الخميس، 26 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2529 du 26.04.2007
 archives : www.tunisnews.net
 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:بــيـــــان 1

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:بــيـــــان2

يو بي أي:هيومن رايتس ووتش تدعو الرئيس التونسي للإفراج عن سجين سياسي

اف ب: التونسية سهير بلحسين على راس الفدرالية العالمية لحقوق الانسان

ولي طالب: مدير المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بالمنار تونس يمنع طلبة السنوات الأولى من إجتياز الإمتحانات

أم.بي.سي: هدف البنزرتي في شباك الإفريقي يقتل تونسيا

الموقف: ما بعد تفجيرات الجزائر …

الموقف:حظك في أبراج الاستبداد

الموقف: التعددية النقابية في قطاع التعليم العالي بين الحقيقة والخيال

الموقف: : الأطبّاء المختصّون يرفضون الإتّفاقية القطاعية للتأمين على المرض

الموقف:« Made in China » تجتاح المدينة العتيقة

الموقف:: ضغوط رافقت إضراب الأساتذة في سيدي بوزيد

تعريف بالموقع الرسمي للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة

 « فرنسا 24 »: معرض تونس الدولي للكتاب يفتتح الجمعة بمشاركة اكثر من 800 ناشر

الحياة: معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الخامسة والعشرين

 القدس العربي : ندوة بالجامعة العربية تناقش ظاهرة تصاعد موجات الهجرة من مصر وشمال افريقيا الي اوروبا

الصباح: خواطر حول رواية «ريح الوقت»: الأذرع التي لا تعمل تستحق البتر!

مؤسسة التميمي: قائمة بما تم نشره حتى اليوم من دراسات عن العهد البورقيبي وكذا نصوص شهادات الذاكرة الوطنية

صحيفة « الشرق »:تونس وجهة سياحية لأكثر من 6 ملايين سائح سنوياً

وكالة تونس افريقيا للأنباء:مناقشة موضوع: « دخل فردى يتجاوز 5 آلاف دينار في سنة 2009 »

إسلام أونلاين: الجزائر.. رجال الأعمال بصدارة قوائم الانتخاب

موقع « أخبار ليبيا »:عاشور الشامس: النظام والقائد يتابعون أخبار ليبيا والمواقع الأخرى !

موقع « أخبار ليبيا »:قرية تقاوم النسيان

إسلام أونلاين.نت :المسلمون العلمانيون.. البُعد المنسي في حرب الأفكار

صـــابر التونسي: المصالحة و »المأزق » الوطني – الجزء الأول  مهاجر محمد: هدية من و إلى الدكتور الهاشمي الحامدي د.أحمد القديدي: بين تونس و الجزائر جسور القربى و وحدة المصير محمد العروسي الهاني:شكرا على معاني الوفاء من ابن الوفاء خالد شوكات د. بشير موسي نافع : الوضع العربي لم يخرج من حالة التأزم بعد عبدالباقي خليفة: المكاسب والخسائر المتوقعة للمسلمين من استقلال كوسوفا الحياة: الرباط: التحقيقات مع الحسيني تكشف قصة نشأة «الجماعة المقاتلة»


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف /الفاكس:71354984 Email: aispptunisie@yahoo.fr

تونس في 26/04/2007 بــيـــــان 1
يعاني السجين السياسي السابق السيد منجي العياري من مرض سرطان الأمعاء الغليظة وقد وقع اكتشاف المرض  يوم 28 فيفري 2007 و يستوجب وضعه الصحي إخضاعه لعلاج كيمياوي بالمصحات الخاصة      و تيلغ تكاليفه ألفين و سبعمائة دينار لم يتمكن من توفيرها. علما بأن السجين السياسي السابق السيد المنجي العياري بقي في السجن من بداية عام 1991 إلى موفى عام 2004 و هو متزوج و له أربعة أبناء . و يبدو أنه أصيب بمرض السرطان عندما كان معتقلا بالسجن الذي خرج منه منهكا مهمشا بدون عمل . و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تطالب بتمكين السجين السياسي السابق من بطاقة علاج مجاني نظرا لحالة الفقر الناشئة عن حرمانه من مواصلة عمله بعد خروجه من السجن. رئيس الجمعية                                                                                الأستاذ محمد النوري


أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف /الفاكس:71354984

Email: aispptunisie@yahoo.fr

تونس في 26/04/2007 بــيـــــان 2
تدعيما منا للموقف الذي تبنته بعض المنظمات الحقوقية و خاصة منها هيومن رايتس ووتش التي دعت إلى إطلاق سراح السجين السياسي السيد دانيال زروق تعلم الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن السجين السياسي المذكور هو من مواليد 23 جويلية 1955 بتونس العاصمة كان يعمل أستاذا لمادة التربية الإسلامية ,متزوج و له ثلاثة أبناء , و هو الآن معتقل بسجن المرناقية نفاذا لحكم صادر ضده من أجل الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها و رغم إنكاره للتهمة المنسوبة إليه و رغم قضائه للعقاب  المحكوم به ضده فانه لم يقع إطلاق سراحه وبقي في السجن نتيجة لأحكام أخرى صادرة ضده من اجل نفس الأفعال وهي شكلة يعاني منه العديد من المساجين السياسيين. قد سبق الجمعية الدولية لمساندة  المساجين السياسيين أن أشارت إلى هذه التجاوزات الخطيرة المتمثلة في محاكمة شخص مرارا عديدة من اجل نفس الأفعال وكان من المفروض أن تقضي المحاكم باتصال القضاء في القضايا الموالية .ونتيجة لخرق مقتضيات القانون بقي السجين السياسي السيد دانيال زروق في السجن لقضاء عقوبات صادرة ضده بموجب أحكام ثانية و ثالثة و رابعة  كان من المفروض أن يخرج من السجن عام 1996 .ومن أجل ذلك كانت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تطالب في كل مناسبة بإطلاق سراحه دون أن يقع الالتفات إلى طلباتها المتكررة و قد سبق لمحاميه أن تقدم بطلب في التماس إعادة النظر في القضايا المتكررة وقع ترسيمه بقسم الضبط بوزارة العدل بتاريخ 17/6/2005 تحت عدد 63546 أرفقه بنسخ من تلك الأحكام.

و السيد دانيال زروق معتقل الآن بسجن المرناقية و قد تدهورت حالته الصحيه و هو مصاب بعدة أمراض أهمها مرض القلب و الربو كما أنه مصاب بقرح في المعدة لم يشف منه رغم إجراء عملية جراحية عليه  لاستئصاله و هو الآن مصاب بحالة من الكآبة من جراء المظلمة التي يعيشها في السجون التونسية بدون أي موجب مثلما هو الحال بالنسبة لغيره من المساجين السياسيين نذكر من بينهم : – الصادق شورو – فرج الجامي – رضا البوكادي – منذر البجاوي – حسين الغضبان – رمزي الخلصي …

و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : –  تعبر عن شكرها العميق لمنظمة هيومن رايتس ووتش التي أعارت اهتماما خاصا بقضية السيد دانيال  زروق و بعثت برسالة خاصة لرئيس الدولة بتاريخ 25/04/2007 للمطالبة بالافراج عنه فورا. –  و تطالب بدورها بالافراج عن السجين السياسي السيد دانيال زروق . –  كما تطالب بالافراج عن المساجين السياسيين الذين يقضون أحكاما متكررة. 

رئيس الجمعية                                                                                الأستاذ محمد النوري


الأستاذ عبد الرؤوف العيادي على شاشة قناة « الحوار » من لندن

إستضاف برنامج « حقوق الناس »على قناة « الحوار التي تبثّ برامجها من لندن  في حلقته الجديدة التي وقع بثّها مساء اليوم الإربعاء 25 أفريل ، الحقوقي التونسي المعروف الأستاذ عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية. ولمن فاتته مشاهدة الحلقة يمكن له متابعة إعادة البرنامج في الأوقات التالية على قناة « الحوار »التي تبثّ على القمرين نايل سات و هوتبيرد :

– على الساعة السادسة صباحا بتوقيت تونس، وعلى الساعة الخامسة بعد الزوال بتوقيت تونس الخميس 26 أفريل . – على الساعة منتصف النهار والنصف بتوقيت تونس والخامسة بعد الزوال يوم الجمعة 27 أفريل  والساعة العاشرة صباحا  يوم السبت 28 أفريل بتوقيت تونس.


كلمة شكر و توضيح

نعود اليوم وبعد تعرض الموقع إلى عملية قرصنة إلى مراسلتكم. أبدأ بالشكر الجزيل لكافة الأصدقاء الذين عبروا لنا عن تعاطفهم و مساندتهم للموقع و للموقف و طبعا للحزب الديمقراطي التقدمي وما يتعرض له اليوم من مضايقات و محاصرة. لقدم تم إتلاف جزء من محتويات الموقع سنحاول إدراكه و إعادة نشره تدريجيا. المسئول على الموقع (المصدر: نشرة موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 25 أفريل 2007)

 

 

هيومن رايتس ووتش تدعو الرئيس التونسي للإفراج عن سجين سياسي

لندن ـ يو بي أي: دعت منظمة مراقبة حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش امس الأربعاء السلطات التونسية للإفراج عن الناشط دانيال زروق وإعادة النظر في حالات جميع السجناء الذين ينفذون أحكاما متعددة في جريمة واحدة.
وقالت المنظمة في بيان وزعه مكتبها في لندن إنها وجهت رسالة بهذا الخصوص إلي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تدعوه فيها إلي تأمين اخلاء سبيل زروق، والذي أشارت الي أنه أحد نشطاء حركة النهضة الإسلامية المحظورة ومحتجز في السجن منذ عام 1992 وادانته المحاكم التونسية منذ اعتقاله أربع مرات بسبب عضويته السابقة في تلك المنظمة .
وأضافت أنها ركزت في رسالتها الي الرئيس التونسي علي عدم عدالة تكرار الإدانة لذات الجريمة وعلي القوانين التي تجرم العضوية في منظمة سياسية وذلك بمعزلٍ عن الأفعال الجنائية المدركة كالتخطيط لأعمال العنف أو ارتكابها ، وسألت بن علي بهذا المنطق الذي يعتمده القضاء التونسي، ما الذي يمنع محاكمة زروق مرات كثيرة منفصلة عن كل يوم من أيام انتمائه إلي منظمة غير مرخصة؟ .
واشارت المنظمة إلي أن محامي حقوق الإنسان التونسيين اعتبروا قضية زروق واحدة من قضايا كثيرة تصدر فيها بحق المعارضين أحكاماً قضائية أكثر من مرةٍ في الجريمة الواحدة وهذا مخالف للقانون الدولي والمحلي معا .
وقالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش : يجري استخدام الإدانة المتكررة بسبب العضوية في جماعة محظورة من أجل إطالة مدة سجن زروق والأرجح أن هذا يجري استخدامه مع معارضين آخرين أيضا .
وطالبت ويتسن القضاء التونسي بأن يرد ردا موضوعياً علي اعتراضات السجناء الذين يزعمون أنهم أدينوا من غير حق أكثر من مرة في الجريمة الواحدة، وأن يقوم بالإفراج فورا عن دانيال زروق ، واصفة حالته بأنها تمثل خروجاً فاضحا علي معايير الانصاف .
وقالت المنظمة ان المحاكم التونسية أصدرت علي زروق، مدرس التربية الإسلامية البالغ من العمر 51 عاما ووالد لثلاثة أطفال، أحكاماً بأكثر من 20 عاما في تهمٍ متعددة من بينها ما مجموعه 9 سنوات بسبب العضوية في الحركة.
وأشارت الي أن المحاكم رفضت في محاكمة زروق الثانية ومن ثم الثالثة ومن ثم الرابعة حجج الدفاع القائلة بأنه يحاكم لاتهامه بالعضوية، ووصفت هذه العضوية بأنها جريمةٌ مستمرة وألقت وعلي نحوٍ خاطئ علي كاهل المتهم عبء اثبات أن الجريمة الجديدة هي عين الجريمة السابقة .  


التونسية سهير بلحسين على راس الفدرالية العالمية لحقوق الانسان

تونس (اف ب) – التونسية سهير بلحسين التي تم انتخابها مساء الثلاثاء في لشبونة على راس الفدرالية العالمية لحقوق الانسان لمدة ثلاثة اعوام هي اول امراة تتولى هذا المنصب منذ تأسيس هذه المنظمة عام 1922. وقالت سهير بلحسين بعد انتخابها « ارى في انتخابي اليوم عربون نجاح واعترافا لان وجود امرأة عربية على راس الفدرالية العالمية لحقوق الانسان أمر في غاية الاهمية ». تأسست الفدرالية العالمية لحقوق الانسان في 1922 وتضم 121 رابطة للدفاع عن حقوق الانسان في حوالي مئة دولة. وترفع الفدرالية شعار الاستقلالية عن كافة السلطات وعدم الانحياز وهي منظمة غير حكومية تعمل من اجل احترام حقوق الانسان. ويشكل انتخاب هذه الاعلامية الدائمة الابتسام المفعمة بالحيوية التي تبلغ من العمر 63 عاما نجاحا لتونس حيث تشغل سهير بلحسين منصب نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان اعرق منظمات حقوق الانسان عربيا وافريقيا. ولكن نشاطات هذه المنظمة التي تاسست في 1977 مجمدة منذ عدة سنوات بسبب خلافات داخلية. وخلفت بلحسين على راس الفدرالية العالمية لحقوق الانسان السنغالي صديقي كابا اثر الانتخابات التي تمت خلال الجلسة العامة السنوية للمنظمة العالمية في لشبونة. وكانت بلحسين انخرطت في الانشطة الحقوقية والنسائية منذ عقود وعرفت بنضالها في صفوف الرابطة التونسية لحقوق الانسان الى ان انتخبت في المؤتمر الوطني للرابطة عام 2000 عضوا في هيئتها المديرة فنائبا للرئيس مكلفة بالعلاقات الخارجية. كما انتخبت عضوا في قيادة الفدرالية العالمية لحقوق الانسان خلال مؤتمر الفدرالية في كيوتو عام 2004. وعملت سهير بلحسين في مجلة « فائزة » وهي اول مجلة نسائية تصدر في تونس وذلك في نهاية الستينات. وعرفت سهير بلحسين ايضا طوال 25 عاما كصحافية ومراسلة لمجلة « جون افريك » (افريقيا الفتية) التي يصدرها من باريس الاعلامي التونسي البشير بن يحمد منذ حوالي خمسين عاما وتحظى برواج كبير في شمال افريقيا. كما عملت مع وكالة « رويترز » للانباء وقناة « اوريزون » الفرنسية. واشتهرت سهير بلحسين بمراسلاتها الجريئة مما تسبب في منع نشر كتاباتها مرارا في تونس خلال العقود الماضية. وخاضت بلحسين تجربة اصدار مجلة ثقافية سياسية تعنى بالتلفزيون والاعلام. لكن المجلة سرعان ما توقفت بعد ازمة مالية خانقة. كما خاضت تجربة الكتابة فنشرت مع الاعلامية الفرنسية من اصل تونسي يهودي صوفي بسيس كتابا في جزئين عن الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة. ومنع بيع الكتاب في تونس في عهد بورقيبة ثم سمح ببيعه في 1990. وكانت دافعت داخل الرابطة التونسية لحقوق الانسان عن الشباب الذين اعتقلوا بعد مشاركتهم في تظاهرات « انتفاضة الخبز » في 1984. كما اصدرت كتابا اخر في التسعينات عن « النساء في منطقة المغرب العربي ». وعرفت بلحسين وعدد من رفيقاتها مثل الاعلامية والحقوقية سهام بن سدرين (رئيسة المرصد الوطني للحريات غير المعترف به) والمحامية راضية النصراوي (رئيسة فرع شمال افريقيا للمنظمة العالمية لمكافحة التعذيب) خلال العشرية الحالية بكثافة نشاطهن الحقوقي في عواصم اوروبية كثيرة وبمشاركتهن في العديد من المؤتمرات العالمية المناهضة للتعذيب والمناصرة لحقوق المراة ولتحسين اوضاع الحريات في العالم وفي دول الجنوب خاصة. (المصدر: موقع راديو مونت كارلو بتاريخ 26 أفريل 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية فرنس براس) الرابط:  http://www.rmc-mo.com/rmactuar/afp/journal/divers/070426071548.yilctl8t.asp

فضيحة أخرى في التعليم العالي

مدير المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بالمنار تونس  يمنع طلبة السنوات الأولى من إجتياز الإمتحانات

يوم الخميس 12 أفريل 2007 توجه طلبة السنوات الأولى لمخبر الفيزياء بالمعهد المذكور لإجتياز إمتحان الأشغال التطبيقية في الفيزياء، وكانت أستاذتهم في إنتظارهم وفي إنتظار فتح قاعة المخبر. لكن لا وجود لعون المخبر وبعد 15 دقيقة قدم مدير المعهد السيد محمد العبعاب، فإنتاب عدد من الطلبة شعور بالإرتياح على أساس أن الموضوع سيجد حلا، أما البقية فقد إنتابهم شعور بالخوف بما أن السيد محمد العبعاب معروف بطرد الطلبة وترهيبهم وكعادته أمر مدير المعهد الطلبة بالإنصراف وأعلمهم بتأجيل الإمتحان، بإعتبار أن الأستاذة ليست لها مفتاح المخبر. فحاول بعض الطلبة الإستفسار (خاصة أنه مدير المعهد ويمكن له أن يأمر عون المخبر بفتح المخبر)، لكنه تمسك بموقفه وأمر الطلبة مرة أخرى بالإنصراف، متمتما أشياء على الإستاذة المعنية، فهم على إثر ذلك جل الطلبة أن السيد المدير له مشاكل شخصية معها، فما كان من هذه الأخيرة سوى الإنسحاب والدموع في عينيها. كما إنسحب جميع الطلبة خوفا من بطش المدير لاعنين اليوم الذي دخلوا فيه هذا المعهد…
إنها ليست الفضيحة الأولى للسيد المدير محمد العبعاب فقد سبق له أن:
1) إعتدى بالعنف الجسدي على أستاذ بالمعهد (الشهر الفارط)، 2) تهجم على العديد من الأساتذة وشتمهم أمام طلبتهم في قاعات الدروس.
فكيف يسمح لنفسه كأستاذ تعليم عالي ومربي أن يتصرف بهذا السلوك ويمنع الطلبة من إجتياز الإمتحانات؟
لماذا لم تحرك ووزارة التعليم العالي ساكنا يقال أنه « واصل لدى سيادة الوزير »؟ هل لوزارة التعليم العالي قوانين أم أن كل مسؤول يتصرف على هوائه. ولماذا لم يفتح وزير التعليم العالي، وهو على ما يبدو رجل قانون، تحقيق حول هته المسألة.؟
لماذا يسكت أساتذة المعهد على هذا الوضع؟
  ولي طالب


الخميس 26 إبريل 2007م]

هدف البنزرتي في شباك الإفريقي يقتل تونسيا

عبد السلام القنوشي محب الإفريقي قلبه لم يتحمل تعادل ناديه فسكت إلى الأبد

 

سليم بو خذير (تونس)

    لم يتحمل قلب عبد السلام القنوشي صاحب الـ48 عاما صدمة تعادل فريقه المفضل الإفريقي مع البنزرتي في الدوري التونسي، فقضى نحبه أثر نوبة قلبية حادة تحسرا على فقدان ناديه صدارة المسابقة لمصلحة منافسه النجم الساحلي.

    وبحسب صحيفة الشروق التونسية، فقد توفي القنوشي عقب نهاية لقاء الإفريقي مع البنزرتي بعد أن باغتته أزمة قلبية عنيفة.

    وصرح منير القنوشي شقيق المتوفى بأن أخاه ظل متفاعلا إلى أبعد الحدود مع حركات وسكنات المباراة، وكان متأثرا جدا لتعديل النادي البنزرتي للنتيجة بعد أن كان الإفريقي متقدما بهدف مقابل صفر، مما جعله يصمت حينا ويصيح محتجا على هفوات لاعبي فريق باب الجديد، وعلى أخطاء المدرب (برتران مارشان) حينا آخر، مُتابعا أن النوبة القلبية باغتته بعد انتهاء المباراة بـ15 دقيقة فقط لتوافيه المنية في الحال.

   وقال نائب رئيس رابطة مشجعي النادي الإفريقي كان المرحوم سلومة (كنية الراحل) وفيّا للنادي ومتحمسا كثيرا له.

  وذكرت الصحيفة أن القنوشي عُرف بحبه الشديد للإفريقي، وكان لا يتردد في متابعة مباريات النادي الإفريقي بصفة مباشرة، كلما كان اللقاء بأحد ملاعب العاصمة، كما أضافت الصحيفة أن أصدقاءه كانوا يُفضلون مُناداته بـ »سلومة الإفريقي ».

وكان المتوفى يعمل سائقا لحافلة سياحية بمدينة الحمامات التونسية (60 كم جنوب العاصمة تونس).

 

( المصدر : موقع شبكة أم.بي.سي  التلفزية بتاريخ 26 أفريل 2007 )

 

 الرابط :

 

http://www.mbc.net/portal/site/mbc/menuitem.b7314772a7e4305d8ea74f101f10a0a0/?vgnextoid=8f497fb9d32ee010VgnVCM100000f1010a0aRCRD

 


 
افتتاحية

ما بعد تفجيرات الجزائر …

ما شهدته الشقيقتان الجزائر والمغرب من تفجيرات خلال الفترة الأخيرة ليس شأنا يمكن الإستخفاف به أو اعتباره ظاهرة بعيدة عنا لا تحصل إلا لـ »الآخرين ». فبرنامج « القاعدة » أصبح اقليميا اسما ومضمونا، بل إن البلدان الأوروبية القريبة منا باتت تتحسب لأي تطورات أو مضاعفات قد تجعل الشرار يصل إلى أسلاكها الكهربائية، خاصة مع وجود جاليات مغاربية هامة بين ظهرانيها. وهذا يستدعي منا في تونس الإنتباه للأمر ومعالجته بالوسائل التي يقتضيها الظرف وهي وسائل شاملة لا يشكل الأمن سوى ركن من أركانها. وتكون الوقاية من مخاطره سياسية بالدرجة الأولى، عن طريق تحصين المجتمع بإطلاق الحريات لأن المواطن الحر يدافع عن الوطن الذي تتجسد فيه إنسانيته وتُحفظ فيه كرامته. أما المواطن الذي يتعرض للإذلال ويُسام الظلم ألوانا فلا شيء يحفزه على الذود عن واقع يشعر أنه المُتضرر الأول منه. أما الدرع الثاني الذي يعطي مناعة للبلاد فهو ثقافي روحي تلعب فيه القوى المعتدلة وفي مقدمتها النُخب العاقلة دورا أساسيا في توجيه فورة الشباب إلى العطاء والبناء لا إلى الهدم والقتل. وهذا هو التحدي الأكبر: أن تجعل الشباب اليوم يؤمن بالحياة ولا يراها وراء أهوال الأمواج ولا خلف فرقعة الأحزمة الناسفة. لكن دوائر الحكم والناطقين بلسانه يُهونون من الخطر طالبين منا أن نُغمض جفوننا لأن هناك عيون تحرسنا بالليل والنهار، مع أن الذي حصل في الضاحية الجنوبية في أواخر ديسمبر ومطلع جانفي أثبت وجود خروق كبيرة على هذا الصعيد. وبتعبير آخر فإن الحكم مازال يرى في المنهج الأمني السبيل المثلى لمعالجة ظاهرة العنف والتطرف، ويُصر على تأجيل أي إصلاح سياسي أو ثقافي. أكثر من ذلك طلع علينا مدير إحدى الصحف في افتتاحية سخيفة باقتراح مؤداه أن علينا إهداء أعيننا عرفانا بالدور الذي تقوم به « العيون » للسهر على سلامتنا. وطبعا يستطيع هو وأشباهه أن يهدوا عيونهم إلى أولياء النعمة، أما عامة التونسيين فتغار على أعينها وتريد أن ترى من خلالها بلدها وقد استوفى شروط المناعة الحقيقية واستأنف دوره الحضاري العريق بجسم سليم معافى من أعراض التطرف و أدران الإستبداد.  (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 402 بتاريخ 20 أفريل 2007)  


حظك في أبراج الاستبداد

الحمل: 20مارس- 09 أفريل النجوم ليست في صالحك , فأنت محاط بالضباع و الذئاب و بنات آوى و كل آكلات الجيف و ننصحك بألا تكون منفردا فلا أمل لك في الخلاص . الزم اخوانك من الحملان فنجاتك معهم فان الضباع تخشى الكثرة و لا جرأة لها على الجماعة . رقم النحس : سعر الكيلو من لحم الخروف . الثور: 11 أفريل- 01 ماي: الوقت مناسب كي تغير ما عودوك عليه , فلا تنطح كل من يشيرون عليك بنطحه و تذكر كل الذين بقرت بطونهم و هشمت عظامهم بلا سبب سوى طاعتك العمياء و اندفاعك الأهوج لايذاء خصوم أسيادك و اعمل بالمثل القائل  » أكلت يوم أكل الثور الأبيض  » . و أنت أيتها البقرة عليك في قادم الأيام أن تثبتي أنك أذكى مما يتصورون و أنك لست مجرد ضرع يحلبه كل من هب ودب و يترك عجولك جياعا . يوم النحس : يوم التفويت في مؤسسة  » ستيل  » . الجوزاء : 2ماي- 5جوان: حالة الازدواج تسبب لك القلق و تجلب لك المشاكل العائلية و الاجتماعية فأنت في أوقات الرخاء شجاع شهم أبي ثابت على المبادىء و في الأوقات العصيبة جبان رعديد زاحف على وجه الأرض متمسح بالنعال المتغطرسة فلا أنت محترم عند هؤلاء و لا أنت موثوق عند أولئك. فعش عزيزا أو مت و أنت كريم . يوم النحس : ذكرى هزيمة 67 السرطان: 6جوان-25جويلية : اذا كنت سجينا حاليا أو معتقلا سابقا فهذا يعني أنك ذقت كل أنواع الأذى التي يرمز اليها برجك . وبما أن نهاية هذا البرج توافق عيد الجمهورية فأيقن بأن الفرج قريب رغم ما يبدو من طول الانتظار . يوم السعد : اعلان العفو التشريعي العام . الأسد : 26جويلية-13أوت: مواليد هذا البرج كلهم أسود , فمنهم أسد السرك الذي يعيش طائعا , مؤديا حركات معلومة لاستدرار تصفيق الجمهور مقابل لقمة معجونة بالهوان, و منهم أسد حدائق الحيوان محبوس بين القضبان و يملأ الدنيا زئيرا كاذبا , و منهم من قيل فيه  » أسد علي وفي الهيجاء نعامة  » . فاذا كان قدرك أن تكون أسدا فكن طليقا كطيف النسيم . العذراء: 14أوت-20سبتمبر: عذريتك التي حرصت على المحافظة عليها طوال هذه المدة لا معنى لها , فلا أنت مع اليمين و لا أنت مع اليسار , و لست من مساندي المعارضة و لست من معارضي السلطة . عذريتك الكاذبة تنصل من الواجب و سكوت على الجرم المشهود و شهادة زور على اغتصاب الحق وانتهاك الحرية . الميزان: 21سبتمبر-18أكتوبر: مواليد هذا البرج ميالون بطبعهم إلى العدل والانصاف , ويحبذون العمل في المهن القضائية فاذا كنت قاضيا عادلا أو قاضية نزيهة فالأيام القادمة تحمل اليك خبر نقلة من مقر سكناك و محل عملك إلى مكان بعيد عن الزوج والأبناء . واذا كنت من المحامين الغيورين على الحقوق والحريات فأبشر بزيارة قريبة يؤديها اليك أشخاص لا خير من ورائهم . قدرك وضعك في هذا البرج الخطير , و ما عليك الا الاحتمال حتى تعتدل كفتا الميزان . و  » ما يطيح الرطل كان الكيلو  » . العقرب : 19 أكتوبر-6نوفمبر: مواليد هذا البرج يكررون أخطاءهم باستمرار و لا يعملون بقاعدة :  » لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين  » و مع ذلك فهم يسممون حياة غيرهم بالنقد اللاسع . القوس :7نوفمبر- 10 ديسمبر: اعوجاجك لن يستقيم مهما فعلت , و وترك المشدود لن يهدأ و لن يعرف الاسترخاء و سهامك لم تعد تصيب هدفا . النجوم تنصحك بالانسحاب بصمت و التكفير عن ذنوبك لمن أصابت نبالك منهم مقتلا . الجدي:11ديسمبر-26جانفي: أما آن لك أن تتغير ؟ فأنت على الدوام تأكل و تصيح , على الدوام طائش متنطع , ما من زرع الا أتلفته , وما من شجر الا جردته . فثب إلى رشدك و تحول إلى تيس راشد حكيم و سيتحمل المحيطون بك روائحك الكريهة . الدلو:27جانفي-26 فيفري: أيها الدلو يكفيك ما قضيته من عمرك مثل الدلو مقيدا من رقبتك تغترف الماء لغيرك و يقتلك الظمأ . الظروف مواتية لتتوقف عن اراقة ماء وجهك . الحوت:27فيفري-19مارس: اذا كنت من أصحاب الشهائد المعطلين فستبحر في خضم التهميش و تجدف ضد تيار الفراغ و العطالة و ستصطدم بصخور التسلط و العنهجية و الظلم و ستدفعك أمواج الموالاة و الارتشاء السياسي بعيدا . و لكنك حوت و الموج عنصرك فلا تخشى شيئا  » و من يركب البحر لا يخشى من الغرق  » . (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 402 بتاريخ 20 أفريل 2007)  


أخبار قصيرة من الموقف

ندوة حول التشغيل ينظّم مكتب العمل الإجتماعي بالحزب الديمقراطي التقدّمي يوم 28 أفريل الجاري ندوة بعنوان  » عيد الشغل بدون مَواطن شغل »، سيحاضر فيها عدد من الأساتذة المختصّين من بينهم الأستاذ فتحي الشامخي، الى جانب ممثّلين عن اتّحاد أصحاب الشهائد المُعطّلين عن العمل وغيره من الهياكل. تأمينات الإتّحاد أفادت مصادر نقابيّة انّ مدير تأمينات الإتّحاد رفض الإعتراف بتهمة سوء التصرّف المالي المنسوبة اليه والمُوقف عن العمل بسببها، وانّ المركزية النقابية تتّجه الى احالته على لجنة النظام الداخلي للبتّ في الموضوع. رسالة احتجاج من جامعة أريانة على إثر منع أعوان الأمن لعدد من ضيوف جامعة أريانة للحزب الديمقراطي التقدّمي حضور حفل تدشين مقرّها، واضطرارها الى إلغاء الندوة التي كانت مقرّرة يوم 06 أفريل 2007، توجّه وفد من الجامعة إلى مقرّ ولاية أريانة لتقديم رسالة إحتجاج للوالي. وأمام المماطلة في قبول الرسالة ننشرها هنا تعميمًا للفائدة. الى السيّد والي أريانة المحترم، الموضوع: اعلام واحتجاج على ممارسة غير قانونية تحية طيّبة وبعد، فإنّنا أعضاء مكتب جامعة أريانة للحزب الديمقراطي التقدّمي نتقدّم لكم بمكتوبنا هذا للتعبير عن احتجاجنا واستيائنا ممّا حصل يوم افتتاح مقرّنا الجديد بمدينة أريانة، 24 نهج الطيّب المهيري، والذي كان مقرّرًا عقده يوم الجمعة 6 أفريل 2007 على الساعة الخامسة مساءً. حيث انّ أعوان أمن بالزيّ المدني قاموا بمنع بعض ضيوفنا من دخول المقرّ دون وجه قانوني بل وفي تحدٍ صارخ لحرية الإجتماع التي يضمنها دستور البلاد، ممّا اضطرّنا الى الغاء حفل الإفتتاح والندوة التي كانت مُقرّرة. سيّدي الوالي، انّنا اذ نتوجّه لكم بهذا الإعلام معبّرين عن شديد استنكارنا لما حصل فإنّنا نهيب بكم لإتّخاذ الإجراءات التي يخوّلها لكم منصبكم لضمان تطبيق القانون واحترام حرّية العمل الحزبي بما يكفل لنا القيام بدورنا الدستوري والقانوني في تأطير المواطنين. أملنا وطيد في ان لا تتكرّر مثل هذه الممارسات تتعدّى على حقوق المواطنين وتسيئ لسمعة الوطن. عن الجامعة الكاتب العام: عبد العزيز التميمي (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 402 بتاريخ 20 أفريل 2007)  


ضغوط رافقت إضراب الأساتذة في سيدي بوزيد

عطيــة عثمـوني لم يكن الوضع عاديا في مدينة سيدي بوزيد يوم 11/04/2007 فمنذ أن قرر المربون تنفيذ إضرابهم بدأت السلط الجهوية حملة أشركت فيها كل الهياكل الإدارية والسياسية والأمنية من أجل إجهاض إضراب المربين فقد وضعت خطة محكمة أشرفت على تنفيذها هيئة جهوية يرأسها منسّق عام ويشارك في إدارتها مسؤولون سامون وكان الهدف من ذلك :   معرفة كل الأساتذة الذين لهم قرابة بمسؤول إداري أو سياسي أو أمني سواء كانت قرابة دموية أو علاقة صداقة أو علاقة نسب من أجل التأثير عليه حتى لا ينفّذ الإضراب.   الإتصال بالأساتذة التجمعيين فردا فردا والضغط عليهم من أجل إثنائهم عن القيام بالإضراب وكأن التجمعيين لا يلتزمون بالمبادئ النقابية التي انخرطوا من أجلها في الاتحاد العام التونسي للشغل.   تخويف الأساتذة المتربصين أو المتعاقدين MACA وتهديدهم بالعزل من الوظيفة إذا هم نفذوا الإضراب. ولم تكتف السلطات الجهوية بذلك بل شنّت حملة مركزية على الأساتذة والمعلمين من خلال إشاعات عديدة أطلقتها بالادعاء بأن الإضراب سياسي وغير نقابي وأن النقابات الجهوية متطرفة وأن المربين غير وطنيين. واللافت للانتباه أن 3 وزراء قد تعاقبوا على زيارة ولاية سيدي بوزيد في هذه الفترة وكان إضراب رجال التعليم على رأس أجندة الوزراء الذين زاروا مدينة سيدي بوزيد. لكن مع ذلك كان نجاح الإضراب عاليا في الجهة وبرزت بجلاء قدرة نقابيي التعليم الابتدائي والثانوي على تعبئة قواعدها وظهر بشكل واضح تمسك المعلمين والأساتذة بمطالبهم المشروعة وحرصهم على الدفاع عنها، أما في مستوى معاهد المعتمديات فقد حاول المديرون منع الزملاء النقابيين من دخول المؤسسات التربوية مثلما حصل في إعدادية الحفي ومعهد المزونة ومعهد بن عون . ومع ذلك فإن الزملاء المعلمين والأساتذة كانوا في مستوى مسؤولياتهم النقابية ونفذوا إضرابهم بنجاح حيث وصلت نسبة المضربين إلى 87 % . و توافد رجال التعليم على دار الاتحاد الجهوي للشغل بمدينة سيدي بوزيد ابتداء من الساعة التاسعة صباحا. وأشرفت النقابتان الجهويتان للتعليم على اجتماع جماهيري وحماسي بدار الاتحاد تمسك فيه المتدخلون بمطالب القطاعين ورفضهم لأسلوب التخويف والتخوين الذي تمارسه أطراف وجهات إدارية وحزبية من أجل أرباك العمل النقابي بالجهة، وأدانوا بشدة محاولات السلطة الجهوية ضرب العمل النقابي. اعتصام بمعهد بن عون بقدر ما حاول مديرو المؤسسات الأخرى تطويق هذه التحركات من خلال الاعتذار للزملاء النقابيين والأساتذة فإن السيد مدير معهد بن عون رفض هذا المطلب بل حاول تشويه الممارسة النضالية لمعهد بن عون من خلال تأليب الرأي العام الإداري والعمالي على الأساتذة مما فرض على القاعدة الأستاذية اتخاذ قرار الدخول في إضراب مفتوح يوم 13/04/2007. وفي نفس الوقت قررت النقابة الجهوية عقد اجتماع المجلس الجهوي القطاعي في مدينة بن عون دعما للزملاء المضربين يوم 15/04/2007 اجتمع المجلس الجهوي القطاعي في مدينة بن عون دعما للزملاء المضربين وأقر مواصلة الإضراب إلى حين استجابة الإدارة إلى مطالب القاعدة الأستاذية ، كما قرر المجلس الجهوي الدخول يوم الاثنين 16/04/2007 في تحركات جهوية دعما لزملائهم في معهد بن عون. (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 402 بتاريخ 20 أفريل 2007)  


التعددية النقابية في قطاع التعليم العالي بين الحقيقة والخيال

إبراهيم العثماني  استقطب موضوع التعددية النقابية اهتمام النقابيين والمناضلين في الأيام الأخيرة منذ أن راج خبر مفاده أن مجموعة من النقابيين القدامى تنوي تأسيس اتحاد اختارت له من الأسماء  » الجامعة العامة التونسية للشغل  » . فحفز هذا الخبر البعض إلى كتابة المقالات والرد على هذه المبادرة . وأثار استغراب البعض الآخر، ونسي الكثير منهم أن التعددية النقابية أصبحت واقعا ملموسا في قطاع التعليم العالي مما دعانا إلى التوقف عند هذه الظاهرة لمعرفة آليات اشتغالها وخصائص المشهد النقابي قبل ظهورها وبعده . تأسست النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي يوم 18 أفريل 1971 ،والتزمت بالدفاع عن مطالب منظوريها منذ أن كانت متكونة من 4 فروع نقابية ،وقدمت منذ نهاية ديسمبر 1972 مشاريع حول الزيادة في الأرقام القياسية ومنح رجال التعليم العالي والبحث العلمي ،والمساهمة في لجان الترقية وإصلاح التعليم الجامعي ،كما حققت زيادة بنسبة 60 في المائة من معلوم الساعات الزائدة . (3 ) وقد تميزت بنشاطها وحضورها الفاعل في الاتحاد وحققت مكاسب هامة للمدرسين بالجامعة .ولكن سرعان ما تعرضت هذه الوحدة للانشطار، وتكرس الانشقاق عمليا مبكرا .يقول الأستاذ جنيدي عبد الجواد : » ولم تمض ثلاث سنوات على تأسيس النقابة حتى بدأت تحاك المناورات لشق صفوف الجامعيين فأحدثت نقابة الأساتذة والأساتذة المحاضرين ب16 منخرطا فقط انتخبوا من بينهم 9 أعضاء ليكوّنوا المكتب الوطني لهذه النقابة في سنة 1974  » (4 ). ويرجع الأستاذ الجنيدي أسباب الانشقاق إلى ثلاثة عوامل :1) انزعاج السلطة من انضمام الجامعيين إلى الاتحاد ، 2) حذر قيادة الاتحاد واحتياطها من نقابة كانت في مطالبها ومقرراتها وطرق عملها وتسييرها مستقلة تماما عن الحزب الدستوري ، 3) عدم رضا بعض الأساتذة المحاضرين وأساتذة التعليم العالي بتقليص الفوارق بين أصناف السلك الواحد إثر اتفاقية 1973 . (5 ) ولكن رغم وجود هيكلين نقابيين في مؤسسة واحدة فقد التزما بالتنسيق فيما بينهما كلما عزما على خوض نضالات مشتركة . وكل الزيادات المادية التي تحققت والتحسينات التي أدخلت على ظروف العمل تمت بفضل تظافر جهود جميع الأساتذة رغم اختلاف أسلاكهم . وقد أصبح التشاور والتنسيق سنة تكرسها نقابتا التعليم العالي على مدى عقود إلى أن تعطل هذا التقليد منذ اتفاقية 14/ 12/ 1999 التي ربطت الزيادة في الأجور بالزيادة في ساعات العمل ، وأثارت جدلا واسعا بين صفوف الأساتذة وتباينات حادة لم تنته مضاعفاتها إلى الآن ،ومن ثم دخل العمل النقابي في الجامعة منذ ذلك التاريخ في مأزق لم يستطع تجاوزه خاصة وقد غذته أطراف من داخل القطاع و من خارجه. وهي تسعى جاهدة إلى تأبيده ،فتناسلت النقابات حتى أصبحت الوزارة » تتفاوض » مع « أربع  » .فما هي هذه النقابات ؟ وماهي حقيقة الأمر ؟ في الحقيقة لا نستطيع أن نتحدث عن نقابة إلا إذا توفرت جملة من الشروط والمقومات تكون مستمدة من النظام الداخلي والقانون الأساسي للاتحاد الذي تنتمي إليه ،لذلك سنستعرض هذه النقابات لنتبين إلى أي مدى تستجيب هذه الهياكل لتلك المواصفات . 1 ) الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي : هي إفراز للمؤتمر التوحيدي الذي انعقد يوم 15 جويلية 2006 و الذي أشرف عليه الأخ محمد السحيمي بحضور عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام ،وهي تكريس للائحة المجلس القطاعي المشترك لنقابات التعليم العالي المنعقد يوم 15 جوان 2006 ،ومقررات مؤتمر جربة الاستثنائي ( فيفري 2002 ) ،والهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد ( مارس 2004 )،والمجلس الوطني ( أفريل 2006 ) . وتضم في صفوفها كل أسلاك المدرسين والباحثين والعاملين بالجامعة التونسية التي كانت موزعة على عدة نقابات وبذلك أصبحت ممثلهم الشرعي الوحيد .ولها نقابات أساسية ونيابات نقابية ،ويبلغ عدد المنخرطين بها 3270 (6 ).وهي الهيكل النقابي الجامعي الوحيد الذي يعترف به الاتحاد العام ويحتضن أنشطته ،فيعقد المجالس القطاعية ويصدر اللوائح والبيانات ويرد على المناشير الوزارية ويرسم الخطط النضالية لتحقيق المطالب المرفوعة منذ سنوات . ولئن اعترفت وزارة التعليم العالي بالجامعة وعقدت معها جلسات للتفاوض فإن هذه الجلسات لم تتمخض عن أي نتيجة تذكر . 2) « نقابة الأساتذة والأساتذة المحاضرين  » : هي النقابة التي تأسست سنة 1974 وظلت تنشط حتى غاية 15 جويلية 2006 .وقد رفض مكتبها التوحد مع سائر أسلاك التعليم العالي والانصهار في الجامعة العامة رغم النداءات المتكررة التي وجهت إليه . ويؤكد الاتحاد العام أن المؤتمرات التي انعقدت طوال سنة 2006 كانت توحيدية وشاركت فيها كل الأصناف . لذا لم تعد لهذه النقابة العامة أي نقابة أساسية أونيابة نقابية ولم يعد لوجودها أي مبرر. ويضيف الاتحاد قائلا بأن عدد منخرطيها لا يتجاوز 120(7 ) ،وهو عدد لا يسمح لها بتكوين نقابة عامة ،ومن ثم لم يعد يعتبرها هيكلا من هياكله ،ورغم ذلك لا تزال وزارة التعليم العالي تعترف بها وتجتمع بمكتبها دون أن تقدم إليه أي شيء . 3) « النقابة العامة للتعليم العالي « : انبثق مكتب هذه النقابة عن مؤتمر 27 ،28 أكتوبر 2001 ،وقد اقترن انعقاد هذا المؤتمر بجملة من الطعون جعلته لا يحظى برضا النقابيين والأساتذة .فأثار ردود فعل مختلفة واستنكارا لظروف انعقاده وأحدث النقابيون حوله فراغا مما دفع قيادة الاتحاد إلى حله يوم 2 ماي 2002 وتعويضه بلجنة نقابية مؤقتة ،ثم عقد المؤتمر الثامن بأميلكار يوم 14 جوان 2003 ليضع حدا لهذا المكتب .وقد رفض مصطفى التواتي الكاتب العام السابق لهذه النقابة هذا الإجراء وقدم قضية عدلية للطعن في شرعية هذا القرار الذي اتخذه الاتحاد وتمسك بمكتبه .ورغم أن هذا الهيكل لم يعد ممثلا بالاتحاد فلا تزال الوزارة تعترف به . ويقترن ظهوره على الصحافة بالدعوات التي توجهها إليه الوزارة لحضور الاجتماعات والالتقاء بها دون أن تلبي له أي مطلب إن تقدم لها بمطالب . 4)  » نقابة المدرسين التكنولوجيين « : فاجأت وزارة التعليم العالي النقابيين في القطاع وخارجه بحدث غريب ولافت للانتباه .فقد نظمت يوم 15 أوت 2006 برادس يوما دراسيا « حول مهنة المدرس التكنولوجي والمسألة التنظيمية :الواقع والآفاق  » .ومن العناوين الفرعية لهذا اليوم الدراسي  » تكوين الهيئة الوطنية التأسيسية للنقابة المستقلة للمدرسين التكنولوجيين وتحديد مهامها وتكوين النيابات النقابية في المؤسسات التكنولوجية « (8) . هكذا تصبح الوزارة مدافعا عن المدرسين التكنولوجيين ،وتتولى عوضا عنهم تأسيس هيكل نقابي باسمهم بعد أن أصبحوا ممثلين في الجامعة العامة ،ومن ثم تتجاوز كل الأعراف والنواميس وتقحم نفسها في موضوع لا يعنيها ،بل تدعو الهيئة التي نصبتها إلى » التفاوض » دون أن تقدم إليها أي شيء . تلك هي حقيقة المشهد النقابي في الجامعة بعد مرور سبع سنوات على إبرام اتفاقية 14/ 12/ 1999 :جامعة ممثلة ونقابات صورية .لكن تستحيل الحقيقة خيالا والخيال حقيقة ،وتغدو المعادلة معكوسة في ذهن وزارة التعليم العالي،وتتساوى الهياكل لديها رغم اختلاف أحجامها وقاماتها وتباين تمثيليتها ،فتحيي الرميم وتميت الحي .ولعل التجاء الوزارة إلى مثل هذا الأسلوب مرده إلى الرغبة في تغييب الجامعة عن مناقشة الملفات الكبرى ومواجهة مشاريعها ومقارعة الحجة بالحجة .فمنذ سنوات دأبت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على طرح الإصلاح تلو الإصلاح دون مشاركة النقابة فيه ،و ظلت أوضاع المدرسين وظروف عملهم تزداد سوءا ولا راد له ،وما انفكت مقدرتهم الشرائية تهترئ ،ومكاسبهم تفتك من يوم لآخر دون أن يكون لذلك الاهتراء حد ينتهي عنده ولا لهذا الافتكاك من خط أحمر يوقفه . ولئن فتحت الوزارة باب » التفاوض » مع أكثر من نقابة فإن ذلك الأسلوب ليس إلا طريقة لجعل الحوار مع الهيكل النقابي الممثل الحقيقي للأساتذة والمدافع عنهم والمنافح عن مطالبهم مجرد عملية شكلية بحت مفرغة من أي محتوى .وإن اعترفت بهذه النقابات جميعها فإن اعترافها لا يعدو أن يكون تهميشا لها جميعا والتفافا على مطالبة النقابة الشرعية بالمشاركة الفعلية في بلورة الإصلاح الجامعي وذلك حرصا من الوزارة على ربح الوقت والتمكن من تمرير مشروع ( إمد ) وجودة التعليم العالي « بفضل  » التعددية النقابية . تتضح إذن نية الوزارة من التحمس لهذه التعددية النقابية الصورية .فهي تسير في اتجاه معاكس للمسار الذي اختاره الاتحاد العام التونسي للشغل . فبقدر ما كان الاتحاد حريصا على لمّ شمل الأساتذة في هيكل واحد وموحد عملت الوزارة على تشتيت صفوفهم .فقسمت الهيكل النقابي الواحد إلى أربعة ،وجعلت الهياكل الأربعة لا تساوي شيئا ،وأتاح لها هذا النفي التحرك بكل حرية لتمطر الأساتذة بوابل من المناشير قوامها التراجع في عديد المكاسب .ولكنها نسيت أن الشيء إذا تجاوز حده انتقل إلى ضده .لذا كان جواب الأساتذة النضال والنضال بكل الوسائل القانونية والمشروعة وتحديد إضراب بيوم واحد يوم 5 أفريل 2007 بوصفه بداية لسلسلة من التحركات اللاحقة التي سيكون رد فعل الوزارة على الإضراب محددا لنوعها وشكلها ووتيرتها ومداها . وفي خاتمة هذا المقال نستطيع أن نقول :ليست التعددية النقابية شرا لابد منه بل هي اختيار تبرره الاعتبارات الحزبية والإيديولوجية مثلما هو الشأن في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا …حيث ترتبط النقابات بالأحزاب فتعبر عن مصالحها أكثر مما تعبر عن مصالح الطبقة العاملة .وهي تكون أيضا خطة يلجأ إليها الخصوم أو يستغلونها لشق صفوف النقابيين وإلهائهم عن مشاغلهم الأساسية وتحويل وجهة الصراع الحقيقية كما هي الحال في سلوك وزارة التعليم العالي عندنا مع الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي .وهي قد تكون كذلك وسيلة لتحقيق مآرب فئوية أوشخصية ضيقة جدا . . إبراهيم العثماني عضو النقابة الأساسية بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 402 بتاريخ 20 أفريل 2007)  


« Made in China » تجتاح المدينة العتيقة

محسن المزليني وسمير ساسي ينتصب عبد الرحمان بن خلدون وسط العاصمة في هيئة سرمدية متخذا المدينة العتيقة وراءه ظهريا، مدينة سماها العرب الفاتحون « تؤنس » وصفا لحالة الأنس التي كانت تشع من صومعة « ترشيش ». تقترب من آخر عباقرة حضارة العرب، ترهف السمع… تنبعث غمغمة أشبه بحكمة خضبتها نغمة حزينة « إذا تبدلت الأحوال جملة فكأنّما تبدّل الخلق من أصله وتحوّل العالم بأسره وكأنّه خلق جديد ونشأة مستأنفة وعالم محدث »… كأنّ المدينة غير المدينة، المحلّ قديم عتيق والحالّ فيه خليط مُحدث عجيب يُذهب من نفسك الشوق فتسبح دون حنين وتبكي على غير طلل ولا يبقى غير السؤال، سؤال ينتشر في أزقة المدينة العتيقة بين ثنايا ضيّقة حرجة كأنّها قُدّت لزمن سرمدي لا يتغيّر… درب وردب وزنقة وباب، كلّ بمقدار الحاجة والوظيفة. انفتاح وسعة في الداخل، كما الرّحم، وخارج تفاصيله يحدّدها القيم ومستوجبات السكن والأمن. وهكذا يتوالى تصميم المدينة العربية القديمة من الأفسح إلى الضيق فالأضيق، تصميم لم يأت من فراغ، إنما هو نتاج حاجة اجتماعية، مناخية ومعمارية وعسكرية. بالكاد يعبر المارون بين الثنايا، وبالكاد تلمس من روحها العتيقة أثرا أو بعض أثر، لكنّ القلم رافق العدسة فأسهبا وأطنبا وشاهدا ووصفا… مدينة صينية ! تلج المدينة فتسبقك السلع المكدسة أمام حوانيت تستنسخ يوميا وتتمدّد على حساب بيوت ومواقع هجرها أصحابها إمّا لأنّها لم تعد تستجيب لمتطلبات عصرنة غدت السيارة إحدى شروطها و شوارع المدينة أضيق من أن تتقبّل هذا القادم الجديد، أو لأنّ أثرياء السلع الصينية الجدد يدفعون في هذه الأطلال المبالغ المغرية ليعرضون سلعا غازية تعلن عن تحديها لكلّ حالة تنظيمية في المدينة، من خلال محتوياتها العديدة المتنوعة…سلع من أقصى الشرق، من الصين أو كوريا ينفتح بها « سوق ليبيا » المتمدّد أبدا… سلع مقلّدة رخيصة كأنّ أصحابها أدركوا بعض فقرنا فأمطرونا بسلع مقلّدة عدمت روح الابتكار واستنزفت رصيد العملة الصعبة وأتت على ما تبقى من صناعة محلية كانت أسواقنا تعجّ بها، وكأننا أكثر انفتاحا ومنافسة من فرنسا التي أعدّت قانونا يجرّم شاري هذه السلع المقلّدة ويهدّده بخمس عجاف في السجن وغرامات خيالية إضافة إلى عقوبات أقسى يتعرّض لها البائع. « عمّ صالح » سليل عائلة أدب وثقافة محبّ حدّ العشق لزمن المدينة العتيقة، يمتلك مخزنا في أحد دروبها يحاول أحد المثرين من التجارة « الصفراء » (نسبة إلى الجنس الأصفر)، إغواءه بمبالغ ليست هينة ليشتري منه العقار أو يكتريه، أخبرنا بأنّه يقاوم رغبة هذا وذاك ولكنه لا يضمن ثباته طالما لا وجود لحلول بديلة « فالمال بلا أخلاق ». أضيق من سمّ الخياط ينتصب كلّ إثنين سوق جوّال يمتدّ من باب الجزيرة ويتمطّط عبر الأزقّة والدروب الصاعدة نحو جامع الزيتونة في تحدّ لخطط « المقريزي » وعباقرة فلسفة الإعمار، سوق تتلاصق فيه الأجسام وتنشط فيه نظرا للضيق كلّ أنماط السلوك التي يضمها معجم الانحراف قولا وفعلا. باعة أتقنوا لعبة الفأر والقطّ وحيل المراقبة لكلّ عمليات المطاردة وحملات الفتك بما يبيعون… كشّافة وأعوان رصد مأجورين ولا مشكلة طالما أنّ العائد من سلع الحفّاظات واللعب العجيبة الغريبة وآلات المطبخ و »لبن العصفور » بإمكانه أن يسدّ التكلفة ويفيض. لاقتنا باحثة تستجدي الباعة لتتمكّن من الدخول إلى مركز البحوث والدراسات الاجتماعية والاقتصادية « السيراس » دون أن يكترث لها أحد فتتسلّح بما تبقى لها من شجاعة وقوّة لتفتح كوّة تلج منها. تتساءل عماّ بقي للشوارع من معنى وللدروب من وظيفة في هذه الحالة من الفوضى الهدّامة. وهكذا تترك المدينة بكل رهاناتها الهائلة ضحية فوضى تحرسها المصالح الرأسمالية المضاربة في العقار. ليس مجرّد حنين: إذا كان دوام الحال من المحال وإذا كان التغيّر لازمة للبشر وما ينتجون على حدّ السواء فإنّ كلّ ذلك لا يبرّر الاستقالة التي نلحظها من الجميع لمواجهة ما آلت إليه المدينة العتيقة خاصّة وأنّها مسجّلة منذ بداية الثمانينات في قائمة اليونسكو للتراث الإنساني. ففي ظل تآكل سلوكاتنا المدنية القديمة السابقة وفي غياب أيّ اكتساب لسلوك مدني معاصر، بقي مصير المدينة مرتهن في أيدي جهات لا علاقة لها بالمعمار والعمران وتنظيم المدن إذ يكتفي المجلس البلدي بتدبير رخص البناء والصفقات المتعلقة ببعض التجهيزات التي لا يستشار فيها السكان ويتحول مهندسو البلدية ومعماريوها إلى موظفين يعالجون ملفات رخص البناء. في حين يلاحظ المتجول في بعض أرجاء المدينة كيف تحوّل الكثير من الزوايا والمنعطفات إلى أماكن تتكدّس فيها الفضلات من كلّ لون وشكل. إنّ هذا الأمر يطرح تساؤلات عديدة حول استغلال هذا الفضاء المديني وكيفية التعامل معه بالنّظر إلى أنّ كلّ البلدان التي تمتلك تراثا أقلّ من تراثنا سعت إلى توظيفه بشكل أفضل بل حوّلته إلى وسيلة استثمار فعالة وذلك بتأسيس سياحة ثقافية حقيقية هي عين ما اهتدت إليه المغرب مثلا. لقد تحوّلت مدينة مرّاكش إلى قطب جذب لقطاع واسع من مستكشفي ثقافات الشعوب، وهم عادة من غير المفلسين، وذلك بفضل حرص السلطات هناك على أن تحافظ، ليس فقط على معمار المدينة وتطوير فضاءات اقتصادية تراعي خصوصيتها، وإنّما تعدّى الأمر إلى تحويل فضائها إلى مشهد ثقافي دائم تؤثثه كل عناصر الفرجة التقليدية: حكواتي، ألعاب سحرية… وما ينشط على هامشها من نشأة تجارة مختلفة استهلاكية وترويج لبضاعة تقليدية تكون هي ذاتها بعثا لمواطن الشغل و الارتزاق. عود على بدء إنّ أزمة المدينة التقليدية ليست خاصية تونسية فهي أزمة عامّة تخصّ الفضاء المديني في كلّ بلدان العالم وإن بتفاوت يضيق ويتّسع حسب إمكانيات كلّ بلد وقدرته على إعادة تصوّر لنمط تحضّره الخاص في إطار التحوّلات المتسارعة التي يشهدها العالم. غير أنّ عموم الأزمة وشموليتها لا يغنينا عن ملاحظة مدى الاستهتار الذي تُعامل به المدينة العتيقة وهو ما حوّلها إلى مكان تجارة لا مكان حضارة. والبعد التجاري هنا ليس إلاّ سيطرة البعد الربحي الضيّق بغضّ النّظر عما ينتج عن ذلك من فضاء هندسي ملوّث وملوِّث، إضافة إلى عشوائيته، ولا يكون مثل هذا الاستغلال إلا نوعا من سرقة الفضاء أو اغتصابه، نوعا من العنف ضد الأرض، نوعا من اغتيال الأرض واغتيال الفضاء. وبعيدا عن هذه النّظرة الضيقة، متى تُتّخذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على هذا التراث الإنساني من الضياع؟ وكيف يمكن تطوير فضاءات تسمح بحسن استغلاله وتحفظ بعض وظائفه الحيويّة؟. (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 402 بتاريخ 20 أفريل 2007)  


الأطبّاء المختصّون يرفضون الإتّفاقية القطاعية للتأمين على المرض

الدكتور محمّد كمال الغربي – طبيب مختصّ تعيش الساحة الطبّية حراكًا كبيرًا مع اقتراب موعد بداية تطبيق اصلاح المنظومة الصحّية التونسية المحدّد في 01 جويلية المقبل بعد إعلان رئيس الدولة عن ذلك في 17 فيفري 2007. وللتذكير، فإنّ مطلب إصلاح المنظومة الصحّية نادت به عمادة الأطبّاء والنقابات الطبّية منذ مطلع الثمانينات، وكانت بداية التفكير فيه انطلقت بعد المجلس الوزاري المضيّق في 16 فيفري 1996. وتتالت الجلسات والندوات التحضيرية للمشروع بشكل متقطّع لتردّد الإرادة السياسيّة ازاء هذا المشروع المتشعّب. وتمّ تقديم اقتراح مشروع أوّلي للإصلاح من طرف وزارات الإشراف (وزارات الصحّة والشؤون الإجتماعية والمالية) جابهته مختلف الأطراف الطبّية والصيدلانية بالرفض التام، بعد ان تشكّلت في مجمع نقابي عريض (Intersyndicale medicale) نظّم تجمّعات ضخمة في ضاحية البحيرة، ممّا أرجع المشاورات الى المربّع الأوّل. ومع صدور الق عدد 71 في 02-08- 2004 أخذ مسار التفاوض منعرجًا جديدًا، اذ تمّ بموجبه ارساء نظام التأمين على المرض وإنشاء الصندوق الوطني للتأمين على المرض. وكانت باكورة هذه الإتفاقيات الإتفاقية الإطارية لنظام التأمين على المرض الموقّعة في 04 فيفري 2006 من طرف جميع الهيئات المنضوية في المجمع النقابي الطبّي اضافة الى العمادة الوطنية للأطبّاء. بعدها تعاقبت جلسات إدارة الصندوق الوطني مع كلّ النقابات كلٌ على حدة لإبرام اتفاقيات تفصيلية، وقد توصّلت هذه الجلسات، التي استُثيَت منها عمادة الأطبّاء، الى اتفاقات قطاعية مع نقابات البيولوجيين وأطبّاء الأسنان وأطبّاء الممارسة الحرّة، وتمّ امضاؤها في 19-12-2006. ولئن لم يحصل أي اعتراض أو تململ داخل القطاعيْن الأوّليْن فإنّ القطاع الطبّي شهد شرخًا في المواقف. اذ كان على رأس المعترضين عمادة الأطبّاء التي عبّرت في بيان أصدرته عن مساندتها المطلقة لمبدأ اصلاح التأمين على المرض، مع تسجيل أسفها لإستبعادها وعدم تشريكها في النقاشات. كما أكّدت العمادة على ضرورة التوصّل الى اتّفاق مناسب حول نقاط أساسية (منها مسألة الأتعاب، الإتفاقية، تصنيف الأعمال الطبية) قبل الإمضاء النهائي على الإتّفاقية من أجل ضمان نجاح الإصلاح. ومن جهة أخرى عبّر قطاع عريض من الأطبّاء المختصّين عن غضبهم بتأسيسهم نقابة موازية يأسهم من تعديل القيادة الحالية لنقابة أطبّاء الممارسة الحرّة (STML) مواقفها، اذ شهدت هذه الأخيرة استقالات جماعية خاصة في صفوف الأطبّاء المختصّين. أبرز الملاحظات التي تراها النقابة التونسيّة للأطبّاء المختصّين (STMSL):    انّ المكتب التنفيذي لنقابة أطبّاء الممارسة الحرّة سارع الى توقيع الإتفاقية دون الرجوع الى القاعدة الطبية في اجتماع عام تقريري، مدّعيًا أنّها نوقشت بما فيه الكفاية في الأطر النقابية.    انّ الإتفاقية القطاعية جاءت في نصّها وروحها مخالفة للإتفاقية الإطارية ولمجلّة واجبات الطبيب (code de déontologie médicale) الذي يؤكّد أساسًا على : الإستقلالية المعنوية والوظيفية للطبيب، الحرّية الكاملة للمريض في اختيار طبيبه، عدم افشاء الأسرار الطبية. وتجدر الملاحظة أنّ الإتفاقية القطاعية تدخل حيز التنفيذ على مراحل تمتدّ على ثلاث سنوات. فهي تشمل في العام الأوّل الإنفتاح على القطاع الخاصّ وذلك بالتكفّل بالحاجيات العلاجية لبعض الأمراض الطويلة الأمد (24 مرض)، ومراقبة الحمل والولادة في اطار صيغة الطرف الدافع Tiers payant وهو الصندوق الوطني للتأمين على المرض. وفي العام الثاني سيتمّ مزيد من التفتّح على القطاع الصحّي الخاص فيما يتعلّق بالأمراض العادية وفق صيغة استرجاع المصاريف مع وجود سقف للمداواة والعلاج. أمّا في السنة الثالثة للإصلاح فسيتمّ الإعتماد على « إختيار » المضمون اجتماعيًا لطبيب عامّ واحد طيلة سنة، يهتمّ به وعائلته وهو المسؤول عن توجيهه الى أطبّاء الإختصاص ان رأى بدًا لذلك ! وتكون صيغة الطرف الدافع هي الأساس لخلاص مسدي الخدمات إنطلاقًا من هذه السنة. أمّا عن ملاحظات الأطبّاء المعارضين لهذه الإتفاقية فهي كالآتي: 1- تعامل ص.و.ت.م مع الأطبّاء كأجراء، وذلك بتفرّده في قبول أو رفض تعاقدهم وخلاصهم، فتفاقمت الأعباء الإدارية للطبيب الذي صار ملزمًا بإعلام الإدارة بالغياب الذي يزيد عن ثلاث أيام بعدما كان ذلك من إختصاص عمادة الأطباء. وكذلك الشأن لمراقبة الوصفة الطبية وعدم حرّيته الكاملة في إعطاء الدواء المناسب نظرًا لتشجيع الصندوق على الأدوية الجنيسة (médicaments génériques (. كما انّ الكشوفات والفحوصات الخاصة التي تتطلّب الموافقة المسبقة للصندوق تجعل الطبيب أسيرًا للإدارة في مهنته، بما يؤثّر سلبًا على نوعية العلاج. ومن جهة أخرى تسعى ادارة الصندوق الى انتزاع صلاحية قرارات التأديب بالنسبة للأطباء المتعاقدين من عمادة الأطباء وهو ما يتعارض مع م.و.ط. 2- الحدّ من حرّية المضمون اجتماعيًا في اختيار طبيبه بما يتعارض مع البند العاشر لم.و.ط، وذلك بفرض طبيب للعائلة يقع إختياره لمدّة سنة كاملة، ولا يمكن تغييره خلالها، كما لا يمكن المرور لطبّ الإختصاص الاّ عبره، ما عدى طبّ الأطفال وطبّ العيون وأمراض النساء. ويضع هذا الإجراء حاجزًا أمام توفير العدل في فرص العمل لجميع الأطباء بصيغة تفاضلية ممّا يفتح الباب للتجاوزات. 3- تحديد أتعاب الأطباء في اطار تعاقدي بحت دون الرجوع إلى عمادة الأطباء بما يناقض البند 42 من م.و.ط. وفي هذا الباب يقترح الأطبّاء السماح للمريض بالعلاج لدى الطبيب العام أو المختصّ المتعاقد أو غير المتعاقد مع الصندوق متى شاء، مع دفع الأتعاب المنصوص عليها لدى العمادة مباشرة الى الطبيب واسترجاعها فيما بعد من الصندوق. 4- انّ تحديد قائمة ب 24 مرضًا طويل المدى يتمّ التكفّل بها تمامًا دون سقف يطرح سؤالاً مشروعًا عن مقاييس اختيار هذه الأمراض دون غيرها وعن التعامل الإنتقائي مع المرض، فكيف يمكن التسليم بمداواة الإرتفاع الحاد لضغط الدم وعدم مداواة الأوضاع الأخرى لإرتفاعه وكيف يمكن التغاضي عن أمراض تمثّل مشكلات صحّية حقيقية كالحساسيّة في حين تُدرج أمراض أخرى نادرة كمرض Mucoviscidose . كما انّ بعض الإختصاصات قد مُثّلت بإسهاب في عناوين كبيرة تشمل تقريبًا كل أمراضها مثل الأمراض النفسية (Psychonervose) وأمراض الروماتيزم، في حين انّ إختصاصات أخرى لم تُمثّل البتّة كأمراض الجلدة وهو ما يطرح مشكل عدم تكافؤ فرص العمل بين جميع الإختصاصات. ومن ثمّ تعتبر نقابة الأطباء المختصين أنّ التوازن المالي للصندوق يمكن المحافظة عليه بالتدرّج في تحمّل كلّ الأمراض طويلة المدى التي يشخّصها الطبيب المباشر عند مريضه ممّا يحافظ على حقوقه في التكفّل بجميع أمراضه المزمنة. 5- يعتبر الأطبّاء انّ مسك دفتر صحّي للمرض مكشوف للإدارة وللعموم يحدّ من حفظ أسرار المريض الصحّية وهو ما يتعارض مع م.و.ط ويقترحون عوض ذلك دفترًا للمواعيد يمسكه المريض ودفترًا طبيًا يمسكه طبيبه المباشر فقط. 6- يركّز الأطبّاء المختصّون على ضرورة إعتماد التعاريف المعمول بها من طرف العمادة فيما يخصّ العمليات الجراحية القصيرة أو الطويلة، والإرتكاز على الجداول الخاصّة بكلّ عملية جراحية في أيّ إختصاص (Nomenclature, Koperatoire, Kc ) ، ومن هذا المنطلق فإنّ التحديدات الجزافية ( Forfait) للعمليات الجراحية تمثّل إنحرافًا عن الأسس السليمة لحساب أتعاب الأطبّاء الجرّاحين التي يجب أن تكون منفصلة عن أتعاب الأطبّاء المبنّجين وأصحاب المصحّات الخاصّة. وفي مقابل ذلك، يقبل الأطبّاء بخلاص أتعابهم بصيغة الطرف الدافع في أجل لا يتجاز الشهر سواء كان ذلك جزئيًا أو كليًا. هذه ملاحظات نقابة الأطبّاء المختصّين، الغاضبين من ادّعاء نقابة أطباء الممارسة الحرّة الحديث بإسمهم، وهم يطالبون إدارة الصندوق الوطني على المرض بالمصادقة على الإتفاقية الإطارية والدخول في مفاوضات مع النقابة ومع عمادة الأطبّاء قصد تطوير الإتفاقية القطاعية الممضاة سلفًا لتشمل كلّ الأطراف، وحتّى تكون بداية الإصلاح صحيحة وثابتة بكلّ المقاييس دون تسرّع أو تجاوز وهمي وظرفي للإشكاليات. كما يهيبون بكلّ الأطبّاء عدم التسرّع في التعاقد مع الصندوق بصفة فرديّة حتّى يتمّ الإتفاق حول جميع النقاط الغامضة والمُختلَف عليها.
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 402 بتاريخ 20 أفريل 2007)

تعريف بالموقع الرسمي للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة

http://www.bourguiba.com/

 

ورد في إطار التعريف بالموقع الجديد ما يلي:

 

مرحبا بكم في موقع الواب الرسمي للرئيس الراحل للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة.

طورت عائـلة الرئيس الحبيب بورقيبة هـذا الموقع تكريما لذكراه وإقرارا بدوره الريادي في بناء الدولة التونسية الحديثة المستقلة.

صمم هذا الموقع كمكتبة افتراضية غايتها تجميع اكبر عدد ممكن من المواد والوثائق المتعلقة بحياة الحبيب بورقيبة وبكفاحه لتحرير تونس وبرئاسته للدولة التونسية. ستوضع كل المعلومات المجمعة بهذا الصدد على ذمة العموم للاطلاع والدراسة والبحث، وهذا لكي يبقى ارثه حيا على الدوام.

أما في ركن « السيرة الذاتية » للرئيس الراحل فقد نشر الموقع النص التالي:

 

الحبيب بن علي بورقيبة

 

ولد بورقيبة في 3 أوت (أغسطس) 1903 بالمنستير، وهو أصغر إخوته وأخواته الثمانية. كان والده ضابط في جيش الباي وتنتمي عائلته للطبقة المتوسطة بالساحل التونسي. أرسل إلى تونس عند أخيه الأكبر عن عمر يناهز الخمس سنوات للدراسة. زاول بورقيبة تعليمه الابتدائي والثانوي بالمعهد الصادقي ثم بمعهد كارنو.

 

مصحوبا بشهادة البكالوريا، سافر إلى باريس لدراسة القانون بنية مكافحة الحماية الفرنسية.

 

عاد الحبيب بورقيبة إلى تونس سنة 1927 مصحوبا بشهادة تخول له ممارسة مهنة المحاماة. ينخرط في الحركة السياسية ملتحقا بصفوف الحزب الدستوري (الحزب الوطني الذي ينادي بالعودة إلى القيم التونسية التقليدية) ومتعاونا مع صحيفة ليتوندار تونيزيتان (المدى التونسي) قبل أن يبعث جريدة الحركة التونسية سنة 1932.

 

في وقت قصير تحقق هذا القائد الجذاب ذو اللسان الفصيح من أن تحرير بلاده لن يتم على يد السياسيين منعزلين ومتخوفين من القوى الشعبية.

 

في سنة 1934 انفصل عن الحزب الدستوري القديم للشيخ عبد العزيز الثعالبي منشأ مع مجموعة من الشباب الحزب الدستوري الجديد. بعد بضعة أشهر فقط من العمل السياسي والاتصال المباشر مع الجماهير، أمر المستعمر الفرنسي العميد مرسال بايروتون بسجن وبإيقاف « المشاغبين » ونفيهم إلى الجنوب التونسي، امتد الإيقاف حتى سنة 1936.

 

بعد إيقافه من جديد حرره الألمان سنة 1942، إلا أنه رفض الوقوف إلى جانب قوى المحور. « ألمانيا لن ولا يمكنها ربح الحرب » هذا ما كتبه قبل الخروج مباشرة من السجن في رسالة إلى رفيقه في الكفاح الحبيب ثامر: « آمر كل المناضلين بالاتصال بالفرنسيين القولستيين بغية التنسيق بين حركتينا السريتين. دعمنا يجب أن يكون كاملا وغير مشروط. إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لتونس « .

 

للأسف لم تأخذ السلطات الاستعمارية بعين الاعتبار مساندة حزب الدستور الجديد للمقاومة الفرنسية غداة هزيمة قوى المحور حيث عزل المنصف باي، أكثر البايات الحسينيين شعبية. في الأثناء، استقر المقام ببورقيبة في القاهرة حيث تردد بين سنتي 1945 و1949 على الأوساط الوطنية والمثقفة العربية. في سنة 1947 قام بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية للدفاع على قضية بلاده، هذا بعد أن خذلته اتصالاته بالعالم العربي وتحديدا مع بالجامعة العربية، حيث تيقن من أن عليه أن يعول قبل كل شيء على مجهوداته الخاصة وعلى الحركات المعارضة للسياسات الاستعمارية في الغرب.

 

عند عودته من المنفى قام بزيارة كافة أنحاء البلاد التونسية لاستعادة التحكم من جديد في آليات الحزب الدستورب الجديد الذي أداره في غيابه نائبه ومنافسه المستقبلي صالح بن يوسف. بعد تجربة حكومية بمشاركة دستورية فاشلة فهم بورقيبة أن الطريق إلى الاستقلال مازالت طويلة. في جانفي 1952 تم إيقافه لتحريضه مواطنيه على مضاعفة عمليات المقاومة.

 

أخيرا يبتسم له الحظ في 31 جويلية 1954 عند قيام بيار منداس فرانس رئيس المجلس الفرنسي (الوزير الأول) بزيارة تونس وبالتصريح في حضور الباي في قرطاج بأن باريس لا تعارض استقلال تونس الداخلي.في 1 جوان 1955، عودة المنتصر الحبيب بورقيبة إلى تونس مباشرة إثر توقيع اتفاقيات تونسية فرنسية تعترف بالاستقلال الداخلي للبلاد. مهارته القيادية وإحرازه على السيادة المطلقة في الحزب الدستوري الجديد يدفعانه لإبعاد منافسه المؤثر صالح بن يوسف والمعارض للاستقلال الداخلي من الحزب ولنفيه.

 

إعلان الاستقلال في 20 مارس 1956 وبداية تطبيق سياسات الحبيب بورقيبة القلق أكثر فأكثر لإثبات صحة نظرية سياسة المراحل، خاصة بعد المساندة التي قدمها الرئيس المصري جمال عبد الناصر لصالح بن يوسف.

 

في سنة 1965 دافع من جديد عن سياسة المراحل تجاه إسرائيل حيث كان لخطابه التاريخي في جرش بالأردن وقع القنبلة، و الذي ناد فيه بالقبول بخطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين إلى دولتين.

 

نزول متظاهرين إلى شوارع مدن عدة بالشرق الأوسط ووسائل الإعلام العربية تسدي له تهمة « عميل الاستعمار والرأسمالية« .

 

أحدث بورقيبة منذ السنة الأولى لتوليه السلطة جملة من التعديلات التشريعية والتي انبثقت منها مجلة الأحوال الشخصية.

 

مجموعة القوانين الصادرة في 13 أوت (أغسطس) 1956 أعطت للمرأة حقوقا لا نظيرا لها في العالم العربي، إذ ألغى تعدد الزوجات والخلع، واشترط موافقة المرأة عند الزواج. جعلت هذه الثورة على أسس التمييز ضد المرأة من التونسيات الأكثر تميزا في المغرب العربي والشرق الأوسط.

 

في 25 جويلية 1957 أصبح أول رئيس للجمهورية إثر إلغاء النظام الملكي في جو من الفرحة الشعبية العارمة. واصل الحبيب بورقيبة مشروعه لبناء دولة حديثة مرتكزا على حزب تمثله خلاياه في كل جهات البلاد. ارتأى في مجانية التعليم الوسيلة الأفضل لمكافحة التخلف وبذل ما يقارب ثلث ميزانية الدولة لتحقيق ذلك. رغم اهتمامه في المقام الأول بتوسيع قاعدة الحزب وتشجيع الشباب على تحمل مسؤولياته السياسية، إلا أنه لم يعد بتطبيق الديمقراطية إذ تمثل من وجهة نظره، في المرحلة الحساسة لبناء الدولة وتنميتها تهديدا بالانقسام وإيقاظا « للعقليات القبلية والمتخلفة ». اعتبر بورقيبة أن الطرق الوحيدة لتحقيق مشروعه للتنمية تمر عبر سيطرة حزبه على النقابات، للتحكم في الصحافة ومنع التعددية.

 

الإنجازات الكبيرة منذ الاستقلال:

 

– 14 أفريل 1956، تأسيس أول حكومة في تونس المستقلة.

 

– 13 أوت 1956: إدماج مجلة الأحوال الشخصية في البرلمان مما نتج عنه عدة حقوق للمرأة التونسية تعد مجهولة قبل ذلك من بينها: موافقتها للزواج، السن الأدنى للزواج، إلغاء تعدد الزوجات، حق الانتخاب،الطلاق المدني… الخ.

 

– 25 جويلية 1957: يعلن المجلس الوطني التأسيسي إلغاء الملكية وتشكيل الحكومة كان الحبيب بورقيبة أول رؤسائها.

 

ابتدءا من 1957: بداية العمل ببرنامج الإصلاح الفلاحي وإلغاء الأحباس. توحيد وتونسة العدالة وتمكين سلطتها من الوسائل الحديثة والمتجانسة.

 

في جوان 1958: بداية تجديد إصلاح التعليم بهدف الوصول إلى نظام تعليمي موحد وعام ومجاني يشمل كافة التونسيين في سن الدراسة.

 

وضع برنامج شامل لبناء البنية التحتية الأساسية يقوم بتغطية المستشفيات العمومية ومد الطرقات لربط مختلف جهات البلاد وإنشاء السدود لإحكام التصرف في الموارد المائية والطاقة.

 

 

بقي بورقيبة على رأس تونس حتى 6 نوفمبر 1987 حين يتم عزله لأسباب صحية وذهنية من طرف وزيره الأول في تلك الفترة. قضى بورقيبة بقية أيامه في المنستير تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في 6 أفريل 2000.

 

تم دفنه في مقبرة عائلة بورقيبة في 8 أفريل 2000.

 

(المصدر: موقع الحبيب بورقيبة، www.bourguiba.com ، تصفح يوم 26 أفريل 2007)

 

تاف التركية تخفق في الفوز بمزاد لتشغيل مطار اردني

اسطنبول – رويترز – قالت شركة تاف التركية لتشغيل المطارات يوم الخميس انها اخفقت في الفوز بمزاد لتشغيل مطار الملكة عاليا الدولي في الاردن. وتقدمت تاف بعرض مشترك في المزاد مع شركة اردنية يوم الاثنين وفي بيان لبورصة اسطنبول قالت انه تم فتح العرض الخميس. وقال بيان تاف « اتضح من العروض التي تم تقديمها في المزاد اننا لسنا المجموعة الفائزة. »واضافت انه لم يتم اخطارها رسميا بعد بالنتيجة. وكانت تاف التي تم تسجيل اسهمها في بورصة اسطنبول في فبراير شباط قد فازت الشهر الماضي بمزاد لتطوير وتشغيل مطارين في تونس. ومن المقرر ان تستثمر تاف نحو 400 مليون يورو (532 مليون دولار) في المطارين. وخسرت الشركة هذا الشهر في مزاد على تشغيل ثاني اكبر مطار في تركيا في منتجع انطاليا على البحر المتوسط. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 26 أفريل 2007)  


معرض تونس الدولي للكتاب يفتتح الجمعة بمشاركة اكثر من 800 ناشر

تونس (ا ف ب) – يفتتح معرض تونس الدولي للكتاب دورته الخامسة والعشرين الجمعة في الضاحية الشمالية للعاصمة بمشاركة نحو 817 دار نشر تمثل 29 بلدا من العالم العربي وافريقيا واوروبا واميركا الشمالية. واعلن بوبكر بن فرج مدير المعرض خلال مؤتمر صحافي ان « الدورة الجديدة شكلت مناسبة لمشاركة 250 ناشرا جديدا بينهم 17 ناشرا تونسيا و65 من دول عربية اخرى و53 من جنوب افريقيا و106 من دول اوروبية ». واحتلت دور النشر اللبنانية والفرنسية اول مرتبتين بين الهيئات المشاركة في المعرض مع 98 ناشرا من لبنان و 236 ناشرا فرنسيا. وبالنسبة الى الدول العربية الاخرى احتلت تونس المرتبة الثانية بعد لبنان ب92 ناشرا تلتها مصر ب91 ناشرا فسوريا ب58 ناشرا. ومن الدول الاخرى المشاركة في المعرض الذي يستمر عشرة ايام الجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا والاردن وفلسطين والمملكة العربية السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وقطر. وللمرة الخامسة على التوالي يغيب العراق عن هذا الحدث الثقافي بسبب « الظروف الامنية التي يشهدها » بحسب المنظمين. اما الدول الاجنبية المشاركة في المعرض فهي فرنسا وايطاليا والمانيا وكندا واسبانيا ومالطا والولايات المتحدة وايران. ويمتاز المعرض بكثافة الحضور الافريقي خلافا للدورات السابقة. وتشارك فيه 57 دار نشر من جنوب افريقيا والكاميرون وبينين والسنغال والغابون. ويصل عدد الكتب المعروضة خلال الدورة الحالية وفق المنظمين الى 120 الف كتاب. واضاف بن فرج ان « المعرض سيكون شاملا لكل اوجه المعرفة وسيتميز بالكتب الجادة فقط اذ سنقطع الطريق امام دور النشر الطفيلية والمؤلفات السطحية التي تستخف بالقارىء ». وتقام على هامش المعرض الذي يستمر حتى 6 ايار/مايو ندوات فكرية وامسيات لشعراء من تونس والعالم العربي. وتتمحور ابرز الندوات حول « التنوع الثقافي وكونية القيم » بمناسبة مصادقة تونس مطلع هذا العام على « معاهدة التنوع الثقافي » التي اقرتها منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) في باريس في تشرين الاول/اكتوبر 2005 والتي من شأنها تحرير الثقافة من قيود التجارة الدولية. وتتناول ندوة اخرى « رهانات النقد اليوم » ويشارك فيها المصري جابر عصفور والفرنسي بطرس حلاق والمغربي سعيد يقطين والسعودي معجب الزهراني. كما تتضمن الانشطة لقاءات ادبية مع الشاعر المصري احمد عبد المعطي حجازي والكاتب التونسي الطاهر البكري والشاعرين المصريين فاروق شوشة و جمال الشاعر والروائية فيرونيك تادجو من شاطىء العاج. ويوقع عشرات من الكتاب مؤلفاتهم في اجنحة دور النشر. يشار الى ان المعرض استقبل العام الماضي نحو 220 الف زائر. (المصدر: موقع قناة « فرنسا 24 » بتاريخ 26 أفريل 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية فرانس برس)  


معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الخامسة والعشرين

تونس – صالح سويسي     تنطلق الدورة الخامسة والعشرون لمعرض تونس الدولي للكتاب في 27 الجاري وتستمر حتى 6 أيار (مايو) في قصر المعرض في الكرم (الضاحية الشمالية للعاصمة). والمعرض تنظمه وزارة الثقافة والمحافظة على التراث. وتشارك في هذه الدورة 817 داراً للنشر و309 ناشرين من 30 بلداً عربياً وأجنبياً وتمثل نسبة المشاركين التونسيين 33 في المئة والناشرين 12 في المئة. وأكد أبو بكر بن فرج مدير المعرض في حديثه عن الدورة الجديدة على السعي في شكل حثيث لاستبعاد كل الكتب التي لا فائدة مرجوة من عرضها والتي لا تقدم أية إضافة، تجنباً لتراكم الكتب التي تنعكس سلباً على صدقية المعرض. وتم فعلاً استبعاد عديد الناشرين الذين لا تتوافر لديهم الشروط المطلوبة واستقطب ناشرون عرفوا بجديتهم. وتحدث بن فرج عن أهداف المعرض مبيناً أنها مستمدة من ركائز السياسة الثقافية لتونس خصوصاً في ما يتعلق بالنهوض بالكتاب تأليفاً وصناعة. وتحتل فرنسا المرتبة الأولى بين الدول المشاركة بـ236 ناشراً ويأتي لبنان في المركز الثاني بـ 98 ناشراً وتليهما تونس بـ92 ناشراً ثم مصر بـ91 ناشراً فإيطاليا بـ67 ناشراً وسورية بـ 58 ناشراً وجنوب أفريقيا بـ53 ناشراً. ومن الدول الأخرى: المغرب، ليبيا، الجزائر، السعودية، بلجيكا، إيران، الهند، تركيا، إسبانيا وإنكلترا. ويتضمن برنامج المعرض عدداً من الأنشطة الموازية مثل الندوات ومنها: ندوة بعنوان «إشكالية التنوع الثقافي وكونية القيم» وأخرى بعنوان «رهانات النقد اليوم». ويشارك في هذه الندوات جابر عصفور وسعيد يقطين وبطرس حلاق وفاروق شوشة ومفكرون من أوروبا وأفريقيا التي تسجل هذا العام حضوراً لافتاً من خلال مشاركة أربع دول. وهناك عدد كبير من الأنشطة الموازية التي تتوزع على أيام المعرض عبر حصص يومية للتعريف بالإصدارات الجديدة ومؤلفيها. وسيجرى لقاء مع الكاتب البرازيلي تاباجورا رياس ولقاء مع الكاتبة الإيفوارية فيرونيك تادجو، ولقاء مع المبدع التونسي المقيم في باريس الطاهر البكري. وستقام أمسيات شعرية من بينها أمسية الشاعر المصري أحمد عبدالمعطي حجازي وأخرى لشعراء وأدباء عايشوا أبا القاسم الشابي. وسيهتم المعرض بالأصوات الشعرية الشابة من خلال جلسات خاصة بهم. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن، بيروت، الرياض) الصادرة يوم 26 أفريل 2007)  

مناقشة موضوع: « دخل فردى يتجاوز 5 آلاف دينار في سنة 2009 »

 
تونس 25 افريل 2007 ( وات ) – نظرت لجنة التفكير حول « نوعية الحياة ورفع دخل المواطن ومستوى العيش والتضامن » في اجتماعها يوم الاربعاء بدار التجمع الدستورى الديمقراطي بالعاصمة باشراف السيد الهادى مهني الامين العام للتجمع في السبل الكفيلة بضمان تحقيق الهدف الذى رسمه الرئيس زين العابدين بن علي في برنامجه لتونس الغد /دخل فردى يتجاوز 5 الاف دينار في سنة 2009/ واكد الامين العام للتجمع بالمناسبة المكانة الرفيعة التي يحتلها الانسان في السياسة التنموية لرئيس الدولة الذى عمل منذ التحول على تكريس مبدأ التوزيع العادل لثمرات التنمية بين الفئات والجهات مبرزا ثراء البرامج الاجتماعية والتنموية التي تم وضعها من اجل النهوض باوضاع الشرائح الهشة وذات الاحتياجات الخصوصية وبهدف تأمين لحاق المناطق ذات الاولوية بركب التنمية الشاملة . ولاحظ ان نجاح سياسة تونس التغيير التنموية يعود اساسا الى توفقها الكبير في تحقيق التلازم بين الرقي الاقتصادى والنهوض الاجتماعي وترسيخ قيم التضامن والتكافل والتازر مستعرضا في هذا الصدد جملة من المؤشرات الدالة على تطور مستوى عيش المواطن وتحسن نوعية حياته . واستمع المشاركون في هذا اللقاء الى ورقة عمل بعنوان /من اجل دخل فردى يضمن حياة كريمة/ تم التأكد فيها على ان بلوغ مستوى دخل فردى يفوق 5 الاف دينار يتطلب تثمين الموارد البشرية والطبيعية للجهات وحسن توظيف فرص ومكامن الاستثمار بها من اجل تفعيل مساهمتها في رفد مجهود التنمية والارتقاء بالاقتصاد الوطني . واشارت الوثيقة المقدمة الى ما تضمنه البرنامج الرئاسي لتونس الغد من نقاط متعددة تمثل ارضية ملائمة لارساء اقتصاد صلب متين على غرار الارتقاء بحصة المساحات السقوية من حجم الانتاج الفلاحي الى نسبة 50 بالمائة وبرمجة احداث 70 الف موءسسة على مدى الخماسية 2004-2009 وهي من المقومات التي تكفل الرفع من نسق الاستثمار والتشغيل وتحسين دخل الفرد . (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات) بتاريخ 25 أفريل 2007)

الجزائر.. رجال الأعمال بصدارة قوائم الانتخاب

 
أميمة أحمد الجزائر- مع انطلاق حملة الانتخابات التشريعية في الجزائر اليوم الخميس، تصاعد الحديث عن تصدُّر عدد كبير من رجال الأعمال للقوائم الانتخابية بعد دفعهم آلاف الدولارات للأحزاب، وفق مراقبين. فقد أثار ترشُّح رجال الأعمال بكثافة قلق مراقبين ومحللين اعتبروا أن هدف بعضهم هو الحصول على « الحصانة البرلمانية » التي تعتبر طوق نجاة لهم بعد تزايد الملاحقات القضائية ضدهم في ملفات فساد. وتوقعوا أن تؤثر هذه الظاهرة على نزاهة الانتخابات المقررة في 17 مايو المقبل عن طريق تفشي عمليات « بيع وشراء الأصوات الانتخابية ». وتمتد الحملة الانتخابية حتى 14 مايو المقبل، أي قبل 3 أيام من موعد الاقتراع، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية (واج) الأربعاء. وأوضحت الوكالة أن الجهات المختصة هيأت الأجواء لضمان سير الحملة التي يتنافس فيها المرشحون لكسب أصوات أكثر من 18.7مليون ناخب. 30% ويشارك في الانتخابات 24 حزبا سياسيا قدموا 11243 مرشحا مسجلا ضمن 1042 قائمة، ونحو 986 مرشحا مستقلا ضمن 102 قائمة. ويتنافس رجال الأعمال على نحو 30% من إجمالي مقاعد البرلمان البالغة 389 مقعدا، وهو ما دفع لويزة حنون، رئيسة حزب العمال اليساري، إلى القول بأنها ستكون جنبا إلى جنب مع غرمائها من رجال الأعمال تحت قبة برلمان 2007. وبحسب ما نشرته صحيفة الحياة اللندنية، فإن هناك معلومات تشير إلى أن بعض رجال الأعمال دفعوا مبالغ كبيرة لقيادات بعض الأحزاب لقبول ترشحهم على قوائمها. وتابعت الصحيفة أنه « عادة ما تستخدم هذه الأموال لتنشيط الحملة الانتخابية، ودفع حقوق نشر الملصقات وتعميمها على نطاق واسع في البلاد ». وفي مقابل منح هؤلاء مراتب متقدمة في قوائم المرشحين يضمن رجال الأعمال تمويل عمليات « شراء الأصوات » عبر حملات منظمة بدأت قبيل انطلاق الحملة الانتخابية لتحسين ظروف السكن للناخبين أو منحهم خدمات خاصة لإقناعهم بالتصويت لمرشحي تلك الأحزاب، وفق « الحياة ». نتاج سنوات العنف وفي جولة لشبكة « إسلام أون لاين » بالعاصمة الجزائرية، لاستطلاع آراء المواطنين حول بروز رجال الأعمال في المشهد الانتخابي، قالت ميلود (34 عاماً): « إن معظم الأغنياء الجدد جمعوا ثروتهم خلال سنوات الإرهاب، والدليل ما نجده الآن من قضايا فساد نخرت (دواليب) الدولة، فقضية (رجل الأعمال) عبد المؤمن الخلفية (أكبر قضية فساد في تاريخ الجزائر الحديث) واحدة من مئات قضايا الفساد الأخرى التي لم يكشف عنها بعد ». عبد النور (40 سنة)، صاحب متجر صغير، يربط هو الآخر بين صعود بعض رجال الأعمال وسنوات العنف في التسعينيات من القرن العشرين بقوله: « البلاد نُهبت خلال سنوات الإرهاب، صار لدينا مافيا متخصصة، في القهوة، الدواء، القمح، السكر، الزبد، الجبن بأنواعه، المواد الإلكترونية، وأمثالنا مجبرون على شراء ما يلزمنا من عند هؤلاء المسيطرين على السوق ». ويعزي سي محمد، طالب جامعي يدرس العلوم السياسية، هذا الواقع الجزائري إلى طبيعة التحول الاقتصادي، قائلاً: « الجزائر وكل الدول العربية التي تحولت من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق مرت بنفس الفوضى، وظهر أثرياء جدد من حقهم دخول البرلمان لحماية مصالحهم  الاقتصادية ». أما حسين فيقول إنه وقع لصالح مرشح مستقل مقابل حصوله على 200 دينار (نحو 2.8 دولار أمريكي)، مشيراً إلى أن هناك من حصل على أموال أكثر من رجال أعمال آخرين. واعترف رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، رئيس حزب جبهة التحرير الوطني، ببروز ظاهرة رجال الأعمال في الانتخابات المقبلة. وقال في تصريحات سابقة لوكالة الأنباء الجزائرية: « إن المتاجرة بالأصوات والارتشاء السياسي ظواهر بدأت تتفاقم في مجتمعنا وفي الأحزاب السياسية »، داعيا إلى التصدي لتلك الظواهر السلبية المعيبة. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 25 أفريل 2007)

عاشور الشامس: النظام والقائد يتابعون أخبار ليبيا والمواقع الأخرى !

* محاولات التخريب المنتظم للموقع من الحكومة أم من مافيا الفساد؟

* الليبيون ينجحون في تجاوز المنع والحجر! * مواقع المعارضة وفرت لهم حرية التعبير بدون عائق! * ليبيو المنفى يستخدمون الشبكة العالمية للدفع تجاه الإصلاح وللتواصل!
 
بقلم: كلوديا غاتزيني     ترجمان أجدابيا / خاص بأخبار ليبيا: نشرت المقالة بموقع جمعية الإعلام العربي والمجتمع، الجامعة الأمريكية في القاهرة، مركز الصحافة الإليكترونية- وموقع جامعة أكسفورد، سانت أنتوني نشرة فبراير 2007 في يوم رياح رملية بشهر سبتمر 2006، أحد أبرز وجوه المعارضة للنظام الليبي، على رمضان بوزعكوك، قام بزيارة قصيرة للوطن، حطت به الطائرة في مطار بنغازي حيث كان في انتظاره للترحيب به، العشرات من افراد عائلته والدموع تفيض من عيونهم. في الأيام التالية طرح بدلته الرمادية وارتدى جلابة بيضاء ومعها « فرملة » تقليدية، قام بجولة على الشاطيء تحت شمس الظهر ثم وقف لتلتقط له الصور أمام إحدى معالم المدينة، الكاتدرائية ذات القبتين. كانت هذه المرة الأولى منذ 27 سنة التي يضع فيها الرجل ذو النظارة أقدامه على أرض ليبيا، من الطبيعي أن يكون هذا الحدث مثيرا للعواطف، ولكن مهما كان مؤدّى زيارة بوزعكوك في الإشارة إلى التقارب ما بين القذافي وأعدائه القدماء في الخارج، إلا أن وكالة الأنباء الرسمية لم تعر أي اهتمام لهذا الزائر الشهير. صحف البلاد القليلة لا يوجد بها أي أثر للرجل الذي أسهم في تأسيس التحالف الليبي الأمريكي للحرية (في واشنطن) .. والذي يدير الآن منتدى ليبيا للتنمية البشرية والسياسية، ونظرا لكون صحف ليبيا وتلفزيونها المحلي ليست سوى أبواق للحكومة، فليس عجيبا أن أن تتخذ هذه المنابر نفس الخط التحريري، أي الصمت! نحن لا نستطيع أن نقتفي خطوات هذه « العدو الصوتي » إلا من خلال مواقع المعارضة الليبية على شبكة الانتيرنيت، وهي عبارة عن منتديات مفتوحة للمواطنين العاديين الذي ينشرون بها رسائلهم الإليكترونية ومقالاتهم. على أحد هذه المواقع قام ابن بوزعكوك المقيم في الولايات المتحدة، مدفعوعا بحماس إلى نشر الخبر بأنه تحادث مع أبيه على الهاتف والذي كان في غاية السرور بعد الاستقبال الحار الذي لقيه بالمطار، وفي موقع أخبار ليبيا (في لندن) نشر بوزعكوك نفسه بعض من الصور التي التقطها في زيارته، في موقع « أخبار وأراء من ليبيا: الذي يلاقي إقبالا كبيرا، نشر نص مقابلة تحدث فيها الرجل المنفي بعد قيامه بالزيارة القصيرة، في قسم الرسائل بموقع « ليبيا وطننا » نشر تساؤل من قاريء لم يعلن عن اسمه لقائد المعارضة عن النتائج المرتقبة لزيارته « الخاصة ». في ليبيا، ينتشر باضطراد الدخول لمواقع الشبكة الدولية، هنالك عاملان ساعدا في توسع إمكانية الدخول، الأول هو نمو مقاهي الانتيرنيت التي أتاحت مثل هذا الدخول حتى لأقصى المدن بعدا، والثاني إدخال تقنية الاتصال بالشبكة الدولية عن طريق القمر الصناعي، وبالتالي يتم تجاوز أجهزة « الخادمات » الحكومية للاتصال بالشبكة، ومع هذا التوافر، ازداد عدد الليبيون في البلاد الذين يستخدمون مواقع المعارضة الليبية في الخارج للتواصل مباشرة مع العالم الخارجي وتحديدا مع مواطنيهم في المنفى. يستخدم الليبيون مواقع المعارضة هذه في ظل غياب « المدونات » الإليكترونية الشخصية، والتي لا تزال وسيلة تواصل جديدة داخل هذه البلاد الصحراوية، وبالتالي لا تزال غير معروفة نسبيا، هنالك عدد قليل من هذه المدونات الشخصية التي تحرر باللغة العربية والتي تختص فقط بمواد الأدب والثقافة ولا يوجد بها إشارة للسياسة من أي نوع. {1} يدعى القائد الليبي بأن لديه مدونته الخاصة به على الانتيرنيت، ولكن هذا الموقع متعدد اللغات يعطيك الانطباع بأنه موقعا رسميا أكثر منه تدوينا تفاعليا على الشبكة {2}، فلا يوجد به إدخالات يومية وقليل من المقالات وكذلك تسجيلات تم وضعها منذ صيف 2006. وعلى الرغم من أن الموقع يدّعي وجود منبر لوضع المشاركات إلا أننا لم نجد به أي تعليق من أي قاريء. هنالك عدد قليل من المواقع باللغة الإنجليزية في ليبيا، ولكنها هامشية من ناحية عدد روادها (أكبرها زاره 76 شخص فقط) وهو جمهور متناهي الصغر بالمقارنة مع بعض المدونات العربية التي تسجل الآلاف من الاتصالات، ومحتواها يتكون بالدرجة الأولى من صورلطرابلس وبعض الأوصاف الرومانتيكية للمدنية القديمة وبعض المحاولات العفوية لكتابة التعليقات السياسية {3} وربما يكون الخوف من القمع الحكومي هو أحد الأسباب لندرة المدونات الشخصية باللغة العربية، ولكن بعد مرور سنتين فقط من توفر الانتيرنيت ، فلا يزال الكثير مما يجب اللحاق به في ليبيا. الشباب الليبي، حتى الذين يحملون المهارة العالية في الانتيرنيت غالبا غير معتادين على المدونات، فعلى سبيل المثال (محمد) وهو خريج هندسة كومبيوتر، اضطر للبحث عن معنى كلمة Blog في قاموس إنجليزي عربي على محرك بحث قبل أن يقترح بأن المدونة هي « شيء يشابه المخاطبة ولكنها محفوظة على الموقع » .. ثم أقر بضعف الإقبال على التدوين في ليبيا قائلا  » أعتقد بأن هذه الأشياء في مصر ولبنان، ولكنني لم أرها هنا أبدا » وهكذا كان علينا إلقاء نظرة على مواقع المعارضة بالانتيرنيت لكي ندرك معنى التفاعل على طريقة « المدونات »، فحتى سنين قليلة مضت عندما كانت ليبيا محكمة الإقفال نظرا للحصار التجاري الذي استمر لعشرين سنة المفروض للاشتباه بها بعلاقات وارتباطات إرهابية، كانت مواقع المعارضة المنفية تستخدم بالدرجة الأولى لخلق شبكة من الليبيين في الخارج وكذلك لمناشدة الحكومات الأجنبية لاتخاذ مواقف معارضة ضد المؤسسة الحاكمة في طرابلس، وأحد هذه المواقع كان ولا يزال يمثل مجموعة معارضة سياسية ليبية تعرف باسم « جبهة الإنقاذ » {4} ولكن منذ رفع العقوبات بسنة 2004، ظهرت بضعة مواقع في بريطانيا أنشئت من قبل ليبيين هربوا من البلاد من سبعينات القرن الماضي، وهي الآن تقوم بأداء دور رئيسي لنشر الوعي بالسياسات المحلية في ليبيا، ولم يعودوا يخدمون الليبيين المقيمين في أوروبا والولايات المتحدة. اليوم هذه المواقع تصل إلى مواطنيهم في طرابلس وبنغازي، والليبيون أخذوا في التمتع بحرية التعبير التي توفرها لهم هذه المواقع للحديث عن أنفسهم، وفي بعض الحالات يندفعون للمطالبة بالتغيير. يقول عاشور الشامس رئيس تحرير أهم صحيفة إليكترونية ليبية .. « هل تدركون ما يحدث .. لقد استطعنا إجبار الحكومة على إقالة رئيسة جامعة طرابلس » .. أخبار ليبيا، ومنذ بضعة شهور أخذت في شن حملة كبيرة ضد الفساد وضد كبار المسؤولين لمؤسسة طرابلس من جميع الفئات، وبعد أن استلمت عدة رسائل من الطلبة والكليات تندد فيها بالتصرفات غير القانونية لرئيس الجامعة (الفاتح في طرابلس) … قام الموقع بنشر تقريرا كاملا كان له أثر الصدمة، وتمت إقالة رئيسة الجامعة من منصبها. أخبار ليبيا انطلقت في الثمانينات كرسالة إخبارية مطبوعة من أربع صحفات قبل التحول إلى الشبكة العالمية بسنة 2002، ومنذ هذا التحول تمت زيارة أكثر من 26 مليون صفحة فيها، وهكذا أصبحت أخبار ليبيا الصحيفة الإلكترونية اليومية الوحيدة، وهي مقسمة لعدة أقسام منها الأخبار والآراء والتعليقات والرسائل إلى الناشر ولكن نظرا لكبر حجم الرسائل الواردة من جمهور القراء أصبحت أخبار ليبيا بمثابة موقع « مدونة » حيث يستطيع الناس التنفيس عن إحباطاتهم بالكتابة تحت أسماء مستعارة. ووفقا لعاشور الشامس، الموقع أطلق حملة شرسة على الفساد داخل ليبيا باستخدام رسائل وتقارير ترد من طرابلس وبنغازي، مواقع المنفى أصبحت وسيلة تواصل استراتيجية لدعم التفاعل ما بين المنفيين ومواطنيهم، وكان أن قامت المنظمة السياسية وراء أخبار ليبيا، وهي منتدى ليبيا للتنمية البشرية والسياسية، بإطلاق موقع آخر متخصص حصريا في الكشف عن جميع أنواع الفساد في ليبيا (موقع الشفافية). هذا الموقع يستخدم علاقات المنتدى في داخل ليبيا للكشف عن الصفقات المشبوهة والرشوة التي أصحبت بمثابة شرعة ومنهاجا، هذه العلاقات متنوعة بطبيعة تخصصها وهي تنمو باضطراد، وقد يكون منهم « موظفين ومسؤولين حكوميين محبطين » و « مسؤولين في الوزارات » أو « ناس يعرفون ما يجري في بلادهم نظرا لمراكزهم داخل منظومة الدولة ولكنه يتعاطفون مع القضايا التي يتبناها الموقع. يعتمد « المنتدى » على رسائل بمبادرات شخصية من ليبيين في ليبيا حتى يستطيع متابعة التغيرات التي تحدث في البلاد عن قرب، والكتاب المتبرعين يندر ما يوقعون بأسمائهم ويستعملون في معظم الأحوال أسماء مستعارة خشية أن تتعرف الحكومة على هوياتهم مثل « مواطن ليبي » أو « ابن طرابلس » و « واحد ليبي » .. وهي أسماء كثيرة الاستعمال، وغالبا ما تقوم هيئة التحرير بأخبار ليبيا بمراجعة الصياغة والإملاء والقيام بالتصحيح اللازم قبل نشرها في الموقع (يقول عاشور الشامس أن هؤلاء ليسو كتابا محترفين ولغتهم العربية بين بين) وفي بعض الأحيان تقوم هيئة التحرير بتجميع معلومات مسربة من أحد العاملين بداخل المؤسسات الحكومية وصياغتها ثم نشرها على شكل مقالة وطبعا مع تغيير الأسماء لحماية أصحابها. بالإضافة إلى فريق من خمسة محررين في بريطانيا، أخبار ليبيا لديها « مشاركين » داخل طرابلس يعملون كمراسلين غير متفرغين … يقول الشامس » .. إنهم ليسو صحافيين محترفين في الواقع، لا يوجد في ليبيا أمثال هؤلاء .. إنهم فقط أناس لدهم دراية بما يجري في الحكومة لأنهم داخل النظام » .. من الأسماء المستخدمة لهم « تامر الزيات » و مراسلي مطوّع » و « مراجع القرعون » و »مطرود الخمامسي » .. ويمكن قراءة مقالاتهم على الصفحة الرئيسية بموقع أخبار ليبيا. ما يقوم به هؤلاء الرجال هو « نقد سياسي واجتماعي » لليبيا … وفي بعض الأحيان في مقدمة كتاباتهم نجد تقارير إخبارية طويلة بينما بعضها الأخر نبذ قصيرة .. ولكن ما يكتبونه له مصداقية كبيرة … بإختصار هؤلاء يمثلون أقرب شيء لنمط « المدونين » أنتج في ليبيا حتى الآن. الكتابة إلى أخبار ليبيا قد يكون أحيانا عملية تتسم بالمخاطرة، ففي السنة الماضية أحد معارف أخبار ليبيا تجرأ وكتب عدة مقالات مضادة للمؤسسة الحاكمة ووقعها باسمه الحقيقي وهو عبد الرازق المنصوري، قبض عليه واتهم بإشاعة الدعاية ضد الحكومة وحكم بالسجن لمدة ثمانية عشر شهرا، وأطلق سراحه بعد تمضية أربعة عشر منها ولكن هذه التجربة تركت أثرا كبيرا على رئيس تحرير أخبار ليبيا الذي يصفه  » كان درسا عظيما لنا وإن كان قاسيا » عاشور الشامس يعيش في المنفى منذ صعود القذافي للسلطة بسنة 1969 ورجع إليها مرة واحدة في سنة 1972، ويقول بأن المسؤولين في الحكومة الليبية يطلعون على أخبار ليبيا يوميا  » .. لقد قيل لي أنه يتم إعداد تقرير له يوميا » ويقصد القذافي ..  » نعم إنهم يقرأوننا .. نحن نعرف ذلك » وعلى الرغم من انفعاله باهتمام الحكومة، التي يعارضها، بموقعه إلا أن السيد الشامس يسارع إلى اتهامها بمحاولات منتظمة لتخريب الموقع  » … عندما نتحدث عن مواضيع غير مريحة فإنهم يجندون شلة من (الهاكرز) أي المتخصصين في اختراق المواقع، محاولين إيقافه .. وهذا ما يفسر ما حدث في شهر يونيو الماضي عندما تعرض موقعنا للتخريب الكامل وتوقف لمدة تزيد عن شهر .. ومن كان وراء ذلك إما أن يكون الحكومة نفسها أو المافيا الليبية التي تحاول منعنا من نشر مواد ضد الفساد » وليست أخبار ليبيا فقط التي تزعح النظام، هنالك موقع آخر مكرس لعرض مآسي السجناء الليبيين وهو العدالة لليبيا www.justice4libya.com وهو يذكر الناس بماضي ليبيا المؤلم والهدف المعلن لهذا الموقع هو التذكير بالمئات من الليبيين الذين سجنوا أو قتلوا تحت نظام حكم القذافي، وهو ما يشكل أحد الصفحات الأكثر سوادا في تاريخ البلاد الحديث. نستطيع أن نرى صورا بالأبيض والأسود لمئات السجناء الذين قتلوا في السجون على صفحة الموقع الرئيسية، وهو أيضا المنتدى الذي يكتب فيه السجناء الذين أطلق سراحهم عن ذكرياتهم وعن أنفسهم وعن الحياة في السجن، ويقومون كذلك بنشر بعض النماذج من كتاباتهم بينما كانوا خلف القضبان. ما ينشر هو مواد شخصية عن ذكريات مؤلمة، نجد تدوين (سميح حمودة) تحتوي على ثمانية أبيات من الشعر تفطر القلب كتبها عندما كان في سجن (كلمان) {5} أثناء اعتقاله، وكتب شعرا عن بلاده وعن المرأة التي أحبها ذات مرة ولكنه لم يكن يعتقد بأنه سيتمكن يوما من نشرها بحرية عندما أطلق سراحه:

قرية تقاوم النسيان

شعر السجين السياسي سميح حمودة

 
قد كان لنا قرية .. تعانق الجبل حجارها عتيقة .. شقيقة الأزل أناسها وديعة .. تشابه الحمل شباباها ودودة .. رقيقة الغزل ظلالها.. لوزها وتينها .. عسل قد كان لنا قرية .. حقلها زيتون طعامها .. زيتها وخبرها .. طابون نساؤها ولودة .. وماؤها عيون أشعارها .. أمجادها .. جدودها بطون دروبها مفتوحة .. لا تعرف السجون قد كان لنا قرية .. غزاها الدئاب فأحرقوا حقولها .. سووها بالتراب قد طمسوا بيوتها .. وماءها العذاب وأرهبوا وليدها .. وشيخها المصاب قد أخرجوا أهلها .. ساموهم العذاب ما زال لنا قرية .. تقاوم النسيان صبارها ناهض .. أخضر الأغصان تاريخها عائد .. يصافح المكان وأهلها باقية .. بقاء الزمان غزاتها غائرة .. يغرقها الطوفان
 
(خالد عبد الواحد) كان سجينا سياسيا في معتقل أبو سليم بطرابلس، يستخدم التدوين لنشر قصته القاتمة عن المعاناة في السجن ويتذكر رفاقه بالزنزانة {6} .. يقول  » لا أستطيع أبدا أن أنسى تلك الوجوه .. لا أستطيع نسيان رفيقي سليمان الذي كان راقدا ذات يوم عندما دخل الحرس وسألوه عمن كان يصلي .. ثم أوسعوه ضربا » في تدويناته العديدة يقول عبد الواحد بأنه يكتب هذه الرسائل عن حياته في السجن حتى لا ينسى أحد معاناة وعذاب رفاقه الذين مات منهم العديد » موقع العدالة لليبيا، لا يخشى إثارة الجدل على الشبكة، فهو يوفر الرابط لأول تقرير مكتوب عن آخر المذابح التي ارتكبت في السجن في ليبيا .. تحت اسم  » تقرير تفصيلي عن مذبحة سجن ابو سليم 1996″ على أساس محرر من شاهد عيان بالسجن عندما قام الحراس بقتل المئات من المعتقلين الليبيين. كاتب التقرير، يدرك أن نزاهة الموقع تعتمد أكثر على صدقية التقرير أكثر منها على تسلسله واتساقه، ويقدم تحفظا من أجل المصداقية قائلا  » … اعتذاري إذا كانت هذه الملاحظات غير متسقة في بعض الأماكن، لقد كتبتها على عجل وفي حالة من الخوف والرعب، ثم قمت بتمزيقها خشية أن يكون الصديق الذي كنت أخطط معه على تهريبها قد هرب هو نفسه » … نفترض أن قراء الموقع الإليكتروني لن يؤاخذوه على ذلك، إلا أن الدقة في مثل هذه النشرات لا يمكن التحقق منها بسبب رد فعل الحكومة وانتقامها ممن يجرؤ على الجهر بالحديث، ولكن بالنسبة للموقع كانت قدرته على وضع رابط لقصة ممنوعة رسميا كافية. مواقع المعارضة مثل « العدالة لليبيا » و « أخبار ليبيا » ممنوعة رسميا في ليبيا، ولكن الناس يجدون طرقا ووسائل للدخول عليها، المستخدمون الذين يحاولون الدخول على موقع أخبار ليبيا تقابلهم صفحة فارغة ولكن عاشور الشامس يصر على أن الشباب من متصفحي الانتيرنيت تمكنوا من تجنب الموانع من خلال استخدام « الخادمات » البديلة وكذلك توصيلات القمر الصناعي. (حاتم) 28 سنة، الذي يدير مقهى للانتيرنيت في وسط مدينة طرابلس يشاطر الرأي القائل بأن الموانع التي تضعها الحكومة لمنع مثل هذه المواقع يتم تجاوزها بانتظام  » .. إنه من السهل العثور على مواقع « خادمات » بديلة .. كل واحد هنا يفعل ذلك .. مع بعض الحذر » ويشرح لنا بأن « الخادمات » البديلة التي تقع خارج ليبيا تمكن المتصفحين من الدخول للمواقع الممنوعة عادة هنا ثم يواصل  » .. ولكنهم في بنغازي الأمور تختلف .. كل واحد هنالك يستخدم توصيلة القمر الصناعي للدخول على المواقع … فهذه التوصيلات تسمح للمستخدمين بتجاوز الرقابة والحجر .. في شرق البلاد يفعل الناس هناك ما يريدون  » وكان يقول ذلك بنغمة من الغيرة من الميزات التقنية التي يحوزها سكان المنطقة الشرقية من البلاد والتي ظلت ولعدة عقود مركزا للمعارضة السياسية للنظام حيث تمكن الناس هناك من تحدي قواعد ولوائح الحكومة بصفة منتظمة. إذا كانت أخبار ليبيا مصدر إزعاج للنظام الليبي، إلا أن موقع (ليبيا وطننا) يذهب إلى أبعد من ذلك (8) فعلي عكس أخبار ليبيا لا يقوم هذا الموقع بإعادة صياغة الرسائل التي ترد إليه ولا يقوم بقطع فيها .. ويستطيع المرء أن يجد فيها جميع أنواع التدوينات من الذين يشعرون بالضيق والإحباط إلى الغضبى (وأحيانا بطريقة سوقية) إلى بريد الكراهية إلى التعليق السياسي. يشرح السيد عاشور الشامس ميزة الموقع الفريدة لليبيا وطننا » .. ابراهيم اغنيوة مؤسس الموقع ومحرره، ينشر كل ما يصله بدون تمييز .. فكما تأتي تنشر …  » ثم يواصل الشرح مشيرا إلى فورية الملامح بالموقع حيث نشاهد تدوينات به بإملاء محير ومحتوى أكثر غموضا أحيانا .. وليس من النادر أن نرى تدوينات على الشبكة تنطق بالعفوية السياسية والمهاترة التي تترك مجالا ضيقا لأي مجادلة إلا أن من سيمات مثل هذه المواقع هو أنك تعثر على بعض رسائل الكراهية السياسية مثل  » أنت .. يا ابن الحرام! » كبائدة معتادة وتكتب من قبل فصائل سياسية ليبية ضد كل شيء من القذافي إلى الإخوان المسلمين إلى الولايات المتحدة أو حتى المعارضين في الخارج .. سواء كانوا ملكيين أو اشتراكيين. ولكن لعل الأكثر إثارة للدهشة في موقع ليبيا وطننا هو كثرة نشرات النعي من وإلى الليبيين في الخارج، فالقبيلة هي الأولى في الأهمية وهي ما تميز ليبي عن آخر، وليبيا وطننا تنشر العديد من الفاكسات والرسائل الإليكترونية من أقارب المتوفين المنفيين في الخارج لعناية أقرانهم من القبيلة داخل البلاد، ففي 26 سبتمر على سبيل المثال نشر زاهرالهاشمي الراشد أوراق المركز الإسلامي في كليرموت بومونا بولاية كاليفورنيا ليعلن وفاة والده الهاشمي علي الراشد، ورسالة أخرى مشابهه تخبر أفراد قبيلة الصاغر بأن ابن عمهم شعبان انتقل لجوار ربه. هنالك نغم من الحنين في مثل هذه الاعلانات عن وفيات حديثة، الرابط العاطفي يظهر منها على الشبكة الدولية خلال منتديات الليبيين في المنفى والتي يستخدمونها للتواصل مع مواطنيهم والأصدقاء والعائلة وأبناء العم داخل ليبيا. وهكذا وبطرق مختلفة تستخدم مواقع المعارضة الليبية في الخارج ليس فقط في سبيل دعم حرية أكبر في الوطن أو للتواصل في نقاش ساخن حول قضايا الوطن ومشاكله الحالية ولكن للحفاظ على هوية متعددة الطبقات بالغة التعقيد. بالنسبة للسيد عاشور الشامس، هي رابط شامل لوطنه ليبيا الذي تركه في السبعينات، ويعبر عن الكفاح في سبيل نشر فكر التغيير السياسي، ويعقد العزم على البقاء متمسكا بالتواصل مع مواطنيه. ونفس الشعور ينبعث من صورة على بوزعكوك الباسمة على الشبكة الدولية بعد انتظار طويل للرجوع إلى بنغازي … بعد العزلة السياسية الاقتصادية لليبيا .. الشبكة الدولية تساعد الآن الجالية الليبية في المنفى للبقاء على الاتصال ومن خلال الحوار الافتراضي والضغط في سبيل التغيير. الكاتبة كلوديا غاتزيني، طالبة دكتوراة متخصصة في الشرق الأوسط بكلية سانت حون بجامعة أكسفورد، وتقدوها أبحاثها كثيرا لزيارة طرابلس، وهي تركز على ليبيا القرن العشرين، تخرجت من جامعة روما وتحصلت على شهادة الماجستير بجامعة برنستون المريكية في دراسات الشرق الأدنى. وهي إيطالية الجنسية ولكنها ترعرعت في إندونيسيا، وعملت كلوديا مع وكالة رويتزر للأنباء والأسوشيتد برس كذلك في إندونيسيا وإيطاليا والشرق الأوسط. الهوامش: (1) مدونة الكاتب محمد الأًصفر تعتبر مثالا على ذلك  www.alasfar-mohammad. maktooblog.com (2) www.algathafi.org (3) أهم مراكز المدونات باللغة الإنجليزية هو www.libyans.blogspot.com وبه حوالي 12 متحدث بها، بعضهم يعيش في طرابلس ومن هؤلاء مدون واحد يغامر بالكتابة المعتدلة على شكل تعليقات سياسية وهي شابة حذقة تعرف باسم هايلاندر lonehighlander.blogspot.com وهي تدعي بأنها المدون الوحيد في ليبيا. (4) ] www.nfsl-libya.com (5) http://www.justice4libya. com/index.php? option=com_content&task =view&id=721&Itemid=163& limit=1&limitstart=1 (6 www.justice4libya.com/index.php? option=com _content&task= view&id=274&Itemid=163 (7) هذا التقرير متوفر باللغة الإنجليزية بالرابط:  www.stopgaddafi.org/ articles/abusleem.html. (8)  www.libya-watanona.com. (المصدر: موقع « أخبار ليبيا » بتاريخ 18 أفريل 2007) الرابط: http://www.akhbar-libya.com/index.php?option=com_content&task=view&id=6596&Itemid=56  

المسلمون العلمانيون.. البُعد المنسي في حرب الأفكار (*)

 مؤسسة راند الأمريكية  (ترجمة – مروى صبري)

 
تناولت الفصول الأربعة الأولى من الدراسة التي نشرتها مؤسسة راند الأمريكية تحت عنوان « بناء شبكات مسلمة معتدلة » مخاطر الإسلام « الراديكالي »، والدروس التي يمكن الاستفادة منها من الحرب الباردة والتي انتهت بهزيمة « الشيوعية »، ثم تحدثت عن الجهود والبرامج الأمريكية للتعاون مع العالم المسلم. وتمحورت الفصول من الخامس وحتى الثامن على وضع خريطة طريق لبناء الشبكات المعتدلة، وقدمت المحاور المركزية التي لا بد من العمل داخلها لبناء هذه الشبكات، وحددت المؤسسات، بل والأشخاص الممكن الاعتماد عليهم لهذا الهدف في كل من أوروبا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط. وإجمالاً، أوضح مؤلفو الدراسة أن ثمة ثلاثة قطاعات واسعة على امتداد نطاق الميول الأيديولوجية داخل العالم المسلم قد تجد فيها الولايات المتحدة والغرب شركاء في جهود محاربة التطرف الإسلامي، وهم: العلمانيون، والمسلمون الليبراليون، والعناصر التقليدية المعتدلة، بمن في ذلك الصوفيون. وبعد الرفض القاطع لاعتبار بعض الجماعات مثل الإخوان المسلمين شريكا محتملاً، تم تحديد المستهدفين أو الشركاء المحتملين لتوجيه الجهود إليهم لبناء هذه الشبكات وهم: الأكاديميون المسلمون الليبراليون والعلمانيون، ورجال الدين من الشباب المعتدلين، ونشطاء المجتمع، والجماعات المعنية بحقوق المرأة، والصحفيون والكتاب والمعنيون بالاتصالات، وتم التعريف بالبرامج التي يجب أن توجه إليهم. أما الفصل التاسع والأخير من هذه الدراسة، فقد جاء بعنوان « المسلمون العلمانيون: البُعد المنسي في حرب الأفكار »، ملقيًا الضوء على عدم تجاهل المؤسسات والأشخاص العلمانيين؛ لأنهم عماد بناء الشبكات المعتدلة في أرجاء العالم المسلم. ويمكن إيجاز هذه الرؤية كما يلي: ** نمو العلمانية بالعالم المسلم يرى واضعو الدراسة أن الخبراء الغربيين يميلون عند مناقشتهم لحرب الأفكار الدائرة بالعالم المسلم إلى تجاهل المسلمين العلمانيين، الأمر الناشئ عن اعتقاد سائد بأن الدين يضطلع بدور عميق للغاية في صياغة المجتمع المسلم، إضافة إلى الاختلاف الشديد يبن نمط العلاقة بين الدين والسياسة في الإسلام وبينها في الغرب، حيث تسود أفكار الفصل بين الدين والكنيسة وكون الإيمان الديني قضية شخصية خاصة. بصورة عامة، تدعو العلمانية السياسية إلى الفصل بين الدين والدولة. وبعد الدراسة اكتشفنا أن الافتراض السائد بانعدام أهمية التيارات العلمانية داخل الإطار الإسلامي لا يعدو كونه صورة نمطية لا تدعمها الحقائق، ذلك أن العلمانية اضطلعت، تاريخيًّا وفكريًّا، بدور أكبر بكثير عما يعتقده معظم المحللين. ويبدو أن العلمانية تمر اليوم ببداية مرحلة نمو داخل العالم المسلم، مع ظهور عدد من المفكرين والكاتب المناصرين لها مؤخرًا ودعمهم لبعضهم وتلقيهم مساعدات من جماعات ليبرالية غربية. وتعتمد هذه المجموعة على دعامتين: التوجهات الفكرية العقلانية العميقة التي يتسم بها الفكر والفلسفة الإسلامية تاريخيًّا، والحركات العلمانية التي ظهرت القرن الماضي. ونظرًا للمخاطر المحتملة التي تنطوي عليها العلمانية بالنسبة لأي مسلم، يلجأ البعض للعمل تحت اسم مستعار، مثل « ابن وراق » مؤلف كتابي « لماذا لست مسلمًا » و »ترك الإسلام: المرتدون يتحدثون صراحة ». ويرتبط « ابن وراق » بعدد من المبادرات العلمانية، بينها « معهد علمنة المجتمع الإسلامي » الذي قام بتأسيسه. وهناك فريق آخر من العلمانيين يتناول أفكاره علانية رغم أنف التهديدات التي يتعرضون لها، ومن أبرز النشطاء السياسيين على هذا الصعيد البرلمانية الهولندية صومالية المولد « أيان هيرسي علي ». وعلاوة على المخاطر الشخصية، يواجه العلمانيون المسلمون عددًا من العقبات الإضافية: * ارتباط العلمانية، خاصة في العالم العربي، بالأنظمة السياسية الاستبدادية الفاشلة. * ارتباط العلمانية في الغالب بالأفكار والجماعات والأفراد اليساريين، الأمر الذي قد يتسبب في رفضها، خاصة داخل الولايات المتحدة، من جانب البرامج والوكالات الرسمية المهتمة بتعزيز وتمويل الخطاب بشأن الإصلاح الإسلامي. * غالبًا ما يجري الخلط بين العلمانية والإلحاد، خاصة من قبل الجماهير المسلمة والشرق الأوسطية. بيد أنه على الجانب الإيجابي، نجد أن العلمانية تتميز بالليبرالية. وعلى خلاف الإسلاميين، ليس هناك ما يدعو للخوف من أن يسعى العلمانيون نحو تنفيذ أجندة خفية لتقويض الديمقراطية الليبرالية. كما يدعم العلمانيون التسامح الديني ولا يقرون العنف، ما يستوجب منحهم الفرصة إلى جانب المسلمين الليبراليين والمعتدلين. ومن شأن مشاركتهم تدعيم التحالفات المعتدلة. كما أن إيمانهم بضرورة الفصل بين الدين والسياسة يقلص احتمالات دخولهم في تحالفات مع الإسلاميين أو التساهل إزاء محاولات إخضاع السياسة للدين. وفي إطار النقاش الإسلامي الحالي، هناك مجموعة واضحة المعالم من العلماء والكتاب ممن ينتهجون موقفًا عقلانيًّا قويًّا إزاء الدين، في الوقت الذي إما يرفضون العلمانية (ربما لأسباب تكتيكية، اعتقادًا منهم أن إقرارها علانية سيقلص من فاعليتهم) أو يتجاهلون تناول هذه القضية من الأساس. ويؤكد هذا الفريق من المفكرين العقلانيين غير العلمانيين على حق الفرد في تحليل القرآن والتوصل إلى تفهم خاص به لمعناه وكيفية تطبيقه. من بين الأمثلة على هذه المجموعة الكاتب السوري « محمد شحرور » والذي يرى أن الجماعات العلمانية داخل العالم الإسلامي بشكل عام لا ترغب في الفصل بين الدين وشئون الحكم، وإنما يسعون لقمع وكبت ونفوذ الدين كلية. وينتقد هذه الجماعات المؤلفة في معظمها، من وجهة نظره، من الماركسيين والشيوعيين؛ لسببين: أولهما: اتسامها بالتشدد والقمع وسعيها لاستبدال « احتكار الدولة للحقيقة » بهيمنة الدين. ثانيًا: فشلها في الالتزام بوعدها بتحديث المجتمع. أما قراءته المستقلة للدين فقد خلص من خلالها إلى عدد من النقاط المتعارضة مع وجهة نظر التيار الرئيسي من الإسلام المحافظ، حيث يعتقد، على سبيل المثال، أن القرآن لا ينص على عقوبة الموت بالنسبة لأي جريمة، وأن مصطلح الجهاد لا ينطبق على الظروف المعاصرة، ونزوله بالرسول إلى مرتبة مجرد شخص مثير للإعجاب بشكل استثنائي، ولكنه غير معصوم من الخطأ. يتميز الشاعر « علي أحمد سعيد » المشهور بلقب « أدونيس » بتاريخ طويل من المشاركة السياسية. وبعد تعرضه للسجن بوطنه سوريا انتقل إلى لبنان ومنه إلى فرنسا. ويُعَدّ من أشد المؤيدين للعلمانية وأعرب عن اعتقاد بضرورة النظر إلى الدين باعتباره تجربة روحية وشخصية، بينما يجب إرجاع جميع القضايا المرتبطة بالشئون المدنية والإنسانية إلى القانون والشعب. ويرفض « أدونيس » الدول الدينية حتى وإن جاءت نتاجًا لانتخابات ديمقراطية. ويكشف « أدونيس » عن مقت شخصي للدين الذي يعتبره نتاجًا للخوف من الحرية والمسئولية. ولكنه يؤكد على ضرورة احترام المعتقدات الدينية باعتبارها أمرًا شخصيًّا. في عام 1995، تعرض البروفيسور المصري « نصر أبو زيد » للمحاكمة في بلاده؛ لإعلانه أنه يعتبر القرآن عملاً أدبيًّا ونصًّا ينبغي إخضاعه للتحليل العقلي والعلمي. وقد حصل وزوجته على اللجوء إلى هولندا. ** المنظمات المسلمة العلمانية على المستوى التنظيمي، يمكن التمييز بين ثلاث فئات من المنظمات المسلمة العلمانية: أولها: المؤسسات المكرسة جهودها فقط لتعزيز إسلام علماني. ثانيًا: مؤسسات تتناول العلمانية أو التوجهات الفكرية والإنسانية بصورة أوسع وتخصص جزءًا من جهودها بشكل منفصل للحديث عن الإسلام. ثالثًا: المؤسسات الليبرالية المرتبطة بالجهود المسلمة العلمانية من دعمها بصورة أو بأخرى، مثل توفير الدعم المالي أو منح جوائز للعلمانيين المسلمين. أولاً: المؤسسات المكرسة جهودها فقط لتعزيز إسلام علماني – ائتلاف المسلمين الأحرار: تصف نفسها بأن لديها 12 فرعًا بالولايات المتحدة وواحدًا في كندا واثنين بمصر. وتأسست على يد « كمال نواش » مهاجر فلسطيني ومحام وترشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس شيوخ ولاية فيرجينيا عام 2003. – معهد الدراسات الإسلامية: تأسس بالهند عام 1980 على يد « أصغر علي » وله مكتب في مومباي. ويصف المعهد نفسه بأنه يرمي لتحقيق غايات إصلاحية، وأنه أنشئ على يد من شعروا بالحاجة لإعادة التفكير بشأن عدد من القضايا المرتبطة بالإسلام وتحديث الإسلام. – مركز دراسة المجتمع والعلمانية: يتخذ من مومباي أيضًا مقرًا له وتأسس على يد مجموعة من المفكرين الهنود عام 1993، ويناصر العلمانية باعتبارها حائط الصد الوحيد الفاعل ضد خطر تنامي الانقسامات والخصومات الطائفية، والأساس الوحيد لمجتمع متناغم. ثانيًا: المنظمات الفكرية أو الإنسانية الداعمة للعلمانية: – مؤسسة جيوردانو بورنو: تحمل اسم فيلسوف ينتمي للقرن السادس عشر، وأعدم في روما لاتهامه بالهرطقة. تتخذ من ألمانيا مقرًّا لها وتستضيف لقاءات ومؤتمرات. وقد منحت جائزة لـ »نجلا كيليك »، عالمة اجتماع تركية – ألمانية تؤيد العلمانية. – مركز التحقيق الغربي: يوجد مقره بهوليوود بولاية كاليفورنيا وتأسس على يد « بول كيرتز ». تفرد دورية المركز « فري أنكويري » (التحقيق الحر) مساحة كبيرة للكتابات النقدية المعنية بالإسلام وفكرة العلمانية الإسلامية. ويعتقد مؤسسو المركز أن إيران من المناطق الواعدة من حيث توسيع قاعدة تأييد القيم العلمانية، لما خلقه حكم رجال الدين هناك من رد فعل عكسي تجاه الإسلام السياسي. – الجمعية الوطنية العلمانية: منظمة بريطانية أنشئت في الأصل عام 1866 من جانب « تشارلز برادلو » عضو البرلمان. ولعبت دورًا كبيرًا في إنزال الهزيمة بتعديل مادة « التحريض على الكراهية الدينية » من قانون مكافحة الكراهية العنصرية والدينية الصادر عام 2006 والذي خشي العلمانيون من أن يسفر عن تقليص حرية التعبير وحق نقد الأديان. ثالثاً: الشخصيات المسلمة العلمانية البارزة وآراؤها يدعم « صهيب بن شيخ »، مفتي مارسيليا، علانية ليس فقط الحظر الفرنسي على ارتداء الحجاب، وإنما أيضًا مبادئ العلمانية بشكل عام. ويعرف « بن شيخ » العلمانية باعتبارها « الحيادية الإدارية » والتي يقصد بها ضرورة اضطلاع الحكومة بمهامها المرتبطة بالحكم بصورة منفصلة عن الدين. من الشخصيات العلمانية الأخرى « شاكر النابلسي » وهو بروفسور أردني يعيش حاليًّا بالولايات المتحدة، وأصدر وثيقة تحمل اسم « الليبراليين العرب الجدد » والتي جاء من بين أهدافها ضرورة إخضاع القيم المقدسة والتقاليد والتشريعات والقيم الأخلاقية السائدة لتحليل عميق. كما يصر على أن الشريعة يمكن تفهمها فقط في إطار الحقبة التاريخية التي تطورت خلالها، وبالتالي فهي لا تصلح لجميع العصور. إلى جانب ذلك، شارك في التماس يطالب بمحاسبة رجال الدين الراديكاليين ممن يدعمون العنف عن الحوادث الإرهابية التي تقع. أما البروفسور الكويتي « أحمد البغدادي »، فقد تعرض لمشكلات متكررة مع المحاكم وعقوبات عن اتهامات متنوعة، منها تعبيره عن اعتقاده بأن الرسول أخفق في إقناع بعض من دعاهم إلى الإسلام، وأنه يفضل أن يدرس نجله الموسيقى، بدلاً من القرآن. وألمح إلى وجود صلة بين الدراسات القرآنية والتخلف الفكري والإرهاب. وقد نشر مقالات بوسائل الإعلام الكويتية يدعو فيها إلى ضرورة إقرار العلمانية. فيما مضى، عمل « طارق حجي » المصري الجنسية مديرًا تنفيذيًّا بشركة تجارية ونائبًا لرئيس شركة « شل » النفطية بمنطقة الشرق الأوسط. ومنذ مغادرته منصبه في شركة « شل »، توجه للكتابة وإلقاء المحاضرات حول الإصلاح السياسي والاجتماعي والثقافي. ويرى « حجي » أن الدين بإمكانه توفير إطار عام للقيم الأخلاقية، ولكن لا ينبغي إقحامه في الإدارة الفعلية للحكم أو التشريع أو الإدارة أو حتى تطبيق هذه المبادئ والقيم في الحياة اليومية. من ناحية أخرى، تُعَدّ « هوما أرجوماند »، الهندية-الكندية، مؤسسة الحملة المناهضة لإقامة محاكم شريعة في كندا. وتتميز بتواجد وحضور مستمر في أوروبا ووسائل الإعلام. كما تزعمت حملة أخرى ضد المدارس الدينية الإسلامية في الغرب، واصفة الإسلام السياسي بأنه حركة رجعية معادية لحقوق الإنسان ويضطلع بدور كبير في تحول الأفراد للتوجهات الراديكالية. وشددت على ضرورة عدم تعرض الأطفال دون السادسة عشر لأي تأثير ديني؛ لأنهم ليسوا على درجة كافية من النضوج بعد للحكم على الرسالة الدينية المطروحة عليهم. وتعتبر « أيان هيرسي علي » الصومالية المولد والعضوة السابقة بالبرلمان الهولندي من الشخصيات العامة البارزة التي تمثل قيم العلمانية والحقوق المدنية وحكم القانون وحقوق المرأة والإنسان بشكل عام. وقد أعلنت عن إلحادها وتنتقد صراحة بعض جوانب حياة الرسول ومعاملة المرأة في الإسلام. وكانت بين من ناهضوا إقرار محاكم تعمل على أساس الشريعة في كندا. ——————————————————————————– دراسة صادرة عن المؤسسة شارك في إعدادها الباحثون: أنجيل راباسا ـ تشيرل بنارد ـ لويل تشارتز ـ بيتر سيكل. (*) ترجمة موجزة للفصل التاسع من الدراسة الصادرة عن مركز الشرق الأوسط للسياسة العامة بمؤسسة راند الأمريكية، ونشرت يوم 26 مارس 2007 تحت عنوان: « بناء شبكات إسلامية معتدلة ». (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 25 أفريل 2007)


خواطر حول رواية «ريح الوقت»

الأذرع التي لا تعمل تستحق البتر!

يوسف عبد العاطي يدخل تجربة أخرى في الكتابة الروائية بقلم: علي الحوسي أثرى الأديب القاص والروائي والشاعر والناقد يوسف عبد العاطي المكتبة العربية برواية جديدة هي روايته الثانية، اختار لها عنوانا: «ريح الوقت» وهي رواية تستحق القراءة بتروّ وتعمق، لما تحمله من معان عميقة، وأفكار عديدة، ورموز هادفة. تبدأ القراءة المتروية والعميقة انطلاقا من غلاف الكتاب الذي صمّم على شكل غريب يوحي بغرائبية النص، ويدعم ذلك الايحاء عنوان الرواية «ريح الوقت» فيحفزك ويستفزك وينبئك منذ المنطلق بايحاءات عديدة وتفاسير كثيرة ثم ينطلق بك الى عناوين فصول الرواية الاحد عشر، لتتصارع مع أنواع الرياح وأصنافها، بسمومها ولفحاتها، تأخذك في كل فصل الى اتجاه معين قد يكون مفاتيح تقحمك في النص مباشرة، وتقودك الى مجالات متشعبة، وفضاءات تبدو للوهلة الاولى  ضبابية. وتخرج من فضاء الغيوم والضبابية الى فضاء الوضوح  والشفافية ورقة الاحاسيس، فتنتقل الى الاهداء، حيث يعترف الكاتب بالجميل والاكبار، ويهمس بمشاعرالحب النبيل لزوجته «زيتونة الوفاء والكبرياء» ولعصوري الاسرة السعيدة صقري المستقبل، في نغمة شاعرية رقيقة صادقة، يتجاوب مع صداها الوجدان. وتلج النص من باب فصل رياح  شمالية عاصفة توحي بالوضع المتردي لقرية (وطن) سكنها أناس  ابتلوا بداء الثرثرة وكثرة الكلام في مواضيع  تافهة، ورددوا ما يسمعون دون وعي وتدبر، وحادوا عن العمل البنّاء والانجاز والخلق  والتآزر  واستعمال  العقل. هي قرية عجيبة غريبة سماها الكاتب «عين النخلة» وهي تسمية تهدف الى التيمن بمستقبل زاهر ورفعة وشموخ في شموخ النخلة وعطائها، أما العين فلعله يقصد عين الماء مصدر الخلق والحياة أو هو يشير الى العين البصيرة والمبصرة عن بعد، استشرافا لوضع افضل.. أو هو يقصدهما  معا.. وتزداد  عجبا باسناد  البطولة لأخرس أصم، يبدو رغم خرسه وصممه اكثر وعيا وإدراكا من أبناء قريته وإن أصيب هو أيضا بآفة الثرثرة وكثرة الكلام على غرار أبناء قريته ولكنها ثرثرة  باطنية شبعت بأسئلة كثيرا ما ظلت بلا اجوبة.. اسئلة موحية تجسم حالة قلق  واضطراب وحيرة وتمزق وعجز لا عن النطق والتعبير عما يسكنه ويختلج داخله  فقط بل عجز عن تغيير ما بقريته (وطنه) من اوضاع اجتماعية مأسوية  وتخلف ذهني مفجع. ان اختيار المؤلف  بطل روايته من ذوي عاهتي الصمّ والبكم اختيار فيه مغامرة كبرى من طرف الكاتب باعتبار العائقين المذكورين يحولان دون السماع والتبليغ والتخاطب  والتجاوب مع الاخر ورد الفعل السريع والافصاح عن الافكار والمشاعر والاحاسيس..ومن هنا يتأتى الابداع بتفجير طاقات الاخرس واستنطاقه  ليروي لنا وبضمير المتكلم  رواية في 237 صفحة من الحجم المتوسط  بكل ما فيها من معان وافكار واحاسيس باطنية دفينة واشارات وغمزات كل ذلك بضمير المتكلم ليشعرنا بأنه يخاطبنا مباشرة وأننا قريبون منه نفقه كلامه، ونتفاعل مع إشاراته، بل يقحمنا لنشترك معه فيما يسكنه من أفكار وهواجس وآلام لا عن نفسه المعيقة بل أسى على قريته  المريضة دون علاج ودواء.. ويحملنا معه أوزار ذلك التردي، ويدعونا الى البحث عن وسائل لنجدة هذه القرية بتعابير الخرسان بتكرار المواقف  وإعادة الجمل والاكثار من الحركات المعبرة لتبليغ  المقاصد.. وهو بذلك  لا يفتأ يذكر بحالة قريته، وقد ينكفئ على نفسه، فينغمس في حديث نفس الاخرس لنفسه وليس من السهل التحكم في تلك الشخصية التي تغزو القارئ بأسئلتها التي حيكت بذكاء لا لتفسر له حالات القلق والاضطراب التي تعيشها فقط، بل لتدعوه كقارئ فطن الى أبعد من ذلك وأعمق، إمعانا في الرأي وبحثا عن الحلول الناجمة لإخراج هذه القرية من وضعها  المتردي. هي أسئلة يرددها بطل الرواية الاخرس ظاهريا، ولكنني أراها آمالا  ومشاريع  ومخططات يتمنى هذا البطل تحقيقها لقريته (وطنه) وهي استشراف لمستقبل أفضل ووعي اكبر لأبناء القرية.. ونجد في هذه الرواية مواقف عديدة وأحداث  تلج اليها من باب الفصول الرياحية شديدة العصف، المتضاربة والمتصارعة.. مواقف  واضحة أحيانا  رمزية غرائبية عجائبية أخرى، مفزعة مرعبة أحيانا مشوقة أخرى، بسيطة ومعقدة، ينطلق بنا البطل  في روايته  من أن التعليم الذي يتلقاه أبناء قريته «عين النخلة والذي هو تعليم تلقيني يقتل التفكير  والتدبر، ويخرّج ربوات تتحرك بإرادة الآخرين، وبالتالي  لا يدرك أبناء هذه القرية واقعهم  المتدهور، ولا يعلمون أن الحياة تمارس وتزدهر بالأفعال لا بالاقوال وترديد الكلام، (إشارة الى والد بطل الرواية) وأن الطهارة والنقاوة في الأرواح والنفوس، اما الاجساد فأوعية حاوية حاملة لها لا توحي بدنس أو طهارة (في إشارة الى قصة سلوى الحنينة) وأن الأذرع التي لا تعمل ولا تنتج  تستحق البتر،  وأن الأعين التي تكتفي بنقل ما يحدث ليتحول الى ثرثرة  بلا معنى وكلام بلا هدف وغاية، ولا تقوم ببلورة الأشياء والمشاهد الى أفكار تحرك العقول التي تحوّلها الى أفكار بناءة  وريادية تستحق السمل. هذا الوضع المتردي بالقرية دفع الأموات الى استنكار ما يحدث لدى الاحياء من انشغال بالثرثرة، وإضاعة لأوقات ثمينة، ومعايشة واستسحان انحرافات متعددة، وإحجام عن العمل النافع والمفيد، وإهمال للعقل، وغياب للرأي السديد، هو الذي أمام كل هذه المشاهد، أيقظهم من قبورهم  وحرضهم على  القيام بعملية بتر الأذرع، وسمل العيون ، وإعادة صياغة أهل القرية صياغة جديدة «فالتاريخ البعيد للاجداد -كما يقول المؤلف- يبقى من مشمولات العجز، ومن دواعي الانشغال عن الدنيا بما تعدّى  وفات.. اما الآن فعلينا أن نبني حياتنا بتنفيذ  ما تجود به عقولنا من أفكار.. يجب علينا أن نصنع حاضرنا بكدّنا  واجتهادنا.. الأجداد ماتوا.. والماضي لا يوجد الا في أذهاننا.. فكفانا اجترار ما فعل الاجداد. ونعجب من هذا البطل الأخرس الأصم كيف يصف لنا بدقة مجهرية فائقة هذه الأحداث والمشاهد، ويظل يبحث دون يأس عن والده الرجل الوحيد المثالي  بالقرية والمصلح والعامل بصمت (أو إن شئنا يبحث عن قائد مصلح لقريته) والذي توجه غربا منذ الفصل الاول من فصول الرواية، ولا يعثر عليه الا في الفصل الاخير في الرواية حيث تبنى السفينة من جماجم الموتى، وتقلع نحو البناء والتشييد  والخلق الجديد (في إشارة الى سفينة نوح). وتشر وأنت تقرأ الرواية وتسير مع تشعباتها ومواقفها الغرائبية والعجائبية بأنك تتأزم، وقد يفلت منك زمام الأحداث، وقد تقول لنفسك همسا: -لماذا يكتب يوسف عبد العاطي ما لا يفهم؟ وكأني به يصدمك سريعا بالسؤال الجواب على طريقته: – ولماذا لا تفهم ما يكتب؟ ويواصل ردّه في ابتسامة ذات معنى: هل انتقلت اليك عدوى أهل القرية فصرت واحدا منهم؟ وتضطر الى إعادة قراءة الفقرة بأكثر تدبر وتروّ، بل إعادة قراءة صفحات كاملة، وقد لا تفلح بربط الاحداث العجائبية الغرائبية ببعضها، وتمنى النفس بحدوث ذلك وأنت تطالع الصفحات المقبلة. وتنتهي من مطالعة الرواية وإذا بك تصاب بمثل ما أصيب به بطل الرواية من حيرة، فتتوالد  لديك اسئلة تدعوك الى الاستجابة لما يدعو اليه الكاتب  في روايته هذه من إعمال للفكر  وتحليل للأحداث  وغوص في الاعماق لفهم  الاشارات  والغمزات والالغاز والرموز، وتوجهك الى استنتاجات وأجوبة ذاتية تثري النص الذي بين يديك وتعدّد أبعاده ومراميه. وهكذا يفرض عليك المؤلف  كتابة نص آخر مواز لنصه.. هذه خواطر سريعة تولدت من مطالعتي لرواية «ريح الوقت» وقد شعرت بتحول في أسلوب الكتابة لدى يوسف  عبد العاطي  وبنفس جديد في توجهاته الادبية.. ونحن في انتظار الجديد..  (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 أفريل 2007)


لقاءات مع الظواهري والزرقاوي وأبي حمزة المهاجر … وتجنيد مغاربة للقتال مع «القاعدة» في العراق …

الرباط: التحقيقات مع الحسيني تكشف قصة نشأة «الجماعة المقاتلة»

الرباط – محمد الأشهب     كشفت تحريات أمنية أن المعتقل الإسلامي البارز سعد الحسيني الذي يعتقد بأنه صانع المتفجرات التي استخدمت في الهجمات الانتحارية في الدار البيضاء في أيار (مايو) 2003، جنّد 18 شاباً مغربياً التحقوا بتنظيم «القاعدة» في العراق. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر أمني أن الحسيني (38 عاماً) كان «ناشطاً في شبكة مكلفة تجنيد شبان مغربيين وإقناعهم بالفكر السلفي وبالتوجه إلى العراق للقيام بعمليات إرهابية». وأشار المصدر إلى أن الشبان أتوا من أحياء فقيرة في الدار البيضاء و «جندوا لارتكاب عمليات إرهابية ضد مدنيين أبرياء في العراق». وذكر أن الحسيني قال إنه تلقى اتصالاً من شخص يدعى زايد من العراق عبر البريد الالكتروني «ليحدد شروط سفر المتطوعين عبر اسطنبول وسورية». وأضاف أن «المتطوعين كانوا سيستقلون حافلة إلى سورية، ومنها كانوا سينضمون إلى صفوف المقاومة». وعلمت «الحياة» أن التحريات كشفت أيضاً أن الحسيني كان على اتصال بناشطين في «تنظيمات متطرفة»، بينهم «التونسي صبحي بن محمد صالح الذي كان ناشطاً في حركة إسلامية، كما أقام علاقات مع ناشط في السلفية الجهادية اسمه عبدالسلام كان (أيضاً) عضواً في الجماعة المقاتلة» المغربية، إضافة إلى «جزائري اسمه ياسين اعتقل في اسبانيا بتهمة الانتساب إلى الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر». وأفادت التحريات أن الحسيني توجه إلى أفغانستان في 1997، وتلقى تدريبات في معسكر «خلدن». وشكل إلى جانب يونس الشقوري الملقب بـ «مجد الله» وعبدالقادر حكيمي الملقب بـ «شيباني» وكريم اوطاح الملقب بـ «سالم» اللبنة الأولى لتنظيم «الجماعة الإسلامية المقاتلة» التي اهتمت باستقطاب ناشطين مغاربة من بين «الأفغان العرب». وأفادت أن حركة «طالبان» سمحت للحسيني بإقامة معسكر في جلال آباد للرعايا المغاربة أطلق عليه اسم «طارق بن زياد». وكشفت أن المتهم تعرّف في صيف العام 2000 إلى المعتقل نورالدين نفيعة «وتمكنا من الاجتماع إلى أبي مصعب الزرقاوي في معسكر «لوغار» في أفغانستان»، كما حضرا لقاءات «كان يشرف عليها» الرجل الثاني في «القاعدة» أيمن الظواهري في كابول، إضافة إلى لقاءات أخرى بـ «أبي حمزة المهاجر» الزعيم الحالي لتنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين». وأكدت أن اللقاءات شملت كذلك «أبو الليث الليبي» الذي سلّمهم أموالاً حين نزلوا ضيوفاً على «الجماعة الإسلامية المقاتلة» الليبية في وزير أكبرخان (في كابول). وجاء في التحقيقات أن لقاء آخر جمع النشطاء المغاربة إلى الزرقاوي الذي اقترح عليهم إنشاء خلية اتصال مع «طالبان». ودار نقاش خلال لقاءات عدة حول تشكيل تنظيم لإعلان الجهاد وإحلال الخلافة الإسلامية محل النظام الحالي. ونُقل عن المتهم أن الظواهري أبدى استعداده لدعم «الجماعة الإسلامية المقاتلة» على المستويين اللوجستي والمالي. وعرضت التحقيقات لقاء مع أمير مفترض لـ «الجماعة الإسلامية» المصرية اسمه شريف المصري. وأشارت إلى أن اللقاء كان «البداية الحقيقية لإنطلاق الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة، وتحديداً بعد العام 2001». لكن اسم الحسيني ظهر للمرة الأولى بعد تفجيرات الدار البيضاء في 2003. كذلك، فإن التحريات حول التفجيرات الانتحارية الأخيرة التي شهدتها الدار البيضاء استبعدت فرضية ارتباط المنفذين بـ «الجماعة المقاتلة» المغربية. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن، بيروت، الرياض) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)

ندوة بالجامعة العربية تناقش ظاهرة تصاعد موجات الهجرة من مصر وشمال افريقيا الي اوروبا

القاهرة ـ القدس العربي ـ من احمد القاعود المغتربون العرب في المهجر الاوروبي هو موضوع الندوة التي عقدت علي مدار يومين في جامعة الدول العربية وشارك فيها عدد من اساتذة العلوم السياسية بمصر ودول المغرب العربي وناقش المشاركون فيها اسباب الموجات المتتالية من الهجرة العربية الي اوروبا والمشاكل التي تقابل هؤلاء المهاجرين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومحاولة استشراف مستقبل المهاجرين والعلاقة بين الدول المستقبلة والمصدرة للهجرة. الجلسة الاولي كانت بعنوان الدوافع والتحديات في الموطن الاصلي وراسها الدكتور عبدالملك عودة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وكان اول الابحاث المقدمة فيها للباحثة راوية توفيق والتي حاولت فيها تبين اسباب ودوافع هجرة ابناء الشمال الافريقي الي اوروبا، وتري راوية ان الهجرة العربية وخاصة في الشمال الافريقي الي اوروبا نموذج مثير للاهتمام واذا كان الاوروبيون اهتموا بالحوار مع العرب في قضايا الهجرة خاصة غير الشرعية لتحقيق اولوياتهم للحد منها فان دول الشمال الافريقي تحتاج علي المستويين الفردي والجماعي الي تطوير رؤية واضحة لاولوياتها من هذا الحوار ولكيفية دعم روابطها بمهاجريها. وفي اسباب الهجرة تقول الباحثة انه لا توجد نظرية متكاملة او نموذج شامل قادر علي تفسير اسباب وديناميكيات الهجرة، فهناك ادبيات ترجع اسباب الهجرة الي منطق التحليل الاقتصادي الذي يركز علي منطلقات الفاعل الرشيد وتحليل التكلفة – العائد – والهجرة ترتبط برغبة الشخص في تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي، ولكن الدوافع الاقتصادية التي تذهب اليها النظرية الاقتصادية النيوكلاسيكية لا تنهض كتفسير كاف للهجرة، فهي لا تفسر لماذا يتحمل العديد من الاشخاص مخاطر الهجرة غير المشروعة الي دولة معينة ولماذا يلجأ آخرون الي العودة الي موطنهم الاصلي رغم استمرار وجود نفس الحوافز الاقتصادية، ولذلك فقد تم تطوير ما يسمي بالاقتصاديات الجديدة لهجرة العمالة والتي تقوم علي ان الهجرة لا تدفعها حسابات اقتصادية صرفة لفاعل وحيد وانما تقديرات علي مستوي العائلة او الجماعة تهدف الي الحد من المخاطر بتنويع مصادر الدخل ومن ثم بهجرة البعض الي اسواق اخري للعمل، وبعض الدراسات تضيف منطق السببية التراكمية في تزايد دوافع الهجرة ووفقا لهذا المنطق فان هجرة بعض افراد منطقة معينة او اقليم معين تساهم عن طريق تحويلاتهم المالية بخلق قدر من عدم المساواة مما يدفع غيرهم من نفس المنطقة او الاقليم الي الهجرة نتيجة تزايد الشعور بالحرمان خاصة في المناطق الريفية. وبالاضافة الي هذا الاتجاه الاقتصادي في تفسير الهجرة، توجد نظريات هيكلية تربط الهجرة بالتطورات المجتمعية التي تشهدها دولة معينة فالدول التي تشهد تحولات في هيكلها الاقتصادي والاجتماعي، قد تدفع الاشخاص للهجرة، وازدياد الفجوة بين الشمال والجنوب. وكما ان هناك اتجاهات نظر الي عوامل الطرد في دول المنشأ، فهناك اتجاهات تنظر الي عوامل الجذب في دول المهجر. وبعد العرض للاسباب النظرية للهجرة، تقدم الباحثة الجذور التاريخية لهجرة ابناء الشمال الافريقي فهي تعود الي عصر الاستعمار الفرنسي بهذه الدول، وكانت اكبر موجات الهجرة قبيل واثناء الحرب العالمية الاولي، خاصة من الجزائر في فرنسا، حيث تم استغلالهم في العمل في المصانع والمناجم والعسكرية، وتشير تقديرات الي ان الشمال الافريقي مد فرنسا بحوالي 175 الف جندي و150 الف عامل في الحرب العالمية الاولي، ومع بداية الستينات حتي منتصف السبعينات تزايدت الهجرة الي اوروبا، وتغير الوضع مع ازمة ارتفاع اسعار النفط عام 1973 حيث قررت الدول الاوروبية عدم استقبال عمالة مهاجرة جديدة. وياتي البحث الثاني للدكتورة عزيزة بدر استاذ الجغرافيا بمعهد البحوث والدراسات الافريقية بجامعة القاهرة، حول ملامح التركيب الديموغرافي للمغتربين من الشمال الافريقي في اوروبا، وهي دراسة استكشافية تعتمد علي المتاح من بيانات عن بعض المهاجرين في بعض الدول الاوروبية. واخذت الباحثة فيها معالجة بعض الخصائص الديموغرافية المتمثلة في التركيب العمومي والنوعي للمهاجرين العرب في اوروبا بصفة خاصة مهاجرو الشمال الافريقي، وانعكاسات ذلك علي الدول المضيفة ودلالات التركيبات العمومية والنوعية لهؤلاء المهاجرين واهميتها في تحسين حالة المهاجرين والتخطيط لمستقبلهم. ففي دراسة اجريت عام 1998 علي عينة من المغاربة وجد ان اكثر من 90% منهم بين سن 20 و29 يرغبون في ترك بلدهم وكان 70% منهم من حملة الشهادات الجامعية وما زالت تلك العينة تمثل نوعية العرب الراغبين في الهجرة وهم ذوو العقول والمهارات الهاربون بسبب انتشار البطالة والفقر. البحث الثالث كان للدكتورة اماني مسعود الاستاذ المساعد بقسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة بعنوان الهجرة المصرية بين سياسات الازمة ومؤسسات بلا دور . وتضع الباحثة عدة خصائص للمهاجرين المصريين والذين يتراوح عددهم بين 3 و5 ملايين شخص، فالخصائص الاجتماعية حسب احدي الدراسات التي قام بها المركز الديموغرافي بالقاهرة عام 2003 هي ان معظمهم من فئة الشباب من سن 25 و34 حيث تصل نسبتهم 52% من اجمالي المهاجرين، وتتركز النسبة بدرجة كبيرة بين الذكور حيث تصل نسبتهم بين المهاجرين الي حوالي 92%، كما ان ثلثهم لم يسبق له الزواج، وحول اوضاعهم الاقتصادية، فحوالي 34% منهم يعملون بالزراعة والصيد في مصر، و19% منهم كانوا يعملون في نشاط الادارة العامة، كما ان نسبة المصريين المهاجرين الي اوروبا تنخفض بصورة كبيرة امام مثيلاتها من دول المغرب العربي، حيث لا تتعدي هذه النسبة 0.06% من جملة عدد سكان مصر، ومن اسباب عدم اقبال المصريين علي الهجرة لاوروبا اللغة والفقر والجهل بالآخر والبعد الثقافي والاجتماعي وانخفاض مستوي المهارة الفنية للراغبين في الهجرة. وتري الباحثة ان تشريعات الهجرة وسياساتها في مصر سارت في جانب وبرامج التنمية من جانب آخر، واستمرت سياسة وتشريعات الثمانينات في نفس الخط السياسي متجاهلة ما حدث من تغيرات اقتصادية بالدول المستقبلة للمهاجرين ومكتفية بنمط تشريعات الازمات الذي انتهجته متجاهلة بذلك ارتباط تلك السياسة التي تتعلق بالهجرة بسياسات اخري اشمل وهي سياسة التنمية داخل الدول. وتري انه بين ارقام الاحصائيات المتباينة والمؤسسات الغائبة تلاشي الامل في انتهاز الفرصة في الاستفادة من المهاجرين في الخارج وتحويلاتهم حيث تبددت مدخراتهم علي شراء منازل وانماط حياة تتسم بالبذخ بينما كان من الضروري انشاء تجمعات انتاجية لجذب هذه المدخرات والاستفادة منها في مشروعات التنمية، وطالبت الباحثة بانشاء مجلس قومي للهجرة الدائمة والمؤقتة لربط المهاجرين ببلدهم الام والاستفادة منهم. وجاءت الجلسة الثانية بعنوان واقع المغتربين العرب في دول المهجر الاوروبي، السلبيات والايجابيات راستها الدكتورة اجلال رافت، وقدم فيها الدكتور علاء الخواجة الاستاذ المساعد بقسم الاقتصاد بجامعة القاهرة بحثا حول الدور الاقتصادي لتحويلات المهاجرين فهذه التحويلات تؤثر علي مجموعة من المتغيرات مثل ميزان المدفوعات وسعر الصرف واسعار الفائدة المحلية، كما انها تتسم بالاستقرار، وتعمل في عكس اتجاه تقلبات الدورة الاقتصادية وتلعب دورا هاما في تحسين الجدارة الائتمانية للدولة، ومعظم الدراسات التي تتبعت استخدامات التحويلات اتفقت علي انها تستخدم اساسا في استيفاء الحاجات اليومية لأسر المهاجرين ثم القرارات الاستثمارية والتي تتركز في الغالب في قطاع البناء والتشييد لاسباب اقتصادية واجتماعية لدي المهاجر. الجلسة الثالثة ناقشت الاوضاع القانونية للمغتربين العرب في المهجر الاوروبي راسها حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. وقدم خلالها الدكتور عمار جفال مدير مخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية بجامعة الجزائر بحثا حول العلاقات بين المغتربين ودولهم الاصلية وحدد فيها العلاقة بين المهاجر وبلده الاصلي، وتمثلت في التحويلات المالية، التي اعتبرها بمثابة العلاقة العامة والرئيسية التي تميز علاقة غالبية المهاجرين بدولهم الاصلية كما انها لا يمكن ان تستغني عنها الحكومات بسهولة، حيث تقدر دراسات ان هذه التحويلات تمثل نحو 23% من مجموع دخل العملات الاجنبية في المغرب وهي بالتالي تتجاوز دخل السياحة والاستثمارات الخارجية، وبالنسبة لتونس فهي تمثل نحو 10%، وتقوم هذه التحويلات بانعاش الاقتصاد وتضاعف الاستهلاك وتوفر فرص عمل. وقدم الباحث خلال دراسته دراسة حالة للجزائر، وخلص الي ان المؤشرات المتعلقة بالهجرة المغاربية الي اوروبا تسير نحو مسارات سلبية لا تخدم الاطراف المعنية بسبب تزايد نسبة الانكفاء لدي المهاجرين وخصوصا من الجيل الثاني والثالث للعيش كمواطنين في البلدان التي ولدوا بها، والتخلي عن كل الروابط الاجتماعية والمالية بالبلد الاصلي، والذي يترتب عليه توقف تدريجي للتحويلات المالية التي تستفيد منها حكومات الدول المغاربية، وايضا تدهور مكانة الاغلبية الكبري من المهاجرين نحو العيش علي هامش هذه المجتمعات وممارسة العنف باشكاله. ويقدم الدكتور احمد الرشيدي استاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة بحثا حول حقوق المغتربين وواجباتهم في دول الاستقبال، وهذه الحقوق هي التمتع بالشخصية القانونية والحماية ومزاولة النشاط الاقتصادي والاعتراف بحقوقه المكتسبة وحقه في عدم ابعاده الا لضرورة قصوي، ويقدم الرشيدي دراسة حالة حول حقوق العمال في المهجر باعتبارهم اجانب اولا وثانيا باعتبارهم عمالا. ويطالب الرشيدي الدول المصدرة للمهاجرين بدمج ابنائها في الخارج بكل القضايا الوطنية والقومية من حيث ممارسة الحقوق واداء الواجبات وتعزيز دور وسائل الاعلام العربية والقاء الضوء علي النجاحات الفردية والجماعية التي يحصدها ابناء الجالية في المغترب، وتقوية العلاقات الاخوية بين الجاليات العربية في الخارج وتعزيز الاتفاقيات الثقافية والتعليمية والعمل علي ايجاد مدارس عربية في جميع المناطق المتواجدة فيها الجالية العربية. الورقة الاخيرة للدكتور مصطفي مرسي مدير المركز الاستشاري المصري لدراسات الهجرة، وقدم فيها دراسة لتاثير الهجرة غير الشرقية الي اوروبا علي صورة المغترب العربي، وناقش فيها مرسي دوافع الهجرة غير القانونية، وابتعاد سياسات ونظم الهجرة الاوروبية عن الليبرالية، والاتحاد الاوروبي ومواقفه من ظاهرة الهجرة غير القانونية وتاثير الهجرة غير القانونية، علي صورة المغترب العربي.  (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 أفريل 2007)

تونس، في 25 افريل 2007

قائمة بما تم نشره حتى اليوم من دراسات عن العهد البورقيبي وكذا نصوص شهادات الذاكرة الوطنية

بعد التحية الطيبة, حرصت مؤسستنا منذ إنشائها على الاهتمام بأسس بناء الدولة الوطنية منذ أن كان الرئيس السابق الحبيب بورقيبة على قيد الحياة وقد نظمنا لذلك سبعة مؤتمرات نشرت الأعمال الست الأولى فيها, ثم عززنا ذلك بتنظيم سمينارات الذاكرة الوطنية وحلقات النقاش والتي تعددت وأصبحت تنظم كل أسبوع تقريبا. وقد دعونا لذلك عددا هاما من الشخصيات السياسية والنقابية وحتى الفنية من مختلف التيارات الفكرية التي وجدت على الساحة التونسية ووفقنا في نشر حوالي 50 نصا من تلك الشهادات بما يشكل قاعدة بيانات أساسية حول ذلك, وهذا خلافا لتسجيلات معهد تاريخ الحركة الوطنية السمعية البصرية فقط, حيث لم يتم تفريغها ولا نشرها وإتاحتها لعموم التونسيين. وإنه نظرا للحرص الشديد الذي أبداه الرأي العام التونسي لمسلسل زمن بورقيبة, الذي أعدته قناة العربية, وبثتها ثم قيام مؤسستنا بإجراء حوارات تقويمية حول الحلقات جميعها, والتي تابعها الرأي العام التونسي باهتمام بالغ, وحرصا منا على إثراء الذاكرة الجماعية, ومد القراء بنصوص هاته الشهادات, فقد أخذنا مبدأ نشر نصوص شهادات الذاكرة الوطنية, وليتأكد الجميع من أن أنشطتنا العلمية حول الذاكرة الوطنية شكلت أهم قاعدة بيانات لتأريخية الزمن الحاضر, ليس فقط بتونس بل بالوطن العربي. تجدون طي هذا القائمة الجديدة لنصوص شهادات الذاكرة الوطنية. مع التحية
مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات قائمة البيانات الجديدة حول ما تم نشره حتى اليوم من دراسات علمية عن الحركة الوطنية وبناء الدولة وكذا نشر نصوص سيمنارات الذاكرة الوطنية التالية :
إن كتابة تاريخ الزمن الحاضر هي مسؤولية جد ثقيلة, قامت بها مؤسستنا بكل شرف, وهذا على الرغم من المصاعب الجمة التي اعترضتها, وعليه فإن مجموع الدراسات وكذا نشر نصوص الذاكرة الوطنية, تشكل قاعدة بيانات لا يمكن الاستغناء عنها, بالنسبة لتاريخ الزمن الحاضر لتونس وهي القاعدة التي أتحناها للجميع للتعرف عن مسارات الحركة الوطنية والمغاربية وبناء الدولة التونسية بعد الاستقلال : أولا : الكتب : أعمال المؤتمر الأول حول : الحبيب بورقيبة وإنشاء الدولة الوطنية : قراءات علمية في البورقيبة، 533 ص، (بالعربية والفرنسية), زغوان، أفريل 2000. أعمال المؤتمر الثاني حول : بورقيبة والبورقيبيون وبناء الدولة الوطنية، 506 ص، (بالعربية والفرنسية), سبتمبر/أيلول 2001 أعمال المؤتمر الثالث للدراسات البورقيبية حول : السلطة وآليات الحكم في عصر الحبيب بورقية في تونس وفي البلاد العربية, (بالعربية والفرنسية), 502 ص, مارس 2003 أعمال المؤتمر الرابع للدراسات البورقيبية حول : القضاء والتشريع في تونس البورقيبية وفي البلاد العربية, 560 ص, (بالعربية والفرنسية), مارس 2004. أعمال المؤتمر الخامس للدراسات البورقيبية حول : نهاية حكم بورقيبة والقيادات السياسية العربية : الصعود والانحدار, 608 ص, (بالعربية والفرنسية), مارس 2005. أعمال المؤتمر السادس للدراسات البورقيبية حول : رهانات الثقافة ووسائل نشر المعرفة في تونس البورقيبية وفي البلاد العربية, 408 ص, (بالعربية والفرنسية), سبتمبر2006. التميمي, عبد الجليل, دراسات في منهجية الحكم والسياسة البورقيبية, 164 ص, (بالعربية والفرنسية),  مارس 2004.(مازلنا ننتظر الإذن بتوزيعه منذ ثلاث سنوات). – د. عبد الجليل التميمي , كتابات ومذكرات المناضل يوسف الرويسي السياسية، 320 ص، (بالعربية والفرنسية)، منشورات المؤسسة، زغوان 1995 (بالعربية والفرنسية) أعمال المؤتمر العالمي الأول حول : فرحات حشاد الحركة العمالية والنضال الوطني، 370 ص، (بالعربية والفرنسية)، زغوان، جانفي 2002. شهادة أحمد بن صالح السياسية : إضاءات حول نضاله الوطني والدولي, 176 ص,  مارس 2002 (بالعربية). شهادة الطاهر بلخوجة السياسية, 132 ص, مارس 2002 (بالعربية والفرنسية). شهادة الطيب البكوش : الحركة النقابية والديمقراطية في تونس 1975- 1988، 172ص، أوت 2003 (بالعربية والفرنسية) . 1.                            أعمال المؤتمر العالمي السابع عشر لمنتدى الفكر المعاصر حول : دور المرأة المغاربية في حركة التحرير وبناء الدولة الوطنية (408 ص, تونس, مارس 2007) ثانيا : قائمة نصوص سمينارات الذاكرة الوطنية التي نشرت حتى الآن : 1.     شهادة مصطفى الفيلالي (نشرت بالعربية) في المجلة التاريخية المغاربية عدد 109، ص 347- 380، جانفي 2003. 2.     شهادة محمد النافع (نشرت بالفرنسية) في المجلة التاريخية المغاربية عدد 110 ص 201- 246، زغـوان، جانفي 2003. 3.     شهادة محمد نافع، (نشرت بالعربية) في المجلة التاريخية المغاربية عدد 111، ص 557- 598، زغـوان، جوان 2003. 4.     شهادة احمد الزمني (نشرت بالعربية) في المجلة التاريخية المغاربية عدد 109 ص 317- 346، زغــوان، جانفي 2003. 5.     ملف شهادات حول معركة بنزرت، (نشرت بالعربية) في المجلة التاريخية المغاربية عدد 111، 599-625، زغوان- جوان 2003. 6.     شهادات حول : بداية الدبلوماسية التونسية، نشر في المجلة التاريخية المغاربية عدد 112، ص 757- 786 زغوان/جوان 2003 (بالعربية). 7.     شهادات حول : ملف 26 جانفي 1976، في المجلة التاريخية المغاربية عدد 114 (بالعربية)، ص 259-291، جانفي 2004. 8.     شهادات حول : ملف 26 جانفي 1976، في المجلة التاريخية المغاربية، عدد 114 (بالفرنسية)، ص 163-191، جانفي 2004. 9.     شهادات حول : الخلاف البورڤيبي-اليوسفي، في المجلة التاريخية المغاربية، عدد 114 (بالعربية)، ص 215-258، جانفي 2004. 10.شهادات سياسية حول : مؤامرة سنة 1962، في المجلة التاريخية المغاربية، عدد 114 (بالعربية)، ص 215-258، جانفي 2004. 11.شهادات حول : مؤامرة سنة 1962، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 114 (بالفرنسية)، ص 127-163، جانفي 2004. 12.شهادة مصطفى الفيلالي، في المجلة التاريخية المغاربية، عدد 114 (بالفرنسية)، ص 127-162، جانفي 2004. 13.شهادة الباجي قائد السبسي، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 115 (بالفرنسية)، ص 145-154، ماي 2004. 14.شهادة جلبار نقاش، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 115 (بالفرنسية)، ص 155-176، ماي 2004. 15.شهادة الشاذلي العياري، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 115 (بالعربية)، ص 197-212، ماي 2004. 16.شهادة الباجي قايد السبسي، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 115 (بالعربية)، ص 213-248، ماي 2004. 17.شهادة محمد كريم، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 116 (بالعربية)، ص 225-254، ماي 2004. 18.شهادة الأمير الشاذلي باي، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 117 (بالعربية)، ص 119-138، مارس 2005. 19.شهادة محمد مزالي (1)، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 117 (بالعربية)، ص 139-160، مارس 2005. 20.شهادة رشيد إدريس، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 118 (بالعربية)، ص 411-462، مارس 2005. 21.شهادات حول : المناضل أحمد التليلي، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 118 (بالعربية)، ص 463-483، مارس 2005. 22.شهادة محمد حرمل,  في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 120 (بالعربية)، ص 399-420، جوان 2005. 23.شهادة محمد المصمودي, في نهاية حكم بورقيبة والقيادات السياسية العربية : الصعود والانحدار, 451-496 ص, مارس 2005. 24.شهادة عمر شاشية, في نهاية حكم بورقيبة والقيادات السياسية العربية : الصعود والانحدار, 497-534 ص, مارس 2005. 25.شهادات حول الديلوماسية التونسية في إفريقيا, في نهاية حكم بورقيبة والقيادات السياسية العربية : الصعود والانحدار, 535-555 ص, مارس 2005. 26.شهادة حسين التريكي، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 121 (بالعربية)، ص 159-200, جانفي 2006. 27.شهادة محمد مزالي (2)، ، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 121 (بالعربية)، ص 201-218, جانفي 2006. 28.شهادة الهادي التركي، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 122 (بالعربية)، 229-240, جانفي 2006. 29.شهادة أبو القاسم محمد كرو الأولى والثانية، في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 122 (بالعربية)، جانفي 2006. 30.شهادة عمر شاشية في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 122 (النص الفرنسي)، جانفي 2006. 31.شهادة الحكيمة توحيدة بن الشيخ, أول طبيبة تونسية في المؤتمر العالمي السابع عشر لمنتدى الفكر المعاصر حول: دور المرأة المغاربية في حركة التحرير وبناء الدولة الوطنية, ص 237-246, نوفمبر 2006. 32.شهادة مع السيدة فتحية مزالي حول بداية التنظيم العائلي بتونس, في المؤتمر العالمي السابع عشر لمنتدى الفكر المعاصر حول: دور المرأة المغاربية في حركة التحرير وبناء الدولة الوطنية, ص 247-272, نوفمبر 2006. 33.شهادة د. الشاذلي العياري و د. مصطفى الفيلالي، نحن والآخر في المجلة التاريخية المغاربية، عـدد 124 (بالعربية)، جوان 2006 34.شهادة الأستاذ مصطفى الفيلالي : شهادة حول تكلفة اللامغرب, المجلة التاريخية المغاربية, عدد 121, ص 131-158, تونس, مارس 2006. 35.شهادة السياسية والتاريخية للمناضل حسين التريكي (2), المجلة التاريخية المغاربية, عدد 125, ص 145-172, تونس, مارس 2007. 36.شهادة الأستاذ الطاهر بوسمة كوالٍ في العهد البورقيبي, المجلة التاريخية المغاربية, عدد 125, ص 173-188, تونس, مارس 2007. 37.شهادة السيد محمد كريم (2), المجلة التاريخية المغاربية, عدد 126, ص 151-172, تونس, مارس 2007. 38.شهادة حول الحبيب عاشور, المجلة التاريخية المغاربية, عدد 126, ص 173-204, تونس, مارس 2007. 39.شهادة حول اليسار التونسي والحركة النقابية, المجلة التاريخية المغاربية, عدد 126, ص 205-222, تونس, مارس 2007. 40.شهادة السيد مصطفى الزعنوني (حلقتان), المجلة التاريخية المغاربية, عدد 127, ص 133-178, تونس, مارس 2007. 41.شهادات حول التيار العروبي بتونس, المجلة التاريخية المغاربية, عدد 127, ص 179-204, تونس, مارس 2007. 42.لقاء علمي مع الأستاذ نجيب زروال وارثي (سفير المملكة المغربية بتونس, وزير التعليم العالي بالمغرب سابقا), المجلة التاريخية المغاربية, عدد 127, ص 205-222, تونس, مارس 2007. 43.شهادة الرؤى المتقاطعة بين الطاهر بالخوجة ومحمد بلحاج عمر, المجلة التاريخية المغاربية, عدد 127, ص 223-233, تونس, مارس 2007. ثالثا : شهادات تحت الإعداد : 44. شهادة خميس الشماري. 45. الشهادات الخمس لمجموعة آفاق. 46. شهادات عن الحكيم سليمان بن سليمان. 47.                   شهادة المنجي الكعلي. 48. شهادتي محمد الصياح. 49.شهادة عن فقيد المسرح التونسي علي بن عياد 50.                   شهادة  السيد عبد الحميد بن مصطفى, الوجه اليساري التونسي 51.                   شهادة مع السيد الصادق بن جمعة 52.                   شهادة د. صالح المهدي 53.                   شهادتين حول المسارات الجديدة لمستقبل البحث العلمي للسيراس(الشهادة الأولى) مع مصطفى الفيلالي والشاذلي العياري ومحمود السكلاني والحبيب عطية والثانية مع حسن العنابي ود. هشام سكيك. 54.                   شهادة مع الأستاذ مصطفى المصمودي  حول : رهانات تونس الإستقلال تجاه الثورة الإعلامية الدولية 1955-2005 ومستقبل مسارات المعرفة 55.                   شهادة الأستاذ الطيب التريكي حول :  مسارات التربية القومية أثناء تولي الأستاذ محمود المسعدي 1958-1968 56.                   شهادتي الإعلامي العربي منير شماء. 57.شهادتي سي نجيب البوزيري. 58.منبر نقاش حول مجموعة برسبكتيف/العامل التونسي وأنشطتها في الخارج 59.                   منبر نقاش للذاكرة الوطنية حول : بدايات وتفاعلات التيار القومي العروبي بالبلاد التونسية. 60.منبر نقاش للذاكرة الوطنية حول :الزعيم صالح بن يوسف مع ثلة من المقربين وهم على التوالي : الصادق الشايب والحبيب اللمسي ونور الدين بن جميع ويوسف الشريكي والمنصف الشابي, وآخرون  (اللقاء الأول والثاني). 61.                   سمينار الذاكرة الوطنية مع سعادة السفير محمود المعموري 62.سمينار الذاكرة الوطنية حول : دور القيروان في مسارات الحركة الوطنية مع السادة : مصطفى الفيلالي وعمر فضة وعمر النابلي وأحمد بن القائد العجيمي وآخرون 63.                   سمينار الذاكرة الوطنية مع : الأستاذ محمد الهادي خليل, وزير التربية القومية السابق, حول ملف : مقاربات شخصية لقضايا التربية والتعليم مع الوزراء وصناع القرار التربوي من 1968 إلى 1987 64.سمينار الذاكرة الوطنية  مع السادة: علي شلفوح وبلقاسم الشابي وعبد الرزاق الكيلاني حول الحركة القومية في تونس : البعثيون التونسيون في مسارات الحركة الوطنية (1961-1968) 65.شهادات الذاكرة الوطنية: مع سي عبد العزيز بوراوي, أحد الرواد النقابيين الأوائل (الحلقة الأولى والثانية والثالثة) 66.                   منبر نقاش حول الذاكرة الوطنية مع السيد محمد الصياح ود. المنصف الشابي و د. علي المحجوبي حول منهجية كتابة تاريخ الحركة الوطنية التونسية 67.                    سمينار الذاكرة الوطنية مع الأستاذ العميد الأزهر القروي الشابي حول : تاريخ مهنة المحاماة قبل الاستقلال وبعده 68.سمينار الذاكرة الوطنية مع الأستاذ د. مسعود الشابي حول : الأنشطة السياسية للتونسيين بباريس 1973-1987 69.سمينار الذاكرة الوطنية مع المسرحي محمد المنصف السويسي حول مغامرته مع المسرح 70.منبر نقاش لسمينار الذاكرة الوطنية حول : مساهمة بنزرت في الحركة الوطنية مع السادة : محمد الصالح فليس ومحمد الصالح النهدي ورشيد التراس وعلي بن سالم  وفوزي الصدقاوي ومحمد علي القارصي 71.أربع حوارات حول مسلسل زمن بورقيبة الذي بثته قناة العربية (المصدر: رسالة وزعتها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات يوم 26 أفريل 2007 عبر البريد الالكتروني)
 
سؤال من تونس نيوز: متى سيُقدم الدكتور عبد الجليل التميمي (الذي نقدر عطاءه ومساهمته وإشعاعه) على فتح المجال لشهود العصر من مؤسسي ومناضلي الحركات والتيارات الإسلامية التونسية للإدلاء بشهاداتهم في سيمينارات الذاكرة الوطنية التي لا يمكن أن تُستكمل صورة تونس المعاصرة بدونها؟ أم أن الإسلاميين التونسيين بمختلف أصنافهم وتلويناتهم (من الزيتونيين القدامى وجمعية الطالب الزيتوني والجماعة الإسلامية وحركة الإتجاه الإسلامي والإسلاميين التقدميين وحزب التحرير وحركة النهضة وغيرهم.. ) ليسوا من أبناء هذا الوطن؟ ولا يستحقون الإستماع لشهاداتهم وروايتهم للتاريخ القريب القريب؟ أم أنهم من المنبتين القادمين من المريخ وليسوا بالتالي جزءا من الذاكرة الوطنية؟؟ هذا مجرد ســؤال!!


المصالحة و »المأزق » الوطني

الجزء الأول

 

مقدمة عامة

تابعت جل ما كتب في الحوار الذي أثاره مقال « الربيع وزيت الزيتون » للأخ الهاشمي الحامدي وقد أفادتني مداخلات كثيرة وجادة  فأردت أكثر من مرة أن أساهم في الموضوع ولكن ضيق الوقت، وكثرة الضباء على « خراش » حالت دون معرفة أيها يصيد؟ ولأن المُسَاهِمَ مُتّهَمٌ دائما حتى يثبت براءته، فمن نجا من تهمة التهجم الشخصي ومحاكمة النوايا وقع في « نقيصة » الاسم المستعار، وإن تجاوزت هذه العقبات جميعا وتعاملت مع محاوريك في إطار حق الاختلاف والأخوة والاحترام وقعت في « مأزق » لا خروج لك منه، وهو ما دمت لا تقبل طرح المصالحة بهذا الشكل والأسلوب فأنت حقود عدو لوطنك ولا تحب الخير لبلدك!!

والحق أن هذه الأسلوب لدى بعض الأخوة هدانا الله وإياهم عاد بي إلى حادثة رواها لنا أستاذ الفلسفة أيام الجامعة مفادها أنه أتى بعامل لحديقته ولما دفع له الأجر لم يرض به وقال له « ثَـمّ ربي » فعلق صاحبنا على الموقف بأن ذلك العامل قد وضعه في مأزق إيديولوجي، إما أن يزيده في الأجرة وإن لم يفعل فهو متهم بالإلحاد ونكران وجود الخالق!!

وكذا الأمر لمن اعترض على أسلوب الأخ الهاشمي في  طرحه للمصالحة، فهو متهم بقسوة القلب والحقد وعدم التسامح.

 إخواننا يرفعون أصواتهم بأن لا يزايد عليهم أحد ولكنهم يزايدون في هذا الأمر ولا يتورعون! وكل يدعي حب البلاد  « وكيف تصيح تعرف امّاليها » كما يقول المثل من غير مزايدة على أحد!

 

تعليق على مقال « أرضية الصلح والوفاق » وما بعده

 

لو لا أن البلاء موكل بالمنطق كما يقال لتقمصت شخصية تجمّعي في كتابة هذه الفقرة!

فما فهمته مما كتبه الأخ الهاشمي أنه تعب ويئس من الإصلاح ما دام حزب التجمع يحكم تونس وقد استقر رأيه على أن هذا الحزب حزب ديكتاتوري قمعي لا يقبل النقد أو المراجعة والمساءلة وأن إلحاق صفة الدستورية والديمقراطية لاسمه هو من قبيل العادة التونسية في تسمية الأسماء بمضاداتها!

ويرى الأخ الهاشمي أنه قد قُـدِّر لهذا الحزب أن يستولي على السلطة ويمتلك القوة والقدرة على ضرب كل المنافسين له  » التجمعيون واجهوا كل التيارات السياسية التي نازعتهم على السلطة، اليسارية والقومية والإسلامية الحركية » فأخف الضررين وأهون الشرين في رأيه أن نسكت على مساوئه وأن ننبذ كل ما يمكن أن يثيره من قول أو لون مستفز وذلك قدرنا حتى يأذن الله بأمره.

 

وبما أن الأخ الهاشمي يحسن إيراد الاستشهاد في غير موضعه فلعله وجد ضالته في فتوى الإمام ابن تيمية رحمه الله لما أفتى بعدم التعرض للتتار وتركهم يشربون الخمر لأن شرب الخمر يشغلهم عن تقتيل الناس.

 

فالأخ الهاشمي لمز بأن التجمع لا دستوري ولا ديمقراطي ولذلك طالب صراحة بعدم معارضته ولا منافسته على سلطة وأنه لا يحق لأحد أن يرفع الصوت ضده وأنه مطلوب من الجميع أن يخفضوا له الجناح حتى يرضى وأن يقروا له بأنه صانع المجد الموهوم والاستقلال المزعوم! وليس حكيما من يواجهه أو يقف في طريقه لأن الذي يفعل ذلك يلقي بنفسه الى التهلكة ويكون كالذي يشاكس وحيد القرن ثم يقف في طريقه! ولكي يأمن المواطن من البطش وجب عليه أن يسلّم له أموره كلّها دقّها وجلّها كما الميت بين يدي مغسله.!

ويبدو أن أخانا قد استفاد من قصة الثعلب الذي « أنكر » ذاته و »ترفع » عن جوعه و »جعل » الصيد كله من نصيب الأسد اتعاظا بما لقيه صديقه ابن آوى من سوء قسمته وتطاوله لأنه لم ينكر ذاته بحضرة الأسد، وجعل لنفسه نصيب كان سببا في هلاكه! والعاقل من اتعظ بغيره!

وعندي أن الأخ قد بالغ في سودويته وتشاؤمه فالتجمع ديمقراطي ويقبل الاختلاف والمنافسة ولا يرضى على نفسه هذا الاتهام ظاهره حب وولاء وتسامح « يسوعي » وباطنه سخرية ويأس وإحباط!

لما قرأت هذا الذم المبطن من الأخ الهاشمي لحزب التغيير والإستقلال ولرئيسه الذي يقبل المنافسة ذكرت أن الحطيئة قد هجا الزبرقان هجاء مبطننا حتى لا يتعرض للعقاب فقال:

 

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ** واقعد، فإنك أنت الطاعم الكاسي (أي المطعوم المكسو) فاشتكى الزبرقان إلى   عمر بن الخطاب رضي الله عنه … قال « ما أسمع هجاء ولكنها معاتبة » … قال الزبرقان « أما تبلغ مروءتي إلا أن آكل وألبس؟ »  فسأل عمر رضي الله عنه حسان بن ثابت (رض) عن رأيه فقال: » لم يهجه، لكن سلح عليه » (أي تبرز عليه) فحبسه عمر.

لذلك أفهم دعوة الأخ الهاشمي الشبابَ أن ينضموا للتجمع في هذا الإطار، فالتجمع أمامك والسجن والقهر والتشريد وراءكم ولا خيار لكم إلا أن « تشربوا وإلا طيروا قرونكم ».

 

بقي أمر في المسألة لا بد من فهمه وهو لماذا لم يرد التجمعيون على هذا النقد اللاذع والنعت المهين؟؟ لماذا لم يبرز تجمعي فيه بقية غيرة ويقول « أما تبلغ ديمقراطيتنا وعدالتنا أن نقبل بشيء من الخلاف وأن نسمح بشيء من المنافسة؟؟!! المسألة في نظري أن التجمعيين ورئيسهم يرون أن المعركة تصب في صالحهم من غير أن يخسروا  ناقة أو جملا وأن الهاشمي ومن معه لو خرجوا من جلودهم ما عرفوهم ولكن « لَمَا جاء منهم يجيء ولما نفعوا ينفعوا »!

 

(يتبع إنشاء الله)   

                                         صـــابر التونسي

 


هدية من و إلى الدكتور الهاشمي الحامدي
بقلم مهاجر محمد قبل الهدية : أرجو من الدكتور أن يتسع صدره ولا يضيق بهذه الهدية فهي منه وإليه ولعلها ذكرى ينتفع بها في الدنيا وترجعه إلى الجادة فليتفضل مشكورا وليعد الكرة فيها والسلام . كتب الدكتور هذه الهدية بالضبط قبل سنتين ويومين من تاريخ اليوم فاعتبروا يا أولي الأبصار: ————————- بسم الله الرحمن الرحيم لندن 24 أفريل 2005 قال الله تعالى في كتابه الكريم: « وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء، والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس. والله يحب المحسنين ». (سورة آل عمران: 133-134) وقال تعالى: « وليعفوا وليصفحوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم، والله غفور رحيم ». (سورة النور: 22) وقال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: « من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ». رواه مسلم. وقال أيضا: « ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ». رواه مسلم يواجه المواطن التونسي العادي، المجبول على أخلاق العفو والتسامح والتراحم، أزمة ضمير كبرى حينما يلاحظ أن ما تشهده تونس من حركية سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وثقافية ورياضية، تجري وتتم على خلفية إقصاء كامل لشريحة واسعة من أبناء وطننا العزيز، هم المنتمون لحركة النهضة والمتعاطفون معها، وأبناء ما اصطلح كتاب هذا العصر على تسميته بالحركة الإسلامية. ومن أسوأ مظاهر هذا الإقصاء استمرار حبس المئات من قادة هذه الحركة وأنصارها لأكثر من أربعة عشر عاما دون انقطاع، مع تعرضهم لمعاملة شديدة القسوة، واستمرار نفي المئات من أبناء هذه الحركة إلى الخارج، بعضهم منذ أكثر من عشرين عاما. ومن مظاهره أيضا الإستمرار في التضييق على آلاف المساجين الذين أفرج عنهم، ومنعهم من العمل، وفرض إجراءات المراقبة الإدارية عليهم لسنوات. ومن مظاهره أيضا عدم السماح لأيه هيئة سياسية أو فكرية قريبة من التيار الإسلامي من العمل القانوني، رغم منح هذا الترخيص للعديد من الأحزاب ذات التوجهات اليسارية والقومية. إن استمرار سجن قادة الحركة الإسلامية، واستمرار التضييق على سجنائها السابقين، واستمرار منع التيار الإسلامي من العمل في ظل القانون، أمر محزن جدا ومحرج لكل مواطن تونسي عادي مجبول على أخلاق العفو والتسامح والتراحم، وشهادة سيئة بحق جيل كامل من التونسيين، إذ يبدو الأمر وكأن شعبا كاملا مستعد للتمتع بمباهج الحياة مع معرفته وإدراكه بأن قطاعا واسعا منه قد صودرت حقوقه الأساسية التي يكفلها الدستور والقانون والمواثيق الدولية والشرائع السماوية. إن أخشى ما أخشاه هو أن يكتب التاريخ على جيلنا الحاضر بأكمله بأنه جيل خلت قلوب أهله من الرحمة ومن مشاعر التعاطف الإنساني، وجيل تشدق كثيرا بشعارات التسامح والإعتدال والتراحم لكنه لم يحترم معانيها الأساسية على الإطلاق. لقد عملت منذ عدة سنوات، دون كلل ولا هوادة، لإقناع الأطراف المعنية بهذا الموضوع بضرورة طي هذا الملف وتسويته على أسس العدل وروابط المواطنة التي تجمع بين كل التونسيين، وركزت أكثر جهودي على مناشدة السلطات التونسية تحمل مسؤولياتها والمبادرة إلى عفو شامل يحل الأزمة، كما توجهت باستمرار بنداءات إلى النخب التونسية للتخلي عن سياسات الإقصاء والأحقاد والكراهية. وفي هذا السياق، أود أن أتوجه اليوم من جديد إلى السلطات التونسية، وإلى قيادة حركة النهضة وأنصارها، وإلى الأحزاب السياسية التونسية، وأبناء شعبنا العزيز النبيل، بنداء صادق مخلص للتكاتف والتعاون من أجل وضع حد لمأساة الإسلاميين واعتبار ذلك أولوية رئيسية لنا جميعا، في إطار المعطيات والمقترحات الآتية: 1 ـ لقد أثبتت الأيام أن الديمقراطية في تونس لا يمكن أن تتطور بعيدا من دون استيعاب الحركة الإسلامية بصيغة أو بأخرى. كما أن سمعة بلادنا تضررت كثيرا من استمرار هذه المحنة. ومع أن إنجازات كثيرة تحققت لبلادنا وشعبنا تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي، فإن استمرار محنة الإسلاميين جعل المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الدولية لا تكاد تذكر بلادنا إلا في معرض النقد بسبب هذا الموضوع وملفات أخرى مشابهة. لذلك فإن إنهاء محنة الإسلاميين سيعود بالخير على كل الأطراف وعلى سمعة بلادنا وصورتها في العالم. 2 ـ تبين في مناسبات كثيرة أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي مستعد لممارسة صلاحياته الدستورية ومنح العفو الرئاسي للعديد من المساجين، وهذا أمر يحمد له. لذلك أرى أنه من المفيد والعملي التركيز على العفو الرئاسي على كافة المساجين الإسلاميين وكافة الخاضعين لأحكام المراقبة الإدارية، باعتباره المدخل الرئيسي لإنهاء محنة الإسلاميين. 3 ـ إن مما يساعد على طي هذا الملف الأليم أن كل باحث منصف يقر ويشهد بأن حركة النهضة ليست حركة إرهابية ولا حركة عنف، وأنها استطاعت خلال مسيرتها أن تثبت صورتها كحركة معتدلة ذات توجهات ديمقراطية واضحة، وأنها قادرة على التعلم من أخطائها وتطوير أدائها إذا ما أتيحت لها فرصة للعمل القانوني الحر بعيدا عن السجون والمحاكمات والمطاردة الأمنية. 4 ـ إن تجارب الدول العربية من حولنا تبين أن أطروحات بعض التونسيين المتأثرين بالنهج الإقصائي والإستئصالي ليست إلا أوهاما أو أمراضا تحتاج إلى علاج. فالوطنيون والليبراليون واليساريون والإسلاميون والقوميون، بأطيافهم المختلفة، يتعايشون سلميا في المغرب ومصر واليمن والأردن والكويت والبحرين، ويستمتعون جميعا بحياتهم خارج السجون وخارج أسوار الكراهية والحقد والخوف. وليس ثمة أبدا ما يمنع التونسيين من تقديم نموذج رائد ومتقدم للتعايش السلمي بينهم لو صدقت النوايا من قبل الجميع. 5 ـ إن التصريحات الأخيرة للأستاذ علي العريض الناطق الرسمي السابق باسم حركة النهضة تبين استعداد هذه الحركة للتمييز بين العمل الحزبي السياسي والعمل الوعظي الإرشادي، واستعدادها لتجنب تجنيد الأنصار في المؤسسات الأمنية، واستعدادها للإشادة بكل ما حققته البلاد من مكاسب في عهد الرئيس زين العابدين بن علي والمساهمة في جهود التنمية بالبلاد. هذه التصريحات تتيح المزيد من الفرص لتقريب ذات البين بين السلطات التونسية وحركة النهضة، وأناشد المتحدثين الرسميين أو شبه الرسميين من الجهتين أن يتمسكوا بنهج الحوار والتقارب والكلمة الطيبة، وأذكرهم بأنهم جميعا أبناء وطن واحد، والتراحم بينهم واجب ديني ووطني، وأدعوهم جميعا للتأمل في معاني الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي صدرت بها هذا البيان والسعي للإلتزام بها. 6 ـ إن التطبيع الكامل لأوضاع الحركة الإسلامية يتطلب أمرين أساسيين: الأمر الأول هو إطلاق سراح المعتقلين ورفع أحكام المراقبة الإدارية، وتمكين السجناء السابقين جميعا من وثائقهم الإدارية ومن حق العمل ورفع كل القيود الأمنية عنهم، والأمر الثاني هو السماح لحركة النهضة بالعمل كحزب سياسي قانوني، وتمكينه من إصدار صحيفة خاصة به والمشاركة في العمل العام مثل بقية الأحزاب. إن تعاليم الإسلام، ومن قبله تعاليم اليهودية والمسيحية، تحث المؤمن على أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه. وعلى كل معترض على نهج العفو والتسامح والوفاق الوطني أن يسأل نفسه عن شعوره وإحساسه، أو عن نكبته ومعاناته، لو كان هو اليوم القابع في الزنزانات المظلمة الموحشة بدلا من السادة حمادي الجبالي أو عبد الكريم الهاروني أو العجمي الوريمي أو الأمين الزيدي أو غيرهم. كما أن تجارب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وهي بلدان تجمع بلادنا بها علاقات طيبة، ودرس فيها وزارها كثير من التونسيين، تبين بجلاء أن الديمقراطية تتسع للجميع، وتزدهر بمشاركة الجميع. وحتى لو قلنا على سبيل الجدل لا الحقيقة أن حركة النهضة يمينية التوجه مثل الجبهة الوطنية في فرنسا، فإن الجبهة الوطنية لم تمنع من ممارسة السياسة في فرنسا، مع العلم أنه لا يوجد من يجري هذه المقارنة أبدا لأن الإسلاميين التونسيين اشتهروا بالإعتدال والإنفتاح لا بالتعصب والشوفينية. ولو قلنا على سبيل المثال أيضا أن حركة النهضة تشبه حركة التحالف المسيحي في الولايات المتحدة، وهي الحركة ذات الكتلة الإنتخابية الواسعة المؤيدة بقوة للرئيس الأمريكي جورج بوش، فإن المنطق يفرض على التونسيين ذوي الميول الإقصائية والاستئصالية الكف عن التخويف من وجود حركة إسلامية قانونية، والحركات المشابهة لها موجودة في الدول العربية والأوروبية والأمريكية. هل يعقل أن مئات الإسلاميين التونسيين يعيشون في أوروبا والولايات المتحدة أحرارا آمنين، يبدعون ويتميزون، وتكرمهم مجتمعاتهم الغربية وتحتفي بهم، بينما بلادهم التي ولدوا فيها تغلق أبوابها في وجوههم؟ وأسوأ من غلق الأبواب أن يغلق قطاع من التونسين قلوبهم في وجه قطاع آخر من أبناء وطنهم، ليس لعام واحد، أو عامين، أو ثلاثة، ولكن لعقد ونصف عقد من الزمان. وا أسفاه. تونس بلد التسامح والإعتدال. لكن هذا التسامح يبقى من دون معنى إن لم يشمل مواطنينا الإسلاميين. وكل خيار آخر غير هذا يمكن تسميته بأي عبارة أخرى غير التسامح. تونس بلد المحبة. لكن المحبة التي لا تفيض على طلابنا ومهندسينا وأساتذتنا المحبوسين منذ خمسة عشر عاما لا معنى لها. والناس جميعا، حتى الأجانب، لن يصدقوا أن لدينا محبة. تونس بلد التسامح والإعتدال والمحبة. بإمكاننا أن نجعلها كذلك فعلا إذا تم إطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين وتطبيع وضع الحركة الإسلامية قبل نهاية العام الجاري. والشرف كل الشرف لمن يساهم في هذه المهمة الديمقراطية والإنسانية النبيلة. إنتبهوا جميعا يا بني وطني: إن الأجيال المقبلة من التونسيين ستتعايش بحرية وديمقراطية. ليس في ذلك ذرة شك. بياني هذا هو عن جيلنا نحن، وعن مسؤوليتنا نحن: هل سننزع ثوب الحقد والكراهية، ونحتفل بالحياة ونستمتع بها على وقع الحرية والتعددية والتنوع، أم سيدهمنا الموت ونحن على حالنا الراهن، ويسمى جيلنا أمام الله وفي صفحات التاريخ جيل الكراهية والأحقاد والإقصاء؟ أوجه ندائي هذا، مع أصدق مشاعر المحبة لكل التونسيين، للرئيس زين العابدين بن علي وأنصاره، ولقيادة حركة النهضة وأنصارها، ولقيادات الأحزاب اليسارية التونسية وأنصارها، وقيادات الأحزاب القومية التونسية وأنصارها، ولكل أبناء تونس الخضراء دون استثناء. اللهم اجعل جيلنا هذا من التونسيين، جيل المحبة، والتسامح، والديمقراطية، والعفو، والحرية، والوفاق الوطني الشامل. اللهم إني اشتقت لأمسية جميلة في تونس الجميلة، أو لإجازة صيفية حلوة في تونس الحلوة، تمتعني بها يا كريم وليس في سجون تونس سجين رأي واحد، لا من الإسلاميين ولا من غيرهم، لا المهندس حمادي الجبالي وأصحابه، ولا المحامي محمد عبو وأمثاله، وليس فيها حجر ولا إقصاء على أي تيار وطني، وليس فيها دعاة للعنف أو التشدد أو الإقصاء. اللهم إنك على هذا وما هو أكبر منه قدير، فأسألك أن تيسر لي ولجيلي مثل هذه الأوقات الرائعة. اللهم أنت مقلب القلوب.. املأ بفضلك قلوب التونسيين، وقلوب قياداتهم السياسية والفكرية بوجه خاص، املأها يا كريم بفيض من الحب والتسامح والرحمة والمودة، حتى يحتمل بعضهم بعضا، ولا ينقسموا إلى فريق في الحكم، وفريق في السجن، وفريق في المنفى. اللهم آمين. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. * الدكتور محمد الهاشمي الحامدي: كاتب تونسي


 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين  تونس في: 23/04/2007 بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا الرسالة 222 على موقع الانترنت تونس نيوز شكرا على معاني الوفاء من ابن الوفاء خالد شويكات

إن الحوار الذي جرى يوم الخميس 19/04/2007 على قناة العربية مشكورة بعنوان زمن بورقيبة في ثوب مشاهد وآراء تعقيبا على الحلقات الخمسة المتوالية التي بثتها القناة المذكورة أيام 19 و25 مارس و2 و9 و16 أفريل 2007 حول المسيرة النضالية الرائعة الهادفة العميقة وذلك بعنوان زمن بورقيبة وقد استمتع الشعب التونسي بهذه الحلقات الصادقة الرائعة الهادفة العميقة الجميلة التي أدخلت مزيد من السرور والانشراح على الشعب التونسي وخاصة المناضلين الوطنيين الذي عاشوا تلك الأحداث الوطنية مع زعيمهم الحبيب بورقيبة رحمه الله وتذكروا تلك المحن والشدائد والأيام الحلوة والمرة معا وتذكروا الكفاح المرير الصادق لزعيم الوطن الأكبر الذي سمي ولقب بإسم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة لأنه فعلا كان زعيما كبيرا بكل ما في الكلمة من معنى ومغزى وبعد أخلاقي وحضاري تلك هي أهم الإنطباعات الجميلة النبيلة التي إستنتجها المناضلون الأحرار من الحوار طيلة 6 أسابيع على قناة العربية وقد كان الحوار الختامي يوم 19/04/2007 بإشراف منشطة عربية ذكية تعرف كيف توجه السؤال وكيف تسعى لإستفزاز المشارك في الحوار وقد دعت قناة العربية للحوار 3 عناصر تونسية أحد العناصر والوجوه الأخ محمد مزالي الوزير الأول الأسبق والأمين العام للحزب الإشتراكي الدستوري والسيد الدكتور عبد الجليل التميمي صاحب مؤسسة التميمي المؤرخ التونسي والسيد خالد شويكات رئيس المركز الإستراتيجي للديمقراطية في العالم العربي شاب متحمس ودار الحوار في جو صريح وفي لقاء هادئ وجميل وقد يحدث الأخوة بكل صراحة ووضوح وعلقوا على كل ما ورد في الحلقات الخمس التي تفضلت قناة العربية ببثها على إمتداد خمسة أسابيع كما أشرت وكان السيد محمد مزالي الذي شارك من باريس يتحدث ويروي التاريخ ويسلط الأضواء حسبما يريد وحسبما يحلو له ذكر بعض الأشياء الإيجابية في زمن بورقيبة وقلل من شأن بعض الأحداث وتحدث عن نفسه هو صاحب الديمقراطية هو صاحب حرية الإعلام هو صاحب مبادرة الإعتراف بالأحزاب هو الذي أعطى حرية الصحافة هو صاحب الرأي الحر وصاحب الإحتراز في خصوص الزيادة في ثمن الخبز أما السيد عبد الجليل التميمي فقد كان صريحا وواضحا 80% وأجاب بأكثر دقة وحرية وأعطى حق الزعيم بورقيبة وأبدع في شهادته بنسبة 80% ما عدى موضوع وضع الديمقراطية فإنه أخفق في الإجابة بنسبة 20% فشكر له الشهادة أما الذي دوخ الجميع وأثلج قلوب الجماهير الشعبية في تونس كان بحق يمثل الخط البورقيبي كان بحق يمثل المشاعر الفياضة المتأججة كان بحق رجل الوفاء لصانع الوفاء كان بحق الشاب المتعلم المثقف الذي تشبع بالفكر البورقيبي كان بحق يمثل النهج المعتدل كان بحق يعبر عن مشاعر التونسيين كان بحق ينقل الأمانة التاريخية بصدق كان بحق صاحب رأي سديد وبعد نظر كان بحق صاحب ثقافة واسعة لرسالة التاريخ المعاصر الحديث كان بحق شاب متحمس لنهج الاعتدال كان بحق شاب واعي وناضج ويعرف كيف يتكلم كان بحق شاب على دراية كاملة وشاملة بالمعطيات كان بحق صاحب فكر نير ومستنير كان بحق رجل الأحداث الكبرى وكان بحق صاحب دراية وموسوعة كبيرة أدهش المشاهدين ودوخ الحاضرين وأعطى درسا للمتنكرين وكسب عطف المتحمسين وحصل على إعجاب المناضلين وإثراء الحوار الإعلامي بلغة اللين وسلط الأضواء على مسيرة زعيم الملايين ودافع على تاريخ الزعيم العظيم وأعاد للأذهان مواقف العملاق الكبير وعدد خصال الزعيم في الداخل والخارج بلغة الوفاء والصدق والوضوح المبين وركز على مناقب بطل التحرير ونوه بمواقف بطل الجلاء والتعمير وحلل منهجية رمز الكفاح الوطني على مرور السنين وأبرز جهوده في قضية فلسطين وأعاد للأذهان سياسة التعليم وأشار إلى حكمة القائد في علاقته مع الدول الغربية لصالح تونس وتونس فوق كل إعتبار وتحدث على نجاح تونس اليوم وقال الفضل كل الفضل يعود لخطة الزعيم الحبيب.

ما أروع هذه الشهادة من شاب في سن الأربعين ولد بعد إستقلال البلاد بعشرة أعوام وهو بحق يستحق أن يمثل أنموذج شاب تونس في الوفاء وربما هو وأمثاله يحققون حلم الإرث البورقيبي في حمل شعار حزب بورقيبة في المهجر ونحن معه في هذا الإتجاه وإذا كان البعض يقول سي خالد كان في السابق غير متحمس للبورقيبة أقول لهم ما سمعناه أبلغ حجة وأكبر برهان وأعظم جواب الذي يهمنا اليوم الرجل أعطى دروسا بليغة وكسب عطف التونسيين وخاصة المناضلين وأنا واحد من هؤلاء وقد حملني أخواني المناضلين بأن أشكر الأخ خالد شكرا جزيلا على هذه الفرصة التاريخية وقد قال لي أخ من المنستير ياخي محمد الهاني من هو الوفي لبورقيبة خالد من عروش الهمامة الأشاوس أم غيره من مدينة المنستير قلت له لا غرابة فأهالي الهمامة هم أبطال الجبال والمقاومة الوطنية زمن الإستعمار ختاما أجدد الشكر للسيدان محمد الهادي الحناشي وماهر عبد الرحمان صاحبي المبادرة التاريخية الرائعة الجميلة وقلت هل تلفزتنا التونسية الوطنية التي أسسها بورقيبة رحمه الله عام 1966 قادرة على تحقيق حلم الجماهير أم أن الوقت لم يحن بعد لمثل هذا العمل الإعلامي النبيل أم ما زال الشيخ حتى في إختيار الصور كما قال أخونا الحناشي بينما الأرشيف في فرنسا وأمريكا ولندن غزير بصور الزعيم الأكبر من العار علينا طمس الحقائق وتهميش التاريخ ونقول في التلفزة كلام على غاية من الأهمية ولكن الأقوال شيء والأفعال أشياء أخرى وما قاله خالد يبقى خير شاهد.  قال الله تعالى: « هل جزاء الإحسان إلا الإحسان » صدق الله العظيم. ملاحظة هامة: الرجل الوحيد الذي قدر بورقيبة رحمه الله وأكرمه هو الرئيس زين العابدين بن علي وهو الوحيد الذي يذكره بكل وفاء.  


بين تونس و الجزائر جسور القربى و وحدة المصير
د.أحمد القديدي (*) زرت في مطلع هذا الشهر وطني الثاني الجزائر، و حين أقول وطني الثاني فليس ذلك من باب الأدب أو اتباع السنة المعروفة في حسن تقاليد اللغة العربية، بل لأسباب أعمق و أصدق. منها سبب عائلي فجدتي للأم رحمها الله مولودة في قرية سيدي عقبة بالجزائر و تحمل اسم العقبي، و أخوها أي خالي للأم هو الجراح الشهير المرحوم دكتور علي العقبي الذي تفضلت الحكومة الجزائرية فأطلقت اسمه على جناح الجراحة في مستشفى مصطفى بالجزائر، و كان قبل عودته للجزائر الطبيب الخاص للرئيس بورقيبة. والسبب الثاني فكري لأن شعور جيلي الوطني تشكل أثناء الحرب التحريرية التي خاضها شعب الجزائر البطل من 1954 الى النصر و الاستقلال عام 1961، و كانت والدتي طيب الله ثراها اشترت لي جهاز ترانزيستور أحمر عام 1959 أول ما وصل هذا الاختراع السحري العجيب الى تونس، فأدمنت كل ليلة على سماع اذاعة صوت الحزائر التي تبث من اذاعة تونس بفضل تضامن الشعب التونسي الطبيعي مع شقيقه الجزائري و شجاعة الرئيس بورقيبة على تحدي الاستعمار. و كنت أتابع بعقلي الطفولي بطولات جيش التحرير و أتلهف على سماع قصائد الشاعر المبدع رحمة الله عليه مفدي زكريا كاتب النشيد الرسمي للثورة : قسما بالصاعقات النازلات… و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر.. فاشهدوا فاشهدوا، الذي كان يدوي في أعماقنا مجدا و أملا و صبرا وكفاحا. و السبب الثالث هو الحدث الكبير و بعيد المغازي الذي عشناه نحن و الاخوة الجزائريون يوم الثامن من فبراير 1958 حين قصفت طائرات الاستعمار الفرنسي قرية ساقية سيدي يوسف التونسية على الحدود و قتلت الأطفال الأبرياء الذين كانوا في المدرسة و معلميهم لتسليط عقاب على تونس و شعبها من أجل مساندتها للثوار الجزائريين، و كنا أطفالا في المدارس نتلقى صور الشهداء البررة من أبناء الشعبين تأتينا عبر الصحف مع ادانة المجتمع الدولي لهذا الاجرام الوحشي، و كان ضباط الجيش التونسي يواصلون القيام برسالة ايصال السلاح والمؤونة لاخوانهم المجاهدين الجزائريين من مسارب الحدود في ملحمة نضالية شكلت التلاحم الخالد بين تونس و الجزائر. و السبب الرابع هو الحلم المشترك بين الشعبين لبناء المغرب العربي بعد استقلال الجزائر حيث بدأت مسيرته موفقة وجمعت بين الجزائر وتونس في مجالات التعاون المختلفة، وهو ما سعدت بتسجيل تواصله و اتساعه و تعزيزه هذا الشهر حينما زرت الجزائر. فقد رأيت منتوجات كثير من المصانع والشركات المشتركة مما يدل على اتباع سبيل التكامل الاقتصادي بدون ضجيج اعلامي، ومنها شركة تونسية تصنع البطاريات للسيارات اسمها (الأسد) لها فروع في تونس و الجزائر و تزود أسواق البلدين و تصدر للبلدان المغاربية و حتى لبعض بلدان أوروبا، بتقنيات عالية و ادارة حديثة و عزم مشترك على تحدي العراقيل. وهو نموذج لما يجب أن يتكاثر بين البلدين بفضل التكامل الطبيعي في الكوادر و المواد الأولية و اكتساح الأسواق للتصدير. ثم أسعدني أن أقرأ على الصحيفة اليومية الجزائرية ( ليبرتي) ليوم الأحد 1 أبريل تحقيقا عنوانه: لماذا يسافر الجزائريون للعلاج في تونس و لماذا يرتادون المنتجعات التونسية للتداوي بمياه البحر؟ والتحقيق بقلم مراسل الصحيفة الى تونس فريد بلقاسم، مع حديث أجراه الصحفي الشقيق مع مدير المؤسسة الاستشفائية التونسية ( نهرواس) للعلاج الطبيعي السيد الحبيب بوسلامة يحمل عناونا لطيفا هو: نستقبل بالأحضان اخوتنا الجزائريين. و في التحقيق نقرأ اشادة المواطنين الجزائريين بهذا الاستقبال بالفعل وسعادتهم بحسن المعاملة والمستوى الراقي الذي يجدونه في هذه المؤسسات، مع العلم بأن الافا من الاخوة الجزائريين يزورون بلادنا أيضا للسياحة البحرية و الجبلية أو لتنمية التجارة واقامة المؤسسات المشتركة و كذلك يفعل التونسيون عند زيارة الجزائر، لأن لا حدود طبيعية بين البلدين ولا حدود نفسية فالمحبة الخالصة تجمع بين شعبين وحدتهما عوامل التاريخ منذ الدراسة المشتركة في جامع الزيتونة المعمور وصهرتهما أيام و ليالي الجهاد المشترك ضد الاستعمار، و تحدوهما ارادة موحدة لصنع المصير الفاضل، للسعي نحو البناء المغاربي اذا ما انزاحت العراقيل الراهنة التي تعطل الاتحاد الكامل بين الشعوب الخمسة: تونس و الجزائر و المغرب و ليبيا وموريتانيا. لقد لمست بصراحة أثناء اقامتي القصيرة في الجزائر هذا الاصرار من الجانبين التونسي و الجزائري على تجاوز الصعوبات و تحدي العراقيل لتحقيق التعاون الثنائي في كل مجالات الاقتصاد و التجارة والثقافة و التعليم دون انتظار انشاء الاتحاد المغربي، بل ان ما تقوم به الحكومتان بحرص الرئيسين التونسي والجزائري يوميا يقرب ساعة الاتحاد المغاربي و يقلص الصعوبات و يصنع المستقبل. ثم ان اللطف الذي لقيته شخصيا في المعاملة منذ حلولي بمطار هواري بومدين الدولي و في كل مراحل الزيارة و تحديدا في المجمع السياحي سيدي فرج على ساحل العاصمة جعلني بالفعل أعتز بهذه النخوة و ذلك الفرح التلقائي الذي يرتسم فوق الابتسامة الصادقة على وجوه الاخوة الجزائريين وهم يقدمون لك خدمة أو يدلونك على طريق أو يدعونك الى شرب قهوة. كل هذه العواطف النبيلة و المعاملة الشهمة زادت من شعوري بأني في بلاد الأمير عبد القادر سيد السيف و القلم الذي كان يصر في سنوات جهاده على أن يكون سيفه مصنوعا في تونس و جواده قادما من المغرب في رمز عجيب من رموز المغرب العربي الواحد. و كذلك ازددت يقينا بأن الارهاب الاستثنائي و الاجرامي الذي يهدد مغربنا العربي سيقبر حين يولد وينتهي حين يطل، فالجزائر و تونس بتلك الروح من التلاحم ومن وشائج القربى لن تفتح سوى أبواب الحياة و الأمل و التقدم و الحرية والتسامح و الاخاء. (*) كاتب وسياسي من تونس (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)  

المكاسب والخسائر المتوقعة للمسلمين من استقلال كوسوفا
خاص بالحوار نت – سراييفو : عبدالباقي خليفة / تمر مسيرة استقلال كوسوفا بمرحلة صعبة نتيجة الاعتراض الروسي على استقلاله ، حيث دأبت موسكو على جني مكاسب سياسية واقتصادية كلما قدمت نفسها طرفا في المعادلات الدولية . بيد أن قضية كوسوفا تكتسي هذه المرة بعدا معنويا لوجود روابط دينية وثقافية وسياسية بين بلغراد وموسكو، قد تصل لمستوى ذلك الرابط المعنوي الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي نيكسون فيما يتعلق بعلاقة بلاده مع الكيان الصهيوني في فلسطين . ومع ذلك ،فإن روسيا غير مستعدة لخوض حرب عالمية ضد أوربا و أميركا من أجل صربيا ، بل أن صربيا نفسها نفت أكثر من مرة امكانية اللجوء للانتحار بخوض حرب من أجل كوسوفا ، كما أكد ذلك الرئيس الصربي ، بوريس طاديتش ،مؤخرا . وليس هناك مناص من حصول كوسوفا على الاستقلال ، وذلك لعدة أسباب : 1 ) الاصرار الألباني على الاستقلال والتهديد علنا بحرق الأخضر واليابس إذا لم يتم تحقيق ذلك وبأي ثمن 2 ) خطة المبعوث الدولي إلى كوسوفا مارتي اهتساري ، والتي نص فيها صراحة على منح كوسوفا الاستقلال تحت اشراف دولي ،وقد أعلن عن ذلك أول مرة في 2 فبراير الماضي وقدمها لمجلس الأمن في 3 أبريل الجاري . 3 ) تأييد الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وعدد من الدول الأخرى في المنطقة و منها الجبل الاسود و كرواتيا وألبانيا ومقدونيا لاستقلال كوسوفا ورغم الرفض الروسي والتحفظ الصيني وكذلك عدد محدود من الدول الاخرى وحتى في حال غامرت روسيا باستخدام الفيتو داخل مجلس الأمن ، فإن القوى المؤيدة لاستقلال كوسوفا ستعلن عن اعترافها بدولة كوسوفا ( المستقلة ) وبالتالي تحصل على الشرعية داخل الامم المتحدة من خلال الأغلبية . الموقف الصربي : تسعى بلغراد يائسة للحصول على دعم دولي أكبر لموقفها من كوسوفا ،وهو الابقاء على الوضع الحالي وفق قرار مجلس الامن رقم 1244 والذي اتخذ في أعقاب طرد الجيش والشرطة الصربيين من كوسوفا سنة 1999 . وقال مستشار الرئيس الصربي أن دولا في مجلس الأمن والأمم المتحدة لا تؤيد خطة المبعوث الدولي إلى كوسوفا مارتي اهتساري الداعية إلى منح كوسوفا الاستقلال تحت اشراف الاتحاد الاوروبي ،وقال أن روسيا والصين وجنوب افريقيا وأندونيسيا من بين الدول الرافضة لخطة اهتساري . وتأمل صربيا في أن يحول  » الفيتو  » الروسي  » دون تحقيق حلم الاستقلال الذي يتوارثه الالبان في كوسوفو جيلا بعد جيل .وقد أعرب رئيس وزراء صربيا فويسلاف كوشتونيتسا قبل توجهه إلى نيويورك بداية شهر أبريل عن اعتقاده بفشل خطة مارتي اهتساري  » لن تنجح خطة اهتساري وستسقط في مجلس الأمن « . وتوقع كوشتونيتسا استئناف المحادثات بين بلغراد وبريشتينا ، في إطار ما ترغب فيه بلغراد وهو بقاء كوسوفا جزءا لا يتجزأ من أراضيها . ويرى مستشار الرئيس الصربي فوك ياريميتش أن « مجلس الأمن لن يكون موحدا في موقفه تجاه خطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري ، ففي الوقت الحاضر،روسيا ليست الوحيدة التي تعارض الخطة ، وإنما الصين أيضا وجنوب اقريقيا ،و أندونيسيا ودول افريقية أخرى لا توافق على خطة مارتي اهتساري « . وتابع  » هناك أسباب تجعلني متفائلا ،ولا نتوقع أن تحظى خطة مارتي اهتساري بالدعم من قبل مجلس الأمن  » وقال مستشار الرئيس الصربي فوك ياريميتش  » كل ما نسعى إليه بمساعدة موسكو أن يكون هناك حل يرضي الطرفين  » في إشارة إلى التقسيم أو منح صرب كوسوفا حكما ذاتيا و هو يرفضه الالبان جملة و تفصيلا . وتابع  » من الصعب الحديث عن استخدام الفيتو ،وفي المقابل لا تزال جميع الاطراف متمسكة بمواقفها ، واعتقادي هو أن هناك مجال لتقريب المواقف « . أما عضو  » الدائرة السياسية للعلاقات الدولية والدبلوماسية  » الصربية ، دوشان لا زيتش ، فأكد على إنه  » من غير الجيد لصربيا المراهنة على الفيتو الروسي ، لأن روسيا لم تعلن حتى الآن أنها ستستخدم الفيتو لمنع استقلال كوسوفا « وأضاف  » لا أحد من المسئولين الروس صرح باستخدام الفيتو ، ويمكن ملاحظة ذلك من جميع تصريحاتهم وتعليقاتهم وردود أفعالهم عما يجري ،بما في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين ،وهذا يعني أنهم لم يقرروا استخدام الفيتو  » وأشار إلى أن  » صربيا ترتكب خطأ كبيرا عندما تجعل مصيرها رهنا بفيتو روسي ، إنها صورة قاتمة أن يكون مصير صربيا مرتبطا بفيتو روسين فلا يمكن وضع كل البيض في سلة واحدة  » . الموقف الغربي : السفير الاميركي في بلغراد مايكل بولت ، يخالف الاعتقاد السائد في بلغراد وهو فشل خطة اهتساري في مجلس الامن ، فهو يعتقد بأن مجلس الأمن سيصوت على خطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري ،وذلك ردا على تصريحات أدلى بها رئيس وزراء صربيا فويسلاف كوشتونيتسا د قبل مغادرته إلى نيويورك لحضور اجتماع مجلس الامن الدولي يوم 3 أبريل ،و التي أشار فيها إلى أن « خطة اهتساري ستفشل في مجلس الامن « . وقال بولت  » أعتقد بأن انتظار فشل خطة مارتي اهتساري أمام مجلس الأمن مجرد وهم  » وتابع  » خطة اهتساري هي الحل الوحيد الذي يمكن أن يمثل تقدما على صعيد الحل النهائي في كوسوفا وارساء الاستقرار في منطقة البلقان « ، كما أن الخطة  » ليست لصالح كوسوفو فحسب بل صربيا أيضا « و أضاف « الولايات المتحدة لا ترى ضرورة لاستئناف المحادثات بين بلغراد وبريشتينا قبل صدور قرار مجلس الامن « وتتوقع الولايات المتحدة أن يكون شهر يونيو القادم آخر أجل لاعلان استقلال كوسوفا تحت اشراف أوروبي . وهو نفس موقف ألبان كوسوفا والدول الكبرى في الاتحاد الاوروبي . وكانت ألمانيا قد أرسلت تعزيزات عسكرية جديدة لقوات كي فور في كوسوفا قوامها 550 جنديا وبذلك يصل عديد القوات الدولية إلى نحو 19 ألف جندي في كوسوفا . كما أعلنت الولايات االمتحدة الاميركية أنها ستعترف باستقلال كوسوفا حتى إذا لم يوافق مجلس الأمن بالاجماع على قرار بهذا الخصوص . وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون الأوروبية نيكولاس بيرنس  » الولايات المتحدة ترى أن الاستقلال هو الحل الوحيد لمسألة كوسوفا  » وحول ما إذا لم يتم حصول إجماع داخل مجلس الامن حول استقلال كوسوفا أكد بيرنس بأن الولايت المتحدة  » ستعترف باستقلال كوسوفا حتى إذا لم يوافق مجلس الأمن  » ويتوقع أن تحشد واشنطن وبروكسل أغلبية كبيرة من الدول الأعضاء في الامم المتحدة للاعتراف بشكل مستقل بدولة كوسوفا ،بينما هددت صربيا بقطع العلاقات مع أي دولة تعترف باستقلال كوسوفا وأجرت اتصالات بعدد من الدول بما في ذلك الدول الـ 15 الاعضاء في مجلس الامن . وأكد بيرنس على أن  » استقلال كوسوفا لن يلحق أي أضرار بصربيا  » وكانت بلغراد قد أعلنت رفضها منح كوسوفا الاستقلال ، وتمسكها بالقرار 1244 الذي يعتبر كوسوفاجزءا من صربيا. بيد أن الألبان والاميركيين والاوروبيين يعتبرون القرر المذكور،  » كان استجابة لمرحلة ولم يعلن عنه داخل مجلس الأمن كحل نهائي لقضية كوسوفا  » . واستبعد بيرنس تضرر العلاقات الاميركية الصربية بسبب دعم واشنطن لاستقلال كوسوفا . وتوقع بيرنس مستقبلا جيدا للشعب الصربي ، حسب تعبيره ، و » كوسوفا دولة مستقلة جارة لصربيا ومتعاونة معها في إطار الأسرة الاوروبية  » . السكرتير العام للمجلس الاوروبي تيري ديفيز أكد من جهته على أن « مستقبل كوسوفا سيكون وفق رغبة سكانه  » وتابع  » إذا لم يحصل كوسوفا على الاستقلال سيكون بمثابة سجن للأغلبية وللأقلية وسيهدد الامن والاستقرار في لمنطقة وأوربا  » . وتجري هذه الأحداث وسط خلافات صربية صربية عميقة حول الموقف من خطة اهتساري ، ومن ذلك استقالة مستشار الرئيس الصربي لشؤون كوسوفا ، ليون كوهين ، بعد خلافات حول كيفية إدارة الحوار حول كوسوفا . وفي سياق متصل قال وزير خارجية ألمانيا السابق  » يوشكا فيشر  » أن  » مصير كوسوفا مرتبط بمصير الاتحاد الاوروبي ، وإذا بقيت أوربا منقسمة حول كوسوفا فإن سمعتها ونفوذها خارج الاتحاد سيصاب بضرر كبير وقد يتلاشى  » وأعرب فيشر عن اعتقاده بأن مجلس الأمن سيتخذ خطوات ملموسة قبل نهاية العام بخصوص المستقبل النهائي لكوسوفا  » مجلس الامن سيصادق على خطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري والتي تنص على منح كوسوفا الاستقلال  » وتابع  » استقلال كوسوفا سيوفر الأمن والاستقرار لأوربا على المدى البعيد وسيساهم في توحيد أوربا من خلال انضمام بقية الدول التي لا تزال حتى الآن خارج الاتحاد « وأضاف « على الاتحاد الاوروبي إقناع روسيا برؤيته وأن روسيا لها مصالح في ذلك أيضا  » وحول الموقف الصربي الرافض لاستقلال كوسوفا قال  » صربيا يجب أن تعلم أن مستقبلها داخل الاتحاد الاوروبي،وكذلك دول منطقة البلقان ،وما ستخسره اليوم ستجنيه غدا ، بعد انضمام المنطقة للاتحاد الاوروبي  » في إشارة إلى أن جميع الشعوب ستتحد مع بعضها البعض داخل الاتحاد الاوروبي ،وكأنه لا توجد حدود دولية بينها ،لا سيما إذا تم إلغاء نظام التأشيرة وحمل جوازات السفر ، وشروط الاقامة السابقة . وشدد فيشر على ضرورة  » اعتقال صربيا للمتهمين بارتكاب جرائم حرب وفي مقدمتهم زعيما صرب البوسنة سابقا رادوفان كراجيتش وراتكو ملاديتش ، ومحاربة الفساد وغسيل الاموال أوما يوصف بالجريمة المنظمة المستشرية في صربيا وأن تنسى ماضيها في كوسوفا . وقد بحث مجلسا الشيوخ والكنغرس الاميركي يوم الثلاثاء 17 أبريل امكانية منح كوسوفا الاستقلال من خلال قرار جديد لمجلس الامن، وسط أغلبية مؤيدة من الجانبين الديمقراطي والجمهوري .وكان عدد من أعضاء الكنغرس من بينهم السيناتور، جوزيف ليبرمان ،وجوزيف بايدن ،وجون ميكين ،وغوردن سميت،وغيرهم قد حثوا الرئيس الاميركي جورج بوش على دعم خطة المبعوث الدولي إلى كوسوفا مارتي اهتساري الداعية لاستقلال كوسوفا . وقد تم الاجتماع تحت عنوان « النظر لاستقلال كوسوفا ». وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشئون الاوروبية ، نيكولاس بيرنس ،الاربعاء 18 أبريل « الولايات المتحدة ترى أن استقلال كوسوفا هو الحل الوحيد  » وتابع  » استقلال كوسوفا لن يلحق أي أضرار بصربيا  » وكانت بلغراد قد أعلنت رفضها منح كوسوفا الاستقلال ، وتمسكها بالقرار 1244 الذي يعتبر كوسوفا جزءا من صربيا. بيد أن الألبان والاميركيين والاوروبيين يعتبرون القرر المذكور،  » كان استجابة لمرحلة ولم يعلن عنه داخل مجلس الأمن كحل نهائي لقضية كوسوفا  » . واستبعد بيرنس تضرر العلاقات الاميركية الصربية بسبب دعم واشنطن لاستقلال كوسوفا ، الذي قال إنه سيكون قبل نهاية العام الجاري . وتوقع مستقبلا جيدا للشعب الصربي ، حسب تعبيره ، و » كوسوفا دولة مستقلة جارة لصربيا ومتعاونة معها في إطار الأسرة الاوروبية  » . إلى ذلك قال السكرتير العام للمجلس الاوروبي تيري ديفيز أن « مستقبل كوسوفا سيكون وفق رغبة سكانه  » وتابع « إذا لم يحصل كوسوفا على الاستقلال سيكون بمثابة سجن للأغلبية وللأقلية وسيهدد الامن والاستقرار في لمنطقة وأوربا  » . وتجري هذه الأحداث وسط خلافات صربية صربية عميقة حول الموقف من خطة اهتساري ، ومن ذلك استقالة مستشار الرئيس الصربي لشؤون كوسوفا ، ليون كوهين ، بعد خلافات حول كيفية إدارة الحوار حول كوسوفا . من جهته قال الرئيس الكوسوفي فاطمير سيدو  » مجلس الامن سيجمتع الاسبوع القادم وسنحصل على الاستقلال في ظرف أقل مما كان منتظرا  » . الموقف الروسي : عارض وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أثناء زيارته لبلغراد الاسبوع الماضي منح كمسوفا الاستقلال وطالب باستئناف المفاوضات « مهما طال امدها حتى يتم التوصل الى حل ».وأن روسيا لن تقبل بفرض أي حل من جانب واحد لمشكلة كوسوفا .وأكد لافروف على أن روسيا ستعمل على تعديل خطة السلام التي قدمها الوسيط الدولي لازمة كوسوفا مارتي اهتساري والتي تنص على منح استقلال مشروط للاقليم ذي الغالبية الالبانية.وأشار إلى أن زيارة وفد مجلس الامن الدولي إلى كوسوفا « سوف تكشف مدى معاناة الاقلية الصربية والمؤسسات الثقافية والدينية للصرب في الاقليم ما قد يخفف من حماسة الدول الغربية لتأييد استقلال كوسوفا « .واعتبر لافروف أن منح الاستقلال لاقليم كوسوفا سيشكل سابقة تشجع الاقاليم والمقاطعات الاخرى في البلقان وشرق أوروبا على الانفصال والمطالبة بالاستقلال ما قد يخلق المزيد من التوتر والفوضى هناك. على حد تعبيره . الموقف الألباني : أما رئيس كوسوفا فاطمير سيدو فقد أعرب عن اعتقاده قبل توجهه إلى نيويورك لحضور اجتماع مجلس الامن ، بأن  » الوضع النهائي في كوسوفا سيعلن عنه في مدة لا تتجاوز الشهرين أوثلاثة أشهر  » وتابع  » ما يهمنا هو أن الاتحاد الاوروبي الذي نسعى لأن نكون جزءا منه مع مطلب الاستقلال إلى جانب الولايات المتحدة الاميركية « وتابع  » الجميع يعلم بما ذلك صربيا وروسيا بأنا لن نقبل بأقل من الاستقلال ،وكوسوفا الصربية أصبحت جزءا من الماضي ، تماما مثل كوسوفا الرومانية ،وكوسوفا العثمانية ،ولاعودة أبدا للمحادثات الثنائية إلا بعد اعلان الوضع النهائي  » وقال  » سنحصل على الاستقلال ،في ظرف أقل مما كان منتظرا  » . رئيس وزراء كوسوفو أجيم تشيكو أعرب عن أمله في تخطي عقبة الممناعة الروسية والصينية داخل مجلس الامن . وقال تشيكو  » نحن لا نأمل ذلك فحسب بل نتوقعه « و تابع  » الامور لن تكون سهلة بعد اجتماع مجلس الأمن ،ولكن اصدقاؤنا أقوياء بما فيه الكفاية لتحظى خطة اهتساري بالقبول في مجلس الأمن  » ومن بين الدول الخمسة عشرالاعضاء في مجلس الامن تؤيد 5 منها بشكل واضح خطة اهتساري وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وبنما ، بينما تعارضها دولتان في المجلس هما روسيا والصين . و هذا ما حدا بصربيا للمراهنة على فشل خطة اهتساري من خلال الدعم الروسي . وكانت كل من روسيا والصين قد أعلنتا تأييدهما للموقف الصربي الداعي لمواصلة المفاوضات مع كوسوفا ، وهو ما ترفضه واشنطن وبريشتينا . إلى ذلك أعلن السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي جاب دي هوب شيفر مجددا بأن  » حلف شمال الأطلسي مستعد لمواجهة أي أعمال عنف أو مغامرات عسكرية في كوسوفا  » . وأكد رئيس وزراء كوسوفو أجيم تشيكو على أن  » كوسوفا ستكون دولة مستقلة قبل نهاية شهر يوليوالقادم ،و سيكون حال الصرب في دولتنا أفضل مما هم عليه الآن كلاجئيين في صربيا  » وتابع « الاستقلال لن يكون رمزا للاضمحلال والتلاشي بالنسبة للصرب ، لا أبدا ، بل سيكون رمزا لبقاء الصرب في كوسوفا و عودة المهاجرين إلى كوسوفا « . وأعرب عن اعتقاده بأن روسيا ستغير موقفها للحفاظ على وحدة مجلس الأمن ،وعدم التسبب في زعزعة الامن والاستقرار في منطقة البلقان مجددا ، مشيرا إلى تحذير الاتحاد الاوروبي لروسيا ، حيث  » حملها المسؤولية عما سيجري في كوسوفا والمنطقة إذا لم تغير موقفها  » وقال  » لا يوجد أي خوف أو هواجس من احتمال بقاء الوضع في كوسوفا كما هو عليه أو فشل خطة اهتساري ، فالامم المتحدة أكدت على أن كل شئ يسير وفق ما رسم له،وهذه أول مرة في التاريخ يتم الحديث عن استقلال كوسوفا ،وهذا شئ عظيم بالنسبة لنا « . واتهم المسئولين الصرب باستخدام  » استراتيجة خاطئة ، وهي مضيعة الوقت في جدل بيزنطي لا طائل من وراءه  » على حد تعبيره . ألبانيا لاتنوي ضم كوسوفا : ألبانيا من جهتها جددت يوم الثلاثاء 10 أبريل نفيها وجود نية لديها لضم كوسوفا إلى أراضيها في إطار ما يعرف بألبانيا الكبرى ، وقال وزير الخارجية الالباني ، باسنيك مصطفاي ،  » ليس هناك أي نية لضم كوسوفا إلى ألبانيا تحت أي طرف من الظروف « وتابع في حوار نشرته صحيفة « كورير » النمساوية  » الحكومة والبرلمان لديهما موقف واضح وهو لا تغيير في الحدود الدولية لألبانيا الحالية ،ولكن ستكون لنا علاقات فوق العادة مع بريشتينا  » وأعرب عن أمله في حصول كوسوفاعلى الاستقلال أثناء فترة عمله كوزير للخارجية  » آمل أن أظل وزيرا للخارجية حتى رؤية كوسوفادولة مستقلة « . وكشف المسئول الألباني عن وجود مشاكل لبلاده مع صربيا  » العلاقات الالبانية الصربية ليست جيدة جدا ،و نحن نسعى منذ 18 شهرا لاقامة علاقات طبيعية مع بلغراد و لكن هناك برود من قبلهم بسبب كوسوفا  » وأضاف  » كوسوفا الصربية أصبحت شيئا من الماضي ككوسوفا الرومانية تماما « .وحول انضمام بلاده للاتحاد الاوروبي قال  » أرجو أن يكون في أقرب وقت لقد وقعنا في يونيو 2006 معاهدة الاستقرار والتقارب مع بروكسل و نحن ننتظر دعوتنا في السنوات القادمة  » . في انتظار قرار مجاس الامن : وفي انتظار جلسة مجلس الأمن في شهر مايو أو يونيو القادم ،والتي ستكون من أكثر الجلسات إثارة في تاريخه ، تظل المواقف متباعدة ، وهو ما بدا واضحا في اجتماع الترويكة الاوروبية مع وزير خارجية روسيا ، فقد جدد وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف موقف بلاده الرافض لاستقلال كوسوفا لكنه لم يلوح باستخدام الفيتو في مجلس الأمن . وقال لافروف في اجتماعه مع الترويكة الاوروبية يوم 23 أبريل الجاري في لوكسمبرغ  » قرار مجلس الامن بخصوص مستقبل كوسوفا يجب أن يتم بموافقة الجميع وليس من من قبل جهة واحدة  » في إشارة إلى ألبان كوسوفا . وتابع  » يجب التوضيح أولا لماذا يجب تغيير قرار مجلس الأمن رقم 1244 وهناك قضايا لا تزال عالقة مثل حقوق الأقليات وعودة اللاجئيين وغيرها من المسائل الهامة « .وفي رده على سؤال حول استعداد روسيا لاستخدام الفيتو لمنع استقلال كوسوفا ، تهرب لافروف من الإجابة المباشرة  » لا نرى أي قرار نهائي للولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ، ولا يجب الاسراع نحو هذا القطار ( الفيتو ) فالسرعة لا تؤدي بنا للحل ، نحن في حاجة لقرار متوازن ، من أجل استقرار البلقان وأوربا  » . أما المنسق الأعلى للشؤون الامنية و العلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا فقد أكد على  » دعم الاتحاد الاوروبي لخطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري ، وكذلك دعم صربيا للانضمام للاتحاد الاوروبي  » وعن طلب روسيا استمرار المحادثات بين صربيا و كوسوفا قال سولانا  » الامين العام للامم المتحدة بان كي مون هو الذي سيقرر ماذا سيكون عليه الوضع  » وقال وزيرخارجية ألمانيا ،فرانك فالترشتانماير،الذي ترأس بلاده الاتحاد الاوروبي أن « الحل النهائي في كوسوفا يجب أن يحافظ على السلام والاستقرار في منطقة البلقان  » حيث يتخوف الاوروبيون من لجوء الالبان للسلاح في حالة لم يتم منح كوسوفا الاستقلال .لاسيما وأن رئيس وزراء كوسوفو أجيم تشيكو قد أكد بأن برلمان بلاده  » سيعلن الاستقلال بعد جلسة مجلس الامن المرتقبة مباشرة بقطع النظر عن القرار الذي سيتم اتخاذه ، وما إذا كانت روسيا ستستخدم الفيتو أم لا  » وكانت وكالة أنترفاكس الروسية قد ذكرت يوم 24 أبريل بأن  » موسكو ستستخدم الفيتو في مجلس الأمن  » ونقلت عن نائب وزير خارجية روسيا ، فلاديمير تيتوف ، قوله  » الحل الذي تضمنته خطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري لن يمر من خلال مجلس الأمن الدولي  » بالمقابل أكد مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة روزميرو دي كارلو بأن  » ملف كوسوفا سيغلق قبل نهاية الصيف  » وجدد تأييد واشنطن لخطة اهتساري . وكانت الولايات المتحدة قد لمحت لامكانية اللجوء لاعلان استقلال كوسوفا من خلال الاعتراف الدولي المباشر إذا فشل مجلس الأمن في الاتفاق على خطة اهتساري أو أقدمت موسكو على استخدام الفيتو . المكاسب والخسائر : بالنسبة لألبان كوسوفو لن يكون لاستقلالهم أي خسائر،غير القيد والأغلال التي ظلوا يرزحون فيها لعدة قرون ،فقد احتل الصرب الغزاة أرضهم قبل أن ينقذهم العثمانيون من القبضة الصربية بعد معركة كوسوفا سنة 1389 حيث عرفوا معنى العدل والاخاء فدخلوا في دين الله أفواجا ، وبعد معاهدة برلين سنة 1878 ، ثم حرب البلقان 1912 – 1913 عاد الصرب مجددا إلى كوسوفا ولم يخرجوا منه سوى عام 1999 . أما مكاسب الألبان فإنهم سيعيشون لأول مرة بدون الشعور بأنهم غرباء في أرضهم ، والتخلص من سطوة الاحتلال وظلمه التاريخي وقمعه لتطلعاتهم المشروعة في الحرية والانعتاق . لكن استقلال كوسوفا قد يحرك بعض الذيول الصربية في المنطقة ولا سيما البوسنة ، حيث يشعر الصرب بأنهم أقوياء وأنهم يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون ،وقد نظموا في المدة الأخيرة عملية جمع التواقيع من أجل اجراء استفتاء على الانفصال عن البوسنة ، رغم مخالفة ذلك للدستور الذي ينص على أن الاستفتاء لا يعتبر شرعيا ما لم يتم على مستوى الدولة ، وإذا استثنينا الحالة البوسنية ، فإن استقلال كوسوفا يعد مكسبا تاريخيا لشعب يمثل أهله السكان الاصليون للمنطقة ،بينما الصرب وافدين على المنطقة منذ القرن التاسع الميلادي . بقي القول أن الامم المتحدة وأوربا ومجلس الامن والغرب عموما أمام امتحان جديد في البلقان ، كما حدث في تسعينات القرن الماضي ، وأمام مسؤولية جديدة في المنطقة ، تقتضي ترويض الوحش الصربي ، وعدم تكرار العار الذي يتسربل به ( الغرب ) بسبب موقفه المتخاذل من حرب الإبادة ضد المسلمين في ما كان يعرف بيوغسلافيا سابقا . (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 26 أفريل 2007)

الوضع العربي لم يخرج من حالة التأزم بعد

د. بشير موسي نافع أثارت قمة الرياض العربية قدراً كبيراً من التفاؤل. فقد أشرفت المملكة العربية السعودية علي قمة خلت من الاختلافات العربية ـ العربية، كما أن الملك عبد الله لم يتردد في مقابلة الرأي العام العربي في منتصف الطريق عندما أعلن أن العراق يتعرض لاحتلال غير شرعي.
كانت السعودية بادرت قبل القمة بأسابيع لعقد مصالحة فلسطينية داخلية، ولدت منها حكومة وحدة وطنية. وبالرغم من حضور وفدين لبنانيين متصارعين إلي القمة، فإن مشهد الوحدة والتماسك الذي ظهر به الوفد الفلسطيني غطي علي كل انقسام عربي آخر. ولكن التطور الذي أثار أكبر قدر من التفاؤل كان عقد لقاء طويل بين الملك السعودي والرئيس السوري، تبعه لقاء بين الأسد ووزير الخارجية السعودي، ثم لقاء ثالث بين الأسد والرئيس المصري حسني مبارك. وبالنظر إلي أن حالة التأزم المتفاقمة التي يعيشها النظام العربي الرسمي تعود في معظمها إلي حالة التأزم السورية ـ السعودية والسورية ـ المصرية، فقد بدا بعد سلسلة اللقاءات تلك أن محور التسعينات الثلاثي العربي الشهير في طريقه إلي التبلور من جديد، وأن تفاهمات القمة سرعان ما ستنعكس إيجاباً علي مجمل الوضع العربي، لتضع حداً للاستقطابات العربية السياسية والطائفية، وربما حتي تجد مخرجاً للعراق وتعيد بناء العلاقات العربية ـ الإيرانية علي أسس صحية. بعد أكثر من شهر علي انعقاد القمة، ثمة أجواء متصاعدة من خيبة الأمل، وقد عاد التشاؤم ليحيط المزاج العربي الجمعي.
كنت قد أشرت في نهاية القمة العربية، من هذا الموقع، إلي أن التطورات الإيجابية التي نجمت عن القمة ينبغي أن تعتبر تطورات مشروطة، وأن علينا انتظار تحولها إلي سياسات فعلية قبل أن نلمس انعطافة إيجابية ملموسة في الوضع العربي. ما نشهده الآن ليس مشجعاً. ثمة بطء غير مبرر في انطلاق الاتصالات السورية ـ السعودية التي كان يفترض أن تأخذ لقاءات الرياض الأولية إلي تفاهمات صلبة. بل أكثر من ذلك؛ فقد كان واضحاً في خلفية القمة العربية أن لبنان سيكون الامتحان الأبرز لقدرة الأنظمة العربية الرئيسية والمعنية علي تصفية أجواء الخلافات وحل إشكالات العلاقات البينية ومجمل النظام العربي. بالرغم من الدور الخارجي المؤثر، الذي تمارسه كل من الولايات المتحدة وفرنسا، فإن الأزمة اللبنانية هي في احد أهم أبعادها أزمة عربية، لاسيما أن الأطراف اللبنانية الرئيسية المتدافعة تحتفظ في أغلبها بعلاقات وثيقة بدول كالسعودية وسورية، والأردن ومصر. تبلور تصور عربي للتعامل مع إشكاليات الأزمة اللبنانية، من المحكمة الدولية وصلاحياتها إلي تشكيل حكومة التآلف، كان سيضعف أثر الخارج إلي حد كبير ويضع لبنان علي طريق التعافي. ولكن لا القمة ولا ما بعد القمة حقق بعد مثل هذا الأمل، بينما يتجه الوضع اللبناني نحو مزيد من التفاقم.
الشارع اللبناني يموج بشائعات، تؤكدها تقارير عربية وأمريكية، حول تصاعد ظاهرة التسلح. حزب الله هو قوة مسلحة أصلاً، ولكن هناك أدلة متزايدة علي أن الحزب يعمل حثيثاً، وبدعم من دمشق وطهران، علي إعادة بناء مخزونه من كافة الأسلحة والذخائر. القوات اللبنانية، التي كانت أخفت قدراً كبيراً من سلاحها بعد اتفاق الطائف، تفتح مخازنها من السلاح. وبالرغم من أن السنة تجنبوا طوال عقود الانخراط في وحل الحرب الأهلية اللبنانية كطائفة، فإن هناك مؤشرات متزايدة علي تسلح سني، تدعمه وتساعد عليه دول عربية رئيسية. اعتصام المعارضة اللبنانية أمام السراي الحكومية ما زال مستمراً، وبعد صمت طويل نسبياً خرج السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، ليعلن وصول طريق الحوار السياسي إلي نهايته. وفي ظل هذه الأجواء، تعمل واشنطن وباريس علي تصعيد موضوع المحكمة بالإعلان عن عجز الحكومة اللبنانية عن إقرارها، مما ينذر بفرض المحكمة عبر قرار دولي قد يضعها تحت البند السابع من الميثاق الأممي. الوضع اللبناني، بكلمة أخري، يمر بمرحلة من أسوأ المراحل التي مر بها منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل أكثر من عقد ونصف العقد، ويبدو أن انفجاره لا ينتظر أكثر من شرارة، ولو حتي غير مقصودة.
فلسطينياً، توصلت الأطراف المتدافعة إلي تصور للخروج من حالة التوتر الدموية التي رافقت الأشهر الأخيرة من عمر حكومة حماس. وقد جاء اتفاق مكة بالفعل بحكومة وحدة وطنية، تبدو أكثر استقراراً وتماسكاً واستعداداً لمواجهة الضغوط الدولية وتحديات المقاومة والتفاوض. ولكن شيئاً ما في الوضع الفلسطيني لا يثير الاطمئنان. الولايات المتحدة تقرر تقديم مساعدات مالية للرئيس الفلسطيني، يكرس الجزء الأكبر منها لحرس الرئاسة. ووحدات من الحرس، الذي ينمو تعداده بسرعة ملحوظة، تتلقي تدريباتها في مصر والأردن، بينما تقوم دول عربية أخري بمد الحرس بالسلاح. حرس الرئاسة لم يعرف عنه الانخراط في صفوف المقاومة للاحتلال، ومصادر إسرائيلية تشير إلي تأييد إسرائيلي حكومي لبناء الحرس كقوة مسلحة فعالة، وهو ما لابد أن يطرح أسئلة حول حقيقة الدوافع لهذا التوسع في بنية قوة أمنية كان يفترض أن مهمتها الوحيدة هي حماية الرئيس ومقاره. ثمة تقارير أخري تفيد بجهد تسليحي للوحدات التابعة لحماس، لاسيما في قطاع غزة. وبالنظر إلي سجل السيد محمد دحلان الطويل في تكريس الانقسامات والصراع داخل الساحة الفلسطينية، فقد أثار قرار الرئيس محمود عباس تعيينه مسؤولاً عن القوي الأمنية شكوكاً عميقة حول رغبة الرئيس في تهدئة الأوضاع في شكل نهائي، وفي بناء لحمة وطنية حقيقية. الأطراف الفلسطينية المختلفة، داخل وخارج فلسطين، تؤكد علي حرصها تجنب كل ما يمكن أن يؤجج الصدام الفلسطيني ـ الفلسطيني من جديد. ولكن توجهات التسلح، من ناحية، والتباطؤ الدولي والعربي في وضع نهاية للحصار الذي فرض علي الفلسطينيين منذ أكثر من عام، من ناحية أخري، يحمل مؤشرات لابد أن تثير الكثير من القلق.
لبنان وفلسطين هما، بالطبع، مثالان فقط علي تدهور الوضع العربي، ولكن هناك قضايا أخري متفجرة لا توحي بوجود جهد عربي تضامني للتعامل معها. بعد فترة قصيرة من الاهتمام الملحوظ بالوضع العراقي، عاد النظام العربي إلي موقع الانتظار والمراقبة، معطياً السياسة الأمريكية فرصة أخري لمضاعفة سفك الدماء وجر العراق إلي مزيد من التمزق والتناحر. الوضع في دارفور، الذي بدا أنه كان محل اهتمام من الدولة المضيفة للقمة العربية، يدفع الآن بقرار أنكلو ـ أمريكي إلي التدويل، ومن ثم إلي تفتيت السودان وتشظيته. في الصومال، وكما كان متوقعاً، يتسبب الاحتلال الأثيوبي في سفك دماء يومي، بينما الدول العربية التي يحتفظ أغلبها بعلاقات جيدة مع أديس أبابا تقف موقف المتفرج. ومن جديد، تعود أزمة الصحراء الغربية للتفاقم بعد أن اصطدم المقترح المغربي لحل المشكلة بمقترح مضاد من البوليساريو. ولكن المشكلة الصحراوية، ومهما كان الاتجاه الذي تسير إليه، هي في عهدة الأمم المتحدة لا الجامعة العربية.
بيد أن قضية القضايا في الوضع العربي ما بعد قمة الرياض هو غياب القوة القائدة واستمرار الانقسام الذي وضعت أسسه سياسة التفريق الأمريكية بين معسكر المعتدلين و معسكر المتطرفين . جاءت القمة العربية علي رأس سلسلة من التطورات التي لعبت السعودية فيها دوراً مبادراً، وهو ما ولد مقولة بروز قيادة سعودية للشأن العربي. في ظل انشغالات مصر الداخلية، والبطء الملموس في الحركة والقرار السياسيين المصريين، بدا أن السعودية تطمح بالفعل لدور عربي قيادي. المدهش في هذه الرؤية أنها تغفل الدلالات بالغة السلبية التي يحملها مثل هذا التطور في الوضع العربي؛ فالقيادة السعودية تعني بالضرورة فشل مصر وسورية والسعودية في إعادة بناء تفاهمها الثلاثي الذي احتل مركز الثقل العربي لسنوات، وخروج مصر، بكل ثقلها السياسي والتاريخي، من موقع القيادة العربي.
علي أنه حتي الأمل ببروز قيادي سعودي لا يبدو أنه في طريقه إلي التحقق. فبالرغم من أن العلاقات بين الرياض والقاهرة هي في مجملها علاقات إيجابية ودافئة، فإن الغمز المصري من الدور السعودي علي صفحات صحف القاهرة لم يتوقف منذ توقيع اتفاق مكة الفلسطيني بين حركتي حماس وفتح. وبالنظر إلي تفاقم الوضعين اللبناني والعراقي، فالواضح أن الدور السعودي المأمول لم يزل غائباً عن القضايا التي تولد القائمة الأكبر من الخلافات العربية الداخلية. وحتي علي مستوي دول مجلس التعاون الخليجي، لا يوجد إجماع حقيقي علي دور سعودي قيادي. إن كان ثمة دور سعودي مميز فهو دور القيادة لما بات يسمي بمعسكر الاعتدال العربي، والذي يفترض أن يضم إضافة إلي السعودية الدول العربية التي تحتفظ بعلاقة تحالفية مع واشنطن.
دول هذا المعسكر هي التي تقف الآن وراء العمل الملفت للنظر لإعادة الحياة إلي المبادرة العربية، وما يحمله التحرك العربي بشأنها من مخاطر تهدد بدفع سقف السلام العربي إلي أسفل، وإشغال الرأي العام العربي بأوهام سلام عادل. ودول هذا المعسكر تنشط نشاطاً حثيثاً لتعزيز أوضاع القوي الحليفة لها في لبنان وفلسطين، بكل ما يحمله هذا التوجه من مخاطر علي البنية السياسية والاجتماعية العربية. وبالرغم من نفي مسؤولي دول معسكر الاعتدال العربي تورطهم في التحضيرات الأمريكية لتوجيه ضربة ما لإيران ومشروعها النووي، فإن اللغة المستخدمة تجاه إيران واللقاءات الرسمية المتعلقة بملفها، توحي جميعاً بخلاف ذلك.
هذا وضع عربي سييء. في ظاهره، ينذر هذا الوضع بانهيار متسارع للنظام العربي الرسمي، وبقدرة هذا النظام علي الدفاع عن المصالح العربية وإيقاف النزيف التضامني الذي يهدد السياسة والأمن والاقتصاد والرفاه في كل المجال العربي. بل وينذر هذا الوضع بانفجار إثني وطائفي، وبإعادة ترتيب للأولويات العربية، يهمش الضروري والحيوي والرئيسي، ويعلي من مرتبة الثانوي والعارض وغير المركزي. في أحسن الظن، يبدو الوضع العربي ثقيل الحركة، يفتقد المبادرة والشجاعة الكافية للتعامل مع الإشكاليات التي تنخر مفاصله. والغريب في كل هذا، أن حالة الشلل العربية تستمر بينما الوجود الأجنبي، وما يرافقه عادة من ضغوط، يتعرض لتراجعات وإخفاقات ثقيلة الوطأة في المنطقة العربية، بفعل الحيوية البالغة لقوي المقاومة والممانعة الشعبية؛ وهو ما يوفر فسحة لرفع مستوي القرار العربي المستقل وتعزيز التضامن العربي. (*) باحث عربي في التاريخ الحديث (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 أفريل 2007)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.