25 novembre 2002

La répression continue contre les activités de l’AISPP

Le but final est de faire taire le reste des ONG non manipulables par le régime.

Dr. Sahbi AMRI se porte candidat au C.N.O.M

المنصف السويسي ومحمد سيف في جلسة حوارية حول “اربع ساعات في شاتيلا”

جينيه هو الاوروبي الوحيد الذي فاجأ العالم بنص حول المجزرة يفضح فيه الاعلام الغربي وخيانته للقضايا الانسانية

تونس ـ القدس العربي ـ من لطفي العربي السنوسي: اربع ساعات في شاتيلا .. شهادة كان وقعها بحجم المجزرة التي ارتكبتها اسرائيل في حق الابرياء الفلسطينيين كانت المجزرة بامضاء شارون وتحت اداراته الدموية (كان وزير حرب في تلك الفترة) وجاءت الشهادة بامضاء الكاتب التقدمي الفرنسي جون جنيه كتبها في احدي صباحات ايلول (سبتمبر) 1982 حيث كان شاهدا علي الكارثة وعلي مدي الدم الفلسطيني الذي فاض بمخيم شاتيلا.

لا أحد صدق ما حدث، وما حدث زيفت تفاصيله منابر الاعلام الامريكي والاوروبي الي ان النص الذي خرج به جون جنيه علي العالم ـ وهو الاوروبي الوحيد الذي دخل المجزرة واقتحم تفاصيلها ـ فضح الجلاد وابواقه.. في هذا النص اربع ساعات في شاتيلا يقدم جنيه شهادة صادقة يدين من خلالها اسرائيل ويفضح فيها الاعلام الغربي ويتهمه بالخيانة العظمي خيانة المباديء والقيم الانسانية الكبري يتهمه فيها بالزيف وبطمس الحقيقة. كان وقع النص/ الشهادة كبيرا بحجم الفضيحة التي ارتكبها وزير الحرب شارون.

لا شيء تبدل.. سوي بعض الرتوشات الصغيرة شارون ـ الآن ـ يرأس الحكومة الاسرائيلية.. المجازر تتكرر بنفس السيناريو القديم والدم هو الدم.. فلسطيني والاعلام الاوروبي ـ كعادته ـ يتلهي باحصاء الموتي ويردد مقولات السلام الواهية.

كيف يمكن استعادة هذا النص اربع ساعات في شاتيلا وهل بامكان المسرح ان يحتمل الفاجعة كما صورها جون جنيه علي ايقاع تلك البنية السودية الموعظة في تفاصيل المجزرة وبتلك اللغة المتفجرة. لا شيء يستحيل علي المسرح ـ في الواقع ـ مهما كانت طبيعة النص. والنص ـ هنا ـ ابن لحظته كما يقولون واللحظة لم تتبدل بقدر ما توغلت في الكارثة.

المسرحي التونسي المنصف السويسي والناقد والباحث والمسرحي العراقي المقيم في باريس الدكتور محمد سيف اختارا رفقة الممثلة منية الورتاني اعلاء صوت هذا النص علي المسرح ضمن مشروع يمتد علي ثلاث مراحل اولها قراءة مسرحية لنص جون جنيه اربع ساعات في شاتيلا سيقع تقديمه يوم 29 تشرين الثاني (نوفمبر) بقاعة المونديال ضمن فعاليات مهرجان المدينة.

حول هذا العمل والمراحل التي سيتوزع وفقها هذا المشروع ومبررات اختيار جون جنيه والمقاربة او التصور الجمالي الذي سيكون محملا للنص وحول هذه العلاقة الابداعية الجديدة بين السويسي المخرج المسرحي ومحمد سيف الناقد والباحث كانت لنا مع الطرفين جلسة حوارية جاءت تداعياتها عفوية، هكذا.

لو نبدأ بتقديم هذا العمل: اربع ساعات في شاتيلا لجون جنيه ما هي المبررات الحقيقية التي دفعتكم لاختيار هذا النص/ الشهادة، هل تنتمي مشاغل هذا النص لخيارات المنصف السويسي ولما ترسخ في تجربته وهل ينتمي جون جنيه الكاتب المناضل لقناعات السويسي.. ام ان هذا الاختيار فرضته طبيعة الاوضاع النازفة في الارض المحتلة. السويسي: جون جنيه كما هو معروف كاتب تقدمي ومناضل حقيقي اعلن رفضه لكل اشكال الاستعمار والهيمنة ومواقفه منتصرة لقضايا العدل والحب والحرية ولكل ما هو انساني نبيل ولكل القيم التي يدافع عنها الفن والمسرح بشكل خاص باعتباره اكثر الاشكال الابداعية اقترابا من اسئلة الانسان وهواجسه الكبيرة والصغيرة وان التقي بجون جنيه في هذا العمل باستدعاء نصه اربع ساعات في شاتيلا وهو شهادة كان وقعها تماما كوقع المجزرة علي الانسانية هو في الواقع التقاء طبيعي خاصة في هذه المرحلة التي يشهد فيها الفكر العربي اشرس الهجمات التي تستهدف عزله وضرب قيمة وثوابته اضافة الي هذا فأنا كمواطن عربي لا يمكن ان اكون خارج ما يحدث بالارض العربية المحتلة من تقتيل يومي ومجازر ومن اعتداءات فظيعة علي الذات الانسانية.. فالقضية الفلسطينية تطرح نفسها وعمقها بالحاح علي كينونتي وعلي مصيري كمبدع تونسي انتمي الي هذه الارض العربية في اقصاها النازف.. ثم ان القضية الفلسطينية ليست مجرد مشغل ابداعي بل هي الجمرة التي نمسكها من طرفها المشتعل فنحترق باحتراقها الذي نتمثله في نصوصنا وفي مشاغلنا الابداعية اسئلة تستمد قوتها وشرعيتها من شرعية الحق الفلسطيني الضائع، بهذا المعني فان الاهتمام بالقضية الفلسطينية لم تفرضه، كما يعتقد البعض طبيعة المرحلة بل هو مبدأ وقناعة وامتداد لهواجس قديمة واسئلة طرحناها سنة 1970 في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو ولمسرحية واقدساه ليسري الجندي التي انجزتها في المسرح القومي المصري وايضا لمسرحية البلاد طلبت اهلها التي شارك فيها عدد كبير من الممثلين العرب.. واعتقد اننا كمبدعين وكمثقفين مطالبون امام ما يشهده العالم من فوضي ومن تبدل في الجغرافيا ومن هجمات شرسة علي الحضارة العربية الاسلامية ومن اعتداء علي الحضارة العربية الاسلامية ومن اعتداء علي مقدساتنا وعلي الابرياء في شرقنا المتكسر ان نخاطب الغرب بما يفهمون اي مخاطبة العقل الغربي بما انتجه هذا العقل من افكار ومن تصورات الي مجادلتهم او بالاحري ادانتهم بالاصوات التي تنتمي اليهم والي حضارتهم من هنا كان اختيارنا لجون جنيه ولنصه اربع ساعات في شاتيلا وهو شهادة فظيعة وصادقة يدين من خلالها جينه الغرب ولنصه اربع ساعات في شاتيلا وهو شهادة فظيعة وصادقة يدين من خلالها جنيه الغرب ويتهمه بالبربرية علي اثر ما شاهده من فظاعة في مجزرة صبرا وشاتيلا التي كان شاهدا عليها وحضر كل تفاصيلها الدموية. لأجل كل هذا اخترنا ـ الان اربع ساعات في شاتيلا ـ اضافة ـ طبعا ـ الي شاعرية النص وعمق افكاره بقي ان اشير الي ان صديقي الناقد والمسرحي الدكتور محمد سيف هو الذي قدم وبادر بالمقترح الذي وجد تجاوبا كبيرا لدي. كيف اجتمعتم حول هذا المشروع، المنصف السويسي المخرج ومحمد سيف الناقد هل ثمة اشياء مشتركة تجمع بينكما ثم ان الاشتغال مع السويسي ضمن مشروع ابداعي يعني ضمنيا الانتماء الي تجربته والي خياراته بل هو اقتناع بهذه التجربة. محمد سيف كناقد وكباحث ومن خلال متابعتي المحترفة لانتاجات المسرح العربي ولمسيرة المصنف السويسي بشكل خاص فاني اؤكد وبكــل وضوح ـ دون مزايدات ـ بل للرجـــل تصورا ورؤية او لنقل فهما حداثيا ومتطورا للمارسة المسرحية في مستويها التنظيري والتطبيقي فقد التقيت واقتربت من كل صناع الفرجة المسرحية في الوطن العربي ولم اجد مبدعا عربيا التقي معه حول نفس الافكار ونفس التصورات ونفس الفهم كما وجدته مع السويسي الذي يعتبر واحدا من رواد هذا الفن وصناعه الكبار وقد اطلق عليه نقاد المسرح ومبدعوه صفة العراب او سنديان المسرح العربي ما يذكرنا بفسبيس الاغريقي (المتجول) ولعل فهمه المتطور للممارسة المسرحية ولظواهرها هو الذي دفعني للانتماء الي تجربته وبالتالي الاشتراك معه في هذا المشروع، وبرغم دراساتي العليا في باريس فاني تعلمت من الرجل ما لم اتعلمه في الاكاديميات. اما في ما يخص سؤالك الاول الذي استفاض في شأنه المنصف السويسي فاني اضيف ـ باختصار ـ بأنه ومنذ سنوات وانا افكر في انجاز عرض مسرحي حول القضية الفلسطينية عرضا صادقا وجريئا بعيدا عن الشعارات والمزايدات وحينما اطلعت علي نص جون جنيه اربع ساعات في شاتيلا ثم اسير العاشق والظروف التي حفت بكتابة النصين توقفت بعمق عند النص الاول والذي كتبه جينه بعدما عاش وشهد مجزرة شاتيلا بكل تفاصيلها وهو الاوروبي الوحيد الذي دخل المجزرة ثم فاجأ العالم بنص يفضح فيه الاعلام الغربي وخياناته للقضايا الانسانية. هي شهادة فيها الكثير من الجرأة يعلن من خلالها جون جنيه انتماءه للحق وللشعب الفلسطيني وللانسانية عامة وهذه كلها دوافع لاستدعاء النص الي المسرح وهو نص صعب يتطلب جهدا ذهنيا كبيرا حتي يتحول الي لغة المسرح. في هذا السياق نسأل عن المقاربة التي ستعتمدونها لانجاز هذا العمل خاصة وانكما تشتغلان علي نص سردي وصفي بليغ في لغته وفي جملته، هل ستعيدان انتاج النص بمعني تقديم قراءة جديدة تخترقه في اتجاه وضع نص استبدالي ام انكما ستكتفيان بقراءة مسرحية للنص الاصلي كما وضعه جينه.

السويسي: اربع ساعات في شاتيلا هو مشروع فكري وجمالي سنشتغل عليه طويلا اي عبر ثلاث مراحل وفي كل مرحلة نخترق منطقة جديدة في النص يعني هو مشروع لاكتشاف النص ابعاده وما يتكتم عليه من معان وافكار هو في الاخر تجوال ـ ان صح الاستعمال ـ في فكر هذا الكاتب التقدمي، في البداية وكمرحلة تدشينية سنسعي لتحقيق قراءة نصية حرفية لجون جنيه ولنصه قراءة لاكتشاف لذة النص بعثا جديدا لما يتوفر عليه وما يخفيه من عبقرية في اللغة والاسلوب حيث سيكون الاداء تشخيصيا لابراز مفاتن اللغة العربية علي المسرح في اتجاه اعلاء اجراسها وايقاعاتها وطبقاتها الصوتية لايصال الشهادة بكل تفاصيلها، فاللغة هنا ستكون محملا قويا وصلبا لهذه التفاصيل، هذا في المرحلة الاولي اما في المرحلة الثانية فسيكون المسعي اختراقيا في اتجاه تصعيد الفعل الدرامي وانشاء الحدث وانتاج الشخصيات التي يتكتم عليها النص يعني الاشتغال علي ما هو صامت داخل هذا النص اي تلك اللحظات التي اخفاها جون جنيه ولم ترد في نصه بشكل مفضوح وفي المرحلة الثالثة نصل الي التوثيق السمعي والبصري لما يؤكد شهادة جنيه عن طريق استعمال التقنيات الحديثة من سلايت وفيديو وسينما الي غير ذلك من خصوصيات الفرجة البصرية.

محمد سيف: قراءتنا ـ في البدء ـ او في مرحلتها الاولي سنسعي من خلالها الي تفعيل اللغة ووضعها في اطار درامي بمعني ان قراءتنا للنص كمؤدين للاوضاع الكامنة فيه هي عملية تفعيلية وليست مجرد قراءة اي السمو بالاداء الي علو ينزع نحو الموسيقي في اتجاه الشعر. انجاز عمل مشترك وفق تصور مشترك مسألة شخصيا لا اعتقد في جديتها، فقد تجمعنا قيم نشترك في الدفاع عنها لكن ان نشترك في التفكير فمسألة صعبة.

السويسي: من اجل هذه الصعوبة نحن نبحث عن المشترك في الاختلاف، ابحث علي ما لا املكه لدي الاخر المختلف والمغاير وهذا لا يحصل ولا يتحقق الا بتعميق الاختلاف وبالتالي الدخول في علاقة جديدة مع ذات مختلفة، نحن سنحاول ان نكون صادقين مع انفسنا مخلصين لقيمنا وقناعتنا وجوهرها الايمان بالديمقراطية كفكرة وكمعني حقيقي يحتمل كل اشكال الاختلاف حتي وان كانت هذه الاختلافات صدامية، تلك الصدامية الواعية التي تذهب بك الي مناطق التفكير البكر والي التخوم البعيدة. هي تجربة جديدة انا شخصيا في حاجة اليها ولا اخفي ذلك، من هنا سنعيش التجـربة، تجـربة مشــــتركة مع مبدع لا يشبهني بقدر ما هو مختــــلف عني، وهذا يعـطي اثرا حقيقيا .

محمد سيف: كيف يمكن ان نبني مدينة فاضلة دون هذا الاحساس القوي بالاخر، هناك ولا شك مخاطر في التجربة المشتركة يقع الغاؤها في تلك اللحظة التي يتم فيها الغاء الانا وبالتالي التقليص من تضخمها واخفات صوتها من اجل الاخر الذي يشاركك المشروع، ونحن متفقون ومختلفون في نفس اللحظة، والاختلاف يعطي اثراء يخرج بك من المناطق المطمئنة ويدفع بالتفكير الي تجاوز كل ما هو مسلم ومتكرر، في هذه العلاقة الجديدة (انسانية وابداعية) مع السويسي سندفع بأسئلتنا وهواجسنا الي المناطق الوعرة حتي نزيد من تعميق حيرتنا، اختراقا وتجاوزا للمطمئن والمسلم، نحو مواقع تفكير مجهولة.

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 25 نوفمبر 2002)

مظاهر العنف في الشارع العربي

بقلم: عبد الباري عطوان

تصاعدت وتيرة الهجمات التي تستهدف جنوداً ومواطنين ومصالح أمريكية وغربية في أكثر من بلد عربي في الأسابيع القليلة الماضية، ولا يلوح في الأفق أن مثل هذه الهجمات ستتوقف في المستقبل القريب، بل من المرجح أن تتضاعف إذا ما سارت الولايات المتحدة قدماً في مخططاتها لضرب العراق، واحتلاله، وتنصيب جنرال أمريكي حاكم عليه.

ففي الكويت أطلق ضابط شرطة (خالد الشمري) النار من مسدسه علي جنديين أمريكيين، وأصابهما إصابات خطيرة نقلا علي أثرها إلي ألمانيا للعلاج، وقبله هاجم أنس الكندري وزميله قوات المارينز في جزيرة فيلكة، فقتلا جندياً وأصابا زميلاً له.

أما في السعودية المشهورة بكونها بلد الأمن والأمان فقد أحرق مجهولون مطعماً أمريكياً للمأكولات الخفيفة (ماكدونالد). وهاجم مجموعة من الشبان رجال الشرطة قرب الرياض. وحاول مسلح اقتحام وزارة المالية في العاصمة، بينما ما زالت أنباء الهجمات التي استهدفت مواطنين غربيين، وأدت إلي مقتل ثلاثة منهم علي الأقل تطرح العديد من علامات الاستفهام حول دوافعها، وأسبابها، والجهات التي تقف خلفها.

والصورة لم تكن أوضح في العاصمة الأردنية عمان، حيث تعرض دبلوماسي أمريكي للاغتيال، والشيء نفسه يقال أيضاً عن قتل مواطنة أمريكية في بيروت، وأحداث العنف التي سادت مدينة معان الأردنية، واستدعت اقتحام الجيش وقتل العديد من المواطنين.

خيط سميك واحد يربط بين جميع هذه الأحداث، وهو أن ضحاياها من الأمريكيين والغربيين، ومنفذيها هم من المتشددين الإسلاميين، الذين يرتبطون بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع تنظيم القاعدة ، الذي يتزعمه الشيخ أسامة بن لادن المعارض السعودي الأبرز، الأمر الذي يعني أن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، التي تشارك فيها معظم الأنظمة العربية بحماس ملفت، لم تحقق أهدافها في القضاء علي التنظيم وتقليص أخطاره، مثلما كان مأمولاً. ہ ہ ہ ويمكن استنتاج ثلاثة أمور مهمة من خلال قراءة هذه الظاهرة، أي تصاعد عمليات الاغتيال والعنف هذه:

الأول: أن العداء للأمريكيين، سياسة ومواطنين، بلغ ذروته في المنطقة العربية، وهو مرشح للانعكاس في أطر مرعبة بالنسبة للغرب وللإدارة الأمريكية، وهذا يعني أن تنظيم القاعدة، وتنظيمات أخري مماثلة له يمكن أن تصبح نقطة جذب وتجنيد للعديد من الشباب اليائس والمحبط في أكثر من بقعة في العالمين العربي والإسلامي.

الثاني: ان هيبة الأنظمة العربية، والمعروفة بقبضتها الحديدية، بدأت تتلاشي وبسرعة غير متوقعة، فالحديث في السياسة في بلد مثل المملكة العربية السعودية كان من الكبائر، وجرما مشهودا يدفع بصاحبه إلي زنزانة انفرادية لعدة سنوات، ويتعرض لتعذيب غير مسبوق. الآن بات الشباب السعودي يهاجم رجال الشرطة، ويحرق المحلات التجارية، ويشارك في هجمات فدائية علي قواعد أمريكية في الخبر والرياض.

ثالثاً: إن معظم الذين ينفذون عمليات الهجوم والاغتيالات هذه التي تستهدف أمريكان وغربيين هم من مواطني دول الخليج، أي الدول الغنية المرتاحة مالياً، والمعروفة بعلاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، مما يعني أن هناك خللاً واضحاً في أنظمة الحكم، أو في البيئة الاجتماعية، أو وجود سوء تقدير لمشاعر هؤلاء المواطنين.

في الماضي كان الإرهاب تهمة ملتصقة بالشعوب العربية الفقيرة ومواطنيها، من فلسطينيين ولبنانيين وجزائريين وأردنيين، بينما تلتصق نعمة الاعتدال بشعوب النفط والدول الحليفة لواشنطن. الآن انعكست الصورة، وأصبح المواطن الخليجي، والسعودي بالذات، يحتاج إلي ستة أشهر قبل الحصول علي تأشيرة دخول إلي واشنطن أو غيرها من المدن الأمريكية.

المواطنون الخليجيون، أو النسبة الأكبر منهم، أثبتوا أنهم أكثر رجولة وشجاعة من الكثير من أقرانهم في دول الماء ، سواء من حيث التخطيط أو التنفيذ، فمن كان يتوقع أن يكون خمسة عشر سعودياً من بين تسعة عشر نفذوا هجمات مركز التجارة العالمي في نيويورك والبنتاغون في واشنطن، ومن كان يتصور أن يحمل أنس الكندري بندقيته ويتجه إلي جزيرة فيلكة لمهاجمة المارينز، وهو يدرك جيداً أنه لن يعود حياً من مهمته هذه. ومن كان يحلم أن خالد الشمري، سيمسح عن الكويتيين أو معظمهم، كل ما علق بهم من مبالغات في حب الأمريكان، وإطلاق اسم بوش علي أبنائهم تيمناً، ويهاجم جنديين أمريكيين ويصيبهما بجروح خطرة، ويفر إلي السعودية التي أعادت تسليمه في زمن قياسي. أي بعد يوم واحد من عبوره الحدود!

الحكومة الكويتية كانت شجاعة عندما توقفت عن استخدام التوصيفات والتهم الممجوجة والمخجلة لأمثال هؤلاء المهاجمين، عندما قالت إن الشمري ليس مختلاً عقلياً، ولم يتردد علي أي مصح عقلي، وسجلت سابقة، ربما ستصيب الأنظمة العربية الأخري بالحرج التي وصمت كل من ينفذ هجمات ضد الامريكيين والاسرائيليين بالجنون. ہ ہ ہ الذين راهنوا علي موت الشارع العربي يجب أن يعيدوا حساباتهم، لأن هذا الشارع لم يعد يتحرك وفق الأطر التقليدية السابقة، أي تنظيم مظاهرات يفرقها رجال الأمن بإطلاق النار أو الكلاب البوليسية عليها. وإنما من خلال تنفيذ هجمات تحرج الدولة، وتتحدي أجهزتها القمعية، وتصيب اقتصادها في مقتل من خلال زعزعة استقرارها الأمني، وهنا تكمن نقطة التحول الرئيسية.

الشارع العربي بدأ يذهب إلي أمريكا في عقر دارها، وعقر دار الأنظمة الحليفة لها، فالذين نفذوا هجمات ايلول (سبتمبر) في نيويورك وواشنطن هم من أبناء الشارع العربي، والذين يهاجمون الجنود والرعايا الأمريكان هم من زبدة الزبدة في الشارع العربي ايضا.

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 25 نوفمبر 2002)

إرهاصات الاحتجاج في العالم العربي ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد

بقلم: فهمي هويدي

لا يحتاج المرء لكي يكون عضوا بتنظيم القاعدة حتى يضيق صدرا بالسياسة الاميركية في المنطقة، ويعبر عن سخطه عليها ورفضه لها، فقد اصبح ذلك الضيق حالة عامة أصبح يعبر بها كل على طريقته، لذلك لم يكن غريبا ان يتبنى أكثر من مائتي عالم ومثقف عربي ومسلم ذلك البيان الذي نشرت نصه صحيفة «الحياة» في 21 نوفمبر الحالي، والذي أثار قضايا عدة كان من بينها الاحتجاج على السياسات الأميركية، خصوصا اصرارها على ضرب العراق،

كذلك لم يكن غريبا أن تقع في وقت متزامن مع البيان حوادث عنف مسلح متفرقة موجهة ضد الأميركيين في خمس من دول المنطقة، وقد شاءت المقادير ان تتردد تلك الاحتجاجات فيما بدأت أجهزة الدعاية الأميركية في نشر اعلانات بالصحف الصادرة باللغة العربية لتحسين الصورة الأميركية لدى المواطن العربي، وهي الاعلانات التي ركزت على المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، وكيف يتمتعون بحرياتهم حين استقروا هناك، وكيف أصبحوا يعيشون مع أسرهم حياة مستقرة ورغدة، من دون منغصات من أي نوع.

لست أشك في أن التزامن بين هذه الأمور هو مجرد مصادفة، كما انني لا أشك في أن بيان العلماء والمثقفين لا صلة له بحوادث العنف التي وقعت في الأقطار العربية المشار إليها، مع ذلك فبوسعنا أن نقول ان القاسم المشترك بين ما عبر به الجميع هو عدم الرضى عن السياسات الأميركية، وقد اختار كل أن يجهر بموقفه على النحو الذي يتناسب مع موقعه وعقليته، فقد جاء بيان العلماء والمثقفين رصينا وشاملا ومعبرا عن قدر عال من الوعي والمسؤولية وبعد النظر، الأمر الذي دعاهم لان يتوجهوا بالنصح الى الكافة، وفي المقدمة منهم الحكومات والشعوب ونخبة الأمة من العلماء والدعاة والمفكرين، والى محبي العدل وأنصار السلام في كل مكان، من ثم فان البيان جاء بمثابة دعوة شاملة الى الاصلاح كان الموضوع الأميركي والعدوان على العراق أحد عناوينها، وان كنت لا استبعد أن يكون ذلك الموضوع هو الذي حرك فكرة اصدار البيان.

أما الحوادث التي وقعت في بعض الأقطار الخليجية فضلا عن الاردن ولبنان، فهي ليست أكثر من تجليات انفعالية نقلت رسالة الرفض والسخط، ولم يتضح بعد ما اذا كانت من فعل أشخاص أم من تدبير جماعات، كما ليس معروفا بالضبط ما اذا كانت هناك علاقات بين الفاعلين في كل أو بعض تلك الحوادث أم لا.

وأخشى ما أخشاه أن نخطيء في قراءة تلك الحوادث، وأن نكتفي باثارة الشبهات حول انتمائهم الى تنظيم القاعدة، فننصرف عن ادراك الحقيقة الكبيرة المتمثلة في عدم الرضى عن السلوك أو الوجود الأميركي، وليس ذلك غريبا حيث ثمة نهج شائع في التعامل مع الظواهر الاجتماعية والسياسية يعول على علاج النتائج من دون الأسباب، الأمر الذي عادة ما يترتب عليه ان تجدد الظواهر أو استفحالها في بعض الأحيان.

صحيح ان الأميركيين طرحوا السؤال الكبير «لماذا» بعد الذي جرى في 11 سبتمبر، حيث فوجئوا باستهدافهم على النحو الذي عرف، لكن المشكلة انهم ألقوا بالسؤال الصحيح وتمسكوا بالاجابة الغلط، ولا أعرف كيف صدقوا انهم استهدفوا وان هناك من يكرههم في منطقتنا، لمجرد انهم ديمقراطيون ويتمتعون بدرجة عالية من الوفرة أو لأن العرب والمسلمين يكرهون ذوي البشرة البيضاء والعيون الخضراء، ولا استبعد أن يكون من بين الأميركيين من يعرف الاجابة الصحيحة، لكنه لم يتردد في التدليس والكذب، انطلاقا من حسابات مصلحية ضيقة أريد بها استبعاد مسؤولية السياسة الخارجية عن إذكاء مشاعر الرفض أو العداء للولايات المتحدة.

يحضرني هنا تقرير نشرته إحدى الصحف العربية في 7 نوفمبر لمراسلها في العاصمة الماليزية كوالالمبور، بمناسبة بدء تشغيل محطة تلفزيونية أميركية خصصت لمخاطبة مسلمي جنوب شرق آسيا، وحرصت على أن تبث الأفلام التسجيلية التي تحدثت عن سعادة المهاجرين المسلمين بحياتهم وحرياتهم داخل الولايات المتحدة، إذ نقل المراسل على لسان رئيس رابطة العلماء الماليزيين، غني شمس الدين، قوله ان الولايات المتحدة تنفق ملايين الدولارات لتغيير الرأي العام المعارض لها في العالم الاسلامي، ولكن هذا الذي تفعله لن يفيد ولن يغير من الأمر شيئا، كما نقل عن أحد قادة حزب الرابطة الوطنية الماليزية المتحدة الذي يتزعمه رئيس الوزراء الدكتور محاضر محمد، قوله: المسألة ليست كيف تعامل الولايات المتحدة مسلميها، المسألة هي مجمل سياسة الادارة الأميركية تجاه العالم الاسلامي.

مثل هذه الأجوبة التي يعرفها أي مواطن عادي في العالم الاسلامي، استعصى ادراكها على المسؤولين في البيت الأبيض وجرى اخفاؤها عليهم، حتى ظل الخطاب الأميركي أسير التشخيص المغلوط، ومن ثم أصبح عاجزا عن أن يتعرف على الأسباب الحقيقية لتضرر العرب والمسلمين من السياسة الأميركية، الأمر الذي ترتب عليه ان ظلت مشاعر النفور كما هي، لم تتراجع بوصة واحدة.

ان ثمة كلاما يتداوله البعض في الولايات المتحدة عن أحلام الامبراطورية الأميركية، واعادة رسم خريطة منطقة الشرق الاوسط على الهوى الأميركي، بعدما رسمت بعد «سايكس بيكو» على الهوى الأوروبي، البريطاني والفرنسي، وهناك تصور شائع مفاده ان المنطقة العربية هي البقعة الرخوة التي يمكن لأصحاب القوة أن يستعرضوا فيها عضلاتهم، وان ينفذوا مخططاتهم وهم مطمئنون الى سكون الناس وامتثالهم لمن غلب، الى غير ذلك من المقولات التي تنطلق من غرور القوة والجهل المطبق بالمنطقة حاضرا وجغرافيا وتاريخيا.

لقد اصبح الإرهاب يشكل الهاجس الرئيسي والشاغل الأوحد للسياسة الأميركية، الأمر الذي دفع المخططين في الادارة الأميركية الى إعادة النظر في السياسات والاستراتيجيات الدفاعية التي استقرت لديهم منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومن ثم أعلنتها الولايات المتحدة حربا مفتوحة ضد مجهول صور بحسبانه ماردا جبارا تنتشر أذرعه في مختلف أرجاء الكرة الأرضية، رصدت لها مليارات الدولارات كما جندت عشرات الألوف من البشر، وكانت افغانستان هي المحطة الأولى التي اختبرت فيها الولايات المتحدة قدرتها على التصدي للإرهاب، ثم جاءت النتائج بعد عام لكي تعلن ان الكثير من الأحلام التي راودت القيادة الأميركية تبخرت ولم يتحقق منها شيء، حيث لاتزال افغانستان مرشحة للانفجار في أي وقت، فضلا عن ان القوات الأميركية هناك تتعرض للهجوم طول الوقت.

اننا نلمح في المشهد الراهن مجموعة من المؤشرات ذات الدلالة في مقدمتها ما يلي: ـ ان الحملة على الإرهاب الدولي لم تحقق المراد منها بعد مضي أكثر من عام على اطلاق شرارتها في افغانستان، من ثم فان العمليات الإرهابية مرشحة للوقوع في كل وقت وفي أي مكان. ـ ان الإرهاب ليس تنظيم القاعدة فحسب، لكنه يتواجد كلما توافرت الظروف الملائمة لافرازه، وأهون أنواع الإرهاب هو ذلك الذي يصدر عن تنظيمات، لان أي تنظيم يمكن العثور على أول له وآخر، ولكن أخطره هو الذي ينشأ عن المبادرات الشخصية، التي لا يعرف متى وممن يمكن أن تصدر عن أي انسان وذلك النزوع الى الإرهاب من جانب الأفراد يتحقق حين تتسع دائرة البغض أو النفور أو اليأس، بحيث تصل الى أفراد لا علاقة لهم بأي تنظيمات، وتدفعهم الى السلوك الإرهابي بما تطوله أيديهم من أدوات وأساليب. ـ ان السلوك الأميركي في العالمين العربي والاسلامي يشيع تلك الحالة التي يمكن ان تدفع الأفراد الى القيام بعمليات إرهابية، من دون أن يكونوا مرتبطين بأي تنظيم، وسيكون من الخفة والتبسيط ان يصنف كل عمل إرهابي بحسبانه صادرا عن عناصر القاعدة، لان الاحالة الى القاعدة ستكون من السهولة بمكان، وستعفي صاحب القرار من التساؤل عن دوافع الأشخاص الى كراهية الأميركيين أو تهديد مصالحهم. ـ ان أصوات الاحتجاج التي صدرت عن العلماء والمفكرين، والحوادث المتفرقة التي وقعت في بعض الدول العربية ينبغي ان تؤخذ على محمل الجد، وان ترصد بحسبانها ارهاصات لما هو آت، الذي قد يكون أعلا صوتا وأكثر حدة أو أعنف في الفعل والاشتباك. ـ ان المنطقة مرشحة لحالة من الاضطراب والفوضى التي لا تعرف حدودها، اذا وقع الاعتداء على العراق، بل ازعم ان تلك الفوضى يمكن ان تضرب أطنابها في أنحاء العالم الاسلامي، وما حدث في بالي أو في باكستان مرشح للتكرار في أقطار أخرى.

ان سحبا قاتمة وكثيفة من تلك التي تتجمع في الأفق لا تقودها اعلانات مدفوعة الأجر تحاول اقناعنا بأن مسلمي الولايات المتحدة بخير وأمان، وما داموا كذلك فعلينا أن نطمئن الى ان الاسلام والمسلمين في كل مكان بخير وعافية. هل يعد ذلك من قبيل العبط أم الاستعباط؟

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 25 نوفمبر 2002)

“We want to prove that a Muslim identity can be democratic, can be transparent”

Abdullah Gul, Turkish PM

Can Islamists Run a Democracy?

By DEXTER FILKINS ISTANBUL — THE symbolism was striking: After the landslide victory of Turkey’s main Islamic-based party in elections this month, the first thing its soon-to-be prime minister did was swear to defend Turkey’s secular state. The next thing he did was declare his group an example for the entire Islamic world. And the leader of his party, who was once jailed for his doctrinaire beliefs, was off to Brussels to press the case for Turkey’s inclusion in the European Union. “We want to prove that a Muslim identity can be democratic, can be transparent and can be compatible with the modern world,” said the prime minister, Abdullah Gul, of the Justice and Development Party after taking the oath of office. “We will prove this. This will be a good gift to world peace, in fact.” To appreciate the significance of these events, consider the elections in Pakistan the month before. Pakistan is an Islamic republic that retains a secular legal system. Until recently, most voters never paid much heed to the mullahs who wanted to run the country. Then the Islamic parties won an unprecedented number of seats in Parliament. One leader, Qasi Hussein Ahmed, was a vocal supporter of the Taliban. He has spoken of imposing sharia, or Islamic law, on Pakistan. And some leaders of the religious parties mince no words about scorning democracy. Together, these parties in Turkey and Pakistan illustrate the fundamental philosophical rift in the Islamic world’s response to the West. One camp advocates coming to terms with the modern world and adapting Islam so the two can coexist. That usually means imposing some separation between state and religion, where, in theory, Islam does not — for example by providing a basis for Iranian and Saudi officials to treat men and women differently as matters of Islamic law. “The Koran is inadequate as a basis for legislation,” said Nilufer Narli, a professor of sociology at Bogazici University in Istanbul. “There are too many places where it would conflict with the civil law.” The other Islamic camp preaches rejection. Modernity is a trap, the mullahs intone, and the Islamic world is best served by returning to the religion’s purist roots. Bring back the veil. Smash the television. Whether an Islamic political movement can preside over a democratic government is still an open question. Across the Islamic world, the clash of the two has produced one upheaval after another: civil war in Algeria, an authoritarian government under constant pressure from Islamist terror in Egypt, theocracy in Saudi Arabia. Iran’s 20-year-old theocracy is divided between a reformist, elected president and his authoritarian, doctrinaire rivals. In such tumult, the success or failure of Turkey’s new Islamic leaders could have lasting resonance in the wider Islamic world. The victory in Turkey of a political party with Islamist roots has been widely interpreted as a turning point for the Turkish republic, which was founded 79 years ago on strictly secular lines and is often held out as the place in the Muslim world where democracy has put down the deepest roots. With Turkey in a deep recession, Mr. Gul and his party came to power less because of their Islamic agenda than because of their economic one, and his promise to push the question of joining the European Union drew wide appeal. Mr. Gul and his comrades also capitalized on broad dissatisfaction with Turkey’s political establishment, and on the expectation that these pious men would be more honest than the ones they would replace. Islamic movements from Algeria to Egypt to Afghanistan have often fed on the resentment of corrupt secular leaders. The challenge for Mr. Gul and his party’s leader, Recep Tayyip Erdogan, will be to prove it can face Turkey’s problems while respecting democratic values. “These guys understand that if they want to have a society that is more oriented toward religion, then they are only going to get that through the democratic system,” said Ilter Turan, a professor of politics at Bilgi University in Istanbul. There are reasons to be skeptical. Mr. Erdogan, the party leader and a likely prime minister in the future, once espoused hardline Islamist views: he celebrated the concept of sharia, expressed disdain for democracy and pushed a muscular brand of Islam. Given Turkey’s political history, the chip on his shoulder was perhaps understandable. The Turkish republic’s founder, Kemal Ataturk, did everything he could to shackle the religion and drain it of its mystery — even shifting the weekly day of rest from Friday to Sunday. As a result, much of the past 50 years has been marked by a tug of war between those who wanted to restore Islam’s place in society and the guardians of the secular state, notably the military. Almost always, the secularists won. These days, Mr. Erdogan’s old edge seems to have worn away. Visiting with Italy’s prime minister, Silvio Berlusconi, he even broke his Ramadan fast to have lunch. What has happened? One theory is that he learned his lesson when he served four months in prison in 1999 for reading a poem that was regarded as inflammatory of religious hatred. But the real turning point may have come five years ago, when Turkey’s first experiment in an Islamic-minded government ended in disaster. In 1997, having won barely 20 percent of the vote, an Islamist politician named Necmettin Erbakan set a sharply Islamic tone for his coalition government. His first state trips included visits to Iran and Libya. He spoke of leading a worldwide alliance of Islamic countries. After a year, the military forced him from office. His party was banned, and eventually reformers who included Mr. Gul and the changed Mr. Erbogan formed the Justice and Development Party. Many political analysts here say that these leaders learned from the 1997 events that they could not fundamentally change the Turkish republic and that trying to do so would be suicidal. “We learned mainly that we have to be very careful,” said Murat Mercan, deputy chairman of the Justice and Development Party, “and that this country is not based on only one single force, on one single power. We have to balance all the powers in the country.” That, it seems, is the challenge not just for the new leaders of Turkey, but for religious-minded leaders across the Islamic world.

(Source: THE NEW YORK TIMES November 24, 2002 )

رمضــانــيــات…

حرم السفير التونسي لصحيفة الإتحاد الإماراتية: أنا مغرمة بالطهو

حوار: نسرين دَرَزي ما أن خطونا الخطوات الأولى في الحديقة الخلفية المؤدية إلى منزل سعادة علي العيداوي سفير الجمهورية التونسية لدى الدولة، حتى شعرنا أننا في ديار تونسية· روح المكان كانت عابقة بتفاصيل من التراث التونسي· الأقفاص الحديدية، المشاتل الكثيفة والطلاء الأبيض في كل مكان· حتى التحية تلقيناها باللهجة التونسية من حرم السفير السيدة عروسية اللفاني التي لم تبخل علينا بكل ما تعرفه عن عادات بلادها في رمضان·

 طلبنا منها أن تحضِّر لنا طبقا شعبيا، فابتسمت وقالت: هذا يسعدني فأنا مغرومة بالطهي وأمضي معظم أوقاتي في المطبخ· علّمَتنا كيف نعد الكسكسي والطاجين، وغصنا معها في تفاصيل المسفوف المعقد والذي يطلبه السفير يوميا على السحور· وعرفنا منها سر التوابل التونسية ولغز السلطة المشوية! لها أربع بنات هن، حنان، ايمان، ألفة ومريم وولد اسمه باديس· سمعناها تكلمهم بالعربية مع انهم تعودوا على الفرنسية·

_ ماذا تتذكرين من طفولتك بتونس خلال شهر رمضان؟

ذكريات جميلة جدا· كنت في صغري ما أن أنتهي من الإفطار بعد يوم صيام طويل، حتى أخرج للعب مع أخواتي في الحي حيث يجتمع معنا أولاد الجيران· نتبادل الحلوى ونشعل الفوشيكوهي المفرقعات النارية· أذكر أجواء رمضان في هذا المكان وكأنني أراها الآن· في الشتاء يحين موعد الإفطار عند الخامسة، وفي الصيف يتأخر إلى السابعة والنصف أو أكثر بدقائق· بيتنا في شارع نهج الباشا في العاصمة تونس، وهي منطقة فخمة جدا تبدو بيوتها التراثية في غاية الجمال وهي مضاءة بفوانيس رمضان· أبي لم يكن يجلس معنا على مائدة الإفطار بل عند السحور· فهو صاحب مقهى وعمله يبدأ من المغرب وحتى آخر الليل· كانت أمي تحضر له طعامه يأخذه معه في كيس كبير·

البريك _ كل بلد يتميز بعادات خاصة في شهر رمضان، ماذا عن تونس؟

لرمضان في تونس إحساس خاص· الجميع يعد للمناسبة منذ بداية شهر رجب ومن بعده شعبان· يحضِّرون المؤن والحلويات، ويشترون ثياب العيد وألعاب الأطفال· المحلات تغلق أبوابها صباحا وتفتح مساء· ولا أحد يجرؤ خلال الشهر الفضيل على أن يضع لقمة في فمه أمام الصائمين حتى من اضطر الى الإفطار لعذر أو لمرض· ومن يخالف الأمر يعتبر منبوذا لأنه ارتكب عيبا كبيرا· والشيء الجميل أن التونسيين يحرصون على صون ألسنتهم في هذه الأشهر الثلاثة ويبتعدون نهائيا عن المحرمات مرددين عبارة حاشى الأشهر الفضيلة· أما المساجد فتمتلئ بالمصلين أكثر من أي وقت آخر في السنة·

_ كيف تستعدون لمائدة رمضان؟

نبدأ من الصباح الباكر في إعداد المأكولات لأن الطعام التونسي صعب ويحتاج إلى الكثير من الوقت· الجيل القديم من النساء يحضرن الخبز بأنفسهن في البيوت، ولكن الجيل الجديد يستسهل شراءه من المخابز التي باتت توفر مختلف الأنواع الشهية· ومن الأولويات في رمضان تحضير البريك أو ما يعرف بالسمبوسة، وهي مطلوبة يوميا على مائدة الإفطار مع شوربة الفريك بالبرغل والقمح الأبيض أو الأسمر· العرب والأجانب يرغبون في تناول البريك ويستفسرون عن طريقة إعدادها·

_ وهل لنا أن نستفسر بدورنا عن مكونات البريك؟

تحشى العجينة بـالمعدنوس أي البقدونس والجبن واللحم أو بالتونة والجبن ويضاف البيض إلى الطريقتين· وبعد لف العجينة نقليها بزيت الزيتون· تقدم في رمضان إما مع الكسكسي أو المعكرونة، وهما الطبقان الأساسيان في المطبخ التونسي· وقد قدما إلينا عبر التاريخ من الإيطاليين والرومان· كسكسي بالـ كيسكاسي _ بماذا يختلف طبق الكسكسي التونسي عن المغربي أو الجزائري؟

نحن نحضر الكسكسي بمعجون الطماطم· نقلي البصل والطماطم بزيت الزيتون مع الحمص المسلوق ولحم الخروف· نرش الهريسة الحارة وهي نوع من الفلفل الخشن بالإضافة الى التوابل المشكلة· نضيف إليها الماء ونتركها تغلي حتى تتحول الى صلصة متماسكة· عندها نضع أصناف الخضراوات المتوفرة في البيت مثل الكوسة والبطاطا وسواها· نبدأ بطهي الكسكسي وهو يحتاج الى الدقة والانتباه· حبوب الكسكسي متوفرة الآن في الأسواق وبات من النادر تحضيرها في البيت· نفرده في الكيسكاسي أي القدر باللهجة التونسية، وننثر فوقه القليل من الماء ونضعه على النار· عندما ينبت قليلا نعيد وضعه في الماء لينضج أكثر· بعدها نصفيه ونفرغه في وعاء واسع مع القليل من زيت الزيتون ونحاول تفريق الحبوب عن بعضها بواسطة اليد· وأخيرا نتركه يطهى جيدا على البخار حيث نضعه فوق مقفول فيه ماء تغلي· ونزيد إليه المياه بحسب النظر· والمقفول هو قدر تونسي· عند التقديم يتم تشريب الكسكسي بالصلصة وعليها قطع اللحم·

_ تشتهرون في تونس بالتوابل التي تعدها سيدة البيت بنفسها· ما هي مراحل هذه العملية؟

مع بداية الصيف من كل سنة تبدأ النساء بتجفيف الحبوب وعرضها تحت أشعة الشمس تمهيدا لطحنها في المحمصة، وبعد ذلك يتم خلطها بحسب استعمالها· وهي عبارة عن مزيج من الثوم والفلفل والكمون والكراوية والبسباس أي الكزبرة وحبوب كثيرة أخرى· هذه التوابل لا يخلو بيت منها في شهر رمضان لأنها أساسية في عملية الطهي وتشكل جزءا مهما من المؤونة· حتى الفقراء من التونسيين تحل عليهم البركة مع حلول هذا الشهر الكريم ويأتيهم الرزق والمساعدات من اجل توفير احتياجات البيت·

_ التونسيِّون يكثرون من استعمال زيت الزيتون خصوصا في طبق الطاجين، فكيف تحضرونه؟

نعم للأسف لدينا عادة مضرة صحيا وهي ضرورة الإكثار من زيت الزيتون في الطهي إكراما للضيوف· ولكن الجيل الجديد أكثر وعيا من الأجيال السابقة وبدأ يتنبه لخطورة الزيوت على جسم الإنسان· ولتحضير الطاجين نقلي بزيت الزيتون اللحم أو الدجاج المقطع قطعا صغيرة ثم نضعه في صينية واسعة ونبرش فوقه الجبن المتوفر في البيت مع البيض والبهارات· ندخل الطاجين الى الفرن وعندما يحمر وجهه نقطعه كالحلوى مع أنه أكلة مالحة·

السفير يطلبها يوميا _ يقال إن حلوى المسفوف من أصعب الأطباق التونسية· هل تحضرينه بنفسك؟

تهز بيدها للدلالة على صعوبة إعداد هذا الطبق الشعبي· وتضحك قائلة: انه أصعب بكثير من الكسكسي وهو الطبق الأشهى بالنسبة للسفير خصوصا عند السحور· ومع أن طهيه على النار يستغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة إلا أنني أحضره يوميا في منتصف الليل· وأمري الى الله· نلوِّح السميد مع زيت الزيتون والملح على البخار· تتم عملية الطهي فوق مقفول يغلي· نرش فوقه الماء، ثم نرفعه عن النار ونحركه جيدا· نعيد هذه العملية ثلاث أو أربع مرات إلى أن تنضج حبة السميد· عندها نضع السميد في وعاء التقديم ونوزع فوقه الزبدة أو السمن أو زيت الزيتون، مع المكسرات والزبيب· يضاف إليه السكر والحليب بحسب الرغبة·

_ هل صحيح أنكم تقدمون السلطة مشوية؟

إنها سلطة شهية جدا وتفتح الشهية على الأكل، لكن ليس من الضروري إعدادها يوميا لأن تحضيرها يحتاج الى الوقت· نجهز كانون الفحم على أن تكون ناره مشتعلة جيدا· نشوي عليه الفلفل الأخضر والبصل والثوم والطماطم· بعد تنظيفها نطحنها طحنا متوسطا· نعصر لها القليل من الحامض ونرش عليها البهارات والشايح وهو النعناع اليابس· وأخيرا نزينها بالبيض المسلوق وسمك التونة والزيتون والفلفل الأخضر·

_ يبدو أن البيض يدخل في معظم مأكولاتكم مع أن الإكثار منه مضر بالصحة· هل يشترَط إضافته الى الأكل؟

نعم إن البيض أساسي مع أكثر الوجبات خصوصا في شهر رمضان· والحكومة تخزن منه كميات كبيرة قبل حلول الشهر المبارك لان التونسيين يستهلكون البيض بكثرة ولا سيما عند السحور· ولكننا نعوِّض هذا الأمر بالفائدة الكبيرة الموجودة في الكسكسي وهذا بحسب الدراسات العلمية التي أثبتت انه من الصحي جيدا تناول الكسكسي، على الأقل مرة واحدة في الأسبوع· الأمر الذي دفع بالفرنسيين الى إدخاله في مطبخهم·

_ أن تكوني امرأة سفير يعني الكثير من الاكتفاء المعنوي والاجتماعي، هل من مصاعب تواجهك ولا يعرفها الناس؟

الحياة الديبلوماسية عموما فيها الكثير من الإيجابيات والبرستيج، كالسفر إلى بلدان كثيرة والتعرف إلى شخصيات سياسية واجتماعية بارزة· ولكن كثرة الترحال تجعل الشخص مترقبا باستمرار ويخشى من المجهول· وليس من السهل التنقل من حياة إلى أخرى لأن الأمر يحتاج إلى إعادة تأقلم·

(المصدر: صحيفة الإتحاد الإماراتية الصادرة يوم 24 نوفمبر 2002)