السبت، 21 مايو 2011

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNWS 11ème année, N°4015 du 21 . 05 . 2011  

archives : www.tunisnews.net


يو بي اي:المجلس الأعلى للقضاء التونسي يرفض رفع الحصانة عن وزير الداخلية السابق

رويترز:تونس تطلب من دولة الامارات وقطر تجميد اصول بن علي

كلمة:السلطات القضائية التونسية توجه انابتين عدليتين لتجميد أرصدة الرئيس المخلوع

كلمة:تحذير رابطي من استغلال الحرب على الإرهاب ذريعة لتجاوزات قانونية

المؤتمر من أجل الجمهورية:بيان حول الوضع الأمني والسياسي في البلاد

المبادرة الوطنية من أجل انتخابات نزيهة

بلاغ المكتب السياسي للخضر

كلمة:وزير العدل يلتقي السفير الأمريكي

كلمة:دعوة تونسية لتعليق دفع الديون الخارجية

الصباح:ثلاث قضايا أمام محاكم تونس مواطنون يستولون على 879 مسكنا..

كلمة:حرص رسمي على موعد اللانتخابات

الصباح:الشركة التونسية للملاحة حجم التجاوزات 500 ألف دينار في السنة..

الصباح:محكمة إيطالية تغرم عضوا في البرلمان الأوروبي لفائدة الشيخ راشد الغنوشي

الصباح:بين اليمين واليسار التجديد يترك برنامجه الاقتصادي للحملة الانتخابية والنهضة تعلن عن برنامج اقتصادي واجتماعي تباعا

الأستاذ عبد الوهاب معطر:شركــــــة اتّصـــــــالات تونــــــس أو التجســـــيد الحـــيّ لأوجـــــــاع تونــــس بأكملـــــــها

الشيخ الهادي بريك:كيف وجدت تونس بعد عشرين عاما من الفراق.

عبدالحميد العداسي:ألا من كريم ينصر زين العابدين!…

لطفي حيدوري:واقعة الروحية وسيناريو القاعدة

يسري الساحلي:محاكمة “الثورة”

محمد نجيب وهيبي:القضاء التونسي : من أجل الحياد لتعزيز الاستقلالية(محاولة للتفكير)

د. ايزابيل شايفير الخبيرة الألمانية في العلاقات الدولية لـ”الصباح”الغرب سيشجع “النموذج الإسلامي التركي” في الدول العربية

القدس العربي:تأجيل محاكمة وزير الداخلية المصري الأسبق لعدم الانضباط في القاعة

الجزيرة نت:المصالحة الفلسطينية.. ما لها وما عليها

خالد المعيني:المحركات الحقيقية للثورات العربية والمحصلات النهائية

القدس العربي:عادل إمام في مهمة انتحارية لتل أبيب: ‘الإبادة’ أو الشهادة! ‘فرقة ناجي عطا الله’ الحجز مقدماً على الفضائيات العربية في رمضان


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

تابعوا جديدأخبار تونس نيوز على الفايس بوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141


21 ماي 2011 إعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام

أفادنا السيد سيف الدين الرايس ، أستاذ رياضة بمعهد ابن هاني وسجين سابق في قضايا ما سمي بالإرهاب، انه تعرض أمس صباحا إلى اعتداء خطير من قبل عناصر امن بالزي المدني ، حيث اقتحموا منزله دون إذن من المحكمة ، شاهرين أسلحتهم ومروعين عائلته، مما تسبب في إصابة والدته المريضة بحالة إغماء. وقبل أن يقع اقتياده إلى منطقة الشرطة القي به في الشارع والأصفاد في يديه، مما أثار الجيران و المارة. وحسب إفادته أيضا ، فان نفس العناصر الأمنية من الفرقة المختصة هي التي تولت بحثه لأكثر من ثلاث ساعات حول الاشتباه في احد أقاربه كان معه في السيارة، وقد اعلمه رئيسهم أنهم مستمرين في نفس النهج الأمني الذي كان قبل 14 جانفي، مؤكدا ذلك بقوله: ” مازلنا كيما كنا”. السيد الرايس تقدّم بقضية للسيد وكيل الجمهورية من اجل تتبع هذه العناصر الأمنية و”ردّ الاعتبار” لشخصه. فرعنا الذي تعرض لعديد المضايقات قبل الثورة لرفضه مثل هذه الاعتداءات الخطيرة وأدان التجاوزات العديدة التي تقوم بها مختلف الفرق الأمنية في حق المواطنين ، يخشى أن تتحول الحرب الجديدة على الإرهاب إلى ذريعة لارتكاب عديد التجاوزات اللا قانونية ووسيلة لإعادة نشاط البوليس السياسي، الذي استبشر كل المواطنين بسماع خبر إنهاء نشاطه. كذلك ندعو في نفس الآن السلط القضائية للإسراع بالتحقيق في هذا الموضوع الخطير ومعاقبة من تثبت إدانته ، حتى تحترم سلامة المواطن وحرمة عائلته ومسكنه .  
عن هيئة الفرع مسعود الرمضاني


رفض المجلس الأعلى للقضاء مطلب رفع الحصانة عن القاضي فرحات الراجحي.وجاء في نص قرار المجلس، المجتمع اليوم السبت 21 ماي 2011 بمقر وزارة العدل، أن تعهد المجلس الاعلى للقضاء برفع الحصانة “يتوقف على أن تكون الأفعال المنسوبة للقاضي صادرة عنه أثناء ممارسته لوظيفته ومجرمة قانونا”. كما أشار نص القرار إلى أن التصريحات الصادرة عن القاضي فرحات الراجحي هي “مجرد تخمينات تعبر عن تحليل سياسي شخصي، صدرت عنه عندما كان متحملا مسؤولية سياسية وبالتالي فإنها لا ترتقي لخرق واجب التحفظ.” وبقطع النظر عن شرعية أو عدم شرعية المجلس الأعلى للقضاء بتركيبته الحالية غير المنتخبة فانه يهم المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية أن يعبر عن ارتياحه لهذا القرار الذي يجنب البلاد هزة أخرى لا حاجة له بها في هذا الظرف الحساس. عن المرصد المنسق العام محمد العيادي marced.nakabi@gmail.com تونس في 21 ماي2011 — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux

<



2011-05-21 تونس- (يو بي اي): قرر المجلس الأعلى للقضاء في تونس السبت رفض طلب رفع الحصانة عن وزير الداخلية السابق القاضي فرحات الراجحي، الذي كانت تقدمت به وزارة الدفاع التونسية تمهيدا لمحاكمته. وبرر المجلس الأعلى للقضاء التونسي هذا القرار بالقول إن”تعهد المجلس برفع الحصانة “يتوقف على أن تكون الأفعال المنسوبة للقاضي صادرة عنه أثناء ممارسته لوظيفه ومجرمة قانونا”. وأشار نص القرار المجلس الأعلى للقضاء التونسي إلى أن التصريحات الصادرة عن القاضي فرحات الراجحي هي “مجرد تخمينات تعبر عن تحليل سياسي شخصي، صدرت عنه عندما كان متحملا مسؤولية سياسية وبالتالي فإنها لا ترتقي لغير خرق واجب التحفظ”. ولم يتسن معرفة موقف وزارة الدفاع من هذا القرار، خاصة وأنها هي التي طلبت رفع الحصانة عن وزير الداخلية السابق القاضي فرحات الراجحي تمهيدا لمحاكمته على خلفية تصريحات إتهم فيها قيادة الجيش بالتحضير لإنقلاب عسكري في تونس. كما سبق لها أن أكدت أن ما صدر عن فرحات الراجحي “من إتهامات خطيرة جدا لقيادة الجيش بالتحضير للإنقلاب على النظام الجمهوري وتحول الفريق أول رشيد عمار لدولة قطر لمقابلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ” ليس مجرد رأى وإنما هي أفعال جرمها القانون”. وكان الراجحي الذي عُيّن وزيرا للداخلية التونسية في السابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي، أي بعد أسبوعين من فرار بن علي، قد إتهم في تصريحات بُثت في الرابع من الشهر الجاري على شبكة التواصل الإجتماعي “فيسبوك”،قائد هيئة أركان الجيوش التونسية الجنرال رشيد عمار بالتحضير لإنقلاب عسكري. ولم يستبعد الراجحي في تصريحاته التي أثارت أعمال شغب وإضطرابات أمنية في كامل البلاد،أن يكون الجنرال رشيد عمار قد إجتمع مع بن علي خلال زيارته للعاصمة القطرية منتصف الشهر الماضي. وكانت تقارير إعلامية أشارت في وقت سابق إلى أن القضاء العسكري إستدعى الصحافية نجوى الهمامي وزميلها حمدي بن صالح، للتحقيق معهما بشأن تصريحات وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي بإعتبارهما من حاورا الراجحي وبثا تصريحاته على شبكة “فيسبوك”. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 ماي 2010)

<



2011-05-21 تونس- (رويترز): قالت وكالة تونس افريقيا للانباء السبت إن تونس طلبت من دولة الامارات العربية وقطر تجميد اصول الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأفراد أسرته. وأبلغ مصدر بوزارة العدل الوكالة ان تونس قدمت الطلب الي كل من دولة الامارات وقطر في الثالث والثاني عشر من مايو ايار على الترتيب. ولم يذكر مزيدا من التفاصيل. وفي محاولة فيما يبدو لتاكيد سلطتها واكتساب الشرعية في أعين المحتجين الذين أطاحوا ببن علي بدأت السلطات الانتقالية في تونس حملة على بقايا نظام حكمه. واعتقل عدد من أفراد أسرة بن علي وأجهزته الأمنية وبعض من أقرب حلفائه بعد وقت قصير من الاطاحة به وفراره الي السعودية في 14 يناير كانون الثاني. وفي مارس اذار طلبت جماعات لمكافحة الفساد من السلطات في دولة الامارات إتخاذ اجراءات بشان تحويل محتمل للاصول بواسطة بن علي واسرته. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 ماي 2010)

<



وجهت السلطات القضائية التونسية انابتين عدليتين ، إلى كل من الإمارات العربية المتحدة يوم الثالث من ماي ، و قطر بتاريخ الثاني عشر من نفس الشهر، عن طريق وزارة الشؤون الخارجية ، و تم إيصالها إلى الجهات القضائية بالدولتين عن طريق بعثتي تونس بهما . و حسبما ما صرح به مصدر مسؤول بوزارة العدل إلى وكالة تونس إفريقيا للأنباء ، فان السلطات القضائية التونسية تنتظر الردود الرسمية في ما يتعلق بتجميد أرصدة الرئيس المخلوع و عائلته و أصهاره في البنوك القطرية و الإمارات العربية المتحدة.  
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ، بتاريخ 21 ماي 2010)

<



عبر فرع الرابطة للدفاع عن حقوق الإنسان بولاية القيروان ، في بيانه الصادر اليوم ، من خشيته أن تتحول الحرب على الإرهاب ، ذريعة لارتكاب عديد التجاوزات الاقانونية ، و وسيلة لعودة نشاط البوليس السياسي . و صدر البيان على خلفية ما تعرض له ” سيف الدين لارايس” أستاذ رياضة و سجين سياسي سابق في قضايا ما يعرف بالإرهاب ، حيث تم إيقافه يوم أمس أكثر من ثلاث ساعات ، من طرف عناصر بالزي المدمي اقتحموا منزله للاشتباه فيه .
و دعى فرع الرابطة السلط القضائية للإسراع بالتحقيق في الموضوع و معاقبة من تثبت إدانته.  
 
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ، بتاريخ 21 ماي 2010)

<



عقد المكتب السياسي البارحة اجتماعا تدارس فيه المستجدات الأخيرة المتعلقة بالوضع الأمني والسياسي في البلاد خصوصا على اثر الأحداث التي شهدتها منطقة الروحية من ولاية سليانة منذ أيام، وتم الاتفاق على ما يلي:
-يحيّي المؤتمر من أجل الجمهورية جيشنا الوطني ضباطا وجنودا لدفاعهم عن أرض الوطن وحدوده، داعيا إلى تحديد دقيق للمتسببين في العملية الإجرامية الأخيرة وألا تستعمل الفزاعات القديمة للتغطية على مسؤوليات أخرى قد تكون وراء الأحداث ومنها مسؤولية عصابات النظام البائد والقوى المرتبطة بها.
-يعلم أن رئيس الحزب ونائب الرئيس طالبا الحكومة في لقائهما هذا الصباح مع الوزير الأول السيد قائد السبسي بالعمل على الحدّ من الممارسات الأمنية التي تذكّر بالعهد البائد، وبمتابعة كل القضايا التي يثبت فيها أي تعذيب أو مسّ بالكرامة والحرمة الجسدية، وبتجريم أي استعمال من قبل الشرطة للخارجين على القانون والمنحرفين للاعتداء على المتظاهرين وهي الظاهرة التي تتفاقم ولا بدّ من وضع حدّ لها إذ تمسّ بهيبة الدولة وبمصداقية خطابها وبفرص المصالحة بين الشعب وشرطته.
-يستبشر بقرار السيد الوزير الأول احترام موعد 24 جويلية لانتخابات المجلس التأسيسي ويدعو كل اللجان المختصة بالعمل ليلا نهارا لتذليل كل الصعوبات التقنية حيث لا مجال لقبول مثل هذا العذر لتأخير استحقاق بالغ الأهمية يضع حدا لحالة انتقالية ليس في مصلحة تونس والتونسيين أن تدوم.
-يقرّر، احتراما للشفافية الضرورية لنجاح العملية الانتخابية ولتقييم وزنه السياسي، أن يدخل الانتخابات المقبلة بقوائمه الخاصة دون تحالف مع أي طرف، مع التأكيد على تمسكه بالحوار البناء مع كل الأطراف السياسية الوطنية الداعمة للثورة وإيمانه بأن تونس الغد تعددية بطبعها لا تتحمل وصاية طرف أو إقصاء طرف آخر وأنها ستحكم من طرف حكومة وحدة وطنية نأمل أن نساهم فيها في إطار تحالفات على برامج سياسية تعجّل بحلّ مشاكل التونسيين . السبت 21 ماي 2011 عن المؤتمر من أجل الجمهورية منصف المرزوقي

<



المبادرة الوطنية من أجل انتخابات نزيهة “إناف” هي مجموعة من المواطنين التونسيين ، انتدبت نفسها للمساهمة في تقوية المؤسسات والعمليات الديمقراطية ولا سيما منها العملية الانتخابية. وهي مجموعة تطوعية حيادية مبنية على أساس التشارك الجماعي. تسعى إناف لإعادة الثقة إلى الناس في أهمية العملية الانتخابية وفي قيمة مشاركة الناخب. كما تسعى لتحقيق انتخابات حرة، نزيهة، منظمة، وذات معنى. أطلقت إناف استبيانا على الانترنت لاستطلاع رأي الناخبين في خصوص انتخابات المجلس الوطني التأسيسي للمشاركة معنا في هذا الاستبيان الرجاء الدخول عبر هذا الرابط : www.survey.atdtunisia.org منسق المبادرة رياض البرهومي www.atdtunisia.org contact@atdtunisia.org

<


بسم الله الرحممان الرحيم

تونس، في 21 ماي 2011 بلاغ المكتب السياسي للخضر

اجتمع المكتب السياسي لحزب الخضر للتقدّم يوم الجمعة 20 ماي الجاري بصفة دوريّة بمقره المركزي بالعاصمة برئاسة الأمين العام الأخ منجي الخماسي وحضور كلّ الإخوة أعضاء المكتب، وبعد تدارسه مجمل القضايا والملفات الوطنيّة المطروحة يُعلن المكتب ما يلي:
1- في الحملة المغرضة الّتي تستهدف الحزب:
يُندّد المكتب السياسي بشدّة بالحملة المغرضة الّتي يتعرّض لها الحزب من جهات سياسيّة معلومة محسوبة على تيار الإضرار بالثورة من الطامحين زورا للوقوف في وجه تحقيق أهداف شعبنا في الحريّة والعدالة والانتقال الديمقراطي ورغبة في تحقيق مآربهم الضيّقة والرديئة.
ويؤكّد المكتب أنّه متوحّد من أجل الدفاع عن الحزب الّذي يعتبرهُ مكسبا وطنيّا ولا يُمكن السكوت عن كلّ محاولات تشويهه أو الإساءة إليه من أيّ شخص أو جهة كانت ناهيك وأنّه حزب يخدم الصالح العام ويُدافع عن حقّ المواطنين في بيئة سليمة ومناخ من العيش الكريم.
والمكتب وإيمانا منه بشرعيّة المطالب الشعبيّة في المحاسبة والتقصّي عن حقائق حقبة الرئيس المخلوع فإنّه يُعبّر عن ثقته المطلقة في الأجهزة الأمنيّة والقضائيّة القائمة ونزاهتها كما أنّ المكتب يؤكّد انفتاحه على كلّ مكوّنات المجتمع المدني والشخصيات الوطنيّة بكامل الشفافيّة من أجل تفنيد كلّ ما يروّجه البعض في حقّ الحزب وأمينه العام.
ويُجدّد المكتب التزامه بالعمل والمساهمة الجادّة في تحقيق تطلعات ثورة شعبنا الأبي بعيدا عن كلّ المصالح أو الاعتبارات الفئويّة أو الضيّقة داعيّا كلّ الأطراف الوطنيّة المسؤولة لتغليب مصلحة الوطن والمواطن من أجل الإسراع في تخطّي هذه المرحلة الإنتقاليّة لضمان عودة الحياة الإجتماعيّة والاقتصاديّة إلى مسارها الطبيعي في ظلّ الشرعيّة والعدالة واحترام إرادة الشعب.
وفي هذا الإطار أقرّ المكتب السياسي مُراسلة كافة الجامعات من أجل ضبط الأولويات البيئيّة في كلّ جهة والتحرّك لاحقا للدفاع عنها وتبليغها للرأي العام ولكلّ الجهات ذات العلاقة بموضوع البيئة ونظافة المحيط.  
2- الموقف من الانتخابات:  
برغم موقفه من مبدأ الانتخابات المقرّرة ليوم 24 جويلية (فسح المجال لاستفتاء شعبي على دستور 1959 بعد تعديله والمرور مباشرة إلى الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة والبلديّة) وبرغم الظروف الصعبة خاصة على المستوى التقني واللوجيستي ومع تسارع عامل الوقت، فإنّ المكتب قد تدارس الاستعدادات اللازمة للمشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في حال التوفّق لاحترام الآجال المحدّدة وقرّر المكتب تشكيل لجنة خاصّة تتولّى التنسيق مع مختلف الجامعات والمناضلين في الجهات من أجل ضمان حسن ترتيب القائمات الانتخابيّة على أن تُقدّم تقريرا في الغرض للاجتماع المقبل للمكتب السياسي.
3- في العلاقة مع الحكومة وبقية الأحزاب:
تباحث المكتب بخصوص بعض الاتصالات مع عدد من الأحزاب الوطنيّة بغاية تقريب وجهات النظر وتدارس إمكانية التنسيق خلال الانتخابات المقبلة خاصة على مستوى المراقبين، وعبّر المكتب عن انفتاحه أمام كلّ المبادرات الرامية لتجسيد حالة وفاقيّة داخل المشهد السياسي والحزبي الوطني تُساعد على تهدئة الخواطر وتحقيق الانسجام والتوجّه الجماعي لما يخدم بجدّ وصدق مسار الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. ومع تثمينه للمجهودات التي تقوم بها الحكومة الانتقاليّة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار واستنهاض الواقع الاقتصادي في البلاد ، فإنّ المكتب السياسي يدعو الحكومة إلى الانفتاح والتواصل مع كلّ الأحزاب السياسيّة القانونيّة ومعاملتها على قدم المساواة.
حزب الخضر للتقدّم عن/ المكتب السياسي الأمين العام منجي الخماسي

<



عقد وزير العدل ” لزهر القروي الشابي” صباح أمس جلسة عمل ، مع سفير الولايات المتحدة الأمريكية في تونس ، ” غوردن غراي” في مقر وزارة العدل . ودعا وزير العدل السفير الأمريكي ، إلى إبلاغ رسالته ، إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، و المتعلقة بالتسريع في استرجاع الأموال المنهوبة من طرف بن علي وعائلة الطرابلسي، مصرحا أنّ الحكومة بصدد استكمال الإجراءات النهائية. كما تناول اللقاء ، علاقات التعاون بين البلدين في المجال القضائي و تم التطرق ، إلى الخطاب الذي أدلى به ، الرئيس الأمريكي باراك أوباما والذي عبر فيه عن دعمه للثورة التونسية.  
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ، بتاريخ 21 ماي 2010)

<



دعا السيد “فتحي الشماخي ” الناطق الرسمي لجمعية ” راد اتاك” الدولة التونسية إلى تعليق دفع الديون ، إلى حين تكوين لجنة وطنية للتدقيق المالي قي طبيعة الديون . وعبر ” الشماخي ” عن استيائه من تسديد تونس لأكثر من ثلاثة الاف مليار خلال السنة الجارية ، دون أن يقع التدقيق في طبيعة هذه لديون و مـآلها. وذكر الشماخي أن منظمته تمكنت من حشد مساندة أكثر من ثمانين عضوا من البرلمان الأوروبي ممن يتمتعون بالثقل الشعبي و السياسي.  
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ، بتاريخ 21 ماي 2010)

<


ثلاث قضايا أمام محاكم تونس مواطنون يستولون على 879 مسكنا.. و


على اثر ما جد خلال وبعد الثورة من اجتياح وتحوزبعض المواطنين لبعض المنازل والشقق التابعة للشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية (سنيت)، تقدمت الشركة هذا الاسبوع بثلاث قضايا عدلية في كل من محاكم تونس 2 واريانة وبن عروس لاسترجاع حقوقها المتمثلة في 795 مسكنا تتفرق على مناطق فوشانة وسيدي حسين السيجومي ورواد مع بعض المنازل الاخرى داخل الجمهورية وعددها 84. وافادت مصادر من وزارة النقل والتجهيز نقلا عن مسؤولي “سنيت”، أن أغلب الشقق والمنازل المتحوز بها هي على ملك أصحابها وهو ما يمثل في القانون جريمة التحوز بملك الغير.كما أن عديد الشقق تعرضت لاضرار بليغة من قبل متحوزيها الذين لجؤوا الى تهشيم الأبواب والنوافذ. وأضاف محدثنا أن الشركة حاولت إيجاد حلول مع المتحوزين بالعقارات التي مازالت على ملكها لكن يبدو ان المتحوزين لا يرغبون في التسوية.مع العلم ان هؤلاء لجؤوا كذلك الى “الاستحواذ” على الكهرباء العمومي بعد استحالة إمكانية تزويدهم بعدادات شخصية لانعدام الملكية. وكان عدد من المتحوزين تواجدوا الاثنين الماضي في مقر محكمة اريانة للاحتجاج على رفع قضية ضدهم ومطالبة الشركة العقارية للبلاد التونسية بتسليمهم المساكن التي تحوزوا بها. علما بأن وزارة التجهيز و النقل قد شهدت مؤخرا سلسلة من الاعتصامات أمام مقر الوزارة من قبل هؤلاء المواطنين. وأشار مصدرنا أن 795 مسكنا في كل من مناطق جعفر رواد، وفوشانة والسيجومي، سكنها المواطنون عنوة مباشرة إثر الثورة،و تم الاستيلاء عليها بغير وجه حق، ونفس الشيء وقع في القصرين حيث تم الاستخواذ على 44 شقة و40 في الكريب. ورغم التدخلات من طرف الشركة و المحاولات مع العائلات المستحوذة ،لاسترجاع هذه المساكن،وصلت إلى حد طلب الأصحاب الأصليين لهذه المساكن استرجاع الأموال التي دفعوها كتسبقة .فان الوضع ظل على حاله وتمسكت العائلات المستحوذة بالبقاء في هذه المنازل دون وجه حق.وهو ما اضطر الشركة للجوء الى القضاء كآخر حل على أمل استرجاع حق الشركة وحق المواطنين الذين دفعوا تسبقة ومنهم من دفع الجزء الكبير من المال ومنهم حتى من تسلم مفاتيح منزله لكن لسبب أو لآخر لم ينتقل اليه للسكن . سـفـيـان رجـب (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 ماي 2010)

<



استقبل الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة صباح أمس الجمعة بقصر الحكومة بالقصبة القاضي مختار اليحياوي الذي صرح بعد اللقاء لوكالة تونس إفريقيا للأنباء ولقناة الجزيرة الفضائية أن الحكومة الؤقتة ملتزمة باجراء الانتخابات في موعدها المقرر. وقد تعالت عدة أصوات من داخل المعارضة تطالب بتأخير موعد الإنتخابات لعدم جاهزيتها في حين يتمسك فريق من المعارضة والحكومة بالتزام بالموعد المذكور. من جهته صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة أن اللّجنة العليا للإنتخابات لها كل الصلوحية لتأخير موعد الانتخابات إذا رأت في ذلك مصلحة، ودون الرجوع للحكومة. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ، بتاريخ 21 ماي 2010)

<


الشركة التونسية للملاحة حجم التجاوزات 500 ألف دينار في السنة..


علمت “الصباح” من مصادر مطلعة أن عملية التدقيق والتفقد صلب الشركة التونسية للملاحة أسفرت عن وجود فساد و سوء تصرف مالي وإداري من ذلك الأموال الطائلة التي كانت تتبرع بها الشركة للتجمع و الجمعيات الرياضية وصلت في بعض الأحيان حد الـ500 ألف دينار في السنة فضلا عن كراء باخرة الحبيب لفائدة عماد الطرابلسي دون أن تعود مصاريف الكراء إلى الشركة. ويذكر أن الشركة التونسية للملاحة كانت قد أشارت في بلاغ لها صادرعن الهيئة المديرة بالشركة التونسية للملاحة أن” الحيرة والاستغراب قد سادت أعضاء الهيئة المديرة منذ اقتراح وزير النقل و التجهيز على مجلس إدارة الشركة مديرا عاما مساعدا على خلاف الصيغ الجاري بها حيث انه من المتعارف عليه أن تكون التسمية في هذه الخطة من بين إطارات الشركة و بمقترح من الرئيس المدير العام”. وتضمن البلاغ بدوره استياء من” تردد أصداء في الأوساط المهنية التونسية والفرنسية مفادها نية وزير النقل والتجهيز في الحكومة المؤقتة تعيين ر م ع جديد للشركة يشاع انه إطار من إطارات شركة عالمية منافسة سعت في سنة 2007 إلى فرض سيطرتها على الشركة التونسية للملاحة محاولة الاستحواذ عليها واشترائها بالكامل بنية إضعاف قدراتها و هز مكانتها , مثلما فعلت في السابق مع الشركة المغربية للنقل البحري « comonav » “. وهو ما تعتبره الهيئة المديرة “توجها مريبا وخطيرا يمثل تهميشا صريحا و تقزيما للشركة التونسية للملاحة و لإطاراتها و أعوانها”. و في محاولة للاستفسار عن مدى جدية الوزارة في انتداب إطار من شركة منافسة أورد مصدر من وزارة النقل و التجهيز أن المدير العام المساعد الذي تم تعيينه ليس بدخيل على مجال النقل البحري . و سيتم في مرحلة لاحقة تعيين ر م ع تتوفر فيه الكفاءة و النزاهة, كما علمنا أن لا نية لوزارة النقل في تعيين رم ع من خارج الشركة وهي فكرة غير مطروحة بالمرة و جميع المسؤولين الذين تم تعيينهم قد تم الاحتكام إلى سيرتهم الذاتية و نزاهتهم فضلا عن أن جميع التسميات ستتم في إطار استشارة مع مصالح الوزارة الأولى. منال حرزي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 ماي 2010)

<



نظرت محكمة ميلانو هذا الاسبوع في القضية المرفوعة من قبل السيد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ضد مجدي كريستيانو علام عضو البرلمان الأوروبي المصري الأصل. وقضت بادانة هذا الاخير على خلفية الثلب وبث معلومات غير صحيحة في كتابه ” تحيا اسرائيل” الصادر عن دار مندادوري التي تعتبر من أشهر دور الطباعة في ايطاليا. وكان الكتاب اتهم السيد راشد الغنوشي بالتشدد و بث الكره العنصري والدعوة إلى تحطيم إسرائيل. وحسب بعض المواقع الالكترونية التي أوردت جزءا من القرار، فإنّ مجدي علام اتهم الشيخ راشد الغنوشي دون أن يتمكن من إثبات صحتها في حين اعتبر محامي الغنوشي السيد لوكا باووتشي أن الحكم جاء لينصف موكله الذي اتهم باطلا ودون وجه حق. وأضاف المحامي أن المحكمة تأكدت أن راشد الغنوشي الذي عان من التهجير القصري ببريطانيا في عهد بن علي كان يدعو الى التسامح واعادة قراءة الاسلام وهو ما يدفعنا الى الابتعاد عن استعمال الاسلام كخطر”. و قضت المحكمة بتغريم مجدي علام بمبلغ 38 ألف يورو (أكثر من 75 ألف دينار تونسي) في حين طلب من دار مندادوري للنشر سحب الفقرات التي تمس من راشد الغنوشي وتتهمه بالتشدد وبث الكره العنصري والدعوة إلى تحطيم إسرائيل. سـفيـان (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 ماي 2010)

<


بين اليمين واليسار التجديد يترك برنامجه الاقتصادي للحملة الانتخابية والنهضة تعلن عن برنامج اقتصادي واجتماعي تباعا


دون شك سيتصدر البرنامج الاقتصادي مقدمة الحملات الانتخابية للأحزاب المراهنة على “التأسيسي”…ومن سيقدم حلول اقتصادية أنجع وأدق سيحظى بالنصيب الأوفر من أصوات التونسيين الذين بينت الدراسات أن أكثر من ثلثيهم يضعون التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أولوية اهتماماتهم. ونظرا أن الحملة الانتخابية الخاصة بانتخابات المجلس التأسيسي في 24 جويلية ان تقررت في موعدها – فمن المنتظر أن يكون لكل حزب برنامجه الاقتصادي. و في الإطار اختارت الصباح أن تعرض أكثر من برنامج حزبي واعتمدت في ذلك الاختلاف الايديولوجي الموجود بين بعضها وفي أول لقاء جمعت بين حزب حركة التجديد صاحب التوجه اليساري الوسطي.. ونظيره حزب حركة النهضة من اليمين المعتدل…  
حركة التجديد أفاد أستاذ الاقتصاد والقيادي في حركة التجديد محمود بن رمضان أن أول يوم في الحملة الانتخابية سيكون موعدا لتقديم برنامجهم الاقتصادي المفصل والواضح للتونسيين…” وسيثبت الحزب أنه في مستوى متطلبات المرحلة والشعب”. ويضيف أن ميزانية الدولة ستكون المرجع الأساسي الذي سيعتمده التجديد للتنشيط الاقتصادي والاجتماعي, فالمرحلة في حاجة الى قرارات ذات مفعول سريع وهذا الأمر يتطلب تدخلا من الدولة التي سيكون لها مساعدات خارجية لها أن تقلب الموازنات. ويوضح أن فترة تسيير البلاد من قبل المجلس التأسيسي ستكون مدة محدودة ولذلك: ” فهو مضطر لأخذ قرارات قصيرة المدى بمفعول طويل المدى… مع العلم أنه من المنتظر أن يقدم للمجلس مساعدات خارجية ضخمة ويجب أن يكون للتونسيين نظرة واضحة لاستعمالاتها وللسياسة الاقتصادية التي ستعتمد في المدى القصير والمتوسط والطويل…” كما يشير في نفس السياق أن الحركة رغم أنها انتهت من قراءة برنامجها الاقتصادي الذي سبق وقدمته في2007 واعادة صياغته بما يتماشى مع متطلبات الثورة بطريقة دقيقة شارك فيها عدد من الخبراء فمازلت الى الآن لم تحدد جدولة لتدخل الحكومة المادي بأرقام واضحة مع العلم أنه من المنتظر أن تقدم الحركة قراءة في الميزانية المحينة التي ستقدمها الحكومة المؤقتة في القريب العاجل. وحول الاستجابة للطلبات العاجلة فيبدو أن الحركة تتبنى نفس التوجه الذي تعتمده الحكومة المؤقتة حيث ينص برنامجها لامتصاص البطالة وعلى التركيز على التوجه نحو الانتداب العمومي أساسا والرسكلة والتكوين مع ضمان دخل للعاطلين ثم التوجه نحو تنمية الاستثمار الخاص الداخلي والأجنبي ويقول بن رمضان أن برنامج الحركة يصبو الى جعل إجمالي الاستثمار في حدود الـ35 بالمائة في حدود 2013 وهو ما سيمكن البلاد من تحقيق نسبة نمو اقتصادي تصل الى 10 بالمائة. ويفيد محمود بن رمضان أن السياسة الاقتصادية للحركة ستقوم على اقتصاد السوق, تنبني على تدخل الدولة والعمل على إيجاد الحلول للقضية الاجتماعية.  
حركة النهضة… أفاد عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة رضا السعيدي أن حركة النهضة ستعلن عن تفاصيل برنامجها الاقتصادي والاجتماعي تباعا انطلاقا من الخيارات الكبرى وصولا إلى البرامج الجهوية, وهي بصدد إعداد برنامجها الاقتصادي والاجتماعي الذي يتأسس من منطلقاتها الفكرية وعموما يتواءم مع خياراتها السياسية و يكون استجابة حقيقية لمطالب الثورة. ويرى أن عودة دوران عجلة الاقتصاد يتطلب تحقيق الاستقرار الأمني لإعادة الطمأنينة للمواطن والمستثمرين مع مصارحة المواطن بحقيقة الأوضاع الصعبة التي يمر بها اقتصاد البلاد والتي تتطلب انخراط الجميع في خطة الإنقاذ. ويوضح رضا السعيدي أن الحركة لا تملك بعد تصور جدولة تفصيلية لتصورها الاقتصادي وفي السياق يقدم خطوط عريضة لتصور حركة النهضة ويرى من الضرورة تحمل الدولة القسط الأكبر لجهود استثمار ما بعد الثورة لا سيما في البنية الأساسية والأقطاب الصناعية و تشجيع القطاع الخاص بالداخل والخارج لمعاضدة هذه الجهود. – القيام بحملات ترويجية في كل عواصم العالم لدعم الديمقراطية الناشئة في بلادنا لا سيما اجتماع مجموعة الثمانية لضخ التمويلات اللازمة لدعم جهود التنمية والرفع من نسق الاستثمار خاصة في المشاريع الكبرى كي يلامس 30 بالمائة من الناتج الداخلي الخام ويحقق نموا عاليا للقيمة المضافة يكون قادرا على امتصاص البطالة المتنامية. ويشير رضا السعيدي أنه من المؤكد ان اقتصاد البلاد سيمر بفترة تراجع يمكن أن تمتد إلى نهاية العام ولا يمكننا الحديث عن عودة نسق النمو الى معدلات معقولة إلا مع الثلاثية الثانية لسنة 2012 وهذا لو تم اتخاذ الإجراءات الملائمة. ريم سوودي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 ماي 2010)

<


شركــــــة اتّصـــــــالات تونــــــس أو التجســـــيد الحـــيّ لأوجـــــــاع تونــــس بأكملـــــــها

بقلم الأستاذ عبد الوهاب معطر أستاذ جامعي في القانون ومحام بصفاقس  


أتيحت لي مؤخّرا بصفاقس زيارة خيمة المعتصمين من كوادر وأعوان شركة اتّصالات تونس ولقد هالني فعلا ما سمعت …إنّ ما سمعته أبعد أن يكون قولا مرسلا ولا تزيّد ولا باطل بل كان موثقا ومؤيّدات كشفت لي أنّ شركة اتّصالات تونس تمثّل وضع تونس كلّها خلال حكم عصابة الفساد والإستبداد. فبالنسبة للوطن برمّته كانت السيادة الوطنيّة مهدورة وبلادنا رهينة ارتباطات وتعاقدات وتبعيّة مجحفة وكان المتنفّذون في تونس ينسجون شبكات وعلاقات اقتصادية ومخابراتيّة حتّى مع الكيان الصهيوني وكانت تونس أيضا محلّ نهب وجشع مختلف أطراف عصابة الفساد الذين طوّقوا البلاد بأخطبوط من المفسدين والسرّاق من الداخل والخارج نهبوا أموال الشعب واعتدوا وهدروا كرامته ، وتونس أيضا هي بلاد أهدرت فيها لقمة العاملين بالساعد والفكر واستهتر فيها بأبسط كرامتهم وليس هذا فقط فقد وقع تمكين ثلّة متنفّذة وربما مشبوهة تتقاضى أموالا طائلة بذريعة تقديم خدمات لاعلاقة لها في أغلب الأحيان بالنشاط الحقيقي بالمؤسسة الإقتصادية أو بالمصلحة الوطنية. وتونس أيضا كانت لقمة سائغة لجشع الأموال الأجنبيّة والخليجيّة التي لا تهتمّ الاّ باستغلال البلاد والإستفادة منها كاليقر الحلوب .
إنّ ما وصفناه هو الذي أطلق شرارة الثورة التي كانت تطلب وتصرّ على قطع دابر الفساد وتطلب بإرجاع الكرامة للمواطن والقوى العاملة بالخصوص وتنادي بالسيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني ولهذه الأسباب اندلعت الثورة .
وكما قلت فإنّ ما سمعته واطّلعت عليه من المؤيدات التي تفحصّتها تبيّن لي أنّ شركة اتصالات تونس هي اليوم تكثيف مركّز لما كان سائدا في البلاد ما قبل الثورة انّها الآن مثال مصغّر لكامل الوطن ولذلك نهض هؤلاء الشرفاء من كوادر وأعوان شركة اتصالات تونس منتفضين على ما انكشفت عليه اليوم شركتهم من وضع يتطابق تماما مع وضع البلاد عموما قبل 14 جانفي 2011 ولذلك فنحن إزاء شرفاء ليس همّهم تلك المطالب النقابيّة الصرفة وليس هاجسهم مجرّد المطالبة بالأجور وتحسين ظروف العمل . انّهم يعتصمون بسبب قضيّة غدت تتجاوز شركتهم لتعانق قضيّة الوطن برمّته . فقطاع الاتصالات (الهاتف – الفاكس – الإنترنيت وغيرها) هو في العالم اليوم من بين المناشط الإستثمارية والإقتصاديّة الأكثر ربحا و أسهلها وهو ما لم يكن خافيا على رؤوس الفساد السابقة فاهتمت به بحزم نعم بحزم وغرست فيه سيوفها لتلعق بشراهة دماءه بالإستعانة بالشريك الأجنبي والخليجي .
وقد كانت شركة اتصالات تونس قبل سنة 2006 شركة وطنيّة على ملك الدولة التونسية وكانت المزوّد الوحيد للبلاد وتحت يافطة الخصخصة وككلّ شركات القطاع العام أحاطت بها الذئاب المفسدة لالتهامها مستخدمة في ذلك تقريبا جميع الأساليب الممارسة من طرفهم في طول وعرض الرقعة الجغرافيّة للوطن
فقد أهدروا السيادة الوطنيّة لمّا تعاقدوا مع المال الخليجي الجشع ومنحوه سلطة القرار في إدارة اتصالات تونس بما مكنه من تعويق أيّ إصلاح أو تطهير لها على الرغم من المحاولات المحتشمة للحكومة المؤقتة ولذلك فقد اعتصم شرفاء هذه الشركة من اجل إرجاع هذه المؤسسة للشعب وتخليصها من تحكم الأجنبي وهيمنته تماما كما ثار الشعب من أجل استقلال القرار الوطني .
ولقد اعتصم هؤلاء الشرفاء من أجل تطهير اتصالات تونس من الفساد المفجع الذي يسري في أوصال إدارتها بتدخّل مباشر لعائلة الهارب المخلوع وطالبوا باسترجاع الأموال المنهوبة من قبلهم تماما كما هو مطلب الثورة في قطع دابر الفساد . وهؤلاء الشرفاء اعتصموا من أجل إحدى مفردات ثورة الوطن وهو مقاومة البطالة عبر تقطيع الشركة وتقديم أوصالها هديّة للمتنفّذين تحت عناوين متعدّدة لغاية حصر مجالات تدخلها وتقزيم حجم نشاطها تمهيدا للاستغناء عن كوادرها وأعوانها ورميهم إلى البطالة .  
إنّ هؤلاء المعتصمين الشرفاء تماما كالذين خاضوا معارك الثورة انتفضوا لاسترجاع كرامتهم وتهميشهم بوقف نزيف الأجور الخياليّة التي تمنح إلى مجموعة الستين من الأعوان الموصوفين باطلا بالإطارات العليا المتعاقدين مع اتصالات تونس والتي تبلغ في أدناها للمتعاقد الواحد (انتبهوا) أربعة آلاف دينارا وتصل إلى واحد وأربعين ألف دينار في الشهر الواحد (وليس في السنة ) وهو ما يساوي شهريا ثلث مجموع الأجور المخصصة للثمانية آلاف الباقين من أعوان الشركة الذين وقع إبعادهم من مراكز القيادة المخصّصة لمجموعة الستين الواقع “تكليفهم بالمهام القيادية للشركة ليفرضوا خيارات الشريك الأجنبي الأقلي التي لا تخدم المصالح الوطنيّة للبلاد ” .
إنّ ما ذكرنا هو غيض من فيض ممّا تعاني منه شركة اتصالات تونس التي تتجسّد فيها كلّ أوجاع البلاد وتتلخص في نضالات أعوانها اليوم كلّ مطالب الثورة فكأن هذه الشركة هي تونس جميعها بمآسيها وآلامها وتحفّز أهلها إلى الإنعتاق من بؤر معيقات تحرّرها الوطني والاجتماعي . إنّها تونس اليوم التي تعجز قيادتها عن انجاز أيّ إصلاح حقيقي بذريعة إكراهات الخارج والخليجي وعمق الفساد الإداري والمالي وتشعب المصالح ومحدوديّة الحسم .
أفلا يستحق شرفاء اتصالات تونس المعتصمين المساندة والدعم ؟ حقيقة انّهم يخوضون نضالا في شركتهم لكنه نضال يلامس بقوّة ويتطابق مع مطالب الشعب في كامل أرجاء الوطن ……مطالب الثورة صفاقس في 19 ماي 2011

<



سؤال ظل يلح علي آبيا إلا أن يبوح بسره.. سؤال كلما حاولت قمعه ذكرني بأن اليوم هو : 21 مايو آيار 2011 وليس 13 يناير 2011.. خرجت من تونس مهد الذكريات التي لا تنسى خائفا أترقب يوم الجمعة 30 نوفمبر 1990.. ثم عدت إليها لأول مرة يوم الجمعة 1 أبريل نيسان 2011.. أمضيت هناك ستة أسابيع كاملة.. ستة أسابيع مرت كومض البرق الخاطف.. خرجت منها قبل أزيد من عشرين عاما خائفا أترقب.. ثم ودعتها باكيا.. لم أكن أظن أني سأبكي بل ظللت بجأش لا يأبه بمراسيم الوداع.. ظللت واثقا من عيني ألا تسكب قطرة ماء.. فما إن بكى من حولي من المودعين حتى أطيح بجأشي في لمح البصر.. عندها أدركت أن حب الوطن غريزة لا تزيدها الطنطنات الكاذبة عن الوطنية.. غريزة مثل كل غريزة ولا تختلف في شيء أبدا عن أي غريزة.. عندها أدركت أن الأحاسيس والعواطف إثارات وما كان مرتهنا إلى الإثارات لا تجفف ينابيعه إلا بإعتزال مواطن الإثارات قدر الإمكان.. دعك من هذا فهو حديث روح وهمس قلب وما كان ذاك شأنه فلا سلطان عليه للسان ولا لقلم. دعك من هذا لأعرض عليك بعضا من الهم المشترك من وحي عودتي إلى الحبيبة تونس. 1 ـ لم أدرك أني كنت أنوء بأثقال الغربة. أجل. كنت أتبرم من وحشات الغربة ـ سيما في بلد مثل ألمانيا ـ ولكني كنت أدفع ذلك بالإنحراط في بعض الأعمال التي توفر حدا من الإستقرار النفسي. كان تلاقينا في المهاجر عامة وفي ألمانيا خاصة مضادا حيويا فاعلا جدا يخفف من آلام الوحشة وإرهاقات الغربة. لم يكن المرء يخلو بنفسه كثيرا لتجد تلك الهموم سبيلها إلى النفس آمنة دون مقاومة. ولكن بمجرد أن وطأت أحب أرض إلي ـ طرا مطلقا والإسلام ديني ـ عرفت أني كنت غريبا. أدركت أني إنتقلت من عالم إلى آخر في حقل العلاقات البشرية. خرجت من تونس قبل أزيد من عشرين عاما ولكم أكن أحمل صفة خال ولا عم. بمجرد عودتي إلتف حولي زهاء عشرين من الأطفال والشباب : هذا يناديني يا عمي وذاك يا خالي. بل إن بعضهم تزوج وأنجب الأبناء. خامرني شعور تمتزج فيه الفرحة بالحزن الثقيل. ربما يرجح الحزن بالفرحة أحيانا. شعور يناديني من مكان قريب : أين طوحت بك الأقدار الغلابة فجعلتك غصنا كاد أن يفقد جذعه؟ شعور حزين لا يسليني فيه سوى أن الذي أصابني لم يكن سوى في سبيل الله وحده سبحانه. 2 ـ أي قيمة روحية للرحم حالت دوننا ودونها كوارث الظلم ونكبات القمع؟ شعرت بدفء الرحم لأول مرة في حياتي. لم أكن وصالا للرحم قبل عشرين عاما ـ غفر الله لي ولكم أجمعين ـ. كانت صلتي تكاد تقتصر على أداء واجبات التهنئة والتعزية. من المواضيع الدينية والفكرية التي أحب معالجتها في خطب الجمعة والدروس والمحاضرات والكتابة : موضوع الرحم.وأجمل ما قيل فيها أنه سبحانه أمر بتقواها إلى جانب تقواه في أول النساء وأنه لم يرض لها سوى إسما مشتقا من أحب أسمائه إليه : الرحمان وأنها معلقة في العرش تدعو مع إطلالة كل فجر جديد من عمر جديد : اللهم صل من وصلني وإقطع من قطعني. ظللت في العشرين عاما المنصرمة خارج تونس أتحدث عن ذلك فلما شعرت بدفء الرحم لأول مرة في حياتي أدركت قيما جديدة ومعاني لصلة الرحم والأنس بالأرحام.عرفت أن الوحدة الوطنية ـ بله الإنسانية ـ إنما تبدأ من تلك الخطوة الأولى. ألا يصح أن نقول : من كان لرحمه قاطعا فهو للوحدة الوطنية والبشرية أقطع؟ أجل. ذلك ما أعتقده دون جدال. 3 ـ طريق آخر إلى الجنة مفتوح ممهد دون عقبات. هو الطريق الذي قال فيه سبحانه : „ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما وإخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب إرحمهما كما ربياني صغيرا “. لم أكن بارا بوالدي قبل عشرين عاما برا أرضى به اليوم عن نفسي. وفي مقابل ذلك لم أكن عاقا عقوقا ظاهرا من جانب ولم يكونا بحاجة إلى بر خاص بسبب أنهما لم يبلغا يومها الكبر من جانب آخر. لم أدرك معنى التركيز القرآني على حالة بلوغ الكبر إلا بعد عودتي إلى تونس حيث والد بلغ الكبر بل كبر الكبر أما الوالدة فقد توفاها سبحانه إليه والله وحده يعلم إن كانت تضمر في صدرها لي رضى يمهد إلى الجنة سبيلا آمنا مطمئنا أو غضبا يقود إلى النار قضاء مقضيا لا تنفع معه عبادات كاذبة ولا أعمال خير مآلها الإحباط ـ لا قدر الله سبحانه علي وعليكم ـ. وجدت هناك والدا يحتاج إلى من يؤاكله ويشاربه وينادمه ويسهر على قضاء حاجته. ساهمت مع أهل البيت في ذلك الخير ونفسي تقول لي : أنظر إلى هذا الجهاد اليومي الذي لا يكاد ينقطع ساعة أو ساعتين من ليل أو نهار. أنظر إلى المجاهدين المجهولين الذين تتسابق الملائكة على تدوين مجاهداتهم. أين كنت أيها المحروم؟ كانت المدة قصيرة لا تحملني على تأفف يندلق به صدري بما غرز فينا سبحانه من غرائز لا نملك وأدها ولكن نملك بفضله تهذيبها. ولكن كنت أقول لنفسي : أي جهاد دائب لا تنقض عراه ذلك الذي يأتيه أهل بيتك ـ وإني لأغبطهم على ذلك الخير ورب الكعبة ـ. جهاد يصل الليل بالنهار على إمتداد عشرين عاما كاملة قضيتها أنت في المنفى. لولا التوازن الذي أحمده بإذنه سبحانه إلى حركة النهضة التي تربيت في أحضانها على قيم التكامل والتوازن ..لولا ذاك لهتف الشيطان بهتافه المعهود : أرأيت كيف أن السياسة تقطع أمامك طريقا مضمونا إلى الجنة؟ ذلك التوازن هو الذي يسليني بل يملؤني ثقة ويقينا بأن مقاومة الظلم والطغيان والفساد هو كذلك طريق إلى الجنة مضمون العواقب. الطرق كثيرة ومتشابكة ولكنها محكومة بحاكمين : سلم مراتب الأعمال أي الأولويات من جهة و الرضى بقدر الرحمان لك فهو ينزلك مقامك الذي أنت به جدير وهو معنى من معاني نهيه : ولا تتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض. 4 ـ الناس في تونس مؤدبون وعلى خلق عظيم. لا أقول ذلك تزلفا أو ملقا بمثل ما يفعل بعض الساسة جريا وراء أصوات إنتخابية. لا ورب الكعبة. بل لمست ذلك مرات ومرات. كلما بادرت إلى الإستعانة برجل منهم للإبانة عن طريق أو حمل متاع أو غير ذلك .. كلما بادرت بذلك ألفيت خلقا عظيما وأدبا جما. يظل الواحد منهم يسير معك مئات من الأمتار بل أميالا أحيانا لإبانة طريق ضل عنك لطول الفراق. قلت في نفسي : لم أكن أنا كذلك قبل عشرين عاما. لم أر خصاما ولم أسمع كلمة نابئة واحدة بله فاحشة. ألم تكن طرقاتنا قبل عشرين عاما فيها من أنكر المنكر أي سب الجلالة ما فيها؟ قلت في نفسي : إرادة الله سبحانه غلابة. أراد الذنب المقطوع وعصابات الفساد في الأرض شيئا مرا بهوية البلاد وخلق أهلها ولكنه سبحانه أراد بهم خيرا. حتى عند الإحتكاك ببعضهم بسبب ضيق في الطريق العام مثلا أو في الأسواق فإنك لا تسمع سوى الكلمة الطيبة. 5 ـ خطة تجفيف منابع التدين لم تقتلع التدين ولكن جففت منابع التعلم. لا أظن أن هناك خطة في التاريخ والدنيا أشد إثما وخيانة من خطة تجفيف المنابع التي إعتمدها الذنب المقطوع بن علي وعصاباته المفسدة. أن تحارب خصمك بالحديد والنار أو بالمواجهات الإعلامية التشويهية أو بأي صورة أخرى .. هي حرب إما أن يكون مبناها الخديعة أو الغدر. أما أن تعمد إلى محاولة يائسة فاشلة مسبقا لتخريب الذاكرة وإعدامها وهي ذاكرة أمة عريقة.. تلك هي الخيانة العظمى التي يجب أن يقدم سدنتها إلى محكمة تونسية لحما ودما. تلك هي الخيانة العظمى لأنها خيانة ضد هوية أمة بأسرها. من ثبت تورطه في تلك الخيانة فلا تحميه شعارات كذوبة يحتمي بها من مثل التقدمية والديمقراطية. ليس ذلك من باب المحاكمات الفكرية أو الثقافية. العدوان على الثوابت القطعية للأمة دينا وخلقا لا يتستر عليه بإسم حرية الرأي. حرية الرأي فيما فيه خلاف بيننا. تخريب العقول أقسى علينا من تخريب البيوت والعمران ألف مرة ومرة. قادة حملات تجفيف المنابع ليسوا أقل خطرا من أذناب الحزب الحاكم المنحل ولا من البوليس السياسي. هو ثلاثي آثم وفر له الذنب المقطوع حماية أمنية وسياسية حتى لو توزعت الأدوار. أليست معجزة القرن أن يحكم التونسيون على تلك الخطة التجفيفية الآثمة بالنقض الصارم غير القابل لأي مراجعة ولا إستئناف. لم يقصر التونسيون على ذلك فحسب بل أضافوا إليه مجدا آخر هو : تعلقهم بالدين والتدين وتعطشهم إلى العلم والتعلم ومن ذا ولدت الصحوة الثانية. تلك الخطة الآثمة نجا منها التونسيون ولكن أثرا ظل بارزا فيما رأيت وهو أثر ينشأ كما ينشأ أي عارض من بعد مرض خبيث عضال. ما أفلحت تلك الخطة الآثمة في إقتلاع التدين من صدور التونسيين ولكنها حجبت عنهم أقدارا من العلم الديني. ذلك ضرر هو في طريقه إلى الجبر سريعا إن شاء الله تعالى. العلم ـ مثله مثل العمل في أي حقل ـ مشروط بالحرية. ما إن إنداحت أبواب الحرية حتى عادت معارض الكتاب إلى البلاد بأثمان مقبولة وتنوع في العروض الفكرية مع رجحان للفكرة الإسلامية الوسطية المعتدلة. 6 ـ الصحوة الثانية ليست تحديا ولا مشكلة ولكنها إضافة خير. قالت العرب قالة صحيحة جدا. قالت العرب قديما : ليس من رأى كمن سمع. كنت أسمع عن الصحوة الثانية في تونس سيما بعد إرتبطت الظاهرة بأحداث سليمان في ديسمبر كانون الأول من عام 2006. إعتراني قلق وخامرني خوف. ثم تبين أنه الخوف الزائف ذاته الذي خيم علينا جميعا في بدايات سنوات المحنة الأخيرة ( محنة 1990 ـ 2011). كان يومها يساورنا قلق شديد عن مستقبل الإسلام في البلاد بعد الهجمات الكاسحة ضده ثم ما لبثت أن ولدت الصحوة الثانية لتكشف لنا أنه لا خوف على الإسلام في أرض فتحها بالحجة والبرهان. ما إن إنسكبت الطمأنينة في صدورنا من ذلك حتى خالجنا شعور آخر مخيف مبناه أن الصحوة الثانية قد تكون بديلا عن الصحوة الأولى ـ صحوة حركة النهضة في أواخر ستينيات القرن المنصرم ـ في خطابها الإسلامي الوسطي المعتدل. ترد إلينا الأخبار متضاربة. منهم من يهول ومنهم من يهون وكثيرا ما تضيع الحقيقة بين التهويل والتهوين. أنا اليوم ممتلئ أملا ـ بل حقيقة ـ أن الصحوة الثانية ـ التي يسمونها في إيحاء غير إيجابي سلفية وما هي إلا سلفية إيجابية وهل أنا غير سلفي يجمع بين الأصل والعصر أو بين الإتباع والإبتداع أو بين الإتساء والتجديد ـ أنا اليوم ممتلئ بأن الصحوة الثانية التي شرفتها أقدار الرحمان سبحانه لأن تكون سفينة إنقاذ للبلاد من براثن خطة تجفيف المنابع .. أنا ممتلئ بأنها إضافة فكرية لازمة للبلاد من جهة ومن جهة أخرى فإنها صحوة إلى الإعتدال والوسطية أدنى بكثير. هي مجموعة من الشباب المتدين الملتزم الذي حجبت عنه سنون الجمر الحامية إمكانيات التعلم بأدوات العلم المعروفة فلم يجد بدا من النهل من الفضائيات التي يشوبها الغث بمثل ما يشوبها السمين. هم في المحصلة شباب يتوقد حبا للإسلام وللإلتزام به وساهمت عوامل دولية ومحلية معروفة في تحريضه على ذلك. شباب يقبل الحوار والتعلم والإذعان إلى الدليل كما يعي الإختلاف والتنوع والتعدد. شباب فيما رأيت ينضح إخلاصا و لا سبيل معه إلا سبيل الحوار والترشيد ومحاولة بناء سلم الأولويات في طلب العلم بناء للفروع على أصولها ولأقوال الرجال على أدلتها. إذا إستوت من بعد ذلك تلك الصحوة الثانية على أساس تيار فكري له إختلافاته التعددية تحت ظل ثوابت الإسلام العظمى فليكن ذلك إضافة إلى الساحة التونسية. هي إضافة خير. غير أن الطابع العام فضلا عن مؤثرات الثورة وعوامل أخرى يوحي بأن التعدد الفكري والسياسي حقيقة ولكن المنهاج الإسلامي الوسطي المعتدل تفكيرا وإصلاحا هو الغالب على المشهد التونسي بسبب الإرث الزيتوني والمالكي ولا بأس من بعد ذلك من مكملات للمشهد الذي قررت السنن الكونية والإجتماعية بإذنه سبحانه ألا يكون إلا متعددا. 7 ـ إن كاد ليضلنا لولا أن ثبتنا الله. هذه حقيقة من الحقائق التي لا يدرك معناها سوى المهجر قسرا عن البلاد على إمتداد العقدين المنصرمين. نجح الإعلام المنافق للذيل المقطوع بن علي وعصاباته المفسدة في الترويج لأكذوبة المعجزة الإقتصادية ومن لم تنطل عليك تلك فإنه لم يكن بمنأى عن الوقوع في فخ غير بعيد عنها وهو أن عصابة السلب والنهب لئن تطرفت في محرقة الحريات فإنها شيدت بنى تحتية عتيدة. عندما أتحدث عن نفسي أقول بأني لم أصدق ذلك في البداية فلما كثر الحديث عن ذلك ـ ويا للأسف عندما يكون شيء من ذلك من لدن بعض منا ـ داخلني منه الذي داخلني غير أني إعتصمت بثابت لن أزال به معتصما وهو أني لست حمارا أعلف بأحسن علف في السوق لينعم صاحبي من بعد ذلك بظهري يعلوه بالدرة والسوط. تلك هي الفكرة التي جعلتني في منجإ من تزكية العصابة في الجانب الإقتصادي. فلما وطأت أرض الحبيبة تونس أدركت دون أي عناء أن المعجزة الإقتصادية التي كاد أن يضلنا بها رأس العصابة وأذنابها ليست سوى فرية من الفريات السمجات. طرق لا تتوفر فيها الحدود الدنيا من سلامة الجولان حتى في العاصمة والمدن الكبرى فضلا عن القرى والأرياف. إلا إذا كان التوسع العمراني هو المعيار لمعجزة إقتصادية تونسية وعندها يكون الحديث لهو أطفال. 8 ـ إقبال منقطع النظير على النهضة. ذاك مشهد لا تخطئه عين. مشهد يقر به الحاقد والخصيم قبل الصديق والخل. مشهد ما يجب أن يفهم إلا ضمن إطاره وسياقه وهو مشهد ما يجب أن يحجب حقائق أخرى كبيرة. الإقبال على النهضة مفهوم اليوم ولا يحتاج لتفسيرات وتأويلات. إقبال يفسره صمود النهضة : مساجين ومحبوسين داخل البلاد ومهجرين. إنقطع نسل النهضة وأضحى كسبها أثرا من بعد عين قالة أكل عليها الدهر وشرب رغم أنها حبيت بمتعاطفين كثر في شهور وسنوات ما قبل الثورة. ظلت النهضة حية وهو أمر يدعو ـ هو الآخر ـ إلى إعتبارات وإستبصارات نظرا في السنن الإجتماعية. لك أن تقول أن المجتمع التونسي إستطاع أن يجعل عقدين كاملين بالكاد من بطش الذنب المقطوع وعصاباته بين قوسين محكمين فما إن إنبلج عهد الثورة والحريات حتى إستعادت القوى السياسية والفكرية والنقابية والشعبية رصيدها الذي حجبته سنوات الجمر الحامية. لو لم تكن الثورة لما كان ذلك بذلك الإتساع ولكن الحاصل قطعا أن الضربات مهما كانت شنيعة وطويلة فإنها لا تقتل الدعوات وتئد الأفكار. لم يعد ذلك أمرا نظريا نقرأه في بطون الكتب ولكنه أمر نعيشه ونحياه. على أن الإقبال الكثيف على النهضة ما يجب أن يحجب حقائق أخرى مهمة من بينها أن بعضا من أولئك ـ قد يقلون وقد يكثرون ـ لا يزكون النهضة ثقافيا وبعضهم لا يزكونها سياسيا كما أن بعضهم يكفر عن ذنبه الذي إقترفه مع الذيل المقطوع وبعضهم الآخر يستصحب دوما إنتهازية ونفعية. كل أولئك في المشهد والزمان وحده كفيل بإعادة الإنتشار ليبقى النافع ويذهب الخبيث. ليس هناك جهل في العموم بالنهضة. حتى في شباب العقدين المنصرمين ليس هناك جهل فادح بالنهضة. أكثر التونسيين يدركون أن النهضة حزب إسلامي خصومته الأساسية مع الأحزاب الأخرى هي الإسلام. أكثرهم يدركون أن النهضة حركة أدنى إلى السلم منها إلى الحرب. أكثرهم يدرك ذلك وليس كلهم طبعا. ليس المطلوب من الناس أجمعين أن تتعرف إلى مواقف النهضة في كل كبيرة وصغيرة. ذلك أمل وحلم قد لا يتحققان لحركة فوق الأرض. هل يعرف المسلمون اليوم كل مواقف الإسلام من القرآن والسنة من كل القضايا المطروحة وفي كل الحقول؟ طبعا لا. العبرة دوما بالأغلب الأعم.حتى في قضية المرأة رغم حساسيتها فإن ما خفي عن الناس من مواقف للنهضة فيها فإن المشهد الشعبي العام الذي تكون فيه المرأة جزء من الصورة كفيل بجبر ما خفي. لك أن تقول بكلمة واحدة : النهضة بحاجة إلى توضيح مواقفها من القضايا التي تهم التونسي ولكنها ليست بحاجة إلى تبرير تلك المواقف فضلا عن الدفاع عنها دفاع المجرم الذي جاء معتذرا. الفرق بين الموقفين كبير. 9 ـ الفوضى من الإفرازات السلبية الأولى لثورة الحريات والكرامة. ذلك أمر لا تخطئه عين لا في الشارع ولا في أي مكان تقريبا. لك أن تقول أن المجتمع التونسي كله بالكاد كان يعيش تحت كهف يحجب عنه النور فما أن إندك ذلك الكهف برحيل المخلوع حتى تدافع الناس نهما إلى الحرية وشرها إلى الكرامة ومن أثر ذلك التدافع حصل الذي حصل من بعض مظاهر الفوضى. فوضى في الإعتصامات الجزئية الجهوية المطلبية غير مقدرة للوضع العام أمنيا وسياسيا. وفوضى في التفصي من أداءات عادلة من مثل أداءات شركات الكهرباء والماء والهاتف وضرائب الجولان وغير ذلك. تلك مرحلة من الفوضى مآلها إلى الزوال يوما من بعد يوم. هي فوضى إنتقالية إستثنائية بسبب غياب الدولة وإنبساط الأمن من جهة وبسبب طول حالة الحرمان من الحريات والكرامة من جهة أخرى. على أنه بعد إنتصاب دولة الشعب الشرعية المنتخبة بمؤسساتها الديمقراطية لا يظنن أحد أن الناس سينتقلون من عالم البشرية إلى عالم الملائكة. ولكن العبرة دوما بالأعم الأغلب وليس بالشاذ والقليل إذ لم يسلم حتى مجتمع المدينة في عهده عليه الصلاة والسلام من مثل ذلك. 10 ـ الناس بين الأمل والخوف. الناس في تونس فيما رأيت قسمان يكادان أن يكونان متوازيين. قسم الشباب وهو من قام بالثورة إما أصالة أو بالإنتصار بأي صورة من صورة الإنتصار للثورة وشبابها. قد لا تعثر على شاب تونسي واحد لا يكون موقفه من الثورة ـ حتى ممن لم يساهم فيها أبدا ولو بمظاهرة ـ إيجابيا إيجابية ملؤها الأمل والتفاؤل والرجاء. وقسم الشيوخ الذين يأملون أن تحقق الثورة أهدافها ولكن الخوف يغلب عليهم بدرجات متفاوتة ولكنها كبيرة وكثيرة بل وخطيرة أحيانا. أغلب الشيوخ فيما رأيت هم كذلك. هناك تقسيم آخر رأيته رأي العين كما يقال : قسم الحضريين وهو يحاكي في مساهمته في الثورة وإنتصاره لها وعمله لذلك قسم الشباب آنف الذكر. وقسم الريفيين والبدويين ـ وإن كان الحديث عن بادية في تونس لا يصح إلا نسبيا ـ الذين يحاكي موقفهم موقف الشيوخ فيما أنف ذكره. أكاد أظفر لأول مرة في حياتي بالمعاني الإيجابية للحضر. الحضر الذين أشاد بهم مؤسس وأبو علم الإجتماع السياسي إبن خلدون. ورد فيهم حديث ولكنه إلى الوضع أدنى وإن لم يكن موضوعا فهو ضعيف شديد الضعف. ولكن المعنى ثابت. ما يهمنا هنا هو أن الناس في تونس فريقان حيال الثورة : الشباب يستوي في ذلك أن يكون شباب الحضر أو شباب الريف : شباب الحضر ساهم في الثورة مباشرة بل كان وقودها وكلما كان الحضر كثيفا ( العاصمة وصفاقس وسوسة ) كانت المساهمة أجلى وأنصع ولكن شباب الريف إما أن يكون ساهم فيها في أثناء إندلاعها أو هو من مناصريها من بعد وقوعها. الفريق الثاني هو فريق الشيوخ وتحكمه العلاقة آنفة الذكر ذاتها : شيوخ الحضر أشد وعيا وإنتصارا للثورة من شيوخ الريف. 11 ـ من هم الثوار الذين طردوا الذيل المقطوع؟ تدبرت الأمر كثيرا وآليت على نفسي ألا أخط إلا حرفا ليس فيه حبة خردل من نفاق حتى لو كان نفاق أناس أبتغي منهم مساندة فكرتي. تدبرت الأمر طويلا فظفرت بما يلي وهو عندي ثابت حتى أتوصل بما يفيد ضده : ظفرت بأن الثوار الذين طردوا بن علي ووضعوا البلاد على طريق الحرية والديمقراطية ليس هم الشعب التونسي بأسره ولا حتى أكثره. لا. هم مئات من الآلاف من الشباب من ذوي الإنتماءات الحضرية في الجملة.البقية في حالة تفرج رغم أن أكثرهم ـ وليس كلهم ـ تصدق عليه القالة القديمة : قلوبهم مع الثورة وسيوفهم مع الذيل المقطوع بن علي وعصاباته المفسدة. أعني لو أن عدد الثائرين كان أكثر من ذلك لحققت الثورة من أول شوط ما يقطع على الدولة ومؤسساتها ـ بل حتى على بعض الأحزاب السياسية التي تحولت إلى أدوار الحزب الحاكم المنحل أو إلى البوليس السياسي من مثل حزب الشابي ـ أي إمكانية لإغتصاب جزء من الثورة وإجهاض بعض منها. أعني أن الثورة لم تكمل مشوارها في إزالة الدولة ومؤسساتها والأحزاب السياسية التي كانت موالية للدولة.أعني أن تسلم المجتمع المدني للثورة في شوطها الثاني لم يكن دوما آمنا من المطبات ومعافى من الأمراض. لن يزال تصوري هو هذا : من حق الثورات أن تكنس الدول ومؤسساتها كنسا فإذا كنست الدولة ومؤسساتها تسلمت قوى المجتمع المدني مشعل الثورة لتقودها إلى بناء دولة جديدة بإختيار شعبي. الذي حدث في تونس لم يكن كذلك مائة بالمائة. نجحت الثورة ولكنها لم تنجح بمعدل كبير يضمن عدم النكوص بالكلية.المرحلة الإنتقالية حبلى : قد تنجب صلاحا وقد تنجب طلاحا. صحيح أن الطلاح لن يرجع بنا إلى يوم 13 يناير ولكننا نأمل أن تكون ثمرة الثورة بقدر دماء زهاء ثلاثمائة شهيد على الأقل دون حساب شهداء آخرين منذ إنتصاب الإحتلال الفرنسي حتى اليوم. آخر معنى من ذلك يمكن إستنباطه هنا : الثورة التي تحققت فوق الأرض في تونس في حاجة ماسة إلى ثورة أخرى موازية في العقول والأفهام سيما عند شباب الأرياف وغيرهم. الحالة الثورية عند التونسيين ـ فيما رأيت ـ مختلفة جدا كما ونوعا بين الشباب وبين الشيوخ من جهة وبين الحضريين وبين الريفيين من جهة أخرى. الشعب التونسي حيال الثورة أشبه بجسم ظل يطاره المرض غير أن قلبه الحي النابض ظل معافى سليما يطرد الجراثيم بمضادات حيوية مكنوزة عنده حتى إنتصر ذلك القلب النابض رغم صغر حجمه نسبة إلى الجسم الكبير. ليس الجسم هو الذي قاوم ولكن مضغة فيه ظلت مقاومة. الفضل يرد إلى الجسم كله ولكن عند التفصيل لا يرد الفضل إلى تلك المضغة المقاومة. 12 ـ الوعي بالحرية والديمقراطية أمامه مشاوير أخرى لازمة. هي إشكالية تراثية قديمة دون ريب. ولكن ما يهمنا منها اليوم هو أن نجاح الثورة التونسية في تحقيق أهدافها ومقاصدها مرتهن بالكلية إلى تقدم الوعي بالحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية والعدالة الإجتماعية والهوية العربية الإسلامية والإنتماء العروبي الإسلامي لتونس وقوانين التعدد والتنوع. ذلك تقدم يمكن توصيفه فيما رأيت بما يلي : قيادة النهضة وجزء كبير من نخبتها الفكرية ـ وليس بالضرورة النخبة التنظيمية ـ بلغ من ذلك الشأو الذي ربما ليس فيه مزيد لمستزيد. ذلك ليس مفاجئا لي ولا لمن يعرف أولئك سوى أن المحنة كانت مدرسة راكمت فيهم تلك الأبعاد وصقلتها. أما الذي فاجأني فهو أن كثيرا من أبناء الصف ـ بالتعبير الجديد الذي إستعيض به عن تعبير القاعدة ـ ليسوا على ذلك المنهاج من الصفاء العقدي والفكري حيال مبادئ وعزائم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغير ذلك مما أنف ذلك وهو لصيق المشهد الذهني العام.التطور في كثير من أبناء الصف على هذا الدرب تحديدا لم يكن تطورا كبيرا. ربما أكون مختلفا عندما أقول وأكتب بأنه لا معنى للإسلام عندي إذا ديست فيه أي قيمة من قيم الحرية وحقوق الإنسان والوحدة والتعدد. أجل. لا معنى له عندي لأن الإسلام عندي هو حريتي والحرية عندي لا أثر لها في غير الإسلام. هو إرتباط جسد بروح. إذا كان بعضنا يعتبر أن ذلك تسويقا للخارج أو أمرا صحيحا ولكنه لا يبلغ المستوى الذي عبرت عنه هنا..إذا كان بعضنا لا يشاطرني ذلك فإني وإياه لعلى صحة أو خطإ ولا مجال لإلتقاء سياسي إلا الإلتقاء الديني والبشري الذي لا يحجب عن مسلم ولا عن بشر فوق الأرض. بحثت عن تفسير فلم أجد. إستوى الناس في الداخل في المحنة ثم خرج هذا السجين القيادي بعقل إسلامي معاصر وخرج ذاك القاعدي من الزنزانة ذاتها بعقل إسلامي غير معاصر. أمر لم أفهمه ولكن له أخطار وآثار في مستقبل الأيام سيما إذا إنتمى صاحب العقل الإسلامي غير المعاصر إلى الحزب الإسلامي ( حزب حركة النهضة ). ذلك في الأعم الأغلب وقد تجد قياديا ينتمي بعقله المحافظ إلى الصف وقد تجد واحدا من الصف ينتمي بعقله إلى النخبة المتنورة. 13 ـ الأخطار الفكرية تحدق بمستقبل الحركة. هذا موضوع لا يناسب الحديث المبتسر فيه. لا بد من إطنابات وإسهابات. علاقة الحزب بالحركة في مستقبل الأيام من حيث الإقتباس من التجربة التركية بما يلائم التربة التونسية.. تلك علاقة تتطلب وعيا وليس جندية. الجنود دوما كثر سيما في ساعات اليسر ولكن جنود العقل قليل ما هم.عملية جراحية لا بد أن يقوم عليها أطباء نطاسيون وليسوا هواة ولا متربصين. ما هي حدود المرأة إذا سلمنا ـ ولن أسلم حتى أوارى قبري ـ أن لها حدودا في تحمل المسؤوليات السياسية والإقتصادية والإجتماعية العامة في الدولة والحضارة والثقافة والمجتمع والأمة؟ هل ننشأ محاربين للعالمانية ـ فصلا للإسلام ـ وليس للدين ـ عن الحياة ـ وليس عن قداسة الإجتهاد السياسي ـ ثم نفيئ عالمانيين دون أن نشعر؟ أم هل ننشأ مخاصمين للجمود والتقليد ـ وليس للإتباع فيما لا يليق به وبنا فيه سوى الإتباع ـ ثم نفيء بقالة الإنحطاط الأولى : ليس في الإمكان أحسن مما كان ولم يترك الأولون للآخرين شيئا .. نفيء بذلك إلى تقليديين في الإدارة والسياسة والدولة والشؤون العامة أو إلى جامدين أصلا؟ ما الذين نقتبسه من التجربة الإدارية والديمقراطية الغربية؟ هل تستأنف الحركة ـ من بعد إنفصالها عن الحزب ـ حركة الإجتهاد والتجديد التي بدأتها عام1982 في مشروع الأولويات؟ وأسئلة أخرى كثيرة وكبيرة وخطيرة لا بد لها من مقاربات. المؤسف أنها مقاربات لا تكاد تخرج عن دائرة النخبة القيادية إما لعجز إداري أو لعقم في إستيعاب الصف الواسع أو لأسباب أخرى أجهلها. 14 ـ هذا ما رسب في : الحركة غير الحركة يا هادي. أول لقاء حضرته بعد عودتي ـ فيما أذكر ـ هو إنتخاب المكتب المحلي بجرجيس. ما إن مرت دقائق تفرست فيها في الوجوه حتى قلت في نفسي: الحركة غير الحركة يا هادي. اليوم بدأ طور جديد في البلاد وفي الحركة. اليوم إعلان لوفاة الماضي وإعلان آخر مواز لميلاد المستقبل. ذلك ما وقر في صدري ثم أكدت ذلك كل اللقاءات التي حضرتها إلا ما كان منها مفتوحا للشعب كله بطبيعة الحال. شعور أثار في حزنا دون ريب. لن أزال أردد :لم أكن لأكون شيئا مذكورا لولا أنه سبحانه إنتشلني بحركة النهضة يوم 16 يونيو حزيران 1976.ولكنه في مقابل ذلك شعور إيجابي لحمته أن مستقبل الحزب ـ وليس الحركة ـ في أيدي الشباب والجدد وأجيال أخرى عمل بن علي على إطعامها مذاقا مرا للسياسة والإهتمام بالشأن العام فكانت النتيجة أن فر هو مذعورا وأقبل الناس على السياسة والشأن العام. حمدت الله سبحانه أن لي عملا في الحركة وفي حقول الدعوة والثقافة والفكر إرتجالا وحوارا وكتابة ولو لم يكن ذلك كذلك لفاتني ركب الحزب ولفظتني مراكب أخرى ليس لي فيها نصيب. ذلك أمر آخر عمق شعوري بالغربة. تلك هي رحلة عودتي إلى الحبيبة تونس من بعد فراق طال عقدين وبضعة أشهر.. تلك هي الأحاسيس التي عدت بها إلى ألمانيا.. تلك هي مشاعري نقلتها إلى القارئ بأمانة.. منها ما يخصني دون غيري ومنها ما يشترك فيه غيري معي.. ولكن ما قصة الحنين إلى ألمانيا. هنا درس بليغ. درس في تقليب القلوب. كنت دوما أقول في نفسي ولإخواني على إمتداد سنوات التهجير الطويلة : أظن أني آخر رجل يندمج في الحياة الأروبية ـ سيما الألمانية ـ إندماجا يزيل عنه بعض عناءات الفراق. كل ما في لا يدعو إلى الإندماج بل يخاصمه. حتى فاجأني شعور لم أعهده في حياتي من قبل قط. شعور إقتحم علي نفسي ذات يوم من الأيام الأخيرة في تونس في أثناء عودتي. شعور يشدني إلى ألمانيا. عجبت له لأول وهلة فلما فحصت الأمر ألفيت أني تعلمت من الأمة الألمانية أمورا غدت شرايين تسري حياة في نفسي. أمور هي من صميم الإسلام وما أكثر خلق الإسلام الذي فرط فيه أهله وتقمصه غيرهم بالسليقة والفطرة أو بمسطرة القانون حتى غدا عادة وتقليدا. إشتقت إلى ألمانيا لما فيها من أسباب النظافة والتنظم والترتيب والوفاء بالمواعيد والإحترام المتبادل بين الناس وصيانة الخصوصيات الشخصية لكل أحد فلا يتقحمها عليك أحد دون إذن منك وإنصراف الناس إلى العمل والنشاط وأخلاق أخرى كثيرة يضيق المجال عنها. قلت في نفسي : سبحان مقلب القلوب. بالأمس القريب كنت أطير شوقا إلى تونس الحبيبة واليوم أشتاق إلى ألمانيا. ذلك هو الإنسان يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف. أجل. تعلمت من ألمانيا أمورا كثيرة طيبة في الحياة. أمور ما أستبدل الذهب والفضة بها.هي قيم الإسلام لولا أن كثيرا من أمة الإسلام فرطوا فيها عن جهل أو لا مبالاة أو ترخص أو إكراها. ما تعلمته من ألمانيا ما أريد أن أفرط فيه لأنه صنع حياتي صنعا جديدا. كيف أجمع بين الحسنيين. ذلك هو السؤال الكبير. كيف أجمع في قلبي بين تونس وألمانيا. بين رحمي وأهلي وبين قيم لا حياة لي دونها. هما حسنيان. الله علمنا أن الحسنى لا تكون إلا مزدوجة : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة. هي مسؤولية مزدوجة كذلك. الإزدواج مكتوب علينا فطرة وسنة وواقعا. من رعى الإزدواج في أمره وحياته كان وسطيا ومن إنحاز إلى الأحادية إما أن يكون متكبرا ولا متكبر إلا الله سبحانه أو أن يكون وضيعا يعلى ولا يعلو. هما حسنيان تتكافلان ولا تتقابلان. هما حسنيان وليستا ضرتان. الهادي بريك ـ ألمانيا

<



بثّت قناة نسمة المغاربيّة خلال هذا الأسبوع الذي نقف على نهايته ضمن برنامج “جاك المرسول”، قصّة زين العابدين شهر ولد القابسية… فكانت قصّة غريبة أعادت – وما بالعهد من قدم – التذكير بساديّة النّظام التونسي الذي قلبته الثورة وساديّة صاحب التغيير زين العابدين بن علي الذي لم يملّ المنافقون من تلميع سيرته والتحديث بنعمه… فقد دخل زين العابدن ولد القابسيّة السجن أيّام كان زين العابدين الآخر أو “الكلب” كما سمّاه ولد القابسية مدير أمن بحكومة بورقيبة، وقد كان عمره يومئذ ثمانية عشر عاما أو يزيد قليلا. ثمّ إنّه لم يخرج منه إلاّ قبيل أشهر أي بعد ثورة الكرامة، وعمره سبع وأربعون سنة… لا يرى ما يرغّبه في دنيا النّاس ولا يعرف من النّاس إلاّ قلّة على رأسهم أخته الكريمة الطيّبة الحنون المخلصة بسمة… البرنامج أو قصّة المحتفى به في البرنامج كانت مؤثّرة عند البعض إلى درجة الإبكاء – وقد بكيتُ من فضل الله طويلا –، وأمّا تصرّفات مقدّم البرنامج فقد كان ينقصها بعض الإحساس بالضيف وأخته، إذ ما كان ينبغي مثلا – وزين العابدين قد فقد أمّه وأباه أيضا لمّا كان بالسجن – أن يأتي بمن يغنّي عن الأمّ ليحيي فيه الألم الغائر… وما كان يجب – وهذا أخطر – التشويق إلى هذه الأغنية المتواضعة جدّا بالحديث عن مفاجأة خلناها ذاهبة بكلّ المرارة!… فقد ظننّا كلّنا – أسرتنا – أنّ مقدّم البرنامج قد انهالت عليه العروض الإنسانيّة المغرية لإنقاذ زين العابدين بعد أن رأوا من شأنه ما رأوا خلال أكثر من ساعة، وأحسب أنّ بسمة وأخاها قد انتظرا ما انتظرنا، ولكن كلّ إناء بما فيه يرشح!… ما يهمّني بعد هذه المقدّمة الطويلة أنّ زين العابدين قد تعرّض خلال سجنه إلى امتحانات عسيرة ومغريّة – وهو الذي حُكم بثمانين سنة نافذة – تمحورت أساسا حول اللعب بمروءته… تريد الخروج من السجن أو على الأقلّ التخفيض من عدد سنواته الثمانين التي أسندت بأحد عشر شهرا، تعامل معنا إذن بإيجابيّة!… والإيجابيّة عند الساقطين معلومة ومعروفة وهي أن يتخلّى الرّجل عن رجولته فيبيت عندهم قوّادا مسجّلا لحركات هذا وسكنات ذاك!… وقد ذكر زين العابدين صنفا بعينه وهم “الخوانجيّة”!… فقد كان ملأ صاحب التغيير يريدون منه أن يكون عينا على الإسلاميين الذين مرّوا بداره أعني بعنبر السجن الذي هو فيه، ولكنّ زين العابدين رفض ذلك ورضي لنفسه سجنا مطوّلا قاسيا، وقد رأى أن لا قيمة لمرء بلا رجولة أو مروءة!… وقد تمنّيت – وأنا حبيس عدم قدرتي على فعل الخير – أن يهبّ الإسلاميون أو النهضاويون منهم على وجه الخصوص إلى مساعدة زين العابدين وأخته بسمة، وذلك بإشعارهما بقربهم منهما وبفتح مجالات الفعل لزين العابدين كي يقلع عن التفكير في السفر خارج البلاد إلى مجهول قال عنه أنّه سيكمل به الفصل المتبقّي من حياة لم ينعم بفصولها جميعا… فلو كنت أقدر لاقتحمت على زين العابدين عزلته ولأقحمته في دورة تأهيليّة تفضي به إلى دورة الحياة العاديّة التي فيها يعمل وفيها يتزوّج وفيها يلد إن شاء الله وفيها يبتسم لا سيّما بعد هروب زين العابدين المجرم الذي أخذ على عاتقه ذات يوم ألاّ يكون في البلاد إلاّ أحدهما؛ فقد قال له: تونس لا تحتمل نسختين من زين العابدين؛ فإمّا أنا وإمّا أنت!… فهلاّ سارعنا إلى إنهاء الظلام من حياة زين العابدين ولد القابسية في فترة ما بعد زين العابدين ولد الحمّاميّة!… عبدالحميد العداسي الدّنمارك في 21 مايو 2011

<



لطفي حيدوري توالت الأنباء خلال أسبوع واحد عن وجود القاعدة في التراب التونسي وتطورت الأحداث ليستشهد عسكريّان في اشتباك مع مسلحين بجهة الروحية صباح أوّل أمس الأربعاء. ولم تكشف التحقيقات بعد حقيقة أهداف هذا النشاط. كما لم يتبيّن بعد حجم انتشار العناصر الأجنبية المسلحة في البلاد. وفي جميع الأحوال فإنّ هذا الحدث يطرح أكثر من تساؤل في هذا الظرف بالذات: من تستهدف القاعدة في بلاد المغرب العربي ومقرّ قيادتها الصحراء الجزائرية بهذا النشاط داخل تونس؟ ألم يكن عدوّ القاعدة هو رأس النظام البائد ؟ إذا كانت وجهة المسلحين هي ليبيا، فكيف يكون طريق المرور عبر الروحية ومسالك الصحراء واسعة جنوبا ؟ ألا تظهر تحركات المسلحين ضعف دراية التنظيم الذي يقف وراءهم بالظروف التي تعيشها تونس من حالة طوارئ واستنفار كبير في المدن وعلى الحدود، فهل يعني ذلك عصابة متمرنة، أم تم تحقيق الغرض بمجرد عبورهم الحدود ؟
وقبل الإجابة عن ذلك لا بدّ من ملاحظتين أساسيتين، فالحوادث الأخيرة تثبت أنّ الإرهاب ليس وليد البيئة التونسية فقد كانت السوابق في هذا السياق قادمة من الخارج، حدث ذلك في المركز الحدودي بحزوة سنة 1994 (الجماعة الإسلامية المقاتلة) وفي جربة سنة 2002 (التنظيم الدولي للقاعدة انطلاقا من إسبانيا) وأفريل- نوفمبر 2006 في سبيطلة وسليمان (دخول مسلحين من الجزائر وفشلهم في بناء تنظيم مسلح). أمّا الملاحظة الثانية فنتوقف عندها بحذر مذكّرين بما أصبح معلوما لدى الجميع من وقائع الاختراق للتنظيمات المسلحة الناشطة في الجزائر، وهو ما دوّنته عديد الكتابات والشهادات لمقاتلين وعسكريين وكتاب جزائريين. نشأت تلك التنظيمات وحصلت الاختراقات بالتوازي مع إبطال المسار الانتخابي في جانفي 1992 إثر فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بغالبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية. ونشأ أكثر من تنظيم ودخلت الجزائر في دوامة من المجازر.
لقد بيّنت التجربة سهولة اختراق المجموعات المسلحة وتوظيفها لأجندات ضرب الاستقرار واستثمار الفوضى. وقبل شهرين ونصف من موعد انتخابات المجلس التأسيسيّ لا يمكن أن يستفيد من امتداد القاعدة داخل المدن التونسية سوى أعداء الثورة التونسية ومن يريدون إنهاك الدولة في معارك استنزاف لمؤسسات أشد ما يكون الشعب اليوم في حاجة إليها هي الجيش والأمن.  
لقد تطور مسار إرباك الثورة من الانفلات الأمني إلى “الحرقان” الجماعي إلى الصراعات القبليّة وتعطيل عمل المؤسسات لنصل إلى تسلل كتائب القذافي ثم قدوم المنسوبين إلى القاعدة. هي وقائع لا نستبعد ارتباطها في سياق تعدد المحاولات لإجهاض الانتقال الديمقراطي مصدرها أطراف داخلية معروفة ربّما تواطأت مع جهات خارجية مشبوهة.  
(المصدر: الفجر عدد 7 الجمعة 20 ماي 2011 )

<



 
عقدت “المحكمة الدستورية الديمقراطية” (الشعبة القضائية للتجمع الدستوري الديمقراطي) برئاسة قاض تجمّعي فاضل جلسة الإستماع الأولى بخصوص قضية المتّهمة “ثورة”. تفيد الوقائع أن المتهمة في قضية الحال و المعروفة بصلاتها المشبوهة مع جهات خارجية مناوئة (حسب قناة7 و من لفّ لفها) قامت يوم 14 جانفي بمحاولة الإنقلاب على “النظام الدستوري” الذي يحكم تونس منذ 56 سنة و قامت أيضا بوقفة إحتجاجية أمام وزارة الداخلية في محاولة لبث الرعب و الخوف و تهديد الأمن الداخلي و الخارجي “لساكن قصر قرطاج” . و قد إستعانت المتهمة في ذلك ببعض الشباب الثائرين المتسلحين “بالإرادة” و “الكرامة” (كما ضبط عند بعضهم كميات كبيرة من “الحرية”) و نجد أيضا ضمن أدوات جريمتها “الفايس بوك” و “قناة الجزيرة”.
افتتحت الجلسة بمناشدة السيد زين العابدين بن علي بالعودة إلى تونس و الترشح لإنتخابات المجلس التأسيسي بإعتباره الضامن لإستقرار البلاد و المؤتمن على تقدمها و إزدهارها كما تلى أحد الحضور بكل خشوع إنجازات “صانع التحوّل” في المجال القضائي التونسي الذي غدا مضرب المثل في العالم بنزاهته.
اثر ذلك نودي على المتهمة الأصلية “ثورة الحرية و الكرامة” و جنسيتها تونسية مولودة من رحم القهر و الظلم الذي خيّم على البلاد طيلة عقود. تليت بعد ذلك لائحة الإتهامات الموجّهة “للثورة” وسط صياح الشباب الذي تجّمع من أمام المحكمة إلى ساحة القصبة (مع الإشارة إلى أن بعض الشباب قد ردّ بإعتصام في القبة مناديا بترك القضاء يقوم بعمله و العودة لمراكز العمل تفاديا للانهيار الإقتصادي).
التهم الموجهة للثورة عديدة و متنوعة و أولها القطع مع حالة الطمأنينة الكاذبة التي كان يعيشها التونسيون..فالمواطن الآمن في البلد الآمن و بين الأياد الأمينة وجد نفسه فجأة بين أنياب ذئاب مفترسة نهشت العباد و البلاد..أفاق التونسيون على واقع مغاير لما ألفوه و ألفوا سماعه لأكثر من 23 سنة..استيقظ النيام و كشفت “الثورة” عن غطائهم فبصرهم صاراليوم حديد…انتهت الغيبوبة و حل زمن المشاركة و الفاعلية بعد زمن الاستقالة والسلبية و هذا أمر ترفضه “العقلية الدستورية” التي لا ترتضي إلا “بالمواطن السلبي” أو الجامد الذي يستعمل فمه للإبتسام (تعبيرا عن الفرح) و يداه للتصفيق (تعبيرا عن الموافقة).
كما وجّهت “للثورة” تهمة “الخيانة الدستورية” العظمى فقد ضبطت المذكورة بصدد ترديد شعار على كامل التراب الوطني من بنزرت إلى مدنين “يسقط حزب الدستور يسقط جلاد الشعب” ثم انتهى الأمر بصدور قرار بحلّ الحزب المفدى حزب اللونين (الأحمر و البنفسجي) و الرئيسين (بورقيبة و بن علي) و الجمهوريتين ( البورقيبية و النوفمبرية)..كان هذا القرار صاعقا لكافة “بني دستور” ولولا أن من الله عليهم بالعقل الراجح و الرأي السديد لهلك الحزب حيث آثر القوم أن يتفرقوا إلى أحزاب دستورية صغيرة عسى الله أن “تتجمّع” يوما.
الإتهام الثالث الموجّه “للثورة” كان فضح الفساد الذي استشرى بين كبار المسؤولين في الدولة و هذه جريمة لا تغتفر “للثورة” فقد قذفت “بالباطل” أناسا تفانوا في خدمة تونس إلى درجة أن التصقت بهم كراسيهم فلا يفارقونها إلا حينما يتمددون قي قبورهم…كما أن “الأخلاق الدستورية” كانت تأبى أن تفضح أرباب الفساد و الرشوة و القهر و تحضّ على الستر و الإصلاح بالتي هي أحسن (كنقلة المدير الفاسد من منصب إلى آخر ربما أعلى منه في بعض الأحيان). هكذا كفرت الثورة “بالدين الدستوري” الذي إعتنقته بشدة كل وسائل الإعلام التونسية فلم نجد فيها طوال عقدين من الزمن أثرا لخبر عن مسؤول حكومي فاسد أو لتورّط شخصية سامية في قضية رشوة أو إستغلال نفوذ أو غير ذلك و في المقابل ركزت وسائل الإعلام أضوائها على المعارضين المغرضين لنظام السابع من نوفمبر أو على الأخبار التافهة و السخيفة.
الإتهام الرابع الذي وجّه “للثورة” كان محاولة خلق حالة من الفراغ الدستوري و الحمد لله أن قيّض لهذه البلاد محمد الغنوشي الذي ترأسها لليلة واحدة ويوم لم يكتمل و من ثم فؤاد المبزّع يعاضده في ذلك السيد باجي قايد سبسي و الغريب أن كل هؤلاء انتموا للحزب الدستوري بفرعيه “البورقيبي” و”النوفمبري” و كأن قدر تونس أن لا يحكمها غيرهم.
الإتهام الخامس كان محاولة نشر الفوضى و العنف بالإحتجاج أمام وزارة الداخلية التي حادت بعيدا بعيدا عن أهدافها وأيضا التطاول على فرقة سلامة أمن الدولة ( إختصارا على الأحرف الأولى من إسمها فرقة فساد) و وصل الأمر إلى حلّ هذا الجهاز –الورم (الخبيث) فكان أن غاصت تونس في الفوضى و الإضطراب و العنف فهذه الفرقة كانت الحصن المنيع لأمن البلاد و مع رحيلها غير مأسوف عليها (لا ردّها الله ) فتحت السجون أبوابها و عربد المنحرفون و صالوا و جالوا في الشوارع و كثرت الجرائم وأحسّ المواطن بغياب الأمن أو تراخيه في أحسن الأحوال و أنا شخصيا لا أدري هل إن العلاقة بين حلّ هذا الجهاز و التسيّب الأمني عفوية أم أن في الأمر واوا (و لا أراها إلا “واو” “وزارة” الداخلية و من “ورائها” من المتنفذين).
الاتهام السادس يخصّ الاضرار بالأمن الاقتصادي و الحمد لله أن الحكومة استبقت كل هذا و أقرّت “قانون الأمن الإقتصادي” سيء الذكر وهو قانون يجرّم كل من يتهامس بكلمة حول الإقتصاد التونسي و يتسبب في تكبيده خسائر و “الثورة” هنا جعلت من تونس بركانا يغلي بالاضطرابات الإجتماعية و ميدان مفتوحا للإعتصامات وهو ما خلق حالة من الشلل الاقتصادي. الحقيقة أن هذا القانون إذ ما قدّر تطبيقه لن يطبّق على “الثورة” و لكن على الوزير الأول الحالي الذي يذكرنا مشكورا في كل إطلالة أن الإقتصاد التونسي يسير نحو كارثة بل وصل به الأمر أن قال لا فضّ فوه أن الدولة قد تعجز عن سداد مرتبات الموظفين هذا الشهر (سننتظر و نرى) و أيضا سيطبّق هذا القانون على وزارة الداخلية بإعتبار ترويجها “لتنظيم القاعدة” ضمن المنتوج السياحي التونسي وهو ما قد يوحي لأولئك الذين مازالوا متشبثين بقضاء إجازتهم في تونس بالعدول عن ذلك حفاظا على أرواحهم و أموالهم.
هكذا إذن يتواصل إنتصاب “محكمة للثورة التونسية المجيدة” عوض أن تنتصب بدل ذلك “محكمة الثورة” لتكنس كل ما خلفه بن علي طوال سنوات حكمه من كوارث و مصائب و قد أصدر القاضي في الأخير قراره بتأجيل الجلسة ليوم 24 جويلية 2011. يسري الساحلي laurentb201@yahoo.fr

<



ربما يبدو العنوان مبتذلا بعض الشيء ، ولكني أعتقد في راهنيته اليوم خاصة لما تمر به المؤسسة القضائية من تغييرات جذرية على مستوى تنامي حركة الاحتجاج داخلها ودخول نسائها ورجالاتها بقوة في الساحة السياسية وانتصابهم أحيانا شركاء في العملية السياسية وطامحين في اقتسام السلطة أو على الاقل التموقع سياسيا كمكونة من مكونات المشهد السياسي .
لئن بات مطلب استقلال السلطة القضائية مطلبا لا معنى له في ظل الاوضاع الراهنة المتميزة بانهيار السلطة المركزية وتعليق العمل بالدستور ومنه كل التشريعات الضابطة لوجود السلط وعلاقتها ببعضها البعض ، فنحن اليوم في ظل وضع استثنائي تشرف عليه حكومة انتقالية ذات سلطات محدودة وديمقراطية انتقالية غير مؤسسة ، الا ان القضاة وهيكل القضاء لا زال يرفع هذا الشعار عامدا كلما تقدمت العملية السياسية دونهم أو كلما كانت هناك محاولة لتحميل أحدهم مسؤولية الظلم والحيف الذي كان ساريا .  
ان ما شعار استقلال القضاء اذا ما قرن بممارسة القضاة اليوم (أو بعضهم على الأقل) يفتح على فكرة كون القضاة يستعملونه مطية لأغراض ومكاسب سياسية ، خاصة لما نسترجع تحركاتهم السياسية (رئيس جمعية القضاة) وتصريحاتهم التي نادت منذ البداية بضرورة اشراك القضاء في كل الحلول السياسية وتمسكهم بالتمثيل في كل الهيئات السياسية وصولا الى توجه رئيس الجمعية صحبة وفد حزبي (من حركة النهضة) لمقابلة مسؤولين رسميين في الادارة الامريكية .
لا شك في ان لكل مواطن تونسي الحق في ممارسة العمل السياسي والحزبي ،ولا شك ايضا في ضرورة تحقيق استقلال السلط الثلاث عن بعضها البعض لتحقيق التكامل بينه في ظل النظام الجمهوري . ولكن ان يتحول مطلب استقلال القضاء الى ورقة ضغط سياسية وان يتحول هيكل القضاء أو القضاة بصفتهم تلك (حماة للعدل ومطبقين للقانون دون تمييز بين جميع المواطنين) الى طرف في الصراع السياسي وطامحين في اقتسام السلطة السياسية ، فانهم يتحولون الى تهديد للانتقال الديمقراطي والعدالة الاجتماعية ، بل الى خطر على النظام الجمهوري ومبدا الفصل بين السلط .
ان القاضي والمؤسسة القضائية ككل لما اختارت التمسك بان تكون حكما في النزاعات بين المواطنين وأن تكون المؤسسة القانونية والشرعية والاخلاقية التي تحقق الرقابة على بقية مؤسسات الدولة والمجتمع ، والفيصل الاخير في كل الاختلافات والنزاعات والمرجع الاخير في تطبيق القوانين وضمان احترام الارادة الجماعية ، وجب عليها أن تكون محايدة تجاه كل الاطراف والمواقف والاطروحات الاجتماعية والسياسية وتجاه كل الايديولوجيات والبرامج الحزبية .
ان المؤسسة القضائية ومنظماتها (الجمعية أو النقابة ) لما تتحول الى طرف في النزاع السياسي ، ولما تتبنى موقفا دون آخر ، أو لما تتخلى عن موضوعيتها ( بدعو ى النزول عند رغبة الثورة أو الشارع) او لما تسعى لفرض أحد افرادها كشريك سياسي بصفته قاضيا ،تتحول من حارس للقانون الى عنصر من عناصر الصراع يحكم وفق تصوراته الذاتية واهوائه ومصالحه الفئوية والحزبية أو السياسية والفكرية عموما . مما يفقده الموضوعية والحياد في اصدار الاحكام .فتخسر الثقة الممنوحة لها من قبل المواطنين والأطراف المتنازعة .
ان فقدان الثقة في المؤسسة القضائية والقاضي يعتبر من اكثر الاخطار التي تتهدد المسار الديمقراطي بل وتتهدد قيام الجمهورية على اساس الفصل بين السلط وعلى اساس احترام الحريات الفردية والعامة ، لذا فان مطلب استقلال القضاء في وحده لا يعتبر كافيا ان لم يقترن بالنضال من اجل تحقيق حياد القضاة والمؤسسة القضائية عن كل أشكال التنافس السياس والحزبي ، وعن مصالح الأطراف المتنازعة مهما كانت فئاتها المهنية أو انتمائاتها الطبقية والعرقية أو الدينية ، من الاكيد أنه لا يمكن لنا ان ان ننزع عن القاضي مواطنيته أو انسانيته أو حقه في التفكير والانتماء ، ولكننا يمكن ان نحقق الرقابة المؤسساتية على ممارسته وأحكامه ويمكن لنا ان نضمن عن طريق هذه المؤسسات عدم انحيازه لاحد الاطراف دون الآخرين وان نلزمه بالحياد .ونمنعه من المشاركة السياسية طالما احتفض بصفته المهنية . وهي في رأيي مسألة لها من الاهمية ما لانتخابات المجلس التأسيسي أو تفوق .
محمد نجيب وهيبي ناشط بالحزب الاشتراكي اليساري http://uget.tk http://psg-tn.tk

<


د. ايزابيل شايفير الخبيرة الألمانية في العلاقات الدولية لـ”الصباح” الغرب سيشجع “النموذج الإسلامي التركي” في الدول العربية


ثورتا تونس ومصر أقنعتا أوروبا بأخطاء رهانها على الدكتاتورية اعتبرت د.ايزابيل شايفير الخبيرة الألمانية في العلاقات الدولية أن الثورتين الشعبيتين في تونس ومصر أقنعتا أوروبا بأخطاء رهانها على الدكتاتورية والأنظمة السياسية الاستبدادية وتنتهك حقوق الإنسان “مقابل ترويجها لصورة عنها تعرضها في موقف من يضمن أمن أوروبا ويمنع الهجرة غير القانونية ويتصدى للبديل السلفي المتطرف”. وأوردت الخبيرة في العلوم السياسية الألمانية والباحثة في معهد العلوم الاجتماعية في برلين في حديث للصباح ـ على هامش مشاركتها في ندوة نظمتها جمعية دراسات دولية بتونس أمس ـ أن الحكومات الاستبدادية في تونس ومصر والمنطقة العربية كانت تسوق صورة مغلوطة عنها وعن خصومها ومعارضيها وكانت تحاول أن تقنع بكونها من يمثل تيار” الحداثة” المدعوم شعبيا مقابل” معارضة متطرفة تمارس العنف ومورطة في التطرف الديني أو متحالفة معه ” لكن ما جرى ويجري من ثورات شعبية أكد عمق الفجوة بين الانظمة العربية الاستبدادية عامة والنظام التونسي خاصة وعموم الشعب الذي يبدو أن غالبيته ليست مسيسة ولا تنتمي ايديولوجيا الى التيارات المتطرفة”.  
أخطاء استراتيجية وتعقيبا على سؤال ثان للصباح حول آفاق العلاقات الاوروبية التونسية والاوروبية العربية بعد ثورات الربيع اوردت الخبيرة الالمانية أن: “أوروبا مدعوة الى أن تقر أولا انها أخطأت في رهانها على الانظمة الدكتاتورية في تونس والمنطقة العربية . وعلى ساستها ان يعترفوا أنهم فوجئوا بهذه الثورات وبكون شعوب من المنطقة العربية نجحت في إزاحة حكامها الدكتاتوريين عبر ثورات شعبية سلمية رائعة فاجأت العالم اجمع…وبمنهجية تسجل لأول مرة في تاريخ المنطقة”. واعتبرت مخاطبتنا أن “الثورة التونسية والثورات العربية دفعت أوروبا إلى إعادة النظر في عدد من المسلمات الخاطئة من بينها دعم الديكتاتورية مباشرة او غير مباشرة بسبب الخلط بين الإسلام والإرهاب ،الى جانب اعادة التفكير في مسلمات من بينها حاجة أوروبا الى إعطاء الأولوية في علاقاتها الدولية لأولوياتها الأمنية ومن بينها مكافحة الهجرة غير القانونية والارهاب والتاويلات السلفية للاسلام على حساب حق شعوب دول الجنوب في التنمية الاقتصادية والسياسية والانتخابات الديمقراطية “. ونوهت مخاطبتنا النموذح الاسلامي التركي الذي قدم قراءة تؤكد على التناغم بين الديمقراطية والقيم الاسلامية ومنطق احترام ارادة الشعب وسيادته والتعايش بين الاقلية والاغلبية..واعلنت ان اوروبا والعواصم الغربية ستحرض على انتشار هذا النموذج الاسلامي المعتدل في الدول العربية وليس التأويلات السلفية المتشددة للدين الاسلامي “.  
التخوفات من بروز “السلفيين” والعنف لكن الا تتخوف المانيا واوروبا وامريكا من بروز جديد للسلفيين المتشددين ومن نجاحهم في الانتخابات التعددية والديمقراطية التي ستنظم في المرحلة القريبة القادمة ؟ السيدة ايزابيل شايفر تعتبر ان “انتصار الثورة السليمة في تونس ومصر واندلاع الثورات في ليبيا واليمن ودول عربية اخرى كان اعلانا فعلا على انتهاء مرحلة الحركات المتشددة والتنظيمات المتطرف المسلحة ومن بينها حركة القاعدة . ويمكن ان نعتبر ان مقتل بن لادن حدثا رمزيا لنهاية دور “الحركات الجهادية المتشددة ” وايذانا ببدء مسار التغيير السياسي السلمي..” لكن مخاطبتنا أقرت بوجود” تخوفات في اوروبا من ان تؤدي الثورات الديمقراطية الى صعود المتشددين الاسلاميين والى بروز اعمال عنف جديدة في المنطقة ومن ان تستفيد من الانتخابات الديمقراطية أساسا حركات مماثلة لحماس التي لم تقدم نموذجا مغريا للاعتدال السياسي..لذلك ستدعم اوروبا وحلفاؤها النموذج التركي وسترفض بروز التطرف والارهاب حولها..”.  
الزواج المشترك والاندماج لكن ألا يكون بعض الساسة الغربيين يدعمون التطرف من خلال التقليل من اهمية حوار الثقافات ومن سيناريو “التعايش في مجتمعات متعددة الثقافات والديانات في اوروبا” ؟ الدكتورة ايزابيل شايفر أٌقرت بكون بعض الساسة البارزين في المانيا وفرنسا وبريطانيا اصدروا تصريحات تعلن “فشل مجتمع تعدد الثقافات” في اوروبا مع التركيز على فشل اندماج المسلمين ثقافيا في دولهم الجديدة التي يحملون جنسيتها وجوازها. لكنها قللت من مبررات التشاؤم وسجلت ما تكشفه الاحصائيات عن مزيد من الزيجات المشتركة والنجاحات بين انباء المهاجرين في وسائل الاعلام والمؤسسات الاقتصادية واعتبرت ان التجارب الايجابية كثيرة وان الفشل نسبي لان الاندماج الثقافي واقع معاش في اوساط المهاجرين والاجيال الجديدة منهم بالذات”. واعتبرت أن “الحوار بين الثقافات مسار يتطور وليست حدثا ثابتا وأن صورة العربي في وسائل الاعلام الالمانية والغربية تحسنت كثيرا بعد ثورتي تونس ومصر والثورات العربية. واصبح العربي رمزا للنضال من اجل الديمقراطية والكرامة والحريات بعد ان كونت الصورة التي يحملها الغربيون عنه هي صورة الارهابي المتطرف”. كمال بن يونس (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 ماي 2010)

<



2011-05-21 القاهرة- (رويترز): أجلت محكمة جنايات القاهرة السبت محاكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه في قضية قتل المتظاهرين إلى جلسة 26 يونيو حزيران “لعدم الانضباط في القاعة”. وقتل أكثر من 846 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة آلاف آخرين في الاحتجاجات التي انتهت بتخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن منصبه في الحادي عشر من فبراير شباط. وكانت هيئة المحكمة قالت في ختام الجلسة السابقة التي عقدت يوم 24 ابريل نيسان وهي أولى جلسات المحاكمة إنها ستطلب توفير مكان لعقد الجلسات يستوعب الأعداد الكبيرة من المحامين وأقارب الضحايا لكن الجلسة عقدت في نفس القاعة في مجمع المحاكم في ضاحية القاهرة الجديدة بشرق العاصمة. وكان ألوف المصريين تظاهروا أمس الجمعة في القاهرة ومدينتين ساحليتين للمطالبة بسرعة محاكمة مبارك ووزرائه ومساعديهم المحبوسين احتياطيا أو الذين تجري محاكمتهم. وقبل بدء الجلسة اعترض أقارب للضحايا على وجود رجال شرطة بأعداد غفيرة داخل قفص الاتهام وخارجه قائلين إنهم يشكلون “ستارة بشرية” تحجب المتهمين عن باقي القاعة. كما اعترضوا على وضع مقاعد في القفص ليجلس عليها المتهمون. وبدأت الجلسة دون أن ينادي رئيس المحكمة المستشار عادل عبد السلام جمعة على المتهمين الأمر الذي تصور معه أقارب للضحايا ومحامون أنهم لم يمثلوا في قفص الاتهام. وانخرط أقارب الضحايا في عويل وصراخ شديد قائلين “حسبنا الله ونعم الوكيل”. وتوجهت امرأة نحو قفص الاتهام حاملة صورة لمن قالت إنه ابنها الشهيد وهتفت “قطعت كبدي يا سفاح” موجهة كلامها إلى العادلي رغم أنه لم يكن باديا لها. وهتف الحضور “الشعب يريد اعدام السفاح”. والمتهمون إلى جانب العادلي هم أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي السابق وعدلي فايد مساعد أول وزير الداخلية للأمن ومدير مصلحة الأمن العام السابق وحسن عبد الرحمن مساعد أول وزير الداخلية ورئيس جهاز مباحث أمن الدولة المنحل وإسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق وأسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق ومساعد وزير الداخلية لشؤون التدريب حاليا وعمر الفرماوي مدير أمن محافظة 6 أكتوبر الملغاة. والتهم الموجهة إليهم تتصل بقتل والشروع في قتل المتظاهرين وإصدار أوامر من شأنها الإضرار بأموال جهة عملهم وهي وزارة الداخلية التي تتبعها أقسام ومراكز الشرطة التي أحرق نحو مئة منها. وطلب المحامي سمير أحمد الذي يقول إنه ممن أصيبوا في ميدان التحرير إعادة أوراق القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لتحديد دائرة أخرى بمحكمة جنايات القاهرة لنظرها قائلا إنه يرد الدائرة التي تنظرها حاليا. وأضاف أنه تقدم بمذكرة للمجلس الأعلى للقضاء ووزير العدل جاء بها أن “شبهات” تحيط بجمعة. وقال أحمد إنه يطلب أيضا إدخال متهمين جدد في القضايا يتقدمهم مبارك بصفته رئيس المجلس الأعلى للشرطة وقت الاحتجاجات ويشملون الضباط والجنود الذين أطلقوا النار مباشرة على المتظاهرين. ورفع القاضي الجلسة وسط صراخ أقارب الضحايا ثم عاد ليعلن التأجيل لغياب الانضباط في القاعة. وقال محامون آخرون بينهم نائب رئيس محكمة النقض السابق والناشط سياسيا المستشار محمود الخضيري إنهم يعملون لمنع جمعة من نظر القضية. وحكم جمعة بالإدانة في عدد من القضايا المثيرة للجدل بينها القضية التي حبس فيها الزعيم المعارض لمبارك أيمن نور والذي أمضى في السجن أغلب مدة سجن كانت خمس سنوات قبل الإفراج عنه لأسباب صحية. وتجرى محاكمات في عدد من المحافظات لمديري أمن سابقين وضباط شرطة بتهم مماثلة وفي أجواء مماثلة من التوتر. وحكم على العادلي من قبل بالسجن لمدة 12 عاما لإدانته بالتربح وغسل الأموال. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 ماي 2010)

<



ماجد كيالي تعثر خياري المفاوضة والمقاومة الشعب يريد إنهاء الانقسام تغير البيئة السياسية الإقليمية استحقاقات ما بعد الاتفاق مصير الحراكات الشعبية استنتاجات أخيراً توصلّت حركتا “فتح” و”حماس”، المهيمنتان على المجالين السياسي والمجتمعي للفلسطينيين، على توافقات تنهي، في حال استكمالها، الاحتراب المكلف والمجاني بين أكبر فصيلين، وتضع حداً لواقع الانقسام في النظام السياسي الفلسطيني. معلوم أن الانقسام الفلسطيني أثّر سلباً على شعب فلسطين وقضيته وحركته الوطنية، إذ أدى إلى خلق حالة من الإحباط بين الفلسطينيين، واستنزف جهودهم في الصراعات والتنافسات البينيّة، بدلاً من تركيزها في مواجهة عدوّهم، وأضعف من صدقية كفاحهم من أجل حقوقهم، أمام الرأي العام على الصعيدين العربي والدولي، وفوق كل ما تقدم فإن هذا الانقسام شوّه الحركة الوطنية الفلسطينية التي بدت وكأنها تتصارع على مجرد سلطة تحت الاحتلال. المفارقة أن واقع الاختلاف والاحتراب والانقسام لم يفد “فتح” و”حماس” البتة، وإنما أنهكهما، وأضعف شعبيتهما، في حين أن إسرائيل كانت الرابح الوحيد من كل ذك، إذ انشغل الفلسطينيون عنها، وبدّدوا جهودهم في غير مكانها، مما سهّل لها الترويج لعدم وجود “شريك” فلسطيني في عملية التسوية، وعدم أهلية الفلسطينيين لحكم أنفسهم، ولمشروعية عدم ثقتها بهم. فما الذي جرى فعلاً؟ أو كيف تم التوصل إلى ذلك حقاً؟ تعثر خياري المفاوضة والمقاومة لعل العامل الأول الذي حضّ قيادتي “فتح” و”حماس” على الحسم والتسريع بالمصالحة إنما يتمثّل بإدراكهما لتعثّر خياراتهما السياسية، سواء تمثلت بالمفاوضة أو بالمقاومة. وكما شهدنا فإن خيار القيادة الفلسطينية (ونقصد هنا قيادة السلطة في رام الله وهي ذاتها قيادة فتح والمنظمة)، والمتمثل بالمفاوضة والتسوية بات مسدودا تماما، بحكم التعنّت والصلف الإسرائيليين، وبواقع استمرار الأنشطة الاستيطانية (ولو على مستوى تجميد مؤقت)، وإصرار إسرائيل على فرض أولوياتها وحساباتها وإملاءاتها في عملية التسوية على الفلسطينيين (في مسائل مثل يهودية إسرائيل، والقدس عاصمة موحدة لها، وأخذ اعتباراتها الأمنية بالحسبان، وشطب حق العودة نهائيا). فوق ذلك فإن هذه القيادة أدركت أنه من الأجدى لها الذهاب نحو توحيد الصف الفلسطيني في هذه المرحلة التي تحاول فيها حشد الجهود لطرح قضية فلسطين في الأمم المتحدة (في سبتمبر/أيلول القادم). وبالمثل فإن حركة “حماس”، وبعد أن باتت في موقع السلطة في قطاع غزة، وجدت نفسها أمام أفق مسدود، أيضا، إذ تمّ فرض الحصار المشدّد على الفلسطينيين في القطاع، الذين باتوا يعانون من ضائقة شديدة، وفضلا عن ذلك فإن خيار المقاومة من القطاع بات باهظ الكلفة، وباتت خيارات المقاومة في القطاع محصورة بالقصف الصاروخي، غير المؤثر تماما، والذي يستدعي بدوره ردود فعل إسرائيلية وحشية (خذ مثال الحرب على غزة أواخر 2008). عدا عن كل ذلك فقد باتت “حماس”، وهي من موقعها في السلطة تدرك أنها بحاجة إلى توسيع مروحة علاقاتها الدولية، الأمر الذي يتطلب منها مراجعة خطاباتها وأشكال عملها، ما أدى بها الاقتراب من برنامج “فتح”، بشأن القبول ببرنامج إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، ولو بمصطلحاتها الخاصّة (وهذا ما كان جليا في كلمة خالد مشعل زعيم حركة حماس في حفل إعلان المصالحة). الشعب يريد إنهاء الانقسام في الحقيقة إن حركتي “فتح” و”حماس” ظلّتا تواجهان ضغوطا شعبية هائلة، لم تهدأ يوما، لإنهاء حال الانقسام، لكن هذه الضغوط ازدادت وتوسّعت على خلفية الحراكات والثورات الشعبية الجارية في عديد من البلدان العربية. هكذا تشكّلت في الواقع الفلسطيني، في الداخل والخارج، العديد من الإطارات التي ركّزت جهودها على التحريض من أجل الضغط على الحركتين المذكورتين لدفعهما إلى المصالحة الوطنية، وقد توّجت هذه الإطارات تحرّكاتها في المظاهرات الكبيرة، التي عمّت الضفة الغربية وقطاع غزة في الخامس عشر من مارس/آذار الماضي، وكان شعارها الجامع: “الشعب يريد إنهاء الانقسام”. وربما أن هذه الحراكات كانت بمثابة إنذار للقيادات الفلسطينية السائدة بأن الشعب فقد صبره من الفصائل، وأن هذه باتت تفقد شيئا فشيئا من مكانتها الشعبية والتمثيلية، وأن شعار “الشعب يريد إنهاء الانقسام”، ربما يتحوّل، رويدا رويدا إلى شعار: “الشعب يريد إسقاط النظام”، كما حصل في أكثر من تجربة، في المشهد العربي الراهن. ومن المفيد التذكير هنا بأن الإطارات التي دعت إلى التحرك في الخامس عشر من مارس/آذار الماضي، والتي نظمت نفسها عبر الشبكة العنكبوتية، ظلت تؤكد أنها ستواصل حراكها لإنهاء الانقسام وربما لأكثر من ذلك، ويأتي في هذا الإطار الدعوات لتحركات شعبية وشبابية في الخامس عشر من مايو/آيار (ذكرى النكبة) والتي جرت كما كان مقررا لها. تغير البيئة السياسية الإقليمية ومع تأكيدنا على أهمية العاملين السابقين، إلا أن العامل الجديد الذي حسم توجه “فتح” و”حماس” نحو المصالحة إنما يتمثل بالتغير الكبير في العامل الإقليمي، الناجم عن الثورات والحراكات الشعبية في عديد من البلدان العربية. وبديهي أن في مقدمة هذه المتغيرات نجاح الثورة الشعبية في مصر، وانتهاء نظام مبارك، الذي كان يلعب دورا سلبيا في المجال العربي، ولا سيما في المجال الفلسطيني. والثابت أن الثورة الشعبية المصرية، التي أعادت لمصر دورها الإقليمي، ولمكانتها في مواجهة التحدي الذي تمثله إسرائيل في هذه المنطقة، وحجّمت من نفوذ إيران، هي التي دفعت الفلسطينيين إلى حسم أمرهم، فهذه مصر بحجمها وتاريخها ومكانتها. أيضا، ورغم تأكيدنا على أهمية مصر في عملية المصالحة، فثمة عديد من الأطراف التي لعبت دورا ايجابيا في هذا المجال، إذ أسهمت دول التعاون الخليجي في هذا الأمر (لا سيما دولتي الإمارات وقطر)، كما أسهمت فيه تركيا بكل قوتها. طبعا لا يمكن أن نغفل في هذا السياق أن حركة “حماس”، في تحولها نحو المصالحة، التقطت، أيضا، لحظة التغيرات الجارية في بيئة الأنظمة العربية، وتأثّرت بمحاولة حركة “الإخوان المسلمين” تأهيل ذاتها للتأقلم مع الواقع العربي الجديد، وأدركت التراجع الحاصل في الدور الإيراني، بعد صعود الدور المصري. على ذلك يمكن اعتبار المصالحة بمثابة الاستجابة الطبيعية للقيادات الفلسطينية للثورات والحراكات الشعبية العربية، أو هي حصة الفلسطينيين من ارتدادات هذه الثورات في الواقع العربي. استحقاقات ما بعد الاتفاق الآن، وحتى لا تأخذنا اللحظة، من المفيد أن ندرك أن ما جرى، على أهميته، هو مجرد مصالحة بين فصيلين، وأن هذا لا يكفي وحده للحيلولة دون تكرار تجربة الاقتتال والانقسام، لأن ذلك يتطلب أساساً الاعتراف بالتعددية، واحترام الرأي الآخر، وقبول المختلف، وترسيخ التوافق على حل الخلافات بوسائل الحوار والأساليب الديمقراطية، وفي الأطر المؤسسية الشرعية والتمثيلية، ولا سيما الاتجاه نحو حسم القضايا الخلافية عبر الاحتكام لإرادة الشعب في صناديق الاستفتاء والاقتراع. ومن مراجعة نص “المصالحة” الذي تم التوقيع عليه في القاهرة بين ممثلي حركتي “حماس” و”فتح”، يمكن ملاحظة أن ثمة مشروعية لكل المخاوف المذكورة. مثلا، فقد توافقت هاتان الحركتان على شراكتهما في الهيمنة على النظام السياسي الفلسطيني (السلطة والمنظمة)، فتشكيلة الحكومة يجب أن تخضع لموافقتهما معا، أي أن المستقلين الذين سيشكّلون الحكومة الفلسطينية المقبلة، ينبغي أن يتم تنسيبهما وفق معايير “فتح” و”حماس”، بدلا من معايير الكفاية الشخصية والاعتبارات الوطنية والنزاهة المسلكية. وهذا ينطبق على تشكيلة لجنة الانتخابات المركزية، التي ستعدّ للانتخابات المقبلة (الرئاسية والتشريعية)، وعلى الشخصيات التي ستنضوي في عضوية المحكمة الانتخابية، كما على اللجنة التي ستناقش إعادة هيكلة منظمة التحرير والمجلس الوطني (والتي بحسب الاتفاق سيترأسها الرئيس محمود عباس، وستضم أعضاء من الحركتين وأعضاء من اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئيس المجلس الوطني وبعض المستقلين). فوق ذلك فإن الأجهزة الأمنية لن يجري حلها، أو إعادة هيكلتها، وإنما سيجري توحيدها، ما يعني إبقاء الوضع المليشيوي للفصيلين الكبيرين على حاله، من دون أي صلة بإعادة ترشيد الأجهزة الأمنية، لا سيما لجهة تقليص عددها، وتحديد دورها (إذ يصعب فصلها في الوضع الفلسطيني عن التجاذبات السياسية). أما على الصعيد السياسي فثمة مأزق كبير، فمن غير المعقول اختزال المشروع الوطني الفلسطيني بمجرد دولة في الضفة والقطاع، كما من غير المقنع الحديث عن أن القيادات الفلسطينية متمسكة بهدف الدولة وحق العودة، في آن، وعبر وسائل المفاوضات. والمعنى أنه ينبغي إعادة صياغة المشروع الوطني، بحيث لا يتم وضع هدف الدولة مقابل حق العودة أو بالعكس، وإنما يجب أن يطرح هذا الأمر في سياق الترابط والتكامل والتفاعل بين الأهداف الفلسطينية، في المدى المستقبلي، وبديهي أن ذلك يتطلب صياغة مشروع وطني فلسطيني يجاوب على كل أسئلة الفلسطينيين، بمختلف أماكن تواجدهم، ولا يضعها في مواجهة بعضها. مصير الحراكات الشعبية لعل واحدة من إشكاليات اتفاق المصالحة أنه يلحظ إيجاد نوع من الشراكة بين الفصيلين الكبيرين والمهيمنين، بعيدا عن التمثيلات الشعبية المتشكّلة في الساحة الفلسطينية، وهي تمثيلات لم تعد تخضع تماما للخريطة الفصائلية التي هي على الأغلب تآكلت واستهلكت وأفل دورها. ومعلوم أن الحراكات الشعبية والشبابية الفلسطينية الصاعدة والناشطة، قبل الثورات الشعبية العربية وبعده، باتت تشكل تهديدا للنظام السياسي الفصائلي المتسيّد منذ عقود عدة. ويخشى أن هذا التوافق يتوخّى، في ما يتوخّاه، الحيلولة دون تطور هذه الحالة، أي الحد من تطور المجتمع المدني الفلسطيني، ومن تنامي الحركات الشبابية، وهما مساران صاعدان، على الضد من المصالح الضيقة للكيانات الفصائلية الفلسطينية، وبالأخص منها “فتح” و”حماس”، اللتين أبدتا، أكثر من مرة، تبرّمهما من الحركات الشبابية المستقلة، بل وقمعهما لها. معلوم أن الثورات الشعبية العربية بينت أن الأحزاب السلطوية، وضمنها الأحزاب الراديكالية التي تصل إلى السلطة، تفقد بعد فترة من الزمن الكثير من حيويتها، وأهليتها، وصدقيتها، ما يؤدي إلى تراجع دورها، وبالتالي انحسار مكانتها الشعبية والتمثيلية في المجتمع، ما يدفعها إلى الانحراف نحو ترسيخ شرعيتها من الإقناع والتمثيل، إلى وسائل الهيمنة، بوسائل العصا والجزرة، عبر نسج علاقات قائمة على الإكراه بالقوة المباشرة أو الإكراه بوسائل العلاقات الزبائنية والخدمية التي تقدمها، من مكانتها في السلطة. وبديهي أن ذلك يفيد، أيضا، بأن الوضع الفلسطيني ليس بمنأى عن هذا الاستخلاص، وأن “فتح” و”حماس”، على مكانتيهما، ليستا قدرا أبديا للشعب الفلسطيني. استنتاجات على كل، وبرغم محدودية ما حصل، يحقّ للفلسطينيين أن يأملوا أن تمضي هذه المصالحة في طريقها، لا أن تنكسر مجدداً، كما حصل في تجارب سابقة، وأن يصل المتخاصمون إلى نوع من التوافق على حل خلافاتهم عبر وسائل ديمقراطية، وداخل المؤسسات الشرعية، والاحتكام إلى صوت الشعب في صناديق الاقتراع والاستفتاء، بدلاً من الاقتتال والانقسام. كما يأمل الفلسطينيون أن تكون هذه المصالحة بمثابة خطوة أولى، لها ما بعدها، وألا تكون بمثابة شراكة مصلحية، وفقط، بين الفصيلين المعنيين، لتكريس هيمنتهما على المجالين المجتمعي والسياسي للفلسطينيين. وبين هذا وذاك على الفلسطينيين أن يدركوا أن هذه المصالحة ليست بديلا من إعادة بناء الحركة الفلسطينية لذاتها، على أسس ديمقراطية ومؤسسية وتمثيلية ونضالية، وعلى أساس استعادة هذه الحركة وضعها كحركة تحرر وطني. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 ماي 2010)

<



خالد المعيني الاستقلال السياسي الهش دروس الثورات ونتائجها الأولية ماذا بعد الثورات؟

على الرغم من أن التوقيتات المتقاربة لاندلاع الثورات العربية تثير أكثر من تساؤل وعلامة استفهام لاستحالة الاتفاق أو التنسيق المسبق بين شعوب المنطقة في آن واحد، إلا أن ما حصل ويحصل بالتأكيد نوع من الهزات العنيفة والعميقة التي ضربت الأنظمة السياسية بشدة وجعلتها تترنح أمام إرادة وطاقة جبارة غير مسبوقة للشعب العربي، مما جعل هذه الأنظمة تفقد قدرتها على التحكم والسيطرة. وهذه الظاهرة التي أسفرت عن جملة حقائق ونتائج ولا تزال بعد لم تتجل كامل ملامحها النهائية بحاجة إلى الوقوف عند منعطفاتها الحادة ودراسة دوافعها وخلفياتها وحساب حدود تطورها ونتائجها المحتملة وتأثير مجمل ذلك على مستقبل المنطقة العربية. لقد أصبح من الواضح أن مدى ومستوى وسقف تطور كل حالة وبغض النظر عن قدحة الزناد والأسباب المباشرة لها، إنما يستمد خصوصيته من حاصل امتزاج نسبة العامل الخارجي وتوجهاته مع نسبة تراكم الاستحقاق الداخلي الذي يكاد منسوبه يكون متشابها في كافة المجتمعات العربية بما فيها تلك الأقطار التي لم تندلع فيها اضطرابات أو انتفاضات أو ثورات لغاية الآن.  
الاستقلال السياسي الهش لم يتوقع رواد الموجة الأولى من ثورات استقلال الأقطار العربية في عقود منتصف القرن الماضي أن يبقى هذا الاستقلال شكليا وحبيسا في حدود الاستقلال السياسي، فالثورات التحررية الوطنية لا تنتهي بإحراز الاستقلال السياسي، فهو يبقى وهميا وقلقا إذا لم يسفر عن تبدلات عميقة وجذرية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. لقد أدى الإخفاق المستمر وتراكم الفشل تحت ذريعة الشعارات الأيديولوجية والشرعية الثورية إلى انزلاق معظم هذه الأنظمة إلى الدكتاتورية والفردية ووصلت من حيث كبت الحريات والفساد إلى مستويات أسوأ بكثير من مراحل ما قبل الثورة والاستقلال، وتحول معظمها بمرور الزمن إلى أجهزة بوليسية والنتيجة تحول مفهوم الأمن الوطني ليتمحور حول أمن الرئيس وأمن النظام بدلا عن أمن المجتمع غذائيا وسياسيا وثقافيا والذي يشكل بتكامل عناصره حصانة الجبهة الداخلية ومناعتها ضد الاختراقات الخارجية. في أي مجتمع يمثل البناء السياسي انعكاسا للبنيتين الاقتصادية والاجتماعية، وفي ظل فشل شبه تام وعجز عن معالجة مشاكل المجتمع العربي السياسية المتعلقة بإطلاق الحريات بمختلف أشكالها وفي مقدمتها الحريات السياسية المتعلقة بآليات الحكم وتداول السلطة سلميا وكذلك حريات التعبير عن الرأي التي تضمن تنفيس المجتمع عن مشاعره ومعاناته وأحاسيسه وما يتعرض له من مظالم، كل ذلك أدى إلى تناقض حاد ما بين شعارات الأنظمة وإعلامها وبين حقائق الوعي السياسي الشعبي القائم على المعاناة اليومية. من جانب آخر ولد الفشل الاقتصادي المتمثل في انعدام فرص العمل لجيوش من الشباب العاطلين تفاوتا حادا في المستوى المعيشي وازدياد شريحة الفقراء والبؤس وامتداد أحياء كاملة من الصفيح باتت لازمة للمدن العربية. في ظل هذه الأزمات شاهدنا كيف وجدت السلطة والحكومات العربية نفسها وجها لوجه أمام الشعب وكيف تحولت الدبابات والآليات إلى مجرد خردة أمام إرادة الشعب الغاضب وهذه إشارة واضحة على حجم الانغلاق والعزلة التي تعاني منها النخب الحاكمة ووجود فجوة كبيرة بينهما وعدم تبلور أية حلقات وسطية أو صمامات تنفيس للضغوط والمتمثلة بمنظمات المجتمع المدني وتراجع واضمحلال دور الأحزاب التقليدية سواء كانت أحزاب السلطة أو المعارضة وانفصامها عن الشارع. هذه الصمامات التي تتيح في الغرب على سبيل المثال تخفيف حدة الاصطدام وتؤدي وظيفة امتصاصها عند تعرض المجتمعات لهزات وأزمات طارئة. إن هذا الفشل الأفقي في بناء مقومات الهوية الوطنية مقابل الهويات الثقافية الفرعية وكذلك تدهور مستوى معيشة الفرد العربي من خلال تراجع وإخفاق كافة خطط التنمية المستدامة وتغول السلطات أمنيا وبوليسيا على حساب حريات المواطن الأساسية، وتراكم الغضب والشعور لدى ملايين الشباب بانعدام الأمل بالمستقبل والإحباط واليأس الناجم عن حجم البطالة مقابل طوفان من الفساد الإداري والمالي الذي ينخر المجتمعات كل هذه الأسباب الكامنة والتي استغرق تراكمها أكثر من نصف قرن من الإخفاقات والفشل والقمع على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، شكلت مقدمات ومدخلات حاسمة كان لا بد لها أن تنفجر في أي لحظة سواء كان منشأ توقيت وتصنيع جهاز التفجير محليا أو خارجيا، وتسفر عن المخرجات التي نحن اليوم بصدد اللحاق بها.  
دروس الثورات ونتائجها الأولية على الرغم من أن ظاهرة الثورات التي تعم المنطقة العربية كالزلزال الذي يضرب مناطق بقوة ولكن ذلك لا يعني أن بقية المناطق لم تتأثر، لا تزال قيد التبلور ولم تسفر بشكل واضح عن كافة نتائجها وأبعادها وحدود وعمق تأثيراتها إلا إنه يمكن لغاية الآن استقراء واستنباط بعض الدروس التي باتت شبه ثابتة ومستقرة على الأقل في الدول التي تتعرض لهذه الثورات: الدرس الأول: إعادة الاعتبار للشعب واستعادته الثقة بالنفس والشعور بأنه شعب حي قادر على رسم مستقبله ومصيره وقدره بنفسه. الدرس الثاني: انتهاء أسطورة البقاء في الحكم مدى الحياة في الأنظمة العربية وكذلك مغادرة الأنظمة لفكرة الاستخفاف بإرادة الشعب وبقدرته على الثورة والتغيير. الدرس الثالث: انحسار دور الأحزاب التقليدية وسقوط معظم الهياكل السياسية لجيل وموجة الاستقلال الأولى (أنظمة، انتخابات شكلية، برلمانات وهمية، أحزاب أيديولوجية) وبروز الشباب كشريحة جديدة محركة للمجتمع ومعبرة عن حقيقة إرادته وصانعة لقراراته. الدرس الرابع: وضعت ثورات الشباب العربي أثقالا وتحديات أمام الفكر السياسي العربي في قدرته على مواكبة واستيعاب هذه المتغيرات السريعة وإمكانية تأطيرها بمعادلات تفي بتوظيفها بالاتجاه الصحيح ومن الواضح إن طريقة التفكير المتأخرة التي يفكر بها الكثير من المثقفين العرب أصبحت بفعل هذه الثورات كأنها من التراث أكثر منها فكر حي يستجيب لمتطلبات غليان الشباب.  
ماذا بعد الثورات؟ إن السؤال المركزي الذي يحتاج إلى إجابة مبكرة من لدن المفكرين العرب هو أين سيستقر مصب هذه الثورات؟ وما هي حدود تأثيرها؟ هل هي ثورات مستوفية لشروط ومعايير مفهوم الثورات الحقيقية، أم هي موجات ثورية جديدة لتأكيد استقلال الموجة الأولى التي حصلت القرن الماضي وستقف حدودها عند تغيير سطحي يطال الأنظمة السياسية واستبدالها بأنظمة أخرى؟ وإذا كان شعار هذه الثورات يتراوح ما بين (الشعب يريد إصلاح النظام أو تغيير النظام) فهل سيتكرر الفشل التاريخي على المستويين الاجتماعي والاقتصادي؟ لحد الآن تفيد جميع المؤشرات بأن هذه الثورات انطلقت بعفوية وتلقائية دون تخطيط مسبق وتفتقر إلى قيادات متمرسة أو رؤيا سياسية واضحة للمستقبل، مما يستلزم إيجاد مشروع عربي متكامل لاستيعاب هذا المخاض العسير وضمان ولادته بشكل سليم وصحي بعيدا عن الاستهدافات الخارجية التي قد تسرق أحلام الجيل العربي الجديد الثائر. ففي هذه اللحظة التاريخية والانتقالية الحرجة التي يمر بها الشعب العربي علينا أن نميز بدقة بين الانفعالات الجماهيرية المكبوتة والتي تعبر عن نفسها بطريقة (الشعب يريد تغيير النظام) وبين إمكانية توظيف زخم هذه اللحظات التاريخية لتحقيق قفزة نوعية حقيقية لتغيير قدر ومصير هذه الأمة وتهيئة الظروف اللازمة والأفكار المناسبة للتأسيس إلى مرحلة جديدة من الاستقلال السياسي القائم على الاستقلال الاجتماعي والاقتصادي، وصياغة معادلة تضمن ربط تغيير النظام بإحداث تغييرات أفقية على مستوى المجتمع والحريات. إن إغفال مثل هذه المعادلة ومثل هذا الربط قد يعيد المنطقة إلى مربع الاستقلال الناقص الأول، وإذا كان نموذج الاستقلال والثورات الأول قد أسفر عبر نصف قرن نتيجة الفشل الاقتصادي والاجتماعي عن انغلاق وانعزال ودكتاتورية الأنظمة، فإن تكرار الثورة على مستوى الأنظمة السياسية فقط قد يؤدي إلى غربة هذه الأنظمة وإلى انقسامات مجتمعية حادة على أساس طائفي وعرقي. إن هذه الثورات بحاجة إلى جهد فكري وسياسي وهو من اختصاص النخب الشابة لصياغة مثل هذه المعادلة على أن تكون معادلة حقيقية ونقية وتنتمي إلى جوهر هذه الأمة بعيدا عن الاستنساخ والتلاعب الخارجي وترف الصالونات الفكرية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 ماي 2010)

<


عادل إمام في مهمة انتحارية لتل أبيب: ‘الإبادة’ أو الشهادة!

‘فرقة ناجي عطا الله’ الحجز مقدماً على الفضائيات العربية في رمضان


2011-05-20 القاهرة ـ ‘القدس العربي’ ـ من كمال القاضي: ‘فرقة ناجي عطا الله’ هو عنوان المسلسل الأبرز بين الأعمال الرمضانية على خريطة التلفزيون المصري والفضائيات العربية والخاصة، خلال الشهر الكريم، المسلسل عودة للفنان عادل إمام بعد فترة غياب طويلة جدا منذ أن قدم مسلسله الشهير ‘دموع في عيون وقحة’ عن قصة رجل المخابرات المصرية أحمد الهوان، الذي عُرف بعد عرض المسلسل باسم جمعة الشوان. يأتي اختيار إمام لناجي عطا الله ليكون سبيله لإعادة جمهوره التلفزيوني على خلفية الصراع الدائر بيننا وبين إسرائيل، والرغبة العارمة في إغلاق السفارة الإسرائيلية وطرد السفير تماشياً مع الشعار المرفوع دائماً في كل المظاهرات قبل وبعد الثورة، فالبطل بالمسلسل المذكور يسافر الى تل أبيب لتنفيذ عملية سطو على أحد البنوك كنوع من الانتقام واسترداد بعض الأموال المنهوبة من الشعب الفلسطيني، وبعد نجاح العملية يذهب إلى الصومال فيجد صوراً من الفقر والمجاعة، فيقرر توزيع الغنيمة على المواطنين الصوماليين. فالغاية هنا هي تحقيق العدل ولو بشكل جزئي، حسبما ورد من اشارات عن الموضوع والفكرة الرئيسية للمسلسل. والمنتظر أن يكون عملاً فارقا وفق توقعات القريبين من فريق العمل ومن أتيح لهم الاطلاع على بعض تفاصيل السيناريو الذي كتبه يوسف معاطي ويخرجه رامي إمام نجل عادل إمام، وكعادة الأعمال التي يقوم بها نجوم كبار ثم التسويق بعدد وفير من المحطات ليتمكن العالم العربي كله من المشاهدة ومتابعة الأحداث الدرامية في تزامن قريب، وربما يكون الحظ قد خدم البطل والمخرج والسيناريست لوجود فراغ درامي هذا العام، نتيجة الثورات المشتعلة بمعظم الأقطار الشقيقة التي هبت شعوبها هبة رجل واحد في مواجهة الظلم والفساد، لذا سيكون عادل إمام منفردا بالساحة الإعلامية من دون منافس. فالتلفزيون المصري سيعتمد على عدد محدود من المسلسلات التاريخية، ومن ثم لم يكن لديه فائض للتصدير وسيغلب على رمضان القادم الشكل البرامجي الحواري او عمل المسابقات لتغطية المساحات الشاسعة من الإرسال، وأظن أن هذا سيكون حال بقية القنوات العربية إذا لم يفتح المجال أمام المسلسلات التركية لأنها البديل الجاهز بعد الإيرانية، خاصة أن سورية تمر بظروف سياسية عصيبة بوصفها المنافس القوي للدراما المصرية، وهذه الظاهرة سيترتب عليها فرض ذوق جديد على الجمهور المصري يتعاطى من خلاله أشكالا وألوانا من الثقافات الفنية التركية وغير التركية، لو دخلت اطراف أخرى بالفعل حلبة المنافسة، ومن المؤكد أن يتبع الركود الانتاجي في مصر وسورية انخفاض حاد في الأجور بالنسبة للنجوم الرئيسيين، سواء رضوا أو لم يرضوا لأنهم سيخضعون بطبيعة الحال لقانون العرض والطلب، ومن المحتمل ان تتراجع الأرقام الفلكية التي سمعنا عنها طوال العشر سنوات الأخيرة والتي وصلت الى 30 و40 مليون جنيه كان يتقاضاها النجم أو النجمة، ومما لا شك فيه أن الذين يرفضون الاعتراف بالواقع الاقتصادي الراهن ويمتنعون عن تخفيض أجورهم سيذعنون للقانون الجديد ويقبلون بالمتاح وأقل من المتاح، وإلا ستكون البطالة في انتظارهم وتتحول البطلات الفاتنات في غضون سنوات قليلة إلى ربات بيوت إن لم يفطن للمتغيرات الحتمية ويتنازلن طواعية عن كبريائهن قبل أن ينزلن قسرا من فوق عروشهن. والنصيحة التي يمكن تقديمها الآن للنجوم والنجمات هي التحول عن منطق التجارة في الفن والتعامل بروح المبدعين وإلا سوف تكون الخسارة على المستويين الفني والمادي، وعلى نقابة الممثلين واتحاد النقابات الفنية التعاون في هذا الصدد مع الجهات الانتاجية بتحديد حد أقصى لأجور لا يتم تجاوزها حفاظا على الصالح العام، ودعماً للحركة الفنية وحماية لها من التوقف، كما يستوجب الأمر من جانب مؤسسات الانتاج الرسمية الرهان على الوجوه الجديدة لكسر الاحتكار وإنهاء عصر النجوم البكوات والنجمات الهوانم ممن يرون أنفسهم أكبر من الأزمات ويتصورون أن أسماءهم في سوق التوزيع الداخلي والخارجي ترجمة مطبوعة على ورق البنكنوت لا يجوز المساس بها كأنها أسهم ثابتة القيمة في بورصة استثمار الفن، بينما الواقع يؤكد هذا الوهم، فنجومية أي فنان مهما علا شأنه لها عمر افتراضي، سنة أو سنتين أو عشرة أو عشرين بعدها يهبط سهم المؤشر في الاتجاه العكسي والفنان الذكي فقط هو الذي يتعامل بمقتضى هذه الحقيقة، لأن دوام الحال من المحال، وما يجب أن يدركه الجميع أن المتبقي من الفنان هو إبداعه وليس رصيده في البنك بالجنيه أو الدولار أو اليورو. وكم من نجوم ماتوا فقراء وتركوا ثروة طائلة من الكنوز الفنية، والأمثلة على ذلك كثيرة، إسماعيل يسن، عبدالفتاح القصري، زينات صدقي وحسن فايق، فاطمة رشدي، تحية كاريوكا وغيرهم الكثير، وهذه دروس مستفادة من رحلة الفنان، ولو أن أساتذة الفن الكبار كانوا حريصين على مستقبل الفن المصري لقاموا بعمل اكتتاب وانتجوا على نفقتهم الشخصية أفلاماً ومسلسلات ليظلوا في الصدارة، وتبقى مصر الدولة المحورية، كما هي في المنطقة فتعبر المحنة الاقتصادية من دون أن تتأزم، وما نطرحه ليس بدعة فقد جمعت كوكب الشرق أم كلثوم مئات الآلاف من التبرعات لصالح الانتاج الحربي في فترات النضال العصيبة، وكذا فعل عبدالحليم حافظ في كثير من الحفلات التي خصص دخلها لهذا الغرض، ومثله ساهم بعض الفنانين العرب، فريد الأطرش وصباح بنسبة من عائد حفلاتهم لإحساسهم بأن مصر هي الام ولابد أن تظل ناهضة ـ ساهرة ـ صادحة ـ غنية بفنها وتراثها ومبدعيها. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 ماي 2010)

<

Lire aussi ces articles

18 novembre 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 16443 du 18.11.2004  archives : www.tunisnews.net رويترز: بن علي يعد بتوسيع الديمقراطية والانفتاح على

En savoir plus +

9 février 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2089 du 09.02.2006  archives : www.tunisnews.net Tunisie, Réveille-toi: Maître Anouar Kousri convoqué

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.