الثلاثاء، 7 مارس 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2115 du 07.03.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية التونسية للمحامين الشبان – قائمة الوفاق: بــيـــان هيئة 18 أكتوبر بباريس: بيان بمناسبة اليوم العالمي للنساء 8 مارس 2006 الحياة: الجزائر تُطلق بن حاج وترفع عنه «المحظورات» القدس العربي: مئة شخصية مصرية تعلن المبادرة الوطنية للافراج عن المعتقلين في السجون المصرية إسلام أون لاين: نورة جاب الله.. رئيسة لمنتدى مسلمات أوربا علي شرطاني: نعي الأمة الإسلامية رحيل العالم المجاهد الشيخ عبد الرحمان خليف محمد العروسي الهاني: خواطر واثنا عشر مقترحا بمناسبة خمسينية الاستقلال مرسل الكسيبي:الاتجاه المعاكس وموضوع المصالحة والحوار المختل ملف خاص نشرته جريدة الصباح بمناسبة العيد العالمي للمرأة في 8 مارس تحت عنوان الحياة: إقالة غانم ضربة لفريق الإصلاحيين رشيد خشانة: شكسبير يهز عرش فولتير في المغرب العربي … وخسائر سيبويه محدودة محمد بنعزيز: في معاني تصدر الاسلاميين للمشهد الاعلامي في المغرب خالد الحروب : الظواهري و«القاعدة»… ابقوا بعيدين عن فلسطين وحماس!


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
الجمعية التونسية للمحامين الشبان
قائمة الوفاق
بــيـــان
 

قصر العدالة في 07/03/2006

زميلاتنا ، زملائنا

طالعتنا وسائل الإعلام اليوم 07/03/2006 ببيان صادر عن الأستاذ لطفي العربي يعلن فيه أنه قرر إجراء انتخابات جمعية المحامين الشبان يوم السبت 11/03/2006 .

و نحن أعضاء قائمة الوفاق المترشحة لعضوية الهيئة المديرة 2006-2008 و بعد تدارس الموقف الخطير الذي آلت إليه الوضعية نتيجة هذا القرار نتقدم إلى عموم المحامين الشبان بالتوضيحات التالية :

فوجئ المحامون الحاضرون بالجلسة العامة ليوم 04/03/2006 بحضور عدد من محامي الخلية التجمعية و هم في حالة تشنج و استنفار يقودهم أعضاء مجلس نواب و مستشارون ، و رؤساء دوائر بلدية تجاوزوا سن الخامسة و الأربعين  و في غضون نصف ساعة تمت عسكرة الجلسة العامة ، بتواطؤ و تنسيق من المكتب برئاسة لطفي العربي .

ثم و عند تشكيل مكتب الاقتراع عمد المذكورون إلى إحداث الضوضاء و الهرج و التشويش ، و تم فرض أعضاء خلويين ، مطعمين للتمويه ببعض المحامين النزهاء الذين هالهم ما رأوه و ما سمعوه .

و حيث تقدم عديد الزملاء بطلب إجراء الانتخابات بفضاء دار المحامي بمحكمة تونس بدل مكتبة المحامين ، احتراما للناخبين و للاستحالة المادية بالنظر إلى بلوغ عدد المقترعين ألفا و ثلاثمائة محام و ضيق المكان المخصص ، و لكن الهيئة المديرة المتخلية و انطلاقا من عقلية الغطرسة و الاستبداد التي تستمدها من ثقافتها الحزبية المعروفة ، ضربت عرض الحائط بهذا المطلب المشروع .

و بعد أن تم فرض رئيس مكتب الاقتراع الأستاذ نعمان بن عامر ، و الأستاذ الهادي التريكي ، اختفى الأخيران ليلا و أغلقا هاتفيهما ،  بعد أن رفضا التنسيق لأعمال اليوم التالي الذي سيجرى فيه الاقتراع خلافا للعادة ، و عليه فقد قدم ممثلو قائمتنا إلى قصر العدالة على الساعة السابعة و النصف لمواصلة إقناع هؤلاء بإجراء الانتخابات بدار المحامي حفظا لكرامة المحامي و تسهيلا للإجراء و ربحا للوقت ، لا سيما بالنسبة للزملاء الذين من داخل الجمهورية ، و قد فوجئ الزملاء المذكورون بتغيب رئيس مكتب الاقتراع  و الأستاذ الهادي التريكي إلى حدود التاسعة و النصف سعيا منهما لفرض الأمر الواقع ، فتمسك الزملاء بمطلبهم ، و عند الحادية عشر إلا ربعا طرح الخلويون الانتقال إلى القاعة عدد 10 بقصر العدالة لإجراء الاقتراع هناك ، أملا في أن يتم تشتيت الناخبين لا سيما من الجهات و تحقيق أهدافهم التي يخطط لها خارج المهنة .             

و أمام الاستحالة المادية التي فرضت علينا لإتمام الانتخابات تم طرح الأمر على العميد و مجلس الهيئة الذي كان منعقدا بمقر المكتبة بحضور قائمة الوفاق و قائمة التجمع الدستوري الديمقراطي و مكتب الاقتراع و تم الاتفاق على إجراء الانتخابات يوم 18/03/2006 و صدر قرار في ذلك .

و حيث فوجئنا بالأستاذ لطفي العربي يحمل كل وثائق الجمعية و أوراقها و يحتفظ بها لنفسه ، ثم يمتنع إلى حد صياغة هذا البيان  عن مواصلة قبول الانخراطات ، رغم أنه أصبح يحمل صفة وحيدة هي كونه مترشحا مثل بقية المترشحين .

زميلاتي ، زملائي

لم يعد يخفى على أحد ما أصاب الخلية التجمعية من رعب نتيجة توحد المحامين و ظهور قائمة الوفاق التي جمعت كل الأطياف لمنافستهم بشكل ديمقراطي و قد أحس هؤلاء بالهزيمة رغم المجهودات التي ب\لها الولاة في الجهات و الكتاب العامون للجان التنسيق و الأجهزة الامنية في الاتصال بالمحامين الشبان بالترغيب و الترهيب و الأموال التي صرفوها على الحافلات و الفنادق الفخمة و المطاعم ، و التمويل المشبوه لكل من اقتنع ببيع ذمته ، و بعد أن جندوا الأقلام المأجورة في مختلف الصحف للاعتداء على قائمتنا بالثلب و التشويه و تسويق قائمة الخلية .

أيتها الزميلات ، أيها الزملاء ،

إن ما أقدم عليه الأستاذ لطفي العربي من تقديم لموعد الجلسة الانتخابية هو انقلاب مقنع على الشرعية و على المحامين الشبان عموما .

فالموعد الذي حدده يتطابق مع وجود المحامين الشبان في ندوة افتتاح محاضرات التمرين بالحمامات كما أنه انقلاب على اتفاق وقع بحضور العميد و مجلس الهيئة الوطنية و مكتب الاقتراع .

زميلاتنا ، زملائنا،

إننا كقائمة وفاق ، إذ نعلن استنكارنا لهذه الممارسة الانقلابية ، نؤكد على تمسكنا بجمعية المحامين الشبان حرة ديمقراطية مستقلة .

و ندعو كافة الزملاء إلى إفشال المؤامرة الرديئة و التمسك بتاريخ 18/03/2006 لإجراء انتخابات الجمعية .

 
عاشت المحاماة
عاشت الجمعية التونسية للمحامين الشبان
قائمة الوفاق

هيئة 18 أكتوبر بباريس

من أجل الحقوق والحريات في تونس

بيان بمناسبة اليوم العالمي للنساء 8

مارس 2006

إن الحقوق الأساسية للنساء هي جزء لا يتجزأ من الحقوق الكونية للإنسان. كما تشكّل مساهمة النساء على قدم المساواة وبشكل تام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ناهيك عن إنهاء كل أشكال التمييز على أساس الجنس، أهدافا أولوية في اتجاه إقامة دولة القانون المؤسسة على العدل والمساواة.

وبالرغم من كون وضع النساء التونسيات من الناحية القانونية يعتبر متقدما مقارنة بباقي نساء دول المنطقة، إلاّ أنهن لازلن ضحايا الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي (وما معاناة آلاف عاملات قطاع النسيج على سبيل المثال إلاّ تجسيد فعلي للعبودية الجديدة)، كما أنّهن لازلن ضحايا للميز والعنف بمختلف الأشكال، سواء في المنزل أو الشارع أو داخل المؤسسة أو على الساحة السياسية (بشهادة تقارير المنظمات غير الحكومية الوطنية منها والدولية).

إن ادعاء النظام التونسي “تحرير المرأة”، لا يتعدى أن يكون مجرّد ذريعة للتغطية على سياسة القمع التي تنتهجها أعلى مستويات الدولة ضد الآلاف من النساء، جريمتهن هي الإنخراط في النضال من أجل الحرية والديمقراطية أو مجرد قرابة عائلية بأحد المعارضين السياسيين أو ناشط في مجال حقوق الإنسان أو اختيار ارتداء الحجاب (منشور 108 سيّء الذكر).

هؤلاء الفتيات والنساء تعرّضن للإهانة والإيقاف والاعتقال والتعذيب، وبعضهن أرغمن على الطلاق وحرمن من حقهن في العمل ومن استخراج جواز السفر وحتى من الحصول على بطاقة الهوية. ولا يفوتنا بهذه المناسبة إلاّ أن نعبّر عن وقوفنا إلى جانبهنّ في المعاناة اليومية المسلطة عليهن.

إن القمع المنهجي الموجه ضد المعارضة السياسية ونشطاء حقوق الإنسان في بلادنا هو العائق الذي يحول دون مشاركة النساء التونسيات في الحياة العامة، إذ يتعرضن لشتى مظاهر العنف التي تصل إلى حد المسّ من حرمتهن الجسدية تحت تعلات مختلفة. كما تشنّ صحافة التعليمات ضدّهن حملات تشويهية ولا تتورع عن هتك أعراضهن وشرفهن بصورة تتكرر أكثر فأكثر.

إن هيئة 18 أكتوبر بباريس، على تنوّع القراءات داخلها، تعبّر بقوّة عن دفاعها عن مجلة الأحوال الشخصية وعن كل مكاسب النساء التونسيات، كما تتعهد بمواصلة النضال اليوم وغدا إلى جانب كلّ اللاتي وكلّ الذين يكافحون من أجل مساواة فعلية ومواطنة حقيقية في النصوص وفي الممارسة.

إن هيئة 18 أكتوبر بباريس تعتبر أن مسيرة النضال من أجل حقوق النساء، على غرار مساهمات التيارات النيرة والإصلاحية داخل الثقافة العربية والإسلامية، هي جزء أساسي من معركة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بمفهومها الكوني، إنّ مبدأ عالمية حقوق الإنسان لا يقبل بأي صفة ومن أيّ كان تجزئة هذه الحقوق والتضحية ببعضها انتصارا للأخرى.

وانطلاقا من ذلك وبناء على هذه المبادئ فإننا نجدّد انخراطنا دون لبس في الدفاع على هذه الحقوق لكل النساء التونسيات دون تمييز بسبب قناعاتهن السياسية أو الدينية أو لباسهن. كما تعلن هيئتنا التزامها في ذات الوقت بتنظيم حوارات بناءة حول هذه المسالة الجوهرية.

باريس في 6 مارس 2006

هيئة 18 أكتوبر بباريس من أجل الحقوق والحريات في تونس

 


 

شهادة السجين محمد القلوي

ينقلها: الحبيب مباركي

سنة 1996 وإبان وجودي في جناح العزلة في سجن الهوارب كانت ساحة الفسحة  ضيقة لا تتجاوز مقاييسها (5 متر  على  3متر) مخصصة لـ 8 أفراد ولا تصلها أشعة الشمس إلا في أشهر الصيف.


تقديم التوقيت القانوني بساعة واحدة بداية من الأحد 26 مارس

تعلم الوزارة الاولى في بلاغ اصدرته يوم الاثنين ان فترة التوقيت الصيفي لسنة 2006 تبتدىء من يوم الاحد 26 مارس 2006 على الساعة الثانية صباحا باضافة ساعة الى التوقيت القانوني الحالي وتمتد هذه الفترة الى يوم الاحد 29 اكتوبر 2006 على الساعة الثالثة صباحا بطرح ساعة من التوقيت الصيفي.   ويندرج هذا الاجراء في اطار الجهود المبذولة للتحكم في استهلاك الطاقة على كافة المستويات وهو مايكتسي اهمية بالغة بالنظر الى الارتفاع المتواصل لاسعار المحروقات في السوق العالمية وانعكاساته المباشرة على ميزانية الدولة.   (المصدر: موقع “أخبار تونس” الرسمي بتاريخ 6 مارس 2006)


بعد اعتمادها لأكثر من 10 سنوات:

تغيير كتب تدريس اللغة العربية لأبناء الجالية التونسية بالخارج

اعتماد الكتب الجديدة بداية من الصائفة القادمة  

تونس – الصباح:

 

قامت وزارة التربية والتكوين لاعداد كتب جديدة لتعليم اللغة العربية لأبناء الجالية التونسية بالخارج، وحسب ما أكدته مصادر من وزارة التربية فإن البعض من هذه الكتب بصدد الطباعة.

كتب تدريس اللغة العربية

من بين الكتب التي تم تغييرها الكتب المعتمدة لتدريس اللغة العربية لأبناء الجالية  خلال السنة الدراسية القادمة وستكون هذه الكتب جاهزة في شهر سبتمبر القادم وهي عبارة عن كتاب وكراس تمارين خاضعة لجميع المقاييس والمعايير البيداغوجية المطلوبة  وتحتوي على مادة من شأنها أن ترسخ الهوية العربية لأبناء الجاليـــة.

وكتب المدارس الصيفية أيضا

خلال فصل الصيف يقوم ديوان التونسيين بالخارج بالتعاون مع وزارة التربية والتكوين ببعث مراكز التدريس اللغة العربية لأبناء الجالية التونسية العائدة لقضاء عطلة الصيف. ويسهر على تأمين هذه الدروس معلمون زاول عدد هام منهم التدريس بالخارج ولهم خبرة كافية في التعامل مع أبناء الجالية وخلال السنة الماضية قدم الدروس الصيفية للغة العربية بـ133 مركزا بكامل الجمهورية ضمن مستويين أول وثان وقد تم تغيير الكتب المعتمدة لتقديم هذه الدروس وستعتمد الكتب الجديدة خلال هذه الصائفة وهي الآن في مرحلة الطباعـــــــــــــــة.

دراسة تؤكد ضرورة التغيير

وتحل هذه الكتب الجديدة محــــــــل الكتب القديمة التي يعــــود تاريخها  الى سنــــة 1993 ولم تدخل عليها إلا تغييرات طفيفة وقد بينت دراسة أجريت حول محتويات هذه الكتب أن تغييرها أصبح ضرورة حتى تكون ملائمة للتغييرات التي يعرفها المجتمع ولتطور معدل ذكاء الأطفال وتجنبا أيضا لوقوعهم في الرتابة والروتين وهو ما من شأنه أن يقلل من مدى  اقبالهم على تعلم اللغة العربية وقواعدها.

 

كريمة دغراش

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 7 مارس 2006)


 

الجزائر تُطلق بن حاج وترفع عنه «المحظورات»

الجزائر – محمد مقدم    

 

أفرجت السلطات الجزائرية، مساء أمس، عن الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة علي بن حاج وشخصين آخرين متهمين معه في قضية «الإشادة بالإرهاب»، تنفيذاً لتدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي اقرها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

 

وقال مصدر قضائي بارز لـ «الحياة» ان تدابير العفو التي استفاد منها بن حاج «تضع حداً نهائياً لكل القيود القضائية أو المحظورات عدا تلك التي وردت في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية». وتشمل هذه التدابير رفع «المحظورات العسكرية» العشرة التي ألزمه بها القضاء العسكري لدى خروجه من السجن للمرة الأولى في تموز (يوليو) 2004 بناء على مضمون الحكم الصادر في حقه في محكمة العسكرية في البليدة (50 كلم جنوب الجزائر).

 

وكان بن حاج اعتقل في الصيف الماضي بعد تصريح تناول فيه خطف اثنين من الديبلوماسيين الجزائريين في العراق.

 

على صعيد آخر، يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس زيارة للجزائر ويُتوقع ان يتوصل خلالها الى اتفاق على بيع الجزائريين طائرات «ميغ 29» روسية بقيمة 1.5 بليون دولار. كذلك يتوقع ان يناقش بوتين مع الجزائريين تحويل ديون مستحقة عليهم الى استثمارات.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7 مارس 2006)

 

 

مئة شخصية مصرية تعلن المبادرة الوطنية للافراج عن المعتقلين في السجون المصرية

2006/03/07 القاهرة ـ القدس العربي :
طالبت مئة شخصية مصرية الرئيس حسني مبارك بالافراج عن المعتقلين السياسيين في مصر، واصدروا بيانا قالوا فيه: الموقعون علي هذا البيان يطالبون النظام السياسي المصري بالتدخل الحاسم لانهاء مأساة عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين الاسلاميين بالافراج الفوري والناجز عنهم وتخليص مصر من عار الاعتقال المتكرر الذي أرهق آلاف الشباب المسلم وأسرهم لعشرات السنين، ويؤكدون علي أن الحديث عن أي اصلاح سياسي هو كلام بلا معني ما لم يتم الافراج عن كافة المعتقلين السياسيين سواء أولئك الذين أنهوا أحكامهم أو الذين لم يقدموا الي أي محاكمات أصلاً.
ويدعو الموقعون علي البيان الحكومة المصرية الي الانهاء الفوري لحالة الطوارئ والكف عن اهدار حقوق الانسان وكفالة حمايتها لجميع المواطنين بما في ذلك حقهم المشروع في ممارسة العمل السياسي السلمي، ويطالبونها بالاستجابة لقوي مجتمعها المتطلعة الي طي صفحة أليمة دامت ما يزيد علي ربع قرن من القمع بتدشين مبادرة للاصلاح والانصاف تعيد لهؤلاء المعتقلين حريتهم وكرامتهم احتراماً لأحكام القضاء واعلاءً لسيادة القانون، وأن تفتح صفحة جديدة مع كل قوي المجتمع الحية في وقت الجميع فيه بحاجة الي تكاتف الجهود لمواجهة الأخطار المحدقة بمصر.   الموقعون علي البيان:   1. المستشار ـ طارق البشري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة سابقا 2. الأستاذ ـ جلال عارف نقيب الصحافيين المصريين 3. الدكتور ـ محمد عمارة عضو مجمع البحوث الاسلامية ـ مفكر اسلامي 4. الأستاذ ـ جورج اسحق المنسق العام لحركة كفاية 5. الأستاذ ـ فهمي هويدي كاتب صحافي 6. الدكتور ـ عبد الوهاب المسيري مفكر عربي اسلامي 7. الأستاذ ـ عبد الله السناوي رئيس تحرير جريدة العربي 8. الأستاذ ـ مجدي الجلاد رئيس تحرير جريدة المصري اليوم 9. الأستاذ ـ ابراهيم عيسي رئيس تحرير جريدة الدستور 10. الدكتور ـ عمرو الشوبكي خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ الأهرام 11. اللواء ـ كمال حافظ قيادي ناصري 12. المهندس ـ أبو العلا ماضي وكيل المؤسسين لحزب الوسط 13. الدكتور ـ عبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة الكرامة 14. الدكتورة ـ زينب عبد العزيز أستاذة الأدب الفرنسي 15. الدكتور ـ ابراهيم الخولي أستاذ بجامعة الأزهر 16. الشيخ ـ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الاسلامية ـ رمز للمقاومة 17. الدكتور ـ أحمد المهدي عضو المكتب السياسي لحزب العمل 18. الدكتور ـ محمد السيد حبيب نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين 19. الأستاذ ـ محفوظ عزام نائب رئيس حزب العمل 20. الأستاذ ـ عبد الغفار شكر مفكر يساري 21. الأستاذ ـ جمال فهمي صحافي 22. الدكتور ـ نادر فرجاني رئيس تحرير تقرير التنمية الانسانية العربية. 23. الدكتور ـ حسن نافعة رئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية 24. الدكتور ـ محمد السيد سعيد نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ الأهرام 25. الأستاذ ـ مجدي أحمد حسين الأمين العام لحزب العمل 26. الأستاذ ـ عبد العال الباقوري كاتب صحافي 27. الأستاذ ـ بلال فضل صحافي ـ سيناريست 28. الأستاذ ـ ابراهيم منصور مدير تحرير جريدة الدستور 29. الأستاذ ـ أحمد النجار عضو نقابة الصحافيين ـ الأهرام 30. الأستاذ ـ يحي قلاش وكيل نقابة الصحافيين 31. الأستاذ ـ محمود سلطان رئيس تحرير صحيفة المصريون الالكترونية 32. الأستاذ ـ بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان 33. الأستاذ ـ محمد عبد القدوس مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحافيين 34. الدكتور ـ علاء الأسواني روائي ـ طبيب 35. الدكتورة ـ هبة رؤوف مدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية 36. الدكتور ـ أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية 37. الدكتور ـ ابراهيم البيومي غانم خبير بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية 38. الدكتور ـ رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات 39. الدكتور ـ مجدي قرقر أستاذ جامعي ـ عضو المكتب السياسي لحزب العمل 40. المهندس ـ عمر عزام عضو المكتب التنفيذي لحزب العمل 41. الدكتور ـ عصام العريان قيادي اخواني ـ الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء 42. الشيخ ـ علي فراج قيادي اسلامي 43. الأستاذ ـ عبد الرحمن يوسف القرضاوي شاعر وأديب 44. الحاج ـ عبد الموجود الزمر والد المعتقل الدكتور ـ طارق الزمر 45. السيدة ـ وحدة عبد الموجود الزمر زوجة المعتقل المقدم ـ عبود الزمر 46. الدكتور ـ رفيق حبيب مفكر قبطي 47. الدكتور ـ أحمد عبد الله رزة مفكر ـ مدير مركز الجيل 48. الأستاذة ـ كريمان حمزة اعلامية وكاتبة 49. الدكتورة ـ سهام هاشم صحافية ـ أستاذة جامعية 50. الأستاذ ـ سيد الملاح صحافي 51. الدكتور ـ جمال عبد الهادي أستاذ التاريخ والداعية الاسلامي 52. الدكتور ـ صلاح عبد المتعال أستاذ جامعي ـ عضو المكتب السياسي لحزب العمل 53. الدكتور ـ حسن حنفي مفكر وأستاذ جامعي 54. الدكتور ـ محمد مورو رئيس تحرير مجلة المختار الاسلامي 55. الأستاذ ـ عصام حنفي صحافي ـ رسام كاريكاتير 56. الأستاذة ـ صافي ناز كاظم صحافية – ناقدة أدبية 57. الأستاذ ـ أكرم القصاص صحافي ـ جريدة العربي 58. الأستاذ ـ محمد حماد صحافي ـ المشرف العام علي جريدة العربي الاليكترونية 59. الأستاذ ـ أحمد عز الدين صحافي 60. الأستاذ ـ حسام تمام صحافي ـ رئيس القسم الثقافي بـ اسلام أون لاين 61. المهندس ـ أحمد بهاء الدين شعبان قيادي يساري ـ حركة كفاية 62. الأستاذ ـ جمال سلطان صحافي ـ المدير العام لجريدة المصريون الاليكترونية 63. الأستاذ ـ كارم يحي صحافي 64. الدكتور ـ ايمان يحيي طبيب وكاتب 65. الأستاذ ـ عبد الله خليل محام 66. الأستاذ ـ أبو العباس محمد صحافي ـ الأهرام 67. الأستاذ ـ سمير مرقس مفكر مصري 68. الأستاذة ـ مايسة حافظ صحافية 69. الأستاذ ـ خالد يوسف صحافي 70. الأستاذة ـ سعاد منسي صحافية 71. الأستاذ ـ ممدوح اسماعيل محام ـ وكيل مؤسسي حزب الشريعة 72. الدكتور ـ صلاح صادق أستاذ القانون الاداري 73. الدكتور ـ عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري 74. الشيخ ـ عبد الرحمن لطفي داعية اسلامي ـ أمين عام حزب العمل بملوي 75. الأستاذ ـ عبد الحميد بركات الأمين العام المفوض لحزب العمل 76. المهندس ـ سيد حسن رجل أعمال 77. الدكتور ـ سيد دسوقي حسن أستاذ بكلية الهندسة ـ مفكر اسلامي 78. الأستاذ ـ مختار نوح محام ـ كاتب 79. الأستاذ ـ هشام قاسم نائب رئيس مجلس ادارة جريدة المصري اليوم 80. الدكتور ـ عمار علي حسن صحافي ـ مدير مركز دراسات الشرق الأوسط 81. الدكتور ـ ضياء رشوان خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ الأهرام 82. الدكتور ـ عبد العظيم المطعني عالم أزهري ـ أستاذ بجامعة الأزهر 83. الأستاذ ـ أحمد عبد الحفيظ محام ـ قيادي ناصري 84. الدكتور ـ صلاح عز أستاذ جامعي ـ كاتب اسلامي 85. الأستاذ ـ عامر عبد المنعم صحافي ـ رئيس تحرير جريدة الشعب الاليكترونية 86. الأستاذ ـ ممدوح الشيخ كاتب 87. الأستاذ ـ الهامي المليجي كاتب صحافي ـ ناشر 88. الأستاذ ـ أيمن الصياد صحافي ـ مدير تحرير مجلة وجهات نظر 89. الأستاذة ـ ايمان القدوسي كاتبة صحافية 90. الأستاذ ـ حازم صلاح أبو اسماعيل محام ـ قيادي اخواني 91. محمود رياض محام 92. الأستاذ ـ مجاهد المليجي صحافي 93. الاستاذ ـ كارم محمود صحافي 94. الأستاذ ـ عصام الشرقاوي صحافي 95. الأستاذ ـ هشام فؤاد صحافي 96. الأستاذة ـ مني عبد العظيم أنيس صحافية ـ الأهرام 97. الأستاذ ـ أحمد عبد الهادي رئيس حزب شباب مصر 98. الأستاذ ـ محمد السخاوي أمين التنظيم بحزب العمل 99. الأستاذ ـ عبد الخالق فاروق باحث اقتصادي 100. الدكتور ـ جمال حشمت أستاذ جامعي ـ وقيادي اخواني 101. الدكتور ـ محمد زارع طبيب ـ وقيادي بحزب العمل.   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 مارس 2006)

نورة جاب الله.. رئيسة لمنتدى مسلمات أوربا

باريس – هادي يحمد – إسلام أون لاين نت/ 7-3-2006 انتخبت الناشطة الفرنسية من أصل تونسي “نورة جاب الله” المعروفة بنشاطها في الدفاع عن قضايا المرأة المسلمة خاصة حقها في ارتداء الحجاب، كأول رئيسة “للمنتدى الأوربي للمرأة المسلمة” الذي يعد أول منظمة نسائية مسلمة في أوربا.
جاء ذلك في ختام المؤتمر الأول للمنتدى الأوربي للمرأة المسلمة الذي استضافته بروكسل مساء الأحد 5 مارس 2006 وحضره أكثر من 400 مشارك ومشاركة يمثلون 14 قطرا أوربيا إلى جانب لفيف من الضيوف والباحثين ورجال الإعلام.
وفي تصريحات لإسلام أون لاين.نت الثلاثاء 7-3-2006 قالت نورة: إن المؤتمر وضع على رأس أهدافه “الدفاع عن مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية والسياسية الأوربية”، مضيفة أنه “سيكون هناك مبادرة من أجل إزالة الصورة النمطية التي ألصقت بالإسلام والحجاب والمرأة المسلمة على وجه العموم”.
واشتمل برنامج المؤتمر الذي عقد تحت عنوان “إسهامات المرأة المسلمة في المجتمعات الأوربية” على عدد من المداخلات والشهادات الحية للنساء المسلمات العاملات في الميادين المختلفة في عدة أقطار أوربية.
ومثلت قضية الدفاع عن حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب إحدى أهم توصيات المؤتمر التي نصت على “الدفاع في إطار القوانين الأوربية والمواثيق الدولية على حقوق المرأة في الحفاظ على شخصيتها والتعبير عن تدينها بحرية وخصوصا الالتزام بالحجاب الإسلامي، وكذا سائر حقوقها الاجتماعية والثقافية في إطار من الاحترام المتبادل”.
وحول هذه النقطة قالت نورة: “إننا لا ننظر إلى الحجاب كعائق عن المشاركة الاجتماعية والسياسية؛ فقد شاركت في المؤتمر نساء محجبات هن عضوات في أحزاب سياسية أوربية”.
وأكدت رئيسة المنتدى الأوربي على أهمية الدفاع عن الحجاب، وليس هذا فحسب “بل الدفاع عن مجمل قضايا المرأة المسلمة والاعتراف بحقوقها كاملة، حيث ينص أول بند من توصيات المؤتمر على ضرورة العمل على التعريف بمكانة المرأة المسلمة في التصور الإسلامي وما خصها به الإسلام من تقدير وتكريم، وما أكد عليه من مساواة إنسانية بين الرجل والمرأة في إطار التكامل الإيجابي”.
من هي نورة جاب الله؟
ونورة جاب الله (46 سنة) هي إحدى ممثلات الرعيل الأول للعمل الإسلامي في أوربا وفي فرنسا على وجه الخصوص، وترجع أصولها إلى تونس التي يحظر بها ارتداء الحجاب.
وتقول نورة: “عندما وصلت إلى فرنسا سنة 1980 وعمري لم يتجاوز الـ20 عاما، لم تثر وقتها قضية الحجاب الإسلامي، وكان علينا أن ننتظر إلى سنة 1989 لتثار أول قضية في هذا الإطار”.
وانخرطت نورة في قلب العمل الاجتماعي تاركة دراسة علم الاجتماع جانبا، حيث أسست مع عدد من النسوة بضواحي باريس أولى الجمعيات النسوية المسلمة بفرنسا وأطلقن عليها وقتها اسم “الجمعية الاجتماعية الثقافية”.
ووضعت الجمعية أول أهدافها الاهتمام بالفتيات المطرودات من المدارس وتوجيههن نحو تجاوز العقبات المهنية والاجتماعية.
وبعد عقد تقريبا من تجربة “الجمعية الاجتماعية الثقافية” وتحديدا في إبريل من عام 1995، بادرت نورة إلى تأسيس أول رابطة نسائية مسلمة على الصعيد الفرنسي أطلق عليها “الرابطة الفرنسية للنساء المسلمات”، وانتخبت رئيسة لها حتى عام 2003 وهي السنة التي شهدت الجدل الفرنسي حول الحجاب الذي انتهى بإصدار قانون يمنع الرموز الدينية بالمدارس والأماكن العامة وشملت حظر الحجاب. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 7 مارس 2006)

 
نعي الأمة الإسلامية رحيل أحد أعلامها الكبار 

بتونس العروبة والإسلام العالم المجاهد الشيخ عبد الرحمان خليف

  

بسم الله الرحمان الرحيم    كلمة في ما بين النفس والروح من فرق:
    يقول تعالى في الروح:[ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أتيتم من العلم الا قليلا]          ويقول في النفس:[كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ]
فإذا كانت مشاهد القيامة كلها نسمع عنها فقط ولا نراها وليس لنا من سبيل سوى محاولة تمثل صورتها في أذهاننا وعقولنا من خلال ما نسمعه من القرآن الكريم ومن السنة النبوية الشريفة أثناء قراءتنا وتدبرنا لهما. إلا أني أرى أن الموت وحده هو الصورة الوحيدة والمشهد الوحيد الذي يعيشه الناس من مشاهد عالم الغيب و يرونه رؤيا العين كما تعيشه كل الكائنات الحية الأخرى وان كانت لا تعيه ولا تدركه. لأنه صورة انتقال من عالم الشهادة إلى عالم الغيب أي انتقال الأحياء من ذوي الأنفس والأجساد أو الأصل المادي عموما والإنسان خصوصا من الدنيا إلى الآخرة باعتباره أكمل هذه الأحياء صورة من حيث أنه الكائن الحي الترابي المكون من الجسد والنفس الذين يتفق فيهما مع باقي الكائنات الحية. إلا أن سر تفوقه عليها كلها وكان الأكمل صورة منها أنه كان يستمد كل ذلك من الروح، التي منها وحدها يستمد إنسانيته، وهي التي لا وجود ولا قيمة للعقل بدونها.ولا يمكن أن يكون هناك من فرق بدونهما بين الإنسان وكل ما خلق الله من خلق من ذات الطبيعة المادية والأصل الترابي:يقول صلى الله عليه وسلم:”كلكم من آدم وآدم من تراب”. هذا الإنسان الذي أراده الله جامعا بين النور والتراب هو الذي يتفق مع باقي الكائنات الحية الترابية في النفس والجسد ويختلف مع الجن من حيث أن عنصرهم ناري وذات أصل ناري وطبيعة نارية ونورانية كذلك باعتبارهم من ذوات الأرواح. وهو الذي يختلف كذلك مع الملائكة من حيث أنها كائنات نورانية فقط اقتضت حكمة الله أن يخلقهم من نور، مما يجعل هذه الكائنات الحية الثلاثة المختلفة العناصر تجمع بينها الروح التي هي من نور والتي لا تموت ولا تخضع لحساب ولا لعقاب ولا لثواب و التي هي من نور الله وهو نور السماوات والأرض. وأن الذي يذوق الموت هي النفس وحدها. وهي التي تخضع للحساب ومن ثمة يمكن أن تنال الأجر و الثواب أو أن يكون عليها وزر ويسلط عليها العذاب والعقاب. وإذا كان الموت ظاهرة كونية قاهرة، وهي انتقال قصري من عالم الشهادة إلى عالم الغيب، فانه لا أحد يستطيع الإفلات منه حين يحين موعد حضوره أي كائن حي من الأحياء مهما كان عنصره.
رحيل عالم من علماء المسلمين، طبت حيا وميتا أيها المجاهد الكريم:
وما إن حضر الموت الشيخ المجاهد عبد الرحمان خليف شيخ القيروان وشيخ تونس المجاهد وشيخ العروبة والإسلام وفارقت روحه الطاهرة جسده وهي التي من روح الله والتحقت نفسه بالملإ الأعلى بانتظار يوم الحساب، حتى انتشر الخبر في أرجاء البلاد ثم في أرجاء العالم، وأصيب كل من عرفه أو سمع به أو عنه بذهول وأحس بفقدان رجل تكون الأمة قد خسرته، وهي التي مازالت في حاجة إليه. ولكن لا راد لقضاء الله . وهو الذي لم يسكت عندما سكت الكثير من أمثاله، والذي واجه الطاغوت دفاعا عن شعائر الله وفرائضه التي فرضها على كل من أسلم من عباده والتي تصبح فرائض على كل من يسلم من خلقه إلى يوم القيامة، عندما أخذته العزة بالإثم وأراد أن يتمادى في غيه، بعد أن اعتلى الموقع الذي بوأه إياه أسياده الغزاة الفرنسيين واعتقد انه قد أصبح يستطيع من خلاله أن يقول أي شيء وأن يفعل أي شيء من غير أن يكون في البلاد من يجرأ على مواجهته والوقوف في وجهه والتصدي له. وكان يحسب أنه يستطيع بذلك ومن خلال ذلك الموقع أن لا يلتزم حدا ألزم الله الناس جميعا به. وأطلق يده من موقع المستبد الذي نصب نفسه فيه بمباركة وتزكية من أعداء البلاد والشعب والأمة قاهرا فوق العباد. وقد ألزم نفسه بتكفير شعب مسلم حرر وطنه وأعتق رقبته من ربقة “الإستعمار” وطرد المحتلين والغزاة الفرنسيين الصليبيين بمنهج الإسلام وبروح الإسلام وبعقيدة وثقافة الإسلام، بالرغم من الجهل والفقر والمرض والتخلف والإنحطاط والأمية التي كانت مستفحلة في ربوع البلاد. فسولت له نفسه استغلال نفوذه و بسط يده من خلال موقعه ذاك ليحرم ما أحل الله ويحل ما حرم الله، وأطلق لها العنان بالعمل على إلغاء كل ثوابت الشعب التونسي العربي المسلم و الإستهتار بمقدساته ومبادئ وقيم وفرائض دينه. وقد كانت القطرة التي أفاضت الكأس، والقشة التي قسمت ظهر البعير، والتي كان فيها أكبر التحدي لضمير الشعب التونسي المسلم الذي سرق منه بورقيبة كل جهاده وكل تضحياته من أجل التحرير والإستقلال، ونسب كل ذلك لنفسه. وكانت الجرأة التي ترتقي إلى مستوى الوقاحة والصفاقة والسخرية والإستعلاء على الشعب والإعتداء عليه، هي دعوته هذا الشعب التونسي العربي المسلم إلى إفطار رمضان بتعلة الإستقواء على معركة البناء والتشييد ،على خلفية أن الصيام يضعف من مردود اليد العاملة النشيطة في بداية استمراره على نهج الغزاة في المحافظة على نظام الدولة العلمانية الحديثة الذي ورثه  وعصابته عن الغزاة الفرنسيين الذين أعطاهم الفرصة لمغادرة البلاد بشروطهم بعدما أصبحت كل الظروف ناضجة ومهيأة لإخراجهم منها بشروط الشعب التونسي المجاهد وكانت سرقة تماما كسرقة ما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية والنظام المصري وبتواطئ مع النظام العربي الفاسد، من مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية الباسلة انتصارها على الكيان الصهيوني في قطاع غزة وإجباره على الإنسحاب منها مدحورا مذموما، وبفعل السلطة وبتدخل منها تم تحويل ذلك الإنتصار إلى هزيمة وتحويل تلك الهزيمة إلى انتصار وأصبح الحديث على أن  انسحاب الجيش الصهيوني الذي كان فرارا من شدة ضغط فصائل المقاومة عليه وتحت وطأة ضرباتها وإجباره على المغادرة، كان بموجب قرار طوعي من المجرم آريال شارون ومن جانب واحد وفي إطار خطة الطريق ولذلك وجب أن يكون بشروطه… فكانت تلك الدعوة إلى الإفطار بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير ولم يستطع الشيخ المجاهد رضي الله عنه وثلة من إخوانه من العلماء وطلبتهم ومريديهم صبرا على تلك العربدة وتلك الوقاحة وتلك الدعوة الصريحة بانتهاك حرمة من حرمات الله وإبطال فريضة من فرائضه باتجاه إخراج المسلمين من دينهم، مقتديا في ذلك باليهودي الأصل مصطفى كمال أتاتورك، وإسقاط كل الفرائض عنهم باعتبار أن بورقيبة بحكم ثقافته التغريبية وبحكم عمالته للغرب وخيانته للقضية التونسية والمغاربية والعربية والإسلامية كان معاديا للإسلام ويعتبره من أهم واكبر أسباب تخلف العرب والمسلمين وانحطاطهم، وهو الذي قال فيه أحد أبر أبنائه به محمد مزالي في برنامج بلا حدود الذي استضافه فيه الإعلامي البارز السيد أحمد منصور على شاشة قناة الجزيرة عندما سأله عن موقف بورقيبة من الإسلام “أنه كان في سويداء قلبه يكره الإسلام”فلم يفوت عليه الشيخ المجاهد طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جنانه الفرصة، وتحمل مسؤوليته وأعلن معارضته الصريحة لتلك الدعوة لإنتهاك حرمات الله والإعتداء على الشعب التونسي العربي المسلم من خلال الإعتداء على مقدساته وثوابته ومقومات شخصيته. فكان موقفه ذاك شرارة أوقدت نار غيرة أهل القيروان على إسلامهم، وأثارت فيهم حمية الدفاع على شيخهم ومعلمهم وملهمهم وقدوتهم والتصدي للإساءة إليه بإيقافه واهانته من أجل الإنتصار لله وللرسول وللإسلام وللشعب وللوطن وللأمة وللحق، وإحالته إلى المحاكمة وإصدار الحكم عليه بالإعدام، اظافة إلى ما كان من طبع في بورقيبة ورغبة له في البحث عن قيمة له لا يكسبها إلا من خلال اهانة الشرفاء والأحرار وإذلالهم وحرصه على ذلك. والذي يحسب لأبناء القيروان في ذلك الوقت، وقفتهم الباسلة إلى جانب شيخهم الفاضل، واقتفاء أثره والإقتداء به والإستجابة لدعوته لرفض تلك الدعوة وعدم القبول بذلك القرار الفاسد الذي لا شك في أنه مخرج من الملة، وهو دعوة صريحة للكفر.فكانت المظاهرة التي قام بها أبناء القيروان بقيادة المرحوم الشيخ عبد الرحمان خليف أول مظاهرة مناهضة لنظام بورقيبة الفاشي في تونس ما بعد سنة 1956، وقد كان المتظاهرون حتى ذلك الوقت لا يخرجون إلا تأييدا ومساندة له، وهي التي عرفت في تاريخ تونس بمظاهرة “الله أكبر”. ولم يجد الهالك بورقيبة بدا من التراجع تدريجيا في الأحكام الجائرة التي أصدرتها محاكمه ضد من اخضعوا للمحاكمة من الذين أدينوا بالمشاركة في تلك المظاهرة وعلى رأسهم قائدها ومنظمها والداعي إليها وملهم المشاركين فيها الشيخ المجاهد رضي الله عنه وأرضاه وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين كل خير، وبتدخلات من جهات كثيرة وشخصيات وأطراف ثقيلة الوزن في العالم العربي والإسلامي، وبخوف من استمرار الإحتقان والضغط الداخلي والخشية من تنامي التعاطف مع الشيخ المجاهد، لاسيما وأن خلافات بورقيبة مع خصومه من اليوسفيين الذين التحقوا بجماعة صوت الطالب الزيتوني مازالت قائمة، ومازال قريبا من تاريخ صفقة الإستقلال التي عقدها مع قوات الإحتلال الفرنسي لبلادنا ،ومازال عاملا بخطة الحذر من احتمال انقلاب الزيتونيين عليه وفساد علاقة الود الزائفة التي كان حريصا على أن تظل قائمة بينه وبين من قبلوا بالعمل معه منهم وتوظيفهم في ما يشبه السخرة لمواصلة تنفيذ برنامج الإحتلال في الحفاظ على الأنموذج العلماني للدولة في البلاد التي أصبحت المصلحة تقتضي منه الإنسحاب منها ومغادرتها، وأولئك الذين لزموا الحياد، والذين قبلوا بالأمر الواقع منهم ، في ظل وجود فكر إسلامي تقليدي منغلق لا يعكس إلا الخمول والتقوقع ومظاهر التخلف والإنحطاط والجمود رغم محاولات التجديد ومشاريع النهوض والإصلاح. وقد حرص هؤلاء على هذه العلاقة وعلى التواجد في هذه المواقع لإحداث موازنة لا يكون فيها بورقيبة صاحب اليد الطولى والمطلقة في إقرار كل شيء والتصرف في كل شيء بدون قيد ولا شرط ،وهم يعلمون من هو وما هي قناعاته وطبيعة تفكيره وتكوينه الثقافي والسياسي، وهو الذي كان حريصا كذلك على عدم ابتعادهم  وعدم إبعادهم عنه وانسحابهم من حوله، وخسارة تأييدهم له والنأي بأنفسهم ولو بصمت عن دعم عملية بناء الدولة العلمانية الحديثة التي لم يكن في الحقيقة هو بانيها ولا مؤسسها والتي كانوا عمادها، وكانوا من أهم من  كان يعول عليهم في تسيير الكثير من هياكلها وهكذا كان العلمانيون دائما يقبلون بكل من هو إسلامي .ومازال العلمانيون لا يقبلون من الإسلاميين عموما إلا كما قبل بهم بورقيبة وغيره من العلمانيين في الوطن العربي وفي العالم الإسلامي وكما قبلوا أن يكونوا معه خادمين بجديتهم ونظافة أياديهم وأمانتهم وصدقهم للمشروع العلماني الذي  لم يحالف العلمانيين أنفسهم النجاح في إقامته وإحداث النقلة النوعية التي يزعمون أنهم وحدهم القادرون على إحداثها في حياة مجتمعات الشعوب العربية والإسلامية في مختلف أوطان أمة العرب والمسلمين. وهو الذي ظل محافظا على بقاء نشاط الحزب الشيوعي في إطار الشرعية القانونية التي كان يستمدها من  الإدارة الفرنسية للبلاد، ليكون له عونا في المواجهة المفتوحة التي كانت بينه وبين اليوسفيين والزيتونيين والعائلة الحسينية المالكة. وفعلا وما إن تأكد من النجاح في إقصاء خصومه واستئصال أعدائه، خاصة بعد إجهاض المحاولة التي قادها الأستاذ عبد العزيز العكر مي للإطاحة بنظامه سنة 1962 وهو الذي كانت معارضته له معلومة منذ أن كان طالبا  بجامع الزيتونة، وبعد أن استقرت له الأمور أكثر من أي وقت مضى ،كان من السهل عليه جدا أخذ قرار حله بذريعة تناقض عقيدته مع عقيدة الشعب. وقد بدا ذلك منه بعد احتواء من احتوى من الزيتونيين واستئصال من استأصل منهم ومن اليوسفيين، وبعد قمعه بوحشية لمظاهرة “الله أكبر”التي قادها ضده الشيخ المجاهد عبد الرحمان خليف رحمه الله، وكأنه مدافع عن الإسلام، وكان ذلك  في الحقيقة مما وفر به على نفسه حظوظا أوفر للإساءة إليه أكثر من أي وقت مضى، والبطش بكل من يحاول إحياء الدعوة إليه والتأكيد على ضرورة إعادة العمل به وبنظامه. وبعد إخراجه من السجن لمثل هذه الإعتبارات وغيرها، وفي مثل هذه الظروف، ظل الشيخ المجاهد يزاول حياته تحت رقابة أمنية مشددة عدة سنوات، بعد أن ظل جامع عقبة الذي كان هو إمامه، والذي كانت من خلال منبره معارضته الصريحة والمعلنة لدعوة بورقيبة التونسيين للإفطار في شهر رمضان مغلقا أكثر من عشر سنوات بتعلة ترميمه وإدخال إصلاحات عليه، وهي المدة التي أصبحت بعدها القيروان مضرب الأمثال في الفساد والدعارة، وكل أنواع الشذوذ والإنحرافات والفساد وفق برنامج أعد خصيصا لها لتكون كذلك . وبعد كل تلك السنين والمعاناة، تم تعيينه مدرسا بمدينة صفاقس ثم بمدينة سوسة حيث كان للشيخ المجاهد على حد تأكيد العارفين به حظوة واقتدار ومكانة بين الناس وفي قلوبهم .وقد ترك حيث ما حط رحاله تلامذة ومريدين ومحبين له. وترك علما شرعيا ومعرفة وتربية وحفاظا لكتاب الله. ليعود بعد ذلك إلى القيروان ويتولى الصدارة في إدارة شؤون جامع عقبة بن نافع خطيبا ومدرسا ومعلما وموجها ومربيا ومفتيا….
     كيف تعامل نظام تحالف7 نوفمبر الرهيب مع الشيخ المجاهد؟:
لم تكن الإنتخابات الرئاسية والتشريعية الأولى بعد انقلاب7 نوفمبر سنة 1987، والذي تمت الإطاحة فيه من طرف الدستوريين من خلال المؤسسات الأمنية للدولة بمجاهدهم الأكبر الحبيب بورقيبة، التي أجريت في شهر مارس سنة 1989 إلا بعد ما سمي وقتها مؤتمر الإنقاذ الذي التقت فيه كل مكونات الحركة العلمانية اللائكية تقريبا، وانتظمت من مواقع مختلفة وبصيغ مختلفة في ما يسمى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي سواء تنظيميا أو بالتأييد والمساندة والدعم والمعاضدة والموالاة، حتى أصبح هذا الحزب جامعا لبقايا اليمين الدستوري والمتهافتين على أي موقع في السلطة وعلى القيام بأي دور في إدارة مؤسسات الدولة والإستئثار بأي خطة سياسية في مؤسسات النظام من اليسار الماركسي والقومي العربي. وكان على رأس اهتمامهم ومن أوكد أولوياتهم بذل كل الجهد لمنع أن يكون أي دور سياسي للإسلاميين بالبلاد. هذا المؤتمر الذي تم الإتفاق فيه على الخطة التي كانت تتضمن 25 نقطة لتجفيف منابع التدين في تونس العروبة والإسلام ،والتي تمت المصادقة فيه على ضرورة استئصال الحركة الإسلامية عموما وخاصة حركة النهضة كبرى الحركات السياسية الإسلامية والعلمانية اللائكية على حد سوى بالبلاد. والملفت للإنتباه، أن هذه الخطة كانت تستهدف تحديدا ضرب كل مراكز القوة في الحركة الإسلامية. وكان من بين أهدافها، فك الإرتباط وإنهاء التلاحم بين الحركة الإسلامية المعاصرة ورموز الحركة الإسلامية التقليدية الذي بدا واضحا في انتخابات 1989 والممثلين في من تبقى من مشايخ وعلماء ورموز جامع الزيتونة المعمورـ الذي أصبح فيه في بعض المناسبات مكان لشيخ الماركسيين محمد حرمل ومحمد بوشيحة وغيرهما من أصنام الإلحاد إلى جانب ولي نعمتهم الجنرال زين العابدين بن علي ـ وبعض أقطاب الجامعة الزيتونية ،والعمل على تحييدهم وإخراجهم من دائرة الإستهداف المباشر، والإبقاء عليهم في نفس دائرة الإحتواء والتسخير والحياد أو التهميش التي كان قد سبق لمعلمهم ومربيهم بورقيبة وملهمهم ثقافة الإستعلاء على الشعب وتسخيره لخدمته وتزكية مشاريعه وبرامجه وخياراته المعادية لمصالحه والمتناقضة معها، أن اتبعها للإستفادة منهم في تمرير مشاريعه المعادية لهوية الشعب والأمة ولمصلحة البلاد والعباد ،عبر تزكيتها وإمضائهم عليها له، ولدفع حرج اجتماعي ليست هذه العصابات الجديدة القديمة التي خلفته في حاجة إليه بعد أن استحدثت لهم منذ البداية إطارا تنظيميا ومؤسسة رسمية ولدت في الحقيقة ميتة، أطلق عليها اسم المجلس الإسلامي الأعلى لإحتوائهم والإبقاء عليهم إلى جانبهم وفي صفهم لتيسير غدر الشعب والإحتيال عليه من خلالهم كلما دعت الضرورة والحاجة إلى ذلك، ولإبعادهم عن أبنائهم وتلامذتهم ونظرائهم من المفكرين والعلماء والناشطين في الحركة الإسلامية.وفتحت في البداية أمام هذا المجلس آفاق رحبة للعب دور كبير بالبلاد تمكينا للإسلام وللثقافة العربية الإسلامية في إطار ما ادعاه الإنقلابيون من إعادة الإعتبار للدين الإسلامي الحنيف بالبلاد. وأعطيت لهذا المجلس ولهذه الرموز المعينة فيه من بين ما أعطي لها  صلاحية إعادة تنشيط جامع الزيتونة وكل فروعه القديمة بمختلف ولايات البلاد التي لها فيها وجود، بعد أن سارع قائد الإنقلاب إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة بعيد صعوده لسدة الحكم مباشرة. وهو الذي لا يعلم عنه احد عبادة لله ولا تقوى ولا طاعة من قبل. ولم يكن كل ذلك إلا في إطار خطة مغالطة وغش وخداع للشعب، يسهل بها عليه سحب البساط من تحت أقدام الإسلاميين، وقيادة حملة لإستئصالهم من خلال ذلك الوهم والخداع والمغالطة ومن خلال نفس روح ونزعة وادعاء ثقافة التدين التي كان عليها الإسلاميون صدقا وعدلا وإخلاصا وكان له ذلك فعلا .ومن يدري لعل تلك الحيلة قد انطلت على الرأي العام وعلى أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى. ولعها وهذا الأشد خطرا، قد انطلت كذلك على بعض أو ربما حتى على الكثير من الإسلاميين. ولم يستمر الأمر على ذلك النحو إلا قليلا حتى تم الإنقلاب على كل ذلك باعتباره تركيبا وقتيا وقناعا خادعا وطلاء خارجيا، لا فائدة منه لطالب موقع الحكم لذاته. ولا للذين جاءوا به. ولا للذين أبرموا معه صفقة التحالف من أجل إنهاء التوازن الذي يمكن أن يقوم بالبلاد بين الحركة الإسلامية والحركة العلمانية، والذي كان يمكن أن يكون حتما لصالح البلاد والشعب، والذي لا يجد فيه طلاب الإمتيازات والمتعة وإشباع الغرائز المحرمة والمصالح الخاصة والمنافع الشخصية والفئوية والجهوية والحزبية ما يريدون من كل ذلك. وسرعان ما أدرك الجوعى من اليسار الماركسي والقومي العربي الحليفين الرئيسيين لليمين الدستوري في ما تم الإتفاق عليه من تحالف في مؤتمر الإنقاذ خطورة الأمر، على عدم جديته، وعلى الصورة الوهمية والمغشوشة التي كان عليها. وبعد أن اخذوا مواقعهم في أماكن أخذ القرار والتأثير فيه، وعمدوا إلى إنهاء تلك الخطة المغشوشة التي تتناقض مع خطة تجفيف المنابع وتقليم الأظافر التي يرى اليسار الماركسي والقومي العربي أنها الضامن الوحيد لإقامة نظام ديمقراطي بالبلاد حسب زعمهم ،على خلفية مغلوطة وخاطئة، مفادها أن الديمقراطية ملازمة للعلمانية. وأنه لا سبيل إلى قيام نظام ديمقراطي بناء على تلك القاعدة مع وجود حركة إسلامية قوية، وتمتلك من أسباب القوة والدعم ،ولها من الحظوظ في ذلك أكثر من كل مكونات الحركة العلمانية سواء من داخل السلطة ومن خلالها أو من خارجها وبعيدا عنها . في هذه الظروف، وفي ظل هذا التآمر على الإسلام وعلى الحركة الإسلامية، والتخطيط لطمس هوية تونس العربية الإسلامية، وفرض ثقافة الإستلاب والتغريب والإلحاق والتبعية التي تفقد الأوطان استقلالها والشعوب خصوصياتها وسيادتها، والعمل بكل الوسائل والأساليب، ووضع كل الإمكانيات على ذمتهم وتسخيرها  لتكفير الشعب التونسي، وإغراقه في متاهات ثقافة الميوعة والإنحلال والرذيلة، وصرف كل اهتمامه لمتاهات لا فائدة له فيها، وإبعاده بكل الوسائل والأساليب عن المنهج الإسلامي وعن عقيدة التوحيد وعن المفهوم الصحيح للدين القويم ولقيم ومبادئ الحق والعدل والحرية والمساواة والفضيلة والتكافل والتضامن… والذي كان أكثر فظاعة واحتيالا وخديعة، أن جعل التحالف العلماني من هذه القيم والمبادئ الإسلامية غطاء أضفى بها شرعية على سياسات الفساد المالي سرقة وتهريبا ونهبا واستغلالا وتحيلا وسوء تصرف. وعلى الفساد الإداري حيث لا جدية في العمل، و لا متابعة ولا محاسبة، ولا مساءلة ولا مسؤولية لأحد على أمر هو مسؤولا عنه… وتنفيذا للخطة المصادق عليها في مؤتمر التآمر العلماني اللائكي ـ الملتحق آن ذاك بالإنقلابيين، والذي انتهى به الأمر إلى الإلتفاف حول “الحاج” وحامي الحمى والدين زين العابدين بن علي ـ على الشعب التونسي وعلى عروبته وإسلامه ومكاسبه ووطنه وسيادته، وعلى ماضيه وحاضره ومستقبله، وهذا ما أثبتته الأيام، وما تم الإقرار والإعتراف به إن تصريحا أو تلميحا من قبل كل الناس، كان حرص نظام التحالف المعادي لهوية تونس العربية الإسلامية على أن يكون الشيخ المجاهد عبد الرحمان خليف رحمة الله ورضوانه عليه على قائمة مرشحي ما يسمى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي للإنتخابات التشريعية للدائرة الإنتخابية  لولاية القيروان مستفيدا من سمعته وشهرته واحترام الناس وتقديرهم له، ومن ذلك الحجم الذي أكسبه إياه جهاده وخدمته للإسلام ونفعه للناس وبطش مرشحيه به من اجل ذلك، وهم في الحقيقة الكارهون له والحاقدون عليه والمعادون لثقافته وقناعاته ومنهجه وعقيدته. وهم الذين ما كانوا ليفعلوا ذلك لولا متاجرتهم بالدين واستغلالهم الفاحش له ولرموزه ومفكريه وعلمائه وللمتدينين عموما، وحتى لا يكون مرشح الحركة الإسلامية هناك، والتي من منطلق إيمانها المبدئي بالعملية الديمقراطية، ورغم ظروفها الصعبة جدا في ذلك الوقت الذي مازالت جروحها فيه تنزف ومازالت منهكة من المواجهة التي فرضها عيها الهالك بورقيبة وعصاباته من داخل السلطة وخارجها، والتي انتهت بإسقاطه، اتخذت قرارها بالمشاركة فيها . وبما أن الديمقراطية العلمانية هي ديمقراطية التزوير وشراء الذمم والوعود الكاذبة واحتكار الإعلام ومحاصرة المخالف المنافس وغير ذلك من الممارسات والأساليب غير الأخلاقية واللاانسانية والغير حضارية والبعيدة كل البعد عن النزاهة والحق والعدل والصدق والأمانة والفضيلة…وديمقراطية الخداع والرشوة والمحسوبية والسخرية من الشعب وتسخيره، فانه إذا كان من السهل على هذا التحالف الإنتهازي المخادع أن يعلن عدم فوز أي من مرشحي القوائم المستقلة باعتبارها أكبر منافس له، وهي المدعومة من طرف حركة النهضة الإسلامية التي ظلت ممنوعة من النشاط السياسي القانوني رغم كل التنازلات واثبات حسن النية التي لا تفتقر إليها في الحقيقة، والتي لا يفتقر إليها إلا خصومها الذين من ثقافتهم تحويل الخصومة السياسية والخلاف الفكري والإختلاف العقائدي الإيديولوجي والتباين الثقافي والتدافع الحضاري إلى عداوة وعدوان، فانه من غير السهل عليه بل من الصعوبة التي ترتقي إلى مستوى الإستحالة إعلان سقوط قائمة الشيخ المجاهد عبد الرحمان خليف وعدم فوزه في الإنتخابات. وذلك ما لا يستطيعه ولا يمكن له ولا يصدقه فيه أحد ولا يقبله منه. وان كان على مستوى من الصفاقة والتخلف والإنحطاط لا يمنعه من ذلك ،إذا كان لابد مما ليس منه بد. وإذا كان الشيخ المجاهد رحمة الله ورضوانه عليه مرشح حزب المتشبهات بالذكور من حليقات شعر الرأس من الإناث والمتشبهين بالإناث من حليقي الوجوه من الذكور، فانه وهو الرجل المشهود له بالعلم والجهاد، وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، وإمام جامع عقبة بن نافع الفهري بعاصمة الأغالبة، ظل ممثلا لصوت الإسلام ومنافح عن هوية الشعب والوطن. وهو الذي أصبح غير مرغوب فيه من أعضاء الحزب الذي رشحه لضمان فوز قائمته الإنتخابية فقط ، خاصة بعد تطاول المدعوة نزيهة مزهود عليه ومحاولة قياس قامتها إلى قامته لمجرد انه عبر عن إرادته بجرأة ليست لغيره هناك تحت قبة مجلس النواب بباردو وبحرية  عندما أدلى   بصوته ضد ترشيحها أو ترشحها لرئاسة المجلس، ولعله لم يكن الوحيد في التعبير عن ذاك الرأي وعن تلك الإرادة ولكن لم يؤخذ بعين الإعتبار إلا موقفه هو على ما يبدو ،في الوقت الذي كان فيه  “الديمقراطيون”الإستئصاليون من حليقي الوجوه يشنون حرب إبادة لا هوادة فيها ضد الشعب لصرفه عن دينه وعن منهجه الإسلامي القويم. وكانوا يجلبون الرجال بالقوة ليحلقوا لهم لحاهم بمخافر الشرطة. و يفرضون عن النساء العري وينزعون خمرهن من على رؤوسهن حيث ما حللن وحيث ما وجدوهن، ومازالوا يفعلون ذلك ولكن إلى حد ما إلى اليوم. وأوصدت أبواب المساجد في وجوه المصلين إلا مما كان لابد منه وفي حدود الضرورة القصوى وتحت رقابة جد مشددة. وتم إلغاء كل تلك التي كانت موجودة بالمؤسسات العامة والخاصة وحتى في تلك التي للدولة عليها إشراف مباشر، وتم تحويلها إلى مباشرة أغراض أخرى بها كجعلها مطاعم ومشارب ومتاجر وقنوات ومكاتب، المهم أن لا تبقى مخصصة للصلاة وللعبادة. وهو نفس الوقت الذي كانت فيه الخانات والخمارات أماكن الدعارة ودور الخنا والمواخير مفتوحة ليلا نهارا ليجد فيها كل غافل باحث عن المتعة الرخيصة كل ما يريده وكل ما تهفوا إليه نفسه وما يدعوه الشيطان للوقوع فيه من الرذائل والفواحش مما يراد له ينصرف إليه، بأثمان بخسة يمكن أن تكون في متناول كل مستهتر من أراذل القوم. وبعد تجربة مرة وبعد جهاد طويل من موقع كان فيه فريدا في مواجهة أعداء الإسلام وأعداء الوطن والشعب والأمة ـ في غير اتهام، لأن ذلك أصبح مما يعلمه كل الناس ولا يجهله أحد إلا متجاهل أو جاحد، عاد إلى محضنه القديم ليظل معتليا منبر قادة الفتح الإسلامي بجامع عقبة بالقيروان خطيبا ومدرسا ومربيا وموجها ومعلما لكتاب الله في حدود ما كان قادرا عليه في بلد أصبح من أكبر الكبائر فيه ملازمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والدعوة اليهما والعمل بهما. وهو الذي لم يفته وهو على فراش الموت أن يسفه أحلام “وزير الشؤون الدينية” في الهجوم الذي شنه في نفس السياق القديم والتزاما بالعمل بالخطة القديمة على اللباس الشرعي للمرأة المسلمة، حيث كان معتبرا إياه من موقع صاحب الرأي الشاذ لباسا شاذا وليس من تقاليد التونسيين،ويصحح المفاهيم ويرد الأمر إلى نصابه كما علمه من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يفته كذلك أن أوصى بأن لا يؤبنه احد، لأنه يعلم أن هذا المحارب لمبادئ الإسلام وقيمه وأحكامه وثوابته أو غيره ممن هم على شاكلته وعلى رأيه وعلى فكره وعلى قناعاته وعلى خلقه وعلى ثقافته وفي مستوى مسؤوليته من الرسميين الكارهين في الحقيقة له وهم يعلمون أنه كذلك كاره لهم، والذين لا يريدون إلا أن يكون هو وأمثاله من الصالحين والمصلحين خادمين لهم وممكنين لمشاريعهم الهدامة التي لم يستطيعوا هم أنفسهم أن يمكنوا لها، ليهرع لحضور موكب جنازته لنفس الغايات والأهداف والمصالح والمنافع السالفة الذكر دائما طبعا، والمشاركة في دفنه والوقوف على قبره، وسيطلب تأبينه. فأبى أن لا يكون شهود الزور عليه في حياته شهود زور عليه بعد وفاته . فرحمة الله عليك أيها الشيخ المجاهد وطيب الله ثراك وأوسع لك في قبرك. وأسأل الله أن ينزلك منزل صدق مع الأنبياء والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.
“يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي “
 وأسأل الله لك الرحمة والمغفرة ورضوان من الله وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.  كما أرفع تعازي فيك أيها المجاهد، وأنت من قال كلمة حق أمام سلطان جائر، إلى أبنائك وأهلك وعشيرتك ومريديك ومحبيك وتلامذتك، والى كل من له صلة في الله بك، والى الشعب التونسي المسلم والى أمة العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأسأل الله كذلك أن يعوضنا جميعا فيك خيرا. وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .                                                                      علي شرطاني                                                                                           قفصة                                                            تونس

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة السلام على أشرف المرسلين

 

تونس في 07-03-2006

 

خواطر واثنا عشر مقترحا بمناسبة خمسينية الاستقلال

20 مارس 1956 = 20 مارس 2006

 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري من الحزب الدستوري

حزب التحرير وبناء الدولة العصرية

 

على بركة الله وبعونه وتوفيقه أواصل الكتابة والحديث على خمسينية الاستقلال التام 20 مارس 1956 20 مارس 2006 . حيث كنت خصصت الحلقة الأولى -التي نشرتها بالانترنت يوم 05-03-2006- لاستحضار الذاكرة الوطنية بهذه المناسبة الجليلة. والحمد لله وجدنا هذا الموقع الهام الممتاز الذي عبرت عنه مرارا بأنه رحمة للشعوب والأقلام المكتوبة في بلدانها حيث الصحف لا تعير وزنا للكلمة الحرة والمقترحات الجريئة ولا تنشر إلا الكلام المعسول و المدح والمجاملات والكلام السطحي أو إذا كان فيه شتم وثلب للذي يخالفهم الرأي … مع الأسف هذه صحفنا في عديد الدول العربية… وكما اشرت أن الأنترنت كان رحمة للشعوب المكبوتة والأقلام الحرة النزيهة التي تربد الاصلاح قال الله تعالى: “وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله” صدق الله العظيم.

 

وبعد هذه المقدمة يسعدني كمناضل دستوري انخرطت مبكرا في صفوف الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد عام 1954 وأمنت برسالته النبيلة الهادفة لتحرير الوطن وبناء الدولة العصرية وخدمة الإنسان التونسي… أن أواصل الحلقة الثانية حول الاحتفالات بالذكرى الخمسين لعيد الاستقلال المجيد 20 مارس 1956 بعد نصف قرن يوما بيوم.

 

و كنت قد أشرت في مقالي الأول يوم 5 مارس 2006  إلى مراحل الكفاح التحريري والمحن والمحطات التاريخية الهامة ومكاسب الاستقلال والرهانات التي أقدم عليها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله. وعددت لستة رهانات فقط من أكثر من 56 رهانا تحقق في عهد النظام البورقيبي. ونظرا للمساحة الإعلامية اكتفيت بذكر 6 رهانات فقط. والشعب التونسي و “كبار الحومة” يدركون كل الرهانات التاريخية إلا المتنكرين وأصحاب المصالح الحينية فهم دوما مع الواقف..

 

وبهذه المناسبة السعيدة والحدث الوطني الهام والذي جاء بعد نصف قرن من الزمان : 5 عقود كاملة عاشها 3 أجيال جيل الكفاح الوطني وجيل الاستقلال وجيل التحول.

 

ولعل أبرز ما يمكن انتظاره والشوق إليه بكل لهفة وتفاؤل وأمال كبيرة وعريضة هو تحقيق المقترحات الاثنا عشرة التالية في خمسينية الاستقلال المجيد.. الرمز الخالد والحدث الوطني الكبير الذي لا يعرف قيمته الحقيقية إلا الذين عاشوه ولمسوه وساهموا وشاركوا في تحقيقه وعاشوا ما قبله زمن الاستعمار الفرنسي.. زمن الجهل والبؤس والحرمان والمرض والظلم والإهانة والخصاصة. وصورة واحدة تكفي كم عدد المدارس في عهد الحماية وكم عددها في العهد النظام البورقيبي واليوم أيضا العدد في زيادة والحمد لله.

 

وكما أسلفت فأني أتقدم باثناعشر مقترحا عسى أن تعزز مكانة الاستقلال وتجعل من هذه الذكرى المجيدة عيد وطني للجميع بدون استثناء وفرحة عارمة للجميع ولا يكون ذلك إلا بتحقيق الآتي:

 

العفو التشريعي العام

 

أولا : اصدار عفو تشريعي عام يستفيد منه الجميع بدون استثناء سواء المساجين أو المهاجرين المغتربين والمحرومون من “ريحة البلاد” كما عبرت عنه بروعة اغنية محمد الجموسي  رحمه الله. وفي هذا الاطار فان المساجين الذين حكم عليهم الاستعمار الفرنسي في مظاهرات 9 أفريل 1938 والذين حكم عليهم أيضا في المعركة الأخيرة 18 جانفي 1952 في عهد الثورة الوطنية وقع سراحهم في 20 مارس 1956 وأفرغت السجون بمناسبة عيد الاستقلال 1956 . واليوم نقترح أن تفرغ السجون من المساجين التونسيين في هذه الذكرى المجيدة العزيزة على كل التونسيين. قال الله تعالى: “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون” صدق الله العظيم.

 

الحقوق والواجبات طبقا للقانون

 

ثانيا : السعي لاسترداد حقوق الإنسان ورفع بعض المظالم سواء في المكاسب أو الشغل أو المعنويات الأدبية. ولا نريد ان ندخل في التفاصيل جملة وتفصيلا.. وخاصة حقوق الحصول على جوازات السفر واسترجاع الحقوق المدنية في ابانها ودون تأخير عن مواعيدها التي نص عليها قانون استرجاع حقوق دون استثناء. قال الله تعالى: “والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب” صدق الله العظيم.

 

العدل في معاملة الديوانة لكل الشرائح طبقا للقانون

 

ثالثا : ضرورة مراجعة قوانين الديوانة التونسية والمعاملات الخاصة وجعل كل المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات وخاصة في تعاطي التجارة الموازية. فأما منعها منعا باتا لأنها أضرت أضرار فادحا بالصناعات المحلية والمنتوجات الوطنية أو معاملة كل المتعاطين لهذا الأسلوب التجاري الغير قانوني معاملة واحدة. وهذا ما أشرت إليه في حوار بدار التجمع يوم 27-03-2000 ودفعت ضريبة الحوار غالية.. سامح الله الذين لا يحبون الحوار الديمقراطي وكلمة الحق في الاجتماعات العامة. هذا مع الملاحظ إن مراقبة الديوانة يجب أن تكون في أماكنها لا أن تراقب بعد الخروج وفي أماكن بعيدة كما حصل مؤخرا في مدينة الجم، قال الله تعالى: “يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا” صدق الله العظيم.

 

التعويض المادي و المعنوي

 

رابعا : التأكيد على ضرورة التعويض المادي والمعنوي للذين وقع الضرر بهم وبمكاسبهم المادية والعقارية. قال الله تعالى: “إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا” صدق الله العظيم.

 

العناية بالمناضلين والمقاومين

 

خامسا : مزيد العناية بشريحة المناضلين والمقاومين والترفيع في المنحة المخولة لهم والتي أصبحت لا تفي بالحاجة ومتطلبات الحياة وهم الذين صنعوا عيد الاستقلال. قال الله تعالى: “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” صدق الله العظيم.

 

جمعية المحافظة على تراث الزعيم بورقيبة

 

سادسا : التأكيد على ضرورة الإسراع بمنح التأشيرة القانونية لجمعية المحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورفاقه رموز الحركة الوطنية حيث أن التأشيرة ننتظر الإجابة في شأنها منذ يوم 13 جوان 2005 بينما استقلال تونس تم بعد 9 أشهر من الاستقلال الداخلي، قال الله تعالى: “وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما” صدق الله العظيم.

 

ضرورة العناية بمعنويات المناضلين

سابعا : ضرورة منح كل المناضلين الذين شاركوا في معركة الاستقلال وتصفية الاستعمار وبناء الدولة العصرية منحهم بدون استثناء وسام الاستقلال الذي هو مجعول ومخصص لمن شارك بطريقة أو بأخرى في استقلال البلاد وبناء الدولة. وليس مخصصا لمن ولد بعد الاستقلال.. فهؤلاء لهم أنواع أخرى من الأوسمة.

 

تكريم الزعيم بورقيبة

 

ثامنا : العمل بكل اعتزاز وفخر ونخوة وبروح وطنية عالية وحماس للتحول في موكب عظيم بإشراف الرئيس زين العابدين بن علي يوم 20 مارس 2006 للإشراف على الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال وزيارة ضريح الزعيم الأوحد المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله صانع الاستقلال وبطل التحرير -وكما سماه السيد ديلانوي رئيس بلدية باريس بأنه أب الاستقلال وأب التونسيين جميعا- للترحم على روحه الطاهرة الزكية. كما والإشراف على موكب خاشع بضريحه وتلاوة فاتحة الكتاب على روحه وعقد اجتماع شعبي جبار بمدينة المنستير مسقط رأس الزعيم الراحل وضرورة حضور نجله وأحفاده وأعضاء الحكومة الذين بقوا على قيد الحياة وعملوا في حكومته وحزبه مع ضرورة حضور كل المناضلين الوطنيين دون إقصاء لأن الذكرى المجيدة هم صنعوها ونحتوها وعاشوها. قال الله تعالى: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” صدق الله العظيم.

 

العناية ببيوت الله وعدم اغلاقها

 

تاسعا : ضرورة فتح الجوامع والمساجد المغلقة سواءا بالمركب الجامعي بتونس أو محطة الرتل بتونس وغيرها في المؤسسات. هذا مع الملاحظ أن هناك بعض التجاوزات الفردية في النطاق المحلي والجهوي فقط في خصوص مراقبة بعض الشبان المصلين المستقيمين والأبرياء وهذا من شأنه يبعث في نفوسهم الاشمئزاز وربما فيه استفزاز لمشاعرهم وهم على غاية من الاستقامة والاعتدال الروحي والوطني وهم من عائلات محترمة. قال الله تعالى: “في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال..” صدق الله العظيم.

 

دعم الجانب الاخلاقي

 

عاشرا : التركيز على دعم الجانب الأخلاقي في المجتمع وفي أوساط الشباب بالخصوص. فالأمر بلغ درجة من الخطورة لا يمكن السكوت عنه خاصة في المدن الكبرى. سواء الانحراف الأخلاقي والكلام البذيء الذي أصبح منتشرا حتى في الأوساط الشعبية. والتلفزة لها ضلع في برامجها المائعة والسخيفة. قال الله تعالى: “ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفسا شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حسيبا” صدق الله العظيم.

 

تشغيـل الشبــاب

 

إحدى عشر: مزيد العناية بموضوع التشغيل خاصة لحاملي الشهائد العليا. وتخصيص صندوق اجتماعي للعاطلين عن العمل في انتظار إيجاد الشغل المحترم لهذا الصنف من الشباب المثقف الذي لا يجد الآن ما يكفيه وما يغطي مصاريفه الخاصة وقد أصبح حملا ثقيلا على والديه.

 

العناية بشباب مناطق الظل

اثنا عشر: ضرورة دعم موارد الرزق لشباب مناطق الظل الذين هم في حاجة إلى موارد رزق قارة في مناطقهم بصفة دائمة وتحفظ كرامتهم وتغنيهم عن الخصاصة والحرمان، قال الله تعالى: “تحسبهم أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا” صدق الله العظيم.

 

هذه بعض المقترحات الجريئة أرجوا أن يقع الاهتمام بها وتحقيقها. قال الله تعالى: “لا نريد منكم جزاء ولا شكورا.. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا” صدق الله العظيم،

 

وأعتقد أن سيادة الرئيس زسن العابدين بن علي سيأخذ بعين الاعتبار هذه المقترحات الجريئة بمناسبة خمسينية الاستقلال المجيد.

 

قال الله تعالى: “ولمثل هذا فليعمل العاملون” صدق الله العظيم

 

ملاحظة: أن المقترحات التي تقدمت بها في الرسائل الثلاثة 9 فيفري 2006 و 28 فيفري 2006 و 07 مارس الجاري و عددها 33 مقترحا تعبر عن مشاغل ومشاعر كل التونسيين والتونسيات ورجائنا في حس وعطف سيادة الرئيس شخصيا بمناسبة عيد الاستقلال المجيد. قال الله تعالى: “لمثل هذا فليتنافس المتنافسون” صدق الله العظيم.

 

والسلام.

 

محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري – تونس

 

 
الاتجاه المعاكس وموضوع المصالحة والحوار المختل

مرسل الكسيبي

 

7-03-2006

تابعت يوم 28-02-2006 الحوار الذي أداره الصديق العزيز د.فيصل القاسم حول موضوع المصالحات الوطنية والافلات من العقاب وتحديدا بمناسبة برنامجه الشهيرعلى شاشة الجزيرة الاتجاه المعاكس,وكان أن لفت انتباهي الحوار المختل واللامتوازن بين الأستاذ ماجد نعمة والدكتور المنصف المرزوقي

واذ نجمع جميعا على فضيلة وخصلة المصالحة الوطنية بما تعنيه من ايقاف لنزيف الحرب والصراع السياسي الحاد الذي يتطور الى مراحل من الاعتقال والظلم والتعذيب الجماعي بعيدا عن الاحتكام الى روح ونص الدساتير والقوانين والمواثيق الدولية المنظمة لقضايا الاختلاف الفكري والعقائدي والسياسي,الا أننا قد نختلف في بعض تفصيلات تنزيل مفاصل المصالحات السياسية بين الحكومات والشعوب ومن يمثلها من قوى سياسية معارضة انطلاقا من خصوصيات كل بلد وقطر

واذا كان الموضوع المطروح يثير بالنسبة لنا كتونسيين كثيرا من الجراحات والشجون بحكم تواصل النزيف المؤلم والمأساوي لقضية الصراع المفتوح بين السلطة وخصومها السياسيين في التيار الاسلامي وغيره من التيارات الوطنية ,الا أن واجب النقاش الموضوعي بهذا الصدد يحتم علينا الاقرار أولا بالملاحظة الاتية والتي نسوقها بالدرجة الأولى الى الدكتور فيصل القاسم والى الاخوان الأفاضل العاملين بقناة الجزيرة

أولا

ان مثل هذه الحوارات المطروحة على معشوقة الجماهير كما أحب تسميتها قناة الجزيرة ,يعبر فعليا عن مدى النضج الكبير والجرأة التي وصلت اليها القناة في معالجة قضايا الجماهير والملفات الحساسة التي تلامس الرأي العام واهتماماته بغرض توجيهه وترشيده والتأثير فيه

ثانيا– ان نتائج ومحصلات الحوار في مثل هذه القضايا الشائكة يتجاوز من حيث التأثير حجم المجتمع الأهلي ليلامس الرأي العام العربي والاسلامي بما تحمله هذه الكلمة من أبعاد سياسية وجغرافية واسعة تشكل عصبا حساسا في قاطرة أي اصلاح سياسي قد تشهده المنطقة في المقبل من الشهور والسنوات

ثالثا-مثل هذه الحوارات ينبغي أن ترتقي الى تعادلية من حيث الأوزان الفكرية والذهنية والبلاغية والسياسية بما يترتب عنه من حوارات متكافئة تخول المشاهد العربي الخروج باستخلاصات وأحكام أقرب ماتكون الى العبر والدروس العلمية فيما يخص سبل معالجة أوضاعنا السياسية والوطنية

رابعاوبناء على أهمية وخطورة ماتقدم من ملاحظات فان اختيار ضيوف حلقة الاتجاه المعاكس في موضوع المصالحة الوطنية والافلات من العقاب لم يكن الى حد كبير موفقا وذلك بحكم انعدام التكافؤ في الامكانيات والخبرات والقدرات اللفظية والرمزية للمتحاورين

ماالذي ينبغي الحذر منه عند اثارة موضوع المصالحة الوطنية ؟

لاشك أن تحقيق المصالحات الوطنية في أي قطر عربي او اسلامي أوربما في قطر ينتمي الى خارج هذه الدائرة يمثل هدفا انسانيا نبيلا يحلم به الجميع في سائر المجتمعات التي تفتقد الى عوامل الأمن والاستقرار والى مناخات التنافس السياسي الشريف بعيدا عن عقلية المحاكمات السياسية والتعذيب والمطاردة والنفي والاقصاء من ساحات المنازلة الوطنية الشريفة,واذا كان موضوع العودة الى أرضية الوئام والسلم المدني يشكل حجر الزاوية عند اثارة هذه الموضوعة الا أن الاشكال الكبير يبقى في كيفية معالجة ملف التعذيب والمسؤولين عنه وهو ماينبغي ألا يحول موضوع المصالحة من قضية نبيلة وشريفة الى قضية مرفوضة ومستهجنة بدعوى أن هذه المصالحات تركت الباب امام الجلادين مترعا دون محاكمة أو حساب

المثالان المغربي والجزائري حريان بالاقتداء في تونس وبقية بلدان المنطقة

وعندئذ أمكن القول بأن ماأرست عليه المصالحات في كل من الجزائر والمغرب من نتائج عملية وميدانية يبقى حلما كبيرا للتونسيين على سبيل المثال برغم مايمكن للبعض أن يحمله على هذه المعالجة السياسية من نقائص واحترازات

ولعل الناظر يمتد ببصره الى الأفق الماضي القريب ليدرك جيدا الوضع الذي وصلت اليه الجزائر في مرحلة ما من حالة قتل جماعي على الهوية الدينية أو السياسية وماالت اليه الأوضاع على عهد الرئيس المناضل عبد العزيز بوتفليقة من أمن واستقرار بدأ يأخذ طريقه الى الانعكاس على الحياة التنموية والسياسية في الجزائر في ظل مشروعي الوئام المدني والعفو العام الذي وافق عليه الجزائريون بأغلبية ساحقة في استفتاء شعبي عام

أما عن المغرب الأقصي فان أجواء التعدد السياسي والتنافس الوطني الشريف على عهد الملك الشاب محمد السادس ثم ماتلى ذلك من جيل ثاني للاصلاحات السياسية والتي تجاوزت عتبة قضايا الحريات والمشاركة السياسية التقليدية في الحياة العامة ,كل هذه الأجواء لاينبغي النظر اليها بمعزل عن ملف لجنة الحقيقة والانصاف التي أخذت على عاتقها وباذن ملكي سامي مسألة مراجعة الأوضاع السياسية العامة وطي الصفحة الأليمة لسنوات الرصاص

ان استصدار قانون تجريم التعذيب واعتذار الملك لشعبه عما وقع من انتهاكات مخلة بالكرامة البشرية في حقبة السبعينات ثم الأمر الملكي الصادر بنشر نتائج أعمال مقررات لجنة الانصاف والحقيقة ,وماسبق ذلك من بث تلفزي مباشر لجلسات الاستماع في هذا الموضوع وبحضور ضحايا حقبة التعذيب أضف الى ذلك ظهور البعض من المسؤولين عن هذه الحقبة واعترافهم المتأسف والمعتذر لما صدر عنهم من انتهاكات وخروقات ,كل ذلك لايمكن التقليل من شأوه البتة في بلد مثل المغرب الأقصى أو اعتباره من قبيل الترتيب للافلات من العقاب ,اذ أن المقصد من المصالحات الوطنية ليس الانتقام والقصاص من الجلاد فهذا الأمر محتوم بين يدي الخالق مهما بدى عليه الجائر من حصانة في هذه الدنيا,ولكن الأهم من كل هذا هو الخروج بالوضعيات السياسية المنغلقة والمتأزمة الى عوالم النور والخلاص ,وأظن أن المخرج الحكيم الذي الت اليه الأمور في الجزائر لايمكن افساده بالاصرار على عقاب المسؤولين عن التعذيب برغم أنني أقر بأهمية التشريعات العالمية الصادرة في هذا الغرض وذلك من أجل التلويح بالردع ولو معنويا للقائمين على هذه الأفعال المشينة والدنيئة

على الخطاب السياسي أن يقترن بالجدوى

اذا كانت النوايا النبيلة واضحة جلية في خطاب الدكتور المرزوقي من خلال حمله للواء الدفاع عن كرامة الانسان والمواطن في ربوع الوطن العربي الكبير وهو مانشهد له به في غير شك أو ريبة, الا أن ذلك ينبغي أن يكون مقرونا بالنسبة لرجل السياسة بمسائل الجدوى السياسية ولاأظنها تغيب في هذا الموضوع عن رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية التونسي المعارض ,حيث أنه بمراجعة مفاصل هذا الموضوع أمكن القول بأن الاصرار على العقاب وعدم جواز الافلات منه من شأننا أن نضع قوى الاصلاح والتغيير من داخل أنظمة الحكم أمام عقبة كؤود لن يسهل على هذا الجيل ازاحتها ,وبلا ريب فانه وفي ظل التوازنات الدولية الجديدة والمشجعة على الاصلاح بالمنطقة العربية فان خطابا تشتم منه رائحة الوعيد بالقصاص من شأنه أن يطيل من محنة المعذبين التي يدركها جيدا رجال وطنيون من حجم الدكتور المرزوقي

لقد توجب القول اليوم وبالنظر الى الوضع التونسي وماشابهه من أوضاع بدول الجوار أن أولوية الأولويات ينبغي أن تتجه من هنا فصاعدا الى فك الرقاب وتحرير الأسرى وغلق ملف الاعتقال السياسي وعودة المنفيين وطي صفحة الماضي والتأسيس لحقبة سياسية جديدة قوامها لجنة وطنية من أجل المصالحة والحقيقة تقبل بالسقف المغربي والجزائري والجنوب افريقي من أجل وضع حد نهائي لسنوات الجمر والتأسيس لمرحلة جديدة تعيد الاعتبار للحياة السياسية والى الفضاء العام وتبث الروح في الأجيال الجديدة من أجل مواطن مشارك وفاعل ووطن يتعالى عن جراحات الماضي والامه وينسجم مع مايحصل في العالم والمنطقة من تحولات سياسية واستراتيجية كبرى ينبغي أن يكون مدخلها الأعظم الاصلاح ثم الاصلاح ثم الاصلاح

 
مرسل الكسيبي
كاتب واعلامي تونسي
7-03-2006

 ملف خاص نشرته جريدة الصباح بمناسبة العيد العالمي للمرأة في 8 مارس تحت عنوان:

هل انتقلت المرأة التونسية من طور الطاعة إلى طور الشراكة؟

 

أثـر الفكـر الإصلاحــي فـي ظهــور مجــلة الأحــوال الشخصيــة

 

تونس – الصباح – آمال موسى

 

شهدت الحركة الوطنية التونسية، منذ انبعاثها وانطلاق المقاومة المسلحة، ظهور حركة ثقافية، وصدور صحف كجريدة «الحاضرة»، التي كان منهاجها الدعوة إلى الأخذ بأسباب التمدن الغربي، ونشر التعليم. وأسست جماعة الحاضرة، بعد ذلك جمعية ثقافية سنة 1896، أطلقوا عليها إسم «الجمعية الخلدونية». ومع مطلع القرن الماضي أسست جماعة أخرى في مقدمتها علي باش حامبة «جمعية قدماء تلامذة المدرسة الصادقية»، وقد اتجهت الجمعية إلى الكتاب ورجال الفكر التونسيين، وفي نفس الوقت، فتحت المجال في وجه علماء الزيتونة المعروفين بأفكارهم الاصلاحية.

 

وساهمت حركة الشباب التونسي (1906-1912) في بلورة مطالب تونسية، تتمحور حول نشر التعليم، وتنظيم الأوقاف الاسلامية والفلاحة والقضاء وتعليم البنت المسلمة. فالنخبة التونسية، منذ مطلع القرن الماضي قد بدأت تتحرك في اتجاه المستعمر، مكرّسة نوعا من المواجهة، سميت بـ«الحركة المطلبية». فكانت المحاضرات والمؤتمرات تدور حول مواضيع، ذات صبغة اقتصادية وسياسية وثقافية، دون أن تمنح المسألة الاجتماعية حق قدرها. ذلك أن اهتمام الفكر الاصلاحي منذ خير الدين باشا إلى ذلك الوقت، كان يتمحور حول مجالات العدلية، وكيفية إبرام العقود وتطوير طرق الزراعة. وظلت مسألة الأحوال الشخصية تقريبا شأنا مهملا.

 

إلا أن المناخ الفكري العام للثلاثينات قد شهد حركية خاصة، فظهرت المؤلفات المثيرة للجدل، حيث بدأ الانتاج النقدي يتدفق شيئا فشيئا، وفي هذا الاطار أصدر الطاهر الحداد كتاب «إمرأتنا في الشريعة والمجتمع»، في صائفة عام 1930. وهو الكتاب الذي مهد الطريق الصعبة، لظهور مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956. وستتولى هذه المجلة بدورها «إنجاز طموحات المصلح التونسي الطاهر الحداد».

 

فلا يمكن لنا تناول تلك المجلة، وما أحدثته من ثورة في تغيير وضع المرأة التونسية، دون الرجوع إلى طاهر الحداد. ويعترف بورقيبة بذلك، فيقول عنه، إنه أبرز شخصية في حركة تحرير المرأة، التي قامت في تونس. ويضيف في خطاب له «عرفته في آخر حياته، وكان من المناضلين الدستوريين. وأدركت كيف كان يقاسي الأمرين من مجتمع تنكر له ورماه بالالحاد حتى انهارت قواه، وأنهكت أعصابه وعاجله الموت على حال سيئة». وقد بدا الطاهر الحداد في كتابه «إمرأتنا في الشريعة والمجتمع» شديد التجريح لأصحاب الفكر التقليدي. فاتبع منهجا إصلاحيا، تناول فيه النصوص الدينية، ذات العلاقة بالأحوال الشخصية، وفق سياقها التاريخي، مقصيا بذلك النظرة المعيارية للدين. وبذلك يكون الطاهر الحداد من الأوائل في تاريخ تونس المعاصر، الذي مارس علاقة مباشرة مع النص، متجاوزا مختلف أشكال الممارسة الاجتماعية للدين التي تحارب الاصلاح. وفي هذا السياق، يقول الحداد في كتابه: «إن الاصلاح الاجتماعي ضروري لنا في عامة وجوه الحياة، وعلى الخصوص ما كان منه متعلقا بوجودنا في الحياة. وقد رأيت أن الاسلام بريء من تهمة تعطيله للاصلاح».

 

وتقريبا، يمكن القول إن مجلة الأحوال الشخصية بعد أكثر من ربع قرن، قد اعتمدت نفس التمشي، واستندت إلى التعامل مع جوهر الدين بعيدا عن سلطة العادات والتقاليد.

 

ويقيم الطاهر الحداد علاقة عضوية بين الفكر الاصلاحي وتكريس حتمية حرية الدين، أي أن الاسلام كجوهر ليس جامدا، كما يريد المتشددون له ذلك «إنما الاسلام دين الواقع وبتطوره يتطور وذلك سر خلوده وليس في نصوص القرآن، ما يمنع المرأة من تولي أي عمل في الدولة، أو في المجتمع مهما كان هذا العمل عظيما. وهذا يدل على أن هذه المسائل ليست من جوهر الاسلامي. وإلا ما كان ليخلو القرآن، من بيانها على الوجه المطلوب».

 

إن إرساء مبدأ التعامل المباشر مع جوهر الدين، وإقصاء النظرة المعيارية يمكن اعتباره المبدأ الأساس، الذي ورثته مجلة الأحوال الشخصية. ولعل ما صرح به بورقيبة في إحدى خطاباته، قد يمثل لنا دليلا فيما ذهبنا إليه: «وقد أعدنا الأمور إلى نصابها بالرجوع إلى جوهر الدين في أصالته، وسمو مبادئه». فكان عمل الطاهر الحداد في جزء واسع منه عبارة عن تبرئة جوهر الدين الاسلامي وشرعه من الممارسات الاجتماعية، التي تنطق بجوهره. وقد وصف الحداد الزواج بلا استعداد بأنه جريمة يرتكبها الناس عن غير قصد، تحت تأثير وأغراض مختلفة. وهي جريمة رغم قسوتها وهولها، فإنه «للرجل أن يتخلص منها، بزواج جديد، يمسح من تلك القساوة الهائلة أو يذهبها. أما المرأة، وما أتعس  المرأة، فقد يرى عند العائلتين المتصاهرتين، أن من الرأي بقاء ذلك الزواج الأول، الذي عقدتاه إبقاء للصلة، التي أسس من أجلها، فترغمان المرأة على البقاء».

 

وفي مقابل ذلك شخّص الطاهر الحداد مصير المرأة، التي تتزوج مكرهة وتطلق مكرهة في المجتمع التونسي بقوله: «أما إذا أراد الرجال طلاق زوجاتهم، ولو فجأة دون أن يعلمن بالأمر، فذلك حلال ميسور في كل وقت… والقضاء الشرعي، لا ينازعه في ذلك، ويحكم عليه، حتى ولو بتعويض لمطلقته، وبذلك يتم خروجها من الزوجية بالاكراه». وطبقا لهذا الواقع الاجتماعي الذي كانت تخضع له المرأة التونسية، طالب الحداد بضرورة إنشاء محاكم الطلاق، إذ لا علاج بالنسبة إليه لدرء هذه الحالة إلا بوضع مبدأ تحكيم القضاء، في كل ما يقع من حوادث الطلاق والزواج حتى لا يتم منهما إلا الموفق لفرض الشريعة، ونصوصها. فجوهر كتاب الحداد، كأنه محاكمة للممارسة الاجتماعية للدين، في علاقتها بالمسائل التي تخص المرأة. وهي محاكمة اقتضت دفاعا حادا عن جوهر الدين، ومقاصد الشريعة الاسلامية وسياقها التاريخي.

 

إن تركيز الطاهر الحداد، على ضرورة إنشاء محاكم الطلاق، فيه ربط للأحوال الشخصية بالمرجعية القانونية أي أن المحاكم بصبغتها القانونية، ستتولى محاربة الممارسة الاجتماعية الخاطئة للدين. لذلك فتفكيك النظام التقليدي والتعامل مع جوهر الدين مباشرة من خلال تجاوز السلطة الفقهية والأخرى الاجتماعية، وإعلان الولاء التام للقانون في مسألة الأحوال الشخصية، كل هذا يعد إرثا ساهم في نحته الفكر الاصلاحي التونسي، وبالخصوص عمل الطاهر الحداد في تحرير المرأة، وسيكون هذا الارث بمثابة الوثيقة الأولى والمادة الأولية، لمختلف توجهات مجلة الأحوال الشخصية وفصولها، لاسيما وأن الحداد كما يعترف له بورقيبة هو «أول من صدع بحقوق المرأة، وهو من البناة الأول لنهضة الأمة التونسية». فحركة الطاهر الحداد الاصلاحية يمكن الملاحظة بأنها كانت حركة عميقة ومؤثرة، حتى وإن لاقى صاحبها هجوما شرسا، تمثل بالخصوص في مصادرة كتابه، وسحب شهادة الزيتونية عنه وإعلان الشيخ محمد صالح بن مراد «الحداد على إمرأة الحداد».

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 7 مارس 2006)


المرأة التونسية من الحقوق إلى الشراكة

د. منجية السوايحي (*)

 

«إن مراهنتنا على المرأة تنبع من إيماننا بدورها في الأسرة والمجتمع وبأنه لا تنمية ولا حداثة ولا تقدّم بدون مشاركتها، ونحن ماضون في هذا الطريق وأنه لا تفريط ولا تراجع في المكاسب والانجازات التي تحقّقت للمرأة التونسية»”.

 

بهذه الكلمة لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي ننطلق لنعبّر عن احتفال تونس بخمسينية مجلّة الأحوال الشخصية سنة 2006 ،  هذه المجلّة التي عاشت مسارا حداثيا وتقدّميا ما انفكّ يتعزّز ويعد بآفاق تتجدّد لصالح الأسرة والمرأة التونسية.    

 

بدأت منذ ما يزيد عن قرن مع رجال الإصلاح التونسي، لتصل إلى الطاهر الحدّاد مؤلّف كتاب “امرأتنا في الشريعة والمجتمع” الّذي دعا فيه صراحة إلى تحرير المرأة، وتخليصها من القيود البالية، ولم تتنزّل أفكاره على أرض الواقع إلا بقرار من الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ـ محرّر المرأة ومحدث تونس ـ أصدر به مجلّة الأحوال الشخصية التونسية في 13 أوت 1956. . وكانت قوانينها ثورية في تلك الفترة التي ما تزال ترزخ تحت سيطرة التقاليد والعادات الاجتماعية التي تضطهد المرأة. ويكفي أن أذكّر ببعض فصولها في هذا المقال :”جاء الفصل 18 من مجلّة الأحوال الشخصية ليمنع تعدّد الزوجات، وهو بعد حلم في الدّول العربية والإسلامية، وقد حدّ هذا الفصل من تمييز فضيع ضدّ المرأة، وكثيرا ما انعكس سلبا على المرأة وعلى الأسرة وعلى المجتمع.    

 

وفي الفصل الثالث من المجلّة، اشترط “رضا الزوجين” فمنع كل أشكال القهر والغصب المسلّط على المرأة بصفة خاصة لإكراهها على زواج لا ترغب فيه، وقد تمارس نفس الممارسات على الرّجل أيضا. وإضافة إلى شرط الرّضا حدّد سنّ الزواج بـ 20 سنة للولد و17 سنة للبنت “وإبرام عقد الزواج دون السن المقرّر يتوقّف على إذن خاص من الحاكم” وقد حمى هذا القانون الشّباب – بناتا وأولادا- من الزّواج في سنّ صغيرة، ومن المؤلم أن تزويج الصغيرات معمول به في هذا الزّمن في عديد البلدان العربية والإسلامية يصل إلى حدّ تزويج البنت وعمرها تسع سنوات، وكلّنا يدرك مدى الضّرر النفسي والجسدي الّذي تعاني منه البنت مما ينعكس سلبا على الأسرة وعلى المجتمع.   

 

 ولم يهمل المشرّع التونسي مرحلة الخطوبة إذا توفّر الشرط والسن القانوني وإنما قرّر الفصل الثاني من مجلّة الأحوال الشخصية ـ بمقتضى القانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرّخ في 12 جويلية 1993 المتعلّق بتنقيح بعض فصول مجلّة الأحوال الشخصية ـ “أنه لكل واحد من الخطيبين أن يستردّ الهدايا التي يقدّمها إلى الآخر ما لم يكن العدول من قبله أو وجد شرط خاص حسبما ورد في الفصل الثاني، وأقرّ هذا التنقيح المساواة بين الخطيبين في استرداد الهدايا وإلغاء لأشكال التمييز تجاه المرأة، وكان هذا الفصل قبل التنقيح المذكور ينصّ على حق الخاطب وحده في استرداد الهدايا، مع أنّ الواقع قد أصبح يفيد خلاف ذلك في عديد الحالات تبعا لاشتغال المرأة واستقلال ذمتها المالية وتغيّر العقليات والأعراف على حدّ عبارة الأستاذ القاضي محمد الحبيب الشريف.    

 

وبعد الزواج نظم الفصل 23 من مجلّة الأحوال الشخصية، الحياة الأسرية تنظيما حضاريا يراعي حقوق الإنسان وتطوّر الزّمن، فألغى تنقيح 1993 لهذا الفصل مبدأ الطاعة الّذي كان مفروضا على المرأة ونصّه في الفصل القديم ” وعلى الزوجة أن ترعى زوجها باعتباره رئيس العائلة وتطيعه فيما يأمرها به في هذه الحقوق”، وتمّ تعويضه بمبدأ الاحترام المتبادل بين الزوجين “على كل واحد من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف ويحسن عشرته ويتجنّب إلحاق الضرر به” فرفع هذا الفصل من مكانة المرأة ووصل بها إلى المساواة مع إبقاء رئاسة العائلة للزوج، رئاسة تكليف لا رئاسة تشريف وتمييز، كما سنّ هذا الفصل مبدأ التعاون بين الزوجين “ويتعاونان على تسيير شؤون الأسرة وحسن تربية الأبناء، وتصريف شؤونهم بما في ذلك التعليم والسفر والمعاملات المالية” فمتّع الزوجة بدور فعّال في تسيير شؤون الأسرة والسهر على مصالح أبنائها شراكة مع الزوج، وأوجب هذا الفصل عليها المساهمة في الإنفاق على الأسرة إذا كان لها مال، نظرا لتغيّر وضعية المرأة في المجتمع التونسي، حيث أصبحت ذات موارد اقتصادية ناتجة عن حقّها في العمل، ودعما لقيمة التعاون والتضامن والتكافل الأسري.   

 

ولا يقتصر الأمر على المساهمة في الإنفاق وإنما أصبح للأم حق الموافقة على زواج أبنائها القصر بفضل تنقيح 1993للفصل 6 من مجلّة الأحوال الشخصية وعبارته الجديدة “زواج القاصر يتوقّف على موافقة الوليّ والأم…) ولم يكن للأم ذكر في الفصل القديم حيث تقف الموافقة على الوليّ فقط). وفي حالة الطلاق مكّن الفصل 60 المنقّح بقانون 1993 الأم من النّظر في شأن المحضون إذا لم تكن هي الحاضنة، وكانت محرومة منه قبل التنقيح يقول الفصل الجديد :”للأب وغيره من الأولياء وللأم النظر في شأن المحضون وتأديبه وإرساله إلى أماكن التعليم …”. وإذا كانت الأم هي الحاضنة فإنها تتمتّع بصلاحيات الولاية فيما يخص سفر المحضون ودراسته والتصرّف في حساباته المالية، ويمكن للقاضي أن يسند إليها مشمولات الولاية إذا تعذّر على الولي ممارستها أو تعسف أو تهاون في القيام بالواجبات المنجرّة عنها على الوجه الاعتيادي، أو تغيّب عن مقرّه وأصبح مجهول المقرّ أو لأي سبب يضرّ بمصلحة المحضون حسبما نقرأ في الفصل 67 من مجلّة الأحوال الشخصية.    

 

الخاتمة :   

 

وقد برهنت المرأة التونسية عن جدارتها بالشراكة وبكلّ ما اتّخذه سيادة الرئيس لصالح المرأة والأسرة والمجتمع من مبادرات وإجراءات مكّنتها من مشاركة فعلية في مختلف مجالات الحياة ففي المجال السياسي ، تطوّرت نسبة وجودها في البرلمان إلى 22,7 بالمائة، وفي مجلس المستشارين بلغت نسبة مشاركتها 16 بالمائة.     وداخل التعليم فاقت نسبة التمدرس الفتيات في سن السادسة 99 بالمائة، ووصلت نسبة الطالبات في الجامعات 57 بالمائة.    

 

وشاركت المرأة في مهن كادت أن تكون حكرا على الرجل قديما حيث بلغ عدد النساء صاحبات الأعمال أكثر من 10 آلاف، وارتفعت نسبة الناشطات 25 بالمائة دون اعتبار نشاط المرأة في القطاع غير المهيكل، وتطوّرت نسبة تقلّد المرأة المسؤولية بالوظيفة العمومية لتصل إلى 22 بالمائة من بينهنّ 23 امرأة مديرة عامة. وفي القضاء – الّذي مازال محرّما على المرأة أن تعمل فيه في عديد البلدان- بلغت نسبة مشاركة المرأة 26 بالمائة، وفي المحاماة 28 بالمائة وفي الطبّ 40 بالمائة وفي الصيدلة 72 بالمائة وفي التدريس في التعليم العالي 40 بالمائة وفي الصحافة 34,4 بالمائة.     وهكذا تحقق مبدأ الشراكة في تونس تحقيقا لا تعليقا.

 

(*) أستاذة الدّراسات الإسلامية بجامعة الزيتونة وعضو في مجلس المستشارين

 


 

الباحثـــــــة سلـــــــــــــوى الشرفــــــــــــــي (*):

من الصعب فرض الشراكة لمجرد دخول أقل من ربع المجتمع النسائي إلى مجال الشغل

 

إن مقابلة الطاعة بالشراكة، هي مقابلة وجيهة لأن مبدإ الطاعة ناتج عن مبدإ تفرد الرجل بالنفقة. فالثقافة الاسلامية توجب على المرأة طاعة زوجها دون إلزامه بنفس الواجب وذلك استنادا إلى مبدإ التوأمة المبررة بالنفقة هذا هو العنصر الأساسي المشرع في فرض الطاعة على المرأة.

 

يقول أحد المختصين في الشريعة مؤكدا هذا التصور للزواج «إن عقد الزواج يقتضي أن تكون الزوجة محتبسة لأجل الزوج ومتفرغة له. فنفقته تكون واجبة كسائر موظفي الدولة فإنهم لما حبسوا أنفسهم لمنفعة الدولة استحقوا عليها أن تنفق عليهم».

 

يبدو من المنطقي إذا أن ينتفي واجب الطاعة المفروض على المرأة بمجرد دخولها سوق العمل والمشاركة في النفقة غير أن هذا الاستنتاج يظل نظريا وتبسيطيا لأنه لا يأخذ في الاعتبار تعقد الآلية المنتجة للقيم.

 

فالطاعة كعنصر من نظام القيم تتبوأ موقعا مركزيا في الصورة الذاتية لمجتمعنا والمعروف أن أي تحوير في صورة الذات ولو كان طفيفا هو أمر صعب لا يحصل إلا على أمد طويل فنحن في تونس مثلا لم نلغ واجب الطاعة قانونا إلا بعد 45 سنة من صدور مجلة الأحوال الشخصية التي تعتبر رائدة عربيا واسلاميا في مجال حقوق المرأة فالقيم في أصلها قوانين جاءت استجابة لاوضاع اقتصادية محددة بهدف تحقيق العدل أو على الاقل الانصاف. لكن بطول الزمن يختفي طابعهما العملي والنسبي وتلحق بالاخلاق لأنها تولد فيها أخرى تدعمها مثل مبدإ أن «بنت الاصل تطيع زوجها» فالمرأة التي لا تريد أن تخرج من تصور المجتمع لها «كبنت أصل» يصعب عليها الخروج من دائرة الطاعة حتى وإن انتفت الاسباب الموجبة لهذا الحلم لذلك يصعب التخلص من القيم مثلما يتم تغيير أي نظام ميكانيك بمجرد تغير عنصر من عناصره. ثم إن حياة القيمة أو موتها يرتبط بالظاهرة العامة التي أنتجتها وليس بالاستثناءات ويكفي القاء نظرة على نسبة المرأة العاملة في تونس لنفهم أنه من الصعب فرض مبدإ الشراكة لمجرد دخول أقل من ربع المجتمع النسائي إلى مجال الشغل. وإذا اضفنا إلى هذا مسألة التنصيص على هذه القيمة في النص المقدس، ولو برطهما بأسباب اجتماعية، فإنهما ستتلون به وتدخل مجال المطلق وعندما يصبح التخلص منها منظور إليه كتمرد على القانون الالاهي وقد تعقد الأمر أكثر حاليا ببروز ظاهرة الإعلام العربي المعولم، الذي حطم الحدود الثقافية المحلية وجعل المرأة التونسية كإمرأة عربية ومسلمة جعلها تتمثل ذاتها في دائرة أوسع وهي دائرة مجتمعات لم تتخلص بعد من العناصر المنتجة لقيمة الطاعة والاذعان والتي تكرسها المسلسلات العربية والنقاشات حول حقوق المرأة المصبوغة بقوة بطابع المقدس بحيث تم عن طريق العدوى التشويش على واقعنا بصور وقيم تتطابق مع مجتمعات وإن ارتبطت بنا تاريخيا ولغويا، فهي تختلف كثيرا عنا فيما يتعلق بحقوق المرأة.

 

(*) جامعية وباحثة

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 7 مارس 2006)

 


أستـــــــــاذ القانــــــــون ساســـــــي بــــــن حليمــــــــة (*):

عدم المساواة في الإرث تجعل المرأة دون الرجل في التشريع التونسي

 

عندما سنت مجلة الأحوال الشخصية كان المشرع ينظر إلى المرأة بوصفها دون الرجل في جميع الميادين سواء كانت أختا أو أما أو زوجة. ولربما كان السبب هو اجتماعي واقتصادي وقانوني. فكانت النظرة إلى المرأة عند العرب نظرة تعتبرها دون الرجل، لأنها لم تكن تكسب القوت ولأن دورها في المجتمع، كان يتمثل خاصة في بقائها في المنزل وانجاب الابناء والقيام بشؤونهم وشؤون زوجها.

 

فلا عجب إن كان المشرع سنة 1956 عند سنه لمجلة الاحوال الشخصية قد اعتبر أنه على الزوجة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به حسب العرف والعادة. فكانت الزوجة مطالبة بتنفيذ أوامر زوجها وإن لم تفعل فهي تعتبر ناشزا ويمكن أن ينجر عن ذلك حرمانها من النفقة في مرحلة أولى وتطليقها للضرر في مرحلة ثانية وكان بطبيعة الامر على الزوج أن يقيم الدليل على عدم طاعة زوجته له لكن هذا الواجب على مر الزمان تقلص شيئا فشيئا وذلك من جراء التطور الاجتماعي إذ أن المرأة أصبحت تخرج من المنزل وتدخل إلى سوق الشغل فإذا كانت تكتسب الرزق، فإن ذلك من شأنه أن يرفع من مقامها وأن يجعلها على قدم المساواة مع الزوج وكان لا بد للتشريع أن يأخذ هذا التطور بعين الاعتبار فنراه يحذف تماما واجب الطاعة من أحكام الفصل 23 من مجلة الاحوال الشخصية ومن جهة أخرى، يُدخل المرأة على قدم المساواة مع الرجل فأصبحت الام تساهم في تزويج أبنائها القُصر مع الاب. كما أصبحت تساهم في كل ما يتعلق بالابناء وتتشاور مع الأب في خصوص التعليم وأصبحت كذلك ملزمة بالمساهمة في الانفاق على العائلة، إن كان لها مال فتعددت واجباتها سواء كانت اقتصادية أو معنوية، بحيث أصبحت من جراء ذلك شريكة للزوج في تسيير شؤون العائلة ولا مطالبة بطاعته فقط.

 

ولو أن المشرع، لازال ينص صلب الفصل 23 من مجلة الاحوال الشخصية على أن الزوج هو رئيس العائلة وهو ما يوحي بأن الزوجة مطالبة بطاعة زوجها. لكن المشرع لا يذكر صراحة ماهية صلاحية الزوج بوصفه رئيس العائلة وما يجب على الزوجة أن تكون مطيعة له فيه، بحيث أن هذا الواجب، واجب الطاعة أضحى وكأنه مفرغ من محتواه. بحيث إذا نظرنا إلى مجلة الاحوال الشخصية فإننا نجد أن المرأة تكاد تكون على قدم المساواة مع الرجل.

 

ومن بين ما يجسم ذلك ما أدخله المشرع من تنقيح على أحكام الفصل 67 من مجلة أحوال الشخصية إذ مكن الأم الحاضنة من عدة صلاحيات للولاية تتعلق بالطفل من بينها السهر على تدريس الابناء وسفرهم وحساباتهم المالية. وبالاضافة إلى ذلك فلقد مكن المشرع الأم الحاضنة من ممارسة كل صلاحيات الولاية إذا ما اتضح أن الأب غير قادر على القيام بها.

 

ولربما كان من بين العناصر التي تجعل الأنثى دون الذكر في التشريع التونسي عدم المساواة في الإرث إذ أن الذكر يرث مثل حظ الانثيين وهي القاعدة التي جاء بها القرآن العزيز.

 

ويبدو أن الرئيس بورقيبة فكر في وقت ما في إرساء المساواة في الإرث لكنه عدل عن هذه الفكرة، ربما من جراء  ما وجده من معارضة من قبل أوساط داخلية ودولية وخاصة من قبل البلدان الاسلامية.

 

وعلى فرض أننا نريد أن نجيب عن السؤال الآتي بإيجاز، وهو هل انتقلت المرأة التونسية من طور الطاعة إلى طور الشراكة؟ فإن الجواب هو بنعم في الاغلبية الساحقة من الميادين إلا بالنسبة إلى بعض النواحي مثل المساواة في الإرث.

 

(*) أستاذ مختص في مجلة الأحوال الشخصية

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 7 مارس 2006)

 


مديـرة الاتصـال والتثقيـف الاجتماعـي بـــــــوزارة المـرأة نعيمة كشطان:

بفضل السياسة التونسية المرأة شريك في الأسرة والمجتمع

إن انتقال المرأة التّونسية من طور إلى طور هو جزء لا يتجزأ من انتقال المجتمع التونسي ككل من طور إلى طور، فهو ينبع من رؤية شاملة تؤسّس لمشروع مجتمعي. أما الانتقال في ذاته من طور إلى طور فحركة وحياة دونه الجمود والموت، إلا أن هذه الحركة قد تتوجه توجها صحيحا نحو الأفضل فتكون تطوّرا بحق، وقد تدخل عوامل مساعدة تزيد من نسق هذا التطور أو تظهر أخرى معرقلة تشد من نسقه.

أما المرأة التّونسية التي تنتمي إلى بيئة ثقافيَّة وحضاريَّة زاخرة بالرموز من الرجال والنّساء من أمثال الجازية الهلالية وعليسة والعزيزة عثمانة والسيدة المنّوبية… ورموز الحركة الإصلاحية في تونس وما ترسب في الذاكرة من آثار، يكفي أن نذكر الصادق القيرواني أو الكتاب المفتاح «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» أو «مجلة الأحوال الشخصيّة» مفخرة تونس على مر الزمن…

أليست هذه الخصوصيات هي التي تشكل الشخصيّة التونسيّة؟ أو ليست هي من العوامل والأسباب المهيئة للمجتمع عامة وللمرأة أيضا للانتقال من طور إلى طور؟

* إن كل تلك الخصوصيات تسهل التّطور لا سيما وقد شهدت المنظومة التشريعية التونسية تعزيزا وتطويرا هامًّا وفقا لرؤية واضحة واستراتيجية متكاملة نابعة من إرادة سياسية أعلنت منذ بداية عهد التغيير الالتزام بما جاء في مجلة الأحوال الشخصية «نحن أوفياء له وملتزمون به ونعتز ونفاخر به» وأنه «لا تراجع فيما حققته تونس لفائدة المرأة والأسرة ولا تفريط فيه» – خطاب سيادة الرئيس زين العابدين بن علي (19 مارس 1988).

وقد أدخلت سنة 1992 تنقيحات جذرية على هذه المجلة تتماشى وما شهده المجتمع التونسي من تحولات وكذلك أوضاع المرأة فيه بعد حوالي 35 سنة من الاستقلال، فأصبحت النظرة إلى حقوق المرأة نظرة تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من حقوق الانسان وأصبحت النصوص تتدرج من المساواة إلى الشراكة. ولعل أهم ما يبرز ذلك الفصل 23 من المجلة الذي كان يتضمن قبل تنقيحه سنة 1993  إلزاما للزوجة بطاعة زوجها، ولتغيير هذه النظرة التّمييزيّة لما فيها من علوية الآمر ودونية المأمور الطائع أصبح الفصل 23 جديد «على كل من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف ويحسن عشرته ويتجنب إلحاق الضرر به. ويقوم الزوجان بالواجبات الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة. ويتعاونان على تسيير شؤون الأسرة وحسن تربية الأبناء وتصريف شؤونهم بما في ذلك التعليم والسفر والمعاملات المالية. وعلى الزوج بصفته رئيس العائلة أن ينفق على الزوجة والأبناء على قدر حاله وحالهم في نطاق مشمولات النفقة وعلى الزوجة أن تساهم في الانفاق على الأسرة إن كان لها مال».

إن إلغاء مفهوم الطاعة يكتسي أهميته في تغيير النظرة الدونية للمرأة وما يترتب عليها من سلوك تمييزي ومن ترسيخ للتبعية لذلك جاءت تنقيحات 1992 ترسّخ علاقات «الشراكة» بين الزوجين وأدوار الشركاء في شؤون الأسرة بما من شأنه أن يزيد الأسرة تماسكا وتوازنا.

ومن التنقيحات المهمّة أيضا في مجال التّدرج من طور الطاعة إلى طور الشراكة إلزام الزوجـة بالمساهـمة في الانفـاق على الأسرة كما جاء في الفصل 23 جديد الذي ينص «على الزوجة أن تساهم في الانفاق على الأسرة إن كان لها مال».

فإنّ هذا المعطى الجديد في أن يكون للزوجة دور اقتصادي داخل الأسرة للاعتراف لها قانونيا بدور الشريك وتنظيم آخر للعلاقات بين الزوجين وداخل الأسرة يقوم على قيم المساواة والتعاون والشراكة.

وغيرها من النصوص القانونية التي نقحت سنة 1993 والتي تساوي بين الرجل والمرأة ففي مجلة الشغل مثلا القانون الذي ينص صراحة على مبدإ عدم التمييز بين المرأة والرجل في علاقات العمل واحترام مبدإ «لكفاءة متساوية أجر متساو» أو قانون 9 نوفمبر 1998.  المتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين وهو نظام اختياري يقر بأن تكون العقّارات ذات الصبغة العائلية المكتسبة بعد الزواج ملكا مشتركًا بينهما ودون تعداد للقوانين فإنّ ميدان  القوانين والتّشريعات في تونس من ابرز الميادين التي تحقق فيها تقدم واضح بلا منازع.

– ولكن هل القانون كاف لتنتقل المرأة من طور الطاعة إلى طور الشراكة؟

إنّ القوانين ضرورية لا شك في ذلك ويكفي أن تقارن بين بلد تطوّرت قوانينه وآخر يفتقر إلى قوانين تحمي حقوق الانسان الأساسية أو بين زمن سادت فيه قوانين مهما كان مصدرها تحترم الذات البشرية وزمن غابت فيه هذه القوانين.

والقوانين في تونس عززت مكانة المرأة وسهّلت إدماجها في مختلف أوجه التّنمية وانتقلت بفضلها أطوارا ولكن لترسخ المرأة انتقالها من طور الطاعة والتبعية إلى طور الشراكة الفعلية وجب أن تصبح شريكا فاعلا متكافئا في ميادين الحياة الخاصة والعامة.

وإنّ المرأة التّونسية التي حظيت بمكاسب لا تحصى ولا تعد والتي حققت نجاحات عديدة متنوّعة تعكسها المؤشرات والاحصائيات وتزخر بها التقارير الوطنية والدولية لجديرة بأن تقلّص بعض الفجوات التي ما تزال قائمة كما الشأن في نسبة الأمية أو نسبة إدماج المرأة  في سوق الشغل التي  تطورت بنسق بطيء مقارنة بميادين أخرى كالتعليم مثلا وكذلك نصيبها من مواقع القرار والخطط الوظيفية.

فالمرأة لترسخ انتقالها من طور الطاعة والتبعية إلى طور الشراكة الفعلية وجب أن تصبح شريكا فاعلا متكافئا في ميادين الحياة كلها الحياة الخاصة والعامة فارتفعت نسبة النساء النشيطات من 23,6%  سنة 1994 إلى 26,6 بالمـائة سنــة 2004 (نسبــة نمـو 3%) كمــا سجلــت نسبــــة بطـــــالة النســــــاء 17,2% سنة 1994  و16,7% سنة 2004 ( تقلصت بنصف نقطة ).

وأمّـا نصيبها من مواقع القرار والخطط الوظيفية:

فتطوّرت نسبـة النسـاء النـوّاب مثـلا إلى 22,75 سنة  2004 مقابــل 7,4% سنـة 1994 وفي الخطــط الوظيفيّـة بلغـت نسبـة النّساء 24,17% (سنة2004 ) مقابل 14,01% (سنة 1998 ).

إن ممّا يزيد المرأة التُّونسية اعتزازا وفخرا خيارات تونس السياسية التي تنصب كلها في هذا الاتجاه نحو «حضور أوسع في مواقع القرار والمسؤولية حتى بلوغ نسبة 30% سنة2009» «فرص أكبر للتوفيق بين الحياة الأسرية والحياة المهنية « مزيد الادماج الاقتصادي للنّساء.

إنّها في حقيقة الأمر أهداف هامة في البرنامج الرئاسي المستقبلي الذي يشرع لمجتمع تونس الغد والذي يدفع بنسق أرفع إلى شراكة أجدى وانفع.

إن الانسان لا يكون شريكا في ميدان وليس بشريك في آخر فالمرأة التُّونسية بفضل السياسة التُّونسية شريك في الأسرة والمجتمع. والمجتمع التُّونسي لا يرتقي إلاّ بنصفيه الرجل والمرأة وهذا خيار سياسي آخر ثابت وصائب.

فماذا بقيّ لتنتقل المرأة التُّونسية من طور الطاعة والتبعية إلى طور الشراكة؟

بقي – وليس ذلك بعزيز – أن تتعمّق كل هذه المكاسب والنجاحات وإن تتجذّر في أعماقنا نساء ورجالا فتتشكّل في مخيالنا الجماعي وتركيبة مخزوننا الثقافي فتولّد مواقف وسلوكات تجسم الاحترام المتبادل احتراما نابعا من الداخل ونكرّس الحوار والتشاور في كل شؤوننا الصغيرة والكبيرة فتتغيّر العقليات إلى أن تصبح الشراكة ممارسة يومية عادية نعيشها ولا نتحدّث عنها ، عندها لن يتساءل أحدنا هل انتقلت المرأة التونسيّة من طور الطاعة والتبعية إلى طور الشراكة؟

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 7 مارس 2006)

 

إقالة غانم ضربة لفريق الإصلاحيين
تونس – رشيد خشانة     

 

شكلت إقالة رئيس الوزراء الليبي الدكتور شكري غانم وتعيين الوزير المخضرم البغدادي المحمودي محله ضربة قوية لفريق الإصلاحيين. ومن المفارقات المضحكة أن الاستفتاء الذي أجراه موقع غانم على شبكة الإنترنت لتقويم أدائه الحكومي أعطى نتائج سلبية ما جعل بعض زوار الموقع ينصحونه بإقفاله خشية استخدام النتائج من قبل خصومه في مؤتمر الشعب العام للتخلص منه.

 

وكان عزل وزير الأمن العام السابق نصر المبروك في أعقاب سقوط قتلى وجرحى في التظاهرات التي استهدفت القنصلية الإيطالية في بنغازي (شرق) الشهر الماضي بدا وكأنه مقدمة لتصفية المتشددين المعارضين للانفتاح، خصوصاً بعد إحالة المبروك على التحقيق وفصل مسؤولين أمنيين في بنغازي. وكلف «مؤتمر الشعب العام» (البرلمان) في دورته نصف السنوية التي أنهت أعمالها مساء أول من أمس في سرت، غانم إدارة ملف النفط الذي يُعتبر في قلب العلاقات الليبية – الغربية، ما جعل تنحيته من رئاسة الوزراء إضعافاً لموقعه وليس إقصاء كاملاً.

 

لكن سحب الملف السياسي من يديه يُعتبر تقويضاً للجهود التي بدأها لمكافحة الفساد، إذ شكل أخيراً إدارة جديدة كي تتولى مهمات البحث والتحري عن حقيقة ثروات الشخصيات الاعتبارية العامة والخاصة بغية إخضاعها للتشريعات النافذة. ولم يكن غانم الذي يحظى بدعم نجل العقيد القذافي، سيف الإسلام، متعارضاً في هذا الخيار مع سياسة القذافي الأب الذي أطلق دعوة الى محاربة الفساد في كانون الثاني (يناير) الماضي، خلال حضوره جلسة سابقة لمؤتمر الشعب العام، مطالباً بتشغيل جهاز استخبارات مالي «لمكافحة هذه الظاهرة في جميع أشكالها وصورها». وكان لافتاً أن الإعلان عن تشكيل الإدارة المتخصصة مكافحة الفساد أتى على موقع اللجنة الشعبية العامة (رئاسة الوزراء) عبر موقعها على شبكة الإنترنت، وهو الموقع الذي فرض أسلوباً جديداً في التعاطي مع المعلومة وكرّس قطيعة كاملة مع المدرسة السوفياتية المُسيطرة على الإعلام الرسمي. وبات موقع رئيس الحكومة يعج بآلاف الزوار ويُذكرهم بالجرائد الحائطية (دازيباو) على أيام الثورة الثقافية الصينية، مع فارق يتمثل بالعناية الليبية الشديدة بالشكل والإخراج.

 

هذا الموقع الذي أنشئ في 19 تموز (يوليو) الماضي لم يكن يلتزم خطوطاً حُمراً لدى نشر الانتقادات الموجهة للأداء الحكومي عدا منع التعرض للقذافي شخصياً أو لأسرته. وأكد المشرفون عليه أنه لا توجد فيه سلة مهملات وان الحوار الذي يدور على صفحاته «ليس حوار طرشان». أكثر من ذلك خصص المشرفون على الموقع أخيراً باباً خاصاً لمناسبة مرور ستة أشهر على إحداثه لتلقي حكم المواطنين عليه وتقويماتهم لأدائه. والأرجح أن الأسلوب الذي بثه غانم في الطاقم الحكومي والذي حمل وزراء آخرين على النسج على منواله أزعج «النُموكلاتورا» الليبية، وبخاصة بعدما اتخذ قراراً بضخ دماء جديدة في الأجهزة الحكومية تمهيداً لإيصالها إلى المواقع القيادية، ما يعني الاستغناء عن العناصر غير الكفؤة التي فرضتها «اللجان الثورية». وفيما اعتبر مراقبون تلك الخطوة منسجمة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخاص بالحكم الرشيد وتوصيات منظمة الشفافية الدولية، لم يخف عناصر ليبيون بمن فيهم بعض زوار موقع رئاسة الوزراء تحفظاتهم عليها، منتقدين محدوديتها في «إخراج البلد من مستنقعات الفساد».

 

ولا يمكن النظر إلى المبادرة التي اتخذها غانم بإنشاء الموقع على أنها جزء من ثقافته «الرقمية» وميله القديم للسباحة في أعالي بحار شبكة المعلومات فقط، وإنما أيضاً من زاوية احتدام الصراع بين الإصلاحيين الذين يرمز إليهم غانم والحرس القديم الذي يخشى من أن تؤدي رياح التغيير إلى زعزعة مصالح بناها على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وتحديداً منذ إرساء «النظام الجماهيري» في سنة 1976. غير أن المعارضين ينظرون الى المبادرة من زاوية أخرى بوصفها محاولة لامتصاص الغضب في ظل غلق مساحات الإعلام التقليدية داخل البلد والانتشار الواسع للمواقع الليبية المعارضة في الخارج.

 

وفي معلومات محللين عارفين بالشأن الليبي فإن الصراع بين التيارين المتصارعين في هرم السلطة، أي الداعين لليبرالية اقتصادية وانفتاح سياسي من جهة والمتشبثين بإحكام قبضة «اللجان الثورية» على النظام من جهة ثانية، احتدم في الأيام الأخيرة وسط تداعيات أحداث بنغازي التي اعتُبرت تهديداً قوياً للنظام برمته وفرضت مراجعة شاملة لخيارات حكومة غانم خوفاً من إفلات الأمور من أيدي الماسكين بالحكم. يُذكر أن المتظاهرين هاجموا بعض المباني الرسمية في المدينة وأحرقوها. والأرجح أن الحرس القديم استثمر تلك الأحداث لقلب الوضع على الطرف المقابل، ولا يُستبعد في ضوء قرارات مؤتمر الشعب العام أن يُرد الاعتبار للمتشددين الذين بدا أنهم سيدفعون ضريبة أحداث بنغازي وتُبرَأ ساحة وزير الأمن السابق نصر المبروك بعد الإعلان عن نتائج التحقيق الذي يباشره النائب العام محمد المصراتي.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7 مارس 2006)


منافسة شرسة بين الفرنسية واللغات الأوروبية… والانكليزية في المقدمة …

شكسبير يهز عرش فولتير في المغرب العربي … وخسائر سيبويه محدودة

تونس – رشيد خشانة   بدا قرار الحكومة الجزائرية إقفال 42 مدرسة خاصة لامتناعها عن تدريس العربية حلقة جديدة في الصراع الضاري بين الفرنسية والعربية في الجزائر، واستطرادا في كامل المغرب العربي. غير أن هذه المعركة اللغوية – الثقافية، المستمرة منذ نحو قرنين، تخفي معركة أخرى تطفو اليوم على السطح وتتمثل في المنافسة الشرسة بين الفرنسية ولغات أوروبية أخرى في مقدمها الإنكليزية. ولوحظ أن الوزارات والمؤسسات الخاصة الغربية تنفق موازنات ضخمة في شراء العتاد والذخيرة من أجل خوض تلك الحرب، من كتب ومقررات دراسية وأقراص وأسطوانات ومخابر تطبيقية لتعليم اللغة. ومن هذه الزاوية يمكن رصد الإنتشار السريع للمراكز الثقافية البريطانية والإسبانية والإيطالية، فضلا عن الفرنسية، في البلدان المغاربية. وامتد الصراع اللغوي إلى المقررات الدراسية في البلدان المغاربية، إذ بدأ عرش الفرنسية يهتز مع إعطاء لغات جديدة أبرزها الإنكليزية مكانة متنامية في مراحل التعليم المختلفة.    وأوضح وزير التربية التونسي صادق القربي في ندوة أخيراً أن الإنكليزية باتت مقررة اعتبارا من الصف السادس في المدرسة الأساسية مع الإفساح في المجال أمام الطلاب في الصف النهائي من المرحلة الثانوية لتعلم واحدة من خمس لغات هي الألمانية والإسبانية والإيطالية والروسية والصينية.   ويمكن القول إن هذا الاتجاه الجديد يسود البلدان المغاربية كافة، وبخاصة التركيز على الإنكليزية التي فرضت وزارة التربية التونسية أخيراً نموذجا موحداً لتعليمها، يتيح للطلاب الوصول الى المعيار الدولي لاجادتها والمعروف بـ»توفل»، على نحو يُخولهم لاحقا متابعة دروسه الجامعية بالإنكليزية.   ويعتبر محللون في ضوء هذه التطورات أن الفرنسية بدأت تخسر السباق التاريخي مع لغة شكسبير على مركز اللغة الثانية في شمال أفريقيا، بعدما حققت لغة فولتير اختراقا تاريخيا في البلدان المغاربية خلال الحقبة الإستعمارية وحازت قصب السبق على اللغات الأوروبية الأخرى، بل وتقدمت على العربية نفسها لدى قطاعات من النخبة، مستفيدة من الحضور العسكري والسياسي الفرنسي المديد في المنطقة. فقد مكث الفرنسيون 132 سنة في الجزائر و74 سنة في تونس و60 سنة في موريتانيا و44 سنة في المغرب، وجعلوا من لغتهم الجسر الثقافي الوحيد لشعوب هذه البلدان نحو العالم، عدا شمال المغرب، الذي كانت تحتله اسبانيا، وليبيا التي احتلتها إيطاليا ثم بريطانيا. وبعد مرحلة الإستقلالات انطلق مسار الإنفتاح على لغات جديدة شاملا الإنكليزية والإسبانية والإيطالية وحتى الروسية، فضلا عن التعزيز المستمر لمركز العربية في التعليم والحياة العامة ما قلَص بدوره من نفوذ الفرنسية. وبعدما كانت النخب السياسية والثقافية المغاربية لا تتقن من اللغات الأجنبية سوى لغة فولتير صار عدد كبير من الوزراء ورجال الأعمال والأكاديميين اعتبارا من التسعينات يتحدث الإنكليزية (إضافة للإسبانية بالنسبة للمغاربة) في طلاقة لا تقل عن اجادتهم الفرنسية.   وأوضحت الجزائرية فائزة بوعكاز التي واكبت المراحل الأولى من معهد «أميديست» الأميركي في الجزائر العاصمة بين 1995 و2000 أن عدد المسجلين تضاعف ثلاث مرات في هذه الفترة مع تنوع الطلاب الذين أتوا من شرائح اجتماعية مختلفة. وأوضحت بوعكاز التي انتقلت أخيرا للعمل في السفارة الأميركية في تونس إن غالبية الدارسين لم يتعلموا لغة شكسبير بهدف الهجرة وإنما لاستخدامها في حياتهم المهنية. ويشكل الخط البياني المتصاعد للمقبلين على تعلَم الإنكليزية في الفروع المغاربية للمعهد الخاص «أميديست» مؤشرا قويا على زعزعة عرش الفرنسية في المنطقة. وأفادت نائبة مدير المركز الثقافي الأميركي في تونس ستيفاني سيبتاك أن «أميديست» فتح فروعا في مدينتي سوسة وصفاقس الساحليتين ويعتزم فتح مزيد من الفروع في محافظات أخرى.   من الإختياري إلى الإجباري   ويرى عالم الإجتماع الدكتور مهدي مبروك أن هذا المسار، على أهميته، يبقى محدودا لأن رسوم الدراسة مرتفعة نسبيا (190 دولارا للدورة الواحدة التي تستمر سبعة أسابيع). لكن الأهم، برأيه، هو المكانة المتزايدة للانكليزية في المقررات المدرسية. فقد مرَت منظومة تدريس الإنكليزية بمراحل مختلفة في السنوات الأخيرة في اتجاه تعميمها والتبكير في دراستها، وبعدما كانت تقتصر قبل عام 1995 على الصفوف الأربعة الأخيرة من المرحلة الثانوية، صارت تُدرَس الآن منذ الصف الأول الإعدادي، فيما انطلق تدريسها لطلاب الصفين الخامس والسادس الإبتدائيين في شكل اختياري لكنه بات اليوم إجباريا بالنسبة للصف السادس.   وأكد مسؤول في وزارة التربية التونسية أن الوزارة قررت إضافة ساعة انكليزية في الإعداديات اعتبارا من السنة المقبلة والترفيع من الحصة المخصصة لها من 650 ساعة حاليا إلى 800 ساعة طيلة مسار تعليمها من الإبتدائية وصولا إلى الثانوية العامة. وفي هذا السياق أكد المدير العام للبرامج في الوزارة عمران البخاري أخيرا ان تعزيز مكانة الإنكليزية يرمي «الى تقريب المنظومة التربوية من المتوسط الدولي الذي يندرج في إطار معيار «توفل»، وهو اختبار دولي لقياس درجة اجادة لغة شكسبير بما يتيح للفائز به الإنتقال للتعليم الجامعي بكفاءة عالية وقدرة على درس المواد كافة بالإنكليزية».   وكان لافتا أن مدير المدرسة الإبتدائية في شارع روسيا، وهي من أعرق الثانويات في العاصمة التونسية، قال في تحقيق طويل نشرته إحدى الصحف إنه دهش لشدة إقبال الطالبات والطلاب في معهده على نوادي تعليم الإنكليزية للصف السادس قبل أن يصبح تدريسها إجباريا مع مطلع العام الدراسي الجاري. والأطرف أن الصحيفة الناطقة بالفرنسية نشرت التحقيق تحت عنوان « Let’s speak english» أي «فلنتعلم الإنكليزية». وتكريسا لهذه النقلة التدريجية في التعليم الأساسي أطلقت الوزارة طلب عروض لشراء مخابر لتعليم اللغات في إطار اعتماد التقنيات الحديثة في تدريسها والتي لن تقتصر على الإنكليزية وإنما تشمل أيضا الإسبانية والألمانية والإيطالية والصينية والروسية التي تدرَس حاليا في الثانويات.   نهاية الإزدواج اللغوي؟   ويدل هذا المسار على أن الإزدواج اللغوي (العربية – الفرنسية) الذي سيطر على أربعة أجيال من أبناء المغرب العربي انتهى إلى غير رجعة، وحلت محله المنافسة على تحصيل اللغات العالمية والتي يُرجح أن تُكرس تفوق الإنكليزية بوصفها لغة الإنترنت، والشريان الاساس للمعارف والمعلومات في المستقبل. وتتسابق البلدان الأوروبية وكذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين لتأمين وسائل نشر لغاتها في البلدان المغاربية من خلال إقامة مراكز ثقافية أو تخصيص منح دراسية للطلاب الراغبين في الإلتحاق بجامعاتها لتعلَم اللغة. وبعدما كانت المراكز الفرنسية هي الوحيدة المنتشرة في المدن الداخلية كسرت المراكز البريطانية والإسبانية والأميركية هذا الإحتكار في الأعوام الأخيرة بانتشارها في كل من فاس ومراكش وطنجة ووهران وقسنطينة وسوسة وصفاقس إضافة الى العواصم.   وقبل أسابيع حضر وزير بريطاني في تونس حفل تدشين المقر الجديد لـ»المجلس الثقافي البريطاني» الذي انتقل من الدور الأرضي لمكاتب السفارة البريطانية في تونس القديمة إلى شارع محمد الخامس أكبر جادة في المدينة. وعلى بعد خطوات منه أقيم مبنى جديد للمركز الثقافي الإيطالي «دانتي أليغييري» كي يستوعب الأعداد المتزايدة من الشبان الذين يأتون لتعلَم اللغة بسبب كثرة المؤسسات الإيطالية العاملة في البلد. وغير بعيد منهما يوجد مركز «غوته» الألماني الذي يحتاج الطالب الى الانتظار ستة شهور كي يجد مكانا في إحدى الدورات التي تستمر ستة أسابيع. وشرحت مديرة المركز أن شدة الإقبال خصوصا من طلاب الثانويات الذين ينوون الدراسة في الجامعات الألمانية حملها على التفكير في توسعة المبنى الحالي أو استبداله بآخر أكبر منه. ويشمل هذا الإهتمام باللغات حتى اللغات التي تبدو غير أساسية مثل اليونانية، إذ أفاد مدير التعاون الدولي في وزارة التعليم العالي التونسية أن اليونان خصصت منحا للطلاب الذين يرغبون بالمشاركة في دورات تكوينية وتدريبية الصيف المقبل في جامعة أرسطو في منطقة تالاسونيك لمدة ستة أسابيع.   وفي المقابل تسعى فرنسا ومعها الهيئات الفرنكوفونية الى استقطاب أعداد مهمة من طلاب الثانويات والباحثين والمدرَسين من خلال دورات تدريب تُقام في مختلف البلدان أعضاء المنظمة الفرنكوفونية (53 بلدا). لكن الميل الجارف نحو الإنكليزية يبدو تيارا تعسر مقاومته. وعندما سألت مجلة «جون أفريك لانتاليجان» الفرنسية أخيرا الأمين العام لـ»الوكالة الحكومية للفرنكوفونية» روجي دوهايب عن أسباب «تراجع استخدام الفرنسية في المنطقة من سنة إلى أخرى؟» اعترف بأن الفرنسية لا تتطلع الى أن تكون اللغة الأولى في العالم وإنما تسعى للمحافظة على المرتبة الخامسة (هي الآن في المرتبة العاشرة)».   ضرورة استراتيجية   وخصص الأميركيون موازنة كبيرة لنشر الإنكليزية، وهم يقومون بعمل ضخم، تساعدهم على ذلك المكانة المحورية للغة شكسبير في مجتمع المعرفة الحديث. ووضعت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للديبلوماسية العامة كارين هيوز نشر الإنكليزية في العالم بين الضرورات الإستراتيجية الثلاث للإدارة الأميركية. وأوضحت أمام لجنة العلاقات الدولية التابعة للكونغرس الأميركي في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أن «هناك موازنات أعيد توجيهها لتُخصص لتوسيع نطاق برامج تعليم الإنكليزية».   وتنعكس هذه الظاهرة المتمثلة في اكتساح لغة شكسبير السريع للموقع الذي كانت تحتله الفرنسية في شمال أفريقيا تراجعا في مستوى الإقبال على مدارس البعثات الفرنسية، إضافة الى الجاذبية المتصاعدة التي تمارسها المراكز الثقافية الأوروبية المنافسة. غير أن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي نفى ذلك التراجع ردا على سؤال طُرح عليه أثناء زيارة لتونس مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي مستدلا بأن الإقبال يتكثف على المدارس الفرنسية في مصر وتونس.   مع ذلك يبدو أن تراجع الفرنسية أمام اجتياح الإنكليزية جعلها تسير نحو مغادرة عرشها تدريجا، لكن الأرجح أن لغة سيبويه ليست خاسرة من هذا الصراع اللغوي / الثقافي.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 5 مارس 2006)

 


الظواهري و«القاعدة»… ابقوا بعيدين عن فلسطين وحماس!

خالد الحروب (*)      

 

لا يحق للظواهري تمنطق موقع التنظير على الفلسطينين وحركة حماس بما يفعلون وما لا يفعلون. فعلى مدار العشرين سنة الأخيرة تقريباً، أي منذ تاريخ الإنتفاضة الأولى عام 1987، وعندما كان الفلسطينيون، بحماسييهم وعلمانييهم، يضحون بأنفسهم وزهرات شبابهم في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي كان الظواهري و»تياره الجهادي» منخرطين في حرب أدارتها الولايات المتحدة ضد الإتحاد السوفياتي في أفغانستان. وبعد «النصر المظفر» الذي حققته الولايات المتحدة بإنهيار الإتحاد السوفياتي بدا أن دول العالم الضعيفة، ومنها الدول المسلمة، كانت الخاسر الأكبر من ذلك الإنهيار، اذ أنفردت أميركا بالسيطرة على العالم وغابت هوامش عديدة للمناورة والتحرك، وبسببه دفعت قضية فلسطين ثمناً باهظاً.

 

وفي كل «غزوة» كان الظواهري وأميره بن لادن يقومان بها، من نيويورك وواشنطن، إلى مدريد ولندن، مروراً بجرائم بالي والدار البيضاء والرياض والدم البريء المسفوح فيها، كانت فلسطين وكان الفلسطينيون هم من يدفعون الثمن الأغلى لأن قضيتهم صارت مهملة وتطغى عليها أخبار الغزوات الظواهرية والبن لادنية. وعندما «نجح» الظواهري وسيده في تسليم العراق للإحتلال الأميركي عبر تقديم المسوغ الذي كانت تنتظره إدارة المحافظين الجدد المتصهينة، كانت فلسطين أول الخاسرين، فقد صار العراق هو القضية الأولى في المنطقة، ونسيت فلسطين.

 

وعندما ذاع صيت «الإرهاب الإسلامي» الذي صنعه الظواهري ونشره في كل مكان، من دون تفريق بين جندي ومدني، وبين متهم وبريء، دفعت فلسطين، وحماس تحديداً هذه المرة، ثمناً باهظاً لأن إسرائيل نجحت في تعميم صفة الإرهاب الأعمى على النضال الفلسطيني وربطه بما تقوم به «القاعدة» في انحاء العالم. والحصار العالمي المضروب على حماس الآن يعود في جزئه الأكبر لذلك الربط.

 

المظالم التي يتعرض لها الفلسطينيون لا تحتاج إلى محام فاشل مثل الظواهري كي يدافع عنها، لم يبدع في شيء قدر إبداعه في تقديم مسوغات للغطرسة الأميركية لإحتلال هذا البلد المسلم أو ذاك. إذا أراد الظواهري و»القاعدة» من ورائه خدمة فلسطين حقاً، فعليهم أن لا يتدخلوا في شأنها وأن يتركوها لأهلها، ويستمروا في سياستهم الأولية عندما لم تكن فلسطين في أذهانهم ولا في خطابهم.

 

وفي الوقت نفسه على حماس أن لا تنجر الى سجال لا معنى له مع الظواهري و»قاعدته». فهي لا تحتاج لصك شرعية منه، ولا لفتوى إستحسان لما تقوم به، ولا لأن تبرر تسيسها بـ «خصوصية الوضع الفلسطيني». وهو إذ يصدر التنظيرات الإطلاقية من مخبئه ولا يعبأ بحسابات الواقع، فإن حماس تتحرك في واقع معقد كل قرار فيه يناظر صوغ معادلة كيمياء دقيقة. حماس أمام معضلات أخفها بالغ الوطأة: إسرائيل وجيشها وإستمرار إحتلالها، جماهيرها التي صوتت لها وتطالبها بترجمة شعار «يد تبني ويد تقاوم»، وشعبها الذي ينتظر منها أن تقدم الملف الوطني على الملف الأيديولوجي، والعواصم الغربية التي تتربص بها وتشكك فيها، وقائمة لها أول وليس لها آخر من إشكالات. آخر ما تحلم به حماس في الوقت الراهن أن يخرج عليها الظواهري وينظر عليها بفوقية وأستاذية مؤذية.

 

وأسوأ ما قد تواجهه حماس على الأرض هو أن تقوم «القاعدة» فعلاً بتنظيم خلايا عسكرية تابعة لها في فلسطين وتبدأ بتنفيذ عمليات كتلك التي تقوم بها في العراق، من دون تخطيط ومن وراء ظهر حماس. وهنا لا نعرف ماذا ستكون الأهداف التي ستضعها «القاعدة» على أجندتها. وهل سيكون من ضمن تلك الأهداف «العلمانيون المجرمون» الذين تحدث عنهم الظواهري، كما هم «الشيعة المجرمون» كما تصفهم «القاعدة» هدفاً دائماً للظواهريين والزرقاويين في العراق؟ وعندما صرحت تنظيمات «القاعدة» بأنها تقترب خطوة خطوة من «أرض المعركة في فلسطين» وتنفذ عمليات على طريق الإقتراب، فإن ما رأيناه هو تفجير فنادق في عمان سقط ضحيتها نساء ورجال أبرياء كانوا يحضرون حفلة زفاف. لا تريد فلسطين ولا الفلسطينيون أن يتشوه نضالهم التاريخي بعمليات من هذا النوع، ولا أن يخرج على أرضهم من يبايع الظواهري أو الزرقاوي أو شيخهم بن لادن، ويبدأ بنحر الرقاب يمنة ويسرة.

 

على حماس، مرة أخرى، أن لا تتأثر بخطاب الظواهري الذي تجاوزته الحركة الإسلامية المعتدلة العريضة التي تنتمي إليها الحركة منذ سنوات طويلة. فمفردات «جاهلية المجتمع» وتكفير حكامه، والتعميمات الفكرية التي لا أصل شرعياً ولا فقهياً ولا أخلاقياً لها، قادت مجتمعات عربية إلى نتائج كارثية، من مصر إلى سورية إلى الجزائر. وحماس لم ينتخبها الفلسطينيون لأنها تريد تبني «منهج الحاكمية» القطبية (تبعاً لسيد قطب) الذي يستند إليه خطاب الظواهري، بل لأنها تحمل مشروعاً وطنيا له علاقة بالظرف الأكثر ضغطاً وإلحاحاً على واقع الفلسطينين، وهو الإحتلال الإسرائيلي المتوحش. وبعض الأصوات النافرة التي تصدر من رجالات حماسية وتركز على أن غاية حماس هي إقامة مجتمع إسلامي في فلسطين محكوم بالشريعة وتطبق فيه الحدود وما الى ذلك، هي أصوات لا تمثل الوجهة الأساسية لحماس، وهي وجهة المشروع الوطني التحرري. وتدرك حماس أنها كلما قدمت الوطني والسياسي فيها على الأيديولوجي فإنها توسع دائرة أنصارها وتعبر أكثر عن شرائح فلسطينية أوسع. وكلما وقعت تحت إغراء توسيع خطابها الأيديولوجي على حساب التسيس والنظرة الوطنية العامة فإنها تخسر.

 

ستظل هناك أصوات داخل حماس وفي محيطها تطالبها بتطبيق الشريعة وتنفيذ «أسلمة» هذا المجال أو ذاك بكونها صارت في السلطة، وتطرب لخطاب الظواهري عن الحاكمية وسوى ذلك. لكن يظل الأمر مناط بحماس نفسها وعمق إدراكها لتعقيدات الوضع الذي هي فيه، والأولويات الضاغطة عليها، وبالتالي إهمال وتهميش تلك الدعوات. والأصوات التي تطالب من حماس بجرعات أيديولوجية هي أصوات قصيرة النظر فعلاً. فحماس أمامها أربع سنوات هي عمر المجلس التشريعي المنتخب، وفي هذه الفترة القصيرة تنتصب كل الإحتمالات: من إجتياح إسرائيلي للضفة والقطاع مرة ثانية وتدمير المجلس مادياً، حتى لا نقول مجرد حله، إلى صدام فتح وحماس، إلى إستقالة أبو مازن، إلى تشديد الحصار المادي، وصولاً إلى إنفجار المنطقة بأسرها عبر مواجهة إيرانية – أميركية ليست مستبعدة. إزاء كل هذه الإحتمالات والمخاطر يبدو من السذاجة التامة الإنخراط في أي سجال حول تطبيق الشريعة، أو أسلمة القوانين وسوى ذلك.

 

الأمر الأخير الذي لا يحق للظواهري الإفتاء فيه هو فوز حماس بالإنتخاب الديموقراطي وإعتباره ذلك الفوز تفريطاً بشرع الله. خطوة حماس بالترشح كانت خطوة مقدامة وفيها مواجهة شجاعة للواقع، ومغايرة للإختباء وراء الشعارات والكمون في دفء المخابىء وإصدار الفتاوى والإنتقادات. وشرع الله يقوم على رعاية مصالح الناس وقضاياهم والتصدي لها، وليس التهرب منها. وفي سياق نظام عالمي شبه مغلق تكون الحكمة هي في تفادي محاصرة هذا النظام وإكراهاته بإستخدام أدواته نفسها بما يشل قدرة الخصم على الحركة. وهذا ما فعلته حماس عندما أحرجت بالخيار الديموقراطي ذلك النظام الذي لم يرحب بها أصلاً، لكنه يقبلها الآن مكرهاً لأنها استخدمت بذكاء ما يجب أستخدامه في الوقت الصحيح وبالأسلوب الصحيح.

 

(*) كاتب وباحث فلسطيني – اردني، كامبردج (بريطانيا).

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7 مارس 2006)


في معاني تصدر الاسلاميين للمشهد الاعلامي في المغرب

محمد بنعزيز (*)

يقف هذا التقرير الذي يرصد المشهد الإعلامي المغربي علي احتلال الإسلاميين للواجهة الإعلامية، فقد صار من المعتاد، أن يلاحظ من يقف أمام كشك الصحف، عشرات الصور والأخبار والحوارات مع الإسلاميين بمختلف تلاوينهم، وتشمل هذه الظاهرة أغلبية الصحف المغربية، هذا غيض من

فيض:

 

أولا الصور، ففي كل يوم تنشر الصحف والمجلات المغربية علي صفحاتها، وغالبا علي أغلفتها صور عبد السلام ياسين وابنته والناطق باسمه ومصطفي الرميد وعبد الكريم الخطيب وسعد الدين العثماني وأبي حفص ومحمد الفيزازي ومحمد الكربوزي، وقد نشرت لوجورنال صورة امرأة محجبة بشفتين حمراوين وسمت ذلك براغماتية ونشرت جريدة صوت الناس في عددها الأول صورة مفتي متشدد في أعلي صفحتها الأولي، كما نشرت نص فتواه كاملا في إطار الدعاية للظلامية

.

 

ثانيا الأخبار، نشرت الأحداث 2/11 في صفحتها الاولي خبرا عنوانه مواجهات بين عناصر من جماعة العدل والإحسان أما مضمونه فيقول ان القوات العمومية تدخلت لأن العدليين خربوا سياراتهم بأنفسهم ليبرروا تدخل قوات الأمن في حقهم. شخص يكسر سيارته فما الذي يستدعي تدخل الشرطة؟ هذا خبر سريالي مفكك، فمضمون الخبر مخالف لعنوانه، والظاهر أن الجريدة نشرت ما تمنته، أما ما حصل فقد نشرته الإتحاد 3/11 عاشت منطقة بنسودة بفاس يوم 1/11 أكثر من خمس ساعات من المواجهات بين جماعة العدل والإحسان ورجال الأمن وذلك بسبب مطالبة الجماعة بإطلاق سراح معتقلين محكومين منذ 1992

.

 

أما الجريدة الأخري 14/11 فذكرت أن الملك محمد السادس أعطي يوم 2/11 إشارة انطلاق البث لقناة تلفزية دينية، وذلك بعد إطلاق إذاعة محمد السادس للقرآن التي أحدثت في 2004، والهدف هو تأطير الحقل الديني من خلال إشاعة ثقافة إسلامية وسطية مستمدة من القرآن والسنة وفق المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، وذلك لإنقاذ المغاربة من فتاوي وشيوخ قنوات (المجد وإقرأ والفجر). خبر آخر يؤكد انشغال القصر بالإسلاميين، فقد ذكرت الأيام 25/12 أن الملك محمد السادس أقال أحمد حراري من إدارة الديستي، وعين بدله الخبير رقم واحد في الإسلاميين، وهو عبد اللطيف الحموشي، وقد كان قبل 1990 طالبا في جامعة فاس ولم يكن يبرح حلقات طلبة جماعة العدل والإحسان. بعد 1993 أصبح عميدا للأمن وتلقي تكوينا في الجيوبوليتيك في فرنسا وأمريكا، عام 2000 سجل الحضور اللافت للتيار السلفي الجهادي في مسيرة الدار البيضاء المناهضة لخطة إدماج المرأة في التنمية. وأضافت الأيام ـ نقلا عن مصادر لم تسمها ـ أن الحموشي هو أحد مهندسي الحوار مع رموز السلفية الجهادية، وقد كان يقفي خيوط الجماعة المغربية المقاتلة في الداخل والخارج وعليه الآن الإستعداد لقومة العدل والإحسان في 2006، والتي ينتظر أن تستثمر فيها الجماعة الحركات الإحتجاجية الصاعدة في مختلف مناطق المملكة

.

 

هكذا حددت الأيام مكامن القلق، أما الأحداث 5/12 فقد احتفلت ـ قبل الأوان ـ بإعادة فتح مسجد بتطوان بعد تخليصه من سيطرة أتباع العدالة والتنمية، وأشارت إلي اعتقال طلبة العدل والإحسان في فاس وهم يحتجون علي الزيادة في أسعار تذاكر الحافلات. ولم تكتف الاسبوعية 15/12

بالخبر فكشفت حقائق جديدة عن الجماعة الإسلامية للتوحيد والجهاد بينما أعلنت صوت الناس 17/12 عن خطة الإخوان المسلمين لفتح مصر . والهدف تخويف المغاربة من إسلامييهم.

 

ثالثا الحوارات، وأبدأ بالدردشة الثقيلة التي أجرتها الجريدة الاخري 5/12 مع أحمد الريسوني، بعد أن حُرم هذا العام من المشاركة في الدروس الحسنية وحصل علي المغادرة الطوعية من التعليم الجامعي فانتقل للعمل في المشرق العربي، وقد أعلن الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح أن رابطة علماء المغرب ماتت وأنه لن يقبل منصب وزير الأوقاف. صرحت نادية ياسين أن الملكية لا تناسب المغرب، قامت القيامة، أما حين كرر الشيوعي عبد الحميد أمين نفس الكلام في الجريدة الأخري 12/12 فلم يلتفت إليه أحد

.

 

حوار آخر، أجرته الأيام 24/10 مع حميد الخلطي الرئيس السابق لفرقة محاربة التطرف الديني والسياسي. وكان الخلطي قد تحدث عن علاقته الوثيقة مع عبد الإلاه بن كيران. بعد ذلك فتحت الأيام صفحاتها لمحمد يتيم ليرد علي حميد الخلطي ويدافع عن عبد الإله بن كيران. وقد استغل

يتيم، البرلماني والصحافي الإسلامي، المساحة الكبيرة التي خصصت لرده، ليس لتفنيد ادعاءات المخبرين، بل لتسوية الحساب مع المتطاولين علي الصحافة، والذين اعتبروا مذكرات الخلطي كنزا لتشويه قيادات حزب العدالة والتنمية.

 

في نفس الإطار، نشرت الجريدة الأخري 28/11 حوارا مع الشيخ عبد الكريم الخطيب تهجم فيه علي بن بركة، بعد أن قال سابقا إن اليساريين صلاكط وإن عمل هيئة الإنصاف خطأ فادح، وإن بن بركة أمره بقتل أول وزير أول مغربي. وأضاف الزعيم الإسلامي الجديد أن المهدي كان وراء كل العصابات الإجرامية التي نفذت عددا من الإغتيالات وأن محمد الخامس كان يخاف حزب الإستقلال أكثر مما يخاف من المقيم العام الفرنسي

.

 

غضب الإتحاديون وتقدم عبد الحميد جماهري ليرد (الإتحاد 1/12)، قال إن الخطيب عرقل استكمال استقلال المغرب لذا يعاني من عقدة الذنب، ومن ارتجاج في الذاكرة وله رد فعل بافلوفي، له صلة بأوفقير ويقوم بالقتل الرمزي. مرة أخري إنبري محمد يتيم ليؤكد أن الخطيب شيخ جليل في قمة توازنه العقلي والنفسي تقي السريرة أطال الله عمره وحفظه، ثم رد علي مهاجميه قائلا إذا كنت أكن لبعض الكتاب تقديرا، فإني لا أكن لبعضهم الآخر في المقابل أدني احترام، لما درجوا عليه من وقاحة منقطعة النظير، وتطاول علي رجال جبال وهم أقزام (التجديد 6/12) واضاف يتيم وهو يقصد شخصا بعينه ليس من حق قزم أن يتطاول علي هرم قذفا وشتما . وقد اعتبر الكاتب غضب ذلك الشخص دليلا علي أن الخطيب زعزع أصناما كان البعض يريدها آلهة

.

 

حوار سطحي آخر، أجرته الجريدة الأخري 12/12مع محمد الكربوزي، الزعيم المفترض للجماعة المغربية المقاتلة ، في البداية تحدث عن إقامته في بريطانيا وتردده علي باكستان بين 1991 و2002، وأكد أن السفارات المغربية تعامل المغاربة كأوباش، تريدهم مخبرين دون راتب، واتهم المخابرات المغربية بتنفيذ هجمات 16 ايار (مايو) 2003 في الدار البيضاء بهدف ضرب الحركة الإسلامية وتسهيل مرور مدونة الأسرة وقانون الإرهاب. في نفس الأسبوع، أجرت الأيام 11/12 سبقا وحاورت محمد الفيزازي الذي حصل علي ثلاثين سنة سجنا، بعد حوار نشرته الشرق الأوسط ، فسر فيه أحداث 16 ايار (مايو) 2003 وقيل ان فيه رسالة مشفرة لتفجير البرلمان، وقد قاد الفيزازي إضرابا مدويا عن الطعام لمعتقلي السلفية الجهادية خلال صيف 2005

.

 

زعم الشيخ أنه حوكم للبرهنة علي انخراط المغرب في الحرب علي الإرهاب، وقد أفتي بجواز طلب العفو الملكي مكرها، لأن علي المكره فعل كل ما يراه لخلاصه، واستثني الشيوخ من طلب العفو، لأنهم آثروا العزيمة علي الرخصة ما دام طلب العفو اعتراف بما نسب لهم. بعد ذلك طالب الفيزازي جلالة الملك بالعفو عن الإسلاميين حتي لو كره الإستئصاليون، وقد تحداهم: إن السجن لم يطل فكرنا وإيماننا وعقيدتنا، إنما طال فقط أجسادنا ثم توعدهم قائلا ان الشباب المعتقلين سيخرجون ذات يوم من السجن ويمكن ان ينتقموا من النظام. وهكذا طابق بين الإستئصاليين والمخزن

.

ولم يفت الفيزازي أن يهاجم علماء التيليكوموند وشكر أبراهام السرفاتي للمرة الألف علي موقفه المدافع عن حقوق المعتقلين الإسلاميين، واعتبر الفيزازي أن السرفاتي أشرف من أصحاب العمائم والجبناء الذين يسيرون في ركب الإستئصال الظالم

.

 

للإشارة، نشرت الأيام علي غلافها صورة كبيرة للشيخ الفيزازي، وفوقها صورة صغيرة لأحمد التوفيق المكلف بتنزيل إصلاحات الحقل الديني علي أرض المغرب. ويبدو أن الجرائد المستقلة لا تحبذ محاورة وزير الأوقاف لأن عقلانيته لا تزيد المبيعات، لذا لم تحاوره إلا جريدة الإتحاد 11/10، وقد اقترح وزير الأوقاف الجديد مكانا لا نزاع فيه بين التيارات: في حلقة التصوف يمكنني أن التقي منتمين إلي جميع الاحزاب السياسية، لكنهم هنا لا تنازع بينهم، ذلك لأنهم إذا تغذوا من المعني الذي ترتبط به تلك الحلقات، وهو محاسبة النفس بمعني اكتساب القوة ضد الفساد والإفساد، فمثل هذه العناصر هي التي تحتاجها الأحزاب

.

 

وهذا فتح جديد لترويض التصوف ، ليغدو أداة في يد السلطة بعد أن كان عنصر مقاومة يضُم ـ حسب حسين مروة ـ نواة ثورية تُنظر لعالم طوباوي يتجاوز السلطة السياسية للنظام الإجتماعي المسيطر، لهذا استحق القمع، يقول مهدي عامل كان التصوف بالنسبة لتيار السلطة في الإسلام، خطرا يتهدد النظام… فطبيعي في منطق السلطة، وضروري لها أن يتم القضاء علي كل ما يخل بأمن النظام والسبب هو ان المتصوف يتجاوز الظاهر، الذي هو حيز الشرع، نحو الباطن، الذي هو حيز الحق. لذا كان الحلاج والسهروردي ضحايا عنف تمارسه السلطة الشرعية ضد المتصوفة

.

اقتراح التوفيق يجعل التصوف في خدمة السلطة من خلال خلق تساوق بين المشروع الديني والمشروع السياسي في المغرب (الإتحاد 12/11). وينتظر أن تمكن هذه الخدمة من إضعاف الإسلام السياسي، لأن التصوف يشخصن/ يفردن الدين بدل أن يسيسه، يجعل العبادة مسألة خصوصية، ولهذا يناهض الإخوان المسلمون المتصوفة

.

 

نشرت جريدة الإتحاد حوارها مع التوفيق في ثلاثة اعداد، وهذا تحول فريد لم يكن ممكنا أيام وزير الاوقاف السابق عبد الكبير العلوي المدغري، لكن الظرف تبدل، فقد زاد الوزن السياسي للإسلاميين، لذا أصبحت جرائد اليسار مضطرة للخوض في المسائل الدينية بمنظور مختلف، لم يعد بإمكانها اعتبار الدين أيديولوجيا في خدمة الطبقة المهيمنة، ووسيلة لتضليل الشعب… المنظور الجديد الذي تتبناه هذه الجرائد هو أن الدين جزء من الهوية الثقافية، وهو دين حداثي ينبذ العنف ويشيع التسامح مع الآخر، وفي هذا الإطار كتب أحمد الخمليشي عن ضرورة تحيين الفقه الإسلامي وطالب سامر أبو القاسم بإصلاح التعليم الديني الإتحاد 3/11. مضي الزمن الذي كانت فيه جرائد اليسار تطالب بإلــغاء التعليم الديني لتحقيق التوحيد

.

 

من يجرؤ علي التحالف مع الإسلاميين؟

 

رغم إعجابي بأحمد التوفيق كباحث، فإني أري أن الحقل السياسي لا يتغذي من روحانية حلقات الذكر والوجد، والدليل أن التنازع شديد بين الأطياف السياسية التي تحاسب الغير ولا تحاسب النفس، ويبدو حاليا أن ذلك الحساب مفروض علي طرف معين، إذ رغم الحظوة الإعلامية التي يتمتع بها الإسلاميون، فإن حزبهم الشرعي الرئيسي، أي العدالة والتنمية مهدد بالإنشقاق ويعاني من حصار شديد رغم أن عبد الإلاه بنكيران قد اعترف أن توظيف الدين لأغراض سياسية مسألة حرام (النهار المغربية 15/9)، هذا جرد لعلامات الحصار

:

 

استبعد إسماعيل العلوي أي تعاون مع الحزب الإسلامي وصرح للصحراء 14/9 وقال عبد الهادي خيرات إن حزب العدالة والتنمية ليس له مطالب محددة تجاه المؤسسات كلها، لذا لن نتحالف معه. (الصباح 5/12). وتساءلت (أجوردوي لوماروك 16/9) إن كان نور الدين عيوش يتعاطف مع العدالة

والتنمية، لكن عيوش الحداثي نفي التهمة عن نفسه كما نفي أن يصوت أو ينخرط في الحزب المذكور. أما عبد اللطيف جبرو فقد فقد أعصابه وأعلن أنه لا يطيق رؤية قادة العدالة والتنمية في الشارع، ويغضب بشدة عندما يدخلون بيته عن طريق التلفزة. الاحداث 2/11.

 

أمام هذه المواقف اشتكي أحد كتاب جريدة التجديد 7/12 من المصابين بالإسلاموفوبيا، والذين يمتلكون حواس استئصالية خارقة تمكنهم من تحسس مواقع حزب العدالة والتنمية لمهاجمتها، منهم والي مراكش الذي اشتكت (التجديد 15/12) منه بعد أن قرب الخمر من المواطنين، وذلك بمنح أربعين رخصة لبيع الخمور للإحتفال برأس السنة الميلادية، أما والي مكناس فلم يستدع السيد بلكورة عمدة مكناس الإسلامي إلي ندوة في مقر الولاية، (الجريدة الأخري 12/12). الأدهي من ذلك حصل في الدار البيضاء، فقد سرت إشاعة باستقالة رئيس جماعة مقاطعة البرنوصي ثم ظهرت وثيقة الاستقالة مصادق عليها، (التجديد 15/12) وقد أصدر المكتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بالمقاطعة بيانا فند فيه إشاعات الإستقالة المزعومة وأكد أن الرئيس الإسلامي يباشر مهامه وأن الوثيقة مزورة وأن الإشاعات مكائد خبيثة

.

 

بناء علي تواتر هذه المكائد، أصبح حزب العدالة والتنمية يخشي العزلة خلال انتخابات 2007. وقد اعتبرت مصادر مسؤولة داخله أن التحالفات تشكل مشكلا حقيقيا بالنسبة للحزب، إذ هناك إجماع علي أننا يجب ألا نظل معزولين لمصلحة الحزب والبلاد واستدركت تلك المصــــادر لكن مع من سنتحالف؟ هذا هو المشكل، فحزبا الإستقلال والاتحاد الاشتراكي لايريداننا، والحركات الشعبية غير واضحة والتجمع الوطني للأحرار يلتزم الصمت (الصباح 1/12). يحدث هذا التهرب رغم أنه ينتظر أن يكرر الإسلاميون المغاربة خلال انتخابات 2007 ما حققه الإخوان المسلمون في مصر. لقد ضاعف الإسلاميون المصريون عدد نوابهم خمس مرات، من 17 إلي 88 مقعدا رغم البلطجة والإعتقالات

.

 

في ظل بحث العدالة والتنمية عن حلفاء، تعرضت قيادة الإتحاد الإشتراكي لتهديد إرهابي من طرف الحيش الإسلامي المغربي من أجل الشريعة ، وبهذه المناسبة بعث رشيد لمدور برلماني حزب العدالة والتنمية برسالة تضامن إلي اليازغي (الإتحاد 2/12). والملاحظ أن السيد لمدور لم يستخدم لفظ الإهاب في رسالته

.

 

لم تجلب هذه التعزية/ المغازلة أية نتيجة، وعليه فما زال سعد الدين العثماني بلا حلفاء، وهذا أمر يستحق التدبر، فالأصل أن يتمَّ تجنب التحالف مع حزب ضعيف، لكن أن تتهرب الأحزاب ـ وخاصة حزب الإستقلال الذي يتبني 90% أصالة و10% معاصرة ـ من التحالف مع العدالة والتنمية الذي حقق أفضل النتائج في انتخابات 2002 بالنظر لعدد مرشحيه المحدود، فهذا أمر يحتاج إلي منجم أو تدخل لوزير الداخلية لتفسيره

.

 

سيحاول أي استئصالي تفنيد توقعاتي، لكن عبد الهادي خيرات وضع الأمور علي الطاولة، قال أخشي أن يكون المصحف غدا هو دستور البلد في ظروف موازين القوي الحالية (الصباح 9/12)، أتدخل لأطمئن الرفيق، أنه بعد ثمانين سنة علي نشأة حركة الإخوان المسلمين علي يد حسن البنا، فإنهم لم يتمكنوا من السيطرة علي السلطة في أي بلد عربي، بينما تمكن الشيوعيون من تأسيس إمبراطورية بعد سبعين سنة من صدور البيان الشيوعي، يبدو أن اليساريين أكفأ من الإسلاميين سياسيا. قد لا يقنع اعتراف عبد الهادي خيرات لأنه صنع محلي، أقدم اعترافا آخر: التقي السفير الأمريكي بالمغرب مع السيد بلكورة عمدة مكناس، وقد قال ممثل واشنطن إنه يتابع باهتمام تجربة التسيير الجماعي للعدالة والتنمية، وعرض السفير علي بلكورة زيارة أمريكا. (الجريدة الأخري 12/12

).

 

ماذا سيقول الإستئصاليون عن أمريكا؟ عليهم أن يعترفوا أن حزب العدالة والتنمية يتدبر أمره للخروج من العزلة، وهو يعتمد في ذلك علي تنظيماته، وفي هذا الإطار استقبل رئيس شبيبة الحزب وفدا من السياسيين الأمريكيين الشباب، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي والهدف هو تجاوز الصور النمطية إلي أعمال ملموسة (التجديد 15/12). كما نظمت منظمة التجديد الطلابي ندوة سياسية حول مرور نصف قرن من الإستقلال، وقد استضاف التنظيم الإسلامي شخصيتين ذاتي دلالة: عبد الهادي بوطالب وعبد الله ساعف. وقد نشرت (التجديد 7/12) إسميهما وصورتيهما علي الصفحة الأولي بالألوان

.

 

هذا هو مشهد علاقة الصحافة بالإسلاميين، ويبدو أن تصدر أخبار الإسلاميين لعناوين الصحف يضمن تسويقا جيدا، وردود أفعال تعرف بالجريدة، وليس صدفة أنه نادرا ما تجد صورة زعيم حزب علي غلاف جريدة مستقلة. وقد زاد حضور الإسلاميين في الصحافة بعد تفجيرات 16 ايار (مايو)، كما ارتفع صوت الإستئصاليين، والملاحظ أن الصحف المعادية للإسلاميين كثيرة، وكان يمكن لجريدة التجديد أن تكون وحدها في مواجهة خصومها الإعلاميين، لكن الجرائد المستقلة تجعل الإسلاميين في الواجهة الإعلامية وتساعد في الرد علي الإستئصاليين، وهؤلاء لا يفهمون كيف تفتح منابر صحفية ـ عربية غالبا يديرها أشخاص يفترض أنهم حداثيون ـ صفحاتها لشيوخ السلفية الجهادية

.

 

لكنه قانون السوق، فالصحف الفرانكفونية توزع أعدادا قليلة وتعيش من الإعلانات، لأن قراءها، رغم قلة عددهم، لهم قدرة شرائية قوية، مما يجعل شركات الإشهار تتسابق للإعلان فيها. هكذا ستستمر الصحف الفرانكفونية في نشر ما تريد، أما الصحف العربية، وخاصة المستقلة، فتعتمد علي جيوب قرائها، لذا ستقدم لهم ما يطلبون، فالذي يدفع للزمار يطلب اللحن الذي يريد، واللحن في هذه الأيام إسلامي معتدل ومتطرف. ويفترض أن يستمر هذا الوضع ويتطور في السنوات المقبلة، لتعيش الصحافة المستقلة أياما زاهية، خاصة وقد دعت مادلين أولبرايت المغرب للإعتراف بالصحافة الحرة (الجريدة الأخري 12/18

).

 

هذا عن الجانب الإعلامي، لكن لننظر للجانب السياسي، هل تعتقد هيئات تحرير الجرائد الإستئصالية ـ الأحداث ، صوت الناس ـ أن حملاتها تحجم الإسلام السياسي؟ للعلم فالقاعدة الجماهيرية للإسلاميين لا تقرأ الأحداث و أوجوردوي لوماروك بل تتجمع في مقرات جمعيات إسلامية

تشتغل ليل نهار. الخطة الفعالة لتقليص نفوذ الإسلاميين، تقتضي، ضم الفئات المحرومة إلي الطبقة الوسطي وفتح مقرات الأحزاب خارج أوقات الحملات الانتخابية، وجعل النقاش الديموقراطي يتصدر عناوين الصحف.

 

(*) كاتب من المغرب

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 مارس 2006)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

1 juillet 2009

Home – Accueil   TUNISNEWS 9 ème année,N° 3326 du 01.07.2009  archives : www.tunisnews.net   Liberté et Equité: Nouvelles des libertés

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.