شبكة صحفيون ومدونون من أجل حقوق الإنسان: المضايقات تطال الصحفي والنقابي زياد الهاني
المضايقات تطال الصحفي والنقابي زياد الهاني السبت , 17 أبريل 2010 م بلغنا من المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية بان ثلاثة أعوان أمن بالزى المدني قاموا باقتياد الصحفي والنقابي زياد الهاني عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين إلى مركز الشرطة بشارل ديغول، وذلك بعد أن ادعى شخص بأنه حاول الاعتداء عليه بالضرب وقال الأعوان إنهم كانوا موجودين » صدفة ». ويؤكد لطفي العربي السنوسي الصحفي بجريدة الصحافة والذي كان موجودا ساعة « وقوع الحادثة » أن الشخص المعني هو الذي بادر بمحاولة الإعتداء على الإعلامي والنقابي زياد الهاني، و قد خضع زياد الهاني إلى عملية استجواب، علما أن الشخص الذي ادعى تعرضه للاعتداء قال أنه لا يمتلك أي وثيقة لإثبات هويته. وإذ يتابع المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية بانشغال شديد هذه المستجدات فانه 1 -يخشى أن يكون اتهام زياد الهاني بالاعتداء على احد الأشخاص على صلة بمقالاته ونشاطه النقابي. 2 – يؤكد أن الأفعال المنسوبة إلى الصحفي زياد الهاني تناقض تماما ما عرف به لدى العام والخاص من انضباط مثالي و استقامة أخلاقية هي فوق أية شبهة. 3 – يحذر مما قد تخفيه هذه القضية من إرادة المس من سلامة عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين أو من حريته. 4 – يذكر أن هذه الحادثة التي يحشر فيها نقابي وإعلامي حر ليست الأولى ويستذكر بلا شك ما وقع للصحفي توفيق بن بريك. 5 – يدعو إلى ضرورة احترام القوانين الوطنية والالتزام بالمعاهدات الدولية التي أمضتها الحكومة التونسية والتي تلزمها باحترام حق كل التونسيين في التظاهر السلمي وحرية التعبير والعمل النقابي 6 – يحث كل مكونات المجتمع المدني على اليقظة حتى لا يتكرر مع السيد زياد الهاني ما وقع مع زميله توفيق بن بريك وذلك لتشابه الأحداث والوقائع.
وقد تواصل أعضاء شبكة صحفيون ومدونون من اجل حقوق الإنسان مع الصحفي زياد الهاني احد الأعضاء المؤسسين للشبكة وهذا نص الرسالة أنا ممتن لكم كل الامتنان لهذا العطف والرعاية الكريمة التي تحيطوني بها يبدو أني كنت محظوظا إذ لم أقع في كمين نصبه لي أعوان الشرطة السياسية، مثلما عملوا في وقت سابق مع الزميل توفيق بن بريك الموجود منذ أكثر من خمسة أشهر في السجن. للأسف السلطة في تونس لا تواجه الرأي المخالف بالرآي أو بالقانون. تواجهه بتلفيق القضايا السوقية التي تسيء لسمعة النشطاء. لكن الحمد لله آن مشروعهم لم يتم لتواجد زميل صحفي في مكان الواقعة لحظة البدء في تنفيذ العملية. قبل ثلاثة أيام نشرت مقالا حول الفساد في تونس تعرضت فيه بالاسم إلى صهري الرئيس باعتبارهما من أكبر رموز الفساد في تونس وأردفته بتوزيع قصيد « احترامي للحرامي » هدية مني لهما بمناسبة عيد الشهداء. وفي اليوم الموالي أعلنت بدء قيامي بالإجراءات القانونية لتنظيم مظاهرة سلمية أمام وزارة الاتصال (الإعلام) يوم ٣ ماي ٢٠١٠ بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. وذلك من منطلق أن التظاهر حق دستوري لا يحق لأية جهة كانت أن تفرض وصايتها علينا وتحرمنا منه. ولم يتأخر الردّ.. إذ بينما كنت في طريقي للجريدة ارتمى على شخص مجهول من ذوي السواعد المفتولة وقام بدفعي بشدة. وقبل أن أنبس بحرف أمسك بخناقي مدعيا بأني ضربته وحاول الاعتداء عليّ. وقد ركزت جهدي كله على شل حركة يديه خاصة وأن زميلا يعمل معي بنفس الجريدة وصل في الوقت المناسب ليعاين ما يجري وتدخل في الموضوع. ولم تتدخل مجموعة من رجال الشرطة الذين لا يرتدون الزي النظامي كانوا منذ البداية بجانبنا إلا بعد أن اجتمع عديد الفضوليين ولم يعد بإمكانهم اتهامي بأني اعتديت على أخد أو قمت بالشويش في الطريق العام وهنا جريمتان عقوبتهما السجن. كان السيناريو المعد يفترض أن أشتبك مع الشخص الذي اعتدى عليّ، فيتدخل رجال الأمن الذين كانوا حاضرين على عين المكان لحملنا معا إلى مركز الشرطة وتقديمنا للمحكمة بتهمة تبادل العنف عي الطريق العام. تماما كما حصل مع توفيق بن بريك. ولا محكمة بالتأكيد كانت ستودعنا السجن في انتظار البت في القضية ولن يقع إطلاق سراحي إلا بعد شهر على الأقل، أي بعد ٣ ماي. ويكونوا بذلك قد ضربوا عصفورين بحجر واحد: تخلصوا من الصداع الذي كانت ستسببه لهم مظاهرة ٣ ماي. وسيكون السجن مناسبة لهم لإهانتي انتقاما مني لكتاباتي ضد الفساد، وربما مقدمة لطردي من العمل باعتباري أعمل في مؤسسة إعلامية عمومية (من الخطإ القانوني وصفها بأنها حكومية). لكن هذا السيناريو سقط لوجود شاهد يمكنه دحض كل المزاعم الكاذبة. علما بأن المحقق في مركز الشرطة رفض تدوين دعوتي لسماع الشاهد في محضر البحث. فيما قام رئيس المركز بطرده عندما أصر على الشهادة باعتباره في غنى عن شهادته. وقد سهل خروجي من المركز توافد رئيس النقابة الزميل ناجي البغوري وعدد من المحامين والصحفيين بعد انتشر الخبر على الانترنت وعلم النشطاء الحقوقيون بمكان وجودي. المهم أنه لم يتم إيقافي لكن تمت إحالة المحضر على المحكمة. وأتوقع جولة أخرى من المضايقات خلال الأيام القادمة. وربما حتى منعي من السفر لحضور مؤتمر الاتحاد الدولي للصحفيين الشهر المقبل بدعوى وجود تتبع عدلي ضدي. لكن مهما أرهبوني سأظل دوما شوكة في حلق الفساد وصرخة مدوية من أجل الحرية. هذا للأسف ما يجري في بلدي الجميل من ممارسات مخجلة تتنافى مع ما يطمح إليه التونسيون جميعا من وضع أفضل. أجدد شكري لكم جميعا.
مع فائق المحبة والود والتقدير أخوكم زياد الهاني
ملاحظة: بين أيديكم النسخة 54 من مدونة « صحفي تونسي » بعد أن قام الرقيب الالكتروني بحجب النسخة السابقة إثر نشر المراسلة الموجهة إلى السيد وزير الداخلية حول تنظيم مظاهرة يوم 3 ماي 2010 أمام مقر وزارة الاتصال بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. وألفت عناية الرقيب « عمار 404 » بهذه المناسبة بأن سياسة ضبط النفس لها حدود، وبأنه إذا تجرأ مرة أخرى على حجب مدونتي، فسيكون ردي قويا. وقد أعذر من أنذر http://journaliste-tunisien-54.blogspot.com/2010/04/blog-post_21.html
توتر داخل الحزب الحاكم في المنستير
حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 20. أفريل 2010 يشهد حزب التجمع الدستوري في مختلف مدن ولاية المنستير تململا وغضبا عارما نتيجة استخفاف الهياكل القيادية في الجهة بالهياكل الصغرى، وعدم تشريكها في الاستشارة التي تمت لتعيين الثلث المكوّن للقائمات التجمّعية في الانتخابات البلدية. كما أثار الإعلان عن قائمة الثلث المعيّن امتعاضا إضافيا لعدم إدراج أسماء تجمّعية « صافية الانتماء »، حسب تعبير المحتجّين. و قد برز هذا التململ في عدم انضباط التجمعيين وعدم حضورهم مواكب تقديم الترشحات، ممّا اضطرّ بعض المسؤولين للاستنجاد برواد المقاهي والفضاءات العامّة وحملهم على حضورها بمقابل مادي.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 20 أفريل 2010)
تمكن بعض من نشطاء المجتمع المدني بمدينة نفطة وبعض الوجوه النقابية والمستقلة من تأليف قائمة مستقلة للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها يوم 09 ماي 2010 وقد صُرِّحَ بترشحها يوم السبت 17 أفريل الساعة 16س و30دق تحت عنوان « المواطنة » ذات اللون العسلي ، والأمل يحدو جميع أعضائها في الحصول على الوصل النهائي خاصة بعد أن احترموا كل الإجراءات والتفاصيل القانونية وتلافوا الضغوطات التي كانت سببا في وأد تجربة قائمة البديل التنموي الديمقراطي بنفطة سنة 2005 ، وذلك بتقديم ترشحهم ساعة قبل غلق باب الترشح وبقاء كل أعضاء القائمة مجتمعين حتى انتهاء الأجل المعين لتقديم الترشحات وهو نفس الأجل المعين للإعلام بسحب الترشح (الساعة السادسة من مساء سبت 17 أفريل) حسب منطوق الفقرة الأخيرة الفصل 146 من المجلة الانتخابية. أعضاء قائمة « المواطنة » مرتبة أبجديا يتقدمهم رئيسها. 1. فوزي محمود الحشاني أستاذ تعليم ثانوي 2. الأزهر عمر طاهر أستاذ تعليم ثانوي 3. الطيب محمد الكبير المرابط أستاذ تعليم ثانوي 4. المنصف علي اللموشي فلاح 5. العربي محمد المكي بوعزيز تاجر 6. خالد عبد الحفيظ العقبي معلم تطبيق 7. زكرياء محمد العامري معلم تطبيق 8. شكري عبدالله الذويبي أستاذ تعليم ثانوي 9. عبد القادر أحمد طبابي محضر بصيدلية 10. عماد محمد حمده معلم أول 11. عمر العربي قويدر معلم تطبيق 12. لطفي محمد الطاهر حميده أستاذ تعليم ثانوي 13. محمد المكي بنخالد معلم أول 14. محمد الصالح إبراهيم حراث أستاذ أول تعليم ثانوي 15. منصف محمد الطاهر زمال أستاذ تعليم ثانوي 16. يحي محمد الأزهر التابعي موظف بإدارة التجهيز
عمر قويدر
افتتاحية المعارضة والانتخابات البلديّة.. عجز أم تعجيز؟ !
بقلم: عبد اللّطيف عبيد تستمدّ الأنظمة الحاكمة شرعيّتها من اختيار الشعوب لها اختيارا إراديّا حرّا في انتخابات دوريّة ديمقراطيّة ذات مصداقيّة حقيقيّة أساسها نزاهة تلك الانتخابات وشفافيّتها وحريّة ممارستها في كلّ جوانبها ومراحلها وحياد الإدارة إزاء كلّ المترشحين والأحزاب السياسيّة حيادا تامّا لا عند تقديم الترشحات ويوم الاقتراع وفي عمليات فرز الأصوات فحسب وإنّما في كلّ أوجه الحياة السياسيّة والممارسات والآليات الاجتماعية تشريعا وتنظيما وتمويلا وإعلاما. وبناء على ذلك فإنّ تخصيص فقرة في خطاب الاحتفال بعيد الاستقلال لإدانة المعارضة واتهامها بإلقاء الاتهامات المجانيّة للعمليّة الانتخابية من قبل أن تبدأ واحتراف التشكيك لخوف دائم من المواجهة الشريفة والشجاعة للمنافسات الانتخابية كما جاء في الخطاب هو أمر لا ينطبق إطلاقا على المعارضة التونسيّة الجادة وغير الإداريّة ،لأنّها معارضة لا تتوفر لها أدنى مقومات الحياة والنماء ولا يراد لها إلاّ أنّ تكون شكليّة صوريّة لا غير وغير مرخص لها حتى وإن كانت قانونيّة . لذلك فإن الحديث عن تنافس انتخابي بين السلطة والمعارضة في بلادنا هو حديث في غير محلّه وغير ذي موضوع . والسلطة لا تنافس في الحقيقة إلاّ نفسها . وبما أنّ التغيرات الدوليّة قد فرضت على السلطة الحاكمة ، منذ الثمانينات بالخصوص ، أن تنظم انتخابات تعدديّة فإنّها قد اختارت منافسيها بعد أن فبركتهم وأقحمتهم بقدر استطاعتها واستطاعتهم في سوق الانتخابات ، لكن الجميع يعلم أن ما حصل ليس هو ما يتطلع إليه الشعب وما تقره المبادئ الديمقراطيّة الحقّ والمواصفات الانتخابية السليمة . إنّ الشعب ليتطّلع إلى انتخابات ديمقراطيّة حقيقيّة لا مغلوطة لأنّه يتمنى أن تساس شؤونه ديمقراطيّا على غرار ما يحصل في الدول المتقدمة التي يرى نفسه جديرا بأن يكون من ضمنها . وإنّ المعارضة الديمقراطيّة الجادة غير الإداريّة ومنها التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات لم تفقد الأمل في أن ترى الوطن يتحول تحولا حقيقيا سلميا هادئا إلى الديمقراطيّة التي يدرك الجميع خصائصها وشروطها وظروف تحقيقها ، وعندئذ ستكون لنا انتخابات حقيقيّة يتحمس لها المواطنون الذين هم الآن مكرهون على العزوف عن الحياة السياسيّة . وأخشى ما تخشاه المعارضة الديمقراطيّة الجادة التي لا ترى حلا لتقدّم البلاد وتنميتها ومناعتها في غير التداول السلمي الديمقراطي على السلطة هو أن يستبد اليأس بالمواطنين فيشعروا بأنّهم رعايا وعبيد ويسلك بعضهم طرقا لا نرضاها وطالما نبهنا إلى خطرها . وكل ذكرى استقلال والوطن بخير (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 131بتاريخ أفريل 2010 )
تعددية وانتخابات لا تدلان على وجود الديمقراطية
المنصف الصالحي يقال قديما إن الملوك يأخذون من دنياك أكثر مما تأخذ من دنياهم.إنهم فى كلمتين، يطالبونك بالولاء فكرا وبالطاعة ممارسة يومية. وتطبيقا لهذه النظرية الأثيرة على نفوس المحدثين فى الحكم والملك،أوجدت السلطة فى بلادنا حزبا هو بمثابة ماكينة الحكم.تهبُّ بيروقراطيته لتعبئة الجماهير فى المناسبات السياسية والدينية وفى الأزمات ( ولنا منها ما شاء الله حتى يجعلها ناشطة على الدوام) من أجل مساندة القرارات العامودية المقدسة دون تشريك هذه الجماهير لا فى التخطيط ولا فى اتخاذ القرار رغم ما يوهموننا بتكوين لجان تفكر وتصوغ وترفع لأصحاب الشأن مقترحاتها. والحقيقة التى يعلمها الجميع وأول من يدركها هذه الجماهير نفسها ودعوكم من البحث لها عن مبررات تزعم أنها ناقصة وعى، فالكل واعون بوجودهم وأوضاعهم الوعي كله.الحقيقة إذن تتمثل فى وجود طبقة تحكم وتملك حديثة الثراء منذ عقدين، ولا حسد، وليدة السوق وقوانينها وليست سابقة عليها ولم تعرف بلادنا لها جذورا أو أصولا.هذه الطبقة تفرض على المجتمع ليبرالية اقتصادية متوحشة كما يقول المحللون وتمتلك جهازا إعلاميا هائلا لا يكف عن قرع آذاننا بجودة الحياة وبارتفاع متوسط دخل الفرد ولكنه يتناسى عن عمد زيادة الأسعار وتفاقم نسب البطالة وتدهور الطاقة الشرائية وفقدان العملة الوطنية قيمتها عاما فعاما. ولقد وعى عدد من الإعلاميين النابهين وعدد آخر من الدكاترة المتحذلقين ناهيك عن الموالين الصغار من أحزاب تعيش على تخوم الحكم، وعوا نظرية السلطة جيدا وفهموا مقاصدها وتشرّبوا مراميها. فهذه النظرية ببساطة لا تطالب بغير الإجماع والتزكية من جميع الأطراف. لذلك ترى هؤلاء، بفضل ما يمتلكونه من الشطارة، يرتمون على أول سانحة فيخرجون علينا فى تلفزتنا المعمورة ينظِّرون علينا بمعرفتهم المتينة وحكمتهم الراجحة، يفككون ويؤولون ونحن ننظر إليهم كالتلاميذ الكسالى المهملين، متأففين من ركاكتهم الثقيلة وتخريجاتهم اللبقة وتبجحهم المهووس بالولاء للسياسة الدنيوية المقدسة التى غُمِرنا بها فى هذا الزمن الأسعد. أما حزيبات الولاء فأمرها هين، شعارها كن معارضة بين ظفرين وكفانا شر القتال، خافتة وديعة لا يسمع لها صوت ولا يشع لها فكر.لواؤها التبعية المستكينة خيارا لا رجعة فيه، فهو يكسب الرضا عن النفس، وهو دليل على الحكمة الواقعية وسداد النظر هذا إذا استعرنا بعد المعذرة عبارات الإعلام المنمق المطبل. هكذا، وجميعكم تعرفون، تتعيش هذه الأحزاب على الفتات المتمثل فى عدد محدد من مقاعد البرلمان توزع عليها كل ودرجة ولائه وإخلاصه.والغريب أن هذه الأحزاب تدرك جيدا مأزقها التاريخى، فهى عاجزة كل العجز عن تحقيق أى وعد من وعودها السخية التى تخلعها على أنصارها المضامين بالفقر والبطالة. هكذا تقع هذه الأحزاب فى السفه والتخلي عن الالتزامات.إضافة إلى ذلك أوقعت هذه الأحزاب نفسها فى حرج إعلامى فاضح، فهى تفرض على نفسها محظورات وضوابط وموجبات ومجاملات وتنازلات، بل باتت تنازل حزب الحكم فى الولاء للقيادة وتنافس على إقناع الناس بالديمقراطية الموهومة. وهكذا فإن التعددية لا تعنى بالضرورة وجود ديمقراطية حقيقية بل إنّ هذه التعدّدية فاقدة المعنى فى حالتنا التونسية. فإلى أين يقودنا هذا التحالف المنخرم وغير المتوازن بين السلطة وأحزاب الموالاة وأقطاب حزب الحكم؟ أهو رهان على انسحاب الشرفاء من ساحة المعركة الديمقراطية ؟ ولن بنسحبوا ومتى يعون أن الفراغ السياسى المتسببين فيه يفتح المجال للتطرف والعنف؟ أوليس لنا أسوة فى بعض الدول على الضفة الشمالية للمتوسط، دول أدركت عن حق أن القضاء على التطرف لا يكون إلا بإنهاء الحكم الشمولى وإرساء نظام ديمقراطى دون زيف أو مراوغة، وهذه الدول هي إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان؟
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 131بتاريخ أفريل 2010 )
حزب الوحدة الشعبية منتدى التقدم
لقاء مع د. محمد علي الحلواني حول العلم والايديولوجيا
يستضيف منتدى التقدم لحزب الوحدة الشعبية الدكتور محمد علي الحلواني في لقاء فكري حول » العلم والايديولوجيا » ، وذلك يوم الجمعة 23 أفريل 2010 على الساعة الرابعة مساء بمقر جريدة الوحدة (7 نهج النمسا ـ تونس). الدعوة إلى الحضور مفتوحة للجميع.
عن منتدى التقدم عادل القادري
مساع لتأسيس نقابة للكتاب داخل الاتحاد العام التونسي للشغل
حرر من قبل لطفي الحيدوري في الثلاثاء, 20. أفريل 2010 يسعى أعضاء في اتحاد الكتاب التونسيين إلى جمع التوقيعات اللازمة على عريضة تدعو إلى تأسيس نقابة للكتاب. وينتقد أصحاب العريضة تخلّي المنظمة المذكورة عن دورها، ويطالبون بنقابة صلب الاتحاد العام التونسي للشغل ترعى مصالحهم. وكانت انتقادات لأداء قيادة اتحاد الكتاب قد برزت خلال الأشهر الماضية على أعمدة الصحف، بعد فترة من هدوء النزاعات الحادة التي طبعت العلاقات داخل المنظمة طيلة ولاية الراحل الميداني بن صالح، ثمّ بأقلّ حدة خلال فترة رئاسة صلاح الدين بوجاه. وكان وصول الشاعرة جميلة الماجري على رأس المنظمة قد تم دون بروز اعتراضات، لكن سرعان ما برزت الانتقادات لأداء اتحاد الكتاب وخاصة لرئيسته. ولا يذكر الكتّاب لرئيسة منظمتهم من نشاط سوى أربع ندوات خلال 2009 واحدة احتفاء بمائوية على الدوعاجي وثلاث تظاهرات مؤيّدة لانتخاب الرئيس ابن علي، ثم ندوة عن الكتابة النسوية بداية العام الجاري تحت إشراف السيدة ليلى الطرابلسي حرم رئيس الدولة. ويقول بعض الكتاب إنّه خاب أملهم في مراجعة القانون الأساسي لمنظمتهم وحلّ الوضعيات الاجتماعية الصعبة لعدد من الأدباء وتفعيل دور الاتحاد في لجان التعليم والنشر والتوزيع، إضافة إلى غياب مجلة شهريّة أو صحيفة أدبيّة،… إلخ وبحسب منتقدي السيدة الماجري فإنّها جنحت إلى التصلّب ومحاولة الانفراد بالرأي، ويرى آخرون أنّ اتحاد الكتّاب « خيْر تجسيد للنسق الثقافي القائم، حيث يتصف الاتحاد بالشخصنة وسيادة الرأي الواحد والشمولية في شكل إدارته وهيئاته وانتخاباته والتداول الوراثي على تسييره مع الإيهام بأنّ الاقتراع خلال مؤتمراته حرّ ومباشر وسرّي »، على حدّ تعبير الشاعر عادل معيزي. وتذكر بعض المصادر أنّ جميلة الماجري استعادت بعض أساليب الميداني بن صالح في تأديب معارضيه بتحريض رؤسائهم في العمل عليهم لمنعهم من مواصلة الكتابة، مثلما حصل مع الكاتب الصحفي محمد المي والشاعر عادل معيزي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 20 أفريل 2010)
أكثر من 500 رحلة ملغاة عبر الموانئ الجوية التونسية
حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 20. أفريل 2010 بلغ عدد الرحلات الجوية الملغاة ذهابا وإيابا إلى تونس أكثر من 500 رحلة إلى غاية مساء الأحد الماضي. وبحسب تقديرات رسمية فإنّ آثار أزمة سحابة بركان ايسلاندا محليا تسببت في إلغاء سفر نحو 30 ألف بين سائحين وتونسيين، عالقين في الوجهتين. وتشير آخر التقارير إلى أنّ 10 آلاف سائح فرنسي لا يزالون عالقين بتونس إلى حدود يوم الثلاثاء، قبل بداية استئناف الرحلات بشكل اعتيادي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 20 أفريل 2010)
التحقيق مع نائب وموظف بلدية في قضية تدليس
حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 20. أفريل 2010 علمت كلمة أنّ قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بصفاقس قد باشر أبحاثه مع مسؤول في إحدى الهياكل الجهوية على اثر تورطه صحبة موظف بقسم الحالة المدنية ببلدية قرمدة في قضية تدليس. وقد استوجب التحقيق مع هذا المسؤول رفع الحصانة عنه. وقد أحيل بحالة إيقاف موظف البلدية الذي تورط في وضع أختام البلدية على عقود، يبدو أنّها مزوّرة. وتذكر المصادر أنّ القضية أخذت مجراها الطبيعي بعد رفع الحصانة على المسؤول والنائب في البرلمان. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 20 أفريل 2010)
قصورالساف: من اتخذ قرار عزل إمام الجمعة !؟
لم يكن الحاج بحر، هو الواقف على منبر الخطبة يوم صلاة جمعة 2 أفريل الجاري، إلا أنه لوحظ بين المصلين في نفس المسجد الجامع بقصورالساف، شأنه شأن كل المرتادين لحضور خطبتي الجمعة وأداء الصلاة، وسرت بعد ذلك إشاعة مفادها بأنه تم عزله بعد الخطبة التي تزامنت مع إحياء الشعب التونسي ذكرى استقلال بلادنا، والتي كانت قد تضمنت عديد المعاني النبيلة والسامية، كالذود عن حرمة البلاد ، وما كلف ذلك من دماء أريقت، لننعم بثمرة الاستقلال جيلا بعد جيل، ولتتدعم هيبة الدولة بما قد أنعم الله به علينا ، بانبثاق فجر عهد جديد، ليستعرض الإمام الحاج بحر، أقسى مراحل الكفاح المسلح التي خاضها رجال بررة من مدينة قصورالساف، ضمن فرق ً الفلاقةً التي أعدمت عديد الخونة والعملاء وأذناب الاستعمار، ملمحا إلى ما يستوجب من حذر وتوقِ من بعض أذناب المستعمر، الذين يسوؤهم ما وصلت إليه بلادنا خاصة في مجال حفظ حقوق المواطن والمصلحة العامة للوطن..وقد تكون بعض من هذه التلميحات أفضت إلى تأويلات تزامنا مع ما تشهده المنطقة من تسجيل عديد حالات التجاوزات في مخالفات واضحة للقانون، مع ما تمر به بعض العائلات القاطنة في الريف من تعديات وسلب لمواشيها تحت العنف والتهديد، مما أدى بأكثر من 77 فلاح ومربي التحول إلى مقر المعتمدية والاعتصام بها صباح يوم نفس الجمعة. ويبقى الجدل قائما بشأن هذا العزل أو الاستقالة كما تشير المعطيات الأولى، في انتظار اتضاح الأمور أكثر..فأكثر.
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 131بتاريخ أفريل 2010
أمراض السرقة تنخر الفضاءات التجارية الكبرى
تونس- الصباح
وقف ينتظر دوره لخلاص كمية مشترياته الكثيرة تصبب العرق من جبينه وطفحت على وجهه ملامح الاضطراب واعتملت في داخله رغبة جامحة في الهروب…كان ذلك قبل أن يقبض عليه عون الأمن فور اكتشاف سرقته لقطعة الشوكولاطة…. دخل الموظف المحترم غرفة التفتيش، وألتحق بامرأة تعمدت إخفاء بعض المواد الغذائية مما خف حمله تحت أدباشها… أمثلة كثيرة من المضحكات المبكيات، أبطالها فتيات وشبان من مستويات مختلفة، وبعضهم يعمل في مراكز اجتماعية مرموقة، يضعفون أمام أي شيء فتلتقطه أيديهم دون وعي منهم. السرقة في الفضاءات التجارية الكبرى آفة لئن ظلت نتائجها المادية محدودة خاصة في ظل التجهيزات الذكية وكاميراهات المراقبة الرقمية وعيون أعوان المراقبة المتوثبة دائما، فان السرقة في الفضاءات تظلّ ورائها دوافع قد تكون « كارثية ». فهل يمكن أن تكون الحاجة مبررا للسرقة؟ وان كانت هواية تسلي ممارسها الغني، فهل هذه الهواية الشاذة مرض يصاب به الفرد فيتحول من شخص عادي إلي لص محترف؟ وهل نعتبر هذا الشخص مريضا يجب علاجه؟ وكيف ينظر رجال القضاء إلي هذا النوع من اللصوص؟ خسائر فادحة «الغريب أن أصحاب هذا الهوس لا يدرون بأنفسهم وهم يرتكبون جرائمهم.. والأغرب أنهم لا يسرقون الأشياء الثمينة ، فقد ضبطنا في الآونة الأخيرة رجلا يعمل في وظيفة مهمة وهو يضع في جيبه قطعة شوكولاطة، بعد أن اقتنى مواد غذائية تفوق قيمتها الـ300 دينار. اتخذنا معه الإجراءات اللاّزمة، وبعد اطلاعنا على وظيفته ، قال بعينين يملأهما الحزن انه تعود اقتراف هذه الفعلة التي لا مبرر لها، واعترف بأنه مصاب بمرض السرقة وانه يقوم بذلك لا إراديا.» شهادة جاءت على لسان عون حراسة بإحدى الفضاءات التجارية بالعاصمة، أكّد أنّه ذاق الأمرين من محترفي السرقة بمختلف أعمارهم وأجناسهم. بنظرة متفحصة في السقف، يمكن ملاحظة بعض الكاميراهات والأجهزة الخفية المتناثرة في مكان قد لا تطوله الأنظار. وفي كل رواق وركن، يقف عون مراقبة يفحص الحرفاء بنظرات تكاد تخترق الحقائب اليدوية. ولكن رغم ذلك، تنخر التجاوزات ميزانية الفضاءات وتصل خسائر السرقة إلى أكثر من ثلاثة آلاف دينار شهريا، حسب أحد أعوان المراقبة بأحد الفضاءات التجارية الكبرى وتتجاوز الخمسة آلاف دينار في فضاء آخر . وأكدت مصادرنا أن في غالب الأحيان ,لا يتم إبلاغ أعوان الأمن ويكتفي المسؤولون في الفضاءات التجارية بإجبار «السارق» على تسديد ثمن المسروقات , ثم يقوم الأعوان بإرجاعها إلى مكانها .» ويراعي المسؤول في ذلك الظروف التي قد تجبر تلميذة أو طالب أو ربّة بيت على السرقة , بينما تكثر نقاط الاستفهام عن الدوافع التي تجعل حريفا يسرق أشياء تافهة ثم يستقل سيارته الفخمة منتشيا ممنيا نفسه بغنيمة أخرى يتخلص منها في الدرج وينساها, ولا ينسى هواية السرقة التي تلازمه. ويقول الطبيب النفساني حمّادي الأسود عن هذه الشخصية « صاحب هذا المرض يشعر بالنشوة أثناء السرقة. ويتعلمها من الظروف المحيطة به، فعندما يرى أحدا من أهله أو أحد أصدقائه يقوم بهذا العمل، يكرره مرارا إلي أن تتحول إلي مرض فيقوم بسرقة أشياء تافهة ويتلذذ بجريمته. وقال الدكتور أن هذا الشخص عادة ما يمتاز بمظهر أنيق ويكون ذكيا جدا ولا يتألم نتيجة لفعلته.. وهي مؤهلات تجعل الآخرين لا يرتابون فيه بسهولة إلا إذا تكررت فعلته ورآه أحدهم. ويمكن أن تكون الأسرة السبب في تحول الطفل إلى سارق حين تعلي شأن الأمانة والصدق وتمعن في ذلك لدرجه يشعر الطفل معها بالكبت، فيتوجه دون وعي للسلوك المضاد وهو السرقة. » هوس وعلاج وعن مرض السرقة، قال الدكتور» «الكلبتومانيا» أو مرض السرقة هو مرض نفسي يكون المصاب به مدفوعاً إلى سرقة أشياء تافهة الثمن والقيمة ، لا حاجة له إليها وغير عاجز عن شرائها، وكثيراً ما يلقي بها بعد ذلك أو يعيدها خلسة إلى صاحبها، وبذلك يبدو هدفه هو السرقة لا المسروق. ومريض الكلبتومانيا يعرف أن السرقة جريمة ويشعر بعدها بذنب واكتئاب، لكنه يفشل في مقاومة اندفاعاتها كلما استبدت به ، ويشعر بلذة عاجلة عقب فعل السرقة. وعن العلاج، قال الدكتور انه ممكن، شريطة أن يقوم المريض من تلقاء نفسه بالاعتراف أمام طبيب نفسي متخصص ثم يخضع لعدة جلسات نفسية.تثير السرقة في الفضاءات التجارية الكبرى خاصة الاستغراب اذا كانت دوافعها بريئة من الاحتياج أو الفقر،ويقول أستاذ في علم الاجتماع أن « المجتمع ينظر إلي هذا الشخص علي أنه لص وليس مريضا، لذلك لا بد أن تنتبه أسرة المريض وتتوجه مع الابن أو الفتاة إلي إحدى العيادات النفسية ، للتخلص من المرض. » وعن الأسباب التي تقف وراء هذا الانحراف، يقول الأستاذ » قد يكون عدم الرضا عن النفس اجتماعيا و صعوبة الاندماج مع الآخرين السبب في الالتجاء إلى سلوكات غير سوية من قبيل السرقة للفت الانتباه والتعبير عن النقمة، بدون التفكير في العواقب الوخيمة لذلك. » ومن هذه النتائج ، السجن الذي قد يوضع السارق وراء قضبانه لخمس سنوات بتهمة السرقة المجردة، حسب المحامي كريم جوايحية الذي فسر قائلا: « هناك العديد من قضايا السرقة تتورط فيها شخصيات عامة وكبيرة بسبب هذا الهوس، لكن القانون واضح في هذا الأمر رغم رأي الأطباء النفسيين، إذ تصل عقوبة السرقة إلى الخمس سنوات مع خطية بـ 120 دينارا . وعن مدى مراعاة رجال القضاء للحالة المادية للفقير أو الحالة النفسانية للغني قبل الحكم ، قال المحامي أنها مسألة تقديرية يمكن معها التخفيف في حالات الضرورة القصوى ولكن لا تلغي الجريمة . ذكرى بكاري
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 أفريل 2010)
قالت تقارير صحفية في تونس إن لحوم الحمير تلقى رواجا لرخص أثمانها مقارنة ببقية اللحوم، وتحديدا في الأحياء الشعبية الفقيرة حول العاصمة. ويبيع جزارو هذه البهائم 13 طنا من لحوم الحمير أسبوعيا للعائلات المحدودة الدخل والفقيرة، التي لا تجد غضاضة في أكل لحوم الحمير لرخصها. ويبلغ ثمن لحم الضأن 14 دينارا (عشرة دولارات)، بينما يباع لحم الحمير بخمسة دنانير (3.5 دولارات). وذكرت صحيفة « أخبار الجمهورية » التونسية أن الحمير التي يشتريها الجزارون من سوق الدواب تذبح تحت إشراف « إطار طبي »، وأن مصادر طبية « لا ترى مانعا في استهلاك لحم الحمار حيث لا انعكاسات صحية له ». وكانت إحصائيات زراعية رسمية نشرت في 2009 ذكرت أن عدد الحمير في تونس بلغ 123 ألفا، والبغال 40 ألفا، في حين لم يتعد عدد الخيول 26 ألفا. (المصدر: « الجزيرة.نت » (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 أفريل 2010 نقلا عن وكالة الأنباء الألمانية)
يوسف الجربي
الصورة الأولى المجلس البلدي مريض ، الله يفرّج عليه !!! يشهد المجلس البلدي المرتقب نشاطا حثيثا هذه الأيام لانتخاب ما تبقّى من أعضائه بعد أن تم تعيين ثلثه ولم ألاحظ برامج واضحة للكتل المرشحة ولكنني عاينت صراعا مخجلا بين الأحياء وبين العائلات، صراعا شبيها بما نراه في السودان أو في العراق، وتقوم بتنشيط هذا الصراع مجموعة من « النبارة » يوزعون الاستدعاءات بطرق ملتوية لا شفافية ولا ديمقراطية فيها أما ما يهم العمل البلدي فلم أر منه شيئا ،فالمدينة العتيقة مهملة غارقة في الظلام تتداعى مبانيها للسقوط وتتراكم الأوساخ فيها، ومعظم الأحياء الجديدة تشكو من نقص في التنوير، طرقاتها موحلة شتاء مغبرة صيفا .أما الحياة الثقافية فحدث عنها ولا حرج، فباستثناء مهرجان المسرح تظل الحياة الثقافية قاحلة جرداء تتقلب على فراش المرض غمّا في المناسبات وتتململ بائسة عند زيارة أحد المسؤولين… المجلس البلدي عليل وستطول علته ما دام الحزب الحاكم يسيطر عليه ويحتكره…الله يفرّج عليه !!! الصورة الثانية « كانوا يضربوا…ولآو يطلبوا » الْتقيت سي « حمدة » إبّان عودته من فرنسا للوقوف على بناء بيت أجداده الذي لم ينسه رغم أنه يعيش منذ الستينات في فرنسا حيث أنجب البنين والبنات من زوجته التونسية وعلمهم ووظفهم في بلد النور.التقيت سي « حمدة » وفي خضم حديثنا عن التغيير الذي لاحظه في بلادنا أبدى إعجابه بالخدمات الجليلة التي يوفرها أعوان الأمن للمواطن وسرّته البشاشة التي يتسم بها أغلب هؤلاء ولكنه أبدى امتعاضه من سلوك بعض الأعوان الذين لا يتورعون في مطالبته بعلبة سجائر وغير ذلك من الهدايا كلما لاحظوا أنه من مواطنينا في الخارج وقال واصفا بعض هؤلاء الذين لم يلتزموا بالأخلاق في أداء مهمتهم النبيلة : » خليتهم يضربوا رجعت بعد سنين لقيتهم يطلبوا !!! » الصورة الثالثة « أعطيني قرطلتي ما حاجتي بعنب « !!! هي سيدة من الأسرة التربوية، اقتنت بضاعة بالتقسيط من أحدى الشركات بمدينة قربة،وسلمت مقابل ذلك صكا كضمان، ولما تفطنت إلى أن هذا النوع من المعاملات غير قانوني وأنه قد يسبب لها متاعب تدبرت أمرها وجمعت المبلغ الباقي وقدره ألف دينار وكيف يمكن لموظف أن يوفر ألف دينار في زمن أصبحت الشهرية تتبخر قبل أن يحلّ الشهر !!! حملت السيدة المبلغ نقدا كاملا وطلبت صكها ولسان حالها يقول : « أعطني قرطلتي ما حاجتي بعنب » ولكن لم تحصل عليه رغم أنها وفرت المبلغ المفترض أن تدفعه في عملية شراء بالتقسيط ،ثم ما راعها إلا والشركة تقدم صكها لأحد البنوك محاولة استخلاص المبلغ برمته وهي عملية تحايل خصوصا وأنها تسلمت جزءا منه كما أن الموصولات التي تسلمتها الحريفة لا تتضمن أي إشارة إلى الصك ولا إلى البضاعة التي اقتنتها وأصبحت السيدة المربية مورطة في قضية إصدار صك بدون رصيد… بقي أن ألاحظ أن هذه الشركة اتخذت لها اسما من أسماء الجنة وكان عليها أن تغير الاسم ما دامت تعامل حرفاءها بطرق غير قانونية وتتحايل عليهم وتتعمد توريطهم في قضايا تدخلهم إلى « الجحيم »… (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 131بتاريخ أفريل 2010 )
*فرحات حشاد…ذاك الذي اغتاله عشقه للوطــن… رسالة نادرة قبل3 أشهر من اغتياله
*96 سنة على ميلاد بطل:[ 1914.02.02ــ][2010.02.02]
قد يكون لحب الوطن وعشقه بصدق النضال من أجله، والدفاع عن مستضعفيه، ذودا وصونا للكرامة، ثمن باهظ يدفعه كل مناضل صادق، ووطني غيور في سبيل الكرامة والحرية والعزة كشعارات هي مبادئ أساسية لكل عمل وطني، لايرجى من ورائه إلا الخير لهذا الوطن، وهل أبهى من أن يقدم الواحد منا حياته لنصرة الحق، وإعلاء كلمته التي سوف تعلو برغم الحجب. وبرغم الأعاصير، شأن شهيد تونس المرحوم فرحات حشاد الذي اغتالته يد الغدر والمكر، إبان معركة التحرير، وهوا لذي خط اسمه سجلات التاريخ لماقد حققه من نجاحات في التعريف بقضايا أفراد شعبه الذين ينهب المستعمر الفرنسي أرزاقهم وجهودهم وخيرات بلادهم، ليتعدى مجال نضاله ، الدفاع عن الشعوب المستضعفة والرازحة تحت نير الاستعمار سواء بالجزائر أو بالمغرب الشقيقين، إذ العدو واحد، والمصير واحد، وكذا الأمل المنشود واحد… وهو تحرير البلاد، وفك عقال العباد.. * تونس أرض الأحرار: يشهد التاريخ ليوغرطة الذي تم التغرير به، وإهداؤه للرومان على طبق من ذهب وهو الذي أرق روما باستبساله في الدفاع عن وطنه، كما تشهد الأيام الخوالي لحنبعل الذي أذاق الروم الويلات ، والذي كاد أن يلقى نفس المصير الذي لقبه سلفه ، لولا تداركه للأمر ليحرق من سواحل المهدية نحو المجهول ، وينتحر بعيدا عن الوطن الذي صانه وناضل في سبيل عزته… نفس الشيء يقع مع العديدين من أبناء تونس خاصة مع انتصاب الحماية، وهيمنة السلطة الاستعمارية منكلة بأفراد الشعب، وناهبة لخيرات بلادهم، لينهض أمثال يوغرطة و حنبعل وعلي بن غذاهم ومصباح الجربوع و عمر كرشود وصالح بن يوسف وعلي بن نجيمة والهادي شاكرو علي البهلوان والحبيب ثامر وفرحات حشاد الذي طوي ملف اغتياله، وتناساه المحققون الذين لهم ضلع في الجريمة باعتبارهم الخصم والحكم، ليقع النبش في التاريخ مع استرجاع الأحداث، لتكون عصابة اليد الحمراء عملت بإيعاز من مقربين للشهيد الذي صار حجر عثرة للمستعمر، ولم يجد بدا من التخطيط المحكم لتصفيته ،في إرهاب هو إرهاب دولة استعمارية يجوز لها، بحكم سياستها، أن تزيح كل مصدر إزعاج يمثله هذا وذاك. وفعلا، ومع تعيين فرنسا سنة 1952 للسفاح الجنرال : دي هوت كلوك مقيما عاما بتونس، حتّى فتح سياسة الاعتقال لكل الزعماء ماعدا فرحات الشهيد، لتنتقل خطة المقاومة إلى الكفاح المسلح موازاة مع حالة الحصار وسياسة القبضة الحديدية التي انتهجتها سلطات الاستعمار، وإقدام المستوطنين بتشكيل عصابة اليد الحمراء الإرهابية، بتواطؤ مع السلطة العليا، ليقع اغتياله يوم5 ديسمبر1952، واغتيال الهادي شاكر في 13 سبتمبر1953، وكان رد التونسيين بعد ذلك بتصفية وقتل قائد العصابة نفسه الكولينيل دي لابيون سنة1954، واحتدام المواقف في أزمة عصفت بالمستعمر من خلال المواجهة المسلحة، والانصياع لمطالب التونسيين،والحصول على الاستقلال الداخلي. * فرحات حشاد وعلاقته الوطيدة بقصورالساف: كانت قصورا لساف أيام اشتداد الأزمة بين المستعمر ومناضلي الحزب قبل وبعد الانقسام الحاصل فيما بين الزعيمين بورقيبة و بن يوسف، محطة للمقاومة ومكانا للاجتماعات السرية التي كانت تعقد على أعلى مستوى، وتربط بين أبنائها وهؤلاء علاقات تروي مراحل كفاح مرير ضد مستعمر عنيد، ومن ذلك ما توفر لمواطنون من وثائق تؤرخ لحقبة تاريخية، نورد منها بمناسبة تاريخ ميلاد بطل تونس الزعيم الراحل فرحات حشاد[02ـ02ـ1914]، هذه الرسالة التي بعث بها إلى أحد أصدقائه،وهو في غمرة العمل النضالي والنقابي، متنقلا بين مختلف أنحاء البلاد لتتربص به أيادي المكر والغدر والخديعة، ويغتال، وتغتال معه الكلمة وصوت الحق المنادي بحق كل الشعوب في تحقيق مصيرها.
* نص الرسالة التي وجهها الشهيد فرحات حشاد إلى أحد أصدقائه بقصورالساف قبل3 أشهر من اغتياله:
شعار الاتحاد…الاتحاد العام التونسي للشغل…نهج سيدي علي عزوز، زنقة سيدي عامرعدد6. تونــس.
تونس في :09سبتمبر1946/الحمد لله..حضرة الأخ محمد خنفوس،حفظه الله،آمين،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فقد بلغني كتابكم الأعز، ونشكركم على إحساساتكم الأخوية، وندعو الله أن يلاقينا في يوم يكون مباركا على البلاد،آمين. هذا واني أتمنى زيارة قسورالساف بمناسبة مروري إلى صفاقس على طريق سوسة والمهدية، حيث أني مشتاق لزيارة تلك القلعة العامرة التي تكونت فيها أول نقابة صناعية بجهة الساحل..وأرجوكم المعذرة على تقصيري في المكاتبة لعدم الوقت.والسلام من أخوكم فرحات حشاد..+ الإمضاء..
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 131بتاريخ أفريل 2010 )
النشرة الدورية للقائمة البريدية لموقع الشيخ عبد الرحمن خليف حصاد شهر ربيع الثاني 1431- العدد 23
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في القرابة بين الصّداق القيرواني والزّواج في بلاد شنقيط عبد الرحمان بلحاج علي، سفير الجمهورية التونسية – بنواكشوط
يستغرب التونسيون القادمون إلى موريتانيا الشقيقة شروط أمر الزّواج في هذه البلاد وخاصة الشرط » بأن لا سابقة ولا لاحقة وإلا فأمرها بيدها أو بيد وليها »(1) وقد يفاجأ الإخوة الموريتانيون إذا علموا بأمر الصّداق القيرواني نسبة إلى مدينة القيروان العاصمة الإسلامية في البلاد التونسية فهو يشترط شروطا تشترطها المرأة أو وليها على الزّوج نجدها مضمنة في كلّ صداق قيرواني وهي : » طاع الزّوج المذكور لزوجه المذكورة بالجعل التحريمي على عادة نساء القيروان. » فلم يكن يخلو صداق قيرواني قبل استقلال البلاد التونسية في 20 مارس 1956 واعتماد مجلّة الأحوال الشخصية(2) من هذه الجملة التي تفرض على الزّوج قبول هذا الشرط والالتزام بالتقيّد به إزاء زوجته. ويعني « الجعل التحريمي على عادة نساء القيروان » أن لا يتزوّج الزوج ولا يتسّرى على زوجته. وقد وُجِدَ هذا الجعل مفصّلا في صداق آخر كما يلي: « طاع الزّوج المذكور لزوجه المذكورة تضمنا لمسّرتها واستجلابا لمودّتها ولا يتسرّى ولا يتخذ أمّ ولد… فإن فعل ذلك أو شيئا منه بغير إذنها ودون رضاها فهي طالق وأشهد على نفسه بذلك. »(3) وبين عادات الزّواج والأعراس التقليدية في البلاد الموريتانية والبلاد التونسية تشابه كبير من حيث مراسم الخطوبة والمواسم والإملاك والصّداق والمهور والإطعام والزّينة والعوائد والهدايا والحياء بين الأصهار و »الأنساب » وحتى تقاليد عقد الخيط كان معمولا بها في البلدين بصورة متشابهة. إذ من تقاليد المجتمع الموريتاني عقد الخيط، فعندما تولد بنت لعائلة شريفة أو ذات رحم يعقد خيط في رجلها تعقده من لها ولد كفؤ لتلك البنت كخطبة وعود بها، وترسل إلى أم البنت في أيام الأعياد تحفة أو مصحفا أو كتابا أو حليا نفيسا… (4) وسنقصر حديثنا في هذا المجال خاصة على الشرط في الزّواج الشنقيطي الذي يحمي المرأة من الضرّة وبأن لا يفعل بها ما يزري بالمروءة وإلاّ فأمرها بيدها أو بيد وليها. ومن الصّعب جدّا أن يجيبك مثقف أو جامعي موريتاني جازما حول عصر ظهور هذا الشرط في العلاقة الزّوجية في بلاد شنقيط. فهل هذا الشرط سابق للدعوة الإسلامية أم ظهر بعدها؟ ويرجّح البعض أنّها عادة قديمة سابقة لظهور الإسلام في هذه الرّبوع ووقع التعامل معها إذ فرضت نفسها واستمرّت بحكم المكانة المتميزة للمرأة في الأسرة والمجتمع البيضاني عامّة. أماّ عن الشّرط في الصّداق القيرواني فيقول الدّكتور أحمد الطويلي: « أنّه وليد عادة قديمة من عادات القيروان، والعمل بهذه العادة لا يخالف الشّرع ويتماشى مع روح الشريعة السّمحة. » (5) ولعلّ أقدم رواية بلغتنا عن مثل هذا الصّداق هي قصّة زواج الخليفة العبّاسي أبي جعفر المنصور(6) « بأروى » أمّ موسى القيروانية بالصّداق القيرواني. إذ كان الخلفاء والأمراء العبّاسيون يطلبون نساء القيروان للزّواج كسلامة البربرية أمّ أبي جعفر عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس، وقراطيس أمّ أبي جعفر هارون الواثق بن المعتصم، وقتول أم أبي منصور محمّد القاهر بن المعتضد وغيرهم من ملوك الشرق وامرائه. يقول المؤرخ التونسي الشهير حسن حسني عبد الوهاب في كتابه « شهيرات التونسيات » (7): » ولمّا كبر أبو جعفر المنصور وترعرع، اقتفى خطى أخويه الكبيرين إبراهيم المعروف بالإمام وأبي العبّاس الذي اشتهر فيما بعد بالسّفاح فجرى مجراهما في دعوى استحقاق الخلافة. فأذكت الدّولة الأموية العيون عليه وأوعزت إلى العمال والأعوان أن يتبعوه وأن يتعرفوا ما يكون منه وأن يقبضوا عليه إذا لزم الأمر، فكان هو وأهل بيته يختفون ما استطاعوا. وفي أوائل العقد الثالث من القرن الثاني للهجرة، قصد أبو جعفر المنصور إفريقية لما بينه وبينها من رحم وأشجّة التماس النجاة من طلب بني أميّة له وحلّ ضيفا عزيزا على منصور بن يزيد الحميري أحد كبار التجار بمدينة القيروان وفي أثناء مقامه عنده شهد أبو جعفر المنصور إبنته « أروى » فبهرت بصره وخلبت لبّه فخطبها من أبيها وتزوّجها وتعلق بها أكبر التعلّق طول حياته وقد اشترط لها أبوها في عقد زواجها ألاّ يتزوّج أبو جعفر غيرها وألاّ يتخذ السّراري معها فإن تسرّى عليها كان طلاقها بيدها كما جرت بذلك عادة أهل القيروان من عهد قديم. وكانت أنباء دعوة إخوته وآل بيته تصل إليه في القيروان، وعاد أبو جعفر المنصور بزوجته « أروى » مختفيا إلى الكوفة حتى ظفرت الدّعوة العباسية بمناصرة أبي مسلم الخراساني وسقطت دولة بني أميّة وآلت الخلافة إلى عبد الله السفّاح سنة 132هـ وكان الأخ الأكبر لأبي جعفر فلما مات استندت إليه الخلافة سنة 136هـ وفي بادئة أمره أنشأ مدينة بغداد التي سميت أوّل ما سميت: مدينة المنصور وابتنى لنفسه قصرا سمّاه « قصر الخلد » وأسكن فيه زوجته « أروى » وبنيه وذويه. وقد وفّى المنصور لزوجته ما كان قد عاهدها عليه في عقدة الزّواج فلم يتخذ له زوجا سواها ولم تكن له سراري معها طول حياتها. وقد ولد له منها جعفر أكبر أولاده ومات في حياة أبيه وهو والد « الزّبيدة » التي تزوجها هارون الرّشيد، وابن ثان هو محمد المهدي الذي صارت إليه الخلافة. وجاء في كتاب « معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان » لابن الدّباغ وابن ناجي في ترجمة القاضي أبي كريب جميل بن كريب المعارفي أنّه سُمّي قاضيا سنة 132هـ، وأنّه يوم جلس في الجامع جاءه خادم لامرأة الأمير وكانت قد اشترطت عليه أنّه متى تسرّى عليها كان أمرها بيدها وأثبت الخادم وكالة عند القاضي الذي بادر بدعوة الأمير مع الخادم فجلس الأمير بين يديه فسأله القاضي عن القضيّة فأقرّ الأمير بالتسرّي والشرط فأمره القاضي بأن لا يقربها وأشهد من حضر أنّ أمرها بيدها إن شاءت أقامت وإن شاءت طلّقت نفسها. فرفع الأمير يده إلى السّماء وقال: الحمد لله الذي رأيت قاضيا يحكم فيّ بالحقّ. وفي كتب التاريخ والتراجم أمثلة أخرى كثيرة في هذا المجال ولعلّ أطرفها قصّة الإمام أبي القاسم البرزلي(8) مع زوجته التي أبت أن ترحل معه إلى تونس من القيروان واشترطت عليه أن يجعل بيدها حقّ الطلاق إذا تزوّج عليها بتونس حرصا منها على سلامة الزّواج وضمان السعادة في البيت إذ كانت المرأة تقاسي من الضرّة والسّرايا. وقد التجأ البرزلي إلى حيلة فقهية لضمان نقض شرط زوجته إذ قدّر له أن تزوج بثانية بتونس فأخرجت زوجته ما بيدها وقدّم هو ما بيده لمن له القضاء من أصحابه فأبطلوا ما بيدها. وتذكر بعض الدّراسات أنّ هذا الصّنف من الزّواج على الطريقة القيروانية عرف أيضا في بلاد الأندلس (9). ونشر المرحوم محمد البهلي النيّال مقالة عنوانها: » قصّة الصّداق القيرواني ومنزلته في التاريخ والفقه » في مجلّة الندوة التونسية العدد 4 السنة 2 جوان 1954 بيّن فيها كيف كان فقهاء السّلف يؤكدون عرقلة تعدّد الزّوجات ويؤكّدون الاكتفاء بواحدة(10). وقد اجتهد القضاة والمفتون منذ تأسيس القيروان في التوفيق بين النظريات الفقهية وبين العادات المحليّة المتنوعة لتحقيق المصلحة العامّة للمسلمين. وبالإضافة إلى الشرط الأصلي في الصّداق القيرواني أو الزّواج في موريتانيا الشقيقة والمتمثل في أن لا سابقة ولا لاحقة وإلاّ فأمرها بيدها، يمكن أن نجد شروطا أخرى مثل أن لا يغيب عنها زوجها أكثر من أربعة أشهر وأن يحترمها ويحترم أهلها ولوحظت بعض الشروط الأخرى المستحدثة مثل شرط مواصلة الدّراسة والشغل، كما عُثر على بعض عقود الزّواج القديمة بمدينة القيروان بالإضافة إلى الشرط الأساسي، تنصّ على شرط أن يسكن الزوج بزوجته مع أبيها بموضع كذا ولا ينقلها إلاّ برضاها. كلّ ذلك مدّة الزوجية بينهما. واشترطت امرأة أخرى على زوجها إخدامها بخادم مدّة الزوجية وأقرّ الزّوج أنّه ممّن يستطيع ذلك وأنّ ماله يسعه وأَشهد بذلك. ويقول الدكتور أحمد الطويلي أنّ صداق جدّه ينص على ما يلي: » وبعد تمام العقد وانبرامه، طاع الزّوج المذكور لزوجه بالجعل التحريمي على عادة نساء القيروان وأن لا يكلفها طحن مؤنتها بيدها بل يستأجر لها على ذلك طوعا تاما . » كما ينصّ الصّداق القيرواني غالبا على الهدية بالإضافة إلى المهر الذي يصرف مقدّمه عند كتابة العقد ومؤخّره عند البناء أو بعده(11). ويدلّ الشرط التحريمي في الصّداق القيرواني والزوّاج بموريتانيا الشقيقة على مكانة المرأة الاجتماعية والحضارية المتميزة. وقد انطلق الفقهاء القيروانيون من الواقع الاجتماعي ليبرروا الصّداق القيرواني واعتبروه مصدرا من مصادر التشريع الإسلامي لذلك صمد عبر العصور وكان من أسس مجلّة الأحوال الشخصية التونسية الصادرة في 13 أوت 1956 خاصة منها ما يتعلّق بمنـع تعدّد الزوجات منعا باتا ومنع التزويج القسري ووضع حدّ للتطليق العشوائي. ونقحت هذه المجلّة خاصة بالقانون عدد 74 الصادر سنة 1993 القاضي بالتعاون بين الزوجين على تسيير شؤون الأسرة ممّا يدعم سلامتها وهي ضمان سلامة المجتمع. : »إذ أنّ نهوض المرأة في الأسرة ضمان لنهوض الوطن. » (12) ========================== الهوامش : (1) عن كتاب « حياة موريتانيا » الجزء الثاني للمختار بن حامد. ط الدّار العربية للكتاب. تونس سنة 1990 ص182. (2) صدرت في 13 أوت 1956. (3) عن كتاب « الصّداق القيرواني » للدكتور أحمد الطويلي ط أولى 2007، ص15. (4) عن « حياة موريتانيا » للمختار بن حامد، الجزء الثاني ص 182. (5) عن كتاب « الصّداق القيرواني » للدكتور أحمد الطويلي ط أولى 2007، ص13. (6) الخليفة العبّاسي الثاني (136/158هـ- 754/775م). 7 الطبعة الرّابعة. منشورات مكتبة المنار تونس. ص 28-29-30. 8 ) هو أبو القاسم بن أحمد البرزلي (ت 844هـ/1440م) إمام مالكي خطيب تونسي له « جامع مسائل الأحكام ممّا نزل من القضايا بالمفتين والحكّام » (عن المنجد في الاعلام ص125). 9 (9) عن مقال بعنوان « Vivre à Kairouan au passé et au présent » ص 74 من مجلّة El legado andalousi 10 ème année. N°38 ; Dossier Spécial : Kairouan capitale islamique (2009). 10 (10) عن كتاب « الصّداق القيرواني » للدكتور أحمد الطويلي ص 27-28-29. (11) نفس المرجع ص 15-16. (12) عن مقال للدّكتور أحمد الطويلي » الصّداق القيرواني » المنطلقات الاجتماعية والأبعاد الحضارية. جريدة « الحرية » الخميس 14 جانفي 2010. المصادر والمراجع: 1- حياة موريتانيا للمختار بن حامد. الجزء الثاني. الدار العربية للكتاب، تونس سنة 1990. 2- موريتانيا الحديثة – غابرها- حاضرها أو العرب البيض في إفريقيا السّوداء تاريخهم- أصلهم- عروبتهم- أحوالهم. تأليف محمد يوسف مقلد. ط- دار الكتاب اللّبناني للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، جوان 1960. 3- معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان لابن الدّباغ وابن ناجي. ط- المطبعة العربية التونسية سنة 1320هـ. ج1 ص167-168. 4- شهيرات التونسيات: بحث تاريخي أدبي في حياة النّساء النوابغ بالقطر التونسي من الفتح الإسلامي إلى الزمان الحاضر لحسن حسني عبد الوهاب. الطبعة الرّابعة. منشورات مكتبة المنار تونس. ديسمبر 1965. 5- الدّولة الصنهاجية: تاريخ إفريقية في عهد بني زيري من القرن 10 إلى القرن 12م نقله إلى العربية حمادي السّاحلي. الجزء الثاني، ط دار الغرب الإسلامي. الطبعة الأولى 1992. 6- تاريخ إفريقية في العهد الحفصي من القرن 13 إلى نهاية القرن 15م لروبار برنشفيك. نقله إلى العربية حمّادي الساحلي. دار الغرب الإسلامي، الجزء الثاني، الطبعة الأولى 1988. 7- دور القيروان في تأصيل المذهب المالكي ونشره. منشورات وزارة الشؤون الدينية. تونس 2010. 8- المنجد في اللّغة والأعلام. الطبعة الثالثة والعشرون ومعه المنجد في الأعلام الطبعة التاسعة سنة 1976. 9- مقال: الصّداق القيرواني: المنطلقات الاجتماعية والأبعاد الحضارية للدّكتور أحمد الطويلي. جريدة « الحرية » الخميس 14 جانفي 2010. تونس. 10- Art et coutumes des Maures Odette du Puigaudeau Présentation par Monique Vérité Préface de Théodore Monod Postface par Ahmed Baba Miské Ibis Press. Paris 2002 11- El legado andalousi N°38 10 ème année. Dossier spécial : Kairouan Capitale de la culture islamique (2009) (المصدر: « صحرا ميديا » (موقع إخباري – موريتانيا) بتاريخ 21 أفريل 2010) الرابط:http://www.saharamedias.net/smedia/index.php/2008-12-23-23-47-54/7309-2010-04-21-01-37-43.html
رأي في الوثيقة الصادر عن هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات « في العلاقة بين الدولة والدين »وموقف منها
(الجزء السابع)
– أنواع من الحكم والحكام في تاريخ نظام الحكم في الأمة: (الجزء السابع) لقد مر الحكم في العالم الإسلامي منذ الحكم الإسلامي التوحيدي الوحدوي الشامل، حتى النظام السياسي للدولة القطرية التي حدها الغزاة الغربيون، بعد تقاسم جسم الخلافة المريض المتهالك، وانتهاء بإسقاطها من طرف حلفائهم والمتآمرين عليها معهم من العرب والعجم لاعتبارات وغايات وأهداف مختلفة، وإنهاء الوحدة وفك الإرتباط بين مختلف مكونات الأمة. وكان ذلك من أهم الأهداف التي كان الغرب الصليبي يسعى منذ قرون من الزمن لتحقيقه. وقد كان العرب من أهم الأطراف والأعراق والجهات التي كانت مساعدا لقوى الإستكبار الإستعماري العنصري الصليبي في ذلك، بأربعة مراحل، وهي التي جاءت النصوص القرآنية معلنة عنها في الآيات الواردة في سورة المائدة من القرآن الكريم خاصة. يقول تعالى: » يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (41) سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين (42) إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (44) وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون (45). » وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (47) وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (48) وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون (49) أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون (50). 1- مرحلة حكم الصالحين: التي بدأت بحكم المعصوم صلى الله عليه وسلم، والتي انتهت بنظام الخلافة الراشدة على عهد الخلفاء الراشدين، والذين التحق بهم في ذلك من كان مثلهم أو قريبا منهم ممن جاء بعدهم من الصالحين والمصلحين الذين كانت لهم محاولات وتجارب تذكر فتشكر، من مثل عمر بن عبد العزيز وخير الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم. فإذا كان لا يمكن ولا يجوز أن يطلق حكم الصالحين إلا على الدولة الإسلامية، فإن ذلك لا يعني أنها دولة الملائكة أو المعصومين من الخطإ من البشر ومالكي الحقيقة المطلقة، ولكنها الدولة التي تمتاز عن غيرها من الحكومات التقليدية الديمقراطية منها تحديدا، بثقافتها الأصيلة وبمرجعيتها الإسلامية ثقافة وعقيدة وشريعة، ليس للإنسان فيها مطلق الحرية في التفكير السلبي بعيدا عن المنطق العلمي، وعن الجدية والمسؤولية والإلتزام، وأن ينظم الشأن العام لا كما يريد، ولكن كما يريد العقل الحصيف الراشد الراجح المجتهد، فهما للواقع وتأويلا للنص وتنزيلا للأحكام وللنص الشرعي على ذلك الواقع، وفق ما تتحقق به المصالح وتدرأ به المفاسد. فهي الدولة الأوفر حظا- في تحقيق الحداثة التي هي ثقافة وأخلاق وسلوك، وليست مظاهر ولا آليات ولا تقنيات وأنماط عيش وعادات وتقاليد، ولا محاكاة للغرب ولا للشرق، لما تمتاز به من بعد روحي ليس للدولة الديمقراطية، ومنظومة تربوية وأخلاقية عالية، أصبح الإنسان المعاصر الذي لا اعتراف له بغير العقل يعتبر أنه لا حاجة له بها- من الدولة الديمقراطية المثل الأعلى للإنسان المعاصر المفتون بالحضارة الغربية المعاصرة باعتبارها أفضل الدول نظاما، وهي بالمناسبة ليست كذلك دولة شيطانية، ولكنها الدولة التي يقوم نظامها على أساس العقل وحده ولا علاقة له بالوحي. وهي التي تحقق من خلالها للإنسان الغربي خاصة، ما لم يتحقق له في التاريخ من قبل من رفاه وتطور وتقدم، ومن وفرة وثراء ورغد عيش، ومن تطور وتقدم. وهي التي لم تستطع، بسبب ما كانت عليه من حيف، بالرغم من كل ذلك، أن تسعد الإنسان عموما، وهي القادرة على ذلك في الحقيقة، ولما كان ينقصها من بعد إنساني كانت قد فقدته بسبب إبعادها للدين وللقيم الروحية في إدارة الشأن العام، ولما كانت عليه من حرص شديد على طلب المتعة ومن نزعة مادية جامحة.. والدولة الإسلامية فهي التي تجعل من الملتزمين بتلك المنظومة الأخلاقية والتربوية والروحية المشار إليها سالفا أقدر من غيرهم على تحقيق العدل والعدالة والحرية والمساواة. وهي التي ليست كذلك استنساخا لواقع الغرب ولثقافته ولعلاقاته بعضه ببعض أو بعضه بالآخر المخالف دينيا ولغويا وعرقيا واجتماعيا وثقافيا وتاريخيا وحضاريا.. 2- مرحلة حكم الظالمين: الذين يقولون بأفضلية النظم المدني الإنساني العلماني عن النظام الإسلامي الرباني المدني » أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى.. » من الذين استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير و » الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون » – الأعراف (45) وهي مرحلة الحكم بالإسلام. ولكن عندما يتحول الحاكم فيه إلى ظالم، والحكم إلى حكم عضوض بتحويل نظام الشورى الإسلامي إلى نظام وراثي وغيره من الأنظمة ذات الطبيعة العائلية والأسرية والقبلية والعشائرية والقومية والطبقية إلخ…وهم أولئك الذين يقرون الحكم بما أنزل الله ولم يحكموا به. وقد جاء في تفسير القرطبي أنه من الظالمين » من جار عن حكم الله ووضع فعله ما فعل من ذلك في غير موضعه الذي جعله الله له موضعا ». فقد بدأ حكم الظالمين في الإسلام منذ وقت مبكر. وإذا كان البعض يعتبر أن ذلك قد كان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، فإن آخرين يرون أن الكافرين هم من تولى الحكم بغير ما أنزل الله بعد أن ارتد الصحابة كلهم إلا أربعة، (1) وبعد أن اغتصب حق آل بيت رسول الله صلى عليه وسلم في الخلافة والإمامة التي جعلها الله في زعمهم لهم دون سواهم، وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بها في واقعة الغدير. إلا أن الأدق حكما على انتقال الحكم للظالمين، هم القائلون بإنهاء مبدإ الحكم بما أنزل الله عن طريق الشورى، وفرض الحكم العضوض الوراثي على عهد بني أمية الظالم، وبعد اعتماد منطق القوة من طرف معاوية بن أبي سفيان لحكم المسلمين، وبعد أن فرض عليهم مبايعة ابنه الفاسق المعلوم الفسوق اليزيد. وقد جاء كذلك تفسير الظالم في تفسير فتح القدير قوله أنه: « ..من أقر به (الحكم بما أنزل الله ) ولم يحكم به فهو ظالم ». وظل ذلك الأمر مستمرا على ذلك النحو المخالف لنظام الشورى الإسلامي حتى يوم الناس هذا في بعض الأقطار العربية، وبعد أن انتهى نظام حكم الخلافة في أمة العرب والمسلمين. وإذا كانت الإستثناءات في ذلك قليلة، فإن أهمها وأصحها وأقومها خلافة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه… 3- مرحلة حكم الفاسقين: » الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون »(27) – البقرة. وهم الخارجون عن أمر الله الذين لا يأتمرون بأمر ولا ينتهون بنهي مما أمر الله به أو نهى عنه، في إقرار للحكم بما أنزل الله ولم يحكموا به..من العلمانيين الهجناء المغشوشين الذين لا ينكرون حكم الإسلام، ولكنهم يعتبرونه تجربة من الماضي لم تعد صالحة لأهل هذا الزمان من العرب والمسلمين وقد تجاوزها الزمن. وأن نظام الشريعة هو نظام قاصر لا يفي بمتطلبات العصر مع وجود فكر إنساني عقلاني حضاري متطور، ونظام سياسي إنساني متكامل تتحقق به للإنسان إنسانيته ويتمتع فيه بالمواطنة الكاملة والمساواة التامة بين كل الأجناس وكل الأعراق وكل الألوان وكل الألسن وكل أصحاب مختلف الآراء السياسية… 4- مرحلة حكم الكافرين: » الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون » – الأعراف (51) » المسارعين في الكفر الخارجين عن طاعة الله ورسوله المقدمين آراءهم وأهواءهم على شرائع الله عز ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) علي بن أبي طالب – والمقداد بن الأسود – وسلمان الفارسي – وأبوا ذر الغفاري وجل » من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم » كما أورد ذلك ابن كثير في تفسيره. أما تفسير حكم القدير فقد جاء فيه أنه » من جحد الحكم بما نزل الله فقد كفر ». أما البيضاوي فقد أورد في تفسيره » ومن لم يحكم بما أنزل الله مستهينا له منكرا له فأولئك هم الكافرون لاستهانتهم به وتمردهم بأن حكموا بغيره ولذلك وصفهم بقوله الكافرون والظالمون والفاسقون. فكفرهم لإنكاره وظلمهم بالحكم على خلافه وفسقهم بالخروج عنه. ويجوز أن يكون كل واحدة من الصفات الثلاث باعتبار حال انضمت إلى الإمتناع عن الحكم به ملائمة لها أو لطائفة كما قيل هذه في المسلمين لاتصالهم بخطابهم والظالمين في اليهود والفاسقون في النصارى. وهي المرحلة التي تولى فيها الشارحون بالكفر والإلحاد صدرا الحكم، أو كانوا طرفا مهما ضاغطا فيه من اللائكيين الشيوعيين في الكثير من البلاد العربية والإسلامية. وهي بالنهاية كلها أنظمة فاسدة. وهي التي يمكن أن يجتمع في النظام الواحد منها الظالمين والفاسقين والكافرين. ولعل أوضح نسخة في ذلك هي نسخة نظام تحالف 7 نوفمبر الرهيب، نظام العصابات السبع، الذي وإن كان فيه من الصالحين والصادقين والمصلحين، فهم من لا صلة لهم بمواقع أخذ القرار ولا يستطيعون إصلاح عمل المفسدين. لم أورد هذه التفاسير للقول بتكفير الناس، ولست في حاجة إلى ذلك. فمن كفر فعليه كفره، ومن آمن فله إيمانه. ولست من الذين يدخل الناس إلى جهم أو يخرجهم منها. كما أني لست من الذين يدخل الناس إلى الجنة أو يخرجهم منها. ولا أحد يمكن أن يقول أني سابق بالإيمان ولا متخلف بالكفر. فـ » القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمان يقلبها كيف يشاء. يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي كافرا ويصبح مؤمنا » كما ورد ذلك في ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث. وكان القصد قائما في الرجوع إلى ما قال به الأقدمون، وما كانوا عليه من فهم للقرآن الكريم. وهم من كانوا، وهم يفسرون القرآن ويفهمونه، ليس في واقعهم ولا في خلفيتهم ولا في ذهنهم العلمانيون ولا القرامطة الجدد من الملحدين الذين، وإن كانوا بالأمس القريب، يبدون إلحادهم، فقد أصبح الكثير منهم اليوم يخفيه، لأن كل الذي يفهمه العلمانيون من إيراد أقوال المحدثين وتفسيرهم وفهمهم للنص القرآني، هو تكفير المحدثين لهم ويعتبرون أنهم مقصودون دون غيرهم في ذلك الفهم وفي ذلك التفسير، الذي يمكن أن يكون على خلاف ذلك لولا وجودهم، ولو لا حالة الصراع القائمة بين الحركة العلمانية اللائكية الأصيلة في الغرب والدخيلة الهجينة في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، والحركة الإسلامية. وذلك ما يقلق أكثر الملحدين من اللائكيين إصرارا على الإلحاد أيما قلق ويثير حفيظتهم، لما يجعلهم ذلك في عزلة عن المجتمع، بما يقلل من قدرتهم على التحرك بحرية، ومن انخراطهم وتأثيرهم فيه وتأثره بهم .. فذلك هو الفهم سواء في ذلك العصر أو في هذا العصر أو في أي عصر آخر، سواء فسره وفهمه وقال به الأقدمون أو المحدثون، سواء بوجود الذين يعتبرون أنهم هم المقصودون بذلك الفهم وذلك التفسير وذلك القول أو بعدم وجودهم.. ولا يعنيني كثيرا إيمان من آمن، وإن كنت أريد أن يعيش كل الناس من أبناء الشعب وأبناء الأمة وكل الخلق من بني آدم على قاعدة الإيمان، وأن يلقى كل الناس الله عليها. كما لا يعنيني كثيرا كفر من كفر، وإن كنت أريد أن لا يعيش أحد من أبناء الشعب والأمة وكل الخلق من بني آدم على الكفر، ويتوفاه ملك الموت وهو على ذلك. إلا أن الذي يعنيني أنه من الغير المقبول عندي أن يستمر هؤلاء في الحركة العلمانية اللائكية في تكفير الناس بطرق مباشرة وغير مباشرة، سواء من خلال السلطة أو من خارجها. ولا يمكن أن يكون نظام الدولة الديمقراطية حلما، طالما أن الدولة الحديثة في تونس ليست إلى حد الآن إلا دولة التكفير والتفقير والتهميش والترويع وطالما أن الكثير من مكونات الحركة العلمانية اللائكية يمكن أن تكون طرفا فيها، وأن الإسلاميين ليسوا سوى طرفا من الأطراف كذلك فيها. وطالما أن نظام فصل الدين عن الدولة قائما، فإن نظام الحكم لا يمكن إلا أن يكون نظام حكم الظالمين أو الفاسقين أو الكافرين أو كل هؤلاء، فأي موقع للإسلاميين إذن فيه وماذا يمكن أن يفعلوا ؟ فالنظام الإسلامي هو نظام يختلف عن كل أنظمة الحكم البشرية الأرضية. وهو الذي لا يقبل بغير التلازم بين الدين والدولة، على أن تكون أحكام الدين هي الممثلة للأسس الرئيسية لها. والنظام الإسلامي للدولة الإسلامية هو الذي صمام الأمان فيه بالنسبة للحكم والمحكوم الخوف من الله والطمع فيه وحده. فبقدر ما تكون طاعة الحاكم لله وشدة خوفه من عقابه وطمعه في ثوابه، بقدر ما ينقص خوفه من الناس وطمعه فيهم،بقدر ما ينقص ذلك من ظلمه وحيفه وبقدر ما يزيد ذلك في عدله وصلاحه وتستقيم به طريقته في الحكم، ويتمتع الناس بذلك من كل حقوقهم، ويكون بعضهم عونا للبعض الآخر على حفظ الحرية والعدل والعدالة والمساواة والأمن والأمان والإستقرار، وتحقيق النهوض والكفاية والإستقلال والسيادة والتقدم الحضاري. وبقدر ما تكون طاعة الناس لله وشدة خوفهم من عقابه وطمعهم في ثوابه، بقدر ما ينقص ذلك من خوفهم من الحاكم وطمعهم فيه، ويزدادون بذلك جرأة على إحقاق الحق وإبطال الباطل، وقدرة على التصدي للمظالم وللظالمين والمطالبة بحقوقهم والتمسك بها على قاعدة » لا طاعة لمخلوق في طاعة الخالق » و »من مات دون ماله وعرضه مات شهيدا « . فالسلطان فيها للدين وليس للسلطان فيها على الدين سبيلا. وإذا كان السلطان فيها يستمد شرعيته من الدين، فإن الدين لا يستمد شرعيته من الدولة ولا من الشعب، ولكنه يستمدها من الله ومن النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، ومن سبقه من أنبياء الله جميعا عليهم السلام. هذا الدين الذي يستمد قيمته بعد الله ورسوله من العقل البشري، لأن الأصل في الشيء أن القرآن والسنة بدون العقل البشري جامدان غير ناطقان ولا قيمة لهما ولا يضران ولا ينفعان بدونه. ولذلك جعل الله العقل مناط التكليف، ولا مسؤولية للإنسان عند الله على أقواله وأفعاله إذا لم يكن عاقلا … أما الدولة الديمقراطية فلا مكان فيها للنقل. وهي من وحي العقل البشري الذي لا يريد أن يكون للنقل معه مكان فيها. فهي دولة الإنسان المنقطع عن الله. وهي دولة الإنسان الذي لا يريد أن يكون الله في السماء إله وفي الأرض إله. بل منه من يريد ويقبل أن يكون الله في السماء إله وفي الأرض غير ذلك، ومنه من يريد أن لا يكون الله إله في الأرض ولا في السماء وهو القائل في سورة الأنعام » وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون « (3) وهو القائل كذلك في سورة الزخرف » » وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو العليم الحكيم » (84) وهم المجرمون. أما المسلمون، فهم من لا يقبل إلا بأن يكون إلا الله في السماء إله وفي الأرض إله. وهو الذي في السماء إله، ولا أحد يمكن أو يستطيع أن ينازعه ذلك. ولا يقبلون بذلك بأن يكون أحد غيره في الأرض كذلك إله، ولا أحد غيره يمكن له ذلك أو يستطيعه. روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: » خذوا العطاء مادام عطاء فإذا أصبح رشوة على الدين فلا تأخذوه. ألا أن رحى الإسلام دائرة ألا فدوروا مع الكتاب حيث دار. ألا إن القرآن والسلطان سيفترقان ألا فلا تفارقوا الكتاب. ألا إنه سيكون عليكم أمراء إذا أطعتموهم أضلوكم وإذا عصيتموهم قتلوكم، قالوا وماذا نفعل إذا أدركنا ذلك يا رسول الله قال: كما فعل أصحاب عيسى ابن مريم، نشروا بالمناشير وعلقوا في المشانق. موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله « . أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فنحن معشر المسلمين مطالبون إذا افترق القرآن والسلطان بعدم مفارقة الكتاب، ومن ثمة بمفارقة السلطان. وأنا أعلم أن الذين يلتقون مع المكونات العلمانية اللائكية في هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات من الإسلاميين ليسوا مفارقين للكتاب، ولكنهم يريدون أن يروا يوما اجتماع القرآن مع السلطان ويعملون على ذلك ويسعون إليه، ولكن موافقتهم على الفصل بين الدين والدولة غير جائزة، وليس لهم عليها دليل شرعي، إلا أن يكون ذلك مما ليس منه بد. وهل نحن فعلا في موقع من يجوز له الأخذ بحكم الضرورة والمضطر في مثل هذه المسائل والحالات؟ كان يمكن أن يكون لنا وجود كما كانت العادة تقتضي ذلك – في إطار التنسيق بخصوص المسائل والقضايا ذات الإهتمام الوطني والإقليمي والدولي الداخلي والخارجي المشترك، مع من يريد ومن يقبل بذلك، نزولا عند الأمر الواقع الذي فرضته عصور الإنحطاط والإستعمار من قبل والإستبداد العلماني الذي مازال جاثما على الشعب وينوء عليه بكلكله بعد ذلك، وما انتهى إليه الوضع بالبلاد بسبب ذلك من انقسام سياسي وثقافي حقيقي، أصبحت فيه العلمانية الهجينة المنبتة الدخيلة أصلا، والإسلام الأصيل استثناء – بعيدا عن هذه العلاقة المشبوهة التي هي على حسابنا، خاصة في ما له علاقة بالله ورسوله، وبالمرجعية الإسلامية التي يجب أن تكون هي المحددة لعلاقاتنا بالآخر المخالف، ونحن المحددين لعلاقاتنا من خلالها به، لا نحن المحددين لعلاقاتها بنا وبه. وإذا لم نكن نحن من يحدد علاقتنا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان الله هو وحده الذي يحدد علاقتنا به وبرسوله صلى الله عليه وسلم، كما يحدد علاقة كل المسلمين بذلك وكل خلقه به، فليس لنا أن نحدد علاقتنا بالآخر المخالف والمختلف معنا، بمعزل عن ما يجيزه لنا الله ورسوله وما لا يجيزه لنا. وإذا كان الله هو الذي يحدد لنا كيف نطيعه ومتى وأين وكيف تكون معصيته ومتى وأين، فإنه لم يعد من الجائز أن نبحث نحن في الكيفية التي نكون طائعين أو عاصين له بها. ومن ثمة فإن علاقتنا بالآخر لا يمكن أن نكون نحن من يحددها، ولكن مرجع تحديدها يعود دائما إلى النصوص الشرعية الواردة في ذلك. فهل كانت موافقة إخوتنا على وضع الإسلام الأكبر والأرحب والأكمل والأشمل، رهن الدولة الديمقراطية الأضيق والأنقص والأصغر، قائمة على دراسة واضحة وعلى تأصيل شرعي؟ أم كانت في إطار ما يسمى في ساحات المعترك السياسي التقليدي، صفقة سياسية تقتضيها المرحلة والمصلحة، بصرف النظر عن كل تلك الإعتبارات التي لا بد للمسلم في الحقيقة منها؟ لا سيما وأن الذي يجب أن يعلمه الجميع، أنه من السهل على العلمانيين التفلت وعدم التقيد بالعهود والعقود والإلتزامات، وأنه ليس من السهل على المسلمين فعل ذلك، بل وليس من الجائز لهم أصلا وهم يعلمون، ليكون ما يقال وما يكتب وما نوافق عليه حجة لهم علينا ونحن أصحاب العهود والمواثيق، ولا يكون حجة لنا عليهم وهم من لا عهد لهم ولا ميثاق، وهم من لا شيء يلزمهم أدبيا ولا أخلاقيا بما يقولون وما يفعلون وقد علمنا منهم ذلك، على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، مرارا وتكرارا. فهل يمكن أن لا تكون هذه المرة كسابقاتها، سواء في ما اتفق عليه بعضهم مع بعض، أو ما تم الإتفاق عليه بعضهم مع بعض آخر ؟ وإذا كان منهم ما يعتبره البعض تنازلا، فإن ذلك ما يبقى دائما لصالحهم، وليس لصالحنا ولا لصالح البلاد والعباد، وما يبقى دائما في إطار المحافظة على النظام العلماني والدولة العلمانية اللائكية، وتهميش الإسلام ومنع طرح البديل الإسلامي واستبعاده. وفي الوقت الذي يتجه فيه اهتمام العلمانيين دائما للحفاظ على الدولة العلمانية، مازال اهتمام الإسلاميين يتجه دائما كذلك إلى أن يتم القبول بهم مجرد طرف من الأطراف، في أحسن الحالات، في هذه الدولة التي لم تعد على البلاد إلا بالخراب والدمار والفساد، وعلى العباد إلا بالتكفير والتفقير والترويع والتشتت والإنقسام والخوف والطمع والرعب والتهميش…(يتبع) كتبه – علي شرطاني الجزء الخامس على الرابط :
http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=6757&Itemid=55 الجزء الرابع على الرابط :
http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=6585&Itemid=55 الجزء الثالث على الرابط :
http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=6572&Itemid=55 الجزء الثاني على الرابط :
http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=6541&Itemid=55 الجزء الأول على الرابط :
http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=6541&Itemid=55 (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 21 أفريل 2010 )
منزل بورقيبة: مجزرة بيئية
بقلم: جابر القفصي منذ مستهل هذا الأسبوع أقدمت شركة خاصة على قطع الأشجار المحيطة بالطريق المحاذية للبحر والمؤدية إلى دائرة » قنقلة » والتي تمر أمام الأكاديمية البحرية ومدرسة المهن المعروفة باسم « لابيرو ». وهي طريق تطل على منظر جميل جدا محاط بالخضرة، وباشجار الكالاتوس العالية من الجانبين، وبربوة جبل سيدي يحي، وبمنازل أغلبها مسقفة بالقرمد على الشكل الأوروبي المميز لفترة بداية القرن العشرين. ولقد كان من المفترض أن تحافظ السلطة البلدية على هذا النمط المعماري وعلى هذه الخصوصية الحضرية كتراث معماري مهم خاصة بالنسبة للأجيال التي لم تعش الحقبة الاستعمارية. ذلك أن مدينة منزل بورقيبة هي مدينة شيدت وأنشئت خصيصا للفرنسيين فهي إذن مدينة ذات طابع أوروبي بامتياز. ولكن عوض أن نحافظ على هذا المكسب المعماري ونرممه ونصونه في طابعه التاريخي حيث أنه يمثل وثيقة مهمة تروي التاريخ الاجتماعي للمدينة، ها هو العكس الذي يحدث، حيث تنظم حملة شرسة لقطع الأشجار وتدمير البيئة من اجل المتاجرة بالخشب وبيعه للأثرياء من أصحاب المدفئات التقليدية التي تشتغل بالحطب ومحلات « البيتزة » الفخمة والمطاعم الفاخرة. ولقد هب السكان اليوم 9/4/2010 وهو يوم عطلة، تحتفل به تونس إحياء لذكرى الشهداء. ويا لعجائب الصدف ولسخرية التاريخ والقدر، حيث يتم في ذكرى الشهداء ارتكاب مجزرة بيئية في حق حي تاريخي متميز ومدينة تريد الاحتفاظ بماضيها وسكان يرفضون تدمير محيطهم الطبيعي والمتاجرة به. فبعد أن ذهب وفد من السكان والتقى بدون جدوى بمعتمد الجهة وبرئيس البلدية وأحاطوهما علما بخطورة ما يحدث، لم يبق لهم سوى الاعتصام في الطريق العام في موقع المجزرة وتعريض أجسادهم للخطر دفاعا عن الشجر وعن حياة كريمة وصحية للبشر، حتى يمنعوا تواصل المجزرة واستمرار العدوان على الطبيعة وعلى الإنسان. وبعد صمود الأهالي إصرارهم على عدم مغادرة المكان حتى ترحل الجرافات والشاحنات وأعوان الشركة، ورد أمر من السلط ومن الجهات الأمنية بوقف تنفيذ قطع الأشجار وبرحيل الشركة ومعداتها ونال المواطنون ما يريدون بفضل شجاعتهم وإحساسهم العميق بالانتماء لهذه المدينة وتجاوزهم لعقلية الجبن والاستقالة والرضوخ. المهم في الأمر انه تجمع احتجاجي عفوي لمواطنين عاديين لم يجدوا بدا من التحرك المباشر على الميدان بأنفسهم في ظل الغياب القاتل لجمعيات وأحزاب البيئة والدفاع عن المدينة ولجان الأحياء وممثلو أحزاب المعارضة وكل هياكل ومنظمات المجتمع المدني. ولعله من المفارقة أن يدشن الحزب الحاكم حملة الانتخابات البلدية والدعاية للقائمة التجمعية بهجمة شرسة على البيئة وعلى راحة المواطنين وسكينتهم بهذه المنطقة، والمتاجرة بجمالية الطبيعة وخصوصية التاريخ دون أي أدنى اعتبار لمشاعر المواطنين ورغباتهم . والسؤال الذي يطرح في خضم هذه المأساة هو أين نحن من الخطب الرنانة حول الحفاظ عن البيئة والتنمية المستدامة وسياسة دعم التشجير والمساحات الخضراء وحق المواطن في هواء نقي ومدينة جميلة؟ وهل هنالك أجمل من الخضرة وسحر الطبيعة الخلاب حينما لا تدنسها يد الانسان؟ (المصدر: « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 542 بتاريخ 16 أفريل 2010)
المنتدى التونسي في هولندا مؤتمر « قوارب الأمل..الهجرة السرية بين المقاربتين الأمنية والتنموية لاهاي 1 و 2 مايو/آيار 2010 بيان صحفي
يعقد المنتدى العربي في هولندا المؤتمر الأول حول الهجرة، تحت عنوان » ظاهرة الهجرة السرية بين المقاربتين الأمنية والتنموية »، وذلك يومي السبت 1 والأحد 2 مايو/آيار 2010، بالعاصمة السياسية الهولندية لاهاي، بمشاركة عدد من الكتاب والباحثين و الناشطين الحقوقيين، من العرب الأوربيين. و ستتوزع أشغال المؤتمر على ستة محاور هي: السياسة الأوربية إزاء الهجرة السرية بين المعالجتين الأمنية والتنموية، و أسباب الهجرة السرية من الضفة الجنوبية إلى الضفة الشمالية للمتوسط، والهجرة السرية و منظمات حقوق الإنسان، دور منظمات المهاجرين في محاربة الهجرة السرية، الهجرة السرية في وسائل الإعلام العربية والأوربية، الحلول الممكنة للهجرة السرية في دول الجنوب: الديمقراطية والتنمية. و يأتي هذا المؤتمر في إطار سعي المنتدى العربي في هولندا إلى تفعيل دور الأقليات العربية في تنمية العلاقات العربية الأوربية من جهة، والمساهمة في إيجاد حلول للقضايا الرئيسية العالقة بين الطرفين، وفي مقدمتها ظاهرة الهجرة السرية التي تعد أحد أهم التحديات المعوقة للتنمية في العالم العربي، وأحد أهم التحديات المطروحة على صعيد الأمن الأوربي المشترك. و من الشخصيات التي ستشارك في المؤتمر، الدكتور أحمد القديدي، رئيس الأكاديمية الأوربية للعلاقات الدولية والدكتور محمد القريشي الباحث بجامعة ليل الفرنسية والاستاذ منصف السليمي، الإعلامي المعروف بمؤسسة دويتشه فيليه الألمانية والأستاذ عبد الوهاب الهاني الخبير في حقوق الإنسان والدكتور محمد البشاري أمين عام المؤتمر العربي الإسلامي في أوربا، والدكتور عيسى بوقانون الإعلامي في مؤسسة « أرور نيوز »، بالإضافة إلى عدد من نشطاء الأقلية العربية في هولندا كعبدو المنبهي رئيس المركز الأورو – مغاربي للهجرة والناقد السينمائي حسونة المنصوري و الباحث التيجاني بولعوالي والدكتور خميس بوشهدة رئيس اتحاد الكتاب والصحفيين العرب و محمد بنميمون الباحث المتخصص في قضايا الهجرة. وتتطلع إدارة المنتدى العربي في هولندا، التي يرأسها د.خالد شوكات الكاتب والإعلامي التونسي، إلى أن يتوصل المؤتمرون إلى عدد من التوصيات الهامة في بيانهم الختامي، التي ستفيد الحكومات المتوسطية في وضع سياسة مستقبلية سليمة وبناءة لمسألة الهجرة بشكل عام، والهجرة السرية على وجه التحديد. لمزيد من المعلومات:www.arabischforum.nl
رسالة مفتوحة إلى الدبّلماسي الإيراني د.حسن عصمتي بايكَي، الملحق الثقافي بسفارة الجمهورية (الإيرانية) بتونس
بقلم: عبد الرحمان بن ابراهيم بسم الله الرحمـن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد. قرأت بشغف ما جاء بموقع المستشارية الدبلماسية – تونس، نشرة (العلاقات الايرانية التونسية قبل الاسلام و بعده) كلاما محرّفا على لسان المرحوم عثمان الكعّاك ,تنسجون فيه تاريخا وهمياّ ليس فيه أيّ أساس من الصّحة، وتستعملون تسمية ايران عوض الفرس، مع أنّ تاريخ الفرس أجدر بالذّكر وأشهر ولكنّها التقية دون ريب، وتفاديا لإبراز السيادة العربية في حقبة تاريخية كان الإسلام فيها هوالسّيد، ويسميها المؤرخون الحضارة العربية الإسلامية، وأوردت خبرا لا أظنّ الكعّاك يرتكب خطأ مثله، وهو الآتي: « (وقد اختلف العلماء في نسبة البربر و ذهب الفرنسيون إلى أنهم من السلت أو الكلت أي من سكان فرنسا القدماء.Gauloisجنس الغاليين.أما نسابوهم الأولون كانوا في عهد القرطاجنيين فإنهم جعلوهم من الإيرانيين) حيث تشطب كلّ ما جاء على لسان المؤرخين العرب, والنسابة البربر من القاموس, وتتربّع شامخا على عرشه ,كما تمحو بجرة قلم كلّ الحضارات التي مرّت على تونس لتنسبها للفرس (الإيرانيون) سادة كانوا أم أتباعا. وتضيف: »-( إذا صحت هذه النظرية التي رواها المؤرخ ساللوستيوس من قدماء نسابي البربر فان الإيرانيين الأوليين (الماديين)واللولبيين(البربر الأوليين الزعر والشقر) من أصل واحد أي أن جانبا لا بأس به من سكان تونس خاصة و المغرب عامة يتحد في الأصل مع الإيرانيين «) . – لقد قرأنا أنّ الفرس قد غزو مصر, ولكنّ البربر كانوا موجودين بإفريقيا قبل ذلك ,ولايخلوا مكان من اختلاط البشر,وكما يعال البطن صبّاغة دبّاغة,ثمّ يا حضرة القائم لا أدري إن كنت تستغفل القرّاء أم تزوّر التاريخ على لسان مفكر تونسي توفّاه الله فتسترسل في سردك. عن(الدكتور كعاك: « نحن في العصر الفينيقي الأول ثم البونيقي أي القرطاجني متصلون بالحضارة الإيرانية و قد وصلنا الكثير من مزروعات إيران وصناعاتها التقليدية ») – يا حضرة القائم مقام، أسمح لنفسي بتلقيبك هكذا، لأنّك سمحت لنفسك بإلغاء تاريخ بلادي، وجعلتها ولاية فارسية، ولم يحدث ذلك في التاريخ وآمل ألاّ يكون، لأنّ من يتحرّج من تسمية الخليج ويصرّ أن يكون الخليج فارسيا فحسب ويشطب الخليج العربي، لا بدّ أن يعلم أنّ دستور بلدي ينصّ على أنّ تونس بلد عربي دينه الإسلام ولغته العربية. – لا أريد إدراج كلّ ما كتبته على لسان الكعاك وما صغته من بنات أفكارك، ولكنّ الفقرة التالية أجعلها الختام آملا من المثقفين في تونس أن يردوا عليك بما يناسب وينتبهوا لثقافتهم وحضارتهم، وعذرا سلفا لم أتعوّد على الدبلماسية: (وإذا كان استيلاء الرومان على تونس سنة 64 ق.م. لقرب المسافة بين قرطاجنة وروما فإن ذهاب الرومان إلى إيران كان سنة 60 ق.م. وأخذ الرومان عن الإيرانيين بالإمبراطورية عامة وبتونس خاصة الدمس جعبة (ساباط) الذي نجده في أسواق قرطاجنة وحمامات دقة والكنائس ونجده في أسواق تونس). 21 أفريل 2010
عبد السلام المسدي ويوجين روغان في الهيئة الاستشارية لجائزة الشيخ زايد للكتاب
ابوظبي – أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب عن انضمام الأستاذ الدكتور عبد السلام المسدي والدكتور يوجين روغان للهيئة الاستشارية للجائزة. وبذلك فإن الهيئة الاستشارية للجائزة في تشكيلتها للدورة الخامسة 2010 – 2011 تضم نخبة من رموز الفكر والثقافة على الصعيدين العربي والدولي، فبالإضافة إلى راشد العريمي عضواً وأميناً عاماً، ود. المسدي ود. روغان، تضم الهيئة الاستشارية الدكتور علي راشد النعيمي والقاص محمد المر من الإمارات ود.عبد الله الغذامي من السعودية ود.رضوان السيد من لبنان ود.صلاح فضل من مصر ود.محمد كافود من قطر. وينص النظام الأساسي للجائزة على أن يتغير اعضاء الهيئة الاستشارية وكذلك انتماءاتهم الجغرافية بما يخدم عملية التجديد في الافكار والاراء المطروحة ويحقق من جهة أخرى الاستدامة والثبات للخبرة التراكمية في مسيرة الجائزة. وستجتمع الهيئة الاستشارية لاول مرة بتشكيلتها الجديدة يوم 27 من الشهر الجاري لمناقشة اسماء المحكمين المقترحين للدورة الخامسة بالاضافة للنظر في مشاريع الجائزة المستقبلية والتي تتضمن عددا من المحاضرات والنشاطات الثقافية في المملكة المتحدة « أوكسفورد »، وجنوب أفريقيا « كيب تاون »، ومعرض فرانكفورت الدولي للكتاب بالاضافة الى مدن ومناسبات اخرى. والدكتور عبدالسلام المسدي أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية وعضو المجامع العلمية للغة العربية في كل من تونس ودمشق وطرابلس وبغداد، وعمل وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي في تونس، وسفيرا لبلاده لدى جامعة الدول العربية وهو مهتم بالعلوم اللغوية والنقد الأدبي وتحليل الخطاب السياسي. ومن أهم الجوائز التي حصل عليها الجائزة التقديرية للجمهورية التونسية في اللغة والآداب وجائزة العويس في الدورة الحادية عشرة في فرع الدراسات الأدبية والنقد كما وله العديد من المؤلفات، منها: التفكير اللساني في الحضارة العربية، اللسانيات وأسسها المعرفية. أما البروفيسور د. يوجين روغان فهو مؤرخ ومستعرب بريطاني وهو مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكسفورد واستاذ تاريخ الشرق الاوسط الحديث وزميل كلية سانت أنتونيز. ترأس رابطة دراسات الشرق الأوسط بأمريكا الشمالية، وله عدد من المؤلفات مثل : حرب فلسطين: إعادة كتابة تاريخ حرب 1948،وكتاب العرب.. لمحة تاريخية. وقامت الجائزة بفتح باب الترشيحات للدورة الخامسة قبل اسبوعين في كل من فروعها التسعة: جائزة الشيخ زايد في التنمية وبناء الدولة، جائزة الشيخ زايد لأدب الطفل، جائزة الشيخ زايد للمؤلف الشاب، جائزة الشيخ زايد للترجمة، جائزة الشيخ زايد للآداب، جائزة الشيخ زايد للفنون، جائزة الشيخ زايد لأفضل تقنية في المجال الثقافي، جائزة الشيخ زايد للنشر والتوزيع، جائزة الشيخ زايد لشخصية العام الثقافية. (المصدر: « العرب الدولية » (يومية – لندن، تونس) بتاريخ 21 أفريل 2010) الرابط: http://www.alarabonline.org
حوارات – المفكر الإسلامي راشد الغنوشي لـ »الاستقلال »: الوسطية الإسلامية » ضمان الأمة في مواجهة أخطار التشدد والتكفير
الجمعة, 16 أفريل/نيسان 2010
الاستقلال/سهيل المقيد إنما أرسلت النبوات لضبط اختلافات الناس في حدود تجعل اختلافهم رحمة وإثراء لاجتماعهم وليس فتنة وتمزقا وتمهيدا لحكم الاستبداد ، وفقه الاختلاف فرع حديث من فروع الفقه وهو يستند إلى مصادر التشريع الإسلامي كتابا وسنة وإجماعا ومصالح. ( ملاحظة المقدمة جزء من إجابة السؤال الأول حتى لا نطيل أكثر). *ردا على سؤال تعريف فقه الاختلاف : فقه الاختلاف أو أدب المناظرة هو أحد فروع الفقه يعنى بضبط الآداب والقواعد التي ينبغي أن تحكم المتناظرين والمختلفين عامة ويدار وفقها الاختلاف حتى يكون خلافا رفيعا منتجا، وليس ضربا من جدليات فارغة ،علما أن الاختلاف بين البشر فطرة وسنة كونية وعامل إثراء .قال تعالى »ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ، ولذلك خلقهم » إنها إرادة الله في خلقه كائنا بعقل حر »ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة » مما جعل اختلافنا حتما لازبا. * ما هي حدود الاختلاف المشروع به في الإسلام ؟ ما يجوز الاختلاف فيه هو دائرة الفراغ ، دائرة الاجتهاد مما لم يرد في الشريعة فيه نص قطعي الورود قطعي الدلالة من مثل قضايا العقيدة وأركان الإسلام وقضايا الحلال والحرام، فالفقه هو عمل المجتهدين في استنباطهم للأحكام من الشريعة، قطعيات الدين . ورغم القواعد الأصولية الدقيقة التي توصّل إليها علماء الأصول لضبط عملية استنباط أحكام الفقه من الأصول فقد بقى المجال واسعا للاختلاف بين الفقهاء وللخطأ، بحسب اختلاف الفهم والأوضاع والمدارك، بينما الإجماع حاصل على قطعيات الدين وثوابته مما وردت به نصوص قطعية . * هل يحق لنا أن نحاكم من يخالفنا الرأي بالاعتداء عليه جسديا أو تكفيره؟ كلا، هو الجواب المبدئي واستثنائيا، إذا كان هناك جهة من اختصاصها إصدار مثل تلك الأحكام كحكم التكفير أو الحكم بعقاب ما ، فهي الجهة السلطانية عبر أجهزتها القضائية، ولا يجوز لفرد أو مجموعة الإقدام على هذه الوظيفة، وإلا كان معتديا. *هل من الواجب التمسك بالرأي والمقاتلة من أجله أو التراجع حتى عنه لا تحدث فتنة في المجتمع؟ الأمر كما ذهب إليه شيخ الإسلام أنه في المسائل الاجتهادية ترك التمسك بالرأي أقل ضررا على المسلمين من ترك واجب، ولا سيما إذا تعلق الأمر بحقوق فردية ، وذلك درء للفتنة وحرصا على وحدة جماعة المسلمين واستتباب أمنها ، مما هو مقصد من مقاصد الشريعة، ولا يعني ذلك الاستنامة للظلم وإنما مقاومته بالوسائل السلمية، وهي لئن كانت نتائجها بطيئة في دفع الظلم إلا أنها كثيرا ما كانت أجدى، لا سيما إذا تسلح القائمون على الظالمين بالجرأة والثبات والالتحام بقضايا الجماهير وتجنديها وراء المصلحين، بما يحمل الظلمة حملا على الحق والإقلاع عن الظلم أو يذهبوا ملعونين غير مأسوف عليهم. *وكيف وماذا نعمل ليتم تأليف القلوب بين المسلمين وخاصة عند الاختلاف في الرأي ؟ الإسلام هو من وجه توحيد الله جل جلاله ومن الوجه الآخر توحيد صف المؤمنين، قال تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا »، بما يجعل وحدة المؤمنين فريضة دينية وضرورة حياتية في زمن تكتلات كبرى تحيط بنا أدناها « الاتحاد الأوروبي الذي يضم عشرات الأمم واللغات والأعراق والثقافات والمذاهب، فأنى لأمة موزعة على أكثر من ستين كيانا أن تقيم علاقات متوازنة مع الآخرين ، فكيف يتحقق توازن بين دول عظمى وبين فسيفساء من الدول؟لا أتوقع في ظل هذه التجزئة المقيتة الشنيعة أن تقتدر الأمة على مواجهة أي تحد من التحديات، سواء كان تحدي التنمية أم تحدي الاحتلال ..بما يجعل هدف الوحدة على رأس أهداف الدعوة الإسلامية..كل خطوة صوب الوحدة خطوة صحيحة نحو عزة الإسلام، وسبيل ذلك متشابك يبدأ ببسط وترسيخ الوحدة العقدية الثقافية على أرضية فكرة الوسطية الإسلامية التي تستوعب كل الموحدين الناطقين بكلمة التوحيد فهم جميعا أخوة لهم على بعض حقوق مثل واجب النصرة ، وسبابهم فسوق وقتالهم كفر « لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ». *هل هناك معايير منهجية لإصدار حكم بتخطئة سلوك أو فكر أو تصويبه ؟ ومن الموكل له هذه المهمة ؟ ليس هناك من معيار غير ما ورد في شريعة الإسلام، والجدير بالتنبيه هنا،ما قدمنا من أن مهمة إصدار الأحكام وتنفيذها هي مهمة القضاة وليست مهمة الدعاة ، ولذلك تصدى الإمام الهضيبي لفتنة التكفير التي نطق بها بعض الشباب في حق جلاديهم ،إذ قالوا بكفرهم وكفر النظام الذي وظفهم، فتصدى لهم الإمام وهم في خضم الفتنة تذكيرا لهم بمذهب أهل السنة الذين لا يكفرون مؤمنا نطق بالشهادتين بعمل أتاه، قد يجعل منه ظالما أو مرتكبا لكبائر، إلا أن ذلك لا يخرجه من الملة .فالمسلمون حسب نص القرآن « منهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات » ،وعموما هناك فرق بين مقام الدعوة ومقام الفتوى فالدعوة إلى الخير وظيفة كل مسلم بحسب علمه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »بلّغوا عني ولو آية – نقلا عن صحيفة الاسقلال الفلسطينية بتاريخ 8 أفريل 2010
الانتخابات الفرنسية.. الرسائل الخفية
الطاهر العبيدي taharlabidi@frr.fr الشغل – انخفاض القدرة الشرائية – البطالة – السكن التقاعد – تنامي العنف في الضواحي والمدارس – الغلاء – الضرائب – تسريح العمال…تلك هي بعض عناوين انشغالات الفرنسيين التي باتت صداعا في رأس يمين الوسط الحاكم، وأرقأ لدى الكثير من الشرائح الاجتماعية، وتذمر تكتسح العديد من فئات المجتمع الفرنسي، لتترجم عمليا في الانتخابات الفرنسية، التي جرت في دورتين، الأولى في 14 مارس 2010 والثانية في 21 من نفس الشهر، من أجل اختيار 1880 عضوا ممثلين للمجالس الإقليمية، لتفرز النتائج انتصار الاشتراكيين متحالفين مع أنصار البيئة على تحالف يمين الوسط من أجل حركة شعبية برئاسة الرئيس ساركوزي، انتصارا ساحقا كما عبّر عنه أحد نواب الحزب الحاكم » فرنسوا باروان » واعتبره أسوأ نتيجة في تاريخ اليمين منذ 30 أو 35 عامًا، حيث جاءت النتائج بـ 29،38 % من الأصوات لصالح الاشتراكيين مقابل 26،18 لفائدة اليمين. وهذه الهموم الاجتماعية المتناسلة والمتوارثة، قد فشلت الحكومات المتعاقبة سواء اليمينية أو الاشتراكية في القضاء على هذه الظواهر، أو تخفيضها إلى الحد الذي يتوافق مع طموحات المواطن، ما جعلها تتمطط وتشهد اتساعا، أدّى إلى حالة عامّة من القلق والخيبة في العديد من الأوساط، ما خلق نوعا من الاحتجاجات الميدانية في العديد من القطاعات، أبرزها النقل والتعليم والوظيفة العمومية والصحة..نتيجة تدهور القدرة الشرائية، وجمود الأجور، والإحالة المبكرة على البطالة، وتخفيض اليد العاملة، والضغط على المصاريف لصالح الموازنة العامة في شكل تقشف مقنّع، إلى جانب إعلان حالة الإفلاس لبعض الشركات، وما ينتج عنه من تسريح للعمال، وهروب عدد آخر للاستقرار في دول العالم الثالث، مستفيدة من اليد العاملة الزهيدة، والامتيازات في الإعفاء من الضرائب، التي تعتبر هنا مكلفة. وقد صعد يمين الوسط للحكم في انتخابات ماي 2007 برئاسة ساركوزي، التي أفرزت أغلبية مريحة للبرلمان، والذي وعد بتطبيق برنامج طموح، معلقا أسباب العطب على الاشتراكيين، الذين تساهلوا حسب قولهم مع عدة قضايا ذات صلة يومية بحياة الفرنسيين، منها الأمن والشغل والسكن وانتشال الفئات المسحوقة من الفقر.. وقد جاءت تلك الانتخابات بالرئيس ساركوزي الذي دخل قصر » الايليزي » في أوّل ترشح له، وبذلك بات الاتحاد من أجل حركة شعبية برئاسة ساركوزي يشكل أغلبية برلمانية، ما فتح الفرصة أمامه لتنزيل القوانين بالأغلبية، وقد اصطدم صعود يمين الوسط بظهور الأزمة المالية العالمية، ممّا تركه في مفترق دقيق، وجعل وضعه حرجا أمام هذه الكارثة الدولية، وقد حاول امتصاص هذه الرجّة، والخروج بفرنسا بأقل الأضرار. لقد اغتنم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية فرصة وجوده في الحكم دون شريك، لتمرير العديد من القوانين الاجتماعية، والتسريع بالإصلاحات التي تتطلبها مرحلة توحّش السوق، وتشترطها تحولات الاتحاد الأوروبي في اتجاه الخوصصة، التي تعتصر الجيوب. غير أن هذه القوانين كانت تقريبا في نظر الفرنسيين تتسم بالتشدّد والضغط على النفقات، ودفع المزيد من التنازلات دون تحقيق الأماني المرجوّة، وبقيت الوضعية متأرجحة بين وعود الانتخابات، تحت لافتة كبيرة رفعها ساركوزي في برنامجه الرئاسي » اشتغل أكثر تربح أكثر ». غير أن هذا العنوان بقي مقولة لم تتجسّد بالشكل الطموح على أرض الواقع، إلى جانب التشدد الأمني الذي بات واضحا في الشارع وفي العديد من مناحي الحياة. هذا وفي الضفة الأخرى فقد أفرزت هذه الانتخابات نسبة كبيرة من المقاطعين، بلغت في الدورة الأولى 52 في المائة، وفي الدورة الثانية انخفضت قليلا لتصل إلى 49.52 في المائة لتكشف موقفا سياسيا، يترجم عدم رضا شريحة واسعة من الفرنسيين تجاه أداء كل الأحزاب المتنافسة والمترشحة بجميع فصائلها، مما يشكل هاجسا لدى كل الأطراف، سواء يمينية أو اشتراكية أمام حالة المقاطعة، التي تختزن في طياتها تخوفا من عدم إقناع هذه الشرائح واستقطابها مستقبليا، مما يجعل أي انتصار انتخابي يعتبر منقوصا ومختزلا. وللإشارة فإن الفرنسيين يمتازون بنضج سياسي، يجعلهم يعطون الفرصة للمرشح كي ينفذ برنامجه، وحين يكون التطبيق ليس في مستوى الآمال، فإن الرد يكون قاسيا عبر صناديق الاقتراع، كما هو بالنسبة لهذه الانتخابات التي جعلت الاشتراكيين يفوزون ب20 إقليما من مجموع 23، وهنا يكون الفرنسيين قد بعثوا برسائل مضمونة الوصول إلى الحزب الحاكم، ورسائل علنية إلى الرئيس ساركوزي، الذي ارتج موقعه، وانخفضت شعبيته لتصل إلى أدنى مستوى في المدة الأخيرة، وتضع طموحه في إعادة الترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2012 بين ظفريين. ومما يأخذ على الحزب الحاكم الحالي، أنه غيب القضايا الحياتية اليومية للفرنسيون، وانحاز للطبقات الثرية، ودخل في معارك من شأنها تشطير المجتمع، كتناوله لمصطلح الهوية، والهجرة والضواحي والجالية، والتي كان فيها متشددا. وقد استثمر اليسار المتملمين تجاه معالجة هذه القضايا بشكل حاد، ليوظفها لصالحه. ومن المعروف أن الاشتراكيين على عكس اليمين من أجل حركة شعبية، لهم قدرة في تحريك الشارع، واستقطاب الغضب لفائدتهم، من أجل تفعيله كرصيد انتخابي. ومن جهة أخرى فقد شهدت هذه السنين الأخيرة ظهور بعض التعبيرات الشبابية، من الفرنسيين ذوي الأصول مهاجرة، والتي بدأت تعي أهمية دورها في المشاركة الانتخابية، سواء عن طريق الإدلاء بأصواتها، أو محاولات الانخراط في الأحزاب، والتي غالبا ما تكون اشتراكية أو مجموع اليسار، الذين يعتبرون أكثر رحابة وانفتاحا من يمين الوسط في استقطاب هؤلاء الشباب، الذين يسعون إلى تحقيق شيئ من التوازن لفائدتهم، على عكس الآباء والأجداد الذين يملكون الجنسية الفرنسية، ولا يهتمون بالمشاركة الانتخابية. هذا ورغم هذا الانتصار الكبير الذي حققه الاشتراكيون على منافسهم، فإن هذا الفوز يجعل المسؤولية ضخمة لتحويل هذا الانتصار إلى فعل ميداني، يكون وفيا للوعود المقطوعة أمام الناخبين، الذين سينتظرونهم أمام صناديق الانتخابات سنة 2012 ليفصلوا بينهم وبين استمرارية الخط » الساركوزي « .
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 131بتاريخ أفريل 2010 )
عين عربية
الاختراق الإعلامي الصهيوني
إمبراطورية « ميردوخ » تقتحم الوطن العربي من أبو ظبي إلى تونس
بقلم عادل الثابتي
لا يزال العالم يتابع تطورات جريمة اغتيال القيادي الفلسطيني محمود المبحوح على أرض عربية وهي أرض إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة . وقد أصبح معلوما للجميع أن جهاز الموساد الصهيوني هو من اقترف تلك الجريمة النكراء مستعملا جوازات غربية مزوّرة، وقد مثّل ذلك انتهاكا كبيرا للأمن القومي العربي . في هذا الوقت تعمل الصهيونية جاهدة على إنجاز اختراقٍ آخر لا يقلّ خطورة عن جريمة الاغتيال، إنه الاختراق الإعلامي. فقد تواترت الأنباء عن اختيار روبيرت ميردوخ لإمارة أبو ظبي –غير بعيد عن دبي- مركزا لنشاط إمبراطوريته الإعلامية في الشرق الأوسط بعد أن غادر هونغ كونغ إثر ضغوطات من الصينيين. ويملك روبرت ميردوخ البالغ من العمر 79 عاما ،الأسترالي المنشأ والصهيوني العقيدة، إمبراطورية إعلامية كبيرة هي مجموعة » نيوز كوربوريشن » ومقرها الولايات المتحدة التي تسيّر قنوات شبكة « فوكس نيوز » المعبّرة عن آراء المحافظين الجدد وتسيطر على عديد الصحف من بينها » نيويورك بوست ».كما يسيطر ميردوخ على حوالي 40 % من الصحف البريطانية (التايمز والصن …) ويوظّف ميردوخ كل هذه الآلة الإعلامية الضخمة لخدمة الدولة العبرية، من ذلك أنه أقدم مؤخرا على شراء محطة تلفزيونية خاصة في تركيا هي محطة » تي. جي. آر. تي » ويسعى جاهدا إلى شراء صحف تركية وربما وكالة أنباء خاصة . وهذا المجهود الذي يبذله ميردوخ على الجبهة التركية يعاضد مجهودا آخر تقوم به إسرائيل بهدف التصدي لأعمال درامية تركية تكشف الوجه القبيح للإجرام الصهيوني ضد الفلسطينيين والدسائس التي يحيكها جهاز الموساد على الساحة السياسية التركية نفسها. وكان الموقف الإسرائيلي من مسلسل « وادي الذئاب » قد فجر أزمة دبلوماسية بين تركيا والدولة العبرية لم تنته بعد رغم اعتذار الصهاينة. وتعتمِل الآن أزمة أخرى نتيجة بث مسلسل تركي آخر عنوانه ‘صرخة حجر’ سيعرض هذه الأيام على قناتي ‘ام بي سي 1′ و’ام بي سي 4’. و يكشف هو الآخر ثقافة الدم التي تشكِّل العقل العسكري الصهيوني حيث يُقتل الأطفال بدم بارد وهم بين أحضان أمهاتهم. على الساحة العربية لم يكتف ميردوخ بالتمركز في إمارة أبو ظبي كما ذكرنا، بل عقد صفقة مع الوليد بن طلال، الأمير السعودي المعروف، مالك شبكة روتانا، يشتري ميردوخ بمقتضاها 10% من رأسمال الشبكة مع التعهد بالتحصل على 10 % أخرى من الأسهم في السنة المقبلة. وبحسب مصادر إعلامية في الجزائر فإن ميردوخ اشترى 49 % من أسهم الشركة المشرفة على تلفزيون « نسمة » في تونس . الأمير السعودي الذي يستثمر أموال النفط العربي في الإنتاج المرئي أوضح خلال ندوة صحفية في العاصمة السعودية الرياض أواخر شهر فيفري أن الاتفاق الذي وقّعه مع ميردوخ لا يُعتبر نقلة نوعية لروتانا وإنما للعالم العربي كلّه . وعبّر الوليد بن طلال ، خلال نفس الندوة، عن أمله في أن تساعد هذه العلاقة على تعديل صورة مجموعة ميردوخ لدى المشاهد العربي . طبعا هذا « التعديل » الذي يأمله الوليد لن يمسَّ الصداقة الشخصية القائمة بحسب صحيفة « لو موند » الفرنسية بين ميردوخ ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو. ولن تمسّ الجوهر الصهيوني لعمل مجموعة » نيوز كوربوريشن »، بل ستساعد هذه العلاقة على مزيد من الاختراق الصهيوني للوطن العربي
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 131بتاريخ أفريل 2010 )
الفكر الإسلامي المعاصر- 3 –
كمال عمران (*) لقد مثّلت فكرة الاقتباس منعطفا خطيرا في تاريخ الأفكار في الثقافة العربية الإسلامية الحديثة وهي من المفاتيح الضرورية لمراجعة تاريخ الأحداث وللتعامل مع تاريخ الذهنيات تعاملا يمكن أن يفيد الدراسات الحضارية. النّظر في نصوص الرّواد الذين ذكرنا يهدف إلى الاطمئنان لوعي لديهم كان واضحا في فهم مقومات التمدن الأوروبي ويؤكد أن الموقف إزاء الواقع العربي الإسلامي هو الذي مثل الإشكال ويبدو أن مصانعة أهل السلطة كان أوضح لديهم من مواجهة المعضلات الحقيقية . مرحلة الاستعمار في بداياته : وقد آذنت بميلاد اتجاه جديد في الفكر العربي الحديث والمعاصر هو استخدام الثقافة العصرية في مقاومة المستعمر فكريا وسياسيا وقد لاحت البوادر الأولى لظاهرة « الزعيم الوطني « من قبيل ما وجد في مصر في الزعيم مصطفى كامل ، وفي تونس : علي باش حانبه ، أو من قبيل الهيئات الوليدة كحركة الشباب المصــري أو حركة الشباب التونسي أو حركة الشباب الجزائري .وتعتبر هذه الفترة نتيجة للاصطلاحات التي وضعها الرواد في المستوى السياسي والتعليمي فكانت الشواغل امتدادا لمرحلة الإصلاح إلا أن الاتجاه هو الذي تغيّر من مفهوم الإصلاح إلى مفهوم التحديث في ضوء الواقع السياسي والعسكري الجديد . ج. مـرحلة المقـاومة والبحث عن الذات وقد شهـدت ميلاد الأحـزاب ( تونس ) أو اشتداد عودها ( مصر ) وهي التي أفضت إلى ظهور الزعيم الكارزمائي : كالحبيب بورقيبة ومحمود الماطري و عباس فارس و علال الفاسي و جمال عبد الناصر فامتزج تاريخ الشعوب بتاريخ الرجال لأنّ المقاومة بشتى أشكالها أدت إلى ميلاد الدولة الوطنية وقد تشكّل الفكر العربي المعاصر بالشواغل السائدة فبدأ برسم وقائع التحرر : كـ « هذه تونس « للحبيب ثامر « ، و «تونس الثائرة « لعلي البلهوان ، وتطورت أدبيات التحرر في مصر من قبيل كتابات عبد الله النديم عن ثورة 1919 إلى كتابات القوميين تحت راية عبد الناصر. مرحلة الدعوة إلى الإنماء و هي تحوّل في الفكر العربي الإسلامي الحديث قد يمثل صورة عن تعامله مع الحداثة رغم الهشاشة التي ميزته ، إذ انقلب الفكر إلى المجال الاقتصادي أو ما شابه الفكر الاقتصادي لأن الدولة الوطنية في خمسينات القرن العشرين لم تنتج إنتاجا واضحا المناخ الملائم للحوار وللاختلاف والمغايرة و كثيرا ما اقترن الخطاب العربي المعاصر في هذا المعنى بالتعميم وبالدعوة إلى المركزية أو بالسعي إلى المعارضة. هذه الملامح المنطلقة من المراحل التاريخية لا تفهم إلا بما يلازمها من انتقاء لأبرز الوقائع والأحداث لأنّ حقيقة الفكر كانت أخصب من أن ترسب في مظهر واحد و هذا ما يجعل القراءة التاريخية مقصورة على الغاية . لعل السبيل المؤدية إلى استكشاف الاتجاهات بشعابها هي التي ترصد صيرورة الموقف، على مستوى المبدأ و المنهج والمقصد. ويمكن أن نقف في هذا الإطار على اتجاهات ثلاثة كبرى تنطوي على كل الجزئيات أو على جلها . -الاتجاه السلفي – الاتجاه القومي -الاتجاه الوطني أما الاتجاه السلفي فقد وجد الغذاء في الحركة التي قادها جمال الدين الأفغاني و محمد عبده ثم قفّى على أثرهما محمد رشيد رضا بمشروع متقارب في المنطلقات والأهداف بيد أنّه كان أكثر تشددا.وهو اتجاه لا ينهض على الوحدة والتماثل.إنّه ذو تيارات لا تفهم إلا بالطريقة التي أنتجها أصحاب هذا الاتجاه مع الواقع الذي انتسبوا إليه. فالعوامل المفصحة عن التنوع عديدة إلا أن ما يجمع هو التوق إلى التجديد والربط بين الدين والدنيا.والملاحظ أن الخطاب السلفي سلك مسالك متقلبة يمكن أن نختار منها ما يدل على السمة التي التصقت به. -المسـلك الأول هو الدعـوة إلى الاجتهاد (محمد عبده) – والمسلك الثاني هو التمسك بالأصول ( رشيد رضا ) – والمسلك الثالث هو الالتزام بالحركة ولعل المنعطف الذي أفضى إلى الانحراف في الفكر الإسلامي يتمثل في الإسلام السياسي ذلك أنه اتخذ العنف مسلكا والعنف غريب عن الإسلام الحق بعيد عن الأصل فيه. وقد استدعت هذه المسالك منعطفا جوهريا نشأ عن النشاز الحاصل في الفكر الديني الآيل إلى الموقف السياسي بدل تحديث المنظومة الدينية من جهة وتطوير المصالح الاجتماعية والسياسية الفعلية في المجتمع العربي من جهة ثانية. (*) أستاذ جامعي تونسي (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 21 أفريل 2010)
الحرب الأخرى
عبدالسلام المسدّي 2010-04-21 إن الصراع اللغوي واقع في قلب الحدث من العلاقات الدولية، فهو أحيانا صراع مباشر بين القمم كما هو جار بين الفرنسية والإنجليزية، وهو أحيانا أخرى صراع غير مباشر، وذلك عن طريق النزاعات الإقليمية، تماماً كما يقع في الصراع العسكري، ولقد بات بديهيا أن الساحة الدولية ممتلئة بهذه النزاعات اللغوية التي تترجم عن صراع سياسي، أو ممتلئة بنزاعات سياسية تتوسل بصراعات ثقافية لغوية. فكثير من المتابعين المحللين يرون أنه من المفيد أن نقرأ بعض صراعات إفريقيا الوسطى بعدسات التصادم اللغوي. فالحرب بين قبائل الهوتو وقبائل التوتسي تمتد على ثلاث دول، هي الزايير وبوروندي ورواندا، فالهوتو فرنسية اللغة، والتوتسي إنجليزية اللسان، ولذلك شاعت الأمثولة القائلة: هي حرب فولتير وشكسبير بمعجم إفريقي، ولكن عبارة أخرى كثيرا ما تتواتر في هذا السياق حتى تكاد تطغى على أدبيات المحللين للتعالق بين العاملين السياسي واللغوي، ألا وهي «عقدة الفاشودا». والفاشودا هو الاسم الذي كانت تتسمى به مدينة كدُق السودانية كان الفرنسيون قد سارعوا إليها عام 1898 ليقطعوا على الإنجليز طريق النيل، فطردهم الجيش الإنجليزي في هزيمة مخزية، فاضطر الفرنسيون إلى التوقيع على معاهدة يتخلون فيها نهائيا للإنجليز عن وادي النيل، وذلك عام 1899، ومنذئذ أصبح الصراع بين اللغتين الإنجليزية والفرنسية موسوما بعقدة الفاشودا. لوحة أخرى من هذا الصراع اللغوي السياسي نلحظها في أقاصي آسيا، فقد كان للفرنسيين حضور استعماري في كل من لاووس (1893 – 1953) وفيتنام (1946 – 1955) فانتشرت بذلك اللغة الفرنسية، وامتد نفوذها بموجَب المعاهدات الثقافية التي عقدتها فرنسا بعد خروجها، ولكن المنطقة شهدت عام 1967 ميلاد رابطة بلدان جنوب شرق آسيا (آسيان) فانضمّت إليها فيتنام سنة 1995، ثم لاووس عام 1997، وتم الإعلان عن الإنجليزية لغة رسمية للرابطة. ولا شك أن الذي يجسم توالج البعدين اللغوي والسياسي كأحسن ما يكون التجسيم هو منظمة الفرنكوفونية، وللفرنسيّين أدبيات غزيرة في هذا السياق، فهم يفخرون بأن أول ميثاق لحقوق الإنسان قد صدر باللغة الفرنسية، وذلك في (26 أغسطس 1789) وممّا لا يشك فيه من فحص الأحداث بتبصر وئيد أن تزكية فرنسا لبطرس بطرس غالي على رأس المنظمة في مؤتمرها المنعقد في هانوي (1997) يحمل رسالة سياسية فائقة التشفير بعد أن اعترضت الولايات المتحدة (عام 1996) على تجديد ولايته أمينا عاما لمنظمة الأمم المتحدة. تلك هي الحرب اللغوية الصامتة، تتسلل نسيجا مكينا بين ألياف الصراع السياسي، ومعلوم أن الألمان حين خرجوا مهزومين من الحرب العالمية الثانية لم يكن بوسعهم ولا بوسع المتكلمين بلغتهم أن يجدوا اللغة الألمانية ضمن المحافل الدولية المتعاقبة، فقد استقر أن اللغات الرسمية المعتمدة في العمل الدولي المشترك -ضمن هيئة الأمم المتحدة وكل المنظمات التابعة لها- هي الإنجليزية والفرنسية والروسية والصينية والإسبانية، ولم يشفع للغة الألمانية التراث الفكري الضخم الذي كتبه أهلها بها لأن للهزيمة السياسية سلطانا على القيم اللغوية. وفي مطلع عام 1974 أضيفت إلى اللغات المعتمدة في المنظمات الأممية اللغة العربية، فأصبحت اللغات المتداولة رسمياً ست لغات، وهذا يعني أن آليات الترجمة في المستويين الفوري والمكتوب قد استوعبت كمّا هائلا من الخبرات، وأن اللغة العربية قد اتسع حضورها وانفسح إشعاعها. إن المسألة تعنينا هنا في سياقها الثقافي الإنساني، فالتحاق العربية برتل اللغات المعتمدة رسميا يُسبغ عليها سمة العالميّة، ومن ثم يعيد إليها بعض الإنصاف التاريخي بعد حيف طويل سببته حقبة الاستعمار. ولكن القراءة الحصيفة للأحداث هي التي تقرن الثقافي بالسياسي، وجليّ هنا أن مساعي العرب إلى إدخال اللغة العربية لم يكن لها أن تؤتي ثمارها إلا بفضل الزخم السياسي الذي ارتقى بهم إلى منزلة عليا بفضل ما حققوه سنة 1973: من الناحية العسكرية أولا، ثمّ من الناحية الاقتصادية على مستوى الطاقة النفطية عالميا. علينا أن نسلم الآن بأن الذي جاء باللغة العربية إلى المنتظم الأممي، وكل المحافل الدولية، هو الانتصار السياسي الذي يغير معادلة التوازن بين الدول، وهذا من البديهيات، ومَن شك فيه أو رام دليلا آخر فليتذكرْ أن ذلك الوزن الجديد الذي اكتسبه العرب هو الذي أثنى الإرادة الدولية فلم ينته عام 1974 حتى استضافت الأمم المتحدة المناضل ياسر عرفات لتصغي إليه يومها لأول مرة وذلك بتاريخ (13 نوفمبر 1974) فتحدث إلى العالم بلغة الضاد، وأسمع العالمَ كيف يتغنى السياسي بإيقاع اللغة الشعرية النابضة: جئتكم وغصن الزيتون في يدي… فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي… ولما مات محمود درويش في غرفة العمليات الجراحية (9 أغسطس 2008) تذكر الناس أنه هو الذي كتب تلك الكلمات للمناضل ياسر عرفات الذي سبق له أن اغتيل في غرفة التسمّم الصحي (11 نوفمبر 2004). ليس من صراع سياسي إلا ووراءه صراع اقتصادي، وليس من صراع اقتصادي إلا وخلفه منازعات ثقافية ولغوية. وهناك –في العمل الدولي المشترك– نواميس ضابطة يؤسسها نص المواثيق، ولكنّ في العمل الدولي المشترك أعرافاً أخرى يتم الاصطلاح عليها، والتواضع حولها، في ضرب من العقد الضمني بين الأطراف الماسكين بالقرار، وتأتي مسألة اللغة في طليعة هذه الأعراف ذات السلطة العليا، ومما هو متعارف عليه في هذا الباب أن الذي يتولى منصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لا بد أن يكون مجيدا للغة الإنجليزية وللغة الفرنسية في الوقت نفسه، ولم يكن من باب التسلي أو المكايسة أن يعلن بان كي مون -حالما تقلد منصب الأمانة العامة لمجلس الأمن- أنه يقتطع من عطلة نهاية الأسبوع أربع ساعات يخصصها لمزيد إتقان اللغة الفرنسية. مضت فترة الزخم فأصبحنا نسمع نغمات جديدة: عند كل ضائقة مالية تمر بها منظمة الأمم المتحدة تعلو نداءات التقشف والضغط على الإنفاق، فتوشوش أصوات هامسة بالكلفة العالية التي سببها دخول اللغة العربية، أو غامزة بأن المترجمين المهرة بين لغة الضاد ولغتين أخريين على الأقل نادرون، وتتكفل المجموعة العربية بتغطية الفائض من النفقات وذلك تحت ضغط السيف المسلول المهدّد بالاستغناء عن العربية وإقصائها من جديد عن مؤسسات العمل الدولي المشترك. abdessalemmseddi@yahoo.fr (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 21 أفريل 2010)
حملة دولية على نظام الكفالة في الخليج
محمد كريشان 4/21/2010 ليست الدعوة الدولية الأولى ولكنها قد تكون الأقوى والأكثر رمزية، فمن العاصمة السعودية الرياض اختارت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أن تستهل جولتها الخليجية الحالية بدعوة دول الخليج العربية إلى إلغاء نظام الكفالة المطبق على العمال الوافدين إليها. وقد حثت بيلاي دول الخليج على استبدال هذا النظام بقوانين أخرى توازن بين حقوق العمال وواجباتهم، منتقدة ما يتعرضون له من ‘تمييز وعنف واستغلال وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان(..) ومن استمرار احتجاز غير قانوني لجوازات سفرهم وتأخير دفع الأجور والاستغلال من خلال مؤسسات توظيف وأصحاب عمل لا ضمير لهم’. كما انتقدت المسؤولة الدولية عدم توقيع أي من دول الخليج على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لكنها عبرت عن أملها في أن يتغير ذلك قريبا. قد تكون السيدة بيلاي أرادت من خلال إطلاق جملة هذه المواقف الصريحة، مع غيرها حول المرأة ومنظمات حقوق الإنسان، أن تحدد ومن المملكة العربية السعودية بالذات طبيعة جولتها الخليجية التي تختتمها بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأن ترفع بالمناسبة من سقف اللهجة الدولية تجاه هذه الدول (السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين) التي يقيم فيها حوالي 13 مليون أجنبي غالبيتهم عمال متحدرون من دول آسيوية، من أصل حوالي 36 مليون نسمة هم إجمالي سكان دول المجلس. وبنظرة سريعة على عناوين عدد من الصحف السعودية والخليجية عموما الصادرة أمس الثلاثاء نلاحظ غيابا لما قالته بيلاي في الصفحات الأولى فقد يكون الموضوع أدرج بالداخل أو تم تجاهله بالكامل مع غياب لأي تعليق أو رأي في الموضوع. وحتى لا يتم تفسير الأمر بتسرع، ربما يكون من المناسب انتظار صحف اليوم الأربعاء أو التي تليها للوقوف على التفاعلات المحتملة لهذه التصريحات التي من المرجح أنها استقبلت رسميا بامتعاض خفي. في المقابل لم تفوت البحرين، البلد الخليجي الوحيد الذي ألغى نظام الكفيل، المناسبة لكي يفتخر، عن جدارة، بأنه تخلص من هذا النظام الذي وصفه وزير العمل البحريني مجيد علوي في تعليقه الفوري على تصريحات بيلاي بأنه نظام عبودية متخلف، وهو نفس التعبير تقريبا الذي كان استعمله رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني قبل أشهر دون أن تقدم بلاده بعد على خطوة عملية مماثلة، في وقت شرعت فيه الكويت في إجراءات معينة نحو هذا الهدف. ومن بين الردود الخليجية المميزة على الآراء الحازمة للمسؤولة الدولية ما قاله علي البغلي الوزير الكويتي السابق ورئيس جمعية حقوق الإنسان الكويتية الذي اعتبر الاستجابة للمطالب الدولية في شأن العمالة الأجنبية ووضع المرأة أمرا ممكنا إذا أرادت دول الخليج لسمعتها في مجال حقوق الإنسان أن تكون ناصعة. وأوضح الوزير الكويتي السابق أن مواضيع حقوق الإنسان لم تعد مسائل داخلية وأن دول الخليج وغيرها من الدول العربية معرضة في أيار/مايو المقبل للمساءلة في ملفات عديدة تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان الأساسية عندما تجتمع لجنة حقوق الإنسان الدولية في جنيف. قد نحتاج لبضعة أيام لمعرفة الصدى الرسمي الحقيقي لتصريحات بيلاي والتي ستسعى مراكز قوى خليجية عديدة ولوبيات مصالح التهوين منها أو العمل لمزيد من تسويف التجاوب معها لكن الأكيد أن المؤتمر الصحافي للمسؤولة الدولية المنتظر في ختام جولتها سيبين إلى أي درجة تعمل دول الخليج على التخلص من هذا الصيت الدولي السيئ أم أنها تفضل المزيد من المماطلة وكسب الوقت… ولكن إلى متى؟ (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 أفريل 2010)
القذافي يدعو العرب الى تسخير الاموال للبحث العلمي وليس صرفها على ‘الاذاعات والصحف التافهة’
4/21/2010 طرابلس ـ يو بي أي: دعا الزعيم الليبي معمر القذافي امس الثلاثاء العرب إلى تسخير الأموال التي رأى أنها تصرف على الإذاعات والصحف التي وصفها بـ’التافهة’ وعلى تسليح الجيوش المقدرة بمليونين إلا ربعاً، في عديدها، مشددا على ضرورة أن تخصص هذه الأموال ‘للجامعات والبحوث العلمية’. وتساءل القذافي، الذي كان يتحدث أمام اجتماعات الدورة 43 للمؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية التي بدأت في مدينة سرت، ما الفائدة من هذه الجيوش والطائرات والأسلحة التي تسخر لها هذه المبالغ الضخمة من الأموال والتي لا يمكنها أن تفعل شيئاً؟ ولفت في هذا الصدد إلى أن الأموال العربية الكثيرة قد ‘تهدر أحيانا وتنتهي في أن نخسرها في أزمة مثل الأزمة المالية’ التي اجتاحت العالم والتي ‘فُقد فيها من الأموال العربية قرابة 2 تريليون ونصف تريليون’. ووعد الزعيم الليبي المشاركين في أعمال هذا المؤتمر الذي حضر جلسته الافتتاحية الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بالدفع عن قضاياهم أمام الحكام العرب والدول العربية خلال فترة ترؤسه للقمة العربية. وشدد في هذا الصدد على ضرورة ‘منح الحرية للجامعات العربية ورفع المركزية’ عنها من أجل الغوص في البحث العلمي، مؤكدا أن هذا العصر هو ‘عصر العلم وليس عصر الدروشة والسحر’ وأن الذي ‘يتقدم علميا هو الذي ينتصر في المعركة’. ولفت إلى أنه رغم أن العرب لديهم ‘القوة البشرية والإمكانيات المادية’ وهناك دول عربية بترولية وغازية لديها الأموال، غير أنه يتضح بأنها قادرة على ‘استثمارها والتصرف فيها نتيجة كثرتها’. ودعا إلى ضرورة النضال من أجل إنجاح البحث العلمي، مشددا على أن البحث العلمي ‘مقرون بالحرية’، وقال ‘إذا لم يتمتع المجتمع العربي بحرية والجامعات تمتعت بحرية كاملة فلن ينجح البحث العلمي’. وأعرب عن أسفه لعدم تمكن العرب من ‘اختراع أي شيء’، معتبرا ذلك بأنه ‘مخجل’ متسائلا كيف لأمة بهذه الإمكانيات والتاريخ والتحديات التي تواجهها ‘لم تبذل جهدا في أن تخترع أي شيء أو تطور أي شيء بالغ ومؤثر’؟. وقال ‘رغم وجود التحديات التي تستفزنا وتحثنا على أن نُبدع ونجتهد لكي نواجه هذه التحديات ولكي ننتصر في معركة الحياة، لكننا علمياً متخلفون جداً للأسف’. وحذر في الخصوص من سرقة العقول العربية التي قال عنها أنها أصبحت ظاهرة معروفة، لافتا إلى أنه إذا لم تخصص الأموال الكافية للبحث العلمي فإن الذي ‘ينبغ ويتعلم سيذهب للخارج’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 أفريل 2010)