(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
21- رضا عيسى 22- الصادق العكاري 23- هشام بنور 24- منير غيث 25- بشير رمضان |
16- وحيد السرايري 17- بوراوي مخلوف 18- وصفي الزغلامي 19- عبدالباسط الصليعي 20- لطفي الداسي |
11- كمال الغضبان 12- منير الحناشي 13- بشير اللواتي 14- محمد نجيب اللواتي 15- الشاذلي النقاش |
6- منذر البجاوي 7- الياس بن رمضان 8- عبد النبي بن رابح 9- الهادي الغالي 10- حسين الغضبان |
1– الصادق شورو 2- ابراهيم الدريدي 3- رضا البوكادي 4-نورالدين العرباوي 5- الكريم بعلوش |
قضيّة الصحفي بوخذير في طورها الاستئنافي المحكمة ترفض سماع الشهود وتقرّر الحكم الابتدائي
كشف الحساب لقضاء ..” يكافح الإرهاب “..! محكمة الإستئناف تؤجل النظر في قضية متهمين بـ” الإرهاب “
محمد الصّالح قسومة.. تحت الإقامة الجبرية ..!
إعــلام لـعـمـوم الـمـحامـيـن
مأساة في الوسط الجامعي : جريمــة قتل متبوعة بعملية انتحــار
أجواء متوترة في بعض المؤسسات الجامعية في سوسة
سوسة – مراسل ” طلبة تونس ” : شهدت مدينة سوسة خلال النصف الأول من شهر جانفي الحالي 2008 اعتقالات واسعة في صفوف الطلبة على إثر الأحداث التي شهدها أحد المطاعم الجامعية بسبب مقاطعة الطلبة للوجبات المقدمة و حصول حالة من الفوضى داخل المطعم … و قد انتهكت قوات البوليس حرمة المؤسسات الجامعية و اعتدت بالضرب على الطلبة و الأساتذة محدثة كدمات و جروحا للعديد منهم و قد حدث ذلك بالخصوص في كلية الآداب التي تم فيها إلغاء الإمتحانات و تأجيلها إلى وقت لاحق و لا يزال الحصار مضروبا على العديد من الكليات و الأحياء الجامعية … و كانت إحتجاجات و تحركات طلابية قد حصلت في منتصف شهر نوفمبر 2007 بالحي الجامعي ” الرياض ” بسوسة للمطالبة بتحسين الأكلة بالمطعم الجامعي و إيجاد حلول لمشكلة السكن إلا أن الإدارة واجهت هذه المطالب بالرفض و قد تم اعتقال عدد كبير من الطلبة خاصة من مناضلي و أنصار الإتحاد العام لطلبة تونس و أحيل خمسة عشر منهم على النيابة العمومية بالمحكمة الإبندائية بسوسة يوم الإثنين 19 نوفمبر 2007 و تم التحقيق معهم من قبل قاضي التحقيق أبو بكر سقير بناء على تهم ” تعطيل حرية العمل و انتزاع ملك عقاري من يد الغير بالقوة و النهب الواقع من طرف جماعة بقوة علنية لمواد الأكل طبق أحكام الفصول 255 و 136 و 257 فقرة ثانية من المجلة الجنائية ” ….
بيان صحفي مونت كارلو الدولية بتونس بمناسبة سنة الترجمة
وزراء الداخلية العرب يجتمعون في تونس لمكافحة الإرهاب
وزراء الداخلية العرب يجتمعون في تونس لبحث مكافحة الإرهاب
واشنطن تعتزم دعـم المجتمع المدني في تونس ماليا
حزب معارض بتونس يعلن مشاركته في انتخابات الرئاسة المقبلة
حزب تونسي معارض يدعو إلى حملة تضامن عربية واسعة مع الشعب الفلسطيني
حزب تونسي يستنكر حصار غزة والصمت العربي تجاهه
تونس تؤكد رفضها لمنطق القوة وتطالب المجتمع الدولي بحماية الفلسطينيين
تونس وجنوب إفريقيا تبحثان تعزيز التعاون في مجال الأمن البحري
زلـزال يهز جنوب تونس ولا تقارير عن وقوع إصابات
الخنزير الوحشي.. حيوان غير مرغوب فيه بتونس
هزة أرضية بقوة 4.1 درجات قبالة سواحل جزيرة جربة التونسية
محمد صالح قسومة… و عبثية إطلاق سراحه في نوفمبر الماضي
الدكتور منصف المرزوقي لـ “وطن”: من يبصق على النخل لا يسيل لعابه إلا على وجهه !!
صحيفة “العرب اليوم” في مقابلة شاملة مع المفكر الاسلامي ورئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي:
* الاسلام سبق ونادى بمبادىء الديمراطية وآلياتها المعاصرة جهد إنساني وخبرة بشرية ساهمت حضارتنا في صياغتها وتطويرها وليست ملكا لقوم دون قوم ولا لحضارة دون أخرى.
* بعض الاسلاميين يرى في الديمقراطية مخالفة للإسلام، عجبا لضحايا القمع والاستبداد وغياب الديمقراطية كيف ترتعد فرائصهم من الحرية. هل يخشون منها على الاسلام وقد كان ثورة تحررية شاملة أم يخشون على أنفسهم؟
* ليس هناك في التيار الإسلامي من يعتبر الديمقراطية كفرا ومخالفة للاسلام غير فئات محدودة لم يلحظ لها وجود أصلا إنه على الضد من ذلك بل الامر دأب التيار العريض في الحركة الاسلامية على اتخاذ الحرية طلبهم الأعز حتى اعتبرها أكثر من مفكر إسلامي مطلبا يتقدم مطلب تطبيق الشريعة.
* الشورى مبدأ عام والديمقراطية وسيلة أو آلية لتنزيل هذا المبدأ، لا تناقض بين الاثنين، والعبرة ليست في التسمية ولكن في المضمون.
* بخصوص مدى صدق الاسلاميين هذا حكم على النوايا لا دليل عليه ولقد أثبت الاسلاميون في تركيا وفي أكثر من بلد أنهم عندما توفرت لهم فرص المشاركة احترموا قوانين اللعبة والتجربة المتكررة أثبتت في الجزائر وفي تركيا وفي تونس وفي دول آسيا الوسطى الاسلامية وغيرها أن من مثل ولا يزال تهديدا للديمقراطية وانتهاكا يوميا سافرا لحقوق الانسان أحزاب علمانية مدعومة من قبل المراكز الكبرى المبشرة بالديمقراطية في العالم.
* الاسلاميون هم القوة الشعبية الأولى في المنطقة العربية، تعطي مشاركتهم مصداقية لأي إنتخابات وغيابهم يجعلها محل شك ويفرغ العملية السياسية من محتواها. أي نجاح إنتخابي يحققه الاسلاميون هو مسؤولية وأمانة وأي فشل أو تراجع هو درس وعظة وفي الحالتين إبتلاء من الله وإختبار.
* مواقف التيار الاسلامي تتطور تباعا لتطور حالة الامة، عدل الاسلاميون من مواقفهم وإرتقوا بخطابهم حتى غدوا معبرين صادقين عن حاجة الشارع العربي الاسلامي وهمومه وتطلعاته، ليس صدفة أن يكونوا الأكثر أنصارا والأكثر حضورا لأنهم الأكثر تعبيرا عن مطلب الهوية ومطلب الحرية السياسية والعدل الاجتماعي وبذل الدماء والأموال الأسخى في الذب عن الحمى وتطهير الغزاة منها.
* العنف في المنطقة يتغذى أولا من الحيف الاجتماعي، ويتغذى ثانيا من حالة الانسداد السياسي والتزييف الكامل للحياة السياسية، ويتغذى ثالثا من الحرب الدولية التي تشن على الاسلام وأمته ومؤسساته ورموزه ولا تجد من الدول القائمة من يحرك ساكنا أو يرد لامسا بل لا تجد غير المستقيل من شأن الأمة في فلسطين أو العراق.. بل المتواطئ مع الأعداء، ويتغذى رابعا من مكائد أجهزة الاستخبارات الحريصة جدا على استمرار قدر من الارهاب حتى تظل الدولة كلها رهينة لها وسلطات البوليس أو العسكر مطلقة، ويتغذى خامسا مما يروج من تأويلات للاسلام شاذة تخلط بين المعنى الحقيقي لجهاد أداة لدفع الصائلين على دار الاسلام وبين تأويلات شاذة تجعل من الجهاد نقيضا للحرية.
* التحديان الرئيسان اللذان يواجهان الحركة الاسلامية المعاصرة، أولا شيوع فكر التشدد والتنطع ومواجهة هذا الفكر وتدارك آثاره المدمرة جبهة أخرى لا مناص للاسلام اليوم من الانتصار فيها وحماية الاسلام ومشروعه السياسي. التحدي الثاني هو حكم الجور الذي يكاد يحول أوطاننا إلى سجون كبيرة وسجوننا إلى مسالخ آدمية مريعة، والمشروع الاسلامي لا سبيل له غير أن يكون طليعة الأمة في دفع هذين الشرين.
+++
الشيخ راشد الغنوشي بلا منازع أحد أبرز المفكرين الاسلاميين ومن ألمع قيادات العمل الاسلامي، وتعتبر هذه الشخصية بمثابة بوصلة الحركات الاسلامية المعاصرة في فكرها وتوجهها وخطابها ومشروعها، وقد التقت به صحيفة “العرب القطرية”، في منفاه ومقر إقامته بالعاصمة البريطانية لندن، وأجرى معه مراسلها محمد مصدق يوسفي هذه المقابلة حول مفهوم وتعاطي الإسلاميين أو حركات الاسلام السياسي مع عدد من القضايا المهمة ومنها: الديمقراطية والتعددية الحزبية ودخول العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات والبرلمانات والحكومات.
وباعتباره منظر لما يعرف بـ “الإسلام السياسي” نظرته للتطور في فكر وخطاب التيار الإسلامي والمشروع السياسي، وإلى مراجعة وتطوير رؤية الإسلاميين للعديد من القضايا الملحة.
وتقييم الأستاذ راشد الغنوشي لتجارب هذه الحركات والأحزاب الاسلامية في اليمن والأردن والمغرب وتركيا، والسودان، والجزائر…إلخ، وكلها أو بعضها مشاركة في السلطة، ودخلت العملية السياسية، والانعكاسات السلبية والايجابية لانجازاتهم أوالاخفاقات التي رافقت بعضهم على بقية الحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي.
أيضا رأيه فيما يسمى بالمراجعات التي أعلنها عدد من الجماعات وتحت عنوانها جاءت مبادرات وقف العنف في مصر والهدنة والمصالحة في الجزائر، وما مدى شرعية تشبث بعض المسلحين بممارسة العنف والارهاب في بلاد المسلمين ومنها أعمال المرتبطين بما يسمى القاعدة.
وأخيرا وليس آخرا كأحد أبرز المفكرين وقادة العمل الاسلامي المعاصر التحديات التي تواجه الحركات الاسلامية حاليا، والاولويات الرئيسية التي يجب التركيز عليها مستقبلا.
وفي ما يلي نص المقابلة:
حاوره في لندن: محمد مصدق يوسفي ـ mmyousfi@hotmail.com
+++
ـ بداية.. كيف تتعاطون مع قضية الديمقراطية التي يرفضها بعض الإسلاميين والحركات السياسية الإسلامية بشكل مطلق ويعتبرونها مخالفة للإسلام نصاً وروحاً، بينما يراها آخرون ضرورة، والخلاف هو حول ما تعنيه في دلالتها الاجتماعية والسياسية؟
* لا تعدو الديمقراطية أن تكون آليات لتنزيل جملة مبادىء نادى بها الفكر السياسي الحديث وناضلت في سبيلها أجيال عديدة من المفكرين والاحرار من مختلف الثقافات والاثنيات. من هذه المبادىء حرية الناس في إختيار حاكمهم وتقسيم السلطة وعدم جعلها حكرا على فرد أو مؤسسة أو طبقة. الحكم الديمقراطي هو وصف للنظام السياسي الذي يقوم على إختيار الحاكم من طرف الشعب بطريقة الانتخاب الحر، السري، والمباشر وتتوزع السلطة فيه على مؤسسة تنفيذية وأخرى تشريعية وثالثة قضائية ورابعة إعلامية رقابية. إذا دققت النظر ترى أن الاسلام سبق ونادى بالمبادىء المشار إليها سالفا. فهو حض على الشورى أي عدم تركيز السلطة عند فرد واحد وحث على إختيار المسلمين لإمامهم ( خير أئمتكم الذين يدعون لكم وتدعون لهم وشر أئمتكم الذين تلعنونهم ويلعنونكم). لقد استحدث العهد الراشدي عددا من الآليات مناسبة لمجتمع محدود العدد والمشاكل، آليات لتنزيل مبدأ الشورى الاسلامي كان بمثابة سبق إسلامي وطليعة للتجربة الديمقراطية الآتية لاحقا، فكان اجتماع السقيفة لإختيار خليفة للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمثابة برلمان مصغر بما تم فيه من حوار وتنافس بين ممثلي التجمعين الاساسيين: المهاجرين والانصار، أدلى فيه كل منهما بما يعزز حجته في أن يكون الخليفة من فريقه، وتواصل التشاور بين الفريقين إلى أن ترجحت حجة ممثلي جماعة المهاجرين فكان الخليفة منهم، فبويع أبوبكر من قبل هيأة الترشيح (أهل الحل والعقد)، قبل أن يعرض على البيعة العامة حيث صرح بأنه لم يولّ نفسه عليهم وإنما تم ترشيحه وأنه لا مصدر لشرعيته غير ذلك الترشيح وأن سلطة القانون (الشريعة) فوق سلطانه وأن طاعتهم له إنما هي في حدود القانون فإذا خرج عنه فلا طاعة له عليهم بل عليهم جميعا أن يكونوا حراسا للقانون. وسار الخلفاء الراشدون من بعده على نفس النهج وإن اختلفت الأشكال باختلاف الظروف. غير أن هذه التجربة الرائدة لم تتواصل ولم تترسخ ووقع الارتداد عليها زمن الامويين والعباسيين ليعود الحكم خليطا بين قيم الاسلام الشورية والميراث العربي القبلي والروح الامبراطورية السائدة في العصر. لكن الروح الشورية التي جاء بها الاسلام وإن لم تتواصل في المستوى السياسي بسبب غلبة روح العصر وثقافته الامبراطورية السلطوية فإنها قد تواصلت في المستوى الحضاري فكانت المجتمعات الاسلامية فضاءات مفتوحة لكل ضروب التعايش بين المختلفين في الدين والمذهب واللون وملجأ لكل المضطهدين والمبدعين، وبرئت حضارتنا مما حصل ويحصل في غيرها من حروب تطهير عرقي وديني. إن الآليات الديمقراطية المعاصرة جهد إنساني وخبرة بشرية ساهمت حضارتنا في صياغتها وتطويرها وليست ملكا لقوم دون قوم ولا لحضارة دون أخرى.
أما أن بعض الاسلاميين يرى في الديمقراطية مخالفة للإسلام، هل تراهم يرون الاسلام داعية للإستبداد، أم تراهم ضد إختيار الأمة لحكامها، أم تراهم لا يرون المسلمين أهلا للحرية التي ينعم بها غيرهم من الأمم الاخرى، مالهم كيف يحكمون، عجبا لضحايا القمع والاستبداد وغياب الديمقراطية كيف ترتعد فرائصهم من الحرية. هل يخشون منها على الاسلام وقد كان ثورة تحررية شاملة أم يخشون على أنفسهم؟ وهل سجل التاريخ أن مسلما هُزم في مناظرة حرة؟ أوليس الاسلام اليوم أكثر الديانات انتشارا حيث تنداح الحرية وينكمش حيث يسود الاستبداد حتى أن دعاته قد ملؤوا الفضاءات الديمقراطية العلمانية هربا من بيئات إسلامية متخلفة دكتاتورية. وهل من يدفع ضريبة غياب الحرية والديمقراطية أكثر من التيار الاسلامي، تملأ به السجون وينكل بأهله ويصادر حقه في الكلمة والتعبير.
والحقيقة أنه ليس هناك في التيار الإسلامي من يعتبر الديمقراطية كفرا ومخالفة للاسلام غير فئات محدودة لم يلحظ لها وجود أصلا كلما توفرت فسحة للتنافس النزيه. ولكن صوتها يعلو كلما غاب التنافس وساد الظلام. إنه على الضد من ذلك بل الامر دأب التيار العريض في الحركة الاسلامية على اتخاذ الحرية طلبهم الأعز حتى اعتبرها أكثر من مفكر إسلامي ومنهم العلامة يوسف القرضاوي مطلبا يتقدم مطلب تطبيق الشريعة، ولذلك طالب الاسلاميون بكل الحريات ومنها الانتخابات التعددية النزيهة سبيلا للحضور والتأثير والقيام بالدعوة إلى الله.
الشورى والديمقراطية
ـ ماهو الفرق بين الديمقراطية في الغرب وما جاء به الإسلام من مبادئ وأصول سياسية مثل الشورى والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..الخ، ووجدنا عدة تصيفات فهناك من يتمسك بالشورى، هناك من يتمسك بالديمقراطية، وهناك من يطابق بين الشورى والديمقراطية الحديثة بل سماها الشورقراطية؟.
* الشورى مبدأ عام والديمقراطية وسيلة أو آلية لتنزيل هذا المبدأ، لا تناقض بين الاثنين. العبرة ليست في التسمية ولكن في المضمون. كثير من الانظمة الديمقراطية ليس لها من الديمقراطية غير الاسم وأخرى تقول أنها شورية بينها وبين الشورى الاسلامية ما بين المشرق والمغرب.
ـ يرى البعض أن تعاطي الحركات الاسلامية مع قضايا الديمقراطية والتعددية والمشاركة والاختلاف هو فقط تحت ضغط التجارب الديمقراطية، ولم تصل هذه الحركات إلى حد تبنيها كخيار استراتيجي، لذلك بقيت نظرتها إليها كوسيلة للانتشار وحرية العمل، ما رأيك؟
* الانتشار وحرية العمل حق لكل مواطن مهما كان إنتماءه وليس منة من أحد. بخصوص مدى صدق الاسلاميين في تبنيهم هذا حكم على النوايا لا دليل عليه ولا بيّنة. ولقد أثبت الاسلاميون في تركيا مثلا وفي أكثر من بلد أنهم عندما توفرت لهم فرص المشاركة احترموا قوانين اللعبة كما يقال، وحتى عندما يقع الحيف عليهم غالبا ما يصبرون، فلا يتنادون إلى القتال، إلا أنهم في بعض الحالات عندما يطفّ الصاع ويتمادى العلمانيون المستظهرون بسطوة البوليس والعسكر والدعم الخارجي في سلبهم حقوقهم والدوس عيانا على صناديق الاقتراع قد ينفلت زمام شباب متحمس فيرد على العنف العلماني بمثله كما حصل في الجزائر، وفي مصر، مما يمثل انفعالا غاضبا وليس علاجا وإنما مزيد تعفين للاجواء. التجربة المتكررة أثبتت في الجزائر وفي تركيا وفي تونس وفي دول آسيا الوسطى الاسلامية وغيرها أن من مثل ولا يزال تهديدا للديمقراطية وانتهاكا يوميا سافرا لحقوق الانسان أحزاب علمانية مدعومة من قبل المراكز الكبرى المبشرة بالديمقراطية في العالم. بما يجعل الحاجة اليوم في بسط الديمقراطية في بلاد الاسلام والعروبة لا تتمثل في إقناع التيار الاسلامي بها فذاك أمره يسير فحتى بمنطق المصلحة الديمقراطية حبل النجاة بالنسبة له. العقبة الكؤود من يقنع عسكر تركيا والجزائر وبوليس تونس ومصر ومن وراءهم من الاساطيل الغربية؟
“الاسلام هو الحل”
ـ بما تردون على الشكوك التي تلوح في الافق كل مرة، بأن الاسلاميين في أي مكان يريدون تحويل بلدانهم إلى دول إسلامية، وأن برنامجهم الحقيقي هو تطبيق الشريعة تحت شعار “الاسلام هو الحل”؟
* لا يحتاج الاسلاميون للقيام بانقلابات على الدول القائمة لتحويلها دولا إسلامية فهي دول إسلامية سواء أكان من جهة أن غالبية سكانها مسلمون، أم كان من جهة دساتيرها فكلها تقريبا تنص على أنها دول ليست علمانية معادية للاسلام أو محايدة إزاءه، بل لها دين هو الاسلام وقد تشرح ذلك بأن الشريعة الاسلامية المصدر الوحيد أو الرئيسي للتشريع وهو شرح مترتب على أصل الاعتراف بأن للدولة دينا هو الاسلام، وإذن فما يحتاج الاسلاميون إلا لتفعيل هذه الحقيقة حتى تمتد آثار هذا الجذع في كل فروع هذه الدولة ولا تظل مجرد شعار خاو وضربا من النفاق. وأذكر أن هذا الأصل العظيم المحدد للاسلام هوية للدولة كان محل إجماع من قبل أول مجلس تأسيسي جمع ممثلي شعب تونس وهي تستشرف استقلالها عن الاحتلال، وهو ما يجعل الاسلاميين لائذين بركن عظيم من الشرعية الدستورية. والاسلام باعتباره المصدر الاعلى الذي ينبغي أن تهتدي به كل سياسات الدولة لئن لم تكن له كنيسة تحتكر النطق باسمه بل ترك الامر للامة عبر علمائها ومفكريها وأهل الرأي فيها ممثلي قواها الشعبية حق الاجتهاد في تنزيل أحكامه على الوقائع المتبدلة، فإنه ليس من السيولة والهلامية ما يجعله قابلا لكل صورة ويتلون بلون الوعاء الذي يوضع فيه بضرب من السريالية، كلا بل هو يتوفر على قاعدة صلبة من الثوابت تحدد وتوجه مجالات الاجتهاد، فإن من آي الكتاب المتشابه ومنها المحكم “آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات”.
تجارب الاسلاميين وانعكاساتها
ـ كيف تقيمون تجارب الحركات والأحزاب الاسلامية في اليمن والأردن والمغرب وتركيا، والسودان، والجزائر…إلخ، وكلها أو بعضها مشاركة في السلطة، ودخلت العملية السياسية، وماهي الانعكاسات السلبية والايجابية لانجازاتهم أوالاخفاقات التي رافقت بعضهم على بقية الحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي؟
* الاسلاميون هم القوة الشعبية الأولى في المنطقة العربية، تعطي مشاركتهم مصداقية لأي إنتخابات وغيابهم يجعلها محل شك ويفرغ العملية السياسية من محتواها. أي نجاح إنتخابي يحققه الاسلاميون هو مسؤولية وأمانة وأي فشل أو تراجع هو درس وعظة وفي الحالتين إبتلاء من الله وإختبار.
فكر وخطاب التيار الإسلامي
ـ كيف تجد تطور موقف وخطاب تيار ما يعرف بـ “الإسلام السياسي”.. التطور في فكر وخطاب التيار الإسلامي والمشروع السياسي، وإلى مراجعة وتطوير رؤية الإسلاميين للعديد من القضايا الملحة؟
* مواقف التيار الاسلامي تتطور تباعا لتطور حالة الامة، عدل الاسلاميون من مواقفهم وإرتقوا بخطابهم حتى غدوا معبرين صادقين عن حاجة الشارع العربي الاسلامي وهمومه وتطلعاته، ليس صدفة أن يكونوا الأكثر أنصارا والأكثر حضورا لأنهم الأكثر تعبيرا عن مطلب الهوية ومطلب الحرية السياسية والعدل الاجتماعي وبذل الدماء والأموال الأسخى في الذب عن الحمى وتطهير الغزاة منها. وعلى المستوى السلوكي الاسلاميون هم الأمل في استعادة الاخلاق إلى سياسات تمحضت للكذب والانتهاز وعودة العفة والامانة والصلاح إلى حياة إجتماعية وأسرية انفلت منها الزمام بأثر تفاقم وتائر العلمنة والعولمة، وذلك مقارنة ـ خاصة ـ بفساد دوائر السلطة والقريبين منها.
العنف والارهاب
ـ في ذات السياق ما رأيك فيما يسمى بالمراجعات التي أعلنها عدد من الجماعات وتحت عنوانها جاءت مبادرات وقف العنف في مصر والهدنة والمصالحة في الجزائر، ومن الجهة الأخرى ما مدى شرعية تشبث بعض المسلحين بممارسة العنف والارهاب في بلاد المسلمين ومنها أعمال المرتبطين بما يسمى القاعدة؟
* العنف في المنطقة يتغذى أولا من الحيف الاجتماعي حيث يتجاور الثراء والبطر والاستهلاك التظاهري لدى شريحة محدودة من الطبقة الجديدة المعششة في مزبلة الحكم بما حوله إلى عصابة مافيا، يتجاور مع أحياء الصفيح وأحزمة البؤس المحيطة بمدننا بل بأحياء فيها معزولة عن باقي المدينة لها أسواقها وملاهيهها وأساليب عيشها وحتى مساجدها، بما يجعلها بمثابة المستوطنات المحاطة بالاسلاك الشائكة وبجيوش القمع. لا عجب أن يكون حي “مؤمن” (المغرب)، ومثله في كل دول المنطقة محاضن الشباب اليائس ووقودا للقاعدة، ويتغذى ثانيا من حالة الانسداد السياسي والتزييف الكامل للحياة السياسية (تونس مثلا) أو شبهه (الجزائر، مصر…) ويتغذى ثالثا من الحرب الدولية التي تشن على الاسلام وأمته ومؤسساته ورموزه ولا تجد من الدول القائمة من يحرك ساكنا أو يرد لامسا بل لا تجد غير المستقيل من شأن الأمة في فلسطين أو العراق.. بل المتواطئ مع الأعداء متمعشا مما يسميه الحرب على الارهاب، ويتغذى رابعا من مكائد أجهزة الاستخبارات الحريصة جدا على استمرار قدر من الارهاب حتى تظل الدولة كلها رهينة لها وسلطات البوليس أو العسكر مطلقة، ويتغذى خامسا مما يروج من تأويلات للاسلام شاذة تخلط بين المعنى الحقيقي لجهاد أداة لدفع الصائلين على دار الاسلام، “وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين” وبين تأويلات شاذة تجعل من الجهاد نقيضا للحرية، حرية الاعتقاد والتعبير عنه والدعوة إليه بما يقتضي الاعتراف بالتعدد سنة كونية واجتماعية أكد عليها القرآن وأبدى وأعاد في تأكيدها انطلاقا من مبدأ لا إكراه في الدين، مما يتناقض مع كل محاولة لجعل الناس أمة واحدة بلا اختلاف “ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم”، هود.
التعددية سنة كونية وليس من واحد أحد إلا الذي في السماء سبحانه ولم يسمح لأحد أو مؤسسة النطق بإسمه بعد ختم النبوة وإنما الحجة والرأي والمشورة والبحث عبر ذلك عن المشترك عن الاجماع. وهو ما يجعل تشكيل من قبيل “الجبهة العالمية لمقاتلة اليهود والنصارى” تعبيرا صارخا عن الجهل بالاسلام إذ يقاتل الناس في الاسلام ليس لاعتقادهم أيا كان بل لدفع عدوانهم.
المرأة والعمل العام
ـ كيف ترى موضوع الاعتراف بحق المرأة في العمل والمشاركة في الحياة العامة وأن تحتل مختلف المناصب؟
* الاصل في نظرة الاسلام إلى الجنسين المساواة، والتفاضل ليس بالجنس ولا باللون وإنما بالتقوى والعمل الصالح والكفاءة. ولا يخل بمبدأ المساواة توزيع الأدوار وتكاملها. وإنما الحضارة الحديثة هي التي استحدثت بنظرتها المادية للانسان خللا بين الأدوار فجعلت للانتاج الاقتصادي المكانة والميزان الأرفع وحطت من الأدوار الأخرى مثل الرعاية الاجتماعية رعاية البيت والطفولة في حين اعترف الاسلام بكل الأدوار وكرم القائمين بها ما أتقنوا عملهم وأخلصوا حتى جعل الجنة تحت أقدام الامهات. والأمر هنا لا يعني أكثر من توزيع الأدوار وتكاملها بحسب المؤهلات الطبيعية، بمعنى الاعتراف بترتيب لادى المرأة ولادوار وأولويتها، فليست التربية والأمومة قصرا على المرأة ولا الانتاج الاقتصادي ورعاية الشؤون العامة كالعمل السياسي والجهاد قصرا على الرجل، وإنما هي الاولويات كل ذلك متاح للكل على ألا يحيف على سلم الأولويات. وإنما فشا الخلل في الحضارة المعاصرة بسبب إيلاء دور الانتاج الاقتصادي القيمة العليا والمعيار الأعظم فانهارت الأسرة حتى بدأ الحديث عن اتجاه أمم إلى الانقراض، وأعجب ما في الامر أن مجتمعا اسلاميا حديثا مثل تونس بدأ خبراء السكان فيه والصحافة يتحدثون عن اتجاهه صوب الشيخوخة بسبب دفع قادته المنبهرين بالغرب، دفعه دفعا للانخراط الفج في تجربة تحديثية متشنجة مبتسرة كان من مفرداتها الاساسية حرية المرأة، وهي من قبيل كلمات الحق التي أريد بها الباطل أي التمرد على قيم الاسلام قيم الأسرة والعفة والقناعة لصالح قيم الاستهلاك والأنانية والتمركز حول الفرد ولذاته ومكانته بما جعل الأسرة مسرحا صراع انتهى بالسير قدما صوب الاستغناء عنها والتفصي من أعبائها . المشكل إذن ليس في مشاركة المرأة في كل مجالات الشأن العام سياسة واقتصادا واجتماعا وإنما بأي خلفية وفي أي أفق؟
الأولويات والتحديات المستقبلية
ـ كأحد أبرز المنظرين وقادة العمل الاسلامي المعاصر ماهي التحديات التي تواجه الحركات الاسلامية حاليا، والاولويات الرئيسية التي يجب التركيز عليها مستقبلا؟
* هناك تحديان رئيسان يواجهان الحركة الاسلامية المعاصرة، التحدي الأول هو شيوع فكر التشدد والتنطع حتى تحول بعضهم في حماقة متناهية الحركة إلى عصابات للقتل العشوائي والفتنة الاهلية. هذا التيار التكفيري والسطحي أصبح المبرر الأول لمزيد من التضييق على الاسلاميين ويقدم من طرف أعداء الاسلام على أنه الشاهد الأول على عجز الاسلاميين وتطرفهم وقصورهم. لا تخطىء العين أن هذه الجماعات أصبحت مجالا لإختراق أجهزة المخابرات إن لم تكن صنعت بعضها. مواجهة هذا الفكر وتدارك آثاره المدمرة جبهة أخرى لا مناص للاسلام اليوم من الانتصار فيها وحماية الاسلام ومشروعه السياسي. التحدي الثاني هو حكم الجور الذي يكاد يحول أوطاننا إلى سجون كبيرة وسجوننا إلى مسالخ آدمية مريعة. هؤلاء الحكام أصبحوا طلائع للقوى الأجنبية في محاربة ديننا وتهديد إستقلال بلادنا والحفاظ على تأخرها وتبعيتها. بل إن بعضهم أشد على الأمة والاسلام وأهله من أعدائه الصريحين، وبلغ الأمر إلى أن نزلاء سجون الظلم والتوحش في غوانتانامو ممن لم يعثر مفتشوا الدولة الأعظم المبشرة بالديمقراطية جريمة تدينهم بها بعد خمس سنوات من القمع الرهيب فقررت تسليمهم لبلدانهم رفضوا ذلك لما يعلمون مما ينتظرهم من توحش أعظم، إذ قد بلغتهم أنباء ما حل بزملاء لهم سبق تسليمهم، كما حصل في تونس حيث سلطت فنون من النكال على أؤلئك المساكين حتى حملوا على الأعواد إلى المحاكم لتصدر عليهم أحكاما تمتد لعشرات من السجين وهو ما حمل قاضية أمريكية على إصدار حكم بمنع تسليم أؤلئك السجناء إلى حكومة بلادهم تونس استجابة لطلبهم.
المشروع الاسلامي وبإعتباره المعبر عن طموح الأمة في الحرية والاستقلال والتوحد لا سبيل له غير أن يكون طليعة الأمة في دفع هذين الشرين. هذه معركة متزامنة لا أسبقية لجبهة على أخرى لأن التحديين يخدم أحدهما الآخر ويتناسلان من بعضهما والله غالب على أمره ولكن الناس لا يعلمون.
و”لله الامر من قبل ومن بعد”.
(المصدر: صحيفة “العرب” (يومية -قطر) الصادرة يوم 18 جانفي 2008)
الأخ المناضل مرسل الكسيبي من الوسط إلى الانحياز
محمد البشير بوعلي، جامعي مغترب
ملاحظة:(المكتوب بالأزرق كلام الأخ مرسل الكسيبي منقول عنه حرفيا)
لقد ترددت كثيرا قبل الإقدام على كتابة هذا المقال عن الأخ الفاضل المناضل مرسل الكسيبي خوفا مما قد يترتب عليه من ردود ومساجلات غير محمودة بين الإخوة، كما كان قبل ثلاث سنوات في موضوع “المصالحة” الذي انقلب إلى سباب بين إخوة الدرب الواحد، وكما كان قبل قبل بضعة أسابيع في موضوع “البياض والسواد” الذي تحول إلى مشاحنات بين الأساتذة وتلاميذهم. وإن القلب ليدمى لذلك فقد صار حالنا كحال السيارة التي يريد صاحبها أن يخرجها من الوحل، فتظل عجلاتها تدور في الفراغ إلى أن تحترق إطاراتُها وينتهي وقودُها دون أن تبرح مكانها، والعدوّ شامت يتفرج مستبشرًا…
لكن مع ذلك فقد أقدمت على الكتابة بعد طول تردد، لأن السكوت على الخطأ لا يُصلح الخطأ بل يؤول إلى مزيد ارتكاب الأخطاء، من الشخص الواحد، وقد يفتح مجال الخطأ لغيره رحبا فسيحا، وقد تصبح الأخطاء خطايا.. ولا يزيد ذلك من وضع شعبنا ومعاناتنا في الداخل والخارج إلا سوءً، وأحوالنا ومصير أجيالنا القادمة -المعلق على صراع الهوية اليوم- إلا تدهورا ومهانة وذلاًَ.
قبل ثلاث سنوات عندما عبّر الأخ الفاضل مرسل الكسيبي عن استيائه
من صمت قيادة حركة النهضة عما يدور من سجال حاد، كنت أشاطره الرأي في تقصير قيادة الحركة تجاه أبنائها واتصلت به هاتفيا من أقصى الأرض محاولا رأب الصدع. وأرسلت في ذلك رسالة خاصة واضحة في الشأن إلى الشيخ راشد الغنوشي أحمّل فيها القيادة مسؤولية ما آل إليه حال علاقة إخوة النضال. وعندما استقال الأخ دعوت له بالتوفيق من كل قلبي.
وعندما أصبح الأخ ناشطا -وخصوصا في برنامج “المحرر” (Reporteur) الذي كنت أتلقاه في عنواني باستمرار- استبشرت لذلك قناعة مني بأن حركة النهضة قد خسرت فردا ساكنا مجهولا، وكسبت حركة النضال عنصرا نشيطا فعّالا.. وفي ذلك كل الخير.
وعندما أسس الأخ موقع “الوسط” كنت أول من هنأه عبر البريد الإلكتروني، قناعة مني بأن الوسطية هي عين التمسك بالمبادئ وهي الركن الركين في الدفاع عن الحق والنضال من أجل العدالة، وأحسب أن هذه هي مهمة جميع المناضلين، وليس انتماؤنا للنهضة أو غيرها إلا وسيلة لذلك…
لكن مقام الوسط مقام راق يسمو على التحيز والمحاباة ولا يقبل من صاحبه إلا العدالة في الأحكام والنزاهة في المواقف، وإلا تلفظه إلى مزبلة التاريخ إن كان جديرا حتى بأن يذكره التاريخ، ثم إلى قضاء أقضى القضاة أعدل العادلين في الآخرة حيث لا يضيع حق وإن لم يكن وراءه طالب.
صدقني يا أخي العزيز؛ لست معك في مقام التقريع ولا أنا بواعظ، فمثلك لا يحتاج إلى موعظتي، ولكنه لوْم خفيف، أملا في التنبّه واليقظة لنفسك، ولا أقول مراجعة الذات ومحاسبة النفس.. وكلنا خطاء… فقد استغربت حديثك عن رقيّ موظفي القنصلية التونسية في مدينة بون والمبالغة في إطرائهم. فإذا كانوا يستحقون الإطراء فذاك حقهم، ولكن هل سألت نفسك بصدقٍ عما إذا كانت تلك المعاملة الراقية يحظى بها غيرُك من التونسيين سواء من المعارضين أو حتى من المواطنين العاديين!
لا أظنك تستطيع الجواب بالإيجاب وأنت تعرف أن إخوانك -وأنا منهم- ترتعد فرائصهم لمجرد رؤية عَلم تونس يرفرف فوق مبنى سفارة من السفارات وخصوصا في البلدان العربية.
وإذا كان جوابك بالنفي، فاسألْ نفسك: لماذا أنت بالذات من دون الآخرين؟ فهل أن الخُلق الحضاري لم يتسم به هؤلاء إلا معك أنت؟ أم أن القوم يتربصون بك دائرة السوء والخنوع وقبول المذلة..مقابل جواز سفر هو في الأصل حق طبيعي لك بدون منة، وهو مقابل لم يقبل به غيرك من إخوانك الماسكين على الجمر حفظا لمبادئهم وكرامتهم ورفعة نفوسهم. فما بالك وأنت تنعم بنسيم الحرية في أرقى عواصم العالم!
فما الذي يجبرك على دفع هذا الثمن الباهظ ولا حاجة لك في تلك الثمرة الزهيدة.
صدقني لست من أنصار نظرية المؤامرة لأتوجس من الآخرين، ولكن التجارب التي مررنا بها خلال محنتنا الطويلة في غربتنا بين البلدان وتعامل النظام وأتباعه في كل مكان معنا علمتنا الكثير. وقد قال لي دبلماسي أردني ذات يوم:”لا يوجد سفير في العالم أو أي موظف في سفارة أن يتصرف في شيء دون أخذ الإذن من الداخل”، فاعمل حسابك أن هذا امتحان لك من الداخل، وما كان للطاقم الديبلوماسي التونسي الذي سارع ممثلا في سعادة القنصل العام ونائبه المحترم إلى استقبالك بواحد من المكاتب الرئيسة للمبنى أن يفعل ذلك باجتهادٍ منه إلا أن يكون قد تلقى سلفا إشارة بخصوصك من الداخل…
فأوْلى بك يا أخي أن تنتظر حتى يستقبل ذلك الطاقم الدبلوماسي إخوانك التونسيين مثلما استقبلك أنت بالترحاب والمعاملة الراقية لتطمئن إليهم.. فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية…
ومع هذا الشعور الذي خالجني بعد قراءة مقالك الأول (15 جانفي 2008) فإنني لم أجرؤ على كتابة شيء في شأنك، إلا بعد صدور مقالك الثاني (17 جانفي 2008 عن برنامج الاتجاه المعاكس) وبعد تردد وتلكؤ مني لحساسية الموقف بين إخوة الدرب الواحد.. فقد هالني حقيقةً تحاملك على الأخ الأستاذ محمد غلام نائب رئيس حزب الاصلاح والتنمية الموريتاني منذ الافتتاحية؛ بأنه صراع بين جناح قوي داخل أروقة السلطة التونسية وبين جناح غير راشد وغير محنك داخل التيار الاسلامي العربي والمغاربي.
فإذا كنت تقصد أن كلام الأخ محمد غلام شخصيا غير راشد لأنه يدافع عن الشعوب المسحوقة ويعتبر ما تعيشه البلدان العربية استدرارا وليس استقرارا… فراجع نفسك!
ودعوى أن د. خليل بن سعد وأمثاله يمثلون جناحا قويًّا داخل السلطة التونسية، هي مغالطة لا أظنك أنت نفسك تصدقها، فالسلطة التونسية نفسها قوية فعلا بهراوات البوليس وأدوات التعذيب، أما الدكتور خليل بن سعد وأمثاله من المثقفين الداعمين للسلطة، فهم مساكين يعتاشون بمقولة “الدنيا للواقف”، وبعضهم –وخصوصا من اليسار الانتهازي وهم قلة- استثمروا موجة الخلاف الإيديولوجي بدافع عداوتهم لهوية الشعب التونسي، أو تصفية حساباتهم مع خصم سياسي بتسخير قبضة السلطة…وليسوا أبدا جناحا قويا داخل السلطة، وهؤلاء جميعا يعرفون أنهم في مهب الريح، الصوْلةُ لغيرهم، ولا يعرفون متى تهب نسمة مؤامرة على أحدهم من داخل السلطة فتودي بهم، وما مثال حمّى الهمّامي ومحمد الشرفي عنا ببعيد… فلا جناح قوي داخل السلطة غير رؤوس وزارة الداخلية، ولا جناح قوي داخل القصر غير رؤوس عائلة الطرابلسي (وليس جميع من يحمل لقب الطرابلسي).
وأما إذا كنت تعني أن التيار الإسلامي في تونس والوطن العربي غير راشد وغير محنك، وأن النظام السياسي في تونس والوطن العربي هو الراشد والمحنك.. فأقول لك: يكفي هذا التيار غير المحنك شرفا أنه يدافع عن كرامتك وكرامة شعبك، ولذلك كنتَ تعتز بالانتماء إليه قبل بضع سنوات. ويكفي الأنظمة في تونس والبلدان العربية عارا لشراستها في قهر شعوبها وسلب حقوقها وثرواتها. وهذا بالضبط ما قاله الأخ محمد غلام في برنامج الاتجاه المعاكس وقد شاهدتُه مثل ملايين العرب، ولم أر في الرجل إلا روح المسؤولية والشعور بالحُرقة لما يصيب شعوب المنطقة من سحق وظلم وتنكيل، وقد كان كلامُه واضحا في دعوة الحكام إلى إتاحة هامش من الحرية لشعوبهم، فإن لم يكن، فعلى الشعوب أن تضغط بالوسائل السلمية لاسترجاع حقوقها، فإن لم تتمكن الشعوب من ذلك بالمعارضة السلمية وانهزمت أما جيوش الحكام المدججة بأحدث أسلحة تفريق المسيرات، فقد دعا الرجل من فيهم بذرة الوطنية من ضباط الجيش إلى إزاحة أولئك الحكام وفتح مجال الانتخابات، لأنه إن لم يحصل شيء من ذلك (والكلام له) فإنه لا يمكن أن نأمن نتائج ثورات الشعوب المقهورة وانفلاتها، وما مثال كينيا عنا ببعيد بعد تزوير نتائج انتخاباتهم…فكلام محمد غلام واضحٌ.
هذا ما قاله الرجل، فلماذا التركيز فقط على دعوته ضباط الجيش إلى الانقلاب دون ذكر المراحل المتدرجة التي دعته لقول ذلك! فقد اكتفيتَ بالقول: “…إننا نرفض اطلاقا وتأكيدا المنطق الذي تحدث به الأستاذ محمد غلام نائب رئيس حزب الاصلاح والتنمية الموريتاني والذي دعى من خلاله الجيوش وقادة الأمن للاطاحة بالحكومات العربية القائمة من أجل ارساء حالة موريتانية انتقالية في المنطقة العربية …!!!
ألا ترى أن في نقلك لكلام الرجل اجتزاءً متحاملا عليه، وانحيازا لمحاوره الذي لم تذكر عما قاله شيئا، بل لم تذكر حتى اسمَه. فلماذا لم تعلق على كلام الدكتور خليل بن سعد عضو التجمع الذي أطنب في امتداح حزبه والأحزاب العربية الحاكمة التي قال عنها إن أنصارها بالملايين ولا تحتاج أبدا إلى تزوير الانتخابات. لماذا لم تقل شيئا عن ذلك؟ فهل أن الحديث عن تزوير الانتخابات في البلدان العربية كذبة؟
وهل أن ما قاله عن نعيم الحريات في تونس وعن قوة المؤسسات المدنية وتطوّر المجتمع المدني وحرية القضاء…صحيح؟ فلماذا لم تعلق عليه بشيء كما علقت على محمد غلام؟
وهل صحيح ما ادّعاه من أن الحزب الحاكم يقوم بنشاط راق في التأطير السياسي والثقافي؟ فهل يوجد في قاموس التجمع الحاكم غير فرض الانتماء بصنوف الترغيب والترهيب؟
وقولُكَ: “الدفاع عن العمل الانقلابي ومحاولة الترويج له على أساس أنه هو المخرج والحل لمنطقتنا وشعوبنا في مواجهة حالة التعثر في موضوع التنمية السياسية ليس الا لخبطة فكرية وذهنية لم تتعظ من تاريخ التجارب الانقلابية عبر افريقيا ومصر واليمن والعراق وغيرها من التجارب العربية أو تجارب شعوب أمريكا اللاتينية”
كلامك هذا -فضلاً عما فيه من تضخيم ومبالغة لمنطق الانقلاب الذي لم يكن مدار حديث الرجل- فإنك لم تذكر فيه التجربة الانقلابية في بلادك، فهل أن تلك البلدان التي ذكرتها وحدها قد نُكبت بسبب الانقلابات؟ أليست تونس أيضا منكوبة بسبب انقلاب بن علي على بورقيبة؟ ألم يكن انقلاب 7نوفمبر منعرجا نقل تونس من عهد المرحوم بورقيبة السيئ إلى عهد بن علي الأسوأ؟ ألم يأت بورقيبة ببن علي من الثكنة لإحكام قبضته على الشعب بعد ثورة الخبز 1984؟ فهل نعمنا بالحرية والكرامة بعد انقلاب 7 نوفمبر أم ازداد حالُنا سوءً؟.. كن صادقا مع نفسك ولك الجواب.
ثم إن قولك:”ان بلدا مثل تونس بما ينعم به من ثروات بشرية وطاقات فكرية وسياسية ومجتمع مدني نشيط وحزب حاكم عريق التجارب السياسية لا يمكن أن تقبل بوكلاء بالنيابة عن مفكريها أو قادة أحزابها الشرعية أو المحظورة من أجل أن يدافعوا عن سجنائنا أو عن الحريات وحقوق الانسان بطريقة مشوهة وخطابية تنتهج البلاغة والتفتيش عن الأرقام كسبيل لاقناعنا بسبيل الانقلاب لاستحداث اصلاحات سياسية بطريق القوة ومسلك العنف !!!”
أليس فيه بعض المغالطات؟ صحيح أن تونس فيها ثروات بشرية وطاقات فكرية، ولكن هل هي طاقات حرة وكريمة؟ أم نقنع بما قاله عنا الرئيس الفرنسي السابق “جاك شيراك” : “يكفي الشعب التونسي أنه يأكل ويعيش”، فأبقار تونس وأغنامها وقططها وكلابها وحتى حشراتها أيضا تأكل وتعيش…
ومن هي الطاقات السياسية التي تتحدث عنها؟ وهل هي في السلطة أم خارجها؟
وهل في تونس مجتمع مدني نشيط غير المؤسسات التجمعية الموجَّهة؟
إذا كنت لا تثق بالمعارضة الإسلامية -وهذا حقك- فاسألْ المعارضة العلمانية ستجيبك، أو عد لما قاله الدكتور المنصف المرزوقي في الحلقة السابقة من الاتجاه المعاكس عن المجتمع المدني في تونس، فهو رجل مثقف ومفكر علماني ليس بإسلامي ولكنه صادق مع نفسه ولا يحابي ولا يداهن.
أما الحزب الحاكم في تونس عريق التجارب السياسية الذي تتحدث عنه فعمره الآن عشرون عاما من الظلم والقهر وليس له من تجربة غير ذلك، فحزب بورقيبة الذي كان قائما على شرعية تاريخية أذلنا بها ثلاثة عقود قد مات بموت بورقيبة، وانظر عدد أنصاره الذين ظلوا أوفياء له بعد خروجه من القصر. وحزب التجمع الذي قام على شرعية “لا ظلم بعد اليوم” و”لا مجال لرئاسةٍ مدى الحياة”.. -وصدّقناه يومها تغليبا لحسن النوايا-.. لم يكن له من إنجاز غير التنكب لشعاراته التي فتح بها باب الجثوم على صدورنا. وسنرى كم سيكون لبن علي من نصير بعد انتقاله إلى رحمة الله، وماذا سيقول عنه أقرب المقرَّبين له بعد رحيله.. والأيام بيننا.
ومع أنني لا أضع نظارة سوداء لرؤية الواقع، فمن حقي مخالفتك في إطرائك لمواطن الخير والانجاز في التجربة السياسية التونسية -وهي كثيرة جدا- مع النضال من أجل تحسين التجربة على الصعيد الحقوقي والسياسي.. لأنه لا قيمة للإنجازات الاستعراضية إذا كانت تُقام على جماجم الشعوب وعلى حساب حرياتهم وكرامتهم وحقوقهم السياسية، وتُورثهم المهانة والخوف والاستكانة لأجيال قادمة وتقتل فيهم مواهب النهضة والإبداع. فقد ترك الاتحاد السوفياتي إنجازات هائلة لا تساوي إنجازات بن علي أمامها شيئا، في مختلف المجالات من الصناعة ومظاهر القوة إلى مجال غزو الفضاء…ومع كل ذلك فإنه لمّا انهار لم يأسف عليه إلا قلة من الذين كانوا متمعشين من وجوده، لأنه كرس الاستبداد وأشاع المظالم وسفك الدماء ووأد الحريات…
وإذا كنت يا أخي غير مقتنع بسبيل الانقلاب لاستحداث إصلاحات سياسية بطريق القوة ومسلك العنف من قبل المعارضة (ولا نختلف معك في هذه القناعة)، فكيف تريد المعارضة في المقابل أن ترضى بممارسة القوة والعنف تجاهها من قبل السلطة؟
فالعنف هو العنف والإرعاب هو الإرعاب (ولا أقول الإرهاب) مهما كان مصدره، سلطة أو معارضة. أليس هذا الحق والمنطق الذي كان ينبغي أن تقتنع به بلا تحيّز؟
ثم إذا كان يضيرك تدخل الغرباء أمثال محمد غلام في شأن بلادنا ليدافعوا عن سجنائنا وحرياتنا وحقوقنا، ألم يكن أوْلى أن تسأل نفسك أوّلاً: لماذا لدينا سجناء سياسيون؟ ولماذا ليس لدينا حريات؟ وأين ذهبت حقوقنا؟
فلو كانت لنا تلك الحقوق لما تجرّأ أحدٌ أن يذكر حكامَنا بسوء، ولمَا كنّا مضغة على ألسنة الآخرين وطرفا يرقّ لحالنا ويدافع عنا الغير، حتى من بلدانٍ أكثر منا فقرا وتخلفًا.
كما أن قولك: “تحية وطنية صادقة الى أبناء تونس الأبرار المتعالين عن الجراح وتحية الى رجالات تونس ونسائها الأوفياء لكلمة “لا ظلم بعد اليوم” التي كانت أبرز عنوان في بيان سبعة نوفمبر الأول وأبرز مضمون سياسي تجدد معه الأمل تونسيا في خطاب الذكرى العشرين.
فيه إغراب -أرجو أن لا يكون مقصودا- وتعريض مجهول الضمير.
فمَنْ الوفيّ لكلمة “لا ظلم بعد اليوم”؟ هل هو من قالها واعتلى بها العرش؟ أم من سمعها وصدّقها فرزح تحت أغلالها؟ كلنا مع هذه الكلمة نريدها، وكثيرون عُذّبوا وسُجنوا أو تشردوا.. وبعضنا ماتوا من أجلها، وأحسب أن وجودك في المنفى كان لأجلها. فمن تنكّر لهذه الكلمة غير من قالها؟
فحذار يا أخي العزيز!، إن أرواح الذين ماتوا تحت التعذيب وفي السجون وضحايا الأمراض المزمنة..تسمعك وستذكرك عند باريها. ودموع بنات المرحوم أحمد بوعزيزي لم تجف بعد، فاتق الله.
وإذا كنت لا تزال تعلق آمالا على تجدد ذكرى خطاب “لا ظلم بعد اليوم” بعد تكرارها للعام العشرين. فأخشى عليك أن تبقى تنتظر سنوات قد تطول بتطاول عمر صاحبها، لا قدّر الله، وآمل من كل قلبي أن لا يكون ذلك بانقلاب، لكي لا يعيد التاريخ نفسه.
أما قولك عن الأخ محمد غلام أنه دافع بشراسة وحماسة عن تجربة حركة النهضة التونسية وزعيمها الذي أطنب في مدحه واطرائه الى حد التقديس والتبرك…! ففيه مبالغة فادحة؛ أولا لأنه لم يتحدث عن تجربة حركة النهضة أصلا، ومنشط البرنامج د. فيصل القاسم لم يسمح له بالحديث عن تونس وطلب منه الحديث عن عموم الوطن العربي عموما، رغم أن محاوره د. خليل بن سعد قد استدرجه بامتداح التجربة السياسية التونسية. فلم يكن هناك حديث عن تجربة حركة النهضة بالذات.
أما الشيخ راشد الغنوشي فقد امتدحه محمد غلام فعلاً في حديثه، وقال عنه أنه مفكر راقي وأنه عارٌ على تونس تشريده لتستضيفه بريطانيا. ولكنه لم يطنب في مدحه وإطرائه إلى حد التقديس كما تدّعي يا أخي مرسل. ولو اعتبرنا أن ما قاله فيه يصل حد التقديس، لكان اعتبار قولك أنت لبن علي هو التقديسَ عينه، في تأكيدك على إلحاحية التدخل السياسي السامي من قبل الجهات العليا بالبلاد التونسية قصد رفع القيود عن كافة مواطنينا المقيمين بالخارج.
فمنذ متى كان التونسيون يخاطبون رؤساءهم بالسموّ، فالسمو لله وحده على كافة خلقه. وقد كنا ننفر من وسائل الإعلام الخليجية لحديثها عن سمو الأمير وسمو الملك.. ولم نسمع تونسيًَا واحدًا يتحدث عن سموّ الرئيس، ولا حتى المذيع محمد رؤوف يعيش في زمن المرحوم بورقيبة.
وإلى متى سنظل نستجدي لفت انتباه الجهات العليا بالبلاد التونسية ونسترحمها يا أخي، فقد استجداها المعارضون في الداخل عشرين سنة كاملة، واستظرفها الدكتور الحامدي ومن والاه لسنوات، وأخيرا استلطفها الخط الرمادي الذي سخط من السواد الحالك ولم يرض البياض الناصع…كل ذلك بلا طائل…فلماذا نلوم من ينتظرون خروج المهدي المنتظر من الكهف لعدة قرون إذن..فلْنقتدِ بهم، فننطوي على أنفسنا في كهف الحياة ولو كان خاليًا تماما من نور الحرية والكرامة، ونلعن الدنيا أملاً في الآخرة…
اتق الله يا أخي فإن للحق ربٌّ يحميه، ولن يحتمي أحدٌ ممن حادوا عن الحق والعدل وظلموا الناس يوم الدين يوم لا ينفع مال ولا بنون والعاقبة للمتقين، فاتق الله.
وإذا كنت أخي تعبتَ من الغربة وطالت عليك المحنة، فإننا كلنا كذلك، نموت كمدًا على فراق الأهل والاشتياق لمواطن الصبا، وليس ذلك خيارُنا وما باليد حيلة، وليس الانهزام للظلم والظالمين، والتنكر للحق وأهله بالحل السوي الذي يعيدنا إلى أوطاننا.
وإذا كنت قد اخترت نهائيا الحياد عن الوسط، والانحياز إلى الدنيا مع الواقف، فليكنْ ذلك بهدوء وصمت مثل الكثيرين الذين استقالوا من الحركة بصمت، وتركوا النضال بصمت، ومنهم من التحقوا بصفوف الموالاة بصمت، عملا بـ “إن عصيتم فاستتروا”.. فلم يسمع بهم أحد ولم يذكرهم أحدٌ بسوء.
فالتاريخ لا يرحم،
ويبقى أملنا في أن الله يرحم..
وأخيرا، عذرًا يا أخي العزيز مرسل على ما قد يبدو لك تطاولا، وهو في رأيي صراحة، وكثيرا ما تكون الصراحة مرة، فالذي يجاملك قد يخدعك. وإنني والله ليعتصرني الألم أن أضطر إلى كتابة هذا المقال، وما جرّأني على الكتابة في الشأن السياسي التونسي -بعد انقطاعي لثلاث سنوات- إلا الكمد على رؤية فرسان يترجلون إلى المقابر، وفرسان يتساقطون في طريق النضال، ولولا أنني كنت ولا أزال أحسبك فارسا، ما كتبتُ فيك حرفا..
والله تعالى يبلونا بالخير والشر فتنة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد..
مصافحة وفاء للمظلوم ويد متواصلة بالخير من أجل مصلحة تونس تعقيبا على مقال الأخ محمد البشير بوعلي
الى السيد مرسل الكسيبي
الرجاء منك كلمة في سفارة تونس بسويسرا
الرجاء منك كلمة في سفارة تونس بسويسرا
تونس في 17 جانفي 2008 الإتحاد العام التونسي للشغل قطاع التعليم الثانوي شكوى الأخ الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل تحية نقابية
الموضوع : شكوى من تصرفات الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي.
تونس في 15 جانفي 2008
النقابي التابع
بشير الحامدي
التبعية ليست حالة تنعت بها الدول والسّلط والأنظمة أو بعض المثقفين والأحزاب والجمعيات فقط.التبعية هذه الصفة الحقيرة بكل المعايير أصبحت تنطبق اليوم أيضا على النقابي.
فمن هو النقابي التابع؟
النقابي التابع أصناف وأشهر هذه الأصناف النقابي التابع من الصنف الأول
النقابي التابع من الصنف الأول عادة ما يبدأ حياته النقابية بالتسلّق فيتسلّق هياكل المنظمة النقابية التي ينخرط فيها هيكلا هيكلا من الأسفل إلى الأعلى. وطيلة هذه المسيرة يتقلّب ويتلون ويتنقّل من موقف إلى موقف ولابد له أن يدوس على كل شيء ليبدأ رحلة تحقيق حلمه في أن يكون تابعا.لذلك تراه منذ يومه الأول في العمل يعمل على أن تكون علاقته علاقة تبعية بمشغله وبدفتر شيكات مشغله. تبعيته تجعله يكون عيون مشغله على رفاقه في العمل ولأن له عيون ولأنه يحوز ثقة مشغله يبدأ في الصعود في سلم المسؤوليات النقابية. ولأنه انتهازي من الدرجة الأولى وله عين ثاقبة يتسلق النقابي التابع سلّم الترقيات المهنية في سنوات قليلة فتمتلئ قفّته وجيوبه ويصبح له منزل وسيارة خاصة ودفتر شيكات وبدلات عديدة وربطات عنق. وبهذه الامتيازات يتمكن النقابي التابع من أن يصبح إمّا كاتبا عاما في جهة أو في قطاع أو عضوا على الأقل في واحد من هذين الهيكلين النقابيين.وعندما يصل النقابي التابع هذه المرحلة يحين وقت تفرغه للعمل النقابي فيصبح متفرغا.
النقابي التابع من الصنف الأول عندما يصبح متفرغا للعمل النقابي يقتدي بمشغله وأول ما يقوم به هو أنه يحوّل مكتب النقابة التي ينتمي إليها إلى مكتب خاص به فيه يلتقي بأصدقائه التابعين والأقل درجة في التبعية منه يحتسي معهم القهوة ويستعمل الهاتف لقضاء شؤونه ويخطط للمؤتمرات النقابية وكيف عليه أن يظمن أغلبية الأصوات التي تمكنه من أن يرتقي إلى عضوية المكتب التنفيذي هذا المنصب الذي يدرّ امتيازات مالية كبيرة.و ينجح النقابي التابع في ذلك و يصبح أخيرا الكاتب العام للمنظمة النقابية أو رئيسها أو أحد أعضاء مكتبها التنفيذي. لا يهم المهم أنّه في القيادة.
النقابي التابع من الصنف الأول وفي هذه المرحلة من عمر تبعيته يكون قد استكمل مسيرة القطيعة مع القاعدة النقابية ومع النضال النقابي فتكبر به علّته ويتصور أنّ له شأنا وأنّ له مواقف وأنه أصبح شخصية وطنية وعليه بالتالي أن يؤسس لمجده الشخصي.
كيف يؤسس النقابي التابع من الصنف الأول لمجده الشخصي؟
الخطوة الأولى هو أن يعمل على اختزال المنظمة النقابية في شخصه ويقنع زبانية الجهاز الذي يرأسه بهذه الخطوة.النقابي التابع من الصنف الأول لن يجد من يعارضه من أعضاده فكلهم مرضى مثله بانفصام الشخصية.
عندما يختزل المنظمة النقابية في شخصه يعمد النقابي التابع من الصنف الأول إلى وضع كل المسؤوليات بين يديه أليس هو المسؤول الأول ! فيفاوض الأعراف والحكومة باسم المنظمة ويتصرف في ماليتها كما يريد ويبيع أملاكها أو يسوغها كما يشاء. ويحور قوانينها وينسف كل نفس ديمقراطي داخلها يقرب هذا طورا ويبعده طورا آخر باختصار يصبح متصرفا أوحد في هذه المنظمة وطبعا النقابي التابع من الصنف الأول لا ينسى بالمرة تابعيه فهو “يحكم” بهم ويعرف أنه لا يمكن له النجاح إن لم يغدق على تابعيه بعضا من نعمة يعرف كيف يقدمها ومتى يقدمها لهم ونعم النقابي التابع من الصنف الأول على تابعيه متنوعة ويقال أنها بالملايين!
الخطوة الثانية هي أن يرتّب أمر حراسة النظام النقابي ترتيبا يضمن له البقاء في المنظمة النقابية مدى الحياة فيكمّم الأفواه ويقنّن الوشاية ويجرّم هذا ويتّهم ذاك ويعاقب من يريد. وعقوبات النقابي التابع من الصنف الأول أصناف فهي التجريد و التجميد والتوقيف وتأجيل التنفيذ وفيها أيضا عدم سماع الدعوى للذين يلتزمون بالطاعة ويعلنون توبتهم. محاكمه لا تعترف بالحق في الدفاع ولا تستند إلى فصول وقوانين مكتوبة أو حتي متفق عليها في المنظمة محاكمه تنتصب كلما أراد هو وتحكم بأحكامه.أليس هو المسؤول الأول!
الخطوة الثالثة أن يحرص دائما على أن يكون مشاركا. هذه هي مبادئه. إنه بمثابة حارس المؤسسة هاجسه الأول والأخير رقي المؤسسة وهوايته الإمضاء على تسريح العمال لا يهمّه الحق النقابي ولا الحقّ في العمل. لكن الحقّ الحقّ أنه في عديد المرات يتدخل ليشغل بعض معارفه أو من لهم صلة ببعض زبانيته وهو في هذا الباب إن وعد وفى.
الخطوة الرابعة هي أنه عليه أن يكون مطيعا وديعا لرؤسائه ومنفذا لكل تعليماتهم وعليه أن يبرهن دائما أنه متمسك بهذه المبادئ ولا يتوانى في أدائها على أحسن وجه.
هكذا يؤسس النقابي التابع من الصنف الأول لمجده الشخصي و يتناسى أو ينسى دائما أنّ كل من سبقوه ومن اللذين كانوا على شاكلته وسعوا إلى مجدهم الشخصي على ظهر العمال خرجوا بلا مجد. لأن المجد للعمال وللشعب وليس للسماسرة والتابعين .
بشير الحامدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة : كتابة هذا المقال عن النقابي التابع خطرت لي بعد قراءة مقال لسعدي يوسف في موقع الحوار المتمدن حول المثقف التابع وهو نفس المقال الذي ورد في العدد 5778 الأربعاء 2 جانفي 2008 بجريدة القدس العربي.
المصدر نشرية :” الديمقراطية النقابية و السياسية ” عدد 127 ليوم 16 جانفي 2008
Liens : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/
http://groups.google.com/group/democratie_s_p/
تونس في 14 جانفي 2008
الإتحاد العام التونسي للشغل
النقابة العامة للتعليم الثانوي
(ردا على علي بن نصيب)
عندما تتحول منابر وجهات النظر إلى منابر للقذف
صدر بجريدة الصريح بتاريخ 25 ديسمبر2007 المناسب لليوم 36 إضراب الجوع، مقال في ركن وجهة نظر فيه تحامل على النقابة العامة للتعليم الثانوي تحت عنوان : “الإضرابات المتكررة في قطاع التربية : أزمة حوار أم أزمة توظيف سياسي ؟ “
وقد ارتأينا في النقابة العامة في البداية ألا نرد على مثل هدا النوع من المقالات ،ولكن لما تحول إلى تصريح رسمي من وزارة التربية وصار ، بتزكية مصالحها المركزية ومذكرات مديريها الجهويين ، بيانها الخاص في الرد ، بعد خرس طويل ، على إضراب الجوع، صار لزاما علينا قي النقابة العامة التي تعودت ألا تتخفى وراء الأشباح والبيانات المجهولة ،أن ننير صاحب المقال وبعض أصحاب وجهات النظر من أمثاله وأن تنير خاصة الرأي العام .
وننطلق من ملاحظة منهجية أساسية ,ندرسها لتلاميذنا مند حداثة تعليمهم وهي أن وجهة النظر تتسم في الأصل بالرصانة وهدوء العقل وعمق التفكير ولغة المحاججة وتنزع إلى الموضوعية ,وفي المقابل تنأى عن السباب والشتائم وكيل التهم وتبتعد عن الدس والغلواء والمغالطة . ونرى أن المقال المذكور أعلاه قد عبأ من الصفات الثانية ما طاب له واتخذ من مقاله منبرا لسباب المقاهي فأساء لنفسه وأساء من حيث لا يدري إلى جريدة الصريح . وسنحاول ضبط النفس عند نتتبع سقطات المقال ، على كثرتها ، على قاعدة الموضوعية والرصانة :
1) لقد انطلق المقال من التعبير عن حيرته من لجوء نقابات التعليم الثانوي إلى الإضرابات .ولم يذكر عناوين هذه الإضرابات ، إلا ما حلا له وفق عقلية انتقائية ، ولم يحاول الإجابة عن حيرته تلك .وكان عليه أن يدرك أن وزارة التربية والتكوين لم تستجب لمطالب المدرسين ولم تمض 06 اتفاقات ، بتلك الكلفة التي ذكر إن صحت الأرقام، إلا بعد سلسلة من الإضرابات كان يمكن أن تتواصل لولا خروج ملف مطالب المدرسين عن دائرة القرار في وزارة التربية المتعنتة . وقد ألصق تهمة التوتر بالنقابة وجردها عن الوزارة رغم إقراره بأن النقابة هيكل يفترض أن مهمته الدفاع عن المطالب المهنية لمنخرطيه . وهو فعلا ما تحملته النقابة العامة للتعليم الثانوي عندما شنت الإضرابات بعد أن انسد أفق الحوار وبسببه تتعرض النقابة إلى حملة من الوزارة ومن بعضَ الأقلام الغريبة.
2) عرض بعد دلك صاحب المقال عددا من الأسئلة إيهاما بالنزعة الحجاجية لمقاله، المتوفرة شكلا والغائبة أصلا، فتساءل عن الإضراب احتجاجا على تنظيم قمة المعلومات بتونس سنة 2005 ؟ فحرّف عنوان الإضراب عن قصد والحقيقة أنه كان احتجاجا في البداية على مشاركة مجرم الحرب شارون ثم تحول إلى احتجاج على مشاركة الوفد الصهيوني في القمة ودوسه تراب الوطن .
ثم أردف ذلك بالسؤال عن علاقة هذا الإضراب بالمدرسة وبوضعية المدرسين ،وهو يعلم أن المدرسة التونسية أصبحت برامجها مرتعا للتطبيع (امتحان البكالوريا 2006 الذي تضمّن موضوعا لكاتب من غلاة الصهيونية، إيراد كتاب مدرسي فيه خارطة كتب عليها إسرائيل، وضع نصّ لمغنّ صهيوني ملفوظ من بلاده الأصلية الجزائر…) و ليدرك صاحب المقال أيضا أن المدرّسين في جميع بلدان العالم يشكلون ضمن فئات أخرى طليعة مجتمعهم وقد كان ذلك زمن التحرير وزمن البناء وسيظلون دائما منارة للروح الوطنية التي لا تذوي.
ويتساءل بعد ذلك في لهجة استنكار عن مسؤولية وزارة التربية في معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال حتى تعلن النقابة إضرابا تضامنيا. لماذا لم يطرح السؤال نفسه على الشعب الإسباني الذي نزل بالملايين تنديدا بمجزرة جنين، ولماذا لم يستغرب المظاهرات الحاشدة في إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا والمغرب ومصر تضامنا مع الشعبين الفلسطيني والعراقي ضد الغزو والاحتلال؟.
إن التضامن أولى بنا نحن يا صاحب المقال لأننا ننتمي لنفس الشعب واكتوينا بنار الاحتلال واحتضنا المقاومة في الجزائر وفي فلسطين وشاركنا فيها بالرجال والسلاح وعرّفنا بها وجاء الأوان لينقل المدرّسون هذا الوعي إلى تلاميذنا الذين حرمتهم وزارة التربية من برامج تتعلق بالثورة الفلسطينية ظلت مدرجة على امتداد عقود ثم ذابت وحلت محلها محاور غريبة لا تبرير لها غير التأقلم.
ثم ينتقل إلى السؤال عن “الجهد الذي بذلته النقابة لاكتشاف “… منحة استثمار عادية بمقتضى أمر…” فلم يذكر مقدار المنحة إذ جحد على 140 ألف مدرّس حقهم في جزء من الثروة الوطنية فمنّ عليهم بمقدار 78 مليارا (ولا نعرف من أين استقاه) وأخفى المليارين الذين أسندا إلى مستثمر واحد واعتبر ذلك أمرا عاديا. ثم لم يتساءل عن مدى حاجة المدرسة العمومية لهذه المنحة العادية وهي المدرسة الآيلة إلى التداعي والتدهور وبل والخراب.
3) إنّ كلّ ما تقدّم من تساؤلات صاحب المقال هو تمهيد إلى جوهر الموضوع : وهو إضراب الجوع الذي أعلنه 3 أساتذة مطرودون تعسفا وتبنته النقابة العامة للتعليم الثانوي وكل هياكل الاتحاد (انظر بيان الهيئة الإدارية الوطنية ليوم 22 نوفمبر 2007 وبياني المكتب التنفيذي بتاريخ 25/12/2007 و28/12/2007 وبيانات القطاعات المنتمية للاتحاد). وفي هذا الجزء تبدو معلومات صاحب المقال، مهما تخفّى، مستقاة من مصدر وحيد وأوحد وهو وزارة التربية ردّدها دون تمحّص أو تساؤل وقدّمها تباعا إلى الرأي العام على أنّها حقائق بل وعمد إلى انتقائها بطريقة مشوّهة أكثر حتّى من تشويهات الوزارة.
ليعلم صاحب المقال، أنّ النّقابة العامّة لم تعتبر يوما الأساتذة المعاونين “خطرا” على المهنة بل اعتبرت صيغة الانتداب هي الخطر. والدليل أنّها طالبت بإدماج جميع المعاونين، دون استثناء أو تمييز بين من انتدب ،على حد قول صاحب المقال ، بالوساطة أو بمحض الصدفة أو بالضغط والنضال ، كما طالبت بإنهاء هذه الصيغة المهينة في الانتداب، وذلك وعيا من النقابة أنّ قطاع التربية والتعليم قطاع حيوي واستراتيجي يعنى بمستقبل البلاد ولا يحتمل هشاشة الشغل والأوضاع الوقتية للعمل وحالة الإرباك و ووضع انعدام الطمأنينة على المستقبل الذي يكون عليه المدرّس.
ورغم احتجاجنا على انعدام الشفافية في انتداب هذا الصّنف من المدرّسين فقد استطعنا بعد سلسلة من الإضرابات التي احتجّ ضدها صاحب المقال أن نمضي اتفاقا مع وزارة التربية للإدماج والإنهاء التدريجي للانتداب بهذه الصيغة (انظر اتفاقي 17/10/2006 و15/05/2007).
إنّ ما تغيّر، يا صاحب “وجهة النظر” هو أن يُطرَد مدرّسون حازوا رضا الجهاز البيداغوجي والإداري لأنهم شاركوا في الإضرابات التي تساءلت عن تكررها وأدنتها واعتبرتها توظيفا سياسيا وهي التي فرضت الإدماج والإنهاء ومنحتي العودة المدرسية ومراقبة الامتحانات الوطنية وغيرها من المكاسب التي دفعت وزارة التربية إلى استغلال وضع الأساتذة المعاونين لمعاقبة القطاع ككل على سلسلة الإضرابات تلك وعلى المكاسب التي تحققت .
من حقك أن تعتبر القضية مفتعلة ومفبركة ما دامت ومصادرك هي معلومات مصالح معينة، تعرفها، في وزارة التربية. لو تدري “الحرفية الضعيفة قليلة الخبرة والمهارة” التي فبركت عمليّة طرد الأساتذة الثلاثة وأغرقت وزارة التربية في الارتباك والتخبط لهالك الظّلم والتعسّف وأحجمت عن السّباب …
نؤكّد لصاحب المقال ، كما أكّدناه لمدير التعليم الثانوي بوزارة التربية وهو خير العارفين، أن لا وجود لعقد وإلا ما وضعتَ الكلمة باحتشام بين الظفرين، إذ لم يمض أي أستاذ معاون أي عقد . وغاية ما في الأمر قرار وزاري ( انظر الفصل 2 مكرّر من الأمر عدد 2849) ينصّ على الانتداب بهذه الصيغة وينصص على الصنف ويحدد آجالا تتطابق مع الأمر الخاص الذي يحدد قابلية التجديد بعد أن كان في البداية ( أمر عدد 2849 الصادر في 05نوفمبر 2002) يضبطها ” لمدّة أقصاها سنة قابلة للتّجديد مرّة واحدة “، وعلى إثر التنقيح في الأمر عدد 834 لسنة 2004 الصادر في الرائد الرسمي بتاريخ 02أفريل 2004 أصبح التجديد غير محدد بسقف . ثم جاء الأمر عدد87 بتاريخ 15 جانفي 2007 الذي ينصص على الإدماج وذلك بعد اتفاق أكتوبر 2006 بين النقابة العامة ووزارة التربية.
فإذا كان الانتداب متصلا بالصفة الوقتية بالمعنى الذي تتعلّل به الوزارة ويردّده صاحب المقال لما كان هناك حاجة إلى تنقيح الأمر عدد 2849 بالأمر عدد 834. وإذا كانت المسألة متصلة بالعمل الوقتي (وهو صنف آخر يخص النيابة الوقتية، ويبدو أن المعلومات اختلطت على صاحب المقال) فلماذا تواصل وزارة التربية انتداب أساتذة فلسفة وإنقليزية بصيغة المعاونين وهما اختصاصان يهمان كل من محمد المومني وعلي الجلولي ومعز الزغلامي الذين لم تنته الضرورة المتأكدة لانتدابهم ، بل هو جاء القرار السياسي العقابي ضدّهم وضدّ من يمارس العمل النقابي من هذا الصنف تمهيدا لتعميمه على الأصناف الأخرى.
إنّ جوهر الرسالة الحقيقية للنقابة هو الدفاع عن مصالح المدرّسين بغضّ النظر عن أصنافهم ورتبهم وطرق انتدابهم، ولهذا تحوز النقابة ثقة عموم المدرّسين وتتمكّن عبرهم من تحقيق المكاسب وتسعى للمحافظة عليها وتجاهد من أجل حماية مصالحهم وكرامتهم من كلّ جور وتعسّف.
إنّ أكثر ما نعيبه على صاحب المقال هو اتهام ثلاثة شبان عرّضوا حياتهم لمدة 39 يوما من إضراب الجوع إلى أقصى المخاطر ونعيب عليه أن يدّعي “بأنهم خرجوا من إضرابهم بزيادة وزنهم”… كان عليه وهو صاحب “وجهة النظر” أن يستجلب التقارير الطبية ليتأكّد من صحّة أقواله وأن يتحقّق من التحاليل المخبرية أن يزن الثلاثة قبل أن ينهوا إضرابهم عن الطعام ، كنا نسمح له بذلك ، إلاّ إذا كان يشكّك في الإطار الطبّي ويطعن في مصداقية المراكز الصحّية العمومية ويتّهمهم بالتّواطؤ مع النقابة وبالسّعي إلى التّوظيف السياسي. عُد إلى مركز الطبّ الاستعجالي samu الذي آوى المضربين الثلاثة أياما وواجه إطاره الطبّي بطعنك في ضمائرهم وفي مصداقيتهم.
كما نعيب على صاحب المقال اتهام النقابة بـ”المناولة السياسية” وهو يعلم حقّ المعرفة أنّ الاتحاد بكلّ هياكله تقاوم المناولة في ميدان التشغيل فضلا عن مقاومة المناولة السياسية التي احترفها الكثيرون في هجومهم على الاتحاد أيّام المحن والأزمات وحتى في فترات التوازن.
بعد هذه الاتّهامات وهذا التشنّج الذي طبع المقال المذكور أعلاه تصبح الدعوة إلى “الحوار البناء” نفاقا متأخّرا لا ينطلي على أحد. فأن يملّ صاحب المقال إضرابات الجوع فأمر يخصّه ، أمّا أن يهدّد النقابة فيذكّرها ” بمظلّة تحميها من القانون وتمنحها حصانة تجعلها فوق الحصانة ” وأن يكيل لها التّهم التي عييت وزارة التربية نفسها من ترديدها ، وأن يدّعي بأن “جمهور الأساتذة” لم يعد أغلبهم يفهم من الإضرابات المتكرّرة سوى شيء واحد هو التّضامن…” فهذا أمر يخصّنا نحن جمهور الأساتذة دون سوانا ممّن لا يتذكّروننا إلاّ ليسبّونا ، و هو أمر يحدو بنا إلى أن ندافع عن أنفسنا وأن ندفع عّنا عقوق البعض ونكرانهم لجميل من علّمهم حرفا، ونرفع عن البعض غيمة المغالطة المجانية وننير للجميع طريق الحقيقة حتّى يعلم من لم يعلم بعد أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل منظّمة وطنية عريقة وأن لا أحد يزايد على هياكله بالوطنية وبالغيرة على مصالح البلاد.
وعلى أيّة حال فليخٌض صاحب المقال المذكور أعلاه فيما يريد أن يخوض ما دام يتحدّث عن مجرّد “وجهة نظر “لاغير ببراءة بعض أصحاب “وجهات النظر” ذوي الخصوصية . لكن أهل مكّة أدرى بشعابها.
عن النقابة العامة للتعليم الثانوي
الكاتب العام
الشاذلي قاري
المصدر نشرية :” الديمقراطية النقابية و السياسية ” عدد 127 ليوم 16 جانفي 2008
العنصرية الان وهنا
تواصل مع أهل غزة ..
هي محاولة منا لنصرتهم والتضامن معهم .. بإمكانك الآن سماع صوتهم والحديث إليهم وأن تلتقط شيئا من دعائهم .. قد يأتي حظك مع عائلة مرابطة .. أو أهل مريض.. أو كبير في السن يندب زمنه .. أو طفلة تبلغك ما عجز الكثير عنه .. قد ترسم بسمة على شفاههم .. أو بارقة أمل في قلوبهم .. قد تسمع أناتهم فتشاركهم إياها .. أو ترفع يدك للتأمين على دعائهم .. ما عليك سوى أن تخسر القليل من قروشك لتصرفها على اتصال عشوائي.. اضرب الرقم .. 0097282 ثم أتبعها بستة أرقام عشوائية .. وستسمع صوتهم .. أعدك بذلك .. أنشرها ولك أجر النصرة إن شاء الله
اسرائيل بين فكي الكماشة الاسلامية
نصرة فلسطين.. واجبات عملية
صبرا يا أهل غزة
هولوكوست غـزة والدور العربي