TUNISNEWS
8 ème année,N° 3063 du 11.10.2008
حــرية و إنـصاف: أخبار الحريات فــــــــــــــــي تونس
معز الجماعي: عدنان الحاجي و زوجته في المستشفى
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: متى يحاكم المعتدون؟
مراسلون بلا حدو:مجلة كلمة ضحية اعتداء إلكتروني غير مسبوق
إيلاف: تونس: اعتداء على حقوقيين وحجب موقع الكتروني
قدس برس:تونس: مسؤولة موقع “كلمة تونس” تتهم السلطات بقرصنة موقعها الالكتروني
مراسلون بلا حدو: تأجيل محاكمة المسؤولين في أسبوعية الموقف مجدداً
زياد الهاني: بعد حشر صورته في موقع الحملة الانتخابية للسيد أحمد نجيب الشابي: رئيس نقابة الصحفيين يوضّــح
رويترز:نقابة الصحفيين في تونس تنفي مساندة معارض للانتخابات الرئاسية
الصباح: التكتل الديموقراطي يدعو «المعارضة الديموقراطية» إلى ائتلاف انتخابي
محاكمون على خلفية مظاهرة التي جرت بمدينة بنزرت: رسالة شكر
التيار القومي التقدمي ـ تونس: رحيل الأخ المناضل محمد لعراض الى مثواه الأخير
وات: بطء في خدمات الانترنات والترفيع من قوة التدفق لاتصالات تونس
عامر عياد : خنيس :انتهاء مسلسل ” شطحات عمدة”
محمود البلطي: خواطــــــــــــــــــــــــــــــــــــر سجنية
رضا القدري : تونس بين حقيتها و خيال الأخ مرسل
عبدالحميد العدّاسي : أمــــــــــــــــر خطيــــــــــــــــــــــر
مهاجر التونسي: انقـــــــــــــــــــــــــلاب فـــــــــي تونس
مسلم تونسي غيور : أكاذيب فــــــــــــــــــــــي “حقائق”
الطاهر رمة : توضيح مودّة لـلدّكتور النـّجـّار و الصّحب والأحبـّة
عبدالجليل التميمي : لا صدقية للمطالبة بالديموقراطية المغاربية من دون إشراك المرأة في إدارة المجتمع
خالد الكريشي : قراءة حالمة للرواية الفاضحة” مناضل رغم أنفه” و فن صياغة القمع روائيا
محمد شمام : المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح – الحلقة العاشرة
الخنساء :مرثِيّةُ حُبٍّ ضيَّعتهُ المحن: ردا على قصيدة الشاعر المنصف زيد
شعر الفرزدق الصغير: النشيد الوطني االرسمي الجديد
وات: رسالة شباب تونس الى الرئيس زين العابدين بن علي
الصباح: الحوار والتعايش بين الأديان محور ندوة علمية بتونس
السبيل أونلاين : قصة توبة الفضيل بن عياض..من قاطع طريق الى إمامة الحرمين
السبيل أونلاين: حسن الخلق والصدقة وسبيل اجتماع الزوجين في الجنة
نجيب البكّوشي : “الإخوان المسلمون” في السلطة “إمارة غزّة” نموذجا
توفيق المديني: لماذا تخلت واشنطن عن برويز مشرف؟
وليد محمود : أبو المجد: خلافي مع القرضاوي في تقدير الموقف فقط
الطاهر تليش: ماذا عساكم فاعلينَ بِغــــــــــــــــــــــــــــــــزّةَ..
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
21- هشام بنور
22- منير غيث
23- بشير رمضان
24- فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- الصادق العكاري
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش
|
6-منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8-عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1-الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5- الكريم بعلو
|
العنوان الوقتي لموقع مجلة ‘كلمة
‘
www.kalimatunisie.blogspot.com
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 11 شوال 1429 الموافق ل 11 أكتوبر 2008
أخبار الحريات في تونس
1) مضايقة الناشط الحقوقي سامي نصر: تعرض مساء اليوم السبت 11/10/2008 بسيدي البشير بتونس العاصمة الناشط الحقوقي الدكتور سامي نصر عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف المكلف بالإعلام إلى مضايقة من قبل أعوان من البوليس السياسي عندما اعترضوا طريقه و طالبوه بالاستظهار ببطاقة تعريفه و افتكوا منه محفظته و فتشوها تفتيشا دقيقا. 2) منع الأستاذ عبد الرؤوف العيادي من دخول مقر حرية و إنصاف: منع يوم الجمعة 10/10/2008 أعوان البوليس السياسي المحاصرون باستمرار لمقر المنظمة الأستاذ عبد الرؤوف العيادي عضو مكتبها التنفيذي من الدخول إلى مكتب زميله الأستاذ محمد النوري متعللين بوجود تعليمات من رؤسائهم تجبرهم على منعه من الدخول. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
عدنان الحاجي و زوجته في المستشفى
نقلت صباح اليوم السيدة “جمعة” زوجة السجين النقابي “عدنان الحاجي” إلى المستشفى المحلي بالرديف بعد تعرضها إلى إرتفاع في الضغط ، و الجدير بالذكر أن المستشفى يخضع من ساعات إلى رقابة أمنية مكثفة نظرا للعدد الهام من المواطنين المجودين داخل المبنى للإطمإنان على صحة السيدة “جمعة” ، و أفادنا مصدر من الجهة أن رئيس المنطقة طلب من الطبيب المعالج لها التسريع بنقلها للمستشفى الجهوي بقفصة للحد من حالة التعاطف معها خوفا من تطور الزيارات إلى تحركات إحتجاجية. و في نفس الإطار علمنا أن إدارة السجن المدني بالقصرين نقلت السجين “عدنان الحاجي” إلى المسشفى بسبب آلام حادة في المعدة و للعلم أن “الحاجي” يعاني من عدة امراض مزمنة منها الفشل الكلوي بسسب تبرعه بالكلي اليمنى لزوجته. معز الجماعي (المصدر: pdpinfo بتاريخ 10/10/2008)
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070- 7903274826
متى يحاكم المعتدون؟
تعرضت يوم أمس الجمعة 10/10/2008 السيدة سهام بن سدرين الناطقة باسم المجلس الوطني للحريات والسيد زهير مخلوف العضو المؤسس لمنظمة حرية وانصاف، الى اعتداء بالعنف من قبل البوليس السياسي، لمنعهما من دخول مقر التكتل من أجل العمل والحريات، لحضور اللقاء التضامني مع سجينة الرأي الأستاذة زكية الضيفاوي. وإن الحملة الدولية لحقوق الإنسان اذ تسجل تكرار مثل هذه الاعتداءات على النشطاء الحقوقيين والمعارضين السياسيين، مما يؤكد اعتماد السلطة بصورة منهجية لسياسة العنف ضد نشطاء المجتمع المدني، فإنها تعبر عن استنكارها الشديد للاعتداء الآثم على السيدة سهام بن سدرين والسيد زهير مخلوف، وتطالب بوقف هذه الممارسات اللاقانونية، ومتابعة المعتدين قضائيا. الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس المنسق علي بن عرفة لندن 11 أكتوبر 2008
مجلة كلمة ضحية اعتداء إلكتروني غير مسبوق
بات الموقع الإلكتروني لمجلة كلمة (http://www.kalimatunisie.com/) محجوباً منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2008. وقد أفادت الصحافية المؤسسة لهذه المجلة الإلكترونية منذ العام 2000 سهام بن سدرين مراسلون بلا حدود بما يلي: “إنها المرة الأولى التي نتعرّض فيها لاعتداء بهذا الحجم. إن الشركة المزوّدة لخدمة الإنترنت لا تفهم ما يجري”. في 7 تشرين الأول/أكتوبر، نشرت أسرة التحرير تقريراً حول أعمال عنف وقعت أمام قصر العدل في تونس يبيّن القوى الأمنية وهي تنهال ضرباً على المعتقلين تحت أنظار القضاة. وتعتبر الصحافية أن هذا الاعتداء قد يشكل وسيلة لفرض الرقابة على هذا الخبر. في العام 2007، عرفت مدوّنة تونيزيا واتش (Tunisia Watch) لمختار يحياوي اعتداء بهذا الحجم. وفي أيار/مايو 2008، تعرّض الموقع الإلكتروني كوم فور نيوز (Come4News) للحجب إثر نشره مقالات من هذه المدوّنة على منصته. ومنذ ستة أشهر، شهد تونس نيوز (TunisNews) الاعتداء نفسه. (المصدر: موقع مراسلون بلا حدود الإلكتروني بتاريخ 10 أكتوبر 2008)
تونس: اعتداء على حقوقيين وحجب موقع الكتروني
إسماعيل دبارة إسماعيل دبارة من تونس: قالت الحقوقية نزيهة رجيبة نائبة رئيس المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع التونسي في تصريحات لإيلاف اليوم الجمعة ،إنّ عناصر من البوليس السياسي بالزي المدني قاموا بالاعتداء بالضرب والشتائم البذيئة على الصحفية و الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين وقطعوا عليها الطريق في نهج أنقلترا وسط العاصمة تونس عندما كانت متوجهة لتلبية دعوة لحضور تظاهرة تضامنية مع سجينة الرأي الكاتبة زكية الضيفاوي المعتقلة منذ يوليو الماضي وحكم عليها بأربعة أشهر و15 يوما سجنا”. و في اتصال هاتفي مع إيلاف، أكّد الحقوقي و الناشط زهير مخلوف تعرّضه للاعتداء اللفظي و البدني أثناء محاولته حضور ندوتين الأولى في مقرّ فرع تونس لمنظمة العفو الدولية والثانية الاجتماع العام التضامني الذي أقامه حزب التكتّل من أجل العمل و الحريّات المعارض لفائدة السجينة زكيّة الضيفاوي. وقال مخلوف:” على الرغم من أنني عضو منذ سنوات في فرع منظمة العفو الدولية و حصلت على العضوية في مكتبه التنفيذي ، إلا أنني تعرضت إلى اعتداء بدني و لفظي عنيف ومنعت من الدخول إلى المقرّ المحاصر بعشرات من أعوان الأمن”. واستنادا إلى مخلوف فإن منعه كان على خلفية “نشره لعدد من المقالات على شبكة الانترنت في الأيام الثلاث الأخيرة و تطرّق فيها إلى مآسي عدد من السجناء السياسيين السابقين ومن بينهم قتلى ومفقودون”. من جهة أخرى أفادت أسرة تحرير مجلة “كلمة تونس” بتعرّضها إلى اعتداء الكتروني تسبب في تدمير محتواها وحجبها من الشبكة”. واستنادا إلى محررين بالمجلة الالكترونية المعروفة في تونس و التي تديرها الصحفية سهام بن سدرين فقد تعذّر على إدارة الموقع منذ صبيحة الأربعاء 8 أكتوبر/تشرين الثاني نشر أية مواد جديدة أو تصفح الموقع، الأمر الذي يستوجب إعادة بنائه وإطلاقه على الشبكة من جديد”. وذكرت سهام بن سدرين رئيسة تحرير المجلّة “إنّ الأجهزة التونسية هي الجهة الوحيدة المستفيدة من ضرب الموقع الذي تحجبه على متصفحي الانترنت في تونس، ولا يستبعد وقوفها وراء هذا الهجوم الالكتروني بتكليف محترفي القرصنة في هذا المجال خارج تونس أو داخلها”. و استنكرت نزيهة رجيبة نائبة رئيس المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع عبر “إيلاف” ضرب موقع كلمة الالكتروني و اعتبرته “اعتداء على حرية التعبير ومحاولة لإسكات إحدى الأصوات الإعلامية الحرة، كما أنّه خرق للمعاهدات الدولية التي تضمن حرية التعبير”، كما دانت بشدة” استخدام العنف مع نشطاء حقوق الإنسان والاعتداء على حق الاجتماع كما حصل مع كلّ من زهير مخلوف و سهام بن سدرين، ولم يصدر إلى حدّ اللحظة أيّ توضيح رسمي من الحكومة التونسية على ما حصل عشية الجمعة. (المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ 10 أكتوبر 2008)
تونس: مسؤولة موقع “كلمة تونس” تتهم السلطات بقرصنة موقعها الالكتروني
تونس ـ خدمة قدس برس قالت الصحفية سهام بن سدرين إنّ موقع صحيفتها المستقلة “كلمة تونس” على شبكة الانترنت قد تم تدميره وتعذّر منذ صبيحة الأربعاء 8 تشرين ثاني (أكتوبر) نشر أية مواد جديدة أو تصفح الموقع. واتهمت سهام بن سدرين في تصريح خاص لـ”قدس برس” أجهزة تونسية بالوقوف وراء هذه العملية ولم تستبعد أن يتم تكليف محترفين في هذا المجال خارج تونس أو داخلها بتنفيذ ذلك الهجوم الالكتروني. وأكّدت أنّ السلطات التونسية هي الجهة الوحيدة من ضرب موقعها وتعطيله. وذكرت ابن سدرين باعتداءات سابقة ضربت مواقع مستقلة أخرى مثل نشرية “تونس نيوز” اليومية في شهر نيسان (أبريل) الماضي ومدوّنة القاضي مختار اليحياوي منذ ثلاث سنوات، وغيرها من المواقع. وأفادت ابن سدرين أنّ موقع “كلمة تونس” سيعاد بناؤه من جديد خلال بضعة أيام وإطلاقه على الشبكة. يذكر أنّ موقع “كلمة تونس” ومواقع إعلامية وحقوقية وسياسية عديدة محجوبة في تونس منذ سنوات عديدة شأنها شأن مواقع بث دولية كـ”دايلي موشن” و”يوتيوب”. وتصنّف تقارير دولية حول حرية التعبير تونس ضمن أولى الدول التي تمارس الرقابة على الانترنيت على غرار الصين وكوبا وإيران. لكنّ السلطات التونسية تقول إنّها لا تحجب سوى المواقع الإباحية أو التي تحث على العنف والكراهية دون أن تذكرها. (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 11 أكتوبر 2008)
تأجيل محاكمة المسؤولين في أسبوعية الموقف مجدداً
في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2008، قررت محكمة تونس تأجيل دعوى التشهير المرفوعة ضد مدير النشر في أسبوعية المعارضة الموقف نجيب شبي ورئيس تحريرها رشيد خشانة إلى 25 تشرين الأول/أكتوبر المقبل. فلا تزال المحكمة التي انعقدت للمرة الخامسة بانتظار تقرير الخبراء حول الخسائر التي يزعم المدعون تكبّدها إثر نشر مقالة تندد بتسويق زيت فاسد. إلا أن المحكمة لم تتابع طلب محاميي الدفاع الذين دعوها إلى فتح تحقيق في حالة المنتج. وقد طالبت خمس شركات لتوزيع زيت المائدة بعطل وضرر بقيمة 500000 دينار (274000 يورو) مع أن أياً منها لم يذكر في الصحيفة. في اتصال مع مراسلون بلا حدود، أشار رشيد خشانة إلى أن أسرة التحرير متورطة في محاكمة طويلة وأضاف: “تشكل هذه القضية سيفاً مسلطاً على عنق أسرة التحرير بهدف منعها عن أداء واجبها الإعلامي”.
(المصدر: موقع مراسلون بلا حدود الإلكتروني بتاريخ 10 أكتوبر 2008)
بعد حشر صورته في موقع الحملة الانتخابية للسيد
أحمد نجيب الشابي: رئيس نقابة الصحفيين يوضّــح
زياد الهاني توضيح من رئيس نقابة الصحفيين فوجئت مؤخّرا بحشر صورتي مع السيّد احمد نجيب الشابي في موقع حملته الانتخابية على شبكة الانترنيت ضمن مجموعة من الشخصيات تحت عنوان “صور مريدي أحمد نجيب الشابي” ( Photos de fan de Ahmed Nejib CHEBBI) دون أدنى علم منّي، وعليه يهمّني أنا ناجي البغوري رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن أوضّح ما يـــلي: – احترامي الكامل لحق السيّد أحمد نجيب الشابي في التعبير عن رأيه وفق مايراه صالحا. – رفضي لأسلوب حشر اسمي و صورتي في موقع حملته على الانترانت واستغرابي الكامل من مثل هذه التصرفات. – رفضي حشر صفتي رئيسا للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في كلّ الخلافات والجدالات السياسية. – تمسكي باستقلاليتي واستقلالية نقابة الصحفيين التامة عن كلّ الأطراف سواء في السلطة أو خارجها. – تأكيد النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين على عدم وقوفها إلى صفّ أي مرشّح للانتخابات الرئاسية، استنادا إلى استقلاليتها عن كلّ الأطراف. – تحذيرنا من أسلوب التوظيف السياسي لصورة رئيس نقابة الصحفيين واستعمالها للإيهام بمساندة طرف دون غيره، واعتقادنا أنّ ذلك لن يساهم في تطوير الحياة السياسية ولا المشهد الإعلامي في البلاد. وعليه فإنني أطالب السيّد أحمد نجيب الشابي بسحب صورتي فورا من موقع حملته على الانترنيت. ناجي البغوري رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الرابط:http://www.snjt.org/index.php?option=com_content&task=view&id=147&Itemid=1
نقابة الصحفيين في تونس تنفي مساندة معارض للانتخابات الرئاسية
تونس (رويترز) – قالت نقابة الصحفيين في تونس وهي هيكل مستقل يوم السبت انها لم تعلن مساندتها لأي مرشح سياسي للانتخابات الرئاسية المقرر أن تجرى في نوفمبر تشرين الثاني من العام المقبل بعد أن نشر موقع حملة انتخابية لمعارض تونسي بارز صورة للنقيب ضمن صور الشخصيات الداعمة لترشحه. وقال بيان لنقابة الصحفيين حمل امضاء النقيب ناجي البغوري “فوجئت بحشر صورتي مع السيد أحمد نجيب الشابي في موقع حملته الانتخابية على شبكة الانترنت ضمن مجموعة من الشخصيات تحت عنوان (صور مريدي أحمد نجيب الشابي) دون ادنى علم مني.” وأعلن الشابي الزعيم السابق للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض وأحد أشد معارضي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في وقت سابق اعتزامه ترشيح نفسه للمنافسة في انتخابات الرئاسة المقبلة رغم ان تعديلا دستوريا أجري هذا العام يمنعه من حق الترشح لان الترشح للانتخابات الرئاسية يقتصر على زعماء الاحزاب وفقا للتعديل. وقال نقيب الصحفيين في البيان “أرفض اسلوب حشر اسمي وصورتي في موقع حملته على الانترنت واستغرابي الكامل من مثل هذه التصرفات وارفض حشر صفتي رئيسا للنقابة في كل الخلافات والجدالات السياسية.” واضاف “متمسك باستقلاليتي واستقلالية نقابة الصحفيين التامة عن كل الاطراف سواء في السلطة او في خارجها.” وشدد على ان النقابة تؤكد على عدم وقوفها الى صف أي مرشح للانتخابات الرئاسية استنادا الى استقلاليتها عن كل الاطراف. وانتخب البغوري اول نقيب للصحفيين في تونس في انتخابات جرت مطلع هذا العام ووصفها رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين بأنها نزيهة وديمقراطية. غير أن مكتب النقابة شكا منذ انتخابه من عراقيل متعددة بسبب استقلاليته عن السلطة. وتجري في نوفمبر تشرين الثاني من عام 2009 انتخابات رئاسية وبرلمانية في تونس يسعى خلالها الحزب الحاكم الى دعم سيطرته على الحياة السياسية في البلاد التي يحكمها زين العابدين بن علي منذ عام 1987 . وأعلن بن علي بالفعل قبوله الترشح للانتخابات الرئاسية بينما أعلن معارض واحد ترشحه لهذا المنصب وهو الشابي (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 11 اكتوبر 2008)
قبيل عام من الاستحقاقات الانتخابية: التكتل الديموقراطي يدعو «المعارضة الديموقراطية» إلى ائتلاف انتخابي
تونس – الصباح: دعا السيد مصطفى بن جعفر، الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، إلى ائتلاف بين ثلاثة أحزاب لمواجهة الاستحقاقات الانتخابية القادمة.. وقال في حوار صحفي نشر في الآونة الأخيرة، أنه بات من الضروري على “المعارضة الجدية” على حدّ وصفه، “النضال المشترك من أجل تغيير قواعد اللعبة الانتخابية”.. ووجه بن جعفر نداءا إلى حركة التجديد والحزب الديمقراطي التقدمي، بضرورة تجاوز المصالح الذاتية والحزبية في إطار عمل مشترك يعطي الأولوية إلى ما وصفه بـ “المرشح الممكن” عوضا عن “المرشح الرمزي”، قائلا “إن زمن المعارك الرمزية ولى وانتهى”، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة غير خافية إلى مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي، السيد أحمد نجيب الشابي، الذي أعلن ترشحه منذ فترة إلى الانتخابات الرئاسية القادمة المقررة في خريف العام 2009. ويتزامن نداء بن جعفر، مع انطلاق السنة السياسية الجديدة التي تتجه الأنظار خلالها إلى الاستحقاقات الرئاسية القادمة.. وتعدّ هذه الدعوة الأولى من نوعها التي يطلقها زعيم حزب سياسي قبيل عام على موعد الانتخابات.. مقاربتان مختلفتان ويرى ملاحظون، أن دعوة بن جعفر ربما اصطدمت بتمسك الحزب الديمقراطي التقدمي دخول الانتخابات القادمة بمرشح معلن منذ فترة، وهو السيد نجيب الشابي، على الرغم من السياق القانوني والدستوري الذي يحول دون ذلك.. وكان المكتب السياسي للحزب جدد هذا التمسك قبل أسبوع، ما يعني أن خيار المشاركة في الانتخابات ضمن إطار ائتلافي غير وارد في الحزب، على الأقل في المرحلة الراهنة.. وتبدو حركة التجديد من جهتها، متحمسة لدخول الانتخابات القادمة ضمن إطار المبادرة الديموقراطية التي تجمع لفيفا من اليساريين إلى جانب كوادر الحركة، خصوصا بعد أن أثمرت المبادرة خلال الاستحقاقات السابقة، نتائج لا تخفي كوادر الحركة إيجابيتها، خصوصا لجهة التعريف ببرامجها واقترابها من الرأي العام الانتخابي والوطني، ودورها في تعبئة مناضليها حول خطاب سياسي مغاير للخطابات السائدة.. ويرى مراقبون، أن دعوة بن جعفر، ستعيد موضوع “مرشح مشترك للمعارضة الديمقراطية” إلى الواجهة، بعد أن سبق طرحها في استحقاقات انتخابية سابقة، من دون التوصل إلى حل عملي بشأنها.. المراجعة ممكنة.. ولكن على أن دعوة زعيم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، قد تضطر الحزبين المعنيين إلى مراجعة موقفهما، سيما وأن نقاط الالتقاء بين هذا الثلاثي، قد تكون أكثر من نقاط الخلاف، خصوصا وأن التباينات فيما بينها، بالإمكان التغلب عليها عبر حوار مباشر من شأنه تجسير الفجوة السياسية وإحداث تقارب سيكون ـ بلا شك ـ إضافة نوعية للمشهد الانتخابي القادم.. الجدير بالذكر، أن تجربة الأحزاب التونسية مع التحالفات الانتخابية، اتسمت دوما بالفشل الذريع نظرا لهيمنة الحسابات السياسوية الضيقة ومشكل الزعامة الذي يبحث عنه كل طرف من موقعه.. فهل تكذّب دعوة بن جعفر، تلك التجارب الائتلافية الفاشلة، أم يصر الديمقراطي التقدمي وحركة التجديد على دخول الانتخابات بخيارات أخرى؟؟ صالح عطية (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 أكتوبر 2008)
محاكمون على خلفية مظاهرة التي جرت بمدينة بنزرت: رسالة شكر
بسم الله الرحمان الرحيم رسالة شكر
نحن الممضون أسفله والمحاكمون على خلفية المظاهرة التي جرت بمدينة بنزرت بمناسبة عيد الجمهورية نشكركل من ساندنا وخاصة الجمعيات مثل حرية وانصاف والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين والمجلس الوطني للحريات والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان…والمواقع الإلكترونية مثل تونس نيوز وكلمة والفجر…و المحامون نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصرالأساتذة نجيب الشابي وأنور القوصري وسميرديلو والعياشي الهمامي وعبدالوهاب معطر وعبدالرؤوف العيادي ومحمد النوري ومحمد عبو…. والمناضلون الحقوقيين وعلى رأسهم عم علي بن سالم والصحافيون ومنهم لطفي الحاجي ومحمد الحمروني و الصحافي المنفي عبدالله الزواري والمؤسسات الإعلامية ومن بينها قناة الجزيرة وقناة الحوار… كما لا ننسى مجهودات الحزب الديمقراطي التقدمي وخاصة جامعة بنزرت. والسلام عليكم. عثمان الجميلي علي النفاتي فوزي الصدقاوي خالد بوجمعة
رحيل الأخ المناضل محمد لعراض الى مثواه الأخير
بعد رحلة نضالية مشرقة في صفوف التيار القومي العربي التقدمي، رحل إلى مثواه الأخير المناضل الأخ المناضل محمد لعراض الذي وافته المنية يوم التاسع من أكتوبر2008، أكثر من نصف قرن من العطاء والتضحيات، كان خلالها مناضلاً وفياً لأمته العربية وأهدافها الوطنية والقومية، لقدأسهم إسهاما قيادياً في تأسيس التيار القومي التقدمي ( حركة الاعداد القومي التقدمي) وفي النضال الثقافي والإعلامي والسياسي في مواجهة القوى القطرية والاقليمية دفاعا عن أهداف أمته في الحرية والوحدة والاشتراكية. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته ولعائلته ورفاقه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
التيار القومي التقدمي ـ تونس ـ 9 أكتوبر 2008
نتقدم بأحرّ التعازي الي الاخ الكريم بوعبدالله بوعبدالله في وفاة المغفور له والده حسن بوعبدالله , سائلين المولى عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جنّاته , وان يلهم اهله وذويه جميل الصبر والسلوان ….. آمين. رقم الهاتف 0041792135741 المرسل : عزالدين محمود
بطء في خدمات الانترنات والترفيع من قوة التدفق لاتصالات تونس
تونس 11 أكتوبر 2008 (وات) أفاد بيان صحفي ان اتصالات تونس قامت بعملية ترفيع من قوة التدفق لتبلغ 7 فاصل 5 جيغابيت واضعة انطلاقا من يوم الجمعة 10 اكتوبر 2008 سعة جديدة للانترنات الدولى تقدر ب 2 فاصل 5 جيغابيت. وسيمكن هذا الترفيع من تحسين الابحار في مواقع الشبكة الالكترونية اضافة الى تدعيم سرعة الشحن كما ادى الترفيع في قوة التدفق بنسبة 50 بالمائة الى تجنب الانقطاعات والتخفيف من التاثيرات الناتجة عن الاضطرابات. وقد شهدت الشبكة المحلية يوم السبت 11 اكتوبر منذ الصباح بعض البطء الذى تفطن اليه مستعملوا الانترنات في تونس وذلك للاضطرابات في الربط الدولي لاتصالات تونس مع ايطاليا والناتجة عن انقطاع سلك الربط من الجانب الايطالي. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 11 أكتوبر 2008)
خنيس :انتهاء مسلسل ” شطحات عمدة”
عامر عياد بعد ان تواصلت حلقات مسلسل ” شطحات عمدة ” لمدة تجاوزت السنة و بعد ان اعتقدنا أن السلطة السياسية غضت الطرف عن تجاوزاته و تجاوزات ذويه ، استبشر سكان مدينة خنيس صباح هذا اليوم بخبر عزل العمدة و إعادته إلى حضيرة سلك الحرس الوطني ليواصل مهامه بشكل أكثر رسمية ..الخبر ادخل الغبطة و السرور و كأ ن البلاد تخلصت من كابوس جثم على صدرها مدة تفوق الثلاث سنوات و أقيمت في كثير من المجالس الخاصة موائد الفرح و السرور و تبادل الأهالي التهاني بهذه المناسبة السعيدة و لكن تجدد خوفهم من البديل القادم الذي لن يكون أسوأ من السلف في كل الأحوال.
خواطر سجنية
بقلم: محمود البلطي نظر ابني الكبير الياس الى أخيه الصغير اسامة الذي ولد سنة 2008 اي بعد خروجي من السجن بسنتين وقال له انت ليس لك لا تاريخ ولا معاناة ولا ذكريات كالتي عشتها انا فانت ينطبق عليك قوله سبحانه وتعالى “لايستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك اعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا” انت الان تتمتع بحنان امك وابيك تعيش في راحة وامن واستقرار من أين سأبدأ معاناتي وحرماني ان انسى فلن انسى تلك الليلة الممطرة الباردة ذات 23 ديسمبر1990 عندما ايقظنا طرق قوي على باب المنزل وعندما تاخرنا نوعا ما في فتح الباب وقع خلعه فامتلأ البيت بأعوان متسلحين بالاسلحة النارية وبالهروات. ارتمى البعض منهم على ابي وقيدوا يديه وأخذوه الى احدى السيارات التي كانت تحاصر المنزل بدات امي تصيح دفعها احد الاعوان سقطت ارضا رفسوها بارجلهم اغمي عليها بدؤوا في تفتيش المنزل ركنا ركنا بعثروا كل الأثاث اخذوا معهم كتبا أشرطة سمعية بصرية انصرفوا تاركين ورائهم بيتا مبعثرا وأما مغمى عليها وطفلا يصيح ويبكي ولا يدري ولا يعرف ان تلك المداهمة الليلية ستكون بداية لرحلة قاسية من العذاب والحرمان والمعانات تكون بالانتقال بين مراكز الامن المحاكم السجون تتخللها فترات من الخوف والرهبة عند كل مداهمة ليلية بمناسبة وبدون مناسبة. هذه الرحلة القاسية تواصلت الى اكثرمن 15 سنة. الصورة الثانية هي الزيارة التي بقيت عالقة في ذهني والتي اقوم بها من حين لآخر صحبة امي وجدتي هذه الزيارة ان تمت فهي مرهقة ومتعبة اقول إن تمت ففي بعض الاحيان لاتتم فقد نذهب لزيارته (الناظور-او برج الرومي ) ببنزرت فنجدوه نقل الى المهدية او صفاقس فنعود نجر اذيال الخيبة والحزن والقهر يملا صدورنا لماذا هذا الشعور بالذات لان الزيارة هي حدث غير عادي نعد لها قبل ايام عديدة ما هو الأكل الذي يحبه ولا ترفضه إدارة السجن؟ ماذا سألبس؟ ماذا سأقول له في تلك الدقائق المعدودة والعون او العونين الشاهرين أقلامهم وأوراقهم وهم يحصون ويسجلون كل الذين قلناه وحتى الذي لم نقله؟ يوم الزيارة تكون الوالدة قد أحضرت القفة منذ اليل فنقوم قبل طلوع القجر وفي برد الشتاء القارص نكاد نكون وحدنا في ذالك الظلام الدامس ترانا خائفين من ان يعترض سبيلنا احد الصعاليك بعد عناء السفر نصل الى السجن لا بل قل المعتقل فيستقبلنا الاعوان بوجوه كالحة تذكرنا بقوله سبحانه وتعالى ” كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما ” وبعيون تتقاطر حنقا وكرها تبدأ الاستفزازات والتشفي والتحقيق يضعونا في صفوف طويلة ويشترطوا علينا أن لانتحدث مع بعضنا. ونبقى الساعات الطوال في انتظار الزيارة وقد يقولون بعد هذا الانتظار ابنكم غير موجود او معاقب في السجن المضيق او مضرب عن الطعام او يوم الزيارة تغير المهم يتلذذون ويفرحون عند مشاهدة حزننا وعذابنا “ان تمسسكم حسنة تسؤهم وان تصبكم سيئة يفرحوا بها” تتوسل تبكي تحاول استثارة الجانب الإنساني ربما الحجر يحن عليك لكن هم لا فالسجون لم تعد مراكز إيواء بل أصبحت مراكز للتشفي والتنكيل بالمساجين وعائلاتهم . في النهاية أقول للذين يتهافتون على طي صفحة الماضي وخاصة من إخواننا المغتربين فالطي بالنسبة للمغترب هي الحصول على جواز سفر والعودة إلى عائلته فرحا مسرورا بسيارته الفخمة وشهائده العليا وأمواله الطائلة وبالنسبة لأطفال المساجين المسرحين وغير المسرحين كيف تمحي من ذاكرتهم الماضي الحزين بآلامه وهو لا يزال ماثلا أمامهم عندما يزور والده من وراء القضبان الذي تركه طفلا فأصبح يزوره صحبة ابنه أو والده المسرح وهو في شبه إقامة جبرية في سجن آخر ينقصه سجان . بالنسبة لأرامل الشهداء وأبنائهم كيف تطوى صفحة الماضي وهم لايعرفون سبب وفاتهم ومن قتلهم فجلهم ماتوا ودفنوا في ظروف غامضة وبقيت أسرارهم مع جلاديهم ومع بعض رفاقهم في التعذيب صفحة الماضي ثقيلة وحزينة بالنسبة للبعض وخفيفة بالنسبة للبعض الآخر فمن شاء أن ينهي غربته فلينهها بالطريقة التي يريد فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها ولكن ليس على حساب صفحة الآخرين فان يبقى حقي قائما وأنا ضعيف عاجزا على فرضه خير من أبيعه بأبخس الأثمان فدوام الحال من المحال. والسلام على من اتبع الهدى (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 11 أكتوبر 2008)
تونس بين حقيتها و خيال الأخ مرسل
أن يتطور الانسان في حياته و أفكاره لعمري هو شيئ مطلوب و محبذ للذوات البشرية و للمجتمع، فالركود علامة الفساد و الحراك علامة التفاعل و الحياة لذلك جاءت الآية الكريمة تخاطب الانسان و تذكره بهذا الحراك ” يا أيها الانسان انك كادح الى ربك كدحا ” غير أن هذا السعي و هذا الحراك لابد أن تحكمه أطر و أسس و الا أصبح فوضى و تناقض و تخبط، كما أن هذا الحراك لابد أن يكون الى الأمام في الاتجاه الصحيح لا الى الخلف. و هذا الأمر ينطبق على عموم الناس و من باب الأولى أن ينطبق على المسلم و خاصة ان كان هذا المسلم يطرح على نفس مسؤولية تغيير المجتمع أو احداث أثر يكون من بعده. و قد رأيت أن هذه المقدمة واجبة لفهم منطلق هذه المقالة التي أوجهها الى الأخ مرسل الكسيبي بعد اعلانه تغيير منهجه في موقعه ” الوسط التونسية “، فالانسان لا ينام ليستيقظ مغيرا قناعاته بين عشية و ضحاها فيصبح خصم الأمس صديق اليوم و زميل البارحة عدو اليوم بل الأفكار و القناعات تتربى فينا و تنمو. و لأن بالمثال يتضح الحال فالنظام التونسي لم يحدث تغييرا جذريا في سياساته الداخلية حتى نغير قناعاتنا نحوه بل كل متابع للشأن التونسي يرى أن هذا النظام هو الثابت الوحيد في متغيرات العالم فالحجاب ممنوع منذ أكثر من عشرين سنة و التدين يحارب بلا هوادة و المعارضة الجادة محاصرة و مضيق عليها و الصحافة لا يمكنها الا أن تدور في فلك النظام و ذلك بشهادة الرئيس نفسه، و لا نستدل بجمعيات حقوقية محلية أو أجنبية كمنظمة حرية و انصاف أو المرصد الوطني للحريات أو منظمة العفو الدولية أو صحافيون بلا حدود أو وهيومن رايتس ووتش أو غيرها كثر فكل هؤلاء قد تأخذهم العزة بالاثم فيحرروا تقاريرا مغرضة لحاجة في نفس يعقوب. بل حتى النظام الأمريكي المتحالف الأكبر مع النظام التونسي و الذي يدعمه بلا تحفظ لا يتوارى أمام وسائل الاعلام الا أن يبدي قلقه من وضع حقوق الانسان في تونس و ما تقرير خارجيتها عنا ببعيد. و لكن لأن في كثير من الأحيان تحكمنا التأويلات الخاطئة فان شاهادات الولايات المتحدة نظهرها اذا كانت في مجال الاقتصاد و القدرة التنافسية و نطعن فيها اذا كانت في المجال الحقوقي و الديمقراطي. و انه ليحز في نفس الانسان بل تأخذه عزة كاذبة عندما يسمع من صحافي له باع في مجال الاخبار و التحاليل يقول أن “مطاعم المركبات الجامعية في تونس تفوق نظيراته الألمانية” أو أن “هناك ادارة حديثة في تونس وقطاع صحي يحفظ شعبها من تفشي العاهات والأمراض” و “أن هناك منشآت صحية لاتقل تطورا عما نراه في مدن وحواضر الغرب” أو “في تونس قطاع اسكاني متقدم ومعمار رائع لاتراه حتى في عواصم أوربية “. فان أي تونسي مهما اختلف مع نظام الحكم في بلده لا يسعه الا أن يثلج صدره لذلك شرط أن يكون صحيحا لا زورا و بهتانا أو عرضا كاذبا للعضلات. فالأخ مرسل ربما أثرت فيه سنون الغربة فصدق كل ما قيل له عن المعجزة الاقتصادية التونسية و عن التقدم الذي حصل في البلاد بالرغم من أن كل بلدان العالم تقدمت فحتى غينا تقدم فيها مستوى العيش ليس بسبب سياسة حكامها الرشيدة و لكن بسبب سنة التطور فنحن في سنة 2008 بل حتى الصومال تطورت فيها الحياة على ما كانت عليه. و أتحدى أي انسان أن يقول لي أن الخدمات الصحية في تونس ترتقي الى مستوى العصر خاصة في مجال المعاملات سواء للمرضى أو لأهاليهم و هنا لا أحكي عن المؤسسات الصحية الخاصة بل العامة ففي تونس التي سبقت بلدان كثيرة في هذا المجال نجد عامل النظافة في المؤسسة الصحية يصول و يجول أكثر من الطبيب و الويل لك ثم الويل ان راجعته في شيء ما، و قد قدر لي ربي أن يصاب أبي بجلطة دماغية ( عافاكم الله) فنصحه الأطباء بأن يحمل الى العاصمة – و في أي بلد – نقل المريض من مستشفى الى آخر يتم على حساب الدولة الا في تونس فقد طلبت منا سيارة الاسعاف ما مقداره 180 دينار لنقله ما يقارب 50 كم و لم يتم وضعه في السيارة حتى تم دفع المبلغ و هو يعاني من جلطة و هذه ليست حالة فردية فقد نقل لنا الصحفي المنفي في بلده السيد عبد الله الزواري أن طفلة توفيت بسبب عدم امكانية جمع مبلغ سيارة الاسعاف فالمسألة اذن ليست حالة فردية، بل ربما قد يضحك علينا كل العالم اذا قلنا لهم أن المواطن التونسي اذا أراد طلب سيارة اسعاف الى بيته يجب عليه أن يتوجه الى أقرب مركز أمن ليطلب ذلك ثم يترك بطاقة هويته حتى يتم الاسعاف و تعود السيارة الى المؤسسة العمومية، و لا نحكي عن الأوساخ في المستشفيات أو عن سوء التنظيم أو عن المحابات أو عن الأخطاء الطبية البريئة و المتعمدة أو عن … أو عن … حتى أصبحت قناعة عند عامة التونسيين أن المريض الفقير لا يمكنه العلاج. فبربكم اين نحن من ألمانيا أو أي بلد أوروبي ؟؟؟ أم هي انتفاخة الهر يحكي صولة الاسد. أما الرشوة فحدث و لا حرج فأن تستخرج أي شهادة – حتى و ان كانت شهادة وفاة – لابد أن تدفع و ان كنت من مستعملي الطرقات فلا تكاد تمر من أمام دورية الا اذا دفعت و ان كنت من عمالنا بالخارج فالأمر أعظم لأنك ترى الديواني يقيم لك ما ستدفعه كما لو كان قد دفع ثمن شراءه معك و لا تنفعك التوسلات أو الاحتجاجات بل يتركوك تنتظر حتى تسئم و تسلم بل بلغ بهم حد أنهم لا يختصروا عن التونسيين العائدين بل مست بركاتهم اخواننا الجزائريين حتى كرهوا العبور من بلدنا بل لقد نقل لي بعض الأخوة الجزائريين أنهم كرهوا تونس بسبب هؤولاء الطماعين و أخذوا عهدا على أنفسهم ألا يعودوا أبدا الى تونس الخضراء !!! و حتى لا أكون متجني فهناك في تونس من يقوم بواجبه بكل اخلاص و لا يطمع في أحد بل ذكرت ذلك لأنه الأغلب و القاعدة الأساسية في التعامل في تونس. و لن أتعرض الى المجال الحقوقي و القضائي و الذي لا يكاد يمر يوما الا و تسمع و تطالع ما تشيب له الولدان الا اذا كان ما ينقله لنا المجلس الوطنى للحريات بتونس أو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أو الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب أو منظمة حرية و إنصاف أو غيرها هو من باب الأباطيل؟ فهذه تونس الذي يطلب منا أن نغير رأيتنا اليها و نغفل عن كل ذلك و غيره كثير لنهتم ببعث قناة دينية أسست من أموال الشعب باسم أحد أقرباء القصر. وهذا الفرق بيننا و بين الأخ مرسل فهو يبحث عن الحالات الشاذة في هذا الفساد و نحن نصارح أبناء جلدتنا بما هو حالة عامة في البلاد عسى أن ندرك السفينة قبل الطوفان!!! و خير ما أختم به قوله تعالى “و ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ” رضا القدري / تونس
أمــــــــــــــــر خطير
بقلم عبدالحميد العدّاسي طبيعي أن يهتمّ المسلم بشؤون عائلته وأسرته وبلده وأمّته والإنسانيّة، وطبيعي بل شرعيّ أن يبذل الجهد في تغيير المنكر ووقف الإفساد والإشارة إلى مكامن الخطأ بنيّة الإصلاح والدعوة إليه… وعليه فلا ضير في أن يسمّي النّاسُ (خاصّة إذا اتّفقوا كلّهم أو جلّهم) النّاس بأسمائهم وصفاتهم والأشياء بأسمائها ومدلولاتها: فيشيرون إلى أنّ هذا صالح وذاك طالح وهذا نافع وذاك فاسد وهذا مطيع ربّه وذاك عاصٍ له وهذا عابد ربّه وذاك كافر به أو بنعمه (وكلّ ذلك حسب الظاهر) وهذا محسن وذاك مسيء وهذا عدل وذاك فاسق وهذا مقسط وذاك ظالم… إلى غير ذلك من الصفات والمتضادّات التي لم يخل منها مكان ولم ينقصها زمان، والتي إنّما تُستعمل في التشخيص لضبط العلاج اللاّزم للمحافظة على صحّة ونقاوة هذا المجال الجَماعي المشترك المدعو مجتمعا أو بلدا أو أمّة أو عالما… وقد ابتلينا هذه الأيّام بشحّ المجالات التي يمكن التحرّك فيها للقيام بدور الرّعاية والإصلاح، هذا الدور الذي كان وسيظلّ – انطلاقا من تعاليم ديننا وتوجيه نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم – دورا عينيّا، وإن تفاوتت نسب القوم فيه، فكلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته… فقد اغتصب “الرّاعي” بجهله أو بتعويله على جهلنا مهمّة الرّعاية ومراقبة المجتمع، فلم يُبق على حقّ لأحدٍ غيرِه، فهو الذي يفعل وهو الذي يراقب وهو الذي يَرعَى وعلى الرعيّة إذن أن تغنم رِعْيَها في المَرْعى الذي اختاره لها الرّاعي وتُراعي فضله عليها، فهو الرّاعي وهو الذي سيُسأل عليها دون غيره… ومن هذا المنطلق – الذي أمسى قاعدة لدى “الرّاعي” و”الكُرّاز” في الرّعيّة- باتت كلّ محاولة للخروج من هذا المربّع المحدِّد للعلاقة بين الرّاعي والرّعية ضربا من البدعة في علاقة الحاكم بالمحكوم أو حتّى في علاقة المحكومين بعضهم ببعض… ولذلك سعى الحاكم في تونس إلى القضاء على كلّ تلكم المحاولات مرّة بالتضييق الذي طال حتّى اللّباس على الحرّيات الفرديّة، والحرّيات العامّة وكلّ ما يتبع ذلك من ضرب للصحافة الحرّة المكتوبة، والقضاء، والمحاماة، والنّقابات، والجمعيات الحقوقيّة، والهبّات الاجتماعيّة الرّافضة للتجويع كما في الحوض المنجمي وفي غيره من جهات الجمهوريّة، والمعارضة الرّاغبة في التميّز بالخروج من تحت بساطه… ومرّة بـ”الترذيل” كما في الحملة الاستثنائية التي ما فتئت تصف كتابات الإنترنت – مثلا – بالإغراق في الأوهام والإسفاف لتُخرج مقترفيها في صورة الأهوس الذي فارق عالم التمييز وأوغل السير في عالم السفاهة: فهو مريض لا يُرجى برؤه قبيح لا يُرقب تحسّنه كاذب أو فاسق لا يُؤخذ عنه، حتّى لخشيت أن تكون الحالة التي عليها البوليس التونسي “المقاوم” مجرّد عدوى تسرّبت إليه منهم، فالبيانات والأخبار والبلاغات والكتابات كلّها تتحدّث عن بذاءة البوليس التونسي وتفحّشه في الكلام والفعل وعن إطنابه في السبّ والشتم المقذع الذي لا يراعي دينا ولا عرفا ولا يميّز بين ذكر وأنثى ولا بين صغير وكبير، غير أنّ عملا بوليسيا إيضافيّا صرَفَ عنّي هذا التخمين فلعلّها لم تكن عدوى بل كانت سجيّة نابعة من التغيير، فكتّاب المجال الإفتراضي أو الأغلبية منهم (على الأقلّ) لم يكشفوا عوراتهم للنّساء كما فعل البوليس في الرّديّف ولم يضربوا النّاس بهراواتهم الغليظة كما فعل البوليس مع زهير مخلوف ومع سهام بن سدرين بالأمس ومع غيرهم من التونسيين من قبل ومن بعد، ولم يقتلوهم كما قتلهم البوليس ببنادقه التي تصيبهم ولا تصيب غيرهم ممّن تسلّل إليهم من شعاب العداء الحضاري البغيض… ومرّة بتكذيب مزاعمه التي زعم، وتخريب المجال الذي أجزل له الكيل في الذمّ، فالإنترنيت – وإن “خنس” فيه ثلّة من “المُهوّسين” – لا يزال يسبّب الكثير من الصداع للرّاعي، فهو ينزعج كثيرا لوجود “المهوّسين” وغيرهم من “المعوّقين” في مجتمع أراده أن يكون عاكسا لفرحة الحياة التي جاء ينشدها، ببيان وضعه حسب فهمه لهم، وقد ظنّ يومها أنّهم قد بلغوا من التمييز ما يجعلهم أهلا لعمله الذي “أكرمهم” به، فلا يدّخر جهدا إذن في ضرب هذه المواقع المشوّشة على فرحة الحياة، بيد صلبة قويّة بغيضة لا تعير الكلمة أيّ اهتمام، شأنها في ذلك شأن مالك ناصيتها المغيّر صاحب البيان الذي داس على الكلمة حتّى ما عاد يُفرّق بين الظلم وغيره ولا بين النضج وغيره ولا بين الصدق وغيره ولا بين الرّئاسة المؤبّدة وغيرها ولا بين الحياة وغيرها، فقد حطّمت تلكم الأيادي العجماء موقع “كلمة” كما حطّمت من قبله موقع تونس نيوز وغيره من المواقع التي لا تزال تؤمن بدور الكلمة لتغيير ما جرّه علينا الفاسدون من ويلات نتيجة سوء استعمالهم الكلمة!… لن أكون سابّا ولا شاتما كما لن أكون متجنّيا على النصّ بإذن الله إذا قلت: لن يفلح قوم عملوا على تزيين صورهم وأغفلوا بواطنهم فكشفتهم أعمالهم الفاسدة المفسدة!.. وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يؤكّد على مركزيّة عضو إذا صلح صلح سائر الجسد وعلى أهمّية عمل إذا صلح صلح سائر العمل: القلب والصلاة!… ولي عودة – بإذن الله – إلى الموضوع لمناقشة جانب آخر فيه (أو منه)…
رصده لكم مهاجر التونسي قرر الوزراء في تونس عقد اجتماع طارئ و دارت في الكواليس تصريحات و ادلاءات حول ما يعتقد الخبراء انه انقلاب صامت. و من مقر البرلمان تمت مداولات تم نقلها مباشرة عبر التلفزيون التونسي و عبر الفضائيات في سابقة للإعلام التونسي للانفراد بالخبر كعادة التلفزيون التونسي و بعد صمت طويل تكلم وزير الإعلام محسن بلال لان هذا الحدث سينسب اليه بلا ادنى شك فقال: -انا لست مع الانقلاب لكن الرئيس بن علي حرمني من حصتي في قناة 21 و قناة حنبعل. و المدام متاعه وعدتني بقناة جديدة اسمها ليلى. و جاءت مداخلة وزيرالاتصالات رافع دخيل (1) ليؤكد ولائه لبن علي رغم ان الوضع لا يسمح سيما و ان مداخيله من فلوس الشعب تناقصت ووصلت الى 10 ملايين في الاسبوع و المبلغ قد يرتفع اذا ما مكنته الرئيسة او خو الرئيسة من سريقكوم, سرقة-كوم التي تنافس التلكوم متاع بن علي. اما عن وزير النقل عبد الرحيم الزواري فيبدوانه متفائل عن نتيجة الانقلاب و انه راض تمام الرضا عن سلك المواصلات و عن المداخيل المترتبة عن العشرين سنة المنقضية غير انه سيسعى الى تدعيمها اذا تم تمكينه من طائرات جديدة و يخت جديد كالذي جيء به من فرنسا وذلك في حالة نجاح انقلاب عهد ليلى الجديد. تولى بعد ذلك وزير الداخلية الهادي مهني استعراض عضلاته عفوا انجازاته في العهد القديم و انه مستعد للمضي قدما في التنكيل و التصدي لما وصفه بالارهاب و المولوتوف. و من مشاريعه في عهد ليلى او اخو ليلى ان يفعل كل ما بوسعه لادخال كل المحجبات الى السجون في خطة تهدف الى المساواة بين الرجل و المرأة في جميع الميادين. هذا و قد اخرج الوزير من جيبه سجينا سياسيا لم يبقى له من جسده الا القليل ليتم الاستشهاد به على سياسته الرشيدة في التخزين الطويل المدى ى ى… اما البشير التكاري وزير الغدر وحقوق الحيوان عفوا العدل و خروق عفوا مرة اخرى الانسان (موش حابة تطلع من فمي) فابدى حرصه التام على المضي قدما و على خطى حثيثة من اجل الحيلولة* دون الانسان و حقوقه خاصة اولائك المتزمتون. الملتزمون,المتدينون,الاخوانجيون,المتعصبون,الراكعون,الساجدون, الذين هم لفروجهم حافظون,الذين هم للزكاة فاعلون,و المتصدقون و الآمرون بالمعروف و للمنكر هم ناهون و القائمة طويلة لصفات هؤلاء الذين هم لرحمتنا نحن رعاة شقوق الانسان لا يستحقون او مؤهلون, ذلك لانهم اناس يتطهرون.. ونحن في انتظار ان تمن علينا ليلى بسجون جديدة لانه و الحق يقال بن علي لم يعد مهتما كما كان بحقوق الانسان و بما اني وزير عدل فالعدل انه تنحى لمن هو اجدر و اقدر منه على توفير هذه المؤسسات الضرورية في حياتنا. هذا و قد اخذنا مقطعا نادرا للوزير الاول محمد الغنوشي الذي اعرب عن سعادته و سعادة الوزراء بالتنقل النوعي في سياسات تونس الرشيدة و تاقلمها مع الواقع الجديد, واقع ليلى و اخواتها. مضيفا الى عادة تونس في الانسجام مع كل المناخات السياسية و ختم بالقول انه سيكون كالعادة “وفيا” لنفس العادة و هي التكمبين للمقربين و تحريض الوزارات على انتهاك عرض و مال المواطنين و التنافس فيما بينهم على املاك الدولة الخاصة و العامة و التنسيق بينهم جميعا حتى يتم ذلك في كنف التساوي و روح التسامح التي ما فتئ الطرابلسية يزرعونها في شتى المجالات. و في الاثناء تناول مفتي الجمهورية كمال الدين جعيط اهمية عدم الاختلاف على هلال العهد الجديد وضرورة اتحاد الجهود على ان يتبلور بيانه في افضل الظروف. المفتي ابدى امتعاضه من دخول احداهن مرتدية للحجاب و امر وزير الداخلية باخراجها ومصادرة خمارها الى جهة طائفية لم يقع الكشف عن اسمها لاسباب امنية. ووعد المفتي اذا تم تمديد عقده لعشرينية اخرى ان يتم منع التراويح و تهديم جميع المساجد على ان يبني بدلها زوايا و اضرحة اولياء صالحين كامثاله و امثال الوزراء المبجلين و طبعا لن تفتح هذه الزوايا الا في الويكاند لفناني قناة تونس 7 و تغلق اثر الحفلة مباشرة. الاستثناء الوحيد كان لمسجد العابدين الذي سيصبح الزاوية الاولى في شمال افريقيا و سيتغير اسمه الى زاوية العابثين. و في خصوص رضا التويتي وزير التجارة الاقتصاد و السيجارة فاكد حرصه على ان يدعم ما حققته تونس من مكاسب في تفاقم المحسوبية و الرشوة و ان يمشي قدما في تكثيف مجهوداته للعبث بكفاءات تونس الحقيقية و ايداعها السجن كلما تخرج احدهم. ولو تمكن من تمديد عقده مع الزميلة في ميدان الحلاقة فسيكون لهم جميع ارصدة في الوال ستريت مع حلاقي الدول الاخرى. و كلمة الختام كانت لعلي الكعبي وزير الشباب الذي اثنى على الرئيسة المتالقة و التي حسب قوله تزداد شبابا يوما بعد يوم…الوزير الذي كانت له “فازة” مع طارق ذياب امر وزير العدل بمحو ذاكرة التوانسة بخصوص وجود لاعب في تاريخ الكورة السمه طارق ذياب و امر ان يقع تحريم تسمية الذكور باسم طارق. و ان يدخل اسم طارق في عداد الممنوعات كاسامة و مصعب و راشد و كل اسم له علاقة باسم واحد من هؤلاء الارهابيين.ووعد الوزير الشباب بقنوات جديدة مع كل عيد شباب و بتكثيف الدورات الاسبوعية في الشيشة و الستار اكادمي و ان يعاد مسلسل مكتوب و شوفو حل (لارواحكم) كل يوم خمسين مرة حتى في الحافلات العمومية في خطوة تكنولوجية فاقت نظيراتها في الغرب. وزير الاقتصاد حاول الامتناع في الاثناء على مشروع قرار بتخفيض سعر السجائر حتى يدخن اكثر عدد من التوانسة “الشباب” المقدمين على الزواج و النافرين منه. و تناول الوزراء المتبقون مشروعا يقضي بانهاء الانقلاب في احسن الظروف و توفير الظروف الملائمة لتمرير كرسي الحكم الذي أوكلت مهمة تنظيفه من الغبار الى ابو بكر الأخروزي الذي افتك الخمار من المحجبة و استعمله لهذا الغرض قبل ان يتم مصادرته الى الجهة الطائفية الذي جاء منها… و انتهت الجلسة الاستعجالية في سلم و تسامح و تضامن و تثمين (*) و تكاتف منقطع النظير و رغبة ملحة الى ان تصبح تونس كما كانت و لا تزال ارض مسلبة و تكمبين و خطف و سلب و نهب في وضح النهار و في الثلث الاخير حتى تبقى رايتها عالية رفرافة* في شتى الميادين و خاصة فيما يتعلق بحقوق الانسان و المساجين. (1) الوزراء المذكورون مأخوذون من قوقل و لست من المهتمين و الحمد لله بالشأن الوزاري التونسي لأنهم لا يمثلونني و لا أتشرف بواحد منهم. الشرف كل الشرف لمن يقبعون في سجون تونس الصغرى و سجنها الأكبر. (*) لغة النشرة الرئيسية للانباء العقيمة الرتيبة المملة التي نفرت الشباب من اختيار اللغة العربية الساحرة (لغة الاعجازالعلمي و الادبي و البلاغي في القرآن و السنة) في التوجيه الجامعي. (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 10 أكتوبر 2008)
أكاذيب في “حقائق”
و قد تناول كاتب المقال – الذي رمز لاسمه بحرفين : ز.ح أو هـ – تناول فيه عدم قدرة الأجيال الجديدة على الصيام مع حرارة الصيف. وانتهى به المقال إلى المطالبة بإحياء فتاوى (حسب زعمه) تبيح الإفطار في رمضان إن أتى صيفا . وصاحب المقال من بداية مقاله بل من العنوان تفهم هدفه فحين يعنون كلامه بالنقاش الأبدي يخيل إلى القارئ أن هناك نقاشا مستمرا منذ قرون ( ؟؟ ) و لن ينتهي إلى قيام الساعة. و إني أتحدى هذا المدعي (وهذا التحدي الأول و الكذبة الأولى) أن يأتينا بأي كتاب أو مخطوط يتناول فيه صاحبه موضوع مشقة صيام رمضان في الصيف طيلة الأربعة عشر قرنا الماضية وطالب فيه بالإفطار . فلو قمنا بحساب بسيط عن عدد السنوات التي كان رمضان فيها صيفا، منذ البعثة المحمدية – على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام – لوجدنا أنه بحكم أن الصيف يستمر ثلاثة أشهر، أن رمضان يكون في تسع سنين متتالية في الصيف. و بما أن الدورة تستمر 33 سنة حتى يعود رمضان إلى نفس التاريخ بالنسبة للسنة الشمسية فسنجد أنه في كل قرن يكون رمضان في الصيف 27 مرة. نضرب الرقم 27 في 14 ( قرنا) نجد الحاصل: 378 مرة . ترى هل عجزت كل هذه الأجيال السابقة عن صيام رمضان في الصيف 378 مرة ؟ أم أن في قلب صاحب المقال مرض ؟ ترى هل خالق البشر – وهو خالق رمضان – لا يعلم أن رمضان يأتي صيفا ؟ ” قل أأنتم أعلم أم الله ؟” ترى هل صاحب المقال أرحم من أرحم الراحمين ؟ ثم إنه حين يقول: le rite du jeûne وهو يقصد طقوس الصيام , يرمز إلى رمضان أنه من الطقوس , بينما هو شعيرة من شعائر الله التي قال فيها ” ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ” و بعبارة أخرى فإن من لم يعظم شعائر الله لا تقوى في قلبه . و حين يذهب إلى عمي النوري أو عمي الحطاب ليسألهم عن ذكرياتهم أتساءل: لماذا لم يذهب إلى أحد المساجد وسأل بعض الكهول أولا نفس السؤال, وسأل بعض الشباب ثانيا عن استعدادهم للصيام في الصيف لتلقى ردودا مختلفة عن تلك التي سود بها مقاله. و بالمناسبة فإني أقترح على صاحب المقال أن يذهب أيضا إلى أحد المواخير ليسأل العاملات هناك عن رأييهن كذلك و مدى تأثير رمضان في الصيف على عملهن وصحتهن ؟ أما الطامة الكبرى فهو كلام نقله الصحفي عن شخص يدعى عبد الستار عمامو وصفه بأنه مؤرخ . وحقيقة لم أسمع بهذا الشخص من قبل , بحثت في الشبكة فوجدت أن بعض المواقع تقدمه على أنه مؤرخ وحكواتي ( قصاص ) وهنا تذكرت ما تعلمناه في علم مصطلح الحديث, فقد كان رجال الحديث ( كالذهبي و ابن الجوزي و غيرهما ) إذا سمعوا لأحد هؤلاء القصاص كلاما رفضوه قائلين: قصاص لا يعتمد عليه , متروك , لم يكن موثوقا به .. و بعبارة أوضح: القصاصون كذابون يزيدون في أحاديثهم ويكذبون فيما يقولونه و يضعون الحديث. فالأصل في القصاصين عدم التثبت إرضاء للناس وابتغاء القبول عندهم واستمالتهم لحضور مجالسهم وتوسيع دائرة حلقاتهم . فقلت في نفسي صدق – والله – هؤلاء الرجال فإذا كان القصاصون يكذبون على رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فلن يتوانوا عن الكذب على سائر الخلق . ثم إني رأيت أن أتمادى في البحث عن هوية هذا الشخص و قد ذكر لي العديد من الأشخاص أنهم شاهدوه على قناة 21 وأنه أعاد نفس الكلام حول الفتاوى المزعومة. وقد ذكره هؤلاء بأوصاف لن أكتبها هنا من باب الحياء ومن باب ” اذكروا موتاكم بخير ” ادعى هذا القصاص ( بالدارجة: يخرف ) أن المفتي في عام 1979 أباح أو سمح للناس ( هكذا) أن يقطعوا صيامهم في الساعة 13 ( هكذا ) خوفا على صحتهم. و إني أتحدى هذا الخراف ( التحدي الثاني والكذبة الثانية) أن يأتينا باسم هذا المفتي الموهوم وبنص فتواه المزعومة. ويزيد الطين بلة فيدعي أن الشيخ عبد الرحمان خليف – رحمه الله – أمر ( هكذا ) بقطع الصيام على الساعة 13 ( لماذا على هذه الساعة أيضا؟ لماذا لا تكون 14 أو 15 أو 18 ؟؟ ) ثم يؤكد affirme أنه فتح باب منزله وشرب أمام الناس حتى يحرضهم على اتباعه ,وإني أتحدى هذا الخراف ( التحدي الثالث والكذبة الثالثة ) أن يأتينا بأي وثيقة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو حتى بشاهد واحد – فقط لا غير- يشهد على مثل هذه الأراجيف و التلفيقات . فمن هو المفتي ؟ و من هو عبد الرحمن خليف ؟ حتى يتجرءا على تعطيل ركن من أركان الدين بدعوى ارتفاع درجة الحرارة ؟ و أخيرا يُسود ورق المجلة بأسطر كشفت عن نواياه حين ينادي بالرجوع إلى تلك الفتاوى ( التي لا أصل لها إلا في جمجمة عمامو) وبالاعتماد على القاعدة الفقهية ” الضرورات تبيح المحظورات ” . أقول لهذا الدعي “حفظت شيئا و غابت عنك أشياء ” فالإمام السيوطي رحمه الله يقول كلاما واضحا لا يحتاج إلى تأويل, في ضبط المشاق المقتضية للتخفيف يقول : المشاق على قسمين : القسم الأول : مشقة لا تنفك عنها العبادة غالبا , كمشقة البرد في الوضوء , و الغسل . و مشقة الصوم في شدة الحر و طول النهار, و مشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها , و مشقة ألم الحدود و رجم الزناة وقتل الجناة فلا أثر لهذه في إسقاط العبادات و الأحكام في كل الأوقات. ( راجع كتاب: القواعد الفقهية على المذاهب الأربعة للزحيلي ص 268 ) ثم يختم كاتب المقال كلامه بخاتمة لخصت كل كلامه وهذا هو بيت القصيد : بما أن الإسلام دين يُسر فلنعتمد على مثل هذه الفتاوى حتى نفطر في رمضان الذي سيأتي في العام القادم في قلب الصيف. يا هذا من أجبرك على الصيام ؟ ( إن كنت صائما ) أما قولك أن الإسلام دين يسر فهذه كلمة حق أريد بها باطلا. صحيح أن دين الله يسر : فمن لم يستطع الصلاة قائما صلى جالسا ( لكن لا يبطل الصلاة ولا يؤخرها) ومن لم يستطع الوضوء تيمم ومن لم يستطع رمي الجمرات أناب … أما أن نعطل الصيام في الصيف و نؤجل الحج إلى الخريف أو الربيع ( ما دام الدين يسرا) ثم ربما نحذف صلاة العصر أو المغرب مثلا لأننا نكون في الشغل و هكذا , فماذا بقي من الدين ؟ وأين هو الإسلام إذا ؟ و في الختام تأكد يا مُسود المقال أن نداءك و نداء أمثالك لن يجد آذانا صاغية حتى من مفتي الريموت ( remote control) الذين يصدرون الفتاوى حسب الطلب ولمن أعطى . وسيبقى رمضان يصام صيفا إلى قيام الساعة بإذن الله فهذا دين الله و هو حافظه . و صدق رسول الله – صلى الله عليه و سلم – حين قال في الحديث الذي يرويه الطبراني عن أم سلمة :” ليأتين على الناس زمان يكذب فيه الصادق ويصدق فيه الكاذب ويخون فيه الأمين ويؤتمن فيه الخؤون ويشهد فيه المرء وإن لم يستشهد ويحلف وإن لم يستحلف ويكون أسعد الناس في الدنيا لكع بن لكع لا يؤمن بالله ورسوله” بلغني الآن وأنا بصدد ختم هذا المقال أن مصدر عمامو في تخريفاته مخطوطة فريدة لا يملكها إلا هو وهي بعنوان ” كتاب التاريخ في مصادر التكليخ مما ينسب إلى عمامو من الأكاذيب و الأراجيف للتلبيس على الفراريخ ” لذا وجب التنبيه . و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته. وفيما يلي نص مقال “رياليتي” (العدد 1187 بتاريخ 29 سبتمبر 2008) المليء بالأراجيف والمغالطات:
Ramadan et l’été: L’éternel débat
H.Z. Ces derniers jours où la température du climat variait entre les 36 et les 42 degrés, voire plus dans certaines régions du pays, on s’est posé plus d’une question sur notre capacité à continuer d’honorer le rite du jeûne, surtout que le jour se prolonge pendant quinze heures avant le coucher du soleil. Pour les nouvelles générations qui n’ont pas vécu le Ramadan en été, s’adapter s’avère difficile et l’on n’arrête pas de demander aux parents et aux grands-parents comment ils faisaient pour résister à la chaleur. Il faut trente-trois ans pour que le mois de Ramadan revienne à la même date. Cette année, il a coïncidé avec le début du mois de septembre, donc encore dans la période chaude. Pour les jeunes, c’est la première fois qu’ils affrontent une situation pareille. Les aînés le vivent pour la deuxième fois. Ils nous parlent de leurs souvenirs. Am Nouri, retraité du ministère du Transport, se rappelle: «Il faisait très chaud, un peu comme aujourd’hui. A l’époque il n’y avait pas de climatiseurs dans l’administration mais seulement des ventilateurs qui nous aidaient à supporter la chaleur. Puis, vers deux heures de l’après-midi, on finissait le travail et on rentrait nous réfugier vite à la maison, loin des rayons brûlants du soleil. On faisait la sieste. Et on ne sortait plus qu’une heure avant la rupture du jeûne, quand la température commençait à se rafraîchir». Am Hattab, lui aussi retraité, souligne qu’il «lui arrivait, avec ses amis ou collègues du travail, d’aller se baigner à la plage. C’est la seule façon de sentir un peu de fraîcheur. Beaucoup de gens faisaient pareil, surtout quand Ramadan coïncidait avec la période des vacances (el khelaâ). Mme Zakia, la cinquantaine, enseignante, s’étonne d’ailleurs que les Tunisiens sont rentrés tôt cet été des vacances, soit une semaine avant la fin du mois d’août, sous prétexte que le mois saint allait commencer et qu’il fallait s’y préparer en quittant la plage. Pis encore, «certains pensent même qu’en se baignant il y a le risque d’avaler l’eau de mer et donc de rompre le jeûne». Ainsi, les astuces pour préserver son énergie et résister à la chaleur ne manquaient pas. Tout se jouait sur la façon d’éviter au maximum le soleil et de trouver les moyens de maintenir son corps frais. M. Abdessattar Amamou, historien, se souvient de sa mère qui faisait le ménage à l’heure du shour tandis que pendant la journée, elle se contentait de faire des petits travaux, sans sortir dans le patio de la maison et s’exposer aux rayons du soleil. Certaines autres femmes veillaient à la fermeture des volets de l’habitation dès 7h ou 8 h du matin, conservant ainsi la fraîcheur du climat toute la journée. Pour ceux qui avaient la chance d’habiter et de travailler dans la Médina, les choses se passaient plus facilement, puisque l’ancienne ville est dotée d’une climatisation naturelle, vu qu’elle est construite en pierres et qu’elle est en grande partie couverte, notamment au niveau des souks. Aujourd’hui, la génération actuelle semble avoir oublié ces astuces. On s’expose sans réserve au soleil. On sort à tout moment de la journée, notamment l’après-midi. On se déplace beaucoup sans s’épargner. On voudrait continuer à mener un mode de vie normal alors que le jeûne en été impose ses règles qu’il faudrait respecter. Il impose aussi un certain mode d’alimentation dont nous parlent nos aînés. Mme Alia, retraitée de la CNSS, se souvient des années 80, quand Ramadan coïncidait avec la saison estivale et que la rupture du jeûne était à 20 h. «Les gens alors buvaient beaucoup de liquides et mangeaient en abondance de la pastèque et du melon».Du même avis est M. Amamou, qui affirme «qu’on consommait les salades et les soupes en grande quantité et qu’on gardait les plats consistants pour les manger au moment du shour, entre 3h et 4 h du matin. Du fait, nombreuses étaient les personnes qui veillaient jusqu’à cette heure-là et ne dormaient qu’après l’appel à la prière du «Fajr». Il se souvient aussi quand les gens rentraient du Festival de Carthage et qu’ils allaient directement prendre le shour avant de dormir. Des fatwas pour rompre le jeûne Néanmoins et malgré ces astuces pour mieux supporter la chaleur, il y a eu des moments dans le passé où c’était insupportable, au point qu’on était obligé de rompre le jeûne avant terme. L’histoire la plus célèbre dans ce sens, nous raconte M. Amamou, est celle de juillet 1979, quand le mufti de la Tunisie a autorisé les gens, craignant pour leur santé, face à une chaleur qui a atteint un jour 47°, à rompre le jeûne à 13h et à le remplacer par un autre jour après Ramadan. A Kairouan, en 1982, il y a eu des morts à cause d’une chaleur atteignant 51°. Le Cheikh Abderrahmane Khelif a ordonné, à l’époque, de faire l’appel à la rupture du jeûne à 13h. «On raconte même qu’il a ouvert la porte de sa maison et a bu de l’eau en public afin d’inciter les gens de suivre son exemple. Il voulait, en fait, éviter le pire, en permettant aux Tunisiens de remplacer le jour non jeûné par un autre après le Ramadan », affirme M. Amamou. Si des fatwas de ce genre ont existé dans le passé dans le but de préserver l’individu et de confirmer le côté tolérant de la religion musulmane, ne pourrait-on pas y faire appel aujourd’hui dans des cas extrêmes, telle la canicule que nous avons subie ces derniers jours ? D’ailleurs, en Irak, la population a réagi face à des températures très hautes atteignant les 50° et des coupures fréquentes d’électricité ne permettant pas d’utiliser des ventilateurs ou des climatiseurs. Ils ont été obligés de rompre leur jeûne dans la journée. S’agit-il là d’un cas extrême où l’on pourrait appliquer le principe des «nécessités qui autorisent de transgresser les interdits» ? Ce sont des questions qu’on se pose, d’autant plus qu’on s’attend dans le futur à des étés plus chauds par l’effet du réchauffement climatique. Ces derniers jours où la température du climat variait entre les 36 et les 42 degrés, voire plus dans certaines régions du pays, on s’est posé plus d’une question sur notre capacité à continuer d’honorer le rite du jeûne, surtout que le jour se prolonge pendant quinze heures avant le coucher du soleil. Pour les nouvelles générations qui n’ont pas vécu le Ramadan en été, s’adapter s’avère difficile et l’on n’arrête pas de demander aux parents et aux grands-parents comment ils faisaient pour résister à la chaleur. Il faut trente-trois ans pour que le mois de Ramadan revienne à la même date. Cette année, il a coïncidé avec le début du mois de septembre, donc encore dans la période chaude. Pour les jeunes, c’est la première fois qu’ils affrontent une situation pareille. Les aînés le vivent pour la deuxième fois. Ils nous parlent de leurs souvenirs. Am Nouri, retraité du ministère du Transport, se rappelle: «Il faisait très chaud, un peu comme aujourd’hui. A l’époque il n’y avait pas de climatiseurs dans l’administration mais seulement des ventilateurs qui nous aidaient à supporter la chaleur. Puis, vers deux heures de l’après-midi, on finissait le travail et on rentrait nous réfugier vite à la maison, loin des rayons brûlants du soleil. On faisait la sieste. Et on ne sortait plus qu’une heure avant la rupture du jeûne, quand la température commençait à se rafraîchir». Am Hattab, lui aussi retraité, souligne qu’il «lui arrivait, avec ses amis ou collègues du travail, d’aller se baigner à la plage. C’est la seule façon de sentir un peu de fraîcheur. Beaucoup de gens faisaient pareil, surtout quand Ramadan coïncidait avec la période des vacances (el khelaâ). Mme Zakia, la cinquantaine, enseignante, s’étonne d’ailleurs que les Tunisiens sont rentrés tôt cet été des vacances, soit une semaine avant la fin du mois d’août, sous prétexte que le mois saint allait commencer et qu’il fallait s’y préparer en quittant la plage. Pis encore, «certains pensent même qu’en se baignant il y a le risque d’avaler l’eau de mer et donc de rompre le jeûne». Ainsi, les astuces pour préserver son énergie et résister à la chaleur ne manquaient pas. Tout se jouait sur la façon d’éviter au maximum le soleil et de trouver les moyens de maintenir son corps frais. M. Abdessattar Amamou, historien, se souvient de sa mère qui faisait le ménage à l’heure du shour tandis que pendant à l’époque, de faire l’appel à la rupture du jeûne à 13h. «On raconte même qu’il a ouvert la porte de sa maison et a bu de l’eau en public afin d’inciter les gens de suivre son exemple. Il voulait, en fait, éviter le pire, en permettant aux Tunisiens de remplacer le jour non jeûné par un autre après le Ramadan », affirme M. Amamou. Si des fatwas de ce genre ont existé dans le passé dans le but de préserver l’individu et de confirmer le côté tolérant de la religion musulmane, ne pourrait-on pas y faire appel aujourd’hui dans des cas extrêmes, telle la canicule que nous avons subie ces derniers jours ? D’ailleurs, en Irak, la population a réagi face à des températures très hautes atteignant les 50° et des coupures fréquentes d’électricité ne permettant pas d’utiliser des ventilateurs ou des climatiseurs. Ils ont été obligés de rompre leur jeûne dans la journée. S’agit-il là d’un cas extrême où l’on pourrait appliquer le principe des «nécessités qui autorisent de transgresser les interdits» ? Ce sont des questions qu’on se pose, d’autant plus qu’on s’attend dans le futur à des étés plus chauds par l’effet du réchauffement climatique. (Source : « Réalités » (Magazine hebdomadaire – Tunis), N° 1187 du 29 septembre au 5 octobre 2008) Lien : http://www.realites.com.tn/home/Realites-Lire-Article?=&a=1080996
توضيح مودّة لـلدّكتور النـّجـّار و الصّحب والأحبـّة
الطاهر رمة السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته كتبت على صفحات الأنترنيت مقالا و ذلك قبل يومين تقريبا بعنوان الشهيد فيصل قربع (المربعات و الرجولة). في مقالي ذاك لم أقصد شخصا بعينه أو فئة، ولكني تأثرت أشد التأثر بإستشهاد أخينا فيصل قربع، ولشدة تأثري كتبت عن الرجولة و غيرها تذكيرا لنفسي و لومها أولا و آخرا فأنا أول المقصرين في حقوق إخواني. ثم تذكيرا لنا جميعا عن واجباتنا التي لا يمكن أن يغفل عنها أي رجل منا إلا سهوا أو غصبا.
ولكن بعض الأحبة عاتبوني همسا ظنا منهم أني أتهم شخصا بعينه في رجولته وأني قصدت بكلامي د النجار تحديدا، صدمت لهذا الفهم و المنحى الذي سار إليه البعض و الذي لم أقصده البته. لذلك أكرر أني لم أقصد بمقالي أي شخص بعينه. و أقول إن لـ د النجار فضل كبير علينا تماما مثل باقي شيوخنا الكرام فمنهم تعلمنا الكثير، و منهم مازلنا نتعلم، وهم كل الخير و البركة ، فكيف لنا أن نقدم بين أيديهم فضلا أن نتهمهم في رجولتهم، حاشا و كلا أن أكون من الجاهلين. و أقولها صراحة و للجميع إذا كنت أنا برجل فإن الدكتور النجار و إخوته من شيوخنا و إخوتنا الأفاضل بألف رجل… يمكن أن نختلف معهم سياسيا أو في بعض الآراء، و لكن يبقوا هم سادتنا و عماد البيت و أركانه رغم محاولة البعض التفريق بيننا وهدم البيت.
أعتذر لـ د. النجار و جميع إخوتي إذا فهموا غير ما قصدت.
و أرجو أن لا يفرق بيننا إختلاف الرؤى و نبقى كالجسد الواحد نحمي و نأخذ بأيدي بعضنا البعض كما علمتمونا و كما علمنا سيد الخلق (صلى الله عليه وسلم) من قبل. وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} . وفيهما عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا , وشبك بين أصابعه} . و السلام عليكم ورحمة الله (المصدر: موقع “الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 11 اكتوبر 2008)
لا صدقية للمطالبة بالديموقراطية المغاربية من دون إشراك المرأة في إدارة المجتمع
عبدالجليل التميمي الحياة – 11/10/08// كانت المرأة أحد المحاور الرئيسية للخطاب الإصلاحي خلال الفترة الاستعمارية في المغرب والمشرق العربيين على السواء، إذ أثير حولها العديد من القضايا والمسائل الجوهرية. وتأتي على رأس الاهتمامات بالمرأة، مسألة تعليمها، فقد اعتبر التعليم مفتاحا للنهوض بها وبالمجتمع عموما. وفي ضوء تلك الرؤية أنشئت وتعددت مدارس تعليم البنات، وقام الأهالي بإدخال بناتهم إلى المدارس المحلية ثم التحقن بالمعاهد الدولية. ولنا في الطبيبة التونسية توحيدة بن الشيخ، التي كانت أول طبيبة مسلمة في المغرب العربي لدى تخرجها من جامعة باريس سنة 1919، مثالا بارزا على مدى إيمان بعض العائلات بضرورة تعليم البنت المسلمة. وكانت النتيجة أن هذه الحركة أعطت ثمارها في ذلك العهد نفسه، إذ برزت عشرات لا بل مئات من النساء في عديد التخصصات في العلوم الصحيحة والاجتماعية والإنسانية. وإلى جانب ذلك لم تكن المرأة غائبة عن النضال الوطني من أجل تحرير بلدها، سواء بمساهمتها في الأحزاب السياسية أو مشاركتها في المظاهرات والإضرابات، وكذا المساهمة في الكفاح المسلح، وإن بقيت هذه المسألة بطبيعة الحال في حدود رمزية، نتيجة ثقل الإرث التاريخي ورواسب الماضي وهيمنة النزعة الذكورية التي سعت إلى تغييب أدوار المرأة المتعددة في بناء الدولة الوطنية. فالمرأة أصبحت اليوم عنوان التقدم الاجتماعي والتنمية الشاملة، ولا يمكن تحقيق أي خطوة جديدة وفاعلة على هذا الصعيد، إن بقيت تؤدي دورا ثانويا في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ويبدو أنها لن تتأخر عن قطع خطوات أخرى، لكن ذلك يتوقف على مدى تجاوز ذهنيات سائدة موروثة من العهود الماضية، ينبغي تطويرها اليوم استجابة لمختلف المتغيرات المحلية والدولية. وتحضرني هنا في شكل خاص مساهمات المرأة في الحركة الوطنية الجزائرية، عندما حققت بطولات رائعة وُضعت على رأس سجل المنظومة التحررية للبلدان المغاربية، وهو ما يفرض على الأكاديميين التعريف بذلك الدور وإبرازه لجيلنا والأجيال القادمة. أما في عهد الاستقلال فاتجهت أوضاع المرأة عموما نحو التحسن وإن اختلفت الوضعيات من بلد مغاربي إلى آخر، ولعل المفتاح في ذلك يعود أساسا إلى انتشار التعليم. وهكذا وجدنا أنفسنا نعود من جديد إلى الخطوط الكبرى التي رسمها الخطاب الإصلاحي. ولا شك بأن سن مجلة الأحوال الشخصية في تونس في فجر الاستقلال (1956)، أحدث ثورة حقيقية في الذهنيات والسلوك، وشكل ترسيخا لمسار الحركة الإصلاحية، وتجسيدا للخطاب التحرري المناصر للمرأة والمدافع عن حقوقها الأساسية. وانطلاقا من أن المرأة تبوأت ومازالت محورا رئيسيا في ظل الدولة الوطنية وخاصة مع التحولات العميقة التي يعـرفها العالم المعاصر، فإن المطالبة بالديموقراطية اليوم لا يمكن أن تكون ذات مصداقية من دون تمكين المرأة المغاربية من إدارة شؤون المجموعة من خلال المؤسسات التنفيذية والتمثيلية (البرلمان مثلا). ولا غرو فقد حققت المرأة المغاربية على مدى جيل واحد فقط، عديد الاختراقات والنجاحات الثابتة، من خلال بروزها الفاعل في كثير من المجالات ليس فقط الأدبية والمسرحية والفنية ولكن أيضا الاقتصادية والأكاديمية والإدارية وفي سلك المحاماة والقضاء وباقي القطاعات الحيوية للمجتمع المغاربي، بالإضافة لوجودها المحوري في قطاعات التعليم والصحة. وتلك هي الرسالة السامية التي تعمل من أجلها مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الدراسات، وهي تشكل ايضا جسورا لتعزيز الحوار المغاربي- المغاربي والمغاربي- المشرقي حول هذه المسائل المصيرية. * مؤرخ تونسي. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 11 أكتوبر 2008)
قراءة حالمة للرواية الفاضحة” مناضل رغم أنفه” و فن صياغة القمع روائيا
عندما يفكر السجين بالنور فهل هو ذاته الذي يضيء
الشاعر / بابلو نيرودا
خالد الكريشي بعد خروجه من السجن أرسل لي القاص والروائي المناضل الصديق عبد الجبار المدوري روايته”مناضل رغم أنفه” وهي مازالت مخطوطة، مع زوجته الفاضلة صحبة مجموعته القصصية ” العودة”، خلت أن الرجل يرغب مني رفع قضية ضد الجلادين الذين قاموا بتعذيبه إبان فترة الإعتقال و تكون الرواية سندا من أسانيد الدفاع عنه في وجه من أهانوه و أهانوا الكرامة الإنسانية دون رقيب أو حسيب ،أجابتني زوجته أن الوقت لم يحن بعد !!… يومها قرأت المخطوطة – و مازالت إلى اليوم مخطوطة لعدم قبول أي دار من دور النشر والطباعة نشرها- وقد صدرها عبد الجبار بتوقيعه لي :” قد توقف سياط الجلاد نبض قلوبنا في زنازين التعذيب و لكنها أبدا لن توقف نبض أفكارنا ” –قراءة حالمة ارتمائية إلى الوراء،حالمة بعالم بدون تعذيب وقمع ، إكتشفت فيها الذات الإنسانية المعذبة والأساليب المبتكرة في التعذيب ، وكل من كان ضحية للقمع والتعذيب خلال العشرية السوداء من القرن الماضي والتي شهدها قطرنا العزيز أو ما عرف ودرج بالأدبيات السياسية بسنوات الجمر ،كانت آلة القمع الإقليمي عمياء جرفت كل من قال لا في عصر نعم !!!ديمقراطية وعادلة في توزيعها للقمع بين الجميع دون تمييز (إسلاميين، شيوعيين ،قوميين ،مستقلين ،متعاطفين ،أصدقاء المتعاطفين ،عابري السبيل وكل من ساقته الصدفة إلى ذلك المصير المجهول ……) ومن يتصفح ورقات الرواية يجد أنها فعلا تتحدث عنه ويجد نفسه جابر بن إبراهيم الغربي بطل الرواية مع بعض التفاصيل. لا أعرف مالذّي جعلني أعود هذه الأيّام لهذه الرواية/الوثيقة ألتهم ورقاتها في سويعات قليلة؟ .هل ما يتعرض إليه أهالي الحوض المنجمي مؤخرا والمعتقلين على خلفية أحداثه الصاخبة المنقضية من قمع و تعذيب و ترهيب وومحاكمات جائرة و إعتداءات جنسية كما أسرّ لي العديد منهم هو السبب ؟وقد رأيت في كل واحد من أولئك جابر الغربي بطل الرواية. البعض منهم لم تكن لهم علاقة من بعيد أو من قريب بالأحداث ساقتهم آلة القمع الرهيبة صدفة إلى تلك الأقبية الصفراء بقفصة لحضور حفلة من حفلات التعذيب كما جعلت الصدفة وحدها جابر الغربي معتقلا ومن ثمة مناضلا..وساقت كذلك زكية الضيفاوي صحفية تقوم بدورها الصحفي و تغطي هذه الأحداث لتجد نفسها معتقلة ومحكوم عليها بالسجن وضحية إعتداءات جنسية بطلها و فاعلها مدير فرقة الإرشاد السياسي بقفصة و كشفت عن إسمه وأفعاله المشينة والدنيئة معها أمام القاضي الذي كافأها بأقصى عقوبة و لسان حاله يقول: إيّاك الإقتراب من ثالوثنا المقدس (السياسة، الجنس، الدين )و أنت أيتها المرأة لامست أطراف السياسة و توغلت في خبايا الجنس تدعين أن بعضهم إستعمل معك أسلوب الجنس في تعذيبك، فهل نحن في سجن أبو غريب سيئ الصيت؟ترد ويرد لسان الدفاع : نحن في بلاد كل ما فيها يتبجح بمنع التعذيب و المعاملات القاسية و اللإنسانية من الدستور إلى منشور ترتيبي داخلي ،يرد القاضي في حيثيات حكمه :أما التطبيق فلا شأن لنا به ،و هذه تجاوزات قليلة تقع في أعرق الديمقراطيات في العالم ،وهي ليست إلا إستثناءات تؤكد المبدأ،ترد ويرد لسان الدفاع:” فتصدوا إذن لهذه الإستثناءات حتى لا تتحول هي إلى المبدأ وقد حصل عمليا!!!. أما الدين أيتها المرأة فذلك شأن خاص بينك وبين ربك لا يتدخل بينكما أحد ،وحدنا نتكلم بإسم الدين ونحدد دخول رمضان بقرار سلطاني ،ويوم العيد بقرار سلطاني ،وتحديد مقدار الزكاة بقرار سلطاني ،وموعد فتح وغلق المساجد بقرار سلطاني ،وتعيين الأئمة بقرار سلطاني ومضامين خطبة الجمعة بقرار سلطاني ،والدين بالنسبة لنا شيء مقدس فلماذا تريدون تدنيسه من خلال مزجه بالسياسة /المدنس/الجنس ،ألم يقل حيدر حيدر في “وليمة لأعشاب البحر،أو نشيد الموت” أن :” الجنس هو شهوة الموت المنبثة في أعماق الدم إحتجاجا على الفساد الخارجي “،الآن فقط عرفت لماذا يكون الفقراء أكثر إنجابا للأولاد وأكثر خصوبة من الأغنياء؟؟؟. تقع رواية “مناضل رغم أنفه” في 176 صفحة من الحجم المتوسط و صدرت في طبعتين الأولى في مارس 1995 و الثانية في سبتمبر 2004 و هي مخطوطة بدون أن تتكفل بها دار نشر أو طباعة بل حمل مؤلفها على عاتقه وزر نشرها بذاك الشكل المتواضع ،حلقة أخرى من حلقات قمع الكلمة و وضع العراقيل و الحواجز أمامها حتى لا تصل للجماهير، موحش هذا العالم ،تبحث فيه العصافير عن فسحة للطيران، و تبحث فيه الكلمة عمن يحتضنها و ينشرها ، و كلمات هذه الرواية ليست ككل الكلمات. ينفتح نص عبد الجبار المدّوري على إنغلاق الصفحة 7 و ينغلق على إنفتاح الصفحة 176 ،إنغلاق ناتج عن حال جابر”المرماجي”(عامل البناء بإحدى حضائر بعشوائيات العاصمة )و هو القلق الحائر الذّي لم يعرف النوم طريقا لعينيه و لم يغمض جفنيه فجرا، و انفتاح السبل أمام جابر صباحا بعد خروجه من السجن المضيق إلى السجن الواسع للقاء رفاق محمود أو رفاقه رغم أنفه، إثر لقاء حميمي مع الممرضة “سارة “و قرب عثوره على والدته و صارت له الدنيا لديه كلها منازل، من منزل ضنك إلى منزل رحب. و بين الإنغلاق و الانفتاح تدور أحداث هذه الرواية في أزمنة مختلفة و أماكن متعددة ،تؤثثها شخوص بعضها لم يلتق في أي حوار روائي، -وإن كان الحوار هو العمود الفقري لهذه الرواية وأعطاها حيوية وجعلها أكثر واقعية- الرابط الوحيد بينهم هو الفكرة، تفصلهم حدود القمع عن بعضهم البعض، داخل السجن و خارج السجن ، داخل”غرفة عزرائيل” و خارجها، داخل المستشفى العسكري و خارجه، تحت رقابة عيون الأمن السياسي و مخبريه محاولين الهروب من شررها المتطاير، و تفصلهم كذلك حدود الكلمة الهادفة المناضلة الملتزمة بقضايا شعبها (صحيفة عمار) و الكلمة الإنتهازية المتملقة (صحيفة حسن” الحقيقة”) . تجذبك رواية” مناضل رغم انفه” إليها وتأسرك فلا تستطيع منها فكاكا منذ الصفحة الأولى إلى آخر صفحة من خلال أسلوب عبد الجبار الروائي و الطريقة التي عالج بها روايته، فأخرجها ا إخراجا فنيا رائعا موثقا للقمع بأسلوب فني رائق، يملك على القارئ لبه و يجذب إنتباهه، فيتابع سيره في قراءتها بدون كلل و لا ملل مأخوذا بما فيها من سحر و بساطة و عذوبة، تشي بها لغة الكاتب و أوصافه موظفا مفردات من قاموس حلاوة القص، و مماطلة تستثير القارئ و تهيجه و تفرحه و تحزنه، فيندفع إلى النهاية من الإنغلاق إلى الإنفتاح مقودا بمثل نشوة الغرام لمعرفة النتيجة و الوصول إلى الحل حاملة بين طياتها الفكرة الرئيسية التي دافع عنها المؤلف، ليترك للقارئ مهمة إستخلاص المغزى والدرس من الرواية بوصفه الإنفعال الأخير الذي يستشعره و إن كانت هذه الدروس واضحة لا تحتاج لدليل أو برهان فإثبات الواضحات من الفاضحات ولعل أكبر فضيحة إستطاع عبد الجبار تصويرها بأسلوبه السلس فضيحة /جريمة مفاحشة الجلادين لجابر بغرفة “عزرائيل ” بكل تفاصيلها المادية والفنية . يحسم عبد الجبار منذ البدء مشكلة لغة الكتابة في نصه الروائي منحازا إلى خط الكتابة باللغة العربية الفصحى”لحما و دما” داحضا ومفندا أراء بعض النقاد و الباحثين الذين إعتبروا اللغة الفصحى لغة جامدة منفصلة عن المجتمع العربي لا تعتني بحاجاته على التعبير عن حياته الجديدة المتطورة و لا تتسع لمختلف تجاربه النفسية و مادام الحياة هي مصدر الرواية فيجب أن تكون اللغة المستعملة موجودة من الواقع المعيشي ،فيثبت عبد الجبار هشاشة هذا الطرح ،مؤكدا على العكس، متمسكا بإستعمال اللغة العربية الفصحى فهي الوحيدة القادرة عن التعبير و التصوير لكثرة مرادفاتها و أتساع مشمولاتها اللغوية إضافة إلى ما تتمتع به من موسيقى لفظية للقواعد التي تضبط كلماته فلكل حرف لحن في طول المدّ أو قصوره ، و لكل جملة وقفة أو إستئناف، و لكل لفظ جماليته و مرادفاته وسحره ، فاللغة الفصحى وحدها كفيلة بالتعبير عن إنسانية زاخرة و جعل من جابر بطل الرواية الأمي الجاهل بلغة الضاد يتكلم بها في حواراته و إن كان هذا الإختيار الحاسم و الناجح و الموفق من الكاتب بإختياره اللغة الفصحى لا يخلو من بعض الهنات، فقد أكثر مثلا من إستعمال بعض المفردات المقتبسة من اللهجة العامية التونسية داخل نصه الروائي العربي القح من قبيل(يخزر، عياّش” الحاكم”، بلع فمك، خاطيني، دوش، إقحرلي) وكان بوسع الكاتب الإستعاضة عنها بعبارات و مرادفات باللغة الفصحى، أما بعض المفردات الأخرى الدخيلة فذلك مقبول نوعا ما إذ حتمته البيئة السجنية، فللسجن “لغته” الخاصة به يعرفها أكثر من عاش تجربة السجن ،و هذا الإختيار دفع الكاتب “لترجمتها” و بيان معانيها في الهوامش على غرار (كبران شانبري، الكدس، الآريا، الصّبة، كونفة، سيلون، ربطية، فلقة، طبس كح، شانبري، خلايق، الدريبة…)و كان بإمكانه وصف عالم السجن و نواميسه بعبارات أكثر فنية دون هذه العبارات ، خاصة و أنه يأخذ القارئ إلى عالم عجيب و غريب مجهول عنه، عالم السجون و الأقبية الصفراء و “غرفة عزرائيل”. حمّل عبد الجبار لغة نصه الروائي المكتوب بلغة فصحى و بعض عباراته الدخلية على ألسنة شخصيات منقسمة لنوعين:إنقسام رئيسي وثانوي ،فنجد في النوع الأول ، الشخصية الجاهزة و هي الشخصية القارة الثابتة التي تبقى على حالها وموقفها من جميع أحداث الرواية من بداية الرواية إلى نهايتها دون أن يحدث في تكوينهاأي تغيير(محمود، زوجة محمود، عمار، سارة، أعوان الأمن السياسي ، الجلادين…)و الشخصية النامية أو المتطورة و هي التي تتطور من موقف إلى موقف بحسب تطور الحوادث و الحالات و لا يكتمل تكوينها حتى تكتمل قصتها(بطل الرواية جابر، الكاتب الصحفي حسن…) ونجد في النوع الثاني : الشخصيات الشريرة(أعوان الأمن السياسي،/ الجلادين، حسن، الفرطاس …) و الشخصيات الخيرة الطيبة (محمود،والدة جابر، عمار، زوجة محمود،المحامي، سارة، حندوس…) و جابر بينهما شخصية نامية متطورة من اللاشيئية والحيادية إلى الإنتصار لقيم الخير و العدل رافضا للظلم و القهر مكتشفا لعالم جديد رائع ولو صدفة و مميزا بين النفوس الشريرة و النفوس الخيرة. كشفت رواية”مناضل رغم أنفه” و فضحت ما يدور خلسة داخل السجون و الأقبية الصفراء بتونس من تعذيب و قمع و إرهاب و إنتهاك لأبسط حقوق الذات البشرية بعيدا عن الأعين بلا رقيب و لا حسيب بأسلوب فني شيق دون أن تسقط في الدعاية السياسية المضادة و دون أن يتحول النص الروائي عند عبد الجبار إلى بيان دعائي للفصيل السياسي الذي سجن من أجل الإنتماء إليه ،فإنتصر عبد الجبار الروائي والقاص على عبد الجبار السياسي ،واستحق بذلك تصنيف نصه حقا ضمن أدب السجون لترتقي إلى أمهات روايات هذا الصنف ” شرق المتوسط”عبد الرحمان منيف ، “السجينة” مليكة أوفقير “نجمة أغسطس ” صنع الله إبراهيم …وهي تمزج بين الواقعية السياسية والواقعية القذرة،إذ تنقل الواقع المعيش كما هو دون رتوش ولا تزيين ،وكل من يريد معرفة ما يدور داخل أقبية التعذيب وبين جدران السجون يكفيه فقط قراءة رواية “مناضل رغم أنفه” التي تكفي وحدها لتكون دليل إدانة الجلادين ومرؤوسيهم،فمن تلك العتمة المظلمة حبك عبد الجبار المدّوري نص :”مناضل رغم أنفه” فولدت الرواية من داخل الأسوار الشاهقة والأبواب الحديدية السميكة ،حيث الآهات المسجونة ،فكان قلمه يجاهد وكلماته تبحث عن قبس من نور وسط عتمة الفكر والحرية المسلوبة والجسد المنطوي الضعيف يصارع سياط التعذيب وقسوة البشر والمكان .،وسوف تظل جذوة الكتابة وقّادة مشتعلة مادام النضال ضد الظلم والجور مستمرا ومادام الصراع من أجل حرية الإنسان قائما ،ولم تقتل جدران السجن الروح الجميلة بل جعلتها أكثر نبوغا وجمالية وإلهاما وسوف يظل أدب السجون قائما من ظلم إلى ظلم …وتظل قراءته دائما قراءة حالمة بإنقشاع الجوروالظلم حتى تسود العدالة ،فاضحة لكل ما يجرى بين تلك الجدران وموثقة للقمع بأسلوب فني. (المصدر: صحيفة الموقف لسان حال الحزب اليمقراطي التقدمي( أسبوعية معارضة – تونس) العدد467 بتاريخ 10 أكتوبر 2008)
المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح – الحلقة العاشرة قصة يوسف عليه السلام وطريق الانفراج والتأهيل الرسالي(2)
السبيل أونلاين – آراء وتحليلات كان الاعتراض الرئيسي على ما نشرته ولا زلت أنه كان علنيا، في موضوعات الأصل فيها – حسب رأي إخواني المعترضين – أنها خاصة بحركة النهضة وأبنائها. وكان ردي دائما أن حركة النهضة تَحمّلت أمانة إحياء المشروع الإسلامي ، وهذه قضية عامة وليست خاصة ولا حزبية ، وتحويلها إلى قضية حزبية أو خاصة بفئة ، هو انحراف خطير على المشروع الإسلامي ، يتحول به من كونه هو غاية وجود الحركة ، وكون الحركة وسيلة لخدمته ، إلى كونه وسيلة لخدمة الحركة . هذا ما انزلقت إليه حركة النهضة ، الأمر الذي أصبح يقتضي التوبة والتصحيح كما بينته في الحلقة الثامنة من حلقات “حتى لا يشوش على واجبي الشرعي” . إنه لم يعد لنا مناص بعد كل التطورات والمنزلقات الحاصلة إلا الرجوع إلى هذا الأصل (العمل في العلن ومع الجمهور المسلم التونسي). ورغم أن هذا هو في أصله بديهي ، ومن طبيعة الدعوة ورسالة الله إلى عباده ، فإن ما اعتراه من تلبيس خطير جعل الاعتراض على ما كتبته على الملأ شديدا من العديد من إخواننا، الأمر الذي أصبح يفرض بيان هذه البديهية وتأصيلها من خلال قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم . وهذا هو هدف هذه السلسلة من الحلقات تحت عنوان “المنهج القرآني في النقد والتقويم وفي التوبة والتصحيح”. وقد تقدمت الحلقة الأولى التمهيدية من هذه السلسلة في ركائز هذا المنهج ، والحلقة الثانية منها في قراءة وتقويم القرآن لغزوة بدر، والحلقة الثالثة في قراءة وتقويم القرآن لابتلاء غزوة أحد ، ذات الدلالات الكبيرة على ما حدث وما مر بنا ، والحلقة الرابعة في قراءة وتقويم القرآن لحادثة الإفك ، والحلقة الخامسة في قراءة وتقويم القرآن لابتلاء وغزوة الأحزاب ، والحلقة السادسة في تقويم القرآن لتطلع نساء النبي إلى متاع الدنيا وتخييرهن، والحلقة السابعة في تقويم النبي صلى الله عليه وسلم عادة العرب بتحريم الزواج من مطلقة الابن بالتبني بتطبيقه على نفسه، والحلقة الثامنة في عتاب الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في حادثة ابن أم مكتوم كما سجلته سورة عبس لإرساء الميزان الرباني في التقويم ، والحلقة التاسعة في تقويم علاقة المسلمين ببيت النبوة . هذا وألفت الانتباه إلى أن التقويم الذي قدمتُه ولازلتُ لا يتعلق بالأفراد ولكن بحركة النهضة ككيان جماعي يُعرف من خلال خططه وبرامجه وسياساته ومواقفه وأعماله وبياناته وتصريحاته. وأما الحلقة العاشرة فتتناول تقويم سيرة أبرز شخصيات آل يعقوب في قصة يوسف عليه السلام. إن سورة يوسف عليه السلام هي سورة قصته التي هي قصة ابتلاء يوسف وآل يعقوب عليهم السلام وتقويم سيرتهم فيها ، وذلك وفق العناصر التالية : 1.ابتلاء يوسف عليه السلام وتقويم سيرته 2.ابتلاء يعقوب عليه السلام وتقويم سيرته 3.ابتلاء إخوة يوسف عليهم السلام وتقويم سيرتهم وبالنظر لطول هذه الحلقة فقد قسمناها إلى جزأين قدمنا العنصر الأول في الجزء الأول منهما، وسنقدم البقية في هذا الجزء الثاني. ابتلاء يعقوب عليه السلام وتقويم سيرته: ويعقوب عليه السلام – كما تقدمه سورة يوسف عليه السلام – هو ذلك الوالد المحب الملهوف، والنبي المطمئن الموصول، وهو يواجه بالاستبشار والخوف معاً تلك الرؤيا الواعدة التي رآها يوسف؛ وهو يرى فيها بشائر مستقبل مرموق، بينما هو يتوجس خيفة من الشيطان وفعله في نفوس بنيه. فتتجلى شخصيته بواقعيتها الكاملة في كل جوانبها: ” إذ قال يوسف لأبيه: يا أبت إني أرى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين. قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [يوسف: 5، 6]. ثم نجد هذه الشخصية كذلك بكل واقعيتها البشرية النبوية، وبنوه يراودونه عن يوسف ثم وهم يفاجؤونه بالفجيعة: (قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ * قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ * فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) [يوسف: 11 ـ 18]. ثم نلتقي بهذه الشخصية ـ بكل واقعيتها تلك ـ وبنوه يراودونه مرة أخرى على السلوة الباقية له أخي يوسف.. وقد طلبه منهم عزيز مصر ـ يوسف ـ الذي لا يعرفونه! في مقابل أن يعطيهم كيلاً يقتاتون في السنوات العجاف! (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ * قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ * وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ * وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف: 63 ـ 68]. ثم نلتقي به في فجيعته الثانية… والداً ملهوفاً ونبياً موصولاً.. ذلك بعد أن دبر الله ليوسف كيف يأخذ أخاه. فيتخلف أحد أبناء يعقوب ـ صاحب الشخصية الخاصة فيهم، متوافياً مع سماته التي صاحبت مواقفه كلها في القصة، مشفقاً أن يقابل أباه بعد الموثق الذي آتاه إياه. إلا أن يأذن له أبوه أو يحكم له الله: (فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ * ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ * وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 80 ـ 87]. وفي آخر مواقف المحنة الطويلة للشيخ المبتلى نجد ذات الملامح وذات الواقعية وهو يشم ريح يوسف في قميصه ويواجه غيظ
بنيه وتبكيتهم فلا يشكل في صدق ظنه .
(المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 10 أكتوبر 2008)
مرثِيّةُ حُبٍّ ضيَّعتهُ المحن
ردا على قصيدة الشاعر المنصف زيد تقول لماذا التجافي ؟ لماذا التباعد ؟ لماذا يفرقنا هذا الحزن ؟ و قدْ صمدَ حبُّكِ ماضي الزّمنْ برغم البعاد ,برغم المحن …. شطبْتُ و جودكَ يومَ شطبتَ الوداد بجرة قلمْ ليت قلمك ما أمضى ليته جف ذاك القلم …. وهبتكَ شمسا وهبتكَ قمرا بعتَ ثلاثتنَا …. و ماالثمن ؟؟؟؟ أتقول الوطن ؟؟؟ و حبَّ الوطنْ أي وطن ؟؟؛؛ وطن من ؟؟؟ تراب وشمس و بحر و ٠٠٠٠ كثير من العفن …. إن أنتَ قبَرْتَ جرحكَ فأنا جُرْحي أبدا ما إندَفنْ أتترك مسيرة نور , إخترناها وتصحبُ من إختاروا المشي في العتمْ !!! تريد جواز رجوع رجوع الغنم … بئس الرجوع !!!
“”من”” باريس 2008 الخنساء
النشيد الوطني االرسمي الجديد
شعر الفرزدق الصغير
حماة الحمى يا حماة الحمى ### هلموا هلموا لأمر بئيس لقد عدلوا الأمس دستورنا ### طوال الحياة سيبقى الرئيس إذا الشعب يوما أراد الحياة ### إليكم إليكم جواب الرئيس سأبقى على صدركم جاثما ### طوال الزمان بقهر البُلِيس حماة الحمى يا حماة الحمى ### هلموا هلموا لأمر بئيس لقد عدلوا اليوم دستورنا### طوال الحياة سيبقى الرئيس لتدوي الــرُّدَيِّفُ برعدها ### لترمي المسيرات نيرانها سينهب تونس ويقهَرُها ### ويسجُن خيرة شبانِها لقد عاث في تونس من خانها ### وسادها من ليس من جندها سيمضي الحياة على عرشها ### حياة اللئام وعيش الخسيس حماة الحمى يا حماة الحمى ### هلموا هلموا لأمر بئيس لقد عدلوا اليوم دستورنا ### طوال الحياة سيبقى الرئيس ورثنا السواعد بين الأمم ### عِصِيا شدادا كمثل البنا فكم قد أسالت دموعا ودم ### نباهي بها وتباهي بنا وفيها عذاب لأهل العلم ### لنرفسهم تحت أقدامنا وفيها لأبناء تونس نقم ### ليبقى طوال الحياة الرئيس حماة الحمى يا حماة الحمى ### هلموا هلموا لأمر بئيس لقد عدلوا اليوم دستورنا### طوال الحياة سيبقى الرئيس
رسالة شباب تونس الى الرئيس زين العابدين بن علي
تونس 11 أكتوبر 2008 (وات) تحت سامي إشراف الرئيس زين العابدين بن علي انتظم يوم السبت بمدينة العلوم بالعاصمة المنتدى الوطني للشباب الذي أشرف عليه السيد محمد الغنوشي الوزير الأول وذلك بحضور حوالي الف شاب وشابة من مختلف انحاء الجمهورية ومن بين شباب تونس بالخارج وممثلين عن شباب الاحزاب السياسية والمنظمات الشبابية ومختلف مكونات المجتمع المدني. وأكد السيد محمد الغنوشي في كلمته بالمناسبة ان مشروع الميثاق الشبابي يحمل الشباب مسؤولية الالتزام نحو الوطن الذي قدم لهم الكثير من أجل الارتقاء بهم الى المستوى الذى هم عليه اليوم. تقديم مشروع الميثاق الشبابي وقدم شاب وشابة خلال المنتدى مشروع ميثاق الشباب التونسي تحت شعار /تونس اولا/ الذى اكد تمسك الشباب بالشخصية الوطنية بكل عمقها التاريخي والحضارى والذود عن الخصوصية التونسية القائمة على الاعتدال والانفتاح وانخراطهم في المشروع الحضاري لتونس التحول. كما عبر الميثاق عن التزام كل الشباب بمبادىء وقيم النظام الجمهورى وصون المكاسب القائمة على الحرية والمساواة والتضامن الدائم. وجدد شباب تونس في هذا الميثاق الذى سيتم عرضه على توقيعهم بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين للتحول العهد على ممارسة مواطنتهم بكل وعى ونضج مؤكدين تجاوبهم مع مبادرات الرئيس زين العابدين بن علي الذى فتح المجال واسعا امامهم للمشاركة في العمل السياسي وفي النشاط الجمعياتي. واكد الميثاق وعي الشباب بالتحديات القادمة بما فيها توسيع فرص العمل والانخراط في مجتمع المعرفة وتغليب قيم الحداثة مجددا تعهده بالاسهام في انجاح السياسات الرامية الي كسب الرهانات ومواصلة الحوار والتعبير عن الطموحات والانفتاح على الاختلاف في الراى وحرية الراى وترسيخ اسس الديمقراطية ونشر ثقاقتها. النص الكامل لرسالة شباب تونس إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية ” سيادة الرئيس، نحن شباب تونس ، المجتمعين اليوم 11 أكتوبر 2008 في إطار “المنتدى الوطني للشباب” شباب تونس من كل الجهات ومن مختلف الحساسيات من داخل الوطن وخارجه، نجدد لكم يا سيادة الرئيس شكرنا ومحبتنا وامتناننا إذ جعلتم سنة 2008 سنة الحوار مع الشباب، وجهتم إلينا أروع تحية … في رسالة نابعة من إيمانكم بالشباب ومن إخلاصكم لتونس … وها نحن اليوم نرد التحية … ونعبر في هذه الرسالة عن وفائنا لسيادتكم وولائنا لتونسنا العزيزة… نؤكد اليوم … وفاءنا لكم يا سيادة الرئيس … وولاءنا لتونس، وفرتم لنا فرص الحوار وفتحتم أمامنا أبواب المشاركة … فأقبلنا على الحوار بحماس وتلقائية… وتبادلنا الآراء بكل صراحة ومسؤولية… اخترتم يا سيادة الرئيس شعارا لحوارنا “تونس أولا”… فجسمنا هذا الشعار … “تونس أولا “، تونس أولا”، تونس أولا”… تونس الوطن الذي يجمعنا … تونس الوطن الذي ينادينا … تلاقينا جميعا في هذا الحوار … ولبينا جميعا هذا النداء… طلبتم منا يا سيادة الرئيس أن تكون لنا رؤية لتونس، فشرعنا في رسم هذه الرؤية… أذكيتم فينا جذوة الحماس لتنفيذ هذه الرؤية… صدق منا العزم… وسنكون مثال الاستعداد والتطوع… علمتنا كيف الشباب عندما تفتح أمامه الأبواب ويفوز بالثقة يكون الحل للحاضر وللمستقبل… ميثاقنا هذا وضعناه مشتركا بيننا… سميناه “ميثاق الشباب التونسي”… يحمل المبادئ النبيلة التي نهتدي بها، والقيم الأصلية التي نشترك فيها… ضمناه خصوصيتنا التونسية… ورسمنا أشكال مواطنتنا النشيطة… في هذا الميثاق حبنا لتونس، وفيه ولاؤنا لها… إننا يا سيادة الرئيس متفائلون بكم بالمستقبل… إننا مستبشرون بمواصلتكم قيادة تونس دعما لمجدها ورفعا لتحدياتها… ضمانا لعزتها… وتعزيزا لإشعاعها. فبرعايتكم يا سيادة الرئيس يتبوأ الشباب مواقعه المتقدمة في الحياة العامة… وبحرصكم يمارس الشباب مواطنته كاملة… معكم ينخرط ويساهم في هياكل المجتمع المدني… بهذا تواصل تونس التحول مسارها الديمقراطي الحداثي… عمادها شباب واعي متيقظ مستعد دائما لمستقبل متغير. شعاركم يا سيادة الرئيس “تونس أولا ، والشباب دائما”… هذا الشعار هو حافزنا … ثقتكم فينا تدعونا إلى مضاعفة الجهد… رعايتكم للشباب هي مفتاح التواصل بين الأجيال حتى تتجدد السياسات ويتعاظم البناء. عشت يا تونس حرة منيعة… عشتم يا سيادة الرئيس قائدا رائدا… شباب تونس المنتدى الوطني للشباب مدينة العلوم تونس
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 11 أكتوبر 2008)
الحوار والتعايش بين الأديان محور ندوة علمية بتونس
حوار: آسيا العتروس القس نبيل حداد رئيس المركز الأردني لبحوث التعايش الديني: «الارهاب وباء ليس محصورا بدين أو شعب أو لون» حبيب أفرام الأمين العام لرابطة اللبنانيين المسيحيين: «حوار الأديان والحضارات مطالب بالخروج من أروقة الفنادق الفاخرة إلى دائرة اهتمام رجل الشارع» «نحتاج إلى انتفاضة فكرية في معالجة قضايانا المتراكمة» مع اسدال ستار فعاليات الندوة العلمية حول التعايش بين الاديان والتحديات الثقافية الدولية المعاصرة التي احتضنتها تونس على مدى الايام الثلاثة التي شهدت مشاركة ثلة من ابرز الباحثين والمفكرين من دول عربية وغربية ورجال الدين المسلمين والمسيحيين وحول التحديات المتفاقمة التي تواجهها الجهود الدولية المبذولة من جانب مختلف الاوساط الرسمية الدولية والاقليمية لدفع هذا الحوار الذي كانت احداث الحادي عشر من سبتمبر من ابرز الاسباب الداعية الى تنظيمه بشكل متواتر بين مختلف العواصم الدولية في محاولة للتقريب بين الثقافات والاديان والشعوب وتجنيب الاجيال القادمة الاسوا. وقد كانت الندوة التي اشترك في تنظيمها المعهد الاعلى لاصول الدين ومؤسسة كونراد اديناور الالمانية انعقدت تحت شعار”التعايش بين الاديان والتحديات الثقافية الدولية المعاصرة “و اشتملت على ثماني جلسات علمية بحثت عددا من المحاور المتعلقة بالحرية الدينية وقضايا الهجرة بمختلف اشكالها الثقافية والدينية والاقتصادية وسجلت الندوة مشاركة الجامعي الايطالي فابينو مينازي الذي قدم مداخلة حول علاقة الفكر بتعايش الاديان فيما قدم مواطنه ميكلي برودينو مدير موسوعة البحر الابيض المتوسط محاضرة حول التالف والوئام بين الاديان في اطار الهجرات الى اوروبا كما سجلت المشاركة عددا من الباحثين بينهم منى طلبة من مصر واحمد شحلان من المغرب وغيرهم… وقد اختارت الصباح على هامش هذه الندوة ان تلتقي كل من الاب نبيل حداد مدير المركز الاردني لبحوث التعايش الديني واللبناني حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية في لبنان في محاولة لرصد العلاقة القائمة بين المسلمين والعرب المسيحيين في جزء من العالم العربي بما تعكسه من تحديات مشتركة بين ابناء الوطن الواحد وقد وجدنا في الاب نبيل حداد الوجه المسيحي البارز في الاردن مدافعا شرسا عن قضايا الاسلام والمسلمين ولسانا رافضا لكل انواع الاستفزازات والانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب وفيما يلي نص الحوارين. ــــــــــــــ
القس نبيل حداد رئيس المركز الأردني لبحوث التعايش الديني: «الارهاب وباء ليس محصورا بدين أو شعب أو لون»
«نعم.. أنا مسيحي ومدافع عن الاسلام.. وكنت في طليعة من تصدى للحملة المسيئة له» * مسيحي يدافع عن الاسلام كيف تفسرون ذلك في وقت بات فيه الاسلام والمسلمون هدفا للاتهامات من كل جانب؟ – ليس غريبا ان يتصدى ابناء الامة المسيحيون وهم مدللو الامة وان يقفوا للدفاع عن قضايا امتهم ومصالحها والدفاع عن صورتها وما يلحق بها من تشويه وما يواجهها من تحديات فنحن جزء من هذه الامة التي سجل التاريخ دورها .الم يكن انتاج الحضارة العربية ناجما عن شراكة بين ابنائها لعب فيها اجدادي المسيحيون العرب دورا بارزا فوصلت ثمار تعايشهم ليفخر بها العالم اليوم بل واقول كرجل دين مسيحي ان الروحانية السمحاء التي امرنا بها مسيحيين ومسلمين وراء هذا التعايش بيننا والامة التي انتمي لها كانت خير امة اخرجت للناس فمنها وعلى ارضها جاءت دعوات القداسة. * لكن الواقع ليس بهذا التناسق الذي تتحدثون عنه والاسلام اليوم يواجه من الانتقادات والاتهامات ما يجعل المسلمين مستهدفين حيثما كانوا؟ – امام هذا الواقع الذي صنعه غيرنا وكان لبعضنا دور في صنعه انتشرت في العالم فوضى التحدث عن الاسلام كدين للارهاب والاسلام جزء من حضارتي انا العربي المسيحي وكان الحضور المسيحي حاضرا منذ بداية الصحوة الاسلامية واذكر ورقة ابن نوفل وخديجة بنت خويلد. نحن كمسيحيين موجودون في الامة وهناك علاقة وثيقة بين الاسلام كحضارة وبين المسيحيين العرب كابناء لهذه الامة ولذلك فان من واجبنا ان نتصدى للدفاع عن صورة الاسلام بل وينبغي للامة ان تفسح المجال للمسيحيين للقيام بذلك وعلى العرب والمسلمين ان يدركوا ان الحفاظ على العربية المسيحية وجودا وحضورا وارثا وتعايشا وتاريخا خير شهادة على سماحة الاسلام واستجابته للتنوع الم يطلب الاسلام من اتباعه ان يوقروا اهل الكتاب؟ قد نكون اقلية من حيث عقيدتنا وايماننا وتوجهنا الى كنائسنا ولكننا الاكثرية مع كل المؤمنين بعدالة واحقية قضايا الامة العربية وفي الاصرار على توخي خط الاعتدال والوسطية وشهادة العربي المسيحي قد تجد لها ما يتجاوز صدى شهادة العربي المسلم في الدفاع عن قضاياه وهذا من طبيعة الاشياء وهنا اود ان اعرض نموذجا حول العلاقة المسيحية الاسلامية في الاردن وسجلنا في هذا البلد يؤكد على احترام الاسلام اصحاب الديانات الاخرى ففي الاردن مجتمع عربي مسلم ولكن لم يكتب على ابوابه “للمسلمين فقط” نحن كمسيحيين عرب نعرف الغرب وقادرون على الدفاع عن امتنا التي تربطنا بها وحدة المصير والتاريخ واللغة امام الغرب الذي قد يحلو للبعض فيه ان يسميه مسيحيا فواجب الجماعة العربية المسيحية ان تنقي صورة المسيحية ايضا مما لحقها من تهم سببتها الممارسات السياسية الغربية في الوقت الذي نكون فيه برهانا على سماحة الاسلام واحترام اخواننا المسلمين لنا ونحن نؤكد ان الارهاب ليس محصورا بدين او شعب او عرق او لون فهناك كثير من حالات الظلم والكراهية والحقد والارهاب التي تشهد على ما نقول. * كمسيحي متابع لكل هذه الاحداث كيف تفسرون تنامي مظاهر التطرف ومعاداة المسلمين في الغرب التي يبدو انها اتخدت اشكالا متعددة بين الرسوم المسيئة والالعاب الالكترونية الحاقدة والتشريعات الجديدة بطرد المهاجرين…؟ – كنت في طليعة من وقف ضد الحملة المسيئة في الرسوم سيئة الذكر في الدانمارك واقول بان هذا الامر مرفوض نشجبه ونستنكره وليس من حق احد ان يسيئ لعقيدة الاخر او ان يدنس مقدساته فحرية التعبير تنتهي عند المساس بمشاعر الاخرين. هناك مسؤولية تتحملها المجتمعات الغربية التي يتعين عليها ان تسعى وبحسن نية وصدة لان تفهمالاسلام وما يعانيه العرب والمسلمون من ظلم بسبب غياب العدالة عن الكثير من القضايا العربية وهناك مسؤولية تتحملها الجاليات المسلمة في الغرب والتي يتعين عليها ان تعكس صورة اسلامها السمحة من خلال تعاملها مع مجتمعاتها وهذه مسؤولية الجاليات التي عليها الاندماج في مجتمعاتها مع الحفاظ على هوياتها وخصوصياتها الدينية التي ينبغي ان تلقى الاحترام وصراحة اعتقد ان هذان الامران مازالا بحاجة لعمل كثير من الجانبين . * طيب ماذا قدمتم انتم كمسيحيين الى المجتمعات التي تنتمون اليها في مواجهة الاستفزازات والتحديات؟ – قمنا بالكثير من المبادرات في اوروبا وامريكا وانضممنا الى علماء الدين المسلمين في زياراتنا ولقاءاتنا مع الغرب وكانت في مرات عديدة شهادة رجل دين عربي مسيحي مع وفد من علماء المسلمين اكثر من مجرد اثارة للانتباه بل شهادة على التعايش بين الديانتين. هناك الكثير من الصور النمطية المغلوطة التي تعلقت في اذهان الكثيرين لاسباب عديدة وهذا لا يشكل وسيلة ناجعة لتهيئة الظروف المريحة للجاليات العربية والمسلمة في الغرب نحن مطالبون من ناحية بمساعدة الغرب على فهمها ومطالبة الجاليات المسلمة على التعامل مع مجتمعهم الجديد بالحكمة ودون فظاظة ليحققوا في مرحلة لاحقة غاياتهم في الوصول بقضاياهم الى المنابر الدولية. * قبل اشهر احتضنت اسبانيا برعاية سعودية اكبر مؤتمر للحوار بين الاديان فيما تجري الاستعدادات للموعد القادم في تركيا العام المقبل فهل تعتقدون ان في مثل هذه اللقاءات الموسمية النخبوية ما يساعد على تجاوز الاحقاد والتقريب بين الشعوب والاديان والحضارات فيما تبقى لغة الحديد والنار الحاضر الابرز في حل الخلافات الدولية؟ – اود الاشارة الى اني كنت رجل الدين المسيحي العربي الوحيد في مدريد برعاية المملكة العربية السعودية وسعدت بتلك المشاركة التي كان فيها رغبة وارادة سياسية لحل الكثير من المشاكل التي نواجهها اليوم هناك دورا يقتضي بالحكومات القيام به وهناك دور للمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ولكن الدور الاهم في الحوار بين الاديان يبقى على عاتق المؤسسة الدينية ورجال الدين وينبغي بالتالي الانتقال بالحوار من مستوى حوار العقائد بين اللاهوتيين والفقهاء الى حوار معاش يوميا يحسه الانسان العادي وهو ايضا ما يملي علينا ان نستعمل المنابر الدينية بما فيه الخير والمصلحة للامة والحث على الموعظة الحسنة.. نعم للاسف انتظمت حتى الان الكثير من الحوارات على المستوى الدولي ولكن هذا الحوار لا يزال ضمن اروقة مغلقة مسؤوليتنا ان نعيد خطابنا التربوي والديني بما يعزز فرص زرع بذور التفاهم بين الناس. * كيف تقرأون المشهد العراقي بكل ما فيه من صراع عرقي يوشك ان ينسى مشكلة الاحتلال ويسقط في حرب طائفية سنية شيعية؟ – مشهد مؤلم ان يقع استغلال التنوع وتحويله الى عداوة هذا امر مرفوض فالاسلام الذي يجمع السنة والشيعة هو اسلام التنوع ولكن ان تستغله قوى داخلية او اقليمية او خارجية فهذا امر مذموم والاختباء وراء قناع التنوع الديني والطائفي مكيدة استعملها دوما اعداء الامة الطامعين فيها فالعراق يجب ان يظل لكل العراقيين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم وانتماءاتهم ليعيدوا للعراق بهاءه وموقعه من المخجل ان يكون العراق ارض الثروة والتاريخ والنخيل وارض دجلة والفرات والعباسيين ان يكون مرتعا للكراهية والحرب الطائفية بين ابناء الدين الواحد ونستغرب كيف يمكن لمؤمن ان يقتل اخاه الانسان، الكراهية دنست الكثير من دور العبادة فلم تسلم المساجد ولا الحسنيات اما الكنائس فحدث ولاحرج فقد قتل الكثيرمن النساك والرهبان بدم بارد فاي تفسير لهذا؟ نحن نتحدث عن القرن الواحد والعشرين بينما راينا في بداية الدعوة الاسلامية وثائق تدعو وتامر باحترام دور العبادة ان كل تفسير ديني لهذه الاعمال باطل وكاذب والدين منه براء. ــــــــــــــ
حبيب أفرام الأمين العام لرابطة اللبنانيين المسيحيين: «حوار الأديان والحضارات مطالب بالخروج من أروقة الفنادق الفاخرة إلى دائرة اهتمام رجل الشارع»
«نحتاج إلى انتفاضة فكرية في معالجة قضايانا المتراكمة» * بين ما تطلقه المؤتمرات والندوات الدولية من دعوات بشان حوار الحضارات والتعايش بين الاديان وبين ما تشهده الساحة الدولية من صراعات مسلحة وحروب هل تعتقد ان العالم يتجه الى حرب حقيقية بين الاديان وبين الشرق والغرب بما يثبت تنبؤات الذين ذهبوا في هذا الاتجاه؟ – العالم يضج هناك فعلا صراع داخله ما بين الانطلاق المذهل في عقل الانسان نحو التطور الفكري والعلمي والاكتشافات والسباق الى الفضاء ومحاربة الامراض والاوبئة ولكن وفي نفس الوقت فان الانسان الذي يحاول ان يحاكي وجه الله في كمال يفجر نفسه ويتقاتل في قبائل وقوميات واثنيات ومذاهب ومصالح وهذا صراع ابدي منذ فجر الخليقة بين ما يجذب الانسان نحو الكمال او ما يسقطه نحو الحيوانية فيكون ذئبا ينهش لحم اخوته ما سيحدث اذا متوقف على ارادة الانسان ونحن نعتقد ان ارادة الخير متاصلة في الانسان ولكن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والاثنية وغيرها ضاغطة في توجيه الفرد الى ثقافة معينة بالقدر نفسه الذي تضطلع به الحكومات والاحزاب والتيارات ورجال الفكر والاعلاميون الى ثقافة معينة فيها من حقوق الانسان والتعددية والتنوع من حل لمشاكلنا بطرق منظمة وعودة للمؤسسات ولغة القانون او كذلك الى مستقبل تكون فيه الهيمنة لمنطق القوة والنفوذ والغاء الاخر والحقد والكراهية والحكم على وضعنا كشعوب عربية بمزيد التقهقر ومن هنا اوجه رسالة الى الجالسين سعداء في منازلهم معتقدين ان هذه ليست مشاكلهم انه في ظل العولمة وحين تنهار البورصة في نيويورك سيؤثر ذلك على رجل الشارع في مكة وتونس والمغرب وغيرها وحين يتابع هؤلاء البرامج الحية لاكثر من حدث عالمي في نفس الوقت ويستعملون الجوال فان ذلك يعني انه لا احد غير معني بما يحدث في افريقيا او في العراق او لبنان او افغانستان فعالم اليوم مترابط في المال والاعمال والمستقبل على المحك. * اذا كان هذا رايكم بشان التحديات التي يواجهها العالم حاضرا ومستقبلا الا ترون ان الندوات الدولية التي ما انفكت تعقد في مختلف العواصم الدولية وكان اخرها في مدريد برعاية سعودية ان هذه الندوات لم تصل بعد الى القاعدة لشعبية والى رجل الشارع وانها ظلت برغم الخطاب السياسي والديني المتفائل ندوات نخب وندوات قمة؟ – في اعتقادي ان الحوار ليس ندوات علمية تعقد في الفنادق الفاخرة وتجمع نخبا من المفكرين والمثقفين ورجال الدين هناك ايضا مسؤوليات تتجاوز حدود تلك المؤتمرات وتتعلق بمسؤوليات الحكومات في نشر العدالة والثقافة الانسانية اذ لايكفي ابدا ان تجلس النخب والقيادات لالقاء البيانات والخطب والمجاملات لا بد من وجود ورشة حياتية يومية تتناول مختلف الاحداث بما يساعد على قبول واحترام الراي الاخر وكل هذه المفاهيم هي التي يجب ان تسود الامر لا يتعلق بمجرد صراع فكري نظري ولكن بتوفر الاسباب التي تساعد على تعايش كل هذه المبادئ. * كلام مهذب ولكن الا تتفقون معي بان اغلب الصراعات العرقية والطائفية والاثنية وما تفرزه من تشتت وتشرذم تكاد تكون مرتبطة بالخارطة العربية فكيف يمكن تفسير ذلك؟ – نحن فعلا كشعوب عربية الاقل مناعة والاكثر سخونة لدينا ترسبات مخيفة في عقولنا وانظمتنا ونحتاج لاعادة نظر في العديد من الامور هناك قضايا مصيرية مرتبطة بالقضية الفلسطينية وغياب السلام في الشرق الاوسط صحيح ان الاستعمار ترك بصماته على مجتمعاتنا ولكن علينا الا ننسى ان المستوى التعليمي والفكري وانتشار الامية في مجتمعاتنا مخيف وان نظرتنا الى المراة يجب ان تتغير. نحن الخاصرة الرخوة والفكر الالغامي التكفيري في العالم العربي والاسلامي في حاجة الى حلول. نحن فعلا بحاجة الى انتفاضة فكرية في العالم العربي علينا الاعتراف بنقائصنا وامراضنا وان نتوقف عن الادعاء بان كل مشاكلنا تاتي فقط من اسرائيل او من الغرب هذه عوامل قائمة فعلا ولكن لا يجب التوقف عندها هناك بؤر من المفاهيم الخاطئة تنخر مجتمعاتنا وعلى الانظمة السياسية والتربوية والاعلامية ان تعي ذلك وخطر هذه المفاهيم انما يزداد عندما يمتد الى مفهوم الحريات الدينية والفكرية والحزبية وحتى الجنسية فهل نحن في عقلنا العربي الاسلامي نعتبر ان كرامة الانسان اساسية بالنسبة لنا. * مع هذا المشهد الشامل كيف تفسرون الاقتتال اليومي في العراق والصراعات الدموية بين السنة والشيعة او غيرها من المذاهب والحلل والملل؟ – المشهد العراقي له ابعاد كثيرة بين الاحتلال الواقع اليومي الذي يحتاج للبحث في امور اقتصادية وسياسية وامنية ودينية هناك حاجة لاعادة تحديد الكثير من المفاهيم كمن يفجر نفسه في مسجد اخر او في معبد اخر اذ يجب وضع خط احمر يفصل بين مقاومة الاحتلال الذي له مشروعية قانونية عالمية وبين من يريد قطع راس الاخر لانه من دين اخر او حزب اخر هناك فعلا بيئات تهيئ لهذه الامور وهناك مفاهيم خاطئة لتفسير الاديان وهذا الامر سيظل معنا على الاقل للربع قرن القادم والمسؤولية في مواجهة ذلك مشتركة بين رجال الدين واصحاب الفتاوى الحكيمة فالمسالة لاتتوقف عند حدود وجود ارهابي نقتله او نسجنه فهذا لا يكفي نحتاج ورشة عمل لتغيير مفاهيم بيئية حيث ينمو الارهاب فالصراع في داخلنا في معنى عروبتنا واسلامنا فهل نحن اليوم نعيش مع وجود اسلام واحد ام اسلامات متعددة ونماذج للحكم في الاسلام بين النموذج التركي والسعودي والافغاني والطالباني ولا ننسى ايضا الاسلام في الغرب والصراع داخل نهضة الفكر في الاسلام فاي اسلام نريد لهذا العصر؟ هل هناك مثلا حل اسلامي للمشكلة المالية العالمية القائمة وهل ان الاسلام هو الحل لكل القضايا امامنا اكثر من امر علينا الاهتمام به لا يمكننا ان نقول ايضا ان الاسلام هوالحل لكل شيء ونقول كان لدينا في بوابات الاسلام ونبقى مكتوفي الايدي. * و ماذا عن الساحة اللبنانية وكيف تفسرون الصراع الطائفي الذي يابى الانفراج؟ – احيلك على ما قاله سعيد عقل باننا خلفنا بيت الخطر ولبنان كل هذا واكثر فهناك صراع فكري قائم صحيح ان هناك توازن بين المسيحيين والمسلمين ومشاركة في صنع القرار ولكن في نفس الوقت فان لبنان يجمع اسباب صراع المنطقة كلها ولا يزال يدفع ثمن هذا الصراع الى جانب الاحتلال المتبقي في جزء من الجنوب اللبناني لدينا في لبنان 400 الف لاجئ فلسطيني وقد شكلوا في فترة ما بسلاحهم مشاكل لهم ولنا وفي كل الاحوال هناك مسؤولية دولية وعربية ولكن نحن من يدفع الثمن حتى الان. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 أكتوبر 2008)
قصة توبة الفضيل بن عياض..من قاطع طريق الى إمامة الحرمين
السبيل أونلاين – متابعة الفضيل بن عياض هو أحد الصالحين الكبار كان يسرق ويعطل القوافل في الليل، يأخذ فأساً وسكيناً ويتعرض للقافلة فيعطلها، كان شجاعاً قوي البنية، وكان الناس يتواصون في الطريق إياكم والفضيل إياكم والفضيل ! والمرأة تأتي بطفلها في الليل تسكته وتقول له: اسكت وإلا أعطيتك للفضيل . وقد سمعت قصةً من رجل تاب الله عليه لكن تحدث بأخبار الجاهلية، قال: كنت أسرق البقر -وهو شايب كبير أظنه في المائة- قال: فنزلنا في تهامة ، فأتت امرأة ودعت على بقرتها وقالت: الله يسلط عليك فلاناً، وهو صاحب القصة، قال: فلما حلبت البقرة أخذت البقرة برباطها وطلعت الحجاز ، أي: وقعت الدعوة مكانها، فيشتهر -والعياذ بالله- بعض الناس حتى يصبح يضرب به المثل، فالمرأة كانت تقول للولد: اسكت وإلا أخذك الفضيل . أتى الفضيل بن عياض فطلع سلماً على جدار يريد أن يسرق صاحب البيت، فأطل ونظر إلى صاحب البيت فإذا هو شيخ كبير، وعنده مصحف، ففتحه واستقبل القبلة على سراج صغير عنده ويقرأ في القرآن ويبكي -انظر الفرق بين الحياتين: هذا يقطع السبل، لا صلاة ولا صيام ولا عبادة ولا ذكر ولا إقبال، وهذا يتلو آيات الله ..”أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ “[الرعد:19] وقال تعالى: ” أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ” [الزمر:9]. جلس الفضيل ووضع يده على السقف وظل ينظر إلى ذلك الرجل العجوز الذي يقرأ القرآن ويبكي، وعنده بنت تصلح له العشاء، وأراد أن يسرقه وهو بإمكانه؛ لأن ذلك الرجل قوي، وهذا الشيخ لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، فمر الشيخ بقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:” أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ” [الحديد:16] فنظر الفضيل إلى السماء وقال: يا رب! أني أتوب إليك من هذه الليلة، ثم نزل فاغتسل ولبس ثيابه وذهب إلى المسجد يبكي حتى الصباح، فتاب الله عليه، فجعله إمام الحرمين في العبادة، هذا السارق أولاً أصبح إمام الحرمين الحرم المكي، والحرم المدني. موقع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة – بتصرف
(المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 10 أكتوبر 2008)
حسن الخلق والصدقة وسبيل اجتماع الزوجين في الجنة
السبيل أونلاين – متابعة السؤال : أنا أرملة منذ ستة أشهر عمري 36 عاما ولي ابن عمره 9 سنوات وقد توفي زوجي وعمره 35 سنة على حسن خاتمة حيث إنه توفي بعد الفجر وكان قائلا لدعاء سيد الاستغفار ودعاء ذي النون ودعاء سيدنا أيوب قبل الفجر على الرغم من أنه كان لا يعلم بأنه مرض وفاة لأن الأطباء كانوا يعتقدون أنه مجرد دور برد وقد غسله شيخ وتعجب من ظهور علامة عرق الجبين عليه على الرغم من صغر سنه ولقد رآها كل من دخل عليه وزوجي يشهد له كل من يعرفه بحسن الخلق وأنا أشهد له كزوجته أنه لم يرتفع صوته يوما أو يغضب على أي إنسان سواء أنا أو أهله أو أي شخص قريب أو بعيد مهما كانت همومه أو متاعبه ورغم أنه كان كثير الابتلاء منذ صغره وأحسبه أنه كان دائما صابرا وراضيا بقضاء الله وأريد أن أعرف تعليقكم على هذا وهل درجة الإنسان عند الله تقاس بكثرة العبادة أم أن حسن الخلق والصبر على البلاء والتصدق ممكن أن يرفعه إلى منزلة عالية عند الله إن كان مؤديا طبعا للفرائض الأساسية، وأريد السؤال عن أمر آخر وهو أنني كنت أحب زوجي بشدة وكل أملي أن فراقي له ليس أبديا وأنني سوف ألقاه في الجنة إن شاء الله وقد سمعت أن المرأة تكون في الجنة مع آخر أزواجها فهل يعد امتناعي عن الزواج من أجل رغبتي الشديدة في لقائه في الجنة إثم أو فتح لأبواب الفتنة مع العلم بأني مقتدرة ماديا ولا أحتاج لمن يعولني أنا وابنى وهل في صبري على عدم وجود زوج معي في الحياة وتربيتي لابني تربية إسلامية سليمة ثواب لي أحتسبه عند الله وأنا كنت معتدلة دينيا قبل وفاة زوجي ولكنى في زيادة في القرب من الله بعد وفاته وأدعو الله أن يكون زيادة قربي من الله في ميزان حسنات زوجي لأنها بسبب تأثير وفاته علي وعلى نظرتي للحياة فهل هذا جائز كما أنني نويت أن يكون كل ما أخرجه طوال حياتي من صدقات نية إخراجه مني ومن زوجي لأنني كنت أفعل هذا في حياته وأجدد دائما نيتي في ذلك فهل هذا أيضا جائز أفيدوني؟ أرجوكم ؟ الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فأحسن الله عزاءك في زوجك وجمعك به في الفردوس الأعلى، وأما درجة العبد عند الله ومنزلته في الجنة فإنها لا تكون بحسب كثرة العبادة من الصلاة والصيام ونحو ذلك فحسب، بل هناك غير ذلك من الأعمال ترفع صاحبها عند الله، ومن ذلك حسن الخلق، ويدل على ذلك عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله بحسن خلقه درجة الصائم القائم . رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني. وقوله صلى الله عليه وسلم: ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء. رواه الترمذي وقال حسن صحيح وأبو داود وأحمد وصححه الألباني. وقوله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وقوله صلى الله عليه وسلم: إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. رواه الترمذي وحسنه وصححه الألباني. ومن هذه الأعمال أيضا الصبر على البلاء فقد الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ{ الزمر:10}. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها. رواه أبو يعلى وابن حبان والحاكم وحسنه الألباني. ومنها الصدقة، فقد قال الله تعالى: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ {آل عمران:92}. وقال صلى الله عليه وسلم: كل امريء في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس. رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه على شرط مسلم وصححه الألباني. وقال عمر رضي الله عنه : ذكر لي أن الأعمال تباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم . رواه ابن خزيمة والحاكم وصححه على شرط الشيخين وصححه الألباني. وأما كون المرأة لآخر أزواجها في الدنيا فقد وردت في ذلك عدة أحاديث تصح بمجموعها، أوردها الشيخ الألباني. فإذا صبرت ولم تتزوجي بعد زوجك وكنتما جميعا أهل الجنة فسوف يجمع الله بينكما فيها، وهذا أمر محمود طالما أنك لا تحتاجين إلى نفقة ولا تخافين على نفسك العنت ويكون في هذا وفاء زائد للزوج تشكرين عليه مع ما فيه من تربية وكفالة لابنك اليتيم. ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى. واللفظ للبخاري. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا: خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده. قال النووي: فيه فضيلة هذه الخصال وهي الحنوة على الأولاد والشفقة عليهم وحسن تربيتهم والقيام عليهم إذا كانوا يتامى. انتهى. ومتى خشيت على نفسك الفتنة فبادري بطلب الزواج وعسى الله أن يبدلك خيرا من زوجك. ولا بأس بإخراج الصدقة بنية أن تكون عنك وعن زوجك وثوابها لكما جميعا، وقد سبق بيان أن الصدقة عن المتوفى تنفعه بإجماع العلماء . (الشبكة الإسلامية – تاريخ الفتوى : 04 شوال 1429 / 05-10-2008 )
(المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 10 أكتوبر 2008)
“الإخوان المسلمون” في السلطة “إمارة غزّة” نموذجا
نجيب البكّوشي
“أيّها الإخوان ؛ إنّ الأمّة الّتي تحسن صناعة الموت، وتعرف كيف تموت الموتة الشّريفة، يهب لها اللّه الحياة العزيزة في الدّنيا والنّعيم في الآخرة. وما الوهم الّذي أذلّنا إلاّ حبّ الدنيا وكراهيّة الموت، فأعدّوا أنفسكم لعمل عظيم وآحرصوا على الموت توهب لكم الحياة.” “حسن البنّا”(مجموعة رسائل الإمام الشهيد؛ ص300؛ المكتبة التوفيقيّة، أمام الباب الأخضر-سيّدنا الحسين، القاهرة ، مصر) بعد أكثر من نصف قرن على رحيله ها هي نبوءة “حسن البّنا” تتحقّق بإمتياز. صرنا أمّة مدمنة على الموت، من المحيط إلى الخليج صناعة الموت في أوج عطائها. حرب ضروس تُشنّ على الحياة لإستئصال الجميل ووأد الحلم. شاشات الـتـلفزيون تنقل المأساة مباشرة؛ دماء، أشلاء بشريّة متناثرة، إعدامات في الساحات العامّة، رمي من فوق سطوح المباني، تنكيل بجثث الموتى، قطع الرؤوس أمام عدسات الكاميرا، قتل على الهويّة، الموت يدخل إلى بيوت لله ليقتل باسم الله بل أنّ الموت طال حتّى جنائز الموت؛ كم من انتحاري فجّر”حزامه الناسف” في جنازة أو موكب عزاء؟ “شيوخ الموت”، أصحاب العمائم، متعدّدة الألوان، يمنحون” تذاكر الجنّة” للقاتل والمقتول فكلاهما شهيد، فمن منّا نسي صور طلائع كتائب الموت الّتي أرسلها “الإمام الخميني”، وهي تحمل مفاتيح الجنّة، للفتك بوحدات الجيش العراقي والدّفاع عن “الجمهوريّة الإسلاميّة” الفتيّة. أمام هذا الجنون العبثي الّذي نشاهده يوميّا نكاد نجزم أنّ “الشيطان” يكون واهما لو ظنّ انّه يستطيع أن يجعل الإنسان أكثر قبحا ممّا هوّ عليه. وأنا أقتفي آثار الموت عبر مسالك العدم، أجد نفسي في “غزّة”، مدينة قديمة، قدم العالم، تحدّث عنها الفرعون “تحتمس الثالث” عاشق الزّهور والحروب في القرن الخامس عشر ق-م. ثمّ أخبرتنا عنها “ألواح تلّ العمارنة”، ملحمة غزّة تروى على إيقاع سنابك خيول الفراعنة والبابليين، الإسكندر المقدوني و بونابرت كلّهم من هنا عبروا لكنّهم لم يعمّروا ف”غزّة” أرض لا تحسن ضيافة غزاتها مهما كان جبروتهم. كان “إسحاق رابين ” يتمنّى أن يغمرها البحر. لكنّ قصّة العشق بين “غزّة”و ّالمتوسّط” أكبر من أنّ تطالها أمنية “رابين”. رحل رابين ولم يغمر البحر “غزّة” ولكن غمرها الظّلام ،غزاة “غزّة” اليوم لم يركبوا البحر ولم يعبروا الحدود بل ولدوا من أحشائها فأضحت “إمارة إسلاميّة” غير معلنة، محكومة بالحديد والنّار من طرف “ميليشيات القوّة التنفيذيّة” التابعة لحركة “حماس”. أهذا يا ترى الحلم الفلسطيني الّذي توارثته الأجيال ودفعت ثمنه ألاف الشهداء وملايين المشرّدين؟ فما هيّ جذور هذه الحركة وما هيّ أهمّ ملامح منظومتها الفكريّة والسياسيّة؟ للإجابة على هذا السؤال سوف أعتمد على نصّين هامّين ؛ الأوّل هوّ “ٍرسائل الإمام الشّهيد” وهو مجموعة نصوص “لحسن البنّا”، مؤسّس “حركة الإخوان المسلمون”؛ لأنّ علاقة “حماس” “بالإخوان” ،فكرا وممارسة ،هيّ علاقة الفرع بالأصل، الجزء بالكلّ . أمّا النصّ الثاني فهو” ميثاق “حركة حماس “الصّادر بتاريخ 18 أوت 1988 واّلذي يعتبر البوصلة الفكريّة والسياسيّة للحركة منذ تأسيسها. فلئن تمّ الإعلان عن تأسيس “حماس” في ديسمبر 1987 ، إلاّ أنّ نشأتها تعود إلى أربعينات القرن الماضي كامتداد” لحركة الإخوان المسلمين” وذلك تحت تسميات متعدّدة مثل “المرابطون على أرض الإسراء” و”حركة الكفاح الإسلامي” وغيرها ففي المادّة الثانية من ميثاق الحركة(الّذي يحمل في ديباجته المقولة الشّهيرة “لحسن البنّا”( ستقوم إسرائيل وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام كما أبطل ما قبلها) نجد بوضوح “حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين… .” لقد عملت ” حركة حماس ” منذ تأسيسها، وبدعم من دول “البترودولار”، على إنهاء المشروع الوطني الفلسطيني بالصّيغة الّتي بدأت مع منظّمة التحرير الفلسطينيّة، ليستبدل، بآخر إسلامي ،حيث ورد في المادّة الحادية عشرة من الباب الثّالث ما يلي” تعتقد حركة المقاومة الإسلامية أن أرض فلسطين أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزء منها أو التنازل عنها أو عن جزء منها، ولا تملك ذلك دولة عربية أو كل الدول العربية، ولا يملك ذلك ملك أو رئيس، أو كل الملوك والرؤساء، ولا تملك ذلك منظمة أو كل المنظمات سواء كانت فلسطينية أو عربية، لأن فلسطين أرض وقف إسلامي على الأجيال الإسلامية إلى يوم القيامة. هذا حكمها في الشريعة الإسلامية، ومثلها في ذلك مثل كل أرض فتحها المسلمون عنوة، حيث وقفها المسلمون زمن الفتح على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة. وكان ذلك أن قادة الجيوش الإسلامية، بعد أن تم لهم فتح الشام والعراق قد أرسلوا لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب يستشيرونه بشأن الأرض المفتوحة، هل يقسمونها على الجند، أم يبقونها لأصحابها، أم ماذا؟ وبعد مشاورات ومداولات بين خليفة المسلمين عمر بن الخطاب وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، استقر قرارهم أن تبقى الأرض بأيدي أصحابها ينتفعون بها وبخيراتها، أمّا رقبة الأرض، أمّا نفس الأرض فوقف على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، وامتلاك أصحابها امتلاك منفعة فقط، وهذا الوقف باقٍ ما بقيت السماوات والأرض، وأي تصرف مخالف لشريعة الإسلام هذه بالنسبة لفلسطين، فهو تصرفٌ باطل مردود على أصحابه. ﴿إنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ اليَقِين فسبِّح باسْمِ رَبِّك العَظِيم﴾ (الواقعة: 95 – 96)”. إستهدف، مشروع “حماس”خصوصا و”الإخوان” عموما، تغيير ملامح القضيّة الفلسطينية وذلك عبر طمس بعدها الإنساني والكوني و الّذي كان قد جعل منها قبلة لكلّ عشّاق الحريّة في العالم، فمعركة “حماس” الأولى هيّ معركة الذّاكرة الفلسطينية، فلا بدّ من كنس تاريخ “الحركات العلمانيّة” الّتي لم تتطهّر بنور الإيمان. منذ الانتفاضة الثانية فرضت “حماس” نفسها كبديل على حركة “فتح”، ثنائيّة “فتح” و “حماس” أدّت إلى تهميش القوى اليساريّة في الخارطة السياسيّة الفلسطينية، فهذا زمن غير زمن “وديع حّداد” و”كوزو أوكو موتو ” و”ليلى خالد” و”جورج حبش” وغيرهم. لا بدّ من تربية النشء على أنّ المقاومة إسلاميّة أو لا تكون وكلّ من خالفها فهو خائن وعميل وأنّ”حماس” بلغت أعلى درجات السموّ السّياسي وقادتها ، الّذين تحاك حولهم الأساطير، يقعون في منزلة بين البشر والملائكة. بتصويتهم لحركة” حماس” ظنّ الفلسطينيون أنّهم سوف يضعون حدّا لحالة الانفلات الأمني، والفساد المالي من رشوة ومحسوبيّة، واستغلال النفوذ من بعض عناصر”فتح”. هذا إلى جانب حالة القهر والغبن والإحباط التي يشعر بها الفلسطينيون جرّاء حرب الإبادة المنهجية الّتي يمارسها عليهم الاحتلال الإسرائيلي وذلك على مرأى ومسمع من العالم بأسره. لا أحد شكّك في نزاهة الاقتراع ولا في فوز حركة “حماس” المدوّي، فوزا فاجأ الفائزين أنفسهم وجعل خصومهم السياسيين في وضع لا يحسدون عليه، هكذا تقاطعت أحلام أغلبيّة الفلسطينيين مع طموحات “حماس” في الاستيلاء على السلطة. لكن بمجرّد حصولها على السّلطة انقلبت”حماس” على كلّ التزاماتها وبقدرة قادر تحوّل المعارض “الديمقراطي” بالأمس إلى حاكم مستبدّ اليوم. صندوق الاقتراع الفلسطيني أنجب “غول فرانكشتاين” الّذي إلتهمه واضعا حدّا لأحلام الفلسطينيين في التخلّص من لعنة الطّغاة العرب. أثبتت لنا تجربة “حماس” مرّة أخرى أنّ الديمقراطيّة ليست فقط ما تلفظ به صناديق الاقتراع، فلحظة صندوق الاقتراع هيّ لحظة ولادة بالنسبة للديمقراطيّة، والولادة هيّ بداية الحياة ولكن ليست الحياة كلّها، فمن السّهل القبول بالديمقراطيّة شكلا ولكنّ من الصّعب جدّا الإيمان بقيمها مثل التعدديّة، المساواة والحريّة ومن الأصعب مواصلة إعتناقها أمام غواية كرسيّ الحكم. أدّت الاشتباكات بين “حماس” و”فتح” إلى سقوط مئات الضحايا. ونقلت شاشات التلفزيون بربريّة وهمجيّة “ميليشيات حماس” وهي ترتكب جرائم مروّعة ضدّ خصومها من “فتح” على وقع التكبيرات والتهليلات الدّينيّة، لم يعد الاقتتال الفلسطيني- الفلسطيني خطاّ أحمرا لا يجب تجاوزه ، فالتراشق بالرّصاص حلّ محلّ “التنابز بالألقاب”، الذّاكرة الفلسطينية سوف تحفظ، وإلى الأبد، صورة المقاتل الفلسطيني الفار تحت وابل رصاص رفاقه في السّلاح نحو معسكر جيش العدوّ. تحوّلت” كتائب القسّام” الجناح العسكري ل”حماس” بعد إعلانها عن هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل (وليست التعلاّت تنقص من قبيل؛ استراحة المقاتل, إعادة ترتيب البيت, الإنحناء حتّى مرور العاصفة…) إلى قوّات مكافحة الشّغب وشرطة” آداب” تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر باستعمال الهراوات. والقمع والتّقتيل ليس من نصيب “فتح” وبقيّة فصائل منظّمة التّحرير فحسب بل طال حتّى “حركة الجهاد الإسلامي” التوأم الإيديولوجي “لحماس” وذلك على خلفيّة احتكار حمل السّلاح. في حين جُرّمت “فتح” ونُعتت بالعمالة والخيانة حينما طرحت الفكرة ذاتها سابقا. مارست”حركة حماس”بدهاء كبير ما يسمّى “بالتقيّة الفكريّة والسياسيّة” فتبنّت فكرة الديمقراطيّة الّتي كانت تعتبرها في الأمس القريب كفرا وقبلت بإستتباعات “أوسلو” بأن شاركت في الانتخابات والتزمت بمبدأ التداول السلمي على السّلطة عبر صناديق الاقتراع، رغم أنّ ميثاقها ينصّ في الماّدة الثالث عشرة من الباب الثالث على “تعارض المبادرات، وما يسمى بالحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية، فالتفريط في أي جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين، فوطنية حركة المقاومة الإسلامية جزء من دينها، على ذلك تربى أفرادها، ولرفع راية الله فوق وطنهم يجاهدون.” إنّ ما وقع في “غزّة” أبعد من أن يكون مجرّد حادث عرضيّ أو تقدير خاطئ من طرف قيادة “حماس” بل هوّ جوهر مشروعها الفكري والسياسي.” فحماس” كما أسلفنا القول هيّ مشتقّ من مشتقّات تنظيم “الإخوان المسلمون” ,الّذي أسّسه “حسن البنّا” بمصر في عشرينيات القرن الماضي، والمتأمّل في تاريخ هذا التنظيم يلاحظ أنّ خطّه السياسي يتراوح بين شعارين حسب موازين القوى ؛ فعندما تكون موازين القوى لصالحه يرفع شعار” السيف والمصحف” ولا يتوان لحظة واحدة في اللّجوء للعنف للاستيلاء على السّلطة. أمّا إذا كانت موازين القوى في غير صالحه فإنّه يرفض مبدأ المعارضة أساسا ويقول” بالمناصحة “لأنّه يؤمن بواجب طاعة وليّ الأمر لا معارضته. لذلك فإنّ موقف “الإخوان” من الدّيمقراطيّة والتداول السّلمي على الحكم موقفا مرتابا وذلك في وفاء تامّ لأفكارالمؤسّس “حسن البنّا” الّذي يعلن بوضوح عداءه للتعدديّة الحزبيّة ويطرح بديل سياسي شمولي قائم على أسلمة الفضاء السياسي والإدارة حيث يقول في (مجموعة رسائل الإمام الشهيد , في باب “نحو النّور” ص88). الناحية السياسيّة والقضائية والإداريّة؛ – القضاء على الحزبيّة و توجيه قوى الأمّة السياسيّة في وجهة واحدة و صفّ واحد. وفي نفس هذا الإطار يقول السيّد البنّا في الصفحة 255,254؛ لقد إنعقد الإجماع على أنّ الأحزاب المصريّة هيّ سيّئة هذا الوطن الكبرى، وهي أساس الفساد الإجتماعي الّذي نصطلي بناره الآن(…)و إذا كان الأمر كذلك، فلا ندري ما الّذي يفرض على هذا الشعب الطيّب المجاهد المناضل الكريم هذه الشّيع و الطوائف من النّاس الّتي تسمّي نفسها الأحزاب السياسيّة؟ إنّ الأمر جدّ خطير، ولقد حاول المصلحون أن يصلوا إلى وحدة ولو مؤقّتة لمواجهة هذه الظّروف العصيبة الّتي تجتازها البلاد، فيئسوا وأخفقوا. ولم يعد الأمر يحتمل أنصاف الحلول، ولا مناص من بعد الآن من أن تحلّ الأحزاب جميعا، وتجمع قوى الأمّة في حزب واحد يعمل لإستكمال إستقلالها وحريّتها، ويضع أصول الإصلاح الداخلي العام، ثمّ ترسم الحوادث بعد ذلك للنّاس طرائق في التنظيم في ظلّ الوحدة اّلتي يفرضها الإسلام. – إصلاح القانون حتّى يتّفق مع التشريع الإسلامي في كلّ فروعه. – تقوية الجيش والإكثار من فرق الشباب وإلهاب حماستها على أسس من الجهاد الإسلامي. – مراقبة سلوك الموظّفين الشخصي وعدم الفصل بين الناحية الشخصيّة والناحية العمليّة. – أن توزن كلّ أعمال الحكومة بميزان الأحكام والتعاليم الإسلاميّة، فتكون نظم الحفلات و الدعوات والاجتماعات الرسميّة و السجون والمستشفيات بحيث لا تصطدم بتعاليم الإسلام، وتكون الدوريات في الأعمال على تقسيم لا يتضارب مع أوقات الصلاة. تلك هيّ ملامح “الجمهوريّة الإسلاميّة الفاضلة” الّتي يسعى ” الإخوان المسلمون” إلى تأسيسها على أنقاض “حكم الطواغيت”، إنّها الأحاديّة المطلقة على النّمط الفاشي. لم تقدّر، قيادة “حركة حماس” حقّ التقدير الثمن الّذي دفعه “ياسر عرفات” للحفاظ على استقلالية القرار الفلسطيني، “عرفات” قبّل أيادي كلّ الطّغاة العرب إتّقاءا لشرّهم وكان كلّما حلّ ضيفا على أحدهم منحه لقبا. اليوم، بعد رحيله، بات الشأن الفلسطيني رهن مصالح قوى إقليميّة تحاول “حماس” كسب ودّها للخروج من عزلتها. فسوريّة “الأسد” تبحث عن جيش تحرير بالوكالة لاستعادة “الجولان” ونظام الملالي الشّوفيني في “إيران” الّذي يقمع” العرب في الأهواز” ويدعمهم في “غزّة” يعمل على تحسين شروط التفاوض مع الغرب من أجل امتلاكه “القنبلة النوويّة”وتمهيد الطريق أمام بناء مشروع “الهلال الشّيعي”. وعلاقة “حماس” أساسا و”الإخوان المسلمين” عموما” بنظام الملالي” علاقة إنتهازيّة صرف “فخالد مشعل” يقول أنّ حركته هيّ الإبنة الرّوحيّة” لثورة “الخميني”( هذا الأخير الّذي يعتبر أنّه لا يعبد إله أبي بكر وعمر وأنّ فاطمة كائن إلاهي ظهرعلى هيئة إمرأة ويرمي” أمّ المؤمنين عائشة” بالإفك )في حين أنّ مفتي “حماس” (وكيل وزارة أوقافها السّابق) “صالح الرّقب” يكفّر “الشّيعة” بوضوح في مؤلّفيه؛ “الوشيعة في كشف ضلالات وشنائع الشّيعة” و”الشّيعة الإثناعشريّة (كفريات-ضلالات-بدع)” أمّا الدولة\القناة (قطر) فهي تحاول إفتكاك دور الرّيادة من “آل سعود” في كلّ ما يتعلّق بالقضايا العربيّة والإسلاميّة رغم أنّها تستضيف أكبر قاعدة عسكريّة أمريكيّة في المنطقة وتقيم علاقات مع “إسرائيل”.(قناة الجزيرة تقع في دائرة نفوذ “الدّاعية القرضاوي” الّذي يقيم ” ميثاقا” مع أمير قطر على شاكلة “عهد نجد” الّذي أقامه “محمّد بن عبد الوهّاب” و”محمّد ابن سعود” في منتصف القرن الثامن عشر؛ فللشيخ أمور الدّين وللأمير أمور السياسة.لذلك نلاحظ هيمنة تيّار إخواني-قومجي على الخطّ السياسي والفكري للقناة) ، أمّا” مصر حسني مبارك” فمستعدّة لكلّ التنازلات حتّى على لقب “أمّ الدنيا” من أجل ضمان عمليّة التوريث الجمهوري. في كلّ خطبة ،ومن أعلى منبر الجمعة، يذكّرنا السيّد هنيّة ،رئيس الوزراء والإمام، (كما يقتضيه عرف الإمارة) أنّ أسلمة المجتمع الفلسطيني هيّ من أولى أولوياته، معتبرا أنّ الله يقف إلى جانبه و أنّ أمريكا تقف إلى جانب خصومه. ونوّه “خالد مشعل” «بانتصار الإسلام» في” معركة غزّة”. بل أنّ وكيل وزارة الأوقاف السّابق (صالح الرّقب) ذهب الى حدّ القول انهّ بعد “غزّة” ستفتح “الضفّة الغربيّة” كما فتح الرّسول “مكّة”. فتوظيف الدّين للتعبئة السياسيّة والعسكريّة مكوّن أساسي لإيديولوجيا “حماس” لذلك وجب العمل على تسريع “أسلمة” المجتمع فلا مجال في المكتبات إلّا” للكتب الصفراء”ولا بدّ من تلجيم المثقّف الفلسطيني الحرّ فهو الحامل لجرثومة التغريب ووباء السّؤال. لقد أصدر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة “حماس”، السنة الفارطة، قرارا يقضي بجمع وإتلاف كتاب “قول يا طير” للكاتبين “شريف كنعانة” و” إبراهيم مهوّي” والّذي يضمّ حكايات جميلة من التراث الشّعبي الفلسطيني وذلك بتهمة احتوائه على “تعابير جنسيّة تخدش الحياء”. صدر الكتاب أولا باللغة الإنجليزية، سنة 1989، ثم بالفرنسية في سنة 1997، وترجم إلى الّلغة العربية سنة 2001، وهو يضم خمساً وأربعين حكاية ، تم اختيارها من مائتي حكاية روى معظمها نساء. “محكمة التفتيش” بدأت بالباحثين “شريف كنعانة”و “إبراهيم مهوّي” ولا أحد سواها يعرف من هيّ “الضحيّة” المقبلة قد يكون “غسّان كنفاني” أو “فدوى طوقان” أو “إميل حبيبي” لكن لسائل أن يسأل متى سيأتي الدور على “درويش” خاصّة بعد قصيدته الأخيرة” ، قبل رحيله، أنت منذ الآن غيرك” الّتي تساءل فيها؛ هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق, ونرى دمنا على أيدينا…لندرك أنّنا لسنا ملائكة…كما كنّ نظنّ؟ وهل كان أيضا أن نكشف عوراتنا أمام الملأ, كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟ كم كذبنا حين قلنا؛ نحن استثناء !.. .. لولا الحياء والظلام، لزرتُ غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد! ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا! أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!…… فدرويش الّذي قدّم لكونيّة قضيّة شعبه أكثر من كلّ فصائلها مجتمعة سلاحه حروف الأبجديّة الثماني والعشرين وظلّ المتنبّي، هل تصلى دواوينه نارا ذات لهب.؟ وكذلك في مجال الموسيقى فقد أعدّت “حماس” ألبوماتها الغنائيّة الخاصّة وانتشرت ظاهرة “الفيديو كليب الإسلامي” وأريد هنا أن أقاسمكم ،هذه الإضافة النوعيّة في “علم الجماليات”، الواردة في المادّة التاسعة عشرة من الباب الثالث من ميثاق “حركة حماس” تحت عنوان” دور الفن الإسلامي في معركة التحرير” للفن ضوابط ومقاييس، بها يمكن أن يُعرف هل هو فن إسلامي أم جاهلي؟ وقضايا التحرير الإسلامية بحاجة إلى الفن الإسلامي الذي يسمو بالروح ولا يغلّب جانبًا في الإنسان على جانب آخر، ولكن يسمو بجميع الجوانب في توازن وانسجام. والإنسان تكوين عجيب غريب من قبضة الطين ونفخة الروح، والفن الإسلامي يخاطب الإنسان على هذا الأساس، والفن الجاهلي يخاطب الجسد ويغلّب جانب الطين. فالكتاب، والمقالة، والنشرة، والموعظة، والرسالة، والزجل، والقصيدة الشعرية، والأنشودة، والمسرحية وغير ذلك، إذا توافرت فيه خصائص الفن الإسلامي، فهو من لوازم التعبئة الفكرية، والغذاء المتجدد لمواصلة المسيرة، والترويح عن النفس، فالطريق طويل والعناء كثير، والنفوس تمل، والفن الإسلامي يجدد النشاط، ويبعث الحركة، ويثير في النفس المعاني الرفيعة والتدبير السليم. لا يصلح النفس إن كانت مدبرة إلاَ التنقل من حالٍ إلى حال كل ذلك جِد لا هزل معــــه فالأمة المجاهدة لا تعرف الهزل”. لا أدري وفق هذا “القالب الإستيتيقي الإسلامي” كيف نصنّف لوحة “غرنيكا” “لبيكاسو” أو لوحة “أصل العالم” لغوستاف كوربيه ؟ وهل يحلّ لنا الاستمتاع بسيمفونيات “بتهوفن” وصوت أم كلثوم أم لا؟ وهل يحقّ لنا أن نهدي دواوين نزار قبّاني لحبيباتنا أم لا وهل أنّ “الدّبكة” الفلسطينية رجس من عمل الشيطان أم لا ؟ إنّ ” أسلمة المجتمع ، في تصوّر “الإخوان المسلمين” حلقة هامّة وضروريّة تسبق الانقضاض على نظام الحكم لتصل أوجها بعد ذلك عندما تصبح “إيديولوجية الدّولة”. كتب “السيّد البنّا”، في (مجموعة رسائل الإمام الشهيد، في باب “نحو النّور” ص89 ) ما يلي في ما يخصّ ؛ الناحية الإجتماعيّة والعلميّة؛ – مقاومة التبرّج والخلاعة وإرشاد السيّدات الي ما يجب أن يكون، والتشديد في ذلك بخاصّة على المدرّسات والتلميذات والطّبيبات والطالبات ومن في حكمهنّ. – إعادة النّظر في مناهج تعليم البنات ووجوب التفريق بينها و بين مناهج تعليم الصبيان في كثير من مراحل التعليم. – منع الإختلاط بين الطلبة والطالبات, واعتبار خلوة أيّ رجل بإمرأة لا تحلّ له جريمة يؤاخذان بها. – إغلاق الصالات والمراقص الخليعة وتحريم الرقص وما الى ذلك. – مراقبة دور التمثيل و أفلام السينما و التشديد في إختيار الروايات والأشرطة. – حسن إختيار ما يذاع على الأمّة من المحاضرات و الأغاني والموضوعات واستخدام محطّة الإذاعة في تربية وطنيّة خلقيّة فاضلة. – مصادرة الروايات المثيرة والكتب المشكّكة المفسدة والصحف الّتي تعمل على إشاعة الفجور وتستغلّ الشهوات إستغلالا فاحشا. – توجيه الصّحافة توجيها صالحا وتشجيع المؤلّفين والكاتبين على طرق الموضوعات الإسلاميّة. – إعتبار دعوة الحسبة ومؤاخذة من يثبت عليه مخالفة شىء من تعاليم الإسلام أو الإعتداء عليه كالإفطار في رمضان وترك الصّلاة عمدا أو سبّ الدّين وأمثال هذه الشِؤون. تعيش مجتمعاتنا، اليوم، حالة تغوّل للمقدّس الدّيني، من خلال هيمنته على الفضاء العام. حيث نتج عن حالة “مكروفيزياء اللاهوت هذه ” سلطة مطلقة “للكهنوت الدّيني” على وجدان النّاس. فتحوّل “السّجود” والابتهال من المساجد إلى ملاعب كرة القدم كشكل من أشكال الفرح بالتتويج. وأصبحت مناسك “العمرة” و “الحجّ” الهواية المفضّلة لنجوم الطّرب والسينما لنيل “صكوك الغفران”. وأضحى”العفاف” يباع ويشترى في سوق الأقمشة. إنّ هيمنة سلطة الرّمز منحت لأصحاب العمائم” اليد الطولى فحلّت فتاويهم محلّ القوانين وأصبحنا في أوطاننا نعيش تحت وطأة “دكتاتوريّة مزدوجة” فمن جهة دكتاتوريّة الأنظمة الحاكمة وأداة تنفيذها جهاز البوليس ومن جهة أخرى “دكتاتوريّة الشّارع” وأداة تنفيذها جيش جرّار من “الدهماء” يقوده الشيوخ والدّعاة، وكأنّه كتب علينا الاختيار بين “الطّاعون” و”الكوليرا”. حتّى أنّ البعض، يأسا وإحباطا، أضحى يرى في “ديمقراطيّة الثكنات” قارب النجاة الوحيد قبل أن يستيقظ متأخّرا من الكابوس الموريتاني. لقد تنصّل “الإحتلال الإسرائيلي” دائما من قرارات “المجتمع الدّولي” بتعلّة غياب “الشريك الفلسطيني المسؤول” الّذي يمكن إقامة السّلام معه، اليوم “حماس” بعد إنقلاب “غزّة” منحته ألاف الحجج لذلك، فهو المستفيد الأوّل والأخير من الإقتتال الفلسطيني –الفلسطيني. بعد عقود من النّضال من أجل إقامة دولتهم يجد الفلسطينيون أنفسهم في مطلع القرن الحادي والعشرين بحكومتين وصفر دولة، “عبّاس” في “رام الّله” يتسوّل رواتب موظّفيه من المساعدات الدوليّة و”هنيّة” في “غزّة” يقترح “وجبة الزيتون والزّعتر” لملايين الأفواه الجائعة الّذين لم يبق لهم سوى “رغيف الخبز” الّذي تقدّمه لهم “الأونوروا”. فأيّ مستقبل للقضيّة الفلسطينية، لدى المحافل الدوليّة والمؤسّسات الحقوقيّة والإنسانيّة وأنصارها في العالم بأسره من مثقّفين وفنّانين وغيرهم، في ظلّ قيادة “حماس “الّتي ورد في المادّة الثانية والعشرين من ميثاقها؛ ( أنّ “اليهود” كانوا وراء تفجير الثورات في العالم خدمة لمصالحهم؛ فهم من وراء الثّورة الفرنسيّة والثورة الشيوعيّة… وهم من أشعل فتيل الحرب العالميّة الأولى للقضاء على “دولة الخلافة الإسلاميّة”… والحصول على “وعد بلفور…” وأنشأوا “عصبة الأمم المتحدة” ليحكموا العالم من خلالها. وهم من وراء الحرب العالميّة الثانية… حيث جنوا الأرباح الطّائلة من تجارتهم في مواد الحرب… ومهّدوا لإقامة دولتهم… وأوعزوا بتكوين “هيئة الأمم المتّحدّة” و”مجلس الأمن”). فهل هذا خطاب عقلاء؟ أمّا ماورد في المادّة السابعة من ميثاق” الحركة” فحدّث ولا حرج “حركة المقاومة الإسلامية تتطلع إلى تحقيق وعد الله مهما طال الزمن، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ” لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ” (رواه البخاري ومسلم). هكذا سوف يترك” اليهود”،أمام” زحف جيش حماس”، طائرتهم ودبّابتهم وصواريخهم الحاملة لرؤوس نوويّة و”أرضهم الموعودة” ليختبئوا وراء شجر الغرقد (يهودي الدّيانة). الغريب أنّ المشعوذين يردّدون على مسامع النّاس البسطاء أنّ “اليهود” يكثرون، هذه الأيّام، من زراعة شجرهم هذا، استعدادا للمعركة الكبرى والحاسمة ضدّ المسلمين، مع العلم أنّ هذا “الحديث” يدرّس لطلبة العلم ب”المملكة العربيّة السّعوديّة” في “منهج التوحيد”، اللهمّ زدنا علما. إنّ مثل هذا الخطاب الغبيّ منح للفكر الصهيوني أسلحة إيديولوجيّة ناجعة فأصبح العرب “معادين للساميّة” وهم “ساميون”، والفلسطينيون “إرهابيين” وهم أصحاب الأرض المغتصبة. بعض الإسلامين وعملا بمبدأ “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما” يبرّرون جرائم بن لادن وبربريّة “حركة طالبان” وهمجيّة قطّاع الطرق بالجزائر ويشرّعون ما تقوم به حماس. لقد وصف الوجه الإسلامي التّونسي المعروف “راشد الغنّوشي” إنتصار حركة “حماس” في الانتخابات الأخيرة على أنّه انتصار”الأيادي المتوضّئة” فما رأيه اليوم وهذه الأيادي نفسها تتوضأ بالدّماء الفلسطينية أمام عدسات الكاميرا؟ وهل أنّ القائمة الطويلة للشهداء الذين سقطوا تحت راية “حماس” تمنحها مشروعية العبث بالشأن الفلسطيني؟ وهل أنّ زبيبة الصّلاة والّلحية المضمّخة بالحنّاء يكفيان لولوج ملكوت القدّسيين؟ إنّ مأساتنا في عالمنا العربي أنّ البدائل المطروحة لأنظمة الاستبداد هي بدائل شموليّة معادية للدّيمقراطيّة وكأنّه كتب على شعوبنا العضويّة الدّائمة في نادي الدكتاتوريات ولست متشائما إن قلت أنّ الأمل في مجيء “غودو” “صامويل بيكيت” أكثر من مجيء الديمقراطية، من خلال هؤلاء. لقد حالت “المكابرة الإيديولوجيّة ” وثقافة التحريم والتقديس دون مصالحة هذه “الأنساق المغلقة” مع الفكر النقدي، والممارسة الدّيمقراطيّة. اليوم الصّراع على أشدّه ، في فلسطين وخارجها، بين “إرادة الحياة” و”الموت العبثيّ”، بين ظلمة الخرافة ونور العقل وشعوبنا الّتي دفعت، ولا زالت، الثمن غاليا من أجل حريتها عليها أن تعي أنّ الحريّة هيّ المسافة الفاصلة بين الأرض والسّماء لذلك وجب عليها إعادة ترسيم الحدود بينهما حتّى لا يختلط الحابل بالنابل. بقلم؛ نجيب البكّوشي النصّ منشوربموقع “الأوان” بتاريخ 11 -10-2008
لماذا تخلت واشنطن عن برويز مشرف؟
توفيق المديني
أمام تزايد الضغوطات الخارجية و الداخلية على الرئيس برويز مشرف منذ عام تقريبا ، و التي كانت تطالبه بالتنحي عن السلطة، انحنى هذا الأخير أمام العاصفة .ولم يكن تنحي الرئيس الباكستاني عن السلطة مفاجأ في شيء للذين يتابعون التطورات الدراماتيكية التي حصلت في باكستان منذ سنة. فهناك مجموعة من الأزمات الداخلية و الخارجية التي أسهمت إسهاما كبيرا في المآل الذي آلت إليه الأمور في باكستان. 1-مرحلة صعود مشرف عاد الجيش الباكستاني من جديد إلى السلطة ، و هذه المرة عن طريق جنرال آخر هو برويز مشرف في أكتوبر 1999 ، و كأنه بات مؤكدا أن باكستان لا تستحق الديمقراطية . و كأن هذا البلد الذي أهانته الهند أولا ، ثم الولايات المتحدة لاحقا التي امتنعت عن تقديم أية مساعدة عسكرية له مع مطلع التسعينات ، بعد أن استخدمته كأداة طيلة الحرب ضد الغزو السوفياتي لأفغانستان، لم يتوصل إلى تحقيق وجوده خارج نطاق اللجوء إلى الجيش . ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001أ اعتبرت الولايات المتحدة باكستان حلقة رئيسية في الصراع ضد تنظيم القاعدة و نظام حركة طالبان ، و هي تحاول أن تجامل و تداري حساسية الجنرال مشرف مقابل تعاونه في مجال الاستخبارات ، و لكن أيضا في مجال الدعم اللوجيستيكي ، بما أن باكستان قبلت فتح مجال الجوي للتحالف الدولي لمقاومة الإرهاب . أثّرت أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 سلباً في هذه الإستراتيجيّة المُرتكِزة على تحكّمٍ مُزدوجٍ في الإسلام المتطرّف. وأدرك الجنرال مشرّف بسرعة الرهانات من الجهة الأفغانية والمخاطر التي قد تترتّب على رفض المقايضة التي تقترحها إدارة بوش: فانضمَّ إذاً إلى “الحرب ضدّ الإرهاب”، بعد تخلّيه عن حركة طالبان التي كانت ترفض تسليم، لا بل حتى إخراج، السيّد أسامة بن لادن. وغيّر الجنرال مشرّف قسماً من قادة أركانه وندّد بالتطرّف وأوقَفَ، على مرّ السنين، مئات المُنتمين إلى تنظيم القاعدة، ومن بينهم مسؤولون كبار أمثال السيّد خالد شيخ محمد، المُخطِّط لأحداث 11 أيلول/سبتمبر والذي تمّ اعتقاله في العام 2003(1). بالنسبة لواشنطن قدمت إلى الجنرال مشرف البراهين التي تمكنه من تعزيز وضعه في مواجهة الإسلاميين ، و بشكل خاص الضباط في الجيش الذين يتخوفون من المنحى الذي اتخذته الحرب ضد نظام طالبان ، و من الخسارة المحتملة ” للعمق الاستراتيجي ” الذي اكتسبته باكستان في أفغانستان . في العام 1991 ، حين دخلت مصر في إطار التحالف الدولي الذي خاض حرب الخليج الثانية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ، حصلت على إلغاء 50% من ديونها الخارجية إزاء نادي باريس الذي يضم الدول الدائنة . و كان شطب هذه الديون ممكنا بعد الحصول على اتفاق من صندوق النقد الدولي . أما بقية الديون المصرية فقد تمت جدولتها زمنيا بشروط ميسرة . السيناريو عينه تكرر مع باكستان بعد أحداث 11 سبتمبر ، التي تحتل موقعا استراتيجيا عصيبا في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الطالبان وتنظيم القاعدة . كانت باكستان تعاني من وضع اقتصادي صعب ، فقد شهدت مرحلة تراجع اقتصادي إلى مستوى 4% سنويا ، طيلة عقد التسعينات ، وصولا إلى مستوى 6 ،2 % عام 2000- 2001 . و يرجع المحللون هذا التراجع الاقتصادي إلى عوامل خارجية لا علاقة للباكستانيين أنفسهم بها . فخلال العشر سنوات الممتدة من 1975 إلى 1985 كان الاقتصاد الباكستاني يتغذى بصورة أساسية من العملات الصعبة التي يدخلها العمال الباكستانيون العاملون بكثافة في بلدان الخليج العربي و في المملكة العربية السعودية بصورة خاصة التي كانت تنعم بذروة الطفرة النفطية ، و بعدما كانت عوائد العمال الباكستانيين ” النفطيين ” تشكل وحدها حوالي3 ،9 % من الدخل القومي السنوي الصافي ، تراجعت إلى مستوى 2% فقط في السنوات الأخيرة بفضل البطء الذي أصاب اقتصاديات البلدان العربية النفطية . إضافة إلى ذلك ، كانت باكستان تأمل ، من خلال دعمها لـ ” طالبان ” تعزيز صادراتها إلى آسيا الوسطى و بناء خط أنابيب غاز من تركمنستان يمر بهيرات و قندهار، غير أن ازدهار عمليات التهريب أطاح هذه الآمال الباكستانية . و كان الفساد داخل الطبقة السياسية قد أتاح لبعض رجال الأعمال أخذ قروض ضخمة من مصارف القطاع العام بدون أن يسددوها للدولة و استعيد منها مؤخرا 720 مليون دولار فقط و الباقي يتجاوز 3 مليارات دولار . على أن المديونية الخارجية الباكستانية ليست أقل قسوة من مديونيتها الداخلية ،و يقدر الخبراء حاليا بحوالي 38 مليار دولار. و كانت إدارة الرئيس بو ش رفعت الحظر الكامل على العقوبات الاقتصادية التي فرضت على باكستان عقب قيا مها بالتفجيرات النووية في عام 1998، و حصول الانقلاب العسكري عام 1999.و قدمت أيضا مساعدة مالية ضخمة، و عملت لمصلحة جدولة ديونها الخارجية.و حصلت باكستان على دعم البلدان الصناعية الغنية الدائنة لها، لان هذا يخدم الأهداف الجيوبوليتيكية الغربية، و في الوقت عينه يسمح لاسلام أ باد بالمضي قدما في طريق الإصلاح الهيكلي. و تكمن الاستراتيجية الأميركية الجديدة في إعادة نسج الروابط مع حليفتها القديمة باكستان، التي أصبحت الآن قوة نووية من أجل وضعها تحت المراقبة. وتملك باكستان الآن من 15الى 20راسا نوويا يمكن حملها على صواريخ غوري-1 التي يبلغ مداها 1300كلم، و التي طورتها بالتعاون مع كوريا الشمالية ، إذ يزن الصاروخ لدى انطلاقه16طن منها 800 كيلو غرام من المتفجرات أو بوساطة طائرات أف16. و يرتبط تاريخ السلاح النووي الباكستاني بالعلاقات الصراعية مع الهند. و لكن السؤال الذي يطرحه الغرب الآن ، هل إن باكستان يمكن السيطرة عليها ؟ فالجنرال مشرف الذي التزم بالدخول إلى جانب الولايات المتحدة في حربها ضد ما تسميه الإرهاب ، انتهج في الماضي القريب سياسة غامضة على الطريقة الباكستانية . فهو الذي كان قائد الجيوش الباكستانية الثلاثة ، و هو المهندس الذي نظم عملية تسلل المجاهدين الاسلاميين إلى كشمير الخاضعة للادارة الهندية في إقليم كرجيل ، محدثا بذلك حربا مع الهند ، التي ضربت سياسة التقارب التي انتهجها نواز شريف مع الهند . و كانت إحدى أهداف هذه المناورة نسف الحوار الذي كان الجيش الباكستاني هو الخاسر الأكبر فيه . و باشتراك الجنرال مشرف مع الحركة الاسلامية الكشميرية المسلحة يكون بذلك وفيا للخط الطبيعي الذي سار عليه العسكريون البكستانيون منذ عهد الجنرال ضياء الحق ، الذين يجمعون بين الارادوية الإسلامية و العمليات الخارجية . أن باكستان التي” صدرت ” الطالبان إلى أفغانستان ، يساند جيشها الحركات الإسلامية في كشمير لأهداف إقليمية . هل يعني هذا أن الجنرال مشرف قد تغير في ظل الحرب على أفغانستان ؟ إن سياسة الولايات المتحدة الكونية و الإقليمية التي قوامها بسط الهيمنة و الغطرسة العسكرية و السياسية ، كانت لها انعكاسات خطيرة على مصير باكستان نفسه مع استمرار الحرب الظالمة و المدمرة ضد أفغانستان . فالحركات الإسلامية الراديكالية في باكستان تطالب الرئيس مشرف بالانصياع إلى مطالب الشعب ، المتمثلة في وقف التعاون مع الولايات المتحدة . و يمثل إغلاق طريق الحرير من قبل الزعماء الإسلاميين المسلحين ، الذي عملت الحكومة على إعادة فتحه ، و التهديدات الأخرى بالقيام بأعمال في أنحاء البلاد، واجتياز أكثر من 2200 مسلح إسلامي الحدود الباكستانية للقتال في صفوف الطالبان ،تحديا ضخما للرئيس برويز مشرف ، خاصة أن حكومته أقدمت أخيرا على قطع علاقاتها مع العديد من الجماعات الإسلامية المسلحة التي تناصر أسامة بن لادن ، الذي يرغب في سقوط هذه الحكومة الموالية للغرب . و كان جليا في الفترة الأخيرة تخوف مشرف نفسه من مثل هذا الأمر ، فقد طلب مرارا من الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة إنهاء حملتها العسكرية في أفغانستان. و تطالب الحركات الإسلامية المسلحة في باكستان التي لديها آلاف من المقاتلين ، بأن تنهي الولايات المتحدة حربها العدوانية ضد أفغانستان ، و بإنهاء الحكومة الباكستانية دعمها للأميركيين ، و إطلاق سراح الزعماء الإسلاميين . 2-مرحلة سقوط مشرف مع استمرار الحرب بلا هوادة في أفغانستان ، و دخول الولايات المتحدة الأميركية في الوحل الأفغاني بعد سبع سنوات من الحرب ، دخلت باكستان مرحلة الزوابع الخطرة و أول العواصف رحيل الرئيس مشرف ، نتاج احتدام الأزمات التالية: الأزمة الأولى بين مشرف و المجتمع المدني بعد ثماني سنوات من الحكم العسكري بزعامة الجنرال برويز مشرف،اندلعت الأزمة الأولى ، في ضوء قيام الرئيس مشرّف في التاسع من آذار/مارس 2007، لابساً بزّته العسكريّة ومحاطاً بقادة الأجهزة الأمنيّة، بطرد رئيس المحكمة العليا الباكستانية افتخار محمد شودري. التهمة المزعومة كانت سوء التصرّف. أمّا السبب الحقيقي فكان التحدّي الذي فرضه هذا أمام استئثار الجيش لسلطة الدولة بوسائلٍ غير شرعية. وقد أصدر شودري أحكاماً أصابت قلب «شركة العسكر». إذ كان قد حكم بعدم شرعية سياسة الخصخصة التي باعت ممتلكات الدولة بأدنى الأسعار إلى ضبّاطٍ في الجيش وأتباعهم بين نخبة رجال الأعمال الباكستانيين. وقد حاول بشجاعة أن يعمل على مساءلة الأجهزة الأمنيّة الباكستانية التي كانت تلعب في الخفاء، وبخاصّة منها مديريّة المخابرات العامّة التابعة للجيش . ومن المعلوم أن الجيش الباكستاني يضمّ تحت قيادته 600 ألف رجل وامرأة، ونحو 50 رأس حربي نووي. وتحت رعاية مشرّف، أضحت هذه المؤسسة عملاقاً يسيطر على ما يمكن تقييمه بـ20 مليار دولار من الأصول، وعلى ثلث الصناعات الثقيلة، كما تتملّك 5 ملايين هيكتار من الأراضي. هذا، ولدى مئات الضبّاط العسكريين وظائفاً مدنيّة أيضاً في الوزارات ومؤسّسات الدولة. وتقوم وكالة الاستخبارات المسيّسة في العمق بتنظيم الانتخابات قبل استحقاقها وبتشكيل أو بحلّ التحالفات السياسية لمصلحة الرئيس(2). لقد قادت الأزمة مع القاضي افتخار محمد شودري إلى تطور الاشتباك السياسي بين المجتمع المدني الذي تتزعّمه سلطةٌ قضائيّةٌ مستقلّة و بين الجيش . و في سنة 2007شهدت باكستان انبثاق معارضة ديمقراطية متمثلة في «حركة المحامين » التي قادت خلال الأشهر الأخيرة من السنة عينها أكبر حملة مناهضة للجنرال برويز مشرف منذ توليه السلطة في عام 1999.هؤلاء المحامون و القضاة الجدد ينفخون هواءا منعشا في الساحة السياسية الباكستانية المصادرة لغاية الان من قبل جنرالات الجيش، و العائلات الكبيرة المالكة للأراضي الخصبة، والسياسيين الفاسدين، ومؤخرا الإسلاميين المتشددين. في باكستان التي يقودها العسكر منذ نشأتها عام 1947، سواء بشكل مباشر من قبل جنرال انقلابي(أيوب خان، ضياء الحق، برويز مشرف)أو بطريقة غير مباشرةعبر حكم مدني موجه عن بعد(بنازير بوتو، نواز شريف)، تشكل ثورة المحامين تحولا سياسيامهما : النهوض القوي لقسم من ناشطي الطبقة الوسطى، الذين يريدون تحرير البلاد من الحكم العسكري. وتزاد نزعة الأنتي أمريكانية قوة في صفوف الطبقة الوسطى ذات الميول الليبرالية، التي تعتبر نفسها أنها خذلت بسبب نفاق إدارة الرئيس بوش من الديمقراطية، التي تفضل مصالحها الاستراتيجية على حساب نشر الديمقراطية.. إنها «حركة ثورية»جديدة، وقفت في طليعة المدافعين عن رئيس المحكمة العليا القاضي إفتخار شودري.فهذه الحركة تعد في مدينة لاهور لوحدها 12000عضوا ناشطا. و أصبح القاضي إفتخار شودري الذي تصادم في السابق مع الجنرال ضياء الحق(1977-1988) بمنزلة المثل الأعلى للمحامين ، والمنارة في عملية المواجهة المباشرة مع الجيش لإجباره العودة إلى الثكنات،ومن أجل بناء دولة القانون. الأزمة الثانية :اقتحام الجيش المسجد الأحمر ثانيا: من تداعيات اقتحام القوات الخاصة الباكستانية المسجد في شهر تموز 2007 ، والعمليات الانتحارية التي شنها المقاتلون القبليون في شمال غرب باكستان ضد قوات الجيش والشرطة، والتي أسفرت عن مئات القتلى والجرحى، نهاية التحالف البنيوي بين الجيش الباكستاني والأصوليين الإسلاميين. كان احتلال المسجد الأحمر حدثاً فريداً، حيث أنّه جرى بين شوارع إسلام أباد الجميلة المرصوفة بأشجار التوت وأمام وسائل الإعلام العالميّة. وكانت هذه المحاولة لفرض الشريعة الإسلامية انعكاساًَ للاستراتيجية التي تقوم على طول الحزام الباشتوني في المحافظة الحدودية الشمالية الغربية وعلى طول الحدود الأفغانية. هذه الاستراتيجيّة هي “الطلبنة”، يقوم بها مجاهدون إسلاميون كهؤلاء الذين حاربوا عند المسجد الأحمر. قادة هذه الحركة رجال دين يستلهمون من أسامة بن لادن، ولكنّهم تعلّموا في ظلّ المدارس السنيّة التي ترعرعت في زمن حكم محمد ضياء الحق (1977-1988) الموالي لأميركا. وقد كان %70 من الطلاّب، ذكوراً وإناثاً من المحافظة الحدودية الشمالية الغربية ومن المناطق الحدودية، نشؤوا في مزيجٍ سامّ من القبلية، وشكوى الباشتون، والإسلام الطالباني. وكان المقاتلون من ميلشيات جهادية محظورة مثل “جيش محمّد”. وكانت المخابرات العامّة قد وظّفتهم في حرب باكستان بالوكالة في أفغانستان وكشمير الهندية. ولكنّهم اعتبروا تخلّي مشرف بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر عن طالبان ومسيرة السلام مع دلهي بمثابة “ردّة” كافرة. إذ تقول المصادر أنّه إذا كان أحد قد تمتّع بروابطٍ مع تنظيم القاعدة وتغاضٍ من ضباط المخابرات العامّة الغلاظ، فهم هؤلاء المجاهدون(3).. لقد اقتضت طبيعة النظام السياسي الباكستاني أن تغدو القوى الإسلامية طرفاً مهماً في معادلة توازن هذا النظام، ليس لميل أغلبية الشعب الباكستاني إلى الخيار الإسلامي فحسب، ولكن لما تحظى به المعارضة الإسلامية بقيادة مجلس العمل الموحد المعارض، الذي يضم ستة أحزاب إسلامية، من حضور سياسي بارز إثر الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام، 2002 ونتيجة للتحالف الوثيق بين الإسلاميين والجيش منذ أيام الجنرال الراحل ضياء الحق، والذي منحهم حق تكوين إمارات إسلامية تابعة لسلطة نظام إسلام آباد. لقد تطورت العلاقة بين الحركات الإسلامية المتشددة و الجيش خلال العقود الأخيرة ، وازداد ثقل الرهان هذا بكونه يندرج ضمن إطارٍ محلّيٍّ مشحون، يتدخّل فيه الإسلام المتطرّف الباكستاني، على درجاتٍ مختلفة، سواء في كشمير أم في المناطق القَبَلية المُحيطة بأفغانستان، ولاسيما إبان حكم الجنرال ضياء الحق الذي جاء إلى السلطة عام 1979 على إثر الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم ذو الفقار علي بوتو (والد بينظير) الذي تولى رئاسة باكستان في عام 1971 إلى 1973 وأصبح بعدها رئيساً للوزراء حتى عام 1977 وأسس «حزب الشعب» أحد أكبر الأحزاب السياسية الباكستانية وأكثرها نفوذاً، ويعتبر مؤسس البرنامج النووي الباكستاني في أوائل السبعينات، والذي بسببه تلقى تحذيراً من هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي السابق الذي قال له إن «في حال تابعت باكستان برنامجها النووي، فإنك ستدفع ثمناً كبيراً». وفعلاً بعد ذلك بعامين 1979 أعدم بتوجيهات من الجنرال محمد ضياء الحق الذي أدخل البلاد في مرحلة ثانية من الحكم العسكري، توطدت خلالها العلاقات العسكرية بين باكستان وواشنطن على أثر الاجتياح السوفييتي لأفغانستان في27 ديسمبر1979 ،واستمر حكمه العسكري في باكستان 11 عاماً لينتهي في العام 1988 بمقتل ضياء الحق في حادث جوي غامض. الأزمة الثالثة :اغتيال بينازير بوتو جاءاغتيال المرأة الزعيمة بينظير بوتو بعد أن دخلت باكستان في دوّامة بين القمع العسكريّ والإرهاب ؛ وبعد أن نُكِبَت البلاد أيضا بنوبةٍ جديدة من تطبيق الأحكام العرفية، كالتي عرفتها باكستان خلال عقود، وسجن المعارضة السياسيّة ومناضلي الحقوق المدنيّة، وتطهير السلطة القضائية، وتكميم وسائل الإعلام الحرّة نسبيّاً، وقبل ثلاثة عشر يوما من موعد الانتخابات التشريعية المقررة في بداية سنة 2008، والتي كانت تأمل بوتو أن تحقق فيها فوزاً عظيماً، سيلقي بظلاله على المشهد السياسي في هذا البلد النووي،الذي يواجه اليوم لحظة الحقيقة،في ظل العداء العام للجيش من قبل الشعب، والذي توظفه الحركات الإسلامية . وكانت عودة بوتو جاءت بعد الضغوطات الأميركية التي مورست على الرئيس برويز مشرف من أجل إبرام تحالف معها ،يدعم المركز المتضعضع للرئيس ،مقابل إشراك المعارضة العلمانية الليبرالية في حكومته ، و تخلي مشرف من قيادته للجيش استجابة لمطالب المعارضة بإعادة البلاد إلى الحكم المدني. ويشار في هذا الصدد إلى أن منصب قائد الجيش هو الركيزة الأساسية لقوة مشرف. وكان هذا الخيار الأميركي الذي يقوم على إبرام تحالف بين مشرف وبوتو، الذي من شأ نه أن يعزز قوة الرئيس مشرف في باكستان في ظل تنامي قوة الإسلاميين المتشددين. مشرف لم يعد مناسبا لقد قبلت الولايات المتحدة بالتخلي عن برويز مشرف ، حين وجدت البديل الأكثر شعبية على المستوى الداخلي. ففي الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة الأميركية على فرض رؤيتها فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب على الحكومة الباكستانية الجديدة برئاسة يوسف رضا جيلاني ، يقر نائب وزيرة الخارجية الأميركية ، جون نيغروبونتي بأن الرئيس مشرف قد يلقى مصاعب في البقاء رئيسا للدولة.و قال إنها مسألة داخلية باكستانية.، والولايات المتحدة تحترم أي قرار يتخذه البرلمان الباكستاني في الشأن هذا. بعد 11 سبتمبر، قدم بوش إلى مشرف إنذاراً نهائياً: إما التخلي عن دعم طالبان والانضمام إلى الحرب الأميركية على الإرهاب أو تحمل النتائج باعتباره عدواً للولايات المتحدة. مع إذعان باكستان، استفادت أميركا من التسهيلات العسكرية حينها مقابل تجديد الالتزام طويل الأمد بتقديم المساعدات، وحصلت باكستان على لقب «حليف أساسي». وتم تجاهل نقاط حيوية بالرغم من المخاطر الهائلة التي ما زالت كامنة. وقدم الرئيس برويز مشرف تعهدات شملت إدخال إصلاحات داخلية ومحاربة التطرف الأصولي، والدخول في مباحثات سلام مع نيودلهي ومنع المسلحين من دخول كشمير ودعم حكومة قرضاي. فالالتزام بهذه التعهدات يعني تخلي باكستان فجأة عن كل السياسات الجوهرية التي سارت عليها منذ اليوم الأول لاستقلالها ونكران «القومية الإسلامية» التي كانت لمدة طويلة الدافع وراء الصراع حول كشمير مع الهند والسيطرة على أفغانستان. استمرار الحرب على الإرهاب في أفغانستان، بات يشكل عبئاً ثقيلاً على الجنرال برويز مشرف، الذي أضحى نظامه مهدداً بسبب استمرار العمليات العسكرية فترة طويلة، الأمر الذي جعله يضيق منذ ذلك الحين ذرعاً من شدّة الضغوط عليه، مشبهاً الحرب بالمستنقع، ومحذراً من استمرار تدفق اللاجئين الأفغان إلى الأراضي الباكستانية لأن ذلك يفرض ضغوطاً اقتصادية واجتماعية على بلاده. و في غضون ذلك،احتدم الشجار بين إسلام أباد وكابُل حول تسلّل المُحاربين القادمين من باكستان – المناطق القبليّة وبلوشستان -، في حين تنبّه الجيش الأميركي لهذه التسرّبات الكثيفة ولتقدّم حركة طالبان في جنوب شرق أفغانستان، على حساب قوى حلف شمال الأطلسيّ التي جرى حشدها مؤخّراً في المقاطعات الحدوديّة (4). بيد إن استمرار دعم المخابرات باكستانية للأحزاب الدينية يعزز التطرف في أفغانستان والعراق وحتى بريطانيا. إن مشكلات باكستان هيكلية بطبيعتها. وأدت عقود من الاضطهاد والأزمات والحروب والكوارث إلى تعزيز دورها المركزي ا كبؤرة للتشدد الإسلامي المناهض للغرب و إسرائيل. ويتحمل مؤسسها المسؤولية برفعه لواء «الإسلام في خطر» وإدخاله ضمن هيكل الدولة. وتخطئ الولايات المتحدة في اعتقادها أن باكستان مجرد دولة إسلامية محافظة، فهي تختلف تماما عن دول مثل تركيا وإيران. ففي باكستان اصبح التشدد الإسلامي المناهض للولايات المتحدة الأميركية ، وعدم رضوخ المناطق القَبَليّة الحدوديّة الخاضعة للسيطرة الفيدرالية موضوع اهتمامٍ كبيرمن جانب الغرب . وأُرغِمَ نظام مشرف الواقع أسيراً بين ضغوطات واشنطن ورأيٌ عامٌّ مُناهضٌ بشدّة لأميركا على دفع ثمن سياسته القمعيّة في المناطق القَبَلية الحدودية الخاضعة للسيطرة الفيدرالية. و تستعد الولايات المتحدة الأميركية لمرحلة ما بعد الرئيس مشرف، وسط خشيتها من عدم قدرة باكستان على الاستمرار في الحرب على الإرهاب، ومن حالة عدم استقرارهذا البلد الذي يمتلك سلاحاً نووياً ،إذتشعر واشنطن بالذعر من إمكانية انتقال القنبلة النووية الباكستانية إلى أيادي متشددين باكستانيين.وفي ظل غياب بديل موثوق،يبقى الغرب مقتنعا أن المؤسسة العسكرية هي الضامن الوحيد لبقاء هذا البلد متماسكا.و لا يوجد لحد الآن من بين المرشحين لخلافة مشرف في الرئاسة شخص يمثل استمراراًله. انتخاب الرئيس الباكستاني الجديد آصف علي زرداري باكستان، البلد المتآلف مع الانقلابات العسكرية والأحداث الدموية، الدولة «الاستراتيجية» التي تمثل مصدرا وضحية في آن معاً للإرهاب الأصولي، انتخبت يوم السبت 6 سبتمبر الجاري، آصف علي زرداري( 53 عاما)، زعيم حزب الشعب الباكستاني، وزوج رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو التي قتلت في 27 ديسمبر 2007، رئيساً لباكستان، بموجب مسار ديمقراطي غير منازع فيه. وكان آصف علي زرداري ولد في 21 يوليو 1956 في مدينة كراتشي، وتلقى تعليمه فيها، وكان أحد طلاب مدرسة «سانت باتريك» التي تخرج فيها الجنرال برويز مشرف. من الناحية الظاهرية، يعتبر هذا الانتقال السياسي السلمي للسلطة من العسكريين إلى المدنيين نموذجاً فريداً من نوعه، إذ يضع حداً لحكم العسكر الذي كان يقوده الجنرال برويز مشرف المستقيل منذ 18 أغسطس الماضي، ويعزز السلطة المدنية.. الجيش الذي حكم باكستان أكثر من نصف الواحد والستين سنة من وجوده، لم يجد شيئا يقوله في عملية الانتخاب. إذاً، لماذا هذا الاستياء، وهذه المخاوف؟ إن تخلي مشرف عن السلطة حافظ على الشكليات الديمقراطية. أما الرأي العام الباكستاني فيظل مرتاباً من زرداري.. إنه يتساءل عن شخصية زرداري، الذي عاش حياة سياسية مثيرة للجدل، إذ تقلب فيها بين مجد الوزارة إلى عار السجن 11عاما بسبب ارتباط اسمه بتهم الفساد والقتل. سجن آصف علي زرداري لأول مرة العام 1990بتهمة ابتزاز رجل الأعمال الباكستاني مرتضى بخاري، مهددا إياه بالقتل إذا لم ينقل رصيده المصرفي إلى رصيد زرداري، وتم إسقاط التهمة عنه عندما أصبحت زوجته بنازير بوتو رئيسة للحكومة العام 1993، التي عينته وزيرا للبيئة في السنة عينها. غير أن زرداري اعتقل مجددا في العام 1996، بتهمة اغتيال شقيق زوجته مرتضى قبل أن يتهم لاحقا، مع زوجته بقضايا فساد مالي. وقضى في السجن ثماني سنوات قبل أن يطلق سراحه في سنة 2004. وفي سنة 2007 ، فرضت الأزمة الحالية في باكستان على الرئيس برويز مشرف، أن يبحث في إمكانية إبرام تسوية سياسية مع رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنظير بوتو، التي أبرمت تحالفاً معه يهدف إلى تدعيم المركز المتضعضع للرئيس مقابل السماح لبوتو زعيمة المعارضة المنفية بالعودة إلى وطنها وتسلم منصب رئاسة الوزارة للمرة الثالثة في حياتها، والتخلي عن الملاحقات القضائية بتهم الفساد. وأفضى الصلح مع بوتوإلى صدور قرار عفو بإسقاط تهم الفساد عن زرداري و بوتو ما سمح لهما بالعودة إلى باكستان للترشح للانتخابات العامة في ديسمبر 2007.ومع ذلك، فإنه لاعتبارات قضائية دقيقة ،ظلت الدعاوي القضائية التي شرعت فيها الحكومة الباكستانية في سويسرا ضد زرداري قيد النظر. وسمحت استقالة الجنرال برويز مشرف يوم 18 اغسطس الماضي ،للحكومة الباكستانية التي يقودها حزب الشعب الباكستاني ، برفع آخرالاعتراضات المشكوك فيها حول مستقبل الملف القضائي للرئيس الباكستاني المقبل.. ومنذ سنة 2006كانت السلطات السويسرية تلاحق زرداري قضائيا بتهمة تبييض الأموال ، غير أنه في 25 أغسطس الماضي، قررت السلطات السويسرية حفظ قضية تبييض الأموال التي كانت تستهدف زرداري، نظرا لإسقاط السلطات الباكستانية الدعوة الأصلية ، و التي أصبحت كليا في أيدي حزب الشعب الباكستاني. و كانت السلطات السويسرية تتهم زرداري بأنه قبض 8،8 مليون يور في عام 1997 من الشركة السوسيرية كوتيكنا من أجل الفوز بسوق باكستان. و تم تحويل الأموال لأحد حسابات زرداري في سويسرا.و أظهرت التحقيقات لاحقا أن هناك حركة أخرى من الأموال المشكوك في أمرها بقيمة 36،6 مليون يوروانتقلت من سوسيرا إلى الفراديس الضريبية. وكانت الاتهامات المتعلقة ببنازير بوتو ، التي أخذت جزءا من هذه الأموال ، قد دفنت مع موتها(5). العديد من المحللين ، داخل باكستان و خارجها، يعزون إخفاق الولايتين لحكم بظيزير بوتو إلى التأثير السلبي الذي كان يمارسها زوجها عليها.فالباكستانيون متخوفون من وصول شخصية آصف علي زرداري إلى سدة الرئاسة في بلد يمتلك أسلحة نووية و على حافة الانهيار الاقتصادي والانفجار السياسي و الأمني ، و هو لا يزال يعاني من سمعة سيئة، بسبب استغلال منصب زوجتة بينازير بوتو في رئاسة الحكومة ليراكم ثروة شخصية ، و استفادته ايضا من اغتيالها ليتولى زعامة حزب الشعب الباكستاني، و يصبح لاحقا رئيسا لباكستان. و يتمتع زرادري بنزعة مكيافيلية قوية لا تخلو من المراوغة إذ تحالف مع زعيم الرابطة الإسلامية نواز شريف الشريك الثاني في الحكومة ، عندما فازت الأحزاب الديمقراطية في الانتخابات العامة التي جرت في 18 فبراير الماضي،و التي ضيقت الخناق على رجل باكستان القوي سابقا برويز مشرف و أجبرته على التعايش مع الحكومة الائتلافية التي أجبرته أخيرا على التنحي عن السلطة و سط تهديدات بعزله برلمانياً..و بعد أن رحل مشرف تخلى زرادربي عن تعهداته و انقلب على نواز شريف ، الأمر الذي دفع هذا الأخير إلى فك التحالف معه. إن العودة إلى الحكم المدني في باكستان يكرّس عودة القيادة لحزب الشعب الباكستاني، حزب آل بوتو ن الذي استطاع أن يوظف بوفرة التعاطف الشعبي مع “الشهيدة” بينازير بوتو. وما انفك حزب الشعب يثبت قاعدته الشعبية منذ انتخابات فبراير الماضي،التي فرضته القوة الرئيسةالأولى في البلاد.و قد وضع احد من قادته على رأس الحكومة بشخص يوسف رضا جيلاني ، ثم عزز تحالفاته مع الأحزاب الصغيرة، حيث تختلط التشكيلات المحلية مع الإسلامية.وبفوزه بمنصب رئاسة الجمهورية الباكستانية، يجد حزب الشعب الباكستاني نفيسه الآن في موقع الحزب الرئاسي المهيمن. وكان زرداري هو المستفيد الرئيس من هذا المشهد السياسي الجديد في باكستان. القلق الذي يثيره انتخاب زرداري هو تقلب سياساته ، فمن أجل الوصول إلى أهدافه، تخلى عن تعهداته ، محدثا بذلك انفجار الائتلاف الحاكم، و لاسيما على اثر تخلي زرداري عن الوفاء بوعوده بإعادة القضاة الذين عزلهم مشرف في نوفمبر الماضي، و لاسيما رئيس المحكمة العليا الباكستانية افتخار محمد شودري، الذي أصدر أحكاماً أصابت قلب «شركة العسكر». وينبع خوف زرداري الواعي بالتداعيات السلبية لصورته في الداخل و الخارج ،من إعادة هؤلاء القضاة، الذين يمتلكون القدرة على ملاحقة الرئيس الجديد قضائيا ، و بسبب أيضا عدم الوفاء لوعوده. الهوامش: (1)- جان لوك راسين،التباسات باكستان بين واشنطن والطالبان صحيفة لوموند ديبلوماتيك، النشرة العربية، شباط/فبراير 2007 (2)-غراهام أوشير:”ليس الجهاد الإسلامي سبب الأزمة في باكستان، بل هو الجيش”، صحيفة لوموند ديبلوماتيك، النشرة العربية، كانون الأول/ ديسمبر 2007. (3)- غراهام أوشير، المصدر السابق عينه. (4)- سيّد سليم شهزاد: “كيف استعاد الطالبان المبادرة في الهجوم” لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، أيلول/سبتمبر 2006، http://www.mondiploar.com/article626.html (5)-حسب ما ذكرته صحيفة لوموند الفرنسية بتاريخ 6 سبتمبر2008.
(المصدر: مجلة الوحدة الإسلامية ، شهرية تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان، السنة السابعة ـ العدد الثاني والثمانون ـ شوال –ذي القعدةـ 1429 هـ ـ أكتوبر 2008 م)
أبو المجد: خلافي مع القرضاوي في تقدير الموقف فقط
وليد محمود أكد المفكر الإسلامي د.أحمد كمال أبو المجد عدم وجود خلاف “حقيقي” بينه وبين الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن الملف السني الشيعي، وذلك على خلفية الرسالة التي وجهها إليه د. القرضاوي نهاية الأسبوع الماضي. ونقلت صحيفة “الدستور” المصرية اليوم السبت عن د. أبو المجد تعقيبه على رسالة القرضاوي بتأكيد عدم وجود خلاف “حقيقي” بينه وبين رئيس اتحاد علماء المسلمين وإنما هو “مجرد خلاف في تقدير المواقف وما تقتضيه من ترجيح لبعضها على حساب البعض الآخر”. وأضاف أبو المجد أنه سيبعث بـ”رسالة شخصية” إلى القرضاوي ليخبره فيها برأيه وموقفه في قضية السنة والشيعة، لأنها “مسئولية” تتطلب منه الرد. ورفض أبو المجد الإفصاح عن فحوى الرسالة قائلا: “من الأفضل تداولها الآن بعيدا عن وسائل الإعلام؛ لأن القضية أكبر بكثير من تداولها علنا عبر وسائل الإعلام، بل تتطلب اتفاقا وتشاورا كبيرين بين العلماء والمفكرين من أجل الوصول إلى وسيلة لاحتواء هذا الشرخ في الصفوف”. من جانبها، نقلت صحيفة “الوطن” السعودية اليوم السبت عن أبو المجد قوله إنه يتفق مع د. يوسف القرضاوي في أن قضية المد الشيعي في الدول السنية “مشكلة لا يمكن إنكارها”، لكنه يختلف مع القرضاوي في “ملاءمة اختيار وسائل العلاج لحل تلك المشكلة”. واعتبر أبو المجد الرسالة المفتوحة التي وجهها له د. يوسف القرضاوي- ونشرتها إسلام أون لاين الخميس الماضي- بمثابة “عتاب مقبول”، مؤكدا رفضه الإساءة لشيخ “تعده الأمة كلها من كبار الدعاة، ومن بقية الفقهاء العاملين” و”تفهمه” لما بدر من “غضب في جزء منها” بعد أن “تجاوز البعض” في قدر الشيخ. وكان د. يوسف القرضاوي قد وجه رسالة مفتوحة لـأبو المجد رد فيها على الانتقادات التي وجهها له أبو المجد – في رسالة مفتوحة نشرتها صحيفة “الدستور” يوم 30-9-2008 – على خلفية إثارة الشيخ لقضية المد الشيعي في الدول العربية السنية. منطلق حركي ورأى أبو المجد أن الحوار حول تلك المشكلة “ينبغي أن يدار بمنطلق حركي لا فكري، لأن الأمر يتعلق بجموع الأمة التي ينبغي الحفاظ عليها”. وشدد –بحسب صحيفة “الوطن”– على أن مواقع الاتفاق بين السنة والشيعة هائلة، ومواقع الاختلاف قليلة”، وحذر من أن هناك من يستغل هذه الخلافات لتفتيت الأمة قائلا: “أقطع قطع العارف أن هناك من يهمه تفتيت الأمة في هذا الظرف”. وأعرب أبو المجد عن توقعاته باستجابة القرضاوي لمسعاه في لملمة المسألة، قائلا: أنا على يقين من أنه سيستريح كثيرا مما سوف أقوله.. فالخلاف بيننا هو في تقدير الملاءمة، أو ما يسميه القرضاوي نفسه بـ”تنزيل الحكم الواجب على الوقائع الماثلة، وهو منهج الشرائع كلها”. وكان د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قد وجه رسالة مفتوحة مطولة إلى المفكر الإسلامي د. أحمد كمال أبو المجد رد فيها على الانتقادات التي وجهها له أبو المجد على خلفية إثارة الشيخ لقضية المد الشيعي في الدول العربية السنية. وأبدى القرضاوي أيضا استغرابه من توالي انتقادات كتاب وعلماء من السنة لبيانه وتصريحاته الأخيرة التي حذر فيها من المد الشيعي بين المسلمين السنة في الوقت الذي توقف فيه هجوم الكتاب والصحفيين الشيعة عليه. وبشأن ما تمناه أبو المجد في مقاله من أن القرضاوي لو كان أعلن موقفه هذا بينه وبين العلماء الشيعة في إطار محدود وليس في الصحف، قال القرضاوي: “هذا قد تمَّ يا دكتور أبو المجد خلال أكثر من عشر سنوات.. ولكني وجدتُ أن المخطط مستمر؛ ولهذا كان لابد أن أدقَّ ناقوس الخطر”. وتضمنت الرسالة أيضا ردا على تحفظ د. أبو المجد على توقيت التصريحات، وأوضح د. القرضاوي أنه فتح هذا الملف في هذا التوقيت لأنه شعر بالخطر الذي يهدِّد أمته بـ”مزيد من الانقسام في المجتمع الواحد”، وشدد في الوقت نفسه على أن “الوحدة الإسلامية إذا لم تقُم على أساس مكين من كتاب الله وسنة رسوله، فلن تقوم لها قائمة”. واعتبر د. القرضاوي أن المناداة بإغلاق الملف “فرار من المواجهة مع الواقع”. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 11 أكتوبر 2008)
ماذا عساكثم فاعلينَ بِغزّةَ..للشاعر الشعبي الطاهر تليش
السبيل أونلاين – خاص ماذا عساكم فاعلينَ بغَزّةَ ***** ماذا دهاكم مانِعِي سُقْياها هلْ نسيتُم صالحًا والنّاقةَ *****وْلاَش الحِصارْ لْضَارْبينَ علاَها نِيلاً وَنِيلاً والفُراتَ ودِجْلةَ ***** نَجَّستُمُ يا خابَ مَن دسَّاها خُبزًا منعْتمْ عنها حتّى الشّرْبةَ*****وْزِدْتُو قَطَعتُو الكهربَا ودَوَاهَا حَصْرًا وعصرًا فاقِدينَ الرّحمةَ ***** حَرْبًا وَضربًا فاتِحينَ جِباهَا كُلُّ كلاب الدّنيا صاروا السَّاسةَ ***** قَصّرْ مدَدْنا والحجَرْ مْعاهَا يَبكي الرّضيعُ والحليبُ ما أتى ***** ما سقَى بطنًا ولاَ بلّ الشِّفاهَ إفطِميهِ يَصْبِرُ يُصبِحْ فتى ***** وْمِلّي علِيه دْروسْ ما ينساهَا سَمّي لهُ الأسماءَ كلَّ مَن عتَا ***** قالَ ظُلمًا غَزّةَ تبّتْ يداهَا عادًا ثمودًا قومَ لوطٍ شَيْبةَ ***** حُصْلتْ رهِينَه والفَزَعْ ما جاهَا خَبّريهِ عن حصار مكّةَ ***** عن قريشٍ كيْف كادتْ لِضَنَاهَا قاطعوهُ جَوّعوهُ القُدوَةَ ***** نْجوم القَوايل والصّحابه رَها سمِّي الطّغاةَ والرّؤوسَ القَادةَ ***** كلَّ مَن هُم حاربوها في صِباها مَن سعى في خنْقِها مَن شَتَّتَ ***** سَمِّي لِي جُو بِالطَّيْرَ وْرُجمَها ماذا جَنَتْ ما ذنبُها كيْف متى ***** بَعْلها القدسُ الشّريفُ ما شَكاها عِزّةً طُهرًا شُموخًا عِفّةَ ***** قَدْ ما طَلَعْتُو الفُوق ما تُوصْلاها أمرُ بُوشٍ لِعُروشٍ أُنصِتَ ***** نفّذوها الخطّةَ حتّى مداها كم قبضْتَ يا خليجُ الصّفْقةَ ***** مِنْهُو لِّي باعْ دْياَنْتَ وصَفّاها أمّا أنت مَن عشِقْتَ الصَّبْغةَ ***** يا حَقودُ يا لدودُ تتباها قَدْ هَرِمْتَ ما فهِمتَ البَتّةَ ***** راهُو لِي يْديرالخاَيْبَه يَلْقاها ثُم ّ أنتم يا شُهودَ الزّورِعيشوا مُؤقّتَا ***** وَجْهَ العروبةِ دنّسْتُمُ قدْ شَاهَ ألبَسْتمونا العارَ أَمّا الفِرْيةَ ***** تَوْ تنْقَلَبْ ترجعْ على مُولاَها أمّا أنتَ يا سعيدُ يا شهيدٌ فَتّتَ ***** حَتَّ عهدَ الغَدرِ أحلامًا مَحَاها نَمْ قَريرَ العَينِ نِلْتَ الجَنّةَ ***** قَالُوا علِيكْ إرْهابي السَّفَّاها ما هُوَ الأرهابُ تُنْكِرونَ الحُجّةَ ***** هلْ فِلسطينُ اسْتقلّتْ بحِماها مَن غَزَا لُبنانَ والجُولانَ الضّفّةَ ***** مِنْهُو لِي جَابْ لآبَاطْشي وَرَحَها أنا شَاهدٌ هلْ تشْهدونَ اللّحْظةَ ***** أنَّ الذي قَد حاربَ الأسْلامَ تاهَ ثُمّ المصيرُ النّارَ نالَ اللّعنةَ ***** كُلْ منْ وْقُفْ معَ العَدُو في شَقَهَا ملاحظة : ما تحتهُ سطرٌ يُقرأ باللّهجة العامّيّة (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 10 أكتوبر 2008)