السبت، 14 مايو 2011

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNWS 11ème année, N°4008 du 14.05.2011  

archives : www.tunisnews.net


الجزيرة.نت:تخفيف حظر التجول في تونس

كلمة:التلفزة الوطنية تبث اعترافات لمعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة

كلمة:فرع تونس للعفو الدولية يقدم التقرير السنوي للمنظمة

الصباح:وزارة الدفاع ترد على جمعية القضاة:حصانة القضاة ليست مطلقة والمجلس الأعلى للقضاء مدعو للقيام بدوره

الصباح:«الداخلية».. «الدفاع».. الأولياء.. النقابات والمربون..جبهة لانجاح امتحان الباكالوريا

يو بي أي:أكثر من 200 مسلح من القوات الموالية للقذافي يتوغلون داخل الأراضي التونسية

الجزيرة.نت:الكتائب تتوغل بتونس لتلتف على الثوار

حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي:بـــيــــــــان

القدس:الحكومة الإنتقالية في تونس تجتاز امتحانا صعبا وتُثبت انتخابات « التأسيسي » في الموعد المقرر

مصطفى بن جعفر لـ «الصباح»:خيرت الانسحاب من حكومة الغنوشي.. على خيانة الثورة

خاص ـ القاضي المعز بن فرج في حديث لـ«الصباح»:لا بد من استقلال القضاء دستوريا.. وتأمين مساواته مع السلطتين التشريعية والتنفيذية

منتدى الحوار الحرّ:دعـــــوة

استقلالية القضاء مطلوبة..لكن كيف نبني أولا «عدالة انتقالية»؟

الحبيب ستهم:دفاعا عن أحمد نجيب الشابي وليس عن النهضة

كمال بن يونس:الإعلام التونسي بعد 4 أشهر عن ثورة 14 جانفي

محمد نجيب وهيبي:اليسار التونسي وعملية البناء الديمقراطي

مصطفى عبدالله ونيسي:سعيد النورسي و البعد السلمي لمشروعه الإصلاحي.

ابراهيم بالكيلاني:الدورة الخامسة للمؤتمر الدولي للقضايا الاسلامية المعاصرة

عبد الباري عطوان:خلجنة الاردن.. وشرقنة المغرب

هيثم مناع:وبدأ الأسبوع الثالث لحصار درعا

ياسر الزعاترة:النظام السوري و »عسكرة » الانتفاضة الشعبية


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

تابعوا جديد أخبار تونسنيوز على الفايس بوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141



أعلنت وزارتا الدفاع والداخلية التونسيتان تخفيف حظر التجول المفروض على العاصمة التونسية وضواحيها منذ السابع من الشهر الجاري بعد أيام من الاضطرابات، اعتبارا من اليوم السبت. وبررت السلطات ذلك بتحسن الأوضاع الأمنية.

وقررت الوزارتان في بيان مشترك نقلته وكالة تونس أفريقيا للأنباء الحكومية تخفيض مدة منع التجول ليصبح من الساعة الثانية عشرة ليلا إلى الساعة الرابعة صباحا، وذلك بداية من اليوم السبت. ودعت الوزارتان « كافة المواطنين إلى عدم الانسياق وراء دعوات التحريض على العنف وبث الفوضى والمحافظة على ما تم تحقيقه من عودة للأمن والسلم الاجتماعي ».
وكانت السلطات التونسية قد فرضت يوم السابع من الشهر الجاري نظام حظر التجول في إقليم تونس الكبرى اعتبارا من الساعة التاسعة مساء، وذلك على خلفية احتجاجات واضطرابات قمعتها السلطات الأمنية بشدة. وشمل حظر التجول إقليم تونس الكبرى الذي يتألف من أربع محافظات هي تونس العاصمة، وأريانة، وبن عروس، ومنوبة.
وجاءت تلك الاضطرابات والمظاهرات على خلفية تصريحات لوزير الداخلية السابق فرحات الراجحي اتهم فيها رئيس الحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي بالكذب وبأن ثمة حكومة ظل تدير دواليب الدولة، كما اتهم الجيش التونسي بالتحضير لانقلاب. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 14 ماي 2010)

<



بثتاعترافات من معتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة، وقد تحدث المعتقلون في اعترافاتهم المذكورة أنهم تلقوا أموالا من أطراف سياسية حرضتهم على بث الفوضى. وقد تمكنت قناة الجزيرة الفضائية من الوصول إلى الشاب « أسامة عاشور » أحد المعتقلين الذي اعترفوا في محاضر البحث بأن السيد حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي، والسيدة سهام بن سدرين الناطقة باسم المجلس الوطني للحريات قد دفعا له أموالا لتحريضه على العنف، وفي تصريحه للجزيرة قال بأنه لا يعرف حمة الهمامي ولا سهام بن سدرين وقد وقّع محضر البحث بعد تعذيبه.
 

(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ، بتاريخ 14 ماي 2010)

<



عقد فرع تونس لمنظمة العفو الدولية يوم أمس الجمعة ندوة صحفية بالعاصمة قدم خلالها التقرير السنوي للمنظمة، الذي أقرّ باتساع المطالبة بالحرية والديمقراطية في عدة دول في شمال إفريقيا والشرق الأوسط خاصة بعد الإطاحة بنظامين مستبدين في المنطقة، مسجلا تنامى الدور الذي تقوم به الشبكات من جهته أشار الحبيب مرسيت رئيس الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية خلال اللقاء أن التقرير كشف انتهاكات عديدة شملت الحق في حرية التعبير. ويهتم التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية أمنستي بتوثيق جرائم التعذيب والإعتداء على حرية التعبير والحريات العامة والخاصة في كافة بلدان العالم. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ، بتاريخ 14 ماي 2010)

<


وزارة الدفاع ترد على جمعية القضاة حصانة القضاة ليست مطلقة والمجلس الأعلى للقضاء مدعو للقيام بدوره


اتصلنا من وزارة الدفاع الوطني بالبلاغ التالي: «إن وزارة الدفاع الوطني بعد وقوفها على ردود الفعل المختلفة حول تصريحات السيد فرحات الراجحي التي تضمنت اتهامات خطيرة للجيش الوطني وقياداته. تأسف بالخصوص لما تضمنه البيان الصادر بتاريخ 9 ماي 2011 عن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين من تحذير من تتبع المعني بالامر من اجل مسائل خلافية تتصل بحرية التعبير والدعوة الى ايقاف اجراءات رفع الحصانة القضائية عنه والتراجع عن التتبعات الجزائية ضده للحيلولة دون تدهور الوضع القضائي والاوضاع العامة بالبلاد. وان وزارة الدفاع الوطني، إذ تستنكر هذا الموقف الصادر عن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة الذين ينتمون الى جهاز قضائي من سماته النزاهة والحياد وأمنه الشعب على حماية الحقوق والحريات ونشر العدالة والانصاف وتطبيق القوانين التي على أساسها يبنى المجتمع وتقوم العلاقة بين أفراده، فانها تذكر بأن لا جدوى من القوانين ونصوصها اذا لا تتم ملاحقة المخطئين ومساءلتهم، وتضيف بأن لا أحد يعلو على القانون، فدولة القانون هي التي يخضع جميع افرادها ودون أي استثناء لحكم القانون وارادته بما فيهم اعضاء السلط القضائية. هذا وان الحصانة القضائية التي يتمتع بها القضاة ليست مطلقة ولا يمكن ان تتخذ ذريعة لعدم المساءلة القانونية، وانما وضعت هذه الآلية لضمان استقلالية القضاة ودفعهم على الالتزام بمبادئ الحياد والنزاهة اثناء ممارستهم لمهامهم القضائية وليس لايجاد حماية مطلقة للقاضي حتى يستبيح اعراض الناس ويمس من اعتبارهم ويرتكب كيفما شاء من الجرائم خارج اطار عمله القضائي ثم يتعلل بالحصانة القضائية. هذا وقد أضحت عديد الأنظمة القانونية المتطورة في الدول الديمقراطية لا تعتمد آلية الحصانة القضائية الا بالنسبة الى الاخطاء التي يرتكبها القضاة اثناء ادائهم لوظائفهم العدلية تكريسا لمبدأ مساواة الجميع امام القانون واحتراما لحق المعتدي عليه بقطع النظر عن صفته ومركزه القانوني. أما بخصوص ما ورد بالنقطة الرابعة من بيان الجمعية من «استغراب من التعجيل بمثل هذه التتبعات المتصلة بحرية التعبير قياسا بالتباطؤ في إجراءات محاسبة مجرمي النظام البائد ورموز الفساد» فان وزارة الدفاع الوطني لا علاقة لها بهذا التأخير في قضايا تعهد بها القضاء العدلي، مع الاشارة الى ان اول ملف أحيل على القضاء العسكري كان منذ يومين أي بتاريخ 11 ماي الجاري. وتذكر وزارة الدفاع الوطني في هذا الاطار ان ما صدر عن السيد فرحات الراجحي من اتهامات خطيرة جدا لقيادة الجيش بالتحضير للانقلاب على النظام الجمهوري وتحول السيد الفريق أول رشيد عمار لقطر لمقابلة الرئيس المخلوع، ليس مجرد رأي وانما هي أفعال جرمها القانون. وان التئام المجلس الاعلى للقضاء في هذا الاطار ـ خاصة بعد تمكينه من ملف القضية المتضمن للحجج والقرائن ـ هو مسألة شكلية لرفع الحصانة القضائية عن السيد فرحات الراجحي وفسح المجال للسلطة القضائية المتعهدة بالموضوع للبحث والتحري فيه بكل حياد واستقلالية، حفاظا على النظام الجمهوري وثورة شباب تونس. وتدعو وزارة الدفاع الوطني المجلس الاعلى للقضاء للقيام بدوره في هذا الاطار خاصة انه يمثل هيئة لازالت قائمة بموجب المرسوم عدد 14 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط المؤرخ في 23 مارس 2011 وان القول بعدم شرعية المجلس يؤول الى التساؤل عن مآل الحصانة التي تتمتع بها السلطة القضائية». (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 ماي 2010)

<



لن تكون دورة باكالوريا 2011 امتحانا لتقييم مردود 126767مترشحا فحسب بل وكذلك اختبارا وطنيا لجموع التونسيين لانجاح هذا الموعد الأبرز في الحصاد التربوي، موعد سنوي يتجدد هذا العام في ظروف أمنية استثنائية تستوجب تجند كافة مكونات المجتمع لمجابهتها وضمان سير اختبارات » الباك » في أفضل الظروف وتوخي ذات اليقظة مع بقية المحطات التقييمية من « سيزيام » ونوفيام « . للغرض وبإشراف من وزارة التربية تم الترتيب الأنجع لانجاح هذه المواعيد وعلى رأسها الباكالوريا من خلال استكمال الاستعدادات التنسيقية اللازمة مع وزارتي الداخلية والدفاع الوطني، كما دعيت المندوبيات الجهوية للتربية إلى تشريك الأولياء والمجتمع المدني في حماية مراكز الاختبارات وذلك تفاعلا مع رغبة هذه الأطراف في الاسهام في هذه العملية وذلك من خلال احداث لجان داخل المؤسسات التربوية تجمع بين الأطراف الاجتماعية والأولياء والمربين. وفي هذا السياق أفاد مصدر مطلع أن الوزارة تشيد بواقف مختلف هذه الأطراف وما أبدته من حرص على الاسهام الفاعل في انجاح هذا الموعد وتنويه بما بذلته صحبة المربين من جهود لاستكمال السنة الدراسية. يذكر أن بعض المؤسسات انطلقت في تكوين هذه اللجان وبادرت بتفعيل دورها التأطيري هذه الأيام التي تشهد تنظيم « الباكالوريا البيضاء ». في مجال آخر ولدعم التأطير داخل مراكز الاختبارات الكتابية للباكالوريا تقرر بالتشاور مع الأطراف الاجتماعية تعيين أستاذين إضافيين بكل مركز امتحان لتعزيز دور المدير ومساعديه. وتم على صعيد آخر تقليص عدد مراكز إيداع الاختبارات إلى أدنى عدد ممكن لتيسير حراستها الأمنية وتفادي تشتت الجهود في هذا الشأن وقد تم الاقتصار على 27 مركزا بدل 123 في دورة 2010 على أن تتكفل المندوبية الجهوية للتربية بمهمة إيصال الاختبارات إلى مراكز الامتحانات التي تبلغ هذا العام 513 مركزا وتتكفل في الآن ذاته بتسلم المواضيع لتوزع على مراكز الإصلاح التي ستكون في حدود 30 مركزا وستخضع مختلف هذه المراحل إلى حراسة مشددة. حتما ستكون باكالوريا 2011مميزة في تجاوزها لبعدها التربوي لتكون خير علامة لدعم مسار ثورة الشعب. منية اليوسفي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 ماي 2010)

<



تونس, تونس, 14 (UPI) — حاولت كتيبة عسكرية تابعة للقوات الموالية للعقيد الليبي معمر القذافي صباح اليوم السبت ،التوغل داخل الأراضي التونسية للقيام بعملية إلتفاف على المعارضة الليبية المسلحة التي تسيطر حاليا على الجانب الليبي من المعبر الحدودي « وازن / الذهيبة ».
وقال خليفة العويدي المقيم في منطقة الذهبية (نحو 850 كيلومترا جنوب تونس العاصمة) في إتصال هاتفي مع يونايتد برس انترناشونال،إن هذه الكتيبة تتألف من 220 ضابطا وجنديا،وقد دخلت بسلاحها التراب التونسي من منطقة « غارة المشنقة » بإتجاه منطقة « عين البقرة » الواقعة على بعد نحو 4 كيلومترات شرق بلدة الذهيبة التونسية.
وأضاف العويدي الذي يعمل كمتطوع في الهلال الأحمر التونسي،أن أفراد هذه الكتيبة العسكرية توغلوا عدة كيلومترات داخل التراب التونسي،بسياراتهم العسكرية وبأسلحتهم الثقيلة،قبل أن تتصدى لهم وحدات من الجيش التونسي مدعومة بطائرات حربية كانت تحلق بكثافة،وردهم على أعقابهم.
وقال المصدر،إن كتيبة القوات الموالية للعقيد القذافي كانت تعتزم مباغتة المعارضة الليبية المسلحة التي تسيطر على الجانب الليبي من معبر « وازن/الذهيبة »،في هجوم ينطلق من الأراضي التونسية بهدف إستعادة السيطرة على هذا المعبر الحيوي.
وأضاف أنه لم يتم تبادل لإطلاق النار بين وحدات الجيش التونسي وقوات القذافي التي يبدو انها « تفهمت موقف الجانب التونسي الذي يرفض بشدة إستخدام الأراضي التونسية لشن هجوم على هذا الطرف أو ذاك ». وتأتي هذه الخطوة قبل نحو أسبوع من تلويح السلطات التونسية باتخاذ إجراءات تضمنها الشرعية الدولية لتأمين حرمة أراضيها من تساقط القذائف والصواريخ الليبية.
وكانت وزارة الخارجية التونسية إستنكرت في السابع من الشهر الجاري ،استمرار تساقط الصواريخ والقذائف الليبية داخل الأراضي التونسية،واعتبرت ذلك « إنتهاكا خطيرا لسلامة السكان والمنشآت في منطقة الذهيبة ،من شأنه أن تكون له أثار سلبية جدا على علاقات حسن الجوار بين البلدين « . (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 14 ماي 2011)

<



أفاد مراسل الجزيرة في تونس نقلا عن شهود عيان بأن تعزيزات عسكرية توجهت من محافظة مدنين باتجاه منطقة الذهيبة الحدودية مع ليبيا، إثر محاولات من الكتائب الأمنية الموالية للعقيد معمر القذافي للالتفاف على الثوار، في حين أبدى حلف شمال الأطلسي (ناتو) أسفه لمقتل أي مدنيين قد يكونون سقطوا جراء ضرباته في ليبيا.
وأكدت مصادر صحفية للجزيرة أن كتيبة موالية للقذافي حاولت التوغل عبر التراب التونسي في منطقة عين البقرة شرقي الذهيبة للالتفاف على الثوار الليبيين الذين يسيطرون على معبر وازن الحيوي.
ونسبت وكالة يونايتد برس إنترناشيونال لشهود عيان القول إن الكتيبة توغلت عدة كيلومترات داخل التراب التونسي بعرباتها العسكرية وبأسلحتها الثقيلة، وذلك قبل أن تتصدى لهم وحدات من الجيش التونسي مدعومة بطائرات حربية كانت تحلق بكثافة، وتردهم على أعقابهم. أسف الناتو

في الأثناء، قال الناتو إن الغارة الجوية التي شنها على مدينة البريقة شرق ليبيا أمس -والتي قالت الحكومة الليبية إنها قتلت 11 مدنيا- استهدفت حصنا للقيادة والتحكم، وأبدى أسفه لمقتل أي مدنيين.
وأضاف الحلف في بيان له أنه رغم عدم استطاعته التأكد بشكل مستقل من صدق الادعاء الليبي، يأسف لمقتل أي مدنيين أبرياء. وكان مصدر عسكري ليبي قال أمس الجمعة إن 16 شخصا قتلوا وأصيب 30 بجروح في الغارة التي نفذها الناتو على بيت للضيافة في البريقة، كان فيه وقت الغارة العشرات من رجال الدين قدموا لحضور احتفال. وعرض التلفزيون الرسمي الليبي الجمعة مشاهد لتسع جثث بها عدة إصابات.
غارات بطرابلس
إلى ذلك قال شهود عيان إن انفجارين قويين هزا منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس الليلة الماضية بعد تحليق طائرات للناتو فوق المدينة.
وقد سمع دوي انفجارات أرضية وشوهدت أعمدة الدخان ترتفع في المنطقة، في اليوم السادس على التوالي الذي تشن فيه طائرات الناتو غاراتها على العاصمة. تسجيل صوتي

وجاءت هذه الغارات بعدما بث التلفزيون الليبي تسجيلا صوتيا للقذافي قال فيه إنه لم يصب في غارات الناتو على باب العزيزية الخميس الماضي، وذلك بعد ساعات من تصريحات لوزير الخارجية الإيطالي بأن القذافي غادر طرابلس على الأرجح، وربما يكون أصيب في ضربات جوية للحلف.
وقال القذافي في رسالته « أقول للجبناء الصليبيين إنني في مكان لا تستطيعون الوصول إليه وقتلي فيه ».
مشارف زليتن
من جهة أخرى أفاد مراسل الجزيرة بأن الثوار وصلوا إلى مشارف مدينة زليتن الواقعة غرب مصراتة على الطريق نحو طرابلس، بعد قصف مكثف لطائرات الناتو على مواقع يفترض أنها تابعة لكتائب معمر القذافي في بوابة الدفينة، مما أدى إلى انفجارات في مخازن للذخيرة هناك.
وأكد الثوار أنهم حققوا تقدما غرب مدينة مصراتة الإستراتيجية التي يسيطرون عليها، وأصبحوا على مشارف زليتن التي تبعد 40 كلم عن مصراتة.
ومن جهة أخرى تعاني مدينة الزنتان في غرب ليبيا من الحصار الخانق الذي تفرضه الكتائب الأمنية عليها وعلى بقية مدن الجبل الغربي.
وقد أدى هذا الوضع إلى ندرة الإمدادات الغذائية والطبية مما انعكس على حياة الناس هناك، ومع ذلك فقد رفض معظم أهالي الزنتان النزوح عن مدينتهم.  (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 14 ماي 2010)

<


بـــيــــــــان

اجتمع المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي المنبثق عن المؤتمر الخامس وتدارس الوضع العام بالبلاد و الانتخابات المقبلة للمجلس الوطني التأسيسي واصدر البيان التالي: 1. أمام حالة الفراغ الدستوري التي تعيشها تونس والتي نتج عنها غياب الشرعية والمشروعية عن كل المؤسسات القائمة ،خاصة منها التنفيذية مما أدى بالبلاد إلى حالة إرباك سياسي وانفلات امني فان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يدعو رئيس الجمهورية المؤقت إلى التمسك بيوم 24 جويلية 2011 تاريخا ثابتا لإجراء الانتخابات من أجل وضع حد لحالة الانفلات الناتجة عن غياب الشرعية والانتقال إلى مرحلة تحصن مستقبل البلاد السياسي والتنموي. 2. يدعو الاتحاد الديمقراطي الوحدوي إلى الإسراع باستكمال إجراءات الانتخابات وتحديد هياكلها المستقلة عن الأحزاب السياسية. 3. يدعو الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الحكومة المؤقتة إلى التعامل الشفاف والواضح مع جميع الأحزاب السياسية على قدم المساواة والتخلي عن أسلوب محاباة الأحزاب الموالية لها ولنهجها الاقصائي للأطراف المعارضة لسياساتها. 4. يدعو حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الحكومة المؤقتة إلى ضرورة الحفاظ على مؤسسات ومنشآت الدولة وإيقاف كل المحاولات الخفية للتفويت فيها للأجانب أو تسييرها من طرفهم وخاصة ما يروج داخل وزارة النقل بخصوص الشركة التونسية للملاحة ويجدد الوحدوي موقفه المبدئي بعدم الخوصصة والتفويت في المؤسسات والأملاك العمومية لأي طرف كان. 5. يؤكد حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي في الذكرى الثالثة والستين لاغتصاب العصابات الصهيونية لفلسطين على موقفه الثابت المنتصر لخط المقاومة والممانعة العربية من أجل استرجاع كل فلسطين وعودة اللاجئين ويدعو الشعب التونسي أن يثبّت مناصرة فلسطين وتحريرها من الاغتصاب الصهيوني هدفا من أهداف ثورته المجيدة ثورة الحرية والكرامة الوطنية والقومية. 6. يدعو حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي دول اتحاد المغرب العربي ودول روسيا والصين أمريكا اللاتينية والاتحاد الإفريقي إلى التدخل سياسيا بإطلاق مبادرة موحدة لإيقاف الاقتتال المسلح في ليبيا وإيقاف العدوان الغربي الذي يمارس يوميا عليها والانحراف بقرارات الأمم المتحدة عن مسارها وأهدافها وذلك لحقن دماء الشعب الليبي وضمان وحدة ليبيا. الأمين العام احمد الاينوبلي

<

 


تونس – من رشيد خشانة – اجتازت الحكومة الإنتقالية في تونس بصعوبات جمة، أخطر اختبار مرت فيه منذ تسلم رئاستها الباجي قائد السبسي في أواخر شباط (فبراير) الماضي، بعد تثبيت ميعاد انتخابات المجلس التأسيسي المقررة للرابع والعشرين من تموز (يوليو) المقبل. وكانت جماعات سياسية صغيرة أثارت أعمال عنف في العاصمة تونس وبعض المدن الداخلية الأسبوع الماضي من أجل حمل الحكومة على إرجاء الإنتخابات على ما قال محللون قريبون من الأحزاب الكبيرة التي اجتمعت مع رئيس الحكومة الإنتقالية. ولوحظ أن الهدوء عاد إلى العاصمة بعد سلسلة من أعمال العنف التي استهدفت قوات الأمن ومحلات تجارية، وسط استمرار فرض حظر التجوال من التاسعة ليلا إلى الخامسة فجرا.
وأكد مصدر مطلع لـ أن اللقاءات التي جمعت قائد السبسي وقيادات الأحزاب الرئيسية أمس وأول من أمس أسفرت عن الإتفاق على إجراء الإنتخابات في الميقات المقرر، ودعم الخطوات التحضيرية التي تمت حتى الآن وفي مقدمها انتخاب أعضاء اللجنة المستقلة التي عُهد لها بالإشراف على تنظيم الإنتخابات. وكان رئيس جمعية القضاة أحمد الرحموني أعلن في موقف غير متوقع انسحاب الجمعية من اللجنة المستقلة حيث أسندت لها ثلاثة مقاعد، إلا أن مراقبين توقعوا تسمية ثلاثة قضاة من خارج الجمعية في المقاعد الثلاثة.
وتعكرت العلاقات بين جمعية القضاة والحكومة الإنتقالية في أعقاب الإعلان عن قرب عزل القاضي السابق فرحات الراجحي من رئاسة الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بسبب تصريحات اتهم فيها قائد الجيش بالتحضير لانقلاب عسكري. وأكد رئيس جمعية القضاة تضامنه مع زميله الراجحي الذي سبق أن شغل منصب وزير الداخلية، ورفض رفع الحصانة عنه تمهيدا لمقاضاته من أجل إهانة الجيش وقذف قيادته.
وزير مثير للجدل

وكان الراجحي اتهم في شريط تم تداوله على شبكة « فايس بوك » الباجي قائد السبسي بالتخطيط لتسليم الحكم للعسكر بعد انتخابات المجلس التأسيسي بالتنسيق مع الجزائر، وهو ما نفاه رئيس الحكومة الإنتقالية في شدة، مؤكدا أنه وطاقمه الموقت سيغادر الحكم بعد الإنتخابات مباشرة. ومازال موقف الراجحي غامضا، خصوصا أنه تراجع علنا في شريط مصور ثان عن جميع تصريحاته السابقة، ما جعله محل تساؤلات مختلفة في الأوساط السياسية.
وكان حصد شعبية كبيرة في أعقاب اتخاذه قرار حل حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي « التجمع الدستوري الديموقراطي »، غير أنه ما لبث أن بدد رصيده بعد خروجه من الحكومة. وذكر مسؤولون سياسيون أن الأحزاب التي طالبت بإرجاء الإنتخابات هي التي استثمرت شعبية الراجحي لمحاولة زعزعة الحكومة الإنتقالية وحملها على التراجع عن الميقات المقرر للإنتخابات كونها ستكشف حجمها الصغير. وكانت أحزاب أقصى اليسار احتجت على تحديد موعد اعتبرته قريبا جدا لإجراء انتخابات المجلس التأسيسي، إلا أن قائد السبسي أكد أن حكومته راغبة بوضع حد لحال اللاشرعية عن طريق انتخابات تُفرز مجلسا منتخبا في أقرب وقت ممكن. وأكد قادة الأحزاب الرئيسية، وهي الديموقراطي التقدمي والنهضة والتجديد والتكتل الديموقراطي، وكذلك قيادة اتحاد النقابات تمسكها بالتاريخ المقرر للإنتخابات، في أعقاب لقاءات منفصلة أجرتها مع قائد السبسي.
تدفق اللاجئين الليبيين
وإلى جانب استمرار بعض أعمال العنف والنهب في بعض المناطق الداخلية، مازال سكان العاصمة تونس يشتكون من نظام حظر التجوال الذي شل نشاطاتهم الليلية وضيق على حركة التجارة، لكنهم باتوا يُعطون الأولوية لاستتباب الأمن على أي اعتبار آخر، مثلما أكدت ذلك تصريحات مواطنين استفتتهم الإذاعات المحلية. كما أن توتر الأوضاع في الجنوب حيث يتدفق آلاف اللاجئين الليبيين على المدن والقرى الحدودية من دون انقطاع، يشكل مصدر قلق أساسي لحكومة قائد السبسي التي تتفادى الدخول في مواجهة عسكرية مع « كتائب القذافي ». وتردد في تونس أن الكتائب تسعى لجر تونس إلى احتكاكات عقابا لها على الإستقبال الذي تمنحه للاجئين. ويتمنى العقيد القذافي ألا تُغادر الأسر الليبية بيوتها في المدن الغربية، التي تشهد قتالا ضاريا بين كتائبه والثوار، كي تبقى دروعا تحول دون قصف الثوار لمواقع القوات النظامية.  
وتسبب تدفق اللاجئين في متاعب تموينية كبيرة للحكومة التونسية، بالإضافة للضغوط المسلطة عليها من جماعات تونسية صغيرة تسعى لحملها على الدخول في الحرب أو إفساح المجال أمام استخدام الأراضي التونسية لهجوم بري بقيادة « ناتو ».
غير أن قائد السبسي أوضح في تصريحات أدلى بها لقنوات تليفزيونية محلية أنه يرفض الدخول في مجابهة عسكرية مع ليبيا، ويعارض منح تسهيلات لإجراء إنزال بري في اتجاه الأراضي الليبية. ويُعتقد أن الأوضاع المتوترة على الحدود التونسية الليبية ستبقى مصدر قلاقل للتونسيين، إلا أنها لن تُؤثر على الأرجح في تعطيل مسار التقدم نحو إجراء الإنتخابات في الميقات المقرر لها. (المصدر: « القدس » (يومية تصدر في القدس المحتلة) بتاريخ 14 ماي 2011)

<


مصطفى بن جعفر لـ «الصباح» خيرت الانسحاب من حكومة الغنوشي.. على خيانة الثورة


حمل السيد مصطفى بن جعفر الامين العام لحزب التكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات حكومتي الغنوشي مسؤولية الجزء الاكبر من عدم الاستقرار الذي تعيشه تونس واعتبر أن المشهد السياسي في البلاد بعد أربعة اشهر على الثورة لا يبعث على الانشغال مضيفا أنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه فان أهداف الثورة ستكون مهددة بالانحراف… وحذر بن جعفر في حديث خص به « الصباح » من عدم ضبط شروط الترخيص للاحزاب السياسية واعتبر أن البهرج والبذخ الذي تعيشه بعض الاحزاب لا يمكن أن يكون المقياس في تحديد خيار المواطن.وشدد بن جعفر على ان تونس لا تزال في حالة ثورة وأن التغيير الصحيح له ثمنه. وخلص الامين العام لحزب التكتل الديموقراطي أنه كان على اعضاء التجمع ان يريحوا ويستريحوا في هذه المرحلة، وفيما يتعلق بالقنبلة التي فجرها وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي أشار بن جعفر الى أنها القت الاضواء على موضوع القوى الرجعية المغيب،وأعرب عن أمله في أن تكون حركة النهضة استوعبت الدرس من التجارب السابقة وفيما يلي نص الحديث. حوار آسيا العتروس أربعة أشهر تمر اليوم على ثورة الرابع عشر من جانفي كيف يمكن تقييم المشهد السياسي والى أين تسير تونس؟ هناك عناصر مقلقة تبعث على الانشغال تتعلق بالامن والاستقرار وبدونها لا يمكن للمواطن أن يطمئن على مصالحه والدورة الاقتصادية مهددة بالتعطل واذا استمرالوضع على حاله فان تحقيق أهداف الثورة سيبقي حوله الكثير من التساؤلات وسيكون المسار مهددا بالانحراف،ثانيا لا بد أن نشير الى أن هناك ايجابيات فالحكومة الانتقالية تحاول رغم بعض البطء على القطع مع مع العهد البائد ولكن في نفس الوقت قبلت التعامل مع هيئة تمثل شرائح واسعة من قوى المجتمع وممثلين عن الجهات والنقابات وغيرها وقبلت بالتالي مبدأ المرحلة الانتقالية التاريخية التي لا يمكن تسييرها بشكل انفرادي وهذا في اعتقادي كان عائقا قائما في حكومتي الغنوشي وأدى الى اهدار وقت ثمين. ومن جانبي أحمل حكومتي الغنوشي الجزء الاكبر من عدم الاستقرار الذي تفشى في تونس والمسائل على بداياتها حيث لم يتم القطع الواضح مع منظومة الاستبداد ولو تم ذلك لاتجه كل الى القيام بواجبه. لم نستطع تجاوز الدرج الاول من السلم فكان ما كان، الان هناك مساع لاسترجاع التوازن وهذا له ثمنه أيضا مع مسلسل « dégage » والمطالب المشطة واعتصامات بلا تأطير. هناك ظاهرة تمثلت في تعدد الاحزاب والامر ربما لا يقلق من حيث التعبير عن الرؤى السياسية المتنوعة ولكنه سيصعب المهمة على المواطن يوم الانتخاب وسيضعه أمام معادلة صعبة. وفي اعتقادي لو ضبطت قواعد واضحة وشروط معقولة لتأسيس الاحزاب لما عشنا هذا التشتت والسبب فيما نشهده عدم ربط الحكومة الاولى مع القوى السياسية القائمة والمسؤولية الان على عاتق باعثي هذه الاحزاب. المهم الان أن المواطن لا حول له ولا قوة أمام هذه الطفرة واذا لم يكن لديه فكرة عن الاحزاب القائمة قبل 14 جانفي بسبب التعتيم والمحاصرة فانه سيكون أمام صعوبة اضافية امام الاحزاب الجديدة في مواجهة البهرج او قوة المال المتأتي من مصادر قد تكون غير معلومة والمقاييس التي تسمح للمواطن بالتمييز بين الاحزاب غير متوفرة اذا ما أضيفت لها قلة التجربة وضيق الوقت. بين 24 جويلية..والتأجيل وماذا عن موعد 24 جويلية وما يتردد بشأن تأجيل الموعد الانتخابي المرتقب؟ اللعبة صعبة فنحن نمر بمرحلة صعبة وكل التجارب التي سبقتنا في التجربة الانتقالية للديموقراطية تؤكد أنها مرت بصعوبات والمشكلة هي الانفلات الامني والانزلاق والتجاوزات والمهم أن نمر الان من الوقتي الى الشرعي وأن نخرج من الوضعية الانتقالية في أقرب وقت ممكن. قلت من قبل ليس هناك موعد مقدس ولكن لا بد أن تبذل كل الاطراف من حكومة وأحزاب ومجتمع مدني كل الجهود لاحترام هذا الموعد. الأحزاب بين الداخل… والخارج هناك اعتقاد بأن الاحزاب القائمة جديدة أو قديمة تعيش قطيعة مع الشارع بل انها في أغلب الاحيان تحرص على مخاطبة الخارج قبل الداخل وتنسى دورها في مواجهة ما يحدث على الارض من تجاوزات يومية فهل من توضيح وهي بكل بساطة لا تقوم بالدور الذي يفترض أن تقوم به في هذه المرحلة؟ شخصيا ذهبت الى باريس مرتين ومرة الى برلين لالتقي بالجالية التونسية وكانت المفاجأة في باريس حيث حضر الاجتماع 600 تونسي وكنا في السابق لا نقدر على جمع أكثر من ستين شخصا في أقصى الحالات وهؤلاء لم يكن بامكانهم القدوم الى تونس أما المرة الثانية التي ذهبت فيها الى باريس فقد كانت لبضع ساعات وحملت خلالها رسالة الى الرئيس الفرنسي ساركوزي بشأن المهاجرين التونسيين الذين يبيتون في العراء.مقابل ثلاث اجتماعات قمت بها في الخارج كان لحزبنا أكثر من 15 اجتماعا في عديد المناطق بما في ذلك الاكثر سخونة التي لا يجرؤ البعض على الوصول اليها.نددنا ونندد بالتجاوزات التي تحصل في كل المناسبات وهي تجاوزات تهدد الثورة وفي اعتقادي أن تونس لا تزال في حالة ثورة والثورة تريد التغيير الصحيح وهذا له ثمنه.وبالمقارنة مع دول أخرى عاشت أو تعيش هذه المرحلة فان التكاليف التي تقدمها تونس حتى الان مقدور عليها وأولوية الاولويات هو التغيير. طوال 23 عاما كان بن علي يهددنا لكبت الحريات باسم الاستقرار والامن، قهرنا ولكنه أقنع القوى الخارجية أنه الضامن للامن والاستقرار وأن خروجه مواز للارهاب والفوضى، الكثيرون اليوم يحلمون بمرحلة بن علي من دون بن علي وهذا خطر » ben alisme sans ben Ali « . وماذا عن الامكانيات المادية والتمويلات في هذه المرحلة ؟ لدينا من الامكانيات ما يجعلنا قادرين على العمل في هذه المرحلة لا بد من الاشارة أن الخوف زال من النفوس وأن الكثيرمن الشباب ومن رجال الاعمال ينضمون الينا على مدى سنوات كان التكتل محاصرا، الامكانيات البشرية تحسنت وكذلك الامكانيات المادية، ولكن في ظروف انتخابية لا بدمن تقنين المال السياسي وضبط حدود وقواعد التمويل، عانينا مع بن علي ولكن حتى الاحزاب الجديدة تحتاج التمويل للعمل السياسي. القطع مع الاستبداد وكيف تنظرون الى مسألة تحديد قائمة المسؤولين السابقين في التجمع ألا يخشى أن تتحول المسألة الى نقطة أخرى تعيق الانتخابات؟ ما تم التوصل اليه هو عملية وفاقية بين أطراف الهيئة العليا وفي اعتقادي ان الهيئة ستتفق اذ لا بد من ضبط مقاييس في هذه المسألة المهم اليوم أن هذه المحطة الاولى أو حجر الاساس يجب ألا يبنى على خطإ والانطلاق لبناء تونس الجديدة يجب أن يكون بالقطع مع منظومة الاستبداد وتكون وفية لهذه الثورة المجيدة. المسألة يجب ان تحدد في اطار الذين كانوا مسؤولين عن القمع والفساد وكانوا سندا للطاغية، نحن ضد محاكم التفتيش وضد المحاكم الشعبية والانتقام ومطلوب الان أن ندخل في سيناريو التغييرعبر التفاوض، الثورة لم تكتمل صحيح أن الثورة انهت الطاغية وحملت القوى السياسية والاجتماعية مسؤولية مرحلة التفاوض وهذا أيضا له ثمنه،كم كنت اتمنى لو أن رموز التجمع استراحوا وأراحوا. وكيف تنظرون الى تصريحات الراجحي وماذا عن توقيتها وأبعادها؟ قرات تلك التصريحات على مستويين، لم تكن في محلها لا في التوقيت ولا في الاسلوب وفيها تجاوز لخطاب مسؤول تحمل مسؤولية رفيعة ليتكلم وكأنه في مقهى كان اقل من أي مواطن عادي وهو الذي يحكمه ما يسمى » droit de réserve »القراءة الثانية أن الراجحي ومن حيث لا يدري وجه الاضواء على موضوع لا يخلو من الاهمية وهو المتعلق بتلك القوى الرجعية والتطرف من اليمين واليسار وامكانية التراجع الى الوراء والارتداد الى منظومة الاستبداد وهذا خطر كدنا ننساه. وكيف تنظرون الى المخاوف من حزب النهضة؟ أخطار القوى السياسية وامكانية أنها تطغى على المجلس التأسيسي مبالغ فيه لسبب معلوم وهو أن طريقة الاقتراع لا تساعد على ذلك هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فان القوى السياسية والمواطن عموما جميعها تؤكد على خيار الانفتاح والتمدن والحداثة وشخصيا أنا مقتنع ومتاكد أن حركة النهضة استخلصت الدرس من التجارب السابقة وأن قياداتها سترتكب خطأ اذا سارت عكس هذا الاتجاه أقول هذا الكلام من باب المسؤولية الوطنية وضد كل توجه متطرف. أشار السيد باجي قائد السبسي في احد اللقاءات الصحفية الى أن هناك أموال تتسرب بطرق أو بأخرى الى بعض الاحزاب فهل من توضيح حول هذه المسألة؟ هذه القضية لا تزال حتى الان مغيبة وكان الاجدر على السيد رئيس الحكومة الانتقالية توضيحها،المواقف حتى الان غير مقنعة ولابد من ضبط هذه المسألة تماما كما هو الحال بالنسبة للاعلام وطالما لا وجود لهئية وطنية مستقلة متخصصة تتشكل من أهل القطاع سيظل الوضع على حاله هناك صحف كانت محرومة من الدعم والاشهار العمومي قبل 14 جانفي ولاتزال كذلك،والحال أن قانون الاحزاب الذي كان يربط بين تمويل الاحزاب والصحف بتواجدهما في البرلمان يفترض أنه حل باعتبار ان البرلمان قد حل.هناك فعلا مظاهر بذخ وثراء لدى بعض الاحزاب على الساحة وهذا لا يمكن ان يساعد على المنافسة التي تفترض على الأقل توفر نفس الحظوظ أمام الجميع وهذا ينطبق على بقايا التجمع أو ما تخلف من أموال لديهم من أموال قد تحول الى أحزاب جديدة صاعدة على الساحة. حكومة الغنوشي بين التواصل… والتغيير بالعودة الى 14 جانفي قبلت الدخول الى حكومة الغنوشي قبل أن تنسحب بشكل مبكر فهل من توضيح لذلك؟ دخلنا في حديث مع الغنوشي كان الهاجس في ذلك الوقت والخوف من الفراغ السياسي لكن تأكد لنا بسرعة أن هدف الغنوشي كان التواصل وليس التغيير سواء تعلق الامر بتركيبة الحكومة أو في عملها أو في الخطاب الاول لوزير الداخلية في نفس يوم توزيع الحقائب وهو للاسف نفس أسلوب بن علي وقد كانت فكرة التعاون وتقاسم المسؤولية غير متوفرة في حكومة الغنوشي.كل ذلك ولد لدينا هاجسا اخر اسمه هاجس 87 وما أسميه بالعامية « تزلبيحة »لست مستعدا ليكون لي دور في ذلك، بن علي عمل في الجنة ذراع في تلك الفترة فتح الابواب أمام المعارضة وتم في 88 التوصل الى ميثاق وطني وجاءت انتخابات 1989 ليبدا بعد ذلك الاضطهاد والقمع لاحزاب المعارضة وعشنا ثلاثة وعشرين عاما من الاستبداد.خلاصة القول كل مناضل سياسي له الحق في الخطإ ولكن ليس له الحق في ارتكاب الخطإ مرتين وقد قررنا ألا نكون في الحكومة وفاء للشهداء.ارتباك حكومة الغنوشي كان له دوره في حالة الفوضى وكلما كانت الامور تهدأ ويعود الامن والاستقرار تعود بعض القوى لتتحرك من جديد لاسباب لا يعرفها الا هؤلاء. هل خدمتك تلك التجربة القصيرة أم أنها على العكس اضرت بصورتك لدى الرأي العام ؟ لم افكر انذاك في الفائدة كانت هناك ثورة وتضحيات ولم أكن مستعد للدخول في تجربة وكأنها خيانة للثورة والاحداث أكدت أني لم أكن على خطإ وهو ما اتضح بعد القصبة 1 والقصبة2. الترشح للرئاسة هل في حسابات مصطفى بن جعفر الترشح للرئاسية عندما يحين الاوان وما هوالافضل نظام رئاسي أم برلماني؟ الموضوع سابق لاوانه ولكن اذا كانت هناك مصلحة وطنية وحظوظ لذلك فبكل ثقة أقول أني قادر على تحمل المسؤولية وحين يحين الاوان سيكون لكل مقام مقال،افضل نظاما رئاسيا متوازنا يعطي البرلمان والسلطة التنفيذية لرئيس الحكومة نفوذا لا تكون فيه مسؤوليته تدشين ومهرجانات ويكون له دور في حماية الدستور ويكون الحكم في الازمات السياسية بين الحكومة والسلطة التشريعية ويكون رئيس القوات المسلحة له دور أساسي ولكن لا يمنح التفرد بالسلطة يحدد دوره بالدستور ويكون مع كل مسؤولية مساءلة. من الطب الى السياسة أين يقف مصطفى بن جعفر وهل يقيم الاوضاع بنظرة السياسي أم بحكمة الاطباء في تحديد الامراض والعلل في المجتمعات؟ السياسة سبقت الطب في حياتي فقد ترعرعت في عائلة مناضلة ضد الاستعمار والطب لم يبعدني عن السياسة الى أن جاء بن علي وأزاحني بسبب ارائي كنت رئيس أحد أكبر الاقسام الطبية في تونس وتحت امرتي نحو اثني عشر من خيرة الاطباء وقد تم فصلي وتحويلي الى مركز للتواليد في مكتب بلا هاتف أو مساعدة وتم تجميدي طوال خمس سنوات حتى خرجت الى التقاعد.ربما عول بن علي على أننا سنصاب بالجنون او نفقد اعصابنا ولكن في نهاية المطاف وبفضل شباب تونس تحقق الحلم بعد تراكمات. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 ماي 2010)

<


خاص ـ القاضي المعز بن فرج في حديث لـ«الصباح» لا بد من استقلال القضاء دستوريا.. وتأمين مساواته مع السلطتين التشريعية والتنفيذية


السلطة القضائية أمام امتحان عسير.. ولكننا قررنا استعادة القضاء ـ تنظم اليوم صباحا جمعية القضاة التونسيين وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل بداية من الساعة العاشرة، احتجاجا على مماطلة الوزارة في معالجة الوضع القضائي. وتجدر الاشارة الى أن الحديث كثر مؤخرا، حول السلطة القضائية في تونس، بعد الثورة، ومدى استقلاليتها… فما القصد بالقضاء المستقل؟ وما هو واقع القضاء التونسي حاليا؟ وهل أن القضاء سلطة أم وظيفة؟.. وما هي أحلام القضاة اليوم؟ وهل يمكن للقضاء أن يحقق الديمقراطية؟… هذه الأسئلة وغيرها طرحتها «الصباح» على القاضي المعز بن فرج، وهو رئيس دائرة بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، ومدرس بالمعهد الأعلى للقضاء، وبكلية العلوم القانونية والسياسية بتونس… وقد أصدر ضيفنا عديد المقالات تهم الشأن القضائي والانتقال الديمقراطي، وعديد الدراسات في المجال القانوني، وخاصة في المادة الجبائية.. كما شارك في عديد الملتقيات المتعلقة بالمشهد القضائي والقانوني في بلادنا… حوار: عمار النميري ويبدأ القاضي المعز بن فرج حديثه موضحا: «من أهم مظاهر الدولة الشرعية القائمة على سلطة القانون الملتزمة باحترام حقوق الإنسان، وجود قضاء فاعل عادل ونزيه ومستقل يكفل لكل إنسان التعاطي بصورة علنية أمام محكمة مختصة تتشكل بناء على القانون العادي وتعمل بحرية تامة عن أية ضغوط أو تدخلات ويتمتع أفرادها بالضمانة والحصانة الشخصية وبالنزاهة وبالمقدرة والدراية العالية بالقانون وتطبيقه. وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته العاشرة والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته الرابعة عشرة على وجوب أن يُكفل لكل شخص محاكمة علنية عادلة أمام محكمة مستقلة مختصة تتكون بقانون.. والقضاء المستقل ضروري للحصول على هذا الحق». وأسأل محدثي… ما القصد بالقضاء المستقل؟ ـ باختصار فإن القضاء المستقل يكرس أساسا من حرفية القضاء التامة في أن يحكم فيما يعرض أمامه من وقائع طبقا لإدراكه للحقائق وفهمه للقانون بعيدا عن أي تأثير أقر بالترغيب أم بالضغوط المباشرة أو غير المباشرة من أي جهة أو لأي قصد، وكذلك لابد، أن يستقل القضاء عن السلطات الأخرى، التشريعية والتنفيذية… القضاء من حيث الواقع ما هو واقع القضاء التونسي؟ إن السلطة القضائية التونسية أمام امتحان عسير لأنها مطالبة من الرأي العام ومن المسؤولين أنفسهم بحسب التصريحات المتوالية، أن تحكم في مسألة الفضائح والجرائم المرتكبة من مسؤولي العهد السابق، فضلا عن الملفات المفتوحة ذات الطابع السياسي. إن القضاء بحكم وظيفته المحددة في التشريع وبحكم تكوينه وبالمعطيات المتوافرة، يستطيع ان يضع اليد على المخالفات والجرائم ويصدر فيها أحكاما. إلا أنه لا يمكن أن يتولى مهمة تصحيح الحياة السياسية نفسها ولا تقويم النظام وواقعيته تحول دون العمل القضائي العادي… كما يجب التكييف مع الوظيفة السياسية التي يطالب أن يؤديها القضاء لكي يكون سلطة مستقلة وموازية للسلطات العامة الأخرى وخاصة التنفيذية منها.. فالسلطة القضائية محدودة التأثير على المؤسسات الحكومية ومقيدة بالحصانة القانونية لتلك المؤسسات. الآن القضاء التونسي بدأ في تحريك عجلته ببطء شديد في ظروف وأوضاع صعبة ناتجة عن آثار التعطيل السابق وما لاقته من مضايقات واعتداءات ومحاولات ترويض واحتواء، كذلك يعاني من الأوضاع المادية والمعنوية والوظيفية وشروط التشريعات… ولم تحصل بعد الثورة تعديلات في واقع السلطة القضائية ولا إصلاحات على الرغم من أن الإصلاح في القضاء مطلب قديم وقد أدرج ضمن عناوين الإصلاح في برامج القوى السياسية… أحـلام القضاة هل أن القضاء سلطة أم وظيفة؟ بكل أسف! فإن القضاء كان ولازال وظيفة وليس سلطة. ومرد ذلك في ظني، إلى أسباب ثلاثة: السبب الأول: استمداد القضاء وجوده كسلطة من الدستور وكتنظيم من القانون الوضعي الذي هو دون الدستور أهمية وفاعلية. في حين أن السلطتين التشريعية والتنفيذية تستمدان وجودهما كما قواعد تنظيميها من الدستور نفسه. السبب الثاني: سيطرة طاغية عبر التاريخ للسلطة التنفيذية على ما عداها. السبب الثالث: ندرة ملموسة في القضاة الأفذاذ من طراز الأبطال الذين يتوخون تغيير قواعد اللعبة وبناء تقاليد تاريخية جديدة ومتقدمة لسلطات ومؤسسات. أجل، ليس لدينا قضاة أبطال يتصدون للاستبداد والاستكبار والفساد بلا هوادة حتى حدود الشهادة، فيرسمون بدمائهم وتجاربهم الفذة نماذج رائدة في السلوك وفي بناء المؤسسات. ما هي رؤيتك وقراءاتك لمشاريع أحلام القضاة؟ أعتبر أن أي مشروع للإصلاح القضائي يجب أن يكون شاملا لجميع جوانب عمل القضاء بدءا من استقلالية السلطة القضائية تجاه السلطة السياسية، وصولا إلى التفاصيل التقنية اليومية التي تعترض القضاة والمتقاضين على حد السواء. فلا يمكن تصور أي حل للمعضلات التي يشكوها القضاء في عمله في حال تم إيجاد حلول للمشاكل التقنية اليومية، دون تأمين الضمانات الكافية لتأكيد استقلالية القضاء في وجه التدخلات للسلطات الأخرى في عمله وتعزيز نزاهته. في المقابل، إن تحصين القضاء تجاه السلطة السياسية ومنحه جميع الضمانات لتعزيز استقلاليته ونزاهته المعنوية لا تكفي وحدها لتسير عجلة العدالة على وجه سليم إذا لم يزود القاضي بالوسائل اللازمة لحل المشاكل التقنية التي تعترضه خلال أداء مهمته، وفي كلتا الحالتين تبقى الإصلاحات المذكورة بوجهيها السياسي إذا جاز التعبير، والتقني، عديمة الفاعلية إذا لم تقترن بإصلاح على صعيد الوضع المالي والاجتماعي للقاضي وللمساعدين القضائيين. أعتقد، أنه يجب أن توجد نية حقيقية لدى السلطات السياسية في إجراء هذا الإصلاح وإحداث النقلة النوعية على صعيد السلطة القضائية.. وهذه النية تتجلى ببعث مشروع متكامل للإصلاح القضائي بأوجهه كافة، وأن لا يقتصر الإصلاح على مشاريع جزئية متفرقة تعالج بعض الأمور التي لا تمثل سوى وجه بسيط من المسألة. ومن ناحية أخرى يبقى على الجسم القضائي أن يساهم بصورة فاعلة في هذا الإصلاح بتوسيع دائرة مطالبه لتشمل جميع أوجه المشاكل التي تعترضه، بحيث يتلاقى مع الطروحات الهادفة إلى تعزيز استقلاليته ومناعته، وبالتالي تعزيز الديمقراطية وإقامة دولة القانون. إصلاح القاعدة القانونية أنهي وأقول.. لكي يؤدي القضاء دوره يجب أن يصبح في النص والممارسة سلطة مستقلة حقا. فشرط وجود قضاء نزيه، وارتقائه إلى مستوى سلطة قضائية قائمة بذاتها، تستمد شرعيتها من الدستور ومن أحكام القوانين الوضعية، وتضمن فاعليتها باستقلالها التام عن بقية السلطات وبتوازنها وتعاونها معها في إطار المساواة والندية. كما أعتبر أن الإصلاح القضائي يتطلب كذلك إصلاح القاعدة القانونية التي في غالب الأحيان قيدت سلطات القاضي… وهنا أرد على المشككين في المستوى العلمي للقضاة، فأقول لهم: ان أردتم أن تنتقدوا، فكان من الأحرى أن توجهوا انتقاداتكم إلى القانون وليس إلى القاضي الذي يطبقه. كما أعتبر أن إصلاح القوانين يتطلب مساهمة جميع رجال القانون ولسنا في حاجة إلى الاستنجاد بالخبير الأجنبي!! القضاء والديمقراطية هل يجوز أن نحمل القضاء عبء الإصلاح الاجتماعي والسياسي؟.. وهل يجوز انتظارنا لأن يحقق القضاء الديمقراطية؟ قد يسارع البعض إلى الرد إيجابيا، إيمانا بما يكون للأحكام القضائية من نتائج إيجابية على تحسين الأداء الديمقراطي. الرأي عندي، أن هذا الدور محفوف بعديد من المخاطر والمحاذير، بحيث يجعل القضاء محط ممارسات عدة من شأنها النيل من نبله أو من استقلاليته، كأن يتم استعماله كوسيلة للتشهير وتفجير الأحقاد الشعبوية ضد متنفذي الأمس، أو تحويله إلى وسيلة يتلطـى وراءها متنفذو اليوم أو الغد… وهكذا وأيا كانت الحوافز، فإن هذه المخاوف ـ وهي حقيقية ـ لابد من أن تترك أثرا في تحديد العمل القضائي خشية أن يتحول القضاء إلى هدف للشعبوية وللسلطوية، وللرغبات في تفويض المجتمع على حد السواء. ولا يرد على ذلك أن السلطة التنفيذية تؤمن له اليوم الحماية اللازمة للسلطة التنفيذية أن نتبنى سياسة من شأنها خلق أطر اجتماعية ديمقراطية وقوى حية مترابطة بوثاق الانتماء الوطني والمصلحة العامة على نحو يؤمن للقضاء دعامة اجتماعية صلبة ودائمة من أن تمارس وصاية عليه، تزول مشروعيتها ومنافعها حالما تزول مشروعية السلطة التنفيذية. وهكذا يصبح التساؤل: أيهما الأجدى؟ حث القضاء على تطوير عمله وتوسيعه في سبيل تحقيق منفعة عامة ولو أدى الأمر إلى مجازفة كبرى في غياب الضمانات الاجتماعية، أم تقبل الجمود القانوني وما يفترضه من ظلم وقهر؟ وهنا أعتبر أنـه يجب: تهيئة القضاة لمواكبة توجهات التطور على نحو يجعلهم قادرين على أداء عملهم القضائي الأكثر تلاؤما مع مجتمعهم. إقرار سياسة تؤمن للقضاء، وتاليا للنظام القانوني، تطورا متواصلا، إنما تدريجيا وانتقائيا يراعي فيه إلى حد كبير مبدأ الاستقرار القانوني مع إبعاد القضاء عن المسائل الأكثر حساسية بالنسبة للمتنـفذين ريثما يقع إقرار وتدعيم الديمقراطية. فمشروعية القضاء تبقى وقفا على الثقة فيه التي تتأثر الى حد كبير بقدرة المجتمع على حمايته وعلى صون مكاسبه، الأمر الذي يفترض تطوير القضاء بقدر ما تتطور القدرات الاجتماعية على حماية القضاء وبالتالي ما إن يسير المجتمع على درب الديمقراطية الحقيقية، وعندئذ تبرز الحاجة إلى «القاضي الحديث» أو أن ينزلق نحو الديكتاتورية التي تكون فيها تضحياته بمثابة سيوف تغمد في المياه. ماذا عن شفافية القضاة والسلطة القضائية؟ هنا نبلغ مسألة أساسية في سياسة العهد السابق القضائية، فقد جهد «العهد المخلوع» أكثر على تحصين سمعة القضاء عبر كم الأفواه والتربص لأي انتقاد يوجه ضده لإسكاته وملاحقته بقطع النظر عن مدى رصانته أو مشروعيته منه على تحصين استقلاليته ووظيفته. فلا حوار ولا نقاش… ملازمة القمة حيال الانتقادات تارة بحجة سرية التحقيقية وطورا بحجة وجوب التحفظ لدى القضاة وأحيانا أخرى لتفادي التأثير فيهم. أما الآن وبعد 14 جانفي، من الأفضل أن نترك مسألة الهيبة لنرجع إلى اقتراحات إصلاحية أكثر جدية فإن يصان القضاء من الانتقادات الملقاة جزافا أو من التفقير أمر أكيد، لكن أن تتحول محاربة الانتقادات أساسا في الإصلاح القضائي، فهذا لا يقبله المواطن العاقل، بل هذا هو بالضبط ما يمس كرامة القضاء، بل كرامة الدولة برمتها. الجمعية والنقابة؟ هل هناك خلاف بين القضاة في خصوص الجمعية والنقابة؟ الأكيد، أن مسألة السماح للقضاة بتأسيس جمعيات أو نقابات لتمثيل مصالحهم هي من العناصر المهمة في سبيل تعزيز استقلالية السلطة القضائية. وأعتبر أن مسؤولية جميع القضاة جزء من مسؤولية الزعيم والقائد فلا أتصور أنهم دونه في القيمة أو المسؤولية يجب علينا جميعا أن نبدي آراءنا، إذ أنه من الجدير بنا أن نفكر جليا في مسؤوليتنا فيشعر كل منا بأن له شخصية وتفكيرا مستقلين يجعلانه عضوا إيجابيا في جمعيته أو نقابته. يجب علينا تقويم الاعوجاج وتصليح الغلط المستعصي عن الإصلاح، يجب ان نكافح دون شفقة والذي لا يفعل ذلك يعد فاشلا، وعلينا أن ننحني أمام شهداء الثورة الذين ضحوا من أجل استقلال هذه البلاد من العهد البائد، يجب أن نتغلب على النفس السيئة الأمارة بالسوء وعلى الأنانية، وإنني أحذر بكل لطف الزملاء من التفرقة وحب النفس والحسد. فالحسد من الأشياء التي تبعث الحقد والخلاف بين الزعماء فتنشب بينهم المشادات التي تنتهي في غالب الأحيان بالقضاء على الجمعيات أو النقابات التي ينتمي إليها الطرفان. إننا متحدون، فيجب مقاومة كل من يريد تحطيم هذه الوحدة من أجل أغراضه ومطامعه وكل من يبث التفرقة في صفوفنا. أعيد وأقول مرة أخرى، لنا عبرة بالثورات التي كان مثالها الإخفاق والثوار الذين كانوا مثالهم السجن والموت. والسبب في ذلك عدم استعمال المرونة والرأي، وإنني دائما أرفض بكل إصرار أن يبقى الأحياء من الثائرين تحت الإهانة والإذلال. رسالة إلى القضاة ومن هذا المنبر، أوجه رسالة مفتوحة إلى كل السادة القضاة، فأقول: «يا قضاة تونس، يا ضحايا النظام البائد، يا من تحكمون بالموت وأنتم بسلطان الفقر محكومون… سلطة مستقلة أرادها الشعب.. فهل أنتم بالفعل مستقلون؟.. لقد خافوا من نبل رسالتكم فقسموكم عدليين وإداريين وعسكريين حتى يضعفوكم وينافروا بينكم. يا قضاة تونس، لا تنقسموا وتوحدوا… يدا واحدة لنبحث وإياكم في المواضيع الآتية: استقلال القضاء المادي والمعنوي، تعزيز جهاز المساعدين القضائيين، السبل الواجب اتباعها لتحقيق هذه المطالب وغيرها المتعلقة بالشأن القضائي. يا قضاة تونس، لا كرامة لهذا الوطن إلا بكرامة القضاء فيه، ولا كرامة للقضاء إلا بممارسة دوره الحقيقي ولن يتحقق هذا الدور إلا من خلال الأمور الآتية: ـ تمتع مجلس الأعلى للقضاء بكل مميزات الاستقلال على الصعيدين المعنوي والمادي، فتوكل إليه وحده، كل الشؤون المتعلقة بالقضاة، من تعيينات، ومناقلات وتنظيم وتخصص له موازنة يتولى الاتفاق على كل ما يتطلبه من سير العمل القضائي بما في ذلك تامين الرواتب التي تليق بالجسم القضائي. ـ تكريس دستوريا استقلال القضاء وتأمين المساواة له مع السلطتين التشريعية والتنفيذية. ـ وضع تنظيم قضائي فاعل وشجاع، ينقل العمل القضائي في تونس إلى عصر جديد، يضع حدا لتكديس الدعاوى عن طريق تحديث القوانين المعمول به وتبسيط الإجراءات المتعلقة بطرق التبليغ، وسير المحاكمة وتنفيذ الأحكام وتعزيز جهاز المساعدين القضائيين… أيها السادة، لقد قررنا أن نستعيد القضاء. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 ماي 2010)

<


استقلالية القضاء مطلوبة.. لكن كيف نبني أولا «عدالة انتقالية»؟


 
أعلنت جمعية القضاة مؤخرا انسحابها من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، لعدم التزام الحكومة الانتقالية بالمرسوم المتعلق بإحداث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، واعتبرته « اعتداء مكشوفا على إجماع الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة ومحاولة للالتفاف على تمثيلية القضاة بالهيئة العليا للانتخابات ومساسا بشروط الحياد والاستقلالية والنزاهة المستوجبة لعضوية تلك الهيئة ». ومن ناحية أخرى أكد مصدر مطلع في الحكومة لـ »الصباح » أن الحكومة لا تمارس أي ضغط على القضاة، الذين رفعت كل أشكال الضغوطات عليهم.. وتتعرض الحكومة الانتقالية كما الجهاز القضائي إلى اتهامات بعرقلة الحسم في ملفات الفساد والتجاوزات الكثيرة التي مارسها رموز النظام السابق…هي أحداث ومواقف، أخرى خرجت من الشأن القضائي الذي يواجه بدوره العديد من الإشكاليات، حول التمثيل، والاستقلالية، والمشاركة في المرحلة الانتقالية..ويطرح أيضا العديد من التساؤلات حول أي قضاء يريده التونسي؟ وماهي حدود استقلالية القضاء؟ والصعوبات التي يمر بها الجهاز؟ هيكل مخترق كبقية الهياكل والقطاعات الحيوية، كان القضاء جهازا آخر أمسك به النظام السابق بقبضة من حديد.. حركه كما يشاء وعبث به حسب مصالحه آنية كانت أو إستراتيجية.
التبعية وخدمة مصالح النظام الفاسد والبائد، لم يكن فقط الداء الذي نخر الجسم القضائي، فإضافة إلى استعمال هذا الجهاز في القضايا السياسية واستبعاد وظلم الخصوم السياسيين، كما غطاء على تجاوزات العائلة الحاكمة، والمتنفذين في السلطة، واخترق القضاة وأصبحوا يدا غليظة بيد الطغاة…بل تحول الجهاز القضائي إلى جهاز »مميع » كما يذهب إلى ذلك المتابعون…إلى درجة أن لكل قضية وكل حكم لها ثمنا مقابلا..
وكان عدد من القضاة قد -يكونون أقلية، أو أغلبية- فرادى أو هياكل ضغطت عليهم السلطة وحاصرتهم، لا يمكن أن تكون سلطتهم مؤثرة في وسط كان كله فاسدا.. يقاومون الفساد بضمير وخدمة لشعب فوضهم حتى يحكموا فيما بينهم…فمن لا يعرف من التونسيين أن هذا الجهاز لم يكن فاسدا بل الأكثر فسادا.
وحتى بوادر الاستقلالية والدفع من أجل إعادة النظر وتصحيح شأن القضاء وكان ذلك عبر جمعيتهم، يعرف الجميع أن السلطة لم تقدر هذا الجهاز ولم تعط اعتبارا لهيبة القاضي، بل وببساطة انقلبت على هذه الجمعية، ولاحقت المنضوين فيها، حتى وصل الأمر بهرسلتهم وتخويفهم والاعتداء على حرمتهم عن طريق جهاز البوليس..وبعد الثورة التي أنجزها التونسيون البسطاء، والشباب الطامح، كانت الشفافية والحرية والعدالة أهم الشعارات التي رفعها الشعب…فطرحت مسألة استقلالية القضاء كمقوم أساسي للتحول الديمقراطي. الاستقلالية كانت تعبيرات القضاة متعددة ومتنوعة عبر هياكلهم، أو عبر أحداث أخرى، بعد الثورة إعلانا منهم على الوفاء بعهد الشهداء الذين استشهدوا من أجل وطن حر وعدالة تحكم بين مواطنيه… وتحملت جمعية القضاة »الشرعية » كما توصف في الساحة السياسية ولدى المهتمين بالشأن العام لتجميع المطالب وإعلان بداية العمل من أجل تطهير القطاع من بقايا النظام السابق، والفاسدين التابعين له. واستقلالية القضاء في تعريف مبسط، أن يبت القاضي حسب إدراكه للحقائق، وطبق القانون بمعزل عن أي تأثير خارجي، وبالأساس من السلطة التنفيذية إضافة إلى المؤثرات الأخرى مجموعة اجتماعية، المال.. إلخ.
وطرحت مسألة استقلالية القضاء كمطلب مركزي للقضاة، ومطلب ملح لمكونات المشهد السياسي، وعيا بخطورة هذا القطاع، ويعتبر أحمد الرحموني أن ضمان استقلالية القضاء لا يمكن الحديث عنها سوى أن تمكن »القاضي من إدارة ذاتية للقضاء » بما يعنيه أن لا يخضع القاضي إلى إدارة السلطة التنفيذية، وحسب الوضعية التونسية الحالية، فان القضاء يرجع بالنظر إلى إدارة القضاء ومتمثة بالخصوص في وزارة العدل، والوزارة الأولى في ما يتعلق بقضاء مجلس الدولة، أي دائرة المحاسبات والمحكمة الإدارية ، ثانيا دون « دولة قانون ومؤسسات ».
ومن ناحيته يعتبر نبيل النقاش عن نقابة القضاة أن مسألة استقلالية القضاء مسألة شخصية بالأساس أي أن 90 بالمائة منها مرتبط بالقاضي في حد ذاته، ولكن يجب تدعيمها بضمانات دستورية لحماية القاضي، ثم الضمانات القانونية المتعلقة مثلا بالقانون الأساسي للقضاة وأيضا أن لا تكون نقلة القاضي خارجة عن إرادته، وأيضا يجب أن يكون المجلس الأعلى للقضاء منتخبا وممثلا لجميع الأصناف والرتب القضائية.
وعن وضعية استقال القضاء يعتبر أحمد الرحموني أن الحال بقي على ما هو عليه مع تواصل « إطار القضاء، كإطار موروث » وتواصل نفس المنظومة وآليات العمل على ماهي عليه قبل الثورة، غير أن النقاش يرى من ناحيته أن الوضعية التي يشهدها القطاع « مستقيمة » وهي في « الطريق الصحيح » نحو ضمان استقلالية للقضاء. الحدود بعيدا عن القضاة، فان الشارع التونسي، كما نخبه وسياسييه مازالوا إلى حد الآن يتحدثون عن قضاء « فاسد » وعن بطء في عملية إعادة النظر والبناء لقضاء مستقل..في حين أكد مسؤول مطلع في الحكومة الانتقالية أن مجهودات كبيرة تبذل من أجل توفير استقلالية كاملة للقضاء وأن يحكم القضاة دون أي تدخل للسلطة التنفيذية على الأقل..
وان كانت استقلالية القضاء مسألة لا يمكن أن يناقش اثنان فيها، إن تعلق الأمر بالحديث عن الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات، إلا أن هذا المفهوم وتطبيقه، والعمل به، قد يخضع لتجاذبات وحسابات وأجندات..قد تكون نتائجها خطيرة بعض الأحيان. إذ أكد عدد من المتابعين أن الحديث عن استقلالية القضاء في المطلق أي أن لا يخضع القاضي إلى أي سلطة ولا تأثير ولا حدود، يجعل من القضاة فوق الجميع، وهو مطلب « نرجسي » و »كأن القضاة ملائكة لا تسعهم الجاذبية لا يجب المس منهم أبدا » حسب تعبير البعض… ويعتبر نبيل النقاش أن القاضي كغيره من المواطنين يجب أن يخضع للمساءلة، فالقاضي مسؤول مدنيا وجزائيا في أعماله القضائية، رغم تمتعه بحصانته القضائية. في حين يوضح أحمد الرحموني أن تواصل وجود إدارة القضاء »في قبضة السلطة التنفيذية » سيؤبد واقع القضاء.. الصعوبات الاتفاق حول جملة من المطالب والعمل على تطبيقها، « لن يكون بالأمر الهين « كما يذهب إلى ذلك أحمد الرحموني رئيس جمعية القضاة. فان عملية الانتقال إلى سلطة قضائية مستقلة، وقضاء عادل وشفاف تعترضه العديد من الصعوبات حسب رأي عدد من الملاحظين.
وكانت أحداث محكمة سوسة -قبل شهر تقريبا- والتي شهدت جدلا بين وزارة الداخلية التي نفتها بشدة وأصرت جمعية القضاة على حصولها، مؤثرة في الرأي العام، حيث أن عددا من أعوان الأمن حسب رواية الجمعية قاموا بمداهمة المحكمة وأمام قاض في سوسة وذلك نصرة لزميلهم.. حدثا مؤثرا في هيبة الجهاز، وطرح عديد التساؤلات..
كما كانت أحداث شهدتها عدة جهات، في البلاد قام فيها مجهولون حسب روايات ومتظاهرون حسب روايات أخرى بحرق المحاكم ومداهمتها أيام الثورة وبعدها حدثا آخر طرح التساؤل حول حساب من تصب هذه السلوكات؟ وما هي مبررات عمل مثل هذا…وان أجمع المتابعون أن الشعب التونسي كان غاضبا على مختلف الهياكل والمؤسسات التي كانت أجهزة في يد النظام البائد.. من ناحية أخرى فان تواصل محافظة عدد من القضاة الذين كانت لهم يد في الفساد المالي فالمؤسسة القضائية حسب الرحموني « تتطلب إجراءات تطهير بالمعنى الايجابي » حسب تعبيره، فقد كان قضاء تعليمات وفساد مالي…
يبدو أن فتح ملف « القضاء » يجب أن يخضع أيضا لطبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد، فان الوضعية الانتقالية التي يعيشها التونسيون، في مختلف المواقع والقطاعات، تفرض حديثا أيضا عن وضعية انتقالية في الجهاز القضائي.. إذ أن البلاد تحكمها حكومة انتقالية وهياكل انتقالية في عدد من المؤسسات والهياكل، وأيضا تتطلب « عدالة انتقالية »..
وان كانت ملفات الفساد والتجاوزات كثيرة جدا، فان من واجب هذا الجهاز تحمل المسؤولية في هذه المرحلة حتى يوفر ظروفا أخرى تسهل عملية الانتقال إلى مرحلة القضاء المستقل، فماذا يعني أن يحكم عدد من رموز النظام البائد، مثلا عماد الطرابلسي بحكم هزيل، وأيضا في قضية بسيطة، رغم تأكيد مصدر مطلع في الحكومة الانتقالية لـ »الصباح » أن للقضاة الاستقلالية الكاملة في البت في هذه القضايا، غير أن الرحموني يعتبر أن « التتبع من عدمه، يخضع إلى إدارة وزارة العدل، فوكلاء الجمهورية خاضعون إلى سلطة وزير العدل..
من ناحية أخرى فان على القضاة الحسم في هياكل قوية تمثلهم، كما أن على الأحزاب ، ومختلف مكونات المجتمع المدني كما المجتمع التونسي برمته، الواعين بأهمية وخطورة الملف القضائي في ضمان انتقال ديمقراطي حقيقي، غير أن آليات توفير ذلك ليست بالسهلة ولا بالبسيطة، ولا هي مسألة ميكانيكية…بل تتطلب عملا دؤوبا ويقظة، والأهم إرادة من مختلف المواقع، وأيضا دوران عجلة في إصلاح مختلف القطاعات الأخرى، لعل في إصلاحها أملا آخر في إصلاح واقع القضاء.. أيمن الزمالي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 ماي 2010)

<



تدعو التنسيقية الجهوية لحماية مسار الثورة ببنزرت كافة المواطنين الى المشاركة في حلقات الحوار الحرّ التي تنظم يوميا من الاثنين الى الجمعة بداية من السادسة مساءا بساحة الثورة أمام مقر بلدية بنزرت. الدعوة موجهة الى المهتمين بالشأن السياسي و الشأن العامّ . التنسيقية الجهوية لحماية مسار الثورة ببنزرت

<



قليل هم من لم يسمعوا بأحمد نجيب الشابي بل يعرفه الكثير في الداخل وفي الخارج من خلال حزبه الديمقراطي التقدمي ومن خلال صحيفة الموقف ومن خلال اضرابات الجوع زمن الطاغية بن علي دفاعا عن حق الحزب في المقر وحق الصحيفة في الصدور والتوزيع ومن خلال هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وعرفه أكثر عامة الشعب من خلال مشاركته في الحكومة الأولى والثانية بقيادة محمد الغنوشي بعد الثورة ثم انسحابه من الحكومة عند تولي الباجي قايد السبسي رئاستها ولقد كان لظهور أحمد نجيب الشابي في ثوبه الجديد بعد 14 جانفي والذي نقله بسرعة ضوئية من أعنت المعارضين والممانعين للاستبداد والظلم إلى المبرر لأداء حكومة الغنوشي وإلى التصدر للدفاع عن وزراء الحقبة الماضية وموقفه من حل التجمع إضافة إلى تعجيله بعقد عدد من الاجتماعات العامة والقصبة تغص بالمحتجين والمطالبين برحيل حكومة الغنوشي وأيضا تصرفه ضمن حكومة مؤقتة وكأنها حكومة رسمية وشرعية وما دونها فهي المعارضة إذا كان لكل ذلك تأثيرا في أنفس الكثير من المواطنين بين لا مبالي وآخر مناصر وآخرين أصابتهم خيبة أمل دفعت بالبعض منهم إلى الاحتجاج عليه وصلت حد منعه من عقد بعض الاجتماعات وبمرور الوقت وفي إطار الواقع الجديد في ضل الحكومة المؤقتة الجديدة والضغط الذي يمثله الاستحقاق الانتخابي قصد القطع مع عدم الشرعية ومع الوضع المؤقت تسارعت عملية تكوين الأحزاب وتوجه الكثير منها إلى الشعب عبر الاجتماعات والندوات والصحف والمواقع الإلكترونية وقد برزت في ثنايا ذلك الحراك محاولات الاستقطاب الذي تمحور في كثير من الأحيان في الثنائيات (–حداثة/رجعية – ظلامية/تقدمية – يمين/يسار…..) وهذا الأمر جعل من بن علي مسيطرا على البلاد جاثما على رقاب شعبها أكثر من عقدين، وتعددت الاتهامات من بعض الجهات التي عرفت بمنطق السب والاتهام والافتراء تجاه فاعل سياسي في الساحة فشل النظام السابق في القضاء عليه ومحوه من الخارطة التونسية والمتمثل في حركة النهضة ، هذا السلوك إذ يصدر عن بعض الجهات التي لا زالت بوصلتها معدلة على الإقصاء والفرز الإيديولوجي فإنه من غير المقبول أن يصدر عن الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يكرر دائما بأنه فوق الإيديولوجيا وهي ليست شرطا للانتماء للحزب ومن غير المقبول أن يقوم أحمد نجيب الشابي بدعوة المواطنين بالتصويت لحزبه والاصطفاف حوله عبر توجيه التهم لحركة النهضة وهو ما وقع في اجتماع نابل يوم 13 ماي الجاري حيث وفي نبرة كلها استهانة بالآخر ولكي يبرز الشابي بأنه صاحب مشروع اقتصادي وتنموي الذي لم يوضحه قام باتهام النهضة بعدم حوزتها أو امتلاكها لبرنامج اقتصادي قائلا  » هل برنامجهم هم قولهم ومامن دابة على الأرض إلا وعلى الله رزقها..إيه نعلم هذا ولكن هل هذا برنامج؟؟ » ثم يستمر في تشويه التهضة سياسيا منصبا نفسه حاكما على النوايا حيث قال » النهضة ليس لها برنامج سياسي ولا تؤمن بالتعددية بل هي تسعى للدخول بقوة في المجلس التأسيسي ومن ثمة السيطرة على الدولة وإقامة دولة عقائدية » هذا الكلام لنجيب الشابي وهو مسجل بالصوت والصورة لا افتراء فيه وإن لم يكن كذلك لكذبه الكثير ممن يعرفون الرجل.
لست بمثير لسجال مع شخص عرفته عن قرب وأكن له احتراما كبيرا ولست بقادح في نضالية الشابي ولكن من باب الاخلاص لرمز كنت في يوم من الأيام ضمن حزبه وفي لجنته المركزية وعرفته شخصيا عن قرب ولاعتقادي بأنه يمكن في يوم من الأيام أن يكون من أهم ركائز النظام الجمهوري والتعددي الذي ننشده جميعا لكل هذا ولمصلحة الوطن الذي يحتاج شخصا مثل الشابي فإني أعتبر كلامه الذي ذكرته سالفا نابعا من حماس مفرط لجمع الأنصار وفي جزء منه ردا على عدم مساندة النهضة دخوله للحكومة وربما على انسحاب بعض النهضويين من حزبه بعد الثورة فليس الشابي الذي كان في مداخلاته ضمن هيئة 18 أكتوبر إسلاميا أكثر من ممثلي النهضة وليس الشابي الذي فتح مقر حزبه لاحتضان يوم السجين السياسي زمن الطاغية وليس الشابي الذي كانت المسيرات التي دعا إليها جنبا إلى جنب مع قيادات النهضة ليس هو من يقول اليوم أن النهضة تريد تطبق الاسلام كتلة واحدة وقالب واحد معبرا عن ذلك بـقوله « هز الكل أو خلي الكل إيه واللي يخلي الكل موش مسلم؟ »، في حين تؤكد النهضة مرارا بأنها ليست ناطقا باسم الاسلام ولا هي الاسلام كله بل فقط حزب سياسي ينطلق من قراءة للمرجعية الاسلامية بنظرة مستقبلية تتفاعل إيجابيا مع واقعها ومحيطها هدفها تحقيق المواطنة الكاملة لكل التونسيين دون تمييز، نعم السياسة مواقف ومحطات وقد يختلف حلفاء الأمس على موفق ما في محطة ما فيصبحوا متنافسين والعكس صحيح ولكن واقع السياسة المتحرك بتواتر الأحداث وتسارع التقلبات يحتم على الجميع وضع التنافس في إطار الممكن اليوم مستحيل غدا ومستحيل اليوم ممكن غدا ومصلحة المواطن في حياة كريمة هي المبتغى وأن الوطن يسع الجميع وأن حصر التنافس في الاستقطاب الثنائي البحت أمر بالغ الخطورة قد يضر بالطرفين معا والتاريخ خير واعظ للجميع . الحبيب ستهم

<


الإعلام التونسي بعد 4 أشهر عن ثورة 14 جانفي: هل يدعم الاصلاح السياسي أم يجهضه ؟ + كيف لا تتكرر تجربتا تزييف انتخابات 1981 و1989

مداخلة كمال بن يونس رئيس منتدى ابن رشد المغاربي للدراسات بتونس الافتتاحية للندوة  


هل يضطلع الاعلام التونسي فعلا بدور ايجابيضمن جهود انجاح مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة التي طالب بها الشعب في مسيراته وتجمعاته الشعبية قبل 14 جانفي وبعده أم يسير في الاتجاه المعاكس ؟
هل انحاز الاعلام التونسي فعلا للشباب والشعب بمختلف قواه الحية الذي صنعت الحدث يوم 14 جانفي بعد عقود من النضالات من أجل دولة تقطع مع الاستبداد والقمع والرشوة والفساد أم لا يزال يروج مادة صحفية تخدم عن قصد وعن غير قصد محاولات القوى التي تسعى لاجهاض الثورة مبكرا والالتفاف عليها عبر احتواء شعاراتها المركزية حينا وتهميشها حينا اخر مع محاولة صرف أنظار الشعب صناع القرار عن الالولويات الحقيقية لمرحلة الانتقال من الديكتاتورية والفساد الى مرحلة الانفتاح الحقيقي على الرأي والرأي الآخر والشفافية في المعاملات الاقتصادية والسياسية ؟
هل استوعب الجميع دروس الماضي في تاريخ تونس ومن بينها التجارب السلبية السابقة التي وظفت فيها وسائل الاعلام لاجهاض تجارب الانفتاح الاعلامي والسياسي الواعدة آنذاك ، وخاصة تجارب 1956ـ1959 و1980ـ1981و1988ـ1989 ، عندما أجهضت بعض لوبيات « المصالح والايديولوجيات  » التعددية الاعلامية ودفعت الاوضاع نحو تزييف الانتخابات التشريعية ( وعلى هامشها اتنتخابات مؤتمرات عدة منظمات واحزاب ) للانقلاب على المسار الديمقراطي ثم نحو تبني الدولة لاولويات أمنية بحتة في معالجة الملفات السياسية le tout sécuritaire والتورط في سلسلة من عمليات القمع والمحاكمات في قضايا ذات صبغة سياسية شملت نشطاء حقوقيين مستقلين وقياديين من مختلف التيارات المعارضة ؟
كيف تحمي وسائل الإعلام الثورة والمسار الديمقراطي الجديد من سيناريوهات الفشل العديدة التي يراهن عليها كثيرون ؟ وكيف يكرس قدسية الخبر ويضمن حرية التعبير عن الرأي للجميع دون كل سيناريوهات الإقصاء والإقصاء المضاد؟ وهل سيكون الإعلاميون والقائمون على المؤسسات الإعلامية ومن ورائهم صناع القرار السياسي والاقتصادي مؤهلين للتفاعل مع التحديات الجديدة في قطاع الاعلام السمعي البصري العالمي ( لاسيما الدور الاستراتيجي لما تبثه شبكة الجزيرة من أخبار وآراء) والإعلام الالكتروني وللدور المتزايد للمواقع الاجتماعية عامة الشبابية خاصة ـ مثل فايس بوك ـ التي لعبت دورا حساما في تفجير الثورة التونسية وثورات الربيع العربية ؟
للاجابة عن هذه التساؤلات وغيرها لابد من التفكير بهدوء في التحديات العميقة التي تواجه الإعلاميين والطبقة السياسية في هذه المرحلة التاريخية التي تمر بها تونس . وفي هذا السياق تحتاج تونس ونخبها الى حوارات معمقة وهادئة تتجاوز الاولويات الظرفية لمختلف الاطراف والاحزاب السياسية . ولن يتحقق ذلك الا اذا انجزت دراسات ميدانية وموضوعية للمحاور التالية :
+ 1ّ. القيام بقراءات مقارنة لتطور المشهد الاعلامي التونسي قبل 14 جانفي لفهم عمق التحولات التي شهدها. + قراءة تحليلية للمواقع الاجتماعية في تونس وخاصة « للفايس بوك » الذي اصبح له حوالي مليونين ونصف مليون تونسي وتونسية أي ان ربع شعب تونس تحولوا الى صحفيين وسياسيين مع ما في هذا التطور الفجئي من ايجابيات ونقائص وما يحف به من مخاطر من بينها توظيف الشبكة الاجتماعية لتبادل الاتهامات الخطيرة بين زعامات الاحزاب والاعلاميين وصناع الراي ومعتنقي مواقف دينية وايديولوجية متناقضة . + انجازتقييمات لمساهمة الفضائيات العالمية الجديدة ـ وخاصة قنوات شبكة الجزيرة والعربية والمنار والعالم وام بي سي والقنوات الفرنسية المؤثرة في تونس والبلدان المغاربية ـ في الثورة التونسية والثورات العربية ..كما ينبغي انجاز دراسات استشرافية لاحتمال مساهمة تلك الفضائيات وغيرها في انجاح الثورة التونسية الثورات العربية او اجهاضها . + قراءة استشرافية لدور القنوات التلفزية والاذاعية التونسية الحالية والناشئة . + قراءة لدور الصحافة المكتوبة والالكترونية في تونس خلال مرحلة الانتقال نحو الديمقراطية يقدمها .  
والاهم من كل هذا تقديم جميع الخبراء توصيات ومقترحات عملية لكل الاطراف المعنية بالملف الاعلامي وعلاقته بمستقبل الحياة السياسية والحزبية والتطورات الاقتصادية والاجتماعية حتى يساهم قطاع الاتصال فعلا في انجاح الاصلاحات وتكريس شعارات شباب الثورة ولا يتورط في الانخراط في مخططات اجهاضها التي تقف وراءها بعض لوبيات المصالح والايديولوجيات وقوى محلية وخارجية لها اجندا خاصة تتنااض مع تطلعات الشعب التونسي للتقدم والرقي . كمال بن يونس رئيس منتدى ابن رشد المغاربي للدراسات بتونس 98323226 www.maghreb-news.net

<



تشهد تونس اليوم حراكا سياسيا ومدنيا غير معتاد منذ سنوات كثيرة تميز بخروج العديد من فصائل اليسار التونسي من دهاليز العمل السري الذي فرض عليها ، والذي طبع عملها ودعايتها بخاصية التشنج والانفعال وأعاق اتصالها الواسع بجماهير الشعب ، هذا الانفصال (على المستوى التنظيمي ) بين المثقفين العضويين والسياسيين وبين الجماهير العريضة دفع بجل التنظيمات ( ان لم اقل اغلبها) الى التقوقع والانغلاق التنظيمي والبرنامجي الذي وجد تبريراته الموضوعية والذاتية في التصدي لمحاولات الاختراق الدائم الذي تنتهجه السلطة البوليسية تجاهها من اجل ضرب تواجدها او تقويض وحدتها التنظيمية او تحويل وجهة برامجها من جانب ، ومن جانب آخر الى الاكتفاء بالمقاربات النظرية التاريخية وتغليب جوانب التحريض والانضباط الإيديولوجي على رسم خطط عمل معقولة وبرامج سياسية واقعية تنطلق من رصد الإشكاليات السياسية والاجتماعية المطروحة وتقديم البدائل والحلول اللازمة لها ( باستثناء بعض المبادرات ). لئن لم يدخر جهاز الديكتاتورية القائم جهدا او مؤسسات في عزل تيارات اليسار وتشويه رموزه واطروحاته ، فان قوى اليسار التونسي ورغم ممانعتها الايديولوجية وتمسكها بالاصطفاف مع قوى التقدم والثورة ومع مصالح الفئات والطبقات المضطهدة ومع الوحدة الوطنية القائمة على تغليب المصلحة العامة والمساواة التامة بين المواطنين ضمن قيم كونية تؤمن بالانفتاح والاخاء بين شعوب العالم وأممه المقهورة ، فشلت في عملية الربط مع الجمهور الواسع وتناست أهمية التحول من حملة لمشروع انساني الى دعاة لهذا المشروع ، من مفسرين للظلم والاظطهاد الى مناضلين من اجل أن يعي الناس بظروف اضطهادهم لتغييرها ، وبلغة اخرى في ان يتوحدوا مع قوى الشعب في جبهة حقيقية وعملية ، تناضل من مواقع متقدمة وبندية كاملة ضد أجهزة القمع والاستغلال ، فارتضت لنفسها موقعا معزولا عن الجماهير يضمن لها نقاوتها وعذريتها « الثورية » التي قدمت لها بجمل وشعارات للماضي الغابر تسترجع بها أمجاد شعوب وطبقات وشخوصا تمرغت في الوحل حتى تنال شرف كتابة بعض فصول التاريخ الحديث كما صنعتها الشعوب وليس كما تروج أساطير الأولين والآخرين ، مما أسقطها في فصل النضال والمشروع النقابي والمدني عن المشروع السياسي (والحزبي بشكل خاص) فغلبت على جل تنظيمات اليسار العلاقات النقابية التي فرضتها البيروقراطية على قاعدة المصلحية الضيقة وتبادل المنافع وعقد التحالفات الانتخابية الظرفية واللامبدئية السياسية لنجد مجموعات من اليسار تتحالف مع أعدائها وأعداء الشعب أحيانا وتتآمر ضد حلفائها الطبقيين والسياسيين أحيانا أخرى للسيطرة على هذه النقابة أو تلك أو لاستقطاب هذه المجموعة من العناصر النقابية أو طلائع العمال أو تلك ، واقتصر نضالها السياسي على المناسبتية ( أحداث دولية أو قومية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية) أو على الشعاراتية الممانعة دون وجهة او برنامج مثلما كان الحال في أغلب الأوقات بالنسبة لليسار الطلابي والجامعة وتحول الصراع السياسي والفكري إلى اقتتال على هياكل الاتحاد العام لطلبة تونس وانقلابات على الشرعية داخله استعملت فيه أشكال متعددة ومتفاوتة من العنف من منع المختلفين من النشاط والتعبير الى العنف الجسدي والترهيب مرورا بالتشويه وتكسير التحركات من قبل المناضلين والتيارات السياسية لبعضها البعض . قد يبو هذا التقديم جلدا للذات او انتقاصا من شان قوى اليسار التونسي ، ولكني لا أرمي لذلك بقدر ما اعتقد ان عملية مراجعة النفس هذه ضرورية جدا لتدرك قوى اليسار دورها تجاه عملية التغيير الديمقراطي المطروحة في ساحتنا اليوم بما يخدم مصلحة السواد الأعظم من أبناء الشعب التونسي ولكي تتحول بشكل نهائي الى مؤسسات للتغيير تحمل مشاعل تتقدم بها الحركة وتنير لها طريق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتتصدر مهمة تأصيل قيم الحرية والمواطنة والتقدم في مجتمعنا والمجتمعات المحيطة بنا ،
ان من واجب قوى اليسار والتقدم ليس في تونس وحسب بل في مصر وفي كل الدول العربية التي تشهد غليانا شعبيا واستعدادا للنهوض من اجل استكمال مهمة التحرر الوطني وإرساء أنظمة سياسية مدنية ديمقراطية ذات طابع اجتماعي ، ان توسع دائرة العمل المشترك والنقاش الحر في كل الممنوعات وتفجير كل المواضيع المحرمة التي أثقلت كاهل مواطنيتنا باطروحات القرن الماضي ووقائعه ومعضلاته التاريخية التي غلبت عليها قضايا الاستقلال والمجتمعات القبلية والتخلف العلمي الفكري ..الخ و ان تتقدم الشعوب في مهمتها تلك لتحقيق مطمح تاريخي يجعلنا قادة حضاريين للعالم الحديث نطبعه بطابع حراكنا الثوري ونخلصه من بقايا الميز والشوفينية التي تقنن ثقافة الاستغلال والاستعمار والتعالي والغرور القومي أو الديني أو العرقي وندفع البشرية خطوة الى الامام نحو منظومة قيم ثقاقية وحضارية كونية تتعامل مع الانسان بوصفه إنسانا لا غير ، ان النهوض بهذه المهمة يفترض من قوى اليسار ان تقوم بمصالحة تاريخية مع جوهر أطروحاتها وتراثها النير وان تقوم بمراجعته مراجعة نقدية عميقة وصارمة حتى يستجيب لمتطلبات العصر ويكون سلاحها النظري والسياسي والاخلاقي الذي ستمكن منه الشعب ليتصدى لقوى الردة والرجعية ودعاة الفوضى (خلاقة او هدامة ) فوضى الانتاج والتوزيع ،ورافعي رايات الخرافة والأوهام وتأبيد السائد الأخلاقي والثقافي ..الخ ، والمصالحة مع واقعها ومع جماهير الشعب لتخرج من عزلتها التنظيمية والفكرية والبرنامجية لتتمكن من التوجه إلى الغالبية العظمى من أبناء الشعب وتوحدها حولها على قاعدة مصالحها المادية المباشرة وتنظمها للنضال بنفس الحدة وبالشكل الأكثر سفورا ضد أعداء تحررها وانعتاقها مهما كانت مسمياتهم وعباءاتهم الإيديولوجية أو العقدية ، ان احد الأخطار المحدقة بعملية التغيير الديمقراطي وتحقيق مطلب الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية يمكن تقسيمها الى ثلاث –1) القوى الخارجية التي تمثل مصالح الراسمال العالمي في شقه الغربي ومطمحه في سوق عربية استهلاكية مفتوحة من المحيط إلى الخليج وما يتطلبه ذلك من استقرار سياسي ذو هدفين مباشرين يتمثل الأول في التصدي للتطرف والارهاب وسحب البساط من تحت أقدام مريديه عبر استيعاب تيارات الإسلام السياسي ما يسمى بالمعتدل ، ويرتكز الثاني على اقامة انظمة سياسية مرنة وثابتة (يمكن تغييرها حسب المتغيرات) تمثل عمقا استراتيجيا للغرب لإيقاف التوسع الاقتصادي والسياسي للقوى الصاعدة (مثل الصين في إفريقيا وإيران في الشرق..) ولا هم لها في ذلك رقينا الحضاري أو تقدمنا الثقافي او الاجتماعي -2)جزء من الرأسمال الوطني (أو المحلي) والذي وان كان ممثلوه يساندون التغيير الديمقراطي ويرفعون مطلب الجمهورية الديمقراطية ليتمكنوا من تحرير الاستثمار من قيود المافيات والاحتكار وليجدوا لهم موقعا تحت شمس قانون الربح العالمي ضمن نادي الرأسمال العالمي إلا أنهم يدفعون في اتجاه تقليص حجم المكاسب الاجتماعية التي يجب ان تقوم عليها عملية التغيير ومحاولة فرض ديمقراطية كسيحة تحد من طابعها الاجتماعي المنحاز لقضايا الفئات والطبقات المسحوقة -3) المجموعات السياسية الرجعية والانتهازية التي تتلاعب بعواطف ومشاعير الجماهير ومنها تلك الداعية الى إعادة أمجاد الدولة التيوقراطية ورافعي شعارات الدولة الدينية والممثلة لبقايا الرأسمال الريعي أو الهامشي( المحلي أو الأجنبي) الناتج عن عائدات البترول والمخدرات و تجارة الموت والدمار (وباختصار كل ما ليس له علاقة معلنة بالاستثمار والإنتاج السلعي الرأسمالي القانوني) ، والتي تعادي الديمقراطية شكلا ومضمونا ومعها مصالح الشعب ، ساعية تاسيس الفصل بين مكونات المجتمع على أسس روحية وعاطفية تقسم وحدته وتحوله الى كائنات متنافرة يسهل توجيهها واغراقها في صراعات لا علاقة لها بمصالحهم المباشرة تحولهم ألى أدواة مطواعة في خدمة سلطة المال. ان تحديد التناقاضات الأساسية التي تشق العالم والمجتمع واجب وضرورة ملحة لكي تتمكن قوى اليسار من تعديل بوصلتها النضالية وتحديد أصدقائها وأعدائها وضبط سلوكها السياسي الذي تخوض به معاركها الحقيقية انتصارا لقضايا الحرية والعدالة والمساواة ، اما بغياب هذا التحديد الدقيق فأنها تنزلق حتما الى معارك جانبية وواهمة تندفع اليها بحماسة وانضباطية لاهثة خلف اندفاعات الشارع واهوائه لتخسر قواها في تحالفات مغلوطة وتهدر طاقة الجماهير هباءا مخلفة الساحة السياسية لأعداء الديمقراطية وتحرر الشعوب أو على أفضل تقدير أنصار الديمقراطية الكسيحة والصارمة ضد مصالح الأغلبية ممن لا يملكون غير سواعدهم يتعيشون منها . ان المعركة اليوم تحددت منطلقاتها والفاعلين فيها بشكل يكاد يكون جليا (من تونس الى مصر مرور بكل المجتمعات العربية ) انها بين الديمقراطية الاجتماعية التي يجب ان تقود فيها قوى اليسار والتقدم تحالفا واسعا مع الديمقراطيين وأبناء الشعوب المنتفضة وبين أنصار الردة وغلاة الشوفينية (مسنودين من بعض الرجعيات العربية) من ناحية وقوى الهيمنة الاستعمارية في شكلها المعولم من ناحية اخرى ، ان اعداء حرية الشعوب والديمقراطية والعدالة يجدون مطلبهم في اشاعة الفوضى وتقويض الاستقرار وإحداث الفراغ الاقتصادي والسياسي الذي ينهك قوى الشعب البسيطة أصلا (في مستوى تنظمها وانظباطيتها ووعيها السياسي) مما يدفعها الى دائرة اليأس والارتباك الذي يسهل عملية التلاعب بعواطفها وتحويل وجهة حركتها لتنكفئ على ذاتها وتدخل في جدال دفاعي حول علاقة الخصوصي بالكوني والصراع بينهما ، وهي معركة لن تتمكن قوى اليسار من دخولها دون دعم جماهيري وعمل طويل وشاق معها يمكنها من تنوير العقول ومسح ما علق بذاكترها الجماعية من اوهام وخرافات ونزعات لا انسانية كرستها قرون من هيمنة دول وإيديولوجية وأخلاق الاستغلال والاستعمار ، ان مطالب إسقاط الحكومة أو تطهير مؤسسات الدولة أو إنشاء نظام برلماني او رئاسي … الخ على أهميتها ليست أساسية أو جوهرية بقدر بقدر ما لمهمة استكمال بناء الدولة السياسية الكاملة ( التي تفصل بين المجالين العام والخاص، بين الدين والدولة، بين الروحي والاجتماعي ) و تسمد مشروعية وجودها من المواطنية دون سواها على قاعدة قوانين وضعية تضبط العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية وفق عقد اجتماعي مدني ينظر للإنسان في شموليته وبصفته تلك ،يفتح لنا الباب أمام إمكانيات تحقيق مطمح إرساء منظومة قيم إنسانية كونية تتجاوز الحواجز والحدود الضيقة لمقولات الهوية والخصوصية وتدفع باتجاه المصالحة الحضارية والثقافية بين شعوب وأمم العالم وطبقاته المضطهدة لتوحد نضالها من اجل انعتاقها الاجتماعي والسياسي ، والخطر كل الخطر أن تنجرف قوى اليسار والتقدم يمينا وأن تصطف مع أعداء الديمقراطية اويسار وان تأخذ بالمظاهر وتخطأ في تحديد حالة موازين القوى ،ففي الاولى ستجد نفسها مجبرة على تقديم التنازلات الواحد تلو الآخر على حساب مشروعية الاحتجاج الاجتماعي وفي الثانية ستدفع بثوى الشعب الى معارك خاسرة وفي كلتا الحالتين ستجد نفسها مجبرة على الانعزال من جديد وستخسر شعوبنا امكانية تاريخية لتتقدم خطوة نحو فجر الحرية ، ان معضلة اليسار العربي عموما والتونسي تحديدا انه لم يدرك بعد كيف يتحول من حالة حلقية تدير نقاشات فكرية ونظرية سرية أو بين اسوار الجامعة تزينها وتطربها جمل رنانة وأشعار ثورية الى أحزاب سياسية تلتحم مع طليعة البروليتاريا والمحرومين لتقودهم بشكل منظم وشاق في عملية طويلة لتغيير الواقع والقضاء على الاستغلال يمكن أن لا يكون نصيبنا فيها غير كتابة بضع أسطر أو كلمات مضيئة في تاريخ البشرية الطويل التي لن تتوقف طويلا عند حدود عبر أي مستنقع عبرنا ولكنها ستحاسب بشدة وصرامة لو لم نعبره اصلا وتركنا ثمار ما زرعه شعبنا بدماء أبنائه على الجانب الآخر ليقطفه اللصوص. الجمهورية الديمقراطية هي سبيلنا الى الاشتراكية من اجل الديمقراطية الوعدالة الاجتماعية
محمد نجيب وهيبي ناشط بالحزب الاشتراكي اليساري عضو الهيئة الادارية الوطنية للاتحاد العام لطلبة تونس http://uget.tk http://psg-tn.tk

<



مصطفى عبدالله ونيسي / باريس في هذه الدراسة أحاول تسليط الضوء على علم من أعلام الإصلاح في وطننا الإسلامي الكبير. وهو علم استطاع، بما أوتي من حكمة وغزارة علم وإيمان،أن يؤسس لمدرسة فكرية متميزة في التربية والإصلاح. فهو مفكر وعالم مبدع كانت له إسهامات في الفكر الإسلامي الأصيل و المعاصر ،و التي بدأ المختصون في الفكر والبحوث الإسلامية في الشرق والغرب يعترفون بتميزها و نفاستها في مجال الإصلاح عموما، سواء منه الفكري أو السياسي والاجتماعي على حدِّ السواء ،و مع ذلك بقي هذا الرجل شخصية غير معروفة بالقدر الذي تستحقه خاصة في و طننا العربي بصفة عامة والمغرب العربي بصفة خاصة. وقياما مني و لو بجزء بسيط بواجب التعريف بهذا النوع الفذ ّ من المصلحين الذين رَهَنـُوا حياتهم ثمنا رخيصا لخدمة هذه الأمة ونهضتها وعزتها، يسعدني أن أقدم للقرّاء فذا من أفذاذ الإصلاح و التغيير السلمي في وطننا العربي و الإسلامي . إنـّه سعيد النورسي رحمه الله تعالى، المعروف ببديع الزمان النورسي. فمن هو سعيد النورسي(1876/1960)؟ هو ابن » ِلقـَرَوِيَيْنِ كـُرْدِيَيْنِ » متواضعين في شرقي الأناضول. عـُرِفَ والدَاه ُ بالاستقامة على الدين وتقوى الله ، وكان والده يشتغل بالفلاحة. تعلـّم سعيد في سلسلة من المدارس الشرعية في عصر اتسم فيه التعليم الشَّرْعِي بالانـْغِلاق وعدم مواكبة تطورات ومنجزات الحياة المعاصرة، فولـَّد هذا الشُّعُورُ عند النورسي رغبة جامحة في تكميل هذا النقص الذي كان يراه فادحا في شخصيته العلمية بالاطلاع على علوم الحضارة المعاصرة، فعلـَّم نفسه العلوم الطـَّبـِيعية والفلسفية وأصبح مدَّرسا ومصلحا تربويا كبيرا. كما أنـّه انخرط في الخدمة العسكرية للدفاع عن استقلال وسيادة الإمبراطورية العثمانية، فكان قائدا في جيش الإمبراطورية في الحرب العالمية الأولى. وأبلى البلاء الحسن في قتاله البطولي ضد الرُّوس في القوقاز، ولم يُـثـْنِهِ ذلك وهو في القتال عن كتابة جُزْءٍ من تفسير للقرآن الكريم. ثمَّ وقع في الأسر. وأ ُرْسِلَ إلى السِّجن لمدة سنتين كأسير حرب في روسيا التي فـَرَّ منها بعد ذلك. وبعد الحرب ساهم بكل حماس في دفع الحركات الاجتماعية و السياسية التي تولت مقاومة آثار الاحتلال البريطاني لاستانبول . وعند الإعلان عن تأسيس الجمهورية استدعاه مصطفى كمال أتاتورك الحاكم الجديد للبلاد، في محاولة منه لاستمالته واحتواء نشاطه السياسي و الاجتماعي، و عرض عليه منصبا في حكومة الجمهورية التركية الجديدة، ولكن هذا الأخير لم يقبل بهذا المنصب حفاظا على استقلالية قراره و نظافة منهجه و مصداقية دعوته الإصلاحية. فكانت النتيجة بطبيعة الحال اتهامه ظُلما بالتآمر على أمن الدولة و استقرارها في حركة تمرد اندلعت في شرقي الأناضول ضد النظام الجمهوري الجديد للبلد فأجْبـِرَ الرَّجُلُ على الرَّحيل إلى المنفى في غرب الأناضول لسنوات تلت بلغت الخمس والعشرين . وفي تلك الفترة انسحب الرّجل من الحياة العامة ليكرس حياته و موهبته لتفسير القرآن و كتابة مؤلفه النفيس « رسائل النور ». وهكذا نرى أن َّ سعيدا النورسي مرَّ في حياته العلميّة و الفكرية بمرحلتين رئيسيتين هما « سعيد القديم  » و  » سعيد الجديد ». و قد تزامنت هاتان الفترتان إلى حد بعيد مع المراحل الرئيسية التي عرفها التاريخ الحديث لتركيا، وهي العقود الأخيرة للإمبراطورية العثمانية، تليها الأعوام السبع و العشرين الأولى من عهد الجمهورية التركية التي أعلن عن تأسيسها يوم ألغيت الخلافة في 3مارس1924 م . هذا بالإضافة إلى فترة ثالثة ـ وهي فترة ما يعرف بسعيد الثالث ــ و التي تـُعتبر في جوهرها امتدادا لفترة  » سعيد الجديد » مع اشتمالها على بعض خصائص  » سعيد القديم  » ، و قد تزامنت تلك الفترة مع فترة حكم الحزب الديمقراطي(1950 ــ1960) . وقد مثلت السنوات العشر الأخيرة من حياة النورسي (2). هذه المراحل أبانت عن تفتح عقليته وقدرته على التفاعل الإيجابي مع محيطه من ناحية،وتطور فكره و مرونة منهجه الإصلاحي و حداثته من ناحية ثانية . وهي مراحل ينبغي على كل دارس مهتم بدراسة هذه الشخصية أن يتمعن فيها ويدرسها بعمق حتى يستفيد منها و يستنير بما توفر فيها من هـُدى و حكمة. لا شك أن حياة الرّجل كانت مليئة بالنشاط العلمي و التربوي ولكن ما يهمنا منها في هذا المقال هو رؤية الرجل للإصلاح عموما و موقفه من التغيير والرقي بوعي الإنسان نحو الكمال و الفاعلية من ناحية ثانية. فما هي رؤية الرجل للإصلاح ؟ و ما هو المنهج والمسالك الاصلاحية التي أفرزها فكر الرّّجل وبلورها ؟ النوّرسي و مسألة الإصلاح : سعيد النورسي هو واحد من أولئك العلماء والمفكرين الذين ساءهم حال أمة الإسلام وقد تساءل عن أسباب تأخر المسلمين و تقدم غيرهم ، ولكنه مع ذلك لم يستسلم لهذا الواقع قط ، فحاول أن يفهم وينقب و يكشف عن أهم أسباب تأخر هذه الأمة.و لم يكتفي النورسي بدور الكشف عن علل الإمبراطورية العثمانية،كممثل رسمي وأساسي لوحدة الأمة سياسيا، التي أصبحت القوى الاستعمارية تـُطلق عليها اسم الرجل المريض، وإنّما فعل ذلك بغرض البحث عن المعالجات الحقيقية لهذه العلل التي أصابت العالم الإسلامي بأسره في الصميم للنهوض به و بأمته مرة أخرى. و بناء على ذلك سخّـر حياته لهذه المهمة ،فحاول أن ينير السبل إلى كيفية النهوض بهذا العالم من جديد. وإذا أردنا أن نفهم المشروع الإصلاحي للنورسي فينبغي علينا العودة والاستفادة من دراسة رسائله المعروفة برسائل النور عامة،فهي مصدر هذا الإصلاح و محضنه الأول. كما أنَّ تتبع مسار التطور الفكري للنورسي في مختلف مراحل حياته الثلاث وقراءة عوامل و أسباب هذا التطور تفيدنا في بيان حقيقة مشروعه الإصلاحي كما كنا قد أشرنا إلى ذلك سابقا.وقبل الوقوف على أهم المفاصل التاريخية لحياة الرجل في مجال الفكر و التربية و الإصلاح بصفة عامة، لابد من التعريف ولو بإيجاز برسائل النّور باعتبارها الوثيقة الأولى والنص الأساسي و النظري لمشروع بديع الزمان النورسي؟ رسائل النور: النص المؤسس للمدرسة الإصلاحية للنورسي: قديما قالوا الشعر ديوان العرب. وكذلك رسائل النور فهي ديوان المشروع الإصلاحي للمصلح الكبير و المربي الفذ بديع الزمان الملا سعيد النورسي. وهي كما يصفها صاحبها : غذاء روحاني جريء(3) و مُعجزة قرآنية (4) ووسيلة تحافط على القرآن و تفسره (5) و حقيقة صوفية (6) و تنبيهات وإخطارات (7) وأنها ضياء معنوي (8) وأنّ مسلكها مقتبس من نور مسلك الصحابة الكرام (9). يحاول النورسي، من خلال ربطه لرسائل النور بالقرآن ،أن يقيم علاقة بين القرآن كنص مقدس ونصه الرسائل كنص بشري ، فأقواله و كتاباته لا تشكل أي نوع من العقائد الدينية المستقلة بذاتها وأن صلاحية هذه الأقوال و الكتابات إنما هي مـُستمدة من القرآن وحده الذي هو بالنسبة إليه : ( » خطاب و دواء »لجميع طبقات البشر من أذكى الأذكياء إلى أغبى الأغبياء، ومن أتقى الأتقياء إلى أشقى الأشقياء)(10) فالرسائل كما يراها صاحبها هي مجرد عمل يلخص كل الأفكار و المشاعر بأولياء الإسلام منذ البداية و حتى النهاية. وهو بهذا الربط بين نصه ونصوص غيره من علماء الإسلام الكبار يقيم نوعا من التواصل والعلاقة الخفية و التاريخية بينه وبين الآباء الروحيين الكبار للإسلام أ و حتى لبقية الحكماء و الآباء الروحيين للبشرية من غير المسلمين.(11) وهي كما يقول : ( إنـّما ترشحت من زُلال القرآن)(12) و(خرجت من القرآن)(13) فالتاريخ الإسلامي لم يخل حاله من مصلحين مجدّدين ( يبعث الله على رأس كل مائة عام لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها)،ورسائل النور هي بدورها تندرج ضمن هذا السياق ،فهي امتداد للفكر الإصلاحي التنويري الديني منذ العهد الأول للإسلام إلى الوقت الحاضر وإلى أن تقوم السّاعة. فرسائل النور هي النص الأول و الأساسي المؤسس للفكر الإصلاحي للمصلح الإسلامي الكبير سعيد النورسي رحمه الله. والانطلاق منها للتعرف على الأراء و الأفكار الإصلاحية للنورسي ضرورة منهجية و موضوعية تفرض نفسها. هذه لمحة جدّ ُ عامة عن سعيد النورسي و رسائله النورانية نمهد بها لدراسة التغيير السلمي عند العلامة الكبير بديع الزمان الملا سعيد النورسي رحمه الله و أسكنه فراديس الجنان الثلاثاء 3 أوت 2010 مصطفى عبدالله ونيسي /باريس هوامش: 1ــ خلاصة موجزة عن سيرة سعيد النورسي قد نعود إلى تفصيلاتها في دراسة تالية. 2 ــ نحو سيرة فكرية لسعيد النورسي : شكران واحدة ص 28من كتاب الإسلام على مفترق الطرق . 3 ـ المثنوي العربي النوري : سعيد النورسي،70 4 ـ الملاحق ( انظر ملحق بارلا) : النورسي،83 5 ـ ملحق قسطموني ، النورسي ،100 6 ـ نفس المصدر ،123 7 ـ نفس المصدر ص 202 / 8 ـ 9 ـ نفس المصدر ، 202/205 ـ 223 10 ـ المثنوي العربي ،100 11 ـ كيف نقرأ  » رسائل النور » لسعيد النورسي : ابراهيم محمد أبو ربيع ص 97 من كتاب الإسلام على مفترق الطرق 12ـ ختم التصديق الغيبي/ النورسي 9 3 13 ـ المكتوبات/ النورسي ص 479

<



ابراهيم بالكيلاني ( النرويج )
احتضنت الرابطة الاسلامية في النرويج يوم 1 ماي الدورة الخامسة للمؤتمر الدولي للقضايا الاسلامية المعاصرة الذي يترأسه الأستاذ الدكتور محمد الطبطبائي ، تحت عنوان  » التربية الإيمانية و أثرها على الفرد و الأسرة و المجتمع  » . و قد شارك في المؤتمر مجموعة من الدعاة من دولة الكويت (الأستاذ الدكتور محمد الطبطبائي عضو هيئة الإفتاء في الكويت و العميد السابق لكلية الشريعة ، السيد وكيل مساعد وزير بالأوقاف الكويتية الدكتور عبدالله البراك الأستاذ الدكتور بدر الماص ، الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المطوع ، الدكتور أنور السليم و الدكتور عبدالرحمن المطيري ) و من المملكة العربية السعودية ( مدير مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور عياض السلمي ، الدكتور عبد العزيز سعود الضويحي ، الدكتور عبد الله عمر عبدالكريم و الدكتور عبد المجيد عبد الرحمن الدرويش ) . و قد كان حضور السلك الديبلوماسي العربي بارزا يترأسهم عميد السفراء العرب و المسلمين في النرويج سعادة سفير المملكة المغربية و القائم بأعمال السفارة السودانية و ممثلين عن كل من السفارة التونسية و الجزائرية . إضافة إلى مشاركة منسق المجلس المشترك للجمعيات الدينية في النرويج السيد Espen Lynne Amundsen و رئيس لجنة الأئمة بالمجلس الاسلامي النرويجي الدكتور Dr. Faruk Terzic .
 
1.كلمة رئيس المؤتمر الأستاذ الدكتور محمد الطبطبائي :
 

و بعد تلاوة عطرة لآيات من الذكر الحكيم افتتح الأستاذ الدكتور محمد الطبطبائي الدورة الخامسة و مما جاء في كلمته : إن المؤتمر الدولي للقضايا الاسلامية المعاصرة يهدف إلى التواصل بين العلماء و أبناء الجالية و خاصة الأئمة و قيادات المراكز الاسلامية لأنهم هم أداة التواصل . و مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه و سلم بأنه من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم و أن العلماء و رثة الأنبياء . فالعلماء يبيّنون الأحكام الشرعية و هم ملجأ تساؤلات المسلمين في المسائل العملية و الاجتماعية . و رغم الانشغالات الكثيرة للعلماء إلا أنه تتوفر أحيانا فرصا للقاء بين العلماء و المسلمين ، و من هذه الفرص هذا المؤتمر المبارك إن شاء الله تعالى . يهدف هذا المؤتمر للتواصل بين العلماء و الباحثين و عموم المسلمين من ناحية و إلى التعرّف على المشكلات التي تعيشها الجالية المسلمة من ناحية أخرى و التي تستحق المزيد من النظر و البحث ، إضافة إلى فرص التواصل المباشر مع العلماء لحل بعض القضايا الشخصية على هامش المؤتمر . مع ادراكنا بأن للمراكز الاسلامية مَن لهم أهلية و يتصدون لتقديم المعالجات المناسبة لبعض المشاكل . و رغم ذلك فالمشاورة هي دأب العلماء و البحث هو الطريقة المثلى للوصول إلى المعالجة المطلوبة لكل ما ينزل بالمسلمين في مختلف أحوالهم . و يعالج المؤتمر في هذه السنة موضوعا يتعلق بالجانب الإيماني ، فهذا الجانب ينعكس على سلوك المسلم و المسلمون بحاجة إلى معرفة طرق تنميته لأثره الكبير في حياة الأفراد و المجتمعات . فالمسلم سفير لإسلامه ، فتصرفه لا يكون شخصيا و إنما هو عام . فالصحابة الكرام عندما قالوا :  » ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا  » ، قال المفسرون مناسبتها أنهم دعوا الله أن لا ينهزموا في المعركة حتى لا يقول أحد لو كان الاسلام على حق لما انهزم المسلمون . فانهزامهم يؤثر على اقبال غير المسلم على الاسلام . كذلك فالانهزام الثقافي و الانهزام الأخلاقي سيكون سببا لعدم اقبال الآخرين على الاسلام و الدخول فيه . و في هذا المقام يجب التأكيد على هذه القضايا كلها المعلومة لديكم لأن الله سبحانه و تعالى يقول :  » و العصر إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر  » . فلا يكفي أن يعلم الإنسان و لكنه بحاجة دائمة إلى من يوصيه و يذكّره :  » و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر  » . فالحق يحتاج إلى علم و العلم يحتاج إلى من يبذل نفسه . قال العلماء من اشتغل في غير العلم سنة فهو سينسى هذا العلم . فلا بد من مذاكرته خاصة مع مشاغل الحياة المتزايدة .
و قد اخترنا بناء على دعوة كريمة من الرابطة الاسلامية النرويج بأن تعقد الدورة الخامسة في النرويج و في هذا المركز الطيب إن شاء الله تعالى ليستفيد منه رواد هذا المركز و بقية المراكز في النرويج. فمركز الرابطة الاسلامية في النرويج من المراكز الموثوقة و المعتمدة في دولة الكويت و هناك تواصل ثقافي و دعم مادي و معنوي لهذا المركز . و ذلك لثقتنا في القائمين على هذا المركز ، فهم موثوقون فكريا و في أمانتهم و نحسبهم كذلك و لا نزكي على الله أحدا .
اخترنا عقد هذه الدورة في النرويج و وفق دورية المؤتمر فلن نتمكن من العودة إليكم إلا بعد 15 سنة إن شاء الله تعالى ، ونسأله سبحانه و تعالى أن يحيينا و يحييكم إلى ذلك الوقت . فالمؤتمر يعقد كل سنة في دولة غربية و في مركز موثوق لدينا .
فباسمي و باسم جميع من حضر نتقدم بالشكر الجزيل إلى كل من ساهم في انجاز هذا المؤتمر الذي نعلم الجهد المبذول لإنجازه ، فجزاكم الله عنا كل خير من رئيس للرابطة و جميع العاملين فيها ، الذين كانوا حريصين أشد الحرص على أن يخرج المؤتمر بأبهى حلة و توصيات و نتائج مهمة . و الشكر موصول إلى كل الحاضرين من البعثات الديبلوماسية و ما حضورهم إلا دليل على مستواهم الثقافي و درجة حرصهم على رعاية الجاليات المسلمة و متابعة شؤونهم . و كذلك جميع الاخوة أئمة المساجد من مختلف المراكز الاسلامية في النرويج ، و من حضر من المثقفين من الجاليات المسلمة . فجزاكم الله عنا كل خير و نسأله تعالى ان تكلل مثل هذه الجهود بالتوفيق و سوف يشع ضيوف المؤتمر بعلمهم على بقية المراكز الاسلامية طيلة إقامتهم في النرويج .
2. كلمة رئيس الرابطة الاسلامية في النرويج :
رحب الأستاذ ابراهيم بالكيلاني رئيس الرابطة بجميع الضيوف و توجه بالشكر الجزيل و التقدير الكبير إلى الأستاذ الدكتور محمد الطبطبائي رئيس المؤتمر على قبوله بعقد الدورة الخامسة في النرويج و مما جاء في كلمته :  » .. تنعقد الدورة الخامسة للمؤتمر الدولي للقضايا الاسلامية المعاصرة تحت عنوان « التربية الإيمانية و أثرها على الفرد و الأسرة و المجتمع » . و نثمّن هذا الاختيار لما للتربية الإيمانية من أهمية في البناء الداخلي للإنسان أو ما حدّده الدكتور عبدالمجيد النجار بتزكية الفرد و ذكر فيها ثلاثة أنواع من التزكية :
1. تزكية النفس بمعنى  » تنمية طاقات الخير و النجاعة و تطهير من شوائب الشر و الكلالة  » . و تثمر التربية الإيمانية على هذه الواجهة طمأنينة و أمنا نفسيا مصداقا لقوله تعالى  » ألا بذكرِاللَّهِ تطمئِنُّ القُلُوبُ « ( يونس/62) و غزة و قوة و فخرا مصداقا لقوله تعالى  » و للّهِ العزّةُ و لرسولهِ و للمؤمنين  » (المنافقون/8) .
2. تزكية الفكر من خلال ما يمنحه من آفاق في التفكير لإدراك الحقائق و تدبير شؤون الحياة.و أبرز ما يمنحه الإيمان في التصور الاسلامي في مجال التفكير : سعة النظر ، يقول الله تعالى  » قلِ انظُرُوا ماذا في السماواتِ و الأرضِ و ما تُغني الآياتُ و النُّذُرُ عن قومٍ لا يُؤمنون  » ( يونس/101 ) . و الإيمان يحرر الفكر من الهوى و الشهوة ،و من موروث الخرافات و الأساطير و من توجيهات الكهنة و الطغاة .
3. تزكية العمل : يؤثّر الإيمان في سلوك الإنسان تأثيرا بالغا ، في اتجاه السّداد الخُلقي من خلال الاستشعار بالرقابة الدائمة . و في اتجاه السّداد النفعي العام .  » فالإيمان بالله حق الإيمان يصوغ كيان الفرد صياغة مميّزة ، فيجعله ينمو صعدا في سلّم الخير و الإثمار و الفعاليّة  » . و للإيمان أثر في تزكية البعد الجماعي من خلال ما يثمره من :  
1. وحدة للجماعة : شعورا و ولاء و غاية . 2. و تحريرا للإرادة من كل أنواع الاستبداد . 3. و تحقيقا للتكافل الاجتماعي 4. و تعميقا للمشترك الإنساني و ذلك بالانفتاح على  » البعد الكوني لتصبح معايير و مقاييس للتعامل مع الآخرين باعتباراتهم الإنسانية التي يشترك فيها كل الناس بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية و الدينية و الحضارية كالعدل و الحرية و المساواة في الكرامة الإنسانية ، و الإنصاف و التعارف ..  » .
فتحت ظلال هذه الأشجار الإيمانية نستقبلكم ، و لثمارها الجنيّة ندعوكم . فأهلا و سهلا بكم و تحيات تقدير و إكبار إلى ثورتي تونس و مصر اللتان تخطّان طريق تحرير فعالية القيم الإيمانية و تَعِدان بحالة ناهضة للأمة . و نسأل الله لهما السداد في النظر و العمل و للبقية السلامة و التوفيق  » .
ثم تناول الكلمة منسق المجلس المشترك للجمعيات الدينية في النرويج السيد Espen Lynne Amundsen و الذي أكد على أهمية الحوار ، و أشار إلى أن المجلس مظلة ينضوي تحتها 14 مؤسسة ممثلة للأديان و للتوجهات الانسانية و للجمعيات غير المؤمنة . و هذا ميزة تتميز بها النرويج . و قد تأسس المجلس منذ 15 سنة . و ذكّر اسبن أن المجلس يشتغل على محورين أساسيين في هذه المرحلة :
· السياسة الدينية مع الحكومة النرويجية · الحوارية بين جميع الأديان و الاتجاهات من أجل معرفة و فهم متبادل أكبر
أما كلمة السلك الديبلوماسي فقد ألقاها السفير المفربي الذي شكر الأستاذ الدكتور محمد الطبطبائي على إقامة الدورة الخامسة في النرويج و توجه بالشكر إلى الرابطة الاسلامية في النرويج على استضافتها للمؤتمر و حسن تنظيمها له. و قد أكد سعادته على أهمية استحضار بأن الملسم حقيقة هو سفير الإسلام ، فبالأخلاق الحسنة و بالاتقان في العمل و احترام القوانين نقدم الصورة الصحيحة للإسلام . أما كلمة المجلس الاسلامي النرويجي فقد ألقها الدكتور Faruk Terzic فقد أبرز فيها مجموعة من التحديات التي تواجه الأئمة في النرويج بداية : تعريفا و دورا . و أشار إلى بعض المسائل العملية التي تحتاج إلى دراسة و بحث و معالجة من طرف العلماء ، فالسنوات القليلة القادمة تواجه أبناء الجالية المسلمة في النرويج مشكلة طول يوم رمضان ، إذ تصل ساعات الصوم إلى 20 ساعة أو يزيد ! فما هو رأي العلماء في مثل هذه المسألة ؟ و غيرها من النوازل ..
و قد ألقى كلمة الضيوف الدكتور عبدالعزيز المطوع مرحبا بالضيوف و شاكرا ريئس المؤتمر و الجهة الحاضنة ، مؤكدا على أن التربية الايمانية في مختلف أبعادها الفردية و الأسرية و العامة مهمة جدا ، منبها إلى ضرورة الاهتمام بالجوانب المتعلقة بالأسرة و التحديات التي تواجهها ، متمنيا للمؤتمر بالنجاح و التوفيق .
و بعد هذه الكلمات قُدمت ثلاث مداخلات : الاستاذ الدكتور بدر الماص ، الاستاذ الدكتور عياض السلمي و الدكتور عبدالرحمن المطيري .  
و في فترة الراحة تم عقد لقاء مفتوح جمع كل ضيوف المؤتمر بهدف التعارف و الاطلاع على مشاغل الجالية و التحديات التي تواجهها . و بعد صلاة العصر قُدمت أربع مداخلات : الاستاذ الدكتور عبدالعزيز المطوع ، الدكتور عبدالرحمن المطيري ، الدكتور عبد العزيز سعود الضويحي و الدكتور أنو السليم ، و فتح الحوار مع الحاضرين و انتهى المؤتمر بتقديم شهادات شكر و تقدير من الجهة المنظمة .

<



عبد الباري عطوان
كثيرة هي المفاجآت التي تأتينا من العاصمة السعودية الرياض، ولكن آخرها، وهي دعوة كل من الاردن والمغرب، للانضمام الى مجلس التعاون الخليجي، فوراً دون تردد، نزلت على الكثيرين كالصاعقة، سواء داخل المجلس او خارجه، من حيث توقيتها او الاهداف الغامضة التي ترمي الى تحقيقها.
العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز هو صاحب هذه المبادرة، تماماً مثلما كان ولا يزال صاحب مبادرة السلام العربية في طبعتها الاصلية، ولا يقدم على مثل هذه الخطوات، الا من اجل مواجهة خطر ما يهدد بلاده على وجه الخصوص، ويريد تحصين البيت استعداداً لهذه المواجهة.
احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) (الهجوم على برج التجارة العالمي في نيويورك) ومشاركة 15 سعــــودياً مـــن بين 19 (مجموع عدد المهاجمين)، ورغـــبة المملكـــة في امتصاص الغضـــبة الامريكــــية وتجنب خسارة حليف امريكي استراتيجي، كلها عوامل دفعت العاهل السعودي الى اطلاق مبادرة الســـلام العربية التي تحقـــق اعـــترافا وتطبيعا كاملا مقابل انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة عام 1967. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو عن الخطر الجديد الذي يقف خلف نسف صيغة مجلس التعاون الخليجي الحالية التي استمرت ما يقرب من الثلاثين عاماً، وكل الادبيات والاتفاقات التي احاطت بها، او تفرعت عنها، واضافة عضوين جديدين ينقصهما الكثير من شروط العضوية الصارمة، وعوامل التجانس الحتمية للانضمام الى هذا النادي المحافظ والمخملي.
هناك من يقول انه الخطر الايراني الذي فرض هذه الاستثناءات في شروط العضوية، وهناك من يجادل بان خروج مصر مما يسمى بمحور الاعتدال كان سبباً قوياً لا يجب الاستهانة به، وثالث يعتقد بان مرحلة الاستقطاب المذهبي الزاحفة الى المنطقة بقوة، والمنطقلة من البحرين بالذات، تحتم تكوين مخزون سني، او بالأحرى عمق امني سني، يعزز دول الخليج المخترقة بخلايا ايرانية، نائمة وصاحية، يمكن ان تزعزع استقرار المنطقة اذا ما اعطيت لها الاوامر من طهران للتحرك.
اختيار الاردن والمغرب لم يكن عفوياً او ارتجالياً فالدولتان تملكان اقوى جهازي مخابرات في الشرق الاوسط، وتقيمان علاقات تحالف استراتيجية مع واشنطن، والاهم من كل ذلك انهما دولتان ‘سنيتان’ بالمطلق، ولا يوجد فيهما اي مذاهب اخرى، وهذه مسألة على درجة عالية من الاهمية بالنسبة الى العاملين في مطبخ السياسة السعودية على وجه الخصوص.
بعد احتلال القوات العراقية للكويت في آب (اغسطس) عام 1990، استنجدت الحكومة السعودية بنظيرتها الباكستانية لارسال قوات لحمايتها من اي هجوم عراقي على أراضيها اسوة بما حدث في الكويت، وفعلاً لبت الحكومة الباكستانية نداء الاستغاثة فوراً، ووصلت القوات المطلوبة الى حفر الباطن، ليكتشف السعوديون ان من بينها عناصر شيعية، فبادر العاهل السعودي الى الطلب من رئيس وزراء باكستان سحب هذه العناصر بسبب حساسية المنطقة (توجد فيها اقلية شيعية) فاعتذر الباكستانيون بانهم لا يستطيعون ذلك، فجرى صرف النظر عن الاستنجاد بأي قوات باكستانية في المستقبل، وربما هذا العامل هو الذي حتم اللجوء الى المغرب والاردن هذه المرة. ‘ ‘ ‘ من الواضح ان العاهل السعودي، الذي استاء من نجاح الثورة المصرية في اطاحة نظام الرئيس حسني مبارك، ثم غضب من جراء تقديمه واعضاء اسرته، ورجال بطانته الى المحاكم بطرق مهينة، فهو يعتبر الرئيس مبارك رئيس قبيلة، او في منزلته، ورئيس القبيلة لا يمكن ان يخلع او يهان. وهذا ما يفسر حالة البرود التي تسود العلاقات حالياً بين مصر الثورة والمملكة العربية السعودية.
لا نعرف ما هو موقف دول الخليج الاخرى من هذه الخطوة السعودية المفاجئة، وكذلك رد فعل الشعب اليمني الذي وعد بالانضمام الى المجلس ولم يظفر من الجمل الخليجي حتى الآن بغير أذنه، ولكن ما نعرفه ان دولاً خليجية ليست مرتاحة، وعارضت التسرع في ضم الاردن والمغرب دون دراسة وتمحيص الامر الذي يعني اضافة موضوع خلاف جديد الى جانب الخلافات الحدودية القائمة، مثل الخلاف الحدودي الاماراتي السعودي حول شريط العيديد وحقل الشيبة، والخلافات الأخرى مثل العملة الخليجية الموحدة والاتفاقية الامنية، والتنقل بالبطاقة وبعض قوانين الاقامة والعمل.
منطقة الخليج تواجه حالياً خطرين اساسيين الاول هو الطموح الايراني الاقليمي المتصاعد والمدعوم ببرنامج نووي يوشك ان يعطي ثماره، وترسانة من الاسلحة التقليدية الهائلة، والثاني هو الثورات الشعبية التي تجتاح المنطقة وتطالب بالحريات الديمقراطية والشفافية والمساواة وحكم القانون.
العاهل السعودي يريد تشكيل محور جديد لمواجهة الخطر الايراني اولاً، والحفاظ على الملكيات العربية في مواجهة ثورات التغيير، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وهذا ما يفسر ارسال المملكة ومن ثم دول خليجية اخرى قوات عسكرية الى البحرين لحماية نظامها من الانتفاضة الشعبية المطالبة بالاصلاحات، وهي انتفاضة متهمة بطابعها الشيعي، والدعم الايراني لها.
وربما يكون من السابق لاوانه التشكيك بفرص نجاح المحور الجديد الذي ما زال في طور النمو، ولكن من المفيد في الوقت نفسه تسليط الاضواء على بعض المخاطر في هذا الاطار:
اولا: التجانس في المحور الجديد سيكون على مستوى القمة، اي الاسر الحاكمة، بحكم طابعها الملكي العائلي، ولكنه قد لا يكون كذلك على مستوى القاعدة. بمعنى ان هذا التجانس كان متكاملاً، او الاقرب الى التكامل في مجلس التعاون في شكله الحالي، ومثل توسيعه، اي على صعيدي القمة والقاعدة معاً (الشعوب والحكام) وكان هذا التكامل هو سر استمراره منذ تأسيسه عام 1981 لمواجهة الثورة الايرانية بقيادة الامام الخميني. ثانيا: ربما يكون انضمام الاردن الى مجلس التعاون يحقق احد الشروط الضرورية، اي الامتداد الجغرافي، ولكن ليس الحال كذلك بالنسبة الى المغرب، الامر الذي يذكرنا بالحال الذي انتهى اليه مجلس التعاون العربي بين العراق ومصر واليمن والاردن للسبب نفسه ولاسباب عديدة ابرزها طموحات الرئيس الراحل صدام حسين في الزعامة، ومخاوف مصر والاردن منها بحكم ارتباطهما بالغرب وامريكا على وجه الخصوص. ثالثا: العاهل المغربي محمد السادس ليس مثل والده في تطلعه الى المشرق، وهو يفضل التمدد شمالا نحو اوروبا، والابتعاد كليا عن القضايا العربية الشائكة، فلم يعقد إلا اجتماعاً واحداً للجنة القدس التي ورثها عن والده، ولم يستضف اي قمة عربية طارئة او عادية، ومن النادر ان يشارك في هذه القمم في حال انعقادها، ويحرص على الوحدة الوطنية المغربية (تحقق التلاحم بين العرب والامازيغ) اكثر من حرصه على الوحدة العربية والقضايا المتفرعة عنها.
رابعا: الملكية في الاردن والمغرب شبه دستورية، وفي البلدين تعددية حزبية، والحد الادنى من حكم القانون، وصحافة تتمتع بهامش نسبي من الحرية وخاصة في المغرب، بينما الملكيات الخليجية اوتوقراطية، وليست دستورية على الاطلاق، ولا تعرف التعددية الحزبية بل لا تسمح بها. مضافا الى ذلك، ان الاردن والمغرب واجها الانتفاضات الشعبية بتقديم تنازلات واجراء بعض الاصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية، بينما واجهتها البحرين بالقمع والحلول الامنية الدموية، اما السعودية فأضافت إليها الرشوة المالية (مئة مليار دولار لتحسين القطاعات الصحية والتعليمية والاسكانية وتوفير المساعدات والوظائف للعاطلين) الى جانب القمع الامني وتضييق مساحة الحريات (تعديل قانون المطبوعات). * * * ردود الفعل في المغرب للدعوة الى الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي جاءت فاترة، بينما كانت اكثر حماساً في الاردن، الفتور المغربي الرسمي والشعبي، يأتي من الخوف على حدوث انتكاسة في الانجازات الديمقراطية، والاصابة بفيروس الاوتوقراطيات الملكية الخليجية، اما الحماس في الاردن فيعود الى الطموحات المالية والاقتصادية، فالمواطنون الاردنيون يعتقدون ان المليارات ستنهال عليهم وسيتنقلون في العواصم الخليجية بالبطاقات الشخصية كمواطنين اصيلين، وينتقلون من دور ‘المكفول’ الى دور ‘الكفيل’ في لمح البصر.
الحذر المغربي مفهوم، اما الحماس الاردني على الصعيدين الشعبي والرسمي فيتسم بالتسرع، فاذا كانت مليارات الخليج، وعلى مدى ثلاثين عاماً من تأسيس مجلسه، والاغاني العذبة حول ‘انا خليجي وافتخر’ التي تصدح بها الاذاعات والتلفزيونات، لم تهبط على الدولتين الاكثر فقراً وهما البحرين وسلطنة عمان، فهل ستهبط برداً وسلاماً على الاردن؟ نأمل ذلك خاصة في ظل ظروفه الاقتصادية الصعبة جداً هذه الايام.
نخشى ان تكون الحرب الطائفية المنتظرة قد اوشكت وان هذه الحرب تتطلب قوات مغربية واردنية، عسكرية وامنية، لان الولايات المتحدة المتورطة حالياً في حربي استنزاف بشري ومالي في العراق وافغانستان (حرب افغانستان تكلفها سبعة مليارات دولار شهرياً) وثالثة قادمة في ليبيا، لم يعد بمقدورها التورط في حرب رابعة اخطر ضد ايران القوة الاقليمية العظمى.
الاردن يلعب دائماً دوراً وظيفياً خاصاً في الحرب والسلم، في الحرب كوعاء تصب فيه الفوائض البشرية من جيرانه في العراق وفلسطين وسورية، وفي السلم كضمانة للاعتدال على الطريقة الغربية والامريكية خاصة. الآن توجد ملامح تدخل غربي قادم الى سورية، ومواجهة مع ايران، ولا بد ان يكون للنظام الاردني ‘دور ما’ فيهما اذا اقتضى الامر. النظام مستعد لتلبية النداء، مثلما فعل في الحرب الامريكية ضد الارهاب، وهذه التلبية قد تتطلب منها خسائر بشرية، وحتى يهضم الشعب هذه الخسائر ويتقبلها لانها ليست من اجل تحرير فلسطين لا بد من تقديم ‘حوافز’ او بالأحرى ‘رشوة’ له، وليس هناك اقوى تأثيراً من حافز ‘خلجنته’.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 ماي 2011)

<



هيثم مناع
عظّم الله أجركم وبعد.. لم يكن لدى محدثي الوقت لطويل العزاء، فمن حوله كل آثار التنكيل والعقوبات الجماعية بأهل المدينة، وليس ثمة متسع للمشاعر الشخصية: سجّل أخوي، الاتصالات مازالت مقطوعة، الكهرباء متقطعة، حظر التجوال شبه تام.. الخروج والدخول من كل منطقة في حي البلدة يحتاج لموافقة. رواتب الموظفين والعاملين في قطاع الدولة مازالت مقطوعة.. المدارس مغلقة والمساجد أيضا، محظور رفع الأذان، ولأول مرة منذ دخول الإسلام بلاد الشام تمنع الصلاة في المساجد يوم الجمعة.
لا يمكن لمحافظة قدمت حتى اليوم ثلثي شهداء انتفاضة الكرامة، وجاوز عدد معتقليها أكثر من نصف من اعتقل في سورية بعد 18/3/2011 والبالغ ثمانية آلاف شخص، أن تكون أمثولة الشباب السوري.. لا بد من تحطيم صورة القدوة وتعميم فكرة حلول النقمة على كل من يقف مع التغيير الديمقراطي. فالمطيع في منطق السلطة التسلطية مدلل والثائر مكبل، والهدف الأول للحل الأمني هو تحطيم الإرادات.
لجنة من الأهالي تقوم بتقييم الخسائر المادية في البيوت والممتلكات وقد سجلت اليوم خسائر بعض منازل حارة الأبازيد: المحامي مثقال الأبازيد، عبد الرحيم الأبازيد، هيال الأبازيد، عاطف الأبازيد، عبد العزيز الأبازيد، طه الأبازيد، أحمد اليوسف الأبازيد، نزار الأبازيد… سجّل: حرق، تدمير، تكسير ممتلكات منزلية، سرقة أدوات ومقتنيات، نهب عام. حتى ثانوية بنين درعا البلد تم نهب محتوياتها. في حين أصيب مسجد أبو بكر الصديق.. تم احتلال جامع بلال وبيت يوسف الأبازيد وموسى العبد وأبو أشرف السويدان وسليمان الأبازيد لتستخدم مقرات للأمن والقوات الخاصة، ولكي تتساوى أماكن العبادة في المظالم جرى استخدام كنيسة شمال الخط مقرا لهم أيضا. اليوم رأينا عددا من اعمدة الكهرباء تصل لتوضع مكان ما تم تحطيمه وتكسيره في الاسبوعين الماضيين. كل المحال التجارية تعرضت للنهب والسرقة من أجهزة الأمن والقوات الخاصة. مازالت الدبابات ترابط في المدينة، دبابتان عند خزان المياه الرئيسي، دبابة عند كل مصرف، ست دبابات عند المسجد العمري…
حدث جديد يقطع صمت حظر التجوال. لقد تم تشييع الشهداء حسن شحادة الأبازيد، بشار الأبازيد، أسامة بن الشيخ أحمد الصياصنة، عيسى غزلان، ياسر الأبازيد، عبد المحسن شحادة الأبازيد. وشارك في التشييع أكثر من 400 شخص يهتفون ‘يللي بيقتل شعبه خائن’، ‘الشعب يريد اسقاط النظام’.. وهذه أول مظاهرة مختلطة نسائية رجالية لأن آخر المظاهرات تحت الحصار كانت نسائية، ولم تتمكن مسيرات القرى القادمة من نصف القطر الشرقي والغربي قبل عشرة أيام، من الوصول لمدينة درعا، حيث حال إطلاق النار الكثيف واستشهاد أكثر من مئة متضامن من وصول المسيرتين إلى الأحياء المحاصرة.
مازالت مراكز الاعتقال المؤقتة والدائمة تعج بالشباب، ولا يشكل الإفراج اليوم عن قرابة عشرة سجناء نسبة تذكر لما بقي من معتقلين. أخبار باقي المحافظة ما زالت تحمل رائحة القتل العشوائي والتنكيل والتوحش الأمني. نوى ما زالت محاصرة، طفس تستعيد بعض أنفاسها، جاسم ونمر وإنخل تضمد جراح الأمس، 14 شهيدا من الحارة اليوم فقط، بينهم طفلان وأربع نساء وقد أحرق مشفى الرحمة في البلدة. قوات الأمن تدخل مدينة الحراك من الجهة الغربية بعد الغروب. يبدو أن عددا من الطلبة حاول التظاهر في المدينة الجامعية في حلب، في حين تستمر الاتصالات من أجل الإبقاء على تظاهرات يوم الجمعة في عموم محافظات سورية. ثمة حوادث متفرقة يتحدث عنها التلفزيون الحكومي السوري، في حين أوردت حركة شباب 17 نيسان للتغيير الديمقراطي تقريرا مختصرا من مدينة بانياس جاء فيه: بعد انقطاع تام للكهرباء والمياه والاتصالات الخليوية وخطوط الهاتف دام أربعة أيام، وبعد عودة خطوط الهاتف الأرضية جزئيا الى المدينة، ينكشف حجم الدمار والترويع الذي لحق بالبلد وأهله وقراه المحيطة من الجهة الغربية. مئات المعتقلين تم تجميعهم في الملعب البلدي وحي القوز حيث تم إنشاء مركز للاعتقال. المعاملة المشينة والتعذيب من الإهانات والتدعيس والضرب والجلد في مراكز الاعتقال المؤقتة. معظم الشباب والرجال بين معتقل وهارب ومتخف. عدد من المعتقلين اقتيد إلى القرى المجاورة لتتم أهانتهم واتهامهم بالعمالة والخيانة، تم الاعتداء على الطاقم الطبي في مشفى الجمعية في بانياس البلد واعتقالهم وتعذيبهم.. لم يتركوا شخصية ذات شأن إلا وقاموا بإهانتها، من أطباء وصيادلة ومهندسين ومشايخ وشخصيات اعتبارية. تم الاعتداء على عدد كبير من البيوت، حيث نرى آثار السرقة والتكسير. مئات البيوت تم نهبها وسرقتها، خصوصا التي لم يكن أهلها موجودين في المنزل وتم احتلالها من قبل الشبيحة والأمن يسرقون ما يمكن حمله ونقله من المنازل من شاشات التلفزيون حتى ملابس الأطفال! ويكسرون ما لا يستطيعون نقله كالأبواب والنوافذ وأدوات المطبخ.. تم تخريب وتكسير جامع الرحمن الذي يخطب به الشيخ انس عيروط .. وسرقة ما فيه من فرش وأثاث ونحوه. وتم الاعتداء بشكل كبير على المنازل المحيطة بالجامع (خاصة مكان إقامة الشيخ وعائلته) وثقب خزانات المياه الموجودة على السطوح في عمليات تخريب واضحة. تمت سرقة وتكسير بعض المحلات التجارية، خاصة المحلات الإلكترونية ونهبها وتمت سرقة جمعية البر والخدمات الاجتماعية القريبة من مبنى البلدية وهي تحتوي على مواد تموينية ومستلزمات ضرورية للفقراء والمساكين’.
لا تحرص السلطات الأمنية البتة على إخفاء تغولها ووحشيتها، بل أحيانا تحاول نشره على الملأ كوسيلة من وسائل الترهيب واستعادة سلاح الخوف. ويبدو أن مختصيها يعملون بكل الوسائل لتحويل مناطق وأحرار الانتفاضة إلى قوة نابذة عوضا عن أن تكون قوة جاذبة. على الصعيد الإقليمي وجه رئيس وزراء مصر رسالة ثانية للأسد، وعلى الصعيد الدولي أغلق الباب أخيرا أمام عضوية سورية لمجلس حقوق الإنسان وفرضت عدة عقوبات شخصية. وسائل الإعلام خففت بشكل بارز حجم تغطيتها للأحداث السورية. ويبدو أن ترويج السلطة لفكرة تقول بأن الأيام الصعبة خلفها وليست أمامها، جعلت العديد من مكاتب البورصة السياسية تعيد النظر في أسلوب تعاملها مع الانتفاضة، إلا أن الشباب الذي كان مركز القوة الفعلية، ونقطة ارتكاز المقاومة المدنية لم يقل كلمته الأخيرة.
‘ المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الانسان ـ باريس
 
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 ماي 2011)

<



ياسر الزعاترة
لم يكن بوسعنا أن نتورط في مستنقع الازدواجية في المحطة السورية، ولن نقول مثلما قال الأمين العام حسن نصر الله في معرض تعليقه على الحراك الشعبي البحريني إن الموقف في حالة دول المقاومة والممانعة قد يختلف عما عداه (لم يتحدث للأمانة عن تجاهل المطالب الشعبية، بل عن البحث عن مقاربة سياسية معقولة، مع أن تعاطي الحزب مع الأحداث لا يعبر عن هذا التوجه).
وعموما لم نقتنع يوما بأن بالمقاومة والممانعة تقف حائلا دون منح الناس حريتهم، ومن يعتقد أنه يلبي بالفعل أشواق الناس في العزة والكرامة ومواجهة الأعداء لن يخشى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع إلا إذا كان دكتاتورا في الداخل، بل إن مسار المقاومة والممانعة يغدو أكثر قوة حين يكون المقاومون والممانعون أحرارا وليسوا عبيدا لفرد أو نخبة معينة.
كنا ندافع عن النظام السوري تبعا لمواقفه المتميزة في دعم المقاومة في فلسطين ولبنان، وموقفه من العراق ودعمه للمقاومة وصولا إلى إفشال المشروع الأميركي الذي كان يخطط لإعادة تشكيل المنطقة. ولعلنا نشير هنا إلى ما كنّا نلاقيه من صعوبة في إقناع السوريين بحقيقة مواقف نظامهم المشار إليها، الأمر الذي يبدو مفهوما إلى حد ما، لأن من الصعب على المظلوم أن يرى خيرا في من يدوس على حريته وكرامته. من هذا المنطلق تحدثنا في البداية عن الإصلاح، وليس عن التغيير الجذري، وهو ما تردد أيضا في الساحة الشعبية السورية، لكن الرئيس لم يقابل مطالب الإصلاح السورية الشعبية إلا بالسخرية كما في خطابه أمام مجلس الشعب، مع أن السخرية لم تعهد عنه، ولا نتجاوز الحق إذا قلنا إن خطابات المديح لسيادته التي سمعناها تتردد في المجلس قد أشعرتنا بالخجل كعرب ومسلمين.
دعك من الأسباب التي قادت إلى انفجار مدينة درعا، وهي أسباب لا داعي للتفصيل فيها، لكنها تعبر عن العقلية الأمنية التي تحكم البلد، بدءًا باعتقال طبيبتين والإمعان في إهانتهما، لمجرد قول إحداهما لصديقتها « عقبال عنا » في التعبير عن فرحتها بما جرى في مصر، وليس انتهاء بموقف المحافظ من توسط وجهاء المدينة من أجل الإفراج عن الأطفال الذين اعتقلوا بسبب كتابتهم على الحيطان ضد النظام احتجاجا على ما وقع للطبيبتين، وهو موقف طاعن في الازدراء كما روى القوم.
عندما خرج الناس يطالبون بالإصلاح والحرية، ردّ عليهم الرئيس بالخطاب الساخر إياه، ثم رد تاليا بالرصاص الحي، وعندما انتفضت المدن الأخرى وتواصلت عمليات القتل خرج بإصلاحات شكلية مثل إلغاء قانون الطوارئ ومحكمة أمن الدولة، وذلك بدل الحديث عن إصلاحات دستورية ذات معنى.
ومع تواصل مسلسل القتل، ومعه التشويه الإعلامي للانتفاضة الشعبية والحديث عن مندسين وإرهابيين، تطورت المطالب الشعبية من إصلاح النظام إلى إسقاط النظام، الأمر الذي كان طبيعيا من دون شك، ولو اختلفت الاستجابة وتقدم النظام بإصلاحات حقيقية لاختلف الموقف برمته.
بعد اتساع نطاق الاحتجاجات وتوحد مطالب الناس في شعار إسقاط النظام، تفتق ذهن النظام عن خطة لعسكرة الانتفاضة، وذلك بأن يجري تحويلها من انتفاضة سلمية إلى تمرد مسلح، وبالطبع من خلال فبركات أمنية من جهة، ومن خلال مجموعات سلفية جهادية مخترقة من جهة أخرى، ونعلم أن للنظام خبرته الطويلة في التعامل مع هذه المجموعات اكتسبها خلال عمله معها في السياق العراقي، مع أنه ما لبث أن انقلب عليها بعد الضغوط الأميركية ووضوح فشل مشروع الاحتلال لحساب الحضور الإيراني، مع إعلان النوايا الأميركية بالانسحاب.
ونعيد التأكيد على أننا نتحدث عن اختراق، إذ لا يعتقد أن التيار المذكور يمكن أن يفكر بمثل هذا المسار، وقد ذهب أحد أهم منظري هذا التيار (أبو محمد المقدسي) إلى الاحتفال بالثورة الشعبية للسوريين. الطرف الآخر المتهم بحمل السلاح من قبل النظام هو الإخوان، وهنا لا تنطلي اللعبة على أحد أيضا، ليس فقط لأن الإخوان هم الأكثر حرصا على سلمية الثورة بعدما رأوا ثمارها في تونس ومصر (دعك من مرارة تجربتهم الماضية)، بل لأنهم لا يملكون القدرة أيضا، من دون أن يقلل ذلك من دورهم وحضورهم كجزء من الشعب السوري، هم الذي دفعوا أثمانا باهظة في مواجهته طوال العقود الثلاثة الماضية.
يخطئ الرئيس السوري إن اعتقد أن هذه اللعبة (لعبة عسكرة الانتفاضة) ستكون مجدية في مواجهة الانتفاضة الشعبية، في استعادة للمواجهة التي خاضها نظام والده مع الإخوان المسلمين مطلع الثمانينيات، والتي انتهت بمجزرة حماة الشهيرة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الناس الأبرياء.
يخطئ في هذا التقدير لجملة من الأسباب، أولها أن ما جرى في مواجهة نظام الأب كان تمردا مسلحا بالفعل، وكان يتلقى دعما ما من بعض الدول العربية، بل كان يُسمح له بجمع التبرعات حتى في أميركا والدول الغربية، وإن تم ذلك لأغراض ابتزاز النظام وإضعافه وليس إسقاطه واستبداله بإسلاميين راديكاليين، أما اليوم فهناك إصرار على نبذ العنف، حيث يهتف الناس في الشوارع « سلمية سلمية »، أما قصص السلاح فلا يبدو أنها تمر على الناس، بما في ذلك تمثيليات الجنائز التي تبث كل يوم على تلفزيون السوري (يذهب سوريون إلى أن بعضها لعناصر من الجيش والأمن رفضت إطلاق النار على المتظاهرين).
هناك ثانيا ما يتعلق بالوضع الدولي، ففي الحالة السابقة كانت هناك الثنائية القطبية، أما اليوم فالمشهد مختلف كما يعرف الجميع، ولن يكون بوسع روسيا أو الصين الدفاع عن قتل الناس الأبرياء في الشوارع، بدليل موقفهما في السياق الليبي حيال قرار مجلس الأمن رقم 1973.
هناك ثالثا ما يتعلق بالوضع الإعلامي، وهذه نقطة بالغة الأهمية، إذ إن ثورة المعلومات والاتصالات لم تعد تسمح لأحد بقتل الناس في السر، وزمن الهواتف المحمولة ذات الكاميرات وزمن اليوتيوب يفضح كل شيء، وبالتالي يستثير الرأي العام دولا وجماهير.
الأهم من ذلك كله هو ما يتعلق بالموقف الشعبي، ففي مطلع الثمانينيات لم يكن ثمة إجماع على الثورة على النظام، أما اليوم فالإجماع شبه متحقق إلى حد كبير، وحتى الحديث عن انحياز الطائفة العلوية للنظام لا يبدو محقا، لأن جزءا كبيرا منها ليس مع النظام، مع أن جرّ الكثير من أبنائها في معركة الدفاع عن النظام لا يبدو مستبعدا، وقد رأينا كيف تم تسليح الأقلية العلوية في مدينة بانياس التي كانت الأكثر تعرضا للقمع بعد درعا، ولا قيمة للقول إن أعداد المتظاهرين ليست كبيرة مثل مصر واليمن، لأن الخوف من دولة أمنية قمعية هو السبب، وينطبق ذلك على تردد بعض المناطق عن المشاركة، الأمر الذي لن يلبث أن ينتهي لينخرط الجميع في الثورة. في هذه الأثناء برزت مفاجأة في منتهى الإثارة تمثلت في التصريحات التي أدلى بها رامي مخلوف، المليادرير (ابن خال الرئيس)، لصحيفة نيويورك تايمز، والتي قال فيها « إذا لم يكن هناك استقرار داخلي هنا (في سوريا)، فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل »، ما يذكرنا بتصريحات مشابهة للقذافي.
كل ذلك يؤكد أن النظام لم يكن مخلصا في مقاومته وممانعته بقدر ما كان يعبر عن مصالح نخبته الحاكمة التي رأت أن كلفة المقاومة والممانعة أقل من كلفة الاستسلام كما كان يردد الرئيس السوري نفسه، الأمر الذي كنا ندركه بالطبع، من دون أن يدفعنا إلى التردد في مديح تلك المواقف قياسا بمواقف أنظمة أخرى كانت تذهب في الاتجاه الآخر، ومن أجل مصالح نخبها الحاكمة أيضا.
اليوم تبدو تصريحات رامي مخلوف محرجة إلى حد كبير للتيارات التي تدافع عن النظام وتقف معه في معركته مع شعبه، وفي مقدمتها حزب الله ومن يدور في فلكه، فضلا عن جحافل من القوميين واليساريين الذين لا يستحون من دفاعهم عن قتل النظام لأبناء شعبه، فضلا عن ترديد حكاية المؤامرة الخارجية، لكأن النظام هو وحده عنوان الوطنية والقومية، بينما السوريون مجرد جحافل من العملاء والمأجورين.
إنه منطق النخب الحاكمة التي تعلن استعدادها لحرق الأخضر واليابس من أجل مصلحتها بعد أن جمعت الثروة مع السلطة، وفي هذا الصدد يقول مخلوف في ذات المقابلة إن النخبة الحاكمة في سوريا قد تكاتفت أكثر بعد الأزمة (لا يريد الاعتراف بأنها ثورة مع أن كلامه يعكس ذلك)، مضيفا القول « نؤمن بأنه لا استمرارية من دون وحدة، وكل شخص منا يعرف أننا لا يمكن أن نستمر من دون أن نكون موحدين. لن نخرج ولن نترك مركبنا ونقامر. سنجلس هنا، نعتبرها معركة حتى النهاية ». وفي النهاية يعود إلى الدولة العبرية ليقول للغرب « يجب أن يعلموا أننا حين نعاني، فلن نعاني وحدنا ».
في ضوء هذه المعادلة، يمكن القول إن النظام قد قرر الذهاب بعيدا في منظومة القمع، كما يؤكد من جهة أخرى أن الانتفاضة الشعبية في سوريا قد تجاوزت فكرة الإصلاح، الأمر الذي يدركه النظام الذي أخذ يهرب إلى الأمام بتعزيز منظومة القمع والقتل، بدليل الدبابات التي أدخلها إلى مدينة درعا وبانياس وحمص ومدن أخرى، ويتوقع أن يدخلها إلى سائر المدن المنتفضة بالتدريج.
في هذا السياق جاء تحذير رئيس الوزراء التركي (أردوغان) من مغبة تكرار « حماة » أخرى، مع أن الأمر لن يكون بهذه السهولة، لكن أنقرة التي خاب أملها بسلوك النظام لم تجد غير هذا الكلام المتشدد لكي تعبر من خلاله عن مخاوفها مما يجري، وهي التي اتهمت طوال أسابيع بمحاباة النظام تبعا للعلاقة المتميزة معه، ويبدو أنها أدركت أن الشعب هو الأبقى، وأن النظام في طريقه إلى الزوال ولا يواجه أزمة محدودة النطاق وحسب.
من الصعب الحديث عن مآلات الانتفاضة الشعبية السورية بعد دخول العامل الدولي على الخط، ولا شك أن التدخل الغربي لا يمكن استبعاده، لكن الشعب السوري لن يقبل على الأرجح تكرار السيناريو الليبي، حتى لو سكت على عقوبات تطال رموز النظام.
لكن تعويل النظام على تحويل الانتفاضة الشعبية إلى تمرد مسلح، ومن ثم إصراره على هذا المسار على نحو غير مقنع للداخل والخارج، مع تصعيد آلة القمع قد يسهل لعبة التدخل، لا سيما أن أطرافا في المعارضة السورية في الخارج قد لا تجد في الأمر غضاضة بسبب قناعاتها الخاصة، ومواقفها من النظام.
هل فات أوان الإصلاح؟ من الصعب حسم جواب السؤال، وسيعتمد الموقف على ماهية الإصلاح المطروح وتطور الموقف الشعبي، إذ إن إعلان النظام عن خطوات إصلاحية حقيقية تفكك النظام الأمني، وتشمل تعديلات دستورية تطال المادة الثامنة من الدستور، وصولا إلى دستور جديد يؤسس لديمقراطية حقيقية وليس ديكورية على النمط السائد في مصر وتونس واليمن قبل الثورات، هذا الأمر قد يفضي إلى توقف الثورة في انتظار انجلاء الموقف.
لكن هامشية هذا الاحتمال، بل استحالته في واقع الحال، معطوفا على الإسراف في سفك الدماء كما وقع إلى الآن ويتوقع أن يتواصل خلال الأيام والأسابيع المقبلة، سيجعل هدف إسقاط النظام هو الوحيد المتاح. ويبدو أن لدى الشعب ما يكفي من الجاهزية والإصرار على هذه المعركة، وهو مستعد لدفع أثمانها الباهظة. ويبقى موقف الجيش الذي نتوقع منه أن لا يقل انحيازا للشعب من موقف الجيش التونسي والجيش المصري.
 
 
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 ماي 2011)

<



محمد عبد الحكم دياب
عقد السبت الماضي في القاهرة ‘مؤتمر مصر الأول’، وذلك بقاعة المؤتمرات الكبرى بمدينة نصر تحت شعار ‘الشعب يحمي ثورته’، وهي نفس القاعة التي كان يعقد فيها الحزب الوطني المنحل مؤتمراته السنوية. وتجاوز عدد الحضور أكثر من أربعة آلاف مشترك؛ من شباب الثورة والقوى الوطنية والسياسية والمجتمعية والمستقلة الفاعلة.
وولدت فكرة ‘مؤتمر مصر الأول’ على وقع ما جرى في استفتاء التاسع عشر اذار/مارس الماضي على التعديلات الدستورية، وصدور بيان دستورى جديد؛ أعطى الأولوية للانتخابات التشريعية والأرض غير ممهدة بعد لهذه الخطوة. فالثورة المضادة تراهن على نشر الفوضى، وفق معادلة صاغها حسني مبارك في خطاب تخليه عن الحكم حين قال إما الاستقرار أو الفوضى؛ أي ‘إما أنا أو الفوضى’.
وفي الوقت الذي كان المؤتمر فيه ينهي أعماله اندلعت فتنة طائفية في إمبابة، وهي واحدة من مدن الجيزة، وبؤرة عنف وتشدد منذ تسعينات القرن الماضي، ومازالت بيئتها خصبة لذلك؛ بسبب الازدحام والفقر والمساكن العشوائية. وهذا يقتضي إحداث التمهيد المطلوب، وتغيير الظرف الراهن، وخلق بيئة مواتية تتمكن فيها الثورة من بناء دولتها الجديدة؛ والانتخابات التشريعية التي فرضت نفسها على الاهتمام الرسمي والشعبي. تناولها ‘مؤتمر مصر الأول’ في إطار معالجة شاملة؛ من خلال أوراق تدور حول المبادئ الأساسية للدستور القادم، والرؤية المستقبلية للتنمية ومتطلبات العدل الاجتماعي، وقيام ‘مجلس وطني’ يناط به حماية الثورة واستمرارها ويهيئ المناخ لدخول الانتخابات والناس أكثر تحررا من إرهاب فلول الحكم السابق، وأكثر وعيا وقدرة على الاختيار السليم.
وتشكلت لجنة تحضيرية تعد للمؤتمر؛ مثلت شباب الثورة والجماعات السياسية والأحزاب والقوى المجتمعية الأكثر انحيازا للثورة وقبولا بها. وجدت اللجنة نفسها أمام إشكاليات عدة: إشكالية الدولة المدنية وضماناتها، وإشكالية الحماية الدستورية لموارد الدولة، وإشكالية الآلية المناسبة للعمل في بلد يسعى نحو ديمقراطية محصنة بسيادة الشعب. وتباينت وجهات النظر أثناء التحضير، حول مشروع ‘المجلس الوطني’، الذي أقره المؤتمر فيما بعد؛ فكان هناك من يرى فيه بديلا للبرلمان الغائب، واخرون يرونه عقل وذراع الثورة المدني والشعبي، الذي يتواصل مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ باعتباره السلطة السياسية الأعلى في البلاد، ويكون على علاقة بحكومة تصريف الأعمال. وغيرهم يعتبرونه منبرا للحوار حول النظام السياسي الجديد.
وانتهى ذلك إلى تحديد مهمتين كبريين لـ’المجلس الوطني’: الأولى.. وضع رؤية شاملة لنظام حكم وطني ديمقراطي. والمهمة الثانية هي المحافظة على مكتسبات الثورة واستكمال أهدافها، والمهمتان تحتاجان لجهود كبيرة يلعب فيها ‘المجلس الوطني’ الدور الأكبر.
وصدرت عن المؤتمر وثيقة سياسية من المهم أن يتعرف عليها الرأي العام؛ بدءا من تقديم التقدير والإجلال لأرواح شهداء الثورة الأبرار. وتحية الاف الجرحى والمصابين، وعلى هذا الصعيد أدانت الوثيقة ما يتعرض له المصابون من إهمال وصفته بالإجرامي، بسبب الحرمان من الرعاية والعلاج ومن أبسط الحقوق. وحيت الوثيقة الشعب في مصر وخروج ملايينه إلى الشوارع والساحات والميادين في طول البلاد وعرضها، فصنع واحدة من أكثر الثورات رقيا وسلمية في التاريخ الإنساني، وحيت الوثيقة جيش مصر الباسل، الذي لم يخيب ثقة الشعب فيه بانحيازه للثورة وتأكيده على شرعية مطالبها وأهدافها وحمايته للثوار. وطالبت بوضع دستور جديد.. عبر جمعية وطنية تأسيسية، قبل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.  
عرضت الوثيقة لما جرى فيما مر من الفترة الانتقالية من أحداث وتطورات إيجابية أهمها: التصدي لمحاسبة رموز الحكم السابق على فسادهم وجرائمهم. والشروع فى خطوات ملموسة لتصحيح مسار السياسة الخارجية، وضمان تحقيق المصالح الوطنية العليا، وعودة مصر لدورها المحوري وتأثيرها في محيطها العربي والإقليمي والدولى بعد تآكله وإنحطاطه إلى حد مهين وغير مسبوق.
ورصدت الوثيقة قائمة سلبيات وأخطرها هو إستمرار الغياب الأمني، وتزايد ترويع المواطنين، والخرق المستمر للقانون، وتكاثر الإعتداءات المشبوهة على المؤسسات والمرافق العامة، والإحجام غير المبرر لرجال شرطة عن ممارسة واجباتهم. والتباطؤ في الإجراءات والقرارات، التي تستجيب لشروط العبور الآمن للمرحلة الإنتقالية، مثل عدم حل المجالس المحلية المزورة الموروثة من النظام البائد، والإبقاء على محافظين منتمين فكراً وسلوكاً لعصر الفساد، الذى ثار المصريون عليه، وعدم التخلص من عناصر فاسدة مازالت تعشش في مؤسسات الدولة؛ خصوصاً فى الجامعات ووسائل الإعلام، والمحاكمات العسكرية للمدنيين، ومنهم شباب الثورة، والتسامح مع من يهددون النسيج الوطني ويشيعون الكراهية ويحرضون على التعصب، وهو ما يعيق بناء المجتمع الديمقراطي الذى يتطلع إليه الشعب.
وعبرت الوثيقة عن قلق المؤتمر من اتباع ما أسمته سياسة ‘الدولة المتفرجة’ في حوادث وممارسات استلزمت تحركا سريعا وحزما وفرضا لاحترام القانون وحماية السلم الأهلي. والبطء والارتباك الحكومي فى التعامل مع الوضع الإقتصادي؛ الناجم عن سياسات الحكم السابق الكارثية، وفي اتخاذ إجراءات وقرارات تعيد دوران عجلة الاقتصاد الوطني، وفي تنفيذ مشروعات تنعش سوق العمل وتخفف من الظلم الإجتماعي الفاحش بين الفقراء، وفي البدء في خطط إنقاذ عاجلة لقطاعات الزراعة والصناعة والتعدين؛ تنطلق من تحسين أحوال المنتجين.. فلاحين وعمالا.
وفيما يتعلق بالجانب الأهم الخاص بالمبادئ الدستورية الأساسية شملت الوثيقة المبادئ العامة للدستور، وهي أن مصر جمهورية ديمقراطية مدنية.. الشعب فيها مصدر السلطات.. ويتمتع بالحرية والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية. ومصر جزء من الأمة العربية.. تسعى لوحدتها ونهضتها. والدولة في مصر دولة قانون.. تحترم حقوق الإنسان.. وحقوق المواطنة كافة.. وتحمي تعدد وتنوع وثراء نسيج المجتمع الوطني. والإسلام دين أغلبية المصريين.. واللغة العربية لغتها الرسمية.. ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؛ من دون إفتئات على حقوق المواطنين غير المسلمين.
والدولة تضمن تكافؤ الفرص والمساواة التامة للمواطنين أمام القانون، وعدم التمييز بينهم بأية صورة وعلى أي نحو؛ بسبب إختلاف الجنس أو العرق أو اللون أو الدين، أو أي سبب آخر. وحرية الفكر والعقيدة حق مكفول لكل المواطنين لا يجوز تقييده. وحرية الرأي وحرية التعبير السلمي بكافة الوسائل، وكذلك حرية الصحافة والإعلام، والحق في المعرفة وتلقى المعلومات والأخبار الصحيحة من مصادرها، كلها حقوق مكفولة للمصريين تضمنها الدولة وتحميها التشريعات والقوانين. والفصل بين السلطات مبدأ أساسي للحكم.
واستقلال مرفق العدالة والقضاء. وتمكين الرقابة الشعبية والبرلمانية على السلطة التنفيذية واجب دائم على الدولة. وحق المواطنين في الإجتماع والإحتشاد السلمي والتنظيم، وتأسيس الجمعيات الأهلية والمنظمات المدنية والنقابات المستقلة، والحق في إنشاء الأحزاب السياسية؛ كلها حقوق إنسانية لا يحوز تقييدها بأي قيد إلا ما يتعلق بحماية النظام العام والمبادئ الأساسية للدستور. وعند التصدي التشريعي لتنظيم ممارسة هذه الحقوق والحريات يراعى عدم فرض قيود تمس أو تنال من أصل الحق.
وأكدت الوثيقة على أن القوات المسلحة المصرية درع الاستقلال الوطني، وركيزة الدفاع الأساسية عن أمن البلاد وحدودها وأراضيها ومصالحها الإستراتيجية العليا. وفي حالات الضرورة عليها واجب حماية النظام الديمقراطي والمبادئ الأساسية للدستور. أما العدالة الاجتماعية، وضمان وصول ثمار التنمية الشاملة والمتوازنة إلى جميع المواطنين؛ مسؤولية رئيسية وأساسية للدولة.
والحق فى التعليم، والحق في الرعاية الصحية، والحق فى المسكن الملائم والكريم، والحق في العمل بأجر عادل ومجز.. كلها حقوق أساسية تكفلها الدولة للمواطنين كافة، وتسهر على رعايتها وحمايتها. والمساواة بين الجنسين (الرجل والمرأة) على كل الأصعدة وفي كل المجالات؛ مبدأ أساسي من مبادئ الدولة.
وحماية النشء وحقوق الطفل ورعاية الأسرة واجبات أساسية للدولة. على أن يتضمن الدستور الجديد مادة تفرض حصانة عدم التعديل على المواد التي تحوي وتقر المبادئ والقيم الموصوفة بـ’فوق الدستورية’؛ خصوصا المواد المتعلقة بالحريات العامة، والطابع المدني للدولة، والمساواة بين المواطنين.
وحددت الوثيقة المهام العاجلة المطلوبة وهي الإسراع بإعلان ‘المجلس الوطني’، ويتولى فور تشكيله تنفيذ واجبات المرحلة الانتقالية المتفق عليها. والبدء في إعداد قائمة مرشحين موحدة للانتخابات البرلمانية المقبلة. والضغط من أجل إصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية؛ يسمح لكل المصريين في الداخل والخارج، الذين يبلغون سن الثامنة عشرة بالمشاركة في العملية الإنتخابية من دون قيود، وضمان نزاهة عمليات الإقتراع. والسعي لإستصدار قانون ينظم إنتخابات المجالس التشريعية والمحلية؛ بنظام القوائم، وإقرار حق المستقلين في إعداد قوائم خاصة بهم. وكان المؤتمر قد طالب بقانون يمنع استخدام دور العبادة كمنابر سياسية واستخدام شعارات الدين في الدعاية الإنتخابية.
لم تشهد مصر مؤتمرا بهذا الاتساع والحجم منذ انعقاد المؤتمر الوطني للقوى الشعبية في أيار/مايو 1962. والفرق بين المؤتمرين أن السابق كان بمبادرة من زعيم ورئيس دولة بحجم ووزن جمال عبد الناصر، والمؤتمر الحالي تم بمبادرة وطنية وتمويل شعبي ذاتي، دون مساعدة من أي جهة رسمية أو غير رسمية، في الداخل أو الخارج.
ويكتسي أهميته أنه عقد في مرحلة انشغل فيها كثير من شباب الثورة بالبحث عن جماعات سياسية وحزبية ينتمون إليها استعدادا للانتخابات؛ منهم من التحق بأحزاب قائمة، وآخرون يشكلون أحزابهم، رغم ما في قانون الأحزاب الجديد من قيود؛ ذكرتها ورقة المهندس الاستشاري والناشط السياسي ممدوح حمزة المقدمة للمؤتمر؛ كالنصاب العددي المقدر بخمسة آلاف مؤسس، والنصاب الجغرافي بأن يكون المؤسسون من عشر محافظات، والنصاب المالي، الذي يغطي تكلفة توثيق توكيلات المؤسسين في الشهر العقاري ونشر أسمائهم فى صحيفتين يوميتين.. غير مصاريف الاتصالات والمقرات والنقل والاجتماعات، وهي تكلفة فوق طاقة شباب الثورة وسواد الشعب. ولا تمكن غير الأثرياء والقادرين، أو من يحصلون على تمويل داخلي أو خارجي؛ وكثير منه غير بريء. وهي قيود في حاجة إلى مراجعة عاجلة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ واضع هذا القانون.. كي تستقيم الحياة السياسية وتستعيد عافيتها.
 
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 ماي 2011)

<



عرض/الصادق الفقيه
يعتبر جون جي ميرشايمر واحدا من أكثر المفكرين الواقعيين على صعيد السياسة الخارجية، ومن أكثرهم تأثيرا في العلاقات الدولية في العالم.
فهو واضح وقاطع ومحلل نزيه لا يعرف الخوف، إلى جانب أنه معروف بإثارته للجدل بسبب نظرته الجريئة حول السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، التي أثارت عاصفة من الانتقادات، ولخصها في كتابه « اللوبي الإسرائيلي وسياسة الولايات المتحدة الخارجية »، الذي صدر عام 2007 وترجم إلى تسع عشرة لغة ودخل قائمة أكثر الكتب الجديدة مبيعا، حسب تصنيف صحيفة نيويورك تايمز. إضافة إلى ما جاء في كتابه « مأساة سياسات القوة العظمى »، الذي فاز بجائزة جوزيف لبقولد للكتاب، من انتقاد حاد لسياسات أميركا ومنافسيها الكبار في العالم.
بيد أنه الآن يأخذ نظرة على جانب آخر في العلاقات الدولية مثير للجدل كذلك، لكن لم يسبقه إليه أحد هذه المرة، ولم تتطرق له الدراسات من قبل بهذه الدقة والتحديد، وهو « الكذب ». إذ يقدم تحليلا شاملا للكذب في الشؤون العالمية، مع حشد كبير من الأمثلة التاريخية المشتركة. ويميل إلى وجود دوافع محضة لقادة كذّابين.
الشكل والجوهر
اشتمل كتاب « لماذا يكذب القادة: الحقيقة حول الكذب في السياسة الدولية » لمؤلفه جون جي ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية والمدير المشارك لبرنامج سياسة الأمن الدولي في جامعة شيكاغو الأميركية عددا من الفصول.
إذ ضم جدول المحتويات، إلى جانب المقدمة، ثمانية فصول، بدأت بتعرف: ما الكذب؟ وفصل ثان عن « جرد الكذب الدولي »، وثالث عن « الكذب بين الدول »، ورابع عن « ترويج الخوف »، وخامس عَرَّف « إستراتيجية التكتم »، وسادس تحدث فيه المؤلف عن « صنع الأسطورة القومية »، وسابع فحص « الأكاذيب الليبرالية »، وناقش الفصل الثامن « الجانب السلبي للإخبار بالأكاذيب الدولية »، في حين تناولت « الخاتمة » استنتاجات دراسة المؤلف لظاهرة الكذب في السياسة الدولية، إضافة إلى المراجع والحواشي والفهرس.
ورغم صغر حجمه، وجد كتاب ميرشايمر تقريظا حميدا من كثير من الكتاب والمفكرين في الولايات المتحدة الأميركية، التي شكل كذب قادتها مادته الأساسية.
فقال جاك سنايدر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كولومبيا « إلى كل صانعي الأسطورة حذار! إن جون ميرشايمر، الذي يكتب بحيوية واقتضاب، يفتح آفاقا جديدة في الكشف عن هذه القضية الساخنة لمزيد من التدقيق والتحري ».
ويتساءل كبير المشاركين بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي رئيس التحرير السابق لمجلة « السياسة الخارجية » مويسيس نعيم « هل الكذب في السياسة الدولية سلوك مشين، أو أداة مفيدة لفن الحكم؟ ومتى يكون مناسبا للقادة لكي يكذبوا على شعوبهم؟ هل هناك كذب أكثر من اللازم، أو أن القليل منه يحدث في السياسة الدولية؟ ».
لقد أجاب جون ميرشايمر على هذه الأسئلة وغيرها من المسائل المتفجرة وبذات الجرأة والأصالة التي عُرف بها. إن هذه الدراسة تقدم رؤية ثاقبة من جانب واحد من أكثر المفكرين المثيرين للجدل في العالم. إنها قراءة رائعة ومحفزة. ويقول عنه جيمس ف. هوج الابن رئيس مجلس إدارة منظمة هيومن رايتس ووتش ورئيس التحرير السابق لمجلة « الشؤون الخارجية »، إن « هذه الدراسة الرائدة عن الكذب في السياسة الدولية مليئة بالمفاجآت. فزعماء العالم يمكنهم أن يكذبوا على بعضهم بعضا دون أن يتحملوا أية عواقب وخيمة، ولكنهم يفعلون ذلك أقل بكثير مما كنا قد افترضنا. ومع ذلك، عندما يكذب القادة على شعوبهم حول سلوك السياسة الخارجية، فإنه تنتج عن ذلك أضرار كبيرة، وبخاصة في الديمقراطيات. جون ميرشايمر يصنف أنواعا مختلفة من الأكاذيب، ويزن مخاطر القيام بها في هذا التحليل الثاقب، الذي له صلة وثيقة بعصرنا ».
في حين يذكر روبرت سين كيوهين أستاذ الشؤون العامة والدولية، في مدرسة وودرو ويلسون للشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون، أنه « في هذا الكتاب الصغير الرائع، يحتج جون ميرشايمر بأن الكذب حول السياسة الخارجية هو جزء لا يتجزأ من طريقة الحياة الديمقراطية، وهذه هي الرسالة الهامة بالنسبة لأعضاء الجماهير الديمقراطية الذين يرغبون في تجنب الخدع من قبل قادتهم ». ما الكذب؟
رصدت المعاجم للكذب معالم وصفات ووصفات عديدة، التي لا تخلو جميعها من معنى أن يقوم الإنسان بإعطاء أو إظهار دلالات، أو معلومات خاطئة، أو إخفاء دلالات، أو معلومات صحيحة, عن من يطلبها من أجل الحماية والتكيف الأفضل مع الظروف المستجدة. فالكذب تزوير للحقيقة كي يخدع بها الشخص الآخرين، من أجل تحقيق أهداف ودوافع ذاتية معينة.
أما كذب القادة فهو يشمل الكثير من الأشكال, وهو موجود لدى كل الأمم، إذ تمثل الجاسوسية والخداع في الصراعات والحروب أنواعا شائعة من هذا الكذب. وقد سار العرف أن الكذب في السياسة كثيراً ما يكون مباحا. لهذا أدمنه الساسة، الذين حفل بسيرهم ونماذج كذبهم هذا الكتاب.
لقد كان العراق المثال الأوضح في نظر ميرشايمر لكذب السياسيين الأميركيين، فما كان منه إلا أن يقول صراحة إن أعضاء إدارة الرئيس جورج بوش قد مهدوا طريقهم إلى العراق بالكذب، معتبرين أن « صدام قال الحقيقة حول قدراته من أسلحة الدمار الشامل قبل حرب العراق عام 2003، في حين أن كبار الشخصيات في إدارة بوش كذبوا بشأن ما كانوا يعلمون بشأن تلك الأسلحة ». لكن التفاؤل غير المناسب ليس هو نفسه التزوير المتعمد. إذ إنه على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين نشروا المعلومات المضللة عن علاقات العراق الإرهابية، فإنهم لم يخترعوا أدلة عن الأسلحة بقدر ما كانت تهمهم المبالغة في الثقة إزاء ما يعني هذا الدليل الضعيف.
وكان صدام بلا شك أكثر مخادعة، إذ قام بحملة منسقة لتضخيم قدراته العسكرية. وبغض النظر عن ذلك، فليس هناك شك في أن رؤية إدارة بوش المرنة للحقيقة كانت إشكالية، لأنها أدت إلى وقوع كارثة في السياسة الخارجية. كما يقول ميرشايمر، فإن هذا النوع من السلوك يفسد النقاش العام ويولد عدم الثقة. ولكن هل يعتبر الكذب دائما خصلة سيئة بالنسبة للسلطة؟
وبما أنني لن أحاول من خلال هذا الاستعراض الإجابة على هذا السؤال، فإن الاطلاع على السيرة الذاتية لديك تشيني نائب الرئيس جورج بوش الابن يظهر بعض جوانب هذه الإجابة.
لقد تقلد تشيني مناصب رفيعة خلال ثلاث إدارات في البيت الأبيض، وخدم ست دورات في مجلس النواب، وشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون، والصورة التي انبثقت من هذه الأدوار جميعها مفزعة ومقنعة على حد سواء، حيث تبرز بوصفها أصدق تمثيل للمكيافيلية الكلاسيكية، ففي حالة تشيني يبدو أن الغاية التي تبرر الوسيلة هي السلطة، بشكل واضح وبسيط. لماذا يكذب القادة؟
يوفر ميرشايمر أول تحليل منهجي عن الكذب كأداة من أدوات فن الحكم وتحديد الأصناف والأسباب والتكاليف والفوائد المحتملة. واعتمادا على ثروة من الأمثلة، يحتج أن القادة يكذبون في كثير من الأحيان لأسباب إستراتيجية جيدة، لذلك فإن إدانة شاملة للكذب تبدو غير واقعية وغير حكيمة. ومع ذلك، هناك أنواع أخرى من الخداع إلى جانب الكذب، بما في ذلك الإخفاء والغزل والمراوغة. وربما لا يوجد فرق أكثر أهمية بين أن يكذب الزعيم على دولة أخرى، أو الكذب على شعبه. لكن ميرشايمر اكتشف أن الخداع الصريح بين الدول صار أمرا غير عادي، مع الأخذ في الاعتبار عدم الثقة بين القوى الكبرى، فوجد أن الخداع المباشر أمر صعب وبالتالي نادرا ما يستحق كل هذا الجهد.
وعلاوة على ذلك، فإنه يرتد أحيانا عندما يحدث. لقد كذب خروشوف بشأن حجم القوة الصاروخية السوفياتية، مما أثار حفيظة أميركا وجعلها تراكم مخزونها. وضُبط أيزنهاور متلبسا بالكذب بشأن طلعات التجسس التي قامت بها « يو 2 » في عام 1960 والتي ألغت القمة المزمعة مع خروشوف.
لهذا، فإن أنواع الكذب المحلية التي استهدفها ميرشايمر، وقضى معظم الوقت في تفكيكها، هي « ترويج الخوف »، أي تضخيم التهديدات حتى يأخذ الجمهور الأمر على محمل الجد.
وقد نُسب إلى وزير خارجية هاري ترومان عبارته الشهيرة عن خطر الشيوعية، التي قال إنها لا بد من أن تقدم بمصطلحات « أكثر وضوحا من الحقيقة ».
وقد وضع ليندون جونسون هذه العبارة موضع التطبيق، فضلل الكونغرس بشأن هجوم مفترض على المدمرة الأميركية في خليج تونكين حتى يتمكن من تأمين التفويض لحرب فيتنام.
وعلى الرغم من أن الأسباب قد تكون نبيلة، فإن فرانكلين روزفلت، على سبيل المثال، كذب على الشعب الأميركي بشأن مهاجمة قوارب يوU-)boats) الألمانية المدمرة جرير (USS Greer) في عام 1940، لبناء قضية الحرب ضد هتلر، لأنها كانت ستؤدي بسهولة إلى كارثة، كما هو الحال مع أكاذيب إدارة بوش بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية. إستراتيجية التستر أوجد جون ميرشايمر اسمًا لهذا النوع من الكذب، اصطلح عليه « إستراتيجية التستر ». وهذا المصطلح ليس بالضرورة تحقيرا، لكنه يحاول أن يجد من خلاله الإجابة على السؤال: لماذا يكذب القادة؟ كما أنه يفسر كيف أن الحكومة عندما تستخدم هذا النوع من الكذب إنما هي تريد أن تتمكن من مواصلة سياسة لا تحظى بشعبية، ولكن من الحكمة السير فيها قُدما.
فبعد أزمة الصواريخ الكوبية، على سبيل المثال، نفى الرئيس جون كينيدي أنه وافق على سحب الصواريخ النووية الأميركية من تركيا في مقابل موافقة السوفيات على سحب الصواريخ من كوبا. وكان كينيدي في واقع الأمر قد قام بهذه المقايضة، لكنه حفظها سرا، لأنه كان يعرف أنها سوف لن تحظى بشعبية لدى الناخبين في الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي.
وقد أقدم الزعماء اليابانيون على عملية حسابية مشابهة في ستينيات القرن الماضي، عندما منحوا الإذن للبحرية الأميركية أن ترسو سفنها المسلحة نوويا في الموانئ اليابانية، وهو شرط لتنفيذ عمليات إستراتيجية الردع الأميركية. ولكنهم أدركوا أن هذا القرار إذا أعلن للجمهور فإنه سيثير الكثير من الجدل في بلد مناهض للأسلحة النووية، بحيث أنه قد يتعين عليهم التراجع عنه.
وهكذا، وعلى مدى نصف قرن فإنهم ظلوا ينفون الاتفاق. وفي 11 مارس/آذار 2010 فقط، استطاعت الحكومة أن تقر نهائيا أن الإدارات السابقة قد كذبت على الجمهور الياباني لعقود بشأن وجود أسلحة ذرية على أرضهم.
وأكدت الحكومة اليابانية لأول مرة على وجود اتفاقات سرية منذ حقبة الحرب الباردة تم فيها السماح للولايات المتحدة بجلب أسلحة نووية للبلاد، في انتهاك فاضح لسياسات اليابان غير النووية.
إن إستراتيجية التستر واحدة فقط من فئات الأكاذيب، التي جرى تصنيفها في هذا الكتاب. ومثل تعلق الفراشات بالرغوة، ظل ميرشايمر يجمع ويصنف الأنواع المختلفة من الأكاذيب في السياسة الدولية، ويقوم باختراع هذه التصنيفات بنفسه.
فوجد أن البلدان تكذب على بعضها بعضا للمبالغة في قدراتها العسكرية الخاصة. فقد هدد هتلر بإرسال ست شعب إضافية في منطقة الراين والحقيقة أنه لم يكن لديه سوى أربعة ألوية، أو أن تقلل منها كما فعلت بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى عندما ادعت أن المقصود من عمل دباباتها هو فقط نقل المياه بدلا من قتل المشاة.
كانوا يكذبون حفاظا على عنصر المفاجأة قبل مهاجمة عدو، كما فعل الاتحاد السوفياتي في 1945 عندما قال إنه ليست لديه نية لغزو اليابان، أو لخلق انطباع زائف عن هجوم وشيك كما فعلت إدارة الرئيس ريغان عندما كانت تضغط على معمر القذافي قائلة إن القاذفات الأميركية كانت على وشك مهاجمة ليبيا.
دبلوماسية الرياء
لقد أبانت وثائق ويكيليكس بجلاء ما حاول ميرشايمر أن يثبته في كتابه الجديد، إذ أخبرنا عن صور الأكاذيب بين الأمم. وكيف يمكن لـ »إستراتيجية التستر » أو « دبلوماسية الرياء » أن تعمل، فمثال الحكومة اليمنية وحده يكفي.
فعندما دمرت صواريخ كروز الأميركية معسكر تدريب لتنظيم القاعدة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2009، أسرع الرئيس علي عبد الله صالح لتحمل المسؤولية عن الضربات، التي زعم أن حكومته وحدها قد « خططت ونفذت ».
بل زاد صالح بأن قال: « سنواصل القول إن القنابل لنا، وليس لك » مخاطبا الجنرال ديفد بترايوس. وكانت هذه كذبة، لأن الهجمات قد أمر بها الرئيس باراك أوباما، ونفذتها الولايات المتحدة. ولكن « التستر » صار هو السياسة الرسمية، ويهدف إلى إخفاء حقيقة أن اليمن قد أطلق لواشنطن العنان لقتل « الإرهابيين » داخل الحدود اليمنية. الخاتمة جاء هذا الكتاب بميزة أنه أول عمل عن مسألة أساسية في العلاقات الدولية، هي الكذب. إذ لم يجد العالم تحليلا جادا حول كذب القادة من قبل. ولكن الآن وفّر لنا خبير بارز عملا بالغ الغنى، واحتج بأسلوب من شأنه أن يغير فهمنا حول لماذا يكذب هؤلاء القادة. ورغم استنتاج الكتاب أن الكذب بين الدول حالة نادرة، فإنه أقر بأنه أكثر شيوعا داخل البلدان، حيث تستسهل الحكومات الكذب على شعبها، خاصة وأن الشعب يميل إلى الثقة في حكومته أكثر من ثقة الحكومات في بعضها بعضا.
فمن كان منا يفترض أن الكذب بين الأمم أمر نادر الحدوث، في حين أن الكذب من جانب الحكومات الديمقراطية لشعوبها هو أكثر شيوعا من خلال المقارنة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 14 ماي 2010)

<



ذكرت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية أن العقيد الليبي معمر القذافي يستخدم شبكة من الأنفاق السرية والملاجئ تحت الأرض، في وقت تكثف فيه قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) جهودها لقتله. وقالت الصحيفة إن تحليل « الأهداف الأساسية » التي يقصفها التحالف يظهر أن ثمة تغييرا كبيرا جرى خلال الأيام الماضية، حيث تحول الأمر من مساعدة الثوار إلى قصف « مراكز القيادة والتحكم » وأهداف أخرى في طرابلس. ونقلا عن الأسقف جيوفاني مارتينيلي، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إن القذافي تعرض للإصابة إثر ضربات الناتو، وإنه قد يكون غادر طرابلس. غير أن المتحدث باسم النظام الليبي موسى إبراهيم نفى تلك المزاعم ووصفها بالهراء، وقال إن « القذافي يتمتع بروح عالية ويقود البلاد يوما بيوم، ولم يتعرض لأي أذى ». ولفتت الصحيفة إلى أن الناتو شن منذ يوم الاثنين سبع غارات على منشآت تابعة للقيادة والتحكم في طرابلس، مقارنة بثلاث فقط في الأيام العشرة السابقة. وهذا ما دفع مسؤولا رفيع المستوى في النظام الليبي إلى القول بأنه « ما من شك الآن بأن الناتو يسعى لقتل القذافي، وهذا غير قانوني ويتنافى مع أحكام القرار الأممي 1973 ». وتعليقا على ظهور القذافي يوم الخميس في فندق ريكسوس بعد غياب دام نحو 12 يوما، قالت ديلي تلغراف إنه لم يستخدم مدخل الفندق ولم يشاهده أحد في ممراته أو قاعات الاستقبال التي كانت تعج بالصحفيين. وأكد موظفون في الفندق أن ثمة نفقا تحت الأرض يمتد من الفندق إلى باب العزيزية (مقر العقيد القذافي). وتشير الصحيفة إلى أن الباب الذي استخدمه القذافي لدخول غرفة المؤتمرات المقابلة له، يؤدي إلى سلالم تحت الأرض ثم إلى ممرات بيضاء تتنهي بباب معدني أزيل مقبضه. وفي المنطقة الخلفية للفندق، هناك رافعة قادرة على حمل عربتين إلى الأسفل، وقد منع حراس أمنيون يقومون بحراسة دائمة الصحيفة من التحقق من تلك الرافعة. ولدى زيارة نادرة لمجمع العزيزية للاطلاع على آثار قصف الناتو، شاهدت وسائل الإعلام فجوة لما يثبت أنه سقف لملجأ، ولا سيما أن ثمة فراغا أسودا بدا في الأسفل، وكذلك بقايا منشآت إسمنتية. وبينما أصر المتحدث باسم الحكومة على أن هذه منشأة للصرف الصحي، أقر مسؤولون آخرون بأن ذلك غير صحيح. وتشير الصحيفة إلى أن مخطط الأنفاق تحت الأرض معروف لدى الناتو، خاصة أن معظمها شيد من قبل شركات غربية. المصدر:ديلي تلغراف (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 14 ماي 2010)

<



أميمة أحمد-الجزائر قال عبد المجيد مناصرة نائب رئيس حركة الدعوة والتغيير في الجزائر إن تسيير ملف الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الشهر الماضي يتم ببطء. وقال على هامش تجمع بالجزائر العاصمة بمناسبة ذكرى النكبة في فلسطين، إنه لا يوجد في السلطة من يقاوم الإصلاحات التي أعلنها رئيس الجمهورية، ولكن هناك بطء في تسيير الملف. وحذّر مناصرة -في حديث للجزيرة نت- من مغبة التأخر في الإصلاح، إذ مع مرور الوقت تصبح أمور الإصلاح أصعب، وقال « إذا تأخرنا ستخرج الأمور من يدنا، وندخل في المجهول وتتعقد الأزمة السياسية في الجزائر ». وفي كلمته بالتجمع، أكد مناصرة أن الشعب الجزائري يريد التغيير، وعبر عن أمله في المشاركة في التغيير بمساهمة الجميع وبدون إقصاء. ويرى مناصرة مؤشرات الأزمة السياسية بالجزائر في الاحتجاجات الاجتماعية المطلبية التي شملت معظم قطاعات وشرائح المجتمع، وأكد أنها لا تحل بالمال، وإنما بإصلاح يفكك بنية النظام الجزائري المتسبب -حسب رأيه- في الأزمة. وأوضح أن المطلوب هو إصلاح يحقق دولة مدنية فيها برلمان منتخب بنزاهة، وحكومة مسؤولة أمامه، وصحافة حرة، وفصل للسلطات، وقضاء مستقل. واعتبر نائب رئيس حركة الدعوة والتغيير أن من يدعو إلى انتخابات قبل الإصلاح يدفع باتجاه تعقيد الأزمة الجزائرية. انتفاضة ثالثة من جهة أخرى دعا مناصرة إلى انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية انسجاما مع حراك الثورات العربية، مؤكدا أن المرحلة اليوم للشعوب المطالبة بالحرية والتغيير بعدما يئست من الأنظمة. وأعلن تأييده المطلق لمطالب الشعوب العربية التي أثبتت وعيا تفتقر إليه الأنظمة التي استقوى بعضها بالقبلية وبعضها الآخر بالطائفية، وارتكزت في كل الحالات على العائلة والأبناء والأقرباء -حسب تعبيره- بينما تهتف الشعوب بالوحدة الوطنية. وبخصوص سوريا قال مناصرة « وقفنا معها كدولة ممانعة احتضنت المقاومة، ولكن لا يمكن القبول بمواجهة مطالب الشعب السوري المشروعة بالسلاح والتقتيل ». وأشار إلى أن فرنسا المحتلة قابلت مظاهرات الجزائريين السلمية يوم 8 مايو/أيار 1945 بأشد أنواع القمع، وقتلت 45 ألف شهيد في بضعة أيام، مشبها ذلك بما تتعرض له اليوم الشعوب العربية على أيدي الأنظمة الاستبداية، « فالاستعمار أبو الاستبداد ». من جهتها أكدت رئيسة المنتدى العالمي الإسلامي للمرأة والأسرة عائشة حجار للجزيرة نت أنها تساند مطالب الشعوب بالحرية، وترفض كل أشكال القمع ضد المتظاهرين والمعتصمين مثلما يجري في اليمن وسوريا وليبيا والبحرين. واستنكرت عائشة تصريحات رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد حين ربط أمن إسرائيل بأمن سوريا، قائلة « لا ننكر وقوف سوريا مع المقاومة، ولكن نرفض أن تُرهن إرادة الشعوب العربية بأمن إسرائيل التي غُرست شوكة في قلب الأمة العربية والإسلامية ». (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 14 ماي 2010)

<

Lire aussi ces articles

21 juillet 2006

Home – Accueil – الرئيسية   TUNISNEWS 7 ème année, N° 2251 du 21.07.2006  archives : www.tunisnews.net C.R.L.D.H. Tunisie: Alerte a

En savoir plus +

1 mars 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2109 du 01.03.2006  archives : www.tunisnews.net Voix Libre: Communiqué urgent OMCT-

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.