TUNISNEWS
5 ème année, N° 1670 du 15.12.2004
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بيان بمناسبة إحياء الذكرى السادسة و الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
نقابة الصحفيين التونسين: بيان اعلاميقدس برس: منظمة « هود » تنتقد اعتقال المخابرات اليمنية تونسيا منذ أكثر من شهرين وتستنكر صمت السفارة التونسية عن اعتقاله الشرق الأوسط: ناشط إسلامي مصري يقاضي الحكومة التونسية لمنعه من دخول أراضيها لحضور مؤتمر هندسي
الاستـاذ فيصل الزمنـى: من أجل رفع الحضر عن الخبز للمحـامين
صوت الشعب: مهزلة 24 أكتوبر تعمق أزمة شرعية النظامصوت الشعب: شهـــادة – الهاتف الجوال والجريمة البشعة بإمضاء 11 « عون أمن » سهام بن سدرين: بعد الانتخابات العامة في تونس – كل الطرق تؤدي إلى بن عليالهادي بريك: مائة مصباح من مشكاة النبــوة الحلقة السادسة عشرة عبد اللطيف الفراتي: التصحر الديموغرافي
توفيق المديني: منتدى المستقبل بين « جلب الديمقراطية » و إستراتيجية الهيمنة د. أحمد القديدي: الشعوب العربية ليست قبائل ماو ماو د. رفيق عبد السلام: مستقبل عراق ما بعد الانتخابات: اتساع الفتق على الراتق فهمي هويدي:أين قدرة العرب على الاحتجاج والغضب ..؟
Interdiction par les autorités de la tenue de l’assemblée générale du CNLT: Communiqué communHuman Rights Watch: Tunisie – la police recourt à la force pour empêcher la tenue d’une réunion sur les droits humains IFEX: Tunisia: IFEX members call attention to human rights abusesAFP: Sécurité en Méditerranée: le ministre espagnol de la Défense à Tunis ATS: Les ministres de l’AELE se rencontrent vendredi à Genève Signature d’un accord de libre-échange avec la Tunisie AFP: Tunisie – Le gouvernement prévoit une croissance de 5,8% en 2004 AFP: Economies d’énergie: don de 8,5 M USD de la Banque mondiale à la Tunisie AFP: Textile/quotas: une manne pour les consommateurs et les distributeurs AFP: Des « Translittéraires » réunissent artistes et intellectuels français à Tunis Fides: Grande exposition à Tunis sur l’Evêque d’Hippone ZENIT: Entretien avec le vicaire général du diocèse de Tunis JA/L’Intelligent : Démocratie – Triple victoire subsaharienne Le Monde: Le Maroc s’efforce de tourner la page des « années de plomb » JA/L’Intelligent: Tunisie – Ambitions subsahariennes JA/L’Intelligent: Fallouja, vraie ou fausse victoire ?JA/L’Intelligent: Pourquoi les Irakiens rejettent leur gouvernement
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
Communiqué commun
ce samedi, 11 decembre 2004, les autorités tunisiennes ont interdit la tenue d’une Assemblée Générale du Conseil National pour les Libertés en Tunisie, association non reconnue qui a fêté la veille le sixième anniversaire de sa création.
d’importantes forces de police ont encerclé le siège de l’association et empéché ses membres d’y accéder, bousculant les uns et agressant violamment d’autres..Ces évenements surviennent à quelques heures de la célébration officielle et en grandes pompes de l’anniversaire de la Déclaration universelle des droits de l’homme.
Les partis signataires du présent communiqué observent que des mesures similaires ont été prises deux semaines auparavant, le dimanche 28 novembre 2004 pour empêcher la tenue d’une conférence organisée par une association reconnue, la Ligue Tunisienne pour la Défense des Droits de l’Homme, dans la ville de Kairouan qui fût, l’espace d’une journée, interdite d’accès aux personnalités invitées. Ils condamnent l’utilisation de la force publique et de la violence gratuite contre le droit de réunion et d’association. Ils considèrent que cette attitude confirme l’entêtement du pouvoir à poursuivre sa politique de verrouillage de la vie politique et associative, confisquant les droits élémentaires et les libertés fondamentales tout en clamant son « attachement à ces droits et libertés »
Devant la répétition et la gravité des faits, les partis signataires appellent tous les démocrates à se mobiliser pour défendre leurs droits élémentaires d’organisation, de réunion et d’expression et mettre un terme au pluralisme de façade entretenu par le pouvoir.
Tunis, le 12 décembre 2004,
Abderraouf Elayadi , vice président, pour le Congrès Pour laRépublique,
Mustapha Benjaâfar, secrétaire général, pour le Forum Démocratique pour le Travail et les Libertés,
Néjib Echchabbi, secrétaire général, pour le Parti Démocratique Progressiste,
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
بيان بمناسبة إحياء الذكرى السادسة و الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
تحيي الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين الذكرى السادسة و الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان و لازالت بلادنا ترزح تحت نير ظاهرة الاضطهاد السياسي المقيتة و لا يزال أبناؤها يحاكمون من أجل آرائهم و التعبير عن قناعاتهم و لا يزال التعبير عن الرأي المخالف سببا للتنكيل بكل من يعارض السلطة و موجبا لمصادرة كل حرياته الاقتصادية و الاجتماعية فضلا عن السياسية حتى أصبح الانخراط في العمل من أجل الشأن العام من خارج منظور السلطة تضحية جسيمة تعرض صاحبها لمختلف أصناف التنكيل و الإقصاء و الاضطهاد الذي يتعدى شخصه ليشمل كل من له علاقة به أو يظهر تعاطفه معه و تجاوز هذا القهر و التهميش و الإقصاء الذي يتعرض له المعارضون الحالة الظرفية الطارئة ليتحول إلى سياسة منهجية قارة متواصلة لا تترك طريقا للإعتساف أو مناسبة للتنكيل إلا و سلكتها لمزيد إضعاف وضعية قاسية لمناضلين لا غرض لهم غير فتح باب الإصلاح في بلادهم و لا هدف لهم إلا تيسير سبل الكرامة و الحرية و المساواة لمجتمعهم
.
و تذكر الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بهذه المناسبة بالمعطيات التالية:
أولا – تواصل اعتقال المئات من المساجين السياسيين المنتسبين في أغلبهم لحزب النهضة منذ أكثر من
12 سنة بموجب أحكام جائرة و قاسية أجمعت المنضمات الحقوقية الوطنية و الدولية على بطلانها و لعدم توفرأدنى مقتضيات المحاكمة العادلة بشأنها فضلا عن صدور أغلبها عن محاكم استثنائية. و يتواصل هذا الاحتجاز في ظروف قاسية و غير إنسانية و يحتجز العديد منهم في عزلة كاملة تفصلهم عن كل اتصال بالعالم الخارجي في سجن انفرادي يدمر توازنهم النفسي و الذهني خرقا لكل القوانين و العهود الدولية و هي مأساة لا تضاهيها سوى المأساة التي تعيشها عائلاتهم و يعاني منها أبناؤهم منذ أن اتبعت السلطة منهج تجريم مجرد التضامن معهم و مد يد العون لهم.
ثانيا – تواصل حرمان الآلاف ممن غادروا السجن بعد إنهاء عقوبتهم أو ممن وقع تسريحهم من التمتع بحقوقهم الاجتماعية و الاقتصادية بما فيها الحق في العمل و التعليم فضلا عن التضييق عليهم في التنقل و الحركة و حرمانهم من جوازات السفر بينما يحرم بعضهم من مجرد الحصول على بطاقة هوية بما يشطب وجودهم كذوات مدنية في مجتمعهم و قد تحولت الأحكام التكميلية القاضية باخضاع أغلبهم للمراقبة الإدارية إلى سند لوضع الكثير منهم في إقامة جبرية غير قانونية.
ثالثا –
تواصل الغربة القسرية بالنسبة للألاف من المهجرين ممن وقعت ملاحقتهم من أجل أرائهم أو من أجل انتمائهم لحزب النهضة و يتواصل بذلك حرمانهم من حقهم في العودة الى وطنهم بسبب التهديد الذي تشكله الأحكام الجائرة التي صدرت ضدهم في غيابهم أو بسبب تعرضهم للايقاف و التتبعات .
إن بلادنا تعيش أوضاعا غير عادية تحرم خيرة أبنائها من حقهم في الانخراط في العمل من أجلها و من التعبير عن رأيهم في أحسن السبل لإصلاح أوضاعها و تكمم نخبها و ترهب ما تزخر به من طاقات و تشل مقدراتها و تغلق أبواب الأمل في وجه أجيالها الصاعدة بما لم يبق معه مجال للتهاون و الصمت للمطالبة :
1– بوضع حد لمعاناة المئات من المساجين السياسين و ذلك باطلاق سراحهم.
2– السماح للآلاف من المهجرين الذين غادروا بلادهم خشية ملاحقتهم بسبب أرائهم أو انتمائهم السياسي بالعودة الى بلادهم دون أي تتبع او تضييق .
3– الاقدام على مبادرة سياسية جريئة ترجع الحقوق لأصحابها و ذلك باصدار عفو تشريعي عام .
تونس في
11 ديسمبر 2004
عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
الرئيس: الأستاذ محمد النوري
منظمة « هود » تنتقد اعتقال المخابرات اليمنية تونسيا
منذ أكثر من شهرين وتستنكر صمت السفارة التونسية عن اعتقاله
الأربعاء 15 كانون أول (ديسمبر) 2004 (51 : 12 ت غ)
صنعاء – خدمة قدس برس
كشفت هيئة يمنية تعنى بحقوق الإنسان عن قيام جهاز الاستخبارات (الأمن السياسي) باعتقال مواطن تونسي الجنسية، منذ نحو شهرين، خارج إطار المشروعية الدستورية والقانونية، منتقدة السفارة التونسية بصنعاء لعدم تدخلها لدى السلطات اليمنية، لإطلاق سراح مواطنها.
وجاء في رسالة وجهتها اللجنة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) إلى اللواء الركن غالب مطهر القمش، رئيس الجهاز المركزي للأمن السياسي، وتلقت وكالة « قدس برس » نسخة منها، أن حسن محمد الخليفي، ويحمل الجنسية التونسية، معتقل لدى جهاز الأمن السياسي بأمانة العاصمة منذ الحادي عشر من تشرين أول (أكتوبر) الماضي خارج إطار القانون والدستور.
واتهمت (هود) الأمن السياسي اليمني بالمخالفة الصريحة للمادة (48) من الدستور والمواد (3 و7 و11 و14 و15 و16) من قانون الإجراءات الجزائية، باعتقالها المواطن التونسي. وعبرت عن أملها في التوجيه بالإفراج عن المعتقل التونسي أو إحالته إلى القضاء إذا كان متهماً بارتكاب فعل مجرّم قانوناً.
وانتقدت المنظمة صمت وتجاهل السفارة التونسية إزاء استمرار اعتقال أحد رعاياها، وعدم التدخل لدى السلطات اليمنية للإفراج عنه، وهي المعنية برعاية مصالح مواطنيها في اليمن.
وجددت اللجنة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات مناشدتها للرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالإفراج عن الرهائن ردفان وعارف وأحمد علي سالم المدراي، وفضل علي منصور، المعتقلين بسجن الأمن السياسي بعدن منذ ما يزيد عن (19) شهراً.
وطالبت بمحاسبة كل من يقدم على ارتكاب مثل هذه التصرفات، والإفراج عن جميع المعتقلين خارج إطار المشروعية الدستورية والقانونية.
ناشط إسلامي مصري يقاضي الحكومة التونسية لمنعه من دخول أراضيها لحضور مؤتمر هندسي
القاهرة: «الشرق الأوسط»
طالب الناشط الاسلامي المصري الدكتور شريف أبو المجد استاذ العلوم الهندسية بكلية الهندسة جامعة حلوان، الحكومة التونسية بتعويضه بمبلغ مليون جنيه مصري بسبب منعه من دخول الاراضي التونسية لحضور «المؤتمر الهندسي الاستشاري العربي الثاني» الذي عقد بتونس أخيرا، وقيام السلطات التونسية بإعادته مرة أخرى للقاهرة، فضلا عن اهدار كرامته العلمية والأدبية على يد السلطات هناك في تونس.
واوضح د. ابو المجد المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين في دعواه القضائية ضد السفير التونسي بالقاهرة والتي قررت محكمة جنوب القاهرة نظرها يوم 8 الشهر المقبل انه تمت دعوته ليكون احد المتحدثين في المؤتمر، ومنحته السفارة التونسية بالقاهرة تأشيرة دخول. غير انه فوجئ عند وصوله للأراضي التونسية بمنعه من الدخول بعدما اتضح للسلطات التونسية انه على قائمة الممنوعين من الدخول.
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 15 ديسمبر 2004)
الرئيس الايطالي يُـكـرم (؟؟؟) الصحافة التونسية
سلم الرئيس الايطالي كارلو ازيغليو تشامبي خلال حفل انتظم أمس الاثنين بالقصر الرئاسي بروما وحضرته عديد الشخصيات السياسية والإعلامية الايطالية والأوروبية ومن بلدان أخرى مدير مجلة « الملاحظ » ابوبكر الصغير شهادة جائزة « سان فانسون » للصحافة ليكون بذلك أول عربي وإفريقي يحصل على مثل هذه الجائزة الدولية في مجال الصحافة.
ويعتبر هذا التكريم الدولي تقديرا للمكانة التي بلغتها الصحافة التونسية بفضل الانجازات والإجراءات الرائدة التي ما فتئ يتخذها الرئيس زين العابدين بن علي لفائدة قطاع الإعلام عموما والإعلاميين بشكل خاص .
(المصدر: موقع أخبار تونس الرسمي بتاريخ 14 ديسمبر 2004)
وزارة الثقافة التونسية تحتفل مع النصارى بعيد أحد [القديسين]
مفكرة الإسلام: تنظم وزارة الثقافة التونسية بالتعاون مع الكنسية الكاثوليكية احتفالاً في مدينة قرطاجة بما يعرف بعيد [سان أوجسطينوس] الذي ولد قبل ألف وستمائة عام والذي زعم أن إله النصارى إله واحد ذو [ثلاثة أقانيم] . وحسب شبكة زينيت تبرز الكنيسة الكاثوليكية التونسية تأثير فكر [أوجسطينوس] في نصارى شمال أفريقيا قبل هجرته إلى أوروبا. ويشارك في الاحتفال مندوبون عن منظمة [الآباء البيض] التنصيرية التي تقوم بأعمالها في القارة الأفريقية، كما يشارك مدراء المدارس الكاثوليكية المنتشرة في تونس والجزائر. ويشار إلى أن بعض الصحف الجزائرية المستقلة قد نشرت مؤخرًا تقارير حول انتشار العمليات التنصيرية التي تستهدف تحويل المسلمين عن دينهم بمنطقة القبائل التي يسكنها البربر بولايات تيزي وزو وبجاية والبويرة. وكان زعماء الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بالفاتيكان قد أعربوا عن سرورهم إزاء تطبيق الحكومة التونسية لمبدأ [الحريات الدينية] على نطاق واسع – على حد وصفهم-.
(المصدر: موقع « مفكرة الإسلام » بتاريخ 15 ديسمبر 2004)
وصلة الموضوع: http://www.islammemo.cc/news/one_news.asp?IDnews=52048
من المسؤول عن حذف العراق وفلسطين من كلمة المغنية لطيفة في قناة MBC الثانية؟
أدهم أسامة سكيك (*)
في تصرف غريب من نوعه، قامت قناة 2، القناة الثانية لتلفزيون mbcبحذف حديث الفنانة لطيفة التونسية عن فلسطين والعراق خلال تسلمها لجائزة الميوزيك آوردس، وذلك عندما عرضت الحفل علي شاشتها مساء الاثنين الثالث عشر من كانون الاول (ديسمبر) 2004، وكانت لطيفة قد قالت خلال الكلمة التي بثت كاملة خلال العرض الاول للحفل علي قناة مزيكا قبل شهر: وتبقي فرحتي غير مكتملة حتي تتحرر فلسطين والعراق، سائلة الله عز وجل ان يعم السلام والعدل ارجاء العالم، وشكرا . الامر الذي أثار اعجاب واشادة حتي الجمهور الامريكي الذي وقف آنذاك تحية للطيفة ولحسها الوطني الذي حملته معها من القاهرة الي لوس انجليس. وسؤالنا في هذا الموقف.. من المسؤول عن بتر العراق وفلسطين؟ وكيف يصدر مثل هذا البتر من قناة تابعة لقناة mbc المعروفة بمواقفها العربية المشرفة، والـmbc كانت اول قناة تعرض اغنية القدس للطيفة خلال حفل ألبرت هول عام 1997 واول قناة تذيع كليب القدس عام 2000، ما هو دور الفنان ان يغني ام يوصل رسالة من خلال فنه؟ وما هو المطلوب من القنوات الفضائية في هذا العصر؟ ان تدعم الفنان الحقيقي ام تصادر علي رأيه؟ كيف تذيع فقرات النجوم الامريكيين والاوروبيين كاملة، وحين تذاع فقرة الفنانة العربية التي تكلمت عن آلام وطنها يحذف كلامها؟ والسؤال الاكثر الحاحا هل هذا الرقيب يستعمل مقصا صناعة محلية ام مستوردا؟!
(*) الاردن ـ مؤسس موقع لطيفة أونلاين الرسمي
ليبيا تعلن سحب اموالها المجمدة في امريكا
طرابلس ـ يو بي آي: قالت وكالة الانباء الليبية الرسمية مساء امس ان الحكومة سحبت كل المبالغ التي كانت مجمدة بالولايات المتحدة. ونقلت الوكالة في خبر مقتضب عن مسؤول بمصرف ليبيا المركزي، لم تحدد هويته، قوله ان المصرف قد سحب كل المبالغ الليبية التي كانت مجمدة في امريكا، والتي بلغت قيمتها مع الأرباح التي حققتها طوال فترة التجميد مليارا تقريبا.
يذكر ان امريكا ألغت مؤخرا جميع اجراءات الحظر التي كانت تفرضها علي التعاملات المصرفية مع ليبيا وسمحت لشركاتها بالعودة للعمل في السوق الليبية واعادة علاقاتها الدبلوماسية علي مستوي مكتب اتصال في طرابلس، تمهيدا لاستئناف العلاقات السياسية.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 15 ديسمبر 2004)
HUMAN RIGHTS WATCH
Tunisie: la police recourt à la force pour empêcher la tenue d’une réunion sur les droits humains
Le gouvernement qualifie d’ ‘illégale’ la rencontre d’une association des droits humains
(Paris, le 14 décembre 2004) — La police tunisienne a recouru à la force pour empêcher une organisation des droits de l’homme de tenir son assemblée générale samedi, démontrant une nouvelle fois l’intolérance de l’Etat à l’égard des activités indépendantes dans le domaine des droits humains.
de http://hrw.org/french/docs/2004/12/14/tunisi9869.htm
© Copyright 2003, Human Rights Watch 350 Fifth Avenue, 34th Floor New York, NY 10118-3299 USA
TUNISIA: IFEX MEMBERS CALL ATTENTION TO HUMAN RIGHTS ABUSES
As the host of the 2005 World Summit on the Information Society (WSIS), Tunisia would like the international community to believe that it is a leader in providing access to information and promoting human rights. But IFEX members tell a different story. They say Tunisian authorities employ brutal methods of silencing political dissidents, human rights advocates, journalists and Internet users.
Human Rights Watch says on 11 December 2004, police in Tunis used force to prevent people from attending a meeting of the National Council for Liberties in Tunisia (Conseil national pour les libertés en Tunisie, CNLT), a leading human rights organisation. Two CNLT members were brutally assaulted. The attacks came a day after Tunisia’s state-controlled press marked International Human Rights Day by trumpeting President Zine el-Abidine Ben Ali’s achievements.
The International Federation of Journalists (IFJ) says while the Tunisian government has a « deplorable » record on freedom of _expression, the organisation has no plans to boycott the WSIS in Tunis in November 2005. « We shall go to Tunis to express solidarity with Tunisian journalists and we shall still challenge the Tunisian government, » IFJ says.
Tunisia is hosting the second phase of the WSIS, a UN-sponsored conference aimed at discussing ways of bridging the « digital divide » separating rich and poor countries.
With much of the country’s media under state control, independent journalists and political dissidents have turned to the Internet to spread information and communicate with the outside world. Not surprisingly, the government has imposed harsh sanctions on those who criticise authorities or use the Internet to find information otherwise banned in Tunisia.
On 8 December, an appeals court upheld the prison sentences of eight Internet users who were convicted earlier this year of using the Internet to promote terrorism. Reporters Without Borders (Reporters sans frontières, RSF) says the Internet users – most of them young men in their twenties – were reportedly tortured in detention and forced to confess that they belonged to a terrorist group linked to Al-Queda, although no evidence was ever presented in court.
Six individuals – Hamza Mahrouk, Amor Farouk Chelandi, Amor Rached, Abdel-Ghaffer Guiza, Aymen Mecharek and Ridha Hadj Brahim – have each been sentenced to 13-year jail terms. Two individuals who live abroad – Ayoub Sfaxi and Tahar Guemir – have been sentenced in absentia to 26-year jail terms. RSF says the trial was marked by « serious irregularities, » including the court’s refusal to hear the defendants’ claims that they had been tortured.
(Source: IFEX COMMUNIQUE VOL 13 N° 50 | 14 DECEMBER 2004(
The IFEX Communiqué is the weekly newsletter of the International Freedom of _Expression eXchange (IFEX), a global network of 64 organisations working to defend and promote free _expression.
IFEX website: http://www.ifex.org/en
Séminaire à Paris sur les associations franco-tunisiennes et la sociéte de l’information »
14/12/2004– L’ambassade de Tunisie à Paris vient d’organiser un séminaire intitulé : »Les associations franco-tunisiennes et la société de l’information » auquel ont pris part plusieurs présidents et membres d’associations franco-tunisiennes, ainsi que les représentants de la communauté tunisienne dans la région parisienne.
Au cours de ce séminaire, organisé dans le cadre d’une série d’activités programmées par l’ambassade et visant à améliorer l’action du tissu associatif tunisien en France, ont été données deux communications. La premiere a porté sur le prochain Sommet mondial sur la société de l’information (Smsi), prévu à tunis, du 16 au 18 novembre 2005, et les moyens d’assurer une participation activite du tissu associatif à ses travaux. La deuxième s’est intéressée aux procédés techniques permettant aux associations, qui n’en disposent pas encore, de créer leurs propres sites internet.
Les travaux de ce séminaire ont permis d’améliorer la perception de ces thèmes par les différentes associations présentes qui ont exprimé leur disposition à oeuvrer à une participation active aux travaux de ce sommet et à accorder davantage d’importance à leur présence sur le réseau internet pour promouvoir davantage l’image de la Tunisie en France.
(Source : www.infotunisie.com « officiel », le 14 décembre 2004)
Sécurité en Méditerranée: le ministre espagnol de la Défense à Tunis
AFP, le 15.12.2004 à 14h43
TUNIS, 15 déc (AFP) – Le ministre espagnol de la Défense, José Bono, est arrivé mercredi à Tunis où il doit s’entretenir avec les autorités tunisiennes des problèmes liés à la sécurité en Méditerranée, apprend-on de source officielle.
M. Bono devait avoir en fin d’après-midi un entretien avec son homologue tunisien, Hédi M’Henni, suivi d’une séance de travail élargie au ministère de la Défense à Tunis.
Il doit être reçu mercredi soir par le premier ministre tunisien, Mohamed Ghannouchi.
La visite de 24 heures de M. Bono en Tunisie intervient après celle du chef du gouvernement espagnol, José Luis Rodriguez Zapatero, qui avait évoqué en septembre la sécurité dans l’espace euroméditerranéen et la lutte contre le terrorisme avec le président Zine El Abidine Ben Ali.
Fin novembre, le chef d’état-major de la Marine nationale espagnole, l’Amiral Zarago Soto, s’est également entretenu avec le ministre tunisien de la Défense nationale, Hédi M’henni, de la situation dans le bassin méditerranéen et des questions de sécurité dans la région.
Les différents volets de la coopération militaire tuniso-espagnole, notamment entre marines des deux pays, avaient été examinés ainsi que les moyens à mettre en oeuvre pour les renforcer.
Le « coordonnateur » des attentats du 11 mars à Madrid (191 morts), Abdelmajid Fakhet était originaire de Tunisie, où Al-Qaïda a renvendiqué un attentat devant une synagogue dans l’île de Djerba (sud) qui a fait 21 morts, dont 14 touristes allemands en avril 2002.
AFP
Les ministres de l’AELE se rencontrent vendredi à Genève Signature d’un accord de libre-échange avec la Tunisie
ATS, le 15.12.2004 à 15h26
Berne (ats) La prochaine réunion ministérielle de l’Association européenne de libre-échange (AELE), qui comprend la Suisse, l’Islande, le Liechtenstein et la Norvège, aura lieu vendredi à Genève. Elle donnera notamment lieu à la signature d’un traité avec la Tunisie.
La délégation helvétique sera emmenée par le président de la Confédération Joseph Deiss, a indiqué le Département fédéral de l’économie (DFE) mercredi dans un communiqué. Il rappelle que les accords de libre-échange de l’AELE constituent pour la Suisse «l’un des trois piliers principaux de sa politique économique extérieure».
Cette organisation internationale a passé pour l’heure quatorze accords, avec des pays d’Europe de l’Est, du bassin méditerranéen et d’outre-mer. Le traité signé avec la Tunisie viendra s’y ajouter et constitue par ailleurs le 7e accord avec un Etat partie au processus de Barcelone, a noté le DFE.
Ce processus consiste à établir d’ici à 2010 une grande zone de libre-échange en Europe et autour de la Méditerranée. Avant la Tunisie, dont la délégation à Genève sera conduite par le ministre des affaires étrangères Abdelbaki Hermassi, la Turquie, Israël, le Maroc, l’Autorité palestinienne, la Jordanie et le Liban ont déjà paraphé des accords semblables.
Un vaste panel de produits
Ces traités couvrent notamment le commerce des produits industriels, des produits agricoles transformés et de la pêche. Il comportent aussi des dispositions concernant la protection des droits de propriété intellectuelle ainsi que des clauses de développement pour le commerce des services, les investissements et les marchés publics.
La rencontre de vendredi servira par ailleurs de cadre au lancement formel de négociations pour «un accord de libre-échange de large portée» avec la Corée du Sud. Le processus en avait été lancé lors de la mission économique de M. Deiss à Séoul en novembre 2003.
La délégation coréenne qui viendra dans le canton du bout du lac signer la déclaration commune sera emmenée par le ministre du commerce Hyon-Chong Kim. La Corée du Sud est le deuxième partenaire asiatique avec lequel l’AELE négocie un accord de libre- échange après celui conclu avec Singapour en juin 2002.
(Source: www.romandie.com , le 15 décembre 2004)
Le gouvernement prévoit une croissance de 5,8% en 2004
AFP, le 14 décembre 2004
AFP – TUNIS – Le gouvernement tunisien prévoit une croissance de 5,8% en 2004 contre 5,6% en 2003 dans sa déclaration sur le budget de l’Etat présentée mardi devant la Chambre des députés, a-t-on indiqué de source officielle à Tunis.
La relance a touché la plupart des secteurs grâce notamment aux bons résultats de la campagne agricole et à l’amélioration de la conjoncture mondiale, a déclaré le Premier ministre Mohamed Ghannouchi, présentant un projet de budget de 12,99 milliards de dinars pour 2005 (1 dinar=0,65 euro).
Selon M. Ghannouchi, 74.400 emplois ont été créés en 2004, outre la préservation des équilibres financiers, limitant le déficit budgétaire à 2,6% du PIB et le taux d’endettement extérieur à 49,3%, contre respectivement 3,2% et 51,1% en 2003.
Il est prévu également de maintenir le taux d’inflation à 3,8% et le déficit courant à 2,1% du PIB.
Pour 2005, le gouvernement tunisien a fixé pour objectifs un taux de croissance de 5%, un taux d’inflation de 4,4% et un accroissement de 8,5% des investissements, à 23,1% du PIB.
Le budget de l’Etat pour 2005, en hausse de 1,2% par rapport à 2004, serait constitué en grande partie par des recettes fiscales estimées à 7,672 milliards de dinars et des emprunts pour 3,907 milliards de dinars.
Le reste (1,411 milliard de dinars) proviendrait de ressources non fiscales, dont 41% issus des bénéfices des entreprises publiques.
Le gouvernement prévoit des dépenses de gestion de l’ordre de 6,188 milliards de dinars et des dépenses de développement de 2,722 milliards de dinars.
Le remboursement de la dette publique atteindrait 4,080 milliards de dinars, a ajouté M. Ghannouchi, estimant nécessaire de contenir les besoins en devises en 2005, à 3 milliards de dinars, et d’attirer 1,1 milliard de dinars d’investissements extérieurs.
Il a prévu enfin de porter le revenu par habitant à plus de 3.800 dinars en 2005, contre 3.580 dinars en 2004 et d’améliorer la couverture sociale qui devrait atteindre 89% contre 87% en 2004.
Economies d’énergie: don de 8,5 M USD de la Banque mondiale à la Tunisie
AFP, le 13 décembre 2004
La Banque mondiale a fait don de 8,5 millions de dollars à la Tunisie pour financer un projet d’économies d’énergie dans le secteur industriel, a-t-on annoncé de source officielle lundi à Tunis.
Ce financement, octroyé au titre du Fonds pour l’environnement mondial (FEM) vise à doter les entreprises tunisiennes de moyens leur permettant de mieux maîtriser leurs dépenses énergétiques pour une meilleure compétitivité.
Le projet prévoit notamment un recours accru aux énergies renouvelables – notamment éolienne et hydraulique -, pour lutter contre les émissions de gaz à effet de serre et pour un meilleur respect de l’environnement.
L’accord a été signé lundi à Tunis par Mohamed Nouri Jouini, ministre du Développement et de la coopération internationale et Theodore Ahlers, directeur du département Maghreb à la Banque mondiale.
Il intervient un mois après une conférence sur le développement de l’énergie éolienne en Afrique, organisée à Tunis par la Banque africaine de développement (BAD) et à laquelle avaient participé des experts de la Banque mondiale.
La conférence avait permis d’établir que le continent africain recèle 20% des potentialités mondiales en énergies renouvelables et que des investissements de l’ordre de 150 millions de dollars sont nécessaires pour le développement de ce type d’énergie en Afrique.
Textile/quotas: une manne pour les consommateurs et les distributeurs
Par Laurence BENHAMOU
AFP, le 15.12.2004 à 08h30
PARIS, 15 déc 2004 (AFP) – Le consommateur européen profitera largement de la fin des quotas textiles: le prix des vêtements les plus courants, comme les chemises, les vestes et les pantalons, sans oublier les chaussures, baisseront de 10% à 15% dans l’Europe occidentale dans les deux ans, selon les experts.
Les enseignes européennes, depuis longtemps habituées à faire fabriquer dans les pays à bas coûts, s’approvisionneront encore plus massivement en Chine où, libérés des quotas, 20.000 nouveaux fournisseurs chinois se feront concurrence pour fabriquer moins cher, en plus des 5.000 actuels, a expliqué Antoine Peters, expert du cabinet Kurt Salmon Associates (KSA).
L’impact de la fin des quotas a d’ailleurs pu être analysé grandeur nature en 2002, lors de la suppression d’une première série de quotas sur certaines pièces comme les gants et les parkas. Les importations de parkas ont été multipliées par sept et leur prix d’achat à l’importation a chuté de moitié!
Vestes, chemises et pantalons bénéficieront sans doute de la même chute des prix à l’achat, une aubaine pour les enseignes importatrices. Cette « bascule » est encore amplifiée par la faiblesse du dollar, la monnaie d’achat habituelle en Asie, face à l’euro, la monnaie de revente des produits en Europe.
Mais la baisse ne sera pas répercutée telle quelle au consommateur, qui ne peut compter au mieux que sur un tiers du rabais.
Car le prix d’achat du vêtement ne représente que 30% à 40% du prix final en magasin, qui intègre les frais de transport et de stockage, les loyers des boutiques et les salaires des vendeurs.
De plus les chaînes de vêtements largement importatrices d’Asie comme H et M, Zara, Celio, Etam ou Camaieu essaieront de conserver une partie de cette manne et réussiront probablement à augmenter leurs marges de 10% à 15%.
Mais la pression des discounters textiles à très bas prix, qui fleurissent comme des champignons grâce là encore aux importations d’Asie, risquent d’obliger toutes les chaînes à s’aligner vers le bas.
S’ils veulent survivre, les distributeurs qui n’importaient pas de Chine ou d’Inde n’auront plus le choix. Car eux aussi devront s’aligner sur un nouveau « prix psychologique » des vestes venues de Chine, qui pourrait tomber par exemple à 19,99 euros.
Le consommateur européen s’habitue ainsi à payer ses vêtements de moins en moins cher et privilégie déjà les promotions, les soldes et les chaînes de discount — au risque de favoriser l’import au détriment de l’emploi local, l’Européen consommateur au détriment de l’Européen salarié.
En Allemagne, même les cadres achètent leurs chemises blanches chez le hard-discounter Lidl, a noté Evelyne Chaballier, directrice des études de l’Institut français de la mode.
D’ailleurs avec la fin des quotas et de leurs tracasseries, les importations chinoises seront non seulement moins chères mais aussi beaucoup plus faciles. Même de petites structures pourront aller y faire leur marché.
« Les +vrais+ distributeurs seront concurrencés par des vendeurs sauvages: on voit déjà des slips à un euro, des parkas chinoises vendues sur les marchés à 8,50 euros, très correctes d’ailleurs… bref, il y aura de la +drouille+ (fripes, ndlr) partout », a conclu Mme Chaballier.
Des « Translittéraires » réunissent artistes et intellectuels français à Tunis
AFP, LE 14 décembre 2004 De nombreux artistes et intellectuels français se succèdent depuis près d’un mois en Tunisie pour des manifestations dites « Translittéraires », à l’initiative de l’Institut français de coopération de Tunis.
Une quarantaine d’auteurs ont participé à cette manifestation, première du genre à Tunis, en cinq volets inaugurée le 18 novembre et qui s’achève samedi par un récital de Sapho, chanteuse juive d’origine marocaine.
Durant près d’un mois, des débats, des ateliers d’écriture, conférences, expositions et récitals ont été organisés, avec pour objectif de « mettre en valeur les passerelles » en Méditerranée.
Les écrivains Régis Debray, François Julien, l’anthropologue Marc Augé, les philosophes Philippe Raynaud et Alain Finkielkraut, les éditorialistes Claude Imbert (Le Point) et Alain-Gérard Slama (Figaro), ou l’ethnologue-diplomate Jean Hannoyer ont, entre autres, animé les principales conférences.
Un colloque associant des universitaires tunisiens devait s’intéresser au concept de civilité « dans un monde où l’incivilité gagne les moeurs d’une manière inquiétante », selon les organisateurs.
La presse francophone locale a salué l’événement culturel, mais contesté le choix de M. Finkielkraut – « modèle d’incivilité » selon l’__expression d’une journaliste – en raison d’un engagement jugé trop partial de l’écrivain dans le conflit israélo-palestinien.
Africanité et Universalité de Saint Augustin:
Grande exposition à Tunis sur l’Evêque d’Hippone
Tunis (Agence Fides) – La Basilique Saint Louis de Tunis abritera du 15 décembre 2004 au 10 janvier 2005 une Exposition sur saint Augustin à l’occasion du 1.650° anniversaire de sa naissance.
Il s’agit d’un événement historique, le premier du genre en Tunisie. Saint Augustin s’est déclaré «africain », en prenant en même temps une dimension universelle.
C’est précisément là le thème de l’Exposition « Africanité et Universalité », dont la partie didactique a été organisée par l’Université de fribourg, et la partie artistique par le Ministère tunisien de la Culture qui a mis à disposition des pièces archéologiques.
L’Archidiocèse de Tunis a participé lui aussi à l’installation de l’Exposition, ainsi que l’Ambassade de Suisse. L’inauguration officielle aura lieu le 15 décembre, et, le jour suivant, il y aura à 17 heures une conférence d’inauguration du professeur Serge Lancel, sur le thème suivant : « Saint Augustin et Carthage ; elle sera suivie d’une table ronde avec des experts, tunisiens et d’autres nations.
Carthage a fortement influencé Saint Augustin : il y fut étudiant de 370 à 374, puis professeur de 375 à 383, avant de partir pour Rome et Milan. Durant son épiscopat à Hippone, de 395 à 430, il fit de nombreux voyages, participa aux Conciles de Carthage, prononça de très nombreux sermons. Philosophe, théologien, écrivain, moraliste, Evêque : la figure de saint Augustin a sans aucun doute imprégné l’Afrique du Nord chrétienne sur différents aspects.
« L’Exposition sur saint Augustin révèle le passé chrétien de la Tunisie où le Saint a joué un rôle important, à cheval entre l’époque romaine et l’invasion des Vandales, auxquels succédèrent les Byzantins et les Arabes » déclare à l’agence Fides le Vicaire Général de l’Archidiocèse de Tunis, Mgr Dominique Rézeau.
« Carthage était alors la métropole chrétienne de l’Afrique, avec ses nombreux Diocèses, ses Saints et ses Pasteurs, ses théologiens, ses chrétiens, tentés encore par les hérésies du Donatisme et du Pélagianisme.
Les écrits de Tertullien, de saint Cyprien, Evêque de Carthage martyrisé en 258, de saint Augustin, ont guidé et guident encore la foi et la vie de l’Eglise dans notre Diocèse, mais aussi au-delà de ses frontières. Nous souhaitons que cette Exposition fasse découvrir aux visiteurs la grande figure de saint Augustin, qui peut être appelé, comme le fut plus tard saint Thomas More, ‘un homme pour toutes les saisons’ ».
(S.L.)
(Source: l’agence privée italienne “Fides” le 14/12/2004)
Lien web: http://www.fides.org/fra/news/2004/0412/14_3227.html
Une exposition sur saint Augustin pour redécouvrir l’histoire chrétienne de la Tunisie
Entretien avec le vicaire général du diocèse de Tunis
ROME, lundi 13 décembre 2004 (ZENIT.org) – Pour célébrer le 1650e anniversaire de la naissance de saint Augustin en Afrique (Tagaste, 354) et redécouvrir le passé chrétien de la Tunisie, une exposition et un congrès sur « Africanité et universalité » sont organisés à Tunis. L’exposition, ouverte au public du 15 décembre au 10 janvier dans l’Acropolium de Carthage, est promue par le Ministère de la culture, de la jeunesse et du temps libre, avec la collaboration du diocèse de Tunis et de l’ambassade suisse. Le lendemain de l’inauguration de l’exposition, le 16 décembre à 17.00 aura lieu la conférence d’inauguration donnée par le professeur Serge Lancel sur « saint Augustin et Carthage ». Elle sera suivie d’une table ronde à laquelle participeront des experts tunisiens et étrangers. Pour mieux comprendre l’importance de cet événement et l’actualité du message de saint Augustin, Zenit a interviewé Mgr Dominique Rezeau, vicaire général du diocèse de Tunis. Zenit : La Tunisie actuelle n’est plus celle du temps de saint Augustin. Quelle influence le christianisme peut-il aujourd’hui avoir dans le pays selon vous ? Mgr D. Rezeau : Certes, la Tunisie actuelle n’est plus celle de saint Augustin. Depuis l’indépendance du pays et le départ de nombreux européens, l’Eglise ressemble un peu à ce qu’elle était aux origines, une toute petite communauté de croyants, qui essaie de vivre sa foi et de donner le témoignage de sa charité. Ses rapports avec la société tunisienne sont bons, ils sont particulièrement importants dans les domaines de la santé et de l’éducation dont les bénéficiaires sont en grande majorité des tunisiens; une collaboration étroite existe également avec les associations locales en ce qui concerne l’attention à l’enfance en détresse et aux handicapés. Le diocèse gère dix écoles primaires et secondaires dans plusieurs grandes villes du pays, ainsi que la Clinique Saint-Augustin, le seul établissement de ce genre en Afrique du Nord. L’Institut des Belles Lettres Arabes créé par les Pères Blancs et plusieurs bibliothèques accueillent lycéens, étudiants et universitaires. Zenit : Quel est l’intérêt pour les écrits de saint Augustin et quels sont les objectifs de l’exposition et du congrès qui aura lieu le 16 décembre ? Mgr D. Rezeau : L’Exposition sur Saint-Augustin, voulue conjointement par le diocèse de Tunis et le Ministère de la Culture, est révélatrice d’une redécouverte du passé chrétien de la Tunisie, dans lequel Saint Augustin joue un rôle majeur, à la charnière de l’époque romaine et de l’invasion vandale, auxquelles succéderont les byzantins puis les arabes. Carthage est alors la métropole chrétienne de l’Afrique, le second siège après Rome, avec ses nombreux diocèses, ses saints et ses pasteurs, ses théologiens, ses chrétiens tentés encore pour les uns par le paganisme, pour les autres par les hérésies naissantes, en particulier le donatisme et le pélagianisme. Les écrits de Tertullien, de Saint Cyprien, évêque de Carthage martyrisé en 258, et de Saint Augustin, ont guidé et guident encore la foi et la vie de l’Eglise, dans notre diocèse mais bien au-delà de ses frontières. Nous espérons également que cette Exposition fera découvrir aux visiteurs tunisiens et étrangers la grande figure du « docteur de la grâce », qui peut être appelé comme le sera plus tard Saint Thomas More, « un homme pour toute les saisons ». C’est d’ailleurs le sens du titre de cette Exposition, « Africanité et Universalité », dont la partie didactique a été préparée par l’Université de Fribourg et la partie archéologique par l’Institut National tunisien du Patrimoine. Zenit : Vous êtes vicaire général d’un diocèse dans lequel prédomine la religion musulmane. Quels sont les rapports entre les deux communautés ? Mgr D. Rezeau : Notre communauté est effectivement immergée dans un monde presqu’entièrement musulman. Nous y sommes acceptés et respectés, aussi bien par les autorités de l’Etat que par la population. L’intérêt mutuel pour nos religions et traditions différentes nous permet de coexister pacifiquement, en nous enrichissant même de ces différences. Plutôt que de « dialogue inter-religieux », nous aimons parler de dialogue entre personnes de religions différentes, qui peuvent collaborer dans beaucoup de domaines pour le bien commun. Nous ne cherchons pas convaincre l’autre, mais à donner un témoignage de vie et d’amour. « Si la charité vient à manquer, écrivait déjà Saint Augustin, à quoi sert tout le reste »! Zenit : Comment la société tunisienne réagit-elle aux poussées fondamentalistes et terroristes qui ensanglantent le monde ? Mgr D. Rezeau : Les autorités et la société tunisiennes soutiennent et défendent un Etat fondé sur la paix et la modération. Les autorités religieuses musulmanes vont dans le même sens et il est exclus d’entendre dans ce pays un quelconque appel au fondamentalisme ou un soutien au terrorisme. Il peut exister bien entendu ça et là des courants islamistes, mais qui ne semblent pas trouver un grand écho auprès de la majorité des gens. Les contacts étroits avec les pays européens, en particulier la France et l’Italie, les rencontres fréquentes entre habitants de ces pays, les personnes et les familles qui vont et viennent entre eux, favorisent un climat de compréhension et de tolérance. En ce qui concerne les conflits au Proche-Orient, qui suscitent toujours des réactions très vives dans les pays arabes, il faut relever l’appréciation très positive des positions prises par le Pape Jean-Paul II et par l’Eglise catholique en faveur de la paix. Zenit : Que peuvent faire selon vous les Eglises d’Occident et les chrétiens pour aider la communauté catholique de Tunisie ? Mgr D. Rezeau : Des organismes chrétiens et plusieurs diocèses d’Italie en particulier nous permettent de vivre sur le plan matériel, car nous n’avons sur place d’autres ressources que les modestes contributions de nos fidèles; mais nous avons toujours besoin d’aide pour l’entretien de nos quelques paroisses, des prêtres et religieux, pour nos écoles et centres de santé. Nous attendons cependant surtout de la part des Eglises occidentales et de nos frères chrétiens un intérêt et une connaissance de notre réalité. Nous entendons dire souvent: Y a t-il des chrétiens en Tunisie ? Oui, grâce à Dieu, nous sommes là, peu nombreux mais très unis, prêtres et laïcs, beaucoup d’entre eux avec des trésors de générosité et de dévouement. « Lorsqu’on aime, disait encore Saint Augustin, on n’a pas de peine, ou alors on aime jusqu’à sa peine ! »
(Source: l’agence de presse “ZENIT, Agence d’information – Le monde vu de Rome.”, le 13 décembre 2004)
lien web: http://www.zenit.org/french/visualizza.phtml?sid=63470
الاستــاذ فيصل الزمنــى المحــامى بتونس :
نعيش نعيش و يحي الوطن
من أجل رفع الحضر عن الخبز للمحـامين
» أنت لست معى … اذا أنت ضــدى …. « هكـــذا دخــــل أحـــــد الوزراء السـابقين الحملـة الانتخـــــابية لعـ 1994 ـام عندمـا اعتبر أن كل الذيـن ليسوا معه فـى توجهـاته هم بالضرورة أضدادا له .. و لم يترك بذلك مجـالا لا للخلاف و لا للنقـاش و لا للحوار .. بل أنه حسم الامر بكل بسـاطة … برغم أنه من البديهي أن يكون كلامه هـذا غير صحيـــــح حتى مع محيطه القريب … فمن الجهل بقواعــــد حــــق الاختـــــلاف و الديمقراطيـة أن ينفى الانسـان حق المحيطين به فـى الاختلاف معـه …..
اننى و لاننى لست هنـا لاحـاسب هـذا الوزيـر … كمـا أننى لم أكتب هـذه الكلمـات لاعود لاجتر المـاضى فـى وقت للكـلام فيه وزن قد يضـاهى وزن المعدن …أو يــزيــد ….. لكننى أريد أن أقول بكل بسـاطة أن كلام الوزير السـابق لم يعد اليوم لـه أي معنى … بل أنه صـار متخلفـا عن مواقف الدولـة التونسيـة ….
لقد تمت فـى المدة الاخيرة تسميـات بوزارة الخـارجيـة تمثلت فـى تعيين ثلاثة سفراء لتونس بالخـارج من أوسـاط المعـارضـــة التونسيــــة . و لربمـا يمكن أن يختلف المقيمون لهـذا التعين فمنهم من يرى فيه تقدمـا و منهم من يطعن حتى فـى قيمة هؤلاء المعـارضين و انتمـائهم أصلا للمعـارضة الجديـة … و اننى من موقعى و لئن أحترم هؤلاء السفراء و أتقدم لهم بالتهـانى بهذه المنـاسبة فاننى كذلك أحترم رأي من يعتبرهم ليسوا معـارضيـن . و هـذا من حقه .الا أنه لا يمكن لاحـد أن يقول عن هؤلاء أنهم تجمعيون و هنـا لا يمكن أن أقبل هـذا الكلام فالسـادة سمير العبيدى و جلال الاخضر و بوعـايشة كلهم ليسوا تجمعيون … و أنـا لا يمكن أن أقتنع بكلام أي شخص يمكن له أن يحسبهم على التجمع الدستورى الديمقراطى …. لـذا فان تسميتهم و هم ليسوا تجمعيون وحدهـا تكون قد عدلت سـاعة الوزيـر السـابق و أكدت لـه أن الدولـة التونسيـة قد اختـارت أن تعتمد على غير التجمعيين فـى أعمـالهـا الرسميـة و بالتـالى فان القول بأنه كل من ليس مع السيـد الوزيـر هو ضده لم يعد لـه محل من الاعــراب .
ان تسميـة وزراء من غير التجمعيين يعتى أن هذه » المـاكينة » الالـة التجمعية لم تعد وحدهـا التى تقدر على افراز المسؤوليـن و رجـال الدولـة و هو تكريس للتعدديـة على أرض الواقع سواءا أحب التجمعيون أم كرهوا … و اعترافـا لانه هنـاك بالبلاد » مـاكينـات » ألات أخرى و لو أنهـا ليست كبيرة الحجم … لكنهـا قـابلة للتطور و قـادرة على افراز المسؤولين و أهل الحل و الربط …
لـذلك فـان مبدأ التعددية و حق الشرائح السيـاسية و الاجتمـاعية فـى البلاد لم يعد محل نقـاش و يتجه الان دفـــع هـذه العجلـة الـى الامـام و ذلـك بالتوجــــه الـى تكريس هـذه المبـادئ بالمجالات التى لم تقتحمهـا بعد و منهـا قطــاع المحــامــاة .
لقـد عرفت الفترة التى تفضل الوزيـر السـابق فيهـا بربط مواجهته بعدم مساندته, على صعيـد مهنـة المحـامـاة كـارثة كبرى تمثلت فـى زحف المحـامين التجمعييـن على خبز المحـامين غير التجمعيين و منع المحـامين غير التجمعيين من نيـابة كل هيـاكل الدولـة و الشركـات المتفرعة عنهـا أمـام القضـاء و صـارت هذه النيـابات حكرا على المحـامين التجمعيين ….
و لقد أصدرت هيئة المحـامين عدة مواقف مخـالفة لهـذا التوجه و فـى المقـابل فقد عمل المحـامون التجمعيون بذكـاء على دفع المحـامين غير التجمعيين للتصعيد وذلك حتى يتمكنوا من الظهور فـى الخط المبـاشر لهم وكأنهم حمـاة النظـام الحـاكم داخل المهنة التى قدموهـا على أسـاس أنهـا مهددة بالسقوط تحت هيمنة أقصى اليسـار أو أقصى اليميـن .و كـان نتـاجـا لذلك أن جـاء التصعيد الذى أقره المحـامون صلب اللائحة الشهيرة التى تدرجت بالتصعيد … بجلسة مشهــــودة ذات يوم أحــــد بالضـاحية الشمـالية لتونس … و اعـلان الدخول فـى نضالات من أجل المطـالب المهنيـة …. ان المراجع لقـائمة المطـالب المهنية عندهـا بمكن لـه أن يلاحظ أن أهم مطلب و هو » خبز المحـامى » أي التوزيع العـادل لقضـايـا القطـاع العـام على المحـامين لم يكن يتقدم سلسلة المطـالب أنذاك …. فلا المصعدون و لا الدستوريون يهمهم تسوية هـذا المطلب .. و ذلك بكل بسـاطة لكونه يهم القـاعدة العريضة للمحـامين و كلى الطرفـين يهمه بقـاء هـذا المطلب معلقـا لكونه يعتبر » وقود نـار » و مطلب يجمع حــــوله أغلبية المحـامين بالنسبـة لغير التجمعيين, و مطلب ضروري بقـاءه بدون حـل لكونه يحفظ بقـاء المشـاكل بالمهنتة و بقـاء هذه المشـاكل يسبب محور وجــــود المحـــــامين التجمعييــــن و بخـاصة » الخلية التجمعيـة » بالمهنة و هي التى تقدم نفسهـا على أسـاس أنهـا ( مبرد المحرك
Le Radiateur ) الذى بدونه سوف ينفجر الوضـع .
ان الوضع الحـالى للبلاد و هي تتجه نحو التنفس برئتين طـال انطبـاقهمـا على بعضهمـا … و أعود لاقرأ فـى تسميـة الثلاثة سفــراء الجدد من غير التجمعيين بالخـارج و مـا يحمله من معـان طيبـة تحمل بوادر الثقـة فـى المستقبل هو وضع مدعــو الـى دخول المحـاماة التونسيـة … فلا يمكن اليوم أن يبقى خبــز المحـامى رهين بطـاقة انخراط بالتجمع الدستورى الديمقراطى … و لا يمكن مستقبلا تحمل صورة المحـامى التجمعى وهويطرق بـاب الادارات ليطـالب بايقـاف تكليف زميله غير التجمعي و منـــح التكليف بالقضـايا لـه …. فهـذا الكـلام و هذه المواقف هي اليوم مواقف عـدائيـة لسيـاسة الدولـة و نحن نقول صراحـة أننـا ومتى تحولت مواقف الدولـة الـى مواقف جمـاهيرية و غير اقصـائية فنحن ندعمهـا و نعبر عن استعدادنـا لخوض النضـالات من أجل تكريسهـا على أرض الواقع …. و الدفــــــاع عنهـا … خـاصة و أن التجمعيون قد تصرفوا فـى البلاد و العبـاد منذ 1956 أو حتى قبل هـذا التـاريخ اذا صحت مزاعم البعض …. و قد حـان الوقت لنـا و نحن لسنـا بتجمعيين بأن نقولهـا عـاليــا بأننـا لسنـا تجمعيون و لكننـا تونسيون و لنـا حق على البلاد كمـا أنهـا تطـالبنـا بالواجبـات .. و نقول كذلك أن المحـامون التجمعيون لم يقدموا للبلاد أكثر منـا … و هـذا أقل القول … لذلـك فانه من حق المحـامين غير التجمعيين ..أن يقولو بأعلـى صوتهم أن زمن حجز خبز المحـامى قد ولــى و يرددون :
نعيــش نعيــش و يحي الوطــن
الاستـــاذ فيصــل الزمنــى
المحــامى لـدى محكمة التعقيب
بتــونــس
شهـــادة:
الهاتف الجوال والجريمة البشعة بإمضاء 11 « عون أمن »
سمعنا بوفاة الشاب « العربي بن منصف الهيشري » القاطن بجهة « حي التضامن » من ولاية أريانة على أيدي أعوان البوليس عشية يوم الخميس 4 نوفمبر، فتوجهنا إلى عين المكان حيث وجدنا عددا غفيرا من المواطنين مرابطين حول منزل الشاب الهالك… وسر تواجد هذا العدد الهائل من الناس (يفوق ألفين) هي الطريقة الفظيعة التي أودت بحياة ذلك الشاب وهو في مقتبل العمر (24 سنة). فهو تواجدُُ احتجاجي وساخط على « طول عصا » البوليس في هذه البلاد، البوليس الذي يضرب بلا رحمة ويقتحم البيوت دون إذن قانوني ودون اختصاص ترابي. فالفرقة التي داهمت منزل الشاب يوم الخميس 4 نوفمبر عند الإفطار بالضبط، متكونة من 11 عونا بالزي المدني، قدموا من مركز الشرطة بباردو دون إذن من وكيل « الجمهورية » في حين أن مقر الشاب يقع في منطقة تابعة لمركز الحرس « الوطني » بحي التضامن!
دلنا أحد ممّن سألناهم عن الحادثة الأليمة على أحد شهود العيان (10 مواطنين شهدوا ضد الجناة) فتتبعنا معه آثار الدماء الغزيرة التي سالت من الشاب على الطريق المعبدة وقد طلى معظمها أعوان حزب الدستور بالدهن الأبيض)، وهو محمول مثل « الفروج » مشدود بين وثاق ساقيه ووثاق يديه. لقد عنفوه بوحشية دفعته في لحظة يأس إلى محاولة الانتحار، لكنهم منعوه وعنفوه حتى الموت ثم رموا به عاريا في حديقة الحي بعد أن مزقوا ثيابه ثم فروا تحت ضغط الأهالي والجيران. هذا ما رواه لنا شاهد العيان بكل سخط ونقمة على الأعوان المجرمين مردّدا كلما وقفنا على بقعة دم « إنهم أشنع جرما من شارون ». إن أكثر ما لفت انتباهنا هو النقمة السارية على وجوه الناس، تسمعها في أصواتهم وهمساتهم وصراخهم. إنها النقمة التي أدركها أعوان الحرس بالمنطقة وجعلتهم مرتبكين خوفا من ردة فعل جماعية من طرف الحشود الحاضرة والتي لم يجازف البوليس بتفريقها أو منعها من الالتحاق بمنزل الهالك. وقد عبّر أحد المسؤولين بمركز الحرس صراحة عن تخوّفه من أن تتحول الجنـازة إلى أعمال عنف جماعية ذاكرا أن بعض الشبان هددوا بحدوث ذلك. وكان أحد أعوان حزب الدستور يطمئنه بخصوص التحكم في الأمر وضمان جنازة هادئة. فلا شك أن هياكل الحزب الحاكم المتعود على التغطية على جرائم أعوانه، قد رتب الأمور في هذا الاتجاه. منذ وقوع الجريمة إلى يوم الدفن، حسب الطريقة المعتادة لديه. وفعلا، فقد انطلقت الجنازة تحت حراسة مشددة من طرف البوليس وسياراته التي حاصرت النعش والمقبرة من جميع الجهات بأكثر من 20 سيارة منها 14 حافلة مكتظة بفرق التدخل المجهزة بكل معدات « التدخل » من أسلحة وكلاب ودراجات النارية الضخمة التي ما فتئت تمشط المكان لمزيد إحكام الرقابة حول حركات وسكنات المواطنين. لقد وفرت السلطة كل امكانياتها القمعية لمنع أي « تجاوز » وخاصة العمل الجماهيري المنقاد بالنقمة عن الجهاز الأمني بناء على حادث مادي ملموس أثره تجاه الجماهير يتجاوز أثر أي عمل تحريضي أو دعائي. إن الجريمة المقترفة من طرف عدد من الأعوان لا يتناسب مع مهمة القبض على مواطن أعزل يشتبه أنه سرق هاتفا جوالا، يثير تلقائيا سخط هائلا لدى كل من يتلقى الخبر.
هذه عينة عن الجرائم الكثيرة التي اقترفها ويقترفها أعوان هذا النظام الفاسد في حق المواطنين وخاصة الشباب منهم بعد أن تسببت سياساته في الحكم عليه بالبطالة والتهميش والجوع. فالشاب « العربي الهيشري » أحد ضحايا سياسة 7 نوفمبر، عاطل عن العمل، متهم باقتراف بعض السرقات البسيطة مثل الهاتف الجوال الذي أفضى إلى الجريمة البشعة، عوض القبض عليه في إطار الإجراءات القانونية.
لا شك أن استفحال ظاهرة الإجرام عموما والسرقة بصفة خاصة أصبحت تقلق راحة المواطنين لأنها تهدد ممتلكاتهم وأعراضهم وحتى حياتهم للخطر. لكن مواجهة هذه الظاهرة لا يتم بالحلول الأمنية فقط و »الحزم في التعامل مع المجرمين » مثلما يعتقد البعض، بل بمعالجة أسبابهـا المباشرة وخاصة البطالة التي تعتبر نتاجا طبيعيا للسياسة الاقتصادية المتبعة من طرف فريق بن علي.
إن ما دفع البوليس إلى هذا العنف الهمجي لم يكن بوازع الردع بل كان مدفوعا بعقلية أنانية وانتقامية لأن الهاتف المسروق كان لـ »زميلة » (عون أمن) حسب ما يروج.
إنها جريمة نموذجية قياسا بطبيعة هذا النظام البوليسي. نموذجية على مستوى مدى الاستهتار بحقوق المواطنين وسلامتهم في إطار مثل هذا النظام الذي يبعث برسالة إلى المجتمع من خلال هذا السلوك الإجرامي مفادها أنه يده طويلة وأن لا رادع له.
إن من الواجب على مكونات المجتمع المدني ألا تترك هذه الجريمة تمر في صمت، وأن توحد جهودها من أجل متابعة حازمة لهذا الملف والتنديد بالمجرمين وكل من يقف وراءهم والمطالبة بمحاكمتهم جميعا حتى ينالوا ما يستحقونه من عقاب.
(المصدر: الطبعة الإلكترونية لـ « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، سلسلة جديدة، العـدد 23، عـدد مزدوج نوفمبر/ديسمبر 2004)
مهزلة 24 أكتوبر تعمق أزمة شرعية النظام
لقد اندرجت انتخابات 24 أكتوبر 2004 في إطار السعي المحموم إلى الحفاظ على نظام بن علي الدكتاتوري البوليسي ضمانا لمصالح الأقلية النهابة والفاسدة المنتفعة من وجوده ومن بقائه. وكما كنا نبهنا إلى ذلك عديد المرات فقد كانت هذه الانتخابات مجرد مهزلة تهدف إلى إضفاء شرعية زائفة على نظام الحكم. فقد افتقدت لأدنى الشروط التي تجعل منها انتخابات حرة تعكس إرادة الشعب وتكرّس سيادته. لقد جرت في إطار المصادرة التامة للحريات والحقوق ومنها بالخصوص حرية التعبير والإعلام وحرية التنظّم فضلا على حرية الترشّح والحق في الاقتراع وهي الحريات والحقوق التي تفقد من دونها العملية الانتخابية كل معنى. كما أنها جرت في نطاق الغياب التام لحياد الإدارة الذي يمثل ضمانة أساسية لنزاهتها ولاستقلالية القضاء التي تضفي عليها المصداقية المطلوبة. فالإدارة خاضعة تماما للحزب الحاكم الذي يسيطر على كافة المسؤوليات فيها مما جعل منه حزبا/دولة. والقضاء تابع تماما للسلطة التنفيذية ليس له من دور سوى إضفاء صبغة قضائية على قراراتها الجائرة. وحتى المجلس الدستوري الذي عهدت إليه مراقبة العملية الانتخابية فجميع أعضائه عيّنهم بن علي سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ناهيك أن رئيس هذا المجلس، فتحي عبد الناظر، ليس هو إلا مستشار بن علي القانوني طيلة سنوات عُيّن بعدها مباشرة على رأس المجلس المذكور. أما « المرصد الوطني للانتخابات » فكافة أعضائه عينهم بن علي أيضا من بين العناصر الأكثر ولاء له. كما أن بن علي هو الذي اختار بنفسه المراقبين الأجانب الذين لا يوجد من بينهم شخص واحد معروف باستقلاليته ونزاهته ويحظى بحد أدنى من المصداقية. فهم إما من المرتزقة الذين يوزعون شهادات الزور مقابل « العطايا والهدايا » أو من العناصر الرجعية المعروفة بمساندتها للدكتاتوريات ومعاداتها السافرة للحرية والديمقراطية. وإنه لمن المهازل أن تكون الجامعة العربية التي لا يوجد من بين أعضائها دولة ديمقراطية واحدة، « مراقبا لانتخابات بن علي وشاهدا على نزاهتها ».
« الانتخابات الرئاسية »: ترشحات لـ »معاضدة » بن علي وحملة على القياس
وفي غياب هذه الشروط الدنيا لانتخابات حرة، جاءت العملية الانتخابية ونتائجها لتؤكد طابعها المهزلي الذي تحدثنا عنه. فـ »الانتخابات الرئاسية » التي جرت في إطار التعديل الدستوري الذي سمح لبن علي بالترشّح، بصورة غير شرعية وغير مشروعة، لولاية رابعة تفتح له باب الرئاسة مدى الحياة على مصراعيه، كما سمح له بتعيين « منافسيه » الذين أوكل لهم القيام بدور « التياس »، انحصر الترشّح لها في بن علي وفي محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية ومنير الباجي الأمين العام للحزب التحرري الاجتماعي وكان كلاهما قد زكّى التعديل الدستوري المذكور ومحمد علي الحلواني رئيس المجلس الوطني لـ »حركة التجديد » الذي تقدم باسم « المبادرة الديمقراطية » التي ضمت الحركة المذكورة ومجموعة من العناصر المستقلة إضافة إلى جماعة « الشيوعيين الديمقراطيين ». وقد خيرت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة إسماعيل بولحية « ترشيح الرئيس بن علي ». كما قرر « الاتحاد الديمقراطي الوحدوي » من جهته « مساندة ترشح الرئيس بن علي ». وفي ما عدا ذلك أغلق باب الترشّح أمام الشخصيات المستقلة حقا عن السلطة والمعارضة لها. فالقانون الانتخابي يشترط الحصول على توقيع 30 نائبا في البرلمان أو 30 رئيس بلدية للترشح للرئاسة. وبما أن كافة رؤساء البلديات من الحزب الحاكم وأعضاء مجلس النواب إما أنهم من الحزب الحاكم (80%) أو من أحزاب الديكور (20%) فإن أيا منهم لا يجرؤ على إعطاء توقيعه لمرشح لا ترضى عليه السلطة، وهو ما حصل للأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي مثلا الذي حاول الترشّح ولكنه لم يحصل على أي توقيع. فحتى النواب الخمسة لـ »حركة التجديد » المنخرطة في « المبادرة الديمقراطية » والتي نادت مبدئيا بحق الأحزاب الأخرى في تقديم مرشحين للرئاسة، رفضوا منحه توقيعاتهم. أما الفصل 40 من الدستور المعدّل في سنة 2003 فإن الفقرة التي أضيفت إليه بصورة استثنائية في علاقة بـ »انتخابات » 2004 لا تجيز الترشّح إلا لأحزاب المعارضة المتواجدة في البرلمان على أن يكون مرشحها إما الأمين العام أو أحد أعضاء المكتب السياسي شريطة أن تكون له أقدمية بخمس سنوات. وبما أن الأحزاب التي لها تمثيل في البرلمان مَدينة بذلك لبن علي وليس لصندوق الاقتراع فإن الترشّح للرئاسة انحصر في هذه الحالة أيضا في أحزاب الديكور وفي « حركة التجديد » التي كانت قبل أن تغير نسبيا سياستها في مؤتمر 2001 من بين تلك الأحزاب المؤيدة لبن علي والتي دخلت البرلمان في مهزلتي 1994 و 1999 مكافأة لها على ذلك التأييد وهو أمر يدركه جلّ مناضلي هذه الحركة إدراكا جيدا. وبعبارة أخرى فإن بن علي هو الذي ظل في كل الحالات يتحكم في الترشّح للرئاسة حتى يتلاعب به وفقا لما يخدم مصلحته.
إن حملة « الانتخابات » الرئاسية لم تخرج هي أيضا عن الإطار الذي حددته لها الدكتاتورية. إن الخيط الأساسي الذي قاد مخططي هذه الحملة في القصر وفي وزارة الداخلية هو الحفاظ على الصورة الزائفة لبن علي التي تقدمه عليها الدعاية الرسمية وهي أنه « المرشح الوحيد » الذي يحظى بـ »تأييد كافة فئات الشعب ». وهذه الصورة ترمي إلى تحقيق هدفين، الأول تبرير انقلاب بن علي على الدستور وبقائه في الحكم مدى الحياة والثاني تبرير النتائج المزورة التي ستسفر عنها المهزلة الانتخابية. وهو ما يقتضي تجنيبه أي نقد وخاصة النقد الذي يشكك في شرعية ترشحه وفي مصداقية إنجازاته المزعومة كما يقتضي تقزيم منافسيه وإظهارهم إما في مظهر مهزلي أو في مظهر المؤيدين له أو العاجزين عن منافسته. ومن هذا المنطلق عملت السلطة على « تأطير » الحملة « الانتخابية » للرئاسية حتى لا تخرج عن الإطار الذي حدد لها. فخلافا لمقتضيات المجلة الانتخابية التي تنص على مبدأ « المساواة » بين المرشحين، سُخّرت كافة وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية لتمجيد بن علي والثناء عليه والتأكيد على مبايعة الشعب له مسبقا وتقزيم منافسيه. وتكفي هنا الإشارة إلى نتائج الدراسة التي قام بها فريق مختص محايد في إطار مرصد صحفي أشرفت عليه كفاءات دولية تستند إلى معايير علمية دقيقة للوقوف على مدى استهتار السلطات بنص القانون الانتخابي. فقد بينت هذه الدراسة أن بن علي استأثر بـ74% من تغطية شريط الأنباء للحملة الرئاسية. كما أن المرشحين الداعمين له أي محمد بوشيحة ومنير الباجي تمتعا على التوالي بـ12% و13% من تلك التغطية. أما محمد الحلواني الذي أعلن نفسه « المرشح المعارض الوحيد لبن علي » فلم يحظ إلا بـ1% من تلك التغطية (انظر تقرير الفريق)، مع العلم أن الإذاعة والتلفزة لا يتحدثان على مدار السنة في نشراتهما الإخبارية إلا عن بن علي.
وبما أن ما حصل لمحمد بوشيحة ومنير الباجي لا يعنينا كثيرا باعتبارهما قَبِلاَ من المنطلق القيام بدور « التياس » وهو ما جعلهما يشيدان بالظروف التي تمت فيها الحملة الرئاسية، فإننا سنكتفي بالتعرض لما حصل لمرشح « المبادرة الديمقراطية » باعتباره الأكثر دلالة على حقيقة سلوك السلطة. فقد منع محمد الحلواني من توزيع بيانه الانتخابي لأن محتواه لم يُرْضِ القصر. كما عُطِّل صدور المعلقات الحاملة لصورته لمدة ثلاثة أيام بدعوى أنها بالطول بينما المطلوب أن تكون بالعرض. ولم تبث كلمته في التلفزة والتي لم تدم سوى 20 دقيقة بينما دامت كلمة بن علي 75 دقيقة وأعيد بثها عدة مرات، إلا في اليوم الأخير للحملة (الجمعة 22 أكتوبر) وفي الساعة الثانية بعد الزوال أي في وقت لا يتواجد فيه الناس عادة أمام التلفزة. بينما بثت كلمة بقية المترشحين في نشرة الثامنة ليلا الإخبارية، مع العلم أن كلمة الحلواني لم تَحْوِ بحكم الرقابة أي نقد لترشح بن علي وللاستفتاء المزور الذي استند إليه. ولم يعقد الحلواني سوى أربعة اجتماعات بأربع دوائر من بين 26 دائرة وهي دوائر قفصة وصفاقس والمنستير وتونس. ولم تجلب هذه الاجتماعات المواطنين العاديين بل اقتصر فيها الحضور على الوجوه المعروفة بما فيها وجوه كثيرة، خاصة في اجتماع تونس، من أحزاب وتيارات نادت بمقاطعة الانتخابات. وقد حاول أنصار الحلواني الاحتجاج على التضييقات التي تعرض لها فخرج العشرات منهم يوم الخميس 20 أكتوبر إلى شارع بورقيبة وحاولوا التوجه إلى وزارة الداخلية ولكن البوليس الذي كان عدده يفوق عدد المتظاهرين منعهم من ذلك وأرغمهم على الاتجاه نحو مقر « حركة التجديد » بنهج لندرة مرورا بشارع باريس. ومن الملاحظ أنه لا البيان الانتخابي لمرشحي المبادرة في التشريعية ولا كلمات هؤلاء المرشحين في الإذاعة والتلفزة تمكنت من إثارة موضوع الانتخابات الرئاسية ونقد بن علي والطعن في ترشحه. ومن البديهي أن حملة رئاسية في مثل هذه الظروف وبمثل هذا الحجم المحدود جدا غير قادرة على التأثير في مجريات الأمور.
الانتخابات التشريعية: التجمع « يفصّل ويخيط » على مقاسه
أما « الانتخابات التشريعية » فقد أقصيت منها مسبقا الأحزاب غير المعترف بها وآلاف المواطنات والمواطنين المحرومين من حقوقهم المدنية والسياسية بسبب محاكمات الرأي التي تعرضوا لها خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة. كما أن القائمات المستقلة أقصيت مسبقا من قسمة الـ37 مقعدا المخصصة سلفا لـ »المعارضة ». لأن هذه المقاعد مخصصة للأحزاب وليس لمثل هذه القائمات. وإلى ذلك فقد أسقطت السلطات خمسا من قائمات الحزب الديمقراطي التقدمي الذي أدرج مشاركته في إطار « احتجاجي ». وتهم هذه القائمات دوائر أساسية (تونس 1 و 2 وبن عروس وصفاقس2 وباجة.). وقد استعملت الإدارة طرقا غاية في الخساسة لإسقاط هذه القائمات مما يؤكد أنها لا تتورع عن استعمال التحيل وسيلة للتعامل مع المواطنين دون أن تجد من يحاسبها. فالمجلس الدستوري الذي التجأ إليه الحزب المذكور أعطى الحق للإدارة!! كما أسقطت عددا من قائمات « المبادرة الديمقراطية » بالضغط على بعض المرشحين وعلى عائلاتهم وترهيب البعض الآخر وترغيبه (تونس2، نابل، منوبة) أو بتعلات واهية كعدم التنصيص في مطلب الترشّح على مهنة رئيس القائمة والحال أنه قدّم نسخة من بطاقة تعريفه القومية (توزر…) حسب ما جاء في تصريحات مرشحي « المبادرة ». وبالمقابل قدمت السلطات كامل العون لأحزاب الديكور الخاضعة لها بالتمام (حركة الديمقراطيين الإشتراكيين، حزب الوحدة الشعبية، الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، الحزب الاجتماعي التحرري…) حتى تظهر بمظهر الأحزاب الحاضرة في الساحة السياسية والجديرة بما سيمنح لها من مقاعد في البرلمان ناهيك أن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي أصبحت ظلا لتلك الحركة التي يعرفها التونسيون والتونسيات في الثمانينات وحزب الوحدة الشعبية الذي يعرف القاصي والداني حقيقة حجمه تقدّما في كافة الدوائر (26 قائمة). كما تقدم الاتحاد الديمقراطي الوحدوي والحزب الاجتماعي التحرري في 23 دائرة!!! وقد استعملت هذه الأحزاب أساليب خسيسة لجمع أعضاء قائماتها الانتخابية وصلت حدّ شراء خدمات بعض المرشحين!
ولم تختلف الحملة الانتخابية للتشريعية عن الحملة الرئاسية فقد استأثر الحزب الحاكم بكافة الفضاءات الإعلامية وقاعات الاجتماعات والأماكن العمومية لترويج « بضاعته » دون أدنى احترام لما جاء في القانون الانتخابي، بينما حُشر « منافسوه » في زاوية ضيقة للقيام بدور الديكور عن وعي أو غير وعي. لقد بينت الدراسة التي أشرنا إليها سابقا أن الجهات الرسمية حزبا وحكومة حُظيت بـ80,45% من التغطية التي قامت بها الإذاعة والتلفزة للحملة الانتخابية وبـ84,62% من التغطية التي قامت بها « الصحافة الوطنية » بينما لم تحظ « المبادرة الديمقراطية » إلا بـ0,74% من التغطية الإذاعية والتلفزية و2,84% من التغطية الصحفية والحزب الديمقراطي التقدمي على التوالي بـ0,07% و1%. وهو ما يبين حقيقة « المعاملة المتساوية » التي ينص عليها القانون. وإلى ذلك فقد حرم الحزب الديمقراطي التقدمي من توزيع بيانه الانتخابي وسُلّطت عليه ضغوط لـ »تعديله » ورغم قبوله في مرة أولى هذا التعديل فقد رفضته وزارة الداخلية قبل الموافقة عليه لكن الحزب كان قرر وقتها العودة إلى الصيغة الأولى لبيانه والتمسك بها. وحرم بعض رؤساء قائماته من الدقائق الإذاعية والتلفزية الخمس التي يكفلها لهم القانون. ولم يكن بوسع مناضلي هذا الحزب عقد اجتماعاتهم الانتخابية بحرية. إن الاجتماعات القليلة التي عقدوها في بعض الجهات تمت تحت المراقبة البوليسية ولم يحضرها سوى عدد قليل من المناضلين المعروفين. وهو ما دفع الحزب إلى الانسحاب من الحملة حتى لا يكون « شاهد زور » على مهزلة معلومة النتائج مسبقا.
أما « المبادرة »/حركة التجديد فلئن سمح لها بتوزيع البيان الانتخابي للتشريعية، وهو بيان مختلف في لهجته ومضمونه عن بيان الرئاسية الذي حجز، فقد حرم أربعة من رؤساء قائماتها من بث كلمتهم في التلفزة (باجة، المنستير، سوسة، سليانة…) كما أن العديد من هذه القائمات لم يتمكن أصحابها من عقد ولو اجتماع واحد بالمواطنين نتيجة للضغط البوليسي من جهة ولامبالاة المواطنين من جهة ثانية (بنزرت، قفصة…). وما عقد من اجتماعات لم يضم في أفضل الحالات سوى بضع عشرات من الأنصار لا غير مع العلم أن بعض هذه الاجتماعات أفسده أعوان النظام (أريانة، سليانة…).
وتجدر الإشارة إلى أنه طوال الحملة الانتخابية لم ينتظم لا بالإذاعة ولا بالتلفزة أي نقاش سياسي حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية يواجه بين مختلف المواقف والأطراف. لقد كانت كل الحصص والملفات المقدمة تمجد بشكل وقح بن علي وحزبه « المؤمّن على التغيير ». وقد كانت فرصة لبعض الوجوه المأجورة كي تتسابق في التملق و »التلحيس » ضمانا لبعض الامتيازات التي تتلقاها في شكل رشوة سياسية أو مادية. ولقد كان واضحا أيضا تواطؤ الأحزاب الإدارية مع القصر إذ أنها كانت راضية على « سير الحملة » و »حياد الإدارة »، قانعة بما توفر لها. وبطبيعة الحال فإن سلوكها هذا نابع من دور الديكور الموكول لها مقابل ما ستحصل عليه من مقاعد في البرلمان.
الاقتراع: « حاميها حراميها »
أما عملية الاقتراع التي تمت يوم 24 أكتوبر فحدّث ولا حرج. فقد أقصي منها مسبقا ما يزيد عن المليوني ناخبا لعدم تسجيل أسمائهم باعتبار أن الترسيم في القائمات الانتخابية في تونس ليس آليا. وكانت المكاتب التي يقارب عددها الـ13 ألف مكتبا تحت مراقبة أعوان الإدارة الموالين كما هو معلوم لبن علي وحزبه. وعلى ما يبدو فقد تكون بعض الأحزاب الإدارية تواطأت مع القصر حتى لا يحضر عنها أي مراقب. لقد أكد مَصْدر من أحد الأحزاب الإدارية أن المسؤول الأول عن الحزب أعطى تعليماته حتى لا تقدم قائمات المراقبين في الوقت القانوني لترفضها الإدارة فلا يحضر عن الحزب أي مراقب. كما أن المبادرة/التجديد أكدت أن السلطات رفضت قائمة الملاحظين التي قدمتها في « الآجال القانونية بدعوى أنها وصلت بعد إغلاق الإدارة في الساعة الثانية ظهرا. والحال أن نفس المصالح أعلمت عددا من رؤساء القائمات أن آخر أجل هو منتصف الليل تطبيقا للمجلة الانتخابية ». وبطبيعة الحال فحتى لو قبلت قائمة الملاحظين هذه فإنها لن تكون قادرة إلا على تغطية النزر القليل من المكاتب لكثرتها. وبعبارة أخرى فقد كان الحزب الحاكم « اللاعب الوحيد » تقريبا في جل مكاتب الاقتراع. فقد كان الاقتراع يتم تحت عيون أعوان الإدارة من عمد وبوليس ومخبرين وأعضاء شعب. وفي حالة كهذه لم يكن من الضروري أخذ كافة الأوراق ودخول الخلوة. فقد كان الناخب العادي يأخذ الورقة الحمراء ويضعها في الصندوق خوفا من « العاقبة ». كما تفاقمت هذه المرة ظاهرة التصويت بـ »النيابة ». فقد كان البعض يصوّت نيابة عن أفراد عائلته وأقاربه وحتى جيرانه. ولكن أهم ما حصل هو بالطبع حشو صناديق الاقتراع في آخر وقت بالورقة الحمراء والتصويت نيابة عن ملايين المتغيبين. وقد تمت هذه العملية في بعض المكاتب بوقاحة لا توصف إذ لم يتورع المشرفون على هذه المكاتب عن حشو الصناديق بالورقة الحمراء أمام بعض مرشحي المعارضة (أريانة بحضور مرشح المبادرة). وفي حالات أخرى أخرج بعض الناخبين بالقوة لتتم العملية « في السر ». وأخيرا وليس آخرا لم تتم عملية الفرز بصورة علنية وبحضور الملاحظين والمرشحين ومن يرغب من الناخبين كما ينص على ذلك القانون الانتخابي، بل تمت في السر لتتلاعب الإدارة بالأصوات وبالنسب كما يحلو لها. وقد كان التنافس على أشده بين أعوان السلطة لإظهار الولاء وفق لمبدأ « من يزور أكثر يحب بن علي وحزبه أكثر ».
نتائج الانتخابات: إن لم تستح فافعل ما شئت!!
هذه فكرة عن الظروف التي تم فيها الفصل الأخير من المهزلة الانتخابية. وقد جاءت النتائج في حجم التزوير الذي رافق العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها. فقد زعمت السلطة أن نسبة المشاركة في الرئاسية والتشريعية قاربت الـ92%. وهي نسبة مثيرة للسخرية بل للقرف ودليل قاطع على أن الوقاحة في زمن بن علي لا حدود لها. وكم من ملاحظ وكم من إعلامي تساءل: لماذا التزوير بهذا الشكل المفضوح والوقح؟ ألم يكن أجدر ببن علي أن يزوّر في حدود معقولة و »ذكية »؟ ولكن هؤلاء نسوا أن الطغاة المتغطرسين يتصرفون دائما بغباء دون أن يقيموا وزنا للرأي العام في مجتمعاتهم وفي العالم فما يهمهم في المقام الأول هو الظهور بمظهر « المُجمَعِ عليهم » لأنهم يعتبرون الخروج عليهم « كفرا » أو « جريمة ». إن نسبة المشاركة بشهادة الملاحظين المستقلين من إعلاميين تونسيين وأجانب ومن نشطاء حقوقيين، وكذلك بشهادة أطراف شاركت في المهزلة لا يمكن أن تتعدى في أفضل الحالات الـ25% أو 30%. وفي بعض المناطق سجل تدني نسبة المشاركة أرقاما قياسية (من 5 إلى 10% كما هو الحال في بعض المناطق بقفصة). وهذا الأمر يجد تفسيره في اللامبالاة التامة التي واجه بها الشعب التونسي مهزلة 24 أكتوبر لما ترسّخ لديه من قناعة، عبر تجاربه السابقة في ظل حكم حزب الدستور، بصورية الانتخابات. لذلك يمكن القول إن الشعب التونسي قاطع المهزلة. وهذه المقاطعة إن كانت عفوية، ولم ترفق بأعمال احتجاجية فإنها تعكس نوعا من القطيعة مع نظام بن علي. ولا يمكن مقارنة تدني نسبة المشاركة في بلادنا بمثيلتها في الديمقراطيات البرجوازية الغربية حيث تنزل نسبة المشاركة أحيانا إلى ما دون الـ50%. ففي هذه الحالة يعبر تدني نسبة المشاركة عن قرف الناخب أو الناخبة من السياسيين البورجوازيين الذين يغدقون عليهما الوعود خلال الحملات الانتخابية ولا ينجزون منها شيئا عند مسكهم بزمام السلطة. أما في تونس فإن تدني النسبة يعكس موقفا من نظام بن علي الدكتاتوري البوليسي الذي يحرمه حتى من تلك الحرية الشكلية التي يتمتع بها الناخب في البلدان الديمقراطية البورجوازية وتسمح له بأن يختار مرشحه كما تسمح لمرشحه بتبليغ صوته وتجرم التزوير وتعاقب مرتكبيه. ومما يؤكد كلامنا أن ما من مرة شعر فيها الشعب التونسي بوجود فجوة، قد تمكنه من التعبير عن إرادته، إلا وهب إلى المشاركة بأعداد كبيرة كما حصل في انتخابات 1981 و1989 التشريعية التي اضطرت السلطة إلى تزوير نتائجها للحفاظ على هيمنة الحزب الحاكم. وبعبارة أخرى فإن عدم اكتراث جماهير الشعب التونسي، عدا القلة القليلة ممن يسمون بـ »الناخبين المجبورين أو الناخبين التابعين »، بحثا عن مصلحة أو امتياز أو خوفا من بطش السلطات، يمثل عقابا لنظام بن علي ومؤشرا مهما لتغير الحالة الذهنية لعامة الشعب يمكن أن يستثمر مستقبلا في المعارك من أجل الديمقراطية. وما من شك في أن ما وصل المواطن (ة) خلال السنوات الأخيرة من مواد إعلامية ودعائية سواء عبر الفضائيات أو الإذاعات أو الصحف والبيانات والمناشير حول الاستفتاء والرئاسة مدى الحياة وكل مخططات الدكتاتورية قد لعب دورا حتى ولو كان غير مباشر في إثناء عامة الناس عن المشاركة في المهزلة.
كما أعلنت السلطات « فوز بن علي الساحق » على « منافسيه » في الرئاسية بنسبة تقارب الـ95% (94,48%) وهي نسبة دون الـ99% المعهودة ولكنها تبقى فوق الـ90%. ولا أحد يتصور أن ذلك نابع عن صندوق الاقتراع. فالعدول عن تكرار نسبة الـ99% طبخ بلا شك في قصر قرطاج بعد أن أصبحت هذه النسبة مسْخَرَةً في العالم أجمع بل يضرب بها المثل حين يراد الإشارة إلى التزوير. ثم إن النسبة المتبقية التي تفصل بن علي عن الـ99% « ما مشاتش في كرش عدو » كما يقول المثل. فقد منحت لمحمد بوشيحة (3,78%) صديق القصر وقريب ليلى بن علي (الطرابلسي) التي ما انفك تدخّلها في الحياة العامة يبرز رغم فقدانها لأي صفة رسمية، ناهيك أنها ختمت الحملة الرئاسية أمام « الألوف » من النساء المجتمعات بقصر المؤتمرات بالكرم. كما منحت لمنير الباجي (0,79%) الذي أثار ترشّحه وخصوصا ظهوره على شاشة التلفزة في وضع لا يحسد عليه عديد الانتقادات بل كان شاهدا إضافيا على الطابع المهزلي للانتخابات الرئاسية. وبهذه الصورة يكون بن علي وتيّاساه الرسميان حصلوا على 99,05%. أما النسبة الباقية أي 0,95% فقد عادت لمحمد الحلواني الذي رفض الانضباط لقواعد « التّيَاسَة ».
وقد أثارت النسبة المتدنية التي حصل عليها هذا الأخير تساؤلات خصوصا لدى بعض أنصاره، الذين يعتقدون أنه حصل على نسبة أكبر لكن السلطات قزّمته لتظهره في مظهر هامشي مع العلم أن الحلواني قدم طعنا في نتائج الرئاسية لدى المجلس الدستوري المنصب كما هو معلوم فرفض هذا الطعن وأعلن أن « الانتخابات كانت شفافة والنتائج سليمة ». وفي اعتقادنا فإن أصحاب المبادرة يريدون من وراء طرحهم لمسألة « التزوير » و »التقزيم » بهذا الشكل المتسم بالتضخيم، تبرير المشاركة وإظهار جدواها والإيهام بأنها لفّت قطاعات واسعة من الشعب حول مرشحهم ولكن السلطة حرمتهم جني ثمار ذلك الالتفاف. وهذا الطرح غير سليم لا فقط لكون نسبة المشاركة ضعيفة للغاية بل أيضا لكون معظم المشاركين من الناخبين « التابعين » أي الذين يذهبون إلى صناديق الاقتراع للتصويت لبن علي خوفا من السلطات (عمدة، بوليس، رئيس شعبة، معتمد، إلخ…) أو طمعا في بعض المكافآت (شغل، رخصة، قرض، إلخ…). لقد كانت اللعبة مغشوشة في كامل مراحلها وليس في نتائجها فحسب، بل إن حجم الغش الذي اتسمت به ما كان ليعطي غير تلك النتائج. وإذا كان لـ »المبادرة » من لوم توجهه فإلى نفسها أولا لقبولها الدخول في تلك اللعبة المغشوشة التي لا قدرة لها على التأثير في مجرياتها. وهو أمر نبّهنا إليه أكثر من مرة خلال نقاش موضوع الانتخابات مع مناضلين من المبادرة.
أما نتائج الانتخابات التشريعية فإنها لم تحمل من حيث ملامحها العامة أية مفاجأة. فنسبة المشاركة المعلنة تجاوزت الـ90% (91,45%) وهي نسبة كما سبق أن قلنا مزوّرة مثلها مثل نسبة المشاركة في الرئاسية وليس لهذا التزوير من هدف سوى إضفاء مصداقية زائفة على نتائج المهزلة. وكالمعتاد استحوذ الحزب الحاكم، التجمع الدستوري، على كافة المقاعد المطروحة للمنافسة، حسب المنظومة الانتخابية الساري بها العمل والتي لا يوجد لها مثيل في العالم. وتمثل تلك المقاعد 80% من مجموع مقاعد مجلس النواب وهو ما يمكن بن علي من مواصلة ممارسة هيمنته المطلقة على السلطة التشريعية، باعتبار أنه هو الذي اختار مرشحي حزبه « للانتخابات ». وقد زعمت وزارة الداخلية أن التجمع حصل على 87.59% من الأصوات في حين حصلت الأحزاب الأخرى الستة المشاركة والقائمات السبع « المستقلة » التي تقدمت في 7 دوائر على 12,40% من الأصوات. وهي نسبة تظهرها في حالة عجز تام عن منافسة الحزب الحاكم، وعن الحصول على أي مقعد عن طريق صندوق الاقتراع أي بفضل الناخبين، وهو ما يؤهلها لشيء واحد فقط وهو الطمع في نصيب من المقاعد الـ37 المخصصة سلفا لأحزاب الديكور والتي يوزعها عليها بن علي وفق معيار الولاء والخدمات المقدمة وهو ما يجعل نواب تلك الأحزاب الـ37 معينين لا غير وبالتالي مدينين بوجودهم في مجلس النواب لبن علي. وإن أول ما يلاحظ في توزيع تلك المقاعد هذه المرة أنّ نصيب بعض الأحزاب قد ارتفع بينما تراجع نصيب البعض الآخر أو استقر على ما كان عليه. فحركة الديمقراطيين الاشتراكيين كسبت ثلاثة مقاعد جديدة مقارنة بعام 1999 فأصبح لها 14 نائبا. كما كسب حزب بوشيحة أربعة مقاعد جديدة فأصبح له 11 نائبا. وحافظ الاتحاد الديمقراطي الوحدوي والحزب الاجتماعي التحرري على نفس عدد المقاعد (7 للأول و2 للثاني). أما « حركة التجديد » فقد خسرت مقعدين فأصبح لها ثلاثة نواب عوضا عن 5 في الفترة النيابية السابقة. وليس خافيا على أحد أن بن علي أراد معاقبة محمد حرمل وجماعته على احتضانهم « المبادرة الديمقراطية » وبلورتهم خطابا نقديا نسبيا خلال حملتهم الانتخابية. وقد أقصي من القسمة الجديدة العناصر الثلاثة التي أظهرت حماسا للمبادرة وهم محمد حرمل ونجيب الحلواني شقيق محمد علي الحلواني ونورالدين المطوي، وحافظ عادل الشاوش وثامر إدريس النائبان السابقان على مقعديهما وأضيف إليهما نورالدين الطرهوني عن دائرة بنزرت الذي لم يقم حتى بحملة انتخابية شكلية في جهته بشهادة كل الملاحظين. وإن ما يستغرب في هذا الشأن ما صدر عن الهيئة السياسية لـ »حركة التجديد » في بلاغها الصادر بتاريخ 1 نوفمبر من احتجاج على « إقصاء مرشحيها في التشريعية وخاصة منهم الأمين العام لحركة التجديد ». فكيف تعلن هذه الحركة التحاقها بالمعارضة الديمقراطية من جهة وتطالب بالانتفاع بما هو مخصص لأحزاب الديكور كرشوة سياسية من جهة أخرى؟
أما الملاحظة الثانية بخصوص هذه النتائج فهي أن بن علي حرص هذه المرة بشكل خاص على أن يكون نواب « المعارضة » الذين يرجع إليه وإلى مصالحه الأمنية الفضل في تعيينهم، من أكثر العناصر ولاء له من بين المرشحين للفوز برضاه. فالمطلع على قائمة « الفائزين » أو بالأحرى المعينين يلاحظ أنه لا يوجد بينهم عنصر واحد يتمتع بحد أدنى من الاستقلالية أو الإشعاع أو المصداقية. ولا نعتقد أن هدف بن علي من ذلك ينحصر فقط في رغبته في تحقيق « إجماع تام » حوله في مجلس النواب يجنبه انفلات بعض الأصوات كما حصل في الفترتين النيابيتين السابقتين وإقدامها، نتيجة ظروف معينة (إيقاف محمد مواعدة عام 1995..) على نقد بعض سياساته خاصة في مجال الحريات، ولكنه يتجاوز ذلك إلى رغبته في ضمان أن أيًّا من النواب المختارين لن يقدم في عام 2009 على تزكية أي مرشح مستقل للرئاسة بما أن القانون الانتخابي الحالي يشترط الحصول على تزكية 30 نائبا في البرلمان وبالتالي فإن الـ37 « نائبا معارضا » في الفترة النيابية الحالية قادرون نظريا على مثل تلك التزكية وهو ما يريد بن علي ضمان عدم حصوله من الآن بتعيين عناصر يقدر على التحكم فيها بسلاحيه المعهودين: الإرشاء والتخويف أو الترغيب والترهيب.
نتائج « الانتخابات » تعمّق أزمة شرعية النظام
تلك هي نتائج « انتخابات » 24 أكتوبر التي أجمعت وسائل الإعلام المستقلة في العالم أجمع على طابعها المهزلي. فسواء في تونس أو في الخارج كان التعليق واحد وهو أن ما حصل لا هو انتخابات ولا هو حتى ما يشبه الانتخابات بل تزوير في تزوير. وإذا كان بن علي وحزبه قد خرجا فائزين على الورق من هذه المهزلة وبنسب شبه خيالية تعكس ضخامة التزوير فإنهما خرجا منها خاسرين على طول الخط من الناحية السياسية إذ أنها عمقت أزمة الشرعية التي يعاني منها حكمهما. فمن يجرؤ اليوم على القول بأن حكم بن علي وحزبه يستمد شرعيته من صندوق الاقتراع أي من الشعب دون أن يثير السخرية؟ لقد ازدادت الدكتاتورية النوفمبرية افتضاحا والهوة القائمة بينها وبين الشعب اتساعا. وسقطت كل الأوهام عن إمكانية « إصلاح » هذه الدكتاتورية و »مقرطتها ». وإذا كان ثمة من منتفع مما وقع فليس الشعب بدون أدنى شك وإنما الأقلية الفاسدة والنهابة التي تسند بن علي وتطالبه بالبقاء في الحكم لأنها تدرك أن تغيير الحكم في تونس وإقرار مناخ من الحريات وخاصة منها حرية التعبير والصحافة وضمان استقلالية القضاء سيؤدي حتما إلى مساءلة أفرادها عن مصادر الثروة غير المشروعة التي جمعوها وعن الجرائم التي ارتكبوها على حساب تونس وشعبها. وهو ما يخشاه بن علي ذاته شأنه شأن كل الطغاة. فبقاؤه في الحكم عن طريق التزوير هو الضمان الوحيد لإفلاته من المحاسبة رغم أنه حوّر الدستور وأدخل فيه فصلا يمنحه الحصانة القضائية مدى الحياة ولكنه يعلم أن هذا الفصل لن يجديه نفعا إذا نهض الشعب وهبّ للتعبير عن إرادته. وتمثل الدول والشركات والمؤسسات المالية الامبريالية المنتفع الآخر من المهزلة الحاصلة لما تجده في نظام بن علي من ضمان لمصالحها الاقتصادية (نهب البلاد واستغلال شعبها) والسياسية والاستراتيجية (دعم المشاريع الامبريالية في المنطقة…). وهو ما يفسر صمت واشنطن وباريس وغيرهما من العواصم الغربية على تغيير بن علي الدستور في عام 2002 لتأمين بقائه في الحكم مدى الحياة في حين أنهما أقامتا الدنيا على تعديل البرلمان اللبناني الدستور لتمكين أمين لحود من نيابة جديدة بثلاث سنوات لأنهما لا يجدان فيه الأداة الطيعة المناسبة لخدمة مصالحهما ومصالح الكيان الصهيوني. كما أنه يفسر ابتهاج شيراك وحكومته والاتحاد الأوروبي عامة بنتائج « الانتخابات » وتوجيههم التهاني لبن علي في حين أن هذه الأطراف تحتج علنا على التزوير في أوكرانيا وترفض النتائج المعلنة مما يؤكد أن المصالح عندها هي المعيار للحكم على نزاهة الانتخابات في هذا البلد أو ذاك. أما النقود التي عبرت عنها الخارجية الأمريكية لسير الحملة ولنتائج المهزلة، فهي مجرد ذر للرماد في العيون. فإدارة بوش تسعى بتلك النقود المحتشمة إلى التغطية على المجازر التي ترتكبها في العراق للإيهام بأنها جادة في تكريس مشروع « إقامة الديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير ».
المقاطعة أمِ المشاركة: أيهما كان أقرب من الذهنية العامة للشعب؟
ولكن السؤال التقليدي الذي يطرح نفسه بعد المهزلة التي عشناها بعد 24 أكتوبر هو « ما العمل؟ » لتجاوز التحليل والتوصيف إلى الفعل للتأثير في مجرى الأحداث وخلق موازين قوى جديدة تمكّن من وضع حد للدكتاتورية ومهازلها ومن فرض إرادة الشعب وتكريس سيادته؟
قبل الرد على هذا السؤال لا بد من الإشارة إلى أن القوى الديمقراطية واجهت مهزلة 24 أكتوبر 2004 بصفوف مشتتة. فقد انقسمت في مستوى أول بين مقاطعة ومشاركة. وقد شملت المقاطعة معظمم الأحزاب السياسية (حزب العمال والتكتل الديمقراطي وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتحق بها الحزب الديمقراطي التقدمي قبل انتهاء الحملة الانتخابية بيومين) ومختلف التيارات اليسارية من وطنيين ديمقراطيين ووطنيين ديمقراطيين بالجامعة وشيوعيين ثوريين وقوميين وبعثيين وقسما واسعا من المستقلين، مع العلم أن حركة النهضة الإسلامية كانت دعت بدورها إلى المقاطعة. وهذه أول مرة تقاطع فيها قوى وتيارات سياسية بمثل هذا العدد وبمثل هذا التنوع انتخابات رئاسية وتشريعية وهو ما يعكس نوعا من التجذر السياسي في الساحة هو نتيجة لما راكمته الحركة الديمقراطية من تجربة في النضال ضد الدكتاتورية خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة. ولم تشمل المشاركة في آخر المطاف سوى حركة التجديد ومجموعة « الشيوعيين الديمقراطيين » وقسما من العناصر المستقلة « اليسارية » و »الليبيرالية ». ولكن لا المقاطعون ولا المشاركون (المبادرة والحزب الديمقراطي قبل انسحابه) تمكنوا من تكريس موقفهم في إطار جبهة موحدة. فالخلافات شقت كلا الفريقين لأسباب سياسية وفئوية. وقد أدى كل ذلك إلى عجز الحركة الديمقراطية بمختلف مكوناتها عن التأثير في مجرى الأحداث والبروز كقطب يعمل على أن يكون بديلا للنظام الدكتاتوري.
إن ما يمكن تأكيده بعد انتهاء المهزلة هو أن الحركة الديمقراطية كان بإمكانها أن تحتل موقعا أفضل في مجرى الأحداث لو أنها قاطعت هذه المهزلة بصفوف موحّدة. فقد بينت التجربة أن المقاطعة لم تمثل موقفا سياسيا سليما يبرره غياب أدنى شروط الانتخابات الحرّة فحسب ولكنها تمثل أيضا موقفا مناسبا للحالة الذهنية لعامة الشعب. فهذا الأخير قاطع المهزلة كما سبق أن بيّنا ذلك لأنه كان يدرك مسبقا أن نتائجها معلومة وأن صوته لا قيمة له وأن إرادته مداسة. وقد كان من شأن مقاطعة موحدة نشيطة أن تقرب القوى الديمقراطية من الشعب وتزيد في عزلة الدكتاتورية وتتركها تتحرك مع ديكورها الذي لا يتمتع بأية مصداقية. ولقد كنا نحن في حزب العمال بدأنا الدعوة إلى المقاطعة منذ أكثر من عام ونصف وسعينا بكل الوسائل (جريدة، بيانات، مناشير، تدخلات مباشرة…) إلى إبلاغ موقفنا هذا إلى جماهير الشعب حتى نكون قريبين من اهتماماتها ومشاغلها. كما أننا عملنا كل ما في وسعنا لإقناع مختلف فصائل الحركة الديمقراطية بضبط خطة مشتركة للقيام بمقاطعة نشيطة واستغلال كل الفضاءات العلنية والقانونية لذلك الغرض لكن موقفنا هذا لم يجد الصدى الكافي لدى الأطراف المعنية.
كما بينت التجربة أن المشاركة في المهزلة لم تكن موقفا سليما بل موقفا غذته أوهام سياسية مؤسسة على تقديرات خاطئة للأوضاع وليس أدل على ذلك من أن الحزب الديمقراطي التقدمي الذي كان أول من دافع عن المشاركة من « موقع احتجاجي » وحدد لمشاركته هذه هدفا متواضعا يتمثل في محاولة تعبئة النخبة و »جرّها » إلى الاهتمام بالشأن العام، دون وهم عن نتائج المهزلة، قد اضطر إلى الانسحاب خلال « الحملة الانتخابية « حتى لا يكون « شاهد زور » كما جاء على لسان أمينه العام، بعد أن تيقن أن تحقيق ذلك الهدف على تواضعه غير ممكن نتيجة القيود التي فرضتها السلطة على حزبه. وما من شك في أن هذا الانسحاب أسهم في مزيد فضح اللعبة.
ولا نعتقد أن « المبادرة الديمقراطية » التي فضّلت المشاركة حتى النهاية قد قدرت على تعبئة الجماهير وإقناعها بـ »المشاركة » وبجدواها. صحيح أن أنصار « المبادرة » سعوا في بعض الدوائر إلى تخطي بعض القيود التي فرضتها عليهم السلطة: توزيع كمية من بيان محمد علي الحلواني الممنوع، تنظيم مسيرة بالعاصمة ضمت العشرات للاحتجاج على حجز البيان الخ… ولكن هذه التحركات بقيت جزئية للغاية ولم تغير شيئا من واقع الأمور بل إن مقابلها كان باهظا. فقد وظفت السلطة تلك المشاركة لإضفاء طابع تعددي زائف على مهزلة معلومة النتائج مسبقا. لقد ارتكب أنصار « المبادرة » خطأين. الأول يتمثل في دعوتهم إلى المشاركة في انتخابات رئاسية يعرفون مسبقا أنها مزورة. فقد قامت على تعديل دستوري غير شرعي وغير مشروع يسمح لبن علي بالترشّح لولاية رابعة تفتح له باب الرئاسة مدى الحياة. كما يسمح له بتعيين منافسيه في المهزلة. وهذا ما يجعل انتخابات أكتوبر 2004 مختلفة عن سابقاتها. فقد كانت المشكلة في 1994 و1999 تتمثل في غياب تعدد الترشّحات للرئاسة وكان المطلب: حرية الترشّح. أما هذه المرة فقد انضاف عنصر جديد خطير وهو انقلاب بن علي على الدستور من أجل الرئاسة مدى الحياة إضافة إلى مواصلة سدّه الباب أمام حرية الترشّح عدا لمن اختارهم لـ »منافسته »، وبهذه الصورة أصبح شرط الانتخابات الرئاسية الحرة مزدوجا: عدم ترشح بن علي وحرية الترشح للآخرين وهو الشرط الذي لم يتوفر مما يجعل من المقاطعة موقفا ضروريا لأن المشاركة في إطار الانقلاب المذكور ووفقا لمقتضياته تعني، أحب أصحابها أم كرهوا، تشريعه. وهذا ما لا يريد أن يفهمه دعاة المشاركة الذين لم يدركوا أن مشاركتهم إلى جانب بن علي وهم يعلمون مسبقا أنهم غير قادرين على سد الطريق أمام بقائه في الحكم أو على الأقل إحداث أزمة هي موضوعيا تشريع للتزوير مهما كان الخطاب المرافق لتلك المشاركة. وإذا كان موقف البعض منهم ليس مفاجئا بما أنه اعتاد على المشاركة في كل المهازل في نطاق « الوفاق » مع الدكتاتورية فإن مشاركة بعض الأطراف الأخرى التي كانت نددت علنا بالاستفتاء هو الباعث على الاستغراب.
وما قلناه عن الرئاسية يمكن أن ينسحب في وجه منه على التشريعية إذ أن الظروف التي جرت فيها هي نفس الظروف ولم تخرج نتائجها على ما كان متوقعا. لقد بررت « المبادرة » مشاركتها في هذه المهزلة بكونها اختارت نهج « العمل الميداني » و »الاتصال المباشر بالشعب » على « البقاء فوق الربوة ». وعلاوة على كون هذا الخطاب سمعناه في كل المهازل الانتخابية السابقة حتى على لسان من كانوا يتواطأون مع الدكتاتورية ويدعمون سياساتها ويتلقون مكافآتها، فإن « العمل الميداني » و »الاتصال المباشر بالجماهير » لا يمكن أن يكون بالنسبة إلى أي حزب جدي، يدافع بحق عن مطالب الجماهير وطموحاتها نشاطا مناسباتيا، مرة كل خمس سنوات وفي إطار القيود التي تفرضها الدكتاتورية، بل هو نشاط يومي ودائم حتى وإن تكثف في بعض المناسبات. كما أنه نشاط لا يخضع لقيود الدكتاتورية بل يتجاوزها وفقا لمبدأ « حقوقنا نمارسها ولا ننتظر ترخيصا من وزارة الداخلية ». ثم إنه لا يمكن للمرء أن يضحي بالهدف من أجل مكاسب جزئية ومحدودة ذات طابع دعائي، فالعمل الميداني والاتصال المباشر بالجماهير ينبغي أن يرتبط بهدف أو أهداف تخدم حقا مصلحة هذه الجماهير في نطاق موازين القوى الموجودة. إن مبدأ « الهدف لا شيء والحركة كل شيء » هو مبدأ انتهازي معروف، يضخم الحركة ليطمس طبيعة الإطار الذي تندرج فيه والأهداف التي تخدمها. فهل يعقل أن يشارك المرء في انتخابات يقول إنها مزورة ومعلومة النتائج مسبقا بدعوى استغلالها للقيام بشيء من الدعاية المقيّدة بحدود صارمة من الدكتاتورية وهو لا يملك القدرة، بسبب الظروف الموضوعية والذاتية لتكسير هذه القيود؟ لقد كان بالإمكان لو توحدت الحركة الديمقراطية حول موقف المقاطعة وجندت نفسها لتكريسه مستغلة كافة الإمكانات القانونية وغير القانونية أن تقوم بأضعاف أضعاف ما قام به هذا الطرف أو ذاك من الأطراف المشاركة وأن تكون النتائج أفضل في علاقة بالشعب.
أما الخطأ الثاني الذي ارتكبه أنصار موقف المشاركة فيتمثل في عدم تقدير موقف عامة الشعب من المهزلة التقدير الصحيح. لقد بينا أن الشعب لم يكترث بهذه المهزلة وقاطعها عمليا. وهذه المقاطعة حتى وإن كانت سلبية فهي تمثل عنصرا إيجابيا من زاوية كونها تعكس عدم ثقة بنظام بن علي ومهازله الانتخابية. وفي حالة كهذه فإن مهمة القوى الديمقراطية الحقيقية لا تتمثل في حث جماهير الشعب على المشاركة في مهزلة لا تثق بها وفي زرع الأوهام في صفوفها بل في تعميق عدم الثقة تلك لدى الجماهير ودعوتها إلى تجاوز سلبيتها بتحويل عدم رضاها والنقمة التي تستبطنها إلى فعل سياسي بهدف المطالبة بالحقوق المسلوبة.
إن جماهير الشعب لم تكن في حاجة خلال الانتخابات الأخيرة إلى من يقنعها بالتجاوزات التي ارتكبتها السلطة في كامل مراحل العملية الانتخابية أو بعدم جديتها في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة لأنها كانت تدرك سلفا أن تلك الانتخابات مهزلة معلومة النتائج مسبقا وأن بن علي ليس له من هدف سوى البقاء في الحكم مدى الحياة، ولكنها كانت ولا تزال في حاجة إلى من ينظم صفوفها ويسلحها ببرنامج وتكتيك سليم ويقنعها بجدوى النضال ويعطيها المثال في التضحية من أجل مطالبها وطموحاتها. وهذا العمل لا يمكن أن يكون مناسباتيا ولا مقيدا بالحدود التي ترسمها الدكتاتورية. ولا نعتقد أن أنصار المبادرة ليسوا على بينة من أن دعواتهم إلى المشاركة لم يكن لها صدى في صفوف المواطنين. فهم أنفسهم يؤكدون تدني نسبة المشاركة.
النضال من أجل سلطة تستمد شرعيتها من الشعب
ومهما يكن من أمر فإننا ندرك تمام الإدراك أن الجدال حول المقاطعة والمشاركة لن ينتهي. لذلك علينا أن نركز الآن على ما بعد المهزلة الانتخابية للبحث في آفاق العمل المشترك خصوصا أن الاقتناع بالحاجة إليه أصبح أكثر حدة اليوم في صفوف المناضلين الديمقراطيين المنظمين والمستقلين على حد السواء. والتعامل مع هذه المسألة هو الذي سيبين اليوم إن كان الاختلاف حول المقاطعة أو المشاركة نابع من مجرد تقديرات مختلفة للظرف التكتيكي وللأشكال النضالية التي يقتضيها أم أنه أعمق من ذلك وله صلة بمفهوم النضال الديمقراطي وآفاقه. كما أنه سيبين من هي الأطراف الأشد حرصا على وحدة الحركة الديمقراطية وتقدمها.
ومن النافل أن الوحدة لا يمكن أن تكون هدفا في حد ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق مهمة أو مهمات مشتركة تستجيب لمقتضيات المرحلة التي يمر بها الصراع بين قوى الحرية والتقدم من جهة والقوى الرجعية والفاشستية من جهة ثانية. فما هي المهمات التي تمليها إذن مرحلة ما بعد المهزلة الانتخابية التي عرفتها بلادنا في 24 أكتوبر الماضي؟
إن من يطلع على البيانات والتصريحات التي عقبت هذه المهزلة يلاحظ إجماع مختلف الأحزاب والتيارات الديمقراطية والمعارضة بشكل عام على إدانة ما حصل.فالأحزاب الأربعة التي قاطعت الانتخابات وهي حزب العمال والتكتل الديمقراطي وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والحزب الديمقراطي التقدمي أصدرت بيانا بتاريخ 26 أكتوبر تطعن فيه « في نتائج هذه الانتخابات المزورة في كل مراحلها » وتدعو « كافة القوى الديمقراطية إلى رفضها » مذكرة بأن هذه النتائج « نتاج طبيعي » للتلاعب بالدستور وإرساء الرئاسة مدى الحياة وإقصاء القوى السياسية المعارضة من المنافسة وغياب مناخ من الحرية والاطمئنان » وهو ما يعني « فقدان الشروط الدنيا لانتخابات حرة ». أما « المبادرة الديمقراطية » فإنها وإن لم تصدر بعد تقييما رسميا للانتخابات فقد تحدثت في تغطية الانتخابات في صحيفة « الطريق الجديد » عن « عملية تزوير واسعة النطاق نفذت على مراحل وأدت في النهاية إلى تزييف الانتخابات وإلى التصريح بنتائج ونسب تصويت خيالية لا تمت إلى الحقيقة بصلة » (الطريق الجديد، 1 نوفمبر 2004، ص6). واكتفت « حركة التجديد » في البلاغ الصادر عن الهيئة السياسية بتاريخ 31 أكتوبر بالإشارة إلى « الخطورة البالغة » التي اكتساها ما جرى في انتخابات 24 أكتوبر لما اتسم به « من خرق واضح للقوانين والشفافية واستخفاف صارخ بصندوق الاقتراع وأصوات الناخبين والناخبات ». وسواء تعلق الأمر بالمبادرة بشكل عام أو بـ »حركة التجديد » بشكل خاص فإنه لم يصدر إلى حد الآن الموقف السيّاسي المناسب الذي يترتب عن توصيف الانتخابات بالتزوير والنتائج بالتزييف: فهل هما يقبلان بنتائج الرئاسية والتشريعية المزورة؟ وهل هما يطعنان في شرعية المنتفع بهذا التزوير؟ وهل أن رئاسة بن علي شرعية أم غير شرعية؟ وهل أن مجلس النواب الحالي شرعي أو غير شرعي؟ وما هو الموقف من تواجد ثلاثة ممثلين للمبادرة بهذا المجلس والحال أن الجميع يدرك أن تواجدهم هذا لم ينبع من صندوق الاقتراع بل من عملية التزوير الشاملة والمنهجية وعن تعيين القصر ووزارة الداخلية؟
وفي حقيقة الأمر فإن الإجابة عن هذه الأسئلة إما أنها ستقرّب طرفي المقاطعة والمشاركة في الحركة الديمقراطية وتُظهر أن الخلاف بينهما جزئي وظرفي نابع عن تقديرات مختلفة أو أنها ستبعدهما عن بعضهما وتظهر أن الخلاف بينهما هو فعلا خلاف عميق، يعكس نهجين مختلفين في النضال من أجل الديمقراطية في بلادنا، لأن المهمة المركزية للحركة الديمقراطية في المرحلة القادمة مرتبطة شديد الارتباط بالموقف من النتائج المترتبة عن التزوير المنهجي والشامل للعملية الانتخابية منذ استفتاء 2002 إلى اقتراع يوم 24 أكتوبر الماضي. فالمنطق السياسي السليم يقتضي بأن لا يتوقف المرء عند وصف ما حصل بالتزوير والتزييف بل من الضروري أن يخرج من ذلك بالاستنتاج الضروري وهو أن « ما بني على الباطل فهو باطل ». وبعبارة أخرى فإن السلطة الناتجة عن التزوير والتزييف هي سلطة غير شرعية. فلا رئاسة بن علي المؤسسة على استفتاء صوري وانتخابات مزورة شرعية. ولا المؤسسات التي سيعينها شرعية. ولا مجلس النواب المؤسس على انتخابات مزورة شرعي. معنى ذلك أن هذه المؤسسات لا تعكس إرادة الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة. وعلى هذا الأساس فإن المهمة المركزية للحركة الديمقراطية في المرحلة القادمة تصبح واضحة وهي النضال من أجل إقامة سلطة تتمتع بالشرعية. وهذه الشرعية لن تتأتى إلا عن طريق صندوق الاقتراع أي عن طريق انتخابات حرة ونزيهة. وهذه الانتخابات لها شروطها الدنيا وهي حرية التنظم أي التعددية السياسية وحرية الدعاية أي التعددية الإعلامية وحرية الترشّح والانتخاب والإشراف المستقل على العملية الانتخابية فضلا على حياد الإدارة واستقلالية القضاء.
وبطبيعة الحال فإن تحقيق هذا الهدف المرحلي -لأن لا أحد يزعم اليوم أنه مطروح للإنجاز « الآن وهنا »- يمر عبر نضال يومي، مباشر، من أجل مطالب واضحة تتم حولها تعبئة أوسع جماهير الشعب وتكتيل واسع للقوى الديمقراطية، يسمح تدريجيا بخلق موازين القوى الضرورية لبلوغ ذلك الهدف. وهذه المطالب المباشرة تشمل العفو التشريعي العام وإلغاء كل ما يبيح الرئاسة مدى الحياة ويحصن رئيس الدولة من المحاسبة القضائية ويمنع حرية الترشّح للرئاسة. كما تشمل إلغاء ترسانة القوانين الفاشية وتحرير وسائل الإعلام من هيمنة الحزب الحاكم وإخضاع الإذاعة والتلفزة لإشراف مستقل والاعتراف بكافة الأحزاب والجمعيات الراغبة في ذلك وإلغاء المجلة الانتخابية الحالية ووضع أخرى جديدة تضمن حرية الترشّح والانتخاب، وتنص على نظام انتخابي جديد كفيل بإفراز مؤسسات ممثلة لإرادة الشعب (التمثيل النسبي، القائمات الإسمية…) وتعهد بمراقبة الانتخابات لهيئة مستقلة، وتجرّم التزوير واستقلالية القضاء وفصل الإدارة عن الحزب الحاكم إلخ…
إن هذا التمشي مهم للغاية لأنه مدخل أساسي للنضال ضد الدكتاتورية لزعزعة أسسها وتقويضها من أجل إقامة نظام ديمقراطي. وهو تمشٍّ يرتقي بالحركة الديمقراطية إلى مستوى طرح مسألة السلطة محورا لنضالها كما يسلح جماهير الشعب بهدف واضح وشعار مركزي تتعبأ حوله. ومن شأن ذلك أن يقود في صورة النجاح إلى حركة جماهيرية قوية قادرة على الانتصار سواء اتخذت هذه الحركة شكل انتفاضة أو عصيان مدني كما نرى ذلك في العديد من البلدان التي تمكنت شعوبها من إسقاط الدكتاتوريات التي تسلبها حريتها. أما أن يسجل المرء احتجاجه على التزوير والتزييف ثم ينصاع من جديد إلى الأمر الواقع ويقصر تحركاته على مطالب جزئية دون أفق واضح في انتظار المشاركة في مهزلة جديدة (بلديات 2005 أو رئاسية وتشريعية 2009) بدعوى أن موازين القوى لا تسمح بغير ذلك فهو سقوط في نهج إصلاحي انتهازي خبرته الحركة الديمقراطية في تونس وهو نهج لا يخدم سوى مصالح الدكتاتورية. إن اختلال موازين القوى في الظرف الراهن لا يمنع حركة ديمقراطية جديرة بهذا الاسم من رسم أهدافها المرحلية التي تسعى إلى تحقيقها وفق خطة تأخذ بعين الاعتبار حالة تلك الموازين وتعمل على تغييرها تدريجيا. وهنا تكمن في الحقيقة إحدى نقاط التباين الجوهرية بين ما يمكن أن يشكل خطين أساسيين في الحركة الديمقراطية: الخط الديمقراطي المتماسك والخط الانتهازي المهادن للدكتاتورية.
هذا رأينا في مرحلة ما بعد المهزلة الانتخابية وهو رأي تناولنا فيه الجانب السياسي بشكل خاص لمحوريته أولا ولأنه يجمع قوى عديدة ثانيا. ومن البديهي أن النضال على هذه الواجهة المحورية لن يؤتي أكله إلا إذا ارتبط ارتباطا وثيقا بالنضال على الواجهات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأخذ فيه بعين الاعتبار البعدين الوطني والاجتماعي مع الدكتاتورية. فهذه المعركة ليست فقط من أجل الحرية والديمقراطية بل هي أيضا معركة ضد الفساد والاستغلال والتبعية وهي محاور تشغل بال الشعب التونسي وقادرة على تعبئته أيما تعبئة.
وفي الختام فنحن نعتقد أن عقد ندوة وطنية للقوى الديمقراطية في أقرب الآجال لمناقشة آفاق النضال الديمقراطي في بلادنا بعد المهزلة أمر على غاية من الأهمية حتى لا تترك القوى الديمقراطية الحقيقية الفرصة للدكتاتورية لتلتف على ما خسرته سياسيا في مهزلة 24 أكتوبر الماضي.
(المصدر: الطبعة الإلكترونية لـ « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، سلسلة جديدة، العـدد 23، عـدد مزدوج نوفمبر/ديسمبر 2004)
بعد الانتخابات العامة في تونس: كل الطرق تؤدي إلى بن علي
بقلم سهام بن سدرين، (الترجمة من الفرنسية علي مصباح) اتسمت ردود الفعل الأوربية على الانتخابات التونسية بالمجاملة، بينما اتخذت الإدارة الأميريكية موقفا أكثر تحفظا. وتشير منظمة إنترناسونال ميديا سبورت في تحليلها للمعركة الانتخابية بوضوح إلى إخلال الإعلام التونسي الحكومي لمهمته. تقرير الصحفية والناشطة في مجال حقوق الإنسان سهام بن سدرين أصدرت « أنترناسيونال ميديا سيبورت« (IMS)، وهي منظمة غير حكومية مقرها في الدانمارك، تقرير معايناتها حول التغطية الإعلامية للانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2004 في تونس. قيمت بعثة المعاينة سلوك وسائل الإعلام التونسية أثناء الحملة الانتخابية مستعملة في ذلك المعايير العالمية للتحليل الكمي والنوعي، وانتهت إلى خلاصة تفيد باحتكار شديد للفضاء الإعلامي من طرف الرئيس بن علي وحزبه التجمع الدستوري الديموقراطي(RCD): « لقد كان الرئيس بن علي العنصر المركزي لهذه الحملة بحصوله على معدل 77 بالمائة من الوقت المخصص للحملة في وسائل الإعلام السمعية البصرية وعلى 92 بالمائة في الصحافة المكتوبة »، يؤكد التقرير. فشل وسائل الإعلام لقد خضع الصحافيون إلى رقابة مشددة: « والصحافيون الذين تم استجوابهم يؤكدون أنه لم يكن يحق لهم نشر معلومات متأتية من أحزاب من المعارضة التي تعتبر راديكالية أو ذات توجه نقدي تجاه الحكومة »؛ « لقد استغلت الإدارة الحكومية بعض الموارد والعلاقات بصفة فاحشة من أجل تطويع محتوى تغطية الانتخابات ». « وقد أخلت وسائل الإعلام الحكومية بمهمتها، خاصة في ما يتعلق بالحقوق الأساسية المؤمنة في المسار الانتخابي: حق الناخبين في أن يكونوا على بينة من الاختيارات البديلة والمواضيع السياسية التي تهم المصلحة العامة. » « لقد خدمت وسائل الإعلام الحزب الحاكم على حساب الديمقراطية والمصلحة العامة. وبالنهاية فإن فشل وسائل الإعلام مؤشر على عدم قدرة النظام السياسي التونسي على التلاؤم مع المعايير الدولية في هذا المجال »، يستخلص التقرير في النهاية. هذا التقرير لا يتناول سوى وجه محدد من المسار الانتخابي وهو حرية التعبير. لكنه في ظل ما اتسمت به هذه الانتخابات من غياب لكل معاينة شاملة، يظل الشهادة الوحيدة على هذا الاحتكار الذي يمارسه بن علي وحزبه على الفضاء العمومي، شهادة تمت مراجعتها وتحقيقها من قبل فريق مستقل من الأخصائيين الدوليين. هذا الاحتكار هو ما يفسر النتيجة « السوفييتية » لنسبة ال94 بالمائة التي حصل عليها الرئيس بن علي؛ نتيجة « على المنوال التونسي » سيقول ثييس بيرمان الممثل الهولندي في البرلمان الأوروبي والمراقب الدولي لانتخاب أوكرايينا في تعليقه لوكالة الأنباء الفرنسية(AFP) عن عمليات التزوير المكثفة التي طرأت على انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني التي جرت هناك. رقابة شاملة لكن بن علي ليس في حاجة حتى إلى التزوير من أجل الحصول على هذه النتيجة. وراء واجهة التعددية هناك نظام محكم لتطويق الفضاء العمومي لا عن طريق السيطرة على وسائل الإعلام فقط، بل كذلك بفرض المراقبة على كل الوسائل المؤسساتية التي تسمح بالاتصال بالجمهور(حرية التجمعات والتنظيم والتظاهر) مكونا بذلك حصنا منيعا يسد الطريق أمام كل خيار بديل يمكن أن يحاول التعبير عن نفسه. « في تونس، كل الطرق تؤدي إلى بن علي »، يقول أحد الشبان معبرا عن خيبة أمله. أما الحجة التي يتذرع بها بن علي لتبرير »انتصاره الساحق » فهي ضعف المعارضة. « لكن كيف يمكن أن تتطور معارضة سلمية ترى نفسها ممنوعة من التعبير عن رأيها ومن التجمع ومن استعمال الوسائل العمومية من أجل إبلاغ صوتها إلى الجمهور، بينما يخضع عناصرها إلى الملاحقات بسبب انتمائهم إلى هذه الأحزاب المعارضة؟ وهل عرف الناس نظاما شموليا قد قَِبل بتطور بدائل ديمقراطية سلمية في ظل سيطرته؟ » يتساءل خليل الزاوية العضو القيادي في المنتدى الديموقراطي للعمل والحريات (FDTL)، وهو حزب معترف به قانونيا قد نادى إلى مقاطعة الانتخابات ورأى مقره يحاصر من طرف الشرطة في اليوم السابق على الانتخابات لا لشيء إلا لأنه دعا فرع جمعية ATTAC-Tunisie لعقد اجتماع لها هناك. بعد مرور شهر فقط على « الاستفتاء »-حسب عبارة صحيفة « »لابراس » الحكومية- الذي أقر بن علي في الحكم جاءت أولى التكريسات الساطعة لهذا التطويق الذي يمارس على الفضاء العمومي مجسدة في القمع العنيف الذي تعرض له اجتماع عام نظمته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في مدينة القيروان يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني لمناقشة محتوى المجلة اللانتخابية التونسية. وقد دعي إليه ممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني وأحزاب سياسية. « تم حشد عدد هائل من رجال الشرطة حول مقر فرع رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان بالقيروان حيث كان من المفترض أن ينعقد الملتقى، وكذلك في مداخل المدينة. وقد منع العديد من المشاركين من الدخول إلى المدينة. كما منعت قوات الأمن المناضلين المتجمعين حول مقر الفرع من الدخول قبل أن يتم تفريقهم بطريقة عنيفة. وقد تعرض العديد من الأشخاص إلى التعنيف والضرب الشديد ركلا بالأقدام من طرف الشرطة »، كما جاء في نص يعبر فيه « مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان » عن استيائه الذي نشر في رسالة مفتوحة إلى الرئيس بن علي بتاريخ 2 ديسمبر/كانون الأول 2004، والذي اختتم بهذه العبارات: « إن المرصد يعبر عن مخاوفه تجاه هذه الملاحقات وهذه التجاوزات التي تستهدف حرية التجمع السلمي. » بفضل عملية التلاعب بالدستور التي أجريت في ماي/نيسان 2004 والتي سمحت لبن علي بالتحايل من أجل الحصول على مدة رئاسية رابعة بعد 17 سنة من الحكم المطلق، قد غدا رئيس الجمهورية هو السلطة الوحيدة الحقيقية في جمهورية بلا مؤسسات. مظاهر لا غير! بالنسبة لأغلبية التونسيين الذين أدبروا عن هذه الانتخابات فإن هذا الاقتراع لا يمثل شيئا ذا أهمية؛ إنما المسألة كلها لعبة تحبير تتولى إخراجها وزارة الداخلية؛ الإله المهندس العملاق الذي يدير هذه العملية والذي يمنح بن علي الرقم الذي باركته رؤى العرافات كرقم مناسب كما تقر بذلك القوانين الفلكية، بينما يكون نصيب المنافسين ما تبقى من الأصفار والفواصل كل بحسب درجة ولائه. لكن هذه الانتخابات لا تمثل بالنسبة لبن علي كما بالنسبة لأوروبا سوى عملية إنقاذ للمظاهر لنظام لا علاقة له بالديموقراطية، ولكنه مطالب مع ذلك بالظهور بمظهر لائق أمام شركائه الغربيين الذين لا يودون كثيرا التورط في علاقات مع دكتاتوريات مفضوحة. لعل ذلك ما يفسر إمساك الأجهزة العالمية عن المجيء إلى تونس، هي التي من عادتها أن ترسل ملاحظين لمراقبة الانتخابات قد شهدناهم في رومانيا وفي الولايات المتحدة وناميبيا ومؤخرا في أوكرانيا. لقد كانت ردود الأفعال الأوروبية والفرنسية منها على وجه الخصوص تجاه انتخابات 24 أكتوبر/تشرين الأول بتونس مطبوعة بطابع المجاملة. هنأ الرئيس شيراك بن علي وأكد له « التشجيع الشخصي على المضي قدما في تعميق أواصر تعاوننا، وأن نواصل العمل معكم على تدعيم الشراكة الأورومتوسطية. » وبشيء من التحفظ، ولكن في نفس السياق عبرت رئاسة الاتحاد الأوروبي عن ارتياحها إلى « أن الناخبين كان أمامهم مجال للاختيار بين عدد من المرشحين للرئاسة و[…] يلاحظ أن المسار الذي قاد إلى انتخابات 24 أكتوبر في مجمله لم يسمح بمنح فرص متساوية لكل المرشحين. وبصفة عامة فإن مزيدا من حرية التعبير والتجمع سيكون من شأنه أن يدعم أكثر منجزات المراحل التي قطعت على طريق ديمقراطية منفتحة تعددية وممثلة. » أما الإدارة الأميركية فقد كان موقفها النقدي أكثر وضوحا: « لقد اتسمت هذه الانتخابات بنواقص خطيرة »، يؤكد مسؤول من دائرة الحكومة معتبرا أنه « لا يوجد فضاء سياسي حقيقي يمكن من مشاركة معارضة ذات أهمية »… »هناك تضييقات تحد من إمكانيات التعبير ومن إمكانية القيام بنشاطات سياسية مستقلة واستخدام وسائل الإعلام. وهناك أيضا أعمال ترهيب وملاحقات. »إلا أن هذا الممثل قد فضل الإدلاء بهذه الآراء دون التعريف بهويته. أما الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض فقد كان أكثر مواربة فيما هو يعبر عن تحفظاته: « إننا منشغلون لكون تونس لم تستغل كل ما لديها من طاقات »، يصرح آدم إيرلي نائب الناطق الرسمي باسم الدائرة الحكومية. لكن تونس ليست أوكرانيا! وقد تم فهم الرسالة في أوساط المعارضة التونسية كما يلي: « يمكن للتونسيين أن يكتفوا، على سبيل التعويض عن الحق في اختيار حر لمن يحكمهم، ب »الاستقرار السياسي » الذي تضمنه لهم القبضة الحديدية لحليفنا بن علي، وأن يؤجلوا لوقت لاحق طموحاتهم الديمقراطية! » نتيجة التلاعب بالدستور هناك نشاز واحد يمكن للمرء أن يسجله في مجمل هذه المواقف وهو موقف هيئة حقوق الإنسان المتفرعة عن المجلس الأوروبي والذي جاء على لسان رئيستها هيلين فلوتر: « إن هذا المسار ذا الانطلاقة السيئة يمس بمصداقية برنامج العمل الذي تم الاتفاق عليه في إطار سياسة الجوار وبموجب البند الثاني من اتفاقية التعاون. » أما المعارضة التونسية فإنها لا تخفي خيبة آمالها: « اليوم وبعد أن أسدل الستار على هذه « اللا-انتخابات »، لم يعد هناك من شك في أن عملية التلاعب بالدستور التي سبقتها وكذلك الطريقة التي جرت بها ونتائجها قد عملت على مزيد من خلخلة شرعية النظام الحاكم وتعميق الهوة التي تفصله عن المجتمع »، يصرح مصطفى بن جعفر السكرتير العام للمنتدى الديمقراطي من أجل العمل والحرية« (FDTL). بينما تصرح مجموعة أربعة أحزاب معارضة في بيان مشترك: « إن نتائج هذا الاقتراع هي نتيجة منطقية لعملية التلاعب بالدستور التي سنحت بخطة رئاسة لمدى الحياة، ونتيجة لتهميش القوى البديلة وعزلها عن مجالات الحياة العمومية، ولافتقاد الحريات ولولاء الإدارة وللمعيقات التي تحول دون وجود قضاء مستقل. وفي كلمة واحدة إنها نتيجة لغياب الشروط الأولية التي تسمح بتنافس نزيه وشفاف.مرشح المبادرة الديمقراطية السيد محمد علي الحلواني الذي لعب دور العنصر المزعج الذي أربك الآلة الانتخابية الرسمية ولم يحصل، خلافا لكل المؤشرات ذات المصداقية، إلا على نسبة 0،95 بالمائة من الأصوات، قدم اعتراضا إلى المجلس التشريعي من أجل إبطال صلوحية نتائج الانتخابات معتمدا في ذلك على وثائق عن التجاوزات الخطيرة والتزويرات المكثفة. يصرح محمد علي الحلواني: « كانت انتخابات سنة 2004 فرصة ضائعة بالنسبة لتونس… لقد استعملت كوسيلة للمكافأة والعقاب. مكافأة لأولئك الطيعين، وعقوبة ضد المعارضين الحقيقيين. إنه أمر خطير على تونس، خطير على الاستقرار. إن القطيعة القائمة بين انتظارات وطموحات الشعب من جهة وواقع النظام السياسي أمر خطير. » أجل، إنها نتائج خطيرة على ذلك « الاستقرار » التي يتذرع به النظام، لأن نظام بن علي، يسد كل سبل المعارضة السلمية، بصدد إعداد الأرضية الملائمة لكل أشكال التطرف العنيف؛ البديل الوحيد الذي سيكون بوسعه أن يرث السلطة في حالة حدوث فراغ على رأس الدولة. بقلم سهام بن سدرين، حقوق الطبع قنطرة 2004 الترجمة من الفرنسية علي مصباح 1- أعد هذا التقرير بالاشتراك مع Center for Media Policy and Developpement وثلاث جمعيات غير حكومية تونسية هي: الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمجلس الوطني للحريات بتونس، وجمعية النساء الديموقراطيات التونسية. 2- كثيرا ما يلجأ بن علي إلى رأي العرافات قبل اتخاذ قراراته السياسية. 3- الحزب الديمقراطي التقدمي، والمنتدى الديمقراطي من أجل العمل والحرية، مجلس من أجل الجمهورية والحزب الشيوعي العمالي التونسي.
(المصدر: موقع « قنطرة » الألماني بتاريخ 10 ديسمبر 2004)
عنوان الموقع: www.qantara.de
مائة مصباح من مشكاة النبـــــــــــــــــــوة
الحلقة السادسة عشرة
أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال » لويعلم الناس مافي النداء والصف الاول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون مافي التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون مافي العتمة والصبح لاتوهما ولو حبوا ».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضوعه:عماد الدين الصلاة والجماعة والتنافس على الخير وتزكية النفس : من أسباب تأخرنا أن الصلاة عندنا أضحت حركات بدنية لا روح فيها ولا نبتغي منها تحرير أنفسنا من سائر ضروب الرق وصنوف الاستعباد حتى تلك التي تختفي فينا ولا بتكريمها بسائر مظافر العلا ومراقي العز وهذا عند المقيمين للصلاة والمحافظين عليها ولك أن تتصور كم من مؤمن اليوم هو كذلك ظاهرا ثم تصور كم من هؤلاء تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر وتحرره وتكرمه . ولو لم يكن الامر كذلك لما إشتمل الاسلام على أمرين أولهما أنه جعل الصلاة في الدنيا أول فريضة على المؤمنين لا تغفل عنهم يوما واحدا فهي تعاودهم مرة كل أربع ساعات ونيف علىمدار العمر لا تفارق منهم مريضا ولا عاملا ولا غنيا ولا فقيرا ولا حاكما ولا محكوما ولا سليما ولا مقعدا لابد للقلب منها من حظ لو عجز المصلي عن تحريك عينه بها أو يده أو القيام أو القعود ولا تفرط في مسافر ولا مقيم إلا غافلا أو فاقد عقل حتى يفيق ويعقل وإن شئت زدت على ذلك أن تاركها كافر ربما قتل حدا عند هذا وكفرا عند ذاك أو أستتيب وربما فرق بينه وبين زوجه وآل ماله الى بيت المال وربماحبس وعزر عند آخر ينظر إليه نظرة المعافى إلى الاجرب الاجذم يتوجس من العدوى أما الشاطر فيها فهو إمام للناس فيها وفي غيرها يؤمهم ويعلمهم ويشير عليهم أما ثاني الامرين اللذين إشتمل عليهما الاسلام تقديرا لاول فروضه وزينة أهله في الدنيا فهو أن الانسان يوم القيامة يحاسب أول ما يحاسب على صلاته فإن صلحت بت في ملفه وعد من أهل الجنة وإن عسر حسابه وإن فسدت فلا ينظر في بقية ملفه القضائي كائنا ما كانت أعماله فضلا وتقدما ونفعا للناس بل هي بوار بائر وهباء منثور فالصلاة عماد الحياة إذا كان الدين عماد الحياة تماما كما أن العمود الفقري في جسم الانسان هو عماده وإلا أضحى كتلة من اللحم سرعان ما يسرع إليها الفساد وتنهشها الذئاب وما بقي للذباب .
مخ الصلاة التي هي مخ الحياة اربع : النداء والصف الاول والتهجير والبردين : من مظاهر العجب فينا أنك لا تجد في كتب فقه الصلاة سوى ما يقيم أودها الظاهري المادي وذلك هو مبلغ الفقه يوم تتخلف الامة فكتب الفقه لا تصنع المصلين إذن ولكن يجد فيها المصلي الحريص بعض ما يفيده لو أخطأ في صلاته أما فقه الصلاة كما يريدها الله سبحانه فيصعنه القرآن الكريم والسنة الصحيحة وسائر الكتب التي إستلهم أصحابها حقا فقه الصلاة فهم يبينون معانيها ومكارمها ومحاسنها ومقاصدها ومنافعها وأجزيتها في الدنيا والاخرة لذلك لم يزد عليه السلام في أول وأكبر فريضة على قوله » صلوا كما رأيتموني أصلي » كما أنك لاتجد صحابيا واحدا سأله يوما عليه السلام سؤالاواحدا عن الصلاة سؤالا بليدا شبيها بأسئلتنا نحن اليوم فيها وهم من هم لها حسن إقامة ولو سألتني لم لم أتردد بقولي بأن الصلاة فرضت عليهم وهم مشغولون بحسن إدارة الحياة إقامة للعدل والقسط جهادا واجتهادا واستشهادا وتكافلا وتضامنا فظلوا بذلك مشغولين ولم تزدهم الصلاة سوى إضافة على ذات الدرب أما نحن فلقد فرضت علينا الصلاة ونحن نتسكع على أزقة الحياة بعد ما اضحت الرسالة باهتة مترددة هل هي تعمير الدنيا وتخريب الاخرة أم العكس ولم يهتد سوى قليل منا إلى أن الامرين واحد فنحن إذن فارغون والفارغ يشغله كل ما يفرض عليه فيعكف عليه عكوف الطفل الصغير اللاهي بكومة تراب لا يلوي على من حوله . النداء الذي يرغب فيه هنا عليه السلام هو الاذان وهو يعني أمرين أولهما ممارسة الاذان فالمؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة أي أعلى الناس فلا يوطؤون كما يوطؤ النمل وثانيهما تلبية نداء الاذان حال سماعه ويتفاوت الناس في ذلك فراغ وقت وقوة يقين وليس لسوى إعلان شعائر الله وإكتساب الشجاعة اللازمة للاصداع بالدعوة إلى الله سبحانه ندبنا عليه السلام لسرعة تلبية نداء الاذان . أما الصف الاول فيعني أن المصلي حريص على صلاته في جماعة حريص على حسن إستعداده لها بالتفرغ النفسي وإصابة شئ من الذكر أو التلاوة وإسباغ الوضوء والقرب من موقع الامامة يتعلم ويحسن الاستماع ويحسن الاصلاح لو وقع الخطأ والاسلام دوما يحض على الامامة ومراتبها في كل خير لا على مجرد الاتباع إذ يخشى من يجد نفسه دوما في الصف الاخير أن يستبد به التقليد فلا يصيب خيرا ثم تأكله الامعية كشاة توشك أن تتخلف فيتهددها الذئب وذئب الانسان الشيطان وفي أيامنا ربما لا يجد من هو في الصفوف الخلفية وربما خلف الجدر والحواجز حسن إستماع من خطيب الجمعة ولا من الواعظ وربما فاته خير كثير كثيرا ما لا تفي به المصادح المبثوثة .أما التهجير فهو في صلاتي الظهر والعصر وربما برد الناس لصلاتهم وربما هجروا وعلام تواضعوا فلا يحسن بالمؤمن سوى تلبية النداء والمتخلف عن التهجير الى الصلاة يخشى على نفسه أن يكون من المخلفين يوم العسرة الذين لم يتخلفوا عن نفاق ولكن عن تسويف وتكاسل ورغبة في يوم آخر في ظل شجر المدينة وثمرها وليس أثقل على النفس بعد التجافي عن المضاجع من الليل سوى هجرانا للظلال الوارفة وتعرضا لفيح نار القيظ اللاهب ولامر ما كان الجزاء من جنس العمل فالمشاؤون في الهجير إلى المساجد آمنون من هجير الاخرة وفي المناطق الحارة ليس ألذ من القيلولة التي تطلق البدن من عقال الضحى وكده وعليه يقاس الحبو إلى الصلاة أي صلاة البردين الصبح والعشاء سيما في المناطق التي تشتعل بردا وتكسوها الثلوج حتى أنه بشر عليه السلام من صلاهما في جماعة كان في ذمة الله وفي حمايته سائر يومه وكان كمن قام الليل بأسره. ولامر ما ذكر عليه السلام الاستهام أي القرعة لكل تلك المطالب من نداء وتهجير وصف أول والحبو لادراك البردين في جماعة ولو ذكر العبد قوله يوم القيامة » و يدعون الى السجود فلا يستطيعون خاشعة ابصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون الى السجود وهم سالمون » لسارع الى كل ذلك قبل فوات الاوان ولقد كان عليه السلام لا يجد عذرا لابن أم مكتوم وهو أعمى في عدم إجابة النداء إلى مسجد يبعد عنه أميالا لا مئات من الامتار وراجلا بدون عينين في ظلام الليل الدامس لا بصيرا في سيارة لا يعرف الظلام الى المدينة المضيئة ليل نهار سبيلا وفي طرق معبدة وأمن من الزواحف والهوام والدواب حل محلها جميعا رقيب السلطان يحصي المصلين من الشباب وهو يرجو أن يعمروا المواخير والحانات والشطآن الفاضحة والمراقص والعلب الليلية لعله يستريح من معارضتهم ورب حاب الى المساجد اليوم منطلق فوق الصراط كالبرق ورب معربد اليوم متبرج بقوته مستعل بسلطته مستغن بسحته حاب غدا كنمل صغير حقير تطأه ارجل المؤذنين.
ماهو السر في كل هذه القيمة لصلاة الجماعة ؟: مكارم الصلاة لاتحصى فهي نهر يطهر المؤمن كل يوم وليلة خمس مرات فلايبقىمن درنه عليه شئ فالصلاة إذن حمام دافئ للبدن يجعله دائم النظافة والطهارة متناسبا مع الفطرة في الشعر والاظافر والبراجم والرائحة والثوب والبيت وفنائه وهي بعد ذلك زكاة للنفس إذ تطرد عنها الكسل والاثرة وتعلمها القيام والسعي والتضحية وهي بعد ذلك ترسم للعامل النشيط برنامجا يوميا للحياة يبدأ منذ الصباح الباكر ويمتد حتى الليل وله فيه وجبات راحة وله يوم راحة اسبوعية هو يوم الجمعة وهي بعد ذلك تعلم الاسرة سيما الابناء الاسلام في ابجدياته الاولى تأسيا بالابوين العابدين وهي بعد ذلك ترص صفوف الجماعة رصا وما ينبجس كأثر عن صلاة الجماعة من خير للجماعة ماديا ومعنويا لا يحصى وليس أولها التعارف أساس الوجود الانساني بأسره وليس آخرها التكافل والاهتمام بالشأن العام والاصلاح وصلاة الجماعة تعلم الوحدة والنظام وحسن المظهر ورص الصف والتعاون والاصلاح حال خطأ الامام أو غيابه وهي تعلم فن التعامل مع الناس ومراعاة الذوق العام بما فيه من طيب وحسن مظهر وتجمع الرجال والنساء والاطفال وتعلم عبر الخطب وسائرمناشط المسجد الدين والدنيا معا وتؤاخي بين الناس وتقضي حوائجهم الدنيوية وتعلم فن المعمار وفنون الزينة وزركشة المسجد والعناية به وهي بعد ذلك محطة للدعوة من خلال الاذان وصلاة الجمعة والاعياد وسائر الصلوات غير القارة كالاستسقاء والخسوف والكسوف فالصلاة تعلم الانسان فن الحياة في البيت والشارع والمسجد وفن الاجتماع والتكافل والتعاون والدعوة والتحضر والترقي وطلب الكمالات في الدين والدنيا فمقيم الصلاة في الجماعة في المسجد حي أبدا وسواه حي بقدر فعل ذلك وميت بقدر تخليه عنه فاختر بين الحياة وبين الموت ولا تختر سوى الحياة تكن غدا حيا
الهادي بريك / ألمانيا
التصحر الديموغرافي (في تونس، ملاحظة من التحرير)
عبد اللطيف الفراتي (*)
أفصح التعداد العام للسكان الذي جرى في تونس في شهر ابريل الماضي عن نتائجه في أواخر شهر نوفمبر الماضي متأخرا عن المقدر بعدة أشهر. وبعكس التوقعات فإن عدد سكان تونس لم يتخط في منتصف عام 2004 عتبة العشر ملايين التي كان متوقعا تجاوزها قبل ذلك بسنوات. وفي شهر ابريل 2004 برز أن عدد سكان البلاد كان في مستوى 9 ملايين و910 آلاف وأن سنة أخرى ينبغي أن تمر وعلى الأقل للوصول إلى تلك العتبة المنتظر الوصول إليها منذ سنوات.
ولعل تونس هي الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في مجال التنظيم العائلي الذي بدأت سياساته منذ سنة 1966 عندما كان بورقيبة الرئيس السابق هو الذي أطلق صيحة فزع من الانفجار الديموغرافي الذي يحول دون تطور حقيقي للدخل الفردي بالرغم من نسب النمو العالية نسبيا.
غير أن السنوات الأخيرة قد شهدت نجاحا كبيرا بالوصول إلى أدنى مستوياتها، صدد التحول في نظر بعض الديموغرافيين إلى غير المقصود. وتشير دلائل عديدة إلى أن نسبة النمو الديموغرافي في العامين الأخيرين قد انخفضت إلى ما يوازي 1.01 إلى 1.2% ما يعني بطئا في تطور عدد السكان مشابها لذلك المسجل في بعض بلدان جنوب أوروبا. كما إن هناك رقما آخر يبعث على الحيرة وهو معدل الخصوبة عند السيدات الذي نزل هو الآخر إلى مستويات دنيا، وهذا المعدل هو الذي يشير إلى عدد الأطفال الذين تلدهم المرأة طيلة حياتها الخصبة وهو معدل نزل في تونس إلى مستوى 1.9 أولاد لكل امرأة أي بالضبط ما يساوي النسبة نفسها المسجلة في فرنسا التي وصلت إليها بعد 150 سنة من التطور في ضبط عدد الولادات مع خلفية لتحسن في الأداء الصحي، وتثاقل في أعداد الموتى وتأخر سن مؤمل الحياة والهبوط بعدد وفيات الأطفال إلى أدنى مستوياته.
وإذا كانت فرنسا حققت ذلك على مدى 150 سنة ففي تونس تم تحقيق ذلك على مدى 15 سنة فقط ليس فقط بسبب السياسات الحكومية في مجال تنظيم العائلة وهي سياسات إرادية قوية ولكن أيضا بسبب تطور كبير في العقليات وانتشار التعليم واكتفاء العائلات الجديدة وفي أحسن الحالات بطفلين أو حتى الامتناع عن الإنجاب وتأخيره إلى أبعد مدى حتى يفوت الوقت المناسب في كثير من الحالات.
غير أن الجانب الإيجابي لهذا كله لا ينبغي أن يخفي السلبيات المتمثلة في أن تونس بصدد الانزلاق على منزلق لا بد من تقييم أبعاده وآثاره على المستقبل.
وهي إذ تعيش في محيط إقليمي ما زال لم يول قضية التزايد الفوضوي للنسل أية أهمية تذكر بحيث تأتي زيادة السكان على الأخضر واليابس ولا تمكن من الاستفادة القصوى من نسب النمو المسجلة وهي غالبا غير قوية في عالمنا العربي قياسا بالتنينات الجنوب شرق آسيوية، فإن لتونس أن تخشى من نوع من التصحر الديموغرافي الذي يجدر أن يكون محل تساؤل في البلاد وأن تطرح إشكالياته بقطع النظر عن الإجابات المحتملة.
وإذا كان هناك من يطرح نوعية الناس المقيمين في بلد ما والمستوى المعيشي الذي يتحركون فيه على أساس المقولة العربية « واحد كألف » فإن الوجه الآخر للعملة هو أن الفراغ الديموغرافي ليس أمرا جيدا في كل الأحوال لما للعمق الاستراتيجي الديموغرافي من أهمية.
وإذا استمر هذا الحال في تونس وكل الدلائل تشير إلى أنه سيستمر وإنه اتخذ طريقا بلا رجعة فإن الخوف من أن دراسة الإسقاطات السكانية في سنة 2029 التي كانت تعتبر دراسة جيدة ستكون بعيدة عن الواقعية في استنتاجاتها سواء كانت متفائلة أو متشائمة بحسب وجهة النظر.
فما كان يعتبر متفائلا قبل بضع سنوات غير بعيدة أي ينزل بتوقعات أعداد السكان إلى المستوى الأدنى المنتظر أصبح في نظر البعض متشائما خوفا من أن تتحول تونس إلى بلد يعاني من التناقص السكاني على شاكلة عدد من البلدان الأوروبية مثل تشيكيا أو إيطاليا أو بعض الدول الإسكندينافية التي يهددها شبح قد يبدو غير واقعي بالانقراض السكاني أو على الأقل نزوله إلى مستويات شديدة الخطورة على توازنات تلك البلدان. ووفقا لآخر أرقام التعداد العام للسكان في تونس فإن الآراء تختلف بشأن مدى ضرورة ـ أو عدم ضرورة ـ إطلاق صيحة فزع بشأن المستقبل الديموغرافي للبلاد، وفي وقت ينتظر فيه أن يتضاعف سكان بلدان مجاورة لتونس في أفق ما بين 2030 و2050 وهذا في أدنى الاحتمالات بينما لن يصل عدد السكان التونسيين إلا لما بين 12 مليون و13 مليونا في أحسن الاحتمالات ليستقر عند تلك الأرقام ثم ليبدأ بالتراجع.
(*) صحافي وكاتب تونسي
(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2004)
منتدى المستقبل بين « جلب الديمقراطية » و إستراتيجية الهيمنة
توفيق المديني (*)
هناك شبه إجماع في العالم العربي على أن منتدى المستقبل الذي انبثق في شهر يونيو الماضي عن قمة الثماني الأخيرة، التي عُـقدت في مدينة سي أيلاند (ولاية جورجيا الأمريكية(، وتناولت بدرجة أساسية مسألة التنسيق فيما بينها حول ما يتعلق بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي في منطقة الشرق الأوسط الموسع أو الكبير التي تمتد من المغرب إلى أندونيسيا, والذي استمرت أعماله في المغرب يوم 11 ديسمبرالجاري , بمشاركة أكثر من عشرين دولة عربية وأجنبية من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وممثلين عن مجموعة الثماني على مستوى وزراء الخارجية والمالية, إذسيركز المنتدى بصفة خاصة على الإصلاحات السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافة إلى محاولة إيجاد حلول لمشكلات الحدود في منطقة المغرب العربي، والنزاع المغربي الجزائري حول الصحراءالمغربية والخلاف الليبي الموريتاني, هذا المنتدى بوصفه المؤتمر الأول في إطارمايسمى » مشروع الشرق الأوسط الكبير »الذي يهدف إلى تطوير الديمقراطية في العالم العربي , لا يحمل أية مبادرات جديدة لتشجيع الإصلاح الديمقراطي الحقيقي.
فبعد أن كانت مهمة « إصلاح المنطقة » تحتكـرُها الولايات المتحدة من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي طرحته إدارة الرئيس بوش، أصبحت المهمة دولية، وتتولّـى الإشراف على تنفيذها ومتابعة مراحلها كُـبريات الحكومات الغربية. و كان الرئيس بوش يتحدث عن « جلب الديمقراطية » إلى العالم العربي منذ عام 2002. و منذ ذلك التاريخ , فإن الموقف الشعبي في العالمين العربي و الإسلامي تلون بقدر عالي من القتامة و الكراهية الشرسة للولايات المتحدة الأمريكية , و ذلك للأسباب التالية :
1: التطابق الإستراتيجي في الرؤى و المواقف بين الولايات المتحدة الأمريكية و الكيان الصهيوني إزاء كيفية التعامل مع الصراع الفلسطيني –الصهيوني , وإعطاء الرئيس بوش الضوء الأخضرلحكومة شارون بتصفية المقاومة الفلسطينية , و بالتالي تصفية القضية الفلسطينية , تجلى ذلك في التحول الرئيسي في الموقف الأمريكي من المستوطنات وحق العودة و يناء السور من خلال خطاب الضمانات الذي سلمه بوش لشارون والسماح له بتجزئة المرحلة الأولى من خارطة الطريق إلى عدة مراحل أدت إلى تأجيل احتمالات تنفيذها من المستقبل المتوسط إلى المستقبل البعيد.
2: عملية غزو العراق واحتلال الولايات المتحدة لدولة عربية وهي سابقة تاريخية تجعل العرب ينظرون إلى الولايات المتحدة كامتداد لمرحلة الاستعمار البريطاني والفرنسي لأراضيهم.
3: تصاعد التهديدات الأمريكية لسوريا وإيران يعمق الشعور بأن الولايات المتحدة تسعى للهيمنة الإقليمية وتنفيذ خطة القرن الأمريكي الجديد التي رسمها المحافظون الجدد.
4: التصعيد المحتمل ضد السودان حول أزمة دارفور حتى بعد أن رضخت حكومته للضغوط الأمريكية وقبلت بتقاسم السلطة والثروة مع الجنوبيين.
5:تردي العلاقات الأمريكية مع الدول العربية الصديقة خاصة السعودية ومصر وانحسار علاقات التعاون الاستراتيجي معها,ونزوع الولايات المتحدة إلى تجاهل التشاور مع الأطراف العربية حول خطط الإصلاح قبل طرح مبادرتها المسماة « الشرق الأوسط الكبير » مما زاد الشكوك العربية حول رغبة واشنطن في فرض التغيير على العالم العربي.
« منتدى المستقبل » هوطبعة جديدة ومنقحة من مبادرة الاصلاح في الشرق الأوسط الكبير، والتي أطلقتها الادارة الأمريكية عقب احتلال العراق، وقوبلت في حينها بقلق وشجب في العالمين العربي والاسلامي، واعتبرتها حكومات عربية عدة محاولة لفرض المنظومة القيمية الغربية.وتنزوع الولايات المتحدة إلى استخدام تعبير الشرق الأوسط عند الحديث عن المنطقة العربية والكف عن استخدام تعبير »الوطن العربي أو العالم العربي ».و يطلق الغرب الرأسمالي الاستعماري و الإمبريالي على الوطن العربي اسم » الشرق الأوسط وشمال إفريقيا » وذلك في نظرته التفكيكية ، والابدالية ، والاستملاكية ، والاقتلاعية للعرب ، على الرغم من معرفته بأن العرب يشكلون أمة واحدة ، وشعباً واحداً يعيش على امتداد مساحة جغرافية واحدة ، ويتكلم لغة عربية ، ويعبد في غالبيته العظمى ديناً اسلامياً توحيدياً ، وهويته هي الهوية العربية الإسلامية .
المحللون الغربيون الذين يتابعون مؤتمر المغرب, يطرحون السؤال التالي :ما هو القطاع من المجتمعات العربية الذي ستعمل معه مجموعة الثماني لإحداث التغيير والإصلاح؟
فإذا اقتصر عمل الإدارة الأمريكية و الدول الأوروبية الرئيسة على التعاون مع الحكومات العربية الراغبة في اتخاذ خطوات الإصلاح، فإن نطاق الإصلاح سيكون أضيق بكثير مما لو اختارت مجموعة الثماني أن تتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، إضافة إلي الحكومات الراغبة.فهناك تحديات جمّـة تواجه تنفيذ مشروع الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي ، أولها عدم وجود آلية لضمان تحرك دول المنطقة بالفعل نحو الإصلاح السياسي، لا من خلال ربط المساعدات الخارجية بمدى ما تحقق من خطوات الإصلاح، ولا من خلال منح حوافز لتشجيع التحرك نحو الإصلاح المنشود، وبذلك، لم تحدد المبادرة الجديدة الأمريكية استراتيجية واضحة للتنفيذ.
كما أن هناك تحديا آخر يتمثل في أن المشاعر المعادية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وصلت إلى ذِروتها بسبب بسبب الإنحياز الأمريكي المطلق للكيان الصهيوني من ناحية، والوضع في العراق خاصة في أعقاب فضيحة سجن أبو غريب، و الهجوم على الفلوجة, وهو وضع جعل الولايات المتحدة الأمريكية مكروهة في المنطقة , الأمر الذي يصعب فيه الاستجابة لأي دعوة أمريكية إلى الإصلاح في « الشرق الأوسط , وشمال إفريقيا ».
و تشعر الجماهير العربية عن تكاثر تحديات التأثير الأمريكي – الصهيوني في السياسات المحلية لدول جنوب المتوسط، وذلك من خلال مؤسسات وآليات متعددة، و مشاريع تخدم في الحقيقة التاريخية إقامة مشروع » الشرق الأوسط الكبير » الذي يأتي ضمن ثوابت الاستراتيجية الأميركية التي تخوض معركة التغلغل والسيطرة على الوطن العربي بأساليب مختلفة ، أولهما ضمان أمن وتفوق الكيان الصهيوني نوعياً بفضل المساعدات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية التي قدمتها وتقدمها الحكومات الأميركية المتعاقبة ، وثانيهما ضمان التدفق الحر لنفط الشرق الأوسط بأسعار معقولة ، ويأتي أيضاً ضمن الميثاق الوطني التاريخي لمطامع وتطلعات الحركة الصهيونية العالمية في الوطن العربي . وإذا كانت ثمة قيود على المطامع الإقليمية للحركة الصهيونية ، فإن لا حدود لمطامعها الاقتصادية .
و تعمل الولايات المتحدة الأمريكية من خلال إستغلال التهديد الإسلامي الأصولي , والهم الأمني الذي يرمي بكل ثقله على دول المنطقة , و الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلدان العربية _-التي باتت توفر الأرضية الملائمة لتطور الأطروحات الأصولية المتطرفة, على بناء مشروع » الشرق الأوسط الكبير » ، برضى ودعم أوروبا الغربية ، و بعض الدول العربية المؤيدة لهذا المشروع , الذي يمثل شحنات إضافية جديدة للكيان الصهيوني في زيادة تنمية قوته وقدراته .فقوام هذا المشروع هو توزيع النفوذ والهيمنة بين التكتلات الاقتصادية العملاقة (أميركا – اليابان – ، وأوروبا الغربية ) ومع الاحتفاظ بالمركز الأول للولايات المتحدة الأميركية بحكم ما تستأثره من تفوق مطلق في القوة العسكرية والهيمنة السياسية و الاقتصادية على المنطقة العربية وبين الكيان الصهيوني الذي اصبح يحتل المركز الأول المتفوق على الصعيد الإقليمي .
(*) كاتب ومحلل تونسي
(المصدر: جريدة البلد اللبنانية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2004)
الشعوب العربية ليست قبائل ماو ماو
د. أحمد القديدي (*)
في برنامج تليفزيوني بقناة الجزيرة، تقابل رجلان من المغرب العربي للجدل حول صدقية الانتخابات في بعض الدول العربية ومدى تعبيرها عن الرأي الحقيقي للشعوب، وهو موضوع فيه اختلاف، وفيه بالطبع اختلاف المتناقشين الاثنين، والاختلاف مطلوب من قبل صاحب هذا البرنامج، ويتحول أحيانا الى خلاف مما لا يفسد للود قضية على كل حال حسب الحكمة العربية.. وأنا لا أريد في هذا التعليق القصير أن أدلي برأيي، بعد أن أدليت به مرات عديدة في نفس ذلك البرنامج وعلى نفس القناة، لكني أريد فقط التعبير عن أشد العجب من اعتقاد راسخ لدى أحد المتجادلين، بأن الغربيين عموماً والفرنسيين تحديداً يستحقون الديمقراطية وحقوق الانسان لأنهم – كما قال هذا الرجل حرفيا – لديهم فطاحلة الفكر أمثال «فولتير ومنتسكيو وجاون جاك روسو» مهدوا للفكر الديمقراطي وأسسوا مدرسة التنوير ونظروا للدساتير الليبرالية، واضاف المتحدث المتحمس لبرهانه: اين نحن العرب من هذا؟ وللحقيقة قررت حينما سمعت هذا السؤال ان اساهم بقسطي المتواضع للجواب عليه، توسماً للخير في هذه الحوارات التي يجب ان تستمر عبر وسائل الاعلام ومنابر الثقافة. ولا اخفي مدى صدمتي وأنا اسمع من فم مثقف عربي نكرانا لكل التراث العربي الاسلامي في مجال الحريات واحترام العقد الرابط بين الحاكم والمحكوم، وقد اضيع في خضم الرصيد العربي الممتد من المحيط الى الخليج في هذا الباب فقط اي الفكر السياسي العربي الاسلامي الزاخر كالبحر بعمالقة كبار تركوا للإنسانية كلها أهرامات من المعاجم وامهات الكتب خلال خمسة عشر قرنا من الحضارة. وخشية أن اضيع بين الكنوز الفكرية رأيت ان يقتصر كلامي على بلاد المتحدث نفسه، تونس، وعلى جزء يسير من اسهامها في اثراء الثقافة العربية والاسلامية والعالمية، قبل قرون طويلة من العظماء الفرنسيين الذين ذكرهم الأخ الفاضل واستشهد بفكرهم الثاقب لاستحقاق الديمقراطية دون العرب.. الذين قدمهم على كونهم ايتام مجد وناقصي حضارة وتونس العربية هي التي انجبت العلامة عبد الرحمن ابن خلدون، صاحب كتاب المقدمة وفي هذا الكتاب كان العلامة هو اول من طالب الملوك بسن دستور واضح يحدد الحقوق والواجبات ويكون بين ولي الأمر وشعبه عقداً سياسياً ونظاماً للملك، وسبق أن كتبت مقالاً في هذه الصحيفة الغراء بعنوان: «ابن خلدون اول من طالب بسن الدستور في العالم» ثم لو رجعنا الى القرن الخامس للهجرة لوجدنا المدرسة القانونية والعلمية والفكرية والطبية القيروانية التي تأسست حول الجامع الأكبر جامع عقبة ابن نافع والذي كان في الواقع جامعة بأتم مشمولات الجامعات، فسنجد القاضي الجليل الإمام سحنون التنوخي الذي عينه الأمير ابراهيم ابن الاغلب قاضيا على افريقية فرفض القضاء واشترط ألا يقبل المنصب حتى يقاضي الأمير نفسه وأهل بيته وحاشيته المقربين، فقبل الأمير شرط الإمام سحنون، وأعطت تلك الحادثة للقضاء الاسلامي وسام استقلالية واستقامة وعدل وما نسميه اليوم بالتفريق بين السلطات، وفي نفس ذلك العصر برع في العلوم الطبية الحكيم ابن الجزار وفي علوم العلاج النفسي الحكيم اسحاق ابن عمران الذي ترك للبشرية كتابه «رسالة الملنخوليا» والتي تطالب بعلاج الوسواس «واسمه من الأصل اللاتيني الملنخوليا» بالموسيقى وبزرع المريض في وسطه العائلي، في عصر كان الأوروبيون فيه يحكمون باحراق المرضى النفسيين بحجة انهم من السحرة والشياطين. واينعت مدرسة الملاحم الأدبية كذلك على أيدي الحصري القيرواني صاحب قصيدة: ياليل الصب متى غده،و التي غناها عبدالوهاب وأثنى عليها احمد شوقي، وهذه المدرسة الفكرية هي التي نشأ فيها العلامة اللغوي ابن منظور صاحب لسان العرب (الحجة الثانية في اللغة العربية بعد القرآن) والذي انتقل الى مصر مثل ابن خلدون. ومثل الأمير القيرواني المعز لدين الله الفاطمي والذي أسس القاهرة بشكلها العظيم وهي تحمل الى اليوم اسم القاهرة المعزية، كما أسس قائد جيشه جوهر الصقلي جامع الأزهر الشريف عام 970م. وكان التاريخ العربي كله واحدا، حين كانت القوافل تنقل المجلدات والبضاعة والناس، بدون حدود وبدون حواجز. ولعل القارئ الكريم يلاحظ لي بأن هذا مجد غابر! والجواب هو ان هذا المجد تواصل ولم ينقطع حتى بلغ القرن التاسع عشر، حيث ازدهرت المدرسة الاصلاحية التي تزعمها في تونس الوزير خير الدين باشا «قبل ان يتحمل امانة الوزارة الكبرى لدى الباب العالي باسطنبول».
واين ابي الضياف صاحب كتاب اتحاف اهل الزمان، وتزعمها في مصر مصلحون افذاذ امثال رفاعة الطهطاوي ورشيد رضا ومحمد عبده، وتزعمها في الشام عبدالرحمن الكواكبي صاحب طبائع الاستبداد، ولم ينقطع العطاء العربي في الفكر السياسي الى اليوم بفضل مفكرين وعلماء مجتهدين.
ومن أجل هذه الأسباب الموضوعية يجب ألا نصاب بداء احتقار الذات، وتبرير ما لا يبرر، ببرهان ان العرب لم تكن لديهم حركات تنويرية واصلاحية تمهد للحكم الراشد والسليم الذي هو صمام الأمان الأفضل ضد المغامرة والعنف والتخلف. ان الحكمة تقتضي البدء بقراءة نقدية وعلمية لتراثنا، والتعاون بيننا كعرب لتنزيل ما هو صالح منه على واقعنا العربي الراهن. لا بقصد العودة الى الوراء ولكن بغاية الانطلاق من منطلقاتنا الاصيلة والاعتزاز بها وتوظيفها لخدمة الأمة، لا نكرانها والتنكر لها وتعويضها بالدخيل. مما يغرس في عقول اجيالنا الجديدة نوعا من أنواع احتقار الهوية والانسلاخ عن الجذور. وهو عين ما يريده الأعداء المتربصون.
(*) كاتب وجامعي من تونس
(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2004)
مستقبل عراق ما بعد الانتخابات: اتساع الفتق على الراتق
رفيق عبد السلام (*)
تنفس الأمريكيون الصعداء بعد انقضاء مؤتمر شرم الشيخ في مصر، الذي حضرته أهم القوى الدولية الفاعلة والمؤثرة في مجريات السياسة العالمية، إلى جانب دول الجوار الإقليمي للعراق، ومبعث ذلك أن الطرف الأميركي حصل على ما كان مصمما على انتزاعه من هذه القوى، بما يتيح له اكتساء غطاء إقليمي ودولي للانتخابات النشريعية والرئاسية المزمع اجراؤها أواخر الشهر القادم. فقد اضطر الطرف الفرنسي إلى سحب مطلبه المشدد، على حضور ممثلي المقاومة العراقية، مكتفيا بالدعوة إلى توسيع دائرة المشاركة السياسية، واستيعاب مختلف القوى العراقية في مسار العملية السياسية، كما أن الطرف الروسي لم يبد ممانعة تذكر في هذا الصدد، في حين أن الأطراف العربية، بما في ذلك تلك المتوجسة من الحضور الأميركي في العراق، قد غلبت منزع المساومة على إثارة «غريزة» الانتقام الأمريكي. ولكن يبدو أن من الخطا الفادح قراءة المشهد العراقي ومآلاته المستقبلية، من خلال ما طفا على مؤتمر شرم الشيخ من ابتسامات السياسيين ومجامالاتهم الظاهرة، أو من خلال المواقف والمطالبات العامة التي عبر عنها بيان هذا المؤتمر، كما أنه من الخطأ الفادح تعليق آمال وردية على الانتخابات العراقية بمجرد لعبة «تراضي» الأطراف الدولية والعربية، بعيدا عما يجري في مدن العراق الملتهبة في بغداد والفلوجة وسامراء والرمادي وديالة والموصل، وغيرها من المدن الأخرى. ودون مزيد من الاستغراق في تحليل الوضع الدولي، فإن ما يعنينا في هذا الصدد، تأكيد القول بأن بنية العلاقات الدولية لا تتجه نحو الانسجام رغم ما يطفو على سطحها الخارجي من وفاقات ظاهرة، بقدر ما تتجه نحو التجاذب والاستقطاب. صحيح أن مواقع الصراع ما عادت قاطعة وحادة، على نحو ما كان عليه الأمر في أجواء الحرب الباردة، ولكن علاقة القوى الدولية الفاعلة مع بعضها البعض تظل محكومة بخيوط استقطاب وتدافع أكثر تلوينا وتداخلا. ومن المؤكد هنا أن العراق سيظل ساحة مفتوحة على مثل هذه الصراعات الدولية والاقليمية ـ الباردة والساخنة ـ بالنظر إلى ما يتمتع به هذا البلد من ثقل في المحيط العربي والشرق أوسطي عامة، ثم بالنظر إلى الموقع الذي يشغله في الاستراتيجيا الأمريكية الجديدة، المراهنة على تغيير وجه المنطقة بتغيير وجه العراق. أما إذا تجاوزنا الوضع الدولي إلى الساحة الداخلية العراقية، فمن الواضح أنها تبدو أكثر تعقيدا مما تصور صانع القرار الأمريكي، وليس هنالك ما يشير إلى أنها ستسير على خط التعافي وتضميد الجراح الغائرة التي فتحها الاحتلال، بمجرد تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية نهايات الشهر القادم. وتتمثل واحدة من الصعوبات الملازمة للحالة العراقية، في تضارب استراتيجيات وحسابات القوى السياسية والطائفية العراقية، بما في ذلك تلك المندرجة تحت غطاء الاحتلال، مع حسابات وأولويات القوة الامريكية. فإذا استثنينا الجهات الكردية، التي لا لها مساحات التقاء واسعة مع الأجندة الأمريكية، وبعض القوى العراقية الصغيرة التي أتى بها الاحتلال، فإن بقية الأطراف ومهما كانت درجة العلاقة التي نسجتها بالقوة الأمريكية تبقى محل توجس وحذر بالغين. فالطرف الشيعي مثلا، والذي ألقى بثقله خلف الانتخابات مستضلا بغطاء المرجعية الدينية، ومدفوعا بحساب ملء الفراغ المؤسسي، الذي أعقب سقوط نظام صدام حسين، يراهن في المحصلة النهائية على نيل أكثر ما يمكن من حصته في «غنيمة» الدولة، وليس أكثر من ذلك، مقابل ذلك تريد قوة الاحتلال إجراء انتخابات تضفي الشرعية على الوضع القائم، بحيث ينتقل ما هو مؤقت إلى دائم، مع تثبت مواقع الأشخاص والقوى التي جلبها الاحتلال معه، بما يشبه تجربة أفعانستان. ذلك لأن كل ما فعلته الانتخابات في هذا البلد، لا يزيد عن تثبيت مواقع حميد كرزاي، الذي انتدبته القوة الأمريكية منذ إطاحة طالبان، وقبل إجراء الانتخابات أصلا، وليس هنالك ما يثبت أن المشهد الانتخابي العراقي سيختلف كثيرا عن تجربة الانتخابات الأفغانية. فالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة، الذان يعدان أهم التعبيرات السياسية الشيعية المشاركة في الانتخابات، سيظلان موضع شكك وتوجس من الطرف الأميركي، رغم كل الترضيات التي قدماها لقوات الاحتلال، منظورا إليهما امتدادا إيرانيا غير مرغوب فيه. ولا ننسى هنا أن واحدة من المهمات المطلوبة من «العراق الجديد»، تتمثل في القيام بدور الضغط ومناكفة الجوار الايراني والسوري المتصدرين قائمة الدول المارقة، وهذا ما يفسر كثرة التصريحات والاتهامات المنبعثة من وزراء ومستشاري «الأمن القومي» الموجهة ضد ايران وسورية، مرة بالحديث عن التدخل في الشأن الداخلي، وأخرى عن تسلل المقاتلين وعدم مراقبة الحدود. أما المرجعية الشيعية والتي دخلت حلبة السياسة هذه المرة عبر بوابة الانتخابات، رغم ما عرف عنها من نأي عن التدخل في الشأن السياسي العام، فلن يسمح لها بامتلاك قوة تأثير أو توجيه لمجريات الأمر العراقي بما يفوق الإطار المسموح به أمريكيا. وباختصار شديد، فما هو مطلوب في مرحلة ما بعد الانتخابات، يتمثل في صعود قوى وشخصيات مصقولة على القالب «الحداثي» الأميركي لا جذور لها في العمق العراقي، ولا علاقة لها بالقوى المحلية العراقية، وهذا معناه أن العصب الحيوي للدولة، وعلى رأس ذلك جهازا الجيش والاستخبارات العسكرية، وقوات الأمن وملف النفط سيظل بيد القوى والعناصر وثيقة الصلة والشراكة مع الاحتلال الأمريكي، مع محاولة استيعاب بعض القوى المتعاونة والمتساكنة مع الاحتلال، عبر إعطائها حصصا من المقاعد البرلمانية وبعض الوزارات. ثمة وهم كبير ما زال يسكن عقول بعض القيادات السياسية والدينية الشيعية، ويتأسس على امكانية تجيير الاستراتيجية الأمريكية لصالح أجندتهم الخاصة، مع الغفلة (أو التغافل) عن حقيقة كون الطرف الأقوى سياسة، والأمضى سلاحا، يكون غالبا أقدر على ضم الحلقات الضعيفة ضمن استراتيجياته الكبرى، ويكون هذا الأمر أكثر بداهة إذا ما تعلق الأمر بمشروع طموح وواسع النطاق، مثل المشروع الأميركي للعراق، كما أن ثمة وهما آخر لا يقل تهافتا عن الأول، وهو تصور صناديق الاقتراع واللعبة الديمقراطية بمقدورها تغيير التوازنات القائمة، وكأنها لعبة سائبة لا حدود أوسقوف لها. الخلاصة هنا، الى أنه ليس ثمة ما يشير الى أن الانتخابات القادمة، وعلى ضوء ما نشهده من مفردات وتفاعلات الساحة العراقية في مرحلتها الراهنة، ستغير شيئا يذكر من ملامح وشخوص المشهد السياسي العراقي، وهذا ما يرجح أن تفتح هذه الانتخابات ملف الشرعية أو أزمة الشرعية على مصراعيه، خاصة إذا ما خرجت منها القوى المشاركة غاضبة، ولم تنل حصتها التي حددتها لنفسها، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار عملية المقاطعة المعلنة للأطراف السنية، ثم المقاطعة التي يتجه اليها التيار الصدري، فهذا معناه أن هذه الانتخبات ستظل مدخولة في تمثيليتها السياسية، مضافا إليها شبهة الاحتلال أصلا، بما يجعل من هذه الانتخابات أشبه بالتداوي بالتي كانت هي الداء، وإذا ما تبين فعلا أن اتجاه المقاطعة على الجبهتين السنية والشيعية يسير نحو تعزيز مواقعهما، فهذا معناه اتساع الفتق العراقي على الراتق الأميركي، بما سيتيح لما سمي بالمثلث السني أن يتسع وقتها، ليتحول إلى مربع أو مستطيل عراقي واسع النطاق، لا يمكن ضبطه أو التحكم فيه. (*) باحث تونسي في الفكر السياسي والعلاقات الدولية في بريطانيا
أين قدرة العرب على الاحتجاج والغضب ..؟
فهمي هويدي (*)
يلح علي السؤال اعلاه ، كلما وجدت أن جهات غربية تنشط في تسليط الضوء على ما يحيق بالعرب والمسلمين من مظالم، أو ترفع صوت الاحتجاج والعتب عندما تصادف تلك المظالم. في حين يظل العرب معتصمين بالصمت. لست هنا في مجال تقييم دوافعهم إلى ذلك، التي قد تتراوح بين الحياد في إعلان الحقيقة أو الدفاع عن بعض القيم الانسانية والحضارية، ولكن ما يهمني في الأمر هو لفت الانتباه إلى ذلك الاستسلام العربي للظلم، والسكوت المدهش وغير المبرر عليه ، بينما يرى عدد من الشواهد التي تشكل خلفية السؤال الذي طرحته في العنوان ، اعرضها فيما يلي: في الثلاثين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قدمت مجموعة محامي الحقوق المدنية الامريكيين، في اعضاء الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان، شكوى إلى السلطات القضائية في برلين، طلبوا فيها التحقيق في الانتهاكات والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها عشرة من كبار المسؤولين الامريكيين في العراق (أبو غريب بوجه اخص) وفي افغانستان، وفي جوانتانامو. وفي مقدمة اولئك المسؤولين، وزير الدفاع الأمريكي الحالي دونالد رامسفيلد، والمدير السابق للمخابرات الأمريكية، جورج تينيت، وقائد القوات الامركية في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز. أما لماذا قدمت المذكرة إلى السلطات الألمانية، فهناك سببان، اولهما أن بعضا من الضباط الامريكيين الذين وردت اسماؤهم في مذكرة الاتهام موجودون حاليا في ألمانيا، ضمن القوات الأمريكية المتمركزة هناك. أما السبب الثاني فهو أن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان تعتبر أن الجرائم ضد الانسانية، فضلا عن أنها لا تسقط بالتقادم، فانها تعد انتهاكا للقانون الدولي وبروتوكولات معاهدة جنيف ، خصوصا في شقها المتعلق بمعاملة المسجونين والاسرى، وبسبب خصوصيتها تلك فان التحقيق فيها ومحاكمة المسؤولين عنها يمكن أن يتم في أي مكان، دون التقيد بحدود جغرافية البلد الذي ينتمي إليه المتهمون. في المؤتمر الصحفي في برلين قال مايكل راتنر، رئيس مركز الحقوق الدستورية في الولايات المتحدة الذي رأس الفريق مقدم الطلب، إن الادارة الأمريكية لم تعطِ التحقيق حقه فيما خص الانتهاكات التي حدثت في سجن أبو غريب، وكذلك الانتهاكات التي وقعت في حالات واماكن أخرى، وازاء ذلك فلم يكن هناك مفر من المطالبة بفتح التحقيق في المانيا، سواء للمضي في إجراءات محاسبة المسؤولين في الجرائم التي ارتكبت، أو لحث السلطات الامريكية على أن تولي الأمر ما يستحقه من اهتمام، وتأخذه على محمل الجد. في اليوم التالي مباشرة، الأول من ديسمبر (كانون الأول)، نشرت «الشرق الأوسط» خلاصة تقرير سري تسرب محتواه الى صحيفة «نيويورك تايمز»، قدمته اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الحكومة الأمريكية، وكان محوره معاملة العرب والمسلمين في سجن جوانتانامو (550 شخصا) ، والمعاملة الوحشية التي يتعرضون لها، الأمر الذي يعد انتهاكا فظيعا لكل الاتفاقات والاعراف المعمول بها في مثل هذه الحالات، واشار التقرير إلى أن مفتشي الصليب الأحمر، الذين كانوا جماعة من الخبراء والاطباء، كانوا قد زاروا السجن الكبير في جزيرة جوانتانامو، وامضوا هناك عدة اسابيع خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي. وتوصلوا خلال تلك الزيارة إلى عدة حقائق ومؤشرات سجلوها في تقرير قدم إلى الادارة الامريكية في شهر يوليو (تمور)، لكنها رفضت معظم ما جاء فيه. من تلك الحقائق ما يلي: ان فريقا من الاطباء، والعاملين في مجال الصحة النفسية، اشتركوا في التخطيط لاستجواب المعتقلين، وانتزاع الاعترافات منهم، من خلال ممارسة التعذيب النفسي، وهو ما يعد مخالفة فاضحة للاخلاق الطبية. في هذا الصدد وجد ممثلو الصليب الأحمر أن نظاما مبتكرا جرى تطبيقه على المعتقلين في جوانتانامو يستهدف كسر ارادتهم، ويجعلهم طَّيعين بشكل كامل لمستجوبيهم. وذلك عن طريق الاذلال والحبس الانفرادي، وتعريضهم لدرجات حرارة عالية جدا أو منخفضة للغاية. وقد اعتبر محققو الصليب الأحمر أن هذه الاساليب المستخدمة كانت اكثر شدة وقمعا مما لاحظوه في مرات سابقة. واعتبر التقريران هذا الاسلوب في انتزاع المعلومات ، لا يمكن إلا أن يعد نهجا متعمدا في المعاملة المهنية والوحشية وشكلا من اشكال التعذيب. سجل التقرير انه إضافة الى التعذيب غير المباشر، المتمثل في الضوضاء العالية والمستمرة، والموسيقى الصارخة والتعرض للبرد لفترات طويلة، فان المعتقلين كانوا يعرضون للضرب احيانا. في الشهر الماضي (نوفمبر / تشرين الثاني) سلطت جهتان غربيتان اضواء جديدة على المشهد العراقي كانت بمثابة صدمة لنا، فقد نشرت مجلة «لانست» الطبية الاكثر احتراما في بريطانيا ، نتائج دراسة حول العراقيين المدنيين الذين قتلوا بسبب القصف الأمريكي. وتبين أن عددهم مائة ألف مواطن، اغلبهم من النساء والاطفال. وقد اجرت هذه الدراسة الكاشفة جامعة هوبكنز الأمريكية مع الجامعة المستنصرية بالعراق، ومعها بعض الأطراف الأخرى. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يعرف فيها أن هذا الرقم المجهول من الضحايا المدنيين قتلهم الامريكيون بعد «التحرير» بدعوى مطاردة المقاومة (الإرهابية!) واجهاض عملياتها. من ناحية أخرى بثت قناة «سي.بي.اس»
C.B.S الامريكية صورا لعملية قتل بعض المدنيين الجرحى داخل أحد مساجد الفلوجة، الأمر الذي يعد بمثابة نقطة سوداء في تاريخ الاداء العسكري الأمريكي، من حيث ان قتل الجرحى هو من قبيل «الكبائر» التي لا تغتفر في سلوك قوات المحاربين. واذا اضفت إلى المشهد تلك الصورة التي تسربت في الولايات المتحدة عن المعاملة غير الانسانية والمشينة التي تعرض لها سجناء «أبو غريب»، وتلك التي ظهرت هذا الأسبوع على أحد مواقع الإنترنت في الولايات المتحدة ، عن معاملة بعض جنود البحرية الأمريكية للمعتقلين العراقيين، إذا وضعت هذه الصور جنبا إلى جنب ، فانها إلى الإدراك العربي بل الانساني بعامة صدمة جديدة، من حيث أنها تبين المدى الذي بلغه ازدراء واحتقار القوات الأمريكية للعراقيين، وهو ذات الموقف الذي تبناه النظام البعثي السابق، وكان أحد مسوغات تعبئة الرأي العام ضده والحفاوة باسقاطه. هذه الممارسات «الإرهابية» التي استهدفت النيل من كرامة العرب والمسلمين وانسانيتهم، تلاحقت خلال الاسابيع الأخيرة (لا تسأل عما جرى ويجري للفلسطينيين في الأرض المحتلة) ولم يحدث ذلك كله أي صدى يذكر في الجانب العربي. اريد أن ابرَّيْ الشارع العربي نسبيا، لانه عبر عن غضبه بالتظاهر في عدة أقطار، وفي بعض الحالات، واخص باللوم والعتب هنا النخب صاحبة القرار في العالم العربي، التي من صلاحيتها رفع صوت الاحتجاج في بيانات رسمية، أو الدعوة لعقد اجتماعات طارئة لمناقشة تلك الجرائم سواء على مستوى الجامعة العربية أو مجلس الأمن، كما أن بوسعها تقديم الشكاوى والمطالبة بإدراجها على جدول أعمال المنظمات الدولية وهيئاتها المتخصصة. وفي حدود علمي، فان شيئا من ذلك لم يحدث، وانما ظللنا نتلقى الصفعات كل حين ، وندير خدودنا كل مرة لمن ضرب، لماذا يا ترى؟ السبب الرئيس في رأيي هو مجاملة الادارة الأمريكية والحرص على عدم اغضابها، حتى ولو أدى ذلك إلى غض الطرف عن مثل تلك الجرائم التي ترتكب بحق العرب والمسلمين والانسانية جمعاء. وترتفع وتيرة ذلك الحرص حين تكون تلك النخب معتمدة على الدعم والتأييد الأمريكي، بأكثر من اعتمادها حتى في اكتساب الشرعية من الجماهير العربية. بكلام آخر، فانه في غياب الديمقراطية، فان قدرة النخب صاحبة القرار على الممانعة أو الغضب تتراجع أو تنعدم، لأن من شأن تبني مواقف من ذلك القبيل أن يهدد وجود تلك النخب ذاته، وقد يعرضها لما لا تحب. لقد وجدنا مسؤولي الحكومة التركية الحالية، وهو بلد حليف أصيل للولايات المتحدة، قد امتلكوا شجاعة الرفض لأطروحات وسياسات الحكومة الأمريكية، وسواء في استخدام الأراضي التركية لغزو العراق في الشمال، أو في المساس بحقوق التركمان في كركوك، وأيضا فيما يخص ترتيب وضع الاكراد، وكان استنادها إلى شرعية مستمرة في انتخاب الجماهير التركية هو العنصر الاساسي الذي استندت إليه حكومة انقرة في تلك الممانعة. هذا الصمت وتجنب أي انتقاد رسمي للولايات المتحدة، الذي اصبح أحد السمات الملحوظة في البيانات العربية، يغفل جانبا مهما في الجانب العربي، يتمثل في تراكم الشعور بالمهانة والذل لدى الجماهير العربية. وذلك شعور خطر لا ريب، ليس بوسع أحد أن يقيس حجمه أو عمقه، لكن أزعم أن حجم ذلك الشعور ينبغي إلا يستهان به، كما أن تجلياته وتداعياته قد تكون باباً لشرور كثيرة، يعلم الله وحده طبيعتها ومداها. في الشهر الماضي كتبت مقالا نشرته «الشرق الأوسط» تساءلت فيه: لماذا يقف العرب متفرجين أمام ترتيبات ذبح الفلوجة؟ ومن بين اصداء الفلوجة التي رددت الاستنكار في السؤال تعليق نشرته صحيفة «اليوم» السعودية (عدد 15/7) كتبه الشاعر والاديب عبد الله العثيمين. كان عنوانه: أصخرة أنا؟، وقد استقاه من بيت شعر لأبي الطيب المتنبي قال فيه: أصخرة أنا؟ مالي لا تحركني هذي المدام ولا تلك الاغاريد. وفي غمرة احتجاجية على ممارسات الامريكيين والاسرائيليين اجرى الشاعر تعديلا في بعض كلمات النص لتعبر عن المشهد العربي الراهن، بحيث اصبح كالتالي: أصخرة نحن بتنا لا تحركنا/ بطش يمارسه قوم مناكيد؟. وقد بدا الشاعر اكثر تشاؤما حين استطرد بعد ذلك قائلا بان الصخرة قد تتشقق فيخرج منها الماء الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض، لكن اين ماء الكرامة والحياء ؟ لقد جف ذلك الماء خلال العقود الثلاثة الأخيرة لدى كثير من قيادات الامة السياسية والفكرية. إلى هذا المدى وصل الشعور بالاحباط لدى شاعر ومثقف عربي كبير. فعبر عن شعوره في بيت شعر أو مقالة مكتوبة، وإن اخشى ما اخشاه أن تعبر جماهيرنا المحبطة والمهانة عن مشاعرها باساليب أخرى لا تكون في الحسبان.
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 15 ديسمبر 2004)
CHERS TUNISIEN(NE)S …
MEDITEZ BIEN CETTE NOUVELLE REALITE AFRICAINE….
Démocratie
Triple victoire subsaharienne
par FRANCIS KPATINDة Lorsqu’il présidait aux destinées du Mali, Alpha Oumar Konaré disait qu’il rêvait d’élections qui ressembleraient à des fêtes populaires où les gens accompliraient leur devoir de citoyens en dansant.
En Afrique, on ne va pas encore dans les bureaux de vote au rythme des tam-tams ou de la kora, mais on n’en est peut-être pas loin. Les élections générales (présidentielle et législatives) qui viennent de se tenir au Mozambique, au Niger et au Ghana, trois pays issus de régions où les situations sont contrastées, prouvent, en tout cas, qu’on est sur la bonne voie.
Au Niger, le président Mamadou Tandja a été facilement reconduit dans ses fonctions (avec 65,53 %) des voix) pour un ultime quinquennat. Tout comme le Ghanéen John Kufuor, réélu pour un nouveau (et dernier) mandat de quatre ans.
Plus au sud du continent, Armando Guebuza, le candidat du Front de libération du Mozambique (Frelimo, au pouvoir), devrait normalement succéder au président Joaquim Chissano, qui ne se représentait pas, après dix-huit années à la tête de l’ةtat.
De l’avis général, ces trois élections ont été free and fair (« libres et équitables »). Elles n’ont pas donné lieu à des dérapages graves, à des manipulations de toutes sortes ou, pis, comme c’était généralement le cas il y a quelques années, à un « troisième tour » dans la rue. Les vainqueurs ont eu le triomphe modeste. Et les perdants ont accepté de bonne grâce le verdict des urnes.
De ces trois derniers scrutins de 2004, on peut tirer plusieurs enseignements qui s’appliquent à d’autres pays. On peut tout d’abord dire, sans risque de se tromper, qu’on assiste depuis quelques années – et il faut s’en féliciter – à une banalisation croissante des élections en Afrique due en grande partie à leur caractère répétitif.
Presque partout, les élections font désormais partie du décor. Les dirigeants vont au terme de leurs mandatures, le calendrier électoral est connu d’avance, et les échéances républicaines sont respectées. Les Nigériens tout comme les Mozambicains savent donc qu’ils devront de nouveau se rendre aux urnes en 2009, les Ghanéens, en 2008.
Autre enseignement : à l’exception du New Patriotic Party de John Kufuor, dont la création est relativement récente, on note la bonne tenue des anciens partis uniques reconvertis, pour certains sous la contrainte, au pluralisme politique. Le Mouvement national pour la société de développement (MNSD-Nassara) du président Tandja tout comme le Frelimo confirment leur prééminence dans la vie politique nigérienne et mozambicaine.
Sans doute parce que les présidents sortants n’ont pas démérité, mais aussi parce que le comportement de nombre d’électeurs, surtout en milieu rural, relève du réflexe légitimiste. Lorsqu’il n’y a pas de crispations politiques, de défiance ouverte à l’égard du chef de l’ةtat et d’antagonismes très prononcés, le pouvoir en place bénéficie généralement d’un préjugé favorable.
(Source: JA/L’Intelligent N°2292 du 12 au 18 décembre 2004)
.. ET CETTE FORMIDABLE AVANCEE MAROCAINE …
Le Maroc s’efforce de tourner la page des « années de plomb »
Jean Pierre Tuquoi
D’anciennes victimes de la répression qu’a connue le pays entre 1956 et 1999 vont pouvoir témoigner, par médias interposés, devant leurs concitoyens. L’initiative de l’Instance équité et réconciliation est critiquée à la fois par les politiques et par les organisations de défense des droits de l’homme.
Rabat de notre envoyé spécial
La date de la première émission télévisée n’est pas encore fixée. Probablement aura-t-elle lieu autour du 20 décembre ou au début de janvier 2005, une fois passé les fêtes de fin d’année. La date, de toute façon, apparaît secondaire comparée à l’enjeu : lancer un débat national, à travers des témoignages, sur les « années de plomb » au Maroc, pour se prémunir contre leur éventuel retour.
Créée en janvier 2004 à l’ini- tiative du Palais royal, l’Instance équité et réconciliation (IER) est à l’origine d’une démarche que des journaux marocains qualifient de « processus cathartique ».
Présidée par un ancien détenu politique qui a passé dix-huit années en prison, Driss Benzekri, l’Instance a prévu de faire témoigner d’anciennes victimes devant un parterre de grands témoins. Micro en main, ils raconteront leur histoire avec des mots à eux, sans être interrompus. Les interventions seront limitées à une vingtaine de minutes. Elles seront retransmises par les radios et les deux chaînes de télévision en fin d’après-midi. La presse écrite devrait également en rendre compte.
La première « audition » se fera en direct depuis Rabat. Casablanca prendra le relais. Ensuite, les responsables de l’IER prévoient des émissions itinérantes, certaines enregistrées, d’autres en direct. Etalées sur près de deux mois, elles feront aussi intervenir des spécialistes (historiens, juristes, etc.) au cours d’émissions thématiques (les disparitions forcées, la torture), ou pour éclairer une page de l’histoire du royaume occultée par l’enseignement officiel ou tout simplement ignorée d’une population en majorité très jeune.
Car la période retenue est vaste. Elle court de l’indépendance de l’ancien protectorat français, en 1956, jusqu’en 1999, l’année de l’arrivée sur le trône du souverain actuel, Mohammed VI. Elle englobe donc la guerre du Rif (1958), les attentats contre Hassan II au début des années 1970, les émeutes à répétition de Casablanca, Marrakech, Fès, et les vagues de répression qui ont suivi.
Avant même d’être mis en œuvre, le projet fait l’objet de multiples critiques. Les plus véhémentes viennent de ceux qui a priori devraient être de fermes avocats du projet, les défenseurs des droits de l’homme. Ils reprochent surtout à l’IER d’avoir passé une sorte de « pacte d’honneur » avec ceux qui viendront apporter leur témoignage sur les « années de plomb »: s’engager à ne citer aucun nom de bourreau.
L’Association marocaine des droits de l’homme (AMDH) appartient au courant qui critique la démarche de l’IER. « Pour la vérité, explique l’un de ses responsables, Abdelkhalek Benzekri, les tortionnaires doivent être nommés. Nous savons que plusieurs d’entre eux sont toujours en place à des postes élevés au sein de l’Etat. Pourquoi bénéficient-ils de l’impunité ? Il faut suivre les recommandations des Nations unies, les poursuivre, les juger, les punir. »
Personnalité respectée, Ahmed Marzouki, un ancien détenu du bagne mouroir de Tazmamart (auteur du livre Cellule 10 publié en France et au Maroc), campe sur une ligne proche. « C’est bien de toucher le maximum de Marocains en s’appuyant sur la télévision, reconnaît-il, mais il faut être le plus transparent possible. En ne citant pas le nom des tortionnaires, on va aboutir à une demi-vérité. C’est absurde. »
« J’ASSUME LA DةCISION »
Contesté par certains de ses amis, le président de l’IER Driss Benzekri reste serein. « J’assume la décision, dit-il lentement avec dans la voix une pointe de détachement. Livrer des noms en pâture, c’est risquer la diffamation. Les victimes manquent le plus souvent de preuves lorsqu’elles donnent des noms. D’ailleurs, personne ne les empêche de poursuivre leurs bourreaux devant les tribunaux. »
Egalement membre de l’IER, Driss El-Yazami avance un autre argument pour justifier le « pacte d’honneur ». « Expliquer les années noires par le seul zèle de quelques individus malfaisants serait réducteur, observe-t-il. C’était un système qui était à l’œuvre, et c’est lui qu’il faut démonter. »
Les adversaires de l’initiative reprochent aussi à l’IER d’être manipulée par le Palais royal, son bailleur de fonds. « On nous parle des « années de plomb » comme si elles étaient derrière nous. Or, tout continue comme avant : la torture, les détentions arbitraires, la justice aux ordres. Ce qui a changé, ce sont les victimes. Hier, c’était la gauche qui en faisait les frais ; aujourd’hui, ce sont les islamistes », affirme- t-on au siège de l’OMDH.
M. Benzekri rejette le parallèle. « Il y a des dépassements, convient-il, mais sans commune mesure avec la situation passée. Naguère, il y avait une volonté claire de casser les élites et l’opposition. Ce système a été démantelé. Il a disparu au début des années 1990 sous Hassan II, mais l’Etat a été incapable d’aller jusqu’au bout. L’ouverture est restée inachevée. »
Même s’ils se montrent discrets, les hommes politiques ne voient pas d’un œil plus favorable la démarche de l’IER. C’est vrai des dirigeants nationalistes associés au pouvoir et à ses violences au lendemain de l’indépendance. Mais la méfiance prévaut aussi au sein d’une partie de la gauche. Premier secrétaire de l’Union socialiste des forces populaires (USFP, aujourd’hui au gouvernement), Mohamed Elyazghi a mis en garde l’Instance contre toute tentation de vouloir écrire – ou plutôt réécrire – près de quarante ans de l’histoire du royaume au risque de la simplifier. « C’est aux historiens de l’écrire », a fait valoir le responsable socialiste.
Enfin, d’autres s’inquiètent des risques de déstabilisation pour la monarchie à étaler les épisodes les plus détestables des règnes de Mohammed V et d’Hassan II. « Jusqu’où faut-il aller dans l’évaluation du passif sans risquer de saper les fondements mêmes de légitimité du régime ? » se demande Mustapha Sehimi, l’éditorialiste de Maroc Hebdo. Et de conclure : au-delà d’un « seuil gérable », c’est « un processus de délégitimation qui s’installe, au risque d’ébranler une société politique pacifiée depuis 1996 -l’année du vote de la Constitution actuelle-« .
(Source: “Le Monde” du 16.12.04)
Tunisie
Ambitions subsahariennes
par RIDHA KةFI, CORRESPONDANT ہ TUNIS Pour mieux répondre aux défis de la mondialisation, une seule solution : développer la coopération avec les ensembles régionaux du Sud. En Tunisie, le secteur des services assure 52 % du Produit intérieur brut (PIB) et emploie près de la moitié de la population active. Il ne représente cependant « que » 25 % des exportations.
Pour mieux garantir ses équilibres extérieurs, le pays ressent aujourd’hui le besoin d’accroître ses exportations de services. Mais si son offre dans ce domaine est assez diversifiée et compétitive, elle reste très mal connue à l’extérieur. Le premier Salon international des services à l’exportation (Sise’2004), qui s’est tenu les 2 et 3 décembre au Parc des expositions du Kram, dans la banlieue nord de Tunis, a essayé de combler cette lacune.
Ce salon, qui a accueilli près de 1 000 visiteurs, dont 200 patrons d’entreprises exportatrices locales, 300 décideurs africains (ministres, chefs d’entreprises, présidents de chambre de commerce, consultants…), ainsi que des représentants de bailleurs de fonds opérant en Afrique (Banque mondiale, Banque africaine de développement, coopération allemande…), a été conçu comme une vitrine du savoir-faire tunisien dans six secteurs : ingénierie (bureaux d’études, bâtiments et travaux publics, architecture…), nouvelles technologies, formation des ressources humaines (universités privées, formation professionnelle, édition…), finance (banque, assurance, leasing, négoce…), santé (cliniques privées, installations d’équipements médicaux…) et infrastructures et équipements de base (eau, électricité, télécommunications, environnement…).
Selon Farid Tounsi, PDG du Centre de promotion des exportations (Cepex), coorganisateur du salon, avec l’Union tunisienne de l’industrie, du commerce et de l’artisanat (Utica, patronat), deux raisons ont présidé au choix de l’Afrique comme région cible. « D’abord, une étude du Centre du commerce international [CCI] nous a recommandé de porter une attention particulière au marché subsaharien, qui offre un potentiel important en matière de services. Deux : pour mieux répondre aux défis de la mondialisation, notre pays cherche à développer sa coopération avec les ensembles régionaux, et surtout avec l’Afrique. »
La Tunisie est liée par des accords commerciaux avec quatorze pays subsahariens. Après avoir signé avec la Guinée un accord de franchise totale des droits de douane pour tous produits, elle négocie actuellement des accords similaires avec les pays de l’Union économique et monétaire de l’Afrique de l’Ouest (Uemoa), et ceux des autres groupements régionaux (Cedeao, Comesa, SADC et Ceac).
La Tunisie exporte vers les pays subsahariens des produits agroalimentaires, chimiques et électroniques, ainsi que des matériaux de construction, et en importe essentiellement des matières premières (cacao, coton, bois, café). Ses principaux clients sont le Niger (16,2 % des exportations vers la région en 2003), le Sénégal (15,8 %), le Burkina (9,5 %), l’Afrique du Sud (8,4 %) et la Côte d’Ivoire (8,3 %). Cette dernière, principal fournisseur subsaharien de la Tunisie, assure 35,4 % de ses importations en provenance de la région. Suivie de l’Afrique du Sud (14,5 %), du Cameroun (12,4 %) et du Mali (10,3 %).
Bien qu’ils aient été multipliés par 3,7 en l’espace d’une douzaine d’années, passant de 84,5 millions de dinars en 1991 (1 dinar = 0,61 euro) à 312 millions de dinars en 2003 (contre 1,6 milliard de dinars pour l’ensemble du continent, pays du Maghreb compris), les échanges entre la Tunisie et les pays subsahariens restent très modestes : ces derniers n’absorbent que 0,9 % des exportations tunisiennes et ne fournissent que 0,6 % de ses importations.
Il existe, de part et d’autre, une volonté politique de développer ces échanges, mais ces derniers sont handicapés par des facteurs objectifs, notamment la faiblesse des réseaux de transport – pour rejoindre telle ou telle capitale africaine, les hommes d’affaires tunisiens sont souvent contraints de passer par Paris ou Londres, et vice versa -, les conflits persistants dans certains pays, mais aussi les situations héritées du passé. Ainsi, l’essentiel des relations économiques des pays africains s’effectue encore avec les anciennes puissances coloniales.
L’ouverture par Tunisair d’une liaison aérienne bihebdomadaire entre Tunis et Dakar, puis entre Tunis, Abidjan et Bamako, l’achèvement des tronçons manquants de la grande route transsaharienne (3 500 km déjà réalisés sur les 4 800 prévus) et l’inauguration prochaine de liaisons maritimes entre La Goulette et quelques ports d’Afrique de l’Ouest devraient doper les flux commerciaux dans les deux sens.
Aujourd’hui, près de cinq cents ingénieurs, techniciens et experts tunisiens travaillent sur le continent. Ils ont assisté, par exemple, la Mauritanie dans l’informatisation de son administration publique, la mise en place d’un réseau de téléphonie mobile, la création de centres de formation professionnelle et la formation des magistrats pour la Cour des comptes. Ils ont contribué également à la restructuration du secteur de l’éducation à Djibouti, à la formation des intervenants pour la santé animale et la réalisation d’un grand barrage au Burkina, à la réhabilitation la Banque centrale du Rwanda, à la réalisation de travaux ferroviaires au Mali et au Cameroun.
De nombreux bureaux d’études (Comete Engineering, Studi et Scet), et entreprises de travaux publics (notamment la Société Bouzguenda Frères) sont très actifs (et souvent très appréciés) au sud du Sahara. De même, beaucoup de cadres subsahariens suivent des stages de formation en Tunisie dans des domaines aussi divers que la comptabilité publique, l’agriculture, la pêche, la planification scolaire, la lutte contre la désertification, la santé, la marine marchande et l’informatique financière. Last but not least, plus de 1 000 étudiants subsahariens sortent diplômés, chaque année, des universités tunisiennes.
« On ne peut pas développer de la même manière l’exportation de biens et de services. S’agissant des biens, l’arbitrage, en cas de litige, est facile. Dans le cas des services, qui sont du domaine de l’intangible et de l’immatériel, l’arbitrage est plus difficile.
La confiance reste donc le maître mot. Or celle-ci est tributaire d’une meilleure connaissance réciproque », explique Slim Chaker, commissaire général du Sise’2004. Qui ajoute : « Malheureusement, entre Africains, on se connaît mal ou pas assez. Comment pourrions-nous avoir des relations de confiance et construire quelque chose de durable ? L’objectif principal de ce salon, dont la seconde édition se tiendra en juin 2006, est de créer des réseaux entre les acteurs économiques du nord et du sud du Sahara. » Les contrats d’affaires suivront d’eux-mêmes.
(Source: JA/L’Intelligent N°2292 du 12 au 18 décembre 2004)
“Ces hommes qui comptent”
Moncef Labidi
par FADWA MIADI Dans le quartier de Belleville, à Paris, ce « sociologue militant » dirige le Café social, un établissement qui s’efforce de venir en aide aux vieux immigrés. En quittant sa Tunisie natale et en renonçant à son métier d’instituteur, jamais il n’aurait imaginé devenir un jour cafetier. Pourtant, Moncef Labidi (52 ans) se trouve bel et bien aujourd’hui à la tête du Café social, un établissement qui a ouvert ses portes en janvier 2003 dans le quartier de Belleville, à Paris. On y croise des migrants qui, après leur retraite, ont choisi de rester en France, alors que leurs enfants ou leur épouse résident de l’autre côté de la Méditerranée. Ils discutent, jouent aux dames, sirotent un thé à la menthe et, le cas échéant, bénéficient d’un soutien social.
Comment est née l’idée d’un tel lieu ? Arrivé en France en 1977 pour suivre des études de sociologie, Moncef Labidi s’est, dans un premier temps, intéressé à la population carcérale et au sort des jeunes issus de l’immigration.
C’est en travaillant pour une association dans le quartier de la Goutte d’Or, ce passage obligé pour tout migrant dans la capitale française, qu’il a été interpellé par « ces grappes humaines qui prennent possession des squares et des bancs publics, passent des heures à guetter une présence familière, l’arrivée d’un ami ou d’une connaissance, et qui, à la nuit tombée, regagnent leur hôtel ou leur studette ». Il a croisé des « chibani [vieux] déambulant », qui, tels des fantômes, rasaient les murs en quête d’invisibilité. « Ils semblaient s’excuser par avance de se trouver encore là, un peu comme des invités qui n’osent pas avouer qu’ils n’ont pas les moyens de se payer le voyage de retour », poursuit Labidi, directeur de l’association Ayyem Zamen, qui gère le Café social.
Mettre un terme à l’errance de cette population vulnérable ; sortir ces migrants âgés de la solitude et des imbroglios administratifs : tels sont les objectifs du Café social, lieu laïque qui s’efforce aussi de redonner le goût des loisirs à une population pour qui se distraire est souvent un luxe inaccessible. Le lundi après-midi est réservé au ciné-club, le mardi à la lecture, le jeudi matin au jardinage…
L’été dernier, Ayyem Zamen a organisé une sortie en mer. Certains, au terme d’une vie de labeur, ont ainsi mis, pour la première fois, les pieds sur une plage française… Preuve que si le Café social n’existait pas, il faudrait l’inventer.
(Source: JA/L’Intelligent N°2292 du 12 au 18 décembre 2004)
Fallouja, vraie ou fausse victoire ?
par DARYL PRESS ET BENJAMIN VALENTINO (*)
Les troupes américaines ont tué plus d’un millier d’insurgés à Fallouja et ont mis la main sur des stocks d’armes et de munitions. Mais ce ne sont pas les fusils et les combattants résolus qui manquent en Irak. Le plus inquiétant est le soutien qu’apporte
aux rebelles une large fraction de la population dans la zone sunnite.
Si des opérations de grande ampleur comme l’assaut contre Fallouja revêtent une apparence de succès, au cours des soixante dernières années les grandes puissances ont pu vérifier à maintes reprises qu’une victoire militaire n’est pas nécessairement synonyme de victoire politique.
D’ailleurs, les insurgés ne cherchent pas à l’emporter sur le champ de bataille.
La première règle d’une insurrection est d’éviter un affrontement à grande échelle avec les forces gouvernementales. Les guérilleros attaquent des civils ou des unités militaires isolées. Et ils choisissent leur heure pour passer à l’action. Des combattants habiles cèdent du terrain, disparaissent quand les unités ennemies approchent en force, puis, dans l’ombre, organisent des enlèvements ou des attentats à main armée ou à l’explosif. Il fallait s’attendre, dès que l’assaut contre Fallouja a été lancé, à ce que
les rebelles irakiens montent des coups isolés à Mossoul, Samara et autres lieux.
S’il suffisait de prendre le contrôle des villes pour réussir une contre-insurrection, on
aurait pu prévoir une victoire française après la bataille d’Alger de 1957, une victoire américaine après la défaite des Nord-Vietnamiens et du Vietcong à Hué en 1968, et une victoire russe sur les Tchétchènes après la prise de Grozny en 1995. Au lieu de quoi les Français et les Américains ont perdu, et la guerre continue en Tchétchénie.
Selon la célèbre formule de Lawrence d’Arabie, se battre contre des rebelles, c’est « manger de la soupe avec un couteau ». Les guérilleros ne dépendent pas de lignes de communication et de ravitaillement vulnérables : il faut donc les attaquer directement. Il suffit de quelques milliers d’hommes armés pour semer le désordre dans un pays de
dizaines de millions d’habitants. Ils se fondent dans la population et, souvent, le seul moment où ils se distinguent des civils est quand ils ouvrent le feu.
C’est pourquoi, dans l’histoire de la contre-insurrection, les échecs succèdent aux échecs. Depuis la Seconde Guerre mondiale, de puissantes armées ont mené sept guerres importantes contre des insurrections : la France en Indochine de 1945 à 1954, la Grande-Bretagne en Malaisie de 1948 à 1960, les Français en Algérie dans les années 1950, les ةtats-Unis au Vietnam, l’Union soviétique en Afghanistan, Israël dans les Territoires occupés et la Russie en Tchétchénie. Sur les sept, quatre ont été des échecs retentissants, deux ont un instant flirté avec le succès, une seule – pour les Britanniques en Malaisie – a constitué un indéniable succès.
Aussi longtemps que durera l’insurrection en Irak, il est peu probable que l’Amérique atteigne les objectifs politiques qu’elle s’est fixés : un Irak unifié, démocratique, première étape d’une démocratisation plus large du Moyen-Orient. En réalité, l’Amérique doit aujourd’hui réfléchir à l’éventualité d’un gouvernement irakien dominé par les djihadistes antioccidentaux, ou d’une guerre civile prolongée entre les communautés sunnite, chiite et kurde qui ferait des millions de victimes et créerait une pépinière où
des groupes terroristes comme al-Qaïda pourraient trouver et former des recrues.
Compte tenu de ces redoutables éventualités, peutêtre les ةtats-Unis devraient-ils revenir à des objectifs plus réalistes. Certains ont proposé de laisser l’Irak se diviser en trois pays indépendants, sunnite, chiite et kurde. On éviterait ainsi un affrontement violent pour le contrôle du gouvernement central après le retrait américain. L’Histoire – et tout récemment encore en Yougoslavie – enseigne cependant que la partition est lourde de dangers. Des millions de personnes seraient forcées de partir de chez elles, et
beaucoup ne le feraient pas sans se battre. En outre, les petits pays nés de la division
de l’Irak pourraient être annexés par leurs voisins plus puissants. La partie chiite serait une grande tentation pour l’Iran.
Autre possibilité peu séduisante : soutenir la consolidation du pouvoir entre les mains d’un nouvel homme fort laïc. Cela pourrait apporter une forme de paix, mais la pilule
serait amère pour les Irakiens qui auraient eu un avant-goût de la liberté. Saddam Hussein n’a réussi à imposer l’unité de son pays politiquement et religieusement divisé qu’au prix d’une répression quasi permanente. Il paraît peu probable que son successeur puisse gouverner avec un gant de velours.
Ce sont là des perspectives peu encourageantes. Le fait que l’Amérique soit obligée de les envisager souligne la prudence dont il faudrait faire preuve avant de s’engager dans une guerre. Cependant, les choses étant ce qu’elles sont aujourd’hui, si les ةtats-Unis trouvent le moyen de rapatrier dans les prochaines années la plus grande partie de leurs troupes et laissent derrière eux un Irak qui ne soit ni en proie à la guerre civile ni un sanctuaire pour al-Qaïda et ni une menace immédiate pour ses voisins, l’Histoire retiendra
peut-être que l’entreprise a été un succès contre toute attente.
(*) Professeurs de sciences politiques au Dartmouth College, New Hampshire (ةtats-Unis).
© THE NEW YORK TIMES ET J.A./L’INTELLIGENT 2004. TOUS DROITS RةSERVةS.
(Source: JA/L’Intelligent N°2292 du 12 au 18 décembre 2004)
Pourquoi les Irakiens rejettent leur gouvernement
par PAR SAAD JAWAD(*)
Les Irakiens ont été obligés d’accepter l’occupation américaine pour deux raisons au moins : d’abord, parce qu’ils ont été mis devant le fait accompli ; ensuite, parce que cela leur apportait ce que nombre d’entre eux souhaitaient depuis longtemps : la fin d’une dictature qui interdisait toute possibilité de réforme. Beaucoup d’Irakiens, tout en regrettant que le changement fût imposé par une puissance étrangère, considéraient que c’était le seul moyen de mettre le pays sur la voie de la démocratie et de la prospérité. La plupart des cadres baasistes eux-mêmes ont été soulagés de voir disparaître leur chef tant redouté. Bien sûr, personne n’imaginait qu’une démocratie pleine et entière s’établirait du jour au lendemain au sein d’une société qui avait connu plusieurs décennies de régimes autoritaires. Beaucoup étaient également conscients que les forces d’occupation ne quitteraient pas rapidement un pays dont elles désiraient tant s’emparer. Finalement, certains étaient prêts à accepter un gouvernement sous tutelle américaine qui, au moins, représenterait la majorité des Irakiens et préserverait l’unité de la nation.
Bref, la plupart des Irakiens ne voyaient pas d’un mauvais oeil qu’une superpuissance les aide à instaurer la démocratie. Mais ils n’étaient pas prêts à vivre dans l’anarchie et la violence, ni à accepter le manque de considération et l’humiliation. Les Irakiens estiment être un peuple intelligent et digne, et comprennent la diversité de leur société. Mais ils considèrent ces différences comme une force et une incitation aux changements démocratiques, et non pas comme un facteur de division. Ils ont vécu ensemble pendant des générations – Arabes, Kurdes, Turkmènes et autres minorités ethniques ; musulmans, chrétiens et autres religions ; sunnites et chiites – sans tensions ni divisions. Toute discrimination de caractère ethnique ou religieux était d’ordre politique et non pas le fait de la population elle-même.
L’administration et les forces d’occupation américaines ont été conseillées par des exilés qui pensaient que, pour régner, il fallait accentuer les clivages de la société. C’est ainsi que la population a été divisée en Kurdes, sunnites et chiites. Les chiites étaient présentés comme défavorisés, les sunnites ayant un rôle politique prédominant. Les Kurdes eux aussi étaient tenus à l’écart. Au moment de la formation du Conseil de gouvernement, puis du cabinet intérimaire, les « ex-Irakiens » – terme qui s’applique aux exilés ayant vécu longtemps dans un pays occidental – ont accaparé presque tous les sièges. Les Irakiens restés au pays ont été considérés comme des partisans de Saddam Hussein, y compris ceux qui étaient connus pour leur opposition au régime. Comme la plupart des exilés n’avaient pas de base politique en Irak, ils ont réclamé la dissolution du parti Baas. Ses membres ont été catalogués comme des ennemis qui devaient être « liquidés », selon l’un des nouveaux dirigeants irakiens.
Une erreur stratégique comparable a été commise avec l’armée et la police, qui ont été démantelées après être restées plusieurs mois sans solde. Les clivages ont été également renforcés lors de la formation du Conseil de gouvernement. L’Autorité provisoire de la coalition a imposé des quotas fondés sur l’appartenance ethnique ou religieuse et, pour plaire au plus grand nombre, a nommé une majorité de chiites. Le Conseil a été noyauté par des « ex-Irakiens ». La même méthode a été utilisée pour constituer le premier gouvernement de l’après-occupation.
L’autre cause de l’hostilité des Irakiens a été l’incapacité des autorités à améliorer la vie quotidienne. Les services restent insuffisants, voire inexistants ; les hôpitaux manquent de personnel ; les employés de l’ةtat sont payés irrégulièrement. Tout en supportant de telles conditions de vie, les Irakiens constatent que le seul ministère qui fonctionne normalement est celui du Pétrole. Malgré les revenus de l’or noir qui continuent à rentrer et le discours américain sur les grands projets de reconstruction, rien n’est fait concrètement.
Globalement, aucun pont n’a été établi entre le peuple, le gouvernement intérimaire et les forces d’occupation. Le citoyen ordinaire se sent marginalisé et commence lui aussi à s’en prendre de diverses manières au gouvernement et aux forces d’occupation. Il faudrait que les ةtats-Unis reconnaissent leur échec et retirent leurs trop nombreux conseillers du gouvernement intérimaire irakien. Ensuite, l’armée et la police irakiennes devraient être réorganisées et convenablement équipées sous contrôle exclusivement irakien. Enfin, et dès maintenant, les forces américaines devraient évacuer les grandes villes et être consignées dans des camps à l’extérieur de celles-ci.
(*) Professeur à l’université de Bagdad.
© FINANCIAL TIMES ET JEUNE AFRIQUE/L’INTELLIGENT 2004. TOUS DROITS RةSERVةS.
(Source: JA/L’Intelligent N°2292 du 12 au 18 décembre 2004)