السبت، 29 مارس 2008

Home – Accueil

 

 

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2866 du 29.03.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الرابطة التونسية للدفاع  عن حقوق الإنسان فرع جندوبة: بيـــــان اللجنة الوطنية لمساندة طلبة سوسة: إطلاق سراح: رشيد عثماني وفوزي حميدات أيوب بن محمد البرقاشي :أريد جواز سفر موقع إيلاف :منظمة حقوقية تتهم ايطاليا بالتنكيل بمواطن تونسي قدس برس :تونس: الإفراج عن فنان كوميدي سجن بسبب تقليده الرئيس ابن علي مختار اليحياوي: الإنتخابات: خيارات و انتظارات أيمن حسونة :مبادرة الرئيس التونسي لتخفيف قيود الترشح للرئاسة: «ترقيع دستوري» لديمقراطية شكلية  محمـد العروسـي الهانـي:كفى كفى الحد من حرية الرأي والتعبير التي لا تخيف أحد… جريدة “الصباح” :الشباب: حقوق.. ومطالب.. وبعد؟ صحيفة “مواطنون”: الاستقلال المهدور صحيفة “مواطنون”: جدل حول الردّة في الجامعة الزيتونية صحيفة “مواطنون”: المنافسة بالوسط المدرسي – مراعاة الفروق الفردية وتفادي التصنيفات والقوالب الجاهزة صحيفة “الوطن” :اتّحاد المغرب العربي : مطلب شعبي ـ 3 ـ صحيفة “الوطن” :المنطقة العربية على صفيح ساخن:هل يجد العرب أنفسهم في مواجهة أسوأ الاحتمالات- الجزء الأخير- صحيفة “الوطن” :الواقع العربي في عصر الهزيمة: ما العمل؟الجزء الأول أم أسيل: سليلة أفراس الدكتور التونسي رفيق عبد السلام للتجديد (المغربية):  حينما يتم استخدام أنياب الدولة سواء باتجاه فرض العلمنة أو الأسلمة تكون الإخفاقات أشد عادل الحامدي : مناهج الأدلة في الكشف عن المأمول من أهل القمة مالك التريكي: التكلفة الحقيقية للاحتلال الأمريكي موقع إسلام أونلاين.نت :الدعاوى تنهال على صاحب الـ”فتنة” موقع إسلام أونلاين.نت :القرضاوي: 5 سبل لمواجهة فتح النار على القرآن موقع إسلام أونلاين.نت :ديدات يتصدى لفيلدرز بهولندا! صحيفة “العرب”:لجنة التحقيق الدولية تكشف:«شبكة إجرامية» متورطة في عمليات سابقة اغتالت الحريري

موقع الجزيرة.نت :جدل في فرنسا بشأن إقالة حاكم إداري انتقد إسرائيل


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


الرابطة التونسية للدفاع  عن حقوق الإنسان فرع جندوبة   جندوبة في 25 مارس 2008 بيـــــان

عرفت منطقة الحوض المنجمي منذ أكثر من شهرين احتجاجات تمثلت في انطلاق مسيرات سلمية واعتصامات وتجمعات ونصب خيام في معتمديات عديدة ( الرديف ؛ المتلوي ؛ أم العرايس ؛ المظيلة … ) وذلك اثر نتائج الإنتدابات التي قامت بها شركة فسفاط قفصة والتي لاحظ فيها المواطنون غياب الشفافية وتلاعب بالنتائج دون اعتبار المؤهلات والحالات الإجتماعية الملحة كما ان الواقع المتردي بالجهة والذي تميز بتفاقم البطالة وغياب المشاريع التنموية وحالة الفقر دعم الشعور بالغبن وأذكى هذه التحركات المشروعة . ولم تظهر السلط استعداد للحوار مع المواطنين بل عمدت الى تكثيف التواجد الأمني ومحاصرة المحتجين والمماطلة في تقديم حلول فردية . ان فرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان : ـ يعبر عن مساندته لتحركات المواطنين المشروعة ومطالبهم المتمثلة في اعتماد الشفافية في الإنتدابات والحق في الشغل والحق في التنمية و المحافظة على البيئة والمحيط . وهذه المطالب تعتبر جزءا لا يتجزأ من منظمومة حقوق الإنسان الأساسية للرابطة . ـ يندد بإعتماد السلط الإجراءات الأمنية لمحاصرة التحركات ويطالبها بإيجاد حلول عاجلة للمشاكل المطروحة بعيدا عن الحلول الامنية التي ساهمت في تعقيد الوضع . ـ يطالب برفع الحصار الإعلامي وتعريف الرأي العام بقضايا المنطقة وذلك عبر الإعلام الرسمي مع توخي النزاهة والموضوعية في تناول الحدث . ـ يدعو الفرع هيئات ومنظمات المجتمع المدني المناضل للمساندة والوقوف الى جانب نضالات أهالي الحوض المنجمي .   عن هيئــــة الفرع الرئيس الهادي بن رمضان


تونس في: 29 مارس 2008 بيان اللجنة الوطنية لمساندة طلبة سوسة

إطلاق سراح: رشيد عثماني وفوزي حميدات إطلاق سراح كل طلبة سوسة

 

تم ظهر اليوم السبت 29 مارس 2008 إطلاق سراح الطلبة: رشيد عثماني وفوزي حميدات من السجن المدني بالمسعدين. إنّ اللجنة الوطنية لمساندة طلبة سوسة إذ تحي الطلبة الذين أطلق سراحهم كما تهنأ عائلاتهم وبالخصوص أمهاتهم اللاتي أبدين من الشجاعة والمبدئية والصمود في كل التحركات من أجل إطلاق سراح أبنائهم. تحية تقدير عالية لتلك الأمهات: فتحية بن ضية، نزيهة بن علي، حميدة الدريدي …اللاتي دافعن بجرأة عالية في كل المحطات من أجل إطلاق سراح كلّ الطلبة. إنّ اللجنة الوطنية التي تعبّر عن إرتياحها لقرار إطلاق سراح كل الطلبة فإنها تحي كل أعضاء اللجنة الوطنية واللجنة الجهوية بسوسة عمّا بذلوه من جهد وعمل من أجل إطلاق سراح الطلبة، كذلك مكونات المجتمع المدني من جمعيات ومنضمات نسوية وحقوقية وأحزاب كما تحيّ الأساتذة المحامين الذين رافقوا الطلبة الموقوفين سواء لدى الشرطة العدلية أو لدى قاضي التحقيق أو بزيارتهم للسجناء أو بتقديم نيابتهم، كما إنّ اللجنة وبالتنسيق مع المحامين ستتابع تطورات الملف.      عن اللجنة عبد الرحمان الهذيلي


تونس في: 29/03/2008 أريد جواز سفر

 

أنا الشاب أيوب بن محمد البرقاشي، صاحب بطاقة التعريف الوطنية عدد 08147911، قاطن بمنزل جميل ولاية بنزرت. انشر هذا النداء عساه يصل إلى من يهمه الأمر فتنتهي مشكلتي، ذلك إنني تقدمت بملف تجديد جواز سفري الذي يحمل رقم 528667 بتاريخ 06/05/2006 إلى مركز الأمن بمنزل جميل. ويوم 05/10/2006 تمت دعوتي إلى المركز المذكور وإعلامي بعدم الموافقة دون توضيح للسبب، كما رفضوا تسليمي الجواز القديم وقبل لي هذه تعليمات إدارة الحدود والأجانب. فبادرت بتوجيه عريضة إلى الإدارة المذكورة فتمت دعوتي إلى مركز الأمن وإعلامي بعدم الموافقة بتاريخ 14/12/2006 ضمن محضر كتابي عدد 816/ لكن دون تسليمي ذلك المحضرأو توضيح سبب الرفض. فقمت بمراسلة كل الجهات المسؤولة والاتصال المباشر على النحو الآتي: -مراسلة وزير الداخلية بتاريخ 05/11/2007. -مراسلة إدارة الحدود والأجانب بتاريخ 14/07 و 05/11/2007. -مراسلة الوزارة الأولى بتاريخ 11/10/2006. – مراسلة رئاسة الجمهورية بتاريخ 05/11/2007 وكذلك الاتصال المباشر بمكتب العلاقة مع المواطن التابع للرئاسة ومكتب العلاقة مع المواطن بوزارة الداخلية. وفي كلّ هذه المرات أتلقى تطمينات ووعودا بتسوية وضعيتي ولكن إلى حدّ كتابة هذه الأسطر مازلت أنتظر. وما أرقني و حيرني هو أنني لم أفهم سبب الرفض فأنا مواطن عادي جدّا لم أقف يوما من الأيام في مركز شرطة ولم تسجل ضدي أي مخالفة من أي نوع كان ولم تتعلق بي تهمة ولا حتى شبهة فما السبب ؟ قلت لعلّ والدي هو السبب باعتباره سجينا سياسيا سابق لكني طرحت هذا الاحتمال لأن إخوتي تحصلوا على جوازاتهم فلماذا استثنى أنا بالذات ؟ ولذلك ترجح عندي أن عرائضي لم تصل إلى الجهات المسؤولة أو أن هناك معطيات خاطئة حول وضعيتي وعليه أتوجه بهذا النداء إلى كل الجهات المعنية راجيا حلّ مشكلتي والحصول على جواز سفر. 

  والسلام


.

منظمة حقوقية تتهم ايطاليا بالتنكيل بمواطن تونسي

 

إسماعيل دبارة من تونس: قالت “اللجنة من أجل احترام الحريات و حقوق الإنسان بتونس” إن السلطات الإيطالية ” تواصل تنكيلها بالمواطن التونسي المحتجز لديها نسيم السعدي بالرغم من إدانتها من طرف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرار تاريخي من نوعه. وقالت اللجنة في بيان حصل “إيلاف” على نسخة منه أن” السلطات الايطالية تمنع السعدي من إجراء المكالمات الهاتفية مع عائلته المقيمة بتونس”. وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد رفضت في 28 فبراير الماضي مطلب الحكومة الإيطالية بتسليم “السعدي ” إلى السلطات التونسية بحجة أن تسليمه لتونس قد يعرضه “للتعذيب وسوء المعاملة”. وجاء في نص بيان المنظمة أن” استهتار السلطات الإيطالية بالحكم الصادر عن أعلى سلطة قضائية أوروبية وصل بها إلى رفض إطلاق سراح المتهم و نقله إلى سجن “بينيفنتو” Benevento بالجنوب الإيطالي تنكيلا به حتى لا “يستمتع” بزيارة زوجته (إيطالية الجنسية) و ابنه البالغ من العمر 7 سنوات. وطالبت لجنة “احترام الحريات وحقوق الإنسان ” ايطاليا بالإفراج الفوري عن نسيم السعدي وضرورة احترام استقلالية القضاء و حقوق الدفاع و المحاكمة العادل. يذكر أن السلطات التونسية وصفت في فبراير الماضي اعتراض المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على طرد “نسيم السعدي المشتبه بعلاقته بالإرهاب من ايطاليا إلى تونس بحجة انه قد يتعرض للتعذيب وسوء المعاملة، بأنه “قرار غير مبرر”. و اعتبرت المحكمة الأوروبية وقتها ترحيل المواطن التونسي إلى بلده الأصلي انتهاكا للبند الثالث من اتفاقية حقوق الإنسان الذي ينص على منع التعذيب والمعاملة غير الإنسانية أو المهينة.   (المصدر: موقع إيلاف (بريطانيا) بتاريخ 29 مارس 2008)


تونس: الإفراج عن فنان كوميدي سجن بسبب تقليده الرئيس ابن علي
 
تونس- خدمة قدس برس   أفرجت السلطات التونسية عن الفنان الكوميدي التونسي الهادي ولد باب الله بعد مضي شهرين من سجنه. وكانت النيابة العامة وجهت له تهمة حيازة مخدرات وصدر في شأنه حكم بالسجن لمدة عام كامل وتغريمه بـ1000 دينار (ما يعادل 800 دولار) وتم تأييد الحكم في محكمة الاستئناف بالعاصمة. وقد علمت “قدس برس” من مصدر قضائي أنّه صدر قرار بالإفراج عنه بمقتضى سراح مشروط بمناسبة احتفال تونس بعيد الاستقلال نهاية الأسبوع المنقضي.   وكان قد تم إيقاف الكوميدي المذكور في 14 كانون ثاني (يناير) الماضي عند نقطة تفتيش على الطريق السريعة من قبل دورية أمن، وتم احتجاز السيارة التي كان يمتطيها. و في وقت لاحق ادعت الشرطة أنّها عثرت في تلك السيارة على قطعة مخدرات، وأحالته على المحكمة. و قد أنكر الفنان الهادي بن عمر عند مثوله أمام القضاء علاقته بتلك المادة المحجوزة واعتبرها عملية كيدية ضدّه.   وبعد أيام من حبسه فتح ضدّه تحقيق جنائي بتهمة تزييف عملة أجنبية وترويجها، تصل عقوبتها إلى عشرين عاما عاما، ولكن وقع حفظ هذه القضية فيما بعد.   وكان ائتلاف عن 18 منظمة دولية يعرف باسم “مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس”  قد رجّح في بيان مشترك صدر في 14 شباط (فبراي) أن الدافع الحقيقي وراء حبس الممثل الكوميدي الهادي بن عمر (المعروف باسم ولد باب الله) هو قيامه بالسخرية من رئيس الدولة. وأنّ الهادي بن عمر “كان مستهدفا من قبل البوليس وتم تلفيق تهمة الاتجار في المخدرات عقابا له”.   وكان الكوميدي المعروف في تونس قد قام نهاية العام المنقضي في حفلة خاصّة في مدينة صفاقس (جنوب البلاد) بتقليد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في عدة مواقف ساخرة. وراج تسجيل صوتي لعرضه يدوم 30 دقيقة بشكل واسع بين التونسيين عبر الهواتف المحمولة. وهو ثاني تسجيل صوتي لهذا الفنان يقلد فيه الرئيس بن علي بشكل ساخر.   وكان المرصد التونسي لحرية الصحافة والنشر والإبداع قد أدان إيقاف الفنان بن عمر وذكر أنّه “جرت العادة في تونس أن تقوم السلطات بتوجيه الإدانة لمعارضيها لا على الأفعال الحقيقية التي تضيق بها، بل تنسب إليهم جرائم مخلّة بالشرف، وهو ما وقع مع المحامي محمد عبّو (آذار/ مارس 2005) الذي اتّهم بالاعتداء بالعنف على زميلته. ومحاكمة الصحفي سليم بوخذير (كانون أول /ديسمبر 2007) من أجل “الاعتداء على الأخلاق الحميدة”.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 29 مارس 2008)


مفتي تونس / حديث
 

تونس – واس – استنكر مفتي تونس الدكتور كمال الدين جعيط الرسوم المسيئة لمقام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم … وأكد انها أثارت مشاعر المسلمين وغيرتهم على الاسلام . وقال في حديث صحفي نُشر في تونس // من واجب المسلم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار المثمر //. واضاف // ان على المسلم ان يكون خير داعية للاسلام بالاخلاق الفاضلة وحسن الاسوة والقدوة وان لاينزلق الى التهور الذي يعمى عقله ووجدانه //.   (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 29 مارس 2008)


الإنتخابات: خيارات و انتظارات
 

بقلم: مختار اليحياوي   لا شك أن السلطة في الوضع الحالي الذي تمر به بلادنا لا تزال تحتل موقعا مريحا لإملاء مختلف اختياراتها بشكل أحادي رغم ما تحاول التمويه به من تحريك لبعض الأجهزة القائمة على الولاء  لإعطائها صبغة استشارية. و لكن خيارات السلطة أصبحت في الفترة الأخيرة تكشف بصفة جلية عدم توافقها مع انتظارات المجتمع.   و لسنا في حاجة في هذا المجال لتعديد الشواهد و الأمثلة على ذلك سواء ما بلغ حالة المصادمة و الإحتقان مثلما هو الشأن مع تنظيمات المجتمع المدني و أحزاب المعارضة الديموقراطية و الإسلامية و بعض القطاعات الرمزية الحيوية مثل المحاماة و القضاء و الصحافة و التعليم و الصحة و الأساتذة الجامعيين أو ما بقي رغم احتوائه مختزنا لكم هائل من الغبن و خيبة الأمل وشعور بالخيبة كما هو الوضع في علاقتها بالإتحاد العام التونسي للشغل و أحزاب المعارضة التقليدية أو بمواطني الجهات الداخلية انطلاقا من الشمال الغربي و حتى الجنوب الشرقي و التي لم تكن الأحداث الأخيرة في الحوض المنجمي بقفصة سوى مؤشرا عن حقيقة الأوضاع فيها.   لذلك و حتى لا تغالطنا بعض المقولات الدعائية للسلطة حول أدائها السياسي فإننا لا بد أن ننتبه إلى أننا بلغنا وضعا بلغت فيه السلطة مستوى العجز في التعامل السياسي مع المجتمع بمختلف مقوماته و لم يعد الفساد و الظلم و المحسوبية سوى مؤشرا على المصالح الحقيقية التي تقف ورائه.   و من هذا المنطلق تتنزل الإنتخابات الرئاسية و التشريعية لسنة 2009 كمحطة تاريخية هامة في إختبار خيارات السلطة في مواجهة إنتظارات المجتمع. وحتى نترك هنا مسافة بيننا و بين المقولات التي لا تستند على أساس واقعي أو موضوعي عدى التهيئات التي تسكن أصحابها فإنني لا أرى مع الوضع الحالي أن هذه الإنتخابات قد تشكل فرصة للتداول على السلطة لسبب بسيط وهو غياب تشكل منظومة أو بديل منسجم يملك من الوضوح والكفاءات ما يؤهله للتقدم كخيار بديل عن السلطة القائمة حتى في صورة توفر شروط إنتخابات حقيقية. فما ينتظره المجتمع التونسي اليوم بمناسبة هذه الإنتخابات ليس إتاحة الخيار أمامه بين سلطة قائمة و سلطة معارضة و إنما تغيير التعامل معه من مجتمع مسير إلى مجتمع مخير و تمكينه من فرصة حقيقية في انتخاب من يثق بهم لحكمه خلال المرحلة القادمة.   و هكذا يأتي فكرة تعديل الدستور المعلن عنها مؤخرا بقطع النظر عن المقاصد الحقيقية من ورائها مناسبة للحوار و الضغط في سبيل تكريس تغيير نهج التعامل مع إنتظارات المجتمع بتمكينه من الإفصاح عنها و تطوير البناء السياسي للسلطة بحسب ما تفرزه إرادته باعتبار ذلك السبيل الوحيد لتجنب الوصول إلى حالة لا يملك أحد السيطرة عليها.   إن هذا المنهح فضلا عن اختباره و نجاحه في تجاوز المواجهة التي كادت أن تعصف بكثير من القطاعات بداية من المؤتمر الأخير للإتحاد العام التونسي للشغل ثم الهيئة الوطنية للمحامين ووصولا للمؤتمر الأخير لجمعية الصحافيين قد أثبت نجاعته و مستوى النضج الذي أصبح عليه التونسيون اليوم كلما سمح لهم بقول كلمتهم و يبدوا الأنسب للإختبار اليوم على المستوى الوطني بعيدا عن كل استثناء أو إقصاء فضلا عن التقاء الكثيرين داخل المعارضة نفسها على مختلف أطيافها للمناداة باعتماده دون أن يكون القبول بالإلتقاء مع السلطة نفيا لقناعاتهم لإننا بذلك نكون قد ساهمنا في توفير الأرضية الضرورية لتشكل البدائل الثرية اللازمة لكل تعددية حقيقية.   (المصدر: مدونة TunisiaWatch لمختار اليحياوي بتاريخ 28 مارس 2008) الرابط: http://tunisiawatch.rsfblog.org/


مبادرة الرئيس التونسي لتخفيف قيود الترشح للرئاسة: «ترقيع دستوري» لديمقراطية شكلية 
 

بقلم: أيمن حسونة   «أرفض الانخراط في لعبة الانتخابات التونسية المغشوشة».. «سأتمسك بحقي في الترشح حتي لو ضربوا عنقي».. بين هذين الموقفين اختلف قادة أحزاب المعارضة التونسية في الرد علي إعلان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي (٧٢ عاما) عن تعديلات دستورية تخفف من القيود المفروضة علي الترشح للرئاسة وتسمح للمرأة أيضا بالوصول لقمة الهرم السياسي في البلاد.   الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام ٢٠٠٩ ستكون وفق الإعلان الرئاسي عن تعددية حقيقية، ولكن لن يحدث اختراق لمنصب الرئاسة التونسية. فخلال ٥٢ عاما من الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي وإعلان الجمهورية لم تعرف تونس سوي رئيسين، قضي أولهما وهو الزعيم الحبيب بورقيبة ٣٠ عاما في السلطة، بينما أكمل خلفه بن علي ٢٠ عاما في الرئاسة.. وتشير الأجواء إلي أنه سيبقي في منصبه لفترة رئاسية جديدة، كما يتوقع كل المراقبين للشأن التونسي.   ونص البيان، الذي تلاه بن علي في قصر قرطاج يوم الجمعة ٢١ مارس الحالي بمناسبة عيد الاستقلال الـ٥٢ عاما، «علي إمكانية أن يترشح لرئاسة الجمهورية المسؤول الأول عن كل حزب سياسي سواء كان رئيسا أو أمينا عاما أو أمينا أول لحزبه شريطة أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية وأن يكون يوم تقديم مطلب ترشحه مباشرا لها منذ مدة لا تقل عن سنتين متتاليتين منذ انتخابه لها».وهذا هو القانون الاستثنائي الثالث، الذي يعلن قبل دورات الانتخابات الرئاسية لتمكين قيادات أحزاب سياسية من الترشح للرئاسة، حيث اضطرت الحكومة لتعديل البند الدستور الخاص بالترشيحات قبل انتخابات عام ١٩٩٩، و٢٠٠٤ لإفساح المجال أمام الأحزاب البرلمانية للمشاركة.   وينص الدستور التونسي الحالي علي أنّ الترشح لرئاسة الجمهورية يستوجب الحصول علي ٣٠ توقيعا من أعضاء البرلمان أو رؤساء البلديات، وهي شروط لا تتوافر عمليا إلا للحزب الحاكم، وترقي إلي مرتبة المستحيل عندما يتعلق الأمر بالمعارضين وحتي علي المرشحين المستقلين، مما استوجب تدخل الرئيس في كل مرة لتوفير فرصة لبعض الأحزاب لترشيح قياداتها، عبر تعديلات استثنائية في الدستور.كان آخر تعديل أجري في عام ٢٠٠٤ ونصّ علي أن أقدمية فترة ٥ سنوات في الهيئة القيادية للأحزاب تم تقليصها لعامين هذه المرة مع اقتصارها علي الأمناء العامين ورؤساء الأحزاب.ويهيمن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، الذي يتزعمه رئيس البلاد، علي البرلمان بنسبة ٨٠% ويتوقع أن يعلن بن علي خلال الشهرين المقبلين عن ترشحه رسميا للرئاسة مع تصاعد الدعوات له من قبل أعضاء حزبه بترشحه.   أعيد انتخاب بن علي عام ٢٠٠٤ بنسبة ٩٤.٤% من أصوات الناخبين، متفوقا علي ٣ مرشحين حتي إن صحيفة «الجارديان» أطلقت في تقرير لها في ٣ مارس الحالي علي بن علي لقب « مستر ٩٩.٩%» في إشارة إلي نسبة الأصوات المرتفعة التي يحصل عليها.والجديد أن هذه المبادرة الرئاسية ستمكن أوّل امرأة في تونس وهي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض السيدة مية الجريبي، من إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، إن أرادت، ولكنها قطعت في الوقت نفسه الطريق أمام الأمين العام السابق للحزب نفسه من الترشح للرئاسة المحامي أحمد نجيب الشابي الذي تخلي عن منصبه كأمين عام للحزب لصالح مية عام ٢٠٠٦.   كان الشابي قد أعلن رسميا الشهر الماضي ترشحه للسباق الرئاسي وانطلق في حملة من أجل حقه في الترشح بتزكية من الحزب ومجموعة من الناشطين.كما يستثني هذا المشروع الأمين العام لحزب التكتل من أجل العمل والحريات الدكتور مصطفي بن جعفر، الذي سيعقد حزبه مؤتمره الأول نهاية العام الحالي. فيما حافظ علي حق ٦ أحزاب أخري ممثلة في البرلمان في ترشح أمنائها العامين.من جهته، وصف الشابي المبادرة الرئاسية بأنها «مناورة» تهدف لإقصائه عن طريق الترشح للرئاسة. وقال في ندوة بمقر الحزب «سأتمسك بحقي في الترشح ولو ضربوا عنقي».وأضاف «إخوتي في الحزب، لن أتخلي عن حقي أبدا، وسأواصل عقد الاجتماعات»، وانتقد الرئيس قائلا: «لا يحق له تحديد منافسيه للانتخابات المقبلة»، ودعاه إلي إجراء مناظرة تليفزيونية مباشرة «لتقييم تجربة حكمه، وما أنجزه في التنمية السياسية التي وعد الشعب التونسي بها».   كان الشابي قد ترشح لانتخابات ٢٠٠٤ إلا أنه لم يتمكن من إضفاء الشرعية علي ترشحه، بسبب عدم حصوله علي توقيعات النواب الضرورية.وعن موقف منصف المرزوقي، رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، المعارض وغير المرخص له الترشح لانتخابات الرئاسة، قال في حوار لموقع «إيلاف» علي الإنترنت: «إن الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجري في تونس ستزور».وأضاف: «من يقبل بلعب مباراة نتيجتها معروفة، لمجرد أن يتحدث عنه الناس فله ذلك لكن عليه أيضا أن يتحمل مواصلة التزييف الذي يدعي محاربته فالمنطق يقضي عندما تريد وضع حد للعبة مغشوشة أن ترفض المشاركة فيه،ا لا أن تسعي بكل الوسائل للمشاركة فيها مدعيا أنك ضدها».كانت اللجنة المركزية للحزب الحاكم قد اختارت بن علي مرشحا للحزب لولاية خامسة تستمر ٥ سنوات، ومن المقرر أن يعلن المؤتمر العام للحزب، المقرر في أغسطس المقبل رسميا اختيار بن علي مرشحه للرئاسة لعام ٢٠٠٩.   وألغي في عام ٢٠٠٢ التعديل الذي أدخله الرئيس التونسي علي الدستور في عام ١٩٨٧ فور وصوله الحكم، والذي نص علي أن لرئيس الجمهورية الحق في ترشح نفسه لـ٣ فترات رئاسية فقط، مدة كل واحدة ٥ سنوات لإتاحة الفرصة لـ«بن علي» في الترشح لفترة رئاسية رابعة، وأتاح استفتاء ٢٠٠٢ للرئيس البقاء في الحكم مدي الحياة كما كان قائما قبل منتصف الثمانينيات.ورغم الاستقرار النسبي للحالة الاقتصادية التي يتغني بها الرئيس التونسي ويكتسب منها شرعيته – بحسب بعض المراقبين – إلا أنهم يقولون إن البلاد محرومة من تعددية حزبية حقيقية، وأن جميع وسائل الإعلام مكرسة لخدمة مصالح الحكومة.   ويقول منتقدو بن علي، إن توليه الحكم لولاية أخري يدفع البلاد نحو نظام أشبه بالملكية، مما يجعل من إعلانه عند توليه الحكم في عام ١٩٨٧ بأن تونس لن يكون فيها رئيس مدي الحياة، مرة أخري، مثار سخرية. ويضيف المنتقدون: «إن تونس لا تشكو من فقر وفقًا للمقاييس الدولية، ولكنها تشكو من الجوع علي المستوي الفكري بغياب المبادرة وضعف حرية التعبير والصحافة».   (المصدر: صحيفة “المصري اليوم” (يومية – مصر) بتاريخ 28 مارس 2008)


الشباب: حقوق.. ومطالب.. وبعد؟
 

بقلم كمال بن يونس   تتواصل في مختلف الجهات اجتماعات الحوار مع الشباب.. تكريسا للقرار الرئاسي الجديد الذي طلب من الحكومة ومؤسسات الدولية المضي في خيار الحوار والاستشارات الوطنية.. حول مشاغل الشعب..  بدءا من مشاغل الشباب.. الحوار الجديد مع الشباب محليا وجهويا ووطنيا فرصة للتفكير بصوت عال.. وللاستماع إلى ملاحظات الشباب واقتراحاته.. حول طرق معالجة مشاكله واساليب التفاعل مع مشاغله وطموحاته.. “الشباب هو الحل وليس المشكل”.. شعار يدعو إلى التفاؤل وزرع الامل في القلوب الحائرة.. بدءا من قلوب الشباب.. الميال بطبعه إلى النقد والانتقاد والمطالبة بمزيد من الحقوق.. والمكاسب.. وبتلبية كل طلباته «فورا»..   إنه فوران دم الشباب.. وهو سلوك طبيعي ومرغوب فيه.. وإن كان الشاب تغاضى عن عدة حقائق ومعطيات وتمادى في مسلسل إبراز حقوقه المعنوية والمادية.. على العائلة والمجتمع والدولة.. الحقوق ولا شيء غير الحقوق.. حقوق «الانا» غالبا.. وحقوق المجموعة أحيانا.. ضمن منطلقات مثالية قد تغطي ايديولوجيا.. الحقوق دون غيرها.. لكن ماذا عن الواجبات؟ ماذا عن حقوق الأسرة والمجتمع والدولة على الفرد؟ تساؤل مشروع يفرض نفسه.. فعسى أن يكون الموقع الالكتروني المخصص للحوار مع الشباب www.pactejeunesse.tn  فضاء للاستماع إلى الشباب.. والتعرف على خواطره وما يخالج فكره.. والاستفادة من حيويته ومقترحاته .. ثم التفاعل مع مساهماته في الحوار.. لاقناعه بان الحياة حقوق وواجبات.. وأن الانتماء الى العائلة والوطن يستوجب المطالبة بالحقوق والتفاني في القيام بالواجب.   (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 مارس 2008)


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين  الرسالة رقم 423 على موقع الحق والحرية   بقلـم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي تونس في 24/03/2008  كفى كفى الحد من حرية الرأي والتعبير التي لا تخيف أحد ولا تمس كرامة الإنسان أو تمس المصداقية والثوابت والجوهر

 
تبعا لما جاء في الرسالة المفتوحة الموجهة إلى السيد وزير تكنولوجيا الاتصال التي نشرت يوم الأحد 23/03/2008 حول موضوع الرقابة على مواقع الانترنات وخاصة موقع تونس نيوز منذ أيام. والذي كما أشرت في المقال والرسالة المفتوحة بأن الرقابة على مقالاتي وربما غيري من المواطنين والكتاب تتنافى مع كل القوانين والقيم الأخلاقية والثوابت وبنود ودستور البلاد. الذي حرر العقول وأعطى لحرية الرأي والتعبير حقها ونص عليها بكل وضوح منذ دستور عام 1959 أول دستور رائد بعد الاستقلال الوطني وإعلان النظام الجمهوري في 25 جويلية 1957 ودستور عام 1959 يعتبر أول دستور حضاري تقدمي إلى العالم العربي والإسلامي تاريخيا وأن الاستفتاء الشعبي الذي صوت عليه الشعب عام 2003 احتوى على بنود واضحة تخص حرية الرأي والتعبير. وكذلك حرية المعطيات الشخصية واحترامها والمحافظة عليها ولا يجوز إطلاقا البحث أو كشف أو الإنصات بأي صورة أو وسيلة أو استثناء باعتبار المعطيات الشخصية مقدسة ومحترمة وتهم صاحبها… مثل حرية الكتابة والتعبير والمكالمة عبر الهاتف والمسائل الشخصية والرصيد المالي في المصارف البنكية وغير ذلك هي من المعطيات السرية الشخصية لا يمكن الإنصات أو محاولة الإطلاع عليها بأي شكل من الأشكال ومن أي نوع من الأشخاص. وأن مراقبة المقالات قبل نشرها في موقع الانترنات أيضا لا يجوز ومراقبة مواقع الأشخاص يدخل في إطار المحافظة على المعطيات الشخصية وحتى تلاوة رسالة من حرف آلف إلى الياء من طرف مسؤول بمركز البريد في أي مكان فهذا أيضا غير محبذ وقد حصل لي أن وجهت رسائل بالفاكس السريع إلى رئاسة الجمهورية عبر مراكز البريد وقبل وضع الرسالة في جهاز الفاكس سمح لنفسه العون ودون استئذان من صاحب الرسالة وشرع في الاطلاع على محتواها وبعد قرأتها وفهمها وخرق المعطيات الشخصية أخذ الرسالة ووضعها في جهاز الفاكس. وفي إحدى المراكز التابعة للبريد بصفاقس لم أسمح للموظف بقراءة الرسالة باعتبارها موجهة إلى رئاسة الجمهورية ولا يجوز الاطلاع على أسرار الناس إطلاقا وقد أجابني الموظف من الضروري الإطلاع عليها. قلت له لا يجوز وأنا أتحمل مسؤوليتي في ذلك وبطاقة التعريف الوطنية هي الهوية الكاملة وصاحب الرسالة هو المسؤول على فحوى رسالته و98% من الرسائل هي تهم الحالات المهنية والاجتماعية ومسائل تخص أصحابها…”. وفي بعض الأماكن الخاصة في العاصمة فقط عندما ترغب في إرسال مكتوب على الفاكس خاصة لمواقع هامة ذات سيادة يطلب منك صاحب المحل نسخة من بطاقة التعريف تبقى في الكراس عنده وأحدهم أردف بعض الإشارات لا أريد ذكرها…” وكل هذه المحاولات لا تليق وهي تحد من حرية المواطن وأن مثل هذه الممارسات لا تتماشى مع حرية المعطيات… وأن محاولة بعضهم غير قانونية لمراقبة المقالات التي ترسل إلى موقع تونس نيوز أو موقع فضائية عربية فهذا والله عار ولا يسمح به القانون ولا يليق في القرن الواحد والعشرين… ولا أريد مزيد التوضيح والتلميح لكن حز في نفسي حديث صاحب مركز انترنات لا أريد ذكره قال لي بالحرف الواحد أنسى هذا الموقع بكل جدية وصراحة ووضوح ابتسمت في وجهه وقلت له بكل لطف وتربية وبرودة دم إذا أغلق هذا الموقع من طرف يد إنسان فهناك خالق الكون يفتح 70 باب بحول الله. والإبحار في الانترنات هو رحمة لا نقمة وخدمة لا ردع وبناء لا هدم وأمان لا خوف وحب لا كراهية وحرية لا كبت وترفيه على النفس لا عقاب وظلم وفائدة لا فساد وكرامة لا إهانة وعزة لا مذلة ورأس مرفوع لا تخويف وقهر وراحة ضمير لا تهميش وعطاء للوطن لا خيانة ونشوة لا تنكيد ورغبة للإضافة لا تهديد وأن حرية الرأي والتعبير لا تخيف أحد إطلاقا ولا تمس من كرامة إنسان أو تمس من مصداقية الثوابت، إذا لماذا هذا الخوف من الانترنات ولماذا الخوف من الكلمة الصادقة الهادفة النظيفة. فهل مثلا مذكراتي طيلة 10 حلقات فيها خطر على أحد. وهل ذكر التاريخ ومراحل الكفاح الوطني يمس من أحد أو يخيف أحد. وهل ذكر مسيرة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة تقلق أحد… وهل الحديث على الاستقلال وبناء الدولة فيه إحراج. وهل تهنئة الجالية بالمولد النبوي الشريف والأعياد الدينية يحرج أي طرف.. وهل رسالة تهنئة لرئيس بلدية باريس الذي حقق مبادرة هامة تشرف كل التونسيين في الداخل والخارج وأعطى قيمة لتاريخ زعيمنا الأوحد المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله وهل ذكر مناقب الزعماء والشهداء يخيف أحد…” لا والله… وصدق أحدهم عضو بمجلس النواب جمعني لقاء به الأسبوع الفارط وقالي لي أن مقالاتك محل اهتمام وإعجاب وعناية الوطنيين… لماذا إذا هذا الوهم والخوف والهاجس والجري وراء مراقبة المقالات وتعطيلها يا ترى… ولماذا لم نحترم قرارات مجلس الوزراء حول حرية الرأي. كفى كفى تجسسا على حرية التعبير…” قال الله تعالى: ” واصبر وما صبرك إلا بالله ” صدق الله العظيم محمـد العـروسـي الهانـي الهاتف : 22.022.354

 


الاستقلال المهدور
 
الصحبي صمارة

أعلام كثيرة ويافطات تغطّي الشوارع، حفلات صاخبة ومطربون ومطربات من قريب ومن بعيد ويوم عطلة وخطاب رئاسي وتكريم هنا وهناك للبعض.. إنّه عيد الاستقلال. أو ربّما هذا ما تبقّى من الاستقلال. أمّا القاع الحقيقي فينزّ بالفواجع. القاع الحقيقي تجدونه في جسم هذه البلاد الصغيرة والجميلة التي تعاني كافّة أنواع الأمراض من الفساد السياسي إلى الفساد الأخلاقي مرورا بالفساد الاجتماعي والإداري والثقافي والاقتصادي. فمؤشّرات الفوضى في كلّ شيء أصبحت النسق السائد في البلاد وانقلاب المعايير تحوّل إلى قاعدة عامّة تحكم كلّ مظاهر الحياة. إذا البلاد سئلت‼ لقد قدّمت حركات التحرّر الوطني في شتّى أنحاء العالم فرصا للشعوب لتحسم أمر استقلال القرار والسيادة وتحرير الإنسان بتمكينه من صفة المواطنة ومن حقّ المشاركة الفعلية في تقرير مصير عيشه داخل إطار الوطن الواحد والالتزام بمصلحة هذا الوطن والعمل على صيانته. استقلال البلاد التونسية كان نتاجا لفترة مخاض عسير على المستوى الدولي والأفريقي والعربي والوطني ولم يكن مزيّة من أحد، لا من حزب ولا من جهة ولم يكن أيضا لضرورة تبديل الأدوار من استعمار مباشر إلى آخر غير مباشر. لقد كان ثمرة دماء الفلاّقة في الجنوب والوسط وحصيلة صفوف النّار والمواجهة على طول الخطّ الساحلي لتونس وعلى طول خطّ الشمال الغربي ونتاج تماسك ثلّة من المثقّفين وصمودهم في العاصمة وإصرارهم على وضع لبنة التنظيم السياسي والواجهة الفكرية للمعركة، معركة التحرّر الوطني. لا شكر على واجب لم تكن في تلك السنوات العصيبة هواجس السلطة تعني أحدا، حتّى من أسّس الحزب الحرّ الدستوري بل كان الوعي بضرورة الحرّية هو الفكرة النواة. كان الوعي بحتمية المقاومة من أجل الاستقلال هو المحرّك لأبناء تونس وكان الواجب الوطني يرى في الموت لذّة الحياة لأنّه يتجلّى في معنى الشهادة. كان واجب النضال لا ينتظر أوسمة ولا شهادات شكر. اليوم تحوّل كلّ فعل ليسبح في دائرة المقابل، والمقابل هذا متعدّد ومتنوّع، يتراوح بين الموقع والمنحة المادية ليصل إلى تهمة العمالة والخيانة. كلّ فعل بمقابل فإذا لم يكن الشكر على الموالاة والتزلّف والنفاق فهو العقاب على النقد والمعارضة والمطالبة بالإصلاح.

الطريق الخطأ
كان للصراع الدموي بين اليوسفية والبورقيبية وقعه المؤلم في نفوس التونسيين ولكنّه لم يستوعب كدرس أوّل في الديمقراطية وقبول الرأي المخالف بين أبناء القضيّة الواحدة. وكانت لأحداث جانفي 1978 وقعها المؤلم ولكنها لم تستوعب كدرس في احترام استقلال النقابات والوعي بضرورة اعتبار الحراك الاجتماعي المنظّم قاعدة لضمان السلم الاجتماعي وكان لأحداث جانفي 1984 وقعها المؤلم في نفوس جميع التونسيين ولكنّها لم تستوعب كإنذار يدعو إلى ضرورة المراجعة. وكان لأحداث التسعينات أثرها المستمرّ بعد ولكنّها لم تستوعب كمطلب ملحّ لإيقاف التوجّه الخاطئ وتصويب هذه الأخطاء والخروج من دائرة الهيمنة المقدّسة للحزب ولنمط الحكم ولأسلوب الإدارة والتسيير وكان لأحداث الضواحي أثرها المخلخل الذي يؤكّد أنّ الطريق أصبحت محفوفة بالمخاطر.. الطريق نفسها التي ألجمت بها أفواه اليوسفيين وصودرت بها نضالاتهم والطريقة نفسها التي حوكم بها اليساريون في السبعينات والتي لم تصوّب إلى أن تحوّلت في أقلّ من عقدين نوعيّة المحاكمين ومضمونهم وطبيعة مشروعهم ليصبحوا هذه المرّة إسلاميين في التسعينات.. الطريقة نفسها التي تقطع الطريق أمام تأسيس دولة ديمقراطية حقيقية تعترف بالتعدّدية والرأي المخالف وتصلح نفسها انطلاقا من استقلالية مؤسساتها وسلطها واحترام مواطنيها. هذه الطريق هي التي فرّخت ظواهر الجهادية السلفيّة والتطرّف في المنحى السياسي وهي التي فرّخت السوق السوداء والاعتداء على أملاك الناس وتجارة المخدّرات وانتشار الرشوة والفساد الإداري والمالي واستباحة المال العام وفتح الباب للاستثمار الخارجي بمضمون استعبادي وابتزازي لكرامة وجهد أبناء تونس وشبابها في المنحى الاقتصادي وهي التي فرّخت سلوكات الميوعة والانبتات وتقليعات الموضة التي تنجب شلل المخنّثين وجماهير الكرة الذين يحملون روحا “جهادية” فوضوية وبربرية عوض الروح الرياضيّة في المنحى الاجتماعي.. الطريق نفسها تلتوي لتلتفّ على واقع عشرات الآلاف من الذين نفقوا أعمارهم في مقاعد الدراسة وأصبحوا احتياطي الشوارع واحتياطي الانحراف واحتياطي فضائيات الانبتات من جهة والأصولية والتطرّف من جهة أخرى. وهي مرّة أخرى الطريق نفسها التي قادت إلى اغتراب اجتماعي عام وإحساس بعبثية الانتماء إلى بلد لم يعد ملكا لأبنائه ومقاييس التحوّلات الكارثية لم تعد تقاس بالعهود والعقود بل أصبحت تقاس بالسنوات والأشهر.. طبعا هو عصر السرعة .. وما أسهل الانهيارات السريعة فيه‼ هذا العصر الذي أصبحت ميزته تشطيب كلّ شيء انطلاقا من تشطيب الأوطان وإحالتها إلى استراحات للصخب الفارغ وإعادة كتابة تاريخ الشعوب بأحرف زائلة. ياطر النجاة الاستقلال هو الياطر الوحيد الذي يشدّ المركب الصغير ويحميه من الضياع في البحر ويصونه من عبث العواصف. فما الذي تبقّى منه؟؟ لماذا نهدره؟؟ لماذا نزيّفه؟؟ لماذا نعتبره ملكيّة خاصة لفئة أو حزب أو جهة أو جهاز. إنّه ياطر المركب وليس ملكا لأحد ولن ينفع الصّراخ العالي ساعة الغرق.         (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 54 بتاريخ 19 مارس 2008 )
 


قضايا تربوية المنافسة بالوسط المدرسي:

مراعاة الفروق الفردية وتفادي التصنيفات والقوالب الجاهزة

 
تعتبر المنافسة، بصفة عامة، من العناصر الهامة التي تساهم بقسط وافر في توجيه السلوكيات وتحديد العلاقات الإنسانية داخل المجتمع وخارجه. وقد تمّ التطرق إلى مسألة المنافسة في عدّة مجالات واستنادا إلى مقاربات وتمشّيات مختلفة. فالفلسفة تناولت بالدرس وجهات النظر المتباينة والمتعلقة بالإنسان باعتباره فردا أو عضوا في مجموعة، وتطرقت إلى مسألة تعامله مع الآخرين وما ينشأ عن هذا التعامل من استغلال. كذلك، أولت مختلف الأديان عناية خاصة بمسألة المنافسة هدفها من ذلك الحدّ منها وتوجيهها لما فيه خير ومصلحة الفرد والمجموعة والمجتمع والإنسانية بأكملها. أمّا بالنسبة للعلوم الحديثة، فقد تطرقت إلى قضية المنافسة من زوايا مختلفة. فعلم النفس مثلا، ركزّ على دراسة هذه المنافسة استنادا إلى الصراعات النفسية التي تحصل داخل الفرد من جهة، وبين الأفراد والمجموعات من جهة ثانية. أمّا علم الاجتماع، فقد اهتم أساسا بالمجتمعات المتحضّرة التّي تتميّز بتفاقم واستشراء المنافسة. كذلك أولت العلوم الاقتصادية مسألة المنافسة اهتماما خاصا نظرا لما تكتسبه من أهمية على مستوى استغلال الموارد الاقتصادية وإنتاج السّلع والبضائع وتوزيعها وتطوير جودتها. وفي نفس هذا السياق، لم تبق العلوم السياسية بمعزل عن الخوض في مسألة المنافسة التي برزت بشكل حادّ بين مختلف الأحزاب السياسية التي وظفت كلّ طاقاتها من أجل الحصول على السلطة داخل بلد معيّن، فضلا عن الصراعات الدوليّة التي غلبت عليها نوايا الهيمنة والسيطرة ومطامع الاستغلال والاستعمار غير المباشر. لكن، هل يمكن الحديث عن منافسة شرسة بالوسط التربوي؟ وأين تتجلّى هذه المنافسة؟ وما هي أنواعها وأسبابها ؟ وهل هي ضرورية في عصر العولمة؟ وهل ثمّة حلول للتخفيف من آثارها وانعكاساتها؟ في البداية، تكاد تتّفق العديد من الدّراسات المتخصّصة على أنّ المنافسة تتجسّد من خلال بذل الجهود المكثفة والمركّزة بهدف التغلّب على الطرف الآخر وتحقيق بعض الأهداف والغايات وإشباع مجموعة من الحاجات. لذلك، يتمّ استخدام العديد من الوسائل مثل المهارات والمعارف والتدخّلات والأموال. والمنافسة يمكن أن تحصل مع النفس أو مع أفراد ومجموعات، وتتراوح بين الصراع والنزاع والعدوانية. والمنافسة بصفة عامة، يصنّفها الأخصّائيون على النحو التالي: ـ منافسة شريفة تلتزم بالقواعد الأخلاقية وتأخذ بعين الاعتبار الأصول والقواعد والأخلاقيات. ـ منافسة غير شريفة وهي ترتكز على الغشّ والخداع واللّهث وراء تحقيق النتائج بأيّة وسائل وعلى حساب الآخرين. ـ منافسة مقيّدة، وهي التي تخضع إلى تقييدات وتنظيمات وتراتيب بحيث أن الخروج عنها تكون له انعكاسات سلبية. ـ منافسة حرّة، وهي التي لا تلتزم بالقيود أو الحدود أو الموانع. ـ منافسة بنّاءة، وهي التي يكون الهدف منها حصول الفائدة والمنفعة لفرد أو مجموعة أو مجتمع. ـ منافسة هدّامة، أي التي تؤدي إلى تحطيم الآخرين وإلحاق الضّرر والأذى بهم. ـ منافسة النفس، أي الرّجوع إلى الماضي والتفكير فيما تمّ إنجازه والتّخطيط لما هو أفضّل منه في المستقبل. ـ منافسة الآخرين، أي أن الفرد ينافس مجموعة ينتمي إليها. ـ منافسة العطاء، والمقصود بها تلك التي تكون مبنيّة على المشاعر الإيجابية مثل الحبّ والتآزر وإيثار الآخرين على النفس. ـ منافسة الأخذ، وهي التي تكون موجهة نحو الاستيلاء على ما للآخرين من ممتلكات أو شهرة أو مكانة اجتماعية بشتّى الوسائل، المُباحة وغير المُباحة. ـ المنافسة على الخير، أي تلك التي تهدف إلى بذل مجهود إضافي قصد إفادة الآخرين وتحقيق رخاء الآخرين. ـ المنافسة على الشرّ وهي التّي تجمع الأفراد الذين غالبا ما يكونون فريسة للفساد والرشوة والمحسوبية وكذلك الشهوات الجنسية. أمّا بالنسبة للأسباب الكامنة وراء استشراء المنافسة، فإن الأخصائيين يشيرون أوّلا وقبل كلّ شيء إلى الحقد والكراهية والحسد. ذلك أن الفرد في هذه الحالة تكون غايته الحصول على المال أو العلم أو السلطة أو المكانة الاجتماعية والشهرة حتى وإن كان ذلك على حساب الآخرين أو حتى وإن تطلّب ذلك حرمانهم من ذلك الحقّ. إلاّ أنّ الإشكال المطروح هنا هو التالي: هل أنّ الغيرة هي التي تولّد المنافسة أم أن المنافسة هي بسبب الغيرة؟ ومن الأسباب الأخرى للمنافسة، نذكر الجشع والطمع المبالغ فيه، بحيث أنّ الفرد تتنازعه قوى داخلية وخارجية من أجل الحصول على الثروة والمال الكثير والمكانة الاجتماعية والشهرة والترقية إلى أعلى المراتب… ومن الأسباب الخطيرة التي تقف وراء المنافسة، تصنيف الأفراد إلى مجموعات وطبقات وبالتالي، تتكون بعض التصورات حول “نحن” و”هم” وتبرز العديد من الاتجاهات والمواقف السلبية إزاء الغير. كذلك نذكر مسألة التنشئة الاجتماعية داخل العائلة ثمّ المدرسة والمجتمع. فالأسرة نفسها تكرّس المقارنات بين الإخوة والأخوات، وكذلك الشأن في الوسط المدرسي حيث تتمّ مقارنة تلاميذ القسم الواحد. أمّا على مستوى المجتمع، فهذه المقارنة تشمل الممتلكات والشهرة والمكانة. كما أنّ وسائل الإعلام تلعب دورا كبيرا في إثارة المنافسات بين أفراد المجتمع. وبطبيعة الحال، فإنّ الغطرسة والظّلم والتسلّط وانعدام العدالة، تساهم كلّها في إذكاء واستشراء المنافسة بين أفراد المجتمع. وبصفة عامة، تؤكد الدّراسات أن المنافسة تكون شرسة في المدن الكبرى مقارنة مع القرى والأرياف. كذلك، فإن الأفراد الذين ينتمون إلى الطبقات الاقتصادية المحظوظة هم الذين يشتعل بداخلهم فتيل المنافسة. ولو عدنا إلى الوسط المدرسي عامة، لأصابتنا صدمة كبيرة بمستوى المنافسة القاسية التي يتعرض لها التلاميذ والمربّون وكافة العاملين في الحقل التربوي. فمنذ مرحلة التربية قبل المدرسية، تعشش في عقول الأطفال أفكار جوائز التشجيع والامتياز والاستحسان والشكر، لتجد لها امتدادا في سلوكات الأولياء الذين يجدون أنفسهم فريسة للمضاربات والدروس الخصوصية. وتتواصل أشكال هذه المنافسة الشرسة على امتداد مراحل الدّراسة الثانوية والجامعية والمهنية في مرحلة لاحقة. أمّا بالنسبة للمربيّن أنفسهم، فالمنافسة تكون داخلية بحيث تتمّ تضييفات غريبة لمدرسي المواد العلمية والأدبية وغيرها، وكذلك خارجية حيث يعمد المدرّس، بصفة شعورية أو لا شعورية، إلى مقارنة وضعيته مع الطبيب والصيدلي والعدل المنفذّ وأصحاب المهن الحرة الذين يحملون نفس الشهادة العلمية التي تحصل عليها. ولعلّ الانعكاسات الخطيرة للمنافسة بالوسط المدرسي خاصة تتمثل في أنّها تخلق لدى الأفراد الذين يتكرّر إخفاقهم أو فشلهم في تشكيلة المنافسات القائمة، نوعا من تقلص الثقة بالنفس، فضلا عن تحميلهم ما لا طاقة لهم. كذلك، فالمنافسة تقود العديد من التلاميذ والأولياء إلى بذل جهود كبيرة تفوق طاقاتهم. وبالنسبة للحلول التي يقترحها الأخصائيون للتخفيف من حدّة المنافسة فهي تتمثل أساسا في : * تدريب التلاميذ على السيطرة والتحكّم في كافة الصراعات التي تحدُث بالوسط المدرسي. ولعلّ خير وسيلة لبلوغ ذلك تتمثّل في إثارة منافسة التلميذ مع نفسه بدلا من إثارتها مع الآخرين. * تغيير البيئة المدرسية وتحويلها إلى موقف تعلّمي قائم على التعاون والاتصال والتفاعل. * التقليص من عامل المجازفة في العملية التعليمية التعلّمية. * التركيز على التعلّم الذّاتي وتدعيمه بطرق وتمشيات التعلّم التعاوني. * الابتعاد عن المقارنات والحرص على إخماد نار الغيرة بين الأبناء. أبو مهدي (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 54 بتاريخ 19 مارس 2008 )

جدل حول الردّة في الجامعة الزيتونية

 
لطفي حيدوري
أثارت محاضرة الحسن القرواشي أستاذ الحضارة في كلية الآداب حول قضية الردّة بين الشيخ محمد الطاهر بن عاشور والقديس توما لاكويني جدلا كبيرا بينه وبين مدرسين في جامعة الزيتونة. وقد ألقيت المحاضرة خلال الندوة المنعقدة بمعهد الحضارة الإسلامية يوم 12 مارس الجاري. وآخذه عدد من مدرسي الزيتونة على مقارنته الشيخ ابن عاشور بالقديس المسيحي وانتقاده حكم قتل المرتد باعتباره ضد حرية الضمير. وانقسم مدرج المحاضرة بين موقفين من القضيّة. ومناهج مختلفة في دراسة الحضارة الإسلامية في الجامعة التونسية. اللافت أنّ النقاش الذي دار أثار قضايا أخرى لا تتعلق بأصل الموضوع، فبعض أساتذة الزيتونة أكّدوا أنّ إشكالية الردّة لا يمكن أن يبحث فيها غير العلماء المختصين وأثير الخلاف بين خريجي كليات الآداب وخريجي الزيتونة. ورفض الزيتونيون أن يقع تناول عدة قضايا بأدوات العلوم الحديثة. ومن خلال مداخلات المدرسين الزيتونيين (محمد الطاهر الجوابي ومحسن عبد الناظر وهشام قريسة وبعض الطلبة) بدا هؤلاء تقليديين أدنى من المستوى الذي بلغه عدد من المفكرين الإسلاميين اليوم في مثل هذه القضايا. بل ربما غير متابعين لما يجري داخل الساحة الفقهية والفكرية الإسلامية. وتناولت ردودهم مسألة الردة من الزاوية التي طرحت بها في التاريخ الإسلامي. وقد ثارت ثائرة الحاضرين حين نبّه أحد المتدخلين أساتذة الزيتونة إلى أنّ التدخلات التي صدرت ربّما تشير إلى أنّ الزيتونة لا تسير في الاتجاه الصحيح.  وكان من غير المقبول في مستوى ندوة علمية دولية حول “التنوير عند علماء الزيتونة” أن يبلغ النقاش حدا من التشنّج يجعل صاحب المحاضرة يدافع عن حقه في التفكير والتجديد. ولعلّ ما أثار حفيظة أصحاب الدار هو أنّ المحاضر اختار رمزا زيتونيا ينسب إلى التنوير فألحقه بالمعادين لحرية الاعتقاد في حين أنّ معظم المحاضرات التي ألقيت تركزت حول التجديد والتنوير لدى الشيخ ابن عاشور.   (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 54 بتاريخ 19 مارس 2008 )


اتّحاد المغرب العربي : مطلب شعبي ـ 3 ـ

 
د. نورالدين بنخود   يبدو جليّا عند أغلب الملاحظين أنّ من أهمّ الأسباب المباشرة للتعثّر الحاصل في بناء الاتحاد المغرب العربي هو التوتّر بين الجزائر والرباط الراجع إلى مشكلة حدوديّة قديمة مستمرّة ومشكلة الصحراء الغربيّة. ويعتبر بعض الدارسين أنّ استمرار المشكلتيْن دون حلّ يعود في عمقه إلى صراع حول زعامة المنطقة. وبصرف النظر عن حقيقة هذا السبب العميق ومدى جدّيته، إذ أنّ الكثيرين منّا قد لا يتمالكون عن التعجّب أمام التنافس على الزعامة في مشرق الوطن العربي ومغربه، يبدو مهماّ مع ذلك أن نتابع تاريخ التوتّر متابعة موجزة لنقف على ما تفعله بعض الأنظمة العربية بنفسها وبالأقطار التي تحكمها وبالشعب العربي كلّه. أمّا المشكل الحدودي فيعود إلى زمن الاحتلال الفرنسي للجزائر. ففي آب ( أوت) 1844، جرت ” حرب إيسلي ” التي واجه فيها المقاومون المغاربة والجزائريّون جيش المستعمر. لكنّ هزيمة المقاومة العربية مكّنت فرنسا من فرض شروطها على المغرب ، ومنها إجبار المغاربة على التخلّي عن دعم الأمير عبد القادر الجزائري واعتباره خارجا عن القانون ومطاردته. واستطاع المستعمر من موقع القوّة أيضا اقتطاع أراض ( منطقة تندوف، الصحراء الشرقيّة ) كانت تحت السلطة المغربية وإلحاقها بالتراب الجزائري. وأثناء الثورة الجزائريّة، حاول المستعمر دون جدوى استغلال هذه الورقة عبر إغراء الحكومة المغربية بإرجاع الأراضي المقتطعة مقابل مواقف ضد الثورة .  ويبدو أنّ النظام المغربي كان يأمل في التفاهم مع قادة الجزائر المستقلّة وعودة الحدود إلى ما كانت عليه بين المغرب والدولة العثمانيّة. لكنّ النظام الجزائري، قبل انقلاب بومدين عام 1965 وبعده، ظلّ متمسّكا بالحدود التي تركها المستعمر. وتفاقم الخلاف إلى حدّ المواجهة العسكريّة عام 1963 ( حرب الرمال، عندما تقدّمت القوات المغربية إلى منطقة تندوف) وعام 1967 . ولم تفلح الوساطة العربيّة إلاّ قليلا. وساهم اكتشاف الحديد في تندوف في تغذية الصراع وأثّر بشكل خطير في الموقف الجزائري من الصحراء الغربية. فرغم مفاوضات بين الطرفيْن ( 1969، 1970 ، 1972 ) تُوّجت بمعاهدة نصّت على اعتراف المغرب بجزائريّة تيندوف والمشاركة في إنتاج حديدها وتسويقه ودعم الجزائر لحق المغرب في الصحراء الغربيّة، ورغم التصريحات الجزائرية الرسمية وخطاب الرئيس بومدين في القمّة العربية بالرباط 1974 مؤكّدا أنّ مشكلة الصحراء الغربية لا تعني غير المغرب وموريتانيا وأنّ الجزائر تؤيّد تحرير الصحراء وسبتة ومليلية وبقيّة الجزر التي يحتلّها الاسبان، احتدّ  النزاع من جديد بانقلاب الموقف الجزائري منذ 1975 تاريخ المعاهدة مع مدريد التي قضت بخروج القوات الاسبانيّة وصار النظام الجزائري، الذي اعتبر أنّه استبعد من المفاوضات، مؤيّدا للبوليزاريو وقيام دولة صحراويّة. لم تر الحكومة الجزائريّة في استرجاع المغرب لجزء من الصحراء الغربية إلاّ تهديدا لوحدة الجزائر ووسيلة لتطويقها وإجهاض ثورتها، كما صرّح بذلك الرئيس بومدين في خطاب له. وعملت على مواجهة الاتّفاقية بمختلف الوسائل, فكانت المواجهة العسكريّة مع المغرب في كانون الثاني ( جانفي ) 1976، وقد انتهت بوساطة عربية. وقدّمت الجزائر دعما كبيرا للانفصاليين ( البوليزاريو) ماليّأ وعسكريّا ودبلوماسيا، إذ نجحت في إقناع عدد كبير من الدول بالاعتراف بما سُمّي ” الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطيّة” المعلنة في شباط ( فيفري ) 1976 ، والضغط على منظّمة الوحدة الافريقيّة حتّى أعطيت العضويّة الكاملة للبوليزاريو في المؤتمر العشرين للمنظّمة ( أديس أبابا، 1984 ). ولا يتّسع المجال هنا لعرض مختلف محطّات هذا النزاع المستمرّ الذي لا يكاد يهدأ حتّى يستعر من جديد عبر الاتّهامات المتبادلة وقطع العلاقات وترحيل المواطنين المساكين من الجانبيْن وتدبير الدسائس الدبلوماسية وغير الدبلوماسية والاستقواء بالنفوذ الأجنبي الباحث عن الغنائم السهلة. وإنّما يهمّنا أن نتبيّن أهمّ نتائج هذا الصراع ونرصد تأثيراته الخطيرة. لا يشكّ عاقل في أنّ نزاعا طويلا ومدمّرا كهذا النزاع يترتّب عليه بالضرورة استنزاف كبير للقدرات الذاتية للقطريْن وتبديد نصيب هام من الثروة القومية في تكديس السلاح (مشتريات الجزائر بمليارات الدولارات من بريطانيا وروسيا وغيرهما) وتمويل الانفصاليين (ليبيا حتّى عام 1988، الجزائر) في الوقت الذي يعيش فيه ملايين المغاربة والجزائريين تحت مستوى الفقر. وبينما كانت الأجيال المغاربية المتعاقبة تحلم باتّحاد المغرب العربي قلعة حصينة أمام الاستعمار بأشكاله المتجدّدة ومجالا لتنمية حقيقيّة وتقدّم حضاري ، لم يعصف النزاع الجزائري المغربي وما وراءه من أحلاف ثنائيّة وثلاثيّة بين الأنظمة المغاربيّة بذلك الحلم فحسب، وإنّما ضاعف تبعيّة الأنظمة والأقطار سياسيّا واقتصاديّا وفتح المغرب العربي أمام تنافس دولي ضار على الجزائر وليبيا باعتبارهما خزّان نفط وعلى المغرب باعتبار موقعها الاستراتيجي. وفضلا عن الاستغلال الاقتصادي، بحكم ضعف الموقف التفاوضي لكلّ دولة مغاربيّة منفردة، خضعت الأقطار الخمسة لابتزاز سياسي متواصل كان من أخطر مظاهره دفع الحكومات إلى جلسات أو مفاوضات سرّية مع الصهاينة أو فتح مكاتب لهم أو التعامل الديبلوماسي الصريح معهم والاعتراف بالكيان الصهيوني ( موريتانيا، 1999 ). إنّ استمرار الصراع بين النظاميْن الجزائري والمغربي لا يقف تأثيره الخطير عند تدمير كلّ مشروع اتحاد بين أقطار المغرب العربي، وإنّما هو مساهم أيضا في مزيد تجزئة الوطن العربي و خادم لمشاريع البلقنة المتعدّدة فيه ( لبنان، السودان) ومضاعف لانشغال العرب المغاربة عمّا يجري لإخوانهم في المشرق وخاصّة ما يتّصل بقضيّة العرب المركزيّة فلسطين، ومقدّم لاقتصاديات هذا الوطن وثرواته لقمة سائغة أمام الشراهة الأمريكية والأوروبية والصهيونيّة. ولكن هل مظاهر التناحر والفشل والتبعيّة من مسؤوليّة الأنظمة الحاكمة وحدها أم للأحزاب والمنظّمات الأهليّة والتشكيلات النقابيّة والمثقّفين ومختلف المهتمّين بالشأن السياسي والوطني نصيب وافر من المسؤوليّة عمّا يجري من دمار منذ عقود ؟     (المصدر: صحيفة “الوطن”  (لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 28 – الصادر في 28 مارس 2008)

المنطقة العربية على صفيح ساخن

هل يجد العرب أنفسهم في مواجهة أسوأ الاحتمالات- الجزء الأخير-

 
محمد رضا السويسي   إن التقاء عدة دوافع لدى الإدارة الأمريكية المحكومة اليوم بالمحافظين الجدد منها “عقلية العصابة” التي توجه هذه الإدارة بما تقوم عليه تلك العقلية من روح المغامرة إلى جانب التغلغل الصهيوني في مراكز الدراسات الإستراتيجية الأمريكية وهو التغلغل الذي جعل الدفاع عن الكيان الصهيوني ودعمه هدفا رئيسيا في كل الاستراتيجيات الأمريكية المرسومة فضلا عن عدة عناصر أخرى منها حتى ما هو “عقائدي”… كل ذلك يجعل احتمال إقدام الولايات المتحدة الأمريكية على مغامرة عسكرية في المنطقة أمرا غير مستبعد بل قريبا جدا من الواقع إذ أن قرعا لطبول هذه الحرب ما فتئ يطفو ويخفف بين الحين والآخر من خلال سيناريوهات عديدة تلتقي حول إستراتيجية أمريكية قائمة على ضرورة القضاء على “رؤوس الفتنة” في المنطقة في إطار الخطة العالمية أو على الأصح الخطة الأـمريكية المفروضة على العالم لمحاربة ما تسميه “الإرهاب”. على أنه إذا افترضنا إمكانية تحقق هذا السيناريو الأمريكي فإن عدة استفهامات يصبح طرحها ضروريا: 1-هل سيتم هذا التدخل بمباركة النظام الرسمي العربي الذي يلتقي لا شك مع الإدارة الأمريكية وحتى مع الكيان الصهيوني في الرفض القاطع لتغذية أي روح تحررية ومقاومة في الوطن العربي لأن هذه الروح المستهدفة للاحتلال اليوم هي بلا شك الروح التي تهدد هذا النظام الرسمي بطابعه الاستبدادي والفاقد غالبا لأي شرعية شعبية أو ديمقراطية أو تاريخية. 2-أي دور سيكون لجماهير الشعب العربي الذي يبدو أنها أدخلت بفعل عدة عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية في غيبوبة مزمنة لعبت فيها وسائل الإعلام حتى الناطقة بالعربية دورا كبيرا حتى تحول مشهد طفل يغتال أو مجزرة ضد مدنيين عزل لا يختلف في وقعه على نفس المشاهد العربي عن وقع نقل حيوان باندا من موطنه الأصلي إلى حديقة حيوانات بالولايات المتحدة كما كان لعصا قوات البوليس العربي اليد الطولى في شل حركة هذه الجماهير… شلل ناتج أيضا عن غياب أي دور فاعل لمختلف مكونات المجتمع المدني الذي يبدو أنها لم تتجاوز بعد كونها أرقاما تجمل بها النظام الرسمي صورته بعيدا عن أي دور تأطيري فاعل تجاه جماهير الشعب وقضاياه الحارقة. 3-أي دور سيكون لما يسمى المجتمع الدولي الذي يبدو بدوره في حالة عجز في ظل نظام دولي قائم على القطب الواحد؟ نقول هذا رغم استشعار أنفاس رفض جديدة بدأت تكشف عن وجهها على الساحة الدولية في أمريكا الجنوبية أو من خلال محاولة روسيا استرجاع هيبتها وسعيها إلى الرجوع إلى المعادلة الدولية بكل وجوهها الاقتصادية والعسكرية والجيوسياسية. وكذلك من خلال الزحف الصامت للقوة الصينية المتصاعدة. 4-أما أوروبا فيبدو أن الدور الذي كانت تلعبه فرنسا شيراك في كبح جماح بريطانيا في تبعيتها للولايات المتحدة على محدوديته قد زال مع ساركوزي الذي لا شك أصبح يثير غيرة البريطانيين برفعه سرعة الهرولة نحو أمريكا إلى أقصاها. وبرغم أهمية الإجابة عن هذه التسؤولات في رسم فكرة عن ميزان القوى القائم “إقليميا” ودوليا فان الأرجح هو أن أي تدخل في المنطقة سواء في لبنان الذي تسعى الولايات المتحدة اليوم إلى إطالة أزمته الدستورية إلى أقصى مدى ممكن لإنضاج ظروف العدوان أو في سوريا سوف تكون نتائجه: 1 – خلق رقعة من نار شديدة الاتساع إذ سيضاف إلى فلسطين والعراق الملتهبين أصلا كل من سوريا ولبنان. 2 – كما كان أول رد فعل للعراق خلال العدوان الثلاثيني سنة 1991 هو توجيه صواريخ الحسين نحو الكيان الصهيوني فان نفس الشيء سيحصل مع صواريخ حزب الله او الصواريخ السورية وذلك باعتبار أن الكيان الصهيوني سيكون بلا شك طرفا في أي هجوم عدواني بل انه سيكون القاعدة العسكرية الأساسية لهذا العدوان ثم أيضا انسجاما مع الطبيعة الموضوعية للصراع في المنطقة والذي يمثل الكيان الصهيوني معضلته المزمنة، وفي هذا الإطار فان ضربة نووية صهيونية في المنطقة غير مستبعدة إذا استشعر هذا الكيان أن وجوده مهدد بقدر من الجدية . 3 – إن أي عمل عسكري في هذا الاتجاه وبهذا الحجم لن يترك القوى الشعبية العربية على الحياد مهما بدا ظاهرا سكونها ولا مبالاتها وذلك في كل من مصر والسودان والأردن وحتى المغرب العربي. 4 – أما منطقة الخليج العربي فإنها ستتحول إلى أحد البؤر الرئيسية للصراع باعتبارها أحد محاوره الكبرى إن لم نقل محوره الرئيسي بما يمثله من مخزون طاقي هو الآن عماد الدورة الاقتصادية العالمية. إن التهديد الجدي الذي سيمس أمن هذه المنطقة (مع مجرد طرح إمكانية تعطيل انسياب النفط إلى العالم) سيكون سببا كافيا لبلوغ المواجهة أقصى حدتها خاصة وأن المعبر الوحيد لهذا النفط إذا استثنينا خطوط الأنابيب هو مضيق هرمز الذي يقع تحت شبه سيطرة لإيران أحد المستهدفين أمريكيا في المنطقة والحليف المعلن لسوريا وحزب الله. 5 – أن مراكز القوى الفاعلة اقتصاديا وعسكريا في المجتمع الدولي ستجد نفسها مجبرة على التدخل بأشكال مختلفة على الأقل من باب الدفاع عن مصالحها الحياتية المباشرة المرتبطة بانسياب النفط فضلا عن تنشيط صناعتها العسكرية ومحاولة تأمين نصيبها في أي غنائم محتملة للحرب كعقود الاستثمار وإعادة البناء ولما لا النصيب في إعادة اقتسام محتملة للمنطقة في إطار خريطة جديدة يبدو أن الولايات المتحدة جادة في وضع سيناريوهات محتملة لها منذ الآن. إن انفلاتا بهذا الحجم يتجاوز في امتداداته المختلفة حدود المواجهة الإقليمية لينتقل بالمنطقة إلى ساحة مواجهة عسكرية عالمية لكن المفارقة هنا هو أن أقل الناس فعلا في هذه المواجهة هم أهل هذه الساحة إلا إذا استثنينا من دخلوا حلبة الصراع مبكرا من بوابة المقاومة للمشروع الاستعماري الهيمني في المنطقة. إن الاحتمالات المطروحة في هذه المحاولة في استقراء مستقبل المنطقة العربية مهما بدت عند البعض مبالغا فيها فإنها في جوهرها محاولة تأليفية بين عدد غير قليل من السيناريوهات المطروحة من أكثر من جهة كما أنها في عمقها غير بعيدة عن الروح العدوانية والنزعة التوسيعية المكونتين للطبيعة الإمبراطورية للدولة الأمريكية كما أنها من جوهر مقومات وجود واستمرار الكيان الصهيوني. أما بالنسبة للعرب فإن وضعهم في المعادلة شديد التعقيد يقتضي دراسة معمقة في الظاهر والكامن فيهم وما هو كائن وما يجب أن يكون.     (المصدر: صحيفة “الوطن”  (لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 28 – الصادر في 28 مارس 2008)

الواقع العربي في عصر الهزيمة: ما العمل؟

الجزء الأول

 
الأستاذ ضو بالسعود

أكتب ما أكتب للوطن الغراء شكلا ومضمونا بعد أن فضلتها على ركام ما يطرح في الساحة ، ومقص الرقيب في عاقلتي، فلا أحملها إلا ما نذرت نفسها إليه من مسؤولية وطنية وقومية عليها أن تنهض بها كاملة. لذا لا أسمح بالحذف والتصرف، وإن لم يتماش ما سيصلكم مع نهج الصحيفة فلا تثربة عليكم أن لا تخرجوه، فقد تكسرت النصال على النصال . لقد انتهيت في الجزء الأول والثاني إلى التأييس من الحكام العرب ونهجهم الاقليمي  في ما يتعلق بمصير الأمة العربية مما جعل السؤال التالي مبررا: ماذا بقي للأمة وحكامها كما نرى ؟ 1 – الشعب:  هكذا نقول دائما. لا أدري إن كان مازال في هذا الشعب حياة أم أصابه ما أصاب حكامه من وهن وجبن، وما نقوله ليس سوى هروب من مواجهة الحقيقة المرة أننا أمة تحتضر.  إن الشعب العربي ضرب بعصا الذل حتى النخاع، وجوع حتى الموت أخذا بالمثل جوع كلبك يتبعك. لا كسب، ولا أمن، إلا لمن يتبع الركب ويسير في موكب الحاكم مسبحا بحمده مصفقا لمقدمه مضخما انجازاته الهزيلة، مما أعيى اللغة العربية على سعتها. ومن تأخر أو تلكأ حرم من العيش الكريم، أو شرد في الآفاق أو حرم من حق الحياة جملة. لا أتحدث عن تلك المعارضات الشكلية التي جاءت لتعمق المأساة بإيهام الشعب العربي أن هناك حرية وديمقراطية وتعددية حزبية وحرية صحافة ورأي وما هي في واقع الحال إلا إضافات لديكور المشهد، وزيوت تلميع لوجوه ذهب رونقها وظهرت شيخوختها. ينخرط فيها المغفلون والطامعون ومن يحلمون بالكراسي وحديث الصحافة ومجالس الكبار وتصدر المنصات وصدور الصحف والمجلات ليراها الأهل والأصدقاء وحتى الخليلات. إنهم حكام بالانتظار. والدليل أن من يمسك منهم كرسي حزب أو منظمة أو حتى خلية ما في موقع منسي لا يفارقه حتى يأتيه اليقين. شأنه شأن الحاكم . ولن يكون الأفضل لو وصل. لذلك تقول العامة عندما تستشرف مستقبلا ما، أي مستقبل ولا تستبين خيره، ولو كان استبدال دابة بأخرى: شد مشومك لا يأتيك ما أشوم منه. أما الصادقون الذين يحملون هموم أمتهم فغالبا ما يهمشون أو يطاردون حتى يروضوا أو ينسحبوا يأسا بعد أن تسد أمامهم سبل العطاء الملتزم .  ومع ذلك نقول إن الشعوب لا تموت، وخاصة الشعوب العظيمة التي بنت يوما حضارة تعصمها من الذوبان في الآخر. إن الحضارة مهما بعدت في الزمن ومهما بدت متجاوزة بفعل التطور تبقي ترضع أبناءها روح العزة والكرامة بالتذكير بالماضي عنصر القوة والمقاومة.شأنها في ذلك شأن الأشجار الضاربة في أعماق الأرض، يشتد الجفاف ويمتد ولكنها تقاوم. والفارق الوحيد بين الشعوب المتخلفة بعد حضارة والشعوب التي لا حضارة لها، أن الأولى تتكلس على ماضيها، تنازع ولا تموت، وعند أول دورة تاريخية مواتية تبعث من جديد. بينما الثانية تندثر أو تذوب في غيرها. من هنا نقول إن الأمة العربية لن تموت وإن مات بعض أشلائها. ونحن في عصر لم تعد فيه مقولة ابن خلدون “الناس على دين ملوكهم” صحيحة على إطلاقها. لقد مات ملوك الأمة وقامت قيامتهم أما الأمة فمازالت تنازع تنتظر من يأخذ بيدها إلى طوق النجاة.   الأمة مازالت قادرة على أن تنهض من جديد وترد الكيد وتلقن الأعداء كما تفعل في العراق ولبنان وفلسطين، وتبني حضارتها انطلاقا من قيمها وتراثها وتطلعاتها وهي ليست غريبة عن عالم اليوم كما يروج الكثير من المهزومين….. الشعب العربي الذي رفض حتى الاحتجاج على كثرة ما يلاقي من مآس ، لا لأنه شعب مات فيه نسغ العطاء وروح المقاومة ولكنه  يئس من فاعلية الاحتجاج  وأدرك أن الحكومات العربية أصبحت في حكم الميئوس منه لأنها وضعت في مواقعها من طرف أمريكا. ليس لها أن تغادرها أو الموت شان الحارس الأمين. واليأس المحدد وسيلة نضالية ما لم يتحول إلى يأس مطلق من قدرات الأمة والوقوع في دوامة الإحباط القاتل.   2 – لكن لماذا فشلنا في تغيير الواقع والأمة كما ندعي؟ إجابات متعددة حسب رؤية الباحثين .منها القول بغياب النظرية التي تقود خطى الذين يهمهم مصير الأمة ووحدتها. ومنها الموقف من الدين أخذا أو رفضا. ومنها الأخذ بالحضارة الغربية أو رفضها، ومنها الأخذ بالتراث أو نفيه، ومنها من يحمل الاستعمار القديم والحديث كل الوزر…ولكن للمسألة أكثر من وجه: الإقليمية:  لقد أنشئت أول نواة للدولة العربية في المدينة المنورة في صدر الإسلام، وشكلت مدا حقيقيا للدولة الكبرى على أساس العدل والمساواة وحقوق الإنسان، (ولم تعرف تلك الدولة العربية الموحدة آنذاك حدودا سياسية مرسومة أو نظاما إداريا مركزيا كالذي تعرفه الدولة العربية اليوم). كما لم يكن هناك حاجة لتعريف الحدود وتخطيطها بين الأقاليم والأمصار في الدولة العربية الإسلامية لأنها مازالت في طور التكوين والامتداد، اللهم إلا ما كانت تقتضيه ضرورات الدفاع عن حدودها المتاخمة للأعداء. ومن المعلوم أن أقطار الوطن العربية اليوم كانت أجزاء من إمبراطورية عربية ممتدة الأرجاء ، تمتد رقعتها من قلب قارة آسيا حتى أقصى بلاد المغرب في قارة أفريقيا، بحيث يمكن القول إن تاريخ هذا القطر أو ذاك له منحى مشترك  مع تواريخ الأقطار العربية الأخرى، منذ مدة تزيد عن اثني عشر قرنا، وأن هذه الأقطار لم تنكمش وراء حدودها الحالية وتتخذ أوضاعها الراهنة إلا منذ ما يقارب القرن ونصف القرن أي منذ ابتليت تباعا بالاحتلال والاستعمار الأوربي. فأعمار هذه الأقطار التي جعلوا لها تاريخا وجغرافيا وعلوما وآدابا وخصائص مميزة، لا تزيد على عمر شيخ معمر من شيوخنا رغم قصر أعمارنا من جراء ما نلاقي من نكد الصديق والعدو وسوء التغذية والنفايات الذرية المدفونة في أرضنا العربية مقابل بعض من أطنان القمح أو قصر شامخ في مكان ما. منذ هذا التاريخ بدأت الدولة القطرية تنشأ حسب مخطط استعماري نتيجة لصراع الدول الاستعمارية ذاتها وتناحرها على ثروات الشعوب المستعمرة من جانب. ولحماية أمنها الاستعماري من أثر التواصل بين الشعوب المستعمرة. وهو الهاجس الذي تحقق بعد عقود من الزمن عندما هبت الشعوب لتحرير أوطانها. فلم تمنعها الحدود من التواصل والتعاون والدعم بالمال والسلاح والخبرة. ومع ذلك فقد تركت المرحلة آثارها السيئة في إنسان المستعمرات العربية وغير العربية. وأدت إلى عدة نتائج طويلة المدى ،منها تفتيت طاقة النضال الموحد إلى حركات وطنية  قطرية انشغلت بالنضال ضد الاحتلال الأجنبي في كل قطر عربي على حدة ،وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض الحركات الوطنية تصل بأقطارها إلى حافة الاستقلال السياسي كانت “إسرائيل” قد ولدت… وانشغلت الدول المحيطة “بإسرائيل” بكفاح آخر . كما أدت التجزئة والهيمنة الإمبريالية إلى نشوء مؤسسات وقوى اجتماعية قطرية بدأت وظيفيا بخدمة أهداف السلطة المحتلة وارتبط نموها على مدى عقود بهذه السلطة. ورغم الاستقلال السياسي عن الغرب إلا أن تلك المؤسسات والقوى التي نشأت على يديه كانت قد اكتسبت مواقع راسخة تمكنها من الاستمرار بقوة دفع ذاتية”. من أبرزها تلك النخبة المثقفة على يدي الاستعمار التي تحولت إلى نخب حاكمة بعد الاستقلال. إن مرحلة التفتيت والهيمنة لم تمر دون أن تترك تشوهات خطيرة في إنسان الوطن العربي بوعي و بدون وعي من حيث التصور الوطني والولاء له ومن حيث الوعي بالتراث والأخذ به ومن حيث النظرة إلى الذات ومدى قدرتها على الترقي إلى مستوى من استعمروه بحكم سعة الهوة التي تفصل بينهما مما يجعله بين أمرين، إما الهروب إلى التراث والتغني به واجترار أمجاد  الماضي تعويضا عن الإحساس بالقصور، أو التبعية وإيهام الذات بأنه يسهم في المسيرة الحضارية العالمية، والنتيجة تخلف ومزيد من التخلف فالاحتواء من طرف القوى الكبرى بطريقة غير مباشرة، لأن القدرة على الأخذ كالقدرة على العطاء أو أصبح نسخا فانسلابا.  وقد لا نغالي إذا قلنا إن استقلال الكثير من الأقطار العربية، لم يكن في حقيقته أكثر من مقايضة بين طرفين منح فيها الاستعمار الاستقلال السياسي، مقابل تنازل القيادات الوطنية عن مطالب له يراها مستقبلا. كالإبقاء على قاعدة عسكرية، أو الإشراف على بناء الأمن والجيش، أو استثمار قطاع إنتاجي، أو الإشراف على التعليم ليضمن تواصل ارتباط أجيال الاستقلال به. المهم أن تكون له القدرة على توجيه السياسة مستقبلا.  وينشط القادة كل القادة بحماس فجر الاستقلال في بناء أقطارهم بجهود إقليمية من حيث الموارد المادية والفكرية. وتتلاحق المخططات وتشهد الأقطار العربية نهضة ملحوظة على جميع المستويات وخاصة في مجال التعليم والصحة وإن تعثرت في مجال الاقتصاد والتنمية. إلا أن المسيرة غلبت عليها ظاهرة التجربة مما جعل التجارب تتلاحق تبعا لثقافة المشرفين عليها فتتلاحق الخيبات، وخاصة في الأقطار التي ربطت مصيرها منذ الاستقلال بأوروبا . فعلى سبيل المثال تقر مناهج التعليم تبعا للمناهج الفرنسية أو الانقليزية التي بنيت على فلسفة محددة تعكس روح المجتمع ورؤيته لمستقبله هو نتيجة دراسات علمية من مؤسسات متخصصة. بينما مؤسسات المستعمرات تكتفي بالنقل والتطبيق الأمين مع تحويرات لا تمس الجوهر أو ترتقي إلى تحديد فلسفة مخالفة. فلا هم لها سوى أن تظفر ببرامج تسد فراغ المناهج وإبعاد شبح وصمة العجز عن المؤسسة والدولة. والنتيجة هو ما نرى من عجز على مستوى البحث العلمي أساس التقدم والحضارة، وتدهور مخز في المستوى التعليمي. وتتخرج دفعات الشباب ولا تجد مجال اختصاصها الذي بني على التقليد والأوهام، فتلحق بطابور البطالين. وتبنى الخطط  الاقتصادية تبعا للأسواق الخارجية مما يعرض الاقتصاد إلى هزات بسبب التنافس غير المتكافئ والمضاربات التي لا ترحم. وهكذا تخفق في التصدي للتحديات الكبرى التي واجهتها، والمتمثلة في صيانة الاستقلال الوطني وتحقيق التنمية المستقلة وإقرار العدالة الاجتماعية وتدعيم المجتمع المدني. إن هذا العجز يعرض هذه الدول إلى المزيد من التفتت والتشرذم أو إلى الاتجاه إلى التعاون”مع الغرب الذي لا يرحم. تلك هي طبيعة الاقتصاد التابع. والأسوأ أن جميع الحكومات العربية لم تسع إلى تأمين الاكتفاء الذاتي في المواد الضرورية.ولهثت وراء إنتاج مواد التصدير لتضمن العملة الصعبة التي تذهب في مستوردات كمالية تهم طبقة محددة لا تمس حاجات المواطن العادي مما تركها مرتبطة بالمساعدات الأمريكية والقروض المجحفة لعلو الفائض وخاصة قروض البنك الدولي الذي يتدخل مباشرة في سياسة الدولة على حساب المواطن. ومن أهم تدخلاته شرط رفع الدعم عن المواد الأساسية التي تمس مباشرة الفقراء في قوتهم مما رفع نسبة الفقر في الأمة  انجر عنه كل ما نعانيه من مشاكل اجتماعية وسياسية وثقافية وارتفاع أمية وتململ وانتفاضات  مما يعرض السلطة إلى الابتزاز السياسي الذي نشاهده من طرف الغرب. كل تلك العثرات والنكسات أمر طبيعي في المؤسسة الإقليمية، لأنها تطمح إلى أن تحل مشكلة الكل بإمكانيات الجزء. تريد أن تبنى دولة بما تتطلبه من إمكانيات واسعة على مستوى التخطيط والاقتصاد والأمن بإمكانيات مهما علت تبقى قاصرة ،لأنها إمكانيات جزء من الأمة وليست إمكانيات الأمة كلها. وقد تساوى في هذا الفشل الأغنياء والفقراء. وارتهن الجميع إلى الغرب. فالدول الخليجية على غناها تحولت إلى قاعدة أمريكية تدمر العرب وغير العرب. من أرضها تنطلق الصواريخ وتقلع الطائرات إلى كل مكان. وتبحر منها واليها حاملات الطائرات لتدك من تشاء متى شاءت. تفعل ذلك برضاها كما يردد الساسة ولكنها في الواقع ستفعل رضوا أم كرهوا. وليست الدول غير البترولية بأفضل من غيرها. فهي خاضعة باسم الحاجة. والجميع يبرر سلوكه بالصداقة والتعاون الدولي والمصلحة المشتركة ولغة التعالي على الشعب الجاهل الذي لا يعرف مصلحته، لولا حكامه لمات جوعا ومرضا كأننا لا نرى ولا نسمع ما يلاقي الإنسان الإفريقي وغير الإفريقي من مآس. والصحيح هو حاجة الحكام وعجزهم وجهلهم وخوفهم. فأي صداقة بين الذئب والخروف والضحية والجلاد.وأي مصلحة للمستعمر غير النهب والاستغلال واستنزاف ثروات الشعوب وسرقة طاقات العقول من خيرة أبنائها لتقام على قدراتهم الخلاقة أهرامات العلم والتقنية تنجز ما نتهافت عليه من سلع ومبتكرات. بخامات أوطاننا، وبعقول أبنائنا، وسواعدهم، ثم بأسواقنا، تشاد الحضارة الغربية وتزدهر.  ومتى كان الاستعماريون يتوخون مصلحة مستعمريهم أو يحترمونها. إن الاستعمار عاش قرونا ينظر إلى إنسان المستعمرات نظرته إلى العبد. هذا قديما. أما اليوم فقد تطور العقل الأوربي وارتقت نظرته إلى إنسان العالم الثالث فأصبح يرى في كل أسود البشرة قردا فقط، كالصيحات التي نسمعها في ملاعب فرنسا أم الحضارة وحقوق الإنسان. لن تتغير النظرة مهما تغيرت مظاهر السلوك وحذلقة الخطاب. مهما ارتقت فلن تتجاوز نظرة المتبوع إلى التابع بما تحمل من قصور وعجز تستدعي النصح والتوجيه وإن لزم فالأمر والزجر. وما أكثر ما زجر الحكام العرب من سفراء ووزراء الغرب نتيجة تلكؤهم في التنفيذ. إن الإقليمية كيان فاشل عاجز على أن يصنع التقدم لمجتمعه وقطره. وسيكون هدفا سهلا لكل طامع ومتربص. وهي النمط المحبب للدول الكبرى والإمبراطوريات الاستعمارية المتطلعة إلى التوسع والسيطرة. تلقى منها الدعم والحماية والتوجيه والصداقة، لكن إلى حين.   (المصدر: صحيفة “الوطن”  (لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 28 – الصادر في 28 مارس 2008)


 

 سليلة أفراس أم أسيل :
يا جاحد النعم أقول فيك ما قالت هند في الحجاج عسى الله يهديك فتهجرني أو تهجر اللؤم والاعوجاج سكتَ عن حق فصاده مخطئ فاخطاتَ في حقي ولستَ بناج دعوت ربا من القهر يخلصني ولا مجيب لمظلوم ولا فراج سئمت الحياة بغير طعم وهل تدوم الحياة بلا وهاج أروم الحياة حبا بغير هرج ولا هدم لذات ولا مراح فيــــــا ربي عوضني عدلا بما صبرت وقد عوضت هندا بمروان تاجا عوض الله هندا بقطع ما وصلت خليفة أمويا ولا حجاجا وما رمت قطعا بغير وصل وما أروم إلا العلاج أنا تــونس الخضراء نهرا وبحرا سهــولا جبــالا  


الدكتور التونسي رفيق عبد السلام للتجديد (المغربية):

حينما يتم استخدام أنياب الدولة سواء باتجاه فرض العلمنة أو الأسلمة تكون الإخفاقات أشد

 
** العلمانيات الأوروبية والأطلسية تظل منطبعة بالمؤثرات الدينية سواء كان ذلك على سبيل الاستدعاء المباشر أو المضمر حتى في أكثر أشكالها تمردا على الدين. والمشكلة أننا كثيرا ما نقرأ العلمانيات الغربية عبر النافذة الفرنسية البالغة الضيق والتي لا تقدم صورة ملخصة لوضع الدين ولا العلمانية حتى في الفضاء الأوروبي نفسه قبل أن نتحدث عن غيره.   ** لا يوجد تساوق بين الديمقراطية والعلمانية في السياق الغربي إلا على مستوى الإدعاءات النظرية لمن يريد أن يضفي مسحة سحرية وجوهرية على الغرب الحديث. فأوروبا العلمانية مثلا لم تنتج الديمقراطية الليبرالية فقط بل أنتجت إلى جانب ذلك أكثر النماذج السياسية شمولية ورعبا في عصرنا الراهن، مثل النازية والفاشية والستالينية والقوميات المتطرفة، كما أن الديمقراطيات الليبرالية قد تزاوجت مع ضروب شتى من التوسع الاستعماري واضطهاد الشعوب خارج الحدود القومية.   ** التعايش بين الأحزاب المسيحية والديمقراطية لا يعود إلى الاختيارات الفكرية التي نهجتها أحزاب اليمين فقط بقدر ما يعود أساسا إلى وجود نوع من الوفاق حول أسس المجتمع والدولة يقوم على نوع من الاعتراف المتبادل وتقاسم وظيفي للمجالات والأدوار، وضمن هذا السقف تجري المنافسة السياسية والانتخابية، ولذلك أصبح من اليسير تداول السلطة بين الأحزاب من دون تعريض النظام السياسي لهزات أو انعطافات كبرى.     ** الديمقراطية تحسّن فعلا من أداء النظام السياسي في العالم العربي وتسهم في تطوير الأوضاع ولكنها ليست بالأسفير السحري الذي يحول الضعف إلى قوة والوهن إلى عزة. ونحن اليوم في حاجة إلى إعادة ربط الديمقراطية بمطلب التحرر والوحدة، على نحو ما فعل ذلك جيل الإصلاح والاستقلال مثل سعد الدين زغلول في مصر وعلال الفاسي في المغرب وعبد العزيز الثعالبي في تونس.       ** إن الديمقراطية في العالم العربي تحتاج إلى ممارسة ما يمكن تسميته هنا بفن التسويات والمساومات الاجتماعية والسياسية بين مختلف القوى المتنافسة بما يجعل الجميع يطمئنون إلى حماية مصالحهم بحيث لا يكون هناك منتصرون بالكامل ومهزومون بالكامل.       ** وأهم وسيلة ناجعة لنشر الديمقراطية هو افتكاكها من أيدي النخب وبسطها بين أيدي الناس حتى يتوفر المجال فعلا لاختبار النظام الديمقراطي وتعديله وتطويره في هذه المنطقة من العالم.       ** الأمريكيون والغربيون عامة وعوا بأن اللعبة الديمقراطية في المنطقة العربية والإسلامية بالغة المجازفة والكلفة لذلك قرروا إغلاق ملف الإصلاح والعودة مجددا إلى المربع الأول أي مقايضة النفط والنفوذ السياسي بضمان حماية الأمن وما يسمى تجاوزا بالاستقرار السياسي في المنطقة، مع الاكتفاء باستخدام المطلب الديمقراطي أداة ضغط على من تعتبرهم أمريكا دولا ناشزة أو مارقة مثل سوريا وإيران والسودان وحتى مصر كلما ظهر اختلاف في قضية من قضايا التسوية مثلا.   ** الحركات الإسلامية تقدم اجتهادا سياسيا ولا تقدم أحكاما دينية قاطعة أو حتى فتاوى دينية ناجزة.   ** مشكلة الغرب مع الحركات الإسلامية لا تعود إلى كونها تحمل لغة أو مطالب دينية، بقدر ما يعود الأمر إلى الخيارات السياسية التي تنهجها هذه الحركات، والدليل على ذلك أن موقف الغرب من الحركات اليسارية والقومية في الخمسينات والستينات لا يختلف كثيرا عن موقفه اليوم من التيارات الإسلامية.   ** إذا ما تخلى الإسلاميون عن القضايا الكبرى للأمة وتحولوا إلى مجرد أحزاب إدارية لا هم لها سوى انتزاع بعض المقاعد في البرلمانات أو ضمان بعض الحقائب الوزارية، في هذه الحالة لن يكون وضعهم أفضل من سابقيهم من الحركات الأخرى.   ** الإسلام السياسي بصدد إعادة تشكيل الخارطة الثقافية والسياسية في العالم الإسلامي، وفي الرقعة العربية على وجه الخصوص، وهو تيار سيترك بصماته لعقود قادمة من الزمن وربما لما هو أكثر من ذلك، وكلما اشتد الضغط الغربي على العالم الإسلامي كلما تقوت شكيمة الإسلاميين أكثر   ** الذين يريدون تخفيف الضغوط الخارجية من الإسلاميين وغيرهم عليهم أن يفكروا في الملفات الإستراتيجية الكبرى من قبيل العلاقة بالحلف الأطلسي والقواعد الأجنبية والصلة بإسرائيل قبل أن يتحدثوا عن الايديولوجيا والفكر. فالغرب لا يفهم إلا لغة الحسابات والمصالح الكبرى ولا يعبأ كثيرا بالأيديولوجيات والأفكار.   ** لا توجد ثقافة كونية مطلقة ومتعالية عن ميراث اللغة والثقافة لأن الكوني ليس إلا خصوصية ناجحة أو خصوصية تم تصعيدها بالقوة المغلظة أو الناعمة إلى طور العالمية والمشكلة تبرز حينما تتم أدلجة هذه المواثيق الدولية لخوض معارك سياسية وثقافية معينة، من ذلك مثلا ما نراه من حرب ساخنة وباردة تخوضها الكثير من الأوساط الغربية عبر وكالة بعض المجموعات الإيديولوجية في العالم العربي، فهذه المجموعات ليست معنية كثيرا بحماية الحقوق والدفاع عن ضحايا الانتهاكات الإنسانية بقدر ما هي معنية بتوظيف هذه المواثيق لتأكيد طلائعيتها ووكالتها الخاصة في الدفاع عن القيم الحداثية والمواثيق الدولية.   ** حركة العلمنة هي بدورها حقيقة موجودة لا يمكن إنكارها خاصة على صعيد الدولة والمؤسسات الرسمية، فبينما تتجه الدولة نحو ضروب من العلمنة الخفية والظاهرة يتجه المجتمع أكثر فأكثر نحو التوجهات الدينية. وحينما يتم استخدام أنياب الدولة سواء باتجاه فرض العلمنة أو الأسلمة تكون الإخفاقات أشد.   ** على العالم العربي والإسلامي التخلص من سطوة النموذج أو النماذج الجاهزة، بمعنى تصور وجود حلول ناجزة وجاهزة سواء مجلوبة من الآخرين أو مستمدة من ميراث التاريخ وإدراك أن الحلول تولد من رحم الواقع بكل تناقضاته وأوجاعه، ولا يجب أن نخجل من القول بأن هذه الديمقراطية قابلة للتعديل والتدارك بحسب حاجات المجتمع وأولوياته، فالواقع له أولوية على النظريات والأفكار.   هذه بعض الأفكار التي قدمها الدكتور رفيق عبد السلام في حواره الممتع والغني مع التجديد بالدوحة حديثا، فهو باحث تونسي حاصل على الدكتوراه في الفكر السياسي والعلاقات الدولية من جامعة وستمنستر سنة 2003، وقد اشتغل بالبحث والتدريس في الجامعات البريطانية وهو يشغل اليوم باحثا متفرغا بمركز الجزيرة للدراسات، وله العديد من الإصدارات سواء باللغة العربية والانجليزية. صدر له عن مركز الجزيرة للدراسات بالتعاون مع الدار العربية للعلوم كتاب جديد تحت عنوان “في العلمانية والدين والديمقراطية: السياقات والمفاهيم” وهو يقع في 232 صفحة. وفيما يلي نص الحوار:   – ما الأهداف التي كانت وراء تأليف كتابك الأخير حول الديمقراطية والدين والعلمانية؟   الدافع الرئيسي من وراء تأليف هذا الكتاب يعود إلى الوعي بمحدودية المعالجات الغربية الموصوفة غالبا بالأكاديمية والموضوعية لمفاهيم العلمانية والدين والديمقراطية على نحو ما يوحي بذلك العنوان الذي اخترته للكتاب، وأنا عازم بحول الله على استكمال هذا الجهد بكتاب آخر حول الحداثة، لقد تبين لي منذ أن باشرت البحث في أطروحة الدكتوراه في الجامعة البريطانية سنة 97 قصور القراءات الغربية عامة لهذه المفاهيم، وخصوصا حينما يتعلق الأمر بدراسة أوضاع العالم الإسلامي. ما أردت إثباته في هذا المؤلف هو أن العلمانية والدين والديمقراطية ليست مفاهيم ثابتة ومحددة كما أن الصلة بينها ليست نمطية وموحدة بل هي ذات خاصية مركبة ومعقدة.   هل هناك قواسم مشتركة بين العلمانية والديمقراطية من جهة وبين الدين من جهة ثانية في البيئة الغربية والتاريخ الغربي؟   لا شك أن الديمقراطيات الغربية قد تخلت وتطورت في أجواء العلمنة التي فرضت نفسها خلال القرنين الأخيرين على الأقل، بيد أن هذه العلمانية ليست معزولة بدورها عن المختزنات الرمزية والميراث المسيحي الذي ولدت وتطورت في أجوائها، وبهذا المعنى لك أن تقول إن الديمقراطيات الغربية بقدر ما تحمل بصمات دهرية علمانية بقدر ما تحمل مؤثرات مسيحية في نفس الوقت. وعلى سبيل الجملة يمكن القول إن العلمانيات الأوروبية والأطلسية تظل منطبعة بالمؤثرات الدينية سواء كان ذلك على سبيل الاستدعاء المباشر أو المضمر حتى في أكثر أشكالها تمردا على الدين. المشكلة أننا كثيرا ما نقرأ العلمانيات الغربية في الكثير من الأحيان من خلال النافذة الفرنسية بالغة الضيق والتي لا تقدم صورة ملخصة لوضع الدين ولا العلمانية حتى في الفضاء الأوروبي نفسه قبل أن نتحدث عن غيره. كما أنه لا يوجد مثل هذا التساوق بين الديمقراطية والعلمانية في السياق الغربي اللهم على مستوى الإدعاءات النظرية لمن يريد أن يضفي مسحة سحرية وجوهرية على الغرب الحديث. فأوروبا العلمانية مثلا لم تنتج الديمقراطية الليبرالية فقط بل أنتجت إلى جانب ذلك أكثر النماذج السياسية شمولية ورعبا في عصرنا الراهن، مثل النازية والفاشية والستالينية والقوميات المتطرفة، كما أن الديمقراطيات الليبرالية قد تزاوجت مع ضروب شتى من التوسع الاستعماري واضطهاد الشعوب خارج الحدود القومية، وهذا ما يجعل من الصعب معادلة العلماني بالديمقراطي في السياق الغربي قبل أن نتحدث عن غيره من التجارب التاريخية الأخرى.   تعيش دول غربية عديدة في ديمقراطيتها على التعايش بين الأحزاب الدينية المسيحية والحياة الديمقراطية بدون مشاكل، بل إن هذه الأحزاب تسير حكومات مثل ألمانيا، كيف نجحوا في تحقيق هذا التعايش؟   مثل هذا التعايش بين الديني والسياسي ليس قاصرا على الأحزاب اليمينية المسيحية فحسب، وإن كان أكثر جلاء في أحزاب اليمين، بل يشمل بعض الأحزاب اليسارية أيضا. فالجناح المسيحي مثلا ما زال يتمتع بحضور قوي في حزب العمال البريطاني وكذلك الأمر بالنسبة للحزب الديمقراطي الأمريكي، فتوني بلير مثلا هو ابن ما يسمى بالاشتراكية المسيحية، وكارتر هو ابن التيار المسيحي الليبرالي النشيط داخل الحزب الديمقراطي، بل إن اليسار الإيطالي نفسه لا يمكنه أن يحكم من دون ضمان نوع من الدعم والإسناد الخفيين من الكنيسة في روما التي كثيرا ما يكون لها حصتها من الحقائب الوزارية سواء في الحكومات اليمينية أم اليسارية على السواء.   بيد أنه يتوجب التنبيه هنا إلى أن مثل هذا التعايش بين الأحزاب المسيحية والديمقراطية لا يعود إلى الاختيارات الفكرية التي نهجتها أحزاب اليمين فقط بقدر ما يعود أساسا إلى وجود نوع من الوفاق حول أسس المجتمع والدولة منذ تشكل الكيانات القومية وموجة الحروب الدينية في القرنين السادس عشر والسابع عشر. فقد كان من نتائج ذلك وجود نوع من التسوية بين الكنيسة والدولة يقوم على نوع من الاعتراف المتبادل وتقاسم وظيفي للمجالات والأدوار.   أما على الصعيد السياسي فقد حصل نوع من الإجماع حول الأسس العامة للنظام السياسي وسقف المصالح الكبرى، وضمن هذا السقف تجري المنافسة السياسية والانتخابية، ولذلك أصبح من اليسير تداول السلطة بين الأحزاب من دون تعريض النظام السياسي لهزات أو انعطافات كبرى.   فحينما تنتقل السلطة من اليسار إلى اليمين أو العكس لا نشهد تغييرات كبرى تطال التوجهات الثقافية والسياسية للدولة أو السياسات الخارجية المنتهجة. بل إن الظاهرة التي تلفت الانتباه اليوم هي التقارب بين الأحزاب السياسية إلى ما يقرب التماثل تماما، بما يجعل من اللعبة الديمقراطية شكلية من بعض الوجوه، ولا تعبر عن إرادة الرأي العام أو اتجاه الجمهور أصلا، ولعل هذا ما حدا ببعض الباحثين الغربيين للحديث عن انتهاء عصر الإيديلوجيا واختفاء مفهوم اليمين واليسار أصلا. ومهما كانت في هذا الحكم من بعض وجوه التهويل والمبالغة إلا أنه ليس أمرا خاطئا بإطلاق، إذ يمكن اليوم أن يقرأ البرامج السياسية لأحزاب اليمين واليسار حتى يتولد عنده ثل هذا الإحساس.   – يلاحظ أن ديمقراطية الغرب داخلية وليس دولية، وديمقراطية العرب إقصائية، فهل تنجح الديمقراطية فقط في ظل الازدواجية؟   هذا ليس قانونا حتميا وإن كانت هذه الازدواجية قائمة وصارخة فعلا. فالدول الأوروبية الصغرى التي ليس لها ميراث استعماري مديد أو مصالح كبرى خارج الحدود القومية مثل السويد وسويسرا وبلجيكا تستطيع أن تتخلص بدرجات متفاوتة من هذه الازدواجية، ولعل هذا ما يفسر مثلا كون البلدان الأسكندينافية الأكثر حساسية وجدية في ملف الحريات وحقوق الإنسان مقارنة بأخواتها الأوروبيات، إلا أن الأمر يبدو أعسر بكثير بالنسبة للدول الغربية الكبرى التي شكلت نظاما دوليا تتمتع فيه بامتيازات خاصة لا يمكنها الحفاظ عليه إلا بضمان نوع من الهيمنة الخفية والظاهرة.   يبدو لي أن مشكلة الغرب هي جزء من مشكلة النظام الليبرالي نفسه الذي ولد مسكونا منذ وقت مبكر بين مطالب الحرية والتحرر داخل الحدود، وبين متطلبات المجد القومي والمصالح القومية خارج الحدود، ولذلك لم يكن غريبا أن يتزاوج المشروع الليبرالي الغربي القائم على مقولات الحرية والتحرر، مع لعبة التوسع الاستعماري وإخضاع الشعوب، ففي الوقت الذي كان نابليون بونبارت يجلجل بشعارات الثورة الفرنسية في المساواة والحرية كانت جيوشه تندفع باتجاه مصر سنة تحت شعار جلب المدنية والتقدم للشعوب المتخلفة.   ليس من اليسير التوليف أو التوفيق بين شعار الديمقراطية ومقتضيات المصالح القومية للدول الكبرى، وكلما وقع مثل هذا التعارض تنحاز هذه الدول غالبا وبصورة تلقائية لمصالحها وامتيازاتها الخاصة. قد تكون الدول الغربية راغبة فعلا في أن ترى عالما ديمقراطيا وليبراليا على صورتها في مختلف قارات العالم، بما يثبت الطابع الكوني والانتصاري للنموذج الليبرالي إلا أن الصعوبة تنشأ عند غياب هذا التوافق والانسجام بين متطلبات المصلحة القومية، وقيم الحرية والديمقراطية التي جعلتها عنوان لتميزها وتفردها عن بقية دول العالم الأخرى، وكلما وقع مثل هذا التعارض ترجح الدول الكبرى في نهاية المطاف عنصر المصالح القومية على أي شيء آخر.   وربما يبدو هذا التناقض أشد ما يكون في المنطقة العربية حيث يصعب أن تفرز التجربة الديمقراطية القوى المرغوب فيها أمريكيا وغربيا عامة بما يؤدي إلى تعطيل أو حتى إفساد التجربة الديمقراطية لدواعي الحفاظ على مصالح الدول الكبرى الحاضرة بقوة في المنطقة.   أما فيما يتعلق بسؤالك عن هذه الازدواجية في العالم العربي فهو معفي منها، لأنه لا توجد ديمقراطية أصلا، إذ تتراوح أوضاع العالم العربي ما بين أنصاف ديمقراطية وبين استبداديات كاملة، وغاية المنى ألا تنتكس هذا الديمقراطيات الناقصة إلى نوع الاستبداديات المطلقة.   – يعتبر العديد من السياسيين والمواطنين العرب والمسلمين أن الخلاص اليوم من الوضعية المزرية في العالم العربي خاصة هو في تبني الديمقراطية، هل هناك نموذج غربي ديمقراطي أصوب يمكن أن نستفيد منه؟   – أنا شخصيا لا أومن بالحلول السحرية، أي إضفاء هذه الهالة المعجزة والخارقة للديمقراطية. قد تكون الديمقراطية أحدى أدوات الحل في العالم العربي والفضاء الإسلامي الأوسع، إلا أنها ليست قوة خارقة للتاريخ والمجتمعات، بل هي تظل في نهاية المطاف مشروطة بأوضاع الاجتماع السياسي الذي تشتغل ضمنه، لذا يجب التواضع بعض الشيء والتخلي عن مثل هذا التصور الخلاصي للديمقراطية. ليس من المنتظر مثلا أن تنقلب أوضاع العراق المبتلى بالاحتلال الأمريكي مثلا إلى جنة الله الموعودة بمجرد أخذه ببعض الأساليب الديمقراطية. الديمقراطية تحسن فعلا من أداء النظام السياسي وتسهم في تطوير الأوضاع ولكنها ليست بالأسفير السحري الذي يحول الضعف إلى قوة والوهن إلى عزة.   صحيح أن العالم العربي يشكو من آفتي التسلط والاستبداد السياسيين ولكن هذا لا يعني أن الأوضاع العربية ستنقلب رأسا على عقب بين عشية وضحاها بمجرد الأخذ ببعض أسباب الديمقراطية في إدارة الحياة السياسية وأنظمة الحكم، لأن هنالك مشكلات بنيوية أخرى تطال كل قطر عربي على حدة مثلما تطال عموم الوضع العربي عامة. فهناك مطالب وحاجات أخرى لا تقل أهمية وحيوية عن مطلب الديمقراطية، ولعلنا اليوم في حاجة إلى إعادة ربط الديمقراطية بمطلب التحرر والوحدة، على نحو ما فعل ذلك جيل الإصلاح والاستقلال مثل سعد الدين زغلول في مصر وعلال الفاسي في المغرب وعبد العزيز الثعالبي في تونس.   فعلا هناك حاجة للديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي ولكن لا يجب المبالغة في الأمور أو التعلق بالأوهام حتى لا نغذي عوامل اليأس في نفوس الشعوب.   – لماذا يتعثر مشروع الانتقال الديمقراطي في العالم العربي؟   – يتعثر مشروع الانتقال الديمقراطي في العالم العربي لأسباب عدة، أولها أنه لا توجد مصلحة دولية فعلا في ضمان انتقال ديمقراطي جاد في المنطقة العربية بعدما تبين أن صناديق الاقتراع لا تفرز ضرورة القوى المرغوب فيها أمريكيا وغربيا عامة، وهذا ما يفسر إغلاق ملف الإصلاح السياسي الذي كانت ترفعه إدارة بوش والدول الأوروبية منذ 2001، خاصة بعد الانتخابات التي جرت في مصر سنة 2005 والتي أفرزت أكبر كتلة معارضة في مجلس الشعب المصري تنتسب لجماعة الإخوان المسلمين، ثم انتخابات 2006 التي تلتها في الساحة الفلسطينية، والتي أعطت أغلبية مقاعد المجلس الوطني لحركة حماس، كل ذلك أقنع الأمريكيين والغربيين عامة بأن اللعبة الديمقراطية في هذه المنطقة من العالم بالغة المجازفة والكلفة ولذلك قرروا إغلاق ملف الإصلاح والعودة مجددا إلى المربع الأول الذي ولفوه جيدا، أي مقايضة النفط والنفوذ السياسي بضمان حماية الأمن وما يسمى تجاوزا بالاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط، مع الاكتفاء باستخدام المطلب الديمقراطي أداة ضغط على من تعتبرهم أمريكا دولا ناشزة أو مارقة مثل سوريا وإيران والسودان وحتى مصر كلما ظهر اختلاف في قضية من قضايا التسوية مثلا، كما أن صعود ملف السلاح النووي الإيراني على رأس الأجندة الأمريكية والإسرائيلية قد رجح الحسابات الإستراتيجية الكبرى على مسألة الإصلاح، بل ثمة حديث متزايد اليوم بأن الحكومات المستبدة هي الأقدر على حماية المصالح الغربية.   ثانيا امتناع الحكومات العربية عن فسح المجال أمام مشاركة سياسية حقيقية وجادة تمس بنية الحكم وتوازنات السلطة، مع الاقتصار على بعض التنفيسات الجزئية وفتح هامش محدود أمام القوى السياسية في أحسن الحالات خشية انفجار الأوضاع العامة، أو الالتفاف على بعض الضغوط الدولية المحتشمة وليس أكثر من ذلك.   ثالثا كثرة النزاعات والاستقطاب الاجتماعي في العالم العربي بما يجعل من الديمقراطية تتحول في بعض الأحيان عاملا من عوامل تعميق الصراع وتمزيق النسيج العام بدل رأب التصدعات نحو ما رأينا ذلك في العراق، خاصة حينما تبنى هذه “الديمقراطية” على أسس طائفية وعرقية.   نعم الديمقراطية تساعد على تحسين أداء النظام السياسي وضمان السلم المدني وامتصاص الصراعات المهلكة حول السلطة بيد أنها تحتاج إلى ممارسة ما يمكن تسميته هنا بفن التسويات والمساومات الاجتماعية والسياسية بين مختلف القوى المتنافسة بما يجعل الجميع يطمئنون إلى حماية مصالحهم بحيث لا يكون هناك منتصرون بالكامل ومهزومون بالكامل.   – هل من الضروري أن تتخلى الأحزاب الإسلامية عن مرجعيتها الإسلامية إلى مرجعية مدنية من أجل إنجاح التوافق السياسي الداخلي وتخفيف الضغط الخارجي وإنجاح مشروعها؟   إذا كانت الأحزاب الإسلامية تعتبر نفسها ذات قدسية أو عصمة خاصة ففي هذه الحالة عليها أن تراجع نفسها وتعيد قراءة برامجها وأطروحاتها بشكل جيد، أما إذا كانت تعتبر انتماءها للمرجعية الإسلامية لا يعطيها وضعا دينيا خاصا ولا يعفيها من مبدأ التقييم والمحاسبة على ضوء ما تطرحه من خيارات وبرامج سياسية فهي في الاتجاه الصحيح.   السياسة هي مجال التداول الحواري والترجيحي بين مختلف القوى السياسية وليست مجال القطع والجزم، وبهذا المعنى فإن الحركات الإسلامية تقدم اجتهادا سياسيا ولا تقدم أحكاما دينية قاطعة أو حتى فتاوى دينية ناجزة، ولعله من المطلوب من الإسلاميين هنا تحرير هذه المساحة الرمادية بين الديني والسياسي تجنبا لشبهة كون الإسلاميين يوظفون الدين والمقدسات في مجال السياسة.   إن أهم مدخل لتحرير الإسلام من كل انتماءات حصرية أو احتكارية هو فتحه أمام الجميع ليكون فعلا هما مشتركا ومشغلا عاما لمختلف القوى السياسية والاجتماعية وسائر النخب سواء كانت في الحكم أم في المعارضة، كما أن أهم وسيلة ناجعة لنشر الديمقراطية هو افتكاكها من أيدي النخب وبسطها بين أيدي الناس حتى يتوفر المجال فعلا لاختبار النظام الديمقراطي وتعديله وتطويره في هذه المنطقة من العالم.   أما فيما يتعلق بالضغط الخارجي فلا أتصور أن له صلة مباشرة بموضوع الخيارات الفكرية أو الإيديولوجية وإن كان يتخفى وراء ذلك. مشكلة الغرب مع الحركات الإسلامية لا تعود إلى كونها تحمل لغة أو مطالب دينية، بقدر ما يعود الأمر إلى الخيارات السياسية التي تنهجها هذه الحركات، والدليل على ذلك أن موقف الغرب من الحركات اليسارية والقومية في الخمسينات والستينات لا يختلف كثيرا عن موقفه اليوم من التيارات الإسلامية.   الأمريكيون لم يجدوا حرجا كبيرا في التعامل مع قوى دينية ومراجع معممة في العراق مثلا، وحتى طالبان أفغانستان، وقبل أن تفاجئهم أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانوا على استعداد لفتح جسور تواصل معها فيما يتعلق بمد خط أنابيب النفط من دول بحر قزوين وإبعاد روسيا عن مجالها الحيوي في آسيا الوسطى. كما أنه خلال حقبة الحرب الباردة لم ير مانعا في توظيف الدول الإسلامية في مواجهة المد الشيوعي.   الذين يريدون تخفيف الضغوط لخارجية، عليهم أن يفكروا في الملفات الإستراتيجية الكبرى من قبيل العلاقة بالحلف الأطلسي والقواعد الأجنبية والصلة بإسرائيل قبل أن يتحدثوا عن الايديووجيا والفكر. الغرب لا يفهم إلا لغة الحسابات والمصالح الكبرى ولا يعبأ كثيرا بالأيديولوجيات والأفكار، حتى وإن تذرع بذلك. ففي حقبة الخمسينات والستينات كان الغرب يقول بأن مشكلته الرئيسية مع عبد الناصر الشرير والأيديلوجيا القومية مثلما يقول اليوم أن مشكلته مع الأصوليات الإسلامية.   هل يمكن أن تكون الشورى أفضل من الديمقراطية؟ وهل الديمقراطية علمانية؟   – أنا لا أريد أن أدخل في مماحكات نظرية حول أيهما أفضل من الآخر، لأن الأنظمة السياسية لا تقوم على الادعاءات النظرية، كما أنها ليست مجالا للتجريب الخيالي للتطلعات والأحلام بل هي تثبت جدارتها من خلال ما تبينه واقعا من نجاعة عملية وقدرة على تحقيق الاستقرار الأهلي. لقد استغرق الفكر السياسي الإسلامي المعاصر كثيرا من الجهد والوقت في خوض مثل هذا السجال حول مدى التوافق أو التناقض بين الشورى والديمقراطية أو أيهما أفضل من الآخر، وقد حان الوقت لإرجاع الأمور إلى نصابها وذلك بتجريد الديمقراطية مما علق بها من ادعاءات عقائدية ونظرية كبرى، من قبيل القول بأن الديمقراطية هي منظومة شاملة ومكتملة إما أن تؤخذ كلها أو ترد كلها.   الديمقراطية ليست دينا ولا عقيدة يراد لها أن تحل محل الأديان والعقائد على نحو ما تدعي بعض المجموعات الإيديولوجية المتطرفة في العالم العربي، بل هي مجموعة من الآليات السياسية التي تسمح بتنظيم حياة سياسية مدنية مستقرة وهادئة إذا توفرت لها أرضية مناسبة للتشغيل،علما أن هذه الآليات تظل قابلة بدورها للتعديل والتطوير بحسب مقتضيات الاجتماع السياسي التي تشتغل ضمنه، وليست شيئا مطلقا ونهائيا بدورها.   هل الدفاع عن الحريات الفردية أو العامة يجب أن يكون ضمن خصوصية المجتمع أم فوق هذه الخصوصية أي الاستناد إلى مبادئ ومواثيق دولية على حساب مرجعية المجتمع؟   لا توجد مثل هذه الكونية المطلقة والمتعالية عن ميراث اللغة والثقافة لأن الكوني ليس إلا خصوصية ناجحة أو خصوصية تم تصعيدها بالقوة المغلظة أو الناعمة إلى طور العالمية، ولذا يجب الحذر من هذه الإدعاءات الكونية المبالغ فيها. نحن اليوم مثلا نرتدي اللباس الإفرنجي وربما نستمع إلى موسيقى موزار أو بيتهوفن، ونشرب الكوكاكولا ولكن هل يعني ذلك أن هذا النمط من الملبس أو الذوق الموسيقي أو المشرب هو الممكن الوحيد أمام البشرية، فحينما أشرب الشاي المغربي أو استمع إلى الموسيقى الأندلسية أو أرتدي العقال العربي أو البدلة “التقليدية” هل معنى ذلك أنني خارج الكونية.   الكوني هو حصيلة الفاعلية الحوارية والتواصلية بين مختلف الثقافات والحضارات، وبالتالي هو صيرورة ومسار وليس نقطة ثابتة ومحددة سلفا، نعم يمكن تجاوز الخصوصيات المنغلقة على نفسها والارتقاء إلى طور الكونية شريطة التحلي بخصلة التواضع والاعتراف بأن العالم أوسع من لندن وباريس ونيويورك.   المواثيق الدولية تعبر من بعض الوجوه عن منحى إيجابي في الاعتراف بوجود حقوق كونية تشمل جميع البشر بغض النظر عن أعراقهم وأديانهم بدل حسبانها امتيازات خاصة وحكرا على مجموعات قومية أو دينية معينة، إلا أن الخطأ يتأتى من جانبين إثنين: أولا حينما يتم التركيز على مساحات الاختلاف والتباين بدل البحث عن المشترك ومحاولة توسيعه من خلال إرادة التواصل والإصغاء المتبادل. هناك اختلافات فعلية لا يمكن إنكارها، وهي ناتجة عن اختلاف المنظومات القيمية والثقافية بين الأمم والشعوب من مثل الموقف من العلاقات المثلية، أو اعتبار ما يسمى بالعلاقات التعاقدية المرنة أو العلاقات الحرة بديلا عن الزواج وغيرها، وهي قضايا ما زالت وستظل موضع اختلاف بين الثقافات بل داخل المجتمع الواحد والثقافة الواحدة، إلا أنه يتوجب التركيز بدلا من ذلك عن مساحات أخرى أوسع بكثير في المواثيق الدولية قد باتت موضع اتفاق عام.   ثانيا نتأتى المشكلة حينما تتم أدلجة هذه المواثيق الدولية لخوض معارك سياسية وثقافية معينة، من ذلك مثلا ما نراه من حرب ساخنة وباردة تخوضها الكثير من الأوساط الغربية عبر وكالة بعض المجموعات الإيديولوجية في العالم العربي تحت ذريعة الدفاع عن الحقوق الكونية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المهددة، فهذه المجموعات ليست معنية كثيرا بحماية الحقوق والدفاع عن ضحايا الانتهاكات الإنسانية بقدر ما هي معنية بتوظيف هذه المواثيق لتأكيد طلائعيتها ووكالتها الخاصة في الدفاع عن القيم الحداثية والمواثيق الدولية .   قد نتفق مثلا على الحاجة إلى تحرير المرأة وتخليصها من المكبلات التي تحد من إرادتها وتطلعاتها، بيد أن طرق التحرر متعددة بتعدد الأنفس، وليس بالضرورة أن تنتقل النسوة في كل مناطق العالم نحو نموذج المرأة الباريسية أو اللندنية حتى تكون جديرة باكتساب صفة التحرر والانعتاق.   – رغم توفر ظروف دولية ومحلية لانتشار وانتصار العلمانية فإن الإسلام السياسي هو الذي يحقق الانتصارات في كل المحطات الانتخابية رغم التزوير، كيف تقرأ هذه المعادلة؟   الكثير يفسر هذا الأمر بوجود نوع من الدسائس والمؤامرات التي نسجتها أو تنسجها الأنظمة الحاكمة أو الأطراف الدولية لمواجهة القوى التقدمية إلا أنه يبدو لي أن المسألة أعمق من ذلك بكثير، فلو كانت مثل هذه المؤامرات تصنع التيارات وتنشر الأفكار لأصبح العلمانيون العرب أقوى التيارات وأكثرها انتشارا بعدما أعلن الأمريكيون بأنهم معنيون بدعم الحداثيين والعلمانيين بعد أن أصبحوا عملة ذهبية نادرة في العالم العربي والإسلامي.   جوهر الأمر يمكن إرجاعه إلى أن الإسلاميين يشاركون المجتمع نظام قيمه ولغته العامة، ولذا من اليسير عليهم ضمان التواصل والفهم المتبادل بينهم وبين القطاع الأوسع من الناس، خلافا للنخب العلمانية أو المسماة بالحداثية تجاوزا التي سيّجت نفسها بحصون فكرية ولغوية وحتى جغرافية في بعض الأحيان، فانتهى بها الأمر إلى نوع من التجاهل المتبادل بينها وبين المجتمع، فلا هي باتت تعبأ به كثيرا ولا هو يعبأ بها.   كما أن حمل الإسلاميين للقضايا الكبرى والمطالب المجهضة في العالم العربي من قبيل مطالب الوحدة وحماية السيادة ومواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين قد جعلهم يتصدرون طليعة القوى الاجتماعية والسياسية، بيد أن هذا لا يعني إعطاء الإسلاميين تزكية نهائية ومفتوحة إذا ما تخلوا عن مثل هذه القضايا الكبرى وتحولوا إلى مجرد أحزاب إدارية لا هم لها سوى انتزاع بعض المقاعد في البرلمانات أو ضمان بعض الحقائب الوزارية، في هذه الحالة لن يكون وضعهم أفضل من سابقيهم من الحركات الأخرى.   أنا ممن يقولون بأن تبار الإسلام السياسي هو بصدد إعادة تشكيل الخارطة الثقافية والسياسية في العالم الإسلامي، وفي الرقعة العربية على وجه الخصوص، وهو تيار سيترك بصماته لعقود قادمة من الزمن وربما لما هو أكثر من ذلك، وكلما اشتد الضغط الغربي على العالم الإسلامي كلما تقوت شكيمة الإسلاميين أكثر، طبعا هذا لا يعني أن مسار هذا التيار سيكون دائما مسارا تصاعديا وخطيا من دون تراجعات وإخفاقات في هذا الموقع أو ذاك.   يبدو لي أن النجاح الأكبر تسجله الحركات الإسلامية على صعيد الثقافة والعمل الأهلي، والفشل الأكبر الذي تواجهه على صعيد تجارب الحكم والدولة نظرا لوجود معادلات دولية ضاغطة وغير مواتية للتغيير إلى حد الآن، ولعل هذا ما يوجب على الإسلاميين إعادة التفكير في أولوياتهم وتوجيه طاقاتهم نحو العمل الشعبي والأهلي والدفاع عن الثوابت والقضايا الكبرى بدل التركيز على الدولة والحكم.   – ما هي حدود العلمانية والأسلمة في الوطن العربي؟   الإسلام حقيقة راسخة وثابتة في العالم العربي، وربما الإسلام هو اليوم أقوى وأرسخ مما كان عليه قبل قرنين أو ثلاث، ولذا يتوجب التخلص من وساوس الهوية والشعور المفرط بأن الإسلام في خطر، لقد تمكن العالم الإسلامي من امتصاص موجات الاجتياح الاستعماري التي بدأت تتسرب إليه منذ بدايات القرن التاسع عشر، وهو اليوم يفعل طاقاته في مواجهة الدورة الجديدة من الاستعمار المباشر التي يراد فرضها مجددا على المنطقة، كما أنه يعمل على استيعاب حركة الحداثة الجارفة وإعادة توجيه أولوياتها بدرجات متفاوتة النجاح.   كما أن حركة العلمنة هي بدورها حقيقة موجودة لا يمكن إنكارها خاصة على صعيد الدولة والمؤسسات الرسمية، ولعل هذا ما يفسر غياب الانسجام بين حركة الدولة والمجتمع في الكثير من مناطق العالم الإسلامي إلى الحد الذي يصل درجة الصدام الحاد في بعض الأحيان، فبينما تتجه الدولة نحو ضروب من العلمنة الخفية والظاهرة يتجه المجتمع أكثر فأكثر نحو التوجهات الدينية، إلا أنه مع ذلك لا يمكن قراءة واقع الدين أو العلمنة في العالم الإسلامي من خلال نافذة الدولة ومؤسسات الحكم. ففي تركيا مثلا أخذت الدولة طابعا علمانيا جذريا بما يشبه النموذج اليعقوبي الفرنسي، في حين ينحو المجتمع التركي نحو التدين أكثر فأكثر، وفي إيران أخذت الدولة طابعا شيعيا صارما بينما تنحو بعض قطاعات المجتمع نحو الخيارات الغربية والعلمانية كشكل من أشكال الاحتجاج الصامت والمعلن ضد الدولة.   وربما الدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه من هذين التجربتين هو أنه حينما يتم استخدام أنياب الدولة سواء باتجاه فرض العلمنة أو الأسلمة تكون الإخفاقات أشد.   التيارات العلمانية حقيقة موجودة ولا يمكن إنكارها وإلغاؤها، فهي منتج التحولات الثقافية والسياسية التي عرفها الاجتماع الإسلامي خلال القرنين الأخيرين، وعلى الجميع البحث عن التسويات وبناء أرضية التعايش والتواصل إذا أردنا فعلا حماية السلم الأهلي وتجنيب مجتمعاتنا مزيدا من الصراعات والمنازعات المكلفة للجميع.     – هل قدرنا في العالم العربي أن نقلد الغرب في نموذجه الديمقراطي خاصة أن بعض المفكرين الغربيين قالوا بضرورة تخلص العرب من لعنة النموذج؟   علينا فعلا أن نتخلص من سطوة النموذج أو النماذج الجاهزة، بمعنى تصور وجود حلول ناجزة وجاهزة سواء مجلوبة من الآخرين أو مستمدة من ميراث التاريخ، فقد شهدت أوضاعنا تحولات كبيرة طالت أنماط التفكير وطرز الحياة بما لم تعد تسعف فيه النماذج التاريخية السابقة أو الوصفات السحرية الجاهزة. لعلنا في أمس الحاجة إلى التحلي بالوعي التاريخي هنا، أي حسن النظر إلى الواقع بدل التعلق بالنظريات والأفكار النمطية، وإدراك أن الحلول تولد من رحم الواقع بكل تناقضاته وأوجاعه.   أقول هنا نحن في حاجة إلى الإلقاء الفكرة الديمقراطية في قلب الاجتماع العربي والإسلامي وانتزاعها من أيدي النخب وصالوناتها المغلقة حتى تختبر الفكرة الديمقراطية وتتفاعل مع واقع المجتمعات وتعمل فيها آلية التصحيح والتطوير.   الديمقراطية ليست نموذجا سحريا ومكتملا بل هي مجموعة من الآليات الإجرائية التي تصلح لمعالجة معضلة الاستبداد السياسي والتخفيف من تسلط الدولة، ولا يجب أن نخجل من القول بأن هذه الديمقراطية قابلة للتعديل والتدارك بحسب حاجات المجتمع وأولوياته، فالواقع له أولوية على النظريات والأفكار.   – لماذا لم تنجح الحوارات بين الإسلاميين والعلمانيين حتى الآن؟   – الأمر ليس بهذا الإطلاق، أنا على العكس من ذلك أرى الأمور تسير باتجاه تجسير الهوة وفتح قنوات التواصل والحوار بين الطرفين، نحن نشهد تيارا متزايدا من داخل الإسلاميين والعلمانيين على السواء يميل إلى تجنب الحلول الجذرية القاسية والمكلفة لمجتمعاتنا. العلمانيون يتجهون إلى الاعتراف بمعطى الهوية العربية الإسلامية وقبول مبدأ الشراكة والتعاون مع الإسلاميين، والإسلاميون يتجهون إلى الاعتراف بالعلمانيين والتعاون معهم في مواجهة التحديات والمخاطر الكبرى المحدقة بالأمة. هذا يستوجب العمل على تهميش تيارات التطرف والتشدد على الجهتين التي تعمل على توسيع الصراعات بدل تخفيفها، وتعميق الجراحات بدل مداواتها، فلا مستقبل لمنطقتنا أو أمتنا إلا في أجواء من الوفاق والتعايش العام لأن البديل عن ذلك مزيدا من الصراع والتفتت.   (المصدر: موقع صحيفة “التجديد” (يومية – المغرب) بتاريخ 29 مارس 2008) الرابط: http://www.attajdid.ma/def.asp?codelangue=6&infoun=40446


التكلفة الحقيقية للاحتلال الأمريكي

 
مالك التريكي (*)   في البداية قدر دونالد رمسفيلد تكاليف غزو العراق بأنها تتراوح بين خمسين وستين مليون دولار، وعندما تجرأ المستشار الاقتصادي للرئيس بوش لاري ليندسي علي القول بأنها قد تبلغ مئتي مليار دولار، رد رمسفيلد أن هذا هراء .   ثم عوقب ليندسي بالفصل من وظيفته رغم أن واشنطن اضطرت بعد ذلك، عام 2005، إلي الاعتراف بأن هذه التكاليف لا تقل عن خمسمائة مليار دولار، إلا أن هذا الرقم بدا منخفضا جدا لجوزيف ستيغليتز الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد وليندا بيلمس أستاذة الاقتصاد في جامعة هارفارد فأجريا بحثا كانت نتيجته نشر تقرير في بداية 2006 قدرا فيه تكاليف الحرب بما يتراوح بين ترليون (ألف مليار) وترليونيْ دولار.   أما الرقم الجديد فإنه ثلاثة ترليون دولار، حيث أن عنوان كتابهما الذي صدر حديثا وأثار كثيرا من الجدل هو: حرب الترليونات الثلاثة: التكلفة الحقيقية لحرب العراق . ورغم ضخامة هذا الرقم فإن الكاتبين يؤكدان أنه أشد الأرقام التي توصلا إليها تحفظا لأن التكلفة الأقرب إلي الواقعية هي حوالي خمسة ترليون دولار! علما بأن الدولة الأمريكية لا تنفق علي مغامرة الاحتلال هذه من أموالها بل إنها ماضية في تمويلها بأكملها من القروض التي سوف يتعين علي الأجيال المقبلة أن تسددها بفوائدها.   غير أنه لا يزال، بعد كل هذا، من الساسة والإعلاميين الأمريكيين من يجادل ويماري ليس استماتة في الدفاع عن الحرب فحسب، بل وفي محاولة الإقناع بأنها حرب غير مكلفة، بل رخيصة رخص التراب . فمِن قائل إن الكاتبيْن أدخلا في حساباتهما نفقات لا تحتسب عادة في نفقات الحروب، مثل تكاليف الرعاية الصحية لقدامي المحاربين، وأسعار الفائدة علي قروض تمويل العمليات العسكرية وأثر الحرب علي ارتفاع أسعار النفط. ومِن قائل إن الطريقة التي يُعتدّ بها في احتساب تكاليف الحروب هي نسبة نفقات الدفاع إلي إجمالي الناتج الوطني، وإذا اعتمدت هذه الطريقة مقياسا تبين أن حرب العراق ليست باهظة إلي حد بالغ. فنسبة نفقات الدفاع من 2005 حتي 2007 هي، حسب الإحصائيات الرسمية، في حدود 4 بالمائة. وهذه نسبة متدنية تماثل نسبة نفقات الدفاع في أوائل التسعينيات عندما كانت الولايات المتحدة تنعم بجني أرباح السلام الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفييتي، علما بأن النسبة كانت أكبر من 6 بالمائة في منتصف الثمانينيات، قبيل نهاية الحرب الباردة، وأنها تجاوزت 9 بالمائة في أوج حرب فيتنام. ومن مذكّر بأن عجز الميزانية في العامين المقبلين لن يتجاوز 3 بالمائة من الناتج الوطني، وهذه نسبة ضئيلة أين منها نسبة 3 بالمائة التي سجلت أثناء الحرب العالمية الثانية. بل إن هنالك من تطوع باحتساب تكاليف السيناريو المضاد للوقائع، أي الاستمرار في احتواء نظام صدام حسين وتحجيمه بدل شن العدوان، فتمكن بقدرة قادر من الاستنتاج بأنها قد تكون قريبة من التكاليف الفعلية لهذا الاحتلال المستمر! أما ظرفاء القوم فقد انتقدوا الكاتبين علي عدم احتسابهما لأرباح الحرب ومنافعها، فرد عليهم ستيغليتز: حسنا، ها إننا قد احتسبنا التكاليف، فلتشرحوا لنا أنتم مسألة الأرباح. والواقع أن هؤلاء قد سبق لهم أن شرحوا، بعد الاضطرار لترديد اللازمة المعروفة عن نعمة قصف الديكتاتورية بوابل من الديمقراطية، أن احتياطي النفط العراقي الثابت هو 115 مليار برميل، أي أكثر من خمسة أمثال الاحتياطي الأمريكي.   وقد يكون لدي العراق، حسب تقديرات مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، 220 مليار برميل إضافية (بل 300 مليار برميل حسب مصادر أخري) لم تكتشف حتي الآن بسبب محدودية أعمال التنقيب، حيث لا توجد في البلاد سوي ألفي بئر بينما يوجد مثلا في ولاية تكساس لوحدها مليون بئر. وإذا كانت هذه التقديرات قريبة من الواقع فإن هذا يعني، كما يقول الباحث جيم هولت، أن قوات الاحتلال الأمريكي تسيطر الآن علي ربع موارد النفط العالمية، وأن قيمة النفط العراقي هي، بأسعار اليوم، في حدود ثلاثين تريليون دولار.   من هذا المنظور يصبح من الصعب اتهام حزب الحرب الأمريكي، بأنه مخطئ في حساباته. ذلك أنه في وسع هذا الحزب الإجرامي، بل وفي وسع كامل المركّب الصناعي العسكري الذي حذر الرئيس أيزنهاور في خطابه الوداعي قبل أكثر من نصف قرن من خطره علي الولايات المتحدة، أن يردّ بأن خراب الاحتلال إنسانيا وماديا إنما هو استثمار باهر علي المدي البعيد لأن معدل عوائده لن يقل حتي في أسوأ الحالات (وهل أسوأ مما تنبأ به ستيغليتز وبيلمس؟) عن خمسمائة بالمائة!   ولهذا فقد أصاب من وصف هذه الحملة الامبريالية العجيبة بأنها مغامرة احتلال جنوني سرعان ما تحول إلي تمرين في التوازن البهلواني بين خسارة الحرب وغنيمة النفط.   (*) إعلامي تونسي   (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 مارس 2008)


مناهج الأدلة في الكشف عن المأمول من أهل القمة

 
عادل الحامدي (*)   أعتقد صادقا جازما حازما أن القائد الأعلي لجميع النبوات ومجمل الرسالات صلي الله عليه وسلم قد نصح الأمة وأدي أمانة الكلمة والفعل إزاء الآدميين من النساء والرجال الذين أرشدنا إلي التعويل علي كلامهم بعد كلامه والركون إلي آرائهم في المرسل من المصالح والمستحدث من الوقائع، فما أوسع رحاب الدين الخاتم وما أصدق المؤرخ الألماني الذي رأي في التاريخ حاصل الممكنات التي تحققت ، وما أخطر أن أقول منذ البداية ان الممكنات العربية المستقبلية القابلة للتحقيق علي مستوي الوعي والفعل للشارع العربي والمواطن العربي والقصر العربي تلامس تخوم العدم والمراوحة في الدائرة النارية للعطالة الحضارية الصرفة، والفعل السياسي الارتدادي والمستهلك لحقبة متخلفة من التاريخ العربي، التي بقيت تجتر تجارب تعاطي الحكم وفق ميكانيزمات غير ذات أرحام بواقعنا الأرضي والزمني الراهن إلا من حيث الشكل دون المضامين في إطار شيخوخة فلسفة للحكم تعمل آليا علي تأبيد المسلمات الضامنة لاستمرار رفض التغيير الثقافي والسياسي حتي في حدوده الدنيا الضرورية لحياة الأمير والإمارة خارج المجال الغوانتانامي الذي يطبع العلاقة بين المواطن العربي والقصر العربي. إن طموحات الشارع العربي تتمثل بالتطلع الي سلطة وسطية تتمتع بقدر كاف من الوطنية والحس المدني المرهف والقدرة المادية والأدبية علي توفير الماء والكلأ! بالمشاركة المباشرة والحرة للمواطن في تقاسم المؤاكلة الحسنة والمشاربة الجميلة ، وما أعزهما أيامنا هذه، عبر برلمانات ذات كرامة وسيادة وهيبة تسمح لها بمساءلة حكومة الأمير وإن علي استحياء خاصة فيما يتعلق بالاستلاب السياسي والتبعية المخلة بكرامة الأمير والمأمور. هذه بعض الميكانيزمات التجديدية التي أخشي أن تدخل الرؤوس الكبيرة العربية الخيمة وعودة كل أمير إلي همومه القسرية دون التفكير في مصير القدس عاصمة الدولة البوشية وفي الجولان المغصوبة بقوة السلاح والفرجة الأوروبية وسلام إسرائيل واندماجها في الأسرة الأوسطية. وعند هذا الحد أدرك تماما أنني أمسيت أخرف تخريفا قد يجعلني عرضة للاتهام زورا بأنني أقلب المواجع العربية من أجل التعمية والتعتيم علي مصائر يتامي الفلسطينيين وأرامل الفلسطينيين وتجويع الفلسطينيين عمدا، وكل قمة والموت للفلسطينيين والإسرائيليين وعلينا الفرجة وعليكم ولكن ليس إلي يوم الدين! في مثل هذه الأيام من العام الماضي ارتدت الرياض أبهي حلتها وزينت شوارعها أعلام العواصم العربية بما في ذلك راية الجماهيرية العظمي التي اختار يومها زعيمها المشاكس قمة فضائية شهدها العرب في المشرق والمغرب عامتهم وخاصتهم، وتعانق الملك عبد الله والرئيس الأسد عناقا غنت له الغوطة ونامت له نواطير نجد وبغداد وبيروت هادئة.. ومن الرياض إلي دمشق الزاهية هذه الأيام بالأعلام العربية استعدادا لأول قمة يعتزم زعماء الوطن العربي إقامتها في سورية، حيث جرت مياه كثيرة في نهر العلاقات السعودية ـ السورية الذي كانت مياهه صافية عذبة طوال حكم الأسد الأب وآل سعود، تحول بموجبها لبنان المتعدد المشارب السياسية بكل تلويناتها مستحيلا إلي دولة فاشلة خذلها سبتمبر الأسود وأعجزها عن مجرد انتخاب ربان ينوء بسفينة اللبنانيين عن الارتطام بثلوج النكوصية التي عمل علي إذابتها قبل الأوان غابات العرب المدفونة في تراب الخليج. ولقد حيرني الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه عندما أعلن أن 5 سنين من الحكم العسكري الأمريكي في ثاني أكبر دولة عربية في الخليج يعد نجاحا كبيرا للولايات المتحدة. لم أعجب من إعلان سيادة الرئيس عن النصر المبين علي الإرهاب والقاعدة والذي كلف الجيش الأمريكي أربعة آلاف من شهداء الديمقراطية، في حين أن الشعب العراقي نكب في مليون واحد من بني الإنسان حسب بعض التقديرات. ولعل سيدي الرئيس قد نسي وهو يلقي خطابه أن هذا النصر كلف خزينة أمريكا وحدها دون خزائن التحالف الأخري ثلاثة تريليون من الدولارات، وليسمح لي سيادته أن هذا العدد الذي أجهل كم يستلزم من صفر لكي أتمكن شخصيا من قراءته يكفي للقضاء علي الفقر نهائيا في كل الوطن العربي. ولئن كنت في وضع لا يسمح لي بمحاسبة السيد الرئيس الذي جاد علينا بمصالح هذا النصر الوهم والمتلخص في إزاحة صدام حسين عن الحكم وكف أذاه عن الجيران، علما بأن هذين العنصرين لم أسمع لهما ذكرا، مثلي مثل أفراد الشعب الأمريكي وبقية شعوب العالم يوم أن قرر البيت الأبيض الأمريكي شن حرب علي العراق بتعلة وجود أسلحة دمار شامل، التي ما زالت جيوش التحالف تبحث عنها تحت عباءات النساء وجلود الرجال والشيوخ والأطفال. ولقد فعلت بي قنواتنا البريطانية خير ما يفعل الناصح الأمين بمنظوريه حين عرضت علي أبصارنا وعلي قلوبنا وعلي أسماعنا ضابطا أمريكيا يصفي جسديا أسرة تتكون من أطفال وشيوخ ونساء بالرصاص البارد، حيث أعدمهم في أزقة حديثة فقط لأن مقاوما عراقيا قتل جنديا أمريكيا واستطاع أن يفلت، ثم رأينا بعد ذلك هذا الضابط يسبح في بحر دموعه بين زملائه: ويحي ويحي كيف سأكمل مشوار حياتي وأنا في مقتبل العمر وقد صفيت جسديا أطفالا وأباهم الشاب وجدهم وجدتهم ثم مددت يدي لأنتشل الزوجة الشابة وهي تنوح فوق جثة الشهيد الزوج، وهذه إحدي معالم النصر التي حدثنا عنها الرئيس بوش في خطابه الذي لم يخل من نبرات المنتصر.. ولا شك أن الكثيرين من أمثالي سوف تفشل كل محاولاتهم لفهم هذا النصر. هذا عن النصر العسكري الذي تحدث عنه الرئيس جورج بوش، ولكن ما الذي يمنعني من الحديث عن انتصارات حلفاء الإدارة الأمريكية وأقصد بهم الحكومات العربية جملة التي يدور معظمها في فلك الولايات المتحدة بل إن بعض أنظمتها قد تتهاوي إلي السقوط لو لم تكن مدعومة بأمريكا التي لم يسفر جميع قادتها منذ الحرب العالمية الثانية عن مثل هذه السياسات الخاطئة وما انطوت عليه من حقد وضغينة؟ وتعال ليس علي الحكام العرب فحسب، ولكن علي الواقع الذي لا يتمتع بواسع من المنطق يسمي بموجبه هزيمة عسكرية وسياسية أثقل من فيتنام، وأكاد أجزم أن الشعب الأمريكي ومن ورائه شعوب العالم سوف تتألم ولأحقاب طويلة من امتدادات هذه الحرب الخاسرة عبر الزمان والمكان. وإني لأتحرق أسفا لأن بعض الساسة في أمريكا وحتي في أوروبا لا يزالون ينظرون إلي هذه الحرب علي أنها حرب شرعية كما لو أنها قامت لترد عدوانا أو تدافع عن شعوب مقهورة بشهادة بوش نفسه، غائلة الجوع البطني منه والروحي والنفسي، حيث أن لا أحد ينكر أن الشعوب العربية محكومة بدول ببساطة لا تؤمن بأن هذه الشعوب تستحق أن تحكم بغير العصي، وإني لأتحدي كل سياسيي العالم أن يتجرأ أحدهم بالشهادة علي غير ما ذهبت إليه. وما يدمي قلوب العرب ويضنيها أن قمة زعمائهم الذين قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، في مرحلة من التاريخ أهم مميزاتها شيخوخة الأرض وعقمها إذ لم يعد بمقدورها أن تلد من يعقل فينظر إلي ما هو أبعد من الرياض والقاهرة وتل أبيب وعواصم أخري كبيرة مكتنزة لكنها تفتقر إلي أدني ما يتبقي للإنسان من قيم العدل والتراحم، حتي وهو يجدف عوالم التيه والغطرسة والكبرياء والجحود والخلود إلي المصالح الأرضية ليتفرج سبع من البلايين البشرية علي المحارق المصغرة المعاصرة التي يشعلها في غزة أحفاد من نجا من محارق النازيين ليذكرونا بمآسي اليهود في إسبانيا وألمانيا ولكن علي أراضي غزة الفلسطينية بفارق بسيط في عدد من قتلوا وعذبوا وأحرقوا من اليهود وأحسب أنهم بالملايين يقابلهم ملايين من الفلسطينيين قتلوا وشردوا وعذبوا. ويا لها من مفارقة متعجرفة إذ أن المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون ونري فصولها حية علي الشاشات وعبر الهوائيات تعرض يوميا أمام أنظارنا كأفلام العنف الأمريكية لا تطرف لها عين الزعيم ولا تثير في أرباب الديمقراطيات الضاربة جذورها في عمق الأرض حتي مجرد التحرك المصلحي لإنهاء مأساة إنسانية بلا أهل وبلا نصير وبلا نفير، فقد مات أهل الخليج كلهم جميعا أو أميتت قلوبهم واهتزت أركان المشروع الغربي برمته فيما بعد الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) الأليم، فلم يعد لديهم من قيم التمدن ما يكفي للإغراء وسد جوعة الدول الكبري إلا المزيد من السدور في غياهب التسويف والتزييف بل والضحك علي الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بالتبشير بالسلام علنا في حين يشحن القادة الإسرائيليون بنقيض هذا السلام الموهوم والذي أساسه التقسيم وتقسيم التقسيم والتجويع والقتل والتدمير والعزل، وباختصار شديد إعادة الهولوكست بالتقسيط، والغريب في صنعها هذه المرة أن الصانع ما زال يحمل في الجسد والنفس آثار ما يمارس علي الغزاويين العزل. وعلي الغرب أن يتحمل مسؤولية إصـــــلاح ما أفسد بتدخـــــــله في الشرق الأوسط لما يزيد عن قرن، وأحسب أنه لن يتسني له ذلك ما لم يبلغ زعماء العرب هذه المرة درجة معقولة من العفة السياسية والتخلي عن الاتكال علي العمود الأبيض وتصحيح مفهوم الاعتدال علي أنه لا يعني الفرجة علي جريان الدماء الفلسطينية والعراقية كما لو أنهم أيتام.   (*) كاتب وإعلامي تونسي مقيم في بريطانيا   (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 مارس 2008)


الدعاوى تنهال على صاحب الـ”فتنة”

 
عواصم – أعلن رسام الكاريكاتير الدنماركي كيرت فيستريارد صاحب أحد الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي نشرتها الصحف الدنماركية عام 2005 عزمه على مقاضاة البرلماني الهولندي اليميني المتطرف جيرت فيلدرز بسبب استخدامه الرسم في فيلم “فتنة” المسيء للإسلام الذي عرض مساء يوم الخميس الماضي. يأتي هذا في الوقت الذي قرر فيه نشطاء أردنيون مقاضاة فيلدرز أمام المحاكم الأردنية، ولا يزال القضاء الهولندي ينظر في دعوى رفعها الاتحاد الإسلامي الهولندي مؤخرا لمنع عرض الفيلم. واستهل فيلدرز فيلمه واختتمه بالرسم الذي يصور ما تخيل الرسام أنه الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عمامته قنبلة. وقال الرسام فيستريارد في تصريحات للقناة الثانية بالتليفزيون الدنماركي أمس الجمعة: “إنه من حق فيلدرز أن ينتج فيلمه، لكن ليس من حقه استخدام رسمي”. موضحا أن “الرسم الكاريكاتيري كان احتجاجا على الإرهاب، وليس على الإسلام ككل”.   انتهاك حقوق النشر   وأضاف: “لا أقبل أن يستخدم رسمي الكاريكاتيري خارج سياقاته الأصلية، ويستخدم في سياق مختلف تماما”. ولفت الرسام إلى أنه قد ينجح في وقف فيلم فيلدرز عبر إجراءات القضائية العاجلة. وأعرب فيستريارد عن مخاوفه من أن إعادة نشر الرسم في سياق الفيلم “جعله في مواجهة الخطر مجددا”، حيث يعيش الرسام الدنماركي متواريا عن الأنظار وبحماية الشرطة، منذ أن تسبب رسمه و11 رسما آخر في  قلاقل واضطرابات في الشرق الأوسط ومناطق إسلامية أخرى. وقد رفعت نقابة الصحفيين الدنماركية قضية انتهاك حقوق طبع ونشر الرسم نيابة عن فيستريارد. وفي العاصمة الهولندية أمستردام، قال توماس برونينج رئيس نقابة الصحفيين الهولنديين أمس: إن النقابة طلبت من فيلدرز تعديل فيلمه المثير للجدل حول القرآن قائلة إنه انتهك حقوق الملكية الفكرية من خلال استغلاله صورة رسمها رسام دنماركي. وأرسلت النقابة خطابا رسميا إلى فيلدرز بناء على طلب من نقابة الصحفيين الدنماركية. ونشر فيلدرز (44 عاما) فيلمه “فتنة” على موقع “ليفيلك” البريطاني لنشر مقاطع الفيديو والصور مساء الخميس ووضع رابطا للفيلم على موقع حزب “من أجل الحرية” الذي يتزعمه. ويربط الفيلم الذي بلغت مدته نحو 15 دقيقة بين الإسلام والعنف ويصور القرآن الكريم على أنه كتاب “فاشي” و”يحرض أتباعه على القتل والكراهية”. وبعد نشر الفيلم مباشرة، أعلنت الحكومة الهولندية رفضها لمحتواه، وقال رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكانندا: “إن الفيلم يساوي بين الإسلام والعنف.. نحن نرفض هذا التفسير.. ونأسف لأن فيلدرز بث هذا الفيلم”. وأضاف رئيس الوزراء الهولندي في بيان صادر عنه: “أعتقد أنه (الفيلم) لا يخدم أي هدف ما عدا الإساءة.. لكن الإحساس بالإهانة لا يجب أن يُتخذ ذريعة لارتكاب العدوان وإلقاء التهديدات”.   قضية في هولندا والأردن   وعقب الفيلم توالت ردود الفعل الغاضبة في العالم الإسلامي، وكان آخرها ما قرره نشطاء أردنيون ينظمون حملة تحت اسم “رسول الله يوحدنا” أمس بمقاضاة فيلدرز و17 صحيفة دنماركية أعادت نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي الكريم في فبراير الماضي أمام المحاكم الأردنية، كما قرروا البدء في حملة واسعة لمقاطعة المنتجات الهولندية. وكانت حملة “رسول الله يوحدنا” قد تشكلت منتصف فبراير الماضي بعد بضعة أيام من إعادة نشر الرسوم في خمسة من أكبر الصحف الدنماركية. يأتي هذا في الوقت الذي تنظر فيه محكمة هولندية بمدينة روتردام في شكوى تقدم بها الاتحاد الإسلامي الهولندي للمطالبة بمنع بث الفيلم وتقديم فيلدرز اعتذاره عن الإساءة للإسلام. وقالت المحكمة أمس أنها ستصدر حكمها بشأن الدعوى في 7 أبريل المقبل. وكانت السلطات قد ذكرت في وقت سابق أن القانون يمنع أي رقابة مسبقة على الفيلم، وأنه لا يجوز حظره “إلا إذا حصل تحريض على الحقد العنصري مثلا”. وقبل الفيلم وبعده خرجت مظاهرات غاضبة إلى الشوارع في عدد من الدول الإسلامية للتديد بالفيلم والمطالبة بوقف عرضه.   سحب الفيلم   يأتي هذا فيما أعلن موقع “ليفليك” البريطاني اليوم السبت أنه اضطر إلى سحب فيلم هولندي معاد للقرآن بعد أن تلقى تهديدات لحياة العاملين به. وقال الموقع في بيان: إن تلك التهديدات لم تترك خيارا أمام إدارة الموقع سوى سحب فيلم “فتنة” للنائب الهولندي جيرت فيلدرز. كما أدان 3 مقررين بالأمم المتحدة أمس الجمعة “الطبيعة الاستفزازية” لفيلم “فتنة”، وقال دودو ديين المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العرقي والخوف من الأجانب، وأسماء جاهنجير مقررة حرية العقيدة وأمبيي ليجابو المقرر الخاص بشأن حرية الرأي والتعبير إنهم يدينون “لهجة ومحتوى” الفيلم   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 29 مارس 2008)

يأسف لممارسات بعض المسلمين التي تشوه دينهم وتعطي ذريعة للإساءة

القرضاوي: 5 سبل لمواجهة فتح النار على القرآن

 
محمد صبرة   الدوحة– حدد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي -رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- خمسة محاور دعا المسلمين للرد بها على الفيلم المسيء للإسلام ومقدساته الذي عرضه النائب الهولندي اليميني المتطرف جيرت فيلدرز على الإنترنت، مشددا على أنه لا يجب التهاون إزاء “فتح النار على القرآن”.   وفند الشيخ القرضاوي مزاعم فيلدرز بأن القرآن الكريم يحض على الكراهية والقتل، موضحا بالأدلة أن العكس هو الصحيح وأنه يدعو للمحبة والتعايش في سلام مع الآخر، معربا في الوقت نفسه عن أسفه لأن بعض المسلمين يتبنون ممارسات تشوه صورة الإسلام وتعطي فرصة لأعداء الإسلام للإساءة إلى الدين الحنيف. وفي تصريحات خاصة لـ”إسلام أون لاين” اليوم السبت قال الدكتور القرضاوي: “إن ما فعله السياسي الهولندي بمثابة فتح النار على القرآن الكريم”. وقال: إن وصف الفيلم للقرآن بالكتاب “الفاشي” هو “كذب وافتراء وكلام مختلق لا يقوله إلا جاهل أو مكابر أو معاند”، معتبرا أن موقف البرلماني الهولندي “حلقة جديدة من حلقات مسلسل العداء الذي يتبناه تيار في الغرب صاحب مصلحة” في الإساءة للإسلام.   قدس الأقداس   وشدد على أن “شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم يعتبران قدس الأقداس بالنسبة للمسلمين في مختلف أنحاء العالم.. لا يسمحون ولا يتهاونون في أي تطاول عليهما”. وعرض فيلدرز الخميس الماضي فيلم “فتنة” على الإنترنت، ويقتطع الفيلم آيات من القرآن الكريم من السياق الذي جاءت فيه ويربطها بمجموعة من أعمال العنف التي نسبت إلى مسلمين في بعض البلدان الغربية لكي يوصم الإسلام بالإرهاب.   خمسة ردود عملية   وحدد الشيخ القرضاوي خمسة ردود عملية وسياسية وشعبية واقتصادية ينبغي على المسلمين اتباعها لمواجهة المتطاولين على المقدسات الإسلامية.   الرد الأول: “ينبغي أن يكون علميا بدحض الافتراء على النبي بأنه كان سفاك دماء ورجل نساء”. وطالب بأن يكون هذا الرد “بلغات عالمية مختلفة حتى يصل إلى الذين يتطاولون على النبي والذين يجهلون عظمته، وأن يتصدى له علماء على دراية بسيرة النبي وإحاطة بالقضية التي يردون عليها”.   الرد الثانى: “سياسي ويتمثل في أن تقف الدول الإسلامية الكبيرة موقف الرجولة دفاعا عن الإسلام ورسوله”.   الرد الثالث الذي دعا إليه الشيخ القرضاوي هو “الرد الشعبي بالضغط على الحكومات المسلمة لتقف موقفا صلبا رجوليا إيمانيا يثبت أن أمتنا ما زالت حية ومتلاحمة تغار على مقدساتها”.   والرد الرابع الذي نصح به الشيخ القرضاوي هو “الرد الفني والإعلامي”، مبينا “أهمية الأعمال الدرامية كالأفلام والمسلسلات في تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام”.   أما الرد الخامس الذي طالب به فيتمثل في “المقاطعة الاقتصادية لبضائع الدول التي تسمح لرعاياها بالتطاول على المقدسات الإسلامية”. ووصف المقاطعة بأنها “سلاح يوجع القوم”.   “من سالمنا سالمناه”   الدكتور القرضاوي شدد أيضا في تصريحاته على أن: “مشكلتنا مع التيار المعادي للإسلام في الغرب أنه هو الذي يبدأ بعداوتنا.. نحن أمة مسالمة، ولكن هذا التيار هو الذي يناوشنا باستمرار؛ لأنه في موقف القوة ونحن في موقع الضعف”.   وبين أن هذا التيار “هو الذي بدأ بالإساءة إلينا بإعادة نشر الرسوم المسيئة إلى محمد صلى الله عليه وسلم. بعد أن نسينا هذا الأمر وكنا نحاول أن نبدأ صفحة جديدة، فنحن مشغولون بإصلاح أنفسنا وبهداية العالم من حولنا وما كنا نحب أن نشغل أنفسنا بهذا الأمر الجديد”. وأضاف: “من سالمنا سالمناه ومن مد يده إلينا ذراعا مددنا أيدينا إليه باعا، لأننا لسنا هواة صدام ولا صراع فنحن أمة سلام والسلام اسم من أسماء الله تبارك وتعالى”.   كتاب محبة   ثم تطرق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لتفنيد مضمون فيلم فيلدرز فعدد آيات القرآن التي تدعو للمحبة والعفو والصفح والتعايش بين الناس كإخوة مهما اختلفت أجناسهم ودياناتهم ومنها قوله تعالى: {يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. وأفاض في بيان موقف القرآن من محاربة الكراهية والعداوة، مشيرا إلى أن “الله عز وجل عندما حرم الخمر لم يعلل تحريمها بأنها تدمر العقل والجسم وإنما لأنها توقع العداوة والبغضاء بين الناس”. وفند القرضاوي مزاعم البرلماني الهولندي بأن أسماء الله الواردة في القرآن تحث على العنف فقال: إن أسماء الله التي وردت في آيات القرآن الكريم تجمع بين الرحمة والمغفرة”، مشيرا إلى أن 113 سورة من بين 114 سورة في القرآن تبدأ بالبسملة “بسم الله الرحمن الرحيم” والفاتحة أول سور القرآن تؤكد آياتها أن الله هو “الرحمن الرحيم” وأن المسلم يقرأ تلك السورة “17” مرة في الصلوات الخمس لتتمكن الرحمة من قلبه ونفسه.   أما اسم الله “الجبار” فأوضح الدكتور القرضاوي أنه لم يرد في القرآن الكريم إلا مرة واحدة في أواخر سورة الحشر ضمن أسماء أخرى، موضحا أن “صفة الله الجبار وردت في القرآن لبيان جبروته سبحانه على البشر المستكبرين والمتجبرين على الناس بغير الحق”.   وقارن بين صفة الله تعالى في القرآن الكريم وصفته في التوراة (العهد القديم في الكتاب المقدس لدى المسيحيين) التي يؤمن بها البرلماني الهولندي فأوضح أن: “صفة الله أرحم الراحمين وردت في القرآن أربع مرات، وصفته خير الراحمين وردت مرتين. لكن صورة الله في التوراة هي أنه منتقم غضوب ينتقم من الآباء في أبنائهم حتى الجيل الثالث والرابع”. كما رفض الشيخ القرضاوي زعم البرلماني الهولندي بأن القرآن يحرض على القتل مبينا أن العكس هو الصحيح؛ “فالقرآن يحرم قتل النفس إلا بالحق وينص على أن من قتل نفس بغير ذنب فكأنما قتل الناس جميعا”. وأكد على أن “الإسلام لا يدعو للقتل، وعندما شرع الجهاد فقد كان دفاعا عن الدين وعن الوطن وعن الأرض والعرض والحرمات”.   أين التحريض على القتل؟!   ونفى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن يكون الإسلام متعطشا لسفك الدماء وقتل الأبرياء، مشيرا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية”. وطالب “النائب الهولندي المتعصب الذي لا يرى الحقيقة أن يدلنا على الآيات التي تحض بالفعل على الكراهية أو تحض على العنف أو القتل”. وذكر الشيخ القرضاوي أن فكرة القتل يرفضها الإسلام حتى بالنسبة للحيوانات، مشيرا إلى رفض النبي طلبا للصحابة بإبادة الكلاب الضالة في المدينة المنورة قائلا لهم: “لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها”. وبين في المقابل أن مبدأ قتل الشعوب وإبادتها فكرة توراتية حيث تدعو التوراة اليهود لقتل ذكور الشعوب التي ينتصرون عليها سواء أكانوا ذكورا أطفالا أو كبارًا. وقال: إن هناك ممن ينتسبون للمسيحية “من طبقوا فكرة إبادة الشعوب التي أمرتهم بها التوراة على سكان أمريكا وأستراليا الأصليين فقد تمت إبادتهم على يد المستعمر الجديد”.   إشادة بحكومة هولندا   من جهة أخرى، عبر د. القرضاوي عن سروره من موقف الحكومة الهولندية “التي أعلنت بصراحة براءتها من النائب (فيلدرز) وإدانتها لما قام به وأسفها لعرض الفيلم الذي لا يحقق سوى الإهانة والإساءة لمشاعر المسلمين، رغم رفض أغلبية المسلمين للعنف ووقوعهم ضحايا للعنف في أكثر من مكان في العالم”. كما رحب بموقف الأقلية المسلمة واتحاد المنظمات الإسلامية في هولندا، “حيث وقفوا موقفاً عقلانياً هادئاً وتبنوا الردود المتزنة على موقف النائب المتعصب”.   تشويه الصورة   وفي الوقت نفسه، أعرب الشيخ القرضاوي عن أسفه “لأن كثيرا من المسلمين يقدمون صورة مشوهة عن الإسلام بسبب سوء فهمهم لما أمر به القرآن الكريم”. ودعا “لفهم أعمق وفقه أشمل لما جاء به الإسلام من رحمة ودعوة للمسالمة والأخوة في الإنسانية بين البشر جميعا”. وتمنى أن “يعرف غير المسلمين حقيقة الإسلام وما يريد لهم من رحمة وخير وسلام”.   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 29 مارس 2008)

ديدات يتصدى لفيلدرز بهولندا!

 
وليد محمود   الرياض- بعد يوم من بث النائب الهولندي اليميني المتطرف “جيرت فيلدرز” فيلم “فتنة” المسيء للإسلام، تنطلق في العاصمة الهولندية أمستردام اليوم الجمعة، حملة إسلامية هولندية سعودية مشتركة تحت شعار “نصرة القرآن الكريم من الانفعال إلى الفعل” لمواجهة الأكاذيب التي وردت في الفيلم. واختار القائمون على الحملة كتب الداعية الجنوب إفريقي الراحل الشيخ أحمد ديدات لتوزيعها ضمن الحملة لمواجهة أكاذيب فيلم “الفتنة” الذي يصف القرآن الكريم بالفاشية. وقال الباحث السعودي في مقارنات الأديان عصام أحمد المدير- الذي يتبنى الحملة-: “هدف الحملة يتركز في الرد على الضجة المفتعلة ضد القرآن الكريم، وذلك من خلال هذه الحملة الهادئة، لتوظيف الحدث بهدوء لصالح التعريف برسالة الإسلام التي تحتاجها البشرية جمعاء”، بحسب جريدة الوطن اليوم الجمعة.   وأضاف: كذلك تفويت الفرصة على مخططات أعداء الدعوة الذين يأملون في استفزاز الأقلية الإسلامية وعموم الأمة صوب أعمال طائشة وعنيفة، كي يتخذوها ذريعة للتضييق عليهم، ولتضيع مكاسبهم التي حققوها كأقلية مسلمة في أوروبا.   وأشاد المدير بموقف الحكومة الهولندية من فيلم “فتنة” مشيرا إلى أنه أفضل من موقف الحكومة الدنماركية، حيث أعلن رئيس الوزراء يان بيتر بالكانيندا رفضه لهذا الفيلم. وضرب النائب الهولندي اليميني المتطرف “جيرت فيلدرز” عرض الحائط بكافة الدعوات التي طالبته بالتراجع عن مخططه لبث فيلم “فتنة” المسيء للإسلام، وبث فيلمه مساء أمس الخميس على موقع حزب “من أجل الحرية” الذي يتزعمه.   المسيح في الإسلام   وسيتم من خلال الحملة، توزيع 50 ألف نسخة مجانا من كتاب الشيخ أحمد ديدات “المسيح عليه السلام في الإسلام والقرآن” الذي قامت دار”البينة” للنشر والتوزيع والبرمجيات لصاحبها عصام المدير بطباعة ترجمتها مجانا باللغة الهولندية. وسيوزع الكتاب من خلال المساجد ومراكز تجمعات الهولنديين، وذلك بمعاونة عمدة أمستردام يوب كوهين، والذي رحب بالمبادرة، وأكد على دعمه ومساندته لها من أجل مجتمع التعايش السلمي بين كافة الأديان بهولندا. كما سيتم خلال الحملة أيضا توزيع أعداد أخرى مترجمة من كتب الشيخ أحمد ديدات، قام بترجمتها الهولندي المسلم الداعية عبد الجبار فاندي فين الذي اعتنق الإسلام منذ 16 عاما.   لماذا ديدات؟   وحول سبب اختيار كتب الشيخ ديدات لترجمتها للهولندية وتوزيعها لمواجهة أكاذيب فيلم “الفتنة” الذي يصف القرآن الكريم بالفاشية، قال المدير: “الشيخ ديدات معروف، وله رحلة طويلة وصولات وجولات في الدفاع عن الدعوة والإسلام، والتصدي لخصوم الإسلام بالحجة والبرهان، وسلاح المناظرة”.   وأضاف: كما أنه ترك مكتبة ثرية من مؤلفاته التي أفادت العالم الإسلامي، وأنارت الطريق أيضا أمام الراغبين في التعرف على الإسلام، وهناك الآلاف الذين دخلوا الإسلام بسبب مؤلفاته ومحاضراته.   وأوضح الباحث السعودي أن الهدف من توزيع كتاب “المسيح في الإسلام والقرآن” إنما هو التأكيد على أن الإسلام هو العقيدة الوحيدة خارج المسيحية التي تلتزم باحترام المسيح.   وأشار إلى أنه بصدد طباعة ترجمات أخرى لكتب الشيخ ديدات وتوزيع أعداد منها مجانا في هولندا، وعلى رأسها ” محمد صلى الله عليه وسلم.. الخلفية الطبيعية للمسيح عليه السلام”، و”الإله الذي لم يكن” ردا على تأليه الكنيسة للمسيح، وكتاب “هل الكتاب المقدس كلام الله” ردا على حركات التنصير ودعايته.   ويتبنى الحملة الباحث السعودي المدير والذي يعتبر أحد تلاميذ الراحل الشيخ ديدات، وذلك بمساعدة عدد من المنظمات والمؤسسات الإسلامية بهولندا، منها: المركز الثقافي الإسلامي، والمركز الإسلامي الدولي الهولندي للدعوة، ومؤسسة “مسجد التوحيد” بالعاصمة أمستردام، وذلك برعاية منظمة أصدقاء “بيت ديدات للدعوة” ومقرها جنوب إفريقيا، والتي يمثلها الداعية يوسف ديدات.   “فتنة” فيلدرز   واستهل فيلم “فتنة” مشاهده واختتمها بالرسم الكاريكاتيري المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم الذي نشرته صحف دنماركية عام 2005، ويصور ما يُتخيل أنه الرسول مرتديا عمامة عبارة عن قنبلة. ويعرض الفيلم لعدد من آيات القرآن الكريم ويربطها ببعض العمليات الإرهابية التي حدثت مؤخرا مثل أحداث 11 سبتمبر وتفجيرات مدريد ولندن. وعرض مقتطفات لخطب ألقاها أئمة يتهمون في الغرب بالتشدد، مثل أبو حمزة المصري المعتقل حاليا في بريطانيا.   ويزعم الفيلم الذي استغرق عرضه 15 دقيقة أن القرآن الكريم يحض على قتل اليهود دون أسباب، وعرض الفيلم لقطات لعملية استشهادية قامت بها سيدة فلسطينية في إسرائيل، وانتقد ما وصفه بمحاولة “أسلمة هولندا وأوروبا”، واعتبر الفيلم أن القرآن الكريم هو عبارة عن “رخصة للقتل”. ويدافع الفيلم عن الزنا والشذوذ الجنسي ويرى أن تحريم الإسلام لهذه الأمور أمر يتنافى مع الحريات، على حد زعمه. واختتم الفيلم بعرض مشهد لنزع إحدى صفحات القرآن ودعا المسلمين إلى نزع ما وصفه بالآيات التي “تحض على الكراهية”. ودعا إلى هزيمة ما وصفها بـ”الفاشية الإسلامية” مثلما ألحقت الهزيمة بالنازية الألمانية، على حد تعبيره. ورفضت محطات تلفزيونية هولندية إذاعة الفيلم كما نأت الحكومة الهولندية بنفسها عن آراء فيلدرز؛ خشية أن يثير الفيلم احتجاجات من جانب المسلمين كتلك التي أثارها نشر الرسوم المسيئة في صحف دنماركية عام 2006.   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 28 مارس 2008)
 


لجنة التحقيق الدولية تكشف: «شبكة إجرامية» متورطة في عمليات سابقة اغتالت الحريري

 
كشف التقرير الأخير للجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005 أن عملية الاغتيال نفذها أفراد «شبكة إجرامية»، دون تسميتهم. وأضاف التقرير الذي رفع إلى مجلس الأمن الدولي ونشر أمس الجمعة «بإمكان اللجنة الآن أن تؤكد، استنادا إلى أدلة تملكها، أن شبكة من الأفراد تحركت بالتنسيق لارتكاب عملية اغتيال رفيق الحريري، وأن هذه الشبكة، أو بعض أفرادها، مرتبطون باعتداءات أخرى» نفذت في لبنان منذ عام 2004. وأشار التقرير إلى تعاون سوريا في ثماني نقاط تناولها التحقيق. وهذا التقرير هو العاشر الصادر عن لجنة التحقيق الدولية، لكنه الأول الذي يصاغ منذ تولي رئيس اللجنة الجديد الكندي دانيال بيلمار مهامه. ولا تزال الأمم المتحدة تحقق في اغتيال الحريري و22 آخرين في حادث تفجير سيارة ملغومة في بيروت يوم الـ 14 من فبراير 2005. ورغم أن السلطات اللبنانية تحتجز ثمانية أشخاص فيما يتعلق بالتفجير، فإن فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لم يشر بالاسم حتى الآن إلى أي مشتبه به. من جانب آخر، أكد مسؤولو الأمم المتحدة أن المنظمة الدولية لديها الآن ما يكفي من أموال رهن تصرفها أو تلقت تعهدات بشأنها لتغطية نفقات العام الأول من محكمة خاصة ستنظر في الجريمة. ويساهم توفير التمويل في تعجيل موعد بدء المحكمة المثيرة للجدل التي وافق عليها مجلس الأمن العام الماضي، لكن المسؤولين لم يحددوا موعدا للمحاكمة. وقال نيكولاس مايكل المستشار القانوني للأمم المتحدة في مؤتمر صحفي «إنه حتى الخميس تسلمت الأمم المتحدة 60.3 مليون دولار، منها 34.4 مليون دولار نقدا و25.9 مليون تعهدات من الدول المانحة». وهذا يزيد عن المبلغ المطلوب وهو 50 مليون دولار لتغطية تكاليف إنشاء المحكمة ونفقات عامها الأول، وسيكون مقر المحكمة بالقرب من لاهاي في هولندا. وقال مايكل الذي أطلع مجلس الأمن في وقت سابق عن الاستعدادات الجارية لإنشاء المحكمة «إن زيادة في الأموال المتاحة في الآونة الأخيرة كانت بسبب مساهمات كبيرة جدًّا من دول بالشرق الأوسط». ورفض ذكر تفاصيل عن مساهمات الدول، لكنه قال «إن كل عضو من أعضاء لجنة إدارة المحكمة -وهم لبنان وفرنسا وألمانيا وهولندا وبريطانيا والولايات المتحدة- ساهم بأكثر من مليون دولار. وأعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي أنها ستزيد تعهداتها إلى المثلين لتصل إلى 14 مليون دولار بعد أن كانت سبعة ملايين دولار. وقال مايكل «إنه جرى بالفعل اختيار القضاة للمحكمة، إلا أنه ولأسباب أمنية لن يتم الإعلان عن أسمائهم لحين انعقاد أول اجتماع لهم». وقال السفير الأميركي زلماي خليل زاد «إن بلاده ترحب بالتقدم الذي تحقق حتى الآن بشأن المحكمة، فيما أكد السفير الروسي فيتالي تشوركين للصحفيين أن موسكو ستدعم المحاكمة «بكل طريقة ممكنة».   (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 29 مارس 2008)


جدل في فرنسا بشأن إقالة حاكم إداري انتقد إسرائيل

   

 
عبد الله بن علي- باريس   شجبت منظمات مدنية فرنسية قرار وزيرة الداخلية ميشيل إليو ماري إقالة برونو غيغ الحاكم الإداري لبلدية سانت غرب فرنسا، بسبب انتقاده سياسة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.   وقالت جمعية “الحركة ضد العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب” في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه إن هذا القرار الذي لا سابق له في التاريخ الفرنسي، يمثل “مناورة تخويف حقيقية” لكل مناهضي الاحتلال الإسرائيلي في فرنسا.   وأضافت أنه يشكل “دليلا على تحول عميق ومقلق للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط” مناشدة الوزيرة بالتراجع عن قرارها وإعادة غيغ الذي وصفته الوثيقة بأنه “رجل مبادئ شجاع تجرأ على الإفصاح عن حقائق مزعجة” إلى وظيفته.   فضيحة حقيقية   ومن جانبه اعتبر الأب ميشال لولونغ، المسؤول السابق في الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية عن الحوار مع العالم الاسلامي، أن معاقبة غيغ على آرائه “فضيحة حقيقية”.   وقال للجزيرة نت “أنا أؤيد مائة بالمائة ما كتبه برونو غيغ حول اضطهاد إسرائيل للفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين،لأنه ببساطة حقيقة لا غبار عليها”.   وأضاف القس، الذي ألف عدة كتب حول العلاقات بين الإسلام والمسيحية “لن نسكت على هذا القرار وسنعبر عن اعتراضنا الشديد عليه للوزيرة”.   وكانت وزارة الداخلية أعلنت قرار إقالة غيغ السبت الماضي إثر نشره قبل ذلك بعشرة أيام على موقع “أمة” الذي يديره شبان مسلمون فرنسيون، مقالا بعنوان “عندما يتحامل اللوبي الموالي لإسرائيل على الأمم المتحدة”.   وفي مقاله، رد غيغ الذي زار فلسطين عام 2002 وألف كتابين عن الصراع العربي الإسرائيلي على انتقادات حادة وجهها مثقفون فرنسيون معروفون بمناصرتهم لإسرائيل، لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي أدان انتهاكات إسرائيل لحقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.   حرية التعبير   وفي لقاء مع الجزيرة نت قال غيغ “إن الأهم في هذه القضية ليس مصيري الشخصي، وإنما مصير إحدي مرتكزات الجمهورية الفرنسية، أي حرية التعبير، هذا المبدأ الأساسي في ديمقراطيتنا يعطل كلما تعلق الأمر بنقد سياسة إسرائيل”.   وأضاف غيغ “الذين يهاجمونني الآن يركزون على ما ورد في المقال، من أن إسرائيل هي البلد الوحيد الذي يقتل قناصته البنات الخارجات من المدارس، ويتوقف فيه التعذيب يوم العطلة الدينية اليهودية أي السبت، وهي مجرد وقائع نقلتها الصحافة الدولية وشجبتها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان”.   واجب التحفظ   بيد أن جيرار غاشي الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، صرح للجزيرة نت بأن “عزل غيغ ناتج عن عدم احترامه لواجب التحفظ الذي تمليه عليه وظيفته الإدراية، وليس عن أي اعتبار آخر وإن كانت انتقاداته لإسرائيل قاسية جدا”.   وأوضح غاشى أنه “ليس من حق الحكام الإداريين في فرنسا إطلاق آراء سياسية وأن من واجبهم الالتزام بالتجرد والحياد”.   إلا أن ميشيل سيبوني، رئيسة جمعية الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام، نددت في حديثها للجزيرة نت بالقرار، معتبرة أنه “استثنائي بدليل عدم تطبيقه على شخصيات عمومية معروفة وصفت الفلسطينيين بأنهم إرهابيون والإسلام بأنه دين عنف”.   واستطردت قائلة “الحقيقة أنه توجد في فرنسا نخبة حاكمة ومتحكمة تريد فرض رؤية معينة للنزاع في الشرق الأوسط، تتحاشى أي ذكر للحقيقة التالية، وجود دولة محتلة وشعب يعاني من الاحتلال”.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 مارس 2008)

 

 

 

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

25 mai 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1466 du 25.05.2004  archives : www.tunisnews.net محمد بوسنـيـنة: بيان إلى الرأي العام الإعلامي -رد

En savoir plus +

28 décembre 2003

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1317 du 28.12.2003  archives : www.tunisnews.net الحزب الديمقراطي التقدمي يندد باعتقال الرئيس العراقي

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.