الأربعاء، 4 أكتوبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2326 du 04.10.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:إعلان الآتحاد العام التونسي للشغل الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي:مـســاندة اللجنة التقنية المؤقتة للمنتدى الاجتماعي التونسي للشباب: نـــداء رويترز: أربعة ملاكمين تونسيين يفرون من وفـد بلادهم في ألـمانيا الموقف:السلطات توقف  » فلة » وتمنع الحجاب الموقف: رجل يغرق و يستغيث .. لإنقاذ بناته… الموقف: رجل أمن يتحول إلى متسول الموقف: غرق « الوسلاتية » لا يرحموا لا يخلّيو رحمة ربي تنزل «  فوزي الصدقاوي  :السجناء السياسيون والأحكام المكررة مظلمة يجب أن تتوقف. د.خالد الطراولي: المشهد السياسي التونسي : أزمة معارضة أم أزمة حكم![4/4] الجزء الرابع عبدالباقي خليفة: مصالحة وطنية أم ماذا ؟!!أشخاصا سقطوا في نفس الفخ ،أصبحوا مسابح بين أصابع سحرة النظام أو نجوما انطفأت بعد وهجان الأستـاذ فتحـي نصـري: وطني حقيقي ، لا للمساحيق الإعلامية الحبيب أبو الوليد المكني: لماذا نختلف مع الخطاب الذي يمارسه الدكتور المرزوقي ؟ بوعبدالله بوعبدالله: لقاء حمادي الجبالي ورئيس الجمهورية محمد العروسي الهاني:التبذير في ميزانية المجتمع علاجه العمل التطوعي بروح وطنية عالية نصرالدين: الحريات العامة في الدولة التونسية:ج 4 -الحياة النقابية استاذ تعليم ثانوي تجمعي:ماذا يحدث في وزارة التربية و التكوين؟ أسامة رشدي:اصلاحات مبارك « نص كم » على الطريقة التونسية!!. الموقف: سفير السودان بتونس:وسائل الإعلام الغربية هي التى صنعت مشكلة دارفور الصباح: مسلسل «أبناء الرشيد» للمبدع التونسي شوقي الماجـري صحيفة الراية القطرية :في دورة رمضان:قناة تونس7 تفشل في كسب الرهان الخليج الإماراتية:غسان بن جدو تونسي لا يشعر بالغربة في لبنان توفيق المديني: الخيار الصعب للحكومة السودانية محمد كريشان: الخوف من المنزلق في لبنان فهمي هويدي: انضمام أميركا رسميا إلى نادي جمهوريات التعذيب


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 


 
 قناة الحوار

* وضع المساجين السياسيين في تونس بعد 15 عشر سنة سجنا

 

ياتيكم يوم الاربعاء الساعة السادسة والنصف بتوقيت غرينيتش  السابعة والنصف بتوقيت لندن  الثامنة والنصف بتوقيت أوروبا
يعاد بثه في الاوقات التالية ر(بتوقيت غرينيتش):
الاربعاء منتصف الليل الخميس الساعة التاسعة صباحا الجمعة الساعة الخامسة والنصف صباحا الجمعة الساعة الواحدة ظهرا


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف : 71340860 الفاكس: 71354984
أعلمنا السيد الفاضل البلدي القيادي السابق في حركة النهضة أن

ابنه السجين السياسي السيد سهل البلدي

قد وقعت نقلته تعسفيا من سجن 9 أفريل إلى سجن قابس وقد حالت عائلته زيارته مرتين متتاليتين خلال الأسبوعين المنصرمين و فعلا فقد تنقل شقيقه إلى مدينة قايس لزيارته لكن إدارة السجن أعلمته بأنه معاقب.

 
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين وأمام تكرر هذا الوضع بالنسبة لعائلات المساجين السياسيين الذين كانوا يزورون أبناءهم بدون عناء بسجن تونس و الذين أرغموا على التنقل إلى سجون أخرى بمختلف أنحاء الجمهورية دون مشاهدة الموقوفين و أصبحوا في حيرة عن مصيرهم كما أصبحت تخامرهم الشكوك حول هذه العقوبات المتكررة التي يتعرض لها أبناؤهم بمختلف السجون , تطالب :
– بتقريب المساجين السياسيين من عائلاتهم طبقا لقانون السجون. – وتندد بالإجراءات التعسفية ( النقلة  و العقوبات) المتخذة ضدهم .
 
رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري


الآتحاد العام التونسي للشغل الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي                                                                                                                     تونس في 27 سبتمبر 2006

 

 
مـســــــــــــــــــــاندة
 
    اتصل بمكتب الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي عدد من المجتازين لأمتحان شهادة الكفاءة لمهنة الأستاذية بالتعليم الثانوي (كاباس) الذين نجحوا في الأختبارات الكتابية للدورة الماضية ويعتبرون أنه تم آسقاطهم في الآختبار التطبيقي لأسباب غير علمية وغير بيداغوجية.

  وعلى ضوء ماقدموه من بيانات حول المساعي التي قاموا بها لدى مختلف السلط و الجهات المعنية قصد اعادة النظر قي حالاتهم دون أن يكون لتلك المساعي صدى يذكر فان الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي تعبر عن مساندتها للمعنيين بخصوص المساعي الآستحقاقية التي قاموا و يقومون بها وتدعو سلط الآشراف المعنية لمراجعة تلك الحالات بقصد التثبت والتحقيق.
كما تدعو الجامعة العامة الى جعل المناظرات الوطنية وخاصة منها المنتدبة للشغل شفافة ونتائجها معلنة قي كل مراحلها بالنسبة لكل المترشحين و خاضعة لسلطة اللجان العلمية الممتحنة دون سواها، و الى تمكين المترشحين من التثبت من نتائجهم لدى تلك اللجان.
 
الكاتب العام للجامعة العامة سامي العوادي  —————-
 
ملاحظة: للتثبت من صحة البيان يمكن الأتصال بالجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي على العنوان التالي: 16 شارع قرطاج-1001 تونس الطابق الثالث – الهاتف: الفاكس 71255815

تونس في 01/10/2006

 
 : نـــداء
 

تمّت محـاصرة مقر الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات صبيحة يوم الأحد 1 أكتوبر 2006 من قبل قوات البوليس لمنع أشغال ورشة  » أرضية المنتدى الاجتماعي التونسي وآلياته  » التي كان من المزمع أن يحتضنها المقر المذكور ومعلوم أن الإتحاد العام التونسي للشغل كان قد التزم في شخص عضوي المكتب التنفيذي الوطني السيدين منصف اليعقوبي ومحمد الطرابلسي بتمكين الديناميكية الشبابية من أحد مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل لعقد جلسته العامة وهذا ما تم فعلا حيث أشعرنا رسميا بالموافقة على احتضان المقر الجهوي للاتحاد ببن عروس لفعاليات الجلسة العامة يوم 1 أكتوبر 2006 إلاّ أننا فوجئنا بالتراجع عن تمكيننا من هذا الفضاء لأسباب نجهلها.
 
وتأتي اليوم محاصرة قوات الأمن لمقر الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تعبيرا صريحا عن تصدّي السلطة لكلّ محاولة للتعبير عن الواقع الاجتماعي المتردي للشباب التونسي ومواصلتها احتكار الفضاء العام وضربها لكل مستويات استقلالية الشباب وحقوقه الأساسية.
 
إن مكونات الديناميكية الشبابية وطاقاتها وإزاء محاولات المنع المتعددة والمتنوعة وإذ تشجب المعالجة الأمنية لقضايا الشباب وتطلعاته المشروعة.
 
وإذ تجدّد إصرارها على مواصلة جهودها وتكثيفها من أجل عقد الجلسة العامة التأسيسية ودعم بناء المنتدى الاجتماعي التونسي للشباب فضاء حرّا ديمقراطيا ومفتوحا ومكوّنا أساسيا من مكونات المنتدى الاجتماعي التونسي فإنها تتوجه بنداء عاجل إلى مكونات المنتدى الاجتماعي التونسي وإلى كل الطاقات الشبابية المؤمنة بأهداف المنتدى والرافضة لقدرية العولمة الرأسمالية والمتمسكة بحق الشعوب في تقرير مصيرها لدعم المنتدى الاجتماعي التونسي للشباب والوقوف إلى جانبه.
عن اللجنة التقنية المؤقتة للمنتدى الاجتماعي التونسي للشباب


نظرية الرموز الثقافية

 

صدر للكاتب والباحث التونسي محمود الذوادي كتاب « الثقافة بين تأصيل الرؤية الإسلامي واغتراب منظور العلوم الاجتماعية » عن دار الكتاب الجديد ببيروت ويطرح نظرية جديدة حول ما يسميه الرموز الثقافية بمعنى أن الإنسان كائن رموزي ثقافي بالطبع قبل أن يكون اجتماعيا بالطبع . وهو كتاب يثير كثيرا من السواكن والمسلمات بما يجعلنا ننتظر أن تحدث حوله حركية كبيرة من النقاش والجدل .
 

منع مغادرة البلاد

حسب ما تردد في بعض وسائل الإعلام العربية فإن المخرج السينمائي السوري المعروف عمر اميرلاي قد تم منعه من مغادرة بلاده و إرجاعه من الحدود السورية الأردية وقد أدان كثير من المثقفين السوريين هذا الإجراء التعسفي.

 
الفشل الاسرائيلى
« الفشل الاسرائيلي في لبنان » كتاب أصدره المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية « مدار » والكتاب هو رقم 36 من سلسلة « أوراق اسرائيلية » التي مصدرها هذا المركز .
 
مكيالان
لم يقبل مهرجان كوبنهاغن السينمائي العالمي الرابع المخصص للأفلام الأوروبية الذي انطلقت فعالياته يوم 21 سبتمبر إلاّ فيلمين عربيين وعلى هامش المسابقة الرسمية لأنهما من إنتاج مشترك مع دول أوروبية الأول « أحلام » للمخرج العراقي محمد الدراجي (إنتاج عراقي بريطاني) يصور ما جرى في العراق قبيل الاجتياح الأمريكي وبعيده ، والثاني « أيام المجد » للمخرج الجزائري رشيد بوشارب (إنتاج جزائري مغربي – فرنسي – بلجيكي) ويحكي عن مشاركة جنود آلمغرب العربي ومآسيهم في الحرب العالمية الثانية تحت الراية الفرنسية. بينما تتمتع اسرائيل وتركيا بحرية المشاركة ولا ينطبق عليهما ما ينطبق على العرب .
 
 تظلم قضائي تقدم الشاعر والجامعي الطاهر الهمامي بشكوى إلى القضاء ضد ّمجلة أسبوعية في خصوص ما أعتبره حملة إساءات متعمدة ومستمرة منذ سنوات حول شخصا وحول تاريخا الأدبي وشهاداته العلمية.
 
مصادرة منذ شهر مارس 2005 تاريخ مصادرة رواية » العدل » والكاتبة فضيلة الشابي تنتظر الافراج عن كتابها بلا طائل إلى حدّ الساعة .
 
تجاوز قرار أفادنا بعض أعضاء اتحاد الكتاب بأن السيد صلاح الدين الحمادي يتحصل على مبلغ مالي مهم مقابل اشرافه على مجلة المسار في حين ان هناك قرار يقضي بأن يكون عمل أعضاء الهيأة المديرة مجانا في كافة الأنشطة الداخلية.
 
(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 375 بتاريخ 29 سبتمبر 2006)


محاضرة رمضانية في قصيبة المديوني

ينضم فرع قصيبة المديوني لحزب التجديد محاضرة للدكتور عبد المجيد الشرفي تحت عنوان « الإسلام المفترى عليه » وذالك يوم السبت 7 أكتوبر 2006 على الساعة التاسعة مساء بمقر الفرع بقصيبة المديوني.
 
مراسلة خاصة بالموقع
 

تحضيرا للمؤتمر الرابع للتقدمي

يعقد المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي اجتماعه الدوري يوم الأحد _ أكتوبر 2006 بالمقر المركزي بالعاصمة. وسيعرض هذا الاجتماع مشاريع اللوائح التي أنجزت إلى حدّ الآن، و هي ألائحة الثقافية و أللوائح التربوية و الاجتماعية و ألائحة السياسية بشقيها الوطني و الدولي. و سيتولى المكتب السياسي ضبط التراتيب التنظيمية و إعطاء إشارة الإعداد المادي للمؤتمر الرابع الذي سينعقد أيام 22-23-24 ديسمبر المقبل.
 
مراسلة خاصة بالموقع
 

تدشين مقر جامعة بنزرت

ستنضم جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي أمسية رمضانية بمناسبة تدشين مقرّها، و ذالك يوم السبت 7 أ كتوبر 2006 ويشرف على الحفل و الاجتماع الأمين العام للحزب و وفد من المكتب السياسي. و سيدور النقاش حول وضع الحرّيات في البلاد و عن دعم أنشطة الحزب جهويا و وطنيا.
 
مراسلة خاصة بالموقع
 
 (المصدر: موقع pdpinfo.org  بتاريخ 3 أكتوبر 2006)

ما يخالف!
قال الأوّل: سياسة جورج بوش ارتكبت أخطاء كثيرة… فكم من غلطة حصلت مثلا في المدّة الأخيرة. ذلك أنّ الرّجل معروف بأنّ تعنّته بلا حدّ.. وأنّه لا يسمح بأن يخالف رأيه أحد. فردّ الثّاني: بل قل يا أخي إنّ مصيبة أمريكا الحرّة… أنّ رئيسها لا يسمع أحدا بالمرّة!
 
محمد قلبي
 
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 4 أكتوبر 2006)
 

حفظ شكاية رفعتها الرابطة

علمت «الصباح» أن المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة قررت منذ أيام الحفظ النهائي للشكاية التي رفعتها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ضد الحكومة التونسية والتي ادعت فيها الرابطة حصول تضييق حول أنشطتها وهياكلها.
 
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 4 أكتوبر 2006)

 

أربعة ملاكمين تونسيين يفرون من وفـد بلادهم في ألـمانيا

 

تونس ــ رويترز: ذكرت صحيفة تونسية امس الثلاثاء ان أربعة ملاكمين تونسيين شاركوا في دورة دولية للـملاكمة بألـمانيا فروا من وفد بلادهم واختاروا البقاء هناك. وأضافت جريدة الصباح ان الـملاكمين الذي شاركوا في دورة دولية بألـمانيا هم محمد الامين واسلام التفاحي وأمين حسني ومحمد العمري. وأشارت الصحيفة الى أن وزارة الشباب والرياضة فتحت تحقيقا بشأن هذه الحادثة. وفر عدة لاعبين أفارقة خصوصا من بلدان جنوب الصحراء الى بلدان غربية خلال دورات دولية أقيمت هناك. وتشدد تونس اجراءاتها لـمنع تدفق الـمهاجرين نحو أوروبا انطلاقا من شواطئها.
 
(المصدر: صحيفة الغد الأردنية بتاريخ 4 أكتوبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


رجل أمن يتحول إلى متسول

 
دخل الزنزانة فوجد احد الموقوفين معلقا بالباب وقد شنق نفسه.. هاله مشهد الجسد المتدلي فأصيب بصدمة نفسية كبيرة أجبرته على الركون إلى العلاج وترك العمل بصفة مؤقتة. ولان كل غياب عن العمل الرسمي لا بد ان يكون مبررا تقدم في الآجال القانونية بملفه الطبي مع ما يثبت انه كان في فترة علاج من صدمة نفسية أصيب بها خلال أدائه واجبه. غير أن رئيسه في العمل قام بإخفاء الملف الطبي حتى فاتت الآجال القانونية ليجد صاحبنا نفسه مطرودا من العمل بسبب الغياب غير المبررّ.
 
محسن بن على العكرمي ( 49 سنة )، ناظر مساعد – إقليم تونس – الفوج الثالث، انخرط في سلك الأمن من سنة 1982 إلى سنة 2000 تاريخ طرده من العمل. يقوم العكرمي الآن على رعاية بنيتيه 15( و 12 سنة) وولده( 17 سنة) بعد أن طلقته زوجته إنشاء.
 
ويصف حاله الآن فيقول « منذ ستّ  سنوات وأنا عاطل عن العمل ولا أجد في اغلب الأوقات ما أسد به رمق ابنتيّ وولدي، وخلال العودة المدرسية لهذه السنة اضطررت إلى أن أجول على أصحاب المكتبات أستجديهم بعض الأدوات المدرسية لابنتيّ فهذا يعطيني بعض الأقلام وذاك كراسا أو اثنين وهكذا ». وأضاف  » أسكن الآن في بيت لا يوجد فيه غير (بنْك وزوز جراري في القاع ) وكثيرا ما يقوم أصحاب المحلاّت بطردي بسبب عجزي عن دفع معلوم الكراء ».
 
وقدّم العكرمي قضيتين إلى المحكمة الإدارية غير أنهما رُفِضتا شكلا بسبب عجزه عن توفير محام كما قال، كما رُفِض مطلبه في التقاعد المبكر وحتى الإعانات الاجتماعية التي توزعها الدولة على الفقراء والمحتاجين لا يصله منها شيء.
 
وكأن ما تقدّم لم يكن كافيا لتزيد مجموعة من الأمراض الباطنية والجلدية التي أصابته من تعكير حالته الصحية، وقد أطلعني محدثي عن أصابع رجليه وقد تعفنت بسبب عدم قدرته على المداواة من إصابة بأحد أنواع الفطريات.
 
(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 375 بتاريخ 29 سبتمبر 2006)


غرق « الوسلاتية »

 » لا يرحموا لا يخلّيو رحمة ربي تنزل « 

محمد الحمروني
لا تزال مأساة عائلات بحارة مركب « الوسلاتية » الذي غرق منذ 8 أشهر متواصلة ولا زالت رفات البحّارة عالقة داخل المركب. أما العائلات فان الحياة توقفت بالنسبة لها ولا زالت تعيش على وقع الصدمة ومأساة فقدان أبنائها. ولا تطلب هذه العائلات اليوم سوى مساعدتها على انتشال رفاتا أبنائها حتى تستريح وتهدأ النار التي ظلت تلتهب داخل كل واحد منها. فما الذي يمنع استخراج المركب حتى الآن؟
 
ما استقيناه من معلومات يفيد بان الدراسات الفنية التي تؤكد إمكانية سحب السفينة المنكوبة وان هذه العملية ستكلف 120.000 دينار. وحسب احد أقرباء الضحايا فان صاحب السفينة على استعداد لدفع نصف المبلغ أي ما يقرب من 60 ألف دينار وانه طلب من السلطات أن تتكفل بالباقي غير أن هذه الأخيرة رفضت، وحتى عندما طالب بإقراضه المبلغ المطلوب تم رفض هذا  الطلب.
 
أكثر من ذلك عمدت السلطات إلى منع صاحب السفينة من جمع التبرعات التي عبّر عدد من البحارة عن استعدادهم لتقديمها من اجل استخراج السفينة، وهو ما اضطر المالك إلى إعادة مبلغ 14 ألف دينار كان نجح في تجميعها، بل انه أصبح موضع مساءلة واتهام بخرق القانون  بسبب جمع أموال دون إذن من السلطات. والغريب انه لما طالب بإذن حتى يتمكن من جمع الأموال قيل له إنه لا يوجد قانون يخول إعطاء أذون بجمع التبرعات.
 
(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 375 بتاريخ 29 سبتمبر 2006)
 

السلطات توقف  » فلة » وتمنع الحجاب

محمد الحمروني
 
قامت السلطات بحملة  لجمع الأدوات المدرسية من محافظ وحاويات أقلام و ميدعات بسب حملها صورة للدمية  » فلة « . وقالت عدد من وكالات الأنباء أن الحملة شملت مختلف أنحاء الجمهورية بما في ذلك تونس الكبرى. وبرّرت السلطات قيامها بهذه الحملة بان الأدوات التي تحمل علامة « فلّة » تمثل دعوة للباس الطائفي ( الحجاب) ، ذلك أن « فلّة » دمية ذات ملامح سمراء وترتدي لباسا طويلا وتضع على رأسها الحجاب.
 
من جهة أخرى تواصل السلطات منذ بداية العودة المدرسية حملتها على الفتيات المحجبات، واشتدت الحملة مؤخرا خاصة في المعاهد الثانوية والأجزاء الجامعية الصغرى والنائية.
 
وفي تصريح لجريدة « الموقف » أكدت مجموعة من العائلات قيام الوالي والمعتمد مصحوبين بأعوان من الأمن بالزي الرسمي و المدني  ومرفوقين بالمدير بالتجول بين أقسام  المعاهد الثانوية غرب منطقة « واد الليل » وإخراج الفتيات المحجبات وتجميعهن في قاعة كبيرة حيث مورست عليهن مختلف أنواع التهديد واجبرن على إمضاء التزام بعدم العودة إلى ارتداء الحجاب كما تم طرد البعض منهنّ لمدة عشرة أيام. وتكرر ما جرى في معهد وادي الليل في معاهد أخرى،  ففي المعهد الإعدادي ابن سينا قامت الإدارة بنزع الحجاب من رؤوس الفتيات المحجبات وتم منعهن من الدخول إلى المعهد.
 
وفي المعهد العالي للدراسات التكنولوجية برادس تواصل الإدارة منع المحجبات من الدخول إلى المعهد ويقوم المدير مرفوقا بالكاتب العام يوميا بجولات لمراقبة دخول الطالبات، وهددت إدارة المعهد الطلبة الذين احتجوا على هذه الممارسات بالطرد
 
و شملت هذه الحملة،إلى جانب المعاهد والجامعات، الأماكن العامة وتوسعت خلال الأسبوعين الفارطين لتصل إلى حد إيقاف الفتيات في الأحياء وأمام منازلهن واستدعائهن إلى مراكز الأمن وإجبار أولياء أمورهن على التوقيع على التزام  بعدم عودة بناتهم إلى ارتداء الحجاب.
 
ولم تقتصر هذه الحملة على الفتيات بل تعدتهن لتشمل الملتحين من الشبّان والرجال بغض النظر على التزاماتهم الدينية والسياسية. وأكدت مصادر إخبارية قيام أعوان الأمن في أماكن مختلفة بإيقاف الملتحين وتهديهم ومطالبتهم بحلق ذقونهم قبل إخلاء سييلهم، ولا زال بعض من أوقفوا في إطار هذه الحملة رهن الاعتقال.
 
كما تم منع عديد المواطنين من قضاء شؤونهم الإدارية بسبب اللحية وطلب من البعض منهم حلقها. ومن الامثلة على ذلك رفض سلطات الامن استخراج جوازت سفر لعديد المواطنين بسبب اللحية وطلب منهم اعادة استخراج بطاقة التعريف لان الصورة الموجودة عليها تبرز اللحية.
 
(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 375 بتاريخ 29 سبتمبر 2006)


عبد النبيّ الغلقازي:

رجل يغرق و يستغيث .. لإنقاذ بناته…

عندما تنظر الى عبد النبيّ الغلقاوي لا يمكنك ان تتخيل ان عمره يمكن ان يقلّ عن الخمسة والخمسين عاما، ولكن عندما تستمع الى قصته وتطلع على تفاصيل حياته التي تحولت الى كابوس فظيع عندها فقط يمكنك ان تفهم لماذا يبدو هذا الرجل وكأنأ بقايا انسان حولت المآسي سنواته التسع والثلاثين الى ركام …
 
اتصل بجريدة الموقف المواطن عبد النبي الغلقاوي صاحب بطاقة .ت .و عدد 02735231 مقدّما جملة من الوثائق والمقالات المبيّنة لمدى حجم المأساة التي يعيشها منذ بدأ تكالب القدر والبشر عليه أواخر سنة 2000، إذ أمضى عامّا في السجن بسبب اتهاما بالمشاركة في معركة واعتدائه على قريب له بالعنف الشديد، ومن ذاك الحين توالت عليه المصائب فاضطرّ لى الإعتماد في استصلاح أرضه على أقارب له لم يكونوا في مستوى الأمانة فأهملوها واستولوا على جزء منها. واثرهذا على حالته النفسية بعد خروجه من السجن ممّا أدى الى تدهور علاقاته الأسرية وانتحار زوجته التي لم تحتمل ما حلّ بعائلتها. وبعد مد ة اقتنع الغلقاوي بنصائح اخوته بالزواج من جديد حتى لا يحرم بناته من حنان الأم ..وان لم يكن أصليا، لكن ذلك لم يحل دون تفاقم أوضاعا فعاد الى السجن على اثرمعركة جديدة يصرعلى انها حلقة أخرى من حلقات المؤامرة التي يتعرض لها من قبل أقاربه وتخلّت زوجته الثانية عنه . ومرّة اخرى يضطرّ محدثنا إلى التعويل في الإعتناء بأرضه على من توهّم انّه لا يمكن ان يخون ، فأعطى توكيلا قانونيا لشقيقه الذي لم يبال بالأمانة فأهمل الأرض وانتظر خروجه من السجن ليستغل التوكيل وحالته النفسيّة المتردّية ومسؤوليّة بناته التي أثقلت كاهله ليبتزه ويشتري منه الأرض التي قدرت قيمتها سابقا بحوالي المليار والنصف بمقابل زهيد في حدود الخمسين الف دينار لم يسلّمه منها غيرالنصف .
 
ولكن هذاالمبلغ الزهيد لم يساعد كثيرا الغلقاوي على بداية حياته من جديد بسبب تدهور حالته العقليّة والنفسيّة ممّا أدى الى ضياع بناته وتشتتهن بين دورالأيتام وبيوت بعض الأقارب وأهل الإحسان … عبد النبيّ الغلقاوي يمضي وقته اليوم في التسكع في شوارع العاصمة مع ابنته رانيا، متنقلا بين المصالح الوزارية ومقرات الصحف آملا في ان تصل نداءات استغاثته الى من بيدهم امكانيّة مساعدته ، فهو رغم الوعود المتكررة لوالي القصرين بأن تعادله 10هكتارات من الأرض يقول إنّ الدولة صادرتها ظلما بعد وفاة والده ، و عشرات الفاكسات التي بعث بها الى رئاسة الجمهورية ، ورغم تحدّث العديد من الصحف ووسائل الإعلام عن حالته ..الاّ أنّه الى اليوم لم ير من التضامن والتكافل الإجتماعي الذي تحدثنا عنه حكومتنا صباحا مساء سوى100 دينار من ولاية القصرين وعرض بالإقامة ..في دارالعجز…فهل يسمع من بيدهم القرار صرخة هذا الرجل الذي لايطلب شيئا سوى إنقاذ بناته من الفاقة والتشرد؟
 
(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 375 بتاريخ 29 سبتمبر 2006)
 

قتل شخص وإصابة 11 اخرين في تحطم جسر في طور البناء بتونس

 
تونس (رويترز) -قال شهود عيان يوم الاربعاء أن شخصا على الاقل لقي حتفه فيما أصيب 11 أخرون في انهيار جسر في طور البناء بضاحية الكبارية جنوبي العاصمة تونس.
وقال شاهد لرويترز « جسر انهار في حدود الساعة الثانية من ليل الثلاثاء حين كان العمال يقومون بتركيب طبقة الاسمنت المسلح للجسر ».
وأضاف « شخص واحد على الاقل مات على الفور بعد انهيار الجسر بينما أصيب 11 اخرون من العمال الموجودين » في المكان.
ووصف الشاهد وهو من سكان المنطقة حالة ثلاثة من المصابين بأنها « حرجة ».
ويقع الجسر فوق مترو يربط ضاحية بن عروس الجنوبية بالعاصمة تونس. وتوقف خط المترو 1 عن العمل منذ انهيار الجسر.
وشرعت السلطات التونسية في الاعوام الاخيرة في حملة لمد جسور في مداخل العاصمة الشمالية والجنوبية لتخفيف الضغط المروري
 
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 4 أكتوبر 2006)


انهيار جزء من هيكل ساند لجسر بصدد البناء بجهة الكبارية

 
 جاء في توضيح صادر عن وزارة التجهيز والاسكان انه جد على الساعة الثانية من فجر اليوم الاربعاء بجهة الكبارية بولاية تونس حادث تمثل في انهيار جزء من الهيكل الساند لجسر بصدد البناء من قبل مقاولة خاصة.
ويدخل هذا الجسر ضمن مشروع انجاز الطريق الرابطة بين البلديات الجنوبية.
وتسبب الحادث في وفاة عامل واصابة خمسة اخرين بجروح خفيفة غادروا المستشفى بعد تلقيهم العلاج.
ونتج عن هذا الحادث توقف حركة المترو في جزئها الرابط بين الكبارية وبن عروس في انتظار اخلاء الموقع من الركام واعادة تشغيل هذا الجزء.
والجدير بالذكر ان الحادث جد وشبكة المترو مغلقة تماما في وجه كل حركة تحسبا لانجاز الاشغال.
وقد تم فتح تحقيق في ملابسات الحادث.
 
(المصدر: موقع أخبار تونس الرسمي بتاريخ 4 أكتوبر 2006)


رئيس الاتحاد التونسي لكرة اليد يستقيل من منصبه

 
تونس (رويترز) – قال يوسف القرطبي رئيس الاتحاد التونسي لكرة اليد يوم الاربعاء انه استقال من منصبه بسبب خلافات حادة مع باقي أعضاء الاتحاد.
وقال القرطبي لرويترز « قدمت استقالتي لانني لم أعد قادرا على مواصلة العمل في ظل الخلافات الكثيرة الموجودة بين أعضائه ».
ويتهم بعض أعضاء الاتحاد القرطبي بسوء التصرف والانفراد بالقرار.
وأضاف القرطبي قائلا « اخترت الاستقالة لاني لم استطع ترجمة أفكاري في ظل معارضة بعض الاعضاء واختلافي معهم حول السياسة المالية والادارية للاتحاد. ».
وكان القرطبي قد ترأس اتحاد كرة اليد خلفا لرفيق خواجة الذي أقيل منذ نحو عامين.
تأتي استقالة القرطبي قبل أسابيع من مشاركة منتخب تونس في كأس العالم التي ستقام بألمانيا
 
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 4 أكتوبر 2006)


اقتصادي / تونس / استثمارات خارجية

 
تونس 12 رمضان 1427 هـ الموافق 4 اكتوبر 2006م واس
 
قدرت مصادر اقتصادية تونسية حجم الاستثمارات الخارجية الجديدة في تونس حتى نهاية العام الحالي بـ 1100 مليون دينار تونسي حوالي 900 مليون دولار توفر 13 الف فرصة عمل وهي تتجه بدرجة رئيسية نحو قطاع الطاقة بـ 400 مليون دينار يليه قطاع الصناعات المعملية بـ340 مليون د ينار فقطاع الخدمات وبرامج الخوصصة بحوالي 260 ميلون دينار .
وعزت التحسن في حجم الاستثمار الخارجي في تونس الى جملة من البرامج التشجيعية سيما الانظمة المتعلقة بالجوانب العقارية وتمكين المستثمر من تسويق جانب من انتاجه في السوق المحلية عندما تكون مؤسسته مخصصة للتصدير فقط اضافة الى عقد تونس لاتفاقيات للتبادل الحر مع الخارج سيما مع تركيا .
ويصل عدد المؤسسات العالمية المستثمرة في تونس الى 2700 مؤسسة تتوزع في قطاع الصناعات المعملية مثل النسيج والملابس والجلود والاحذية والميكانيك والكهرباء والصناعات الغذائية الى جانب القطاع الخدمي مثل السياحة والدراسات والخبرة والزراعة والصيد البحري والطاقة .
وتحتل فرنسا المرتبة الاولى من بين البلدان المستثمرة في تونس تليها ايطاليا فالمانيا وبلجيكا ومجموع البلدان العربية ثم اسبانيا والبرتغال والولايات المتحدة الامركية وبريطانيا .
على صعيد ذي صلة يشير تقرير البنك المركزي التونسي السنوي في تقييمه للاقتصاد التونسي الى ان حصة الاستثمار من الناتج المحلي الاجمالي استقرت في حدود 6ر22 بالمائة وجاوز الاستثمار الخارجي المباشر المليار دينار تونسي حوالي 880 مليون دولار .
 
(المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 4 أكتوبر 2006)


الدعاية والإعلان في تونس

 
تونس 12 رمضان 1427 هـ الموافق 4 اكتوبر 2006م واس
 
أحصت وزارة الصناعة والطاقة التونسية 237 مؤسسة تعمل في قطاع الدعاية والاعلان في تونس سنة 2005 باستثمارات تقدر بـ 57 مليون دولار . وافادت بان حجم الاستثمارات في القطاع مرشحة للنمو بصفة اسرع في السنوات القادمة نظرا لارتفاع شدة المنافسة بين المؤسسات المنتجة للمواد الاستهلاكية والانفتاح التدريجي على الاسواق الخارجية . ويرى المتتبعون للقطاع في تونس انه ما زال يفتقر للخبرة في مجال معدات وطرق الاعلان والخلق نظرا لحداثة القطاع . وتشير احصاءات حديثة الى ان التونسي ينفق 34 في المائة من دخله على شراء المواد الغذائية و 18 في المائة على السكن و 12 في المائة على منتجات النظافة والتجميل .
 
(المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 4 أكتوبر 2006)


ارتفاع ايرادات السياحة في تونس خمسة بالمئة منذ يناير

 
تونس (رويترز) – أظهرت أرقام رسمية يوم الثلاثاء ان ايرادات السياحة في تونس ارتفعت بنسبة خمسة في المئة الى 1.97 مليار دينار تونسي (1.5 مليار دولار) منذ بداية العام وحتى 20 سبتمبر ايلول الماضي مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي.
والسياحة هي المصدر الرئيسي للعملة الصعبة في تونس وأكبر قطاع لتشغيل العاملين بعد قطاع الزراعة.
ونمت الايرادات السياحية الى 2.56 مليار دينار في العام الماضي من 2.2 مليار في العام الذي سبقه بينما بلغ عدد السياح رقما قياسيا عند 6.4 مليون.
وتتوقع الحكومة ايرادات تبلغ نحو ملياري دولار هذا العام بزيادة نحو خمسة في المئة عنها قبل عام.
 
(الدولار يساوي 1.331 دينار)
 
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 3 أكتوبر 2006)


أربعة ملاكمين تونسيين يفرون من وفـد بلادهم في ألـمانيا

 
تونس ــ رويترز: ذكرت صحيفة تونسية امس الثلاثاء ان أربعة ملاكمين تونسيين شاركوا في دورة دولية للـملاكمة بألـمانيا فروا من وفد بلادهم واختاروا البقاء هناك. وأضافت جريدة الصباح ان الـملاكمين الذي شاركوا في دورة دولية بألـمانيا هم محمد الامين واسلام التفاحي وأمين حسني ومحمد العمري. وأشارت الصحيفة الى أن وزارة الشباب والرياضة فتحت تحقيقا بشأن هذه الحادثة. وفر عدة لاعبين أفارقة خصوصا من بلدان جنوب الصحراء الى بلدان غربية خلال دورات دولية أقيمت هناك. وتشدد تونس اجراءاتها لـمنع تدفق الـمهاجرين نحو أوروبا انطلاقا من شواطئها.
 
(المصدر: صحيفة الغد الأردنية بتاريخ 4 أكتوبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
 

السجناء السياسيون والأحكام المكررة  مظلمة يجب أن تتوقف.

فوزي الصدقاوي

لم يَعُد السؤال عن محاكمات التسعينات إن كانت تَوفرتْ على ضمانات وشروط المحاكمة العادلة، يَشغل المهتمين بشأن السجناء السياسيين ، فتراكم معاناة العائلات وأبناءهم طوال الستة عشر سنة التي أمضوها في السجون التونسية وما آلت إليه أحوالهم من تردي بسبب الإهمال الصحي ، لم تعد تحمل أحداً على الإنشغال بالبحث في الظروف التي حفت بتلك المحاكمات بعد أن ألفتَ السجناء وعائلاتهم عناية الحقوقيين [1] إلى أن أحكاماً سُلِِِّطت عليهم بصورة متكررة بسبب تُهَمٍ حوكموا لأجلها أكثر من مرة .!! بدا الأمر صعبٌ تصديقه ، فالقانون حين يجرّم فِعْلاً فإنه لايُحاكِم فاعله لنفس الفعل أكثر من مرة . غير أن مقارنة نُسخ أحكام هؤلاء السجناء بعضها ببعض كانت كافية لتـُذهب دهشة المندهش وتستوقف الحقوقيين وعدد من المحامين طويلاً عند أكثر المظالم التي حاقت بهؤلاء السجناء السياسيين وأضرت بهم أيّما ضرر. ولقد بحَ صوتُ السجناء السياسيين وهم يُطالبُون بمراجعة الأحكام التي سُلطتْ عليهم دون أن يُسعَفوا بحقهم في إتصال القضاء ،لاسيما وأنهم يجدون أنفسهم عاجزين على إثبات دعاويهم لأن إدارة السجون لاتمنح السجين أرقام أحكامه و كتابة المحكمة هي أيضاً لا تُسلِمُهم نسخاً عن الأحكام الصادرة ضدهم، فهذه الكتابة لاتقدم نسخاً للأحكام الصادرة في القضايا ذات الطبيعة السياسية. ولتوضيح الأمر نضرب للذكر لا للحصر الأمثلة التالية: • فمن أجل الإنتماء إلى جمعية غير مرخّص فيها حُوكم زهير بن حسين لمرتين في[1] القضيةعدد24570بتاريخ 16/12/1994بسوسةو[2]القضيةعدد99261بتاريخ31/05/1997تونس. • كما حوكم لأجل الإنتماء أيضاً دنيال بن محمدالصادق زروق في القضايا الثلاث التالية [1] القضيةعدد 72922بتاريخ 11/12/1992و[2] القضية عدد 18980بتاريخ 26/01/1994..و[3] القضية عدد 19630بتاريخ 23/05/1995.. • ولأجل نفس التُهَم حوكم فريد بن علي الرزقي مرتين في [1]القضية عدد23672بتاريخ 10/07/1997الإستئناف- تونس [2]القضية عدد23303بتاريخ25/11/1996 الإستئناف -تونس. • كما حوكم فرج الجامي لأجل نفس التُهَم في قضيتين بمحكمةالإستئنافي تونس[1] قضية عدد19102بتاريخ 05/05/1994[2]قضيةعدد18926بتاريخ30/03/1994. • والتهم ذاتها حوكم لأجلها أيضاً محمد بوعزة في قضيتين بمحكمة الإستئناف-تونس[1]القضية عدد23672بتاريخ10/07/1997 و[2] القضية عدد23303 بتاريخ 25/11/1996… • وذات التهم التي وجّهت للسجين سامي النوري حوكم لأجلها في قضيتين بمحكمة الإستئناف-تونس[1]القضية عدد23672بتاريخ 10/07/ 1997و[2]القضية عدد23303 بتاريخ25/11/1996. • أما عادل بن عمر فقد حوكم مرتين لأجل نفس التهم [1] القضية عدد76111بتاريخ 30أوت1992لدى المحكمة العسكرية –بوشوشة تونس ثم لأجل ذات التهم في[2] محكمة الإستئناف-تونس في القضية عدد20702بتاريخ 13/04/1995. • كما حكمت المحكمة الجنائية بتونس على السجين إبراهيم الدريدي لأجل التهم نفسها في القضيتين[1]القضية عدد12/23785 بتاريخ10/06/1997 [2] القضية عدد 22268بتاريخ12/12/1995. • وحكمت محكمة الإستئناف بالكاف السجين حمادي العبيدي لنفس التهم خمس مرات [1] القضية عدد41553بتاريخ 25/03/1992 [2] القضية عدد2296بتاريخ 30/03/1992.[3] القضية عدد 41168/28339بتاريخ25/03/1992.[4]عدد41376/28288بتاريخ29/01/1992[5]39574/28287 بتاريخ29/01/1992. • أيضا حكمت محكمة الإستئناف-تونس على السجين الصادق العكاري مرتين على الأقل لأجل نفس التهم وذلك في[1] القضية عدد 23672بتاريخ10/07/1997و[2]القضية عدد23303بتاريخ25/11/1996.

وبمراجعة بعض نسخ أحكام السجناء السياسيين التي تم الحصول

عليها يتبيّن أن أمثال الحالات العشر المذكورة أعلاه والتي تم فيها محاكمة السجناء أكثر من مرة لأجل نفس التهم يزيد عددها عن الثلاثين حالة نذكر منهم:حسين الغضبان و عبد الله دريسة وعلي الغضبان وتوفيق الزايري والبشير اللواتي و منذر البجاوي وماهر سلمان ومحمد القلوي وعبد الكريم بعلوش ونبيل النوري وشكري العياري وأحمد البوعزيزي و ماهر الخلصي ورمزي الخلصي وعيسى العامري وأنور بللح والشاذلي محفوظ ولطفي السنوسي وحمادي عبد الملك وعادل بن عمر وعبد الباسط الصليعي وخالد الدريسي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مايزيد عن 120سجيناً سياسياً

قضوا بالسجن فترة تزيد عن المدة القانونية قبل أن يتم ،خلال مناسبات سابقة، تسريحهم وأن أحكاماً لأكثر من مرة و لأجل نفس الفعل ،كانت قد سُلطت عليهم ، كان من بينهم سجناء أربعة شمِلهم «عفو نوفمبر 2005 » و‹‹ عفو فيفري2006›› وهم: علي النفاتي ثم توفيق الفطناسي و أحمد العبدلي والناصر البجاوي ولم يتم إدراج هؤلاء المذكورة أسماؤهم ضمن قوائم المُسرحين إلا بعد أن أثارت منظمة( هيومن رايت وواتش) قضية أحكامهم المكررة.

أما السجين توفيق الشايب و السجين لطفي العمدوني اللذان

شنَّا في السجن إضرابات عن الطعام ، إستمر الأول عليها لـ 52 يوماً بينما جاوز الثاني 67يوماً قضى منها خمسة عشر يوماً في حالة غيبوبة تامة ولم يتم إطلاق سراحهما إلا بعد أن أنهكتهما الإضرابات وبعد أن تدخلت منظمة (هيومن رايت واتش) والصليب الأحمر الدولي والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ومنظمة العفو الدولية وتبنت قضيتهما ، إذ لم يكن للسجينين من سبيل غير الإضراب عن الطعام لتحسيس منظمات المجتمع المدني التونسي وإبلاغ صوتيهما إلى المنظمات الحقوقية الدولية والتعريف بالمظلمة التي لحقتهما [2].

لم يَعُـد السؤال إذًًا عن تلك المحاكمات، إن كانت تتوفر

على شروط المحاكمة العادلة وضماناتها مفيد طرحه الآن بالنظر إلى ما خلفته السجون ولازالت تفعل ، وإنما السؤال الآن عمّا يجعل قضاءاً يعتد بنفسه يأكل من أعمار السجناء السياسيين ويحرمَهم من أمهاتهم ونساءهم وأطفالهم دون موجب قانوني ؟ ماالذي يجعل قضاءاً يفخر باستقلاله يمتنع عن إتصال القضاء بموضوع بت في قضيته إن كان في الأمر ما يحقق عدلاً وينهي مظلمة ؟ فلقد ذهب الموت بالسجين السياسي رضا الخميري على إثر إضراب عن الطعام شنّه لمّا حـُرٍم من تلبية طلبه في إتصال القضاء لأن أحكاماً مكررة لأجل نفس التهم حوكم بها [3] ومن المفارقات الغريبة أن المحكمة نظرت بعد وفاته في قضيته وحُكمت له بعدم سماع الدعوى وكان يمكن للسجين السياسي الهاشمي المكي الذي توفي (في 15 جويلية 2006) بعد سراحه بأربعة أشهر وكان قد سُلطت عليه هو أيضاً أحكاماً مكررة لأجل نفس التهم ، أن يتدارك بالعلاج، وضعيتَه الصحية لو تم وقف تنفيذ الأحكام المكررة في حقه ، بل كان يمكن أن يغادر السجن سليماً معافى لو أنه اُسعف بإتصال القضاء وغادر السجن قبل سنة 2000. [4]

بل حتى هذه الأسئلة ذاتها لم يَعـُد مُجدٍ طرحها بعد

الذي كان ،و الحال أن عشرات من السجناء السياسيين لايزالون في السجن إلى اليوم يعانون مظلمة الحرمان من حق إتصال القضاء بل ويُخشى أن يكونوا مرشحين ، لسوء أحوالهم الصحية ، إلى مصير كان من سبقهم قد بَلغهُ . فما الذي يُبطئ النظر في شكواهم إن كان فعلاً لايزال في« العدالة » عدلٌ ؟

إبراهيم الدريدي

ماذا كانت إدارة السجون ستخسر من هيبتها أمام السجناء لو

أنها منحت أرقام القضايا التي حُوكموا فيها كلما طلبها صاحب علاقة ؟ ماذا كان يُعْجـِزُ كتابة المحكمة أن تقدم للمحامين ولعائلات السجناء السياسيين نسخ الأحكام ليدافعوا بها عن حق مهدور و يتداركوا خطأً تكرر في حق فئة مخصوصة من السجناء ويُدفعَ عنهم ما سيتحوّل ، مع طول الحبس ، إلى مظلمة حقيقية أكلت من أعمار التونسيين سنين طوال . وحين يضطر السجين ليضع نفسه بين خياري : السراح أو الموت على نحو ما إضطر إليه السجين السياسي رضا الخميري فلأنه بات يَشعر أن ظلماً مركباً يستهدفه منذ وقت ، فمحاكمته كانت مَظلمَة في ذاتها والإدانات التي وُجّهت إليه كانت محكومة بحسابات السياسة دون غيرها والأحكام بذات التهم المسلطة ضده تُكَرٍرُ نفسها ومَرَاجِعُ النظر الرسمية للسجين وعائلته ومحاميه موصودة أبوابها دونهم ولا تمكّنهم من وسائل إثباتٍ للدفاع عنه بغاية وقف تنفيذ الأحكام المكررة الصادرة ضده . حين تكون المظلمة إذاً على هذا النحو من التركيب والتضعيف فلابد أن تحمل السجينَ السبلُ التي تضيق به و الأسبابُ التي انقطعت دون حقه، إلى الإعتقاد أن الموت جوعاً أو السراح العاجل خيارين لن يطمع أن يتعلق رجاءه في ثالث خياره مرفوع . وعلى نحو ما كان مع السجين السياسي لطفي العمدوني الذي اُطلق سراحه إثر إصدار وكيل الدولة لدى محكمة الإستئناف أمراً بوقف تنفيذ العقوبة ، بعد أن إطلع على قضاياه المكررة فإن إنهاء هذه المظالم ليس لها من سبيل غير الإستجابة لحقوق السجناء المكفولة بمراجعة الأحكام الصادرة ضدهم من أجل إيقاف تنفيذ تلك العقوبات ، كما أنه ليس أمام عدالةِ وزارة العدل وحقوق الإنسان لأجل صون كرامة الإنسان وحقوقه غير تمكين السجين السياسي من إلتماس إعادة النظر في قضاياه التي حوكم فيها مرات عديدة لأجل الفعل نفسه بعد أن ظهرت للسجين من الأدلة ،ما كان ممنوع عنه، إذ ليس يَحْمِي من جور السياسة غيرها ،فهي أساس آمان المواطن وأساس عمران الوطن .

 

1] أشارت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين في بلاغ لها بتاريخ28أفريل2006 إلى أنه تأكد لديها ما كانت عائلات السجناء قد رددته من أن عددا من السجناء السياسيين يقيمون الآن في السجن، مسلطة عليهم أحكام مكررة لنفس التهم ، وناشدت الجمعية في نفس البلاغ السلطات القضائية والعدلية مراجعة ملفات نحو ثلاثين سجين ذكرت أسماءهم ، هم إلى اليوم واقعون تحت هذه المظلمة .

[2] أ / حوكم السجين السابق توفيق الشايب ثلاث مرات لأجل نفس التهمة ومن قبل نفس القاضي . ب /في حالة السجين لطفي العمدوني مثلاً كان يُفترض أن تكون الأحكام المسلطة عليه قد إنقضت سنة2001 إلا أنه ظل بالسجن يناشد الجهات الرسمية والمنظمات طوال أربع سنوات إلى أن تدخل المنظمات الحقوقية ، ودعته على إثرها إدارة السجن ليلتقي بممثل عن وزارة العدل الذي أكد له أنه بعد التحري في وضعيته تبيّن أن هناك أحكام مكررة فعلاً مسلطة عليه وأنه كان يجب أن يكون خارج السجن منذ فترة وهكذا يكون السجين قد قضّى بالسجن ما يزيد على المدة المحكوم بها بـ« فائض عدل» أربع سنوات .

[3] لفظ رضا الخميري أنفاسه الأخيرة قبل أن تبلغ به سيارة الإسعاف مستشفى مدينة المنستير .

[4] لم يكن الهاشمي المكي إلى سنة 2000 وهو لايزال في سجنه، قد أصيب بالمرض الذي تطور لاحقاً إلى ورم خبيث وحين أطلق سراحه في مارس 2006 لم يكن بإمكان الأطباء تخليصه من الورم بعد أن إنتشر في كل جسمه

(موقع نواة بتاريخ 2 أكتوبر 2006 نقلا عن مقال صدر في العدد 374 من صحيفة  » الموقف » الأسبوعية ليوم الجمعة 22 سبتمبر 2006)   الرابط: http://www.nawaat.org/portail/article.php3?id_article=1101


 

المشهد السياسي التونسي : أزمة معارضة أم أزمة حكم![4/4]

الجزء الرابع

د,خالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr
 
المعارضة أجيال وتواصل
إن المعارضة بناء متواصل يتجاوز الفرد، تحمله المجموعة في الزمان والمكان، لذا فإن تعاونا عموديا بين الأجيال يبدو ضروريا لتواصل الفعل دون تقاعس أو انتظار، حيث لا يُسلَّم المشعل وهو يرنو إلى الانطفاء إلى أيد مازالت ترتعش، لصغر حجمها أو عدم تعودها بلسعات برد السياسة، فتطفئ الشمعة ويحل الظلام، ولكنه مشاركة واحترام بين الأجيال، بين التجربة التي عمقتها الأيام وسنين الدفع والطلب، وبين فورات الشباب وعزائمه وقوته.
 
ويبدأ هذا التعاون بين الأجيال في صلب حركات المعارضة نفسها بتركيز سنة التداول بين أفرادها ومسؤوليها، فليست هناك مناصب مؤبدة ولا مشاريع مقدسة ولا عصمة لفكر ولا قدسية لشخص، ولكنه تهيئة للأفراد لمواصلة المشوار بأفكار جديدة ودماء جديدة دون قطيعة أو بخس للرؤى والأشخاص.
 
ليست الشرعية فقط وليدة شعرات بيضاء مرمية على الذقون، أو على سنوات تشريد وحبس، ولكنها أيضا عمل وعزم وكفاءة وإرادة واستمرار، وإنا نزعم أن أجيالا جديدة يجب إلحاقها بركب التسيير والقيادة وهي تحمل روحا جديدة وثقة في نفسها وتسعى بكل جهد إلى إثبات وجودها وكفاءتها للعيان ولا ينقصها غير ثقة القدامى في كفاءتها وأهليتها في ريادة المشوار.
 
من تعاون الأقطـاب إلى التنسيق بين المقاربات
 لقد ضل التعاون بين المعارضة أملا وحلما قبل أن تأتي مبادرة 18 أكتوبر لتبعث الأمل من جديد، ولقد دعوت في مقالات سابقة وفي ظل هذا الموات إلى تعاون في مستوى الأقطاب (انظر مثلا مقالي: رأي في تشكّل المعارضة التونسية/ تونس نيوز 28/06/2003)، فلم يعد ممكنا والحالة على تشعبها وصعوباتها المعنوية والمادية أن تظل المعارضة تنادي إن نادت، وتصيح إن صاحت، من كوّة بيتها ومن زاويتها لوحدها دون رفيق أو صديق، وبين المنافسة البريئة والعداء الصارخ أشواط وأشواط.            
 
لقد مثلت مبادرة 18 أكتوبر محاولة جريئة في جمع أوصال المعارضة وتجميع تشتتها حول مبادئ عامة، غير أنه يجب الاعتراف بأنها مثلت دافعا للنهوض وعدم الموت والانسحاب وقد نجحت في ذلك، حتى أصبحنا نؤرخ لما قبل 18 أكتوبر وما بعده، غير أنها مثلت أيضا محطة في مسار ولم يتم إلى حد الساعة توظيف هذه الدينامكية التي أحدثتها المبادرة في تكوين قطب معارض واضح المعالم والأهداف يحميه مشروع وتسوقه قيادة وبرنامج وأفراد. ولعل الاستقالة التي عقبت المبادرة ومشاكسة البعض لها ونقدهم لفعاليتها وعدم بلورة الالتحاقات إلى مؤسسة واضحة المعالم والأفق، ساهم في التخفيف من الضغط الأولي الذي أحدثته، وأضعف العديد من الآمال المعلقة عليها، ولن ننسى نصيب السلطة في هذا الضمور وقد سعت بعصاها الغليظة إلى الترويع والتخويف والتجفيف.                         إن تكتل المعارضة حول مبادئ عامة وبرنامج يهم المرحلة مع تأسيس مجلس بين قطبين واضحي المعالم والرؤى والمشروع، تحميه نفس المرجعية، يمثله كل من اليسار من ناحية، وقطب يميني تمثله حركات وأطراف محافظة، يشكل مخرجا نسبيا لحالة التخبط والتواضع والتهميش التي تعيشها المعارضة. فلقد تبين للجميع مدى الاضطراب الذي ساد المشهد المعارض حول التقارب الحاصل بين طرف من اليسار والحركة الإسلامية، ورغم عدم تفهمنا لرفض البعض لهذا التعاون فإننا نرى رفعا لكل تخبط وإضاعة الوقت في جدال عقيم لا يزيد المعارضة إلا تشتتا، حتى أن الوقت والطاقات التي أهدرت في إقناع البعض يسلامة سريرة البعض وتجانس اللقاء في مستوى بعض المطالب الحامعة، قد ساهم ولا شك في الإحباطات والفشل الذي طال العديد من التحالفات التي ظهرت لدى العديد من الملاحظين أنها تفقد العديد من عناصر الموضوعية للتواصل…
 
لذلك نرى في عياب إمامة الفاضل أن نقبل إمامة المفضول ولعل فيها كثيرا من الإيجاب، فبعث هذين القطبين يمثل فقها متقدما وواقعيا لمشهد سياسي متوتر، على أن يجمعهما هذا المجلس حيث يهيمن لقاء المقاربات أكثر من لقاء الأحزاب ذات الحساسيات المفرطة بينها والتي كان الأجدى تجاوزها منذ البداية.
 
تنوع المعارضة وتعدد أشكالها
يجب الاعتراف بوجود خطوط ورؤى وتصورات مستقلة خارج الأطر الحزبية التقليدية، تحملها أقلام وأصوات ومواقع  مستقلة، والتعاون معها دون استغلال أو توظيف أو هيمنة أو توجيه. ويتمثل هذا التعاضد في إعانتها على المحافظة على استقلاليتها، ثم على تبني مقترحاتها أو رؤاها دون استخفاف أو توضيع إن كان في ذلك خير البلاد والعباد. ولعل في التهميش الذي لاقته مبادرة « يزي فك » من طرف بعض أقطاب المعارضة أو من أحزابها دليل على هذا التمسك المفرط في عنوان وحيد للمعارضة والاستناد إلى شرعية التاريخ أكثر من شرعية الواقع، مما يجعل المعارضة تتخبط في مفهوم ضيق وجائر لها يتملك المصطلح ويحدد ماهيته ويجعله صك غفران يسلمه لمن يبقى داخل السرب ولا يتجرأ على مغادرته ولا يسمح بالدخول لمن يحمل مخطط إقلاع وطيران مستقل ومغاير.
 
كما أن احتكار دور « المعارض » وحصره في جماعات سياسية معينة ساهمت التجربة والناريخ في تواجدها، والسعي إلى تهميش أو تجاهل تركيبات سياسية جديدة وصغيرة، يفقد المشهد المعارض تجديد دمائه وتنوع منطلقاته وحساسياته وإكثار انتمائاته ومسانديه. إن زيادة رقم جديد معارض إلى الساحة التونسية هو زيادة  لمشاهد خريف الغضب وتقوية لحجم المعارضة وإعطائها تعددية ديمقراطية تملأ ساحتها من اليمين إلى اليسار ولا تترك حيزا للضفة المقابلة كي تتشبت به أو تسعى إلى إيجاده كما فعلت بالطرف الإيكولوجي في مساندة ظهور حزب للخضر في تونس.
 
وكمثال حي لهذا التهميش في المشهد السياسي المعارض ما يلقاه من استبعاد وتجاهل وحتى رفض، كل من حزب الأحرار المتوسطي الليبرالي بزعامة السيدة ليلى شرشور وحركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي وصاحبها خالد الطراولي. فإذا كانت الأولى تعزيز للجناح الليبرالي المفقود في حركة المعارضة التونسية، فإن الثاني يمثل رقما جديدا داخل الفضاء الإسلامي يتميز برفضه للشمولية في خطابه وفي برنامجه، وتمييزه الواضح بين الدعوي والسياسي، وسحبه البساط من كل دعوة لتمثيل الإسلام واحتكاره على حزب أو جماعة، والفصل البيّن بين الحركة والصحوة، فلكل رجاله وأهدافه وبرنامجه، حيث عبر ولا يزال على مضمون عمله السياسي والمدني المنبثق من مرجعية إسلامية وديمقراطية لا عصمة فيها لفرد ولا قدسية لفكر.
 
إن هذا التنوع من شأنه إعطاء مصداقية أكبر وأنضج لخطاب المعارضة عند الجماهير ويحجم أي محاولات للضفة المقابلة في إضفاء ردائها على تركيبات سياسية جديدة يمكن إن تطل علينا تحت زعامة قبعة أو عمامة، تكون أكبر ضربة تطال المعارضة خاصة إذا طالت جناحها الإسلامي.
 
خـــتاما

يظل المشهد السياسي التونسي عبوسا قمطريرا،  تخض أطرافه وتعبر مسالكه أزمات، لا تقتصر على جانب السلطة فقط، حيث تتعدد مراكز النفوذ والقرار وتغيب الرؤيا الواضحة في قيادة السفينة ويغلب الشلل على المجتمع المدني… أزمة السلطة لا غبار عليها وهي تتنزل في إطار اجتماعي مرتبك ورهان اقتصادي ضاغط، لكن الحديث عن أزمة المعارضة ليس مبالغة أو من ترف الحديث، حيث يتجلى الغياب الكيفي والكمي في التعامل الجمعي والرشيد، زيادة على غياب معالم المشروع الواضح للتغيير، رغم اعترافنا بالإطار الحرياتي  المبتور أو المفقود الذي تعمل فيه والذي لا يساعدها على البناء والإبداع. لكن مع اقتناعنا بأزمة النظام وهيكليتها، وجرأتنا على النبش على أزمة المعارضة وإخراجها إلى السطح، هل يمكن الحديث أيضا عن أزمة جماهير حتى تكتمل الصورة ويظهر للعيان المشهد السياسي التونسي في كل تضاريسه ومنحنياته، ومن ورائه المجتمع وآلياته في ركوده وعقمه في البحث عن أبواب النجاة والتجاوز والبناء؟
ـ انتهـــى ـ


مصالحة وطنية أم ماذا ؟!!

أشخاصا سقطوا في نفس الفخ ،أصبحوا مسابح بين أصابع سحرة النظام أو نجوما انطفأت بعد وهجان

بدل أن يطلق سراح المساجين يعمل النظام على خديعة أعداد جديدة وهو ما يتطلب الإبقاء على المساجين داخل السجن

عبدالباقي خليفة *
 
انشغلت في المدة الاخيرة بتغطية الانتخابات البوسنية على صفحات جريدة  » الشرق الاوسط  » اللندنية ، وقد استمتعت بالكتابة عن واقع دولة صغيرة في قلب أوربا ، عانت كثيرا من الاضطهاد التاريخي على يد الرومان و الصقالبة الجنوبيين المعروفين اليوم بالصرب وهم من القبائل الرحل الذين نزحوا للبلقان في القرن التاسع الميلادي ، ومن الديكتاتورية التيتوية ( التقدمية ) نسبة إلى الرئيس اليوغسلافي الاسبق جوزيف بروز تيتو ،ومن حروب الابادة التي تعرض لها المسلمون على مدى 150 سنة مضت كان آخرها العدوان في تسعينات القرن الماضي 1992 / 1995 . ولكن ذلك التاريخ المضرج بالدماء لم يمنع البوسنة من اجراء انتخابات حرة و نزيهة وشفافة بشهادة الدول الاوروبية الاخرى . وكتبت أن الانتخابات جرت في أجواء هادئة لم يتم فيها حرمان اي طرف سياسي مهما كانت عقيدته الدينية والسياسية من المشاركة سواء كان مرشحا أو ناخبا . ولم تصطف قوات قمع لمنع هذا أو ذاك من الترشح للانتخابات كما يجري في جمهوريات القمع عندنا . تجاوز الجميع جراح الماضي وانكبوا على بناء دولتهم رغم الخلافات السياسية وموقفهم من الاصلاحات . حتى المحجبات بل المنقبات شاركن كمرشحات وبعضهن فاز في الانتخابات ، ولم يعترض أي من الصرب والكروات أو الاوروبيين أو غيرهم على ذلك ، ولم يقدم أي منهم نفسه حارسا أمام معبد الحداثة و » التقدمية  » على مرمى حجر من ينابيعهما ، ولم يطالب أحد بتقديمهن قرابين على مذبح صنم  » العقلانية وتحرير المرأة  » . وسيصل الصرب والكروات والبوشناق إلى مدى أكبر من التفاهم رغم الاختلافات العرقية والدينية الحاصلة، بينما في تونس الاسلام والعروبة لا تزال المصالحة فجرا كاذبا حتى الآن .

لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المصالحة من قبل أشخاص ليسوا في محل الفاعل ،وإنما في محلات مختلفة بعضهم مجرور ،وبعضهم مضاف إليه ،و بعضهم مفعول به . وهو حديث مع النفس أكثر منه حقيقة واقعة . فلوأراد النظام مصالحة حقيقية فلن يتصل بمثل هؤلاء على علو قدرهم ،وإنما هي حلقة في سلسلة طويلة عرفنا بعض حلقاتها السابقة ،وسنعرف حتما حلقاتها اللاحقة .ولا شك أن المروجين للمصالحة من موقع الساعي ، لا من موقع صاحب القرار،لا يعرفون أن المطلوب منهم هو التحول إلى سعاة وأبواق وآذان للنظام في نهاية المطاف . ولا أدري كيف فاتهم أن أشخاصا سقطوا في نفس الفخ ،أصبحوا مسابح بين أصابع سحرة النظام ونجوما انطفأت بعد وهجان .
 فالاشخاص المكلفين من قبل النظام بالاتصال برسل المصالحة الوطنية في الخارج ليسوا سياسيين بالدرجة الاولىولكنهم أمنيين .وكثيرا ما يتم الاتصال عبر وسطاء سياسيين وغيرهم ثم يتم استلامهم من قبل الاستخبارات . وعندما تصل الامور إلى هذا الحد يكون الطلب الاول هو التجسس لصالح الجهات الامنية ، وتنته القصة عند هذا الحد ، فإما أن يكون المتساقطون عملاء لاجهزة الأمن ، أو يناصبون العداء أكثر مما كان عليه الأمر من قبل .
لو كان النظام جادا في حل الاشكالات السياسية القائمة في البلاد ، لصالح الاحزاب كالنهضة ومنظمات المجتمع المدني ،ومنها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ، ولغابت مظاهر العربدة السياسية والامنية في الشارع ، أما والحال على ما هو عليه فليس هناك أي مؤشرات على وجود نية للنظام في المصالحة الحقيقية . ما سيجنيه رسل المصالحة الوطنية هو نفس ما جناه الذين سبقوهم ، بدءا بمحمد الهاشمي الحامدي ، وأصحاب عريضة فرنسا ، هل تتذكرون هؤلاء جيدا . لقد كانت نياتهم ( والله أعلم ) سليمة وحسنة ، فهل حققوا ما نادوا به أو زعموا أنهم بصدد فعله . أكرر بأن النظام لا يريد المصالحة التي نرغب فيها ، يريد أشخاصا يركعون أمام حذائه طالبين العفو والمغفرة ،وينسبون لانفسهم وللمعارضة الغلط والخطأ والخطيئة . يريد أشخاصا  » عياشة  » أشخاصا  » بياعة  » أشخاصا لا يفكرون سوى في أنفسهم وحسب و حل مشاكلهم هم مع النظام ليس إلا .
ما يريد النظام هو الاستسلام الكامل والخنوع الكامل وكتم الافواه بل الانفاس ،وكسر الاقلام وانخراطها في جوقة  » ياسيد الاسياد  » ولكن بدل  » بورقيبة تضع بن علي  » . المشكلة ليست في المعارضة التي لا تقبل المصالحة ، بل في النظام الذي يرفضها ،وبدل ذلك يقوم بزرع الشقاق والانقسام في صفوف المعارضة ولا سيما في الخارج . وكان على دعاة المصالحة أن يتوجهوا بخطابهم إلى النظام ، فليس لدى المعارضة مشكلة مع المصالحة ،وإنما القضية قضية نظام يريد أن يقتلع الشجرة غصنا بعد غصن ،فكلما انحنى غصنا قطعه وأحرقه ليتفرغ بعد ذلك للجذع والجذور .
لا يوجد في صفوف المعارضة من يرفض المصالحة ، فهل يعلم دعاتها الجدد ذلك ، أم يمارسون نوعا من المغالطة مع الذات ومع زملاء الامس . لوكانت هناك رغبة من قبل النظام في تليين خطاب المعارضة ولا سيما الخطاب الاعلامي ، مقابل مصالحة حقيقية فلن يتأخر أي معارض مهما كان توجهه السياسي ، ولكن الامر غير ذلك تماما . هؤلاء في الحقيقة يعرضون مصالحة النظام ، ( أعلن توبتك واخفض رأسك و سلم قلمك أو غير مساره لصاحنا واترك العمل الحزبي والسياسي وأهلا بك في قصر المصالحة ) وجميع المصالحين السابقين ساروا في هذه الزنقة ولا زالوا في عتماتها . واللاحقون لا يختلفون عنهم في شئ ، فهم يعرفون ماذا يفعلون ، و يعلمون حقيقة ما يريده النظام منهم ومن غيرهم . أما مشجب المساجين السياسيين ومحاولة اطلاق سراحهم بالطريقة التي يسير فيها هؤلاء وحسب مصالحة النظام ، فهي لن تؤدي سوى إلى اصرار النظام على بقائهم داخل السجن لاسقاط كل الائيلين للسقوط على نفس الدرب بحسن نية أو سؤئها ، فكم سقط من أناس باسم اطلاق سراح المساجين ، هلكوا ولم يطلق سراح اخوانهم . وبدل أن يطلق سراح المساجين يعمل النظام على خديعة أعداد جديدة و هو ما يتطلب الابقاء على المساجين داخل السجن .
ومن وجهة النظر السياسية البحتة لمن يفهمون في السياسة ، لا يمكن الحديث عن مصالحة وطنية بدون شروط ، كل التنظيمات السياسية و الاحزاب السياسية والدول و المنظمات المختلفة يكون لديها شروط للمصالحة ، فما هي شروط دعاة المصالحة الجدد ؟!!
نحن نعلم شروط النظام التي تحدثنا عنها في السطور الماضية ، فهل نتفق جميعا بما في ذلك الاحزاب السياسية ،كحزب المؤتمر بقيادة الدكتور المرزوقي ، وحركة النهضة بقيادة الشيخ راشد الغنوشي ، وغيرهما من الاحزاب والمنظمات والشخصيات على سقف ولا نقول شروط للمصالحة ، علما بأن شخصا أو اثنين أو ثلاثة أو مجموعة أشخاص لا يمكنهم تحقيق مصالحة وطنية بدون اجماع داخل المعارضة ، وإلا فإن ذلك يعد مضيعة للوقت و تمييع لمطلب المصالحة الحقيقية ،بل امتهان للنضال وحط من قدره .
وإذا كانت الشعارات والنضال والكتابات والمواقف لا تحقق المصالحة ،فإنه من المؤكد أن المصالحة الهلامية غيرمحددة المعالم ،تنسف امكانية تحقيق المصالحة الحقيقية ،وتزيد من عذابات الناس في داخل البلاد وخارجها . وكنت قد وضعت في مقال سابق بعض النقاط التي يجب تحقيقها قبل الحديث عن مصالحة ، أو على الأقل تكون ضمن مشروع المصالحة أرى ضرورة للتذكير بها وهي : .
1 ) إصدار عفو عام عن المساجين والمغتربين ووقف التتبعات القضائية الجائرة بحقهم و منح التونسيين بالخارج جوازات سفرهم المحجوزة . 2 ) إلغاء المنشور 108 سئ الذكر 3 ) السماح للاحزاب و التنظيمات السياسية باصدار الصحف و النشاط العلني 4 ) النسج على منوال النموذج المغربي في المصالحة الوطنية وتعويض ضحايا التعذيب في عهد القنزوعي 5 ) تعهد الاحزاب والتيارات السياسية بدعم الرئيس بن علي في إطار اتفاق دستوري يمنع منعا باتا لا يقبل المراجعة و التصويت الترشح لمنصب الرئيس أكثر من دورتين ( بعد عمر طويل ) 6 ) يراجع قانون الصحافة و قانون تنظيم سلك المحاماة و جميع القوانين الجائرة 7 ) اشراك التيارات والاحزاب السياسية في ايجاد حلول اقتصادية لمشاكل البطالة و الشباب 8 ) افساح المجال للاحزاب السياسية في وسائل الاعلام الوطنية كالمشاركة في الندوات و اللقاءات المختلفة دون انتقاء أو إقصاء 9 ) إعادة الممتلكات المصادرة من المعارضين فورا 10 ) إعادة تأهيل المساجين و تمكين الكوادر منهم من العودة لاعمالهم السابقة ووقف الملاحقات البوليسية و التوقيع في مراكز الشرطة . بدون ذلك وبدون انخراط النظام نفسه وبشكل مباشر في حوار علني وصريح مع أقطاب المعارضة ، يكون الحديث عن المصالحة عبثا بالمصالح العليا للوطن وبحقوق المساجين والمواطنين وبالعمل السياسي والحريات والديمقراطية في بلدنا .
 
(*) كاتب وصحافي تونسي

 


 

نعم لحوار وطني حقيقي ، لا للمساحيق الإعلامية

الأستـــــــاذ فتحـــي نصــــــري  

Maitre_nasri@yahoo.fr

كـتـبـت مـنـذ أسـبـوع فـي  » الـوسـط الـتـونـسيـة  » همسـا أن كـثـرة الـمسـاحـيـق في رمضـان قـد تـفسـد الـصيـام  » و حـتـى لا أفـسـد صيـامـي سيـكـون كـلامي  » بـعيـدا عن أسـالـيـب الـمـجـاملـة الـعقيمـةو الـدبـلـومـاسـيـة الـرتـيبـة «  كمـا قـال أحد الأخوة في سـلسـلـة مـقـالاتـه الأخـيـرة الـمنشـورة بـالـوسـط،، و بـدايــة أود الإشـارة إلـى أن صـراحـتي قـد لا تـعجـب بـعـض الأخـوة، و لـكـن مـادام أن الشعار الذي رفع هو  » لا نـجـامـل و لا نـعـادي و لـكـن دفـاعـا عن الـحـق و الـوطـن «  فـلا بـأس من اقـتـبـاس هـذا الـشعـار و لـكـن أقـول دفـاعـا عن الـحـق كمـا تـراءى لـي و رأيـي قـابـل لـلصـواب و الـخـطـأ وسيكون أسلوبي كعادته بسيطا ومباشرا .

    لا أشـك مطلـقـا في صـدق نـوايـا بعض الأخوة في الاسـراع في حـلحـلـة ملف الـمسـاجيـن الـسيـاسيـيـن بـتـونـس،  و لـكـن عـنـد تـصفحـي لـمـقـالاتهم مـؤخـرا أحسـسـت بـأن هـنـاك سينـاريـو تـم إخـراجـه مـنـذ سنـوات، و يـعـاد عـرضـه الآن بـأبطال جـدد، و نـحـن نـعلـم جميعـا  » أن الـتـاريـخ لا يـعيـد نـفسـه فـإذا حـدث فـفـي شـكـل مـهـزلـة « .

     و لـيسـمـح لـي الأخوة الكرام أن أتـسـاءل مـنـذ مـتى كـان الـمسمى – بـرهـان بـسيـس– » إعلاميا طمـوحـا وأنشط الـشخصيـات الإعـلامـيـة الـتـونسيـة «  ؟ فـمـا هـو وجـه الـطمـوح ووجـه الـنشـاط لـديـه،؟ و مـنـذ مـتـى حصلـت عـنـدهم الـقـنـاعـة بـأن الـسيـد بـسيـس  » يـمثـل أحـد الـوجـوه الـلامـعـة بـيـن الإعـلامـيـيـن الـتـونـسيـيـن في الـسنـوات الأخـيـرة…..يـنتصـر لـلـحـريـات الـعـامـة و الـفـرديـة و قـيـم الـديـمقـراطيـة و الـحـداثـة    «  ؟

    هــل تـطلبـون مـنـا إلـغـاء عـقـولـنـا و قـراءة مـا يـخطـه بـرهـان بـسيـس من الـيسـار إلـى الـيميـن رغـم أن الـحـروف الـتي يـكتـب بـهـا عـربـيـة، صـراحـة لـقـد فـوجـئـت مـمـا خـطـه الأخوة الـكـرام، فــأنــا أحـاول أن أقـرأ أغـلـب مـا يـكتـبـه بـرهـان و لـم أجـده يـومـا انـتصـر لـلحـريـات الـعـامـة و الـفـرديـة و قـيـم الـديـمـقـراطيـة و الـحـداثـة الـحقـة بـمفهـومهـا الـغـربي أو بـمفهـومـهـا الإسـلامي إلا إذا صـدق هؤلاء الأخوة أن تـونـس واحـة الـحـريـة و الـديـمقـراطيـة و أن الـنظـام الـتـونسي الـذي يـعتبـر بـرهـان واجهـتـه الإعـلاميـة مثـالا لـلنظـام الـديـمقـراطي الـحـداثـي

    و تـتـوالـى الـمقـالات لـيـزداد استغـرابي عـنـدمـا حـيـى أحد الأخوة بـرهـان بـسيـس على وضوحه و مـبـدئـيـتـه في الـدفـاع عن مسـاجيـن حـركـة الـنهضـة و لـو من منطلـق إنـسـانـي كمـا قـال، مـعـذرة أخـي  هـذه شـهـادة سـنـحـاسـب عليهـا إذا قـبلنـا تـسـويـقهـا، فـبـرهـان بـسيـس صـرح عـديـد الـمـرات أن الـسجـون الـتـونسيـة خـالـيـة من أي سجيـن سـيـاسـي، و أن مسـاجيـن حـركـة الـنهضـة هـم مسـاجيـن حـق عـام بـمعنـى  » مـجـرميـن  » قـال فـيهـم الـقضـاء كـلمتـه و هـم لـيسـوا مسـاجيـن سيـاسيـيـن، فـهـل يـعتـبـر هـذا دفـاعـا عن الأخـوة الـمسـاجيـن فــرج الـلــه كـربـهـــم   ؟  أمـا مـا ورد فـــي مـقـــالـه الأخــير »عن الـتكـفـيـر و مـدرسـتـه  » فـهـو خـطـاب مسمـوم و مـفـخـخ كـان يـجـدر بـالأخ الـكـريـم  قـراءتـه جيـدا،فـبـرهـان بـسيـس حـاول جـر الـمعـركـة إلـى مـربـع الـنهضـة الـداخلي بـالـتبـاكي على حـال الـمسـاجيـن و عـائـلاتـهـم  و اعتبـار الـشيـخ راشـد الـغـنـوشي مسـؤولا عن مـأسـاتـهـم،و كـأن الأخوة الـمسـاجيـن عـذبـوا و اعتـقـلـوا فـي   » غـوانـتـنـامـو  » أو   » أبــو غـريـب  » و لـيـس في سجـون الـنظـام الـتـونسي،و كـأن مـأسـاة عـائـلاتـهـم و مـأسـاة الأخـوة الـمفـرج عنـهـم لـيـس سـببـهـا سيـاسيـة الانـتقـام لـنظـام الـسـابـع من نـوفمبـر الـذي يـعـد بـسيـس أحـد الـمـدافعـيـن عن هـذه الـسيـاسـة،و لـو قـرأ الأخ الكريم مقـال بـرهـان جيـدا لـمـا وجـه لـه الـتحيـة فـهـو يـدعـو بـصـراحـة و بـدون خـجـل إلـى إشـعـال فـتنـة داخـليـة بـيـن أبـنـاء حـركـة الـنهضـة و نـشـر مـا سـمـاه  » بـالـغسيـل الـداخـلي « ،و لـلأسـف لـم يـتـأخـر الأخ الـكـريـم  في الاستـجـابـة لـطلـب بـسيـس حيـن طـالب صـراحـة في مـقـالـه  » لا نـجـامـل ولا نـعـادى     » بـتنـحيـة بـعض الـقـادة من الـمسـرح الـسيـاسي و قصـده واضـح، و الأكيـد أن الأخ الكريم يـؤمن بـالـعمـل الـمـؤسـسـاتـي و تمثل قـيـمـة الـديـمـقـراطيـة داخـليـا قـبـل تـسـويـقهـا خـارجـيـا،و أبـسـط قـواعـد الـديـمقـراطيـة احـتـرام رأي الأغـلبيـة،و إذا أحـس الـفـرد أن الـخـلاف أصـبـح جـوهـريـا فـلا يـمكنـه كـأقـليـة إلا الاختـيـار بيـن الخضوع لـرأي الأغـلبيـة أو الانـسحـاب و اخـتيـار طـريـق آخـر لـتصريـف قـنـاعـاتـه،و الأخ المذكور حسـب مـا قـرأت لـه سـابـقـا اختـار الانـسحـاب من الـحـركـة فـكيـف يـطـرح نـفسـه خـطـا فـكـريـا مـعـتـدلا داخـل حـركـة الـنهضـة  ؟  و لـم يـكتـف بـذلـك بـل ذهـب في مقـالـه  » مـا تـنتـظـره تـونـس بـمنـاسبـة شـهـر رمضـان  » إلـى تـحميـل حـركـة الـنهضة ضمـنـا مسـؤوليـــة الـهجمـــة الأمنـيــــة و الـمظلمـــة الكبيـــرة الـتــي تـعـرض لـهـا أبـنـاؤهـا بـرفضهـا كمـا قـال 

 » الـفـرصـة الـتـاريـخيـة الـواعـيـة و الـمسـؤولـة « 

بـقبـول عـرض الـمشـاركـة في انـتخـابات 1989 تـحـت إطـار قـوائـم الـحـزب الـحـاكـم؟ ورغم كون هذه المعلومة غير صحيحة فان هـذا منـطـق غـريـب حـتى الـسلطـة لـم تـسـوق لـه، و أيـة ديـمقـراطيـة هـذه الـتي تـخيـر فيهـا حـركـة مـعـارضـة بيـن دخـول الانـتـخـابـات في قـوائـم الـحـزب الـحـاكـم أو الـزج بـأبـنـائـهـا في الـسجـون؟ مـعـذرة أخـي  مـرة أخـرى أطلـب منـك إعـادة الـتفكيـر في هـذه الـمسـألـة فـليسـت هـذه هـي الـديـمقـراطيـة حتى في أبـشـع صـورهـا.

    و إن كـان الأخ الكريم حـرا حـسـب قـنـاعـاتـه في الانـتصـار لـبـرهـان بـسيـس و الإعـجــاب بـمقـالــه

« عـن التكفـيـر و مـدرسـتـه « ، إلا أنه سـقـط من حيث لا يـدري في الـقبـول بـاتـهـام مـؤسسـات حـركـة الـنهضـة و أبـنـائهـا غيـر الـمنخـرطيـن في تـوجهـه الـجـديـد بـالـتكـفـريـيـن، ذلـك أن الأخ الـكـريـم  حـاول الـرد على بـرهـان بـسيـس عـنـد اتـهـامـه لـلحـركـة  » بـالـمدرسة الـتكـفيـريـة « بـكـون مـدرسـة الـنهضـة أكبـر من الـشيـخ راشـد الـغـنـوشي و تـوجهـه الـسيـاسي، أي أن هنـاك خـط فـكـري كمـا يـسميـه هـو بـالـمعتـدل داخـل مـدرسـة الـنهضـة لـيـس تـكـفيـريـا، و هـذا يـعنـي أنـه يـقبـل بـنعـت بـرهـان بـسيـس لـلبقيـة بـالـتكفـيـريـيـن،و كـان حـريـا بـالأخ الـمحتـرم  مـادام يـدافـع عن الـحق أن يـرد هـذا الاتـهـام الـمغـرض عن حـركـــة الـنهضـــة بـرمتهـــا،  فمنـــذ الــتـأسيـــس الـمبـــارك لـلحركة لـم يـتـــم اتـهـامهـا

 » بـالـمدرسـة الـتكـفيـريـة  » و الأخ الـكـريـم عبـد الـحميـد الـعـداسي لـــم يـكفـر بـرهـان بـسيـــس فهو يعلم ان بين  الـمرء و الـكـفـر الـشهـادتان، كما عجبت لـمـا خطـه الـدكتـور الـقـديـدي عنـدمـا سايـر بـرهـان بـسيـس في محـاولـة الصاق تهمـة الـتكـفيـر بـحـركة الـنهضـة في حـديثـه عن الـتكـفيـر الـديـنـي لـلإسـلامـييـن و الـتكـفيـر الـسيـاسي لـلـسلطـة.

    و يـستـرسـل الأخ الـكـريـم  إلـى الـقـول  » فـقـد وصـل الإسـلامـيـون الـتـونـسيــون بـتـيارهم الـوطني الـمعتـدل « فـهـل الـوطنـيـة أخـي  جـبــة نـنـزعـهـا عمـن نـريـد ووقـتـمـا نـريـد، و هـل الاعـتـدال صـفـة يـنعـت الـمـرء بـهـا نـفسـه، أم احـتـكـام لأسـس و مـقـومـات  » الاعـتـدال « ، عـفـوا أخي إذا كـنـت وصـلـت إلـى الـقـنـاعـة الـتي ذكـرتهـا فـهـذا مـع احـتـرامي لـوجهـة نـظـرك لـيـس اعـتـدالا لأنـك جعلت من » يـوسـف » الـملقى بـه في الـجـب مخـطـئـا و من أخـوتـه الـذيـن ألـقـوا بـه في الـجـب على صـواب.

و فـي خـضـم هـذه الـمقـالات يـطـل علينـا الـدكتـور أحمـد الـقـديـدي حـامـلا بـشـائـر الـوفـاق الـوطنـي في تـونـس معتبـرا أن الـحـوار بـيـن الأخـويـن الـكـريـميـن  مـع الـواجهـة الإعـلاميـة لـسيـاسـة نظام الـسـابـع من نـوفمبـر حـوارا وطنيـا و بـشـائـر وفـاق وطني، هـل هـذا هـو الـحـوار الـوطنـي الـمنشـود الـذي سـينقـل الـمشهـد الـسيـاسي بـعتـمتـه إلـى الـحلحـلـة؟ ، عـفـوا اسـمـح لـي أن أقـول لـك أن الـقـفـز على الـمطـالـب الـحقـيـقيـة و الـجـادة لأي تـحـول سـيـاسي سـليـم بـمجـرد مسـاحـيـق إعـلامـيـة هـو دفـع من حيث لا نـدري لاستمـرار الـواقـع الـسيـاسي الـمتـعـفـن،و أن أي حـوار يـسـتـثـنـي القــوى الـحـقـيـقـيـة و الـوازنـة هـو مـخـاطـرة غـيـر مـحسـوبـة،فـعمليـة الـنفـخ في شـخصيـة بـرهـان بـسيـس و تـجميـل صـورتـه و اعـتـبـاره  » مـن الــوجــوه  الـتي يـمـكـن الـتحـاور مـعـهـا مـن أجـل إرسـاء ثـقـافـة الـتسـامـح و الـتـنـوع و الانـتصـار لـقيـم الـحـق و الـعـدل و الـحـريـة «  كـمـا جـاء في مـقـال أحد المبشرين بهذا التوجه الجديد هـو مـحـاولـة لـلنـفـخ في بـالـون هـواء قـد يـعمـد صـاحبـه إلـى ثـقـبـه إذا أحـس بـأنـه أصـبـح مـنتفخـا بـشكـل كبيـر و هــذه سـيـاسـة الـدولـة الأمنـيـة الـمـركبـة.

    لـيس هـنـاك مـن يـرفض الـحـوار و الـمصـالحـة و لـكـن لـلحـوار أسـس و لـلمصـالحـة مضمـون، فـالحـوار الـحقيـقي يـقـوم على الـتكـافىء و تغليـب الـمصلحـة الـوطنية و لـيس استجـابـة لإمـلاءات أو تـوبـة أو صـفـح، و لا أحـد يـريـد إطـالـة مـأسـاة الـمسـاجيـن الـسيـاسيـيـن، فـعيـب علينـا الـتسـويـق لـمقـولات مغـرضـة يـبثهـا الـمستفيـد الـحقيـقي من إطـالـة الـمـأسـاة و هـم الـذيـن مـا فـتـئـوا يـنفخـون في رمـاد الـفتـنـة لـمـزيـد استـعداء هـرم الـسلطـة على الـحـركـة الإسـلامـيـة، فـملف الـمسـاجيـن الـسيـاسيـيـن يـثقـل كـاهـل الـسلطـة بـعـد أن تـبنتـه الـحـركـة الـسيـاسيـة الـمعـارضـة بـرمتهـا و تـبنته أطيـاف الـمجتمـع الـمدني بـكـل تـلـويـنـاتـهـا و أصبـح الـملف يـمثـل مطلبـا وطنـيـا بـامتيـاز، فـأرجـو من الأخـويـن أن لا يـكـونـا مطيـة لاستجـداء عفـو و صفح يـخرج الـمسـاجيـن الـسيـاسيـيـن في صـورة المجـرميـن الـذيـن يـستحقـون عطفـا و صفحـا من قـلـب رؤوف و رحيـم، و إذا كانت الـسلطـة تـسعـى بـحـق لـتـسـويـة الـملف فـمـا يـمنعـهـا من ذلـك؟ فخـروج الأخـوة من الـسجـن لـن يـطـول بـإذن الـلــه،و لـعـل الـسلطـة بـحـاجـة من أي وقـت سـابـق لـمـن يـستـجـدي هـذا الـعفـو لتـظهـر بـمظهـر الـمتسـامـح و هـذا يـبخـس صـمـود الأخـوة الـمسـاجيـن فـلا تـكـونـوا مـطيـة لــذلــك.

     و أخـيـرا أسـأل الأخـويـن الـكـريـميـن  عن سيـاسـة  » نـصـف الـكـأس الـمـمـلوء » الـتي انـتهـجـهـا أحـد الأخـوة سـابـقـا و الـذي جـلـس إلـى الـرئيـس الـتـونسي و كتـب عـنـه مـا كتـب، فـإذا كـان الـدكـتـور الـهـاشمي الـحـامـدي قــد ذكــر أنــه مـلأ نـصـف الـكـأس تـشجيعـا لـلسلطـة على الـحـوار، فـهـل سـتـقـومـان بـمـلأ الـنصـف الـبـاقـي و بـالـتـالـي يـصبـح الـكـأس كـلـه مـمـلـوءا، و يـصبـح سـجـل الـنظـام الـتـونسي نـاصـعـا فــي مـجـــال الـحـريــــات و الـديـمـقـراطيـة و الـتـنميــــة و الـعـدالــــة الاجـتمـاعـيـــة

و مـحـاربـة الـفسـاد بـكـل مـظـاهـره… فـبـمـاذا سـتـطـالـبــانـه إذا أصـبـح الـكـأس مـمـلـوءا؟ ، وأقول للأخوين الكريمين  أنا لا أرفض محاورتكما لبرهان بسيس فلست عدميا ولكن ليكن الحوار كل من موقعه حتى لا يجد القارىء نفسه بين وجهين لعملة واحدة رغم يقيني بصدق نواياكما،وليس بالإغراق في مدح رئيس الدولة وكأنه لا علم له بما حدث ويحدث يكون الحوار الحقيقي . هـذه بـعـض الأسـئلـة أطـرحـهـا على الأخـويـن الـكـريـميـن حتـى لا أقـول على  » الـتـيـار الإسـلامـي الـوطنـي الـمعـتـدل  » لأنـي لا أعـرف من انـخـرط في الـحـوار مـع بـرهـان بـسيـس سـواهـمـا، و أرجـو أن يـقـبـلا رأيـي و أسـئلـتي فـلـعـل في الإجـابـة عليهـا بـعـض من الـنصيحـة، و رأيـي مـجـرد رأي يـقبـل الـصـواب و الـخـطـأ.

    و قـبـل خـتـم الـمـقــال أوجـه تـحيـة إكـبـار لـلقـلـم الـنقـي و الـحـر عبـد الـبـاقي خـليفـة على شـجاعـتـه و اسـتـواء قـلمـه و على مـا خـطــه في مـقـالـه  » مـتـى نـخـرج من الـقـرون الـوسـطـى  » و دعـوتـه إلـى الالـتـفـاف حـول حـركـة الـنهضـة، و يـشـرفـنـي أن أكــون مـن الـمستـجـيـبـيـن لـهـذه الـدعـوة الـصـادقـة، و أدعـو كـل الأخـوة الـذيـن غـادروا الـحـركـة لـخـلافـات سـيـاسيـة مـراجعـة مـوقـفـهـم و الالـتـفـاف حـول الـحـركـة، فـمـسـتـقـبـل حـركـة الـنهـضـة جــزء مـهـم و رئــيـسي مـن مـستـقـبـل تـونــس الـسيـاسي و الاجـتـمـاعي و الـثـقـافـي و الاقـتـصـادي ، وحتى يتأكد برهان بسيس أن حركة النهضة فعلا مدرسة لا يتخلى عنها أبناؤها وان اختلفوا في الرأي .


لقاء حمادي الجبالي ورئيس الجمهورية

 
إن العلاقة التي سادت بين الإسلاميين من ابناء النهضة والسلطة افتقرت للحوار البناء والحوار المباشر باستثناء لقاء بين رئيس الجمهورية  عند توليه السلطة والشيخ راشد الغنوشي ,. لكن دخول اليساريين على الخط مع سوء تخطيط قيادات النهضة افسد المسار وحصل ما حصل من مواجهة كان اليسار قد أوقد نارها ودفع المواجهة الى اقصاها . فدفع الإسلاميون ابناء النهضة نتيجة هذا الأمر حياتهم وضاع مستقبلهم وقضوا اهم جزء في حياتهم في غيابات السجون بأحكام قاسية  واعداد كبيرة – الاف- لم يشهد لها تاريخ تونس مثيل .  لكن وهم في السجن و بعد خروجهم من السجن ما حملوا حقدا ولا بغضا بل عفوا وتمسكوا بمصلحة البلاد منتظرين اليوم الذي تتصالح فيه القلوب .

 و الآن بعد مرور قرابة العقدين على المسالة آن الأوان كي ننظر الى أنفسنا كتوانسة  بعين المحبة , ويقينا في القلب ان الإختلاف لا يؤدي الى مواجهة ابدية , وان النفوس مآلها أن تطيب وتهدأ . خصوصا بعد ان بينت الحركة في الداخل ممثلة في ابنائها انهم لا يكنون اي حقد ولا بغض الى عناصر السلطة ولم تصدر منهم اي ردة فعل انتقامية لما حصل لهم , بل سعت من خلال افرادها قيادات او قواعد للبحث عن سبيل للإلتقاء مع السلطة,  وبحث المسالة بروية بعيدا عن انظار اليساريين الحاقديين الذي اشعلوا نار الفتنة .
 والحمد لله ان ابناء النهضة كانوا واعين و لم يحققوا لليساريين مبتغاهم. فاليساريون كان ينتظرون حرب رَدة فعل تاتي على الأخضر واليابس- كما حصل في دول الجوار- لكن أمالهم خابت امام حب الإسلاميين لبلدهم وصفاوة طبعهم . وجميع ابناء الحركة الذين غادروا السجون وعانوا من الويلات قلوبهم لا تحمل الحقد , وهذا ما ادركته السلطة  قبل غيرها ولا يحتاج الى تدليل . بقيت هناك  مخاوف للسلطة من ابناء النهضة المقيمين خارج الوطن , لكن هي مجرد ارهاصات  ولا تمثل اي تهديد للسلطة فعدد كبير من هؤلاء عبر بالقول و الممارسة انه يريد الخير والصلح  وطي صفحة الماضي وان نبدا صفحة جديددة في العلاقة مع السلطة.  مرحلة جديدة  بدايتها عفا الله عما سلف . بل البعض منهم- اي في الخارج – عارض قيادته في المهجر ووجه لها الإتهامات بالتقصير والنقد و خير الإبتعاد او تجميد عضويته فيها لقناعته ان الحل بيد السلطة اي بيد الرئيس بن علي لا بيد الحركة.
وأنا من الذين يقرون ان الحل بيد رئيس الجمورية شريطة ان يكون بعيدا عن اعين اليساريين الحاقدين. لقد آن الأوان لرئيس الجمهورية ان ينظر للمسالة ويجعل للإسلاميين في تونس حلا  , ولن يكون ذلك الا بالحوار المباشر. وانا على يقين ان حديث الرئيس مع الأخ حمادي الجبالي سيزيل الكثير من الرواسب ويرفع الغطاء عن كثير من المساحات المظلمة بين السلطة والنهضة او الإسلاميين عموما ويمد جسورا  جديدة . فابناء النهضة اليوم ليسوا هم ابناء النهضة امس , والسلطة اليوم ليست هي سلطة الأمس, والوضع الدولي اليوم ليس هو وضع الأمس .
 وإني أعتبر كل طرف يحول دون مقابلة رئيس الجمهورية للأخ حمادي هو عدو لتونس ولرئيسها ,  و أن كل من يسعى لهذا اللقاء ويقرب بين الإسلاميين والسلطة يريد الخير لتونس ولرئيسها .
 البعض يروج بأن  الشيخ راشد والنهضويين في الخارج هم العقبة  والإتهامات كلها موجه له باعتباره الرئيس الحالي لحركة النهضة , ومشكوك في كل اقواله ,  وانه ابتعد عنه عدد كبير من اتباعه ولم يبقى حوله الا القلة . كل هذه في  نظري عوامل  يجب الا تحول دون التحاور بل العكس . ان لم يؤدي التحاور في الخارج لحل فهذا يؤكد ان الداخل يمتلك الحل  ووجود الأخ حمادي الجبالي [الذي كان في السجون و السلطة تعرف سكناته وحركاته فالسلطة تعرف حمادي اكثر مما يعرف حمادي نفسه وهو ساحلي ابن الساحل مجاور لرئيس الجمهورية ابناء جهة واحدة ومؤيد من  معظم ابناء الحركة بما فيهم المجمدين والمستقلين] يسهل المسالة. نحن نحتاج الى هذه الجلسة لأننا موقنون انها لن تجلب لتونس الا الخير بإذن الله تعالى .
 فاللقاء بين السلطة والحركة مباشرة انطلق في سويسرا عبر وساطات تونسية صادقة  لماذا  لا يتواصل هنالك في تونس من خلال هذه الوساطات او مباشرة ؟ كم تمنيت ان يكون لقاء حمادي بن علي قبل لقاء حمادي بعناصر امريكية . نحن قادرون على التلاقي .
فبقرار وعزم رئاسي – لأن الرئيس هو الذي يمكلك سلطة القرار واللقاء – مع إعراب الأخ حمادي عن رغبته للحديث مع الرئيس ,  يتم اللقاء  الذي سيذيب الجليد ويكون اعلان مرحلة جديدة في علاقة السلطة بالإسلاميين في تونس .
و في انتظار الإستجابة التي نسال الله ان لا تطول وان تكون في عهد الرئيس بن علي , ولا في عهد من ينتظرون رحيله . نسال الله الخير وان يلهمنا الرشاد وان يجمع الشمل.
 
بوعبدالله بوعبدالله


لماذا نختلف مع الخطاب الذي يمارسه الدكتور المرزوقي ؟

الحبيب أبو الوليد المكني:

درج الدكتور المنصف المرزوقي على دعوة المعارضة إلى التوافق على تكوين جبهة موسعة تقوم على برنامج سياسي واضح يبدأ بالطعن في شرعية السلطة القائمة ويعمل على تعبئة الجماهير من أجل إسقاطها لينتهي بإرساء السلطة المنتخبة التي تعبر بصدق عن إرادة التونسيين و تكون في خدمة مصالحهم ويدعونا السيد الكريم إلى الاستفادة من تجارب الماضي التي لم تبق أي مبرر للحديث عن المصالحة والإصلاح و الصلح فقد ثبت أن هذه الدعوات لم  » تصلح  » إلا لتمكين الديكتاتورية من إحكام سيطرتها على أوضاع البلاد بتدجين قوى المعارضة وشق صفوفها و مزيد إضعافها . و نعتبر أن هذا الخطاب الذي نحترم أصحابه يتناول أنصاف الحقائق و يتغافل عن أنصافها الأخرى ليتحول إلى مقولات شعرية يمكن أن تهز المشاعر و تنفس على نفوس المكروبين أكثر منها برامج عمل سياسية تريد أن تحقق نتائج ملموسة و نجاحات ولو كانت صغيرة لأن هذه النجاحات ستؤدي بالتراكم إلى تحقيق الانتصار الكبير الذي يحق للشعراء التبشير به من الآن . الحديث عن الديكتاورية في تونس يمثل نصف الحقيقة أما نصفها الآخر فهو أن عهود الانحطاط التي عاشتها أمتنا قد رسخت في أعماق المواطن أينما كان موقعه ثقافة الاستبداد و ضعف الاستعداد للقبول بالآخر … ولعلنا نجامل قليلا عندما نتحدث عن ضعف لهذا الاستعداد ، فقد تكون الحقيقة هي عدم القبول بالمعارضة إلا على سبيل الديكور لحاجتنا اليوم إلى التناغم مع لغة العصر و الاستجابة لمنطق الاحداث و التحولات العالمية . صحيح أن الشعارات المنادية بحقوق الإنسان و الديمقراطية ومواجهة الاستبداد ثقافة و نظام حكم كانت متزامنة مع أول دعوات النهضة و الإصلاح لكنها بقيت مجرد شعارات ولم تتحول إلى ثقافة تترسخ في العقول و القلوب قبل أن تنطق بها الأفواه و تجسدها الممارسات . لذلك ليس غريبا أن يحصل لنا الانطباع ونحن نتابع تصرفات رؤساء أحزاب المعارضة عندنا بأننا بصدد مشاريع استبدادية جديدة ، فلا أحد يقبل بالآخر كما هو بل يضغط عليه حتى يجعله يضع كل إمكانياته في خدمته وخدمة توجهاته التي لا يرى بديلا عنها . و تاريخ الأحزاب عندنا سواء كانت في الحكم أو المعارضة أكبر شاهد على ذلك و لا فائدة من التفصيل في هذا الموضوع لكن لا بأس من طرح إحدى المسائل المستشكلة عندنا بما له علاقة بحديثنا … فنحن لا نستطيع أن نفهم مثلا لماذا هناك حزب التجمع من أجل الجمهورية برئاسة المرزوقي و حزب التكتل من أجل الديمقراطية و العمل برئاسة بن جعفر ، وظاهر الأمور أن الرجلين صديقان حميمان ، يدافعان عن نفس المبادئ و الأفكار ويعملان في نفس الحقل ولكنهما لم يتفقا على العمل في تنظيم واحد بل أسس أحدهما تكتلا وهو يرفض التكتل مع صديقه و الثاني أسس تجمعا وهو لا يريد أن يجتمع مع مختلف الأطراف الأخرى التي يقول بالمراهنة عليها لتشكيل جبهة موسعة للإطاحة بالديكتاتورية !!؟؟ .  نحن لا نجادل هنا عن أفكار وتوجهات ورؤى يمكن أن تختلف القيادات حولها في كل حين ولكننا نتحدث عن مؤسسات وأحزاب لم تستطع أن تلتقي على الحد الأدنى الذي ستؤطر فيه جهودها لتندمج الطاقات على مستوى الحزب الواحد ثم التعاون بين مختلف الأحزاب لتحقيق الأهداف المتفق حولها ،وهذه و لا ريب مؤشرات على تمكن ثقافة الاستبداد منا جميعا وهي الثقافة التي استفدنا من كتابات الدكتور المرزوقي لإدراك أصولها و أبعادها . لا نريد أن نتحدث عما جرى و يجري في صلب أحزاب المعارضة الأخرى و آخرها ما يحصل في حزب التحرر الاجتماعي فلا بد أن الدكتور المرزوقي أعلم منا بالتفاصيل لكنه قد يحللها بأدوات أخرى لا نشك في أنها كذلك تنتهي إلى إبراز نصف الحقيقة و تغفل عن نصفها الآخر . أما ما عاشته حركة الديمقراطيين الاشتراكيين من نزاع على منصب الرئاسة وما يعيشه حزب الوفد المصري من معارك طاحنة للسيطرة على مقر الحزب و الفوز بمنصب الأمانة العامة بين الشيوخ الذين قضوا أعمارهم في الحديث عن الديمقراطية واحترام قرار ا لمؤسسة!! ، فهو أمر آخر لا نشك أبدا في مسؤولية الأنظمة الحاكمة في إخراجه ولكنه يدين كذلك هؤلاء القادة الذين يحبون التمسك بمقاعدهم مدى الحياة و بعضهم سيورثها لأبنائه كما هو حال الصادق المهدي في السودان . اننا نقف مع الدكتور المرزوقي في معركته ضد الاستبداد و الديكتاتورية ونشر ثقافة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان و نحتفظ له بالاحترام و النقدير لمواقفه المبدئية ضد الهمجية و العدوان و سياسة الإذلال و المحاصرة والموت البطيء التي ما زالت تمارسها السلطة في حق قوى المعارضة وخاصة منهم الإسلاميين لكننا نتمسك كذلك باستقلالية قرارنا وحقنا في ممارسة السياسة التي نراها تخدم الأهداف التي رسمناها لأنفسنا وهي ليست بالضرورة أهداف أطراف المعارضة الأخرى التي نتعاون معها بشكل مبدئي . ولسنا في ذلك مبتدعين فذلك يمثل القاعدة التي تسير عليها مختلف الأحزاب التونسية فعندما يمضي السيد حمة الهمامي على  » نداء إلى القوى و الأحزاب الماركسية في الوطن العربي  » ، من جملة ما جاء فيه  » إن هذه الحركات ـ المقصود الحركات الإسلامية ـتقدم خدمة ثمينة للإمبرياليين بتصوير الصراع الوطني الطبقي على أنه صراع طائفي وهي تلتقي في ذلك مع غلاة المحافظين من منظري الإمبريالية الذين يروجون لصدام الحضارات و الأديان … » ندرك أن هذا العمل المشترك الذي يتأطر ضمن فعاليات حركة 18 أكتوبر لا يقوم إلا على توافق هش غير قابل للاستمرار.. وأنه لقاء ظرفي أملته المعاناة المشتركة لا غير . أما تجارب الماضي التي يحثنا الدكتور المرزوقي على الاعتبار بها فإننا ولا شك، نعتبرها رصيدا مهما في حسابنا و منها تلك التي عددها في رسالته لأخينا مرسل الكسيبي و تلك التي عشناها و نحن نخوض معركة فرض الحريات بمفردنا و القوم من حولنا ينشغلون بحساباتهم السياسية حتى لا نقول أكثر … بيد أن موعد تكوين الجبهة التي ستقوض أركان الديكتاتورية ، يبدو أنه ما يأت بعد، و عندنا آلاف من المعذبين من مساجين و محاصرين و منفيين ، نريد أن نوقف سياسة التدمير التي تمارس ضدهم و نرفع شأنهم إلى المستوى الذي عليه أطراف المعارضة الأخرى ، فقد طالت محنتهم و طال انتظارهم . و من واجبنا أن نطرق أبواب رئاسة الجمهورية التي تملك الصلاحيات الدستورية للقيام بذلك . و لا بأس أن نوضح في الأخير أن الأمر لا يتعلق من جانبنا بدعوة جديدة للمصالحة لأن ذلك أمر قد أجمعت عليه أغلبية قوى المعارضة ، و هو كما نرى هدف يحتاج لزحزحة موازين القوى قليلا أو كثيرا وعلى الأحزاب السياسية المعارضة و على رأسها كما نأمل التجمع من أجل الجمهورية أن تعمل بجد من أجل ذلك . فمبادرتنا فقط هي دعوة لتوفير بعض شروط المصالحة بين الحكم و المعارضة بممارسة الخطاب المسؤول و بناء الجسور و فتح قنوات الاتصال و التنويه بالمكاسب التي يحققها شعبنا ووضع مصلحة البلاد فوق كل الاعتبارات في عصر عودة المطامع الاستعمارية .

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 3 أكتوبر 2006)

 

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

 تونس في 04 أكتوبر 2006

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

الرسالة 137 على موقع تونس نيوز

التبذير في ميزانية المجتمع علاجه العمل التطوعي بروح وطنية عالية

مند أشهر خامرتني فكرة التبذير في مدخرات البلاد و ميزانية المجتمع و أموال المجموعة الذي خصّص لها الرئيس بن علي فقرة في بيان السابع من نوفمبر 1987

فقرة هامة لا تسامح في أموال المجموعة و لا لإستغلال النفوذ

هذه الجملة إسترعت إهتمامي عندما قرأتها مؤخرا في رخامة كبرى في إحدى مقرات السيادة.

و قلت في نفسي يا ليت أخواننا الموظفون الكبار و الإطارات العليا و اصحاب النفوذ و المسؤولين الكبار في الإعلام و الصحافة و حتى الأحزاب السياسية يفهمون و يدركون هذه الجملة البليغة و هي تحتاج إلى القراءة مرارا عسى أن يكون لها وقع في النفوس و القلوب هذا و نحن ندرك انّ تونس لها في الأعوام الأخيرة صعوبة وقد إتخذت إجراءات عديدة لمجابهة إرتفاع النفط الذي بلغ سعر البرميل الواحد 75 دولار و من جملة الإجراءات الإضطرارية مرارا للترفيع في سعر النفط و البنزين حيث إرتفع حوالي 8 مرات منذ ثلاثة أعوام من 2004 إلى 2006 و قفز من 570 ثمن لتر إلى 1.100 مليم و من 390 مليم إلى 740 مليم سعر المازوط و هذه الزيادة جاءت نتيجة إرتفاع ثمن البرميل ضعفين أو أكثر و هناك إجراءات أخرى للإقتصاد في الطاقة مع حملات التوعية و التحسيس في وسائل الإعلام بينما هناك حلول أخرى من أكثر جدوى و فاعلية لم يهتدي إليها أصحاب القرار.

التبذير المفرط في السيارات الإدارية و كميات البنزين التي توزع شهريا مجانا

وقد إجتهدت في مناسبة منذ سنة و أنجزت مقالا يكتب بماء العيون و أرسلته إلى جريدة الصباح لنشره حول الموضوع لكن مع الأسف لم يرى النور إلى اليوم و هذا يدخل في حرية الرأي و المساحة الإعلامية المخصصة لحرية التعبير و لكن هذه المساحة مازالت دون المطلوب حتى نسبة 30 بالمائة غير موجودة لنتحدث قليلا على سوء التصرف و مظاهر التبذير المفرط في السيارات الإدارية ملك المجموعة الوطنية و أموال المجموعة الوطنية . فهناك آلاف السيارات تتجول بعد الوقت الإداري و بعضها يتجول حتى في الشطوط ربما هي من حقها العوم و الإبحار فضلا على التجول بعيدا للبحث على لحم الخروف و الحوت من بنزرت و الغلال و حتى المعدنوس من سليمان لا يهم البنزين و قطاع الغيار و أجرة السائق كلها من مال المجموعة الوطنية و هناك صنف آخر يتسلم شهريا حوالي 800 لترة بنزين و هو في العاصمة و مجموع الكمية تتكلف حوالي ألف دينار شهريا و حتى مدير صحيفة حزبية يأخذ هذه الكمية

و في نادرة في مناسبة مدير المؤسسة أرسل الكمية 800 لترة لمدير الصحيفة و رفضها المدير لأنها من النوع العادي

وقلت في نفسي ولو الضرورة تستدعي منح هذا المدير كمية بنزين مع 3 سيارات لا بد من أن تكون الكمية معقولة لا تتجاوز 300 لترة أي بمعدل 10 لترات في اليوم خاصة المدير نشاطه في العاصمة و إذا قرنا المعتمد الترابي القائم بنشاط واسع لا حدود له و في جهة نائية تبعد على مركز الولاية بحوالي 60 كلم أو أكثر و مطلوب منه التنقل إلى الولاية و التحول يوميا هذا السلك كمية البنزين محدودة 250 لترة شهريا و الفرق شاسع بين مدير صحيفة و معتمد و هناك موظفون في مواقع أخرى ملحقون من مراكز عملهم الاصلية على ذمة أحزاب أو منظمات بالإضافة إلى مرتباتهم و منحهم الاصلية يستلمون كميات هامة شهريا من البنزين من الإدارة التي إلتحق بها و منح تتراوح بين 250 دينارا إلى 800 دينار فضلا على إمتيازات أخرى الهاتف المجاني و استغلال الموقع لقضاء حاجته و حاجة أسرته و هناك أعضاء في مجلس النواب متفرغون و ملحقون بالأحزاب و يتقاضون منح و البنزين و استعمال السيارة الإدارية… إذا قمنا بإحصاء لهؤلاء و غيرهم ممن نتحدث عنهم نجد أنّ أكثر من 500 ألف لترة من البنزين شهريا تدفع لهؤلاء المسؤولين و لو قمنا بعملية حسابية 500 ألف لترة في 1100 مليم نجد حوالي خمسمائة و خمسين ألف دينار شهريا ثمن هذا البنزين فضلا على السيارات الزائدة تصبح في خزينة الدولة تخصصها لتشغيل حوالي 2500 طالب مجازا سنويا لأنّ 6 مليارات سنويا لها قيمتها فضلا على إستعمال 3 سيارات للشخص الواحد لماذا لو وضعنا على ذمته سيارة واحده للعمل: نربح حوالي 50 ألف دينار سنويا ثمن السيارة و قطاع الغيار و البنزين و أجور السائق مع الضغط على إستعمال السيارات الإدارية نربح مبالغ هامة تبقى في خزينة الدولة. و نسعى بكل ما لدينا من رقابة للحدّ من تجول السيارات في الشطوط و أماكن الخلاعة و الأسواق و الأماكن السياحية رغم أنّ السيارات مرقمة معروفة لدى الشعب..

العمل التطوعي هل الحلّ

قلت في الرسالة المفتوحة لسيادة الرئيس المؤرخة في 9 فيفري 2006 التي نشرت على موقع الأنترنات تونس نيوز و غيرها من الرسائل الموجهة للمسؤولين حول إحياء روح العمل التطوعي النضالي و قلت أنّ عدد هام من مناضلي الحزب الحر الدستوري مستعدون للعمل مجانا دون منحة و لا بنزين و بدون سيارة خاصة في مواقع العمل السياسي و النضالي و في صلب التجمع و ريث  الحزب الحر الدستوري الحزب الإشتراكي الدستوري بالأمس

لأنّ العمل الحزبي هو تضحية و تطوع و تفاني إذا قبل الأخوة الحاليين هذا المبدأ فمرحبا بهم و إذا رفضوا العمل التطوعي فليتركوا المكان لغيرهم أصحاب القيم و المبادىء

و يعودوا إلى فترة النضال الأول منذ أيام الحركة الوطنية و النضال الوطني و الكفاح من أجل الاستقلال الوطني و السيادة التونسية

و هؤلاء مازالوا على قيد الحياة و نضالهم و خبرتهم و تجربتهم يضعونها على ذمة الوطن مع نكران الذات هذا ما علمنا الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة و حزبه العتيد حزب التحرير و حزب البناء و حزب بناء الدولة العصرية التي بنيت على أكتاف المناضلين دون طمع في 3 سيارات و 800 لترة بنزين و الأكل المجاني و المنح و الإمتيازات و هذا الصنف أين كانوا زمان الحركة الوطنية و ايام بناء الدولة نعم كانوا معارضين و اليوم جاؤوا لقطف الشجرة التي غرسها المناضلون و سقاها دماء الشهداء و سهر على صيانتها و حمايتها رجال مخلصون و اليوم غيرهم يأكل الغلة ….  و بدون تعليق …

نرجو أن يعمل رجالتنا بهذا المقترح لحماية مكاسب بلادنا و الحدّ من النزيف و التبذير و ذلك بحق نكونوا قد ساعدنا رئيس الدولة و إذا كان كلامهم أنهم يحبون تونس عليهم أن يبادروا فورا بالتخلي عن المنح و البنزين و السيارات و قتها نقول حقا أنّ إخواننا من صنف المناضلين الابرار و قد علمنا أنّ الدكتور حامد القروي النائب الأول لرئيس التجمع رفض كمية زائدة من البنزين و إكتفى بمقدار متواضع أرجو أنّ يقتدي بهذا السلوك النضالي الراقي و ننسج على منواله وبذلك نكسب الكمية التي أشرت إليها آنفا و الحساب الذي إعتمدته على حوالي 1000 إطار فقط و بذلك نكسب سنويا تشغيل 2500 مجاز إضافي لحل مشكلة البطالة و الحدّ منها على الاقل هذه هي الروح النضالية في الممارسة لا في الكلام و الشعارات.

قال الله تعالى: انّ الله لا يغير ما يقوم حتى يغيروا بأنفسهم صدق الله العظيم

ملاحظة هامة : …أحدهم ممن يتكلم في الإعلام يساوي أجره و امتيازاته تساوي منحة 200 مقاوم ضحوا بالنفس و النفيس. 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

 

 
 

الحريات العامة في الدولة التونسية

ج 4 -الحياة النقابية

بقلم نصرالدين
 
لم يمارس العمل النقابي في تونس ممارسة تقنية بالمعنى الحرفي مثلما عبر عن ذالك حشاد  » إن الحركة النقابية في تونس لا يمكن أن تكون مادية صرفة لأن مطالب العمال تندرج في إطار مشكل أكبر و أعظم هو أولا الحرية لا يمكن أن تستمر بدون النهضة أو النهوض بالواقع قدر المستطاع »(1) انما كان تداخل محمود ومطلوب بينه وبين السياسي والحزبي. تدا خل املاه الواقع وافرزه بطش المستعمر والانظمة الشمولية .فعندما يكون التعامل مع الاطر النقابية تعاملا مبيتا بعيدا عن رقابة المؤسسات, خارج اطار القانون والتقنين يصبح من الانتحار ان يستمرالفعل النقابي ضمن آلية حرفية محكومة بالفشل مسبقا ويصبح لزاما عليه ان ينوع مصادر نضاله مبتكرا اساليبه من الحراك المعيش بعيدا عن ثقافة الاستنساخ. تحت هذا المفهوم وبسلاح الخصوصية انطلق العمل النقابي في تونس.
 
فرغم ان المستعمر لا يعترف ببديل عن النقابة الفرنسية والتي تعتبر صوت العمال والممثل الوحيد لهم على ارض تونس ورغم السند القانوني الذي تتمتع به نقابة س-ج-ت الفرنسية الاصل ومع انها في جوار اعتى القوى الاستعمارية في العالم الا ان همم الرجال تصنع المحال. وهمّة محمد علي الحامي واخوانه كانت من طينة الهمم الفريدة المتفردة ففي 3 ديسمبر 1924 وفي وقت عصيب ومحضن مثقل بالمخاطر ارسل الحامي واخوانه رسالة قوية للسلطات الفرنسية : أن لم يعد فعلنا مرهونا برد فعلكم واسير انفعالاتكم انما هو رهين مصالحنا , كما ارسل رسالة اخرى الى س-ج ت النقابة الفرنسية ان اهل مكة ادرى بشعابها (ويكـثـّر خيركم ) وأهل البلاد أولى بعرق ابنائهم. كانت الرسالة متمثلة في بعث أول نقابة تونسية تحت أسم جامعة عموم العملة.
 
كان الحامي موقنا انها لن تكون نزهة, وردة الفعل قد تتراوح من المقصلة الى المنفى وبينهما متاعب شتى, وكانت التجربة غير مأمونة ولكن شرف المحاولة لاستخلاص الحقوق اسمى من تعزية العمال في عرقهم ومواساتهم بكلمات خافتة باهتة. وفي وقت وجيز تحركت النقابة واشتغلت ماكينتها, ونفذت في وقت قياسي سلسلة من الاضرابات مسحت بها البلاد من الجنوب الى الشمال مرورا بصفاقس الى ضواحي العاصمة, كل هذا الزخم وقع في زمن قياسي لم يتجاوز شهرين هو كل عمر هذه النقابة حيث وقع حلها من طرف المستعمرفي 5 فيفري 1925 و نفي الحامي وانهى حياته نهاية الابطال الاعزاء وليس نهاية الاذلاء الذين قتلتهم التخمة فوق موائد القصور وعلى اطباق تفوح برائحة عرق العمال وهم الذين انتدبوا ذات يوم للدفاع عنهم.
 
وبما ان أرض الخضراء تربتها طيبة تستوعب حرارة الشمس وتخزنها لتحمي نفسها من البرود والتبلد . ولما كان التونسي يستوحي حرارة فعله من حرارة أرضه انكفأ ينوع نضاله من اجل حقوقه. وامام استحالة وجود حراك نقابي منظم وفاعل اندمج المناضل النقابي مع المناضل السياسي ليشكلوا حركة وطنية انتجت حالة حراك نضالي شامل وفعال.
 
جاء حشاد وافدا من النقابة الفرنسية بعد ان استلهم منها تقنية العمل النقابي ومن الحركة الوطنية استلهم وضوح الهدف وحرارة الطلب بهذه الارضية الصلبة ومع بقية زملائه نجح حشاد في توحيد مختلف النقابات التي بعثت عقب الحرب العالمية الثانية .
 
20 جانفي 1946 في هذا التاريخ خرج الاتحاد العام التونسي للشغل للوجود ودخل رسميا كيانا الى حلبة الصراع.
 
لا احد يشك في بطش المستعمر ودمويته رغم هذا نجح الاتحاد وهو محارب في تحقيق انجازات على الارض, ونجح في تصعيد عدد اعضائه من 20الف سنة 1946 الى 100الف سنة 1950 .
 
مع ضراوة وهمجية سلطات الاحتلال فان الحلبة اتسعت للمستعمر والاتحاد العام التونسي للشغل والحركة الوطنية .
 
لاحقا ستضيق الحلبة بثلاثي اخر المتمثل في: البورقيبية واليوسفية والاتحاد , هذا الاخير إختار بورقيبة ان يضعه تحت وصايته المباشرة ليحوله الى مؤسسة من مؤسسات الحزب ثم يصفى بن يوسف وخصومه ويبقى لاعبا واحدا لم تكفه الحلبة في ما بعد فتآكل بدوره من الداخل…
 
حشاد اسم تداولته المعمورة من امريكا الشمالية الى اوروبا الى المغرب الاقصى فعندما وصل للامانة العامة للجامعة العالمية للنقابات كان خصومه قد اقتنعوا انه تضخم بالشكل الذي يسمح له بالخروج عن السيطرة وعليه نفذت عصابة اليد الحمراء …او اليد الزرقاء …او اليد الصفراء…جريمتها او جريمتهم المهم ازيح الرجل الى مثواه الاخير بمباركة ممن…؟ وبالاتفاق مع من..؟ وبالتنسيق مع من..؟ لاصحاب الفضول ان يعودوا الى ارشيف بعض الصحف الفرنسية الصادرة في مطلع 1953 ليجدوا الجواب الذي قد يشفي فضولهم .
 
في الخامس من ديسمبر افضى الرجل الى ربه وطوي ملفه… ودخل الاتحاد بعده بفترة في مرحلة مستعصية.
 
أما لحبيب عاشور القادم من رحم تجربة ثرية بنت فيه الشخصية النقابية الفذة بمعاصرته جل المراحل التي مر بها الاتحاد .أخذت عليه مجموعة من المآخذ إلا أن الرجل تدارك في محطات تاريخية لعل اهمها رفضه إخضاع الاتحاد لسلطة الحزب المباشرة كما تقرر في مؤتمر الحزب ببنزرت سنة 1964…
 
في العهد الجديد على النقابة والبلاد والعباد توالت المحن على الاتحاد واخضع عنوة الى سياسة تجفيف منابع المبادئ النقابية وادمجت فروعه في لجان التنسيق الحزبي ادماجا ظاهرا ولكن غير معلن. وتحول السحباني من امين عام للاتحاد الى وزير بدون حقيبة محسوب على الاتحاد حتى استهلكته السلطة ولم يعد لبريقه اشعاع. وبما ان هذه الاخيرة غيرت قواعد اللعبة واستنسخت تجربة القوى الدولية مع الانظمة الشمولية المتمثلة في الدعم للاقوى اذا ضمن الولاء وبايعت السلطة جراد على بيعته لها وباع الطرفان حقوق العمال وعرق المساكين. وامتُـصت رغبة القوى الحية داخل الاتحاد في التغيير. وبما ان العقلانية يجب ان تحل ويجب على القوى الفاعلة داخل الاتحاد ان تعطي للرجل فرصة, وحتى ان بقت دار لقمان على حالها فمن الحكمة عدم الحكم على اداء الرجل في اشهر او سنوات قليلة فالسابق ترك عجزا بالملايين مع مؤسسات معطلة وادارة صورية…
 
وتضمن السلطة عشرية من الجمود حتى تأتي قوى اخرى وياتي معها فصل اخر من المسرحية وتدور الاسطوانة بالمعزوفة الممجوجة الباردة الباهتة…
 
عندما كانت ادارة السحباني تعتلي عرش الاتحاد ولوقت قصير كان النظام يزف لها التهاني بمناسبة عيد العمال وعندما اعتلـّـت ادارة جراد وعلى الفور طعنت الادارة القديمة في ذمتها وتحولت التهاني الى اتهامات بالجملة وكشف عن فساد بالملايين ووصل المصرح به من الاختلاسات المفترضة الى15 مليون دولار وفي لمح البصر وقعت تزكية جراد من اعلى هرم السلطة « كما اتوجه بجزيل الشكر الى الاتحاد العام التونسي للشغل والى امينه العام السيد عبد السلام جراد على اسناده الى الدرع الاول للاتحاد مقدرا ما تضمنته كلمته من معاني الوفاء لخيارات التغيير والالتزام بالمصلحة الوطنية »(2)
 
في أخر عهد حشاد كان هناك شرفاء قدامى وفي أخر عهد عاشور كان هناك شرفاء جدد ونحن بالاكيد لن ننتظر شرفاء المستقبل لكننا سنغير الطالع وننتظر النزهاء الجدد…من يدري…
 
حتى ياتي الحلم الموعود كل عام والاتحاد العام التونسي للشغل يتطلع الى (الشر…ْوفَى).
 
1- فرحات حشاد من المؤتمر الرابع لاتحاد العام التونسي للشغل مارس 1951
 
2- من خطاب الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة الذكرى السادسة عشرة للتحول !!!(قرطاج, 07 نوفمبر 2003)
 
أعدّه نصر الدين www.alhiwar.net
 
(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 4 أكتوبر 2006)


ماذا يحدث في وزارة التربية و التكوين؟

تونس في 04/10/2006
 
كنت في الآونة الأخيرة من المتابعين لملف و أخبار مجموعة من الغوغاء تسمي نفسها  » المسقطون عمدا في الكاباس » و نظرا لأني أعرف البعض منهم يهمني أن أعبر عن استغرابي ودهشتي الشديدة لما أقدمت عليه وزارة التربية و التكوين من اعتراف بنجاح هؤلاء و قبولهم للتدريس في المعاهد الثانوية.
 
إن هذه الخطوة الخطيرة تمس بصورة فاضحة مستقبل التعليم في تونس، فكيف تسمح الوزارة المذكورة لمن يهدد النظام الديمقراطي أن يدرس أجيال من أبنائنا الأعزاء. و لأني أعرف البعض منهم حينما كنت طالبا بكلية الآداب و العلوم الإنسانية أرى أن قرار الوزارة في غير محله، حيث دأبت هذه المجموعة على التصدي بشكل فج وغوغائي لكل نشاط تجمعي داخل الكلية هذا إضافة إلى أن المدعو على الجلولي خريج سجون بسبب نشاطه في حزب العمال الذي يعقد الصفقة وراء الأخرى مع جهات أجنبية. أما المدعو محمد مومني فكان خطيبا سفسطائيا متزعما للقوميين المتعصبين و الشوفينيين، حيث لم يكن يعترف بالديمقراطية أصلا و لا شغل له غير التهريج و تحريض الطلبة في المبيت والكلية حتى أن حضوره في الجامعة لا يكاد يكون الا لهذا الغرض.
 
لكل هذه الأسباب لم أجد لسلوك الوزارة من تبرير و أعتبره انحرافا خطيرا في حق المنظومة التعليمية لبلادنا ، فبالإضافة لما ذكرت أقدمت هذه المجموعة في ما تسميه نضالها على هتك أعراض الناس و المس من سمعتهم و شرفهم و أخلاقهم، إذ اتهموا في أكثر من بيان عدد من المسؤولين بالرشوة و المحسوبية دون أن تكون لهم في ادعائهم أية حجة.
 
لقد كان على الوزارة أن ترفع أمر هؤلاء إلى العدالة لا أن تجازيهم بالانتداب ليكونوا من جديد عثرة في طريق الديمقراطية و الاعتدال.
 
أدعو بهذه المناسبة وزارة التربية أن تتراجع فورا عن هذا القرار الخاطئ، وتنتدب من يستحق فعلا التدريس في معاهدنا الثانوية، وتنحية الصعاليك جانبا.
 
استاذ تعليم ثانوي تجمعي

 

اصلاحات مبارك « نص كم » على الطريقة التونسية!!.

بقلم : أسامة رشدي
 
لم يطل استبشار البعض في مصر بإعلان الرئيس مبارك المفاجئ –بعد رفض طويل- بتعديل نص المادة 76 من الدستور، ليكون انتخاب الرئيس بين أكثر من متنافس، وليس عن طريق الاستفتاء على مرشح واحد كما كان منذ ثورة يوليو 1952.
 
وسرعان ما تراجعت أجواء الأمل والتمني ليدرك الجميع أن الرئيس قد أخذ باليسرى ما أعطاه باليمنى وأن التعديلات ليست إلا إعادة إخراج لنظام الاستفتاء بنظام انتخابي عقيم متحكم فيه بالكامل.
 
وقد أدرك جميع المهتمين في مصر أن الرئيس الذي قال في السابق في حوار مع إحدى الفضائيات العربية معقبا على المعارضة المعلنة لمبدأ التجديد والتوريث في الاستحقاق الرئاسي القادم: أنه لا يريد أن يعمل »حركات نص كم » ويخرج مظاهرات تطالب ببقائه!!.
 
ولكن يبدو أنه قد عدل عن رأيه بعد تصاعد الضغوط الدولية، وبدأ معنا شوطا من هذه الحركات « النص كم » مستلهما في ذلك الطريقة التونسية في الانتخابات الرئاسية آملا في التملص وتشتيت الأصوات المطالبة بالاصلاح حتى يتم تمرير التجديد أو التوريث بغطاء ديمقراطي مفبرك.
 
ويبدو أن الرئيس يراهن على ضيق الوقت على موعد الاستحقاق الرئاسي في سبتمبر القادم وعنصر المفاجأة التي أحدثها القرار وما تبعه من حالة إرباك لم يستعد لها البعض مما يجعل الرئيس متفائلا بأن حركاته « النص كم » ستمر قبل أن ينتبه إليها أحد!!
 
فقد جاءت الفقرة الثالثة من البيان الرئاسي في 27 فبراير الماضي بـ(كفالة الوسائل اللازمة لضمان جدية الترشيح للرئاسة، ومن ذلك أن يحصل من يرغب في الترشيح علي تأييد من ممثلي الشعب المنتخبين في المؤسسات الدستورية وفي المجالس الشعبية المحلية) مطابقة تقريبا للفقرة الثالثة من المادة 40 من الدستور التونسي الذي تم تعديله بنفس الكيفية، مما أكد أن الرئيس سيأخذ بما بات يعرف « بالخيار التونسي »
 
وبالفعل بدأ ترزية القوانين صياغة التعديل الدستوري على غرار الطريقة التونسية،  واعتماد مبدأ الاستثناء المؤقت كما في الدستور التونسي وذلك لتفصيل المقاس على القوى والأحزاب التي سيجري اشراكها أو إقصاؤها طبقا لأهواء أهل السلطة والسلطان في انتخابات الرئاسة المتوقعة.
 
وللحقيقة فالإخوة في تونس لديهم خبرات دستورية غير مسبوقة يبدو أنها ستشكل مدرسة لأنصار حركات الـ « النص كم » من ترزية القوانين في العالم العربي الباحثين عن الجديد في صرعات الفبركة وتلفيق الاصلاحات.
 
والذين كتبوا للرئيس الفقرة الثالثة من المادة 40 من الدستور التونسي أخفوا عنه الفقرة الأولى من نفس المادة والتي تحدد سن الرئيس عند تقديم طلب الترشيح بحيث لا يقل عن 40 سنة ولا يزيد عن 75 سنة.
 
وطبعا  لأنهم لا يستطيعون أن يواجهوا رئيسنا العجوز ذو الـ 77 ربيعا، والذي مازال يطمح في المزيد من المدد الرئاسية ويرفض تحديد عددها أو تقليص مدتها من ستة أعوام إلى خمسة كما في الدستور التونسي نفسه. حيث أن رئيسنا فيما يتعلق بالعمر ومدد الرئاسة لا يؤمن إلا بخيار « عزرائيل »!!.
 
الدستور التونسي في الفقرة الثالثة من المادة 40 ينص على أن (يقع تقديم المترشح من قبل عدد من أعضاء مجلس النواب ورؤساء المجالس البلدية، حسب الطريقة والشروط التي يحددها القانون الانتخابي). كما ورد في خطاب مبارك الأخير تقريبا.
 
وقد تكفلت المادة 66 من القانون الانتخابي التونسي ببيان ذلك فأوجبت تزكية المرشح لمنصب الرئيس بصفة فردية أو جماعية من قبل ما لا يقلّ عن ثلاثين مواطنا من بين أعضاء مجلس النواب أو من رؤساء مجالس بلدية.
 
بينما يتداولون في مصر شرط الحصول على نسبة 20% من أعضاء مجلس الشعب والتي تقدر بـ 75 نائبا في الوقت الذي يملك فيه الحزب الوطني الحاكم 97% من المقاعد!!. وربما 99% من مقاعد المجالس المحلية.
 
وبما أنه لن يوجد لا في تونس ولا مصر أحد  يملك التزكيات التعجيزية المطلوبة في أنظمة بوليسية تسيطر على كل صغيرة وكبيرة في الدولة وبالتالي فإن الرئيس في هذه الحالة لن يجد من ينافسه ..
 
وبما أن الرئيس يريد فيلم ديمقراطي يفرقع به الموسم، ولذا فقد وجد إخواننا في تونسي الحلول –لهم وللسائرين على نهجهم في الحركات « النص كم » إلى يوم الدين- فقد بادر  الرئيس زين العابدين بن علي  بإصدار القانون الدستوري رقم 52 لسنة 1999 في 30 يونيو 1999 والمتعلق بأحكام استثنائية للفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور وذلك لتمرير الانتخابات الرئاسية لسنة 1999 ليتم إخراجها كانتخابات تعددية.
 
وقضي الاستثناء بتمكين المسؤولين الأول عن أحزاب المعارضة، سواء كان رئيسا أو أمينا عامّا لحزبه، من الترشّح لرئاسة الجمهورية في صورة عدم توفر الشروط العادية لتقديم الترشّح المذكورة بالدستور، بشرط أن يكون المترشّح مباشرا لتلك المسؤولية يوم تقديم الترشّح ومنذ ما لا يقلّ عن خمس سنوات متتالية، وأن يكون لحزبه نائب أو أكثر بمجلس النواب. وهو نفس الاستثناء المطروح اليوم في مصر.
 
وإذا طبقنا مثل هذا الكلام في مصر فإن أكثر قيادات الأحزاب في مصر لن تكون حتى مؤهلة للترشيح.
 
ففي تونس أرادو يومها تفصيل الانتخابات على مقاس شخصين طلب منهما الترشح لعمل « بروفة » ديمقراطية أحدهما صرح مدافعا عن نفسه بعد الانتخابات: بأنه قد أعطى صوته للسيد الرئيس !!. ونعم الديمقراطية..
 
وفي الاانتخابات الرئاسية التونسية العام الماضي احتاج الأمر لاعادة تفصيل الدستور مرة أخرى، فقاموا بعمل استثناء على الاستثناء الأول وذلك بتعديله باستثناء ثان في 13 مايو 2003 يتعلّق بأحكام استثنائية للفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور لإدخال مزيد من المرونة على شروط الترشّح –زعموا- وتدعيم تعدديّة الترشّح للانتخابات الرئاسية.
 
فقضى الاستثناء أنه في حالة عدم توفر شرط تزكية المترشّح من ثلاثين نائبا المنصوص عليه بالفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور يمكن بصفة استثنائية لكلّ حزب سياسي أن يقوم بترشيّح أحد أعضاء هيئته التنفيذية العليا للانتخابات الرئاسية لسنة 2004 شريطة أن يكون المعني يوم تقديم مطلب ترشّحه مباشرا لتلك المسؤولية وأن يكون للحزب بمجلس النواب نائب فأكثر ينتمون إليه. ويؤخذ في ذلك بعين الاعتبار إنتماء النائب إلى الحزب عند تقديم ترشّحه لعضوية مجلس النواب. وهي شروط ملغومة كما نرى ولو طبقناها عندنا في مصر لأمكن فرز وحرمان الكثيرين من قادة الأحزاب من الترشح ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد والمعتقل حاليا والذي أعلن عن ترشحه من السجن، وذلك لأنه انتخب عام 2000 لعضوية مجلس الشعب على أساس الانتماء لحزب الوفد قبل أن يحصل على رخصة حزب الغد عام 2004. وبالفعل ترشح ضد الرئيس التونسي ثلاثة مرشحين حصلوا جميعهم على 5% بينما حصل الرئيس على 95% (نتيحة متوقعة). وعلى هذا فإن حكومتنا السنية باختيارها للنموذج التونسي في الاصلاح الدستوري -بدون تحديد عمر المرشح- لا تلجأ فقط لحركات الـ »نص كم » بل إنها تنوي بذلك أن تلاعبنا لعبة الثلاث ورقات على طريقة جلا جلا يا هووووووووه .
وقديما قالوا : وكم ذا بمصر من المضحكات  .. ولكنه ضحك مثل البكاء
 

 

سفير السودان بتونس:

وسائل الإعلام الغربية هي التى صنعت مشكلة دارفور

محمد الحمروني
 
شدد السفير السوداني بتونس السيد عبد الوهاب صاوي في محاضرة ألقاها بمقر الخلدونية يوم الأربعاء الماضي على أن مشكلة دارفور صنعتها وسائل الإعلام الغربية وأنها تدخل في إطار محاولة تقسيم البلاد وإضعاف حكومة الإنقاذ التي يترأسها عمر البشير. واتهم السفير القوى الغربية بتعمد إغفال الأسباب الحقيقية التي خلقت المشكلة ومنها التداخل العرقي وأزمة الجفاف التي كانت السبب المباشر في تأجيج الصراع بين القبائل في دارفور على مناطق الرعي. كما اتهم السفير البلدان المجاورة بالتدخل لتأجيج الصراع مستغلة في ذلك التداخل العرقي بين قبائل المنطقة.
 
وقدم السفير بسطة تاريخية عن المنطقة فقال  » سلطنة دارفور قديمة جدا، امتزج فيها العرب بالصحراويين وشكلت مملكة متداخلة مع عدد من الكيانات القائمة من الصومال إلى جيبوتي مرورا بتشاد وليبيا والكامرون والسودان نفسه ». وأضاف  » الكثير من الصحراويين تعرّبوا بحكم اختلاطهم بالعرب ومنهم من اسلم ولم يغيّر لغته أو لهجته مما جعل المنطقة تعرف تنوعا واختلاطا كبيرين بين القبائل الإفريقية والعربية…ولما جاء الانقليز ضمّوا دارفور إلى السودان. وقبل ذلك كانت هناك العديد من الممالك في حركة موجودة في كل القارة « . وأوضح السفير أن المشكلة انفجرت بصورة واضحة بعد توقيع اتفاقية السلام في الجنوب، مما يشير إلى أن هناك أجندة غربية للسيطرة على منابع النفط والثروات الكبيرة والواعدة لتلك المنطقة.
 
بذور المشكل تقدر مساحة منطقة دارفور بحوالي 510 كلم مربع ( حوالي مساحة فرنسا ) ويقطن بها ما يقرب عن 6 ملايين، وتحدها خمس دول هي على التوالي ليبيا التشاد الصومال إثيوبيا واريتريا. وتعرف هذه المنطقة بتداخلاتها القبلية، حيث تنتشر فيها عشرات القبائل العربية والإفريقية التي تستوطن طرفي الحدود. وساعدت عوامل مثل انتشار السلاح بسبب الحروب في البلدان المجاورة وسوء الأوضاع المناخية على انتشار ظاهرة العنف. وأوضح السفير أن المشاكل كانت في الماضي تحل بين أهل الحل والعقد، لكن الجفاف وهجرة القبائل الإفريقية وأهمها قبائل النوبة والصراع على مناطق الرعي والري سبب احتكاكات بين القبائل. ثم تطورت هذه الاحتكاكات لتصبح صراعات مسلحة خاصة بعد الحرب الاهلية في تشاد و الحرب التشادية الليبية وهو ما سهّل انتشار السلاح . واعترف السفير بأن الحكومة السودانية لا تستطيع أن تسيطر على حدودها بنسبة مائة في المائة بسبب طول الحدود والتداخل بين القبائل التي يعيش اغلبها في حل وترحال ولا تعرف الاستقرار. واستدرك قائلا  » غير أن حكومة الإنقاذ التي جاءت سنة 1989 تمكنت من الحد بصفة كبيرة من ظواهر العنف والسرقة والنهب التي أصبحت تمارس بشكل منظم في الإقليم ». إلى جانب هذه العوامل التي ساعدت على خلق المشكل بدارفور ساهمت الجبهة الشعبية التي كانت تخوض حربا ضد الحكومة المركزية في خلق بؤر للتّوتر في أماكن أخرى من السودان وقدم السفير شواهد على قيام عناصر من الحركة بتدريب المتمردين في دارفور وبعض المناطق الأخرى في السودان
 
الحكومة لا ترفض التفاوض وفي هذا الصدد شدد السفير على أن حكومة الإنقاذ برئاسة البشير لم ترفض يوما مبدأ الحوار لأنها تعلمت، كما قال، من تجربتها في جنوب السودان أن أي صراع مهما طال فلا بد من مفاوضات لتنهيه. وأضاف أن وسائل الإعلام الغربية تعمل على تهويل الأحداث في دارفور وتضخم ما يجري هناك نافيا ما تتناقله وسائل الإعلام الغربية من حدوث عمليات اغتصاب وتقتيل ضد المدنيين. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الغرب عن المجازر يتعمد تجاهل خروقات المتمردين للاتفاقيات وعدم تطبيقهم لاتفاقيات السلام، و الغاية هي تبرير التدخل في الشؤون الداخلية للسودان بقصد تفتيته إلى مجموعة من الكيانات و السيطرة على مقدراته. وأشار إلى أن القوات الدولية بحاجة إلى 1700 مليون دولار لكي تقوم بمهامها بينما تقول تقديرات الأمم المتحدة أن القوات الإفريقية تحتاج إلى 450 مليون دولار فقط لإكمال مهمّتها وتساءل السفير لماذا إذا هذا الإصرار والعناد من اجل إرسال قوات دولية. وردا على سؤال ل »لموقف » حول مساهمة غياب الديمقراطية في فتح الباب للتدخلات الأجنبية قال السفير إن الحكومة التي يترأسها البشير هي حكومة ائتلاف وطني تضم عددا من التيارات والأحزاب من مختلف التوجهات، ففيها ممثل عن الجبهة الشعبية التي كان يترأسها قارنق و ممثل عن الأطراف الموقعة على اتفاقية السلام بدارفور. وعن حرية الصحافة والإعلام ذكر ان من يقرا الصحف السودانية ويرى ما يكتب عن الحكومة يوميا في بلادنا أكيد انه سيعجب من مساحة الحرية التي المتاحة للأقلام الصحفية في ظل حكومة البشير.
 
(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 375 بتاريخ 29 سبتمبر 2006)


 

مسلسل «أبناء الرشيد» للمبدع التونسي شوقي الماجـــــــــــري:

الصراع التاريخي على هوية الدولة الإسلامية يعيد نفسه بلكنة طائفية لاعرقية

تونس – الصباح:
 
رغم ضعف نصيب الدراما التاريخية من الانتاج الدرامي العام فإن الاجماع ينصب على التطور النوعي والحرفي لتلك الأعمال التاريخية القليلة في عددها. ففي رمضان المنصرم تابع الجمهور العربي مسلسلي «الظاهر بيبرس» و«ملوك الطوائف» وقد حققا نسبة مشاهدة عالية جدا وفي هذا العام تواصلت الرحلة مع الدراما التاريخية ولكن برفع شعار النوعية أهم من الكم، ونقصد بذلك مسلسلي «خالد ابن وليد» و«أبناء الرشيد»، ومن خلال الأيام الأولى لعرضهما تلحظ لهفة جماهيرية وحرصا على متابعتهما وتعقب أثرهما في القنوات.
 
وليس صعبا فهم هذا الانجذاب نحو الدراما التاريخية الجديدة التي
 
تحمل في أغلب عناصرها امضاءات سورية.
 
فالأعمال التي وقع ذكرها تمتاز بمجموعة خصائص قادرة على الشد والامتاع والتثقيف في الآن نفسه، وهي:
 
– تصور هذه المسلسلات بطريقة تجعل الصورة التلفزيونية أقرب ما يكون الى اللقطة السينمائية من فرط جمالها.
 
– اتقان المشاهد الحربية بشكل يجعلك تشعر أنه عمل أجنبي ضخم وحرفي.
 
– السيناريو والحوار من الدقة وسلامة اللغة العربية وجمالها ما يمنح المسلسل وهجا خاصيا.
 
– اعتماد طريقة معالجة جديدة تقطع مع السرد المدرسي  للاحداث وصياغتها بشكل يظهر جدوى المعالجة وجانب المعاصرة فيها وأهمية الرسالة التي يوجهها للحاضر.
 
فمسلسل «أبناء الرشيد» الذي قام باخراجه التونسي شوقي الماجري ولعب فيه ادوار البطولة كل من رشيد عساف ونورمان أسعد وغسان مسعود ومنى واصف وغيرهم، والذي يعرض حاليا على قناة «آم.بي.سي» في انسجام تام مع الاحداث والتحولات والمخاوف التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط اليوم، بمعنى أن المسلسل يقوم بعملية تأصيل وتأريخ للصراع القائم بين أعراق مختلفة حول هوية الدولة الاسلامية الذي أصبح اليوم يتخذ ثوبا طائفيا دينيا، يعبر عنه بالصراع السني الشيعي الذي كان يوصف ويقارب من منظور أنه صراع عربي فارسي.
 
ويتناول المسلسل حسب جذاذته التعريفية تفاصيل واحدة من أدق مراحل التاريخ العربي الاسلامي، التي تبدأ  بخلافة الرشيد وما سمي بـ«واقعة البرامكة» لتنتقل  الى ولادة عهد الرشيد «الأمين والمأمون» وصراعهما على الخلافة العباسية.
 
وينطلق المسلسل من حيرة الرشيد في أمر ولاية عهده لأي من ابنيه يعهد بها الى «الأمين» العربي الصافي النسب أم «المأمون» الذي جرت في عروقه الدماء الفارسية الى جانب العربية.
 
وتنتهي الامور كما سرد  علينا التاريخ الى الصراع والحرب بين الاخوين وهو أشبه بحرب بين العرب والفرس على الهوية العربية للدولة الاسلامية.
 
لذلك فان المسلسل الذي يتضمن جمالية خاصة على كافة الاصعدة، يضعنا امام ما يجري في منطقة الخليج اليوم من  تجاذب ومخاوف حول هوية المنطقة خصوصا بعد تنامي الموقع الايراني ودخول ايران الى النادي النووي، وما يخلفه ذلك من اعادة لرسم الخريطة الجغراسياسية وعرقية ودينية.
 
وبصورة اكثر دقة، ينسحب الصراع التاريخي بين الامين العربي النسب والمأمون الفارسي النسب على ما يحدث اليوم  في العراق من فتنة  طائفية وصراع على هوية الدولة العراقية وكيف ان الشيعة يسعون الى الانتقام لحضورهم الهامشي في عهد صدام حسين بالاضافة الى  تهديد الاكراد لهوية الدولة العربية للعراق خصوصا على اثر محاولات انفصالية آخرها التفكير في علم كردي خاص.
 
من هذا المنطلق وبالنظر الى مفهوم التجاذب حول هوية الدولة العربية الاسلامية وما يتبع ذلك من صراع ومخاوف وتكتلات، فان مسلسل «أبناء الرشيد» يقص علينا حاضرنا المفتوح على واجهات قديمة جديدة.
 
آمال موسى
 
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 4 أكتوبر 2006)

في دورة رمضان:

قناة تونس7 تفشل في كسب الرهان

 

تونس – الراية – إشراف بن مراد
 
من رمضان إلى رمضان يشاهد الجمهور التونسي أعمالا درامية تونسية…ينتظرها بصفة سنوية وبفارغ الصبر  ممنيا النفس بأعمال تتحدث عنه وعن واقعه ومشاغله ..أعمال تتكلم بلسانه وتضحك ضحكته وتحتار لحيرته.. .فهل المشاهد التونسي طماع أم أنه يطلب شيئا صعب التحقيق أو مستحيلا؟ كم هائل من الدعاية و الومضات الإشهارية المبشّرة ببرمجة مميزة  وبأعمال ثرية  سبقت حلول شهر رمضان الكريم …مما زاد من شوقنا إلى أعمال خلنا أنها ستكون هي الضالة بعد طول انتظار…ولكن …الظاهر أن برمجة رمضان لهذه السنة لم تحد عن سابقاتها شعارها في ذلك إهمال  الجمهور وتطلعاته  لأعمال أكثر حرفية.
 
ويذكر أنّ السيد مصطفى الخمّاري  مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية قد عقد ندوة صحفية  قبل حلول شهر رمضان الكريم ببضعة أيام ، أكد خلالها أن المؤسسة قد صرفت 5 مليارات على الأعمال الدرامية الرمضانية.المبلغ قد يبدو بسيطا إذا أخذنا بعين الاعتبار ما تتطلبه بعض الأعمال العربية الكبرى من أموال ضخمة.لكنه مبلغ على غاية من الأهمية  على مستوى مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية وهو ما جعلنا نعتقد أننا سنشاهد في هذه السنة أعمالا تعوضنا عما سبق…مرددين المثل القائل: « من صبر نال … ».مع العلم أنه واستنادا إلى بعض المصادر فان ديون مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية قد بلغت 12 ملياراً.
 
لكن …نقولها مرة أخرى وبكل خجل…صدمنا لأننا وجدنا أعمالا على غاية من السذاجة التي لا تمت للمواطن التونسي بصلة .فبإلقاء نظرة شاملة على شتى الأعمال نلحظ تشابها كبيرا واستنساخا غريبا. فهل نسي المسؤولون عن الإنتاج أن هناك هوائيا رقميا يسمح  في أي وقت بتحويل الوجهة مباشرة إلى قناة أخرى خاصة مع احتداد المنافسة وأمام ما تعرضه القنوات العربية من أعمال على غاية من الحرفية .فهل تبقى برمجة رمضان رهانا عصيا على مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية ؟.
 
وتجدر الإشارة إلى أن بروز الومضات الاشهارية لتتخلل الأعمال الدرامية المحلية كان أمرا مفاجئا بالنسبة للتونسيين لأنهم لم يتعودّوا أن يشاهدوا  على قناتهم مثل هذه المساحات الاشهارية وخصوصا في المسلسلات التونسية على الرغم من أن مثل هذا الشكل من الإشهار معمول به في القنوات الخاصة وليس العمومية التي تحرص في العادة على احترام المشاهد . وقد أثار ذلك امتعاض المواطنين  والصحافة وهو ما جعل إدارة المؤسسة  تتراجع عن بث المساحات الاشهارية وسط الأعمال الدرامية.
 
ويذكر أنّه على الصعيد القانوني و إذا انطلقنا من قانون الملكية الأدبية والفنية فان حشر الإشهار أو الفواصل الاشهارية في العمل الفني وخصوصا دون استعمال إشارات دالة  على ذلك  يعتبر خرقا لان في ذلك تشويها  للأثر وهذا منصوص  عليه في الفصل التاسع من حقوق المؤلف. وتفيد الأرقام أنّ عائدات  قناة تونس 7  من الإشهار خلال اليوم الأول من رمضان  بلغت حوالي 360 ألف دينار .وحسب استطلاع للرأي قامت به وكالة « سيغما كونساي » التي قدرت هذه العائدات فان نسبة مشاهدة قناة تونس7  في أول يوم من رمضان فاقت الـ80%.
 
كما أكد هذا الاستطلاع أن نسبة مشاهدة قناة  تونس7 بلغت 81% مقابل 26% لقناة « حنبعل تي في  » وكان لبرنامج « دليلك ملك » في قناة تونس7 الحظ الأوفر من المشاهدة بنسبة 52% تليه السلسلة  الكوميدية « شوفلي حل » بنسبة 51% أما مسلسل نواصي وعتب فلم يسجل أكثر من 15% في حين بلغت نسبة مشاهدة الأخبار الرئيسية  ولأول مرة تقريبا 46/  ويعود ذلك لان موعد الأخبار  جاء على الساعة الثامنة مساء ليتوسط  برنامج « دليلك ملك  » ومسلسل « شوفلي حل ».
 
ومن بين الأعمال الدرامية التي كثر الحديث عنها مسلسل « عزيزة ويونس في تونس » على اعتبار أنه يمثل أول تجربة في إخراج  الدراما للطفي البحري المعروف ببرامجه الوثائقية  وحواراته مع أبرز نجوم الفن والطرب في تونس والوطن العربي.وهذا المسلسل هو عبارة عن  قراءة في السيرة الهلالية.إذ تنطلق  قصة الجازية الهلالية من نجد في الجزيرة العربية لتحط رحالها في تونس وذلك بقدوم الفارس « أبو زيد » وأولاد أخته الثلاثة.وعلى الرغم مما رصد لهذه السلسلة من أموال(أكثر من مليار) فقد جاءت باهتة ولا ترقى إلى مستوى السيرة الهلالية ما بدت خالية  من كل حبكة درامية. أما سلسلة « شوفلي حل « (وهي عبارة عن سيتكوم )  فلم نشهد فيها تطورا لا على مستوى المواقف المعروضة أو على مستوى أداء  الممثلين .هذا علاوة على  التهريج  الذي سيطر عليها .إذ يبدو أن السلسة قد حملت بعض الشخصيات أكثر من قدراتها  فأصبحت نمطية يغلب عليها التكرار لما تم عرضه في الجزء الأول من السلسلة في السنة الفارطة.
 
ونصاب  بالحيرة والذهول أيضا عندما نتابع مسلسل « نواصي وعتب » الذي فشل منذ الحلقة الأولى في شدّ الجمهور وبدت قصته ضعيفة وموضوعه متآكل وكأن همومنا تقف عند رغبة رجل في الزواج  وتسابق نساء الحي على الظفر بهذه الفرصة. وفي هذا الإطار تقول صحيفة الوحدة   » ….المتابع لهذه السلسلة التي لم أتبين إلى حدّ بث بعض الحلقات منها نوعها  أو جنسها يصاب بالأسى والحيرة عن حال الدراما في قناة  تونس7 .فهل يعقل أن يجمع ذاك الكم الهائل من الممثلين والممثلات في عمل باهت مثل هذا؟ وهل أن من أقر بقبول هذا العمل الذي بدا  سخيفا  خاليا من كل  المعاني وهزيلا عوض أن يكون هزليا .هذا إلى جانب البدائية في الأداء  للكثير من الممثلين الذين يعتبر بعضهم أسماء لامعة مع الضعف الفادح في نص  العمل الذي كتبه علالة نوايرية الذي لا ندري ما علاقته بكتابة النصوص التلفزية لتأتي  هذه السلسلة تقتل كمدا عوض أن تكون كوميدية… ».
 
(المصدر: صحيفة الراية القطرية الصادرة يوم 2 أكتوبر 2006)


غسان بن جدو تونسي لا يشعر بالغربة في لبنان

 

استضاف البرنامج الرمضاني “أكيد أكيد مايسترو” الذي يعرض على شاشة ال “نيو تي في”، الفضائية الاعلامي التونسي غسان بن جدو مقدم برنامج “حوار مفتوح” على قناة الجزيرة، ومدير مكتب القناة في بيروت وخلال الحلقة عبَّر غسان عن شوقه وحنينه إلى وطنه الأم تونس، وأكد أنه لا يشعر بالغربة في لبنان الذي قال عنه: “هو العالم كله”!.. وعن عمله الدؤوب في تغطية أحداث الحرب الأخيرة في لبنان، رفض غسان اعتبار نفسه “مقاوماً تاركاً المقاومة لأهلها الشرفاء والزملاء في تلفزيون المنار”..وتحدث غسان عن أمه وأبيه وشقيقتيه “هيفا” و”غادة” اللتين تتحليان بالصبر وقوة الشخصية.. وقال : “شقيقتاي تعبتا في حياتهما، لكنهما مقاومتان.. صبرتا واجتهدتا وحققتا الأشياء التي رغبتا فيها”.. وأشار إلى أنه كان يرغب في أن يصبح مطرباً في مرحلة الطفولة، وذكر أنه كان يغني في أعراس الأقارب.
 
وغنى غسان خلال الحلقة أغنية “بحبك يا لبنان” للمطربة فيروز، وكانت المرة الأولى التي يغني فيها على شاشات التلفزيون.. وعن أمه قال: “والدتي تبكي دائماً عندما تشاهدني على التلفزيون أحقق نجاحاً ما، وتقول لي .. الله يوفقك يا ابني وليت والدك كان حيًّا ليشاهدك ويفرح بنجاحاتك”!..وفي فقرة “القلب والعقل”، تحدث عن أولاده “مهاب”، “نور الهدى” و”باهر” الذين علمهم “الصبر والمطالعة”.. أما عن زوجته “ندى الحسيني” فاعترف بأنها المرأة الأولى التي عرفها في حياته، وتطرق إلى النجاحات التي حققها في مشواره الاعلامي، وأبرزها “إعلان وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد”، “شريط أحمد أبو عدس” و”المقابلة مع حسن نصر الله” خلال العدوان على لبنان.
 
البرنامج يذاع يوميا في التاسعة و30 دقيقة مساء بتوقيت بيروت طيلة شهر رمضان المبارك على newtv  الأرضية والفضائية
 
(المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 4 أكتوبر 2006)

 

 

الخيار الصعب للحكومة السودانية

توفيق المديني
أقر مجلس الأمن الدولي بغالبية كبيرة نشر قوات حفظ سلام دولية في إقليم دارفور لتحل محل قوة الاتحاد الافريقي، رغم معارضة حكومة الخرطوم الشديدة والتي اعتبرت إجازة قرار المجلس بمنزلة عمل عدائي غير مبرر، وأن فرض إرسال قوات أممية ربما يصبح إعلان حرب من الطرف الآخر.
 وينص القرار 1706 على نشر قوة تابعة للأمم المتحدة قوامها 17300 جنديا، على أساس موافقة الحكومة السودانية، لتحل محل قوة الاتحاد الافريقي التي تعاني من نقص في التمويل والمعدات. و يعتبر الاتحاد الأفريقي قوة حفظ السلام الوحيدة في دارفور،التي قدمت  لها مجموعة الثماني بالفعل حتى الآن 460 مليون دولار.  و رغم أنها ليست نموذجية، فقد أدت دوراً حيوياً في تعزيز الأمن على أرض الواقع وحماية المدنيين وتهيئة المجال لتفعيل ردود الفعل الإنسانية وإتاحة الفرصة لنجاح المحادثات السياسية. وببساطة فإن رحيل هذه القوات الآن من دون أن تحل محلها قوات أخرى مقبولة من جميع الأطراف هو بمنزلة كتابة شهادة وفاة لآلاف المدنيين في دارفور.
ومدد الاتحاد الافريقي الاربعاء 20-9-2006 فترة عمل قواته في منطقة دارفور المضطربة حتى 31 ديسمبر/كانون الاول المقبل ، حسبما أعلن رئيس بوركينا فاسو بليز كامباوري بعد قمة لزعماء دول الاتحاد في نيويورك.وقال كامباوري للصحافيين إن مجلس السلام والأمن في الاتحاد الإفريقي المجتمع على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قرر أيضا تعزيز مهمة الاتحاد الإفريقي في دارفور (7200 رجل) بالاعتماد على مساهمات الدول الإفريقية ودعم لوجستي ومادي من الأمم المتحدة وتمويل من الجامعة العربية. وأطلق مجلس السلام والأمن في الاتحاد الإفريقي نداء لكافة الأطراف بضرورة احترام اتفاق أبوجا للسلام ، الذي وقع تحت ضغط أمريكي ، ولم يقد إلى حل الأزمة بل إلى تعقيدالنزاع  ، لأنه لم يوقع إلا من قبل قسم من المتمردين. ودعا إلى تفعيل المباحثات بين الأمم المتحدة والسودان لتسهيل عملية نقل المهام من قوة الاتحاد الإفريقي إلى قوات الأمم المتحدة التي ترفض الخرطوم بشدة نشرها،بحسب المصدر ذاته.
وجدد الرئيس السوداني المشير عمر البشير رفض الحكومة القاطع لإرسال قوات دولية إلى دارفور ، إذأكدت  استعدادها  لمواجهة « التدخل الأجنبي » في دارفور مستلهمة تجربة حزب الله اللبناني.وقال البشير في لقائه مع الأئمة والدعاة الأسبوع الماضي : » إن قرارنا الرافض للقوات الدولية قاطع ونحن على استعداد للمواجهة »، وشدد على أن موقف الرفض لم يأت مرتجلاً أو منفعلاً بل بعد دراسة وتمحيص وشورى واسعة مع مؤسسات الدولة والأحزاب ذات المواقف الوطنية المشرفة. ورأى البشير أن الدعوة لتدخل قوات دولية في دارفور جزء من مخطط شامل لاستلاب السيادة والوصاية على الشعب السوداني. وقال « هي استعمار قديم في ثوب جديد ».  و يرى المحللون المتابعون للشؤون السودانية  أن هذا البلد العربي يواجه خيارين عقب صدور القرار رقم 1706 الخاص بنشر قوات دولية في دارفور:الأول ، عودة حكومة البشير إلى مربعها الأول « الانقلابي الثوري » واعتماد لغة الزناد في مواجهة المجتمع الدولي ومعارضيها في الداخل، والثاني انحناؤها للعاصفة واللجوء إلى وسائل ضغط دبلوماسية تحفظ بها ماء وجهها.
ويواجه الخيار الأول بفقرة في القرار تتيح للقوات الأممية استخدام كل السبل اللازمة في حدود قدرتها لحماية أفراد ومنشآت الأمم المتحدة ومنع الهجمات والتهديدات للمدنيين، ما يعني مواجهة صريحة للحكومة السودانية في خيارها الأول، والخيار الثاني يتناغم مع فقرة أخرى تربط تنفيذ القرار بموافقة الحكومة، ما يعني اعتماد الحوار والدبلوماسية سبيلا لتفريغ القرار من ضوابط الفصل السابع. وتقف الحكومة الآن وحيدة بعدما سقطت كل التكهنات بإحرازها موقفاً صلباً مستمداً من وقوف أصدقائها الذين سارعوا إلى تبرير مواقفهم من القرار، وترى المصادر أن كل ما تستند عليه الحكومة الآن هو رؤيتها للأوضاع في دارفور بمنظار اتفاق أبوجا.
لقد بدأ  مستقبل السودان السياسي يأخذ منحى التقسيم أكثر من أي وقت مضى،  لاسيما بعد التوقيع على اتفاقية  السلام بين الحكومة السودانية و الحركة الشعبية لتحرير السودان .فالفريقان الموقعان على الاتفاقية يدافعان عنها بقوة بوصفها الانجاز الذي كان صعبا على كل سياسيي السودان منذ الاستقلال قبل قرابة الخمسين عاما، ويعتبرانها الانجاز الذي وضع حدا لإراقة الدماء والاقتتال من أجل سودان ديمقراطي يتسع للجميع وتحترم فيه خصوصيات تنوعه الإثني والثقافي . بينما يرى « المعارضون » أن الاتفاقية جاءت استجابة لضغوط دولية قد تفتح الباب لإثارة مشكلات جغرافية وعرقية بدلا من وضع حد لحرب شمالية جنوبية رغم إصرارهم على الترحيب بالاتفاق. من الناحية العملية ،السودان ومنذ التوقيع على اتفاقية السلام  قسم جغرافيا على أساس ديني، شريعة إسلامية في الشمال وديانات إفريقية في الجنوب .وهذا وضع أساسا قويا لكي يصوت الجنوب في نهاية الفترة الانتقالية لصالح الانفصال.
ويخشى الآن بعد صدور القرار الدولي 1706 ، أن يطالب سكان إقليم دارفور بالانفصال عن السودان ، مستلهمين بذلك من تجربة الحركة الشعبية، لكي  يشهد السودان حالة تفتيتية في وحدته الجغرافية -التاريخية ، ضمن سياق ما بات يعرف بمخطط الشرق الأوسط الكبير، الذي يستهدف تفتيت الأمة العربية و الإسلامية.
 
المستقبل – الثلاثاء3 تشرين أول/أكتوبر   2006 – العدد 2405 – رأي و فكر – صفحة 19
 

الخوف من المنزلق في لبنان
محمد كريشان
 
في لبنان هذه الأيام ظاهرة ليست جديدة بالتأكيد لكنها تزداد اتساعا يوميا بشكل يبعث علي القلق: خطب في كل الاتجاهات ومؤتمرات صحافية وجماهير واسعة تتابع بإعجاب هؤلاء أو اولئك. المسألة لا يبدو فيها للوهلة الأولي ما يزعج بل إنها سمة حياة تعددية حية. وهذا صحيح لولا بعض الملاحظات المكدرة لما يفترض انه كذلك. كل واحد الآن من الفرقاء السياسيين حاليا يذهب بعيدا في تقريع خصومه والتشهير بهم أو حتي الاستهزاء بهم ثم تراه في نفس الوقت يؤكد علي ضرورة العيش المشترك معه والتوافق علي أساس أن البلد لا يمكن أن يحكم من طرف واحد. هذا الفريق وذاك وفي طرحه السياسي الذي لا يري فيه من هو في لبنان علي حق سواه يجعلك تسأل، رغما عنك، مع من سينسق صاحبنا إذن أو يتعاون ولا نقل يحكم. فاللهجة الإقصائية مع الدعوة إلي التوافق والتآزر والحفاظ علي الوطن لا تبدو بهذا الشكل علي الأقل متماسكة حتي لا نتحدث عن صدقها من عدمه. وعندما تتابع خطاب هذا الفريق أو ذاك تجد فيه عموما منطقا داخليا مترابطا في تقديره لوضع البلاد والتحديات التي تحيق بها، مع لازمة التهديد بكشف المزيد، ولا ندري ما الذي لم يكشف بعد في لبنان. وحيث ان الحقيقة لا يمكن أن تكن عند الجميع مرة واحدة، وبهذا التناقض الصارخ أحيانا، فهي بالتأكيد موزعة بينهم بقدر أو بآخر مع أن كل حزب بما لديهم فرحون.
في الهبة الشبابية الجماهيرية الواسعة التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، خرج الجيل الجديد في لبنان الذي عايش بعضه نهايات الحرب الأهلية المدمرة وبدايات الاستقرار وعودة الإعمار ناقما علي أمرين أساسيين: أولا الوصاية السورية علي بلاده ولو باسم الأخوة والمصير المشترك وثانيا هذه الطبقة السياسية في البلاد التي ما زالت تفرخ نفس السلالات ونفس الأمراض. ما الذي حصل الآن بعد زهاء السنتين من صرخة الغضب الشبابية الكبري؟ الذي حصل أن الوصاية علي البلاد ما زالت قائمة فقد عوضت الوصاية القديمة التي لم تختف بالكامل بوصاية جديدة دولية هذه المرة أطلت خجولة في البداية ثم اتسعت تدريجيا إلي أن استقرت سافرة بعد نهاية الحرب الإسرائيلية الأخيرة علي لبنان فيما بقيت ذات الطبقة السياسية جاثمة علي مفاصل الحياة تعيد إنتاج نفس الأخطاء بنفس الأساليب القديمة.
إذا ما تركنا شق الوصاية وتشعباته وتحدثنا فقط عن هذه الطبقة السياسية فلا بد من القول إن هذه الطبقة لا يمكن أن تختفي. فجذورها ضاربة في تاريخ البلد وتقاليده في السياسة والحكم. ولكن اللافت أن لا زعامات حقيقية جديدة طفت علي السطح فلم يكن مطلوبا أن يستمر إلي الأبد توارث قيادة التيارات حتي صرنا نري أغرارا من كل الاتجاهات لا يكاد يفقهون شيئا ومع ذلك يلقون تلك الخطب العصماء المكتوبة بحمية واضحة في الجماهير الحاشدة.
الشاهد في الموضوع اللبناني كله الآن أنه قد يصبح مكلفا للغاية للبلاد واستقرارها أن يستمر كل طرف في حشد الشارع وتجييشه بالخطب الحماسية والتحريضية في حدود متفاوتة ثم الزعم المشترك بالرغبة في وحدة البلد وتماسكها وحكمها التوافقي التعددي بالمعني السياسي والطائفي. فإما أن يتنازل كل فريق عما يراه هو الحقيقة الكاملة للوضع في البلاد ويتواضع قليلا في احترام غيره وضرورة التفاهم معه علي الحد الأدني وإلا فإن الأمور قد تسير، بغض النظر عن الإرادات أو التخطيط المسبق، إلي مواجهات مفتوحة قد تطول، ليست بالضرورة عسكرية، ولكنها مواجهات ديدنها المناكفة والغمز واللمز الذي ما ان يلقي في أوساط مشحونة ومحتقنة أصلا فلا أحد يمكن أن يتحكم عندها في تداعياته بين أوسع الفئات الشعبية. ساعتها قد يتدحرج الوطن، لا سمح الله، بين أرجل الصارخين باستمرار أنهم الأحرص في الدفاع عنه وفي صيانة العيش المشترك بين أبنائه.
 
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 4 أكتوبر 2006)
 

 

انضمام أميركا رسميا إلى نادي جمهوريات التعذيب

فهمي هويدي (*)
 
أخيرا تم تقنين التعذيب فى الولايات المتحدة، شريطة ألا يطال المواطنين الأمريكيين، حتى الآن على الأقل. فقد أقر مجلس النواب هذا الأسبوع قانونا جديدا ـ سبق أن مرره مجلس الشيوخ ـ بخصوص محاكمة واستجواب «الارهابيين»، وهذه هي المرة الأولى التي يصبح فيها تعذيب المتهمين «قانونيا» في النظام الامريكي، كما أن هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها دولة على الالتفاف على معاهدة جنيف بشأن الأسرى، التي تحظر مادتها الثالثة «المعاملة المهينة والمساس بالكرامة الشخصية للمعتقلين»، الأمر الذي يعد انتكاسة خطيرة سياسية وأخلاقية تفتح الباب واسعا لتقنين التعذيب، اقتداء بممارسات الدولة العظمى، على نحو يدخل العالم الى عصر جديد، تضفى فيه الشرعية على انتهاكات حقوق الانسان.
 
مناسبة اصدار القانون الجديد، هي تعدد أحكام المحاكم الأمريكية بشأن مصير مئات الأسرى، الذين أودعتهم الولايات المتحدة سجن جوانتانامو منذ عدة سنوات، وتعرضوا للتعذيب أثناء استجوابهم. ومن ثم كتب عليهم ان يظلوا محتجزين لآجال غير معلومة، على ذمة تهم غامضة غير معروفة، وهو وضع لم تقبل به المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة، التي قضت في عام 2004 بأن المعتقلين يجب أن يتمتعوا بحق الاحتجاج على اعتقالهم امام المحاكم الفيدرالية، الأمر الذي شجع المحامين على رفع حوالي 400 قضية امام المحاكم تتعلق بحقوق المعتقلين ومصيرهم، مما سبب إحراجا كبيرا للإدارة الأمريكية المقبلة على انتخابات تشريعية فى الشهر القادم. ذلك أن من شأن تلك القضايا أن تفضح ممارساتها في جوانتانامو، التي جرى التعتيم عليها طول الوقت، ولم يدرك الرأي العام بعد وجهها القبيح، على النحو الذي حدث مع انفضاح أمر سجن ابو غريب والممارسات البشعة التي وقعت فيه.
 
الاجراء الذي لجأت اليه الادارة الامريكية لم يتمثل فى حل الاشكال عبر توفير محاكمة عادلة للمحتجزين، تعاقب «المذنبين» وتطلق سراح الأبرياء، تمهيدا لاغلاق الملف المشين، خصوصا أن ثمة تقارير ترجح أن 70% من سجناء سجن جوانتانامو أبرياء. ولم تصح الوقائع التي نسبت إليهم وكانت الدافع الى اعتقالهم وترحيلهم الى «الباستيل» الجديد.
 
لم تسلك الادارة الامريكية السلوك المفترض في اية دولة متحضرة ديمقراطية، ولكنها لجأت إلى تقنين المعاملة المهينة والوضع الشاذ، الذي فرضته على أولئك المعتقلين، مستخدمة في ذلك لافتة الحرب على الارهاب. ومستفيدة من اغلبية الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب لتمرير المشروع الجديد، بما يسمح بالتستر على ما كان، وإضفاء الشرعية على مختلف الممارسات التي تقدم عليها ضد المحتجزين، سواء في استنطاقهم أو احتجازهم، أو إخضاعهم للمحاكمة العسكرية والاستثنائية، وفي الوقت ذاته اسقاط جميع القضايا المرفوعة لصالح المحتجزين امام المحاكم الفيدرالية. ناهيك من إبطال مفعول قرار المحكمة العليا بعدم قانونية المحاكم واللجان العسكرية، وعدم شرعية نظرها لقضايا المعتقلين.
 
لقد أبقى القانون الجديد على السجون السرية، التي كان انكشاف أمرها أخيرا فضيحة جديدة للادارة الأمريكية، كما أتاح للمحققين الأمريكيين استعمال «أساليب شديدة» في استنطاق واستجواب المتهمين ـ غير الامريكيين بطبيعة الحال ـ والاصرار على منع التعذيب الجسدي بالجرح او البتر أو الاغتصاب، في حين أجاز استعمال «وسائل تقنية» اخرى قاسية وغير مألوفة للحصول على المعلومات. وترك القانون للرئيس الامريكي حق تحديد ما هي الأساليب المتبعة في هذا الصدد. وقد أوضح البيت الأبيض أن جزءا من التقنيات المسموح بها، أن القانون يسمح بمحاكمة المحتجزين أمام محاكم عسكرية خاصة، وأضيف انه لا يسمح للمتهمين باستئناف الاحكام امام المحاكم الفيدرالية، بل إن القانون يذهب الى أبعد من حيث انه يسمح باعتماد «الوشاية او الاشاعة او الافادة من شخص آخر»، إذا رأى رئيس المحكمة العسكرية ان لها مصداقيتها (وهو الامر الذي ترفضه بشدة المحاكم الامريكية العادية) ـ وفي ظل تلك الرخصة بات متاحا للأجهزة الأمنية الرسمية إفادتها الخاصة امام المحاكم العسكرية، وألا يكون هناك مجال للطعن في سلامة ذلك الاجراء، بحيث تعتمد تلك الافادات في الإدانة، التي لا مجال للطعن فيها بأي حال.
 
الخلاصة ان مضمون القانون، وهو يطلق يد السلطات الامريكية في محاكمة المشتبهين والمحتجزين، فانه يهدر على نحو مدهش كافة الضمانات التي كفلتها القوانين لحمايتهم اثناء التحقيق، أو توفير محاكمة عادلة لهم.
 
(لم يكن الامر سهلا، ولكن الإدارة الأمريكية خاضت لأجل تمرير القانون معركة شرسة استمرت طيلة الأسابيع الماضية، قادتها منظمات الحقوق المدنية، وشارك فيها عدد غير قليل من السياسيين والعسكريين البارزين، الذين حذروا من خطورة مضمون المشروع، ليس فقط على منظومة الحقوق المدنية، ولكن أيضا على السمعة الاخلاقية للولايات المتحدة ـ اذ هي بهذه الخطوة لا تشوه صورتها وسمعتها في العالم فحسب، وإنما أيضا تحدث ثغرة خطيرة في القوانين والمعاهدات الدولية، وبمقتضاها يرخص للدول الكبرى أن تهدر مضمون تلك القوانين والمعاهدات، وتفتح الباب للعبث بالتزاماتها بحجة «توضيحها».
 
تورط الادارة الامريكية في هذه الفضيحة الجديدة دفع وزير الخارجية السابق كولن باول الى الخروج عن صمته، والجهر بانتقادها، وهو الذي كان عضوا في الحكومة الى ما قبل 20 شهرا خلت. فقال في مقابلة تمت معه قبل عشرة ايام، «ان العالم بدأ الارتياب في الاساس الاخلاقي لكفاحنا ضد الارهاب»، وسجل اعتراضه على إعلان الرئيس بوش عن ان الولايات المتحدة ليست مرغمة على الالتزام بقواعد معاهدات جنيف في تعاملها مع المشتبهين في الضلوع في الإرهاب، مضيفا أن ذلك الموقف من شأنه أن يرسي سابقة بالنسبة للدول الأخرى، قد تعرض القوات الامريكية ذاتها للخطر (في حالة وقوع بعض أفرادها في الأسر وتعرضهم لمثل ما يتعرض له المحتجزون في الولايات المتحدة من تعذيب وإذلال. وتساءل باول أيضا: ماذا يكون موقف الادارة الامريكية لو ان بلدا مثل كوريا الشمالية او اية دولة أخرى سارت على نهجنا في «توضيح» واعادة تعريف بنود معاهدة جنيف، التي تمنع انتهاك الكرامة الشخصية والمعاملة المذلة للسجناء؟).
 
جديد هذا التطور بالنسبة لنا ولأمثالنا في العالم الثالث لا يتمثل في ممارسة التعذيب وعدم التردد في اهدار الكرامة الانسانية لغير الأمريكيين، ولكنه يتمثل في أمرين، أولهما إضفاء الحماية القانونية على تلك الممارسات والانتهاكات، وثانيهما سقوط الولايات المتحدة رسميا في اختبار الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان، وفي الوقت ذاته سقوط كافة الدعاوى الامريكية التي تزعم انحيازا للديمقراطية والحرية.
 
هذا الوجه القبيح للممارسات الامريكية التي لا تتردد في انتهاك مختلف القيم والمبادئ في عوالم السياسة والقانون والأخلاق، إذا ما وقفت عثرة في طريق تحقيق المصالح والمطامح الأمريكية، يعرفه جيدا كل متابع للسياسة الامريكية منذ حرب إبادة الهنود الحمر وحتى احتلال العراق، مرورا بالممارسات البشعة في امريكا اللاتينية والتواطؤ على تركيع الشعب الفلسطيني وتسويغ قتله بواسطة الاسرائيليين.
 
وقعت اخيرا على نص محاضرة نشرتها مجلة «وجهات نظر» المصرية «عدد اول سبتمبر (ايلول)» للسفير البريطاني السابق كريج موري عن تجربته فى أوزبكستان التي عمل بها في الفترة ما بين عامي 2002 ـ 2004، وكان قد ألقى تلك المحاضرة في جامعة يورك الانجليزية، وقدم خلالها شهادة مثيرة للدعاية الامريكية الخاصة لنظام الرئيس كريموف، الذي لم يتخل عن أساليب التعذيب البشعة، التي كانت متبعة في العهد الستاليني، وقد وصفه السفير موري، بأنه احد اكثر الديكتاتوريين شرورا في العالم (عدد المعتقلين السياسيين يتراوح بين 10 و40 الفا)، ولأن للولايات المتحدة قاعدة عسكرية فى أوزبكستان تؤدي دورا مهما في وسط آسيا، فان الرئيس كريموف اعتبر أحد أبطال الحرية في العالم المعاصر، في خطاب ألقاه وزير الخزانة الامريكي ادنيل أثناء زيارته للعاصمة الاوزبكية طشقند في عام 2002، كما انه نزل ضيفا على الرئيس بوش، وشرب معه الشاي في البيت الأبيض، وقدمت له واشنطون مساعدات مالية سنوية وصلت الى 500 مليون دولار، وهو رقم يتجاوز بكثير ما تقدمه الادارة الامريكية لكل دول غرب افريقيا.
 
استوقفني في محاضرة السفير البريطاني ـ الذي قال انه طرد من عمله بسبب موقفه ـ أمران أولهما انه روى وقائع متعددة عبرت عن تواطؤ سفراء الدول الغربية في طشقند، وعدم مبالاتهم بالفظائع التي تجري في أوزبكستان، لمجرد أن الرئيس كريموف حليف للولايات المتحدة، وبلادهم بدورها حليفة لواشنطون. اما ثانيهما فحوار السفير كريج موري مع نظيره الأمريكي في طشقند حول التعذيب البشع الذي يتعرض له سجناء الرأي في أوزبكستان، وتبرير الأخير لتلك الانتهاكات بأنها موجهة ضد المسلمين، بما يعني أن ذلك يعد سببا كافيا يسوغ استباحتهم ما يرتكب بحقهم، ثم قوله ان الولايات المتحدة لا تمارس التعذيب لكنها لا تستطيع ان تمنع اصدقاءها من ممارسته لكسب المعركة ضد الارهاب. وهو كلام يستحق الان ان يراجع من جانب السفير الامريكي، لان بلاده اصبحت في ظل القانون الجديد رائدة في تقنين التعذيب، وبعد ان ظلت تلقننا حتى عهد قريب دروسا في الحرية والديمقراطية، فإنها أخذت عنا بعض رذائلنا وزايدت علينا بهذه الخطوة البائسة، ومن ثم اعلنت الانضمام رسميا الى نادي جمهوريات التعذيب في العالم المعاصر.
 
(*) كاتب ومفكر من مصر
 
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 4 أكتوبر 2006)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.