الجمعة، 25 مارس 2011

 

  Home – Accueil

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3958 du 25.03.2011  

archives : www.tunisnews.net


 مراسلة خاصة:قضية عدلية ضد عبد العزيز الجريدي

يو بي أي:شاب تونسي آخر يضرم النار في جسده بالقرب من مقر محافظة مدينة الكاف

جمعية شباب حماية الثورة بالقيروان:بيان تأسيسي

نقابي من بنزرت:ميليشيا عبد الكريم الخالقي تعتدي من جديد على المعتصمين ببنزرت

كلمة:الباجي قائد السبسي يؤيد قرار مجلس الأمن ضد نظام القذافي

كلمة:اتحاد الشغل يطالب بتخفيف ديون تونس الخارجية

يو بي أي:وزيرا خارجية وداخلية إيطاليا يزوران تونس لبحث مسألة الهجرة غير الشرعية

مركز تونس لحرية الصحافة:بــلاغ

الصباح:رغم صدور بطاقات جلب في حقهم “المخلوع” وعائلته قد يفلتون من المحاكمة.. والحكومة المؤقتة لا تحرك ساكنا

الصباح:موعد انتخابات المجلس التأسيسي اقتراح “العمال الشيوعي” يخلط الاوراق

السبيل اولاين:البحيري : حركة النهضة تريد ان تعبر الهيئة العليا “عن روح الثورة ووحدة التونسيين”

عبدالحميد العدّاسي:شيخ أحبّ النهضة

الناصر الهاني:بشرى من بشرى

فوزي مسعود:قواعد في فهم الصراع مع دعاة التبعية الفكرية بتونس

منير حداد:حداثة أم ديمقراطية؟.. ردا على العقلانيين العرب

محمد الطاهر الضيفاوي:للــــوطـــن…مــع الأيـــــــام

هيمان رايتس ووتش:قوات الأمن تقتل عشرات المتظاهرين

عبد الحكيم هلال :لماذا لم يقل أوباما لصالح ارحل الآن؟

الجزيرة نت:عقبات في طريق ثوار ليبيا

الجزيرة من:ما وراء التدخل الغربي في ليبيا؟

رويترز:المقربون من القذافي يبحثون عن مخرج

القدس العربي:عدة فرضيات للاطاحة بالقذافي سريعا

القدس العربي:ساركوزي: باريس ولندن تعدان مبادرة من أجل حل سياسي في ليبيا


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديد أخبار تونس نيوز على الفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141

 


قضية عدلية ضد عبد العزيز الجريدي


 

تقدم الأستاذ شوقي الطبيب المحامي لدى التعقيب يوم الخميس الماضي 25 مارس2011 إلى السيد وكيل الجمهــــورية بالمحكمة الابتــدائية بتونس العاصمة بدعــــوى في الثلب رفعها محمد كريشان الصحفي المذيع بقناة “الجزيرة” ضد عبد العزيز الجريدي مدير جريدة “كل الناس” الأسبوعية بسبب ما كاله له على أعمدتها من شتائم واتهامات مختلقة قبل سقوط الرئيس بن علي بأيام قليلة. 
و كان الجريدي قد دأب طوال عقدين كاملين على شن حملات سب و تشويه منظمة على صفحات هذه الجريدة نفسها و أختها “الحدث”، ليس فقط ضد كريشان لمرات عديدة ، و إنما ضد عدد كبير من الشخصيات العامة  و السياسية و مناضلي حقوق الإنسان دون أن يخضع و لو لمرة واحدة للمساءلة القانونية لتمتعه  بحصانة من أجهزة النظام المخلوع . 
و تهدف هذه الدعوى، التي يريد صاحبها أن تكون قضية رأي عام في البلاد ، إلى وضع حد لهذه الحصانة التي امتدت لأكثر من عقدين شـُـــوهت خلالها الصحافة التونسية بشكل لا نظير له في أي بلد عربي آخر حتى نثبت أن الثورة التونسية الغالية قطعت فعلا مع هذه الممارسات و الرموز المخجلة.  
مراسلة خاصة


شاب تونسي آخر يضرم النار في جسده بالقرب من مقر محافظة مدينة الكاف


تونس, تونس, 25 (UPI) — أقدم شاب تونسي اليوم الجمعة على إضرام النار في جسده غير بعيد عن مقر محافظة الكاف غرب تونس العاصمة،وذلك في حادثة هي الرابعة من نوعها في غضون ثلاثة أيام.

وقال الناشط الحقوقي زياد السهيلي في إتصال هاتفي مع يونايتد برس أنترناشونال من مدينة الكاف الواقعة على بعد 170 كيلومترا غرب تونس العاصمة،إن الشاب يدعى منجي بالأخضر الماجري ويبلغ من العمر نحو 35 عاما.
وأوضح أنه أقدم على سكب مادة البنزين على جسمه ،ثم أضرم فيه النار إحتجاجا على عدم إستماع المسؤولين الجهويين بالمدينة له ،وتسوية مشاكله الناتجة أساسا عن معاناته من البطالة والفقر.
واضاف ان الشاب أصيب بحروق من الدرجة الثالثة ،ما إستدعى نقله بسرعة إلى مستشفى “محمد البوعزيزي” للحروق البليغة الواقع في ضاحية بن عروس غرب تونس العاصمة.
ولفت السهيلي،إلى أن هذه الحادثة وقعت في الوقت الذي كان فيه أكثر من 300 شخص يعتصمون أمام مقر محافظة مدينة الكاف للمطالبة بتحقيق “مكاسب الثورة”،وللتحذير من مغبة الإلتفاف عليها.
ولفت إلى أن هذا الإعتصام الذي دعا إليه المجلس الجهوي لحماية الثورة،وشباب مدينة الكاف ،سيتواصل طالما لم يتم تلبية مطالبنا في مقدمتها “تطهير مدينة الكاف من رموز الفساد، والقطع نهائيا مع إدارة العهد البائد”.
وتأتي هذه التحركات،فيما تشهد عدة مدن تونسية تحركات مماثلة،حيث تظاهر أمس المئات وسط مدينة سيدي بوزيد(265 كيلومترا جنوب تونس العاصمة) التي تعتبر مهد الثورة التونسية،وذلك للمطالبة بتسوية وضعياتهم،وتوفير فرص عمل لهم.
وعمد التظاهرون إلى سد عدد من الطرقات بالإطارات المطاطية المشتعلة،كما إقتحموا مقر المحافظة،وأجبروا المحافظ حسن الفتوحي على مغادرة مقر المحافظة تحت حماية عناصر من الجيش التونسي.
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 25 مارس 2011)
 


القيروان في 24/03/2011 بسم الله الرحمان الرحيم 
بيان تأسيسي    

                                                                                                                         بعد ثورة الشعب التونسي و الإطاحة بالنظام الفاسد من اجل الحرية و الكرامة و ما شهدته  ولاية القيروان من تهميش و تغييب خلال الثورة و بعدها .    
                                                                                                                                 لذلك نحن أبناء ولاية القيروان المشاركين باعتصام القصبة و اعتصام الولاية و باب الجلادين و الشباب المستقل الذي لا ينتمي إلى أي تيار سياسي خاص و المعطلين عن العمل.
نعلن تأسيسنا لجمعية شباب حماية الثورة بالقيروان  ممثلة لجميع أبناء و بنات جهة القيروان بجميع فئاتهم و إذ نؤكد على ضرورة مواصلة النضال من اجل إنقاذ البلاد وتطهير القيروان من رموز الفساد و المفسدين الموالين للنظام الفاسد فإننا نطالب.
     {1}  تشريك شباب الثورة أصحاب الشهائد العليا في المجالس البلدية , المعتمديات و الولاية في الفترة الانتقالية.      {2}  كنس بقايا رموز الفساد و أزلام النظام البائد و محاسبتهم.       {3}  إعطاء أهمية إعلامية لولاية القيروان.      {4}  تطهير المناصب العليا السياسية و الإدارية بجهة القيروان.      {5}  تجميد عمل أعضاء و رؤوس التجمع و منعهم من إنشاء أحزاب سياسية و صدهم عن أي ممارسة سياسية بالبلاد خلال 10 سنوات.           {6}  تكريس الاستقلالية الفعلية للقضاء.
و من هنا فإننا نؤكد على احترام إرادة الشعب و سيادته و العمل على تمثيل شباب القيروان في جميع المحطات السياسية. نعم سنموت و لكننا سنقتلع الظلم من أرضنا  
جمعية شباب حماية الثورة بالقيروان  


ميليشيا عبد الكريم الخالقي تعتدي من جديد على المعتصمين ببنزرت


بعد الاعتداء الذي تعرض له المعتصمون منذ 19 مارس 2011 بمقر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت يوم الاثنين 21 مارس بمقر الاعتصام والذي طال شيخ المناضلين “عم على بن سالم”يغتنم الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت المعروف بقضايا التحرش الجنسي انعقاد الهيئة الإدارية الجهوية التي انعقدت الخميس 24 مارس بمقر الاتحاد الجهوي ليهاجم بمليشياته (قرابة 60) المعتصمين عند مغادرة الأخ علي رمضان عضو المكتب التنفيذي الوطني ورئيس الهيئة الإدارية الجهوية مقر الاتحاد الجهوي ببنزرت.
تعرض العديد من المعتصمين إلى الاعتداء بالعنف الشديد وكان نصيب الأسد هذه المرة المعتصم وعضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي خالد بوحاجب الذي هاجمته المليشيا بأمر من رمز الفساد في الجهة عبد الكريم الخالقي. استعمل المعتدون اللكم والركل والكراسي. لم ينقطع الاعتداء إلا بعد إغماء الأخ خالد بوحاجب وتدخل موظف بالاتحاد الجهوي في صمت ولا مبالات من بعض أعضاء المكتب التنفيذي وتحريض من نقابيين من التعليم الأساسي(منير النفاتي وهشام الكوكي)، مازالوا يدافعون على الكاتب العام الفاسد محترمين قاعدة الولاء مقابل العطاء.
نداؤنا إلى المركزية النقابية للتدخل وإنقاذ الجهة من هذه العصابة المنظمة ووضع حد لنشاطهم النقابي ومحاسبتهم قبل فوات الأوان ودخول الجهة في متاهات العنف الذي لن تحمد عقباه. نقابي من بنزرت  


الباجي قائد السبسي يؤيد قرار مجلس الأمن ضد نظام القذافي


حرر من قبل التحرير في الخميس, 24. مارس 2011 في تصريح لوكالة فرانس براس قال الوزير الأول في الحكومة المؤقتة إن ما يجري في ليبيا شأن داخلي، وتونس تعترف بالدول و ليس بالأنظمة، فالأنظمة حسب رأيه غير خالدة. وقال الباجي قائد السبسي أن الدول الغربية تطبق قرارات الشرعية الدولية، مصرّحا أن تونس كانت دائما مع احترام قرارات مجلس الأمن خصوصا حين تكون ملزمة ومندرجة تحت البند السابع الذي ينص على استخدام القوة في حال عدم الامتثال. يذكر أن ليبيا شريك تجاري أساسي لتونس فهي ثان أهم شريك بعد الاتحاد الأوروبي، حيث تبيع 1200 مؤسسة تونسية بضائعها في ليبيا ما يمثل 7 بالمئة من الصادرات التونسية.  وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2010 نحو 600 مليون يورو علاوة على مليوني سائح ليبي يزورون تونس سنويا لأغراض التداوي والتبضع والسياحة. وبحسب مجلة حقائق التونسية فإن ليبيا هي رابع مستثمر عربي في تونس ومزود هام لها بالمنتجات النفطية. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 24 مارس 2011)

اتحاد الشغل يطالب بتخفيف ديون تونس الخارجية


حرر من قبل التحرير في الخميس, 24. مارس 2011 طالب وفد الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة العمل الدولية بمساعدة تونس على تخفيف ديونها الخارجية.  وجاء الطلب النقابي يوم الإثنين على هامش اجتماع منظمة العمل الدولية بجينيف حضره الأمين العام للمنظمة عبد السلام جراد. وقال بيان للاتحاد إن الأمين العام تحدث عن المديونية المرتفعة في تونس و التي تناهز 30 مليار دولار مؤكدا أنها تمثل عائقا أمام التنمية والاستثمار المحلي. وكان عبد السلام جراد صرح بأن منظمته ستسعى عبر مساعدة منظمة العمل الدولي و صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية لتخفيف الدين الذي ذهب قسط كبير منه في جيوب الفاسدين حسب ما جاء في تصريحه. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 24 مارس 2011)

وزيرا خارجية وداخلية إيطاليا يزوران تونس لبحث مسألة الهجرة غير الشرعية


تونس, تونس, 25 (UPI) — وصل وزيرا الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني وزميله وزير الداخلية روبرتو ماروني اليوم الجمعة في زيارة خاطفة إلى تونس لبحث موضوع الهجرة غير الشرعية الذي يلقي بظلال كثيفة على العلاقات بين بين البلدين.
ولم تُعلن السلطات التونسية عن هذه الزيارة،غير أن ديبلوماسيا إيطاليا مقيما بتونس قال ليونايتد برس أنترناشونال إن زيارة فراتيني وماروني تستغرق عدة ساعات ،وستخصص لبحث موضوع الهجرة غير الشرعية،والعلاقات الثنائية.
وأضاف أن الوزيرين الإيطاليين سيجريان خلال هذه الزيارة محادثات مكثفة مع رئيس الوزراء التونسي المؤقت الباجي قائد السبسي،ومع وزير خارجية الحكومة التونسية المؤقتة المولدي الكافي،لبحث” سبل التصدي لعودة تدفق المهاجرين غير الشرعيين صوب السواحل الإيطالية”.
ويلقي موضوع الهجرة غير الشرعية بظلال كثيفة على العلاقات بين تونس وإيطاليا،حيث تفاقمت هذه الظاهرة بشكل لافت منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بن علي في الرابع عشر من يناير الماضي.
وكاد هذا الموضوع أن يتسبب في أزمة ديبلوماسية بين البلدين عندما دعا وزير الداخلية الإيطالي روبرتو ماروني في منتصف الشهر الماضي إلى السماح للقوات الإيطالية بالتدخل في تونس لوقف عمليات تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
وقد أثار هذا التصريح في حينه حفيظة السلطات التونسية،حيث سارعت وزارة الخارجية التونسية إلى التأكيد في بيان رسمي على رفضها القاطع لأي تدخل في شؤون تونس الداخلية أو مساس بسيادتها.
كما أعربت في بيانها عن إستغراب تونس من مثل هذه التصريحات،ولكنها أكدت في المقابل إستعداد تونس “للتعاون مع الدول الصديقة لايجاد الحلول المناسبة لظاهرة الهجرة غير الشرعية والقائمة على إحترام حقوق الإنسان وكرامته ومبدأ التنمية المتضامنة”.
وتقول تقارير إعلامية أن الآلاف من التونسيين توافدوا بشكل لافت على جزيرة “لامبيدوزا” الإيطالية التي مازلت تستقبل المزيد من المهاجرين غير الشرعيين.
وبحسب مصادر أمنية إيطالية،فإن أكثر من 800 شخص وصلوا أمس الخميس على متن عدة قوارب صيد إلى هذه الجزيرة الإيطالية التي تقع بإقليم صقلية والتي تشهد موجة من مراكب الهجرة غير الشرعية حملت أكثر من 16 ألف مهاجر منذ بداية العام أغلبهم من تونس. وتخشى السلطات الإيطالية تفاقم هذه الظاهرة،خاصة بعد إعلان السلطات الليبية أنها قررت عدم التعاون مع أوروبا لمكافحة الهجرة غير الشرعية على إثر العملية العسكرية التى تشارك فيها باريس وواشنطن ولندن ضد قوات الزعيم الليبى العقيد معمر القذافى. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 25 مارس 2011)
 

مركز تونس لحرية الصحافة المقرالمؤقت:11 شارع الحبيب ثامرتونس بــلاغ

ينظم مركز تونس لحرية الصحافة على الساعة الحادية عشرة من صبيحة يوم الثلاثاء 29 مارس 2011 بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل، ساحة محمد علي بتونس العاصمة، ندوة تضامنية مع زملائنا الذين يشتغلون في مناطق النزاعات، نحت عنوان: إعلام الثورة … صحفيون تحت التهديد وستطرح الندوة مسألة الاعتداءات الخطيرة التي تستهدف حياة الصحفيين والتي تفاقمت إبّان هذه الثورة التي تخوضها الشعوب العربية في سبيل التحرر والانعتاق من كل أشكال الاستبداد والدكتاتورية  


رغم صدور بطاقات جلب في حقهم “المخلوع” وعائلته قد يفلتون من المحاكمة.. والحكومة المؤقتة لا تحرك ساكنا

وزارة العدل: قمنا بما نستطيع فعله..والبقية على الحكومة المؤقتة


أثار خبر استعداد الرئيس المخلوع إلى مغادرة السّعودية في اتجاه بلجيكيا حفيظة عديد المواطنين الذين استنكروا صمت الحكومة المؤقتة. وأكد بعضهم لـ”الصباح” أن جلب الرئيس المخلوع وزوجته ليلى الطرابلسي وشقيقها بلحسن الطرابلسي والصهر صخر الماطري, ومحاسبتهم قضائيا هو مطلب شعبي أساسي لا سبيل إلى التراجع عنه. فأين الحكومة المؤقتة من كل هذا؟  وخاصة وزارة العدل ووزارة الشؤون الخارجية؟ وهل افلت الهاربون من قبضة العدالة, ومن المحاسبة التي يستحقونها وعلى رأسهم زين العابدين المخلوع؟ للإجابة عن السؤال, اتصلنا بمصدر من وزارة العدل وأفاد بان الهياكل المعنية بالوزارة قامت بكل ما بوسعها في سبيل جلب المطلوبين السالف ذكرهم, وفسر بأن ” الوزارة قامت بالإجراءات القانونية الرّاجعة إليها بالنظر في خصوص المتهمين الفارين من النظام السابق من خلال إصدار بطاقات الجلب الدولية, وتوجيه 21 إنابة عدلية في خصوص جلبهم وتجميد الأموال التي هربوها إلى الخارج في البنوك الأجنبية. وهي خطوة بقيت بلا موجب في ظل “صمت ” وزارة الشؤون الخارجية, حيث بقيت كل الأسئلة التي توجهنا بها إلي عديد المسؤولين بالوزارة بلا إجابات, كما لم يحرّك البوليس الدولي “الانتربول ” ساكنا لملاحقة الأشخاص المطلوبين بموجب بطاقات الجلب الصادرة في حقهم لأسباب فسرها السيد قيس سعيّد مختص في القانون الدولي  بـ” غياب التعاون القضائي بين بلادنا والبلدان التي يقيم بها بعض الهاربين على غرار دولة قطر, إضافة إلى أن حق  اللجوء السياسي والإقامة يهم فقط الدول المعنية ولا دخل لبلادنا بها.” وحمّل المختص في القانون الدولي الحكومة المؤقتة مسؤولية تمتع الرئيس المخلوع وعائلته بالحرية الكاملة رغم تورطهم في قضايا من الوزن الثقيل, مفسرا بأنه على الحكومة المؤقتة وعلى رأسها الرئيس المؤقت الإسراع بتقديم طلب رسمي إلى بلدان إقامة “الهاربين” لأنّهم مطلوبون رسميا إلى العدالة. وأشار مصدرنا إلى ضرورة تفعيل اتفاقيات التعاون القضائي الدولية, إن وجدت, أو التحرك في إطار جامعة الدول العربية التي تمثل الهيكل الرسمي, وكذلك يمكن اللجوء إلى المنظمات الدولية وتحريض مؤسسات المجتمع المدني. وأكد السيد قيس سعيّد على ضرورة السعي إلى التنفيذ, وليس الاكتفاء بتقديم المطالب كما استنكر تكتم الحكومة المؤقتة على تفاصيل ما توصلت إليه في إطار مساعيها, إن وجدت, لجلب الرئيس المخلوع وزوجته وبقية الفارين من النظام السابق. ويذكر أن الرئيس المخلوع يسعى إلى الانتقال إلى بلجيكا للإقامة هناك، بعد أكثر من شهرين على الإطاحة به, وذكرت بعض المواقع الالكترونية أنه يحتفظ بروابط أسرية قوية في منطقة ريلجيم في شمالي بلجيكا ويرغب بالانتقال للإقامة هناك, كما أكدت مصادر مطلعة في السفارة التونسية بالدوحة لعديد وكالات الأنباء الأجنبية أن صخر الماطري حصل على الإقامة الدائمة بدولة قطر, وهو يقطن حاليا في فندق “فورسيزنز” بالدوحة بالطابق 23 تحت حراسة مشددة, بينما يقيم بلحسن الطرابلسي مع عائلته في فندق قصر فودروي الفخم على ضفاف بحيرة غرب جزيرة مونتريال.  ذكرى بكاري (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 مارس 2011)

موعد انتخابات المجلس التأسيسي اقتراح “العمال الشيوعي” يخلط الاوراق


اثار موقف حزب العمال الشيوعي التونسي خلال ندوته الصحفية اول امس والداعية إلى تاجيل موعد الانتخابات عدة اسئلة حول الجدوى من هذا الطرح وامكانية الاخذ به كمبدإ اساسي قصد تمكين الأحزاب من وقت كاف لاعادة البناء بالنسبة للبعض والتعريف ببرامجها لدى عموم المواطنين بالنسبة للبعض الاخر. في المقابل، احزاب تتمسك بالموعد المحدد من قبل الحكومة الانتقالية والمقررة ليوم 24 جويلية القادم حجتهم في ذلك ضمان انتقال شرعي في اقرب الاجال لتجاوز اي طارئ. وبالعودة إلى القوانين والمعايير الدولية المتعارف عليها فان الانتخابات تكون في العادة بين فترة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن السنة أي بين تلك المدة الصادر فيها النص القانوني المحدد ليوم التصويت وموعد إجراء الانتخاب وهو يدعم فرضية التأجيل الذي يبقى مرتبطا بجانبه الوفاقي بين كل الأحزاب. ووفقا لما تقدم فقد أعرب الناطق الرسمي باسم حزب الإصلاح والتنمية محمد القوماني عن تمسك الحزب بالموعد المحدد معتبرا انه ضمانة حقيقية لتأمين انتقال ديمقراطي للوصول في اقرب الآجال إلى سلطة شرعية. وبين القوماني أن الصعوبات الناجمة عن قصر المدة بالنسبة للشخصيات والاحزاب التي تنوي الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي يمكن تذليلها عبر القانون الانتخابي الذي يمكن أن يحدد الدوائر الانتخابية بعدد السكان وبمساحة جغرافية تتيح سهولة الاتصال المباشر بين المترشحين والناخبين. واقترح القوماني انه يمكن التركيز على الترشحات الفردية التي تقدم المترشح وليس الحزب الذي يرشحه وهذا النظام ينصف الجميع ولا يظلم الأحزاب لأنه يمكن لها أن تراهن على سمعة ومؤهلات مرشحيها. وفي اتجاه اخر اقر الناطق الرسمي باسم حزب الطليعة العربي الديمقراطي خير الدين الصوابني وعضو جبهة 14 جانفي ” أن الأحزاب ليست وحدها غير المستعدة للانتخابات لكن الساحة السياسية في حد ذاتها لم تعد بشكل واضح قادرة على استيعاب الحدث”. واعتبر الصوابني أن الاعداد الجيد يتطلب حزمة من القوانين سواء تعلق الامر بالاعلام أو باستقلال القضاء والتمويل الحزبي والانتخابي. وخلص المتحدث إلى أن المصلحة العليا للبلاد والتمشي الديمقراطي الحقيقي  يقتضي تأجيلا معقولا للتاريخ المحدد لموعد الانتخابات. وفي موقف مخالف لكل الاطروحات اكد رئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني انه يمكن تقديم موعد الانتخابات إلى شهر من الموعد المحدد وذلك وفقا للنصوص القانونية التي تسمح للاحزاب بذلك. واعتبر الهاني أن حجة ضيق الوقت بالنسبة للاحزاب تغلب في الاصل مصلحة الأحزاب على حساب المصلحة العامة واضاف ” أن تأجيل الانتخابات يطيل فترة اللاشرعية الدستورية ويمهد للاستقرار ويوفر فرصة ثمينة للقوى المتربصة بالثورة لان تنقض عليها. وحول ما طرحه حزب العمال الشيوعي التونسي من اجراء للموعد الانتخابي في شهر اكتوبر فقد اعتبر الهاني أن اجراء الانتخابات في هذا الوقت انما هو اجراء صعب لانه يرتبط بفترة صعبة وبمواعيد مختلفة كشهر رمضان والعودة المدرسية والجامعية .” ومن جانبها اعربت حركة النهضة عن دعمها إلى الموعد المحدد المقرر ليوم 24 جويلية وقال علي العريض احد القياديين المؤسسين للحركة ” أن الحركة تقدم مصلحة الوطن ومصلحة العامة عن أي امور اخرى .”واضاف العريض أن رغم قصر المدة والتي قد لا تكفي أن تستعد من خلالها الأحزاب والادارة للاستعداد الا أن التاخير واستمرار الحالة المؤقتة للبلاد قد يؤخر التنمية والتخطيط وبالتالي سيؤثر على مبدإ الاستثمار.”  خليل الحناشي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 مارس 2011)

البحيري : حركة النهضة تريد ان تعبر الهيئة العليا “عن روح الثورة ووحدة التونسيين”


السبيل أونلاين – تونس – وكالات  
قال نور الدين البحيري عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة الاسلامية في تونس وممثلها في اهم هيئات الانتقال الديمقراطي، الخميس ان حزبه يريد ان تكون هذه الهيئة “معبرة عن روح الثورة ووحدة التونسيين”. وتتعثر اعمال “الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديموقراطي” التي تعقد اجتماعها القادم السبت، بسبب خلاف كبير على تركيبتها التي اعتبر العديد من المشاركين فيها انها “لا تتماشى مع اهداف الثورة وطموحات الشعب التونسي” بعد الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي. وتم الاتفاق الثلاثاء على توسيع تركيبة الهيئة “لتشمل جميع الاحزاب السياسية والتيارات الفكرية وشرائح المجتمع”. واوضح البحيري لوكالة فرانس برس “حصل اجماع على مراجعة تركيبة الهيئة لانها بوضعها الحالي لا تمثل كل مكونات المجتمع في العاصمة والجهات ونحن نريدها هيئة جامعة معبرة عن روح الثورة ووحدة التونسيين رغم اختلافاتهم ونريدها ان تعمل بروح الوفاق لتصل الى صياغات تعبر عن اوسع خيارات المجتمع وذلك حتى تتمكن من انجاز مهامها بنجاح”. واشار الى ان “بعض لاطراف حاولت للاسف الشديد ان تهيمن على الهيئة لتكريسها لخدمة رؤيتها للمجتمع ونظرتها لكيفية الخروج من المشاكل التي تعاني منها البلاد”. واتهم في هذا الصدد “منظمة نسائية وطرفا سياسيا معارضا بمحاولة تضخيم تمثيلهما في الهيئة عبر شخصيات وطنية “مستقلة” هي في الواقع من مناضلي هذين الطرفين”، رافضا كشف الجهتين. ودعا كافة الاطراف السياسية والمنظمات الى الابتعاد عن هذه الاساليب خاصة بعد ان تم الاتفاق على ان تكون لكل حزب ثلاثة مقاعد في الهيئة و”الافساح في المجال لمساهمة شخصيات وطنية مستقلة فعلا عرفت بروحها الوفاقية ومكانتها داخل المجتمع ونضاليتها”. كما شدد البحيري على انه “من غير المعقول ان يتم تعويم الاحزاب والمنظمات التي ناضلت ضد الدكتاتورية في تونس بعدد اكبر منها بكثير من الشخصيات الوطنية مما يجعل دور الاحزاب ومكونات المجتمع المدني ثانويا” مشيرا بالخصوص الى المركزية النقابية وعمادة المحامين وجمعية القضاة “هذه القوى التي كانت في طليعة النضال ضد الاستبداد”. ويبلغ عدد ممثلي الاحزاب في الهيئة في صيغتها الحالية 12 وعدد الشخصيات الوطنية 42. واكد حرص حركة النهضة على “العمل بروح من الوفاق لتجاوز المرحلة الانتقالية بسلام واستعادة الشرعية عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة تنبثق عنها اغلبية تحترم الاقلية”. وقال ان حزبه بصدد دراسة النظام الانتخابي الامثل (النظام الفردي او نظام اللوائح) ونظام الحكم الانسب لتونس (برلماني او رئاسي او رئاسي مقيد). ومن المهام الموكلة لهيئة تحقيق اهداف الثورة اعداد مشروع النص القانوني لانتخاب المجلس الوطني التاسيسي في 24 تموز/يوليو الذي سيتولى صياغة دستور جديد لتونس. وكانت السلطات اعلنت ان القانون الانتخابي سيصدر قبل نهاية مارس الجاري. الأوضاع في ليبيا من جانب آخر قال رئيس الوزراء التونسي المؤقت الباجي قائد السبسي الخميس لوكالة فرانس برس ان تغيير النظام في ليبيا “امر يعود امر تقريره لليبيين” مشددا على ان تونس “لم تكن ترغب” في حدوث التدخل الغربي في ليبيا لكنها تطبق قرارات الشرعية الدولية. وفي هذا الصدد جمدت تونس ارصدة العقيد معمر القذافي لديها تنفيذا لقرار المجتمع الدولي، بحسب ما اعلن الخميس لوكالة فرانس برس مصدر قريب من قائد السبسي. وفي اول رد فعل رسمي تونسي على تطورات الوضع في ليبيا المجاورة قال قائد السبسي انه اذا قرر الليبيون التخلص من نظامهم “فهذا شانهم، سناخذ علما بذلك ونستمر في العمل (مع ليبيا). نحن نعترف بالدول، فالانظمة ليست خالدة”. واضاف “عندنا هنا في تونس وبعد نحو ربع قرن من الدكتاتورية لن يذرف احد دمعة على من رحلوا” في اشارة الى الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي اطاحت به ثورة شعبية في 14 كانون الثاني/يناير الماضي. وتابع “بالنسبة الينا ليبيا تكاد تكون شانا من الشؤون الداخلية، فنحن جيران ونرتبط بعلاقات تضامن وتعاون ضاربة في القدم. وكل ما يحدث في ليبيا يؤثر علينا”. ومنذ اندلاع ثورة الشعب الليبي فر عشرات آلاف الاشخاص الى تونس ما تسبب في حدوث ازمة انسانية لهذا البلد المحدود الامكانات الذي يخوض عملية انتقال ديمقراطي دقيقة منذ رحيل بن علي. بيد ان قائد السبسي اشار الى ان “هناك الشعب والدولة والنظام، وتوجد فعلا مشكلة نظام (في ليبيا). الشعب انتفض ولسنا نحن من سيأسف لذلك (بعد الثورة التونسية) لكن ذلك يبقى رغم كل شيء شأنا داخليا” ليبيا. وبخصوص التدخل العسكري في ليببا الذي بدا في 19 مارس قال رئيس الوزراء التونسي المؤقت “اننا لم نكن نرغب في ذلك لكن حين يقرر المجتمع الدولي في مجلس الامن الدولي، فاننا نطبق” القرار.وشدد على ان تونس كانت دائما “مع احترام قرارات مجلس الامن خصوصا حين تكون ملزمة وتحت البند السابع” الذي ينص على استخدام القوة في حال عدم الامتثال لها. و قررت السلطات التونسية تجميد ارصدة القذافي وعائلته . ومنذ بداية الثورة ضد القذافي الذي يحكم بلاده منذ اكثر من 42 عاما وخصوصا التدخل العسكري الغربي في ليبيا، لزمت السلطات التونسية الصمت بشأن الوضع في البلد الجار الذي ترتبط معه بعلاقات اقتصادية مهمة جدا. وليبيا شريك تجاري اساسي لتونس فهي ثان اهم شريك لها بعد الاتحاد الاوروبي حيث تبيع 1200 مؤسسة تونسية بضائعها في ليبيا ما يمثل 7 بالمئة من الصادرات التونسية.وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2010 نحو 600 مليون يورو علاوة على مليوني سائح ليبي يزورون تونس سنويا لاغراض التداوي والتبضع والسياحة. وبحسب مجلة حقائق التونسية فان ليبيا هي رابع مستثمر عربي في تونس ومزود هام لها بالمنتجات النفطية.  
(المصدر : السبيل أونلاين بتاريخ 24 مارس 2011)
 


شيخ أحبّ النهضة


  جاء في السيرة الشريفة أنّه، لما كان يوم فتح مكة أمّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال: اقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح… وقد قتل منهما عبدالله بن خطل ومقيس بن صبابة. وأما عكرمة فقد أحسن التوكّل على الله تعالى ثمّ عزم قائلا لآتينّ محمدا حتى أضع يدي في يده، فلأجدنّه عفوا كريما ثمّ جاء فأسلم. وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى، فبايعه بعد الثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال: ما كان فيكم رجل شديد يقوم إلى هذا – حين رآني كففت يدي عن بيعته – فيقتله؟ قالوا: ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك؟ [هلا أومأت إلينا بعينك]؟ قال: إنه لا ينبغي لنبيّ أن تكون له خائنة أعين!…   أوردت هذا المقطع من السيرة العطرة لأتحدّث عن آثار واقعة استعملها المستعملون لشقّ الحركة الإسلاميّة التونسية، والتفريق بين الأحبّة فيها، فقد كانت واقعة باب سويقة “الغامضة” عند النّاس الملبّسة الملتبسة معول هدم استعمله الخصم السياسي الذي بات اليوم عدوّ البلاد لكثرة ما خرّب فيها… وقد كان يمكن بما منّ الله به علينا اليوم إزاحة الغموض وإبطال محاولات ضرب الصفّ؛ ولكنّ بعض الذين في حركة النهضة – والكلام على مسؤوليتي – لم يلحظوا خلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الفتح ذاك الخلق الكريم المتمثّل في العفو… فإنّه لمّا أمر بقتل النفر الذين عيّنهم ولو كانوا متعلّقين بأستار الكعبة – مع ما للكعبة عنده وعند المسلمين من حرمة -، قد كان يشير إلى الجرم الكبير المقترف من طرفهم في حقّ الجسم الإسلامي المنهك يومئذ، ومع ذلك فقد رأيناه يعفو على من لم يسبق إليه السيف من طرف المستعجلين؛ فإنّ عثمان رضي الله تعالى عنه قد آوى عنده عبدالله بن أبي السرح دون مسارعة بقتله أو إبعاده عن الصفّ الإسلامي حتّى كتب الله له بيعة مكّنته من بعد في الفتوحات التي طال خيرها بلادنا التونسية!… ولكنّ “ذنب” الشيخ عبدالفتّاح مورو في حركة النهضة إن كان قد “أذنب” لم يبلغ ذنب الذين أمر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بقتلهم!… وقد كنت أتوق إلى أن أراه مبجّلا مكرّما في بيته – كما ردّد كثيرا – يحنو على ابنته (الحركة) يرضعها الحليب الطبيعي وليس حليب القيقوز – كما نثر من كلامه العذب – يتبوّأ مكانة طالما حلمنا أن نراه فيها، غير أنّ تمسّكا بخلق العقاب الذي نأى عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبعدا عن خلق العفو والكرم الذي عرف به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قد يكون حرمنا من رؤية تحقيق أمانينا في حركة أراها منقوصة نقصا مشينا بغياب الشيخ عبدالفتّاح مورو وأمثاله من الأفذاذ… وليس في هذه الرؤية شخصنة أو انحياز إلى فرد على حساب مصالح الحركة النّاظرة اليوم بعين واسعة إلى ما يصلح شأن البلاد ومعاش العباد، ولكنّها رؤية صادرة من محبّة النّاس ومن محبّة استجلاب الخير لهم، فإنّ الشيخ عبدالفتّاح مورو اليوم هو الأقدر مع أخيه على تحقيق ذلك… وإنّي لأخشى بعد هذا إذا حكّمنا الأخطاء السابقة التي قد لا يقع التوقّف عندها بسب الظروف الاستثنائية المعيشة أن لا أجد من يقوم على أمر هذه الحركة!… ولست أعني بهذا – لا قدّر الله –  القدح في السير أو التشكيك في المؤهّلات والنّوايا ولكنّي أريد القول بأنّ مصلحة الحركة والبلاد برمّتها لا تقف اليوم عند النّظر في أوضاع أناس جرّأت أمثالها (الأوضاع) ذات يوم سيّدنا عمّار بن ياسر على النطق بما يتناول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم!… ولمن يتحدّث عن الصمود وخلافه وعن العمل عند ذات الشوكة وعدمه، أقول لعلّ الله سبحانه وتعالى قد أرشد الشيخ إبّانئذ إلى ما يؤاخذ به اليوم من قبل بعض أصحاب النّظر القصير حتّى نجد في تونس على الأقلّ من يؤبّن موتانا… أقول هذا الكلام وأنشره لظنّي أنّ ما قيل في الموضوع عبر الفضائيات أكبر بكثير ممّا قلت، سائلا الله أن نرى هذا الموضوع يُطوى نهائيا بكلّ متعلّقاته وبصفة منصفة للشيخ مرضية، كي نستطيع التحرّك بأمان يُسند بعضُنا البعض، وإلاّ فلا لوم إلاّ على من فكّر في استبعاد الشيخ الكريم!… والله من وراء القصد والسلام عليكم ورمة الله وبركاته…   عبدالحميد العدّاسي الدّنمارك في 25 فيفري 2011   


بشرى من بشرى


الناصر الهاني
أن تكون محاميا أي أن تكون شريفا وصادقا ومع الحق أنى كان،  وأن تدفع الثمن لأجله لأنك اخترت جانب الضعفاء والمقهورين . هذه المبادئ قد يراها اليوم بعض البراجماتيين بالية وتجاوزها الزمن . وقد يرد البعض الآخر بأنها من زمن الفرسان والنبلاء . لكن ما يجب أن نتفق عليه أن المبادئ التي تتفق حولها الإنسانية في حقبة من الحقب تظل خاضعة لقانون التطور، لكنها تحافظ على روحها وأساسها.
وقد يقال إنّ الإيتيقا نسفت مذ أن  جعلها “هيجل” ركيزة في جدله المقلوب . وهذا هو الرأي الغالب اليوم لدى ” المكيافليين” في كل أروقة تصريف الشأن العام في كل الأنظمة ، رغم أن مؤسسات النظم الديموقراطية له بالمرصاد بالمحاسبة والردع . لكنّ هذا الرأي مدحوض فالأخلاق تظل فاعلة ولها دورها . ومخرجاتها تكون بالضرورة رافدا مساعدا لحكم سليم .  
و جرني الحديث إلى هذه المسألة ما صرّحت به السيدة بشرى بلحاج حميدة المسؤولة بإحدى اللّجان الثلاث ، أو ما يسميه البعض بـ “لجان بركات الثورة” ،  حول ما جدّ من اختلافات بخصوص  الفصل الأول من الدستور المرتقب : بأن الإسلام السياسي وافد وأجنبي . ودون الخوض في “سُمِّية التسمية” نرى أن التي كُلّفت بالدفاع عن مصالح الشعب في لجنة تخص تونس برمتها خانتها الحيادية ، وانطلقت من ثوبها الستاليني الذي أقام المجازر لمخالفي الرأي ، وحاصر المعارضين أينما حلوا ، حتى انتهى به الأمر إلى تفتيت دماغ “تروتسكي” بآلة تعرفها هي جيدا في منفاه .  فالمرأة مطلوب منها على الأقل أن تتناسى جلدها القديم احتراما للمرحلة . وكعقد يلتزم به الجميع ، من أجل توفير ساحة للعمل الديموقراطي الجدوى فيها للفكر ، والاستقطاب الإيجابي بالعمل السياسي الجاد ، لا بشراء الأصوات ، أو ترهيب الخصوم . لكنها ما زالت تعمل بميكانيزمات ولي نعمتها زين العابدين بن علي . ولعل أشياعها سيثورون ، ولكن الحجة ستأتيكم تباعا . وهذا ليس تخوينا أو سقوطا في درن التصفية الذي تتخبط فيه صحبة أمثالها . فنحن لم نلحظ نجوميتها إلا في دفاعها المستميت ، في عهد المخلوع ، من أجل إقامة جمعية لحماية الأطفال من العنف الجنسي .  وهذا مقصد نبيل . لكن لِمَ لم تتحدث في السياسة في عهده وتكون جسورة  ؟؟  
وعرفناها محامية لا يُشقّ لها غبار في قضية “بسيكو أم والسيدتين”  قبيل سقوط بن علي . وكانت قد حشرت المظنون فيه في الزاوية من خلال ترهيبه بتهمة الإرهاب ، وتطبيق فصول هذا القانون عليه . والحال أنّ تفاصيل القضية تشير إلى تشهير وثلب . ولم تكن تُعامل المدَّعَى عليه بقاعدة  ” المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته”  بل بالإدانة حتى لو أثبت عكس الدعوى . وهذه تعلمون تقنية من…!
هذا الوجه الحقوقي المدافع عن كرامة الإنسان ما رأيناها تتحدث عما تعرضت له سهام بن سدرين أو راضية النصراوي أو المرزوقي أو….. ولا يمكن أن نتحدث عن الإسلاميين .  فهي قد أحضرت وصفة قـيّمة لمعالجة أمرهم . لو استعملها زبانية “بن علي” لكانت النتائج أفضل ، ولما كانت تتحدث هي الآن عن غربة الإسلام السياسي . هذا بخصوص نجوميتها التي تدعّمت أكثر بحضورها آخر سهرة أثـّثها سامي الفهري ليبيّن مناقب السيد الرئيس ليلة  13/1/2011م . وبرهنت ساعتها عن جديّة السيد الرئيس في مساعيه الإصلاحية . وللأمانة كان موقفها صارما من الفساد والرشى والتملك غير المشروع ، وهاجمت ساعتها سامي الفهري وتوعدته بالمحاسبة حول رساميل شركة ” كاكتوس”.  وها قد صدق وعيدها إذ دخلت هي لجنة من هذه اللجان وحوسب سامي الفهري “بكل حزم ” وافتتح “التونسية تي في ” . ولكن ما علاقة كل مافات بتصريحها ؟ وما مشارب هذه الدعوى؟؟
لطالما شنف التونسيون آذانهم بمقولات ردّدها النظام البائد بمعية بعض أركان اليسار التعيس ، الذي لم يجد من الأمكنة إلا ضيّقه فـ ” قعمز” فيه وتطرف في الجلوس :  “بأن الحجاب مستورد والأحزاب الإسلامية تكفّر المجتمعات فنحن كلنا مسلمون وبأن الإسلام السياسي – وهي تسمية للمستشرقين ونقلت من المعجم الكنسي –  مستورد وغريب .  وهم يلمّحون بذلك إلى دول المشرق العربي ، أو إيران . ولا علاقة لهذا الأخير بما يذكرون . لكن إطلاقية أحكامهم ، وعدم فهمهم جعلتهم يتناسون ما احتوته أساطين الفقه السياسي العربي ، بدءا من الماوردي الأصولي ، وخوارج الحاكمية، وجبرية القدر ، ومرجئة  عدم البتّ ، ومعتزلة التعقل ، وحكم الضرورة  . واعتبروا أن كل مافات لا يجسد إلا مرحلة القنّ والعبودية ورجعية النبلاء وأفيون العقيدة . متناسين بذلك خارطة الفكر، وحتمية التاريخ والجغرافيا  ، والجينات بجزء مهمّ من العالم القديم يختلف اختلافا جذريا مع التربة التي أنجز فيها ماركس العظيم بحثه واستنتاجاته .
فالسيدة المحامية ما زالت تجترّ ما كان يستخدمه نظام  بن علي  لتصفية خصومه وخصوصا الإسلامين . عندما كانت هي عاجزة عن أيّ فعل ، بل لا غرابة أن نجدها تزكّي تمشّيه ، بل وتقترح الحلول ليصفي خصومه . ففي حوار لها أجرته معها  “رشا التونسي” ونشر بـ”السبيل أون لاين” بتاريخ 22/12/ عندما سئلت عن مكاسب المرأة في تونس 2009 تقول :”….مكاسب 1956و1993……..ومنذ ظهور التيار الإسلامي أصبحت الأمور أقل وضوحا ، فالمعركة ليست سياسية أو أمنية ، بل ثقافية . انفرد النظام كطرف واحد في الصراع مع الإسلاميين ، غير منطقي أن يمنع نشاطهم ويترك فكرهم يتفشى في المجتمع . ” فما الحل ياسيدتي ، يا راكبة العربة الأولى في قطار التقدمية ، وياواهبة الفكر قداسته ، ويامن تؤمنين بالعلم طريقا للتقدم ؟ ألم تكفهم المحاكم والقتل والتشريد والتنكيل والتضييق على الأرزاق وتجفيف المنابع ؟!!! لكن هذا لا يكفي إذ يأتي الجواب الكافي من سيدة الحرية ” لو أن جميع شرائح المجتمع الخاصة والعامة شاركت مع الدولة ” هذه هي شراكة المجتمع المدني مع دولة القانون والمؤسسات التي بناها السيد سمير العبيدي وعبد الوهاب عبد الله  .  لكن فيم الشراكة؟ “في موقف متضامن كفكر ونشاط ضد التطرف”والنتيجة هي”لما انتشرت أفكارهم وأثّرت بهذه الطريقة” فرغم إبادتهم عن بكرة أبيهم – وهي ترى من هم أكثر منها شهائد في اختصاصها يبيعون “المعدنوس والشبت” ، ويزج بهم في السجون بعد ضربهم ، وترى دكاترة الرياضيات يمنعون من العمل كـ “خماسة ” لدى الهناشرية ، وربّان الطائرات المدنية  يعملون ” سنفاجة وفطايرية ” رغم أن البوليس نبّه مشغليهم أكثر من مرة –  ترى أن فكرهم انتشر وتفشّى . ولا تبرير لهذا إلا الحقد الأعمى , والتطرف في اليسارية ، ونزعة الاستئصال ، والرغبة في الانتقام من الخصم السياسي. فلِم نلوم بن علي ياسيدتي ؟! ولم تقومين أنت الآن على النبش في فساد مرحلته ؟! أليس القتل والتشريد الذي تستمرئينه وترضينه لمن يخالفك الرأي أشنع وأشد؟! فالمال والعمران علامة يمكن تعويضها ، لكن الإنسان قامة لا تعوّض . والدول المتقدمة تعتتبر المورد البشري هو رأس المال الحقيقي . وحينما سئلت عن سبب عودة المقدس قالت :”القنوات الفضائية لعبت دورا كبيرا في خدمة التخلف الفكري والتطرف الديني” . فما الفرق بينك وبين من يمنع وسائل الإعلام ، أو يقيدها أويفرّض لونا دون غيره ؟! أفلا يعتبر هذا تعسفا على ذائقة الناس وتطرفا على إراداتهم ؟؟ 
أ وليس من العيب أن نحكم على فكر من يخالفنا بالتخلف ؟! ولم هذه المركزية البغيضة والتطرف السخيف؟! ألا يعتبر مفكرا إلا من يعود لأرشيف الستالينية ويستفيق وينام على سب الدوما وجلالة القيصر؟! على أن الفكر المتفتح وجب عليه أن يمتح من كل المشارب . وأظن أن هذا عسير على عقول لم تنفض البغضاء عن جدرانها ويعزُب عنها أن تتسع للفضاء الرحب لما جادت به قرائح المبدعين شرقا وغربا ويمينا ووسطا ويسارا ويمينَ اليسار ويسارَ اليسار. وأن نحكم بأهوائنا بأن العمل السياسي الإسلامي الراهن هودخيل دون ان تشير إلى أن اليسار مستورد بالكامل وهو “كلخوزة فكرية بامتياز” فهذا من باب التجنّي والبتر والعمل الإسلامي في تونس  وغيرها أصيل ومنغرس في تربته ومنفتح على الحضارات الأخرى ولا يحتاج لمن يشهد على أصالته . وما كتابات ابن سينا وانشداده للجمهورية الفاضلة للمعلم إفلاطون، وابن رشد وفصل مقاله، وتونسيا فما ابن خلدون بعبره ، وخير التونسي بإصلاحاته وسالم بوحاجب وعبد العزيز الثعالبي وما فعلاه ومقاصديّة محمد الطاهر بن عاشور  إلا تأصيل لفكر إسلامي سياسي متفتح يقدم الواقع على حَرْفيّة النصوص، ويجعل المعيشي همّا يجبر كل من ناكف التكلس أن ينخرط فيه ليساهم فيما ينفع الناس ليخلده ، ويجعله ماكثا في الأرض ، ويذهب بذلك الزبد جفاء. هذا إذا أردنا النجاعة والنفعية أما إذا تركنا الأمر لاستئصاليي اليمين واليسار والوسط -أولئك الذين يطحنون الحقد ليطفحوا من سطحه “مُرْجينَ” الاغتيالات و”فِيتُورَةِ” الإعدامات للفكر. والمعذرة للّغة الفلاَّحي لأنني معجب بماو تسي تونغ لكنني لم أتجاوز ما خلّفه خروتشوف وغورباتشوف- فالمستقبل سيكون كارثيا لاشك وحينها لا غرابة أن نرى جحافل الغيستابو ومحاكم التفتيش تنتشر بربوعنا.
مساء 25/3/2011م   


قواعد في فهم الصراع مع دعاة التبعية الفكرية بتونس


فوزي مسعود www.MyPortail.com   كان الصراع بتونس بين دعاة تنزيل الإسلام بالمجتمع ومعارضيهم، محسوما بفعل قوة السلطان لصالح الطرف الأخير زمن النظامين السابقين. وبحلول الثورة ولما زالت العوائق التي كانت تكبح أصحاب الطرح الإسلامي، فإن المغالبة مع دعاة التبعية الفكرية مروجي العلمانية واللائكية والحداثة، يجب أن تكون أكثر فاعلية، وبالتالي فإنه يفترض أن يكون الخطاب الإسلامي أكثر عمقا وقوة. لكن الملاحظ هو أن الطرح الإسلامي بتونس لازالت تغلب عليه سمات عديدة تؤشر على الضعف المنهجي والسطحية، والإسراف في المقاربة السياسية الساعية لتغليب الواقع، أكثر من التعامل المبدئي. ولما كانت السياسة هي معالجة للواقع، ولما كانت معالجة الواقع يفترض انها تتم من خلال خلفية فكرية، فإنه يجب أن تكون المعالجة الواقعية ومنها السياسية، منضبطة بالرؤية الفكرية المبدئية، ولما كان الأمر كذلك، فإنه يعنينا تفهم الصراع في أسسه الفكرية، قبل المعالجة الجزئية لمسائل بعينها دون الأخرى، حين المواجهة مع دعاة التبعية الفكرية.   وأنا أرى أن الصراع مع هؤلاء هو تفريع عن مسالة أكبر هي الصراع مع  محاربي الإسلام، إذا اعتبرنا كل من يرفض تنزيل الإسلام بالمجتمع، ما هو إلا محارب له، بقطع النظر عما سيسمي به هو نفسه.   1 –   وجوب توفر منهج للمواجهة الفكرية
ولما كان الأمر خطيرا لهذه الدرجة، فإني أرى انه يجب إيجاد منهج شامل لمواجهة هؤلاء في كل المستويات، مستوى الفهم، ومستوى الفعل، ومستوى المتابعة. بالنسبة لمستوى الفهم، فإنه يلزمنا قبل كل شيء فهم طبيعة الصراع مع هؤلاء، وهذا يتم من خلال قواعد يجب الالتزام بها، لتخطي العقبات في مستوى التصورات.   ولإنجاز ذلك أقترح منهجا جذريا، يخص الأبعاد التالية: العمق، والمجال، وزاوية النظر، بحيث انه يجب في كل بعد من هذه الأبعاد الرجوع للجذر في المجال المتناول، أي إرجاع أي مسالة متناولة للأسس، وعدم القبول بما يطرح على انه أمر مسلم به، وبهذه الطريقة فإنه يمكننا تفتيت العديد من المسلمات، والخروج من أسر الواقع، الذي كرس -بفعل توالي الزمن- العديد من الأصنام الفكرية والخطوط الحمر. وحين الرجوع للأسس في تناولنا  للقضايا، فإنه يمكننا التحرك بحرية اكبر في مواجهة أطروحات دعاة التبعية، لأن قوة هؤلاء تكمن في الانطلاق من أمور واقعية –وليست إسلامية- والزعم بأنها خط احمر و مقياس للقبول، ثم المطالبة من دعاة الإسلام أن يثبتوا أنفسهم نسبة لتلك الخطوط، وهو أمر يحيل لتمشي عبثي خطير، إن أنت قبلت به فلن يرضى عنك هؤلاء إلا أن تتمثل أطروحاتهم كاملة وإلا فستبقى مرفوضا، و فساد قبول هذا التمشي واضح جلي.   2 –   البرهنة على النظرة الجذرية
هناك طريقتان للبرهنة على صحة المنهج الجذري، المنبني على إعادة النظر في كل شيء يقدمه دعاة التبعية الفكرية على انه مسلم ومحسوم أو بديهي كما يحاولون الإيحاء، إذ هناك الطريقة العقلية المجردة وهناك طريقة الاستنباط.   2 – 1 الطريقة العقلية
عقليا، فإن إعادة النظر في أمر مقدم على انه مسلم لايوجد ما يمنعه، إذن فانتفاء المانع عقليا، يجيز إعادة النظر في المسلمات. ونحن المسلمون يمكننا طرح التساؤلات حول كل شيء، بل إننا لمدعوون لذلك، ومادام خالق الكون ذاته لاحرج لدينا من طرح الأسئلة حول وجوده، والبرهنة على ذلك الوجود عقليا، فبأن تطرح أسئلة حول مادونه من الموجودات أولى أن لايكون مدعاة للحرج، ونافيا لاستثنائها من التناول.   وهذا التمشي يمكن صياغته في قاعدة تقول بوجوب طرح التساؤل حول الجانب المحسوم من المسألة، فالذي يقول بان مجلة الأحوال الشخصية خط احمر أو أن الزنا أو الأسرة ذات القطب الواحد (يسوق هذا المعطى تحت مفهوم الأم العزباء، وفي الغرب يسوق بالإضافة لذلك تحت مفهوم زواج الشواذ) من الحريات الشخصية، نقول له لماذا الأمر كذلك، وان قال بان قيم الحداثة تفرض أن نعتبر ذلك إنجازات لاتناقش، نقول له، ولماذا تقبل بقيم الحداثة ولا تقبل بقيم الإسلام، والذي يقول بان الثورات الاجتماعية التي وقعت بأوروبا الغربية طيلة قرنين أوجدت ورسخت مبادئ أصبحت قوانين غير قابلة للنقاش هي عموما مبادئ الحداثة، نقول له، ولماذا تتخذ تجارب أوروبا مقياسا لنا، ولماذا لايعاد النظر في اعتماد تلك الإنجازات كمقاييس للرقي والتصنيف الحضاري؟ وفي كل سؤال فإننا ندعو ذلك الطرف لان يبرهن على اختياره ذلك، وسينتهي ذلك الجدال الفكري لإرجاع المسالة كلها لأصل الخلاف وهو تدافع بين المنظومة الإسلامية وبين مايغالبها من دعوات أهل الباطل، وسيظهر ساعتها أصل الصراع. هذا لايعني ان كل ما يقوله هؤلاء هو فاسد، ولكننا بالنقاش العقلي سننقي المسالة، وسنؤصلها، بحيث أن الذي يقع قبوله سيكون من منظور إسلامي وليس غربي، لأنه يجوز تواجد مسائل متفق عليها من حيث الظاهر، ولكن الفرق هو في تحديد أبعادها وبعض تفاصيلها.   2 – 2 الطريقة الاستنباطية
يكفي البرهنة على وجود داع واحد من خلال مثال واقعي، لجعل التساؤل حول أمر مسلم به واجبا، ليقع إثبات وجوب إعادة النظر في مسألة معينة، وحينما يقع إثبات ذلك في مسالة بعينها، فانه يكفي ذلك لوجوب اعتماد إعادة النظر في المسلمات حين نقاش مسائل الواقع، مادامت تلك المسائل توجد في نفس الإطار الفكري من جهة الرافض والمدافع، من إنها كلها تتعلق بتنزيل الإسلام  من جهة وصده من الطرف المقابل. وكمثال لأمر اثبت التسليم به، انه مؤدي لفساد في الدين وتبعية حضارية، لك أن تختار أي من تلك التشريعات العديدة بتونس المخالفة للإسلام، كمسالة العقوبات ضد الزناة، أو كتلك المشرعة لإنتاج الخمر والمتاجرة به، أو تلك المشرعة للقمار أو تلك المشرعة للربا، فهذه كلها تكفي لإعادة النظر في ما هو موجود بتونس، من حيث انه واقع فاسد نسبة للمرجعية الفكرية الإسلامية، وبالتالي فإن المنظومة المسيرة لهذا الواقع، فاسدة أيضا باعتبارها قد أنتجته وأقرته ودافعت عنه، وهو مايعطي المبرر لمراجعتها وطرح الأسئلة حول أسس وجودها.    3 – إعادة النظر في بعد العمق
النظر في عمق التناول لمسالة معينة، هو البحث في درجة تأثير الإسلام في المسالة المتناولة في كل طبقات المفهوم الخاص بها، ومن خلال النظر في العمق، فإنه يمكننا اكتشاف الأماكن المظلمة التي تخلو من مطابقة للمنظومة الإسلامية. ولفهم هذه المسالة، سأتناول بعض الأمثلة المحددة:    3 – 1 القبول بالمبادئ الإنسانية
 يقول البعض سواء من دعاة التبعية الفكرية وحتى من دعاة الطرح الإسلامي، انه يمكن التقاء الكل حول مبادئ مشتركة، تسمى بالمبادئ الإنسانية، كالحرية والكرامة. وهذا أمر خطير وتصور فاسد، لأنه من هناك ينطلق محاربو الإسلام لتكريس تواجدهم وشرعيتهم. ولكسر هذه الشرعية، شرعية الباطل، فإنه لا يجب القبول بالمفهوم إلا حينما يكون إسلاميا كاملا، بمعنى يجب أن يكون المفهوم مصطبغا بالمفهوم الإسلامي في كل طبقاته، ولنأخذ مفهوم الحرية، فلئن كان صحيحا أن كل الاتجاهات يمكن ان تلتقي في ساحة صراع مواجهة نظام من أجل هزيمته، فإن طلب التحرر وقع في مستوى طبقة واحدة من مفهوم الحرية، وإلا فان باقي الطبقات الأخرى لا اتفاق فيها، فحين الإطاحة بالنظام، فإن الحرية بالنسبة لبعضهم تصبح طلبا للتسيب والانفلات، ولبعضهم محاربة الإسلام وموالاة الغرب. إذن فالحرية التي يجب القبول بها والقبول بأصحابها، هي الحرية التي تنتج وتنتهي في مجالات لاتعادي الإسلام، وإلا فان الأمر كله فاسد، وان التقينا مع هؤلاء في بعض الطبقات من ذلك المفهوم. وهكذا فإن مواجهة هؤلاء تتحول لعامل لتقويتهم حينما لا نقوم بعملية تعميق المفهوم.   ثم إنه أساسا لا يوجد شيء يمكن تسميته التقاء حول مفهوم الحرية أو الكرامة، وإنما الذي يقع هو تصور ناقص لمفهوم الحرية أو الكرامة، والدليل على ذلك أن تلك المفاهيم هي مفاهيم مضافة، أي مفاهيم تقع بالإضافة لغيرها من المفاهيم وليست مفاهيم نهائية لذاتها، وعليه فان الذي يقع العمل من اجله هو القيمة المضاف إليها وليس تلك القيمة المضافة ذاتها، ولما كانت القيم المضاف إليها مختلف حولها، ثبت فساد تصور إمكانية الالتقاء حول مفاهيم إنسانية مزعومة. وإنما قلت أنها مفاهيم مضافة، أن المفهوم المعني كالحرية، إنما يكون نسبة لأمر آخر، فالحرية هي حرية من اجل فعل شيء، والكرامة هي كرامة من اجل مفهوم آخر كأن يقول بعضهم أن المومس العاملة بالماخور إنما تحفظ كرامتها بعملها ذلك، بمعنى أن الذي يقع المطالبة بالحرية من أجله، هو أمر غير طلب الحرية ذاتها، وأن الكرامة هي كرامة متصورة نسبة لفعل آخر،  يعني هناك المطلب بالحرية وهناك الأمر الذي من أجله يتم فعل المطالبة، إذن فالذي يقع العمل من اجله هو الشيء المضاف إليه، وهو الذي يطالب بالحرية من اجل فعله، أو يدافع عنه باعتباره كرامة، بمعنى أخر فإن المطالب كلها تختصر نهاية في المطالبة بالمبدأ، كل يطاب بتنزيل مبدئه أو فكرته، ولما كانت الأفعال المطالب بالحرية في فعلها وانجازها أو تلك التي تعتبر كرامة، مختلف حولها أي أن المبادئ مختلفة، كان الالتقاء مع هؤلاء، إقرار ضمني لهم على مطالباتهم بتلك الأفعال أي إقرار لهم بصحة مبادئهم، وعليه فإن موافقتهم على مطالبهم تلك لايجوز عقلا من حيث انه مناقض لمرجعيتك.    3 – 2 القبول بالمصطلحات
رغم انه معروف أن المصطلح يعكس تصورات وقيم منتجها، فإن الكثير من المتحدثين باسم الإسلام، يتبنون رغم ذلك مصطلحات محاربي الإسلام و دعاة التبعية، ومن الأمثلة على ذلك مصطلحات: اليسار، العلمانية، اللائكية، تحرر المرأة، الحداثة. ولئن كانت هذه النقطة يلزمها لوحدها مقال كامل، فإني أقول باختصار، أن هؤلاء ارتضوا لأنفسهم تسمية اليسار والعلمانية واللائكية، ولما كانت تلك المصطلحات صفات تميز فعلهم ضد الإسلام تحديدا، فإن تلك الصفة هي عامل رفعة في نظر قائلها (لا يمكن أن يقبل اليساري أن تقول له بأنك يميني، أو أن تقول للعلماني انك رجعي)، وهي بتلك الحال صفة يجب أن لا تكون كذلك لدى المدافع عن الإسلام، إذ عامل التمايز لدى المحارب لك، هوعامل النبذ لديك مادمتما متضادين، وعليه فإنه لايعقل ان تصف عدوك بما يغيضك ويسيئك أنت، والمنتظر أن تصفه بما هو عليه نسبة لديك، كأن تصفه بالمحارب لدين الله، الزنديق، الكافر، أهل الباطل، دعاة التبعية، دعاة الإلحاق الثقافي…. ومواصلة استعمال نفس مصطلحات هؤلاء حين الحديث عنهم في قالب التبني، فضلا على انه  يؤشر على عدم وضوح ذهني، فإنه يشرع تواجدهم  ويكرسه.   كما يمكن ملاحظة أن رافضي الإسلام أنفسهم يفهمون أهمية المصطلح، فتراهم يرفضون مصطلح مسلم، ويطلقون بدل ذلك مصطلحات تعبر عن رأيهم، فالمسلم الملتزم يسمونه متشددا أو متطرفا، والمسلم في ساحات الجهاد يسمونه إرهابيا، والمسلم الداعي لتنزيل الإسلام في كل مناحي الحياة وإخراجه من دائرة العزلة المضروبة عليه، يسمونه إسلاميا.   واستعمال المصطلحات في غير محلها و تبني مصطلحات تحاربك، ناتج على عدم النظر في عمق المصطلح، فكون اليساري مثلا قد قاوم النظام، لايعني انه مصطلح يوافق الإسلام في باقي طبقاته.   4 – إعادة النظر في بعد المجال   4 -1 مجال الزمن
فمن الأمور التي يجب إعادة النظر في بعد المجال الزمني فيها، ما يطرحه دعاة التبعية من وجوب التقيد بزمن معين حين إعادة النظر في التشريعات بتونس، وهم يقصدون عدم القفز على ما أنجزته عقود الاقتلاع العقدي بتونس بعيد فترة الاستقلال، كما يقولون بوجوب التقيد بمنجزات الحداثة التي وقعت بأوروبا، طيلة القرنين وعدم الرجوع لمبادئ أخرى قبلها، ويقصدون بذلك الإسلام.   ثم إن فكرة التقيد بالزمن حين الانضباط بالمبادئ كلام شديد الفساد، لأن المبدأ إما أن يكون في وجوده خاضعا لعامل الزمان أو لا: إن كان خاضعا لزمان، فإن ذلك يعني فساد مطالب هؤلاء ذاتها، إذ أن يطالبوا بمبادئ لها من العمر قرنين  أو أن يطالبوا بالتقيد بانجازات لها نصف قرن، فذلك يعني حكما بفساد حجتهم، فليس التقيد بقرن أو قرنين بأولى من التقيد بأربعة عشر قرن، فكلها أزمان، وإلا فان عليهم أن يقولوا يجب الانضباط بمبادئ لها من العمر قرنين مثلا، وهذا فضلا على انه كلام لايقول به عاقل، فإنه يعني نهاية صلوحية مبادئهم ذاتها بعيد وقت قصير أي حين انتهاء الوقت المعين بثانية واحدة، كما إن تحديدهم ذلك ليس بأولى من تحديد غيرهم لوقت آخر موافق لمبادئهم. الافتراض الثاني، أن يقال إن المبادئ لا ينظر في صحتها لعامل الزمن وهو المطلوب. ولما كان الأمر كذلك، فإنه ينظر في تقييم المبدأ لما يحمله ويطرحه بقطع النظر عن زمن نشأته، وساعتها فان النقاش سيرجع لأصله، من انه نقاش حول أولوية المبادئ الإسلامية مقابل مبادئ أهل الباطل، إطلاقا بقطع النظر عن الزمن، وان الزمن ماهو الا عرض تابع لتنزيل المبدأ بالواقع.   إذن مقابل دعوات التقيد بالزمن فانه يجب كسر هذا الحاجز مادام لا يوجد مايوجب التقيد بذلك، الا أن يكون أمرا مبرهن على جدواه نسبة للإسلام.   4 -2 مجال المساحة
أما بعد المساحة، فأقصد به درجة انتشار الفكرة على سلم المجالات الموازية أي أفقيا، وفي غياب انتشار المبادئ الإسلامية أفقيا، تتحول الفكرة الإسلامية لعالة على غيرها ومحمولة في قالب التبني لمبادئ أخرى، ويصبح الداعية لها مجرد مروج للمبدأ الغربي، وأقصى ما يمكن فعله هو البرهنة على أن الإسلام أيضا نادى بتلك الفكرة. وكأمثلة على ذلك، تبني فكرة حرية المرأة، وفكرة حرية الطفل، وفكرة حقوق الإنسان كمفهوم غربي.   والأصل أن يعاد النظر أساسا في هذه المفاهيم المقدمة (حرية المرأة، حقوق الطفل، حقوق الحيوان)، ليس لان الإسلام يرفض محتوى الفكرة، وإنما لان تلك الفكرة حينما أطلقت من منظور غربي، إنما سعت لطرح تصور مجتمعي معين، يحمل تقسيمات ويروج لادوار معينة للأطراف داخله، وحين تبني ذلك المفهوم، فإنه يقع ضمنيا تكريس علوية التصور الغربي، كما يقع تقسيم المجتمع الإسلامي والادوار داخله حسب التصورات الغربية المادية.   حينما تتوزع الفكرة الإسلامية أفقيا وتتناول كل المجالات، فإنها تعيد تشكيل المفاهيم وادوار كل طرف بالمجتمع من منظور إسلامي، وساعتها لايوجد حاجة لطرح مفهوم الحقوق المبنية على العنصرية، كحقوق المرأة أو حقوق الطفل أو حقوق الحيوان، لان هذه وان كانت مضمونة بالإسلام، فإنها لاتتناول بهذا الشكل، وإنما الاسلام نظم الأمور من خلال مقاربات وتصورات أخرى، تنبني على بعد مفقود كليا في التصور الغربي، وهو البعد الغيبي، هذا البعد الذي هو مناط المحاسبة بالآخرة على كل عمل في الدنيا، يخلق مفهوم التمايز حسب قيمة العمل، الذي يحمل جوانب مادية وأخرى غير مادية تتعلق بالإخلاص نسبة لله. وهي كلها اعتبارات تجعل تقسيم مجالات التحرك المادي للفرد حينما تكون مقسمة حسب المنظر الغربي المكتفي بالبعد المادي، قاصرا على ان يلبي حاجيات الفرد المسلم، سواء تعلق ذلك بالقصور من حيث تسطيح أبعاد الفعل لديه، او قصور يتعلق باستثناء بعض المجالات من أن يعمها التصور الإسلامي.
وعليه فان الفرد المسلم من حقه أن يعاد النظر في مجالات تحركاته بالمجتمع، بحيث تشملها كلها الاسلمة، وذلك لكي يخلق له تجانسا بين أفعاله ولكي لايقع حرمانه من عوامل المجازاة في الآخرة، إذ تقسيم المجتمع وادارته بالشكل الغربي يخلق عوائق الالتزام لدى المسلم، ويحرمه بالتالي من الكسب الإيماني.   5 – إعادة النظر في بعد زاوية النظر
هذه النقطة اقصد بها، أن يقع التحرك من زاوية أخرى غير السائدة حين تحديد المسائل وفهم الأمور، بحيث يلتفت لأولويات أخرى غير الأولويات التي يطرحها المسيطرون على الواقع المتبنون للتصورات الغربية المادية،  أو يفهم بشكل أخر غير الذي أعتيد الفهم به، وأول ما يجب على العامل للإسلام إعادة النظر فيه، هو الرأي المكون حول الدعاة للإسلام الذي صنعه محاربوه والذي انتهى بأن أصبح رأي هؤلاء ذاتهم حول أنفسهم (خاصة العاملون بالحقل السياسي)، يجب ان يكون الداعي للإسلام واثقا في نفسه، وعليه أن ينبذ نظرة التحقير للذات والإنكسار التي غرسها فيه محاربوه طيلة العقود، يجب عليه أن يعيد النظر في نفسه وفي الآخرين من محاربيه، من أنهم ليسوا غالبا بأهل لان يقع احترامهم كما يقع الآن، وأنهم عموما يجب أن يكونوا محل كره في الله لمنكراتهم ومحاربتهم لدينه.   حين تغير زاوية النظر، فسيقع إعادة تقييم الكثير من الأنشطة التي توصف بأنها أكاديمية، حيث أن العديد من تلك الأمور تسمى علوما وماهي بالعلوم حقيقة، من ذلك الكثير من حقول البحوث الإنسانية، فنتائج البحث فيها ليست علوما وإنما هي نتائج بحث نابعة من رؤية فكرية، فكيف توصف بالعلم وتفرض على الطلبة. ولما كانت كذلك فإنه يجب إعادة النظر في تلك المناهج.   كما يجب إعادة النظر في التقسيمات والأدوار بالمجتمع، بحيث تلغى النظرة العنصرية المبنية على الصراع والتمايز الجنسي (الرجل، المرأة، الطفل)، يجب أن يعاد النظر في مفهوم الأسرة من منظور إسلامي.   كما يجب أن يعاد النظر في مفهوم العدو إطلاقا، بحيث يصبح في مستواه الأعلى كل من يمثل خطرا على الالتزام بالمبادئ الإسلامية، سواء أكان  عدوا محليا أو أجنبيا.  


 


حداثة أم ديمقراطية؟.. ردا على العقلانيين العرب


منير حداد  كما أشرت في مقالي السابق على إيلاف “هل أخطا هانتينجتون في صراع الحضارات؟” وفرت الانتفاضة العربية الأخيرة فرصة لمراجعة عدد من المقولات. و انه لمن حسن الطالع أن تقوم رابطة العقلانيين العرب بهذا العمل فيما يخص مقولة هامة في شان “التحفّظات الفكرية حول أولوية الديمقراطية: ومن بينها تلك التي تقول بأنّ الديمقراطية لا تأتي إلا مسبوقة بالحداثة، وبأنها قد تحمل الإسلاميين والأصوليين والمتطرفين إلى السلطة” حسبما ورد في بيانها الأخير المنشور على موقعها على الانترنتwww.alawan.org .
اعتبر نفسي من بين الذين روجوا لهذه المقولة في عدة مقالات أهمها مقالي المنشور على إيلاف في سبتمبر 2006 ، بعنوان أولوية الحداثة في ترتيب عملية الإصلاح، والذي تناقلته عدة مواقع أخرى على الانترنت بعد ذلك، و يمكن للقارئ تصفحه على الشبكة.
في ذلك المقال كتبت: “توفر الحداثة التربة الصالحة لنمو نبتة الحرية و الحكم الرشيد، مما يساعد على نجاح الانتخابات الحرة، التي تأتي في هذه الحالة تتويجا للمجهود السابق، عل عكس ما يجري حاليا (تاريخ كتابة المقال) في العالم العربي من قفز في المجهول نتيجة التسرع في تنظيم انتخابات حرة نسبيا، لكن في مجتمع لا تتوفر فيه الشروط الضرورية لتحمل نتائجها و تبعاتها.” و هنا لا أجد نفسي في تناقض مع إعلان العقلانيين العرب: “نتفهّم وجود مخاوف من انحراف هذه الثورات عن أهدافها الحداثية وانجرافها نحو مقاصد أصولية انتكاسية أو نحو فتن طائفية قد تأتي على الأخضر واليابس.” لكنني لا أرى الأساس الذي بنت عليه الرابطة قناعتها عندما أكدت: ” وواقع الحال أن الديمقراطية، وإن لم تكن شرطاً كافياً لولوج عتبة الحداثة، فإنها في المقابل شرط ضروريّ للعبور الآمن نحوها.”
سؤالي هنا هل وفرت الانتخابات الحرة التي نظمها الجنرال سوار الذهب بعد إسقاطه نظام النميري عبورا آمنا نحو الحداثة في السودان؟ أم أن الرهان أن ذلك كان سيحصل في الجزائر لو سقطت في أيدي الجبهة الإسلامية للإنقاذ يوم الانتخابات الحرة التي نظمها الرئيس بن جديد، و هو اليوم الذي اعتبره الشيخ علي بلحاج “يوم عرس الديمقراطية و يوم مأتمها”؟ أم إن سطو الفرع الفلسطيني للإخوان على الحكم في قطاع غزة بعد أن سمحت لهم لانتخابات الحرة برئاسة الحكومة يمثل عبورا آمنا نحو الحداثة في القطاع المنكوب؟ الم يتابع عقلانيو الأمة ما حصل في غزة كنتيجة للانتخابات الحرة بعد أن حولت حماس القطاع إلى جحيم، كما ورد في مقالات عديدة لباسم النبريص و احمد أبو مطر و كما ورد في تقارير المنظمات الحقوقية الدولية ذات المصداقية؟    أملنا لا يختلف بطبيعة الحال عن أمل رابطة العقلانيين عندما أعلنت: “ولعلّ تمحور ثورات الشارع العربي حول قيم الحرية والكرامة والعدالة والتغيير، ومواجهتها للأنظمة الاستبدادية بشعار الديمقراطية، وللأنظمة الدينية بشعار المدنية، وللأنظمة الطائفية بشعار العلمانية، ومواجهتها لحالات الانقسام بشعار الوحدة الوطنية، وتأكيدها على انخراط المرأة في الفضاء العمومي… يضع المنطقة العربية أمام فرصة تاريخية لولوج عهد الدولة الديمقراطية والحداثة السياسية.” لكن من المهم التنويه هنا أيضا بان تمحور عدد من الثورات في السابق نحو قيم الحرية و المساواة لم يمنع من اختطافها من طرف مجموعة مستبدة، كما حصل في إيران على أيدي من اعتبروا أنفسهم أوصياء على الدين، و الذين أقصوا كافة الشرائح الأخرى التي ساهمت في الثورة مثل مجاهدي خلق و الاشتراكيين و البازار و الداعين للديمقراطية على الطريقة الغربية…
و اليوم و نحن نرى إعادة سيناريو سرقة الثورة مثلما حصل مؤخرا مع احد أشهر زعماء الثوار الشاب في ميدان التحرير في القاهرة على يد أتباع الشيخ القرضاوي، فالواجب يقتضي التحذير من المخاطر المحدقة و إيجاد أفضل الوسائل لقطع الطريق أمام مختطفي شعارات الحرية و الكرامة و العدالة و التغيير.  
و العقل ولي التوفيق M5432112@hotmail.com http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/3/641010.html?entry=homepagewriters  


للــــوطـــن…مــع الأيـــــــام  

بقلم: محمد الطاهر الضيفاوي “جئناك سيّدتي بالدم  يحفظ تاريخ من قاتلوا جئناك سيّدتي بالدم يحفظ تاريخ من خاتلوا نصبنا الخيام في الريح  ولن نرتحل ..  فاخلعي ثوب الحداد” من قصيد: أناشيد لأعراس السنة الحرام، شتاء 1978                                                                    “حين تهرأ الرايات ويفرنقع الوسطاء والمرابون من حولها أين أمضي بها تونس؟! أين أخبئها ؟! وهل لا يكون فات الأوان” من قصيد “شتاء 1985”     كانت هذه بعض صرخاتي في ما عشت وعايشت من مفاصل تاريخ هذا الوطن وليله الطويل كفرد مؤمن بضرورة رعاية الأحلام الجميلة والآمال شرطا أوليا لجدارة الحياة واستحقاق الموت دون ادعاء بطولة أو فضل.     والآن: يتجه تفكيري إلى كلّ من ماتوا غبنا قبل الابتهاج لهذا الصباح الجديد. يتجه تفكيري إلى والدي الذي علمنا حرية القول والفعل وكان سندا لنا في محن السياسة والفكر رغم اتّقاد عاطفة الأب الّلجوجة وآليات الترهيب وزرع الخوف، وإلى شقيقي و رفيق الدرب عبد الرزاق الضيفاوي الإنسان الشاعر المناضل الذي لم أبرأ بعد من آلام فقده المفاجئ، وإلى مناضلين وأصدقاء كثيرين من أمثال مختار اللغماني والصادق الهيشري والهادي زعتور ومحمد بن عثمان ونور الدين بن خذر وفوزي السنوسي والفاضل الغدامسي ووحيد قبادة والهادي بن محرز وكثيرين غيرهم.
و يتّجه تفكيري بصورة خاصة إلى شهداء هذه الثورة المباركة في جميع أنحاء الوطن والذين أعادوا لنا الأمل بالحياة الكريمة بعد طول يأس. ولكن … هل يمكن الحديث بهدوء وسط العاصفة؟! تلك هي، في اعتقادي، الوظيفة الصعبة للنّخب، وشرطها الأساسي التواضع والقطع مع الانتهازية وركوب الموج. فالوطن ليس وليمة، وإنما هو أمانة وبناء يومي صعب. و لقد تسلم أبناؤنا هذه الأمانة بثورتهم، وليس لنا إلاّ المساهمة في محاولة إنارة السبيل أمامهم، دون إعطاء دروس، حتى يستطيعون بدورهم التقدم بهذه الأمانة إلى الأجيال القادمة.  لذلك فإنّ ما أحاول تقديمه في هذا المقال ليس إلاّ قراءة شخصية مقتضبة للتاريخ والواقــع والآفاق. و حسبي المساهمة. I-في التاريخ
1- الحركة الوطنية ودولة الاستقلال
 
لئن كان الاستقلال مطلبا جماهيريا شارك الجميع في النضال من أجله كل من موقعه على مدى جيلين، فقد شكّل الحزب الحرّ الدستوري بزعامة الحبيب بورقيبة نواته الأساسية ومركز ثقله إلى جانب الحركة النقابية بشقيها العمالي والطلابي بما كانت تزخر به من طاقات وعزائم. و قد يطول الحديث في هذا الشأن وهو ما لا يسمح به المجال الآن، لذلك أكتفي بالتركيز على نقطة جوهرية مازلنا نتحمّل نتائجها إلى الآن وهي طبيعة هذا الحزب، تحت مسمياته الثلاث، و أسلوب عمله.
كانت الخطّيّة والمركزية المفرطة هما السّمتان الطّاغيتان على مجمل الأحزاب السياسية في كل بلدان العالم في النصف الأول من القرن العشرين، فالمؤتمر يقرّر الخط العقائدي للحزب والقيادة المركزية تحدد السياسات المرحلية وتصدر الأوامر والقواعد تنفّذ. وكان العنف والتصفية الجسدية للخصوم داخل الحزب وخارجه هما الوسيلتان الوحيدتان لحسم الخلافات. و لم يخرج الحزب الحرّ الدستوري، رغم ليبرالية خطه العقائدي كما هو واضح من تسميته نفسها، عن هذه القاعدة، بل إنّه بالغ وتفنّن فيها منذ نشأته سنة 1934 حتى نهايته المرتقبة الآن.
لقد أصبح معروفا الآن لدى الجميع على نطاق واسع، وبما لا يدع مجالا للشك، أنّ الحكومة الفرنسية برئاسة بيار منداس فرانس (الاشتراكي الذي تبرّع لإسرائيل بمفاعل ديمونة النووي سنة 1954) اختارت الحبيب بورقيبة لدولة الاستقلال، الذي فرض عليها بنضال الشعب التونسي، انطلاقا من مصالحها الإقليمية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وموافقته هو على تلك المصالح بما فيها مصلحة إسرائيل (نظرا للعلاقة العضوية بين أغلب الأحزاب الاشتراكية الأوروبية وإسرائيل) في مواجهة المدّ الناصري من جهة، و لسدّ الطريق أمام تجذّر الحركة الوطنية في اتجاه حرب شعبية شاملة قد تكبّدها هزيمة ” ديان بيان فو” ثانية من جهة أخرى . كما أنّها ساعدته حتى في تصفية خصومه سواء داخل الحزب (الجناح اليوسفي) أو خارجه من الشخصيات ذات الإشعاع الوطني و الجهوي أمثال فرحات حشاد والطاهر وعلي أولاد حفوز وغيرهم، وذلك عن طريق ما عرف حينها بعصابة اليد الحمراء. و واصل الجهاز القمعي للحزب بعد الاستقلال تصفية اليوسفيين داخل الوطن (في ما يعرف بصباط الظلام) وخارجه بإعانة المخابرات الفرنسية والألمانية.  
لقد شكّل الحبيب بورقيبة، بحق، نقطة التقاطع التراجيدية بين العقلانية الغربية الحديثة والعصبية الخلدونية القروسطية الشرقية في الفكر والممارسة. فهو من جهة يصدر مجلّة الأحوال الشخصية، ويحلّ جمعية الأوقاف، ويرسي النظام الجمهوري، ومبدأ الانتخابات البلدية و البرلمانية، ويعمّم التعليم الحديث مجانا ويخصّص له جزءا وافرا من ميزانية الدولة، ويبني السدود، ويطور الإدارة وآليات رقابتها، ويحقق الجلاء العسكري و الزراعي، ويعيد التقسيم الترابي للبلاد بما يتنافى ومنطق “العروشية” القائم آنذاك، ويضع برنامج تنظيم النسل، والصحة العمومية، ويعيد الاعتبار لقيمة العمل ويعتبره الجهاد الأكبر.  
وهو من جهة ثانية يضرب التعدّدية السياسية (بحلّ الحزب الشيوعي)، ويرسي دعائم حكم الحزب الواحد، ويدجّن اتحاد الشغل(رغم أنّه ساعده على إقصاء الجناح اليوسفي من الحزب خلال مؤتمر صفاقس سنة 1955 و من انتخابات المجلس التّأسيسي) واتحاد الطلبة واتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين والجمعيات الثقافية والمدنية والرياضية والبلديات ومجلس النواب، ويزرع سرطان الجهويات بتبجيل جهتي المنستير وسوسة في جل المشاريع التنموية وتوزيع أراضي الدولة (التي كان من المفروض أن تعود إلى أصحابها اللذين افتكّها الاستعمار منهم ) على مقاومي جهة الساحل، و يحقّر بالأدباء و المثقفين بدعوى تبجيل العلوم الصحيحة و التقنية، و يشرع عيد ميلاده الشخصي عيدا وطنيا يقيم له المهرجانات البائسة يغدق فيها العطايا من المال العام على شعراء العكاظيات الرديئة، و يلقي بطوابير معارضيه من الشباب الجامعي و النقابيين في السجون و المنافي و التجنيد القسري، ليغلق في النهاية دائرة الحكم الاستبدادي الشرقي بإقرار وتشريع الرئاسة لشخصه مدى الحياة وهو يتقدم بخطى حثيثة إلى حالة من الترهل الجســدي و الفكري لا يحسد عليها حتى أصبح التخلّص منه مطلبا داخليا و خارجيا عاجلا و ملحا .
و قد تزامن كل ذلك مع مخططات و مشاريع تنموية عرجاء راكمت الفشل تلو الفشل.
فمن تجربة التعاضد القسري ونتائجها الكارثية حتى على صعيد البيئة بالقضاء على التوازن الطبيعي في عديد الجهات، إلى تحررية الهادي نويرة الموجّهة و فتح الباب للرأسمال الأجنبي بقانون أفريل 1972  و تطوير السياحة على حساب الفلاحة مما أدى إلى استكمال انخرام التوازن الجهوي لفائدة الشريط الساحلي و تصحير الريف و ترييف المدن، إلى برنامج الإصلاح الهيكلي مع الثنائي محمد مزالي و رشيد صفر بما عناه من قضاء على القطاع العام و تخلي الدولة عن دورها في التشغيل و تحطيم المؤسسات الصغرى و المتوسطة و إطلاق العنان لاقتصاد السوق و لهيب الأسعار في رضوخ مفضوح لإملاءات الرأسمالية العالمية المتوحشة بزعامة الثنائي ريغن و تاتشر و التي لم تكن في جوهرها سوى غطاء هشّا لعودة الأصولية الدينية البروتستانتية الكالفينية إلى الواجهة بمبدئها القديم المتجدد : تجميع الثروة و مباركة الإلـه .
2ـ 7 نوفمبر 1987 الوعود الكبيرة و النهاية السريعة
أيّا كانت التسمية التي يمكن إطلاقها على صعود زين العابدين بن علي إلى سدّة الرئاسة في ذلك التّاريخ ( انقلاب ، تحول ، تغيير) , فإن الحقيقة التي لا خلاف حولها أنّ هذا التغيير ، و لئن كان منتظرا و مطلوبا داخليّا و دوليّا ، فقد كان تغييرا أفقيا من داخل أجهزة النظام البورقيبي المترهل وبها. و قد شارك فيه طرفان تجمعهما الرّغبة في الانتقام من بورقيبة هما جماعة الهادي البكوش، اللذين سجنهم بورقيبة و حمّلهم مسؤولية فشل تجربة التعاضد مع أحمد بن صالح ( رغم انشقاقهم عن هذا الأخير بعد ذلك و عودتهم إلى حظيرة الحزب ) من جهة ، وجماعة زين العبدين بن علي، اللذين تربوا في وزارة الدّفاع الوطني في ظل عبد الله فرحات الذي أقصاه بورقيبة بطريقة مشينة مباشرة إثر مؤتمر الحزب لسنة 1979 (رغم أفضاله هو و شقيقه محمد فرحات على بورقيبة خلال فترة الاستقلال و ما بعـدها) و أبرزهم بالطبع زين العابدين بن علي و عبد الله القلاّل و الحبيب عمار ، من جهة أخرى.  
كما أنّ الوعود الدّيمقراطية الكبيرة التي جاء بها بيان 7 نوفمبر 1987 ، و لئن كانت مطلوبة بإلحاح داخليا من قبل جميع القوى الدّيمقراطية ، فقد كانت ضرورية أيضا للانتقال من الاقتصاد الموجّه إلى اقتصاد السوق(عبر برنامج الإصلاح الهيكلي سيء الذكر) استجابة لضغوط البنك العالمي و الرّأسمالية العالمية المتوحشة كما أسلفنا. وقد كشف الخلاف السريع حول هذه المسألة بالذّات بين زين العابدين بن علي و الهادي البكوش مدى هشاشة و انتهازية اللقاء بينهما و كذلك هشاشة التغيير نفسه .
 و مع ذلك فإنه لا أحد ينكر، حتّى الآن، أنّ جميع مكونات المجتمع التونسي ساندت ذلك التغيير. كما أنّ الإجراءات السريعة التي اتخذت خلال سنة 1988 من إلغاء محكمة أمن الدولة و الوكالة العامة للجمهورية إلى نص الميثاق الوطني كانت مطلوبة و إيجابية و لقيت ترحابا من الجميع.
لكنّ سلسلة التراجعات السريعة التي حدثت بعد ذلك عجّلت بنهاية المشروع الذي بشر به ذلك البيان ، و أدخلت البلاد و العباد في دوّامة الشّخصنة المتورّمة و الحكم الفردي المطلق لتؤكد بذلك للمرة الألف أنّ التّاريخ لا يعيد نفسه إلاّ في شكل مهزلة .
 و دون الإسهاب في التفاصيل ، نكتفي هنا بالتّذكير بأهم تلك التراجعات:
أـ الانتخابات التشريعية  أفريل 1989     
عملت أجهزة التجمع الدستوري الديمقراطي، بزعامة الرباعي الهادي البكوش وعبد الرحيم الزواري وحامد القروي و عبد الله القلال، على إعادة صنع سلطة الحزب على مجلس النواب و بالتالي على الحياة السياسية في البلاد و ذلك عبر :
أولا: إفشال مشروع الجبهة الوطنية الذي اقترحه زين العابدين بن علي نفسه مع بقية الأحزاب القائمة آنها، بما عناه ذلك من رفض لأي حوار سياسي معمّق يفضي بالضرورة إلى تشريك فعلي لأطراف الميثاق الوطني، عل الأقل، في العملية السياسية عبر المؤسسات الدستورية.  
 ثانيا: التضخيم المتعمّد في القائمات البنفسجية التابعة للتيار الإسلامي، الذي عرف فيما بعد بحركة النّهضة، و إبرازها كقوة خطيرة زاحفة على السلطة، بما عناه ذلك من ضرب لكلّ القوى المدنية الوسطية و للتعدّدية الفكرية والسّياسية و تقليص الخيارات المجتمعية إلى عملية استقطاب ثنائي بين التجمع الدستوري الديمقـراطي و حركة النّهضة ، و العودة بالتّالي إلى منطق الحزب الواحد الّذي لطّفه الهادي البكوش باستعمال عبارة “الحزب الكبير”.  
و قد انعكس كلّ ذلك مباشرة، بعد شهر واحد من تلك الانتخابات، على مؤتمر الاتحاد العام التّونسي للشّغل الّذي عقد بمدينة سوسة الساحلية وفي أروقة نزل مملوك و مسير من طرف شخصين معروفين بولائهما لمجموعة عبد الله فرحات وزير الدفاع الأسبق الّذي أسلفنا ذكره و مآله. و في ذلك من الترميز السياسي ما يغني عن كلّ تعليق.
 و لئن سعت بعض النّخب المستقلة و اليساريّة و النّقابية في الحين إلى طرح مبادرة بديلة للخروج من واقع الاستقطاب الثنائي الّذي أفرزته تلك الانتخابات، عبر ما عرف بمجموعة “الـ151 “، فقد سبق السّيف العذل كما يقـال، و سعى التّجمّع الدّستوري الديمقراطي بكل الطرق إلى إفشال تلك المبادرة.
و بذلك شكّلت تلك الانتخابات ، عن سوء نية ، حجر الزاوية في مشروع العودة إلى سلطة الحزب الواحد ، و كان طبيعيّا بعدها أن ينفرد التّجمّع الدستوري الدّيمقراطي بالانتخابات البلدية لشهر ماي 1990 .
ب ـ تبنّي التجمّع الدّستوري الدّيمقراطي للبرنامج الوطني للتضامن الاجتماعي:
في خطوة إجرامية غير مسبوقة، أذن الرئيس زين العابدين بن علي في صيف سنة 1990 لحزبه بتبنّي البرنامج الوطني للتضامن الاجتماعي، و نصّب على رأس الاتحاد الوطني للتضامن الاجتماعي واحدا من أكبر رموز الفاشيـة و القمع في تاريخ ذلك الحزب في شخص عزوز الرباعي الّذي تبجّح ، في خطاب تسلّمه لمهمته، بأنّه جاء ليطهر تلك المؤسسة “بماء الفرق” من غير التّجمعيين . كان هذا الإجراء جريمة ضد الإنسانية بكلّ المعايير، إذ رهن القوت اليومي للعائلات المعوزة ( وكان عددها آنذاك 248000 عائلة حسب الإحصائيات الرّسمية) بولائها السياسي للحزب الحاكم من جهة ، و ألغى دور الدولة و المجتمع المدني في هذا المجال من جهة ثانية، و ضمن لحزبه ، بطريقة غير شرعية ، مالا يقل عن خمسمائة ألف صوت على الأقل في المواعيد الانتخابية مستقبلا، من جهة ثالثة.
و الغريب في الأمر أنّ الحكومة المؤقتة لم تتّخذ إلى حد الآن قرارا واضحا في هذه المسألة ، على أهميتـــها و ناريتها، وذلك معناه، ببساطة التغافل عن تحكّم المسئولين الجهويين و المحلّيين للتجمع الدستوري الديمقراطي إلى الآن في تلك الأموال الّتي قد تكون هي المموّل الأساسي للميليشيات.
 ج ـ محاولة اغتيال بن علي في شهر أفريل 1991 :
أعلن عبد الله القلاّل عن هذه العملية، لا بصفته وزيرا للدّاخلية، وكانت تلك وظيفته آنها، كما تقتضيه القوانين و الأعراف في كل بلاد العالم، و إنّما بصفته أمين مال التجمع الدستوري الديمقراطي و عضوا بمكتبه الّسياسي وفي اجتماع عام بمنخرطي حزبه بالعاصمة. و بقطع النظر عن صحّة هذه الحادثة من عدمها، فإنّ الخطورة تكمن في إلغاء دور وزارة الدّاخلية في إعلام الرأي العام الوطني بحادثة على تلك الدرجة من الخطورة، و الانتقال مباشرة إلى التعبئة الحزبية، بما يعنيه ذلك من تحطيم مقصود لمؤسسات الدولة لصالح الحزب الحاكم من جهة، و إلغاء الدور السياسي للحزب و إدخاله في دوّامة الهاجس الأمني، من جهة أخرى . وكان من الطّبيعي في ظل هذا التّمشي المنحرف أن نقرأ في إحدى اللافتات الّتي رفعت في المظاهرات الحزبية المنظّمة تنديدا بهذه الحادثة تلك الدعوة ” لقتل أعداء التجمع “، وهي عبارة تغني عن كلّ تعليق بما عنته من إلغاء للوطن و إعدام مطلق للآخر.
د ـ تنقيح قانون الجمعيات:
كان المقصود بهذا التنقيح ضرب هامش الحرية الضئيل الممنوح لجمعيات المجتمع المدني غير الحكومية في القانون القديم، و خاصة الرّابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان، التي تم العمل على شلّ نشاطها بكل الطرق منذ صدور ذلك القانون سنة 1992. وكان ذلك النقيح آخر مسمار يدقّ في نعش بيان 7 نوفمبر 1987 لتنغلق الدّائرة من جديد، و منذ ذلك التّاريخ، على سلطة فردية مطلقــة و منفلتة من كل عقال أو رقابة، التجمّع جهازها الواشي و الأمن جهازها القمعي. حتّى أصبح الشعب عبيدا لدى عصابة نهب طالت أياديها القذرة حتى المقابر.
 
II    ـ الثورة… الواقع و الآفاق.
حتّى تتحرّر اللغة، في الجهد اليومي الخلاّق، من انحرافات نصف قرن من الشّعبـوية الجهولـة و الفاشية، سيظلّ أيّ توصيف لهذه الثورة ملتبسا، لفرادتها و خروجها عن المألوف و فجئيتها. إذ لم يكن أحدا يتصوّر أنّ طاغية، في حجم بن علي، يمكن أن ينهار و يهرب في ظرف شهر من اندلاع الشرارة الأولى لهذه الثورة، رغم تفنّن أجهزته القمعية في تقتيل أبناء الشّعب العزّل و مواجهتهم بالقنابل الإسرائيلية الصنع و المعدّة أصلا لتقتيل الحيوانات المتوحّشة.
ولئن تحدّث الكثيرون عن عفوية هذه الثورة و غياب التّأطير السياسي الحزبي لها، ربّما باعتبارها ثورة شعبية سلمية تخرج عمّا عرفناه من ثورات القرن العشرين المسلّحة و ذات الطّابع الطبقي، فإنّ العكس هو ما أثبته واقعها اليومي. إذ بقدر ما بدت مرنة و مسئولة في قبول مبدإ الانتقال الدستوري للسّلطة في مستوى رئاسة الدولة عبر الفصل 57 من الدّستور، بقدر ما كانت حازمة في القطع مع النّظام السابق فكرا و ممارسة و رموزا. و بذلك وضعت على طاولة البحث، منذ اعتصام القصبة الأوّل، التناقض السياسي الرئيسي الّذي يشق المجتمع التونسي بين تيّارين:
أ ـ تيار التغّيير في الاستمرارية:
وهو الّذي يتزعمه الوزير الأوّل محمد الغنّوشي ( و يقف وراءه بارونات التّجمّع الدّستوري الديمقراطي بزعامة الهادي البكوش مرّة أخرى) وهو تيار لا يمكنه، بحكم محدودية تكوينه الفكري و السياسي، أن يحدث القطيعة مع النّظام السابق ( أي مع ذاته بالضرورة ). لذلك فهو يسعى إلى تدجين الثّورة وحصرها في بعض الإصلاحات السّياسيـــة و الاقتصادية كالتّفاوت بين الجهات، (وكأنّه لم يكن مسئولا عن ذلك في السابق). و لذلك أيضا استعمل فزّاعتي الانفلات الأمني و الأزمة الاقتصادية لكبح التحرّكات الاجتماعية و الوصول إلى انتخابات رئاسية في ظلّ الدّستور الحالي في أسرع وقت ممكن ودون تقديم أي برنامج سياسي واضح للخروج من الوضع الاستثنائي القائم. كما أغرق وسائل الإعلام المرئية بالخصوص في إبراز الوجه الجشع والبشع للنّظام السابق من جهة، و في جدل قانوني و حقوقي يومي لا ينتهي، و كأنّ رجال القانون، على أهمّيتهم، يملكون مفاتيح كلّ المعارف و الحلول الجاهزة لكلّ المعضلات، و بذلك يتمّ إنقاذ التجمّع الدّستوري الديمقراطي و لو جزئيا من الانهيار التّام تحت وطأة الثورة.
ب ـ تيار الثّورة الشعبية :
و هو، على عكس ما يدّعيه البعض من وجود أغلبية صامتة، تيار الأغلبية الساحقة من الشعب التونسي الّذي اكتوى بنار الحزب الواحد والحكم الفردي المطلق طيلة نصف قرن و امتلك في نهاية النّفق المظلم قراره و مصيــره و قدره و دفع ضريبة الدم في سبيل ذلك و لم يعد قابلا بأي شكل من الأشكال بديلا عن القطيعة التامّة مع النّظام السابق. وقد برز ذلك بوضوح لا لبس فيه سواء في الشعارات التي رافقت أيام الثورة أو في الاعتصامات و المسيرات الجهوية أو في اعتصام القصبة الأوّل و الثاني.
 و لئن يبدو الآن أنّ جل المطالب الأوّلية للثورة قد وجدت طريقها إلى التّحقّق فعلا باستقالة الوزير الأوّل و حلّ التجمع الدّستوري الديمقراطي و البوليس السياسي وتعطيل العمل بدستور بن علي و إقرار انتخاب مجلس تأسيسي ووجود صيغة وسط لمطلب مجلس حماية الثورة، فإنّ المخاطر المحدّقة ما زالت كبيرة. و تتطلّب كحدّ أدنى مرحلي اتخاذ الإجراءات التالية :
 
أ ـ ضرورة اجتثاث دمّل التجمع الدستوري الديمقراطي محلّيا و جهويا من مراكز القرار و ذلك بتجديد إطار عمداء المناطق و العتمدين والمجالس القروية و الجهوية و البلدية كلّيا بشخصيات مستقلّة، في هذه المرحلة الانتقالية على الأقل، حتّى نضمن حياد الإدارة و قدرا أكبر من الشّفافية في انتخاب أعضاء المجلس التأسيسي وصولا إلى انتخاب أعضاء تلك المجالس نفسها في مرحلة لاحقة لاستكمال بناء أسس الدّولة الدّيمقراطية المنشودة.
ب ـ: ضرورة أن يضع القانون الانتخابي المزمع إصداره في الأسابيع القادمة و الخاص بانتخاب المجلس التأسيسي تقسيما ترابيا على أساس دائرة انتخابية لكلّ معتمدية ( أو لمعتمديات متصلة جغرافيا ) حسب الكثافة السكاّنية ضمانا لعدم تشتيت مجهودات المرشحين و تمكينهم من الوقت الكافي لتوضيح برامجهم للنّاخبين، إذ أنّ تقليص المساحة الجغرافية للدائرة الانتخابية يوفّر وقتا ماديّا أكبر للاجتماعات بالنّاخبين بما يمكّن هؤلاء من استيعاب البرامـــــج و التصويت عن اقتناع و تبصّر .
ج ـ : ضرورة إصدار مرسوم يؤكّد عدم جدارة كل المسئولين التجمّعيين بالترشح للهيئات الدستورية الخاضعة لمبدإ الانتخاب لفترة لا ثقلّ عن عشر سنوات على غرار ما حدث في عديد الدّول الديمقراطية بعد الحرب العالميــة الثّانية مثل فرنسا (la  loi de l’ indignite  nationale). د ـ : ضرورة الإسراع بإيجاد آلية لتوحيد مجهود التضامن الوطني (لإعانة العائلات المعوزة ) في هيئة واحدة مستقلة و خاضعة للرّقابة المالية الصّارمة، إلى أن يتم وضع البرامج و المخطّطات الاقتصادية الكفيلة بتوفير دخل أدنى مضمون لكلّ عائلة و تغطية اجتماعية شاملة لكلّ مواطن، حتى لا تحلّ المساجد و الحوانيت الحزبية محلّ التجمّع الدستوري الديمقراطي في هذا المجال و ندخل في شمولية فاشية من نوع آخر، أدهى و أمرّ و أعتى، بدأت تتوضّع بوادرها بعد.
و يبقى الأمل معقودا على اليقظة الدائمة لشباب الثّورة من جهة، و على جدّية أعمال اللجنة المقترحة و شمولها لكل مكوّنات الخارطة السياسية من جهة ثانية، و على استقلالية منظمات المجتمع المدني الفعلية عن الأحزاب السياسية وقد زالت أسباب خلط الأوراق و الأدوار بينها بزوال النظام القمعي من جهة ثالثة، مع التمنّي بأن يكون اللقاء بين السيدين فؤاد المبزّع الرئيس المؤقّت والباجي قائد السبسي الوزير الأوّل مصادفة أو ضرورة تاريخية لصالح الثّورة وألاّ يعيد للأذهان شبح انقسامات و تشفّيات ما بعد مؤتمر صفاقص سنة 1955 .  
إنّها إذن أولى ثورات القرن الواحد و العشرين الديمقراطية في إفريقيا و الوطن العربي الّتي ستعيد صياغة دور كامل هذه المنطقة في التاريخ العالمي. و لأنّها بهذا الزخم الفريد، وهذه القيمة العالمية المسثقبلية الّتي دفعت مفكرا وفيلسوفا عالميا كبيرا في قيمة ” مانيوال دي دياقيز”[1] للحديث عن الثورة الديمقراطية العربية و نهاية إسرائيل، فسيظلّ الخوف عليها بحجم الفرح بإنجازاتها كلّ يوم. و لذلك أيضا وجب تنزيلها في الواقع الإقليمي والدولي، قبل كلّ شيء، لأنّه من نافل القول أنّ كلّ ثورة ، باعتبارها نقضا لواقع قائم، تعيد طرح وصياغة جميع إشكالات مجتمعها، و الّتي تظلّ معضلة الاستقلال الوطني حجر الزّاوية فيها، خصوصا في المنطقة العربية بالنّظر إلى سرطان الصهيونية و احتماء حكّامنا من شعوبهم بمظلاّت القوى الدولية . وذلك بالرغم من أنّ هذه المعضلة أخذت منحى جديدا، في ظلّ عولمة كلّ من الاقتصاد وإرهاب التطرّف الديني في الدّيانات السماوية الثّلاث، لم ينل حظّه من الدرس إلى الآن.
 
 1 ـ الموقف الإقليمي:   
             رغم كل ما أسلفنا، فإن من إيجابيات النّظام التونسي أنّه ظلّ نظاما مدنيّا لم يدخل الجيش في الشأن السّياسي على عكس باقي الأنظمة العربية القائمة حتّى الآن، سواء كانت ملكيّة أم جمهورية، والّتي جاء جميع حكّامها إلى الحكم على وقع أحذية الجند و الدّبّابات. و بما أنّ الهاجس الأمني لكرسي السّلطة هو القاسم الوحيد المشترك بينها جميعا، فقد كان من الطّبيعي أن لا تلقى ثورتنا أيّ دعم من دول الجوار لما تشكّله من خطر عدوى الدّيمقراطية على حكّامها. بل إنّ موقف معمّر قذّاف الدم كان واضحا في العداء لها حتّى قبل أن ينصحنا بإبقاء بن علي رئيسا مدى الحياة، انطلاقا من خوفه على عرشه طبعا ( وها جاء الدّور عليه بسرعة لم يتوقّعها). و رغم التّحسّن الجزئي للوضع الإقليمي بعد الثّورة المصرية الّّتي أكّدت فعل العدوى الثورية في كامل المنطقـة العربية و جدّيته، خصوصا بحجم مصر الإقليمــــي و الدّولي، فإنّ الأمر في تونس، من هذه الناحية، ورغم انشغال دول الجوار بوضعها الدّاخلي المهزوز، سيبقى في المدى المنظور مدعاة لليقظة المسئولة سواء من النّاحية الاقتصادية ( اضطراب المبادلات التّجارية و المشاريع المشتركة، السوق السوداء، التجارة الموازية )، أو من النّاحية الاجتماعية لتداخل العائلات بالقرابة و المصاهرة في المناطق الحدودية الغربية بالخصوص، أو من الناحية الأمنيّة لمناطقنا الحدودية الغربية و الجنوبية و انعكاسات كلّ ذلك على الوضع الدّاخلي.
 2  ـ الموقف الدولي:
أكثر من ستّين سنة تفصلنا الآن عن ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثّانية، و أكثر من عشرين سنة تفصلنا عن سقوط جدار برلين. و مع ذلك، فكلّ التغيرات الّتي حدثت يمكن القول إنّها كانت نحو الأسوأ.
فقد تربّعت الولايات المتّحدة الأمريكية وحدها عل عرش العالم، بمفهوم الهيمنة المتعجرفة في ظلّ حزبها الجمهوري، ومفهوم القيادة الوفاقيّة في ظلّ حزبها الدّيمقراطي، مع التقاء الحزبين الدّائم حول أمن إسرائيل و محاربة الإرهاب الإسلامي فقط.
و خسرت أوربا، تدريجيّا، قوّة التّيّار الّذي كان يدافع عن استقلالها عن الهيمنة الأمريكية بنهاية الديقولية الفرنسيـة و الدّيمقراطية المسيحية الإيطالية، و تعمقت تبعيّتها للولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الأخيرة خصوصا مع الثلاثي الصهيوني ساركوزي وميركل و برلسكوني إضافة إلى موقع التبعية التقليدية الأنقليزية الدّائم لأمريكا، حتّى أصبحت القارّة العجوز الآن مستعمرة أمريكية كبيرة أجاد مانويل دي دياقاز مؤخّرا وصف حالتها و مستقبلها بقوله: ” إنّ السّاعة الّتي ستأخذ فيها كلّ من إيطاليا و ألمانيا طريق تونس و مصر و ليبيا قريبة، تلك السّاعة الّتي سنرى فيها الشعب الألماني يفرض على طبقته الحاكمة طرد مائتي فرقة عسكرية أمريكية تجوب بلاده و الشعب الإيطالي يطلب إلغاء مائة و سبعة و ثلاثين قاعدة عسكرية أمريكية جعلت من إيطاليا حاملة طائرات أمريكية عملاقة في قلب المتوسّط “.
ولكن السياسة الخارجية، بما هي انعكاس للسياسة الدّاخلية، تتحكّم في بعض جوانبها دائما الأجندات الدّاخلية الخاصّة بكلّ بلد. لذلك كان الاختلاف في المواقف واضحا بشأن الثورة الثّورة التونسية بين الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا.
فالرّئيس الفرنسي، الّذي وصل إلى الحكم بدعم واضح من اللّوبي الصّهيوني الفرنسي، والمنهك داخليّا بفشل اختياراته في كل المجالات، و المنهمك الآن في الإعداد لحملته الانتخابية لولاية ثانية، لم يكن بمقدوره مساندة ثورتنـا و التخلّي عن بن علي العميل الأوّل لإسرائيل في شمال إفريقيا و بالتّالي معاداة اللّوبي الصهيوني الفرنسي الّذي فتح بعد قنوات اتصال مع دومينيك ستروسكان كمرشح وافر الحظوظ لرئاسة فرنسا في السّنة القادمة . و لا أساس من الصّحّة لرفع شعار حماية المصالح الفرنسية في تونس، إذ بدا جليّا أنّ من علامات النّضج السياسي لثورتنا أنّها لم تطرح أصلا موضوع التزامات الوطن الخارجية.
أمّا الولايات المتحدة الأمريكية، فهي من جهة منهكة بكلفة الحرب في العراق و أفغانستان على اقتصادها الداخلي المتأزّم أصلا منذ سنة 2008 وليست بالتّالي في حاجة إلى بؤرة توتّر جديدة خصوصا في الحدود الجنوبية لأوروبا. وهي من جهة أخرى مقتنعة منذ مدّة، مثلما أكّدته مراسلات سفيرها في تونس المنشورة على موقع ويكيليكس، بأنّ بن علي دخل في هستيريا الحكم الفردي المطلق و أصبح غير قادر و غير قابل للقيام بأيّ إصلاح من شأنه أن يجنّبه المصير الّذي آل إليه. و لذلك تخلّت عنه منذ الأيّام الأولى للثّورة.
ولئن كان من الطّبيعي أن تصبح تونس، بعد الثّورة، قبلة و محجّا لعديد الوفود في لعبة المصالح و النفوذ الدّوليين، فإنّ الأمل معقود على يقظة جيل الثّورة و كلّ أبنائها للحفاظ على استقلال قرارها و توازن علاقاتها. تونس 13 مارس 2011                  


سوريا مصدر: هيمان رايتس ووتش 25 مارس 2011

قوات الأمن تقتل عشرات المتظاهرين


(آيفكس/ هيومن رايتس ووتش) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على قوات الأمن السورية أن تكف عن استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين في بلدة درعا الواقعة جنوبي سوريا، حيث ارتفع عدد القتلى بشكل ملحوظ خلال الـ 48 ساعة المنقضية. كما يتعين على الحكومة أن تفرج فوراً عن جميع المحتجزين الذين تم القبض عليهم على خلفية احتجاجهم سلمياً وتعبيرهم عن آرائهم.
كانت منظمة حقوقية سورية قد أصدرت قائمة بـ 36 قتيلاً في درعا والمناطق المحيطة بها، منذ بدء التظاهرات في 18 مارس/آذار 2011، بينما قال مسؤول بمستشفى درعا الرئيسي لرويترز في 24 مارس/آذار إن المستشفى تلقى جثامين 37 متظاهراً على الأقل.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “قوات الأمن السورية تُظهر نفس اللامبالاة القاسية بأرواح المتظاهرين، كما فعل الأمن في ليبيا وتونس ومصر واليمن والبحرين. حديث الرئيس الأسد عن الإصلاحات لا يعني شيئاً طالما أمنه يُطيح بكل من له كلمة في تلك الإصلاحات”.
استخدمت قوات الأمن السورية حوالي الساعة 1:30 صباح 23 مارس/آذار الغاز المسيل للدموع والرصاصات الحية في أثناء اقتحامها لمسجد العمري بدرعا، الذي يتجمّع فيه المتظاهرون منذ 18 مارس/آذار، حسب قول اثنين من سكان درعا لـ هيومن رايتس ووتش. أحد أهالي المدينة – وكان على مسافة نحو 25 متراً من المسجد في ذلك الحين – قال إنه رأى جثثاً على قارعة الطريق. وأثناء المكالمة الهاتفية معه كان بالإمكان سماع أصوات طلقات نارية تقاطع الحديث.
قال أحد الناشطين بطريق الهاتف لـ هيومن رايتس ووتش – وكان يراقب الوضع عن كثب ويتحدث إلى أهالي درعا: ” صوت الرصاص عبر الهاتف وكأن درعا منطقة حرب. أنا قلق للغاية من احتمال وقوع مذبحة”.
وقال اثنان من نشطاء حقوق الإنسان السوريين إن سبعة متظاهرين قد قُتلوا تلك الليلة، منهم طفلة تُدعى ابتسام المسالمة.
وكالة الأنباء السورية الرسمية – سانا – أفادت في 24 مارس/آذار أن قوات الأمن هاجمت المسجد بعد أن هاجمت “عصابة مسلحة” سيارة إسعاف في ساعة مبكرة من يوم 23 مارس/آذار في المنطقة المحيطة بالمسجد، مما أسفر عن مقتل “طبيب ومُسعف وسائق”.
بث التلفزيون السوري الرسمي صوراً تُظهر أسلحة وذخائر وكميات كبيرة من النقود تزعم الحكومة أن العصابة المسلحة قامت بتكويمها بداخل المسجد، لكنها لم تقدم أية أدلّة تربط تلك الأغراض بالعصابة المسلحة المزعومة.
ولا توجد تقارير أخرى يظهر منها أن المتظاهرين مسلحين أو أنهم هاجموا سيارة إسعاف. أبناء درعا الاثنان اللذان تحدثت هيومن رايتس ووتش إليهما ليلة الهجوم أنكرا جملة وتفصيلاً فتح أي متظاهر النار على أحد أو حيازة أي متظاهر لأي نوع من الأسلحة.
وقال ناشط حقوقي سوري وأحد أهالي درعا لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن فتحت النار على المتظاهرين مرة أخرى في وقت لاحق من يوم 23 مارس/آذار. صدرت مقاطع على اليوتيوب ذلك اليوم تُظهر أربع جثث على الأقل ملقاة على قارعة الطريق، مع محاولة المتظاهرين إبعاد الجثث، في الوقت نفسه يمكن سماع طلقات نارية كثيفة متصلة في خلفية المشهد. أحد سكان درعا، ممن شاهدوا المقطع، أكد لـ هيومن رايتس ووتش إن مسرح تلك الأحداث الواردة في مقاطع الفيديو هو درعا.
وقالت منظمات حقوقية سورية إن قوات الأمن قامت أيضاً بفتح النار على المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرة يوم 23 مارس/آذار في البلدات والقرى المحيطة بدرعا تعبيراً غن تضامنهم مع أهالي المدينة. مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان وفّر قائمة من ثمانية متظاهرين على الأقل يُزعم أنهم قُتلوا في تلك القرى المجاورة.
وقالت سارة ليا ويتسن: “لو لم يكن لدى الحكومة السورية شيئاً تخفيه، فعليها أن تفتح على الفور تحقيقاً مستقلاً ونزيهاً في الهجمات القاتلة، وأن تسمح للمراقبين الخارجيين بالوصول إلى درعا بلا أي إعاقة”.
لجأت قوات الأمن إلى احتجاز النشطاء الذين غطوا التظاهرات أو دعوا إلى المزيد من الاحتجاجات. في 22 مارس/آذار اعتقلت قوات الأمن لؤي حسين، الكاتب والناشط السياسي، من بيته في صحنايا بمنطقة ريف دمشق، على خلفية تحركه على الإنترنت لدعم التظاهرات والإصلاحات. واتصلت قوات الأمن في 23 مارس/آذار بمازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في سوريا، ليوم ثانٍ من الاستجواب. تم الإفراج عن حسين ودرويش يوم 24 مارس/آذار. قدّم نشطاء حقوقيون سوريون لـ هيومن رايتس ووتش قائمة من تسعة أشخاص رهن الاحتجاز، على ما يبدو جراء نشرهم دعوات على الفيس بوك للمطالبة بالمزيد من التظاهرات. المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر أن قوات الأمن احتجزت رامي سليمان يوم 20 مارس/آذار من داعل، وهي بلدة صغيرة مجاورة لدرعا، بعد أن اتصل بقناة البي بي سي العربية واصفاً الموقف.
وقالت سارة ليا ويتسن: “بعد شهر من السماح بالفيس بوك في سوريا، تلجأ قوات الأمن السورية إلى احتجاز من يجرؤ على استخدام هذا الموقع في التواصل”.
وأضافت: “لم تكتف قوات الأمن السورية بقتل المتظاهرين، بل تريد أيضاً منع الجميع من توثيق أو انتقاد تلك الأعمال”. وأضافت: “إن النشطاء والصحفيين وأقارب المحتجزين يتحركون جميعاً في ظل مخاطر جسيمة تتهدد سلامتهم”.


لماذا لم يقل أوباما لصالح ارحل الآن؟


عبد الحكيم هلال شتاء أميركا لم يتغير الجيش المنعطف الأخطر ما وراء أكمة التواطؤ حتى الآن، الواضح أنه ليس لدى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما استعداد لفهم أبعاد ما يدور في اليمن من زاوية أخرى تكون أكثر واقعية، تتجاوز تلك الأبعاد القديمة المنظورة من زاوية “الحرب على الإرهاب” التي ورثتها عن سابقتها، ولم تزد أكثر من مواصلة بناء مواقفها عليها، متمسكة بالرئيس صالح “حليفا” هاما في تلك الحرب. الأوضاع في اليمن، في الشهرين الأخيرين تحديدا، اتسمت بتصعيدات سياسية مفاجئة ومثيرة للاهتمام. واستلهم الشارع اليمني زخم الانتصارات الشعبية لثورتي تونس ومصر، لينتفض من أجل إسقاط نظام “صالح” الذي يحكم البلاد منذ 32 عاما، مع استشراء كبير للفساد والمحسوبية وتمكين الأسرة. والجمعة (18 مارس/آذار) قتل 52 محتجا، بينما جرح قرابة 600 آخرين برصاص قناصة، فيما وصف بالمجزرة البشعة ضد المحتجين السلميين. واتهم المحتجون وأحزاب المعارضة مباشرة الرئيس بارتكابها هو وأبناؤه وأبناء أخيه المسيطرون على قيادة مفاصل هامة في الجيش والأمن. وبهذه الأرقام ارتفع عدد الضحايا إلى 100 قتيل وقرابة 1500 جريح، سقطوا وأصيبوا منذ بداية الاحتجاجات. مضت تلك التطورات، فيما كان الرئيس بين الحين والآخر يعرض مبادراته الواحدة تلو الأخرى، لكنها كانت تأتي متأخرة عن مطالب الشارع المتصاعدة. في وقت لم يأل فيه جهدا من مواصلة استخدام أوراقه الواحدة تلو الأخرى، بما فيها استخدام ورقة “الإرهاب”. شتاء أميركا لم يتغير ورغم تلك السخونة، لم تبارح أميركا شتاءها، مفضلة البقاء فيه لتفصل مواقفها على نحو لا يضر بحليفها. بدأ ذلك مع أولى مبادرات صالح مطلع فبراير/شباط، حين رحبت بتصريحاته في عدم الترشح مجددا أو التمديد أو التوريث، ودعت المعارضة للتعامل معها بجدية. وفي مطلع مارس/آذار قدم صالح مبادرة أخرى، تحدثت عن دستور جديد ونظام برلماني، وتقسيم اليمن إلى أقاليم، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكن مع مواصلته فترته الرئاسية حتى العام 2013، فكان الموقف الأميركي مشابها لسابقه عبر اتصال جون برينان مساعد الرئيس الأميركي المؤيد والداعي للحوار. في الواقع، كان برينان يلح على المعارضة للقيام بشيء لم تعد قادرة على القيام به، فالمبادرة جاءت في الوقت الخطأ، وقبولها سيعرضها لخسارة قاعدتها بعد رفض المحتجين لها وارتفاع سقف مطالب الشارع. فالواقع أن المبادرة جاءت بعد يومين من استخدام النظام العنف والرصاص الحي والقنابل السامة ضد المحتجين، وألحقها بمجزرة أخرى بعد يومين فقط من إطلاق المبادرة، ما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص تقريبا وإصابة قرابة 200. ومع تزايد العنف وأعداد القتلى والمصابين، لم تزد أميركا على موقفها السابق الداعي للحوار إلا عبارة وحيدة أضافها فيليب كراولي مساعد وزير الخارجية للشؤون العامة حين دعا إلى أن “يتوقف العنف فورا” (13 مارس/آذار). غير أن العنف لم يتوقف..! بل ازداد ضراوة عن السابق، بارتكاب مجزرة الجمعة (18 مارس/آذار) الأكثر دموية. وفيما بدأ محيط “صالح” يتصدع أكثر بانسحاب واستقالة وزراء ونواب وقيادات في حزبه، والعديد من مشايخ القبائل والعلماء، معلنين تأييدهم لثورة الشباب السلمية، فإن موقف الإدارة الأميركية إزاء تلك الجريمة ليس فقط لم يتقدم بل بدا واضحا أنه اتسم بالتخلف عن آخر موقف صدر بخصوص العنف. وأطلق مكتب الرئيس أوباما تصريحات لم تزد عن مواصلة الدعوة للحوار، سوى إدانته استخدام العنف، والدعوة لمحاسبة مرتكبي الجريمة، وهو ما عدّ تخلفا عن موقف كراولي بحيث لم يتم البناء على دعوته السابقة لإيقاف العنف فورا، مع أن نظام “صالح” ليس فقط تجاهل تلك الدعوة، بل استخدم العنف بشكل مفرط، إذ تجاوز فيه عدد قتلى الجمعة أعداد من قتلوا طيلة فترة الاحتجاجات، مع تأكيد الأطباء أن 90% من القتلى والمصابين (الجمعة) تعرضوا لطلق ناري مباشر في الرأس والرقبة والقلب والصدر، على عكس ما سبق من قتل وإصابات كان معظمها بفعل الغازات السامة والطعنات وبعض الرصاص الحي والمطاطي. الجيش المنعطف الأخطر على تلك الشاكلة ظلت الأحداث تتصاعد تدريجيا فيما كان “صالح” يواصل تمسكه بالكرسي بكل أساليب الترغيب والترهيب والقتل، حتى بلغت الأوضاع منعطفا بالغ الخطورة، حيث أعلن قادة كبار في الجيش اليمني  تأييدهم لثورة الشباب يوم الأحد (20 مارس/آذار) وتعهدوا بحماية المحتجين السلميين. وانفرط العقد بعد الإعلان المفاجئ للواء علي محسن صالح قائد المنطقة الشمالية الغربية -أهم وأقوى حلفاء صالح- المؤيد للثورة، لتتوالى بعده إعلانات التأييد، من قادة آخرين في الجيش والعديد من سفراء اليمن وأعضاء السلك الدبلوماسي في الخارج، إلى جانب أهم الزعماء والمشايخ القبليين، وقادة آخرين وأعضاء في حزبه، ووزراء وإداريين، ونخبة وإعلاميين، وما زالت تتوالى حتى اليوم. كان الأمر أشبه بانهيار مفاجئ في لحظات لجدار طويل من الصمت، في حين ظل الموقف الأميركي مشوشا وغير قادر على استيعاب ما يحدث لنظام حليفه، مفضلا الانتظار والترقب إلا من بعض التسريبات التي تحدثت عن توقعات بسقوط النظام في الساعات القليلة المتبقية من يوم الأحد الماضي، إذ كان الأمر بالنسبة لها أقرب لما حدث في اليوم الأخير للحليفين السابقين: زين العابدين ومبارك. ومع ذلك اختلف الموقف هنا كثيرا عن موقفها في الأيام الأخيرة للثورتين السابقتين، إذ لم يعقد الرئيس أوباما مؤتمرا صحفيا ليشدد بحزم على أن على الرئيس صالح أن يترك السلطة فورا. لقد جاء مثل هذا الموقف من الحكومة الفرنسية، التي سارعت لقول ذات العبارة لتكون هي السباقة هذه المرة، غير أن ذلك لم يحدث حتى الآن، إذ استطاع صالح أن يحظى بأمل المواصلة ربما لأيام قليلة. ويعزى ذلك للتحركات التي قام بها ليلة الأحد، ومكنته من تأخير عملية الانهيار لا إيقافها، وأجبر صالح وزير دفاعه -كما أوضح لاحقا حليفه السابق علي محسن- ليظهر عبر التلفزيون المحلي معلنا دعم ووقوف الجيش معه والدفاع عنه ضد ما وصف بالانقلاب، ما عد بمنزلة التهديد بإعلان الحرب، بينما انتشرت دبابات ابنه في الحرس الجمهوري لحماية القصر الرئاسي، واشتبكت قوات مؤيدة له مع أخرى حليفه لمحسن في حضرموت. أثناء ذلك لم يترك “صالح” وسيلة أو محاولة للاستماتة والبقاء إلا وقام بها، وأرسل مستشاريه للتحاور مع قادة المعارضة والجيش، معلنا استعداده بقبول أي حل ممكن. حينها فقط أمكن للتوتر أن يهدأ أو بالأحرى أن يتأجل، لكنه لم ينته بعد، إذ أعلن لاحقا أن أحزاب المعارضة رفضت أي حل بعيد عن مطالب الشارع. ما وراء أكمة التواطؤ يتمسك “صالح” بأساليبه وخدعه وأي شيء آخر يعزز بقاءه مدة أطول، ونقل عن أحد مساعديه تأكيده استعداد الرئيس للرحيل ولكن ليس قبل أن يتأكد لمن سيسلم الكرسي. وهي خطوة أقنع فيها حليفته العظمى أن تخليه عن السلطة دون ذلك سيؤدي إلى حرب أهلية شرسة يستغلها تنظيم القاعدة لتعزيز حضوره. والواقع أن صالح حين يقوم بكل ذلك الخداع، دون أي اعتبار للنتائج الكارثية التي قد تنجم عن تمسكه بالسلطة على هذا النحو، يستند أصلا على حقيقة أن إيمان إدارة أوباما به حليفا أفضل لم يتزعزع بعد، فهي مازالت تؤمن بأنه لا أحد أقدر على، ليس فقط مواصلة فتح الأرض اليمنية لها للقيام بعملياتها، بل لا أحد من الحلفاء وصل به الأمر أن فضل خداع شعبه على فضح ما قامت به طائراتها حين قتلت ما يقارب 50 مواطنا يمنيا بينهم أطفال ونساء في منطقة المعجلة، جنوب اليمني أواخر ديسمبر/كانون الأول 2009، حسبما أكدته وثائق ويكيليكس حين أطلق صالح عبارته المشهورة “استمروا بالضرب، ونحن سنستمر بالقول إن قواتنا هي التي ضربت”. وعلى المنوال نفسه من المرجح هنا القول إن تصعيد نظام صالح للأحداث بطريقة دموية وتنفيذه مجزرة الجمعة، بعد خمسة أيام فقط من الدعوة لإيقاف العنف فورا، يمكن ضمه هو الآخر أيضا في سياق التواطؤ الأميركي مع نظام حليفها الدموي. وليس هذا فحسب، بل لم تأبه هذه الإدارة وتجاهلت تلك الأخبار التي أكدت استخدام اليمن لقنابل دخانية ضد المحتجين، كانت سلمتها له لمحاربة الإرهاب، في إطار المساعدات العسكرية لمحاربة تنظيم القاعدة. إن هذا فقط هو ما يجعل كل بيانات وتصريحات الإدارة الأميركية تتجنب الحديث عن رحيله وتدعو إلى حل سلمي بالحوار، ومع أن معظم الخبراء الإستراتيجيين، ومعهم الباحثون الأميركيون، باتوا يدركون تماما اليوم، أن ورقة الإرهاب التي يستخدمها صالح هي أشبه بمغناطيس جاذب للمساعدات الخارجية، وبالأخص الأميركية إلا إدارة أوباما، يبدو أنها لم تستطع أن تتخلى عن إرث الإدارة السابقة، في اعتبار صالح “راقصها المثالي على رؤوس الثعابين”. على هذا الإيقاع واصل صالح دق طبول الحرب مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لقد ظل يقوم بذلك كلما لزم الأمر. وها هو حتى في أحلك الظروف التي يمر بها اليوم داخليا مازال يواصل الرقص على الإيقاع نفسه. فأخبار تنظيم القاعدة تبرز اليوم بقوة لتمتزج بالأحداث المتصاعدة في البلاد. في الحقيقة تدرك أميركا أن الرجل يرتبط بعلاقات غير معلنة مع بعض قيادات تنظيم القاعدة، غير أنها تفضل الاستمرار في اللعبة حتى نهايتها طالما أنها تحقق المزيد من المكاسب. وهذا ما تؤكده البرقيات الدبلوماسية الصادرة عن ويكيليكس، فيما يتعلق بموقفه مع جمال البدوي الإرهابي المطلوب لدى وكالة الاستخبارات الأميركية، مهندس الهجوم على المدمرة الأميركية كول عام 2000. الذي رفض صالح تسليمه. مع ذلك لا يمكن الزعم بأن صالح استطاع أن يواصل خداع القدرات الاستخبارية الأميركية على هذا النحو الساذج، بل يمكن عزو الأمر، كما أسلفنا، غلى تفضيلها مجاراته وإبقاءه بغية كسب المزيد من التنازلات. على أن الحماقات التي يرتكبها صالح في الوقت الراهن، لمعركته الحديثة المختلفة بكل المقاييس مع شعبه، لا تقل عن تلك التي ترتكبها الإدارة الأميركية التي فضلت حليفا تؤكد كل المؤشرات أنه فقد توازنه ولم يعد يفصله عن السقوط سوى تلك المسافة الضئيلة المتبقية لإنجاز رقصته الأخيرة. الرقصة التي ما زال يواصل القيام بها على وقع المواقف والتصريحات الأميركية المتخلفة عن إيقاع الشارع. في نهاية المطاف يجب التأكيد أن ما ستخسره إدارة أوباما بمواصلتها اللعبة على النحو السابق، سيفضي إلى نتائج كارثية تتجاوز احتمالية غير مؤكدة لما يمكن أن يطول اليمن من سوئها، إلى احتمالية مؤكدة لخسارة أميركا موقف وتأييد الشعب اليمني لمواصلة سياساتها في البلاد، إن لم يكن ما تقوم به في الوقت الحالي داعما ومقويا لحضور أكبر للإرهاب، من حيث إن دعم إرهاب صالح في قتل شعبه لن يكون أشد تأثيرا على النفس من قتل القاعدة للأجنبي أو لاستهداف مصالحه. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 مارس 2011)

عقبات في طريق ثوار ليبيا


تواجه العمليات العسكرية الجارية في ليبيا عقبات ليس أقلها افتقار الثوار إلى التنظيم والخبرة العسكرية المناسبة، في مقابل كتائب العقيد معمر القذافي التي باتت تلجأ أكثر فأكثر إلى الاحتماء بالمدنيين مما يقلل في نهاية المطاف من فاعلية الضربات الجوية. وتقول ورقة تحليلية لمعهد ستراتفور للدراسات الاستخباراتية عن عملية فجر أوديسا، إن مشكلة الثوار الذين لا تتوفر لديهم قدرات قتالية كافية لمواجهة كتائب القذافي لا يمكن أن يحلها الدعم الجوي من طائرات التحالف. وتعدّد الورقة المشاكل التي تواجه الثوار وعلى رأسها نقص التنسيق والتنظيم والاحترافية العسكرية وعدم توفر معدات الاتصالات الميدانية التي تسمح لهم بتنسيق عملياتهم، في مقابل الكتائب التي تتواتر تقارير عن استخدامها المدنيين دروعا بشرية كما هو الحال في أجدابيا ومصراتة. وتوضح أن إخفاق الثوار في بلوغ وضع يتحركون فيه بشكل منظم وفاعل يستفيد من ضربات التحالف, واستمرار الجمود على الأرض, من شأنهما أن يضفيا مصداقية على موقف المعارضين للعمليات العسكرية ضد نظام القذافي. وفي سياق عرضها للمشاكل التي تواجه الثوار –الذين يحاولون الآن تنظيم صفوفهم أكثر في الجهة الشرقية- تشير الورقة التحليلية لمعهد ستراتفور إلى أن الحملة الجوية تستنفد أهدافها، في حين أن كتائب القذافي تحتمي بمناطق سكنية مما يعني أن ضرب تلك الأهداف ينطوي على احتمال ضرب المدنيين. وتوضح أن ضرب أهداف متحركة -بما فيها المعدات المحمولة على شاحنات مدنية- سيفرض على طائرات التحالف التحرك بشكل أسرع وعلى ارتفاعات منخفضة لضرب تلك الأهداف التي يدرك القذافي أن الإبقاء عليها في مناطق مكشوفة يعرضها للتدمير. وهذا يعني –حسب ما تقول الورقة- أن الأهداف السهلة والآمنة ستكون أقل في المستقبل حيث سيصعب على قوات التحالف رصد الأهداف العسكرية خاصة مع لجوء قوات القذافي المتزايد إلى المناطق المأهولة.            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 مارس 2011)

ما وراء التدخل الغربي في ليبيا؟


اعتبر معهد ستراتفور للدراسات الاستخباراتية أن مصالح مختلفة تقف وراء التدخل الغربي في ليبيا وفي إطار سيناريوهات مختلفة يوحدها بشكل عام تنفيذ قرار الأمم المتحدة الأخير الخاص بفرض حظر جوي. وترى الورقة التحليلية التي صدرت أمس الخميس أن المملكة المتحدة وفرنسا كانتا السباقتين إلى إطلاق الدعوات للتدخل العسكري في ليبيا قبل أن تنجحا في إقناع عدد من الدول الأوروبية بدعم القرار سياسيا على الأقل بعد أن تلقت الضوء الأخضر من جامعة الدول العربية. وفي هذا السياق، كان الرئيس الأميركي باراك أوباما واضحا في خطابه الذي ألقاه يوم 21 مارس/آذار الجاري عندما أكد رغبة بلاده في نقل قيادة العمليات العسكرية الخاصة بـ”فجر أوديسا” إلى الحلفاء الأوروبيين بهدف تعطيل قدرات الكتائب الأمنية الموالية للزعيم معمر القذافي وتحديدا السلاح الجوي والأنظمة المضادة للطائرات ومقار القيادة والاتصالات لمساعدة الأوروبيين وشركائهم العرب على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973. ويلفت المعهد إلى أن الرئيس الأميركي كان أكثر من واضح –في إشارة إلى الداخل الأميركي- بالقول إن العمليات العسكرية في ليبيا هي “حرب أوروبا” وليست الولايات المتحدة. حظر وإطاحة وفي قراءة للأهداف الأوروبية من العملية العسكرية، يقول المعهد إن التدخل الغربي من حيث الشكل يقتصر على تطبيق منطقة الحظر الجوي وضربات جوية على القوات البرية الموالية للقذافي، أما في المضمون فإن الهدف يتعدى ذلك إلى وضع حد لنظام القذافي لا سيما أن قادة فرنسيين وبريطانيين لم يترددوا في التصريح بهذه الغاية في أكثر من مناسبة. بيد أن المشكلة -وبحسب الورقة التحليلية لمعهد ستراتفور- تكمن في وجود تفسيرات مختلفة للرغبة الأوروبية في مواصلة التدخل العسكري في ليبيا من قبل العالم العربي، أولها عدم الثقة في أن الغرب يريد فعلا تعزيز الديمقراطية على خلفية دعمه لهذه الأنظمة منذ عقود طويلة. وما عزز هذا الشعور بعدم الثقة أن فرنسا -التي قادت التحركات الدبلوماسية للتدخل العسكري ضد القذافي- سجلت ارتباكا محرجا مع انطلاق الثورة التونسية حيث قامت وزيرة خارجيتها السابقة مشيل أليو ماري بقضاء إجازتها في تونس -قبل انطلاق الاحتجاجات- واستعملت طائرة خاصة يملكها رجل أعمال مقرب من الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، علاوة على أن الجمهورية الفرنسية تأخرت كثيرا في التعبير عن إدانتها للنظام التونسي وطريقة تعامله مع احتجاجات الثورة. لغة المصالح ولا يختلف اثنان -يقول التقرير- على أن المصالح الأوروبية مع معمر القذافي على صعيد الطاقة ومبيعات السلاح كانت -بلغة الأرقام- دليلا قاطعا للعلاقة الجدية بين الطرفين حيث باعت الدول الأوروبية وخلال الفترة ما بين 2004 و2011 لنظام القذافي أسلحة بقيمة مليار و56 مليون دولار. ويذهب التقرير ليؤكد أن إيطاليا وفرنسا كانتا أكثر الدول الأوروبية استفادة من العلاقات التجارية مع ليبيا، آخرها الصفقة التي تم الاتفاق عليها العام الماضي بين باريس وطرابلس لبيع الأخيرة 14 طائرة مقاتلة من طراز ميراج. أما روما فقد كانت تتفاوض مع طرابلس بصفقات عسكرية تصل قيمتها مليار دولار عندما انطلقت احتجاجات 17 فبراير/شباط الماضي، في حين لم تسلَم بريطانيا نفسها من الانتقادات التي اتهمتها بالموافقة على إطلاق سراح المتهم الليبي بتفجير طائرة لوكربي عبد الباسط المقرحي مقابل حصول شركة النفط البريطانية بي بي على تسهيلات خاصة في القطاع النفطي الليبي. ويضيف التقرير أن مثل هذه العقود كان من المفترض أن توفر الدعم الغربي للقذافي لا العكس، لكنه يتابع مشيرا إلى أن الغرب -وبعد ما جرى في تونس ومصر- بات مقتنعا بأن ما يجري في العالم العربي ثورات حقيقية لإقامة أنظمة ديمقراطية -بالمفهوم الغربي- وبالتالي من الأفضل اللحاق بالقطار قبل فوات الأوان لتأمين المصالح الأوروبية في إطار التغييرات الجديدة.            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 مارس 2011)

المقربون من القذافي يبحثون عن مخرج


كشفت مصادر غربية ورجل أعمال مقرب من القيادة الليبية أن سيف الإسلام القذافي –الابن الأكبر للعقيد معمر القذافي- يسعى مع أفراد من المقربين للعقيد الليبي لإيجاد سبل لإنهاء القتال الدائر في البلاد. وقالت تلك المصادر إن أفرادا في الدائرة المحيطة بالقذافي يبعثون رسائل لجس النبض تطالب بوقف إطلاق النار أو خروج آمن من ليبيا. وأوضح روجيه تمرز -وهو رجل أعمال من الشرق الأوسط له باع طويل في إبرام الصفقات مع النظام الليبي- أن “رسائل تسعى لشكل من أشكال الإنهاء السلمي للعملية العسكرية التي تدعمها الأمم المتحدة، أو خروج آمن لأفراد من دائرة القذافي” أرسلت عبر وسطاء في النمسا وبريطانيا وفرنسا. وقال تمرز إن سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي عديل القذافي من أهم أفراد الدائرة المقربة من القذافي الذين يسعون لإيجاد سبل لإنهاء القتال. وذكر مسؤول بالأمن القومي الأميركي طلب عدم ذكر اسمه “عند مناقشة معلومات حساسة” فإن وكالات حكومية أميركية على علم بأن سيف الإسلام والسنوسي يقدمان مبادرات سلام. وذكر المسؤول الأميركي ومسؤول حكومي أوروبي يتابع الأحداث بليبيا عن كثب أن الحكومة الأميركية وحكومات أوروبية تقيم تلك المبادرات بحذر لكنها لا ترفضها تماما. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون صرحت بمقابلة الثلاثاء مع شبكة تلفزيونية أميركية بأنها على علم بأن القذافي يحاول إجراء اتصال. وفي سياق ذي صلة، طالب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بفترة انتقالية في ليبيا تفضي إلى انتخابات ديمقراطية. ويجتمع وفد حكومي ليبي حالياً في إثيوبيا بخمسة رؤساء دول أفريقية، يعكفون على وضع خريطة طريق تحض على إجراء إصلاحات سياسية في ليبيا. وقال رئيس المفوضية جان بينغ –بكلمة ألقاها بافتتاح الاجتماع بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا اليوم الجمعة- إن الاتحاد الأفريقي يمضي قدما في عملية سياسية “راسخة” تهدف لتسهيل فتح حوار بين الأطراف الليبية بشأن إصلاحات تُجرى لاستئصال جذور الأزمة الحالية، على أن تكلل نهاية المطاف بانتخاب مؤسسات ديمقراطية.            المصدر:أسوشيتد برس+رويترز (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 مارس 2011)

عدة فرضيات للاطاحة بالقذافي سريعا


2011-03-25  
باريس- تفاديا لاطالة التدخل في ليبيا يتحدث محللون عن عدة خيارات حول الطريقة الفضلى لاختصار العمليات العسكرية، منها تسليح حركة التمرد وتنفيذ عمليات سرية والدعوة إلى التمرد وحياكة مؤامرات. وأوضح خبير في القضايا العسكرية مفضلا عدم كشف هويته “إذا أدرنا إنهاء حرب يجب الاستعداد لاغتنام كل الخيارات”. وفي العمليات التي تشنها عدة دول غالبا ما تؤول الأمور إلى تدخل يستمر زمنا طويلا ونادرا ما تتم باختصار. فمثلا قوات اليونيفيل (الامم المتحدة) منتشرة في جنوب لبنان منذ 1978 بينما لا تزال القوات الدولية منتشرة في كوسوفو (كفور) منذ 1999 وقوات ايساف (الحلف الأطلسي) منتشرة في أفغانستان منذ نحو عشر سنوات. وبعد أن حاول عبثا سحق حركة التمرد قبل تعبئة المجتمع الدولي، قد يلجأ العقيد معمر القذافي الان إلى ربح الوقت. والقرار 1973 المنتزع بمبادرة فرنسية بريطانية من مجلس الأمن الدولي، يحمل في طياته بوادر وضع شديد التعقيد حيث انه لا يسمح بعمليات برية واسعة النطاق ضد قوات الزعيم الليبي بل ينص على “حماية المدنيين”. وطالما دامت أعمال العنف سيتعين على الحلفاء مواصلة عملياتهم الجوية “ولا مبرر أن تتوقف”، كما قال أحد المحللين. إذن ما هو طريق الخلاص؟ أولا انهيار النظام الليبي. وفي هذا الصدد تعمل واشنطن وباريس بارادة شبه واضحة على نسف هذا النظام. والمح أحد مستشاري باراك أوباما انه بعد تعرضهم “لتوتر شديد” حاول مقربون من معمر القذافي “اقامة اتصالات بحثا عن مخرج”. واتى على ذكر بعض الاسماء مثل وزير الخارجية الليبي موسى كوسا. ومن جانبها “شجعت” الرئاسة الفرنسية صراحة القادة الليبيين على “الانشقاق” و”الانضمام” الى المجلس الوطني الانتقالي الذي شكله الثوار، مهددة بملاحقتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية. وحذر قصر الاليزيه من أن “المحكمة الجنائية الدولية تراقب وترصد وتلاحق، ومن الان لدينا لائحة اسماء وهذه اللائحة قد تطول (…) وبالتالي حذاري!” واعتبر أحد المحللين أن “أفضل حل هو أن ينقلب قسم من الجيش على القذافي” بينما استذكر محلل آخر عبارة رئيس الوزراء البريطاني تشرشل “اذا اجتاح هتلر الجحيم فسأتحالف مع الشيطان” وذلك لارغام “القذافي على التفاوض حول رحيله”. ومن الخيارات الاخرى هناك تسليح حركة التمرد، مؤكدا “هذا ما فعله الاميركيون والاستخبارات الفرنسية في افغانستان في زمن الاحتلال السوفياتي وهذه من الامور التي نقوم بها دون كشفها غير انها دائما تتضمن مخاطر”. هذا بينما لا يزال معظم الثوار الليبيين يفتقرون إلى ادنى خبرة عسكرية في حين قد يغتنم الاسلاميون الفرصة للسيطرة على جزء من الحركة، بينما قال خبير ثالث “لا يكفي امداد الناس بالاسلحة لتشكيل جيش”. وماذا عن خيار إرسال قوات خاصة على الأرض؟ يجيب أحد المحللين “اذا لم يتوفر ليبيون في صفوفهم فهي ستكون عملية مفضوحة كالانف وسط الوجه”. واجهزة الاستخبارات هي الوحيدة التي يتوفر لديها “اناس قادرون على الاندماج بين المدنيين للقيام بعمليات سرية”. لكن معظم هذه الفرضيات تتسم بعيب كبير وهو انها تخرج عن نطاق القرار 1973 الذي لا يمنح قوات التحالف اي تفويض للاطاحة بالقذافي. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 مارس 2011)

ساركوزي: باريس ولندن تعدان مبادرة من أجل حل سياسي في ليبيا


2011-03-25 بروكسل- أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الجمعة أن باريس ولندن تعدان مبادرة من أجل “حل سياسي ودبلوماسي” في ليبيا، وذلك على اثر قمة أوروبية. وقال ساركوزي في تصريح صحافي انه تمهيدا للاجتماع المقرر الثلاثاء في لندن لمجموعة القيادة السياسية للتدخل العسكري في ليبيا، “ستكون هناك بالتأكيد مبادرة فرنسية- بريطانية للتأكيد أن الحل ليس عسكريا فقط بل سياسي ودبلوماسي أيضا”. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 مارس 2011)
 

Lire aussi ces articles

12 avril 2005

Accueil TUNISNEWS 5 ème année, N° 1788 du 12.04.2005  archives : www.tunisnews.net اللجنة العربية لحقوق الإنسان: نداء من أجل

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.