في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia |
TUNISNEWS
9 ème année, N 3255 du 30.07 .2009
archives : www.tunisnews.net
حــرية و إنـصاف:أبعدوا مساجين الحق العام عن الدكتور الصادق شورو
المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين:رد على وزير العدل التونسي
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس
القدس العربي:المعتقل التونسي السابق عبد الله الزواري حر طليق
السبيل أونلاين:صحيفة..رفع الإقامة الجبرية عن الصحفي الإسلامي عبد الله الزواري
طلبة تونس :الطالب محمد اسماعيل الشويقي :بيان
السبيل أونلاين :طالب تونسي يطرد من الجامعة على خلفية التضامن مع سكان غزّة
الصباح :التكتل الديمقراطي يقرر المشاركة في الرئاسية والتشريعية.. ويبدأ إعداد قائماته..
الصباح:خسائر بــ4 ملايين دينار تكبدتها وكالات الأسفار
النفطي حولة:القانون الأساسي للأساتذة: متى سيرى النور ؟
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة الكترونيّة عدد 110 – 30 جويلية 2009
الصباح:أغرتهم الإمكانيات البحثية العالية والأجور المرتفعة:الكفاءات التونسية بالخارج تستبعد العودة النهائية
معلومات إضافية عن الكفاءات التونسية بالخارج (نقلا عن البوابة الإجتماعية – حكومية تونسية)
الصباح: حول فتح مكتبات المطالعة العمومية ومكتبات الكليات في أيام العطل
الأستاذ المنجي غريبي: العنف اللّفظي المسموع.. والمكتوب
محمد العروسي الهاني:ماهو دور الصندوق الوطني للتامين على المرض “الكنام “
منظمة “الكرامة لحقوق الإنسان”، جنيف – سويسرا:بيان صحفي.
القدس العربي:أجهزة الأمن تعتقل رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان
ماجد كيالي: تفكيك حركة تحرر وطني.. فتح نموذجا
حسن الطرابلسي:الإقتصــاد في الإعتقــاد والحداثـة المقلوبــة
عبد الرحمن خيزران:أكدتها الأحكام الصادرة ضد قيادات إسلامية ضمن خلية “بلعيرج” أزمة “عدم الثقة” تتجدد بين الدولة وإسلاميي المغرب
د. عبد الجليل التميمي: هناك كنوز معرفية لم يطلع عليها أحد في أرشيف تركيا
د. راغب السرجاني:كنوز التركستان الشرقية !
محمد جمال عرفة : فلسطين لا التوريث.. سبب حملة الحكومة على الإخوان
رويترز: سعودي يُدلي باعترافات جنسية على التلفزيون ويثير جدلا واسعا
رويترز: متمردون بالجزائر يقتلون 14 جنديا
القدس العربي: وزير الدفاع الدنماركي: ا رتداء الحجاب لا يتفق مع الزي العسكري
العرب:شباب 6 أبريل»: عفواً يا جمال مبارك.. حزبكم سبب أزمات مصر
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
جانفي 2009 https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm |
فيفري 2009
|
|||||||
مارس 2009 https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm | أفريل 2009 https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm | |||||||
ماي 2009 https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm |
جوان2009
|
أبعدوا مساجين الحق العام عن الدكتور الصادق شورو
المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين رد على وزير العدل التونسي
أخبار الحريات في تونس
المعتقل التونسي السابق عبد الله الزواري حر طليق
صحيفة..رفع الإقامة الجبرية عن الصحفي الإسلامي عبد الله الزواري
طالب تونسي يطرد من الجامعة على خلفية التضامن مع سكان غزّة
التكتل الديمقراطي يقرر المشاركة في الرئاسية والتشريعية.. ويبدأ إعداد قائماته..
خسائر بــ4 ملايين دينار تكبدتها وكالات الأسفار
القانون الأساسي للأساتذة: متى سيرى النور ؟
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة الكترونيّة عدد 110 – 30 جويلية 2009
أغرتهم الإمكانيات البحثية العالية والأجور المرتفعة: الكفاءات التونسية بالخارج تستبعد العودة النهائية
معلومات إضافية عن الكفاءات التونسية بالخارج (نقلا عن البوابة الإجتماعية – حكومية تونسية)
الكفاءات التونسية بالخارج حسب الإختصاص (2008)
الاختصاص |
رجــــال |
نســـاء |
عدد الكفاءات |
التعليم والبحث العلمي |
1580 |
299 |
1879 |
الهندسة |
1686 |
141 |
1827 |
الطب والصيدلة |
707 |
166 |
873 |
الإعلامية |
300 |
32 |
332 |
المحاماة |
54 |
19 |
73 |
رجال الأعمال |
1034 |
49 |
1083 |
اختصاصات مختلفة |
1652 |
137 |
1789 |
المجموع |
7013 |
843 |
7856 |
(المصدر: موقع ديوان التونسيين بالخارج (حكومي رسمي)، تصفح يوم 30 جويلية 2009) الرابط:http://www.ote.nat.tn/ote_ar/index.php?option=com_content&task=view&id=10
حول فتح مكتبات المطالعة العمومية ومكتبات الكليات في أيام العطل
بقلـم: آمال موسى تحتاج الأوضاع المقلقة أحيانا إلى أخذ مبادرات قد تبدو للوهلة الأولى ضربا من ضروب المبالغة والحماسة الفائضة، وننسى أن القلق الحاصل بحكم الوضعية الإشكالية والمتأزمة التي أفرزته، يستوجب علاجا قويا يستند إلى آليات دفاع خارقة للعادة تفتك بالظاهرة المنتجة للقلق ولصيحات الفزع. ولا يخفى على أحد الدرجة القصوى من القلق التي أحدثتها دراسة حكومية أقرت بأن التونسي يقرأ ثلاث دقائق فقط في المتوسط للمطالعة يوميا مقابل أكثر من ساعتين لمشاهدة التلفزيون .وقد شملت حالة القلق هذه كافة الأطراف المعنية بالشأن التونسي سواء كانت رسميّة أو تنتمي إلى النخب الفكرية والثقافية بجميع أطيافها. وإذا ما قارنا الدقائق القليلة التي يخصصها التونسي للمطالعة، بمعدل القراءة في بلدان عربية أخرى فإن قلقنا نحوها يتضاعف. ذلك أن التقرير الصادر عن الأمم المتحدة حول التنمية البشرية عام 2008 يشير إلى أن اللبناني يخصص عشر دقائق يوميا والسعودي 6 دقائق والمصري 9 دقائق أي أننا في تونس نقرأ ثلث المعدل الهزيل للقارئ اللبناني ونصف الرقم المفجع الذي يضبط نصيب القراءة في يوم المواطن السعودي. وتستدعي منا مثل هذه المقارنات البسيطة المضاعفة للقلق أن نتوخى استراتيجية جريئة وذات مبادارت وقرارات استثنائية. وفي هذا السياق نعتقد أن علاقة التونسي المتدهورة مع القراءة تستلزم جهدا مكثفا لحصول المصالحة أو بعض القليل منها. وقد يكون التفكير في جعل مكتبات المطالعة العمومية مفتوحة طيلة ساعات اليوم، يُحرض على القراءة مع زيادة عدد ساعات عمل مكتبات المعاهد العليا والكليات والجامعات وأن لا تغلق في أيام العطل خصوصا أن الطلبة والباحثين عموما ينتهزون أيام العطل للتقدم خطوات في بحوثهم. إن الدقائق المفجعة لقلتها تفرض على المهتمين بوضعية القراءة في بلادنا تبني عدة مبادرات ثورية وغير عادية فنحن في حالة أزمة حقيقية تجعل مستقبل المعرفة والعلم والانفتاح غامضا باعتبار أن الذي لا يقرأ ولا يراهن على المعرفة ومن لا يتخذ من الكتاب خير جليس، هو شخص من السهل جدا اختراقه بالأفكار الهدامة والضارة لصحة المجتمع التونسي ككل. ذلك أن ارتفاع معدل المطالعة الضمان الوحيد لوجود الحصانة اللازمة ضد كل الآفات و المعدل المثلج للصدور هو حجتنا الفريدة في تصورأن المستقبل مشرق كما المعرفة وآفاق النور التي تأخذنا إليها القراءة فنصبح أكثر عمقا وكفاءة في فهم الحياة والإنسان والآخر. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 جويلية 2009)
تعليق تونس نيوز:
في الولايات المتحدة الأمريكية لا تعلق المكتبات العمومية والجامعية إلا يومين أو ثلاثة في السنة (عيد الميلاد والعيد الوطني ورأس السنة) أما في العديد من البلدان الأوروبية فلا تغلق هذه المؤسسات إلا في أيام العطل الرسمية (وعددها محدود في العادة) أما في بقية أيام السنة فهي مُشرعة الأبواب بل هي مرحّبة بجميع المواطنين والطلبة والباحثين والزوار الأجانب بدون قيود أو فروق بين توقيت “شتوي” وآخر “صيفي”.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
العنف اللّفظي المسموع.. والمكتوب
بقلم: الأستاذ المنجي غريبي بالرغم من وحدة القواميس ومنابع العلم والمعرفة، فإن أسهم لساني الفم والقلم، تكشف عن قرائح “تتفنّن” في البحث عن الألفاظ الأكثر قرعا للأذن والأعنف في إيذاء المستهدف، وترهيب المتابع وترويعه. ولو أن القانون يعاقب على العنف اللّفظي بمختلف أشكاله في مواقع متعدّدة، فإن التطبيق يكشف أن “الممارسة الشعبية المتّسعة” لمثل هذا العنف جعلته يكاد يصبح أمرا مألوفا، مّما جعله أمرا واقعا قلّما يكون منطلقا للتقاضي. وتتحمّل السلطة العامّة جانبا من المسؤولية في تفشّي بعض الظواهر، لعدم إثارة تتبع الفاعلين والتصدّي لهم بوسائل الردع الّتي ينصّ عليها القانون. فبداية من أوّل خطوة في الشارع أو الطريق العام مرورا بالأماكن العمومية والخاصّة، ونهاية بمطالعة بعض ما يكتب في الصحف أو ما يشاهد أحيانا في الأجهزة المرئية، أصبح العنف اللّفظى ممارسة خطيرة قد يكون حان الوقت للحد منها قبل القضاء عليها. ولو أن الأمر يقتضي دراسات سيكولوجية للبحث عن كيفية تجفيف المنابع، فإن نصوص القانون التونسي لا تشكو نقصا في هذا المجال ولا يحتاج الأمر غير البحث عن آليات الوقاية والردع المناسبة. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 جويلية 2009)
النشرة الدورية للقائمة البريدية لموقع الشيخ عبد الرحمن خليف العدد 14 – حصاد شهر رجب 1430
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كلمة العدد: فضائل وبدع في شعبان الخطب: ** خطبة جمعة 18 ماي 1984 ( صوت ) : الإسراء و المعراج http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=3&tk=22 ** خطبة جمعة 8 مارس 2002 ( صوت و صورة ) : الإسلام دين الانضباط http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=news&n=216 ** خطبة جمعة 15 سبتمبر 2000 ( صوت و صورة ) : التعليم ليس تربية http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=news&n=217 ** خطبة جمعة 25 أوت 2000 ( صوت و صورة ) ما أشقى المحتالين على أحكام الله http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=news&n=221 دروس من السيرة : سلسلة الإسراء و المعراج ( خمسة دروس) http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=news&n=214 سلسلة حوار الحضارات : أي حوار؟ أي حضارات ؟ ( 8 دروس ) http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=news&n=195 سلسلة تفسير سورة البقرة ( 18 درسا) http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=news&n=158 المقاطع المتميزة : * تعبير رؤيا : المصلون يدخنون في جامع عقبة http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=237 * لهذه الأسباب أرفض القيام بصلاة الاستسقاء http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=244 * لا يجوز التوسل بالأموات ولو بالرسول http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=247 * رد على جهالات الشرفي حول خالد بن الوليد http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=250 * الشرفي يطعن في خالد بن الوليد و يثني على الإرهابي رابين http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=251 * احترس الاقتراب من المعاصي http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=252 * واقع الأمة من خلال قصة أصحاب السبت http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=253 * مقومات التصويت في اختيار من ينوبك http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=258 *حديث عن التدخين و نصائح لمن يريد الإقلاع . http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=4&td=15&d=257 الكتب العلمية : ** كتاب ” استشهاد الحسين لابن جرير الطبري” http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=news&n=226 ** كتاب ” مختصر كتاب الاعتصام للإمام الشاطبي ” http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=19&th=1#ls1 والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته تنبيه: نهيب بكافة الإخوة الذين يحتفظون بتسجيلات للشيخ رحمه الله أو بمقالات أو بأي إنتاج أن يمدونا به أو بنسخة منه و نعدهم بإرجاعه إليهم ,كما نرجو أن يبلغوا من يعرفون ممن يملكون هذه التسجيلات رغبتنا في الحصول على نسخ منها . ويمكنكم الاتصال بنا عن طريق بريد الموقع أو الهاتف أو الفاكس: 77228844 (216) ونذكركم بأن الدال على الخير كفاعله وبأن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً.
ماهو دور الصندوق الوطني للتامين على المرض “الكنام “
منظمة “الكرامة لحقوق الإنسان”، جنيف – سويسرا
28 يوليو 2009 الكرامة تعرب عن بالغ قلقها إزاء القرار الأخير الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمؤيد للحكومات القمعية بيان صحفي.
اجتمع يوم أمس، 27 تموز/ يوليو 2009، المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في جنيف، ونظر في تقرير اللجنة المعنية بالمنظمات غير الحكومية، المنبثقة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لشهر كانون الثاني / يناير 2009، واتخذ قرارا يقضي بتعليق لمدة سنة واحدة الصفة الاستشارية الذي كانت تحظى به اللجنة العربية لحقوق الإنسان، المنظمة غير الحكومية المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان في العالم العربي. وتجدر الإشارة إلى أنه في يوم 29 كانون الثاني/ يناير 2009، اجتمعت اللجنة المعنية بالمنظمات غير الحكومية، في نيويورك، وأوصت بتعليق عمل اللجنة العربية لحقوق الإنسان لمدة سنة واحدة، بناء على طلب تقدمت به البعثة الجزائرية الدائمة لدى الأمم المتحدة. واستندت شكوى الحكومة الجزائرية في ذلك على ظهور الممثل الدائم للجنة العربية لحقوق الإنسان آنذاك، المحامي رشيد مصلي، أمام جلسة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في جنيف يوم 10 حزيران/ يونيو 2008. ونذكر في هذا الصدد أن السيد مصلي يشغل أيضا منصب مدير الدائرة القانونية للكرامة، وهي منظمة غير حكومية تعني بحقوق الإنسان ويقع مقرها في جنيف بسويسرا. وفي ضوء ذلك تعرب الكرامة عن بالغ قلقها إزاء اعتماد المجلس الاقتصادي والاجتماعي قرار اللجنة المعنية بالمنظمات غير الحكومية (التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي). وكان اعتماد هذا القرار مجرد إجراء شكلي لا غير، لم يجر خلاله أي نقاش أو فحص للمعلومات المضللة التي قدمتها الحكومة الجزائرية إلى اللجنة المعنية بالمنظمات غير الحكومية، وبالإضافة إلى ذلك لم تقدم الحكومة الجزائرية أية أدلة تدعم بها الشكوى التي حظيت بدعم من المجلس الاقتصادي والاجتماعي دون أدنى تدقيق أو مساءلة. ومن شأن القرار المتخذ يوم أمس أن يقوَّض بشكل خطير مصداقية المجلس الاقتصادي والاجتماعي ولجنته المعنية بالمنظمات غير الحكومية، كما يشكل سابقة خطيرة، ذلك لأن هذا القرار معناه أنه بوسع الحكومات القمعية الآن تقويض، بسهولة أكبر، عمل المدافعين عن حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية التي ينتسبون إليها، ويجري ذلك كله تحت مظلة منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومن خلال تقديم معلومات مزورة و/ أو مضللة إلى لجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ويبدو للأسف الشديد أن عمل اللجنة المعنية بالمنظمات غير الحكومية يسير بطريقة مسيّسة، الأمر الذي أثار قلقا كبيرا حتى داخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي نفسه، حول طبيعة الوظيفة الموكلة إلى هذه اللجنة. فعلى سبيل المثال، صرح ممثل الولايات المتحدة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي يوم أمس “أن الولايات المتحدة توصلت إلى نتيجة مؤسفة مفادها أن بعض الوفود داخل هذه اللجنة تحاول استخدامها لكتم أصوات المنظمات غير الحكومية التي تعمل في إطار منظومة الأمم المتحدة، ممن لا ترضى عن توجهاتها.”، أما ممثل السويدي فقد قال، متحدثا باسم الاتحاد الأوروبي، “لقد ازدادت حدة معارضة بعض الدول إزاء منح الصفة الاستشارية للمنظمات التي تميزت بانتقادها لسجل تلك الدول في مجال حقوق الإنسان، أو التي لم توافق دول معينة على وجهات نظرها”. وليست هذه المرة الأولى التي حاولت فيها الجزائر إسكات صوت منظمة غير حكومية تتابع وتوّثق انتهاكات حقوق الإنسان، ففي عام 1997، اشتكى سفير الجزائر آنذاك، وبشكل علني من منظمة العفو الدولية، “آمنستي”، على تقريها الذي سجلت فيه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجزائر، و طلب السفير المذكور علنا بحرمان منظمة العفو الدولية من الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي. كما يشكل التهجم المجحف وغير المؤسس ضد السيد مصلي، وهو إحدى الشخصيات المدافعة عن حقوق الإنسان الذين يحظون باحترام كبير في هذا المجال، محاولة أخرى من جانب الجزائ! ر لإسكات صوت منتقدي سجلها في مجال حقوق الإنسان – وها هي الآن تخطو خطوة أبعد، بحيث تمكنت من تضليل المجلس الاقتصادي والاجتماعي تحقيقا لمآربها. وبناء عليه، ثمة أسئلة خطيرة وملحة تفرض نفسها بشأن مصداقية المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي اعتمد قرارا هاما بناء على مزاعم جهة ذات سجل قاتم في مجال الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، ألا وهي الحكومة الجزائرية، وذلك دون أي تدقيق من المجلس في هذه المزاعم. ومما يؤسف له أن خلاصة الأمر كله تفيد بأن الحكومة الجزائرية تمكنت في واقع الأمر من استغلال منظومة الأمم المتحدة وتسخيرها لخنق أي دعوى تثار حول المخاوف المشروعة بشأن سجل الجزائر المرعب من حيث انتهاكات حقوق الإنسان – وبذلك تكون منظومة الأمم المتحدة قد سمحت لنفسها بأن تتلاعب بها الحكومة الجزائرية. وما يزيد من الوضع سوءًا أن الحكومة الجزائرية نفسها تتجاهل باستمرار الطلبات التي تتقدم بها آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة – على سبيل المثال لطالما تجاهلت الحكومة الجزائرية الطلبات المتكررة لزيارة البلد المقدمة من قبل المقرر الخاص حول التعذيب والاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء وبدون محاكمة. كما أن هذه الحكومة لا تعلن أو تنشر الملاحظات الختامية التي تسجلها الهيئات المنشأة بمقتضى المعاهدات ونذكر أيضا أنه في الآونة الأخيرة تعرضت مؤسستها الوطنية لحقوق الإنسان إلى تخفيض من مركزها لِتُمنح بدله المركز “باء” من قبل لجنة التنسيق الدولية، نظرا لعدم مصداقيتها وعدم امتثالها لمبادئ باريس. ومع ذلك، فإن الشكوى المودعة من قبل الحكومة الجزائرية- التي تفتقر إلى أي أساس موضوعي – تم تأييدها بدون تدقيق من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مما أسهم في إلحاق ضرر جسيم بمنظمة غير حكومية محترمة ومعروفة بجديتها وتفانيها في العمل، بالإضافة إلى الإساءة إلى محامي معروف منحته الحكومة السويسرية حق اللجوء السياسي. ومن الواضح أن قلق الكرامة كبير فيما يتعلق بالحملة التضليلية المتعمدة من طرف البعثة الجزائرية الدائمة، الرامية إلى مضايقة ومحاربة السيد مصلي وما لذلك من تبعات خطيرة ليس فقط بالنسبة لزميلنا، ولكن أيضا بالنسبة لجميع المنظمات غير الحكومية التي تعمل في إطار الأمم المتحدة. كما نأسف لما سيخلفه هذا القرار من أثر سلبي على عمل اللجنة العربية لحقوق الإنسان، التي شاركت بنشاط مكثف وعلى نحو بناء في العمل مع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ولذلك فإن هذا القرار يصيب لب المجتمع المدني، القادر على التأثير والمشاركة في أعمال الأمم المتحدة وآليات حقوق الإنسان، وسيؤثر هذا القرار سلبا في مصداقية جميع الأعمال التي سيضطلع بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس حقوق الإنسان، في مجال حقوق الإنسان. عن الكرامة: الكرامة منظمة غير حكومية تهتم بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم العربي، وهي مؤسسة سويسرية مقرها جينيف ولها مكاتب فرعية وممثلين في بيروت والدوحة وصنعاء. تتعامل الكرامة مع مختلف آليات حقوق الإنسان الأممية بما فيها رفع شكاوى وتقديم تقارير للإجراءات الخاصة والهيئات التعاهدية وكذا الآلية الجديدة المتمثلة في الاستعراض الدوري الشامل. وتهدف الكرامة إلى العمل في إطار حوار بناء مع جميع الأطراف، بما فيها الدول، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، وجميع أعضاء المجتمع المدني. وتركز الكرامة على المجالات الأربعة التالية ذات الأولوية: الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء. وقامت الكرامة برفع الآلاف من الشكاوى إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، بما فيها أكثر من 1000 قضية عن المسألة الحساسة المتعلقة بالمختفين في الجزائر. وعلى سبيل المثال، في عام 2007 قدمت الكرامة أكثر من 90٪ من الحالات التي تم فحصها من قبل فريق العمل المعني بمسألة الاعتقال التعسفي في العالم العربي.
أجهزة الأمن تعتقل رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان
لندن- أعلن مصدر حقوقي سوري في بريطانيا أن الأجهزة الأمنية السورية اعتقلت رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية) المحامي مهند الحسني بعد استدعائه المتكرر للتحقيق معه خلال الأيام الماضية. وأبلغ رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان يونايتد برس إنترناشونال الخميس أن اعتقال الحسني قد يكون جاء على خلفية نشره لبيان تحدث فيه عن وفاة معتقل بظروف غامضة في السجون السورية ونشاطاته المستمرة في تغطية المحاكمات الإستثنائية التي تجري في محكمة أمن الدولة العليا بدمشق. وقال عبد الرحمن إن منظمات حقوقية سورية ستصدر بياناً مشتركاً يطالب السلطات السورية بالإفراج عن الحسني، والتوقف عن التضييق على نشاطات حقوق الإنسان وعن ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي التي تتعارض مع الدستور السوري والمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها سورية، والترخيص للجمعيات الحقوقية في سورية. والحسني من مواليد دمشق عام 1966 وعضو مسجل لدى فرع نقابة المحامين في العاصمة السورية منذ حوالي خمسة عشر عاماً، ويرأس المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية) منذ تأسيسها عام 2004. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 جويلية 2009)
تفكيك حركة تحرر وطني.. فتح نموذجا
ماجد كيالي لم تبدأ أزمة حركة فتح مع تصريحات أبو اللطف، ولا مع قرار عقد المؤتمر العام السادس لهذه الحركة في الأرض المحتلة، ولا مع تفرد محمود عباس بالموارد والقرارات، من موقعه كرئيس للسلطة والمنظمة وكقائد لفتح، كما أن هذه الأزمة ليست فقط نتاج تحول فتح نحو التسوية، ولا نتاج عقدها اتفاقات أوسلو وإقامة سلطة من دون إنجاز مرحلة التحرر الوطني فحسب. ما نقصده هنا هو أن أزمة حركة فتح، إضافة إلى كل ما تقدم، هي أزمة عضوية تطال بني هذه الحركة وعلاقاتها الداخلية وأشكال عملها، وقد بينا في مقالات سابقة كل ذلك (راجع مادتنا في الجزيرة نت 22/6). هكذا، فإن التساؤلات حول واقع هذه الحركة وضعف أهلية قيادتها لا تقتصر على ما طرحه أبو اللطف، وإنما هي أكبر وأعمق وأشمل بكثير، وهذه التساؤلات تضع قيادة الحركة كلها في موقع التساؤل، وبدون استثناء (أي بما في ذلك أبو اللطف نفسه) لأنها هي التي ظلت تتحكم في إدارة الساحة الفلسطينية، وتتصرف بمواردها، وهي التي حددت مساراتها وتوجهاتها، وهي المسؤولة عن وصول فتح إلى هذه الحالة من التردي وتراجع المكانة وضعف الدور. ومثلا، فمن المسؤول عن تهميش وتغييب منظمة التحرير الفلسطينية؟ ومن المسؤول عن هذا الضعف المزمن في المنظمات الشعبية والمؤسسات القيادية الفلسطينية؟ ومن المسؤول عن عقد اتفاق أوسلو وفرضه (من خلف الإطارات الشرعية) بكل الإجحاف المتضمن فيه (لا سيما بترحيل القضايا الأساسية مثل قضايا الاستيطان والقدس واللاجئين والحدود) لمجرد إقامة سلطة وظيفية؟. ومن المسؤول عن ضعف كيان السلطة وتحولها إلى مجرد جهاز خدماتي وأمني؟ ومن المسؤول عن تحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية تنازع على أراض بين “حقين” و”شعبين” وتحويلها في الأغلب إلى مجرد قضية إنسانية وحواجز وقضية جلب أموال من الدول المانحة؟. وبالنسبة لحركة فتح، فمن المسؤول عن حال التسيب والجمود و”الانفلاش” في هذه الحركة؟ ومن المسؤول عن صوغ حركة فتح على شكل بنية هلامية غير واضحة المعالم؟ ومن المسؤول عن غياب العلاقات الديمقراطية والمؤسسية والتعددية والروح الكفاحية في حركة فتح؟. ثم من هو المسؤول عن خسارة فتح للانتخابات التشريعية 2006؟ ومن هو المسؤول عن انهيار وضعها في قطاع غزة 2007؟ ولماذا لم تتم محاسبة المسؤولين عن هذا وذاك؟. ثم أين ذهبت أموال حركة فتح وكيف سيطر محمد رشيد (خالد سلام) على جزء كبير منها وما زال ولماذا؟ وكيف بات محمد دحلان يتحكم في تقرير مستقبل الحركة وبأي حق؟ ولماذا لا يتم الكشف عن عوامل المساندة التي تمكنه من ذلك؟ وكيف تم السكوت عن مساءلته عن ما بدر منه من مواقف وما قام به من أعمال إبان وجود الرئيس الراحل ياسر عرفات وبعده؟. طبعا، لا نقصد من هذا الكلام حصر معضلات الساحة الفلسطينية في هذه المشكلات، فهذه الساحة لم تشهد مرة في تاريخها مراجعة جادة ومسؤولة، لتجاربها المريرة وإخفاقاتها المزمنة من الأردن إلى لبنان، ومن تجربة الكفاح المسلح إلى تجربة الانتفاضة، إلى التجربتين الكيانيتين المتمثلتين بالمنظمة والسلطة. كما لم تجر مراجعة لأوضاعها وبناها وعلاقاتها الداخلية وأشكال عملها، وطرق نضالها. ولم تتم ولا مرة محاسبة أحد عن أي موقف أو قرار أضر بالعمل الفلسطيني. ولعل غياب المساءلة والمكاشفة، وغياب التفكير النقدي، هو الذي أسهم في وصول الساحة الفلسطينية (وضمنها فتح) إلى هذه الحالة من التردي، وهي التي تسهم في إشاعة الإحباط بين الفلسطينيين، على ما يعانونه من ويلات الاحتلال ومشكلات اللجوء والشتات. عموما، فإننا ونحن نضع كل هذه الأسئلة برسم حركة فتح وقيادتها ننطلق في ذلك من موقعها القيادي الذي تبوأته في الساحة الفلسطينية، على امتداد العقود الأربعة الماضية، بمعنى أن مسؤولية حركة فتح هي تماما بقدر موقعها القيادي، مع تقديرنا للدور الكبير الذي اضطلعت به من أجل إبراز القضية الفلسطينية وتأكيد حضور الشعب الفلسطيني وصوغ هويته الوطنية. كذلك فإننا هنا نميز بين التضحيات والبطولات التي قدمها الشعب الفلسطيني ومناضلو فتح (بما في ذلك قيادتها التي استشهد غالبيتها) وبين طريقة قيادة هذه الحركة في العمل. كما نميز بين الظروف الموضوعية الصعبة التي أحاطت بعمل هذه الحركة وبين عوامل القصور الذاتية فيها. والمؤسف أن الخلاف الظاهر بين قيادة فتح ليس له علاقة بالتوجهات السياسية التي تعتمدها هذه الحركة (برغم التباين الظاهر بين أعضائها)، ولا علاقة له بكيفية إدارة هذه الحركة للعمل الفلسطيني على صعيدي السلطة والمنظمة، والمقاومة والمفاوضة، كما ليس للأمر علاقة بتطوير هذه الحركة، أو إصلاح أوضاعها، لتمكينها من الإجابة على الأسئلة الجديدة التي بات يطرحها الواقع الفلسطيني، بتغيراته وتحولاته. فهذه القيادة لم تفعل شيئا على كل هذه الأصعدة. والأرجح، وبرغم الادعاءات السياسية فإن الخلاف بين أعضاء هذه القيادة هو حول المكانة والدور، بشأن تقاسم كعكة السلطة والقيادة في فتح والساحة الفلسطينية. الآن وبمعزل عن هذه التساؤلات التي دفع الفلسطينيون ثمنها باهظا من معاناتهم ودمهم وعمرهم، فإن ما يجري في الساحة الفلسطينية، وخصوصا في فتح، هو بمثابة إعلان عن الانتهاء من حالة والتحول إلى حالة أخرى. المعنى هنا هو أن حركة التحرر الفلسطينية انتهت عمليا بعد عقد اتفاق أوسلو 1993 كما أسلفنا، ولكن هذا التحول لم يجر الاعتراف به علنا، وكان الرئيس ياسر عرفات بشخصيته وطريقته الرمزية في العمل أخر هذا الإعلان، فبقيت الساحة الفلسطينية في حالة التباس بين حركة التحرر الوطني وحركة الاستقلال، وبين التسوية والمقاومة، وبين المفاوضة والانتفاضة. فيما بعد فإن غياب ياسر عرفات، وصعود أبو مازن، بفهمه وبما يمثله، عجل من مسار الانتهاء من الحالة السابقة للانتقال إلى الحالة الجديدة. وبكلمة أخرى فإن أبو مازن إنما يكمل مسيرة بدأت في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهي مسيرة تتأسس على انزياح وتآكل النظام الفصائلي، أو نظام حركة التحرر الوطني، بعد أن ضعفت شرعيته “الثورية” لتعذر استمرار الوظيفة النضالية التحررية التي تأسست عليها، وأيضا، بحكم انحسار الشرعية التمثيلية لمثل هذا النظام، كما بينت الانتخابات التشريعية 2006. فلم يعد من الممكن الاستمرار بادعاء المقاومة وممارسة السلطة تحت الاحتلال، ولم يعد بالإمكان طرح الشعارات الكبيرة والجلوس على طاولة المفاوضات، ولم تعد بالإمكان مصارعة إسرائيل والسعي للتنسيق معها في ما يتعلق بشؤون السلطة والشؤون الحياتية للفلسطينيين. وباختصار فقد أدى اتفاق أوسلو إلى تداعيات نوعية كثيرة، فثمة اليوم أجهزة أمنية مهمتها الحفاظ على الأمن بالتنسيق مع إسرائيل، وثمة علاقات وظيفية وعلاقات اعتمادية كبيرة بين السلطة والسلطات الإسرائيلية. على أية حال فما يعنينا هنا هو مراقبة التحولات التي ستطرأ على حركة فتح، التي انتقلت في مرحلة سابقة من حركة تحرر وطني إلى حركة تسعى للاستقلال على جزء من التراب الوطني، ومن حركة تتوسل بالكفاح المسلح لتحرير الأرض واستعادة الحقوق، إلى حركة تتوسل بالتسوية والمفاوضات لتحقيق ذلك، ومن حركة تعتمد على الجماهير في فرض شرعيتها، إلى حركة تعتمد على السلطة لتثبيت هذه الشرعية. وتفيد هذه التحولات أن فتح يمكن أن تنقلب على ذاتها (بوعي أو من دونه)، لضعف مرتكزاتها المؤسسية والتمثيلية، وافتقادها لعلاقات ديمقراطية وحياة داخلية حقيقية، وارتكازها في تعزيز شرعيتها على عوامل الهيمنة والسلطة (العسكرية والسياسية والمالية) أكثر من عوامل الإقناع والمشاركة السياسية. ومن الجدير ذكره أن التحول الذي شهدته حركة فتح ليس حالة استثنائية وإنما هو تأكيد لمسارات تجارب حركات تحرر وطني أخرى في العالم الثالث (الجزائر واليمن الديمقراطي والأحزاب التي استلمت السلطة في عديد من البلدان العربية وصولا إلى بلدان المنظومة الشيوعية سابقا). فالحركات والأحزاب التي كانت تتوسل بالجماهير للوصول إلى الشرعية وحيازة القوة والسلطة ارتدت على هذه الجماهير، والشعارات التي أشهرتها وضعت على الرفّ، بل وجرى التحول نحو عكسها. أما النظام السياسي الذي تم بناؤه فهو كناية عن سلطة (بغض النظر عن شكلها)، لا تخضع في معظم الأحوال لا لقانون ولا لمراقبة ولا لمحاسبة. وقد ولجت حركة فتح هذا المسار بتحولها إلى حزب للسلطة، بعد اتفاق أوسلو، وتخليها عن طبيعتها كحركة تحرر وطني (قبل إنجاز هدف إنهاء الاحتلال) أي في ظل قيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي فرض نفسه حينها رئيسا وقائدا وزعيما للمنظمة والسلطة وفتح والشعب في الوقت ذاته (من دون التبصر بعواقب ذلك) على القضية وعلى حركة التحرر الفلسطينية بما فيها حركته فتح، ما أدى إلى حصول هذا الالتباس بين مشروعي السلطة والثورة، وبين طبيعتي ووظيفتي حركة التحرر والحزب الحاكم. وما فاقم من هذه الإشكالية الفوضى السياسية والتنظيمية في حركة فتح ذاتها، طريقة عمل ياسر عرفات الأبوية والمزاجية، وتغييب المؤسسات القيادية، وتعظيم الشللية ومراكز القوى، وتفشي علاقات الفساد والمحسوبية والزبائنية في العمل الفلسطيني. هكذا، فإن ياسر عرفات برغم كل ما له، يتحمل مسؤولية التحول في بنية فتح والمنظمة وتهميشهما لصالح السلطة، كما يتحمل مسؤولية بناء النظام الفلسطيني -وضمنه كيان السلطة- على قواعد نبذ الروح المؤسسية والنقد والمراجعة والمحاسبة، لصالح واقع التسيب والترهل والفساد ومراكز القوى (في فتح والسلطة)، وما يقوم به أبو مازن ليس إلا استمرارا لهذا المسار وتقنينا له فحسب. ويستنتج من كل ما تقدم أن الساحة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو وقيام السلطة عام 1993، وبعد التداعيات الناجمة عن تعثر عملية التسوية واندلاع الانتفاضة والمواجهات المسلحة منذ عام 2001، وأيضا بعد صعود حركة حماس وانقسام الكيان الفلسطيني 2007، باتت مادة سهلة بل وقابلة لإعادة التفكيك. والمشكلة أن إعادة التفكيك هذه تجري بفعل قوى داخلية وحوامل خارجية، وهي تختلف عن عملية المراجعة وإعادة الصياغة التي تضطلع فيها القوى الداخلية بالدور الرئيس، ويكون موضوعها المراجعة النقدية وإعادة البناء والتطوير. الآن، ربما ثمة سؤال يطرح نفسه عن قدرة أبو مازن على السير في هذا المشروع، بغض النظر عن تقييمه سلبا أو إيجابا. وفي هذا المجال يمكن القول بأن أبو مازن يمتلك كل أوراق القوة الداخلية والخارجية للمضي في تنفيذ قراراته وتوجهاته في فتح والسلطة، خصوصا أنه هو والاتجاه المؤيد له من يسيطر على الأرض ويتحكم في معظم موارد النظام الفلسطيني المالية والأمنية والسياسية، من موقعه كرئيس للمنظمة والسلطة وكقائد لفتح، فضلا عن عوامل الإسناد الخارجي. وما يعزز من قوة أبو مازن ومن معه أن القوى المنافسة له في فتح ضعيفة ولا تمتلك شرعية، وليس لديها مشروع سياسي البتة، في حين أن القوى السياسية الأخرى تعاني من ضعف الإمكانيات وتراجع الشعبية والشرعية. بناء عليه فإن الساحة الفلسطينية، ربما -في المرحلة المقبلة- تنقسم على الأرجح بين مشروعين سياسيين، مشروع أبو مازن ومشروع حركة حماس إلى حين تبلور منبر فلسطيني جديد أو بديل آخر، وهما مشروعان مأزومان ومشوهان، لأنهما يتأسسان على السلطة في واقع لا سلطة فيه فوق الاحتلال. من المفارقة أن حركة فتح التي دشنت الوطنية الفلسطينية المعاصرة هي ذاتها التي تمهد لتدشين مرحلة جديدة لا يعرف أحد طبيعتها أو تداعياتها على شعب فلسطين وقضيته وحركته الوطنية. (المصدر: ركن “المعرفة” بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 26 جويلية 2009)
الإقتصــاد في الإعتقــاد والحداثـة المقلوبــة
بقلم: حسن الطرابلسي (*) – باحث تونسي مقيم بألمانيا “الإقتصاد والإعتقاد” هو أحد كتب الإمام أبو حامد الغزالي، الذي ولد بطوس، ثاني مدن خراسان بعد نيسابور، سنة 450 هـ/1058م وكان والده يغزل الصوف ويبيعه، فلمّا حضرته الوفاة أوصى به وبأخيه أحمد إلى صديق صوفيّ من أصدقائه ورجاه أن يقوم على تعليمهما، وترك له نصيبا من المال، ولمّا نفذ المال نصح الصوفي الغزالي وأخاه بالإنتقال إلى مدرسة من مدارس طوس لأنه غير قادر على الإنفاق عليهما. فتعلّم الغزالي هناك ثم قدم نيسابور ولازم إمام الحرمين واجتهد حتى بدع المذهب والخلاف والأصلين والجدل والمنطق وقرأ الحكمة والفلسفة، وفهم كلام أرباب هذه العلوم، وبعد وفاة أستاذه في سنة 478 هـ/1085 دخل في خدمة الوزير نظام الملك، ثمّ أصبح سنة 484 هـ/1091 مدرّسا في المدرسة النظامية في بغداد. وبعد أربع سنوات، نال فيها شهرة واسعة، اعتزل التدريس وغادر بغداد ودخل في فترة من العزلة دامت حوالي عشر سنوات. في هذه الفترة أدى فريضة الحج وزار القدس وأقام في مسجد دمشق. وفي سنة 499 هـ/1107 عاد من جديد إلى التدريس في المدرسة النظامية ولكنه سرعان ما غادرها في سنة 500 هـ/1107 وعاد بشكل نهائي إلى مسقط رأسه طوس حيث أسس زاوية صوفية ومدرسة للعلوم الدينية. وتوفّي بطوس سنة 505 هـ/1111 م. وقد نال الغزالي في حياته شهرة كبيرة وعدّ مجدد المائة الخامسة وحصل على اسم “زين الدين” و”حجة الإسلام”. ولا يزال تأثيره متواصلا إلى اليوم. والغزالي كاتب غزير التأليف دوّن في فنون عديدة، كالفقه والأصول والخلاف وعلم الكلام والمنطق والفلسفة وتصدى لأرباب هذه العلوم للردّ عليهم وإبطال دعاويهم وصنّف في كلّ فن من هذه العلوم كتبا أحسن تأليفها.
الإقتصـــاد في الإعتقــاد الإقتصاد في الإعتقاد” هو آخر كتاب ألفه الإمام الغزالي قبل تخليه عن التدريس في النظامية ودخول العزلة، وجاء تأليفه بعد “مقاصد الفلاسفة” الذي عرض فيه الغزالي آراء الفلاسفة بموضوعية وحيادية، كما ألفه بعد “تهافت الفلاسفة” الذي قوض فيه صرح الفلسفة وسفه نظرياتها. ففي التهافت قسم حجة الإسلام موضوعات الفلسفة إلى عشرين مسألة كفر الفلاسفة في ثلاث منها وهي قولهم بقدم العالم، وبعلم الله بالكليات دون الجزئيات، وبعدم حشر الأجساد، وبدّعهم في المسائل السبع عشرة الباقية. وهكذا يكون تأليف “الإقتصاد في الإعتقاد” بعد الكتب المذكورة وقبل “إحياء علوم الدين” و”المنقذ من الظلال“. ويدرج ميشل ألاّر في البحث الذي نشره بويج سنة 1959 كتاب الإقتصاد في الإعتقاد ضمن الكتب العقدية للغزالي وهي كتاب “قواعد العقائد” و”الرسالة القدسية”، ويعتبر، أن الإقتصاد أكثرها تطوّرا. ومع الإقتصاد بدأ الإستقلال الفكري للغزالي يظهر، فهو ولئن ضل اشعري العقيدة شافعي المذهب إلا أنه لم يكن منغلقا على مذهبه الفقهي والعقدي، لذلك نجد له موقفه الخاص من بعض المسائل والتي تبنى فيها آراء مذاهب اخرى من مثل تغليبه لموقف مالك في مسألة المياه، كما نراه يختلف مع الأشعري والباقلاّني ويرد في “فيصل التفرقة” على من يحتج على هذا النقد، ويتبنى بذلك موقف الإمام مالك القائل بان كل يأخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر أي الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم. أهم مواضيع الإقتصـاد في الإعتقــاد أعتبر الغزالي في “الإقتصاد” أن من اتبع ظاهر النصّ قد قصّر في الإعتقاد كما أن من اعتمد على العقل قد جانب الرشاد. ثمّ بيّن أنّ الحقّ هو التوفيق بين العقل والنقل”فمثال العقل البصر السليم عن الآفات ومثال القرآن الشمس المنتشرة الضياء” و”المعرض عن العقل مكتفيا بنور القرآن. مثاله المتعرّض لنور الشمس مغمضا للأجفان، فلا فرق بينه وبين العميان. فالعقل مع الشرع نور على نور”1 ويحتوي الكتاب على أربع تمهيدات وعلى أربعة أقطاب وأنّها “تجري مجرى المقاصد والغايات”. وهذه الأقطاب مقصورة على النظر في الله. القطب الأول محوره النظر في ذات الله تعالى وبيان وجوده. القطب الثاني يختص بالنظر في صفات الله تعالى. والقطب الثالث يهتمّ بالنظر في أفعال الله تعالى. والقطب الرابع في رسول الله وفي إثبات نبوته، وفيما ورد على لسانه والحديث عن الإمامة وبيان قانون التكفير. وختم الغزالي كتابه بالتأكيد على أنّه بحث في التأصيل دون التفصيل والهدف من ذلك إظهار الإقتصاد في الإعتقاد وحذف الحشو والفضول المستغنى عنه وأحال في العديد من القضايا التي تستوجب تفصيلا إلى كتبه خاصة منها “تهافت الفلاسفة” و”المستظهري“. ويعكس الكتاب وجهة نظر تقوم على التوسط والإعتدال يحاول من خلالها الغزالي عرض وجهة نظر أهل السنة والجماعة بطريقة تجمع بين العقل والنقل بعيدة عن تقصير الحشوية وجمودهم على التقليد، ونقية من أخطاء الفلاسفة والمعتزلة الذين مجدوا العقل فجانبوا الصواب. مفهوم الإقتصاد في الإعتقاد عند الغزالي يعتبر الغزالي أن “الإقتصاد في الإعتقاد هو التأكيد المهم الذي لا بدّ منه في صحة الإعتقاد”2″كما أن الإقتصاد في الإعتقاد هو إبراز الذي لا بد منه في صحة الإعتقاد وأما ما يخطر على البال فلا معصية في عدم معرفتها وعدم العلم بأحكامها”3. فالإقتصاد في الإعتقاد إذا هو اتباع التعاليم الأساسيسة والضرورية في صحة العقيدة دون تتبع التفصيلات والتدقيقات التي يرى الغزالي حصرها فقط على الخاصة ممن تسمح لهم إمكانياتهم العلمية والمعرفية تتبعها دون التيهان وراء نقاشات الفرق، الشيء الذي لا يؤمن عليه عند العوام الذين اعتبر أن الأسلم لهم هو الخطاب الوعظي القائم على الأسلوب الخطابي وأيراد القصص والأمثلة المحببة والمحرّضة على فعل الخير والصلاح وأما الخوض في القضايا الكلامية والفلسفية فيجب منعهم منه ولو بالشدة والقسوة ويضرب لذلك مثل عمر بن الخطاب الذي كان يضرب المجادلين في آيات القرآن بالدرة. وعنده أن أهل السنّة والجماعة هم أهل “الإقتصاد في الإعتقاد” لأنّهم “اطلعوا على طريق التلفيق بين مقتضيات الشرائع وموجبات العقول، وتحققوا أن لا معاندة بين الشرع المنقول والحقّ المعقول”4، ويزيد الفكرة بيانا بقوله “فمثال العقل البصر السليم عن الآفات والأذى، ومثال القرآن الشمس المنتشرة الضياء. فأخلق بأنّ يكون طالب الإهتداء، المستغنى إذا استغنى بأحدهما عن الآخر في غمار الأغبياء. والمعرض عن العقل مكتفيا بنور القرآن مثاله، المتعرّض لنور الشمس مغمضا للأجفان، فلا فرق بينه وبين العميان. فالعقل مع الشرع نور على نور. والملاحظ بالعين للعور لأحدهما على الخصوص، متدلّ بحبل غرور.”5 والإقتصاد في الإعتقاد هو عدم “الإشتغال بالفضول، مع تضييع المهمّات والأصول” ومن يفعل ذلك فمثله عند الغزالي مثل من لدغته حيّة وهي معاودة اللدغ وهو عوض أن يقتلها ينظر إن كانت جائته عن اليمين أو عن الشمال6 . وهكذا يحدد الغزالي طبيعة العلاقة بين النص والعقل ويبرز انها علاقة تكامل لا تعارض وأن إجتماعهما معا “نور على نور” فالإكتفاء فقط بالنص تقصير والإكتفاء فقط بالعقل نقيصة ولكن الأساس هو الإعتماد عليهما معا، وكانت هذه المبادئ التي بينها الغزالي منهجا عاما للعقل الإسلامي. فابن رشد سار على نفس المنوال عندما أكد أنه لا تعارض بين الحكمة والشريعة وأنهما أختان شقيقتان هدفهما واحد ولكنّهما مختلفتان في المنهج والطريقة. ونفس هذه الفكرة أكّدها بعدهما الإمام ابن تيمية في درئه التعارض بين صحيح المنقول وصريح المعقول. فالذي يحيد عن الإقتصاد تائه لا يقدر أن يحدد أولوياته ولا يستطيع بالتالي أن يحقق جوهر الدين وإنما يشتغل بالفضول وسفاسف الأمور ولا يستطيع تحديد القضايا والإشكاليات المركزية التي يمكن أن يدلي فيها بدلوه ويحدد فيها الموقف السليم الذي يمكن أن يزيل عقبة في طريق التمكين للدين، وفي هذا المستوى يتجلى لنا بوضوح أهمية قضية الإقتصاد في الإعتقاد عند الغزالي وكأنّه يتحدث عن قضايا واقعنا المعاصر . النتائج العملية التي نخلص إليها بعد دراستنا للإقتصاد في الإعتقاد هي: أننا إذ نقوم بالبحث في “الإقتصاد في الإعتقاد” فليس فقط لتعريف القرّاء بهذا الكتاب المهم وإنّما نحاول استخراج نتائج عملية تساعدنا على حلّ مشكلات الواقع المعاصر في الفكر والحضارة، في السياسة والإجتماع.. وأهمّها ترسيخ معنى الإقتصاد في الإعتقاد داخل بنية العقل المسلم في مجالات العقيدة، والفلسفة، والتاريخ والإنسان وفقه الأولويات، إضافة إلى أن الإقتصاد يقدم درسا بالغ الأهمية للمسلمين المقيمين في الغرب، لأنم مطالبون، قبل غيرهم، بإعتماد الإقتصاد في إعتقاداتهم وتتبع الوسطية الإسلامية وتجنب الغلوّ وفهم الواقع لتنزيل النص عليه. فالمنهجية السائدة والقائمة على استيراد النصوص والفتاوى من البلاد الإسلامية وتنزيلها في الغرب، قد أثبتت فشلها. ولقد عايشت حالات عديدة من اختلال الخطاب، بين الفقيه أو الواعظ القادم من الدول العربية وغير المحيط بقضايا المسلمين في الغرب إذ تجده يفتي ويحاضر عن موضوعات لا تمس بأي حال قضايا جمهوره مما ساهم في ضعف فاعلية المساجد وأدى إلى تهميش الجمعيات الإسلامية وأضعف قدرتها التاطيرية للمسلمين، خاصة لدى الشباب، الذين وقعوا بين فكّي كماشة. فإمّا الذوبان في المجتمع وإما الإنغلاق على الدروس المسجدية غير ذات الصلة بالواقع. فغدت مساجد وجمعيات كثيرة تنتج خطابا مغلوطا متعاليا على الواقع، بحيث أننا يمكن أن نصف هذا المنهج بأنه “حداثة مقلوبة” لأنه خطاب لا صلة له بالواقع، فهو نسخة مزيفة للإسلام في البلاد العربية والإسلامية. إن إنتاج العقل المسلم في الغرب هو اجترارا لما يرفضه المسلمون في البلاد الإسلامية من تنزيل للحداثة الغربية هناك دون وعي بالتغيرات الحضارية والتاريخية والدينية مما جعل مشاريع التحديث العربية والإسلامية تبوء بالفشل. وهذه المنهجية، القائمة على الإستيراد، لا تستطيع أن تبني، بل إنها تهدد أجيال المستقبل. ومهما حاولت بعض السفارات العربية والإسلامية، ضخ أموال طائلة وبناء مساجد رائعة، فإنها إذا لم تعتمد شيئا من الإقتصاد في التفكير سوف لن يتجاوز ما تبنيه تحفا معمارية جميلة. كما أن الجمعيات الدينية التي تستقدم مشايخ ومحاضرين، رغم كفائتهم وشهائدهم العلمية العالية، تبقى قاصرة على ملامسة هموم الشاب المسلم في الغرب لأن هؤلاء الوعاظ والشيوخ لا قدرة لهم على فهم الواقع الأوربي، لجهلهم باللغات المحلية وبتاريخ وعادات وتقاليد الشعوب التي يقيمون بين ظهرانيها ويمارسون فيها الدعوة. ولذلك فإن كل المشاريع التي قامت على هذه المنهجية باءت بالفشل سواء كانت في تعليم الدين أو حتى في تعليم اللغة العربية لأنها ببساطة مشاريع لا تتوجه إلى عموم المسلمين فلم تساعد الأطفال والشباب على الإندماج وتحول دون ذوبانهم بل أدت في حالات كثيرة إلى خلق صراع بين هويتين متناقضتين يعيشهما الشاب: أحداهما للحياة المدنية والأخرى للحياة المدنية. فيكون الشاب مثقفا مدنيا في مؤسسة شغله أو في جامعته، رعويا بدائيا ومهمّشا عندما يزور المسجد. ولهذا فأن مفهوم “الإقتصاد في الإعتقاد” هو الحلقة المفقودة لدى أغلب المسلمين المقيمين في الغرب ومن هنا تصبح مهمة التأسيس لإسلام معتدل ومتوازن ووسطي مسألة هامة وملحة يمكن من خلالها الإرتقاء بالذوق الجمالي والرقي بالخطاب الدعوي. أن المسلمين في الغرب ولأن قاموا بالكثير في مستوى العقل العملي، وأنجزوا بعض الشيء في مستوى العقل النظري فإنهم لم ينجزوا شيئا في مستوى الإستيتقا والوعي الجمالي، ولذلك بقي الإسلام دينا أجنبيا لأن الذين يعتنقونه أجانب، وبقي مهمشا لأن الذين يتبعون تعاليمه يعيشون على هامش المجتمع. 1- الإمام الغزالي: الإقتصاد في الإعتقاد، قدم له وعلق عليه وشرحه الدكتور علي بوملحم، دار ومكتبة الهلال، الطبعة الأولى 1993، ص 28ـ29 2- الإمام الغزالي: الإقتصاد في الإعتقاد، قدم له وعلق عليه وشرحه الدكتور علي بوملحم، دار ومكتبة الهلال، الطبعة الأولى 1993، ص 240 3- الإقتصاد، ص 240 وما بعدها 4- الإقتصاد، ص 27 5- الإقتصاد، ص 29 6- الإقتصاد، ص 38 (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 29 جويلية 2009)
أكدتها الأحكام الصادرة ضد قيادات حزبية وسياسية إسلامية ضمن خلية “بلعيرج” أزمة “عدم الثقة” تتجدد بين الدولة وإسلاميي المغرب
عبد الرحمن خيزران الدار البيضاء- أزمة “عدم الثقة” تجددت بين الدولة المغربية والإسلاميين.. تلك هي الرسالة الأبرز التي كشف عنها عدد من الباحثين السياسيين والخبراء المغاربة في قراءتهم للأحكام التي أصدرها القضاء الثلاثاء بحق قيادات حزبية إسلامية وشخصيات إعلامية متهمة في قضية “خلية بلعيرج” وتراوحت بين 20 و25 سنة. ورأى هؤلاء الخبراء في تصريحات خاصة لـ”إسلام أون لاين.نت” أن “الأحكام التي صدرت في خلية بلعيرج توجه عدة رسائل لجهات خارجية وداخلية وإن كان على رأسها مختلف أطراف الحركة الإسلامية في المغرب”. والأحكام التي صدرت هي 25 سنة نافذة لكل من: المصطفى المعتصم (الأمين العام لحزب البديل الحضاري المنحل)، ومحمد أمين الركالة (نائب الأمين العام للحزب نفسه)، ومحمد المرواني (الأمين العام لحزب الأمة المحظور)، في حين حكم على كل من: عبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار اللبنانية، وماء العينين العبادلة عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الإسلامي بـ20 عاما سجنا نافذا. وتعليقا على هذه الأحكام قال الإعلامي والباحث السياسي مصطفى الخلفي: “الرسائل أو الخلاصات التي يمكن التوقف عندها هي ثلاث: خلاصة سياسية، إذ إنها أحكام سياسية تكشف عن أزمة حقيقية في تدبير العلاقة مع التيار الإسلامي المعتدل والمندمج أو الراغب في الاندماج في المؤسسات القائمة عنوانها الأبرز هو عدم الثقة، وهي أحكام تؤكد أن هناك توجهات نحو منع مزيد من الانفتاح على هذا التيار”. أما الخلاصتان الأخريان فهما حسب الخلفي “خلاصة أمنية: إذ إن الملف كان ضعيفا لا يملك قدرة إقناعية، وهو ما يبرز أن السياسية الأمنية تعاني مشاكل حقيقية، وخلاصة قضائية: حيث كشفت الأحكام عن أزمة عميقة في استقلالية الجهاز القضائي، إذ إن الأحكام لم تأخذ بعين الاعتبار مرافعات الدفاع وتأثرت بالمواقف المعلنة من قبل وزير الداخلية والاتصال ثم خطوة الوزير الأول بحل حزب البديل الحضاري”. أزمة “عدم الثقة” ورأى الباحث المغربي أن الملف ككل “يبرز أزمة عدم الثقة بين الدولة والإسلاميين وهو مشكلة قديم منذ الثمانينيات، حيث تولد مع حركة الشبيبة الإسلامية (التي انبثقت منها حركة التوحيد والإصلاح التي انخرطت في حزب العدالة والتنمية)، لكنه كان قد بدأ يتجاوز مع اعتماد غالبية الحركة الإسلامية العمل السلمي والمدني منذ نحو عقدين واتجاه جزء منها نحو خيار المشاركة السياسية والانخراط في المؤسسات الرسمية، لكن ثمة ضعف في التفاعل الإيجابي مع هذه الخطوات وهو ما لا يخدم النموذج الذي يريد المغرب أن يقدمه”. وخلص الخلفي في نهاية تحليله إلى القول بأن “بناء الثقة يرتكز على الممارسة وبناء دولة الحق والقانون، إذ لو أن المحاكمة كانت عادلة لما طعن فيها أحد، ولذا ينبغي أن نتقدم نحو استرجاع هذه الثقة”. أما المحلل السياسي عمر إحرشان فقد رأى أن “هذا الحكم رسالة لكل من أراد الاندماج في الحياة السياسية الرسمية بأن عليه ألا يناقش أو يقاوم الاختيارات المرسومة مسبقا، وأن دوره محدود سلفا وهو أن يكون واجهة لتزيين مؤسسات قائمة لا تحتاج إلا لمن يملؤها”، واسترسل بالقول “ولذلك فكلما رفع سقف مطالبه أو طالب بتوسيع هامش حركته كان نصيبه التضييق والتهميش والمحاكمات، وهذا الحكم فضلاً عن الضغوط التي يتعرض لها العدالة والتنمية مثال واحد فقط للعبرة”. الدولة تحكم قبضتها واعتبر إحرشان أن للحكم رسالة أخرى “تتمثل في أن الدولة ما زالت تتحكم في كل شيء وتُحكم قبضتها على كل شيء، ويمكن أن تصدر في حق من يعارضها أحكاما قاسية وغريبة دون خوف من أحد، وهذه رسالة إلى كل المعارضين بأن النظام لا يهمه الاحتجاج أو التقارير الدولية المنددة بسلوكياته”. وألمح إلى التوقيت الذي صدرت فيه الأحكام بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى العاشرة لحكم الملك محمد السادس، واستنتج من ذلك “الارتباك الحاصل في تدبير الملف، وهو ارتباك كان واضحا منذ البداية حيث أدانت تصريحات وزير الداخلية ووزير الاتصال المعتقلين حتى قبل محاكمتهم”. “اللعب بالنار” بدوره قال “محمد ضريف” أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في الحركات الإسلامية لـ”إسلام أون لاين.نت”: إن “منطق الرسالة واضح جدا وموجه إلى كل أطراف الحركة الإسلامية ليحذرها من اللعب النار، بمعنى أن اعتقال مسئولي حزب البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة، وهم الذين حرصوا على تقديم إسلام معتدل وديمقراطي وصورة جديدة من خلال تعاون الإسلاميين مع اليساريين والديمقراطيين، يفيد بأن المكونات الأخرى التي تقع على يمين البديل والحركة من أجل الأمة عليها القبول بقواعد اللعبة السياسية”. وأوضح بأن المقصود هي “الحركات التي تنتهج شعار الاعتدال –حركة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان-، والتي لا يعني بالضرورة الشعار الذي ترفعه أن الدولة قد تتعامل معها بشكل محكوم بمنطق الثقة بل بنوع من الحذر، لأن الأصل في هذه العلاقة هي أنها يشوبها الحيطة والحذر”. وبرغم أن قضية بلعيرج والأحكام الصادرة فيها تعني الجميع فإن ضريف رأى أن هناك “رسالة خاصة من الدولة إلى الحركة الإسلامية بأن عليها أن تبذل جهدا مضاعفا حتى لا يتسلل بعض العناصر إلى صفوفها بحثاً عن غطاء سياسي لتنفيذ أعمال تخريبية”. الحرب على الإرهاب من جهته خلص المحلل السياسي “محمد شقير” إلى رسالتين أساسيتين من هذه الأحكام “رسالة موجهة إلى الطرف الداخلي، وتحديدا إلى القوى الإسلامية خاصة المعارضة منها، مفاد الرسالة أن السلطة لا تتساهل مع أي تحرك أو أي تنظيم يلتجئ للكفاح المسلح وهذا ما أثبتته الأحكام القاسية الصادرة”. واسترسل موضحا: “السلطة هنا تقول إنها لن تقبل أن يتم استدراجها والتمويه عليها، بحيث تسمح بإدماج بعض الحركات ثُم يتبين بأن هذه الحركات تلعب على حبلين، فهي رسالة واضحة إلى القوى الأخرى بأن تبتعد عن الازدواجية في العمل بين العلني والسري أو اعتماد العنف سواء بشكل مباشر أو غير مباشر”. أما الطرف الثاني الموجهة إليها الرسائل فهو حسب شقير “الخارج، ومفادها أن المغرب ما زال يواصل سياسة التعاون مع القوى الأجنبية وخاصة الولايات المتحدة فيما يعرف بالحرب على الإرهاب والتشديد على الحركات الإسلامية”. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 30 جويلية 2009)
د. عبد الجليل التميمي: هناك كنوز معرفية لم يطلع عليها أحد في أرشيف تركيا
كمال الكافي – تونس * تعمل مؤسستكم منذ سنوات على الاهتمام بقضايا تاريخية معقدة.. لِمَ هذا الاهتمام بالتاريخ وإعادته بهذا الشكل وبهذه الجرأة؟ هي ليست جرأة؛ بل يدخل في سياق ومساقات تخصصنا، فأنا متخصص في التاريخ العثماني، والتاريخ الأندلسي، وبعد أن وفّينا هذين الاختصاصين ما يستحقان من اهتمام، وأصبحنا على الصعيد الدولي من أهم المنابر العلمية الأكاديمية بفضل ما نشرناه، حوالى 1800 دراسة في العهد العثماني و600 دراسة عن فترة الموريسكيين الأندلسيين، نجاحنا في هذين الحقلين جعلنا نهتم أيضًا بمجالات أخرى، التاريخ المعاصر للمغرب العربي، والحقيقة الذي كان وراء هذا هو حادثة بسيطة جدًّا حيث طلب مني أحد الأساتذة الأتراك أن أدله على كتاب حول تاريخ الرئيس بورقيبة وحينها لم نجد شيئًا عنه، واستغربت، فبورقيبة يمثل جزءًا حسّاسًا وهامًّا من تاريخ تونس، ولابد أن نهتم به، وكذلك نهتم بالتاريخ المعاصر وهي فترة حرجة من الاستقلال، واهتممنا به لأن كل أرشيفات الدولة ليس فقط في تونس، بل في المغرب العربي، وفي الوطن العربي أرشيف الدولة مغلق، أرشيف الداخلية مغلق، أرشيف الرئاسة مغلق، أرشيف العدالة مغلق، فبقى لنا شيء واحد غير مغلق، وهو أرشيف الصدور أي أرشيف الشخصيات التي صنعت الاستقلال، وبنت الدولة، وتعرف خفايا ومعلومات خطيرة جدًّا، ومن خلال هذا الاستشراف، ومن خلال دعوة حوالى 250 شخصية تونسية ومغاربية نقابية وسياسية وثقافية وجامعية، كلهم دعوناهم ليذكروا لنا هل ساهموا في بناء الدولة، ومن خلال هذا الحوار اكتشفنا معلومات جوهرية، هنا يأتي سؤالك؛ صحيح هناك جرأة، وهناك اختراق للمجهول، واستطعنا أن نكسب من خلال الحوارات معلومات جوهرية، ويبدو لي أن قاعدة البيانات التي أنشأناها أساسية ومهمة جدًّا لفهم التاريخ المعاصر في تونس، وأنا أدعو بقية البلاد العربية أن تسير على هذه التجربة التي أثبتت جدواها وفاعليتها. البحث عن الحقيقة * في ضوء ما تذكرونه من «جرأة» هل سبّب لكم ذلك بعض المشاكل مع الشخصيات السياسية؟ رسالتي إلى الجميع، إلى الدولة، إلى الجامعيين وإلى رجال الفكر، وإلى السياسيين بأننا دعاة حقيقة ولسنا مع أو ضد، نحن نقوم بدورنا كمؤرخين والمؤرخ وظيفته أن يفتش، أن يعثر على المعلومات، هذه المعلومات صعب أن تجدها إلاَّ إذا فتّشت عنها، فنحن فتّشنا عنها وحصلنا عليها، صحيح وقعت لنا الكثير من الرؤى المتقاطعة، وحصدنا مشاكل مع بعض الشخصيات لا شك في ذلك، هذا طبيعي جدًّا، لكن الجميع اقتنع بما فيهم القائمون على الدولة، ونحن نريد أن نصالح التونسيين مع تاريخهم، مع زعمائهم، بفتح قضايا مهملة تمامًا لم يثرها أحد، لأنه من سوء الحظ أقولها بكل أمانة ما يكتبه الأستاذ السيد محمد الصياح هو أحادي الجانب فقد كان تقريبًا المؤرخ الرسمي للرئيس بورقيبة، هناك أشياء كثيرة غيّبت لا نعرف عنها شيئًا ما يُسمّى غير المسجل أو غير المعروف أصبح كثيرًا، نحن بالعكس في هذه التجربة العلمية الرائدة، نحن أعطينا الكلمة للجميع، كل التيارات، كل التوجهات، كل مَن كان لديه معلومات حول تاريخ تونس، ونحن سجّلنا العشرات من الشخصيات الذين توفوا بالصوت والصورة، مثلا محمود المستيري سجلنا له كم من مرة، وغيره من الشخصيات التي أتت وقالت الحقيقة مهما كانت مرارتها. نبش التاريخ العثماني * لمْ تقفوا في بحثكم عند حد التاريخ الوطني فامتد إلى العديد من الملفات البحثية العثمانية.. ما جدوى البحث في التاريخ العثماني؟ في الحقيقة هذا سؤال مهم، قصتي مع الاهتمام العثماني عندها 44 سنة، وهي عملية بسيطة، الرأي العام العربي يومئذٍ من صحافة وجامعيين وكل الناس كانوا يتلذذون بشتم العهد العثماني، وهذا استعمار، وهذا استغلال، وهذا ترك الجهل والعسكرة.. لكن الحقيقة أثناء زيارتي للأرشيف العثماني الذي كنت أول عربي أصل إليه اكتشفت أن هناك كنوزًا معرفية لم يطلع عليها أحد، فهنا أقول للعالم العربي انتبهوا أيُّها الناس لنوظّف الوثيقة العثمانية، وعندما نوظّفها في دراسات أكاديمية لكم الحق أن تشتموا؛ لكن قبل أن تدرسوا هذا الرصيد هل يليق بنا أن نشتم؟ وبالتالي كانت وظيفتها في أول مرة هي إعادة هيكلة التاريخ العثماني وفقًا للحوارات مع الأتراك للحوارات مع الأوروبيين، للحوار بين العرب في هذا المجال نظمنا 13 مؤتمرًا عن الايالات العربية في العهد العثماني بين العرب أولاً ثم بين العرب والأتراك، نظمنا تسعة مؤتمرات دولية عن مدونة الآثار العثمانية، نظمنا ثمانية مؤتمرات دولية عن الكمالية والكماليين والتحديث السياسي والبحث العلمي في تركيا، إذن كل هذه القنوات تؤدي إلى إعادة الاعتبار للعهد العثماني لكن للحقيقة نحن نريد أن نقول للعالم العربي لقد أخطأتم في التعتيم على الدولة العثمانية والذي زادنا ارتياحًا هي مواقف تركيا اليوم. نحن قلنا منذ أربعين سنة يا أيُّها العرب انتبهوا تركيا قوة ضاربة، قوة اقتصادية ضاربة، سياسيًّا ضاربة، مائية ضاربة، بحثية ضاربة، فلنغيّر علاقتنا.. الآن أنا سعيد جدًّا لأن العالم العربي أدرك أن تركيا ذات ثقل إستراتيجي بالنسبة للعالم العربي بعد فترة هامة من التعايش معه. صحيح أن فترة بين 1908 إلى 1918 كانت فترة حرجة جدًّا لاشك في ذلك نصبت دعوات المشانق في سوريا عن طريق جمال باشا، هذه حقيقة. ولكن يجب أن لا تغطي هذه الفترة السوداء عشر سنوات على أربعة قرون من التعايش النسبي بين العرب والأتراك.. * كأنك تشير إلى أن العهد العثماني ليس تاريخًا أسود.. وله لون فاتح..أي لون تراه أنت الباحث في التاريخ العثماني؟ أولاً يرجع الفضل إلى العهد العثماني في وحدة هذه الأمة، لم يقع وضعها تحت هيمنة الإمبراطورية الاسبانية مثلاً، العثمانيون وقفوا حائلاً دون لاتينية هذه المنطقة مثل ما وقع في أمريكا اللاتينية مثلاً هذا عنصر أساسي، العهد العثماني حافظ على اللغة العربية، العربية لم تمس، جزءًا هامًّا جدًّا من الوثائق تركها العثمانيون في تونس والجزائر وليبيا ومصر كانت باللغة العربية، حتى الأتراك كتبوا باللغة العربية مثل العالم التركي في ذلك الوقت (حجي خليفة) كتب كتابًا رائعًا بعنوان (كشف الظنون)، وغيره من العلماء الأتراك كتبوا أيضًا باللغة العربية، وبطبيعة الحال المتعصبون وبعض الناس المتطفلين على التاريخ ينظرون إلى العهد العثماني من زاوية أخرى وهذا غير سليم.. المهم الآن هناك تقييم جديد سليم وواقعي من طرف جيل جديد من الباحثين العرب، قادر على تغيير الصورة القاتمة تجاه العهد العثماني في البلاد العربية. منهجية أكاديمية صارمة * هل حظي ما تبحثون فيه منذ سنوات باهتمام من قِبل الناس؟ هذا سؤال ذكي، لماذا يتردد الناس على المؤسسة ويتابعون ليس فقط في تونس، في العالم العربي، لأن هناك صدقًا.. صدق المعالجة وسموّها… نحن عملنا ليس عملاً سياسيًّا، عملنا أكاديمي نزيه ينبع من منهجية أكاديمية صارمة ومتشددة في هذا المجال، إذن ماذا يريد الناس؟ يريدون الحقيقة والبحث الجديد والموفق، ونحن استطعنا أن نوفّر للقارئ العربي عامة معلومات جديدة، أقول: هناك مثال بسيط.. أنا كتبت أشياء كثيرة عن الأمير عبدالقادر، وأخيرًا كتبت مقالاً جديدًا من منطلق 48 وثيقة جديدة جمعتها منذ 40 سنة من لندن، ومن الباب العالي وإكسبروفونس، ومن يتابعون المؤسسة يعرفون أنه عمل علمي، والذي يريد أن يتعرف ويواكب المعرفة التاريخية لقضايا جوهرية فليتفضل ويقرأ ما نكتبه، نحن لنا التزام بالمعرفة وبالصدق وبالمنهجية الأكاديمية، وأنا أتألم جدًّا أن مثل هذه القضايا تعالج في منابر المعرفة بأمريكا وأوروبا ولا تعالج في المنطقة العربية، غيّرنا هذه المعادلة في مؤسستنا، كما تستطيع أي مؤسسة عربية أن تقدم نفس الشيء إذا أتيح لها شيء من الحرية والتحرك الفاعل. وحدة مغاربية * نظمت مؤسستكم مؤخّرًا مؤتمرًا ناقش إشكالات واقتراحات تهم مستقبل المغرب العربي.. فبماذا خرج؟ هذا الملف هو ملف الساعة في الوطن العربي نحن اهتممنا بهذا الموضوع، لكن من وجهة نظر أكاديمية، نظمنا المؤتمر الأول، نشرنا هذه الأعمال، نظمنا المؤتمر الثاني وسينشر قريبًا، نظمنا الثالث في طنجة، وسننظم الرابع في طرابلس بالتنسيق مع الإخوة في ليبيا، هذا الموضوع حساس ومصيري، لابد أن ننجز الوحدة المغاربية الاقتصادية والسياسية والمعرفية، هذا مصير المغرب العربي، من غير المعقول أمامنا أوروبا 500 مليون ونحن 80 مليونًا، تكامل اقتصادي وتكامل اجتماعي وتكامل روحي، بحثي علمي، ولا نجد هذه الأرضية التي تنطلق منها هذه التوافقات السياسية، أنا أتألم جدًّا أن تكون بين الجزائر وبين المغرب حدود مغلقة، وهذه وصمة عار في جبيننا لأن بناة المغرب العربي منذ أوائل القرن الماضي بنوه على أنه وحدة مصيرية جيوسياسية إستراتيجية، صحيح هناك عامل البوليساريو، وعامل نوع ما الرؤية الاستقلالية هذا أضر بنا، وأنا من هذا المنطلق إيماني مطلق بالمغرب العربي سيأتي يوم وينجز هذا المشروع. وعملنا كباحثين أكاديميين هو إقناع الآخرين، إقناع الساسة، إقناع رجال القرار بضرورة العمل من أجل وجود أبسط القواعد لانطلاقة المغرب العربي، وسنواصل في هذا العمل. وضع مزرٍ * 21 سنة مرت على تأسيس الاتحاد المغاربي ولا يزال العمل المغاربي أبعد ما يكون عن تلبية طموحات شعوب المنطقة.. فما المطلوب لبلوغ هذا الهدف؟ أولاً الإيمان بالمشروع.. أعتقد أن بعض الإداريين في المغرب العربي لم يؤمنوا بالمشروع، كانوا إداريين بيروقراطيين، متغطرسين، ثانيًا أتمني أن يحظى المغرب العربي بعلم واحد، وليس بخمسة أعلام… أنا أتمنى أن يكون للمغرب العربي نشيد واحد مغاربي.. أن يكون لنا أعياد موحدة… أن يتم توحيد مناهج التعليم، لماذا ليس هناك في موريتانيا كتاب معين، وفي ليبيا والجزائر والمغرب، علينا توحيد القاعدة للانطلاقة الأولى من التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي. أيضًا التبادل لابد أن يكون نطاقه أوسع، كل هذه العوامل لو تتوفر شيئًا فشيئًا أستطيع أن أقول سوف تقترب من طموحنا.. الآن وضعنا مزرٍ، 2./. من التبادل التجاري في المغرب و97 ../. يتم مع العالم، هل هذا معقول؟ غير معقول!.. أرجو من الساسة أن تتحقق قراراتهم، وأن يدركوا أن الأجيال القادمة ستحاسبنا جميعًا، فكلنا مسؤول عن هذا الوضع، سنعمل على إنجاز مغربنا بكلمتنا، بمواقفنا، بإيماننا الصادق. * هل يملك المجتمع المدني القدرة على تحريك (عجلة) الاتحاد المغاربي؟ هذا ما ينقصنا، المجتمع المدني لم يقم بواجبه إلى حد الآن، لا المجتمع المدني، ولا النخب، ولا الجامعات لم تلعب دورها، لو تضافرت كل هذه الجهود، لأن ما نراه الآن ما يحرك الاتحاد الأوروبي هو المجتمع المدني، الذي يحرك وحدة الاتحاد الأوروبي هو دور إستراتيجية المجتمع المدني، المجتمع المدني في تونس له 9 آلاف جمعية في الجزائر 40 ألفًا.. ماذا فعلت؟ لا شيء.. لم تفعل شيئًا على الإطلاق لأنها مكبلة، وليست هناك حركية فاعلة في تحريك هذا العمل العلمي. انبطاح النخب * ما الأمر الذي حجب دور المفكرين في المجتمع المغاربي؟ هذه قضية أخرى، قضية هامة جدًّا هو انبطاح للسلطة السياسية، تريد أن تجد لها أنصارًا على مستوى النخب، وعلى مستوى الجامعيين، هناك جامعيون انبطحوا دون أن تكون لديهم الاستقلالية في أخذ القرار، أنا مثلاً أخدم بلدي من منطلق آخر غير منطلق الانبطاح، وأعتقد أن النخبة المغاربية ليست من سوء الحظ في وضع يسمح لها أن تؤدي هذا الدور الطلائعي الرائد. رهانات مستقبلية * كيف ترى عمق الهوة التي تفصل بين الإدارة السياسية لدى البعض ورهانات المستقبل الدقيقة والخطيرة؟ على المقررين السياسيين أن يموقعوا التراث السياسي لشعوبنا الموقع الصحيح، لو أن المقرر السياسي يدرك أن الألف من الناس ماتوا من أجل هذا الاستقلال السياسي، ودفعوا من أجل هذا المغرب العربي أعتقد أن هؤلاء السياسيين لم يحسوا بقوة وزخم الرهنات المستقبلية، رهانات خطيرة جدًّا في خضم مواجهة هذه التحوّلات الكبيرة، الحقيقة المقررون السياسيون لم يدركوا أهمية وثقل الرهانات السياسية والحضارية والاقتصادية المستقبلية بهذا الفضاء، لو أدركوا ذلك لسارعوا بتغييب العوائق، وإيجاد مناخ جديد لانطلاقة هذا الفضاء المغاربي الموحد. * على المستوى العربي هل من برنامج لمؤسستكم للاهتمام بالمشرق العربي، وخاصة الخليج الذي تربطكم علاقة كبيرة به معرفية وتاريخية؟ في الواقع أنجزنا حوارات مع الأتراك، وحوارات مع البريطانيين، وحوارات مع الإسبان، الحوار الإسلامي المسيحي أربعة مؤتمرات، وأيضًا قلنا لماذا نقصي الخليج من هذه الحوارات، واقترحت على الصديق فهد السماري الأمين العام لإدارة جامعة الملك عبدالعزيز على أساس أن نبدأ في حوارات خليجية مغاربية واقتنع، ونظمنا أول مؤتمر حول الحوار الأكاديمي الخليجي المغاربي وتم في تونس، ونشر العمل في الرياض، وأعيد نشره مع إضافات بالفرنسية في تونس في المؤسسة، ونظمنا المؤتمر الثاني في الرياض عند الدكتور فهد السماري، ونظمنا المؤتمر الثالث في فاس، وحصلت لنا نكسة من سوء الحظ في الكويت لم أتمكن من المشاركة لأسباب طويلة، ولكن أعود إلى الموضوع إن في الخليج الآن طبقة جامعية مهمّة جدًّا غير معروفة في المغرب العربي تكوّنت في بريطانيا، في أمريكا ولكن المغرب العربي لا يعرفها! ولعل أيضًا الذنب ليس فقط ذنبنا؛ بل ذنب الخليج لأنه لم يتمكن من إيصال فكرة ونتائج وخبرة هؤلاء العلماء الأكاديميين الخليجيين إلى تونس وإلى المغرب العربي عامة؛ لأن عندهم مبادرات هامة، ونحن نحرص بتعاوننا مع بعض الأكاديميين السعوديين بالدرجة الأولى أن نجد الأسس الجديدة للانطلاقة والمؤسسة. (المصدر: صحيفة “المدينة” (يومية – السعودية) الصادرة يوم 29 جويلية 2009) موقع الصحيفة: http://al-madina.com
كنوز التركستان الشرقية !
د. راغب السرجاني ما أشبه قصة التركستان الشرقية بقصة فلسطين! قضية فلسطين هي قضية أرض إسلامية تُسرق من أصحابها، وكذلك التركستان.. وهي قضية مسلمين تُنتهك حرماتهم وتَزْهَق أرواحُهم، وكذلك التركستان.. وهي قضية تزوير للتاريخ وتشويه للحقائق، وكذلك التركستان.. وهي قضية مواجهة مع أشد الناس عداوةً للمؤمنين (مواجهة اليهود)، وكذلك التركستان (مواجهة الذين أشركوا). وقد أُعلنت دولة اليهود في فلسطين سنة 1948م، وأُعلنت دولة الصين بالتركستان سنة 1949م! ما أشبه القضيتيْن! وما أشد أهميتهما! نعم ليس في التركستان مسجد أقصى، وليست مهد الأنبياء، ولكنها أرض إسلامية تُنتهك، ومؤمنون يُفتنون عن دينهم، وثروات هائلة تُبدَّد، وكرامة إسلامية تُستباح. إن القضية جِدُّ خطيرة، ولا نُعذر فيها بجهلنا، إنما سهونا عنها بسبب غفلتنا، وقلة اهتمامنا بشئون أمتنا، وعدم إدراكنا لأدوارنا، وعدم معرفتنا بحرمة المسلمين، سواءٌ كانوا عربًا أم عجمًا، بعيدين أم قريبين، نعرفهم أو لا نعرفهم. إن جُلَّ المسلمين يعرفون عن تاريخ الفن والرياضة أكثر مما يعرفون عن تاريخ التركستان، أو غيرها من قضايا المسلمين المنسيَّة، فإذا كنا نفتقر أصلاً إلى المعلومة، فكيف يمكن أن نسعى إلى الحلول؟! إن المطالعين لهذا المقال سيُطالبون ببرنامج عمليّ لنصرة التركستان، وأنا أقول: إن أول الطريق أن تتشبَّع بحبِّ الأمة الإسلامية، وأن تعشق كل من ينتمي إليها، وأن تحزن لمُصَابها، وأن تتألم لانتهاك حُرُماتها، وأن تشعر -دون تكلف- أنك عضو في جسد كبير، إذا اشتكى أحد أعضائه تداعى له سائر الجسد بالحُمَّى والسَّهَرِ. وبدون هذه العاطفة تصبح كل الحلول نظرية، وبدون هذا الحب لن نرى الطريق، ولو كان واضحًا وضوح الشمس. التركستان الشرقية لقد تحدثنا في مقالنا السابق، وكان تحت عنوان “قصة الإسلام في الصين”، عن تاريخ أرض التركستان الشرقية، وعرفنا أنها إسلامية منذ القرن الهجري الأول، ورأينا كيف تعاقبت عليها الحكومات المغولية والصينية، ولم يغيِّر كل ذلك من طبيعة الأمور؛ فالأرض التي حُكمت بالإسلام يومًا ما هي أرضٌ إسلامية يجب على المسلمين أن يحرِّروها، وجوبَ الصلاة والزكاة، ولو أتى ذلك على كل ما يملكون من نفسٍ ومال، وعلى هذا أجمع فقهاء الأمة بدون خلاف. ووصلنا في مقالنا السابق إلى الغزو الشيوعي الكارثي الذي حدث للتركستان الشرقية في سنة 1949م، وكلنا يعرف طبيعة الشيوعيين الدموية، ورأيناها في سلوك السوفييت واليوغسلاف، ولم يختلف عنهم الصينيون لا في قليلٍ ولا في كثير.. إنها نفس العاطفة المتأجِّجة بالشر، الكارهة للبشر، المدمِّرة لما حولها.. إنهم قوم لم يدركوا أن للكون خالقًا، فكيف يُنتظر منهم غيرُ ما يفعلون؟! القمع الشيوعي للمسلمين في تركستان لقد مارس الشيوعيون الصينيون قمعهم بأعتى صوره في الصين بكاملها، وفي التركستان الشرقية على وجه الخصوص، وبينما قتل “ماو تسي تونج” ثمانمائة ألف إنسان في السنوات الثلاث الأولى من حكمه للصين، فإنه قتل من التركستان وحدها مائة ألف مسلم ومسلمة، وهذا رقم هائل بالقياس إلى عدد المسلمين القليل نسبيًّا. لقد تعامل الصينيون بالحديد والنار مع ملف التركستان، ولم تكن هناك أي محاولة للتفاهم مع الشعب المسلم، ومع أنهم تظاهروا بإعطاء حكم ذاتي لمنطقة التركستان إلا أن هذا كان أمرًا نظريًّا لا وجود له على أرض الواقع أبدًا، بل يا ليتهم تقاسموا خير البلدة مع أهلها، ولكنهم استأثروا به كاملاً، وتركوا الشعب المسلم فقيرًا مسكينًا مضطهَدًا. أسباب تمسك الصين بتركستان الإسلامية ولعلّ سائلاً يسأل: لماذا تتمسك الصين -مع كل إمكانياتها الجبارة وقدراتها البالغة- بهذا الإقليم الإسلامي؟ وما قيمة هذه القطعة من الأرض التي لم يسمع عنها أصلاً كثيرٌ من المسلمين؟! إنّ التركستان الشرقية من الأهمية بمكان بالنسبة للصين، ودعونا نفصِّل في هذه النقطة قليلاً؛ حتى ندرك حجم المشكلة، وبالتالي نرفع من درجة تعاطفنا مع أهلنا هناك.. أولاً: هذه ليست بالأرض القليلة؛ فمساحتها 1.6 مليون كيلو متر مربع أي ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا، وكذلك ثلاثة أضعاف العراق، وستين ضعف دولة فلسطين! وهي تمثل 17% من مساحة الصين الإجمالية؛ فالصين لن تتنازل بسهولة عن جزءٍ يمثِّل أكثر من سُدسها. ثانيًا: الكثافة السكانية بدولة التركستان الشرقية قليلة جدًّا، فبعد كل التهجير الذي تقوم به الصين إلى التركستان فإنّ مجموع سكان التركستان في إحصاء 2008م يبلغ 20 مليون فرد، وهذا يعطي كثافة سكانية قدرها 12.5 فرد في كل كيلو متر مربع، بينما الكثافة السكانية في الصين نفسها عالية جدًّا تصل إلى 165 فردًا في كل كيلو متر مربع، حيث بلغ تعداد الصين في سنة 2008م إلى أكثر من 1.3 مليار فرد، فضلاً عن أن الصين تحتل إقليم التبت كذلك، والذي تبلغ مساحته 1.2 مليون كم مربع، ويسكنه ثلاثة ملايين فقط، فإذا أخرجناه من المعادلة صارت كثافة السكان في الصين الأصلية أكثر من 193 فرد في الكيلو متر المربع الواحد، وهي كثافة ضخمة؛ وهذا يدفع الصين للتمسك بإقليم التركستان الشرقية لترفع الضغط السكاني عن بلادها، خاصةً مع اعتبار دفء الطقس في التركستان خلافًا للبرودة القارسة في إقليم التبت المحتل كذلك، وهذا ما تقوم به الصين فعلاً في الثلاثين سنة الأخيرة. ثالثًا: رزق الله تعالى إقليم التركستان الشرقية ثروات ضخمة جدًّا من البترول والغاز والفحم، وهي تمثِّل بذلك قاعدة طاقة في غاية الأهمية بالنسبة للصين، وهي الآن ثاني منتج للنفط في الصين؛ حيث تنتج 27.4 مليون طن سنويًّا، وتأتي بعد إقليم “هيلونجيانج” في شمال شرق الصين والذي ينتج 40.2 مليون طن، ومع ذلك فإنه من المنتظر أن تصبح التركستان في سنة 2010م هي المنتج الأول للنفط في الصين، حيث سيصل إنتاجها إلى 60 مليون طن سنويًّا، أما في سنة 2020م فيتوقع الخبراء أن يصل إنتاجها إلى 100 مليون طن سنويًّا، لتصبح لها مكانة عالمية، علمًا بأن احتياطي النفط بالتركستان يبلغ 8.2 مليار طن! أما بالنسبة للغاز الطبيعي فإن الاحتياطي التركستاني هائل، ويبلغ 10.8 تريليون متر مكعب، وكذلك بالنسبة للفحم، حيث يبلغ الاحتياطي منه 2.19 تريليون طن، وهو يمثِّل 40% من إنتاج الصين بكاملها، فضلاً عن أنه يتميز بكثرة أنواعه، وجودته الفائقة، وفي مشروع الصين أن تحوِّل هذا الفحم إلى قاعدة ضخمة لإنتاج الكهرباء. رابعًا: مع كل هذا الإنتاج الضخم من البترول والغاز الطبيعي فإنه لا يكفي دولة صناعية مثل الصين، حيث تأتي الصين في المرتبة الثانية مباشرة بعد أمريكا في استهلاك الطاقة؛ ولذلك فإن الصين تعتمد بشكل أساسي على البترول القادم لها من دول وسط آسيا في منطقة القوقاز، وقَدَر التركستان الشرقية أن أنابيب نقل البترول تمر بكاملها في أراضيها! وبالتالي فسيطرة الصين على التركستان يمثِّل بُعدًا استراتيجيًّا خطيرًا، حيث يمكن للحركة الصناعية أن تُشلَّ إذا ما تعرضت هذه الأنابيب للخطر. خامسًا: تمثِّل التركستان كذلك مخزونًا استراتيجيًّا لما هو أغلى من البترول والفحم!! فالتركستان غنية بمناجم اليورانيوم اللازم للصناعات النووية، وبها ستة مناجم تنتج أجود أنواع اليورانيوم؛ ولهذا فهي مؤهَّلة لأن تكون دولة نووية إذا انفصلت عن الصين، خاصةً أن لها علاقاتٍ حدودية مع روسيا، التي قد تقف إلى جوارها في مشروعها النوويّ مثلما تفعل مع إيران؛ وذلك لإحداث توازن في المنطقة مع الوحش الصيني. وليس البترول والغاز والفحم واليورانيوم فقط هي الثروات الوحيدة التي تنتجها أرض التركستان، بل إن بها الكثير من المعادن الأخرى، يأتي في مقدمتها الذهب!! سادسًا: توجد في أرض التركستان مساحة شاسعة من الأرض الصحراوية تستخدمها الصين في إجراء تجاربها النووية العديدة وهي ، والصين بلا جدال دولة نووية من الطراز الأول؛ ولذلك فهي تحتاج إلى مثل هذه المساحة لاستمرار التجارب، وهي أرخص كثيرًا من الخوض إلى أعماق البحار لإجراء التجارب، كما أن الشعب الذي قد يتأثر سلبًا من التجارب النووية شعب مسلم لا تجد الصين غضاضة في إلحاق الأذى به! ولنفس السبب أيضًا فإن الصين تحتفظ بمعظم صواريخها الباليستية النووية في هذه المنطقة؛ مما يرفع من قيمتها الاستراتيجية. سابعًا: من الناحية الزراعية تمتلك التركستان مساحات زراعية شاسعة، وهي من أجود الأراضي في الصين، وبالتركستان أكبر نهر داخلي في الصين، وهو نهر تاريم، كما أن بها أكبر بحيرة عذبة في الصين، وهي بحيرة بوستينغ. وتتمتع التركستان بجو دافئ مشمس طوال العام تقريبًا، وهذا يؤهِّلها لإنتاج زراعي متميز، وهي من أكثر المناطق المصدرة للمنتجات الزراعية داخل وخارج الصين، وهي أكبر قاعدة لإنتاج القطن في الصين، ويتميز قطن التركستان بجودة فائقة، وهو القطن الطويل التيلة. كما تنتج التركستان أفخر أنواع العنب والبطيخ الأصفر، وإضافةً إلى ذلك تنتج التركستان الذرة الشامية والأرز والتفاح والكُمَّثْرى والمشمش والكَرَز، وعددًا كبيرًا من الخضروات المتميزة. ثامنًا: تمثل التركستان بحدودها الواسعة، التي تبلغ أكثر من 5600 كيلو متر أهمية استراتيجية قصوى للصين، فهي تجاور 8 دول آسيوية، يمثِّل كلٌّ منها مشكلةً بالنسبة للصين؛ فمن الغرب يحدّها خمس دول إسلامية هي كازاخستان وطاجكستان وقيرغيزستان وأفغانستان وباكستان، وهي دول تمثِّل خطرًا داهمًا على الصين من حيث إنها تضم أعدادًا كبيرة من المسلمين، ومنهم الكثير من الذين يُطلقِون عليهم “إرهابيين”، ومِن ثَم تعتبر الصين أنّ إقليم التركستان الشرقية عبارة عن حائط صدٍّ يمنع دخول الإرهابيين إلى الصين الأصلية. كما تجاور التركستان الشرقية دولتيْن خطيرتين على الصين لأنهما من الدول النووية، وهما روسيا والهند، وهذا أيضًا يفسِّر تركُّز الصواريخ الباليستية في منطقة التركستان. وأما الدولة الحدودية الثامنة فهي منغوليا، ومشاكلها مع الصين قديمة، وتبادل الاحتلال بين الدولتيْن أمر تاريخي مشهور، ولم تبنِ الصين سورها العظيم إلا للحماية من منغوليا.. ولهذه الحدود الملتهبة يصعب جدًّا على الصين التنازل عن دولة التركستان الشرقية. تاسعًا: الروح الإسلامية العالية التي يتمتع بها الأتراك عمومًا، وشعب الإيجور خصوصًا، ترهب الدولة الصينية؛ فهذا الشعب عانى الكثير في تاريخه من أزمات كان من المتوقع أن تمحو عقيدته، أو تجعله يتنازل عن ثوابته، ولكنه استمر على دينه محافظًا عليه، فخورًا به، معتزًا بأن التركستان هي تركستان المسلمة.. وراجعوا قصة الشعب العظيم الذي تلقى الضربة الأولى من التتار، فإذا به بصبره وقوة تحمُّله وحُسن تطبيقه لقواعد الإسلام يحوِّل المغول من وثنيِّين لا وزن لهم إلى مسلمين يعبدون الله U، ويتّبعون رسوله الأكرم r. ولا ننسى الاحتلال الصيني المتكرِّر، ولا ننسى الدموية الشيوعية، ولا ننسى أن دولة التركستان كانت محصورة بين أكبر قطبيْن شيوعيين إجراميين في العالم هما الاتحاد السوفيتي والصين، ومن جنوبها دولة هندوسية مضطهِدة للمسلمين وهي الهند، ومع هذا لم يغيِّر كل ذلك شيئًا من عقيدته. هذا التمسُّك العجيب يُرهِب الصين، خاصةً أن الإحصائيات الرسمية الصينية تقول إن إجمالي المسلمين في الصين يبلغ ستين مليونًا، وتقول الإحصائيات الإسلامية إن العدد يربو على مائة مليون مسلم، ولكن الصين تقلِّل من الأَعداد؛ لتهمِّش دور المسلمين وتُضعِف من حَمِيَّتهم. ولا شك أن الصين تفكر في خطورة انتشار هذه الروح المتمسكة بالدين الإسلامي في الأعداد الإسلامية الغفيرة في الصين، كما أنّ احتمالَ انتشار الدعوة الإسلامية في الصينيين أنفسهم احتمالٌ كبير؛ فهم يعانون من خواءٍ رُوحي كامل، وليس عندهم عقيدة يتمسكون بها، ولو عُرض عليهم الدين الإسلامي بشكل واضح فقد يرتبطون به، وهذا خطر أيدلوجي كبير على الصين الشعبية التي ما زلت تتبنَّى الفكر الاشتراكي الإلحادي. كل هذا يجعل الصين متمسكة بدولة التركستان لتمارس عليها القمع الذي يمنع وصول الإسلام إلى عموم أهل الصين. عاشرًا: لا تهدأ الدول الاستعمارية عن التوسُّع، ولا تتوقف أبدًا أحلامُ الإمبراطوريات عن ضمِّ أراضٍ جديدة، وزيادة الرقعة المملوكة لها، ولا يقف تفكير الصين عند التركستان الشرقية، بل هي بوابتها إلى عدة دول ضعيفة لم تتحرر من الاستعمار السوفيتي إلا منذ أقل من عشرين عامًا، وهي كازاخستان وطاجكستان وقيرغيزستان، ومن ورائهم أوزبكستان، إضافةً إلى الدول المحتملةِ التحرُّر والواقعة الآن تحت الاحتلال الروسي مثل تتارستان والشيشان وداغستان، وكلها دول إسلامية. وتعتبر الصين نفسها الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي، وإذا كان الاتحاد السوفيتي، ومِن قبله روسيا القيصرية الأرثوذكسية قد احتلوا هذه الدول الإسلامية أكثر من ثلاثة قرون فليس هناك مانع من أن تبدأ الإمبراطورية الصينية دورتها، وأن تتوسع في هذه المناطق الضعيفة جدًّا، خاصةً مع حالة السكون الإسلامية، ومع الغفلة غير المبرَّرة التي يعاني منها العالم الإسلامي بشكل عام. هذا سيناريو قد يراه البعض تشاؤميًّا، ولكن أقول إنه السيناريو الأقربُ إلى الحدوث، ولا تقبل الدول الاستعمارية الكبرى عادةً بوجود كيانات هشّة إلى جوارها. كان هذا هو السبب العاشر الذي من أجله تتمسك الصين بدولة التركستان المسلمة، فتلك عشرة كاملة! ولهذه الأسباب -وقد يكون لغيرها كذلك- قال الباحث الصيني في جامعة ألبرتا الكندية “وينران جيانج”، وهو يعلِّق على الأسلوب القمعيِّ المتعسِّف الذي رأيناه من الحكومة الصينية في تعاملها مع الأزمة الأخيرة في التركستان في يونيو 2009م.. قال الباحث الصيني: “إن الأهمية الاستراتيجية لشينجيانج (التركستان الشرقية) تعني أنّ أيَّ اضطرابات أو قلاقلَ تُحدِث مثل تلك الاضطرابات الأخيرة، لن تجد أيَّ ذَرَّة تسامحٍ من جانب الحكومة الصينية”. وهذا الذي قاله الباحث الصيني أمرٌ واقعيّ تمامًا، وبعد أن رأينا كنوز التركستان وقيمتها فإنه من العبث أن نظنَّ أن الصينيين يتركونها راغبين.. بل على العكس علينا أن نفهم أن الحكومة الصينية ستبذل كل طاقاتها، وستستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتركيع هذا الإقليم الإسلامي العظيم. لقد استخدمت الصين بالفعل وسائل شيطانية كثيرة تهدف إلى تحقيق أغراضها، ولم يعُدِ القتل هو الوسيلة الوحيدة للسيطرة على الشعوب إنما تتعدد الوسائل، وتتنوع الطرق، وكلها يؤدي في النهاية إلى نتيجة واحدة. (المصدر: موقع “قصة الإسلام” (يُشرف عليه د. راغب السرجاني) بتاريخ 23 جويلية 2009) الرابط: http://www.islamstory.com
فلسطين لا التوريث.. سبب حملة الحكومة على الإخوان
محمد جمال عرفة هناك من يزعم أن الصدام المتصاعد بين السلطة في مصر وجماعة الإخوان المسلمين خصوصا خلال السنوات الأخيرة يرجع بالدرجة الأولى للصراع حول قضية توريث الحكم وقبول أو رفض الإخوان لها أو وقوفهم عقبة في طريقها، وأن تصعيد الضربات الحكومية الأخيرة ضد قيادات ورموز الإخوان له علاقة بهذه المسالة الداخلية. وبالمقابل هناك فريق آخر يرى أن الصدام راجع لسبب آخر أقوى “خارجي” له صلة بالداخل، هو قضية فلسطين التي تستند لها الأنظمة العربية عموما لتثبيت شرعيتها، وترفض أن ينافسها فيها أحد أو ينزع هذا الغطاء عنها مقولات مثل أنها تتعاون مع تل أبيب لغير صالح القضية الفلسطينية. وقد ألمح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين – من خلال الوثائق التي نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي على “أرشيف الأمن الوطني” الأمريكي أوائل يوليو 2009 – لهذا، عندما قال للمحقق? “إن عدم رضا الشعوب عن الحكام (العرب) القائمين بسبب تعاملهم السلبي مع القضية الفلسطينية أو إهمالهم لها هو أحد أسباب الثورات في البلدان العربية ?على هؤلاء الحكام (في فترات سابقة)”. ويبدو أن قضية فلسطين هي الخط الأحمر الساخن الذي يفسر بدرجة أكبر سر هذا التصعيد من جانب السلطة ضد جماعة الإخوان في السنوات الأخيرة، خصوصا أن تحركات الإخوان في الفترة الماضية سواء لجهة المطالبة بفتح معبر رفح وكسر الحصار المفروض على غزة، أو لجهة تصوير الموقف الرسمي المصري على أنه متواطئ مع تل أبيب، تصب كلها في خانة سحب البساط من تحت أقدام “شرعية” السلطة فيما يخص رعاية قضية فلسطين، ولهذا جاء التصدي الحكومي قويا وعنيفا. بعبارة أخرى، أصبح تعامل الإخوان مع هذه القضية – خاصة حصار غزة – سببا في غضب السلطة المصرية لأنه أظهرها بمظهر المتواطئ مع تل أبيب في الحصار، وتسبب في خروج مظاهرات عربية وإسلامية ضد السفارات المصرية تندد بموقف مصر من قضية فلسطين لأول مرة في التاريخ. ولا شك أن هذا الصراع حول قضية خارجية (فلسطين)، يصب مع هذا – لخصوصية القضية الفلسطينية مصريا- في خانة الصراع الداخلي وجمع النقاط من جانب كل طرف (الحكومة والإخوان) للرأي العام. بل إن هناك من يفسر حملة الاعتقالات والتضييقات الأخيرة – منذ قضية غسيل الأموال التي حكم فيها القضاء العسكري بسجن 40 قياديا بالجماعة (إبريل 2008) وحتى قضية ما سمي بـ “التنظيم الدولي”، المعتقل على ذمتها 15 من قادة الجماعة- بأنها رد قوي من جانب الحكومة على تجاوز الإخوان الخطوط الحمراء للعبة وقيامهم بلعب دور الدولة في التعامل مع قضية حصار غزة محليا ودوليا، ولو تحت غطاء عربي شرعي هو اتحاد الأطباء العرب، عبر جمع التبرعات لغزة وشراء المستلزمات الطبية والغذاء وتسيير قوافل خرق الحصار. وربما بسبب هذا التعامل العنيف من جانب السلطة مع الإخوان والذي طال عددا كبيرا من قيادات مكتب الإرشاد نفسه على غير المعتاد في لعبة المضايقات بين الطرفين، وظهور الجماعة في أضعف حالتها، اعتبر محللون أن هذا مقدمة لتكتيك أمني – سياسي مصري لمحاولة استئصال الإخوان وتصفيتهم على غرار ما نجحت فيه الحكومة مع تنظيم الجماعات الإسلامية مثلا، في حين أن هذا يبدو غير وارد لصعوبته مع تنظيم قوي كالإخوان. والشيء نفسه يُذكر فيما يخص قضية الشرعية السياسية، حيث تستمد الأنظمة العربية شرعيتها من وقوفها بجانب قضية فلسطين، والتي ربما استشعرت القاهرة حرجا شديدا فيما يتعلق بها منذ الغزو الإسرائيلي لغزة في يناير الماضي بعدما جرى تصوير دورها– من قبل المعارضة المصرية (الإخوان خصوصا)- بوصف دورها مكملا للدور الإسرائيلي في حصار المقاومة وضربها. فالمعادلة التي طُرحت – بناء على هذه الاتهامات الإخوانية للسلطة بالمشاركة في حصار غزة – كانت تقوم على أن هذه الشرعية السياسية التي اكتسبها النظام منذ سنوات بفضل دفاعه عن القضية الفلسطينية ومحاربته من أجلها لم يعد لها وجود بعدما تخلت مصر عن غزة وفلسطين، وأصبح من يقوم بهذا الدور هي جماعة الإخوان المسلمين. ناهيك عن أن هذا الطعن في شرعية السلطة السياسية من زاوية تبنيها للقضية الفلسطينية يصب في نهاية الأمر في مصلحة الإخوان في الداخل المصري؛ مما يقوي دورهم السياسي على الساحة الانتخابية ويجعلهم رقما صعبا لا يسهل تجاوزه فيما يخص إنجاز ملفات مثل “التوريث الانتخابي” أو تمرير انتخابات برلمانية ورئاسية مقبلة بدون أزمات سياسية. وهذه النظرية المفترضة حول تمحور الخلاف على قضية فلسطين تنفي بالتالي أن يكون هناك صراعا على ما يسمي “التوريث الانتخابي” الذي دار حوله نقاش ساخن مؤخرا بعد تكهنات بحل مبكر للبرلمان المصري، خصوصا أن هذه القضية يصعب على الإخوان التأثير فيها، فضلا عن أن الحديث يدور عن انتخابات تعددية رئاسية يفوز فيها مرشح الحزب الحاكم أيا كان، سواء نجل الرئيس أو غيره. مؤشرات حكومية ويؤيد هذا الطرح الخاص بأن سبب التصعيد والرد الحكومي العنيف المتواصل ضد الإخوان هو لعب الإخوان على قضية فلسطين ودخولهم على خط تسويات دولية لإفسادها- ما عمق الهوة بين الطرفين- العديد من التصريحات التي صدرت عن مسئولين حكوميين مصريين تصب في خانة عدم تخلي مصر عن القضية الفلسطينية.. ظهر هذا في تصريحات الرئيس مبارك الأخيرة خلال لقاءه مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، حينما أكد أن القضية الفلسطينية “ستظل على رأس أولويات مصر والعالم العربي رغم ما تتعرض له المنطقة من أزمات وتهديدات ومخاطر”. كما أن مذكرة تحريات أمن الدولة الثانية لقضية التنظيم الدولي للإخوان، الذين ألقي القبض عليهم أواخر يونيو الماضي، أشارت ضمنا لمنافسة الإخوان للدور الحكومي، بالقول إن “التنظيم استغل التعاطف الجماهيري مع القضية الفلسطينية وقام بجمع التبرعات بدعوى استغلال حصيلتها في ضخها بالمؤسسات الاقتصادية للتنظيم”. وقالت المذكرة إن “أجهزة الأمن ضبطت وثيقة تنظيمية بعنوان (حملة فلسطين) ضمن مضبوطات القضية رقم 462 حصر أمن دولة عليا عام 2004، تتضمن خطة تحرك جماعة الإخوان المسلمين في الأوساط الجماهيرية والطلابية والجمعيات الأهلية والمؤسسات الحكومية لتفعيل القضية الفلسطينية وجمع التبرعات التي تستخدم في دعم الأنشطة الإخوانية”. ولوحظ في قرارات نيابة أمن الدولة العليا بمصر، والخاصة بحبس العشرات من المتهمين بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، أن النيابة وجهت للمعتقلين تهم: “الخروج في مظاهرات لإحراج النظام في مصر، واستغلال القضية الفلسطينية لإظهار النظام بمظهر متخاذل من القضية لإثارة الجماهير وإحداث بلبلة”. وعندما أثيرت أنباء الصفقة- التي قالت جريدة “الشروق” المصرية في عددها الصادر يوم 26 يوليو 2009 أنها طرحت على الإخوان من قبل شخصية سياسية، متضمنة وتنطوي على إطلاق سراح الإخوان مقابل عدم مشاركتهم في انتخابات 2011، ونفاها الدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني الحاكم – لم يتنبه أحد لما قالته مصادر إخوانية للجريدة من أن “العرض الحكومي يقضي بوقف الحملة الأمنية والإفراج عن قيادات الجماعة، مقابل أن توقف الجماعة النشاطات التي تراها الدولة تحريضا وتأليبا للرأي العام ضدها تحت مظلة القضية الفلسطينية”. مؤشرات إخوانية وأما تأكيدات الإخوان أنفسهم أن هناك علاقة بين الصدام الأخير وحملات الاعتقالات والمحاكمة، وبين تصعيد الإخوان أو تمسكهم بالملف الفلسطيني فلا يحتاج لبرهان، ومع هذا فقد أكد الدكتور محمد البلتاجي، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان، أن هناك علاقة وثيقة بين “الحرب على الإخوان وتوطين المشروع الصهيوني”. وشدد “البلتاجى” – في مقال له بعنوان (الحرب على الإخوان وعلاقتها بتوطين المشروع الصهيوني)- على أن “العلاقة وثيقة بين اعتقالات الإخوان المسلمين وتهيئة الأجواء لتقدم واستقرار المشروع الصهيوني وتوطينه وربط مستقبل المنطقة به”، مضيفا أن “وقائع التاريخ تؤكد أن جزءا كبيرا مما لحق بالإخوان المسلمين إن هو إلا ضريبة جهودهم لحشد الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني، وهي ضريبة ستستمر ما بقي الإخوان وما بقي الاحتلال لحين النجاح في قيام مشروح حضاري إسلامي يقود الأمة لنهضة حقيقية يعقبها زوال الاحتلال”. وأعلن البلتاجي صراحة “أن السبب الرئيسي وراء هذه القضية (قضية د. عبد المنعم أبو الفتوح المسماة بـ “التنظيم الدولي”) هو تصفية الحسابات ومحاولة التعويق وتهديد العاملين في مجال العمل الإخواني لدعم ونصرة القضية الفلسطينية في الساحة الدولية”. وأرجع هذا الصدام لـ “بديهية تعارض مشروع الإخوان المسلمين (الذي يضع في برنامجه مهمة الدفاع عن قضايا الأمة وفي القلب منها فلسطين وتحريرها) مع استقرار المشروع الصهيوني”، مشيرا إلى كل من محاضرة “إستراتيجيات الأمن القومي الصهيوني”, التي ألقاها “آفي ديختر” في معهد الأمن القومي الإسرائيلي في نوفمبر 2008، والتي تعرض فيها للتخوفات من تقدم مشروع الإخوان المسلمين، ومحاضرة “تسيبي ليفني”، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، في باريس التي حرضت وطالبت فيها بضرورة التصدي لخطر الإخوان المسلمين، إضافة لسجل التاريخ الذي شهد تصاعد الضربات للإخوان كلما نشطوا لمحاربة العدو الصهيوني. ويري “البلتاجي” أن “المعلَم الرئيسي لاعتقالات الإخوان المسلمين طوال 2008- 2009 والتي طالت قرابة ثلاثة آلاف من الإخوان في أفواج وأمواج متتالية ابتداء من يناير 2008″، هو “تحرك الإخوان لنصرة غزة. بل إن هناك من الإخوان أيضا من يربط بين المحاولات الأمريكية الأخيرة لدفع الدول العربية للتطبيع مع تل أبيب وما يواكبه من ضغوط ناعمة متنوعة، وبين الرغبة المصرية الرسمية في تهدئة الساحة الداخلية ووقف أو إجهاض أي فعاليات تصعيدية للإخوان على خلفية قضية فلسطين عبر رسائل الاعتقالات المتتالية. ويلاحظ هنا أن العديد من مراكز الأبحاث الأمريكية زادت من وتيرة الحديث عن قضية الخلافة السياسية في مصر مؤخرا، وربطتها بأمرين: الوجود القوي لجماعة الإخوان، وعلاقة الخليفة السياسي الجديد مع إسرائيل. ووصل الأمر ببعض هذه الدراسات لنشر تخوفات– لا مجال للتحقق من صحتها- من أن يصعد دور الإخوان ويؤثر هذا في الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع إسرائيل. ولعل الدراسة التي نشرتها مجلة “ميدل إيست كوارتيرلي” الأمريكية (الموالية لإسرائيل والتي أسسسها الناشط اليهودي المتطرف دانيل بايبس) في يوليو الجاري 2009، وحملت عنوان “هل مصر مستقرة؟”، تمثل نموذجا على هذا الدس الأمريكي– الصهيوني لتسميم العلاقة بين السلطة والإخوان أو نقل رسائل للسلطة لتزيد ضغوطها على الإخوان. وتحذر تلك الدراسة من خطر عدم الاستقرار بعد انتهاء فترة حكم الرئيس المصري حسني مبارك على أمن إسرائيل، وتقول إنه “إذا قدر للإخوان المسلمين أن يستحوذوا على السلطة، فسيعود تدمير إسرائيل ليصبح المبدأ الموحد للحكومات العربية من جديد”. وتنقل عن “توماس بارنيت”، وهو محلل أمريكي متخصص في الأمن القومي، وأستاذ سابق بكلية الحرب البحرية الأمريكية، قوله إن “الانتقال غير الآمن للسلطة في مصر من الممكن أن يخلق فراغا يمكن أن ينهض فيه الإخوان المسلمون”. الخلاصة الأزمة الحالية الناجمة عن قضية ما سمي بـ “التنظيم الدولي” ربما كانت الأكثر كشفا بالتالي – بخلاف ما سبقها- للخطوط الحمراء التي لا تقبل السلطة في مصر أن يتخطاها الإخوان، خصوصا بعدما نتج عن هذا التحريض والتصعيد الإخواني ضد السلطة بسبب مواقفها من حصار غزة وغلق معبر رفح، تدهور في صورة مصر في العالمين العربي والإسلامي، أظهرها بمظهر من يتواطأ مع أمريكا وإسرائيل لحصار الشعب الفلسطيني رغم ما تقوم به القاهرة من محاولات لتسوية الأزمة. ولكن لأن تاريخ الإخوان – بالمقابل – له صلة خاصة بالملف الفلسطيني منذ حرب 48 يقوم على مساندة تحرير فلسطين، فسيعني هذا أن الهوة ستظل متسعة بين السلطة والإخوان، ما يتوقع معه إما استمرار التصعيد مستقبلا خصوصا في ظل ترتيبات التطبيع ومطالب أمريكا بتقديم تنازلات عربية لإسرائيل، أو التوصل لتفاهمات بين السلطة والإخوان على الخطوط العامة الأساسية لتناول القضية بما يخفف من حدة الصدام بينهما، لا بمعني “الصفقة” لعدم تكافؤ الطرفين، وإنما بمعنى التفاهمات والرسائل التنسيقية!!. المحلل السياسي بشبكة إسلام أون لاين.نت (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 30 جويلية 2009)
سعودي يُدلي باعترافات جنسية على التلفزيون ويثير جدلا واسعا
جدة (السعودية) (رويترز) – أصاب رجل سعودي مطلق له أربعة ابناء المملكة المحافظة بصدمة بادلائه بتفاصيل عن مغامراته الجنسية في برنامج تلفزيوني بثته احدى القنوات العربية. واختبأ مازن عبد الجواد (32 عاما) بعد أن ظهر منذ أسبوعين على شاشة قناة (ال.بي.سي) التلفزيونية اللبنانية ومالكها الرئيسي هو الملياردير السعودي الامير الوليد بن طلال في برنامج سجل معه في حجرة نومه بمدينة جدة المطلة على البحر الاحمر أعطى فيه بعض النصائح للازواج لاضفاء مزيد من الاثارة على الحياة الجنسية. وقال في حلقة من برنامج (احمر بالخط العريض) قبل أن ينطلق في وصف تقنيات المداعبة وحيل اصطياد النساء من شوارع جدة “كل شيء بيصير في الغرفة ما في شي ما بيصير في الغرفة.” واطلع نحو نصف مليون من مستخدمي موقع يو تيوب على لقطات الاعترافات الصريحة في البرنامج التلفزيوني الذي يمكن مشاهدته عن طريق القمر الصناعي في السعودية. وتطبق السعودية الشريعة الاسلامية ويتجول ممثلون لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشوارع لتطبيق معايير أخلاقية منها عدم الاختلاط بين النساء والرجال الذين لا تربطهم صلة قرابة فضلا عن منع المخدرات والخمور. وتنفذ أحكام اعدام علنية بقطع الرأس كعقوبة عن عدد من الجرائم من القتل الى الاغتصاب وممارسة السحر او اهانة الاسلام. لكن الكثير من الشبان السعوديين يتحايلون على النظام الصارم للاتصال ببعضهم البعض وقد حاول رجال الدين هباء الحد من استخدام الهواتف المحمولة واشكال أخرى من التكنولوجيا. وحوكم عدد من الرجال لالتقاطهم صورا لشابات بالهواتف المحمولة في مراكز تسوق وذكرت تقارير كثيرة أن هذه الصور تستخدم عادة في الابتزاز. وقال عبد الجواد ان الجنس بات جزءا مهما من حياته عندما كان عمره 14 عاما بعد أن مارسه للمرة الاولى مع جارة له. واستعرض كيف يقوم باصطياد الفتيات في سيارته الحمراء المكشوفة او في المتاجر الكبيرة ويكون هذا عادة باستخدام تكنولوجيا البلوتوث في الهواتف المحمولة كما عرض دمى جنسية أخرجها من خزانة حجرة نومه. وقال في لقطات على موقع يوتيوب “انا عادة اما امشي بشغل البلوتوث حجي ومكتوب وصف السيارة ورقم الموبايل…تجيني اتصالات من بنات…فيه مرات انا اكلمها اليوم بتطلع معي.” وقالت صحف ومدونون انه يجب اتخاذ اجراء قانوني مع هذا الشاب لنشره الرذيلة فيما وصفتها وسائل الاعلام بأنها قضية “المجاهرة بالمعصية.” وكتب مستخدم لم يكشف عن هويته في منتدى صحيفة المدينة هذا الاسبوع يقول ان عبد الجواد اعترف امام العالم بممارسة الزنا ولا يزال يمارسها. وأضاف أنه لهذا السبب يستحق الرجم حتى الموت وفقا للشريعة الاسلامية. وقال هاشم عدنان (24 عاما) من جدة ان عبد الجواد يستحق على الاقل بعض العقاب وأضاف “يجب معاقبته وأن يكون عبرة للجميع. نحن كسعوديين غير معتادين ولن نقبل مثل هذا السلوك.” ولم يتسن الاتصال بعبد الجواد الذي لم يدل سوى بتعليق علني واحد منذ ثار الجدل. وقال في مقابلة مع صحيفة عكاظ اليومية الاسبوع الماضي “أقدم اعتذاري الشديد لاطياف المجتمع السعودي كافة بعد أن ارتكبت خطأ كبيرا في حقهم” وأضاف أنه مستعد لتحمل العواقب. ونشرت الصحيفة صورة له بالزي الخليجي التقليدي لكن وجهه كان مغطى. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 30 جويلية 2009)
متمردون بالجزائر يقتلون 14 جنديا
الجزائر (رويترز) – قالت صحف محلية في وقت متأخر يوم الاربعاء ان 14 جنديا جزائريا على الاقل قتلوا في مكمن نصبه متمردون. وقالت صحيفة الوطن نقلا عن مصادر محلية في موقعها على شبكة الانترنت ان 14 جنديا قتلوا حينما هوجمت قافلتهم في ولاية تيبازا في غرب البلاد صباح الاربعاء. وقالت صحيفة اخرى هي الخبر نقلا عن مصادر لم تفصح عن اسمها ان 20 جنديا قتلوا في الهجوم. ولم يرد تأكيد رسمي للانباء. وتقاتل الجزائر منذ نحو عقدين متمردين اسلاميين كانوا في السنوات القليلة الماضية مرتبطين بتنظيم القاعدة. وهدأت حدة العنف كثيرا منذ التسعينات حينما قتل الصراع 200 ألف وذلك وفق تقديرات جماعات غير حكومية. ولكن المتشددين ما زالوا يشكلون خطرا ويشنون بين الحين والاخر تفجيرات ومكامن. ويشير هجوم في منطقة تيبازا الى ان المتمردين يوسعون نطاق عملياتهم. وتركز معظم العنف في منطقة الى الشرق من العاصمة وكان الجزء الغربي من البلاد خاليا نسبيا من العنف. ويتجه كثير من سكان الجزائر الى تيبازا لقضاء عطلات نهاية الاسبوع على شواطئها. وشهد الشهران الماضيان فورة من اعمال العنف. وفي اكثر الحوادث دموية في حوالي عام قتل متمردون 18 من ضباط الشرطة ومدنيا واحدا وذلك وفق ما ذكره المسؤولون في مكمن نصب في شرق الجزائر في يونيو حزيران.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 29 جويلية 2009)
وزير الدفاع الدنماركي: ا رتداء الحجاب لا يتفق مع الزي العسكري
كوبنهاغن- أعرب وزير الدفاع الدنماركي سورين جاد في تصريحات صحفية عن رفضه لارتداء الجنديات في جيش بلاده للحجاب. فقد نقلت صحيفة بوليتكين الدنماركية في عددها الخميس تصريحات للوزير، في أعقاب استجواب برلماني من المعارضة، قوله: لايتفق ارتداء الحجاب مع الزي العسكري الرسمي، مشيرا إلى أن هذا الأمر ينطبق أيضا على الحرس الوطني. وتأتي هذه التصريحات تعقيبا على واقعة قامت فيها إحدى اعضاء الحرس الوطني، ماريا مولي بارتداء حجاب له نفس لون الزي العسكري أثناء الخدمة. وأثارت هذه الواقعة الكثير من الجدل والمناقشات الساخنة في الدنمارك سواء في وسائل الإعلام أو داخل الأحزاب. وكانت ماريا، وهي امرأة دنماركية مسلمة (27 عاما)، توصف في بداية الأمر بأنها تمثل النموذج الايجابي لنجاح مساعي دمج المسلمين في المجتمع الدنماركي. ولكن الكشف عن هذه الواقعة أثار غضب حزب الشعب اليميني المتطرف، مما دفع رئيس الحرس الوطني لحظر ارتداء الحجاب. وقبل هذا الحظر كانت ماريا وهي طالبة تدرس الطب، ترتدي حجابا بلون الزي العسكري، دون مشكلات تذكر. ومنع البرلمان الدنماركي في وقت سابق القاضيات من ارتداء الحجاب، وذلك بسبب مطالب بهذا المعنى من حزب الشعب اليميني، الذي يدعو في حملته الانتخابية المحلية لحظر ارتداء الحجاب في قطاع الخدمات العامة في كوبنهاغن. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 جويلية 2009)
شباب 6 أبريل»: عفواً يا جمال مبارك.. حزبكم سبب أزمات مصر
2009-07-30 القاهرة – محمد المتولي أرسلت حركة «شباب 6 أبريل» خطابا للجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم التي يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المصري، أكدت فيه رفضها لسياسات الحزب خاصة في مجال الخدمات العامة والاقتصاد. وجاء الخطاب الذي حصلت «العرب» على نسخة منه على خلفية استطلاع رأي أجراه الحزب، وأعلن نتائجه في الأيام الماضية، والتي أظهرت -بحسب الحزب- تأييد غالبية المصريين لحكومة الحزب وسياساته. وجاء في الخطاب «عفوا يا سيادة رئيس لجنة سياسات الحزب الوطني، الأوضاع على مرمى البصر وأنتم مازلتم تعقدون الاجتماعات لزيادة تدهورها والبحث عن كيفية تدهورها أكثر من ذلك، فمصر في أزمة حقيقية خلقها الحزب الوطني بسبب قرارات لجنة السياسات غير الحكيمة وغير الصحيحة والتي لا تعتمد على الواقع، وإنما تعتمد على درب من دروب الخيال». واستعرض الخطاب تصريحات وزيرة القوى العاملة عائشة عبدالهادي حول نسبة البطالة في مصر التي أعلنتها الأسبوع الماضي بأن نسبة البطالة في مصر زادت إلى %9.4، ولذلك فإن تصريحات الحزب حول معدلات التنمية وانخفاض معدل البطالة «جاءت كاذبة».. بحسب الخطاب. وحول القطاع الصحي، فقد استشهدت الحركة في خطابها بدراسة أعدها مركز دراسات واستشارات الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة مؤخرا أوضحت أن سوء الخدمات الصحية وتردي مستوى الرعاية المقدمة للمواطنين يرجع بصفة كبيرة إلى عدم الاهتمام المسؤولين بتطبيق اللامركزية التي تعد أهم وسائل الإصلاح الصحي، كما أن ضعف دور المجالس الشعبية المحلية في اعتماد خطط وموازنات الرعاية الصحية أدى إلى تدهور الخدمة الصحية للمواطن المصري، وأن التوجه نحو اللامركزية جاء بناء على ضغوط مؤسسات دولية والدول المانحة للمعونات، وليس نابعا من فكر السياسة العامة للدولة. (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 30 جويلية 2009)