفية وفاته و من قتله بعد إتمام أ عمال التحقيق؟

و في الختام لايسعني إلا القول :

1) أن الخطأ في الخبرمشترك لا يتحمله طرف بعينه لكن الوزر الأكبر يقع على عاتق السلطة.

2) التأكيد على أن منظمة حرية وانصاف – في رأيي – لا تريد إلا الحقيقة و لاتعمل إلا على نشر مبادئ حقوق الانسان و الدفاع عن كل المظلومين و المقهورين و المعذبين وهي لا تتحامل على أحد ولا تعمل على نشر الأخبار الزائفة بل تعين على كشف الحقائق من أجل الانصاف و الانصاف فقط .

3) لقد نشر جهات كثيرة حينها خبر وفاة الشاب بن فرح سواء في الصحف الوطنية أو الفضائيات أو المواقع الالكترونية او الصحف الدولية او الشخصيات الوطنية وكانت منظمة حرية و إنصاف آخر  من فصل هذا الخبر، فلماذا كل هذا التركيز على اتهام المنظمة ورئيسها بصفة خاصة ؟ و ماذا يراد من وراء الحملة الشعواء ضد المنظمة ..؟

4) إن السلطة مدعوة إلى مزيد من الانفتاح على هيئات المجتمع المدني و الحقوقي حتى لا نصل إلى منطق التنافي و القطيعة .

5) لا بد من احتواء الاحتقان الاجتماعي و السياسي و القطع مع سياسة القهر و الظلم المسلطة على هذا الشعب .

6) لا بد من فتح تحقيق جاد في مقتل الشاب ( بن فرح ) و أيضا في مقتل آخرين مثل :

– فيصل بركات

– رشيد الشماخي

– عبد الرؤوف العريبي

– فتحي الخياري

– عامر دقاش

– عبد العزيز المحواشي

– عبد الواحد عبيدلي

– لطفي قلاع

– المولدي بن عمر

– نور الدين العلايمي

– أحمد العمري

– حمدة بن هنية

– عدنان سعيد

– صلاح الدين باباي

– طارق الزيتوني

7) لا بد من كشف النقاب عن مآل المفقودين الثلاث السادة :

– كمال المطماطي

– فتحي الوحيشي  

– عباس الملوحي

و في الأخير أسوق الملاحظة الآتية للرأي العام الداخلي و الخارجي أنه حينما كنا  نحقق في هذه القضية يوم الخميس 7 فيفري 2008 في منطقة جبنيانة و مدينة صفاقس تابعتنا جحافل من البوليس السياسي لمحاصرة تحركاتنا التي كنا نبغي منها اجلاء الخبر.

 و هذا الوضع يكاد يعيشه يوميا الصحافيون و النشطاء الحقوقيون و السياسيون في قطرنا التونسي

 

 

الامضــــــــــــــاء

زهير مخلوف

ناشط حقوقي

 


ولا تزر  وازرة   وزر  أخرى :

رسالة مفتوحة إلى السيد الشماري ومن يهمه أمر استقلال قراراتنا الحزبية

 
أعلنت اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي قرارها بترشيح الأخ أحمد نجيب الشابي منذ الآن إلى رئاسيات 2009 وكما كان متوقعا حول طبيعة التوازنات داخل الحزب فاز القرار بأغلبية واضحة تمثلت في 43 صوتا من جملة 75 أي ما قدره في حدود 55% وعارض القرار 16 عضو وتحفظ آخران وتغيّب عن الحضور أو غادر في الأثناء 14 عضو. وبعدّ هذا القرار تثبيتا لما سمي بنهج القطيعة الديمقراطية الذي اتجه إليه ورعاه منذ سنوات السيد نجيب الشابي على قاعدة الطعن في الشرعية القائمة واستثمار الوضعية القانونية للحزب لترفيع سقوف الاحتجاج وتجاوز ما يسميه البعض بالمحرمات والخطوط الحمراء في خطاب الحزب وتحالفاته. كما ان نسبة الاعتراض والتحفظ أو عدم الانخراط في القرار بالغياب أو بالمغادرة يؤكد مرة أخرى على أهمية الخط الأقلي النشيط  الذي  اختار بدوره منذ المؤتمر الثاني الانحياز إلى الخط الأصلي للحزب باعتباره حزبا قانونيا إصلاحيا مستقلا  كما تقتضيه أرضية الالتقاء داخله منذ المؤتمر الأول صائفة 2001 وكما تقتضيه الوضعية الراهنة والتحديات الداخلية والخارجية والتوازنات القائمة في المشهد السياسي سلطة ومعارضة . ورغم أهمية القرار وتداعياته المتوقعة على مستقبل الحزب والمعارضة فإني لم أصل عند نهاية التصويت إلى الإحساس بالأسف والتشاؤم، على صدور هذا القرار ما دام الأمر لن يتجاوز في رأيي اختيارا مرحليا سوف يجتهد المتحمسون له ليحصلوا في نهاية المطاف على أجر اجتهادهم لا أكثر وليست هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي لا تنال فيها المعارضة غير أجر اجتهادها ولذلك كنت أهمّ بعد نهاية التصويت إلى تهنئة « رفاق أقليّتي  » على احتفاظهم بحقهم في قول ما يريدون وإلى تهنئة رفاق الأغلبية على احتفاظهم بحقهم في فعل ما يشاؤون ولكن أمرين جللين حدثا في نهاية الاجتماع يدفعانني إلى إبداء هذه الملاحظات ويتمثل الأمر الأول في إشار ة اللائحة الختامية التي قرئت على عجل دون أن تناقش بأن هذا الترشيح يتمّ على جملة من القواعد منها الاستجابة إلى ما سمي بالمبادرة الوطنية لترشيح نجيب الشابي وهي مبادرة لم تعلن إلى حد نهاية الاجتماع ولم يعرف أحد مضمونها ولم تكن أصلا موضوعا للنقاش داخل اللجنة المركزية أما الأمر الثاني فيتمثل في التحاق الناشط الحقوقي المحلي والدولي السيد خميس الشماري بقاعة الاجتماع مع أول بشائر فجر 10/02/2008 بعد أن قضى كما قال كامل ليلة 09/02/2008 وهو في انتظار صدور قرارنا رغم ظروفه الصحية ! وبعد ترحيب كبير ينسجم مع الاحترام الذي يكنّه عدد غير قليل من مناضلي حزبنا للرجل وبعد تصفيق معتبر يتلائم مع التغطية المتميزة التي أجرتها جريدة الموقف لعودته – الحدث من منفاه الإجباري كما قال ، تقدّم الرجل ليتلو على مسامعنا خطابا ارتجله بالمناسبة وبيانا لما سماه بالمبادرة الوطنية لترشيح الشابي وبقطع النظر عن الثغرات المنهجية والمضمونية التي حفل بها الخطاب والبيان والتي نؤجل الخوض فيها إلى الوقت المناسب وبقطع النظر عن أبعاد تواضع القيمة الرمزية لأسماء المساندين الذين تمكن السيد الشماري من انتدابهم للمبادرة فإنني أكتفي اليوم بتوضيح النقاط التالية :
1-     إن قرار ترشيح الأخ الشابي هو على حد علمي قرار حزبي بالأساس وسوف يتم تفعيل هذا القرار وفق الأهداف والمضامين والرهانات التي تقرها هيئات القيادة والقرار في حزبنا ومع احترامنا لحق خميس الشماري في الوفاء للوعود التي قطعها لصديقه نجيب الشابي كما قال فإننا لا نفهم أن يمنح سيادته لنفسه الحق في صياغة بيانات تتجاوز حدود مساندة مرشحنا لتحدد مضامين وبرامج ورهانات هذا الترشح كما لا نفهم إعلان السيد الشماري أمامنا فجر 10/02/2008 تفويض نفسه للتفاوض مع الشخصيات وانتداب الكفاءات التي ستعدّ برنامج الترشح ومضامين الحملة فهذه أمورنا وتهمنا كحزب ولم نفوّض لها أحدا من خارج الحزب وإذا كان السيد خميس الشماري يملك حق الكلام أحيانا باسم 18 أكتوبر وأحيانا أخرى باسم الرابطة وفي أحيان كثيرة باسم المعارضة دون أن يجادله أحد فإن من حقي أن أذكّر السيد الشماري بأنّ قرارنا الحزبي وبقطع النظر عن اختلافنا حوله ليس معروضا للتشغيل والاستخدام في غير الأهداف والرهانات التي نقررها داخل حزبنا ولا ننتظر من الآخرين بمن فيهم السيد الشماري أكثر من حدود المساندة .
2-     إن السيد الشماري كناشط حقوقي وسياسي تتداخل في شخصه الكريم صفات ومجالات وجبهات وطنية ودولية ومن حقه أن يختار ما أراد من معارك داخليا وخارجيا ومن حقه أن يضع لهذه المعارك ما أراد من عناوين  وأن يوظف فيها ولها إمكاناته الداخلية والخارجية كما أن من حق من أراد من المعارضين في تونس أن يستفيد من فضائل شخصية الشماري كمواطن عالمي وشخصية دولية ومن حق أي معارض أن يستثمر خبرته وعلاقاته في خطّة اعتماد متبادل مع السيد الشماري ولكننا لا نرى أبدا أن قرارنا الحزبي أو مرشحنا يمكن أن يكونا ضمن هذه الصورة بل إننا نزعم أننا سنتصدى لكل من يضع قرارنا أو مرشحنا في هذه الدوائر الغائمة ومن هذا المنطلق أدعو السيد الشماري إلى تنسيب دوره وتخفيض سقوف تفاعله مع قرارنا بقطع النظر عن نبل مشاعره واستعداده الدائم لتأدية الخدمات النضالية لأصدقائه ونعتبر أن تنسيبه لدوره وخفض صوته حول قرارنا يجنّبنا مظاهر خلط وتوظيف لا نرى ضرورة تفصيل القول فيهما حاليا .
3-     انبرى السيد الشماري في خطابه المذكور يحلل أبعاد قرارنا الحزبي ويجيب في مكاننا على تساؤلات وتحفظات الأطراف ويغدق علينا وعوده بأن قرارنا أصبح الآن في أياد أمينة ستستثمره في الاتجاه الصحيح ولا أفهم مرة أخرى هذا الموقع الذي منحه السيد الشماري لنفسه ما دام القرار قرارنا ولا أظنّ أحدا غير مناضلي حزبنا مؤهل لخوض جدل الدفاع عن هذا القرار او الحوار حوله مع شركائنا أو خصومنا ولهذا الاعتبار فلن أظنّ أحدا داخل حزبنا سيكون ملتزما في الحقيقة بأي تأويل أو تنزيل لقرارنا الحزبي إلا في الأبعاد والمواقع والرهانات والسقوف التي نختارها وفق آليات القرار والنطق داخل حزبنا .
 
وفي الأخير يهمني أن أذكر الجميع بأن النضال الحقيقي والفعال يتمثل في صنع المبادرات لا في اقتناصها وأن بناء الوجاهة أو استرجاعها جهد شخصي لصاحبه لا يمر باقتراض جهود الآخرين… ألا هل بلغت اللهمّ فاشهد !  
 الحبيب بوعجيلة

عضو المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي

 


 

دفاعا عن ولد باب اللّه لأنّ حريّة السخرية من حرّية التعبير!

 

الجميع في تونس، من شمالها الى جنوبها ومن كبيرها الى صغيرها، يعلم انّ الزجّ بالهادي ولد باب اللّه في السجن لا يمكن ان يكون بسبب يقظة أجهزة أمننا العتيدة واكتشافها المفاجئ لتعاطيه « الزطلة »، وايضا ـ بقدرة قادر- لمتاجرته في العملة الصعبة. فالرجل يكاد يتحوّل بين عشيّة وضحاها من فكاهي محبوب الى زعيم عصابات خطير، وأرجو فقط الاّ يضيفوا له تهم سخيفة أخرى من نوع: حيازة سلاح ناري أو المشاركة في تكوين خلّية ارهابية تهدف الى قلب النظام واغتيال سفراء الدول « الصديقة »… خاصّة وانّ هذه التهمة « على الموضة » حسب آخر تقليعات سلطتنا القضائية شديدة الإستقلال. مرّة أخرى اذن، يخطئ النظام في حساباته ، فمن خلال سعيه لمعاقبة من يسخر منه سيتحوّل من جديد الى مسخرة العالم بأسره.

 

قد نختلف مع مضمون فكاهة ولد باب اللّه أو غيره، لكن تلك تبقى مسألة أذواق تختلف من شخص الى آخر. فالسخرية من الشخصيات السياسية وتصويرها بشكل كاريكاتوري هي من أركان حرّية التعبير في المجتمعات الديمقراطية المعاصرة. ومادامت السخرية لا تتعدّى حدود الإحترام لحرمة الشخص المعنوية وما دامت لا تحطّ من قيمته أو تصوّره في وضعيّات مهينة فإنّها تبيت أمرا ضروريا للحدّ من تسلّط السياسيين ، سواء كانوا في الحكم أو في المعارضة، ولإحداث نوع من التوازن النفسي بينهم وبين بقيّة أفراد المجتمع. وفي حال ما تجاوزوا تلك الحدود فليتمّ تطبيق القانون، وان لزم الأمر محاكمتهم فليحاكموا على قد مايكونوا ارتكبوه من مخالفة للقانون، لكن ان يتمّ تلفيق التهم الجاهزة لهم بمنطق التشفّي والثأر الشخصي فذلك أمر لا يمكن السكوت عنه  في دولة قانون ومؤسّسات.

 

 قضيّة باب اللّه لا تختلف من حيث شدّة الوضوح وقمّة الإستبلاه للتونسيين عن قضيّة الصحفي السجين سليم بوخذير أو المحامي السجين السابق محمّد عبّو أو عن قضيّة نزع الجنسية عن سهى عرفات… فمرّة أخرى يستعمل نظام الإستبداد القضاء لتصفية حساباته مع من لا يرضى بالطاعة العمياء لإرادته المتجبّرة، والهدف واضح ككلّ مرّة: وهو ان يجعل من الضحيّة عبرة لمن يعتبر، وان يخيف عبر مثاله هذا الشعب المسكين، الذي يراد له ان يقتنع بأنّ قدره هو ان يعيش تحت أقدام الإستبداد طيلة خمسين عاما قضت ولخمسة سنوات قادمة على الأقلّ، حسبما تبّشرنا به المناشدات « الشعبية » و »العفوية » للرئيس الحالي.

 

فمن الواضح انّ هذا النظام ينوي على ما يبدو اطالة المقام بربوعنا وهو يعمل جاهدا على ضبط حركة المجتمع المتجّهة شيئا فشيئا نحو التحرّر من سلطته. وذلك من خلال إعادة توضيح قواعد اللعبة للجميع وبالأساس للفئات الملتحقة أكثر فأكثر مؤخّرا بال »معارضة »، كالنقابيين وأصحاب الشهائد والفنّانين والشباب الطلاّبي وغير الطلاّبي الخ. انّه يحاول تحذيرهم ومن خلالهم بقيّة أفراد الشعب: ان لاتغترّوا بصبرنا أحيانا على جرأة البعض منكم واضطرارنا لتحمّله لأسباب تتعلّق أساسا بالحفاظ على « بريستسجنا » وصورتنا لدى بعض الدول ، والمؤسّسات المالية العالمية. تلك التي ترضى بإقراضنا مقابل بعض الملامح الكاذبة لحرّية تعبير، هي في حاجة اليها لتبرير دعمهم وحمايتهم لنا أمام رأيها العام.

 

خلاصة القول، انّ نظام الإستبداد في تونس يريد ان يجعل من الهادي باب الله رمزا لمآل كلّ من تسوّل له نفسه التجرّأ على الإقتراب من « الذوات المقدّسة » التي ترتكز عليها سلطته – وترتكز عليه بدورها وتتمعّش منه -. لكنّ من الواضح انّ هذا الشعب بدأ يتململ رغم كلّ الجهود الحثيثة ل »تزطيله » و »تبنيج » وعيه السياسي، وبدأ يعطي اشارات صحوة متنامية، وان كانت عفويّة وعشوائية أحيانا، تدلّ على رفضه المتصاعد للأوضاع القائمة وعن رغبته في التغيير. علينا اذن الاّ نترك الإستبداد يحوّل الهادي باب اللّه الى رمز جديد للخوف والهوان وان نجعل منه رمزا للضحك على تخلّف هذا النظام والأمل بقرب الخلاص من حقبته المظلمة.

 

غسّان بن خليفة

 


 

الحفاظ على صندوق التعويض رغم هيمنة اقتصاد السوق

 

هامش من « التوجيه » للحفاظ على القدرة الشرائية ومنع استشراء الفقر

هندة العرفاوي

شهدت سنة 2007 وبداية هذه السنة العديد من الأحداث أدت إلى التساؤل حول مصير صندوق التعويض وهذه الأحداث مرتبطة بظرف عالمي ناتج عن تقلب أسعار الحبوب وارتفاع سعر النفط وارتباطها بظرف هيكلي محلي متعلق بمستوى الأداء الاقتصادي. والتساؤلات وجدت طريقها إلى الأذهان خصوصا مع الارتفاع الذي شهدته عديد المواد الأساسية التي من المفروض أنها تخضع إلى الدعم وان صندوقا وضع لذلك ويعتبر مكسبا اجتماعيا حتى باعتراف الوزير الأول في إحدى الندوات الوطنية التي تعرضت إلى الإجراءات الرئاسية في المجال الاقتصادي. وقد رصدت ميزانية الدولة لسنة 2008 ما يقارب ال700مليون دولار لدعم هذا الصندوق. فما الذي طرأ خصوصا وان الواقع الاجتماعي لا يزال يرتبط بالدعم ليحافظ على نوع من التوازن في مستوى المعيشة؟

تؤكد مصادر حكومية أن الإنفاق العمومي الناتج عن دعم المواد الغذائية (مشتقات  الحبوب، السكر والزيت) والنفط تجاوز المبلغ الذي رصد لصندوق الدعم وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الفلاحية (حبوب وزيت الصوجا الخ…) والبترول في السوق العالمية.

يتساءل البعض إن كانت تلك مقدمة اعتمدت كمبرر للترفيع في أسعار بعض المواد الأساسية ومن ذلك الحليب ومشتقاته وبعض مشتقات الحبوب ؟ أم هي تبريرات مسبقة خصوصا وان هناك بعض الجهات بدأت تتساءل عن جدوى هذا الصندوق باعتباره ليس الوسيلة المجدية لمساعدة التونسيين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر (4%)، وانه لا بد من التفكير في وسائل مساعدة أجدى خصوصا وان الدعم على الحبوب مثلا يستفيد منه تجار لعرض بضاعة بأثمان باهضة.

ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية

الحليب

في 19 جانفي الماضي صدر بيان من وزارة الفلاحة يؤكد أن سعر الحليب ارتفع ب 60 مليم للتر عند الإنتاج. وهذا ما يرفع من تكلفة اللتر الواحد إلى 900 مليم مع أن سعر التكلفة للمربي تقدر ب500مليم للتر عند الإنتاج وهو يبيعها لمراكز تجميع الحليب والصناعيين ب 450 مليم وبالتالي فان 50 مليم الإضافية تجعل سعر التكلفة مساو لسعر البيع. وهذا ما تقوم به الدولة . أما بالنسبة إلى أسعار التعويض لكل لتر من الحليب المستورد فتقدر ب 500مليم. وقد استوردت تونس إلى غاية 31 ديسمبر 2007، 5 ملايين لتر بتكلفة تقدر ب 2.5 مليون دينار للصندوق الوطني للتعويض. ونفس الأمر ينسحب على بقية مشتقات الحليب وان بنسب متفاوتة عند البيع للمستهلك.

وقد ارجع الارتفاع في أسعار الحليب إضافة إلى مسالة التكلفة عند الإنتاج لتصدير كميات هامة منها إلى ليبيا والجزائر البلدين المجاورين. كما أن أزمة الإنتاج يرجعها الفلاحون إلى ارتفاع في تكلفة العلف خصوصا وان هذه المادة تستورد أيضا نتيجة للظروف الهيكلية والمناخية.

 نستشف مما سبق أن اكبر المستفيدين من أزمة الحليب هي المركزيات وعددها 8 منها 7 مؤسسات خاصة وواحدة عمومية وهي شركة « ستيل ».وقد كانت توجد ثلاث مؤسسات عمومية هي » لينو » و »حليب تونس » إضافة إلى « ستيل » فوت منها اثنين للقطاع الخاص . وعندما نرى الفرق بين سعر الإنتاج وسعر البيع للمستهلك نرى أن المستفيد الأكبر هو هذه الشركات الخاصة. كما أن مواجهة النقص في الإنتاج لا يمكن حله بالاستيراد بل باعتبار الاكتفاء الذاتي واعتبار الحليب قطاع استراتيجي لا يمكن التفويت في الفائض منه إلا بعد اكتفاء السوق المحلية.

الحبوب

من بين المشاكل التي نتجت عن ارتفاع أسعار الحبوب في العالم يمكن ذكر السببين الرئيسيين وهما الظرفي العالمي والهيكلي المحلي. ويرجع الخبراء السبب في ذلك إلى تقدم الطلب على العرض خصوصا مع النهضة الاقتصادية التي تشهدها دولتين تعرفان ارتفاعا سكانيا هاما. وهما الهند والصين وارتفاع طلباتهم على المواد الغذائية. كما أن المواد الفلاحية صارت مطلوبة أيضا في الصناعة بوصفها احد مصادر الطاقة. فحسب المجلس العالمي للحبوب فان  الاستخدام الصناعي لهذه المادة ارتفع من 108.6 مليون طن سنة 2001 إلى قرابة 230 مليون طن في 2007. تقريبا نصف هذا الإنتاج له استخدامات في مجال الطاقة. كما أن ارتفاع أسعار المحروقات كان لها دور هام في هذا الارتفاع ذلك أن المؤسسات الفلاحية التي تستخدم الآلات مضطرة لاستخدام المحروقات.

الظرف الاقتصادي العالمي واقتصاد السوق

كما يبرر البعض ذلك بالمواعيد الكبرى التي ستحدد على المستوى الاقتصادي التوجه المستقبلي للسياسة التونسية وهي الالتزامات سواء مع الاتحاد الأوروبي أو مع المنظمة العالمية للتجارة الخاصة بالرفع النهائي للحواجز الجمركية والتخلص من الدور التوجيهي للدولة. خصوصا وان نمطاقتصاد السوق أصبح السائد في جميع أنحاء المعمورةبعد انهيار المعسكر الاشتراكي الذي كان يسود فيه نمط الاقتصاد الموجه من طرفالدولة. غير أن هذا التوجه لتطوير القطاع الخاص للتناغم مع تمشي عالمي لا بد أن يترافق مع الحفاظ على المكاسب التي حققهاالقطاع العام– خصوصا بالنظر إلى طبيعة المجتمع التونسي والمكاسب الاجتماعية التي تحققت في ظل دولة الاستقلال والتي لازالت بحاجة إلى دور الدولة لتطويرها- في القطاعات الإستراتيجية التي تتحكم في حياة و عيش المواطنين لاستثنائها من المنافسة و الربحية و النفعية التي تمثل خاصيات استثمار القطاع الخاصفي المجالات التنافسية.

خصوصا وان المؤسسات المالية الدولية في إطار التوجه العولمي للاقتصاد (المؤسسات النقدية الدولية و منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية) عملت من خلال الشروط التي وضعتها سواء لمنح القروض أو دعم بعض الاقتصاديات الناشئة على فرض جملة من الإجراءات الهيكلية من بينها التخلي عن دور الدولة كمعدل اجتماعي. ففي تقريره الأخير مثلا حول القطاع الفلاحي في تونس، انتقد البنك العالمي التمشي البطيء في تحرير أسعار المواد الغذائية ويكفي للتأكيد على خطورة ذلك مما يمكن أن يحدث للفئات الاجتماعية الضعيفة والتي بدأت كواهل الإصلاح الهيكلي للاقتصاد تثقل من عزائمها وترجع بها إلى مستوى اجتماعي اقل مما كانت تعيش عليه خصوصا مع ارتباط مستوى المعيشة بالقدرة الشرائية لبعض المواد الاستهلاكية.

الحفاظ على الطابعالاجتماعي للخدمات التي تقدمها الدولة:

لا زالت فئات شعبية واسعة في بلادنا تعيش أوضاعا اجتماعية صعبةنتيجة الدخل المحدود أو البطالة والفاقة و الفقر أو بسبب تطبيق سياسة الخوصصة التي نتج عنها تسريح الكثير من العمال. إضافة إلى ذلك فإن تحرير الأسعار و انعدام المناخالتنافسي في عديد أسواق منتجات الاستهلاك الذي من شانه الضغط على الأسعار قد ساهمفي تدهور الطاقة الشرائية للطبقات الشعبية. مما يستوجب تواصل دعم الدولة للموادالاستهلاكية الأساسية التي تتحكم بالعيش اليومي للمواطنين.

خصوصا وان الفقر ليس ذلك الذي يحدد بنسبة 4 في المائة بل هو ذلك الفقر النسبي الذي حدده رجل الاقتصاد التونسي عزام محجوب في ثلاث مستويات بكونه يعطي مقاييس مغايرة نحاول تذكرها معه وهي:

 

الأول هو الأكثر رواجا وهو ما يسمى بالفقر المادي ويعني أن هناك حدا أدنى للدخل أو الإنفاق الذي بدونه لا يمكن تلبية ما يمكن أن نسميه الحاجيات الأساسية للإنسان. والقياس يتم هنا بما يسمى بعتبة الفقر، هذه العتبة تمثل الحد الأدنى من الدخل بالنسبة إلى الفرد أو إلى الإنفاق بالنسبة إلى الفرد والأسرة الذي بدونه تكون في حالة فقر مدقع. هذا الفقر بمفهومه المطلق والشديد هو السائد والذي يجعل أن هناك اخذ ورد حول كيفية حصر العتبة ووضع القياس.

و الثاني الأقل رواجا هو الذي يسميه البعض الفقر بمفهومه الإداري الذي يوجد في كل البلدان وتهتم به المؤسسات الحكومية مثل وزارة الشؤون الاجتماعية التي تحدد مثلا ما نسميه بالعائلات المعوزة. عندنا في تونس برنامج منذ التسعينات يقع فيه رصد وحصر هذه العائلات حسب مقاييس للدولة وللشؤون الاجتماعية وبالتالي يقع مد تلك العائلات بإعانات مادية. ونستطيع بالتالي أن نفهم ما تمثله العائلات المعوزة بالنسبة لكافة العائلات والأسر التونسية. و هذا المقياس نسبة صحته مرضية نسبيا، ولو أن هناك دائما إشكال حول الرصد الصحيح للعائلات المعوزة. هناك بعض الأخذ والرد حول هل أن كل العائلات المعوزة داخلة في الإحصاء، وهل أن من تصلهم الإعانات هم حقيقة من المعوزين. لكن بقطع النظر عن هذا الإشكال يعتبر هذا المؤشر هاما جدا بالنسبة إلى جهاز حكومي وربما هو الذي يعتمد عمليا أكثر من مؤشر العتبة.

و الثالث هو الذي يسمى بالفقر البشري وهو مصطلح جديد دخل منذ بعض السنوات عن طريق برنامج الأمم المتحدة للإنماء(PNUD(. وهذا المقياس يأخذ الفقر من عدة جوانب: نسبة الأمية، نسبة الناس الذين لديهم احتمال كبير أن يتوفوا في سن مبكرة دون الأربعين سنة، نسبة التمتع بالماء الصالح للشراب، نسبة الأسر والناس الذين يتمتعون بكل وسائل التطهير، نسبة التمتع بالصحة الأساسية و سوء التغذية لدى الأطفال في السنوات الأولى. والمعدل مؤشر يعطيك نسبة مستوى الحياة في بلاد معينة . هذا المؤشر لم يأخذ رواجا ولكنه يعطي صورة أدق عن الوجه البشري للفقر. لأن الأمية ليست وحدها التي تتسبب في الفقر أو عدم التمتع بما يسمى الخدمات الأساسية.

 لمحة عن صندوقالتعويض

 أحدثالصندوقالعامللتعويضبمقتضى أمر مؤرخفي 28 جوان 1945 منقحللنصوصالمتعلقةبصندوقالتعويض.فيمرحلةثانيةتمالعملبالقانونعدد 66 لسنة1970 المؤرخفي 31/12/1970 المتعلقبقانونالماليةلسنة 1971 ،وذلكبهدفمجابهةتقلبأسعارالموادالأساسية.

أول ما أنشئ هذا الصندوق في ظل الاحتلال كان بهدف المساهمة في دعم مجهود الحرب وبعد نهاية الحرب تحول إلى أداة لدعم الإنتاج الفرنسي الداخل إلى تونس. ومع نهاية الاحتلال تحول الصندوق بإرادة من الدولة الوطنية إلى صندوق لدعم القدرة الشرائية للمواطن خصوصا وفقا للاستراتيجية التوجيهية التنموية المتبعة.

وتتولىالوزارةالمكلفةبالتجارةصرفمبالغالدعمللشركاتوالدواوينالمعنيةبدراسةالملفاتالخاصةبالموادالمدعومة. تطورمصاريفالصندوق: تطورت مبالغالدعممنذإنشاءالصندوقالعامللتعويضمن 6,7 م.دسنة1970 إلى 172 م.دسنة 1987 و225م.دسنة 2000 بمايعادل 0,81 % منالناتجالمحليالخاموإلى 700 م.د خلال عرض ميزانية الدولة لسنة 2008.ولكنها تراجعت في نسبتها إلى الميزانية العامة من سنة إلى أخرى، حيث لميتجاوز دعم الأسعار نسبة 0,8% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2002 في حين تجاوز 5بالمائة في أواسط الثمانينات.

تضاعف الناتج المحلي الخام بين سنتي 1978 و 2006، 9 مرات لتبلغ حصيلة 22474,5 مليون دينار، فان نصيب الصندوق العام للتعويض لم يرتفع طيلة نفس تلك الفترة سوى 5 مرات فقط من 48,362 إلى 285 مليون دينار، مع المحافظة على نفس قائمة المواد المدعومة على الرغم من التحولات التي يعيشها المواطن التونسي بصورة مستمرة، وتنوع احتياجاتها بصورة دورية. و هو ما يؤكد الاتجاه الذي تنحدر نحوه الحكومة خصوصا وأنها لا تؤطر سوى 30% فقط من أسعار الاستهلاك العائلي.

 (المصدر:صحيفة الطريق الجديد العدد 66 ، من 9 الى 15 فيفري 2008 )


بسم الله الرحمان الرحيم                                                                          تونس في 2007/02/11   والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                                                                بقلم محمد العروسي الهاني         الرسالة رقم 395                                                                                            مناضل كاتب في الشأن التونسي و العربي  والإسلامي       على موقع تونس نيوز  موقع الحرية                                                                                                              
  

في الصميم ثوابت ومصداقية والشعاع موقع تونس نيوز لا تؤثر فيه أيادي أعداء الحرية  (نرجو أن يكون خط هاتف المستقلة على ذمة المشاهدين وغير مقطوع ؟)

  للمرة الثالثة منذ شهر ماي 2007 تتعرض مقالاتي إلى التعتيم المقصود والتحجير المعتمد والقرصنة ولكن والحمد لله سرعان ما أجد الحلول والدواء و يعود القطار على سكته الصحيحة رغم التـأخير المؤقت مثلما حصل مؤخرا للمقال الذي وقع نشره اليوم الأحد 2008/02/10 بينما كان من المفروض نشره يوم 2008/02/08 يوم ذكرى الساقية الشهيدة ساقية سيدي يوسف المناضلة التي تعرضت يوم 1958/02/08 إلى القصف من طرف الإستعار الفرنسي نتيجة دعم الحكومة والقيادة التونسية وعلى رأسها الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله إلى الثورة الوطنية الجزائرية. والتاريخ سجل بأحرف ذهبية هذه الأحداث الدامسة والمواقف الخالدة… قلت أن بعض الأيادي لا يعجبها ولا يروق لها أن تقرأ مقالات من هذا النوع الذي يتسم بالواقعية والصدق والموضوعية وذكر التاريخ بوفاء وصدق وحبّ للزعيم الراحل بورقيبة ومما يذكر في هذا المضمار أن برنامج الحوار المفتوح الذي عودتنا به قناة الجزيرة كل يوم سبت بإشراف ابن تونس غسان بن جدو استضاف يوم السبت 2008/02/09 فنان من العراق والفنانة التونسية لطيفة العرفاوي وفنان ثالث في حوار على دور الفنان العربي في قضية العراق، وقد ساهمت لطيفة العرفاوي في هذا الحوار وذكرت مواقف ودور بعض الفنانين الكبار العرب وذكرت أيضا دور الزعيم جمال عبد الناصر رحمه الله. بالطبع أدارت ذكر العمالقة في الفن والزعامة والسياسة. ولكن مع الأسف رغم أنها تونسية تجاهلت أو تغافلت أو خافت وأرهبت  و عملت حساباتها ولم تذكر الزعيم العملاق الحبيب بورقيبة. لماذا هذا الخوف والجبن ولماذا هذا النفاق ؟ وعندما قال لها غسان بن جدو يا لطيفة أنتي تونسية من المغرب العربي استدركت وقالت نعم أن تونس هي التي احتضنت الثورة الفلسطينية وأبو عمار الشهيد ياسر عرفات رحمه الله….دون أن تذكر مواقف الزعيم الراحل العملاق لا حول ولا قوة إلا بالله. حتى الفنان العربي أصابه الذرع والخرف والرهب والجبن وأصبحت لطيفة التونسية الأصل المصرية بالإقامة والسكن والفن…تتذكر خصال الزعيم جمال عبد الناصر وتتجاهل زعيمها الحبيب بورقيبة لعل لها حسابات ولعلها خائفة من ذكر اسم الزعيم على لسانها هذا هو حالنا اليوم في تونس…وإذا أردت أن تفهم أكثر وتقرأ بعمق افتح الصحف التونسية وجريدة الصباح بالخصوص تجد على كل لون يا كريمة كل مواطن تونسي ومواطنة تونسية عاشوا في عهد بورقيبة صاحب الفضل الكبير عليهم ترى بعضهم اليوم يأخذ القلم والقرطاس ويحبّر كتاب بعنوان كتاب للتاريخ الغاية منه الإساءة إلى الزعيم الراحل مثل الكتاب الذي نشرته الصباح يوم الأحد 2008/02/10 بقلم فتاة تونسية لا أريد ذكر اسمها تحاملت وقالت ولكن كلامها مردود عليها وعلى من يسعى إلى التشويه ويهرول إلى الإساءة المقصودة أما إذا كتب صاحب القلم والعقل والأخلاق والرصانة والإعتدال والوسطية وذكر محاسن الزعيم الراحل فإن كلامه لا ينشر اطلاقا ولو كان من الذهب ذوق 24 ذهب لكن الصحف المحلية. وخاصة الصباح تريد كلام من نوع آخر يبرز السلبي في عهد بورقيبة أم كتابة للمدح للحاضر …أم ذكر الماضي بوقعية وصدق وتنويه والمساهمة للكتابةعلى الحاضر باعتدال دون مدح مفرط فهذا غير مرغوب فيه حتى ولو كتبت بموضوعية وصدق وقلت الإيجابي ولكن ذكرت أيضا السلبي فهذا يصبح ممنوع. ومن المضحك المخجل حتى الكتابة على ذكرى ساقية سيدي يوسف يوم 2008/02/08 ممنوع نشره بجريدة الصباح إذا كان بقلم الهاني وهو الذي نشرته تونس نيوز هذا الصباح. إذا أين حرية الرأي والتعبير وإلى أين نسير يا ترى فهذا هو التعتيم المقصود بعينه… ولكن في المقابل نحمد الله أن فتح الله لنا أبواب تونس نيوز وكذلك قناة المستقلة ربي يسترها من التدخل والوشاية وكيد الكائدين والرشامة والشيوعيين أصحاب المادة ربي يستر منهم آمين.                         قال الله تعالى : » فأما الزيد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض » صدق الله العظيم. محمد العروسي الهاني هـ : 22 022 354    

 

 

إلى بن حديد: نفّـذ إن كنت صادقا!!

 

يقتل العاجز الجبان وقـــــد يعـ        جز عن قطع بخنق المولود  ويوقّـى الفتى المخـشّ وقد خوّ    ض في ماء لبّـة الصنديـــــــد المتنبّـي

أعادت نشرة تونسنيوز ُفي عددها أمس نشر خبر صدر أخيرا في جريدة « مواطنون » ورد فيه ما يلي:

 

صحفي يتقدم بشكوى للنقابة الجديدة

تقدمالصحفي نصر الدين بن حديد بشكوى إلى رئيس النقابة الوطنية للصحفيينالتونسيين ضد كل من زميليه زياد الهاني ومحسن عبد الرحمان، وطالب الصحفيبن حديد بمساءلة الصحفي زياد الهاني عن « الأسباب التي دفعته للصمتوالتستر » عن عضوي لجنة السكن في جمعية الصحفيين المنحلة اللذان استغلاصفتها للحصول على سكن من إدارة سبرولس بطرق غير مشروعة. كما طالب الصحفي بن حديد بمسائلةالصحفي محسن عبد الرحمان عن تستره وعدم ذكره لاسم المسؤول الذي طلب منلجنة الحريات في الجمعية المنحلة تقديم تنازلات تخص محتوى تقريرها السنويلقاء وعده بانجاز مشروع سكني لفائدة الصحفيين. هذا ولوح نصر الدين بن حديد برفع الشكوى إلى القضاء إذا لم تتخذ النقابة إجراءات حازمة ضد الصحفيين.   (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، العدد 47 بتاريخ 30 جانفي 2008)  ودوندخول في التفاصيل ومع تمسكي بالترفّـع، أجد نفسي مضطرا لأن ألتمس من « الزميل » نصر الدين بن حديد أن ينفّــذ تلويحه و يرفع شكواه بي إلى القضاءمثلما قال، إبرازا منه  لبعض من الشجاعة و المصداقية وهو الذي سبق له أنأقسم بشرف زوجته أنه سيقاطع جمعية الصحفيين التونسيين والنقابة الوطنيةللصحفيين التونسيين التي انبثقت من رحمها للأبد لعدم تشرفه بأن ينتميلهما. لكنه حنث في يمينه … وحصل قسم نصرالدين بن حديد المشهود خلال الاجتماع العام الذي عقدهالصحفيون التونسيون يوم 26 أكتوبر 2007 وبحضور أكثر من 400 زميلة وزميلللبتّ في بعث النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.  

بسم الله الرحمان الرحيم:  » فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْض »ِ  صدق الله العظيم  

زياد الهاني


 

الإنسان بين سياسة الحقوق وأخلاق الواجبات

 
 زهير الخويلدي « الأخلاق غرائز كامنة تظهر بالاختيار وتقهر بالاضطرار وللنفس أخلاق تحدث عنها بالطبع ولها أفعال تصدر عنها بالإرادة فهما ضربان لا تنفك عنهما:أخلاق الذات وأفعال الإرادة ».  أبو الحسن الماوردي  تسهيل النظر يبدو أن مهمة الفلسفة ليست مجرد دراسة الواقع والاهتمام بالأشياء الجزئية المحسوسة فقط فهذه مهمة يشاركها فيها العلم وإنما هي في دراسة المسائل الكبرى للوجود والكينونة ويبدو كذلك أن مهمتها الأساسية تكمن بالضبط  في الخروج من هذا النسيان أو في نسيان النسيان والتفكير بالكينونة من قبل الكائنات.  لهذا السبب حاول الفكر الإنساني أن يتقدم نحو حقيقة الكينونة وهي  ليست الحقيقة المتشكلة عن الكائن المدروس كشيء قابل للفحص والتشريع كما يفعل العلم بل هي النور الذي يكشف ويضيء الكائنات ويجعل حضور الكائن البشري يخرج إلى السطح وينبثق. نستخلص إذن أن الالتفات للإنسان هو الذي يجعل الفلسفة فوق كل شيء ويؤسس لها مكانة خاصة لا علاقة لها بالمعرفة الوضعية أو الاكتشافات العلمية. الإنسان راعى الكينونة وحارس الوجود هذا أكيد ولكنه لا يتجسد ولا يبرز إلا إذا سكن داخل حضور الضوء المنبعث من الكينونة . بيد أنه إذا ما رمنا في الفلسفة إنقاذ الإنسان من الضياع في العالم وانتشاله من النسيان فانه لابد من تخطى هذه التعقيدات النظرية والعودة إلى الإنسان ذاته كما يحيى في الواقع وتجاوز كل الأحكام المسبقة، كما ينبغي دراسته في وضعه الذي سبب له مثل هذا النسيان والذي شكلته الأحكام المسبقة الأخلاقية والواقعية السياسية الذرائعية،  فهل السياسة والأخلاق هما سببا اغتراب الإنسان وابتعاده عن ذاته؟ ماذا يحتاج الإنسان اليوم لكي يحيا حياة كريمة؟ أ هو محتاج لتدبيرات السياسة أم لتوجيهات الأخلاق؟ لقد اخترنا الحلين معا مع بعض التعديل طبعا أو لنقل التهذيب والقلب لذلك كان عنوان هذه الندوة  الإنسان بين سياسة الحقوق وأخلاق الواجبات فماهي ضمنيات هذا القول ومبررات طرحه على هذا الشكل؟ ما هو بديهي أننا سندرس العلاقة بين السياسة والأخلاق وإذا تعمقنا أكثر سنهتم بمنزلة الإنسان في كل من السياسة والأخلاق ومدى حاجته إليهما غير أن ماهو إشكالي هو أن طرح الموضوع على هذا النحو يثير عدة مفارقات ويضعنا أمام عدة صعوبات واحراجات: – الإنسان موضوع  وقع استنفاذه واستهلك من كثرة المقاربات وتعدد الدراسات والشروع في استنطاقه مجددا يبدو وكأنه نوع من التكرار فماهي الطرافة التي نعد بالوصول إليها حتى نشرع إعادة طرح سؤال من هو الإنسان؟ – السياسة قبل أن تكون مجال حقوق هي مجال واجبات تتصف بالقوة والسلطة والتأديب والإرغام. – الأخلاق قبل أن تكون مجال واجبات هي مجال حقوق تتصف بالسلم والتسامح والحكمة والحذر والرصانة واللين. فهل هذا يعني أن الموضوع مطروح بشكل سيء وكان لزاما علينا أن نتحدث عن الإنسان بين سياسة الواجبات وأخلاق الحقوق. كلا ليس ذلك المقصود بل ما نراهن عليه هو إصلاح الأخلاق بالسياسة وإصلاح السياسة بالأخلاق إذا ما كان غرضي بالفعل هو صحة الإنسان بدل خلاصه، وتحرره بدل انعتاقه. فكيف سيتسنى لي ذلك؟   لا مناص لنا من سلوك المضيقات ولا سبيل آخر غير إثارة البعض من تلك الإشكاليات المتناثرة في الحياة الإنسانية من خلال التفكير في العلاقة القائمة والممكنة بين الثنائيات التالية: الحرب /السلم والقوة / الحق والنظام/الفوضى والخضوع /الطاعة والوسائل/ الغايات والملكية / الإيثار والسلطة /الضمير والمصلحة /المعرفة والنظرية /الممارسة والنجاعة /العدالة والسعادة/الحرية.      توجد عدة تناقضات بين هذه الثنائيات فالحرب والقوة والنجاعة والسعادة كلها أدوات ووعود تستعملها وتبشر بها الدولة الليبرالية التي نحياها أما السلم والحق والعدالة والحرية فكلها قيم إنسانية فقدت بريقها ووقع تدنيسها من طرف السياسة اليوم لذلك تبذل الأخلاق قصارى جهدها من أجل ترسيخها وصيانتها من كل تحريف. اللافت للنظر أن ما تعاني منه السياسة تعانى منه الأخلاق أيضا فإذا كانت السياسة تنحرف إلى الاستبداد والعنف فان الأخلاق تطفح بالنفاق وسوء النية والشكلانية الفارغة.  كما أن الإنسان المعاصر مثلما هو محتاج إلى السياسة محتاج أيضا إلى الأخلاق، فالسياسة تنقذه من الفوضى وتحميه من أي اعتداء خارجي وتكفل له حقوقه، أما الأخلاق فترتقي به فوق مرتبة الحيوان وتحقق له إنسانيته عندما تصون كرامته من كل انحدار وتشحذ له إرادته. على هذا النحو يبدو من الضروري البحث عن سياسة أخلاقية حكيمة وأخلاق سياسية إبداعية.  فكيف يكون ذلك ممكنا؟ يقول إريك فايل عن هذا الإشكال ما يلي: « إن النشاط الحقيقي للإنسان يكمن في تحويله هذا الوجود المركب في اتجاه تقليص الطرف الأقل عقلانية فيه – بقدر الإمكان- ليصبح في نهاية المطاف عقلا بكامله. غير أنه لن ينجح في ذلك كلية وبشكل مطلق.إذ سيظل دائما يجري وراء بقية من حيوانيته ». إن أطروحة المطلوبة هي التي تدور حول سياسة الحقوق في المجال الأول وأخلاق الواجبات في المجال الثاني. – سياسة الحقوق نقصد بها أنسنة الممارسة السياسية لتكون فضاء أرحب تتجسد فيه حقوق الإنسان وتضمن. – أخلاق الواجبات نقصد بها تفعيل دور القيم في الممارسة لتكون الدائرة المشروعة التي يتحرك ضمنها كل فعل إنساني. بعبارة أخرى ندخل العناصر الايجابية في الأخلاق –الحق/ العدالة/الحرية- إلى السياسة والعناصر الايجابية في السياسة – القوة/ النجاعة / الحذر- إلى الأخلاق. الي أي مدى تكون هذه الأطروحة قابلة لتحقق على أرض الواقع؟ أليست مهمة العلم المدني عند الفارابي وعلم العمران البشري عند ابن خلدون والأحكام السلطانية عند الماوردي هو التأليف بين السياسة والأخلاق؟ · كاتب فلسفي ·نشر في موقع إيلاف بتاريخ 9/02/2008


 

الثورة الاسلامية في عيدهاالتاسع و العشرين  عزة و وحدة و اقتدار

 
يحيي الشعب الايراني المسلم و كل الاحرار و الثوار في العالم ذكرى انتصار الثورة الاسلامية المباركة بقيادة العبد الصالح الامام روح الله الموسوي الخميني رضوان الله تعالى عليه و مشاركة السادة العلماءو الطلبة و العمال و الفلاحين و الصغار و الكبار سائرين على هدى  الاسلام المحمدي الاصيل. لقد اتحدت ارادة الشعب مع ارادة نخبه, معلنين الثورة على امبراطورية المترفين الشاهنشاهية,  سائرين على نهج سيد الشهداء الحسين بن علي  عليه السلام,ملبين نداء التضحية و ايثار لبيك يا حسين. اختار شعب ايران ان يكون الاسلام عنوان ثورتهم و عنوان دولتهم و عنوان حاضرهم و مستقبلهم, انتصرت الثورة الاسلامية و اقيمت  الجمهورية برعاية وولاية الفقهاء العدول و حكم الشعب و الدستور. مر تسع و عشرون عاما على نهضة الشعب المسلم في ايران ضد الجبروت و  الاستبداد,ضد الاستعمار و الاستحمار, واجه خلالها قوى الكفر والاستكبار العالمي و صمد امام اعدائه في الداخل و الخارج, من المنافقين,و المارقين و شذاذ الاعراب ! انتصر في حرب الثماني سنوات على قوى الرجعية العربية المدعومة  من  قوى الشر الاوروبية والامريكية,وثبت في وجه الحصار الاقتصادي و  الاعلامي,اليوم جمهورية ايران الاسلامية رقم صعب في المعادلة الدولية, دخلت النادي النووي ووضعت قدمها بكل فخر واقتدار في النادي الفضائي. رغم الصعوبات و الضغوطات و الحروب و الحصار لم تتخلى هذه الدولة الفتية  عن نهجها الديمقراطي لتاصيل حكم الشعب و بناء دولة القانون و المؤسسات, واعطت دورا طلائعيا للشباب و المراة فهم عمود  الثورة وهم اليوم عمود الدولة. استطاع الفقهاء و العلماء الربانيين في ايران الاسلام,ابراز قدرة الاسلام وعلمائه على اقامة و ادارت شؤون الدولة و بناء حكومة عصرية,دينية,مدنية و شعبية تسعى لاقامة العدل و الرفاه الاجتماعي ضمن الضوابط الشرعية و المصلحة الوطنية, فسقطت كل المقولات الخاطئة و تحرر العقل الاسلامي و عاد الى ساحة الفعل التاريخي. اعادت الثورة الاسلامية المباركة الحياة والفاعلية الى جسم الامة الاسلامية فنهضت لاستعادة حقوقها المشروعة في الاستقلال و الحرية و العدالة الاجتماعية فواجهتها قوى الجبت و الطاغوت بالحروب العسكرية  في افغانستان و لبنان و الصومال  من جهة و بالتضليل و بث الفتنة من جهة اخرى بتشجيع و تمويل امراء الرجعية العربية  لضرب هوية  الامة و قمع حركات التحررالوطني و دعم وكلاء الاستعمار الجديد ادعياء الحرية و الديمقراطية و حقوق الانسان!على الطريقة الامريكية. صمدت الثورة الاسلامية امام كل المؤامرات و اسقطت مشروع الفتنة في  المنطقة باعتمادها على ركيزتين في سياستها الخارجية: 1 الوحدة الاسلامية كتكليف شرعي 2 مركزية القضية الفلسطينية ان كل التضحيات العظيمة التي قدمها الشعب الايراني المسلم في سبيل نصرة الاسلام و المسلمين و اعلاء كلمة الله , اثمرت هذه العزة  و الاقتدار و صلابة الموقف و ما الانتصارات التي تحققها قوى المواجهة و الممانعة في لبنان و فلسطين و العراق و افغانستان الا دليل على  النهضة المباركة للشعوب المستضعفة و تقدمها على مستوى الانجاز التاريخي للوقوف امام قوى الشر العالمي.
نهنئ شعبنا المسلم في ايران و قيادته الرشيدة و كل الاحرار بالعيد التاسع و العشرين لانتصارالثورة الاسلامية المباركة. من نصر الى نصر و من فتح الى فتح باذن الله العلي القدير. السيد عماد الدين الحمروني تونس 2 صفر 1429

الأمهات العازبات والأطفال غير الشرعيين: «مجتمعنا ضحية انبهار خاطئ بالحداثة!!»

 
العلاقات غير الشرعية، فقدان العذرية، عمليات الاجهاض غير القانونية، كنا الى حد قريب نرى ان الخوض في هذه النوعية من المواضيع من قبيل المخجل والممنوع، الا ان الضوابط الأخلاقية التي تحكم مجتمعنا لا تمنع من ظهور هذه المسائل وتغلغلها بشكل أو بأخر بين فئاته وخاصة بين الشباب، وهو ما يفرض ضرورة كسر جدار الصمت والغوص في أعماق حقيقة تفرض وجودها بقوة وهي ظاهرة الاطفال خارج اطار الزواج والامهات العازبات.   لكل ظاهرة اسبابها، وقد تتسبب ظاهرة في بروز اخرى أخطر منها، واهم اسباب تفشي مثل هذه الظواهر هي دخول المجتمع العربي الاسلامي وبالخصوص التونسي مرحلة تغزوها فلسفة الحداثة فصدمة التحولات المجتمعية الجديدة والانبهار بأنماط عيش وسلوك تبثها الشاشات الكبيرة والصغيرة على امتداد اليوم انتجت وقوع فتيات وفتيان كثر في مثل هذه المطبات لتصبح ظاهرة المساكنة موضة فيما بينهم خاصة بين الطلبة من الجنسين اذ يقتسمون سقفا وبيوتا للعيش معا ومجابهة صعوبات واقعهم اليومي، وقد يكون ضيق حاجة اليد لبعض العائلات الذين يرسلون بناتهن للجامعات ولا يستطيعون التكفل بمصاريفهن، سببا في ان تجد الفتاة احد الشبان الميسورين ولو نسبيا حتى يوفر لها المسكن والمأكل والملبس في مقابل علاقة زوجية الا انها غير شرعية، وقد ينتج عن هذه العلاقة «حمل» قد تعتبره بعض الفتيات وسيلة لإرغام الشاب على الزواج الذي عادة ما ينسى جميع وعوده ويلتجئ للهرب من المسؤولية.   معاناة في مجتمع لا يرحم   إن أفراد المجتمع التونسي رغم ما يبدو عليه معيشهم اليومي من تأثر بثقافة الغرب وسلوكهم المتفتح في مسألة الجنس والعلاقات العاطفية، لم يصلوا بعد الى تبني ما جاء في هذه الحداثة المستوردة من مبادئ تنظر الى العلاقات خارج اطار الزواج نظرة ناضجة وتعالج مخلفاتها علاجا بناء يتحمل فيه الجميع المسؤولية على حد سواء. ان وضعية الام العازبة والطفل غير الشرعي تعتبر من الوضعيات التي مازالت من قبيل الشاذ والهجين الذي يجب ان لا يحدث في مجتمع عربي اسلامي محافظ يؤمن بالزواج كوسيلة وحيدة شرعية يمكن من خلالها انجاب الاطفال. فأين يكمن الاشكال؟ إن ما يزيد هذه الوضعية تشعبا هو وجودها بين  مطرقة المجتمع الذي لا يرحم ولا ينسى ويرفض الاختلاف ويتخذ من خطإ البعض مطية لممارسة سلطته بأعنف صورها، وسندان افراد تبنوا فهما خاطئا للانفتاح والحرية فظلموا أنفسهم والاخرين.   جهود مؤسسات الدولة   يوجد في تونس وفي بعض مناطق الجمهورية الداخلية جمعيات ومراكز ادماج على غرار جمعية (أمل للعائلة والطفل) التي تستقطب ما معدّله 50 فتاة سنويا قصد اعادة الادماج الاجتماعي والاقتصادي بالنسبة للواتي يحتفظن بأطفالهن وذلك عن طريق توفير المستلزمات الضرورية للأم وطفلها حتى تتمكن من انصهار ايجابي داخل الحياة الاجتماعية. كما تؤدي جمعية (بيتي) بولاية قفصة نفس دور الاحاطة اذ تقوم باستقبال الام الهاربة من خطر العائلة وتضييقات المجتمع لتحتضنها خلال الاشهر الاولى للرضاعة. ذلك ان واقع الامور يثبت ان الام اذا أرضعت صغيرها خلال اشهره الاولى تصبح بعد ذلك غير قادرة على تركه. أما المراكز المندمجة للشباب والطفولة والتي تسهر على التكفل بالاطفال فاقدي السند العائلي والمتخلي عنهم فهي موزعة على مناطق عديدة منها على سبيل الذكر لا الحصر الجمعية التونسية لقرى الاطفال (أس . أو. أس) التي تحتضن داخلها 11 منزلا عائليا ومبيتين للشبان ومثلهما للفتيات في ولاية تونس اضافة الى فرع اخر في ولاية سليانة بنفس طاقة الاستيعاب وفي ثالث في جهة المحرس. كما تتوزع داخل مناطق الجمهورية عديد المؤسسات والمراكز التي ترعى الطفل فتقوم بتربيته او تبحث له عن عائلة ويمكن ان نذكر منها ايضا مركز الاحاطة والتوجيه الاجتماعي بدوار هيشر الذي يهتم بالام وطفلها ويتكفل بمهام القبول والاحتضان وتوفير الاقامة الوقتية وتأمين مستلزمات الرعاية الاساسية والعناية الطبية والاحاطة النفسية.   ألسنة المجتمع   لقد رأى العديد من علماء الاجتماع والنفس ان الحل الجذري لحماية الاطفال المولودين خارج اطار الزواج ووضع حد لمعاناتهم، يكمن في يد المجتمع والاسرة قبل كل شيء. ولئن عاب الباحثون عن المجتمع وافراده عدم تفهم هذه الفئة، فان هذا لا يخفي بأن العيب يكمن من البداية في أم تسقط في مثل هذه المطبات وأب يتهرب من تحمل المسؤولية ويرفض الاعتراف بذنبه. إن حماية الاطفال المولودين خارج اطار الزواج مهمة مشتركة بين هياكل الدولة وأفرادها اذ انه إذا ما اهتمت كل جهة عن طريق منظماتها وجمعياتها بعدد من الاطفال الفاقدين للسند العائلي فانه يمكن تلافي العديد من الاشكالات التي قد تجر الطفل الى التشرد والى ما لا تحمد عقباه، فحماية هؤلاء الاطفال أولا من ذنب لم يرتكبوه وثانيا من مآل لم يختاروه، فيه حماية لشباب المستقبل الذي يعتبرون جزءا منه.   الوقاية من المعاناة   إن الوقاية من حدوث هذه العلاقات غير الشرعية ووقوع الحمل الذي  ينتج عن الاطفال غير الشرعيين، لا يكون الا بالتوعية الجنسية والتحذير الدائم من مخاطر العلاقات الجنسية غير المنظمة وغير المشروعة، فالثقافة الجنسية ضرورية ويجب ان يكتسبها الطفل منذ نشأته وذلك عبر كسر حاجز الحياء الذي  يجعل كل ما له علاقة بالجنس من قبيل الخطوط الحمراء، مما يضطر الطفل الى اكتشاف ذلك خارج الاطار العائلي وبطرق غير واعية قد تؤثر في حياته ومستقبله ككل، دون ان ننسى ضرورة تربية الاطفال على الوازع الديني والاخلاقي الذي يمكن ان يكون زادا وقائيا امام عديد الاشكاليات التي يتعرض لها الشاب في فترة معينة من حياته.   اعداد: نجيبة محمدي   (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 9 فيفري 2008)  


وجهة نظر: مصلحة الاتحاد من مصلحة البلاد ودون ذلك خطأ

 
بقلم: محمد معتوق (*)          كنا كتبنا مقالا في جريدة الشعب بتاريخ غرة ماي 2004 (العدد 759) عنوانه العمل النقابي والانتماء الوطني أكدنا فيه ان اشد المواطنين إخلاصا وحبا للوطن هم قطعا المناضلون النقابيون، وان كل تهمة توجه الى النقابيين لتخوينهم او لتقزيم دورهم في حفظ التوازن الاجتماعي وكرامة جميع المواطنين، وبالتالي كرامة كل الوطن، هي تهم مردودة على اصحابها، وان الذي ما زال لم يقبل دور النقابات في المجتمع، او بالأحرى لم يتسع تفكيره القصير والضيق ليفهم دور النقابات في الحفاظ على توازن المجتمع وحماية الشغالين بالفكر والساعد وحماية قدرتهم الشرائية من أنانية وطغيان رأس المال، من لم يفهموا كل هذا، هم بكل بساطة أناس متخلفون و «ديناصورات بشرية» تعيش معنا وبالرغم منا تسعى لكبت أنفاس المتأوّهين والمشتكين والمحتجين بالقلم واللسان.   دعنا نذكّر هؤلاء «الديناصورات المتخلفة» ان زعماء نقابيين من امثال محمد علي الحامي وفرحات حشاد واحمد بن صالح والحبيب عاشور وأحمد التليلي كانوا في قلب المعركة الوطنية، وكان معـظمهم في حزب الدستور ايضا، وهو الحزب الذي قاد معركة الاستقلال الوطني ونحن نذكرهم  كذلك ان وجود النقابات في العالم سابق لوجود ما سُمّي بالمعسكر الاشتراكي السوفياتي ومستقل عنه، حتى لايقرنوا في أذهانهم المسطحة بين انهيار هذا المعسكر، وضرورة ذوبان النقابات وانهيارها بظهور ما يسمى العولمة الاقتصادية. دعنا ايضا نذكر جميع المواطنين التونسيين نقابيين وغير نقابيين ان برنامج أول وزارة للتربية القومية (اسمها انذاك) بعد الاستقلال هو بالنقطة والفاصل برنامج الاتحاد العام التونسي للشغل! وهذا دليل اخر على ان الاتحاد منظمة عتيدة وشريك كامل في بناء دولة الاستقلال دون «مزية» أو منّة من احد، ومن يجهل هذه الحقيقة او يتجاهلها هو انسان يجهل بكل بساطة تاريخ الحركة الوطنية لبلاده، وعلى النقابيين ـ بجميع اتجاهاتهم ان يكونوا فخورين بهذه الحقيقة ويتصرفوا على هذا الاساس! عليهم ان يردّوا في كل مرة بأن الخائن هو من يخونهم، وان القزم هو من يقزمهم! وإذا بعث أحد المسؤولين رسالة شكر الى غير المضربين فعلى قيادة الاتحاد ان تبعث برسائل شكر الى المضربين المدافعين عن حقوقهم والمتضامنين مع زملائهم! وفي هذه النقطة بالذات نؤكد ان النقابات لا يجب ان تتحول الى «ماكينة» لانتاج الاضرابات حتى لا يفقد الاضراب مصداقيته كوسيلة احتجاج لا غير! الاضراب هو لحظة استثنائية في حياة الشغّال او الموظف، والقاعدة هي مواصلة العمل لبناء الاقتصاد الوطني وليس لتخريبه. يجب تنويع اشكال الاحتجاج المدني على وضعية فيها ظلم للشغالين، وليس الاضراب الا احد هذه الوسائل. ما هي المطالب الاساسية لكل النقابيين في العالم؟ هي أربعة بالاساس: 1 ـ الحفاظ على القدرة الشرائية 2 ـ الحفاظ على استقرار العمل 3 ـ ترقيات معقولة حسب الأقدمية 4 ـ تأمين صحي وتقاعد مريح إن هذه المطالب ليس فيها اي شيء يمس من مناعة الوطن أو سيادته، بل بالعكس  كلها مطالب في صالح الوطن وكرامة الوطن واقتصاد الوطن! فالشغّال القادر على الشراء ينشّط «الماكينة» الانتاجية للاقتصاد الوطني، والعامل ينتج جيدا عندما يكون في صحة جيدة، ويبذل جهدا مضاعفا عندما يكون مطمئنا على مستقبله المهني والتقاعدي! أما الذين لا يعجبهم هذا الكلام من «الديناصورات» فهم لا ينتجون عند شعبهم الا الخوف والرعب واليأس…! وبالتالي فانهم يوفرون الشروط الموضوعية لتنامي ردود الفعل اليائسة والعنيفة، ثم في مرحلة ثانية ظهور الحركات المتطرفة والارهابية من امثال تنظيم القاعدة! فهذه الحركات لا تؤمن بجدوى الاحتجاج المدني بالقلم واللسان والتظاهر السلمي والاعتصام النقابي… الخ. بل تؤمن بلغة السلاح والعنف والتفجير! فاذا كنتم ايها الديناصورات تريدون دفع المجتمع المدني  ـ وخصوصا الشباب ـ شيئا فشيئا وعشرية بعد عشرية، وجيلا بعد جيل نحو العنف والتطرف، فواصلوا في سياستكم العمياء غير المسؤولة في تكبيل الاقلام وتكميم الأفواه، وزرع الرعب في نفوس المواطنين والشباب من أي مشاركة في خوض ومناقشة الشأن العام! اذهبوا الى اي مقهى، والى أي ناد في تونس اليوم، وجرّبوا ان تخوضوا في اي شأن عام (يعني «بالفقهي» «سياسة» !) واستعملوا  اكثر العبارات لطفا ولباقة ولياقة، فسترون الوجوه تصفر من حولكم وكأن صاعقة نزلت من السماء، وسيفرّ القوم من حولك وكأنهم أرانب مذعورة! ليس من الفخر، لأي تونسي بعد اكثر من خمسين سنة من الاستقلال، ان يتحول المواطنون ـ  وخاصة المثقفون منهم ـ الى أرانب مذعورة تخشى  الخوض في الشؤون العامة التي تخص وطنهم، ومستقبل وطنهم! علينا ان نأخذ العبرة من الدرس العراقي! واذا كنا نقول اليوم ان الاستعمار المباشر قد يعود الى تونس، يضحك البعض، فقد كان نفس الكلام يضحك العرب والعراقيين قبل ثلاثين سنة. اي في السبعينات من القرن الماضي، عندما كان يقال في بعض المناسبات ان الاستعمار المباشر راجع لا محالة، وان أمريكا قادمة لاحتلال مواقع آبار النفط! وفي تونس ليس عندنا نفط ولكن عندنا موقع جغرافي استراتيجي يثير حسد الكثيرين! إني أهيب بالجميع وخاصة المسؤولين منهم ان يحافظوا على الاتحاد كمكسب وطني، وان يحافظوا على عزة وكرامة النقابيين لأنهم عيون وآذان المجتمع المدني، واللسان المدافع عنه، لأن تكسير الاتحاد، وتكسير النقابات وتقزيم دورها يصب في مصلحة الحركات الارهابية ثم في مصلحة الاستعمار، لان كرامة الوطن من كرامة المواطن، فلا كرامة لوطن بمواطنين مكسورين ومهانين في كل لحظة. إن الاستعمار في الحقيقة لا يريد لنا الديمقراطية فهو يستعملها فقط للضغط الاعلامي على هذه الأنظمة ولكي يبتزها ليحصل على تنازلات وامتيازات جديدة منها، كلها على حساب سيادتنا الوطنية، وعلى حساب مصلحة اقتصادنا الوطني. وأؤكد مرة اخرى ان الاستعمار لا زال يخطط للسيطرة والرجوع مرة اخرى وذلك في 3 خطوات مبرمجة ومحسوبة: (1) مساندة الاتجاهات الاستبدادية في اي نظام (2) دفع المجتمع لينزلق شيئا فشيئا نحو العنف والارهاب (3) التدخل عسكريا لحماية هذه الأنظمة في الظاهر من الارهاب ولاحتلال أوطاننا في الحقيقة! حماية مصداقية الاتحاد في النهاية فإني أهيب بكل النقابيين وخاصة من هم في مو قع المسؤولية ان يحافظوا على مصداقية الاتحاد، فالاتحاد بلا مصداقية مثل قشّة في مهبّ الريح. وليتذكر الجميع فترة معاناة النقابيين في السنوات 1978 و 1985 عندما نصّبوا على الاتحاد قيادة «التيجاني عبيد» ومجموعته ممن سمّوا أنفسهم «الشرفاء»، كيف فقد الاتحاد مصداقيته، وصارت قاعاته فارغة لا يأتيها أحد من المواطنين، حتى جاءت حركة 7 نوفمبر «الانقاذية والثورية فأنقذت الاتحاد وأنقذت البلاد من نظام الرئاسة مدى الحياة». وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فإن قضية الاساتذة الثلاثة الذين أضربوا عن الطعام للدفاع عن مواطن شغلهم قد اكتسبت بُعدا رمزيا كبيرا في كل أرجاء البلاد، وكل الجماهير الشعبية متعاطفة معهم، لأن كل العائلات التونسية اصبحت تعاني من «مصيبة» «الكاباس» وما أدراك ما «الكاباس» وكم من حكايات واشاعات سمعناها عن طرائف «الكاباس» والعائلات التي تدفع الغالي والنفيس من اجل ان يحصل ابناؤها على «الكاباس». وإذا لم يقع ارجاع هؤلاء الاساتذة فسيقع ضرر خطير بمصداقية 3 مؤسسات مهمة في البلاد. أولا: الاتحاد العام التونسي للشغل لأنه أخذ هذه القضية على عاتقه! ثانيا: وزارة التربية والتكوين: إذ سيتساءل كل المواطنين: ما هي جدوى التربية والتكوين اذا كان المتفوقون فيها والذين يثبتون جدارتهم تقطع أرزاقهم ويُلقى بهم في قارعة الطريق؟! ثالثا: الحكومة التونسية: لأن دور الحكومة هو التشجيع على التشغيل وليس طرد الموظفين لأسباب تافهة، وحماية الادارات التي تقوم بالطرد  التعسفي للمواطنين. خـلاصـــة لا كرامة للوطن دون مواطن محفوظ الكرامة، ولا كرامة للمواطن دون شغل قار يحفظ كرامته، ولا شغل قارّ بمسؤولين يهينون النقابيين ويقزّمونهم ويطردونهم لأتفه الأسباب او لمجرد أنهم نقابيون. إن من يزرع الفقر والبؤس واليأس والرعب في نفوس المواطنين، ثم بعد ذلك يريد ان يسُدّ الطريق امام من يريد الاحتجاج على الظلم من انصار الاحتجاج المدني بالقلم واللسان والاعتصام النقابي والتظاهر السلمي، هو بكل بساطة يمهّد الطريق لأنصار الاحتجاج العنيف والمسلح من أمثال تنظيم القاعدة والعياذ بالله! إن أعداء الحريات المدنية والنقابية هم حلفاء موضوعيون للإرهاب ولتنظيم القاعدة ثم هم بوعي او بدونه يحفرون قبر سيادة بلادهم ويمهدون لعودة الاستعمار المباشر كما بيّنا أعلاه! والسلام على من اتبع الهدى!  مـلاحـظـــة: في المؤتمر الأخير الذي انعقد في تونس في شهر اكتوبر الماضي، كان الموقف الرسمي التونسي ينصّ على انه لا يمكن الاقتصار على المقاربة الأمنية فقط لمحاربة الارهاب، وأنا مع هذا الموقف مائة بالمائة، اذ يجب معاضدة الجهد الامني، بجهد ثقافي سياسي، وجهد اجتماعي اقتصادي، وحسب رأيي المتواضع يجب ان تكون الفلسفة الاساسية لهذه الجهود متمحورة حول مبادئ أساسية مترابطة هي كالاتي: (1) حفظ كرامة المواطن وحماية أمنه (2) ضمان عيش كريم وبيئة سليمة (3) ضمان مشاركة في الانتاج المادي (اقتصاد) والانتاج الفكري (ثقافي سياسي). مع شرط مهمّ جدا وهو عدم تزييف التعبيرات الاجتماعية والسياسية للمجتمع المدني.   (*) مرشد في الاعلام والتوجيه – نقابي ومناضل بيئي     (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 9 فيفري 2008)  

القضاء العادل والمستقل

بقلم: محمد الصالح فليس  بعد أكثر من عشرين سنة من الممانعة بحجّة الحصانة الدستوريّة مَثُل الرئيس الفرنسي السّابق جاك شيراك أمام قاضية التحقيق كزافي سيمُوني ليُجيب عن تهمة اختلاس أموال عامة، تعود أحداثها أيّام كان رئيسا لبلدية باريس بين العامين 1977 و,1995 وهي التهمة المبنيّة على إسناد شيراك وفريقه في مصالح بلديّة باريس جملة وظائف إلى مواطنين لقاء تعاطفهم مع الحزب اليميني الذي كان شيراك أحد أكبر مسؤوليه، وهو الحزب الذي أبلغه إلى سدّة الحكم بعد انتخابات شديدة التّنافس.   وممّا أفادت به التقارير في اطار هذا التحقيق الذي طال أكثر من عشرين متّهما وُجّهت لهم تُهمٌ مختلفة، أنّ أربعين مُناصرًا لحزب شيراك (التجمّع من أجل الجمهورية) كانوا يتقاضون أجورًا من إدارة بلديّة باريس عندما كان جاك شيراك يضمن رئاستها دون أن يُقدّموا مقابلا مهنيّا لهذه الأجور. وجديرٌ بالتذكير أنّ الرئيس شيراك كان قد أحاط نفسه بحصانة استمدّها من صفته كرئيس للدّولة الفرنسيّة، ولم تشفع له هذه الحصانة في تأبيد ارتقائه عن المساءلة القضائيّة حتّى بعد كلّ  هذا الوقت الطّويل. كما لم يفتّ الزمن في ساعد القضاء الفرنسي الذي عرف كيف يتسلّح بالصبر وطول النّفس وحقيقة ما ضاع حقّ وراءه طالبٌ! لينتظر سُقوط الحصانة ويقوم بما يمليه عليه واجبه تجاه المواطن جاك شيراك. وخلافًا للجنرال بينوشي مثلا فلمْ  يحاول هذا الأخير الاختفاء وراء  حصاناتٍ وهميّة أو مُفتعلة، ولم يتلدّدْ إزاء تشبّث القضاء بوجوب قيامه بما هو من جوهر طبيعة وظيفته، وهي أريحيّة فكريّة قوامها ثقافة تحترم دور القضاء وتُقرُّ بعلويّة قيامه بإشاعة العدل وحماية المكتسبات بأقصى ما يُمكن عن باقي مؤسّسات النّظام. وطالما أنّ القضاء قد أقدم على توجيه تهمة الاختلاس للرئيس الفرنسي السّابق فمعنى ذلك أنّه يملك حدّا من الأدلّة والقرائن لاسناد هذه التّهمة. ومعناه أيضا أنّ مُحاكمة قد تكون في طريقها لمُقاضاة رئيس سابق للجمهوريّة على مُخالفات ارتكبها قبل مُباشرته لوظائف رئاسة الجمهوريّة. وهي سابقة قد تفتح الأبواب لمحاكمات أخرى لمسؤولين سامين آخرين لم تتّسم تدخّلاتهم في مهامهم السّابقة على الأقل باحترام مُقتضيات القانون، شريطة أن يتوفّر القضاء على حدّ من النزاهة الفكريّة والجرأة الأخلاقيّة، وعلى درجة لا بأس بها من الاستقلاليّة، وشريطة أن ينخرط هؤلاء المسؤولون في منظومة ثقافيّة تحترم وظيفة القضاء ولا تنزعجُ من وضع نفسها تحت ذمّة الجهاز القضائي بكل أريحيّة كلّما اقتضى سياقُ الشفافيّة ذلك. ولأنّ العدل أساسُ كلّ بناءٍ حضاري، ولأنّه في الأصل لا يظلم أحدا إذا توفّرت كلّ  شروط قيامه بوظائفه، ومن ضمنها ايمان رجالاته بالسلطة الأخلاقيّة الجبّارة لاشاعة العدل على صيرورة ونماء المجتمعات، فإنّه لا يعمل على التهرّب منه والاحتماء من جبروت إيمانه بمساواة الجميع أمام القانون الاّ  الذين تعجز مساراتهم عن الدّفاع عن نفسها لأنّها تلوّثت في ثنايا سعيها بما يُعادي الشفافيّة والاحتكام الى قوّة المؤسسات وحماية القانون، وظلمت العباد وخانت الأمانة وتطاولت على ما ليْس لها فيه وجهُ حقّ  وبذرةُ شرعيّة. والأمر اللاّفت في القضيّة المرفوعة ضدّ المواطن جاك شيراك أنّ الاجراءات تسير بمنطق على غاية من التحضّر والرفعة، وأن كلّ أشكال التوظيف والتشويش الحزبي والمذهبي غائبة الى حدّ الآن على الأقل. وإلى أن تُخبّرنا الأيّام بما في جعبتها من ثوابت ومنطلقات، مرّة أخرى يجيء الدرس من ثنايا ثقافة صلبة ومتأصّلة ارتبطنا بها ولم نزل، ولكنّنا مع الأسف الشديد لم ننفذ إلى جوهر تمفْصُلاتها لنبني ذاتنا الجماعيّة في منطق حماية القيم السّامية والتشبّث بها. وكان ذلك بِفعلِ فَاعِلٍ.   (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 9 فيفري 2008)

كلمة لا بدّ منها

لا بديل إلاّ بموقف عربي موحّد

محسن بنعلي

 

لا أحد ينكر على الولايات المتحدة الأمريكية نفوذها المتزايد في المنطقة العربية و تواجدها الواضح في معظم أوجه الحياة اليوميّة، لكن يبدو أنّ السيطرة الظّاهرة تحمل في الباطن ضعفا و تقلّصا في القدرة على التأثير في مجمل مجريات الأحداث

ممّا لا شك فيه أنّ للولايات المتحدة نفوذا قويا أكثر من أيّ وقت مضى و أنّها تتعرّض أيضا لحملات لفظيّة وانتقادات لنهجها و سياستها أكثر من أيّ وقت مضى ،وأنّها أصبحت أكثر هوسا و قناعة مفادها ألا بديل لأمريكا في العالم ….إلاّ أمريكا!!!

صحيح أنّ أمريكا سمعتها قذرة و سيئة و وعودها لا تشكل ضمانات حقيقية لأحد لكن يظهر أنّ سمعتها لا تتعارض مع اتساع رقعة نفوذها في الوقت الّذي تزهو فيه واشنطن كعاصمة للعالم الحرّ المتمدّن نجد أنّ دبلوماسيّتها في الوطن العربي ضعفت وأضحت غير قادرة على متابعة تنفيذ الاتفاقات التي أبرمتها أو التي ساهمت وأشرفت على إبرامها.كذلك التّعهدات الّتي أطلقتها و قدّمتها و أبرز مثال على ذلك « أنا بوليس » والذي حرصت الإدارة الأمريكيّة على إبرازه بإنجاز و فتح دبلوماسي أمريكي في أكثر البؤر توترا »فلسطين » وهو في حقيقته لا يتعدى مستوى التمهيد للتفاوض حول ما يجب أن يتفاوض عليه بين الجانب العربي و الآخر الصهيوني ، بل لم ينفذ من تفاهماته حتى الآن إلاّ القتل و الاعتقال و الدّمار ،ناهيك عن الإهانة و الإذلال حتى لرموز التفاوض الفلسطيني كحادثة التفتيش التي تعرض لها « أحمد قريع  » يوم 06جانفي 2008 في أحد المعابر .

لسنا معجبين بالأداء الأمريكي في المنطقة ، لا في فلسطين ولا في لبنان ولا في العراق.

هناك خطر حقيقي يترصّدنا و يستهدف وجودنا القومي في هذه الجغرافية الممتدة من الماء إلى الماء ،هناك إقرار للسيطرة الإسرائيلية، محاولات لتفتيت بعض الدّول القائمة و إنشاء كيانات طائفية حول العصابات الصهيونية .

هكذا لم تستطع  الراعية » أمريكا » أن تفعل شيئا سوى ابتسام دبلوماسييها ولا مبالاتهم أمام عدسات المصورين . 

إنّ أمريكا ليست معنية بحماية حقوقنا و مصالحنا ….نحن المعنيون بقضايانا و لا بديل إلاّ بموقف عربي موحد ينقل الأمة من حيّز التّشتت و التمزق إلى حيز التجمع و التنظيم و ينقل الطّاقات والقدرات من مظهر القدرة إلى مظهر القوّة الفاعلة لمجابهة الأخطار و المخطّطات .

لا خلاص إلا بموقف موحد ، جدي و شامل يؤكد على استخدام كل الوسائل المتاحة كالنفط… و الأرصدة و الأموال العربية المودعة في الخارج … و أسواقنا الواسعة و ….السلام عليكم.

 

(المصدر: صحيفة « الوطن » (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي)، العدد23 بتاريخ 8 فيفري 2008)


 

الديمقراطية شرط للمقاومة والممانعة: لا فضل لعربي على عربي إلا بالمقاومة

الأستاذ الهادي الشراد

 

إن المقاومة حركة فعل إيجابي للفرد والجماعة. فالمجتمعات التي تستشعر الخطر ترد الفعل على العدوان بحشد إمكاناتها لصون وجودها، وقانون حفظ النوع من القوانين الطبيعية عند مختلف الكائنات وحشد الإمكانات لا يكون دون إعلان النفير العام الذي يحقق التجميع… وأمتنا العربية التي تكالبت عليها القوى المناوئة استهدافا لوجودها كتب عليها القتال وهو كره لها وعسى أن يكره المرء شيئا وهو خير له، والقتال الذي تقصده هو صون للذات يبدأ بتدعيم المناعة والحصانة القومية للأمة… وفي هذه المهمة تنخرط المجموعات والأفراد وهي « فرض عين » لا تسقط على فرد بانخراط آخر فيها ومناعة الأمة ليست مهمة طوباوية كما يتصور البعض ولكنها تتحقق بمناعة الأقطاروليس بانطوائها الإقليمي الانعزالي بل بما توفره للمواطن فيها من تنمية شاملة وعادلة ومشاركة سياسية فاعلة.

فوحدة الأمة العربية مستمدة من سلامة وجود أقطارها والعمل في القطر إثراء وإغناء للعمل القومي والشواهد ماثلة رغم قساوتها أمام أعيننا فعروبة العراق استهدفت لما شجع المحتل الأمريكي كل من هب ودب من انتماءات طائفية عرقية ومذهبية ما عدا التيارات البعثية والناصرية لكونها عابرة للطائفية وبذلك استهدفت هويته العربية كمقدمة للإجهاز على الإسلام فلقد صعدت اللهجات وتنوعت المحطات التلفزية إطلاقا للطائفية والمذهبية والعرقية من قمقمها وعملت على أن ترسخ ذلك كقيمة لشحن أبناء الشعب الواحد ضد بعضهم بعضا، وما لا يدرك بالمحاصصة الطائفية في توزيع المناصب والامتيازات تتكفل التفجيرات بالسيارات المفخخة بإتمام ما نقص في مستوى تمزيق الممزق وتفتيت المفتت.

ورغم تكثف المخططات منذ انتصاب « مجلس بريمر » ومماثله وما نتج عنه من وزارات وحكومات إلا أن المقاومة في العراق تمكنت إلى حد كبير من إعاقة وإيقاف المشروع التفتيتي للمحتل الأمريكي وأعوانه وأزلامه.

وفي السودان كان التدخل الاستعماري لعرقلة المصالحة الوطنية وتعطيل الدور الإفريقي للسودان العربي في محاولة لإرباك قواه الوطنية حتى تتقاتل فينقض الخارج على الثروة النفطية وغيرها ويتمكن المستعمر من ترتيب شؤون القارة بما يبقيها « مزرعة ومنجما وقاعدة عسكرية » تستجيب لأغراضه وتحقق غاياته.

أما في المغرب العربي فرغم الابتزاز الذي تعرضت له أقطاره والضغط عليها من خلال النشاط الممول والتمدد الملحوظ إعلاميا لنشاط ما يعرف ب »القاعدة في المغرب العربي » إلا أن دوله لم تستجب للمطالب الأمريكية بتركيز قاعدة للأفريكوم AFRICOM به لذلك فمن المتوقع أن تتكثف المخططات المناوئة لوحدة الأقطار المغاربية وما جد في الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس من أنشطة مشبوهة لما يعرف بالقاعدة في 2007 خير مؤشر على ذلك كما أن تزايد التركيز على الفرنكوفونية في محاولة لاستبدال الهوية العربية بإضعاف اللغة العربية تحت مسميات متعددة وتخريجات متنوعة لمن الأجزاء الظاهرة لجبل الثلج، وعلى القوى الوطنية الاضطلاع بدورها للتصدي لمثل تلك الدعاوي والأراجيف والمخططات في مختلف المجالات…

وفي نفس السياق يندرج إغراق دول الخليج العربي بموجات العمالة الأجنبية مما حولها إلى مخاطر مهددة للهوية العربية لأقطاره!

إن مثل هذه المخططات لم تعد تحاك في الظلام بل معلومة للحكام والجماهير. والأخطار في ظل العولمة لن تستثني أحدا ولكن ستكون الكلفة والأثر السلبي على الجميع فالدول غدت كيانات مثقوبة بما يهدد استقرار المجتمعات لذلك تكون المقاومة حركة مجتمعية وليست وقفا على هذه الجهة أو تلك ولكن ما هي أوجه المقاومة؟ مستوياتها؟ آلياتها؟ وهل مازال للمشروع القطري من دور في هذه المهمة التي تتجاوزه بل قد لا يتلاءم معها تصورا وأسلوبا؟

إن المتفحص للواقع العربي اليوم ينتبه إلى قوى انبرت للدفاع على الأمة في الساحات التي تميزت بحدة المواجهة مع المشروع الإمبريالي الصهيوني لذلك اتخذت المقاومة مظهر المقاومة العسكرية المسلحة كما هو الشأن في العراق وفلسطين والصومال ولبنان أو الممانعة أحيانا لقوى المجتمع في هذا القطر العربي أو ذاك في مواجهة المشروع الإمبريالي الهادف إلى إعادة تشكيل العقل العربي كمقدمة لاحتلال الإرادة. وفي هذا السياق كانت التدخلات الصارخة لبعض الدوائر وإلزامها لعديد الأنظمة بتغيير مناهج التدريس تحت يافطة « محاربة الإرهاب » ولقد طال أحيانا أدق التفاصيل بل لامس عقيدة المجتمع حيث تمكنت بعض  القوى المنبهرة بمشروع الآخر الاجتثاثي من إشاعة ثقافة سلبية مغتربة استهدفت بما حورته من مضامين عقيدة المجتمع مما أفرز ظواهر غريبة تفشت في عديد المواقع (عبدة الشيطان والتنصير والفساد الأخلاقي والتفكك الأسري والعنف الأعمى…).

والوطن العربي الذي تميز بالعلاقة الخاصة بين العروبة والإسلام صار في سياق مشروع المحافظين الجدد كما في مشروع الليبراليين العلمانيين الأوروبيين إلى التنصل من عقيدة الغالبية من أبنائه لكونها (تفرخ الإرهاب) وكأنه كظاهرة مرضية كانت وقفا على مجتمعنا بينما يعلم القاصي والداني ما أفرزته حضارة الغرب الرأسمالي من ظواهر إرهابية (الفاشية، النازية، الصهيونية…) ومازال يفرزه من ظواهر عنيفة أقلها هذه النزعة إلى نمذجة الثقافات وعقلية التمركز على الذات متجاهلا خاصية التنوع الثقافي. فالمجتمع العربي حماه الإسلام من كل تعصب عنصري أو انغلاق مذهبي أو تزمت ديني لذلك تمكنت أمتنا في فترات قوتها وضعفها من أن تبقى داعية للخير وإشاعة قيمه وجسرا للتواصل مع الآخرين في مشرق الأرض ومغربها وهذه الخصوصية حملتها مسؤولية تجاه بقية الشعوب خلال مرحلة التحرر الوطني في إفريقيا وآسيا فاصطدمت بمشاريع الدوائر الاستعمارية التي تعلم يقينا أن توفر أي فرصة لتنهض الأمة من كبوتها إنما يعني ذلك استئناف دورها الحضاري لهذا لم تعد خرائط سايكس بيكو لتفي بحاجة دوائر التخطيط الاستعماري.

إن الأمة العربية نشأت مجاهدة مقاومة وبقيت تلك صفتها فالمقاومة العراقية بمنازلتها للمحتل الأمريكي إنما تخطو على طريق تحرير الشعوب الأمريكية والبريطانية من تلك السياسات الاستعمارية الإمبراطورية التي أفرزت مظاهر الإفلاس الحضاري الغربي والفلسطينيون بجهادهم يعملون على تحرير اليهود من التضليل الصهيوني الذي أوقعهم في فخ فكره العنصري لحمايتهم من مشروعه الاستيطاني الذي ضرب حولهم جدارا معلنا إفلاسه بالتأكيد على يهودية كيانه…

إن المقاومة هي المنتصرة في النهاية عندما تتحول إلى فعل مجتمعي فهي مقدمة المشروع الحضاري للأمة الذي من بين ما يهدف إليه إقامة دولة القانون والمؤسسات.

فالمواطن الذي تتسم علاقته بأخيه المواطن وبالسلطة بالتأزم لن يقدر على استئناف مسيرته والاضطلاع بدوره الإيجابي بغير التحرر من القيود التي تعيق حركته من رواسب الماضي وما تراكم عليها من مستحدث سلبي. فعندما تفتح الممارسة الديمقراطية يصبح لزاما على المنتصرين لمشروع التحول الديمقراطي السعي إلى دعمه ففي تجذره وترسخه صون للمجتمع وضمان لديمومة تدفق الحياة في شرايينه « فالجبناء لا يصنعون الحرية والضعفاء لا تقوى أيديهم المرتعشة على البناء ».

فالقوى المناوئة للأمة هي التي تشد إلى الخلف وتفْرغُ الإجراءات المجسدة للتحول الديمقراطي من مضامينها الإيجابية فتعميق المسار والمسيرة الديمقراطية هي التي تمتّن قيم المواطنة فتنطلق الأنفس بهمة واقتدار لتبني وتشيد، فالديمقراطية في هذا السياق تصبح الهدف والوسيلة ليكتشف المجتمع ذاته ويختبر قدراته على مواجهة الآخر، ولأن الاستبداد ظاهرة غير صحية لذلك تتأزم العلاقات في المجتمعات المبتلاة بأعراضه فيكون التوتر، التوجس والتخوف بين الحاكم والمحكوم وبين الفرد والجماعة وبين أفراد المجتمع بما يفسح المجال للأجنبي من النفاذ ليزيد الخلافات تعمقا ديدنه (فرق تسد).

فترسيخ الديمقراطية انتشال للمجتمع من حالة الضياع والتيه إلى الانخراط في الوجهة الصحية لحركة التاريخ والتاريخ القريب يؤكد لنا أن الانجازات التي حققتها الشعوب ظلت مصانة بتوفر أوضاع سمحت للمواطن بالانخراط في الحفاظ عليها في حين ضمرت وتلاشت أخرى في ظل هيمنة الاستبعاد والاستعباد. فالمواطن الذي لا يمكن من تحقيق مواطنته يحبط ويصاب بالنكوس ولا يفصح عن مكنونه ويكون مهيأ للانجرار وراء أتفه أو أخطر المشاريع التي تهدد المجتمع في وجوده.

فالمواطنة علاقة انتماء للوطن وولائه للجهة والمنطقة والعشيرة والقبيلة والحزب فهي روابط القديم منها والمستجد يدعم المواطنة التي تكون مجسمة للوفاء للوطن دون غيره ففيه المولد والنشأة وفيه تشبّع المرء بقيم الأمة ونهل من معينها الحضاري الذي لا ينضب وفي ذلك ملمح أخر لمعنى المقاومة في حدها الإيجابي.

فالانتماء للوطن يجعل الفرد مطالبا بتحديد مجاله الحضاري وماهية الروابط التي تشده إليه وعوامل قوته وضعفه وذلك محصلة التربية والمعرفة فبقدر ما تشاع قيم العدل والمساواة وتثبت مفاهيم حقوق الإنسان وسيادة القانون وعلويته وبقدر ما يتطهر المجتمع من عوامل الاستبعاد الاجتماعي كسوء توزيع الموارد بين الجهات وبروز الاختلال في نصيبها من التنمية تصان وحدة المجتمع.

وأمتنا العربية التي اغتصب منها الاحتلال عددا من أقطارها وتستنزف ثرواتها وتتعرض ثقافتها لمحاولات الطمس والتهميش حتّم عليها أن تكون المقاومة سبيلها والديمقراطية وسيادة القانون والمواطنة الحقة ورفض الاستعباد الاجتماعي والاستعباد من بين آلياتها فماذا عن بقية ملامحها؟

 

(المصدر: صحيفة « الوطن » (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي)، العدد23 بتاريخ 8 فيفري 2008)


 

نعم للواقع التاريخي ولا للتضليل الإيديولوجي

بقلم الدكتور الحبيب المخ (باحث وكاتب)

 

إن من يعزو سبب التخلف العالم « الثالث » وعدم تطوره إلى الامبريالية وحدها محق، ولكن تحليله ناقص وسطحي. فمن كلف نفسه عناء البحث ودراسة الحقبات الزمنية الحاسمة في تاريخ آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. تلك الحقبات التي كانت فيها الامبريالية ما تزال عاجزة عن الامتداد الاستعماري المباشر. فقد تحررت أمريكا اللاتينية من الوصاية الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال) في مطلع القرن التاسع عشر، أي في زمن لم تكن فيه الولايات المتحدة قد أصبحت دولة عظمى. فهل كان هناك تأثير لاستقلالها في تطورها وتنميتها المختلفة والمتنوعة خاصة من الناحية الاقتصادية؟ باستثناء فنزويلا التي هددتها إنقلترا سنة 1903 وباستثناء أمريكا الوسطى وكوبا وجزر الكاراييبي أيضا فإن معظم أقطار أمريكا الجنوبية لم تعرف الإكراه العسكري الاستعماري. ومن هنا فإن التخلف يلقى على النخب الداخلية وهذا ما اعتقده علماء الاقتصاد السياسي في تلك الأوطان، بما في ذلك علماء من أمريكا اللاتينية نفسها والملاحظة عينها تنطبق على الإمبراطورية العثمانية ومصر وتونس والمغرب حيث تنبهت النخب فيها منذ القرن الثامن عشر للتأخر عن مواكبة تطور أوروبا التقني « وكان هذا الزمن مشجعا على التقدم. أي لا يزال كل شيء فيه ممكنا. ففرنسا وانكلترا لم تكن بعد على استعداد للاستعمار المباشر والتنافس على ذلك وهو الذي وسم بميسمه نهاية القرن 19. فلماذا تراكمت الديون التي أدت في الإمبراطورية العثمانية ومصر وتونس إلى بناء أسس التبعية الاقتصادية وبالتالي تهيئة ذرائع الاستعمار المباشر تحت الضغط والإكراه.  إلى أن كان ما كان، مما يعرفه رجال التاريخ الحقيقيين. ثم لماذا تمكنت اليابان من الناحية الأخرى في عهد الإمبراطور ميجي، من أن تنطلق، كالصاروخ، رغم انف الجميع في خط  تطوري صاعد مع أنها لم تكن في منتصف القرن التاسع عشر إلا دولة متخلفة أو قل عرضة لهذا الضغط ولخطر حصول إنزال عسكري على شواطئها كما هو معروف في القرن العشرين وقنبلة مدنها (وكلنا يذكر هروسيما وناكازاكي…) بعد أن دخلت في محور ألمانيا الهتلرية وإيطاليا الفاشية وقد أصبحت اليابان دولة امبريالية عظمى (احتلت الصين). وقد استطاعت الولايات المتحدة، التي لا تزال في وضع مستعمرة في آخر القرن 18 كانت في أوجه قوتها. أسئلة أطلب من الماركسيين الجادين الجواب عليها. وبعد ذلك نقوم نحن بتقديم وجهة نظرنا كاجتهاد.

 

في ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة:

حقائق الوحدة في مواجهة واقع  التجزئة

 

لم يكن قيام الجمهورية العربية المتحدة التي أضاءت المشرق العربي أواخر شهر فيفري من عام  1958، وليد صدفة عابرة، أو جرعة سياسية زائدة، أو ومضة عاطفية خاطفة، وإنما كان حصيلة حتمية وإبداعية لالتقاء القائد الفذ بالشعب الحي، واقتران الظرف الذاتي بالشرط الموضوعي، والتحام اللحظة التاريخية المواتية بالإرادة القومية المتوثبة·

كان تحولاً في مجرى التاريخ، وتبدلاً في موازين القوى، وتجاوباً مع رغبات الشعب، وتحدياً للأعداء والعملاء، وتطلعاً نحو غد مشرق عزيز، وتجسيداً لإرادة امة تجهد كل الجهد كي تستعيد مجدها، وتتبوأ مكاناً لائقاً تحت الشمس وفوق الأرض.

ورغم أن دولة الوحدة قد غابت سريعاً لأسباب عدة لا مجال لسردها، إلا أن تجربة الوحدة مازالت حاضرة، ودرس الوحدة مازال ماثلاً، وأمل الوحدة مازال مشرقاً، ووعد الوحدة مازال قائماً، ومشروع الوحدة مازال المشروع العربي الوحيد المؤهل للخروج بهذه الأمة من الضعف إلى القوة، ومن الفقر إلى التنمية، ومن الهزيمة إلى الانتصار، ومن الظلمات إلى النور فهو المشروع النهضوي والحضاري لهذه الأمة.

لا سبيل لأي نهضة، أو كرامة، أو استقلال، أو استقرار حقيقي لهذه الأمة العربية إلا بالوحدة أو الاتحاد، فمهما كابر المكابرون، وعاند المعاندون، وشكك المشككون فلسوف تفرض الحقيقة القومية ذاتها، ولسوف تثبت الضرورة الوحدوية موجوديتها وحتميتها، ولسوف تبرهن الأيام أن « الوحدة هي الحل »، طال الزمن أو قصر·

لعل التاريخ العربي المجيد خير شاهد على أن الوحدة كانت الممر الإجباري أمام العرب لتحقيق النصر والنهوض والعزة، بدءاً من مشروع الوحدة العربية الذي تحقق قديماً عبر الفتح الإسلامي للمشرق العربي ووادي النيل، ثم مشروع صلاح الدين الأيوبي في إعادة توحيد المشرق ومصر، وكذلك مشروع محمد علي في تحقيق الأمر ذاته، وأخيرا مشروع جمال عبد الناصر في جمع سوريا ومصر ضمن إطار الجمهورية العربية المتحدة·

بالوحدة تحققت النهضة لدولة الإسلام الأموية ثم العباسية، وبالوحدة تحقق الانتصار لصلاح الدين على الصليبيين، وبالوحدة وقفت جيوش محمد علي على أبواب اسطنبول، أما في ظلال التجزئة، فها هي الدولة القطرية العربية تبلغ حالياً مأزقها، وتكاد تفقد استقلالها ودورها واستقرارها وحتى كيانيتها·

وفي غياب الثنائية القطبية التي كانت توفر للدول الصغيرة هامشاً معقولاً من الاستقلالية والكرامة وحرية الحركة، ها هي الدولة القطرية العربية تنوء تحت وطأة أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية، وتبدو مستسلمة أمام ما يخطط لها ويحاك ضدها، وعاجزة عن إدارة ذاتها والحفاظ على وحدتها الوطنية، ومرشحة للانفجار من داخلها أو الاستعمار من خارجها·

كم هي مؤسفة ومؤلمة هذه المفارقة الغريبة والعجيبة التي تجتاح امتنا راهناً وتستبد بها، فبينما تتجه قارات كبيرة نحو الوحدة والاتحاد وخلق القواسم السياسية والاقتصادية المشتركة، شأن الحاصل في القارة الأوروبية المتعددة القوميات، أو القارة الأمريكية اللاتينية الواقعة تحت إدارة استمرار الهيمنة الأمريكية… تنحو امتنا نحو المزيد من الفرقة والتجزئة والانقسام، وتسير دولها القطرية حثيثاً باتجاه الشرذمة والتفكك وفق مفاصل طائفية ومذهبية وعرقية وجهوية وعصبوية مزعومة وملغومة، شأن ما يجري راهناً في العراق والسودان والصومال وحتى الجزائر ولبنان·

واقع الحال أن امتنا تعيش حالة مزرية من المجون السياسي، والشذوذ التاريخي والجغرافي، والسير بعكس اتجاه الحق والمنطق·· وإلا كيف تصر دول شبيهة بالحارات العربية على استقلالها الشكلي، وسيادتها المزروعة بالقواعد العسكرية الأمريكية، فيما تلهث دولة من وزن ألمانيا إلى التوحد مع فرنسا وايطاليا واليونان ورومانيا·· الخ ؟؟ وكيف يدعو عبد العزيز الحكيم علانية إلى تقسيم العراق لثلاث دويلات عرقية وطائفية، فيما ينادي هوجو شافيز كل يوم بوحدة سائر دول قارة أمريكا اللاتينية ؟؟

حتى لو كانت الوحدة العربية مشروطة في الأمس القريب بالوعي العقائدي، ومرتبطة بالعمل القومي، فقد باتت اليوم ضرورة حياتية، ولازمة وجوبية تتجاوز كل السقوف العقائدية مهما كانت أبعادها، وتتطلب تكاتف كل القوى السياسية مهما كانت ألوانها·· ذلك لان هذه الوحدة لم تعد في زمن العولمة والكيانات العملاقة خياراً فئوياً يتبناه فريق دون آخر، بل مساراً عمومياً يستدعي ويتسع جهود الجميع·

مشكلة امتنا تكمن في غيبوبة شعوبها، وغيابها عن دائرة الفعل والنضال، فلو كان لهذه الشعوب موقفها الحازم، وفعلها المؤثر على قياداتها الظالمة والمستبدة، لما بقي الحال العربي على المنوال البائس، ولما سبقتنا شعوب أوروبا وأمريكا اللاتينية في الدعوة إلى الاتحاد… غير ان الوزر لا يقع كله على شعوبنا العربية الغائبة، بل تتحمل القسط الأكبر والأوفر منه تلك الأنظمة الغاشمة التي أوغلت في قمع الجماهير وتهميشها وإخراجها من دائرة الوعي والعمل الوطني والقومي، بل إجبارها أحيانا على العمل ضد قناعاتها ومصالحها وعروبتها·

واضح تمام الوضوح إن العروبة مستهدفة، بل تقف الآن على قمة المستهدفين أمريكيا وأوروبيا وصهيونياً، فالعروبة هوية وحدوية ونضالية تحفز همم المخلصين، وتعرقل مخططات المتآمرين، وتدفع باتجاه الحرية والتحرير والعدالة الاجتماعية، وليس غريباً ولا مستجهناً ان يكون أول أهداف الغزو الأمريكي الآثم للعراق، هو إلغاء انتمائه القومي وهويته العربية، شأن ما سبق أن طالبت به أمريكا وأوروبا في السودان « الإفريقي »، ولبنان « الفينيقي »، ودول المغرب العربي الأمازيغية ».

رحم الله جمال عبد الناصر، رائد الوحدة والعروبة الذي لم يكذب أهله، بل كان أصدقهم قولاً، وأوسعهم صدراً وأبعدهم نظراً، ورحم الله شكري القوتلي الذي كان أول – وربما آخر – رئيس دولة عربية يتنازل عن كرسيه المغري، إكراما لعيون الوحدة، وامتثالاً لرغبات الجماهير، ونزولاً عند إرادة التاريخ·

 

(المصدر: صحيفة « الوطن » (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي)، العدد23 بتاريخ 8 فيفري 2008)

 


 

معجم الشباب التونسي الخاصّ: حماية وتكتيك

إسماعيل دبارة

إسماعيل دبارة من تونس :من المألوف ألاّ يفهم  زائر تونس الشّرقي اللهجة العامّية المتداولة لدى التونسيين ، لكن من غير المألوف ألاّ يفهم الكهل التونسي لغة ابنه الشاب التي يتواصل بها مع أقرانه وأصحابه  .

معجم جديد وخاص للغاية ذلك الذي استنبطه الشباب في تونس وفق قاعدة « افهمني ونفهمك  » للتحاور بعبارات تبدو للشباب واضحة مستساغة وتبدو للكبار ضربا من الطلاسم والألغاز.

تكتيك لتضليل الكبار

هذا المعجم الشبابي نشأ خارج الإطار الأسري وبالتحديد في المقاهي ودور السينما والملاعب ،و في الجامعات مؤخرا .

منير هو  طالب بكلية التجارة (23 سنة) ، والده مضطرّ للمبيت 3 أيام كل أسبوع خارج البيت فيستغلها الطالب الشّاب للسهرات الصاخبة مع زملائه ، ويقول لإيلاف :   لأتأكّد من وجوده(الأب) بالمنزل أو بالخارج يستعمل أخي عبارة  » الحاسوب معطل بسبب فيروس  » و هي تعني « والدك في المنزل ارجع باكرا » .

أما هدى (20عاما) طالبة الحقوق فتقول: « اضطررنا للتحاور بعبارات تعجز رادارات الكبار على رصدها وفهمها.فمثلا ، لما يهاتفني صديقي و أكون بجانب أمي أقول له (غزة لا تزال محاصرة ) أو (هل عرفت الآن الفرق بين حالة الطوارئ والحصار في مادة القانون). »

من جهته يرى فؤاد 21 سنة أن للشباب الحق في إخفاء بعض الخصوصيات والأسرار عن الآباء المتلهفين لمعرفة كل تفاصيل حياة أبنائهم ويقول: هذا تكتيك شبابي فريد من نوعه هدفه تضليل » نسنسة » الكبار.و »النسنسة » حسب الشباب تعني الفضول وحب الاطلاع على أخبار الآخر.

عقلية أمنية

البعض ممّن قابلناهم أبدى قلقه من لجوء الشباب إلى تلك العبارات الغريبة التي أضحت متداولة في كل مكان وبكثافة غير معهودة.

ويقول عبد اللطيف مصمودي 25 سنة طالب اللغة العربية : مثل هذا السلوك يخفي عقلية أمنية محض ترنو نحو الاحتفاظ بالأسرار ، وتهميش فضيلة الصدق مع النفس ومع الآخر .

أمّا السيدة رانيا (موظفة) فقد أبدت هي الأخرى استغرابها من العبارات التي يستعملها أبنائها لمّا يتحدثوا إلى زملائهم عبر الموبايل وتقول : كثيرا ما أرهف السمع إلى ابنتي الشابة لأعرف إلى أيّ مكان تستعد للذهاب، خصوصا وأنها كتومة معي إلى حد لا يطاق ، إلا أنني  ازداد حيرة واستغرابا من العبارات التي تتحدث بها مع أصدقائها ، فكلامها  يوحي في معظمه إلى أنها تستعد لأداء واجب  منزلي أو دراسي لا إلى المغادرة ومرافقة الأصحاب . »

للحماية من التجسّس

السيد محسن المزليني باحث في علم الاجتماع النفسي يقول لإيلاف  » مثل تلك » اللغات  » تنشأ بطريقة عفوية مع نشوء كل جماعة تلتقي بصفة دوريّة .فالتواصل هو الأساس الذي تنشأ عليه الجماعات البشرية ويمكن هنا رصد هدفين للمعجم الوليد أيا كان نوعه :

* أولا اللحمة: فالاتفاق على عبارات محدّدة وخاصّة بين نفر من الشباب يؤدي ضرورة إلى مزيد توطيد العلاقة بينهم وتعميق الروابط الحميمية التي تجمعهم.

* ثانيا الحماية : إذ يظنّ الشباب أنهم مستهدفون بشكل او بآخر من « تجسّس » الكبار عليهم واستعدادهم للتضييق على سلوكياتهم وتصرفاتهم ،الأمر الذي يجعل من المعجم الخاص سلاحا يواجهون به هذا الخطر .

حتى تتمكّن من فهمهم.. سجّل الآتي

ولمن يريد فكّ شفرة الإشارات التي يتغامز بها الشباب التونسي ،عليه الإلمام بالبعض من المفردات المتداولة:

*الحمام يدور: تعني رجال الأمن في تلك المنطقة فلا تقترب
*العداد معطّل : أبي يفرض علي حصارا ماليا ، لا نقود عندي
*نقوم بـــ »تشلويشة » : نزهة قصيرة
*نبّار: الشخص الذي يسخر ويتهكم على الآخرين
*زريّعة :الفتيات
*حلقوم:ما يودي إلى المشاكل
*دعزقة :معضلة
(المصدر: موقع « إيـلاف » (بريطانيا) بتاريخ 10 فيفري 2008)
الرابط: http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphGuys/2008/2/302840.htm

 

« الشروق اليومي » تنفرد بنشر رسالة أبوبكر جابر الجزائري الى جماعة درودكال:

« توبوا وكفوا عن هذا الفعل الشنيع القبيح »

** « القاعدة » في الجزائر تفتي بلا علم وتحرّض على المنكر والقتال

 

دعا الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، في رسالة خص بها « الشروق اليومي »، عناصر التنظيم المسلح « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي »، بالجزائر، إلى « التوبة » والتخلي عن العمل الإرهابي الذي يستهدف الأبرياء والعزل في عمليات إجرامية وتفجيرات إنتحارية، لا علاقة لها بالدين والجهاد، مثلما يدعيه هؤلاء الذين « يفتون بلا علم ويحرضون على المنكر والقتال ».

 

الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، المدرس بالمسجد النبوي الشريف، في رسالة مؤرخة في 23 جانفي الجاري، عنونها: « كلمة حق وصدق »، مكتوبة بخط يده، من المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، قال: « لقد بلغني أن بعض الشباب في الجزائر قد ضلت بهم الطريق وانقطع بهم السبيل وعلا الفكر الطائش أفكارهم، فأصبحوا لا يعرفون الحق، فأصبحوا يفتون بلا علم ويحرضون على المنكر والقتال ».

 

وفي رده على الإعتداءات الإرهابية في الجزائر، خاصة في ظل إعتماد تنظيم « القاعدة » على أسلوب التفجيرات الإنتحارية، قال جابر الجزائري: « ويا للأسف الشديد، في بلد إسلامي يقع هذا، وكم سمعنا من قتل لجميع أفراد المجتمع من شيوخ ونساء وأطفال ومن تفجيرات عشوائية للمباني والبيوت والمرافق العامة »، موجها عتابا وسؤالا إلى عناصر الجماعات المسلحة: « أين ذهبوا بعقولهم؟ ».

 

ودعا أبو بكر جابر الجزائري، المسلحين الناشطين ضمن « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، إلى « أن يتوبوا ويكفوا عن هذا الفعل الشنيع القبيح »، مخاطبا منفذي الإعتداءات الإجرامية في الجزائر بقوله: « أسألكم بالله هل يجوز قتل الأبرياء وسفك دمائهم، وهل يجوز تدمير المباني على المسلمين وغيرهم؟ ».

وفي إشارة إلى الإعتداءات التي تستهدف الأجانب والهيئات الدولية بالجزائر، مثلما حصل مع التفجير الإنتحاري الذي ضرب مبنى الأمم المتحدة بحيدرة في 11 ديسمبر الماضي، قال أبو بكر جابر الجزائري: « وكما لا يجوز قتل الكافر الذي أخذنا معه العهد في بلادنا.. فكيف بالذي يقتل مسلما عابدا لله؟ ».

 

ولم يتأخر الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، عن توجيه نداء إلى المسلحين الذين مازالوا ينشطون ضمن الجماعات الإرهابية في الجزائر، خاصة تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي »، الذي يقوده المدعو « عبد المالك درودكال »، قائلا: « أيها الشباب إن الفساد في بلاد الإسلام لن يجرّ إلا إلى الخراب والدمار والفرقة بين المسلمين، ولا يحل هذا أبدا »، مضيفا في رسالته الأولى من نوعها: « فارجعوا إلى الحق، هداني الله وإياكم وكفوا أيديكم من القتل والتدمير، واجتمعوا حول حاكمكم، وخذوا النصح والإرشاد من العلماء الذين يفتونكم بالكتاب والسنة، واجتمعوا في بيوت ربكم »، مخاطبا المسلحين بقوله: « وأدلكم على كتابي منهاج المسلم وكتب المسجد وبيت المسلم الجامعان لبيان الشريعة الإسلامية بكاملها ».

 

وفي آخر الرسالة، التي وقعها صاحبها بـ « محبكم الشيخ أبو بكر الجزائري، قال: « وأخيرا أسأل الله تعالى أن يتوب عليكم ويهديكم ويصلحكم ويتولاكم، وهو الرب الرحيم، واعلموا أن من تاب ناب الله عليه والتوبة تجب ما قبلها ».

 

توجيه الشيخ أبو بكر الجزائري، لـ « كلمة الحق والصدق »، يأتي في وقت تبرأ فيه ما يسمى « حماة الدعوة السلفية »، ثاني أبرز تنظيم مسلح بالجزائر، من التفجيرات التي تستهدف المسلمين في الجزائر، مبرزا رفضه للعمليات الإنتحارية التي يسقط ضحيتها مواطنون أبرياء وعزل.

 

وكان أمير « حماة الدعوة السلفية »، المدعو « أبي جعفر محمد السلفي »، في رسالة شرعية نُشرت على موقع التنظيم عبر الأنترنت، نداء إلى المسلحين، قال فيه: « هذه التفجيرات التي تقع في الأماكن العمومية، فيها تعدّ ظاهر على دماء المسلمين المعصومة، وعبث واضح بأرواحهم ونفوسهم التي حرّم الله قتلها إلا بالحق في آيات عديدة وأحاديث كثيرة ».

 

وجاءت رسالة أبو بكر جابر الجزائري، لتضاف إلى عدد من الفتاوى التي وقعها عدد من المهتمين بالجماعات الإسلامية، من بينهم الطرطوزي، الذي وقف مؤخرا في رسالة مشابهة ضد النشاط الإرهابي والإنتحاري لتنظيم « القاعدة »، وهو معروف بولاءاته وفتاويه السابقة لصالح التنظيمات المسلحة، حاله حال تنظيم « حماة الدعوة السلفية » كأول تنظيم مسلح جزائري، أيد زعيم « القاعدة »، أسامة بن لادن، في اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

 

كما يأتي تنامي مثل هذه الرسائل والفتاوى المنددة والرافضة للعمل المسلح، خاصة الإنتحاري منه، موازة مع بث إذاعة القرآن الكريم، مؤخرا، لتدخلات مشايخ كبار في الدعوة السلفية، يحرمون مثل هذه الإعتداءات التي تستهدف الأبرياء والعزل.

 

من هو الشيخ أبو بكر جابر الجزائري

 

الشيخ العالم المفسر أبو بكر جابر الجزائري، من مواليد بلدية « ليوة » القريبة من مدينة « طولڤة » ببسكرة عام 1921، بدأ دراسته بالزاوية العثمانية، فحفظ القرآن الكريم، ثم هاجر إلى المدينة النبوية عام 1953، حيث أتم دراسته في حلقات كبار العلماء بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم من أمثال الشيخ عبد الرحمان الإفريقي.

وسرعان ما سطع نجمه واشتهر بفصاحة وبيان في المنطق، وحفظ وقوة في الاستدلال، وبراعة في التفسير، وخاصة العلم بالقراءات القرآنية.

ولهذا عين أستاذا بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كما خصص له كرسي للتدريس بالمسجد النبوي، ومازال إلى اليوم يقدم فيه الدروس في مدة فاقت نصف قرن من الزمن، بعد أن حصل على إجازة من رئاسة القضاء بمكة المكرمة.

قام الشيخ أبو بكر الجزائري بتأليف عدد كبير من المؤلفات منها:

– رسائل الجزائري، وهي 23 رسالة تبحث في الإسلام والدعوة.

– منهاج المسلم، كتاب عقائد وآداب وأخلاق وعبادات ومعاملات.

– عقيدة المؤمن، يشتمل على أصول عقيدة المؤمن جامع لفروعها.

 – أيسر التفاسير للقرآن الكريم 4 أجزاء.

– المرأة المسلمة.

– الدولة الإسلامية.

– الضروريات الفقهية – رسالة في الفقه المالكي.

– هذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يا محب (في السيرة).

– كمال الأمة في صلاح عقيدتها.

– هؤلاء هم اليهود.

– التصوف يا عباد الله… وغيرها

 

(المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 28 جانفي 2008)

الرابط:

http://www.echoroukonline.com/modules.php?name=News&file=article&sid=15875

 

حكمان قضائيان في مصر يقران بمبدأ حرية العقيدة
 
القاهرة- رأى محامون وناشطون حقوقيون أن الحكم بالسماح للمسيحيين الذي اعتنقوا الاسلام لفترة مؤقتة بالعودة الى ديانتهم الاصلية وحكم آخر سمح قبل اسبوعين للبهائيين بترك خانة الديانة خالية في بطاقات الهوية يشكلان خطوة صغيرة الى الامام نحو الاقرار بمبدأ حرية العقيدة الدينية في مصر. وكانت المحكمة الإدارية العليا اصدرت السبت حكما نهائيا وغير قابل للطعن عليه بإعادة كتابة بيانات الديانة الخاصة باثني عشر قبطيا وتغييرها من مسلم الى قبطي مع الاشارة في البطاقة الى انهم كانوا اعتنقوا الاسلام لفترة قصيرة. لكن المحكمة قررت ان يوضح في بطاقة الهوية ان هؤلاء الاشخاص « اعتنقوا الاسلام بصورة موقتة » تفاديا « لاي تلاعب بالاثار القانونية او الاجتماعية المترتبة » عن هذا الاجراء مثل الولادات او الزيجات. وفي 29 كانون الثاني (يناير) الماضي سمحت المحكمة نفسها للبهائيين باستصدار بطاقات هوية خالية من خانة الديانة بعد ان كانت السلطات المصرية تشترط حتى الان تسجيل احدى الديانات التوحيدية الثلاث في هذه الخانة وترفض اعتبار البهائية ديانة. وأكد محامي عدد من العائدين للمسيحية رمسيس النجار ان « الحكم بمثابة خطوة الى الامام في مسألة حرية الاعتقاد في مصر لكن امامنا الكثير لإقرار هذا المبدأ ». وطالبت منظمات حقوقية عدة خلال السنوات الاخيرة الحكومة المصرية بالالتزام بالمواثيق الدولية التي وقعت عليها والتي تكفل حرية العقيدة الدينية كما تعرضت لانتقادات بهذا الصدد من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وقال مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التي تتولى الدفاع عن البهائيين حسام بهجت « رحبنا بالحكمين الصادرين للعائدين للمسيحية والبهائيين ونعتبرهما خطوة ايجابية ترفع ظلما تعسفيا يتعرض له مجموعة من المواطنين المصريين ». ومع ذلك يتفق بهجت مع المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان جمال عيد في أنه لا توجد مؤشرات على تغيير حقيقي وجذري في موقف الدولة تجاه حرية العقيدة. واضاف ان « الاحكام التي صدرت سببها ان المحكمة رأت ان رفض الحكومة تغيير خانة الديانة في الأوراق الرسمية في كلتا الحالتين (البهائيين والعائدين للمسيحية) مخالف ليس فقط للمعاهدات الدولية التي وقعتها مصر، ولكن ايضا للدستور المصري ». وقال عيد « من وجهة نظري لا يوجد تقدم جذري في مسألة حرية العقيدة في مصر بل تقدم شكلي ». واوضح ان « الحكم الذي صدر بترك خانة الديانة خالية بالنسبة للبهائيين هاجم في حيثياته الديانة البهائية بعنف والحكم الصادر للعائدين للمسيحية اشترط الاشارة في خانة الديانة إلى أن هذا الشخص مسلم سابق وهو ما سيتيح الفرصة للتمييز ضد هؤلاء ». وفسر عيد موقف الحكومة تجاه حرية العقيدة بأنه يرجع الى « انتشار التشدد الديني في مصر وجنوح النظام الحاكم إلى المزايدة على الإسلاميين ». واعتبر بهجت ان الطريق لا يزال طويلا قبل الاقرار بالحريات الدينية في مصر. وقال « مازال هناك افراد يتم القبض عليهم بسبب معتقداتهم الدينية وتوجه لهم تهمة ازدراء الأديان مثل الشيعة اضافة الى التمييز الذي يتعرض له الأقباط على ارض الواقع » من قبل الجهات الادارية. واعلن الشيخ يوسف البدري وهو اسلامي تخصص في اقامة دعاوى قضائية ضد كل ما يعتبره مساسا بالاسلام، رفضه الحكم الصادر لصالح البهائيين والعائدين للمسيحية. وقال لوكالة فرانس برس ان « الدولة مطالبة بإصدار قانون يعاقب المرتد عن الإسلام » مشيرا الى انه سيدرس مع مجموعة من المحامين إقامة دعوى ضد العائدين للمسيحية باعتبارهم مرتدين عن الإسلام. واضاف البدري ان « الاسلام يكفل حرية العقيدة لاصحاب الاديان السماوية الاخرى لكن من اختار اعتناق الدين الاسلامي فعليه الالتزام بشرائعه التي تمنع الارتداد عنه ».   (ا ف ب)   (المصدر: صحيفة « الغد » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 11 فيفري 2008)
 

الحجاب العائد إلى الجامعات التركية
سمير صالحة (*)   لم تنجح أصوات آلاف المتظاهرين العلمانيين واليساريين في العاصمة التركية انقرة، وهتافاتهم التحذيرية بأن حرية الحجاب في تركيا، مسألة لها علاقة مباشرة بخيارات وتوجهات النظام وأسس الجمهورية وبنيتها، ولم تقع مفاجأة آخر لحظة فقد اقر مجلس النواب التركي التعديلات الدستورية التي اقترحها حزبا «العدالة والتنمية» الحاكم و«الحركة القومية» اليميني المعارض حول الغاء حظر الحجاب في مؤسسات التعليم العالي، وذلك في محاولة لوضع نهاية لمسألة تصدرت اولويات الداخل التركي على مدى 40 عاما من دون الوصول الى صيغة الحل الملائم. ما لم يكن في الحسبان فقط هو وقوف نواب حزب «المجتمع الديمقراطي» اليساري والمعروف بشعبيته الواسعة في صفوف اكراد تركيا الى جانب القرار وحجتهم هي دعم مسائل الحريات مهما كان نوعها ومن دون أي تمييز بين اصحابها او المدافعين عنها.   العدالة وعد مند البداية بحل هذه المعضلة، لكنه كان دائما يطالب قواعده الشعبية بالتروي، مرجحا اعطاء الاولوية لمسائل اخرى يسجل من خلالها بعض النقاط في رصيده الشعبي والسياسي ويكسب معها ثقة المؤسسة العسكرية التي تتعامل بحيطة وحذر مع العديد من ممارساته وقراراته. وهو هنا اختار على ما يبدو عدم انتظار مناقشة وإقرار الدستور الجديد الذي يعد له منذ اشهر مما يعني انه لم يعد مستعجلا في اصداره اذا ما نجح في استبدال ذلك ببعض التعديلات او بإصدار مجموعة من القوانين التي يوليها الاهمية في الحقبة الثانية من حكمه. اردوغان ورغم انتقادات كبار الشخصيات والاقلام الليبرالية التي وقفت الى جانبه اكثر من مرة لهذه الخطوة الخاطئة في التوقيت والشكل، رجح خيار تحمل الكثير من المخاطرة فخرج علينا من مطبخه السياسي حاملا وجبة طعام اعدها، وهو يمني النفس ان ترضي المنتظرين من الذواقة. الحل المطروح كان عبارة عن تعديل المادتين 10 و42 من الدستور والمادة 17 من قانون التعليم العالي التي تلتقي كلها حول السماح بالدخول الى الجامعات بغطاء الرأس شرط الا يغطي الوجه وان تكون ربطته امام العنق. اما المؤسسات الرسمية الاخرى فهي خارج التعديل رغم ان تصريحات بعض النواب في العدالة حول سياسة الخطوة خطوة وضرورة عدم الاسراع اغضبت اردوغان ودفعته لإحالة اصحاب هذه الاقوال على مؤسسات الحزب لاتخاذ التدابير اللازمة بحقهم. موجة من الغضب العارم تسود اوساط القوى العلمانية واليسارية المتشددة التي يقودها حزب الجمهورية المعارض الذي اعلن باكرا أنه سيحمل رفضه لهذه التعديلات الى المحكمة الدستورية لإعطاء القرار الأخير بشأنها، وهو يعرف تماما ان لا قدرة له على فعل شيء آخر فهو خارج المعادلات السياسية ومسار التغييرات والتعديلات الجذرية وزعيمه دنيز بيقال يكتفي بالانتقاد وبمهاجمة اليمين القومي «الذي سمح للعدالة التلاعب به» في مثل هذه المسائل.   مجلس النواب قال كلمته وأرسل قراره الى رئيس الجمهورية عبد الله غل للمصادقة عليه، حيث يبدو انه غيّر فكره لناحية عدم احالة المسألة على الاستفتاء العام، كونها تندرج ضمن باب الحريات الاساسية في البلاد، رغم معرفته تماما ان الاستفتاء سيعني حشد تأييد الأغلبية الشعبية التي قد تضع نهاية لكل هذا النقاش المزمن بين القيادات والأحزاب في تركيا.   انقسامات كبيرة في صفوف الاكاديميين والنقابات والاتحادات ومؤسسات نسائية كثيرة تنتقد حالة الهستيريا السياسية هذه التي تعيشها البلاد على حسابها ومن دون الاصغاء الى ما تقوله وتريده وحرمانها من المشاركة المباشرة في المناقشات وطروحات الحلول «حيث يقرر الرجال نيابة عنا طريقة لباسنا وغطاء الرأس، الذي سنرفعه فوق رؤوسنا».   «الاجتهاد» الديني والتفسير الدستوري الجديد لطريقة ارتداء الحجاب داخل الحرم الجامعي وقاعات التدريس «غطاء الرأس المربوط تحت الحنك امام العنق»، ينتظر اقراره من الرئيس غل في محاولة لإغلاق هذا الملف، الذي يوصف من قبل الكثيرين بقضية تصفية حسابات بين جماعات العلمانيين المتشددين والقوى الاسلامية، أو المحافظة المتمسكة بأسبابها الدينية في غطاء الرأس، حتى ولو غضب اردوغان وتحدث عن الرمزية السياسية للحجاب. هل سيكتفي العدالة بهذا القدر من القوانين والقرارات التي اصدرها في التعامل مع مسألة حساسة من هذا النوع؟ هل تسير ازمة الحجاب نحو الانحجاب في تركيا بعد سنوات من النقاش والأخذ والرد، وتكتفي القواعد الاسلامية بهذا الانتصار الذي سجلته، أم أنها مجرد هدنة مؤقتة قبل التحرك مجددا نحو توسيع رقعة التمدد ولائحة المطالب؟ أيام قليلة ونعرف ما اذا كان هذا الحل السياسي لمسألة تتعلق بحرية الاعتقاد، لكن بمواصفات دستورية مميزة، سيرضي فتياتنا الجامعيات، أم لا، لكنه يقلقنا نحن الاكاديميين، خصوصا اذا ما طلب الينا أن نتحول الى خبراء في علم الأزياء وطريقة التحجب، نقف وبيدنا مواد القانون الجديد لنقارن ونقرر، اذا ما كانت فتياتنا يلتزمن بمضمون وتفاصيل هذا التعديل ام لا! مما يتطلب الكثير من الشجاعة والاستعداد لفعل ذلك على ابواب الجامعات، أو داخل قاعات المحاضرات.   (*) أكاديمي وكاتب تركي   (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 11 فيفري 2008)


نُـذُر أزمة حجابٍ خطيرة.. لكن في مدريد هذه المرة!

نوال السباعي (*)

 

 «عندما قدمت ابنتي أوراقها للعمل في واحدة من الشركات الدولية في مدريد، قبل مدير المؤسسة أوراقها بمجرد اطلاعه عليها عن طريق البريد الإلكتروني (الإيميل)، وتعاقد معها تقريباً غيابياً بالهاتف. لكنه أصيب بصدمة مذهلة عندما أجرى معها المقابلة الأولى فرآها بحجابها. ولدماثة في خلقه ونبل في طريقته في التعامل مع موظفيه لم يرجع في كلمته.

 

مضت الأيام في تلك الشركة بخير، إلا أن اسم البنت صار على لسان المدير «بن لادن». لم يعد يناديها إلا بـ «بن لادن»! وقال إنه مجرد مزاح. بعد فترة أصبح يتذمر ويشتكي من أن الزبائن بدأوا ينفرون من منظر حجابها، ويرفضون التعامل معها. ولم يمض العام الأول من العمل إلا وكان صاحبنا قد أعلن استسلامه لحنق وغضب مكبوتين ذهبا بكل ما لديه من نبل ودماثة أخلاق. قال للبنت وبالحرف: «ظننت أن صبري عليك سوف يقنعك بخلع الحجاب وتغيير سلوكك.. أنا لم أكن أريد راهبة في شركتي! أنت لاتستطيعين المشاركة في المعارض العالمية، لا تستطيعين السفر معي إلى المؤتمرات.. أنت تتسببين لي بخسائر فادحة في الشركة!».

 

كانت هذه السيدة تحكي لي قصة ابنتها وهي تشعر بأسى شديد، وقد انتصرت ابنتها لكرامتها الجريحة وحجابها المهان وتركت العمل وجلست في المنزل، وهي التي تحمل أعلى الشهادات الممكن الحصول عليها في اختصاصها. لكن ما أثار فضولي ودهشتي لم تكن هذه الحكاية التي لا يكاد يمرّ يوم دون أن نسمع بمثيلة لها في مدريد، وفي طول أوروبا وعرضها، ما أثار ألمي وعقد لساني ما أعرفه وما أردفته السيدة: «ما يجعلنا نصبر على ذلك كله أن الحال في بلادنا ليس بأفضل من هذه فيما يتعلق بالحجاب. زوج أختي – كما قالت السيدة- رجل يصلي الأوقات الخمسة في المسجد ويعرف ربه، وهو يعمل رئيس شركة دولية كذلك، لكنه يشترط على كل سكرتيرة تعمل في الشركة أن تكون شبيهة بـ «نانسي عجرم». وكان منذ سنوات يطالبهن بأن يكن مثل «نوال الزغبي»! لكن الدنيا تغيرت ونوال الزغبي قد شاخت وتغيرت! فلماذا يحزننا ما يجري في أوروبا، ونقيم الدنيا ونقعدها كلما فتحوا سيرة الحجاب»؟!.

 

قبل ساعات فقط من كتابة هذه السطور صدرت في مدريد عن واحد من أهم مسؤولي حزب الشعب -الذي يدّعي أنه محافظ- تصريحات يَعِدُ فيها ناخبيه بأنه في حال فوز حزبه في الانتخابات العامة في التاسع من مارس المقبل، فإنه سيتخذ في مجال قضية الهجرة والمهاجرين سلسلة من الإجراءات «المناسبة» لمصلحة الشعب الإسباني، والتي ستبدأ بمنع الحجاب منعاً باتا في المدارس، على غرار ما حصل في فرنسا! وليس في المدارس فحسب – كما قال- بل في كل مكان يتسبب فيه الحجاب بإحداث نوع من التهميش للمرأة بسبب هذا الذي تضعه الفتيات المسلمات على رؤوسهن. وسمّى إجراءات أخرى يمكننا معها القول إن «هتلر» نفسه كان ليستحي من التصريح بها قبيل الانتخابات العامة بشهر واحد فقط! خاصة أن حزب الشعب المحافظ هذا خسر الانتخابات السابقة عقب تفجيرات الحادي عشر من مارس التي نفذتها مجموعة من «المجانين المهووسين» ضدّ آلاف الأبرياء من أبناء مدريد، رداً على دور «أثنار» في غزو العراق، وقد كان رئيساً للوزراء في حينه.

 

ما قصةُ هذا الحجاب الذي أصبح الشغل الشاغل لهذه البشرية «المتمدنة»، «المتحضرة»، صاحبة «حقوق الإنسان والحيوان والنبات والميكروبات والجماد»؟! ما قصة هذا الحجاب الذي كنت قبل ثلاثين عاما أُمنَع من التزامه في بلدي الأصلي، في مدرستي بضغطٍ من الدولة والحزب الحاكم، وفي الشارع بضغط من قوى المجتمع المدني التقدمية الثورية المتحضرة من الأسرة والأصدقاء وحتى الجيران؟!.

عندما كنا طالبات على مقاعد الدراسة في دمشق كنا «نحن المحجبات» نلزم بوضع شيء قبيح من قماش «الخيش» على رؤوسنا مع الزي المدرسي العسكري الذي كنا نرتديه في تلك الأيام تعجيزا وإكراها. وعندما كنت حديثة عهد بإسبانيا، مازلت أذكر ذلك اليوم الفظيع الذي صعدت فيه جارتي الإسبانية وصارت تطرق باب بيتي كالمجنونة، وتصيح بأعلى صوتها: تعالي وانظري -إذ لم يكن عندنا جهاز تلفاز يومها- كيف يخلعون أغطية الرأس للنساء في شوارع مدينتك ويقتلون رمياً بالرصاص كل من لا ترضى خلعه! مازلت أذكر أياما سوداء عشتها شخصيا في بلادي «الحبيبة»، وأياما سوداء عشتها من خلال نشرات الأخبار عن بعد وعن قرب بسبب أزمات الحجاب المتكررة.. في تركيا، في دمشق، في مصر، في تونس، في مدريد، في فرنسا. والآن ومن جديد أزمة حجاب خطيرة في مدريد! لكنها جاءت بعد تعبئة الشعب الإسباني خلال سنوات طويلة عجاف، ومن خلال عشرات وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمقروءة ضد المهاجرين والمسلمين منهم بشكل خاص.

 

أغرب ما في هذه الحكاية أننا، ولأهداف سياسية هنا وهناك، نُستَعمل ويُعاد استعمالُنا وكأننا مواد بلاستيكية أو ورقية! وأطرف ما في الأمر أننا، وعلى الرغم من كل هذه الأزمات المتكررة، لم نتعلم الدرس ولم يعرف العالم العربي ولا الإسلامي ولا السفارات العربية ولا الإسلامية، ولا الحركات ولا المراكز الإسلامية في مختلف أنحاء أوروبا الإعداد لمثل هذه الأزمات التي تنذر ببلاء لا يعلم مداه إلا الله بسبب وجود الكثيرين من «الحمقى المهووسين بلغة العنف» من الذين لا يعرفون الصبر بالتي أحسن على مثل هذه المحن، ولا يتركون أي مجال للتحاور والمجادلة مع هذا الآخر الذي هو أقل «قلة ذوق» منا نحن أنفسنا!

 

« مريم » باحثة في العلاقات الدولية في جامعة الأوتونوما في مدريد، «ساجدة» باحثة في علوم التربية في جامعة الكومبليتنسة في مدريد، «سلاف» باحثة في العلوم السياسية، «بارعة» طبيبة تختص في جراحة التجميل، «زينة» مختصة في علوم الاقتصاد، «نهى» صيدلانية تخرجت وهي تعمل في اختصاصها، «هاجر» طبيبة أسنان تزاول مهنتها، «لارا» دارسة في كلية العلوم الطبيعية، «مها» مختصة في علوم الفيزياء، «إيمان» تحضر الماجستير في تطبيقات التصميم الإلكتروني في الإعلام، «مروة» تحمل درجة الدكتوراه في الدراسات الدولية، «سلوى» تحمل درجة الدكتوراه في الترجمات المقارنة في إعجاز القرآن الكريم، «سارة» مختصة في الكيمياء، و «تمارا» تدرس الطب في السنة النهائية.. وكلهن محجبات في مدريد، يذهبن وعشرات مثلهن من الفتيات الإسبانيات المسلمات المولودات في مدريد من أصول سورية ومغربية وجزائرية وفلسطينية ومصرية إلى الجامعات رافعات رؤوسهن بحجابهن، يعانين الأمرّين كلما دخلن وخرجن، يصبرن ويحتملن الأذى من بعض الأساتذة ومن بعض الطلبة ومن الموظفين وحتى من بعض موظفي النظافة! لكنهن يجدن دائما الدعم المناسب من بعض الزملاء وبعض الأساتذة وبعض الموظفين، ويصبرن ويصابرن ويرابطن ويمضين في هذه الطريق التي مضت قبلهن ومثلهن فيها أجيال وأجيال بقيت شامخة بحجابها. بقيت ثابتة على حجابها في بلادنا البعيدة أم في أوروبا هذه التي يسكنونها، وهي بلادهم ولا يعرفون وطناً سواها. أوروبا أرض الحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان التي هاجرنا إليها نحن آباءهم طلباً للحرية ولشيء من الكرامة المفقودة في بلادنا، وطلبا للحرية الدينية التي اضطُهدنا بسببها في بعض أرض الإسلام، الأرض التي حكمتها ذات يوم أغوال تفرعنت وتسرطنت ولم تحسن – مسكينة- إلا محاربة حجاب النساء المسلمات!

 

لكن تلك الأنظمة ولت وانتهت، وذهبت وأصبحت أحاديث، وبقيت النساء المسلمات وبقي الحجاب، وجاءت «مروة القاوقجي» ذات يوم إلى البرلمان التركي لتعلن من هناك للعالم: أنه ما من قوة في العالم يمكنها أن تقف في وجه امرأة تريد أن تعبر عن قناعتها، وتريد أن تلقن هذا العالم درسا بأن المرأة العربية والمسلمة ليست مضطهدة إلى الدرجة التي تتخلى فيها عن مبادئها حتى لو وقف العالم كل العالم في وجهها، وحتى لو.. كان ذلك باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

(*) كاتبة عربية مقيمة بإسبانيا

 

(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 10 فيفري 2008)


قراءتان في «الهولوكوست»: التوظيف الإسرائيلي والإنكارات العربية

خالد الحروب (*)

 

في العدد الأخير من «نيويورك ريفيو أوف بوكس», مجلة الكتب الرصينة والمعروفة, نشر توني جوت الباحث البريطاني ومؤرخ الفكر الأوروبي، جزءاً من خطاب كان قد ألقاه في بريمن في ألمانيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في حفل منحه جائزة الفيلسوفة الألمانية حنا أرندت لعام 2007.

 

جوت قضى وقتاً طويلاً من حياته يبحث في أدوار ومواقف المثقفين الأوروبيين, وخاصة الفرنسيين, حيال التوتاليتارية الستالينية, ودان غياب الأخلاقية والمبدئية عند شرائح مثقفة واسعة تغاضت عن فظائع الديكتاتورية بسبب قراءات ايديولوجية فجة. ولئن كانت تلك الإدانة لا تقدم جديداً كثيرا إذ تمثل جزءا من أدبيات نقد الفكر الاوروبي في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن ميزتها عند جوت هي استمرارها فعالة وبحمولتها الأخلاقية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وعنصريتها. وفي الوقت الذي يتلعثم فيه كثير من فصحاء المثقفين الأوروبيين عند تناول المسألة الفلسطينية ومعاناة الفلسطينين على أيدي إسرائيل وأحفاد الناجين من «الهولوكوست», فإن جوت يجتاز هذا الاختبار الأخلاقي بثقة ورصانة, ومن دون ضجيج أيديولوجي لا لزوم له.

 

في مقالته المنشورة يتحدث عن «معضلة الشر في أوروبا ما بعد الحرب», ناسجا على منوال قراءات وكتابات لـ «حنة أرندت» نفسها إزاء رعب العنصرية الكامن في أوروبا والذي تجسد في محاولة الإبادة الجماعية والتامة ليهود القارة على يد النازية. جوت يقول إن أهمية درس «الهولوكوست» تكمن في ضرورة توسيع نطاقه ليغدو درسا كونياً ضد العنصريات وضد الكراهيات الإثنية الكامنة تحت السطوح والموزعة جغرافياً وتاريخياً ويمكن أن تنبشها الانتهازيات السياسية. كلما صار «الهولوكوست» ملكية عامة كلما كان درسه أوقع. وفي المقابل كلما بقي, أو أُبقي، «الهولوكوست» حدثاً يهودياً استثنائياً ومحصوراً راهنا في التوظيفات السياسية لإسرائيل كلما فقد معناه وأثار مقادير متفاوتة الظهور من التهكمية والتساؤل عن بقية «الهولوكوسات»، خاصة في خطابات الأجيال الجديدة التي لم تختبر تجربة الحروب الأوروبية. لا يُطالب جوت بنزع الصفة اليهودية عن «الهولوكوست» ولا يقلل من فظاعته لكنه يشير إلى أن المتاجرة به سياسياً تفرغه من حمولته الأخلاقية.

 

وفي أيلول (سبتمبر) من العام الماضي نشر ديفيد غروسمان, الكاتب والروائي الإسرائيلي المعروف, مقالة مطولة في الملحق الثقافي لصحيفة «الغارديان» حول معنى «الهولوكوست» وتمثلاته في طفولته في القدس وفي أوساط أقربائه من كبار العمر الذي نجوا أو عايشوا أو سمعوا عن أهوال ما حدث. قراءة غروسمان إثنية غارقة في المحلية والاستثنائية ولا تليق بكاتب يكرر رغبته ونزوعه نحو الخطابات الكونية. وهو النزوع الذي يعبر عنه في المقالة من خلال ضرورة الاهتمام بما يحدث من «معاناة» في مناطق العالم المخلتفة، ويذكر أمثلة رواندا وبوروندي, والبوسنة, وغيرها. غروسمان يرى كل معاناة الشعوب في العالم إلا معاناة «جيرانه» في القدس الشرقية, فيما وراء السور العنصري الفاصل الذي يحجب عنه «المعاناة القريبة» ليرتاح ضميره فيما تنشط الأخلاقية والحس بالتضامن مع «المعاناة البعيدة» غير المكلفة. في أكثر من خمسة آلاف كلمة هي حجم المقالة المطولة ليس هناك ولو ذكر عابر لمعاناة الفلسطينيين أو التساؤل ولو الأخلاقي عن السبب الذي يضطرهم لدفع ثمن باهظ لجريمة أوروبية وكونية اقترفت بحق يهود أوروبا.

 

يتحدث غروسمان في مقالته تلك عن «هناك» و «آنذاك» وكيف أن كبار السن من الناجين من المحرقة يتحدثون عن «هناك» أكثر من حديثهم عن «آنذاك»، بمعنى أنهم يتركون «زمن الحدث» مشتغلاً بوعي أو من دون وعي، وكأنه ليس فقط قراراً بالعيش مع المحرقة وذكراها, بل بإمكانية حدوثها ثانية. فالزمن المؤطر لحدوث الحدث يظل القابلة المولدة لأشقاء له. لكن هذا ما يقوّله الكاتب لأولئك الناس من كبار السن الذين ربما يحجمون عن الحديث عما حدث هناك هربا من الماضي وأهواله، وليس كما تريد لهم فصاحة الكاتب أن يفكروا. تلك بكل الأحوال تظل نقطة ثانوية عندما تُقارن بعدم التفات الروائي «الكوني» إلى «هنا» و «آنئذ» الفلسطينيين. فكلا الإطارين، الزمن والمكان، لا يزالان يضخان معاناة يومية، وليسا حدثاً ماضياً, يمكن التهرب منه أو استدعاؤه للتحذير من تكراره أو لأية أغراض أخرى، نبيلة أو لئيمة. «هنا» و «آنئذ» الفلسطينيين تفيض من كل زاوية أو أفق قصير تطل عليه نافذة بيت غروسمان في القدس. وقبل، أو على الأقل مع, تأمله لمعاناة الآخرين البعيدين، فإن معاناة من يدوسهم جيش أبناء ضحايا «الهولوكوست» تضج سائلة أياه عن موقف. ما يُدهش حقاً في صمت غروسمان المدوي إزاء ما يحدث للفلسطينيين أنه صمت يحدث عند كاتب هو أكثر ميلاً لليسار وللخطابات الكونية، ولروائي يُحتفى به هنا وهناك على ذلك الاعتبار.

 

حتى يصبح «الهولوكوست» خطابا كونياً ضد الإبادات وضد العنصريات وضد كل أنواع الجرائم التي تتلبس أي لبوس أيديولوجي عليه أن يتطور باتجاهين: الأول هو أن يضم ضحايا المرحلة الثانية المباشرين لـ «الهولوكوست»، أي الفلسطينيين. فهؤلاء هم ضحايا الضحايا, أو ضحايا بالاستتباع، لم يكونوا طرفاً في ما حدث أو تسبب في أوروبا, وليسوا جزءا من تاريخها، وهم الآن يدفعون الثمن الأكثر كلفة. جريمة «الهولوكوست» لم تتوقف عن إبادة ستة ملايين يهودي، والتي هي جريمة فادحة ضد الإنسانية ولها استثنائية لا يجب التقليل منها, لكنها جريمة استمرت وظلت تتواصل لتطال (الآن) ما يُقارب العشرة ملايين فلسطيني, خمسة منهم في دياسبورا صار لبعض جغرافيتها عنصرية وسمات لا ترحيبية بالفلسطينين تتشابه وجغرافية الدياسبورا اليهودية. والاتجاه الثاني هو أن يتضمن الخطاب الكوني لـ «الهولوكوست» ما حدث ويحدث من إبادات في العالم كله. وهذا لا يقلل ويجب أن لا يقلل من مركزية واستثنائية المحرقة اليهودية، ولا القصد من إضافة ابعاد كونية جديدة لها التقليل من أهميتها فتلك مماحكة مؤدلجة وغير إنسانية, لكن القصد الحقيقي هو بناء تضامن إنساني ضد ما يقوم وما يمكن أن يقوم من جرائم بحق الانسانية حتى لو كان القائمون بها ضحايا سابقين أو أحفاد ضحايا.

 

وعندما يتطور خطاب كوني حقيقي ضد الإبادات والعنصريات ويساوي بينها تغيب كثير من الإنكارات لهذه الإبادة أو تلك المجزرة، أو على الأقل يخف ضجيجها. فكثير من تلك الإنكارات, ومن ضمنها إنكارات عربية عديدة، تصدر عن موقف سياسي ناقم وغضب إزاء التجاهل «العالمي» لمعاناة الفلسطينين. وهذا ينطبق على جزء كبير من الإنكارات خارج الفضاء العربي للمحرقة نفسها. فالمركزية الفائقة والثقل المُعطى لـ «الهولوكوست» اليهودي, وكما أشار جوت في مقالته – خطابه المشار إليه، صار يثير مقادير كبيرة من الشك والتهكم واللامبالاة، على ضوء السكوت والإهمال الذي يصف «الخطابات العالمية والكونية» إزاء طيف من المعاناة عصف ولا يزال يعصف بشعوب وجماعات مختلفة. لكن يجب القول أيضاً إن جزءا لا يُستهان به من الإنكارات العربية للمحرقة يصدر أيضا عن قصر نظر، ونتيجة الظن أن الإقرار بالمحرقة معناه منح الشرعية لقيام الدولة الإسرائيلية التي تستند في بعض ما تستند إليه لتبرير قيامها ووجودها إلى حدوث المحرقة، ومن ثم ضرورة ايجاد وطن آمن لليهود في العالم. المشروع الصهيوني لبناء وطن قومي لليهود في فلسطين بدأ جدياً قبل حدوث المحرقة بنصف قرن على الأقل، والربط الميكانيكي بين قيام الدولة والمحرقة جاء لاحقاً ومتأخراً ومسوغاً لما قام أصلاً، وليس لما كان سيقوم. عربيا وفلسطينيا تكون إزالة التوتر إزاء الموقف من المحرقة والإقرار بهولها والمعاناة التي تعرض لها يهود أوروبا والتضامن مع من أبيدوا منهم على يد النازية هي أيضا استكمال لإنسانية وشمولية خطاب جديد حول المحرقة.

 

(*) أكاديمي أردني – فلسطيني – جامعة كامبردج

 

(المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 فيفري 2008)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.