الجمعة، 8 يونيو 2007

Home – Accueil الرئيسية

 

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس

Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie.

Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

8 ème année, N° 2572 du 08.06.2007

 archives : www.tunisnews.net


عريضة  – أوقفوا التعذيب في تونس

هيومن رايتس ووتش: فرنسا: سياسة الإبعاد لأسبابٍ تتصل بالإرهاب تفتقر إلى الضمانات الأساسية مجموعة من اللاجئين التونسيين في سويسرا: تهنئة بمناسبة التأسيس صابــر: الفساد المالي فى تونس ..  ذمة نظامية مالية فاسدة “الحقائق” تحاور محمد النوري أحد قيادات حركة النهضة التونسية في المهجر الهادي بريك: رسالة مفتوحة إلى الدكتور الهاشمي الحامدي محمد الهاشمي الحامدي: إلى الأخ الفاضل الهادي بريك عبدالباقي خليفة: مـن يُـكـابـــر ؟!!! الباحث التونسي خالد الطراولي في حوار مع صحيفة «الوقت» البحرينية : التعدّدية الإسلاميّة مخرجنا لتأكيد مدنيّة البديل الإسلامي «2-2» كمال العيفي: لعب بالألفاظ الصباح: ظاهرة لافتة للنظر صلب الأحزاب – حصار على الرأي المخالف ونبذ الاختلاف الصباح: تعليق هادئ على رد متوتر: هل يمكن نقد المعارضة وصحفها؟ الصباح: مـن 2002 إلـى 2007: «في هاك السردوك نريشو!» برهان بسيس: هزيمتنا!! آمــال موســى: اللعب على الحبل الخطير إيلاف: الوثائقيات العربية، المضامين و العراقيل يو بي آي: تدنيس قبور في الجزائر بعبارات مهينة للعرب وممجدة لفرنسا وإسرائيل رويترز: اسلاميون لبنانيون يسعون لاستسلام مقاتلي فتح الاسلام رويترز: هيئة الأمر بالمعروف السعودية تراجع إجراءاتها بعد وفاة محتجزين القدس العربي: تجدد الجدل حول قضايا فساد ورشاوي. بي اي ايه سيستمز تنفي والحكومة تدافع رويترز: مصري يطالب الحكومة السويدية بتعويضات عن طرده الأخبار: الرئيس الموريتاني والوزراء يتنازلون عن 25% من رواتبهم 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


أوقفوا التعذيب في تونس

 

         يشجب المكتب الحقوقي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا الاعتداءات المتكررة التي تمارسها السلطات التونسية على المواطنين الأبرياء ومؤسسات المجتمع المدني. و يدين بشدة كل أساليب التعذيب

 و الممارسات اللاانسانية في حق المعتقلين والمناضلين،حيث تسببت في قتل العديد والاضرار بالباقي ، شأن المعتقل السياسي وليد العويني الذي اختلت مداركه العقلية جراء التعذيب الوحشي.

أمام هذا الوضع الحقوقي المتدهورفي تونس فان المكتب يطالب السلطات بوضع حد لهذه اللانتهاكات ويساند كل المبادرات الداعية لوقف سياسة التعذيب والهرسلة وعمليات الاختطاف التي ضلعت فيها المؤسسة الأمنية التونسية. وبمناسبة احياء ذكرى اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب بتاريخ 27 جوان 2007  والذي يتزامن مع اليوم الدولي للمطالبة بالعفو التشريعي العام في تونس فان المكتب يضع بين أيديكم هذه العريضة لجمع الامضاءات و تسليمها للأمم المتحدة يوم الجمعة 22 جوان 2007 حيث سينظم   تجمع في ساحة مقرها في جينيف

    نؤكد مطالبتنا بـ:

1- اطلاق سراح السجين السياسي وليد العويني وكافة سجناء الرأي في تونس.

2-  وقف كل أشكال التعذيب التي يمتهنها النظام التونسي ضد المواطنين الأبرياء.

3- عدم مضايقة المناضلين من حقوقيين واعلاميين والكف عن انتهاك حرماتهم المعنوية و المادية.

( ملاحظة :الرجاء ارسال الامضاءات على العنوان الالكتروني للمكتب: z_militants@yahoo.fr )

 

القائمة الأولية للممضين على  عريضة المساندة

 

 

1           عبد الرحمان  الحامدي

2            انور مديمغ

3             نبيل محمد

4             تيمومي عبد الهادي

5             حمزة الشادلي

6             محسن جندوبي

7             زيد عبدو

8             ابراهيم نوار

9             محسن شنيتر

10  زهير تريمش

11  محمد حجاج

12  محسن شريف

13  طاهر قلعي

14  شامخ بن شامخ

15  شكري يعقوب

16  عبد الوهاب معطر

17  فـتحي الحاج بالقاسم

18  سمية البدوي

19  جمال طيب 

20  زيتوني لسعد بن علي

21  سمية حمامي     

22  حسين الدويري

23  اميرة الدويري

24  رضا قادري

25  مرسل كسيبي

26  عبد الناصر نايت امام

27  محمد طنيش

28  عمار هداجي

29  رضا الشادلي

30  ابراهيم الشادلي

31  بشير بن مسعود

32  صادق الكبسي

33  بو بكر مصدق

34  جلال مسروحي

35  محمد علي عمدوني

36  اسماعيل الكوت

37  عبد العزيز بوسنينة

38  علي فلفول

39  بوكثير بن عمر

40  قيس دغري

41  جمال السلامي

42  فائزة السلامي

43  مصطفى اليحياوي

44  لزهر مقداد

45  العربي القاسمي

46  الهاشمي الطاهر

47  عبد المنعم بالطيفة

48  رضا الضحاك

49   عبد الحميد الفياش

50  نجاة نفيسي

51  فرج منصور

52 لزهر قريرة 

53  عمرالقايدي

54   عبد الباقي خليفة


 

فرنسا: سياسة الإبعاد لأسبابٍ تتصل بالإرهاب تفتقر إلى الضمانات الأساسية يجب توفير حماية أفضل لحقوق الإنسان في قضايا الإبعاد المتعلقة بالأمن القومي

(باريس، 6 يونيو/حزيران 2007 ) ـ قالت هيومن رايتس ووتش في تقريرٍ أصدرته اليوم إن غياب الضمانات في السياسات الفرنسية الخاصة بإبعاد المقيمين الأجانب ممن يُزعم أن لهم صلةً بالتطرف الذي يستخدم العنف، تضعف من حقوق الإنسان، وتخلق شعوراً بالاغتراب لدى جماعاتٍ من السكان يُعتبر تعاونها بالغ الأهمية في مكافحة الإرهاب. ففي فرنسا وغيرها من بلدان الاتحاد الأوروبي، يزداد النظر إلى الإبعاد القسري للأجانب المشتبه في تطرفهم باعتباره أداة لمكافحة النزعات المتطرفة العنيفة والتجنيد لصالح الإرهابيين. ومنذ سبتمبر/أيلول 2001، أبعدت الحكومة الفرنسية أكثر من 70 شخصاً تصفهم بأنهم “أصوليون إسلاميون”، منهم 15 رجل دين مسلم (أو إماماً) على الأقل. إلا أن السياسات التي تتبعها فرنسا تفتقر إلى الضمانات الكافية ضد انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها التعذيب. والاعتراضات المستندة إلى خطر التعرض للتعذيب، أو غير ذلك مما يتصل بحقوق الإنسان، لا تؤدي إلى تعليق عملية الإبعاد على نحوٍ آلي.  وفي 11 مايو/أيار، أدانت لجنة الأمم المتحدة المعنية بمناهضة التعذيب فرنسا جراء إبعادها عادل تيبورسكي الذي تشتبه في كونه إرهابياً إلى تونس ، وذلك رغم وجود أدلةٍ مقنعة على أنه يواجه خطر التعذيب عند عودته. وهذه هي المرة الثانية خلال السنوات الأربع الماضية التي تتعرض فيها فرنسا إلى إدانةٍ من هذا النوع من جانب الأمم المتحدة.  وقالت هولي كارتنر، مديرة قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: “من حق فرنسا أن تبعد الأجانب الذين يشكلون خطراً على أمنها القومي شريطة احترام حقوق الإنسان في هذه العملية”، وتابعت تقول بأن “الضمانات التي تقدمها فرنسا في هذه القضايا ليست بالمستوى المطلوب، وهذا ما يبينه القرار الصادر مؤخراً عن لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة”.  ويدرس التقرير، الذي جاء في 92 صفحةً بعنوان: “بذريعة الوقاية: ضمانات غير كافية في حالات الإبعاد لأسباب تتصل بالأمن القومي”، حالات الإبعاد الإداري للأئمة وغيرهم ممن يُعتقد أنهم يحضّون على التطرف. وهو يوثق أيضاً حالات الترحيل الجنائي لأشخاصٍ مدانين في جرائم تتصل بالإرهاب. ويخلص التقرير، الذي استند إلى دراسة 19 حالة، إلى أن الإجراءات الفرنسية تفتقر إلى الضمانات الأساسية لمنع الانتهاكات الخطيرة لالتزامات فرنسا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.  وتعتبر سياسة الإبعاد القسري جزءاً من المنهجية الوقائية الفرنسية لمكافحة الإرهاب؛ وفي غياب إجراءاتٍ منصفةٍ شفافة في حالات الإبعاد، من المرجح أن تضر هذه التدابير بالهدف المتمثل في حماية السلامة العامة وتشجيع التلاحم الاجتماعي، كما يقول التقرير. وينظر مسلمو فرنسا، وهم أكبر كتلةٍ بين مسلمي أوروبا الغربية، بقلقٍ شديد إلى الإبعاد القسري لعددٍ من الأئمة والمقيمين منذ مدةٍ طويلة؛ وهذا ما يهدد باغتراب هذه الجماعات.  وقالت هولي كارتنر: “لا تقتصر الوقاية من الإرهاب على فعالية عمل الشرطة والاستخبارات، بل هي تعتمد أيضاً على كسب الأفئدة والعقول”، وتابعت تقول: “أما التغاضي عن بعض جوانب حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالإبعاد القسري، فهو يبعث برسالةٍ خاطئة إلى مسلمي فرنسا”.  وقد استقطب إبعاد الحكومة الفرنسية أئمةً تصفهم بأنهم “يبشرون بالكراهية” اهتماماً دولياً. وتأمر وزارة الداخلية بتنفيذ حالات الإبعاد استناداً إلى تقارير استخباراتية لا تكشف عن مصادرها ولا عن أساليبها، وهذا ما يجعل الدحض المنطقي لما تحمله من اتهامات أمراً متعذراً. وفي الحالات التي درستها هيومن رايتس ووتش، تم اتهام المُبعدون بالتعبير عن أفكارٍ يمكن أن يعتبرها كثيرون مسيئةً جداً، لكنها لا ترقى في أية حالٍ إلى مرتبة التحريض المباشر على العنف الذي يمكن أن يبرر هذا التدخل العنيف ضد الحق في حرية التعبير.  وقالت هولي كارتنر: “يجب أن يجري التعامل مع التحريض المباشر على العنف أو التمييز أو الكراهية من خلال نظام العدالة الجزائية”، مضيفة بأنه “لا يجوز طرد الناس من بلادٍ يعتبرونها وطناً لهم لمجرد تعبيرهم عن آرائهم، وإن كانت مسيئةً أو مزعجة”.  ويضرُّ الإبعاد لأسباب تتصل بالأمن القومي بحق من يخضعون له في الحياة الأسرية، وبحق أقاربهم أيضاً. فمن بين الذين تم إبعادهم قسراً رجال ولدوا في فرنسا أو عاشوا فيها منذ نعومة أظفارهم، فضلاً عن أشخاص متزوجين من مواطنات فرنسيات أو مقيمين منذ زمنٍ بعيد. ويوجد أيضاً أشخاصٌ لهم أطفالٌ يحملون الجنسية الفرنسية؛ وما لم يتم البرهنة على وجود خطر حقيقي على الأمن القومي، فإن حالات الإبعاد هذه تعتدي على حق الحياة الأسرية للأشخاص المعنيين، ولأفراد أسرهم خاصةً، على نحوٍ ينتهك القانون الدولي.  ويتضمن التقرير توصياتٍ ملموسة إلى الحكومة الفرنسية بأن تجعل إجراءاتها منسجمةً تماماً مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومنها: السماح للأشخاص الخاضعين للإبعاد القسري بالبقاء في فرنسا ريثما يجري البت في أية اعتراضاتٍ تستند إلى حقوق الإنسان أو في طلبات لجوئهم؛  تحسين نظام فرض الإقامة الجبرية داخل فرنسا بحق هؤلاء الأشخاص، وتطبيقه على نحوٍ أكثر إنصافاً، وذلك كبديلٍ عن الإبعاد القسري في الحالات التي يؤدي الإبعاد فيها إلى انتهاك قانون حقوق الإنسان.   ويوجد اهتمامٌ متزايدٌ في أوروبا بالتوصل إلى منهجيةٍ مشتركة في التعامل مع حالات الإبعاد لأسباب تتصل بالأمن القومي، وذلك ضمن إطار خطة العمل الأوروبية لمكافحة الإرهاب، وخاصةً إستراتيجية مكافحة التطرف العنيف والتجنيد لصالحه. وتتبوأ فرنسا صدارة العمل في هذه الميادين؛ إذ أنها تدفع في الآونة الأخيرة من أجل قرارٍ يصدر عن مجلس أوروبا بشأن تبادل المعلومات فيما يتعلق بإبعاد الإرهابيين المشتبه فيهم ومن يدعون إلى التمييز أو الكراهية أو العنف.    يمكن الاطلاع على تقرير “بذريعة الوقاية: ضمانات غير كافية في حالات الإبعاد لأسباب تتصل بالأمن القومي” بالإنجليزية والفرنسية، على الصفحة:  http://hrw.org/reports/2007/france0607


تهنئة بمناسبة التأسيس :

 

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين .

     بمناسبة ذكرى تأسيس حركة النهضة و الإعلان الرسمي عن ميلادها بتاريخ

06 / 06 / 1981 إذ نترحم – نحن مجموعة من اللاجئين السياسيين التونسيين المقيمين بإحدى المدن السويسرية – على روح كوكبة من المشايخ الذين رعوا  إنطلاقة الحركة الإسلامية و على رأسهم الشيخان محمد صالح النيفر وعبد القادر سلامة و على كل شهدائنا الذين قضوا نحبهم بالإعدام (الشهيدين محرز بودقة و بولبابة دخيل …) أو بالقتل بالرصاص (الشهيد عثمان بن محمود و الشهيد الطيب الخماسي…) أو تحت التعذيب ( الشهيد الرائد المنصوري و الشهيد عبد الرؤوف العريبي …) أو بالإهمال الصحي( الشهيد الشيخ مبروك الزرن و الشهيد علي نوير و الشهيد محمد الأزهر النعمان و الشهيد الهاشمي المكي …) فإننا و بهذه المناسبة نتقدم إلى كل الإخوة حيثما وجدوا في السجن و على رأسهم الدكتور الصادق شورو و إخوانه الشمّ الميامين من قيادة الحركة و أبنائها و المناصرين لها أو تحت المراقبة الأمنية في تونس و على رأسهم الشيخ عبد الفتاح مورو و الشيخ الحبيب اللوز و الشيخ محمد العكروت و المهندسان الفاضلان حمادي الجبالي و على لعريض و بقية إخوانهم القابضين على الجمر العاملين على رأب الصدع أو في المهجر و على رأسهم الشيخ راشد الغنوشي    و الشيخ صالح كركر شفاه الله و إلى كل الذين أبقوا راية الحركة عالية رمزا للحياة و الإستمرار بأحر التهاني سائلين المولى سبحانه و تعالى أن يحفظ قياداتنا أينما وجدوا و أن لا يفتنهم في دينهم و أن يلهمهم الرشد و الصواب و أن يجعل لنا من هذه المحنة مخرجا و أن يمكّن للناس دينه الذي إرتضى لهم يعبدونه و يخشونه و لا يخشون أحدا غيره .

زهير تريمش          بيان        – سويسرا .

محسن شنيتر           بيان –     – سويسرا .

جمال السلامي         بيان  –     – سجين سياسي سابق    – سويسرا .

فائزة سلامي           بيان        – سويسرا .

حسين الدويري         بيان        – سويسرا .

لعربي قاسمي          نوشاتال    – سويسرا .

جلال المسروحي       بيان        – سجين سياسي سابق –  سويسرا .

علي بن مسعود         بيان        –  سويسرا .

محمد رضا الشادلي     بيان        – سجين سياسي سابق –   سويسرا .

إبراهيم نوار            بيان        –  سجين سياسي سابق  – سويسرا

الطاهر القلعي          بيان       –  سويسرا

محمد حجاج            بيان       –  سجين سياسي سابق –   سويسرا .

لزهر مقداد             بيان        – سويسرا .

فتحي بيداني            بيان        – سويسرا .

مصطفى اليحياوي      بيان        – سويسرا .

إسماعيل الكوت        بيان       –  سجين سياسي سابق –   سويسرا:

لزهر قريرة           بيان       –  سجين سياسي سابق –   سويسرا

الهاشمي الطاهر      بيان       –  سجين سياسي سابق –   سويسرا

منير الميلادي       بيان       –  سجين سياسي سابق –   سويسرا

عمر القايدي        بيان        – سويسرا

مجموعة من اللاجئين التونسيين في سويسرا .

 


الفساد المالي فى تونس ..  ذمة نظامية مالية فاسدة

 

الفساد ( الإسبداد ) السياسي يجر بطبعه إلى أي بلد الفساد ( النهب) المالي وهذا هو واقع الحال في تونس  .. وحتى من يستجيب من المواطنين التونسيين إلى واعز الضمير وحب الوطن ويكشف عن بعض قضايا الفساد المالي وسرقة المال العام يجد نفسه فى سلسلة من المتاعب ليس أقلها الطرد التعسفي والدسائس ” القضائية ” المبرمجة

 

السيد أحمد البزازى إستجاب إلى واعز الضمير وكشف قضايا الفساد المالى وسوء التصرف فى المال العمومي داخل الشركة الوطنية للسكك الحديدية فكانت قصة يروي بعض تفاصيلها فى الجزء الأول  , ننقلها كما أوردتها  قناة الحوار التونسي فى عددها الأخير وهو العــ 57 ـــدد

 

قام بعملية القص والتسكين : صابر

 

Sur Google video

 

http://video.google.fr/videoplay?docid=-7491356651291465651

 

Sur  dailymotion endeux

http://www.dailymotion.com/video/x278z6_tunisiecorruption-financiere1ere-pa

 

http://www.dailymotion.com/video/x27974_tunisiecorruption-financiere2eme

 

 

صابــر :  سويسـرا 


“الحقائق” تحاور محمد النوري أحد قيادات حركة النهضة التونسية في المهجر

حاوره: الطاهر العبيدي، صحفي وكاتب تونسي مقيم في باريس

taharlabidi@free.fr

 

تتوالى المناسبات والأعياد الوطنية، وتتعاقب السنوات وتتوارى الأعوام، والبعض هناك في السجون، محروما من اللقاء بالعائلة واستنشاق الحرية، والتخلص من صرير الأبواب الموصدة والقلاع المسيجة، والبعض الآخر في المنافي يحملون في صدورهم جروح فقدان الأحبّة، والحرمان منالعودة والتيمم بتراب الوطن، ليبقى الأفق السياسي التونسي ضبابياً تجاه ملف المساجين السياسيين، رمادياً تجاه واقع الحريات، ممّا جعل البلد مشاراً له بالأصابع.. لمحاولة الإيضاح والاستيضاح، طرحنا جملة من العناوين على الأستاذ محمد النوري، أحد قيادات النهضة في المهجر، والباحث الاقتصادي والخبير السابق بالجامعة العربية، لاستبيان رأيه حول: مسيرة حركة النهضة (النتائج / والإخفاقات)، الاقتصاد التونسي (معجزة / أم ادعاء)، المصالحة (خيار / أم سراب) ، حركة 18 أكتوبر (رهان أم اضطرار)، وغيرها من النقاط الساخنة في هذا الحوار.

 

 

الحقائق: باعتبارك باحث اقتصادي ومناضل إسلامي في نفس الوقت، كيف تنظر إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد، وما مدى صحّة مقولة معجزة الاقتصاد التونسي، الذي يسوّق له كنموذج ويتباهى به أمام دول الجوار، في مناخ العولمة وفي ظل الشراكة الأورومتوسطية؟

 

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، أشكركم على إتاحة هذه الفرصة للتحاور في قضايانا وهموم بلدنا،

 

بالنسبة للوضع الاقتصادي والاجتماعي  بتونس، يبدو من الضروري جدا تحييد هذا الأمر عن كل موقف أو توظيف سياسي لأي طرف كان، والابتعاد قدر الممكن عن منطق التهوين والتهويل معا، لأن في كلا الموقفين إضرارا بالحقيقة، وقفزا على الواقع ومسّا بمصلحة البلاد، فضلا على أنهلا يخدم أيّ هدف وطني نبيل على الإطلاق.

 

تونس حققت طيلة الخمسين سنة الماضية تقدّما اقتصاديا ملحوظا لا يمكن إغفاله أو تجاهله. حصل ذلك في مجالات عدّة مثل البنية التحتية والإدارة والخدمات والإنتاج والدخل الفردي والتعليم والصحة والتنمية البشرية بشكل عام حيث تحتل تونس المرتبة 87 من ضمن 177 دولة مصنفة وهي بالمناسبة مرتبة متوسطة ومتواضعة، ليست بالقياسية حتى يروّج البعض للمعجزة الاقتصادية ولا بالسلبية جدا حتى يحذر البعض الآخر من الكارثة!

 

مشكلة السياسة والسياسيين في تونس هي هنا!  عندما نخوض في قضايانا وهمومنا غير السياسية، الاقتصاد مثلا، غالبا ما نتناوله بخلفية سياسية بعيدة عن الموضوعية والدقة،  فيخيّل لغير المطلع على حقيقة الشأن التونسي وتعقيداته، عندما يستمع للخطاب الرسمي وبعض المروّجين له، أنه إزاء حالة استثنائية تقترب من المعجزة أو هي المعجزة ذاتها، فتتحول تونس بجرّة قلم عبر هذا الخطاب الدعائي إلى جنة اقتصادية أوٌ سويسرا إفريقية، ضاربا بعرض الحائط كل المعضلات الهيكلية المزمنة التي تنخر جسم الاقتصاد منذ عشرات السنين، والتي تقذف بمئات الشبان المتعطشين للشغل من حين لآخر في أعماق المحيطات.

 

وكذلك الشأن في المقابل عندما يستمع الإنسان  إلى خطاب بعض المعارضين، تنقلب الصورة بفعل التوظيف السياسي في لحظة واحدة إلى بلد منهوب في الربع الساعة الأخير من الزمن، تسيطر عليه عصابات المافيا ويوشك على الانفجار بين حين وآخر!

 

هاتان الصورتان المشرقة من جهة والمدلهمة من جهة أخرى، لا تعبران عن الحقيقة ولا تساعدان على النظر بموضوعية إلى واقع الأمور!

 

الحقيقة إذا هي بين هذا وذاك. ليس الوضع كارثيا ولا قياسيا. هنالك إنجازات على الأرض ومكاسب هامة تمت بفضل جهود التونسيين جميعا، حكّاما ومحكومين شبابا وعمالا وكفاءات علمية ومهنية مختلفة، وهي ثمرة لتوجّه إيجابي في مجال التعليم خصوصا منذ الاستقلال. ولكن في نفس الوقت وكسائر البلدان السائرة في طريق النمو،هنالك تعثر في التنمية وصعوبة في تحقيق الإقلاع الاقتصادي الفعلي وهناك مصاعب حقيقية وتحديات جوهرية تواجهها تونس اليوم وغدا وهي تتفاقم باطراد في ظل العولمة غير العادلة والمنافسة الدولية غير المتكافئة وحصائل الشراكة التي بدأت ثمارها المرّة في الظهور. هذه حقائق لا يمكن إغفالها أو تجاهلها لأن في ذلك ضرب للمصلحة الوطنية الكبرى.

 

هذه التحديات هي التي يجب تصويب النظر إليها وتكثيف الجهود في اتجاهها إذا خلصت النوايا وتطهرت النفوس وتوفرت الشروط الضرورية للتعبئة العامة من اجل تونس ليس إلا!

 

أما المصاعب فيكفي التأمل في تقارير وتوصيات المؤسسات الدولية الداعمة للحكومة والناصحة لها بمزيد الجهود للتغلب على هشاشة النمو وتقلباته وضعف كفاءته إزاء المعضلات المتفاقمة مثل البطالة والمديونية والفجوة المالية والانكشاف الغذائي وتراجع الاستثمار وهجرة الأدمغة والكفاءات وظواهر الفساد وغياب الشفافية واستفحال الحيف الاجتماعي. ودعك من شهادات التقدير والاستحسان فهي غالبا ما تكون للاستهلاك والحث على المواظبة في تنفيذ الشروط والإصلاحات! بينما حقيقة الموقف تجدها في التقارير الرسمية المحدودة التداول عموما! ويمكن الرجوع على سبيل المثال إلى تقارير البنك الدولي رقم 25456 و29847 لعام 2004 الذي يعبر فيه  بوضوح تام عن عدم تفاؤله في قدرة الاقتصاد التونسي على التغلب على الصعوبات المتزايدة.

 

وأما التحديات فهي تكمن في استكشاف السبل والآليات لمواجهة هذه المعضلات والمخاطر في ظل العولمة الليبرالية المتوحشة والتكتلات الدولية المتنامية مقابل حالة التفكك المغاربي والعربي والإسلامي المخيف.

 

تخطئ الحكومة إذا أصرت على مواجهة هذه التحديات بمفردها في ظل الانغلاق والتشدد والانفراد بالقرار وإقصاء الطاقات والكفاءات والقوى الوطنية بكل أطيافها وانتماءاتها السياسية والفكرية. كما تخطئ المعارضة عندما تغلب الموقف السياسي والحزبي وتنفق جهودها في المناكفة والمغالبة السياسية وتسلك نهج القطيعة بدل التواصل والحوار حتى عندما يصر الطرف المقابل على هذه القطيعة.

 

لا مناص من الحوار السياسي طال الزمن أم قصر من أجل وفاق وطني حول هذه التحديات المصيرية التي تتهدد الجميع دولة ومجتمع،سلطة ومعارضة،أفرادا ومجموعات دون استثناء! إننا جميعا بحال قوم السفينة التي تتدافعهم الأمواج الدولية العاتية ! فإذا استمر القوم في الصراع علىالقيادة وحول الربان وانشغلوا بذلك ، متغافلين عن أخطار الطريق وتحديات المحيط فان مصيرها إلى الهلاك لا محالة.

 

المطلوب حوار وطني مفتوح حول الشأن الاقتصادي يشارك فيه الجميع من أجل مصلحة الجميع.

 

الحقائق: إن المشكل الاقتصادي مهما كان حجمه يمكن إن تحله الشعوب إذا عقدت العزم على ذلك. ولكن أية قوة تدفع المواطن للتضحية في سبيل وطنه ومجتمعه؟ وهل كل فرد في المجتمع يشعر بالانتماء الفعلي لوطنه وأمته؟

 

هذا هو السؤال الحقيقي الذي يتطلب من الجميع الإجابة وخاصة من بيده مقاليد الأمور!

 

ما من شك أن كل الأطراف والعائلات السياسية تمتلك رؤية لمعالجة هذه المعضلات ومواجهة هذه المصاعب بما في ذلك التيار الإسلامي الذي يتميز بشحنة إضافية من الدوافع والقيم التي نحن اليوم في أمس الحاجة إليها  لتحريك عملية التنمية المتعثرة وترشيد السلوك الاقتصادي المتفلت  للفرد والمجتمع.

 

وهو بالتالي على أتم الاستعداد للإدلاء بما لديه من أفكار ومقترحات عملية لمواجهة المشكلات الاقتصادية وفي مقدمتها البطالة والمديونية والفجوة الغذائية والمالية وتراجع الاستثمار واستفحال الحيف الاجتماعي. وهذه المشكلات بالمناسبة ليست طلسما أو قدرا محتوما لا يمكنالتخلص منه، فيكفي النظر إلى العديد من البلدان الأوروبية والأسيوية التي استطاعت الوصول على سبيل المثال إلى تذليل شبه كامل للبطالة وتحقيق التشغيل الكامل !

 

لنتصور فرضا لو خصصت الأحزاب السياسية القانونية وغير القانونية والمنظمات والجماعات الوطنية لفترة محددة من الزمن حيزا من اهتمامها في إيجاد  خلايا تفكير وورشات عمل حول هذه التحديات والمصاعب التي تستقبلها البلاد بدلا من إهدار الوقت والجهد في التنازع والاشتباك السياسي الذي لا يتعلق بالتحديات الحقيقية للبلاد مع تأكيد حق الجميع في المطالبة الجادة والمسئولة بالإصلاحات السياسية ؟ أليس ذلك أجدى وأنفع للجميع؟

 

 الحقائق: 6 جوان 1981 تاريخ الإعلان عن الاتجاه الإسلامي سابقا حركة النهضة حاليا  مسافة زمنية فاصلة تقدر بـ 26 سنة بين بداية الانطلاق السياسي وبين تاريخ جوان 2007 فما هي النتائج والحصيلة وما مدى انعكاسات المطارحات والآراء المعاكسة لنهج الحركة على التوجهات العامة وأين تعتبر الحركة نجحت، وفي أي المواضع أخفقت؟

 

 انتميت لهذه الحركة وأنا ابن العشرينات كالعديدين من شباب تونس الذين كانوا يتطلعون لخدمة دينهم ووطنهم وهويتهم التي تداعت عليها في تلك المرحلة مذاهب فكرية وعقائد إيديولوجية وموجات من الميوعة والانحلال الخلقي، لم تعرفها البلاد في تاريخها الطويل إلا في ظل دولةالاستقلال الحديثة، فتحولت المدارس والجامعات إلى ساحات تدافع فكري وعقائدي وسياسي نظرا لغياب هوية واضحة لسياسات التربية والتعليم وحالة الانفتاح الشامل على الخارج التي طبعت تلك المرحلة والمراحل التي لحقتها. ورب ضارة نافعة كما يقال! فقد أدى ذاك التدافع إلى إفراز حركة الاتجاه الإسلامي كحركة مقاومة فكرية وثقافية بالأساس للمساهمة في الدفاع عن هوية تونس وقيمها وثوابتها .

 

ومرت الحركة بمراحل عدة و التحقت بها أجيال متلاحقة وتعرضت للمضايقة والمطاردة حينا ثم إلى المحاصرة والتنكيل حينا آخر. وحققت طيلة هذه المسيرة التي تصادف اليوم الذكرى السادسة والعشرين نجاحات هامة وأنجزت مكاسب قياسية مقارنة بغيرها من الحركات والجماعات الفكرية والسياسية.

 

لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن! فقد وجدت الحركة نفسها بحكم الامتداد الشعبي والنمو المتسارع  والبروز السياسي المتزايد على الساحة، وجها لوجه مع الدولة التي كانت ولا تزال تهيمن على كل شيء في المجتمع. واستدرجت لمواجهة غير متكافئة وحصل ما حصل خلال مرحلة التسعينات من مظلمة ومأساة لم يشهد لها تاريخ البلاد مثيلا على الإطلاق!

 

واليوم، وبعد هذه التجربة الطويلة والمليئة بالأحداث والمعاناة، لا بد من استخلاص الدروس والعظات والوقوف عند مواطن النجاح والإخفاق دون تردد أو مداراة.

 

خلال هذه المحنة الأخيرة  نجحت الحركة في تفادي الكارثة وتجاوز المحنة وان كانت التكاليف باهظة. ونجحت أيضا في الحفاظ على وحدتها وخطها الفكري وصورتها السلمية المدنية وحضورها السياسي والمعنوي لدى شريحة هامة من أبنائها والمتعاطفين معها. ونجحت في تجنيب البلاد مهالك العنف والعنف المضاد على عكس ما حصل في الدول المجاورة .هذا كله يحسب للحركة . ولكن ما يحسب عليها ليس بالهيّن أيضا. فقد دخلت في اشتباك خاطئ وغير محسوب والدخول في معركة غير متكافئة ومحسومة النتائج سلفا. ولا يعفيها قبولها للاستدراج من المسؤولية ولا شراسة الهجمة الاستئصالية التي تعرضت إليها.

 

كان من الأجدى والأصوب على القيادة الإنصات لأصوات التهدئة والتعقل والصبر التي أطلقت في الإبان من قبل العديدين في صفوفها. أخطأت أيضا في تقدير حجم الخسائر التي كانت مقدمة عليها منذ البداية وحجم المعاناة التي تلظى بها أبناؤها وأنصارها وكل المتعاطفين معها. أخطأت أيضا في كيفية التعامل مع الغاضبين والمنسحبين من صفوفها ولم تفلح في الحفاظ على علاقة إيجابية معهم. أخطأت أخيرا في ضعف تفاعلها مع التحولات التي طرأت في الواقع ومراهنتها على التغيير العاجل وعجزها على اختراق جدار التكلس والانغلاق بكل الوسائل والأشكال.

 

وتخطئ كثيرا في المرحلة القادمة إذا أصرت على نفس السلوك ولم تنصت لتعبيرات القلق والاحتجاج ودعوات الإصلاح والتجديد من داخل الحركة وخارجها.

 

إن أمامها تحديات وأولويات ثلاث أساسية: التكيف السياسي مع الواقع بعقلانية وانفتاح ، التشبث بالمبادئ ومقاومة كل ملاحقة فكرية من أي طرف كان تمس بالثوابت والهوية ، التجدد والتشبيب والتداول على المسؤولية منعا لاستنساخ الواقع الذي تسعى لإصلاحه وتغييره. فلا يمكن أن نطالب بالإصلاح من الآخر ونستنكف عن استحقاقاته في الداخل !

 

 الحقائق: أنت أحد المناصرين لخط المصالحة والحوار مع النظام التونسي، إن لم نقل أحد دعاته الأوائل، ورأيناك سنة 1998 نشرت مقالا بجريدة الحياة يدعم هذا التوجه وقد عارضك البعض من داخل الحركة، فهل المصالحة لديك قناعة أم تعبيرا على تيار داخل التيار، وما هو تصوركم لمفهوم المصالحة ؟

 

 المصالحة ، في تقديري، هي خط وخيار استراتيجي لحركة النهضة منذ تأسيسها ليومنا هذا وهو ما أقرته آلية الشورى في مؤسساتها طيلة مسيرتها الطويلة.وما حدث لها خلال التسعينات من مواجهة واشتباك خاطئ ، إنما هو استثناء وليس أصلا في خطها الفكري والسياسي برغم الإخلال والانحرافات التي طرأت على هذا الخط . ومن يشكك في هذا التقدير ما عليه سوى الرجوع إلى مقررات الحركة ونصوصها وأدبياتها للوقوف على هذا الثابت من ثوابتها.

 

نعم لقد أخطأت الحركة مثلما أخطأ غيرها سواء  كان في السلطة أو في المعارضة.و قد اعترفت بذلك وأعلنته وان كان بشكل محتشم وغير كاف ومن حق الآخرين أن يطلبوا منها مراجعة  من حجم أكبر نظرا لخطئها في التقدير وقبولها للاستدراج لما خطط له الآخرون ولا حرج في ذلك فالواجب الوطني يدعو الجميع إلى مراجعات عميقة في كثير من الأمور و الحركة الإسلامية مدعوة مثل غيرها وحتى قبل غيرها لهذا الطلب المشروع لاعتبارات متعددة منها ارتباطها بما حصل ومسؤوليتها الشرعية والتاريخية التي تدعوها إلى المراجعة ومحاسبة الذات والدور الذي يناط  بهافي المستقبل باعتبارها طرفا أساسيا في البلاد لا يمكن شطبه مهما كانت المحاولات وقد أثبتت الأيام ذلك.

 

والمقصود من هذا ليس الحركة ككيان تنظيمي  فحسب ،فقد أصاب هذا الكيان ما أصابه،وبقيت الحركة كمشروع و فكرة ورسالة وتيار يلتقي حوله الكثيرون برغم الاختلاف في تقدير الموقف و اختيار النهج الصائب للإصلاح والتدارك.

 

في هذا الإطار وبحكم عمق الأزمة التي شهدتها الحركة والبلاد طيلة هذه المحنة القاسية لا ضير أن تتباين الآراء وتختلف الأطروحات إزاء صوابية المنهج وسلامة الخيار.  ولذلك ليس الخلاف السائد في أوساط الحركة اليوم في جوهره  وأقول في جوهره، حول أصل الخيار أي المصالحةوالوفاق والحوار مع الآخر في السلطة والمعارضة وإنما في تنزيل هذا الخيار اليوم على ارض الواقع باعتبار رفض الطرف المقابل المرجو التصالح معه لهذا المطلب وإصراره على ممارسة  سياسة الإباء المتواصل لطي الصفحة والبحث عن سبل التفاهم عوضا عن التنافي والإقصاء.

 

الخلاف إذن في التنزيل. فهناك من بلغ منه اليأس من الإصلاح والمصالحة مبلغه ، فأصبح يميل إلى اعتبار هذا التمشي في هذه المرحلة ومع هذه السلطة بالذات وهْمٌٌ يجب طرده من الأذهان ، والمراهنة بدلا من ذلك على إحداث التوازن بين الدولة والمجتمع أو بين السلطة والمعارضة الجادة والساعية للتغيير، وبين من يصر على صوابية خيار المصالحة وأصالته في منهج الحركة باعتبارها حركة إصلاحية بالأساس تنشد الإصلاح والتغيير السلمي الهادئ والمتدرج ولم تكن في يوم من الأيام حركة ثورية انقلابية تنشد السلطة بكل الأثمان. ولكن خطها العام وثوابتها الفكرية تنأى بها عن ذاك.

 

وفي الحقيقة فان أنصار خيار الإصلاح والمصالحة داخل الحركة تحاصره الأمواج من كل جانب. من جهة هناك صعوبة كبيرة في مواصلة الإقناع بهذا النهج في ظل تصلب الطرف المقابل واستنكافه عن أي حديث جاد حول هذا المطلب .

 

ومن جهة ثانية أضحت أطروحة المصالحة بمثابة البضاعة الكاسدة في سوق المزادات العلنية من جراء الطرح الخاطئ لهذا المشروع الاستراتيجي الهام الذي يرتبط بمصيره مستقبل البلاد.

 

فبدلا من إشاعة ثقافة المصالحة والوفاق بين الجميع حتى يصير الكل مؤهلا للخوض في تفاصيل إنجاز مثل هذا المشروع، انبرى العديد من الناس للتسويق لهذه البضاعة دون حدود أو ضوابط وانتهى المشوار الحواري على مواقع الانترنيت بتسفيه الكل للكل والدعوة إلى نسف هذا الخيار من الأذهان جملة وتفصيلا! وهي نهاية وان كانت لا تلزم سوى أصحابها والمنخرطين فيها،إلا أنها عبرت عن غياب أدب الحوار و ثقافة المصالحة عند أنصارها وخصومها على حد سواء.

 

بين مطرقة الانسداد المطبق وتجاهل السلطة لدعو المصالحة والوفاق وبين سندان أصحاب المصالحة في سوق المزاد العلني ، لا مناص لأنصار هذا الخط الاستراتيجي داخل الحركة من التشبث بالخيار والإصرار عليه مهما كانت التكاليف و تخليصه من شوائب الترذيل والمزايدة والتوظيف.

 

المصالحة في فهمي إذن ليست  مجرد تعبير عن مرحلة ولا هي أمنية أو عاطفة عارضة لبعض الواهمين كما يعبر عن ذلك بعض أنصار الرأي الآخر، وإنما هي مشروع طويل الأمد وخيار لا رجعة فيه ولا مفر من اللجوء إليه لصالح الجميع. إنها مشروع مجتمعي يهدف إلى إلغاء عوائق الماضي وعوامل استمراره في المستقبل وتصحيح ما ترتب عنه من ظلم ومآسي وأخطاء والقطع نهائيا مع منهج الاشتباك والتصادم والمغالبة والتأسيس لانجاز وفاق وطني شامل لإنهاء الضغائن والأحقاد وإعادة صياغة علاقات إيجابية تضامنية بين الدولة والمجتمع.

 

 الحقائق: الملفت للانتباه أن دعاة المصالحة يواصلون الحديث والتحليل والنقاش والاستنتاج وإطلاق المبادرات ونشر البيانات، في حين أن السلطة التونسية متجاهلة هذه الدعوات، ألا ترى أن خيار المصالحة يظل نوعا من الوهم والسراب، طالما بقي النظام خارج هذا النقاش، ولم تصدر منه إشارات عملية في هذا الإطار؟

 

 هذه مفارقة حقيقية تصب في خانة المناهضين لخيار المصالحة وفك الاشتباك وهي مسؤولية أنصار الطرح الخاطئ والمتهافت لهذا المشروع. فهذا الطرح التبسيطي لخيار استراتيجي دون السعي لتوفير شروطه لدى كل الأطراف ولاسيما من بيده الأمر، يقود إلى تحويل الموضوع برمته إلى نوع من الوهم والسراب الخادع لان المصالحة هي عملية تشاركية و تفاعلية وليست مجرد إملاءات على طرف واحد يحكمها قانون العرض والطلب بالمعنى الاقتصادي إن شئنا. فالتركيز على جانب الطلب وإغفال جانب العرض يؤدي إلى خلل في المعادلة وينتهي بالمشروع إلى أزمة وما مفهوم الأزمة في النهاية سوى خلل حاد بين العرض والطلب.

 

صحيح إن المعادلة مختلة وميزان القوى لا يسمح بالانطلاق الفوري في هذا التمشي ولكن إعادة التوازن في طرح المسالة من شانه إن يدفع الأطراف المعنية إلى إعادة النظر في مواقفها ولو بعد برهة من الزمن .فالمطلوب إذن التهيؤ والاستعداد لمثل هذا الوضع الذي ستقود إليه الأحداث شاء من شاء وكره من كره لان الغبن والمآسي والانتهاكات والمزيد من الانغلاق لا تقود إلا إلى الانفجار والهزات وكل ذلك لا يصب في مصلحة أي طرف وطني مسؤول!

 

ورغم هذا الوضع القاتم لا يمكن تجاهل ومضات إيجابية وبصيص من الأمل في تحول الأوضاع إلى هامش من الانفراج المحدود الذي يجب على أنصار خط التصالح والوفاق أن يسعوا إلى توسيعه قدر الإمكان والبناء عليه للتقدم تدريجيا نحو الهدف.

 

صحيح أن السلطة غير حريصة  في هذه اللحظة على المصالحة بالمفهوم الذي تبلوره رؤية التصعيد والمغالبة في أوساط المعارضة وفي داخل الحركة أيضا ولكن كيف يرجى من الطرف الأقوى والمهيمن أن يكون حريصا على ذلك في حين أن الضحية التي تعاني المأساة ليست أحرص منه ولا يدل سلوكها في كثير من الأحيان على شيء من ذلك؟

 

أما القول بان السلطة لم تصدر منها إشارات عملية في هذا الاتجاه، فهو كلام غير دقيق ويحتاج إلى تصويب. إن سلوك السلطة تجاه الحركة خلال السنوات الخمس الماضية على الأقل ، شهد بعض التطور الايجابي وان كان لا يزال منقوصا ودون المأمول بكثير ولكنه يختلف كليا عن السنوات العجاف التي سبقت. المطلوب ليس إنكار هذه الحقيقة والترفيع غير المجدي في سقف المطالب ولو كانت مشروعة ، ولكن الحكمة تقتضي تسجيل الإيجابيات وتعزيزها بسلوك أرْشد في اتجاه تفكيك الأزمة وليس في اتجاه تكريسها.

 

وهنا قد يستهين البعض بدور الخطاب الإيجابي والمتوازن والمعتدل ووقع الكلمة الطيبة والصادقة  في النفوس ، ولكنها  قد تعكس استهانة اليأس من الإصلاح والسير في طريق مسدود والعجز عن الفعل الحقيقي الذي يركن إلى التشنج في الخطاب للترويح عن النفس ! إن من مضمون الكلمةالطيبة أن تكون صادقة وحريصة على التواصل وتجنب القطيعة . وتكون بعيدة كل البعد عن التزلف والتملق والإطراء! ولا أظن أن الطرف الآخر الذي ننشد التصالح معه بحاجة كبيرة إلى هذا المنطق فلديه الكثير وما يكفي! . ٌإذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم الترابٌ، كما جاءفي الحديث الشريف. وكذلك، ليس المسلم بالسّباب ولا بالفاحش ولا اللعان ولا البذيء! هذا هو الخطاب المطلوب الذي ينتج المصالحة ويقود إلى التفاهم.

 

أما  الخطاب الآخر فانه لا يساهم في الواقع إلا في إنعاش التشدد وتكريس الانغلاق ودفع الطرف الآخر إلى المزيد من الهروب إلى الأمام وتأجيل الإصلاح في حين أن  الخطاب الراشد والمسئول أكثر إحراجا واشد وطئا و ادعى للمراجعة

 

 الحقائق: هناك تململ لدى بعض قواعد حركة النهضة حول حالة الركود السياسي وغياب الآفاق، مما جعل البعض يجمّد عضويته والبعض الآخر يسعى إلى الخلاص الفردي، والبعض الآخر يفضل الانسحاب الصامت، وهناك تشكي من العقل التنظيمي الذي يرفض الرأي المخالف، وما مدى صحّة الرؤى التي تعتبر الحركة فشلت في التصالح مع أبنائها، فكيف تستطيع التصالح مع خصومها؟

 

 هذا صحيح في جانب وتشوبه بعض المبالغة في جانب ثان. التململ موجود نظرا لانسداد الوضع وانغلاق السلطة على الجميع وعدم تمكن الحركة المتواصل من اختراق هذا الجدار. فبطبيعة الحال تحصل الانسحابات والبحث عن الحل الفردي ويعم التذمر وتحميل المسؤولية إلى القيادة وهذا طبيعي حصل في كل الحركات التي شهدت نفس المحن والصعوبات.

 

ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح هو كيف يجب التعامل مع مثل هذه الأوضاع الاستثنائية ؟ هل يكون ذلك بالتجاهل والانكفاء التنظيمي  وتخوين المنسحبين وإظهار الشماتة بالمخالفين والتعامي على الأسباب الجوهرية التي أدت إلى ذلك؟ وهذا هو نفس السلوك الذي تتعاطاه الأنظمة الشمولية والأحزاب السلطوية مع معارضيها؟ أم يكون بالانفتاح والتحاور والبحث عن وفاق داخلي واسع وتفهم الآخرين والتماس الأعذار لهم والتعامل معهم على قاعدة  ٌ نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ٌ ؟ فإذا فشلت الحركة في التفاهم والتصالح مع الغاضبين من أبنائها والمناصرين في نهاية المطاف لمشروعها، لا يمكن البتة أن تنجح في التوافق مع خصومها أو الأطراف المختلفة معها.

 

ثم لماذا لا نقوم بنفس التصرف الذي يحرص على الالتئام والتحالف مع هؤلاء الإخوة الذين يحملون نفس الفكرة ونفس المشروع تماما مثلما نقوم به مع أطراف المعارضة الأخرى؟ هل هي السياسة التي تفرق بين الجماعات ؟ أم هو الكيل بمكيالين أضحى يدب في الصفوف؟ أظن انه آن الأوان للمراجعة الحقيقية على كل المستويات!

 

لنأخذ مثلا موضوعا من الموضوعات التي تحتل حيزا هاما من الجدل هذه الأيام وأفرزت اتجاها مصرا على المعالجة في غير الاتجاه الذي ارتأته قيادة الحركة منذ سنوات ولم تفلح في مراجعته بناء على بعض المستجدات الداخلية والخارجية وهو موضوع عودة المهجرين إلى الداخل. هنالكاتجاه واسع داخل صفوف الحركة وعلى أطرافها يدعو إلى إعادة النظر في هذا الموقف الذي تنزل في ظرف يختلف عن الظرف الراهن حيث أضحى هذا المطلب في متناول المعالجة الهادئة والمتدرجة على عكس السنوات الماضية التي كان مجرد التفكير في هذه المسألة ضربا من الخيال . للأسفلم يؤخذ الموضوع مأخذ الجد ولم يعالج المعالجة المناسبة في الوقت المناسب،رغم نصح الناصحين، فأدى ذلك إلى نتائج سلبية كان في الإمكان تجنبها بكل يسر. فتحول تذمر القليلين آنذاك من مسألة محدودة إلى بيانات وتكتلات وإمضاءات تشكك في خيار الحركة ومشروعها ومصداقيتها من قبل أبنائها والمساهمين سابقا في محنتها! هذا سلوك نتحمل مسؤوليته جميعا ويتطلب التدارك السريع .

 

الحقائق: من موقعك كأحد القيادات هل المهجر مرتهن للداخل، أم العكس أم الاثنين معا مرتهنان لانحباس سياسي، وهل كانت لك بعض الجسور مع النظام في إطار البحث عن حوار أو تلاقي أو تحريك الملف؟

 

 لا نستطيع القول بارتهان الخارج للداخل أو العكس باعتبار أنه ليس هناك كيان تنظيمي داخل البلاد منذ بداية الأزمة في التسعينات . ولكن هنالك بدايات تواجد و حضور فردي لرموز وقيادات سابقة للحركة هي بصدد السعي لفهم التحولات التي طرأت في غيابها أثناء مرحلة السجن منأجل الاهتداء للمنهج الصائب للتعامل مع الواقع بكل تعقيداته.

 

والمتأمل في خطاب الداخل من خلال التصريحات التي صدرت لحد الآن يلمس تطورا إيجابيا ملحوظا ووعيا متناميا بحجم التحديات المطروحة على الحركة والبلاد. ونأمل أن يهتدي الإخوة في الداخل إلى سلوك رشيد ينقلون به الوضع الراهن من الركود السلبي إلى حالة جديدة من الحراك الإيجابي . وهم قادرون على ذلك بحول الله!

 

الانحباس السياسي لا يمكن تجاهله. ولكن المطلوب ليس الاحتماء به لتبرير الانحباس الفكري والعجز عن الفعل و لكن كيف الوصول لكسر الحواجز النفسية والسياسية و بناء جسور مع الكل لطي الصفحة والتخطيط للمستقبل. أنا أقول هذا ممكن وليس مستحيلا كما يتصور البعض. لم نبذل الجهود الكافية لتحقيق ذلك. والجهود التي بذلت لم تكن في إطار منهج متكامل يعضد بعضه بعضا.

 

هذا هو التحدي العسير المطروح بإلحاح. أما عن اتصال السلطة بي فهذا لم يحصل والحركة  في تقديري، ترحب بكل حوار إيجابي لمعالجة الأمور العالقة.

 

الحقائق: الشيخ صالح كركر بعد خروجه من المستشفى، وأثناء زيارة معايدة له، طرحت عليه سؤالا إن كان يشعر بالمسؤولية السياسية تجاه ما وقع فأجابني، ” إننا نحن كحركة  لنا مسؤولية إلى حد وصول الناس إلى باب السجن، وبعدها ليست لنا مسؤولية، لأننا لم نتوقع أن يكون رد السلطة على المساجين بهذه القسوة وبهذا العنف ”  فماذا تقول أنت؟

 

 ذكرت أن من أخطاء الحركة ضعف تقديرها لحجم الخسائر التي كانت مقدمة عليها منذ البداية وحجم المعاناة التي تلظى بها أبناؤها وأنصارها وكل المتعاطفين معها .لا تقف مسؤوليتنا عند أبواب السجون فحسب بل تتعدّاها إلى يوم الناس هذا أي ما بعد السجن . وهذا ليس تبرئة لذمّة السلطة التي أفرطت في المظالم والانتهاكات بشهادة كل المراقبين في الدنيا ! ولكن نحن بصدد الكلام عن مسؤوليتنا نحن الذاتية أين تبدأ وأين تقف. في نظري مسؤوليتنا لم تقف بعد بل تزداد كل يوم ما دامت المظلمة لم تنته والمعاناة لم تطو. لم نفلح بعد في إدارة ملفاتنا في علاقتها بالسلطة وغيرها. وهذا هو بيت القصيد كما يقال الذي تستند عليه كل أصوات الاحتجاج داخل صفوف الحركة وعلى أطرافها بغض النظر على تصرفات البعض هل هي صائبة أم خاطئة!

 

الحقائق: حركة 18 أكتوبر التي انخرطت فيها النهضة  بقوة، اصطدمت بكثير من العوائق ونراها لم تحقق الممكن المأمول، وبقيت تقريبا تراوح في نفس المكان، فما هي من وجهة نظرك أسباب التعثر، وهل لا زلتم تعوّلون عليها سياسيا؟

 

 إذا كان هناك  من يراهن على حركة 18 أكتوبر من أجل إحداث التغيير والتداول على السلطة وتحقيق الديمقراطية المكتملة فهذا عين الوهْم. أولا لان القائمين على هذا الفضاء لم يطرحوا من ضمن أهدافهم الأولى مثل هذه الطموحات بل نجدهم يطالبون بالحد الأدنى المقبول سياسيا في هذه المرحلة وهو إطلاق سراح المساجين وعودة المغتربين وحرية التنظم والتعبير لا أقل من ذلك ولا أكثر. بل كثير من قادة هذه الحركة الناشئة يعتبرون أن موضوع التداول على سبيل المثال ليس مطروحا اليوم في تونس لاعتبارات موضوعية يطول شرحها. وهذا الوعي يجب أن يترجم على أرض الواقع فلا تحيد هذه الحركة عن أهدافها الأصلية وتتوه في بحار الخلافات الفكرية والأيديولوجية!

 

كل ما في الأمر أن انغلاق السلطة وإصرارها على ذلك طيلة هذه السنين هو الذي أنتج حركة 18 أكتوبر وإلا ما كان لهذه الفسيفساء السياسية والفكرية أن تلتقي على أي برنامج أصلا . ولذلك لا نستبعد انفراط مثل هذا العقد بمجرد استجابة السلطة لتلك المطالب الثلاث. لأن ما بعد ذلك هو تفاصيل معقدة والتفاصيل مأوى للشيطان كما يقال! ويكفي النظر إلى أول اختبار لهذه الحركة بمناسبة ما عرف ببيان 8 مارس لإدراك مدى هشاشة مثل هذه اللقاءات عندما تحيد عن البرنامج الأصلي الذي يجمعها والأهداف المحسوبة التي رسمتها. ولذلك لا غرابة في القول أن السلطة هي السبب الحقيقي لنشوء هذه الحركة وهي عامل من عوامل وجودها واستمرارها أيضا.

 

مع كل ذلك وبرغم هذه الهشاشة والتعثر الذي تشهده هذه الحركة التي فاجأ ظهورها الجميع، فإني اعتقد أنه يمكن أن يكون لهذه الحركة دور إيجابي على الساحة إذا أحسن الجميع التصرف والتعاطي مع الواقع دون تخاذل ولا تنطع. ويمكن لها أن تكون صمام أمن سياسي واجتماعي لصالح البلاد والعباد لو ابتعد عنها بعض اللاهثين وراء مصالح حزبية وإيديولوجية لا تخطئها العين البصيرة.

 

(المصدر: صحيفة “الحقائق الدولية” (بريطانيا) بتاريخ 8 جوان 2007)


رسالة مفتوحة إلى الدكتور الهاشمي الحامدي

الهادي بريك ـ ألمانيا

 

السلام عليك وعلى من معك من أهل وأحبة.

 

آمل ألا يضيق صدرك ـ رفيق دربي في حركة النهضة سابقا ـ عن الإشارات التالية :

 

1 ــ القبول بجمعية ثقافية من لدن حركة النهضة لا يعني سوى حل الحركة بأسلوب جديد :

 

أظن أن ما يفهمه كل عاقل من دعوتك إلى إسناد رخصة جمعية ثقافية لأبناء حركة النهضة وفتح الأبواب أمامهم من أجل الإنتماء السياسي إلى أحزاب سياسية معترف بها .. لا يعني سوى التمهيد لحل حركة النهضة كيانا تنظيميا وحركة إسلامية سياسية إصلاحية شاملة. هل يعني ذلك غير أن الواقع الإجتماعي الثقافي السياسي العام بالبلاد بحسب ما توصي به دوائر العداء للمشروع الإسلامي وتتبناه سلطة الرئيس بن علي .. لا يستوعب حزبا سياسيا إسلاميا مهما شهد المنصفون بإعتداله وواقعيته في مستوى الحد الأدنى من الإستيعاب : تسريح المساجين وغض الطرف عن المناشط ذات الطابع الإجتماعي والثقافي والدعوي والداخلي.

 

رفض التحول إلى جمعية ثقافية من لدن حركة النهضة يستند إلى المبررات التالية :

 

أولا : حركة النهضة ليست ملكا ـ بعد أربعة عقود كاملة من الحضور والتأثير من موقع الحاضر الغائب تارة ومن موقع الغائب الحاضر تارة أخرى ـ لنفسها حتى تقرر حل نفسها حركة سياسية إسلامية شاملة. حركة النهضة بعد هذا العمر الطويل ملك للحركة الإسلامية عالميا أولا وعربيا ثانيا وللصحوة الإسلامية ثالثا ولحركة التغيير نحو الحريات من أي منبع فكري غير إسلامي مطلقا رابعا ولنبض كل ذلك في تونس خامسا وللمساجين القابعين منذ عقدين يخوضون حربا بأجسامهم النحيفة ضد سياسة الموت البطيء سادسا ولعشرات من الآلاف ( دون أدنى مبالغة من منطلق المعلومة التنظيمية الداخلية ) من قياداتها وأعضائها والمنتمين إليها والمتعاطفين معها ممن سرحوا من السجون أو أخطأتهم آلة الأعتقال العشوائية ضمن خطة تجفيف منابع التدين أو آواتهم مهاجر الغربة قبل ربع قرن كامل سابعا. حركة النهضة حتى لو لم يبق منها سوى الوجود المعنوي تنازلا عند رغبة من يسعدهم ذلك ليست في صدور أهلها بما تحمله من مشروع إصلاحي إسلامي كبير ـ ليست فيه بدعا من الزمان والمكان ـ من الهوان بمكان ـ برغم ضراوة المحن المتلاحقة والجراحات الثخينة على مدى ربع قرن كامل ـ حتى يفرطوا فيها مقابل جمعية ثقافية قانونية. لو حدث ذلك لصدق فيه قول القائل : هبة من لا يملك لمن لا يستحق. هل يمكن لك أن تخبرني عمن يملك حركة النهضة ملكا يؤهله للتفويت فيها بناء على تقدير سياسي لسلطة الرئيس بن علي أو رغبة هذا أو أمنية ذاك؟

 

ثانيا : حركة النهضة إختارت لنفسها مذ كانت تسمى الجماعة الإسلامية بطاقة هوية تتضمن ثوابتها التي لا تنازل عنها وهي : أنها حركة وليست حزبا ولذلك ظلت تراعي التوازنات الفكرية والسياسية فيها على نحو وفاقي إجماعي وأنها إسلامية وليست علمانية بحال من الأحوال لا علمانية جزئية ولا علمانية شاملة وأنها سياسية وليست بمنأى عن الأهتمام السياسي تفكيرا وتخطيطا وإنجازا وأنها شاملة وليست مقصورة من حيث الأصل النظري عن الإهتمام بجانب من جوانب الحياة التي يتعرض لها الإنسان في تونس. لو كانت تلك الثوابت طارئة أو كانت الحركة في مهدها وسنواتها الأولى لكان في المسألة نظر دون ريب. ولكن بما أن الناس إختاروا ذلك بكل وعي وحرية وواجهوا المحن المصبوبة على رؤوسهم صب الجحيم دون تنازل عن ذلك إذ لم يرد في يوم من الأيام رأي واحد في مختلف التقويمات والمراجعات التي تجري في الحركة بشكل دوري ـ وفي كل الأحوال قبل كل مؤتمر ـ يطالب بمراجعة الصفة السياسية للحركة بقصد إلغائها بالكلية وكل ما ورد هو : تأخير الإهتمام السياسي لإحداث التوازن بين المطالب السياسية وبين المطالب الدعوية والثقافية والإجتماعية بسبب إنخرام موازين القوى وليس بسبب خطأ في التقدير النظري الأصولي الأول .. بما أن الناس إختاروا ذلك منذ أربعة عقود كاملة وظلوا ثابتين على ذلك فما ينبغي لنا ضرب الحصار الفكري الخانق عليهم من أجل التخلي عن الصفة السياسية وهم في حالة محنة يستوي فيها السجين مع السجين المسرح مع المبعد عن الوطن والأهل والبلاد بدون جريرة إقترفتها يداه.

 

هل تذكر لي مثالا واحدا في الغابر والحاضر تخلى فيه كيان عن ثوابته بسبب أن الناس من حوله كرهوا منه ذلك؟ هل يلام كيان على تقمص ما شاء من صفات كلما كان ذلك لا يجلب ضرا على غيره؟ أليست تقاس الكائنات المعنوية بأخواتها المادية؟ من يقدر المصلحة هنا؟ هل هم أهل ذلك الكيان أم ينوب عنهم غيرهم يفصل لهم ما شاء مهما كان ناصحا أمينا أو شاطرا ماهرا وليس لهم سوى التدثر بما فصل لهم؟

 

كان يمكن لحركة النهضة أن تقبل بجمعية ثقافية يوم عرضها الوزير الأول الأسبق محمد مزالي على قيادتها مجتمعة في مكتبه بعيد خروجها من السجن عام 1985. لو قبلت الحركة بذلك العرض يومها لكان الأمر مفهوما حتى لو لم يكن مقبولا بسبب أن الحركة مازالت في مهدها حتى لو كان عودها يتأهب لأن يشب عن طوق مهد لم يجد فيه الوليد من الدفء عشر معشار ما وجده موسى عليه السلام وهو يتربى في قصر فرعون.

 

وعلى كل حال لم يكن ذلك هو المعيار لرفض جمعية ثقافية جديدة ولكن كان المعيار دوما هو نشدان المصلحة بقدرما تتسع لها عقول الناس في الحركة شأن كل إجتهاد في حقل المصلحة المرسلة. هل يعاقب الناس على إجتهاد خاطئ؟ كيف والنبي الأكرم عليه الصلاة والسلام يعد المجتهد المخطئ بأجر؟ هل يؤجر المخطئ؟ أجل يثاب المخطئ ويعاقب الخاطئ.

 

ثالثا : حالة موت الحريات في تونس ( بما فيها الحريات الخاصة الشخصية من مثل حرية الملبس والهيئة للذكور والإناث وهي نكبة تونسية خالصة ) لا تسمح الآن بممارسة النشاط الثقافي سيما ممن سودت سوابقهم بجريمة الإنخراط السياسي خاصة ضمن حركة النهضة المصنفة حركة إرهاب وتطرف وعنف من لدن سلطة الرئيس بن علي ضمن المشروع الدولي الذي ظل يسوقه على إمتداد عشرية التسعينيات لولا أن بعض التحولات الدولية والعربية جمدت فعله. يسير جدا على كل من هب ودب أن يدعي الإختلاف حول منسوب الحريات فدعنا ندرج القضية إذن ضمن المختلف فيه ولا ينضبط بعد ذلك سوى لتقديرنا الذي أدى بنا إلى خلاصة مفادها أن ذلك المنسوب أدنى بكثير من السماح بالحريات الشخصية الخاصة جدا فضلا عن أن يتيح لمن سبق له إنتماء سياسي إسلامي معارض ـ سيما إذا كانوا بالمئات والآلاف ـ هامشا لنشاط غير سياسي يساهم في الإصلاح والتغيير. هل مطلوب منا أن نعلن عن إستفتاء شعبي عام نتبين من خلاله تلك الخلاصات قبل المضي فيها؟ هل يوجد مهتم بالشأن العام اليوم في تونس من خارج السلطة يخالف في تلك الخلاصة إجمالا لا تفصيلا؟

 

الخلاصة الأولى هي إذن : من حق المنتسبين إلى حركة النهضة مهما كان موقعهم في السجن أو خارجه وفي البلاد أو خارجها أن يثبتوا على هويتهم الجمعية ضمن حركة سياسية إسلامية شاملة دون الحاجة إلى الإنصهار ضمن جمعية ثقافية ولا إلى الإرغام على الإنتساب إلى أحزاب سياسية أخرى. هل يجرؤ طرف على إكراه آخر على مزاولة نشاط غير مرغوب فيه؟ أليس حق الإختيار للأديان وكل الإنتماءات غير القهرية هو عين كرامة الإنسان تواضعت عليه الأديان والعقول والتجارب وهو الرئة التي لا حياة لمن لم يتنسم بها عبير الحياة؟

 

2 ــ طريق المصالحة يختلف عن طريق تدبير تصفية ماكرة للحركة :

 

أولا : أظن أن كل ما ورد في حديثك حول المصالحة بدءا من عامي 98 و99 حتى يومنا هذا لا يخرج عن دائرة المصالحة الفردية بين كل محاكم من المنتمين إلى حركة النهضة وبين السلطة ممثلة في سفارتها أو أي جهاز من أجهزتها. هو عرض رئاسي دون ريب ولكن هل يمكن لعاقل أن يعتقد أن ذلك العرض بما هو تسوية لكل حالة على حده يرتقي إلى مستوى مصالحة بين السلطة وبين حركة النهضة؟ إذا كان ذلك غير ذلك فلم لا يبادر بذلك أي عون من أعوان الدولة دون الرجوع إلى السلطة العليا في البلاد؟ كيف يقر عاقل أن يكون الإنخرام في مستوى الإعتبار الجمعي من طرف الحركة مقبولا بينما يكون من طرف السلطة مستويا على أساس مغاير؟

 

هل يحق لنا أن نتعرف على تفاصيل ذلك العرض سيما أن بعضا منا أقبلوا عليه؟ ما هو المطلوب ممن يريد الإلتحاق بتلك القافلة؟ إلى متى يبقى الأمر سرا في صدور أصحابه؟ ألا يفصحون عما يرغب الناس من خلفهم فيه؟ هل يستعيد من يقبل ذلك العرض حقه المدني والسياسي أم أنه لا يمتع سوى بجواز سفر يمكنه من الرجوع إلى البلاد والخروج منها دون تتبعات أمنية؟ هل هناك ما يثبت سقوط الحكم القضائي؟ لم لم يؤسس أي واحد من أولئك جمعية ثقافية ولم ينتم أي واحد لحزب سياسي فضلا عن الدخول في الحزب الحاكم ( التجمع )؟ أليس العقد شريعة المتعاقدين؟ أليس محل العقد شرطا في صحة العقد؟ هل يجرؤ عاقل على الإدعاء بأن العملية تتم دون أدنى إكراه ومن وجوه الإكراه ما سماه العلماء سيف الحياء فكيف إذا كان ذلك السيف هو سيف الإلجاء عبر المساومة على أقدس حق فطري طبيعي غريزي : حق الأمن فوق أرض الوطن؟

 

لكم أكون شاكرا وسعيدا ورب الكعبة لو ألفيت من يقنعني بأن عرض رئيس الدولة الذي حملته إلينا ليس طريقا إلى حل الحركة أو سبيلا إلى المساومة على حق القول وهو في الإسلام كما تعرف فريضة لا تقبل التنازل ولو كفائيا حتى لو كان ذلك القول رأيا فرديا شخصيا يخالفك فيه كل الناس كلما عبر عن نفسه بالطرق السلمية خلقا وأدبا.

 

هل كان رئيس الدولة سيرفض من جاء إليه قبل عرضه معتذرا عن إنتمائه السابق معترفا بجرمه عازما على سلوك حياة جديدة قوامها عدم تجاوز مطالب خويصة النفس؟ طبعا لا. ولا دليل على ذلك سوى ما جرت عليه تجارب الناس مهما بلغ الحقد بين بعضهم بعضا.

 

ثانيا : لقد سبق أن كتبت قبل سنوات حول الخطوات التي إعتمدتها الحركة سعيا وراء مصالحة وطنية شاملة ولم أذكر من ذلك تفاصيل كثيرة سيما من دائرة السجن ثم من دائرة المسرحين من السجن من قيادات الصف الأول وتفاصيل أخرى لا يسمح المقام بذكرها بسبب أن أول ما يجهض المصالحة في العادة أقلام أهل الإعلام ولذلك لا يعلق أكثر الناس أملا يذكر على ما تطفح به هذه المنتديات وأظن أن ذلك محل إجماع بين أهل الذكر في هذا المجال. لقد سبق أن قلت بأنه لم يكن مأذونا لي أن أكشف عما كشفت عنه يدفعني إلى ذلك تصحيح العنوان الأبرز لما كتبت في هذا الأمر وهو : أن حركة النهضة ممثلة في قيادتها أجهضت مسعى رئيس الدولة في تحقيق المصالحة من خلال عرضه لحل فردي أفقه الأكبر جواز سفر يمنح المجرم تأشيرة عبور إلى أطلال لن تزال تختزن عبير صباه أن يتيه رجع صداها بين جبال أروبا الباردة.

 

ترى لم صمتت أقلام الحركة وقياداتها في الداخل والخارج عن الكلام المباح في هذا الأمر؟

 

هل فعلت ذلك رفضا للمصالحة؟ هل يأبى غريق يشرف على الهلاك أن يمد يده لمن جاء يساعده على نجاته؟ أليست غريزة حب البقاء أقوى غريزة في الإنسان بها أنيط الزواج والتناسل وجلب المصالح ودرإ المفاسد؟ هل هانت على تلك الوحوش المفترسة نفوسهم إلى هذا الحد؟ ألا يخافون الجوع والفقر والموت؟

 

قد تكون اليوم ألحن حجة وأطلق لسانا وأفصح قلما ولكن هل فكرت لحظة في تلك الهياكل العظمية التي ألفت السجن بعد ما يناهز عقدين؟ إلهذا الحد المشين إستمرؤوا حياة الذل والهوان فما عادت عيونهم تتحمل مواجهة النور؟ إذا كان ذاك هو حالهم فلا تتردد بقولك إنهم حمقى لا يتأهلون لبسط نسائم المصالحة عليهم؟ هل هناك من يقاد إلى الجنة بالسلاسل؟

 

وما شأن هؤلاء الذين يقيمون في أروبا ينعمون بالحرية؟ لم أخمدت أصواتهم؟ من يدري لعل رئيس الحركة ومن حوله من حرسه وعسسه أحكم عليهم قبضة سجن من السجون السرية التي يتحدثون عنها في هذه الأيام تتزلزل لوطأتها حكومات عريقة في الديمقراطية.

 

ألم تشنف آذاننا قبل سنوات طويلة بأن حركة النهضة أصبحت أثرا بعد عين؟ ألم تستهدفنا آلة الإعلام الرسمي منذ سنوات طويلة تملؤنا عقيدة بأن هذا الأخطبوط قضي عليه ولم يعد يصلح مادة لأهل الإعلام أصلا؟ ألا يحسن بنا بعد ذلك أن نتحدث عن حركة النهضة بمثل ما نتحدث عن هيام عنترة بعبلة أو جنون صاحب ليلى بليلى؟ الحديث عن الماضي مسل دون ريب.

 

مع من تكون المصالحة إذن؟ مع خمسين سجينا سيموت بعضهم بمثل ما مات به سلفهم ومن بقي منهم تفترسه الأمراض فيلزم بيته أو المستشفى حتى يقضي غير مأسوف عليه؟

 

الخلاصة الثانية هي إذن : عرض رئيس الدولة لم يكن سوى تدبيرا ماكرا خبيثا لتصفية وجود الحركة لكونه حلا لمشكلات فردية كأن أصحابها مجرمي حق عام ليس لهم من رابط حزبي ولا فكري ولا سياسي ملتزم حيال دينهم وبلادهم وشركائهم. حتى بعض شبكات الإجرام تجد في ظروف خاصة عروضا مشرفة لتسوية الأوضاع. وحتى من حمل السلاح ضد الدولة في مصر والجزائر يخرجون منذ سنوات أفواجا في إثر أفواج من السجون بعضهم بعد مراجعات وبعضهم خدمة للوئام الوطني الشامل. إذا كان ذلك العرض يسمى مصالحة فلم لا تزال التحفظات ضد الحلاج وإبن عربي وغلاة الباطنية ممن مرق من دلالة العربية فأصبحت البقرة هي الأم الكريمة عائشة. عندها نحتاج إلى أداة تواصل جديدة.

 

3 ــ حركة قامت على تسييس الإسلام لا تستحق سوى مزيدا من السحق :

 

هل يأذن الدكتور الحامدي بالحديث عن رسالته التي نال بها شهادة الدكتوراه؟ لم؟ ما علاقة ذلك بالموضوع؟ أولا لأنها إضافة إلى الفكر البشري عامة والإسلامي خاصة يجب أن يكون شأنها في ذلك شأن كل أطروحة ومن حق كل مهتم الإطلاع عليها لأي غرض من الأغراض بعد نشرها وثانيا حتى يتعرف الناس على حقيقة هذه الحركة التي يتحدث عنها الناس اليوم هل هي جديرة بكل ذلك الإهتمام وبمصالحة مرقوبة أم هي جديرة بمزيد من السحق.

 

هل من مصلحة تونس أن يؤذن لحركة لبست على الناس دينهم مواصلة عملها وإخراج مساجينها وغض الطرف عن مناشطها فضلا عن منحها حرية تكوين حزب سياسي وتأشيرة قانونية؟ ماهي فاعلة بنا لو تسلقت عبر ذلك إلى السلطة عاما بعد عام ثم تمكنت؟ أليس تعيد تجفيف منابع التدين بإخراج جديد إسمه : تسييس الإسلام؟ منطق سد الذرائع إذن يحتم علينا وأد الشر قبل إستفحاله وكما قال الناس قديما : الوقاية خير من العلاج.

 

لو كانت جريمة هذه الحركة ضد أي شيء آخر غير الإسلام دين التونسيين جميعا فضلا عن أمة تعد خمس من يزحمون الأرض .. لهان الأمر.

 

عنوان أطروحة الدكتور الهاشمي الحامدي هو : تحليل لتاريخ وخطاب الحركة الإسلامية التونسية ـ النهضة ـ دراسة حالة لتسييس الإسلام. يجدر بكل مهتم جاد الرجوع إلى الأطروحة ذاتها دون الإكتفاء بما أنقله هنا أو ينقله غيري عنها في أي موضع من المواضع أما من يبحث عن التشهير المجاني إنتصارا عاطفيا ساذجا لهذا أو ذاك فحسبه الإهمال أو السخرية في سوق القيم التي يرتادها الجادون والمنصفون سواءا كانوا من الموافقين أو المخالفين.

 

خلاصة الأطروحة هي : ” الإسلام دين لا علاقة له بالسياسة والحركات الإسلامية بما في ذلك النهضة مجموعات سياسية إنتهازية تستخدم الإسلام لخدمة أهدافها وللتستر على أجندة سرية تستهدف الإستيلاء على السلطة بإستخدام العنف “.

 

يؤكد الدكتور الحامدي بأن ” الحركة متورطة في إستخدام العنف .. خطط القيادي الهارب صالح كركر مع قيادي آخر في الداخل هو محمد شمام للقيام بإنقلاب عسكري ولكن رئيس الوزراء بن علي سبقهم إلى ذلك وتخلص من بورقيبة وحاول كركر الإستمرار في خطة الإنقلاب ولكن الخطة إنكشفت من قبل النظام وحصل النظام على إعترافات سيد فرجاني الذي كان واسطة الإرتباط بين الخارج والداخل ..”. ( مجلة العالم العدد 642 بتاريخ : 10.10.1998).

 

لقد تولى الدكتور عزام التميمي ( صاحب شهادة دكتوراه في الفكر الديمقراطي للغنوشي ) الرد على أطروحة الدكتور الحامدي ضمن مقالات مطولة في جريدة الشاهد الدولي اللندنية مباشرة بعد صدور تلك الأطروحة قبل عشر سنوات ولمن أراد الرجوع إلى مخزونها ليتبين له بطريق المقارنة مساحات الصوات والخطإ في كل من المشروعين.

 

هل يسمح الدكتور الحامدي بهذا السؤال : إذا كان ذاك هو شأن حركة النهضة التي ظل قياديا فيها على مدى عشرية كاملة على الأقل دون إعتبار العضوية العادية فهل تنسحب جريمة تسييس الإسلام على التجمع الدستوري الديمقراطي ومن قبله الحزب الإشتراكي الدستوري؟ أرجو ألا يجرمنك شنآن قوم على ألا تعدل يا دكتور فذلك أدنى إلى التقوى.

 

إذا ثبت ما قاله الدكتور الحامدي من كون حركة النهضة ليست سوى تجربة لتسييس الإسلام فإني والذي نفسي بيده ألف مرة ومرة أول من يدعو إلى حلها وإقصائها والتبرئ منها ومن قيادتها ومؤسساتها جملة وتفصيلا وإعلان الحرب عليها دون هوادة. لا يحجزني عن ذلك ورب الكعبة سوى دليل واقع يقنع عقلي أو أغلبية من الناس داخلها أو خارجها تستخلص الحوصلة ذاتها التي إنتهى إليها بحث الدكتور الحامدي.

 

لولا الخشية من الإسهاب لنقلت صفحات مطولة من كتاب الإمام القرضاوي ” فقه الدولة في الإسلام ” ولمن أراد التأكد مما أقول فليرجع إليه. ولا يمنع ذلك من نقل شيء منه :

 

ــ ” .. يجب أن أعلنها صريحة مدوية : أن الإسلام الحق ـ كما شرعه الله ـ لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وإذا جردت الإسلام من السياسة فقد جعلته دينا آخر يمكن أن يكون بوذيا أو نصرانيا أو غير ذلك أما أن يكون هو الإسلام فلا “.

 

ــ ” .. وإن كان تعدد الأحزاب والقوى السياسية مشروعا في ظل الدولة الإسلامية الملتزمة بأحكام الإسلام فمن باب أولى أن يكون تعدد الجماعات والأحزاب مشروعا قبل قيام دولة الإسلام فلا مانع أن يوجد في ساحة العمل الإسلامي أكثر من جماعة تسعى لإقامة المجتمع المسلم والدولة المسلمة وتجاهد في سبيل الله بكل وسيلة مشروعة .. فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”.

 

ــ ” .. أن شخصية المسلم ـ كما كونها الإسلام وصنعتها عقيدته وشريعته وعبادته وتربيته ـ لايمكن إلا أن تكون سياسية إلا إذا ساء فهمها للإسلام أو ساء تطبيقها له .. وكما أن المسلم مطالب بمقاومة الظلم الإجتماعي فهو مطالب أيضا بمحاربة الظلم السياسي .. ويحمل الإسلام كل مسلم مسؤولية سياسية : أن يعيش في دولة يقودها إمام مسلم يحكم بكتاب الله ويبايعه الناس على ذلك وإلا إلتحق بأهل الجاهلية ففي الحديث : ” من مات وليس في عنقه بيعة لإمام مات ميتة جاهلية ( مسلم عن إبن عمر ).”.

 

ــ” .. ثم إن المسلم قد يكون في قلب الصلاة ومع هذا يخوض في بحر السياسة فمن يقرأ في سورة المائدة : ” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ” يكون قد دخل في السياسة وربما إعتبر من المعارضة المتطرفة ..”.

 

الخلاصة الثالثة هي إذن : لم يخبرنا الدكتور الحامدي عن تحوله المفاجئ من قيادي بارز في حركة النهضة شق الأرض طولا وعرضا إلى السودان والخليج مبعوثا من رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي ليتعرف على تجارب الإسلاميين من عرب وعجم بما يفتح آفاقا جديدة للحركة في تونس .. إلى متصدر لألوية نقض الأساس الديني والفكري والسياسي الذي قامت عليه الحركة وهو ما ظهر في كتابه الذي نال به شهادة الدكتوراه ( يجدر الرجوع إليه برغم أن الدكتور لم يأذن بتجديد طبعته حتى ليغدو الباحث عنه اليوم كمن يبحث عن العنقاء ) .. ثم إلى متصدر لألوية الرفق بالحركة ضمن ما عرف بالمصالحة حتى لو كانت مصالحة تمسخ هوية الحركة وتحولها إلى جمعية ثقافية إكراها لأهلها على ترك السياسة.

 

لطالما أكد الدكتورـ في مقالاته الأخيرة ـ على عدم صوابية قيام حركة إسلامية في مجتمع إسلامي بينما أفتى رفيقه شويكات بلسان الفتوى العلمية المعروفة منذ شهور في بعض المواقع الإلكترونية بحرمة ذلك سائقا فيه ما ساقه مالك عليه الرحمة والرضوان في الخمر.

 

لذلك أردت تذكيره بالأصول الأولى التي تربى عليها الدكتور في محاضن الحركة وربى عليها أجيالا من الشباب في الجامعة بإيراد نبذ قصيرة من رجل كان يشيد بجهاده الفكري في الجزائر يوما تماما كما كان يشيد بالجهاد الفكري للشيخ الغنوشي ” إنظر كتابه أشواق الحرية “.

 

لقد عشت مع الدكتور الحامدي في منتصف ثمانينيات القرن الميلادي المنصرم فترة غير قصيرة في مجلس قيادي في الحركة سابقا إسمه مجلس عمال المناطق ولكن لا أبيح لنفسي البوح بأسرار المجالس فيما يتعلق بالعلاقة غير العادية بكل المقاييس التي كانت تصل الدكتور بالشيخ راشد ولو من جانب واحد فيما شهد عليه سمعي وبصري والله على ما أقول ورب الكعبة شهيد.

 

4 ــ هل تعلم لم لا تجد مبادرتك تفاعلا يا دكتور؟

 

بعد ما ذكر آنفا من كون المبادرة ليست سوى إلتفافا على الحركة في محاولة لحلها بطريق سلمي سلس بعد إنفراط عقدها واحدا تلو الآخر صوب السفارات والقنصليات ركعا سجدا بإسم إسناد جمعية ثقافية .. يجدر بي أن أهمس في أذنك بأن سببا آخر يجعل الأنفة عنها متأصلة وهو : جلدك للحركة مشروعا كبيرا وليس قيادة وصفا فحسب بسياط من نار ( راجع أطروحة الدكتوراه ) وفي المقابل لم تكلف نفسك ولو مرة واحد ذكر ما تتمعر له وجوه المؤمنين والأحرار من إنجازات وإبداعات سلطة الرئيس بن علي : خطة تجفيف منابع التدين. هل تنكر يا دكتور هاشمي تلك الخطة؟ هل هي من نسج خيال النهضة؟ أنت تعرف من كشفها من مكتب وزير التربية؟ هو زميل لك في الجامعة؟ لا فائدة من ذكر إسمه بعد أن ناله قسط من العذاب ثم أفرج الله عنه. هل يمكن لك أن تراجع ما قاله الإمام القرضاوي في كتابه ” المجتمع الإسلامي الذي ننشده “؟ لقد قال بأن السلطة التي تفتقت قريحتها عن هذه الخطة ـ ذكرها بالإسم ـ لا تستثنى من إستخدام القوة المادية لتغييرها إلا إذا قدر أهل الإصلاح فيها بأن إزالة ذلك المنكر فيما يغلب على ظنهم ينشئ منكرا مثله أو أشد منه. أنت تعلم بأن الإمام القرضاوي ألف كتابا كاملا في هذه القضية سماه : الإسلام في مواجهة العلمانية : التجربة التركية والتونسية مثالان. أنت تعلم أن الشيخ الكريم محمد المختار السلامي ـ المفتي الأسبق ووزير الشؤون الدينية الأسبق في تونس ـ أقيل من مهامه بسبب صمته في حضرة الإمام القرضاوي ضمن مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة في دورة مخصصة لقضية العلمانية في البلاد العربية. لقد ذكر ذلك الإمام القرضاوي بنفسه في بعض كتبه.

 

للناس عقول يا دكتور يزنون بها أعمال الناس وتصرفاتهم وتلك عطية الرحمان سبحانه بالتساوي بين عباده ( العقل الفطري الغريزي ). أولئك الناس حين يرون منك ميلا شديدا لتزكية نظام الرئيس بن علي برغم فضيحة منع المرأة المسلمة من حقها ـ بل واجبها ـ في الإلتزام بدينها في تغطية شعر رأسها وفضيحة ركل المصحف ا لشريف وفضائح أخرى ربما أرجع إليها لاحقا ..

 

حين يرى الناس منك ميلا شديدا لتزكية نظام الرئيس بن علي بعد أن تجاوز كل حدود الأدب واللياقة مع قطعيات الدين الإسلامي وفي المقابل لسانا سليطا ضد الحركة وهي في حالة محنة وحرب مشنونة ضارية على كل المستويات في مناخ دولي ملائم .. حين يرون منك ذلك لا يكون موقفهم إيجابيا من مبادرتك الصلحية مهما رصدت لها من أسباب النجاح المادي أما ما يختلج في الصدور فإني أعتذر عن كل من وقع في عرضك سرا وجهرا ممن ساهم في هذا الحوار. عقيدتنا تقول لنا في صراحة تامة لا يعد مخالفها سوى عاديا أو باغيا أو صاحب هوى : سبحان من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. أجل. أعتذر عن كل أولئك مستأذنا لهم في ذلك فليغفروا لي هذه ولن أعود.

 

ماذا تجدي المعجزات الأقتصادية ـ على فرض صحتها برغم أن واقع قوارب الموت والأمهات العزباوات ومعدلات البطالة والإنتحار والعنوسة والطلاق يكذبها ـ إذا وضع دين البلاد ولغتها ـ بل حتى عاداتها وتقاليدها ـ أمام تساؤلات وجودية وحضارية كبيرة تحمل الريبة؟ هل نصبح شيوعيين لا يهمنا من الكسب البشري سوى التقدم المادي معتبرين أن ما عداه من البنى التحتية المؤسسة لهوية البلاد وبطاقة هويتها سوى إنعكاسات لتلك البنى الإقتصادية الفوقية إنعكاس رجع الصدى تتدافعه الهضاب وتتلاقفه الجبال.

 

ألا ترى يا دكتور بأن صورة تونس الخارجية في بلاد الخليج والمشرق عامة في المجامع الفقهية والمحافل الإسلامية إهتزت إهتزازا غير مسبوق حتى بالمقارنة مع عهد بورقيبة بسبب التطرف الأعمى في تطبيق خطة تجفيف منابع التدين؟ أنت تعلم أن أكبر مجمع علمي اليوم وزنا معنويا وعددا كميا ( الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ) أصدر فقرة مطولة في بيانه الختامي في دورته الفارطة في أسطنبول خاصة بإنتهاك تونس لحرمة المصحف الشريف. هب أن كل ذلك كان خرافة من الخرافات : ألا نستحضر حديثه عليه الصلاة والسلام في حادثة شبيهة حين قال للرجل الذي يريد نسخ الواقعة بسبب عدم صحتها : ” كيف وقد قيل “. المقيل بين الناس يأخذ مكان العرف الفاسد الذي لا يكفي القول ببطلانه وفساده كلما كان مستحكما فيهم وأنت تعلم أن تحويل جبال راسيات شامخات شاهقات من الشرق إلى الغرب أهون على الإنسان من تحويل وجهة الرأي العام ـ وهو هنا رأي عام علمي راسخ يوجه الأمة بأسرها ـ من فكرة إلى أخرى.

 

لقد خسرنا جميعا كتونسيين من ذلك الصنيع. ولكن من المسؤول؟

 

إذا كنت تريد حقا لمبادرتك يا دكتور شيئا من النجاح فلا أقل من أن تتحلى بالشجاعة الكافية التي تدفعك إلى قول الحق حكما بين الطرفين أما المحاباة لطرف على آخر فلا تجني أول ما تجني سوى عليك أنت ثم على البلاد بأسرها.

 

خلاصات أخيرة :

 

1 ــ أرجو ألا أكون قد أسأت إليك أو إلى أحد من غيرك في هذه المساهمة فإن وجدت شيئا من ذلك فإني لا أستنكف عن الإعتذار بعد أن تبين لي موقع خطئي.

 

2 ــ أنصحك ألا تعود لتسمية عرض رئيس الدولة فيما سمي بعرض الخلاص الفردي مبادرة صلحية حتى تحفظ قدرك بين الناس سيما أولئك الذين خلفتهم وراءك في السجن المضيق أما السجن الموسع الذي ينعم بظلاله رجل مثل عبد الله الزواري حتى بعد إنقضاء الحكم بالإقامة الجبرية عليه من لدن البوليس دون حكم قضائي ظلما وتشفيا وتنكيلا .. فأظن أنك تهون من وطأته. قالت العرب : ليس من رأى كمن سمع. وعلى كل حال ما الذي أغرى عبد الله الزواري بعد أن كان معلما ينعم بالدفء والكسب والأمن بالعمل السياسي في حركة أصولية متطرفة إرهابية تستخدم السياسة للإستيلاء على السلطة حتى يلقى الذي يلقى.

 

3 ــ المصالحة من جانب السلطة تبدأ في المصالحة مع المجتمع بإلغاء خطة تجفيف منابع التدين إسما ورسما وأثرا ومنها بصفة خاصة : القانون الفضيحة ( منشور 108) وقانون المساجد والأهم من كل ذلك هو : تقييد أيدي رجال السلطة في كل مستوى لئلا يلغوا في أعراض الناس وأموالهم ودمائهم.

 

4 ــ المصالحة من جانب السلطة تبدأ مع تجفيف منابع الكوارث الإجتماعية التي تهدد المجتمع حقا وصدقا وعدلا بالإنهيار والإندثار والتفكك بسبب إرتفاع معدلات ظواهر مخيفة أشرت إلى بعضها آنفا في هذه المساهمة وفي غيرها.

 

5 ــ المصالحة تبدأ من جانب السلطة بإطلاق سراح المساجين وضمان حق العودة للمشردين ولا يتم ذلك في كنف العدل إلا بإصدار العفو التشريعي العام الذي يدمل جراحات ثخينة. أنت تعلم أن الدكتور عبداللطيف المكي قال كلمة بعيد خروجه من السجن لو وزنت في سوق القيم الأخلاقية لرجحت به : “عفو قلبي شامل مقابل عفو تشريعي شامل”.

 

6 ــ المصالحة من جانب السلطة تبدأ في المصالحة مع محيطها الذي ينفتح يوما بعد يوم على المعارضة والإسلامية جزء منها لا يتجزأ عنها ( مصر ـ ليبيا ـ الجزائرـ المغرب ـ موريطانيا ـ السودان ـ فضلا عن المشرق والخليج : الكويت وفلسطين ولبنان والأردن واليمن ـ فضلا عن البلدان غير الإسلامية : تركيا وماليزيا وأندونيسيا .. ماذا بقي من البلدان العربية والإسلامية : سوى تونس تقريبا. ناكية النواكي في تونس أنها : تحارب الحريات الشخصية الخاصة جدا للإنسان وتحارب الحريات العامة في الآن ذاته وهو الأمر الذي لم يقع في ليببا مثلا وبلدان الخليج).

 

7 ــ حركة النهضة لئن أخطأت أخطاء سياسية كبيرة ضمن تجربتها فإنها لم تتورط في العنف لا تنظيرا ولا ممارسة ولم تقدم على ما أقدم عليه الإسلاميون في مصر والجزائر من أحداث عنف ساهمت في تمزيق الصف الوطني .. حركة النهضة قومت تجربتها وإستخلصت الدرس وإعترفت بأخطائها وسجلت ذلك في كتب معروفة منشورة من لدن المركز المغاربي في لندن. حركة النهضة صبرت صبرا جميلا على مدى ربع قرن كامل ولكن كان صبرها على مدى العقدين الأخيرين تحت سلطة الرئيس بن علي من أروع ما يقدمه المسلم المؤمن برسالته الواثق من ربه بما يعني أن الحركة بلغت درجة من الرشد والنضج يستحيل أن تنكص عنها. أنت تعرف إيجابيات حركة النهضة كما تعرف أخطاءها ونقاط ضعفها وقد كتبت في هذا الموضوع مرات بما لم أر مثله في غيرنا من الحركات والتجمعات. أنت تعرف أن مشكلة الحركة في إطلاقها للحريات الداخلية دون حساب وليس في تقييدها لتلك الحريات. كلام يستغربه من لم يعش في مؤسساتها ولكنها الحقيقة والله. مشكلة الحركة أنها ملتزمة بكونها حركة وليس حزبا. حركة تقوم على جمع المكونات الفكرية والسياسية ضمن تآلف. ذلك أمر قد يهدد الحركة في المستقبل حتى لو كان ذلك عنصرا إيجابيا جدا في كسبها الماضي.

 

8 ــ حركة النهضة تصالحت مع نفسها ومع محيطها ومع أهل السياسة والفكر في بلادها وخارج بلادها ومع الإرث الزيتوني ومع أهل السلطة ( فتحي عبيد في عهد بورقيبه ثم مزالي ثم الشيخ مورو ثم التصالح مع مجلة الأحوال الشخصية ثم مع بن علي نفسه ثم مع طلبات تغيير الإسم وتحييد المساجد ثم مع إرسال مبعوث لبن علي بمعدل مبعوث عن كل عام واحد طيلة فترة المحنة من عام 1991 حتى اليوم. لم يقتصر ذلك من لدن قيادة الحركة في المهجر بل كان ذلك من لدن المساجين ثم من لدن المسرحين فوجا بعد فوج من قيادات الصف الأول ( هذا أمر لا يحسن كشف تفاصيله هنا ) وقبل ذلك أذنت القيادة في المهجر ـ أنا والله العظيم شهيد على ذلك ـ منذ الأيام الأولى في إثر إنعقاد المؤتمر السادس ( 1995) لقيادة السجن بتحمل مسؤوليتها كاملة في ملف التفاوض مع السلطة : ألقى الله في قبري ويوم عرضي عليه في عرضات القيامة على تلك الشهادة ).

 

9 ــ أكرر القول بأن الحركة أخطأت أخطاء سياسية كبيرة : إنتخابات 1989 ـ حرب الخليج ـ بعض الإنفلاتات التي حمانا الله من شرها عامي 1987 و1991. ولكن تلك الأخطاء لم يتضرر منها سوى أبناء الحركة أنفسهم سيما من سجن منهم أو بقي رهينة داخل البلاد. كيف تساوي بين من أخطأ في حق نفسه فتحمل مسؤوليته بشجاعة وصبر وصابر وإصطبر حتى مات شهيدا أو رفض الدنية في دينه وبات على الطوى يبكي فلا يظفر بحق البكاء تحت رداء ليل بهيم .. وبين من أخطأ بسابق إضمار في هوية البلاد وأعراض الناس وأموالهم ( لا شك أنك تكذب ما يكتبه الصحفي التونسي صاحب ” الجرأة ” في شأن إستيلاء بعض من في القصر الرئاسي على أشد الشركات نجاحا . إذا كنت تكذب ذلك فلقد روى لي والله العظيم من أثق فيه بأن شيقيقه في ضواحي صفاقس تعرض لعملية سطو ضد مؤسسته التجارية الناجحة بعد أن هدد باللجوء إلى مصلحة الأداءات ). لقد روى لي بعض ممن خرج من البلاد ثم رجع إليها ممن عاش فترة الحصار الرهيب ضد الإسلاميين في النصف الأول من عشرية التسعينيات ما يدمي كل قلب ولو كان قد من صخر أملس. من يستمع إلى ما جرى للمستشار صالح بن عبدالله تضييقا عليه في طلب عيشه وغيره ممن لا يحسن بي الأن ذكر أسمائهم ثم لا تدمع عيناه ويحزن قلبه فقد تودع منه. جرب معي وإستمع إلى تلك القصص التي تذكرك بمحاكم التفتيش التي قرأنا عنها أو الممارسات الشيوعية في البلدان الإسلامية القديمة في البلقان والقوقاز.

 

10 ــ ليس أمام المصالحة إذن إلا بعض سبل أهمها : تنازل الحركة عن صفتها السياسية أو مواصلة صبرها بإحتساب حتى يفتح الله سبحانه بينها وبين السلطة بما هو خير أو دبابة تدك القصر ( أمر لا يرجوه تونسي عاقل ) أو ملك الموت يغيب جناح التصلب والتطرف في السلطة إن كان فيها جناح عاقل ( أمر يتضرع به كثير من التونسيين ولكن أمره عند ربك سبحانه ) أو تبدل مفاجئ في موازين القوى داخليا أو خارجيا ( التبدل المفاجئ رغم إمكان حدوثه ( ثورة الخبز 1984 ) ولكنه غير مرقوب. هل ثمة سبيل آخر؟ صحوة مفاجئة في ضمير السلطة؟ أبعد الإحتمالات حدوثا. العقل يقول : تلك هي سنة التدافع بين الناس بما فيهم من حق وباطل وخير وشر وفضيلة ورذيلة وحسن وقبح. سنة التدافع تلك تفعل فعلها دوما لا تتخلف ولكنها تمضي بحسب كسب الإنسان وسعيه في تغيير ما بنفسه ليتغير واقعه. هي محنة دامية دون ريب ضد البلاد ودينها ولغتها وتقاليدها ولكن فيها خير كثير ستبرز آثاره يوم تنجلي تلك المحنة ولكنها آثار لن نلمسها نحن من إشتعلت منا الرؤوس شيبا والذقون ولكن أحفادنا. إذا عجز الإنسان ضمن الحفاظ على ثوابته العظمى التي تبقى عليه مسلما رجلا ( لا علمانيا ولا علجا ) على تغيير المحنة أو التخفيف من آثارها فإن عبادته هي : الصبر ثم الصبر ثم الصبر وليس سوى الصبر.

 

لو لم يكن الصبر في تلك المنزلة لما إحتل مرتبة الإيمان التي لم تتخلف عن سبق العمل الصالح في كل أي القرآن الكريم إلا في موضع واحد قال : ” الذين صبروا وعملوا الصالحات”. الصبر هو الأمر الوحيد الذي يجزى عليه صاحبه ” بدون حساب”.

 

11 ــ قد تتبدل الأيام في المستقبل لو قدر لهذه المحنة أن تطول فيضحى التهافت على مقرات الحزب الحاكم في المهاجر ( السفارات والقنصليات ) عملا بطوليا ينم عن وطنية عارمة وفضل ورباطة جأش وحب لتونس وإستقرار لغريزة حب الوطن بما ليس عند الناس. قد نصل تلك المرحلة ولذلك يجب أن نظل ثابتين على ما نراه حقا حتى لو رآه غيرنا باطلا. متى كان الحق يقاس بكثرة المقبلين عليه ” وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ” و ” وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون “. الحق هو القيمة الوحيدة في هذه الدنيا الذي لا يستمد مشروعيته من معايير الكثرة والقلة بل من دلائل العقل عليه. ” إن إبراهيم كان أمة قانتا”. قد تتبدل الأيام نحو ذلك الإتجاه من باب قراءة أسوإ الإحتمالات ولكن المبشرات أكثر من المنغصات بحمد الله سبحانه.

 

12 ــ أن يقدم واحد منا على حل مشكلته الشخصية حتى مع الإنسلاخ عن الحركة والإنتماء إلى التجمع فهذا أمر راجع إلى نية صاحبه ولم يكن التجمع يوما نظرية فكرية يستقطب الناس على أساس ذلك ولكن هو محصلة مصالح عاجلة يلتقي عليها الناس في الغالب.. أن يقع ذلك فهذا هو الإستثناء الوارد في التاريخ ولكن أن يتحول ذلك إلى نظرية فكرية تسمى مصالحة سياسية : ذلك هو عين الإغواء الشيطاني والإغراء الشهواني الذي يتسلل إلى النفوس من حيث لا ندري بما زين فينا تزيينا من حب الشهوات. لا تجد في الغالب مصلحة مستكملة لكل عناصر الصلاح ولا مفسدة مستكملة لكل عناصر الفساد ولكن العبرة بالأغلب الراجح كما هو الشأن في تحريم الخمر والميسر بعد إختلاط المنفعة والمفسدة فيهما.

 

13 ــ أول معني بقضية المصالحة من قرب ومن رحم المعاناة اليومية هم المساجين. هؤلاء آثروا إعادة إخراج قصة أصحاب الأخدود بلغة العصر في بلد إسمه تونس وبقضية إسمها : حق الدعوة إلى الإلتزام بالإسلام في مجتمع مسلم وفق عقيدة المسلم التي تقول صراحة : ” قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين “. هل تند السياسة عن المحيا؟ كلما كان أولئك يرضون لأنفسهم ركل كل مصالحة مزعومة لا توفي لهم حقهم وحق دعوتهم وحركتهم ومشروعهم الذي إرتضوه لأنفهسم ـ حتى لو خالفناهم في ذلك ـ .. كان الحديث عن المصالحة غير ذي جدوى. أنت تعلم ما هو رد زميلك السابق كريم الهاروني على حديث برهان بسيس. ليكن الهاروني خارج هذا العصر ـ عصر الحريات والوحدة الوطنية أو ربما إجريت عليه عملية جراحية إستؤصلت منه غريزة حب الوطن الذي سجن فيه عقدين كاملين ـ ليكن كذلك. هل نرغمه على غير ذلك؟

 

14 ــ بعد المساجين يأتي دور قيادات الصف الأول الذين أمضوا على بيان الثامن من مارس الفارط مثيرا جدلا واسعا في قضية مجلة الأحوال الشخصية وغيرها من قضايا الهوية. هؤلاء إختاروا المصالحة فيما يبدو مع المعارضة ضمن إئتلاف 18 أكتوبر ولكنهم لم يختاروا المصالحة على الطريقة التي تدعو بها حيال السلطة. هل نكرههم على الرجوع إلى السجن عقوبة لهم على ذلك أم نخرجهم من الحركة لعدم إقدامهم على نزع الصفة السياسية عنها أم كيف نتصرف معهم؟ الجبالي لا تغادره فرق المراقبة المتنوعة ليل نهار صباح مساء يكادون يرافقونه في بيت الخلاء. لعريض ممنوع من مغادرة تونس الكبرى مع مراقبة لصيقة وإستجوابات بلغت أكثر من 34 دعوة إلى مخافر الشرطة بسبب مشاركته في أعمال سياسية مع هذا الحزب أو ذاك. إزاء المساجين وحيال قيادات الصف الأول لا يحسن بنا نحن في هذه المهاجر سوى قوله عليه الصلاة والسلام : ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت “.

 

تلك هي مساهمتي في هذه القضية ضمن رسالة مفتوحة إلى الدكتور الهاشمي الحامدي. لست أدرى إن كنت سألتحق بقافلة من وقعوا من قبلي في شرك الخديعة ( منذر عمار ونور الدين الختروشي ) أم ضمن تصنيف مخالف عن يمين أو شمال.

 

حسبي أني كتبت ما أراه بسذاجتي وبساطتي وتأخر علمي ووقاحة قلمي وتطاولي على من هو أرفع مني قدرا .. صوابا هو عندي كذلك يحتمل الخطأ وعند غيري خطأ يحتمل الصواب.

 

أستغفر الله بادئ ذي بدء فيما كتبت وأعتذر لمن أصبت من عرضه شيئا والقود شريعة العقل.

 

والله تعالى أعلم.

 

الهادي بريك ـ ألمانيا


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إلى الأخ الفاضل الهادي بريك

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

 

قرأت باهتمام رسالتك المفتوحة التي تكرمت بتوجيهها لي، وإنني ممتن لاهتمامك بما كتبت، ولحرصك على بيان رأيك باحترام وأدب، وداع لك دائما بالتوفيق. حفظك الله أخي الكريم وسدد خطاك.

 

تحدثت أخي العزيز عن أطروحتي لدرجة الدكتوراه، وأعلمك أنها تباع عبر الإنترنت، وأطلب منك أن تنقل منها لا من انتقادات خصومي. فإن أتيتني بأي نص منها، وشرحت لي أوجه اعتراضك عليه، ناقشتك فيه بكل أريحية وموضوعية.

 

أظن أنني أنصف نفسي وإياك بهذا الطلب.

 

وأذكرك أنني رددت قبل عامين بالتفصيل على انتقادات وجهها لي كاتب عربي معروف بعداوته لي ومقرب جدا من الشيخ راشد حفظ الله ورعاه. يمكن أن نعود لتلك التفاصيل إن كنت حريصا عليها، بشرط التوثيق من الأطروحة المنشورة لا من نقول خصومها. وإن رأيت تأجيل ذلك فالأمر لك.

 

بعد ذلك تضمنت رسالتك أسئلة كثيرة ينبغي توجيهها للحكومة التونسية وليس لي. فقد قلت مرات عديدة أنني داعية للصلح بين السلطة والإسلاميين، ولست ناطقا باسم السلطة ولا مسؤولا فيها ولا مكلفا من أحد منها بكتابة ما كتبت.  تذكر يا أخي العزيز أنني أعيش خارج تونس منذ 1986، وأن آخر زيارة قمت بها إلى تونس كانت في نوفمبر 1998 لمقابلة الرئيس زين العابدين بن علي.

 

هناك أمور أخرى من حقك أن أجيبك عليها بما في وسعي.

 

وقبل أن أفعل ذلك، ومن أجل أن أفهم ردك بخصوص  المصالحة بشكل واضح، أرجوك أخي الكريم أن تتكرم بالإجابة على الأسئلة التي نشرتها يوم أمس في مقالتي عن تصريحات الشيخ راشد حفظه الله ورعاه إليك أنت قبل يومين.

 

مقالتي تتضمن وقائع مفصلة، وأسئلة قليلة تساعدنا جميعا على تحرير موضوعات الحوار والخلاف.

 

أرجو منك، حفظك الله ورعاك، أن تنظر فيها وتجيب عليها بما لديك من معلومات. وأعدك أن أقرأ ما تكتب ثم أجيبك إن شاء الله بتفصيل حول ما طلبت مني الإجابة عليه.

 

وقد سن الأخ صابر التونسي سنة حسنة في الحوار قبل أيام. نشر مقالتي، ورد عليها، فقرة فقرة، فعرفت أين أختلف معه وأين أتفق. وقد بدا لي أنك قدمت تصورا غير دقيق لما أدعو إليه فسهل عليك نقضه وتفنيده.

 

لذلك أكرر طلبي. تأمل في مقالتي التي علّقت بها على حوارك مع الشيخ راشد. مقالة واحدة لا أكثر. وأجبني لطفا منك وكرما على ما فيها من أسئلة،  بما يساعدني إن شاء الله على فهم رؤيتك بشكل أفضل، وسأرد عليك بعد ذلك في أقرب إن شاء الله.

 

أخي الهادي: يدور الحوار بيننا حول أمور معقدة شابت فيها رؤوس كثير من الرجال. لذلك أتفهم دوافعك، وأقرأ حسن الظن بين ثنايا سطورك. ولا أدري إن كنت ستصدقني أم لا، عندما أؤكد لك أن دوافعي تشبه دوافعك: أريد الخير للتونسيين كافة، إخوتي في الدين والوطن، والديمقراطية، وتطويق الأضرار التي لحقت بالإسلام والمتدينين من جراء المواجهات التي عرفتها بلادنا خلال العقود الثلاثة الماضية بين السلطة وحركة النهضة.

 

عندما أكتب لك، أضع في ذهني أن القيامة قد تقوم غدا، وأعلم أني سأسأل عما أكتب من قبل من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. وأحاول دائما أن أجهز أجوبتي قبل أن تأتي ساعة السؤال.

 

وفقك الله يا شيخ الهادي بريك، وبارك فيك وفي أهلك وسائر من تحب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أخوك: محمد الهاشمي الحامدي

 


مـن يُـكـابـــر ؟!!!

 

لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم

عبدالباقي خليفة (*)

 

لا أدري لماذا يسعى البعض لاستمالة الاسلاميين العاديين ،الذين ينظر إليهم على أنهم بسطاء وعاطفيين ، وربما حمقى يؤثر فيهم معسول الكلام ، حتى وإن كان مخلوطا بالسم الزعاف . أولئك (النية ) الذين لا يفرقون بين الحقائق ، ولم يستفيدوا من علوم الحديث ولا سيما علم الجرح والتعديل ، في معرفة ( الرجال ) والتأكد من صدقهم أو كذبهم ، وكيفية التأكد من المعلومة وفق الآليات البحثية المعاصرة .

 

وحتى لا أخرج على النص فإني أريد تمحيص تلك المقولة التي تتحدث عن شئ لم يثبت فعليا ، ولم يتم التأكيد على وجوده البتة ، وليس له شهود عيان يرفعونه إلى مستوى الحقيقة ، حتى وإن كان ذلك سنة 1999 . و السؤال هو، هل كانت هناك حقا فرصة للمصالحة بين النهضة والسلطة ، أو كما قيل بين الاسلاميين والسلطة عبر وساطة شخصية أو مبادرة شخصية كما قيل ؟ والجواب الذي يجب أن يطمئن إليه كل اسلامي بل كل قارئ هو أن الخبر لا يرقى إلى مستوى الحقيقة سواء باستعمال علم الجرح والتعديل ، أو آليات الخبر الصحفي ، أو البحثي العلمي ، فضلا عن الموقف الفكري والسياسي الذي له أبعاد خرى لا تتوفر أبدا فيما قيل .

 

القصة برمتها من نسج ذلك الشخص الذي إدعى بدون تقديم الأدلة الكافية على إدعائه بأنه اتصل بالرئيس بن علي فوافق فورا على كل ما تريد الحركة تحقيقه ..

 

الأغبياء فقط يصدقون ذلك ..

 

لقد أكد الشيخ راشد الغنوشي على أن حكاما عربا و قادة ومسؤولين وشخصيات معتبرة في البلاد العربية حاولوا في التسعينات وفي بداية الالفية الثالثة ولم يجدوا أي استجابة من قبل الرئيس بن علي ، فكيف استجاب رجل المخابرات العتيد الجنرال بن علي لهذا الشخص ؟!!!

 

لقد اتصل ذلك الشخص بالسيخ راشد الغنوشي ، لكن الذي رد عليه أراد معرفة ما يريد فامتنع ، لماذا امتنع ؟!!! هل هو سر يجب حجبه عن أقرب المقربين من الشيخ راشد ؟ وهل موضوع المصالحة أو خبر وجود استجابة من قبل بن علي يعد سرا لا يمكن الافصاح عنه لشخص يحظى بثقة الشيخ راشد ؟!!!

 

المسألة تم تضخيمها .. البعض يتساءل من هو .. وما هو موقعه ، حتى يستجيب له بن علي ؟ .. لم يذكر هذا الشخص اسم رئيس الحزب الذي حذره من مغبة مفاتحة بن علي في قضية الاسلاميين ، حتى يمكن الرجوع إليه و التأكد من صحة الرواية رغم أن تلك الشهادة يمكن أن تعضد الرواية إلا أنها غير كافية لتصديقها تماما .. و ما كتبه الجورشي كان بناءا على سمع لا ما رآى …

 

قال ” وفي مساء 28 أكتوبر 1999، حصلت من الرئيس بن علي، في حديث مباشر معه، على وعد بتسوية ملف الإسلاميين قبل أدائه قسم الولاية الرئاسية الجديدة في 15 نوفمبر 1999، بصيغة حزب سياسي أو جمعية دينية ” .. انظروا الصيغة حزب سياسي أو جمعية دينية ، هذه الصيغة ، لمن يفهمون في السياسة وفي الامور القانونية المتخصصة ، ينفون نفيا قاطعا التقاء الاثنين في موضع واحد ، لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بسلطة كسلطة بن علي .. إذ أن ذكر اسم حزب سياسي أو جمعية ثقافية ، محاولة ينقصها الذكاء لايهام البعض بأن ما يطالبون به كان على قاب قوسين أو أدنى من التحقيق ولكن رئيس حركة النهضة ( لأنه لم يرد أو لم يكن موجودا ) فوت تلك الفرصة .. ليس ذلك فحسب ، فالقضية من الاهمية القصوى – في حالة تصديقنا المفترض – لا يمكن التعاطي معها بمكالمة هاتفية ولمرة واحدة فقط ، مما يدل على تهافت عملية التضخيم الهادفة لتضليل أبناء الحركة الاسلامية و المتابعين ، لتحميل الشيخ راشد الغنوشي المسؤولية عن جرائم السلطة .. لو كانت هناك مصداقية لذهب ذلك الشخص بنفسه إلى الشيخ أو لكرر الاتصال عدة مرات ، ولكن ذلك لم يحصل رغم أن الأمر حصل في 28 أكتوبر ، و كانت الرسالة التي قال إنه وعد بها بن علي كان من المفترض أن تصل الرئيس التونسي في 15 نوفمبر فانظروا أصلحكم الله !!!

 

” قلت للرئيس بن علي إنني سأسعى لأن تصله رسالة مباشرة من قيادة حركة النهضة قبل 15 نوفمبر. وطلبت منه التكرم باتخاذ بعض الخطوات التي تيسّر دفع هذه المساعي فوعدني خيرا ” وقال ” اتصلت هاتفيا في ذات المساء بالشيخ راشد الغنوشي فقيل لي إنه غير موجود. تحدثت مع اثنين ممن عملا معي في قيادة الإتجاه الإسلامي في الجامعة ، دعوتهما إلى بيتي في ذلك المساء وطلبت منهما عرض الأمر على قيادة حركة النهضة بأسرع وقت. لكن لم يصلني أي جواب ” . السؤال : ما هو الذي تم عرضه على الاخوين من حركة النهضة ؟ هل هو جمعية ثقافية أو حزب سياسي ؟ الفرق واضح ، أم حل النهضة أو ماذا ؟ .

 

هل يعقل أن يتم عرض تشكيل حزب سياسي على النهضة واطلاق سراح المساجين وتسوية أوضاع المهجرين و المعذبين في السجن الكبير وترفض ؟!!! .. هل هذا قابل للتصديق ؟!!! .. هل نقول إن قيادة حركة النهضة عميلة للنظام لا سمح الله ؟!!! .. ومن يسبحون بحمده صباحا مساءا كانوا اسلاميين ووطنيين ، ولذلك يحذرون من قيادة النهضة التي فوتت فرصة العمل القانوني في البلاد ؟!!! ..

 

من يعرف طبيعة قيادة الحركة و طبيعة النظام ، يقول ” سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم ” .

 

الحقيقة تملكها حركة النهضة والاخوين اللذين قيل أنهما على علم بما تم عرضه على الحركة ، ولكن الذي عرفته من الشيخ راشد الغنوشي شخصيا هو إنه لم يتم عرض أي شئ على الحركة منذ محنة 1989 . وما تم من لقاءات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر وسطاء من الوزن الثقيل وليس مجرد ( … ) لم تفض لأي نتيجة ، وكانت حوار طرشان ، أو تبادل لحسن النوايا … و للقراء الخيار…

 

بقي القول أن الذين يحمدون أناس على حسن اخلاقهم ، ويذمون آخرين للأسباب نفسها لم يكونوا اخلاقيين عندما مخاطبتهم للشيخ راشد الغنوشي ، وأساءوا الأدب معه ، ولهم نقول ” لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم “

 

(*) كاتب و صحافي تونسي

(المصدر:  موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 8 جوان 2007)


 

الباحث التونسي خالد الطراولي في حوار مع «الوقت» التعدّدية الإسلاميّة مخرجنا لتأكيد مدنيّة البديل الإسلامي «2-2»

 

الوقت – نادر المتروك: لا يتردّد خالد الطراولي في البوح بمسعاه الناظر إلى حركةٍ إسلاميةٍ معاصرة، ولكنه يحرص على التواضع قليلاً، فهو في إطار حركة ‘’اللقاء الديمقراطي الإصلاحي’’ التي يحتفل بذكرى تأسيسها؛ لا يقدّم حلا دفعيّا لكلّ النقائص التي حملتها التجربة الإسلامية التونسية، التي مثلتها طويلاً حركة ‘’النهضة’’، ولكن المهم في نظر الطراولي هو العمل بمبدأ المراجعة والتجاوز والبناء، وهو يخوض المعترك السياسي بمرجعية إسلامية على أمل تمثيل بديل إسلامي مغاير للمطروح. في الجزء الثاني من هذا الحوار، يفصّل الطراولي أهم معالم البديل الذي تمثله حركة ‘’اللقاء’’، موضحاً مرجعيتها الإسلامية وعلامات التميّز ودرجاته فيها. ولأجل مطابقة الطرح النظري كان نقاش موضوع الطائفية اختبارا عينياً لجسّ تطبيقات الفكرة وحدودها على واحد من الموضوعات الشائكة اليوم.

* في الجزء الأول من الحوار، تطرّقت إلى الجمع بين المبدئية والبراجماتية وإلى البناء المعرفي كركائز مطلوبة في الحركة الإسلامية المعاصرة.. هل هناك أمر آخر في هذا المجال؟ – نعم.. هناك ركيزة ثالثة أساسية لبناء هذه الحركة الإسلامية المعاصرة، وهي بكلّ بساطة أن تكون حركة/ مؤسسة وليست حركة/ حلقة مسجدية! أن يكون لها قانونها الدّاخلي وآليات عملها والاحترام الكلي للمؤسسة. فمَأسَسَة الحركة الإسلامية هو بابُ عصرنتها ومعاصرتها والطريق الصّحيح لنجاحها خارجاً، فلا يمكن أن تدعو الحركة الإسلامية لاحترام دولة المؤسّسات، والمؤسسة غائبة في كيانها. هذه المأسَسَة هي رسالة للداخل التنظيمي بما لها من تأثير مباشر على نشر ثقافة المراجعة والتقييم التي ترتبط بالمؤسسة ولا تستظل بعلاقة الشيخ ومريديه. وهي كذلك رسالة واضحة المعالم للبيئة المحيطة، سلطةً ومعارضةً، في تأكيد مدنيّة الحركة الإسلامية كحركةٍ سياسية ذات مرجعية إسلامية. هذه الركائز الثلاث وغيرها شكّلت تحديات لـ’’حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي’’، وقد جعلتنا نســـعى بكلّ جهدٍ -رغم صعوبة الحراك ونحن في مسار التأسيس- إلى الإجابة عنها وتجاوز مناطق الظلّ والسّلبيات التي تنجرّ عن عدم تبنيها.

* ما هي الصّورة التي كان عليها المشروع الإسلامي وأنتم مقبلون على طرح البديل؟ – لقد وجدنا المشروع الإسلامي يعيش نسبياً مأزقا في أطروحاته ومأساة في أبنائه، ضمور في التنظير والبناء وضبابية في المواقف والتنزيل وأخطاء في التدبير، حيث تجلى النقص بواحا في فقه الواقع وفقه المرحلة، وفي دخول المشروع بأسره بوعي أو بغير وعي، اضطرارا أكثر منه اختيارا في فخ مواجهة عقيمة غير متكافئة مع السلطة حاملة معها منهجيات المرونة والتريث وعدم حرق المراحل والقراءة الاستراتيجية الواعية. وانسدت الآفاق وحلت المأساة ووجدنا أنفسنا كمستقلين وأصحاب فكر إسلامي أمام خيارين، إما الصمت ومواصلة مشوارنا الكتابي والنقدي للمشروع الحركي الإسلامي إجمالاً ونحن بغير إطار يبلور نقدنا إلى بناء متكامل، أو إنشاء هذا الإطار الحامل لإرادة التجاوز وطرح خطاب جديد ورؤيا جديدة في التعامل مع أطراف المجتمع المدني بما فيهم السّلطة الحاكمة، فكان ‘’اللقاء الإصلاحي الديمقراطي’’ كتعبير حضاري وقارب نجاة لمحاولة التجاوز والبناء.

«اللقاء» حركة مدنيّة بمرجعية إسلامية ديمقراطية * ما هي الرؤى الفكرية التي تقوم عليها الممارسة السياسية للقاء الديمقراطي الإصلاحي؟

– ‘’اللقاء’’ كما يبرزه بيانه التأسيسي؛ هو حركة سياسية واجتماعية تسعى لتبني وخدمة وترويج لخطابٍ سلمي ورؤية إصلاحية إجرائية وحضارية ذات مرجعية إسلامية وديمقراطية. وهي تعمل من خلال دستور البلاد وقوانينها والعقد الاجتماعي والسّياسي المنظّم للمشهد العام. وهي تعبّر عن تمثيل لتيار عريض في الوسط التونسي، ينشد الوسطية والتجديد والهوية والأخلاق والحرية والديمقراطية والمصالحة الوطنية. واللقاء الإصلاحي الديمقراطي ليس حركة دينية ولا دعوية ولكن حركة مدنية ذات مرجعية إسلامية وديمقراطية، ولذلك فإنّ أساس العضوية فيها المواطنة ولا غير المواطنة، ولا يتخصّص بأعباء التنظير والتنزيل والقيادة رجالُ دين أو أئمة أو فقهاء، بل إنّ الانتماء مدني والبرنامج السّياسي مدني، وفق اجتهاد مدني، حمله صاحب قبعة أو طربوش. ومنْ اختلف مع خطاب ‘’اللقـاء’’ ومع برنامجه، فقد اختلف مع فهمه ومع تصوراته ورؤاه، ولا يختلف مع الإسلام. فاللقاء الإصلاحي الديمقراطي حركة مدنية لا تحمل أي قدسية في أفكارها ولا عصمة لرجالها، إنما هي اجتهادات وقراءات بشرية لهدا المقدس الذي جعلته مرجعيتها بما تحمله هذه القراءات من تأويلات وتفسيرات.

* هل يمكن توضيح المرجعية الفكرية ‘’الإسلامية’’ التي يتأسس عليها ‘’اللقاء الإصلاحي الديمقراطي’’؟ – مرجعية ‘’اللقاء’’ الإسلامية واضحة لا لبس فيها وهي برنامج عمل واضح المعالم، نستمد من الإسلام مبادئنا وثوابتنا وقيمنا، ونعتبر الديمقراطية آلية صالحة لإدارة التدافع بين الناس وإقامة دولة القانون والعدل ومجتمع الرفاه الروحي والمادي، ونحن إذ نؤكد على البعدين الإنساني والديمقراطي في هذه المرجعية الإسلامية، وحتى نبرز هذين البعدين في مشروعنا؛ فإننا جعلناهما مرجعيات ثابتة وقائمة بذاتها، ولذلك نركز في خطابنا على أن ‘’اللقاء’’ يحمل ثلاث مرجعيات، مرجعية إسلامية في مستوى المبادئ والثوابت، ومرجعية إنسانية في مستوى المعيار، ومرجعية ديمقراطية في مستوى التعامل والممارسة، وإنْ كنا نعتقد كما قلتُ لك سالفا أنّ قراءتنا لمقدّسنا تكفي لحمل كلّ هذه المرجعيات، ولكن هو الإيضاح والتوضيح لرفع كلّ لبس. «اللقاء» وحركة «النهضة»

* وكيف تصف العلاقة الأيديولوجية التي تجمع اللقاء مع حركة النهضة؟ – التقاء المرجعيات أو تقاربها مع الحركات الإصلاحية ذي التوجه الإسلامي عموماً، ومع حركة ‘’النهضة’’ خصوصاً؛ لا يلغي اختلاف الاجتهادات تنظيراً وممارسة، فالفعل السياسي يبقى فعلاً اجتهادياً مدنياً وبالتالي قابلاً للتنوع والتعدّد، ومن هذه الزاوية ولجنا بابَ التعدّد السياسي للتمثيلية الإسلامية والتي نعتبرها أداة إثراءٍ للمشروع وحماية له أمام تحدّيات الواقع واستفزازاته واستدراجاته، ولذلك نزعم أنّ المواجهة التي وقعت في الثمانينات بين حركة ‘’النهضة’’ والسلطة وتجاوُزها للحقل السياسي وولوجها لمنازل الشعائر والطقوس حيث وقع ما سُمّي لاحقاً بخطة تجفيف المنابع الدينية، فإننا نزعم أنه لو وُجد خطابٌ آخر في ذلك الوقت إلى جانب الخطاب المهيمن والمنفرد بالسّاحة الإسلامية؛ لكان مؤهلاً حسب تقديرنا أن يلطّف عديد المواقف والتجاوزات ويحافظ على الدين في بابه الشعائري على الأقل. والتعددية الإسلامية تعتبر إلى حدّ ما مخرجاً طبيعياً وأساسياً للتأكيد على مدنية المشروع الإسلامي السّياسي وتحرير القراءة السياسية الإسلامية من الرأي الواحد والفكر الواحد والزعيم الواحد. وإنشاء إطار تعددي إسلامي يساهم ولاشك في إثراء المشهد السياسي عموما وتأكيد ديمقراطيته.

مستويات التميّز في «اللقاء»

* هذا يتطلب منكم توضيح علامات التميّز التي يطمح إليها اللقاء. فما هي؟ – نحن في ‘’اللقاء’’ نسعى للتميّز في مستوياتٍ خمسة، وهو تميّز درجات، حيث لا يعني أن الآخر لا يملك جانباً من هذا التميز، ولكن تأكيدنا عليها والعمل على تفعيلها تنظيراً وسلوكا وممارسة يجعلها بارزة في مشروعنا، ولعلها تمثل خصوصيات نسعى للتميّز بها على غيرنا. أولاً في مستوى المرجعية، حيث المعيار الإنساني والديمقراطي يأخذ نصيبه الأوفى في التنظير والتنزيل. والثاني في مستوى التمكّن المعرفي والفكري، حيث ننزّه الفعل السّياسي عن الهرج والشطط والشعارات الفضفاضة ونعتبره رؤيا وتصوّر مبنيان على علم ومعرفة ودراية، ولذلك فإن البناء المعرفي والفكري والشرعي يمثل روافد الحركة في مسارها ومصيرها، ويدعوها إلى إحداث المنتديات ومركز بحث يغذي الحركة السياسية بأفكاره واجتهاداته. والثالث في مستوى العمل السياسي، حيث نميّز بين الحزب والصحوة والجماعة، فلكلّ رجاله ولكلّ خطابه ولكلّ أهدافه، ولا يجب خلط الأوراق في هذا الباب لأنه لعب بالنار وتجاوز لخطوط حمراء يمكن أن تأتي على الأخضر واليابس. والخطاب الشمولي الذي نراه مستفحلاً في بعض القراءات الإسلامية التونسية في الخلط بين هذه الظواهر وتوظيف بعضها للبعض؛ خطير ومنبع للريبة والتوجس والعداء لدى الأطراف المنافسة ويدفع إلى مزيدٍ من المواجهة التي لن تقف في المستوى السياسي ولكن تتجاوزها إلى مناطق التدين والعبادة. والرّابع في مستوى الفعل السياسي، حيث ألزمنا المشروع منذ انطلاقته خط المصالحة وجعلناها صيغة مبدئية في التعامل مع السلطة مع تحديد ماهية هذه المصالحة ومنهجية عملها وأهدافها وأطرافها وقد أصدرنا في هذا الباب وثيقة سياسية قبل إنشاء ‘’اللقاء’’ وتبنتها الحركة فيما بعد وتدعو إلى مصالحة حقوقية وسياسية تستند إلى منهجية التدرج وعدم الاكتساح. فالمصالحة ثقافة تبنى وعقلية تشيَّد وتصان، ومنهجية تعامل بين الأطراف في ظل الشرعية وعلى أساس من الثقة المتبادلة والاحترام، وليست رمياً للمنديل ومغادرة السّاحة على عجل ووَجل. والخامس في مستوى الظاهرة السياسية، حيث نسعى إلى تخليق المشهد السياسي، نظراً وفعلاً، سلوكاً ومواقف، باعتبار أن التنمية أو النهضة أو الحضارة لا يمكن أن تنطلق سليمة وتتواصل سليمة وناجعة ومستديمة إذا لم تستند إلى الأخلاق وإلى منظومة قيمية تواكب محطاتها ومنهجيتها وأهدافها، ولذلك يحمل ‘’اللقاء’’ شعارا ذا ثلاثة زوايا: أخلاق، حرية وعدالة.

قراءة في الخطابات الطائفية * من أجل مقاربة الطرح الذي تتحدثون عنه فأودّ اختباره بالاستماع إلى وجهة نظركم في موضوع محدّد والخطابات الطائفية المتجددة. فكيف تحللونها؟ – الخطاب الطائفي دليلٌ على استفحال المرض وليس سبباً له، الأمة تعيش أزمة خطابٍ وأزمة فكرٍ وأزمة منهج، وأزمة قيادة وأزمة نخبة وأزمة جماهير، وللحقيقة لم أرَ حالَ جماعةٍ تتلوى من تعدّد أبعاد أزمتها مثل الأمة الإسلامية حالياً! ولكن – وهذه المفارقة العجيبة وكأنها تثبت قول الشاعر اشتدي أزمة تنفرجي – هناك في الوقت نفسه إرهاصات تغيير قادم وتباشير وعي ينتشر، هناك أملٌ كبير في التجاوز والبناء والنهضة لم يوجد منذ السقوط الحضاري للأمة الإسلامية منذ قرون. لأول مرة هناك تململ يتجذّر ويعبر كلّ طبقات المجتمع. نخبة يتزايد عددها عرفت الطريق وتريد الإصلاح والنهوض، فكرٌ واع وراشدٌ بدأ يخط طريقه ولو ببطء لتشكيل ثقافة البناء وعقلية المبادرة وعدم الاستسلام، هناك وعيٌ جماهيري ضاغط ولو بصمت أحياناً.

* وفي هذا المجال أيضاً؛ ما هي الآليات المنتجة للحوار الإسلامي الإسلامي؟ – لنعد إلى الخطاب الطائفي، وسأفاجئك! لقد كتبتُ منذ مدة مقالين حول المسألة الطائفية عموماً والعلاقة بين الإخوة السّنة والشيعة خصوصاً وضرورة ‘’الخروج من التاريخ’’ لرأب صدع هذه العلاقة المتهاوية وحلّ هذه الأزمة المتعاظمة، واعتبرتُ فيهما أنّ كلّ محاولةٍ للتقريب تكون مبنية أساساً على اللقاءات المشتركة وعلى نداءات التفاهم والتفهم لاختلاف الآخر وتميزه؛ ليست مجدية ولا تؤدي في أقصاها إلا إلى عقَود مجاملات وبشاشة تملأ محيّا كلّ الأطراف وتنتهي بمجرد انتهاء اللقاء ومغادرة الجميع قاعة الحفل، ولا تزيد الأزمة في النهاية إلا استفحالاً وتشدّداً، خاصة بين عامة الناس، وإنْ كانت تظلّ تطبخ في بعض الأحيان على نار هادئة! ولقد رأيتُ أنّ سبب الفشل وإنْ كان مقنّعا، يعود أساساً إلى هذه الغفلة في استدعاء التاريخ مجدداً ولو بدعوى الفهم والتفاهم والمصارحة، والبناء على هذا الزخم الهائل من المقدّس التاريخي الذي يستقرئه كلّ طرف لتدعيم أمسه وحاضره ومستقبله.

* إذن في رأيك أنّ المصارحة لم تنفع في التقريب التعددي المذهبي؟ – نعم، لقد سقطت منهجية المصارحة لأنها سعت إلى فتح قنابل موقوتة وتستدعي اللجوء إلى مقدسات حاسمة ومتناقضة، مثلما سقطت المجاملة لأنها لا تستطيع الوقوف عند بابها وتقنع الطارق أنْ لا يجتاز العتبة، وهو لا يرى دخول الدّار إلا مطية لما بعده وهو البيت العقائدي الذي يراه المنزل والمستقر. لم تكن المصارحة حلاً ولم تكن المجاملة حلاً، فكلاهما يصطدم بمقدّس صلب وتاريخ أصلب ويصبح اللجوء إليه حتميا، حينيا ومباشرا أو بعد حين ومتأخراً وعلى مراحل، يعود إليه كلّ طرف ويستند إلى رواياته ورجاله، فتقع المواجهة مصارحة أو مجاملة.

* إذا فشلت هذه المنهجية في التقريب.. فما هي المنهجية البديلة إذن؟ – إن أربعة عشر قرنا لم تفلح في لمّ الشمل ولن تعيده القرون المقبلة إذا تواصل الاستناد لهذه المنهجية التي ظلت ترقب التاريخ من طرف خفي، هذا التاريخ الذي يحمل جراحا وتوترات ويستند إلى مقدسات يعتبرها كل طرف أنها الحق ولا سبيل إلى رفضها أو حتى تأويلها. تبقى المنهجية السليمة القادرة على رأب هذا الصدع التاريخي في عدم اعتماده، وإذا كانت القاعدة تقول ان من ليس له تاريخ لن يكون له حاضر ولا مستقبل، فإنها تنتفي في حالنا ونحن ننسج علاقة الوفاق والتفاهم بين طرفي الأمة، وإذا أردنا أن يكون لنا حاضر يجمعنا ومستقبل يوحدنا، فإنه يجب ترك هذا التاريخ في هذه النقطة بالذات بعجالة ودون تردد. لن نستطيع تغيير هذا التاريخ ولا مقدسات كل طرف، ولن نستطيع سوى قراءته من خلال ثقافة وعقلية ومقدس كلّ مجموعة، ولن نكون داخل التاريخ مجدّداً إلا إذا كنا خارجه في هذه النقطة المنعزلة والأساسية في مشوار مجتمع وأمة وحضارة، وهي مفارقة غريبة ولا شك ولكنها تمثل حلاً هيكلياً ودائماً يبني للحاضر ويؤسّس للمستقبل على وعي ورشدٍ واحترام متبادل.

* هل من كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار؟ – يقول الإمام المازري وهو أحد أعلام المالكية القدامى في تونس ‘’منْ كثر علمه قلّ إنكاره’’، وهي تعني أن ازدياد العلم مطية للفهم والتفهم واستيعاب المحيط وعدم استنكار تنوّعه واختلافه، وأن قلة العلم وضمور المعرفة سبيل إلى التقوقع والانحسار والانفراد. وهذا الحكم العام يصلح لمسار الحركة الإسلامية كما يصلح لأي ظاهرة أو حالة أو علاقة أو مشهد يسعى في مساره ومصيره إلى إحداث عقلية بناء وتصميم وثقافة وتحضّر وتمكين.

 

(المصدر: صحيفة “الوقت” (يومية – البحرين) الصادرة يوم 8 جوان 2007)

 


 

لعب بالألفاظ

كمال العيفي

 

كثيرا ما قرأت لما تكتبه “الكاتبة” سلوى الشرفي في هذا الموقع العزيز، و في كل مرة أزداد قناعة بأن “الكاتبة” بارعة براعة هائلة في اللعب بالألفاظ. فيتوهم الواحد عندما يقرأ أنه أمام قاموس عربي شرعي بامتياز، فيكتشف وراء هذا القاموس جهلا مريعا في استعماله و ضحالة لا مثيل لها في الإحاطة بمدعمات الفكرة من تاريخنا الإسلامي الحنيف. هذا من ناحية

 

ومن ناحية أخرى يطلع ذو الثقافة الاسلامية المتوسطة أو حتى الدنيا و هو يقرأ لهذه “الكاتبة” على ضعف حاد في فهم المصطلح القرآني، والنبوي، وفهم شخص النبي عليه الصلاة و السلام ومن كان حوله من صحابته الكرام.

 

و بجمل قصيرة مفيدة أقول:  يعرف الواحد منّا و بدون عناء أن هذه الشخصية تنتسب الى فصيلة فاقد الشيء لا يعطيه. والذي لا يعرف و لا يعرف أنه لا يعرف بل و يجزم أنه يعرف. و الذي لا يفهم  ما عرف و لا يدري ما عليه حتى ان يعرف

 

إضافة لكل ذلك نذكّر الجميع بأن من قدرنا على مر العصور أن نكابد و نصطبر على من جعل همه في الدنيا و هي دنيا إرجاع السفينة للوراء انتصارا لابن نوح عليه السلام أو إدراك النبي في الغار انتصارا لابن سلول حتى لا يفقد تتويجه ملكا على الناس، أوكيدا لابن الوليد إنقاذا لكذّاب (مسيلمة) أو النفخ في التراب لإعماء الناس عن الحقيقة و ما هو بضار الا نفسه

 

كثيرون هم (الفودويون)  الذين تسربلوا بسربال فرج فودة و(الزيديون) الذين تكحلوا بكحل أبي زيد وأرادوا أن يملأوا الدنيا تلبيسا و تدليسا، فلا و ربك لا يصمتون حتى يجدونك حاكما عليهم. وليعلم الجميع أن هؤلاء لن يجدوا حرجا في أن يصفقوا تصفيقا، كما يفعلون دائما

 

( أليس الصبج بقريب )


ظاهرة لافتة للنظر صلب الأحزاب:

حصار على الرأي المخالف ونبذ الاختلاف

 

تونس: الصباح

 

شهدت الفترة القليلة الماضية، تطورات لافتة للنظر صلب بعض الأحزاب، ربما كانت قديمة من حيث نوعيتها وأسلوبها، لكنها جاءت في ظرفية سياسية لم يكن المرء يتوقع حصولها، سيما بعد أن شدد الخطاب الرسمي على “ضرورة أن تكون الأحزاب قوية لكي يكون الحزب الحاكم قويا”، وهي معادلة كان يفترض أن تدفع الأحزاب إلى تلمس الطريق المؤدية إلى هذه القوة، قوتها الفكرية والسياسية والحركية (الميدانية)، بالإضافة إلى حسن تنظمها وبحثها عما يجمع ويقوي داخلها، بدل ما يفرق ويضعف..

 

غير أن ما حصل في الآونة الأخيرة في بعض الأحزاب، يؤكد بأن “دار لقمان على حالها”، بل يكاد المرء يكرر أحد أمثلتنا الشعبية القائلة: “اللي فيه طبّة عمرها ما تتخبّى”، في إشارة إلى تكرار مثل هذه الممارسات صلب أحزابنا..

 

فقد قرر حزب الوحدة الشعبية مؤخرا في أعقاب اجتماع مكتبه السياسي، إحالة السيد عبد الحميد مصباح على لجنة النظام، “بتهمة” التصريح للصحافة عن مسائل غير قابلة للنشر، ومن شأنها إحداث الانشقاق صلب الحزب..

 

وكان السيد عبد الحميد مصباح، قد أبعد من المكتب السياسي للحزب، على خلفية مواقفه النقدية من أسلوب تسيير الحزب، وطبيعة المواقف المتخذة، وذلك بناء على رسالة كان وجهها للأمانة العامة للحزب خلال الفترة الفاصلة بين انعقاد مؤتمر الحزب واجتماع مجلسه المركزي، انتقد فيها “بعض سلوكيات خرق القانون الداخلي للحزب”، الأمر الذي اعتبر “خروجا عن الصف الحزبي”، وتم ـ تبعا لذلك ـ “إقصاءه بصفة ديمقراطية” كما يحلو للبعض وصفه، أي بواسطة التحالفات الانتخابية التي يعرف المتابعون لشأن الأحزاب السياسية، مطبخها والكيفية التي تتم بواسطتها..

 

تهمة الإصلاح والشفافية..

 

وكان حزب الوحدة الشعبية، قرر في وقت سابق، وبالتحديد خلال اجتماع المجلس المركزي في نوفمبر من العام المنقضي، طرد السيد مصطفى بوعواجة، عضو المكتب السياسي للحزب، وعضو مجلس النواب من “حضيرة” الحزب، بسبب نقده لقيادة الوحدة الشعبية، ولأسلوب إدارة الحزب، خاصة فيما يسميه بـ”الإخلالات التنظيمية والمالية”، والعلاقة بين الهياكل المركزية والجهوية للحزب، بالإضافة إلى تشكيله مجموعة صلب الحزب، نعم صلب الحزب، تحت عنوان “الإصلاح والشفافية”، كانت تعتزم التحول إلى خط إصلاحي من داخل الوحدة الشعبية بالذات وليس من خارجها، ولكن قيادة الحزب تعاملت مع هذا الموقف بنوع من “التشنج”، فاعتبرته “قد وضع نفسه خارج الحزب”، بموجب هذه “المبادرة”، وتم التعامل معه بالفعل، على أساس كونه خارج الحزب..

 

سابقة غير متوقعة..

 

من ناحية أخرى، وفي سابقة هي الأولى من نوعها صلب الحزب الديمقراطي التقدمي، أثارت انتباه عديد المراقبين، وجه الحزب “انتقادات” ـ إذا صحت تسميتها كذلك، بل حبذا لو كانت ارتقت إلى المستوى النقدي والجدلي ـ إلى مقال أصدرته “الصباح” حول الموقف من تحالف 18 أكتوبر.. 

لا يهمنا هنا مؤاخذات الزملاء في صحيفة “الموقف”، على بنية المقال أو حيثياته أو صحة بعض الأخبار الواردة فيه من عدمها، بقدر ما يهمنا الجانب السياسي والجدلي من الانتقادات، ومحاولة إدراج ما كتب ضمن سياق “المؤامرة على الموقف وعلى الديمقراطيين في البلاد”، وهذا ما يحيلنا إلى ثقافة خطيرة تتعامل مع النقد بعقلية “التجريم” ولغة “المؤامرات”، وهو ما لا يقدم بالحياة السياسية ولا بالصحافة وحرية التعبير في شيء..

 

لغة قديمة ـ جديدة..

 

ولا شك أن هذه الممارسات صلب الأحزاب، تطرح أكثر من تساؤل: فهل ضاقت صدور الأحزاب السياسية إلى هذا الحد الذي لم تعد قادرة على الإنصات إلى الرأي المخالف داخلها، بحيث تستخدم “ماكينة الطرد” و “التجميد” أكثر من آليات النقاش والحوار التي أسست من أجلها؟ ومتى تكف أحزابنا عن اعتبار أي خلاف في الرأي داخلها، من قبيل “الخروج عن الملة الحزبية”، و “تمزيق الصف الحزبي”، و “انتهاك حرمات الحزب” و”محاولة بث الانشقاق داخل التنظيم”، وما إلى هنالك من العبارات التي تحيل على عهود محاكم التفتيش؟

 

إن الأحزاب مؤسسات سياسية في البلاد، تؤطر المناقشات الوطنية، بل إنها مسؤولة عن حماية الرأي المخالف من الاندثار، وهي الحاضنة للجدل والحوار، وليست مؤسسات لرياض الأطفال، تنتج نسخا متشابهة في الشكل والمضمون الفكري والسياسي، وكل من يخالف قيادتها، ينعت بأوصاف “المارق” و”الخارج عن الصف”.. 

 

إنها لغة الضعيف وغير القادر على المجادلة والحوار، وغير المستعد للمعارك الفكرية، التي لا يمكن إلا أن تنتج وتضيف للأحزاب والبلاد، لأنها الحصن الواقي للجسم الاجتماعي والسياسي، وليست فيروسا يخشى منه إطلاقا..      

 

إن الأحزاب القوية والفاعلة في أي بلد، مهما كان اسمه أو تقاليده الحزبية والسياسية، هي تلك التي تكابد من أجل أن تبقى شجرة الرأي المخالف، مثمرة ويانعة ومنتجة، أما غياب الاختلاف في الرأي، فإنه يحيل على وضع غير صحي، وضع صحراوي، لا لون فيه ولا طعم ولا رائحة، على حد تعبير الشاعر الفلسطيني، محمود درويش..    

 

فهل ترتقي بعض أحزابنا إلى هذا المستوى من التفكير والممارسة قبل أن تجد نفسها “خارج السياق الاجتماعي والسياسي”، مثلما وضعت بعض كوادرها ومسؤوليها “خارج الحزب”، أو اعتبرتهم كذلك؟؟

 

صالح عطية

 

(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 8 جوان 2007)


مـن 2002 إلـى 2007:

«في هاك السردوك نريشو!»

 

تونس ـ الصباح

 

اصدرت مؤخرا المحكمة الابتدائية بتونس حكمها في ملف قضية مسرحية «في هاك السردوك نريشو» وقضت فيه بان يدفع الامين النهدي للمنصف ذويب بوصفه المؤلف الوحيد للمسرحية مبلغ 348 الف دينار كتعويض مادي كما أمرت المحكمة المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين بشطب اسم الامين النهدي من نص المسرحية لانتفاء علاقته به كمؤلف..

 

من «فلوس االشعب» الى «فلوس الأمين النهدي»؟

 

علما بان قضية مسرحية «في هاك السردوك نريشو» يعود تاريخها الى سنة 2002 وقد ادّعى فيها المنصف ذويب على الكوميدي الامين النهدي بانه سطا على نص اصلي لهذه المسرحية هو من تأليف المنصف ذويب يحمل عنوان «فلوس الشعب» وهو مسجل باسمه في المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين ونسبه لنفسه وقدمه في عمل مسرحي بعنوان «في هاك السردوك نريشو»..ومنذ ذلك التاريخ والقضية جارية لدى القضاء والخلاف قائم بين الطرفين، وهو الخلاف الذي لم يحل دون تواصل عروض المسرحية في تونس وخارج تونس..

 

وبصدور هذا الحكم الابتدائي في قضية ملف مسرحية «في هاك السردوك نريشو» يكون المنصف ذويب قد ربح بالتأكيد الجولة الاولى في هذه «المعركة» القضائية ـ الفنية التي قد تشهد «جولات» اخرى ربما يلجأ فيها الامين النهدي الى التقاضي لدى محكمة الاستئناف للطعن في الحكم الابتدائي..

 

ومهما يكن من امر، وسواء مرت القضية الى الاستئناف أم لم تمر فان صدور الحكم الابتدائي وبهذا المضمون المنتصر قضائيا وبالكامل للمؤلف والمخرج السينمائي المنصف ذويب ربما يكون قد اغلق الباب امام أية محاولات ممكنة للتوسط بين طرفي النزاع (الامين النهدي والمنصف ذويب) من أجل الصلح او التفاوض وتسوية النزاع بالتراضي بعيدا عن اروقة المحاكم.

 

المسألة ليست «فلوس» فقط!

 

على أن الناظر في فحوى مضمون الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية في ملف قضية «في هاك السردوك نريشو» يلاحظ انه (الحكم) ـ ولئن ضمن لاحد طرفي النزاع حقوقه المادية ـ فانه ـ ايضا ـ قد اعاد له حقه الأدبي حين قضى ايضا بشطب اسم الامين النهدي من المصنّف محل النزاع لانتفاء علاقته به كمؤلف وهو الامر الذي ربما يكون قد اسعد اكثر المنصف ذويب على اعتبار ان الحق الأدبي هو رأس المال المعنوي والأهم والأبقى..

 

موقف المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين

 

باتصالنا بالمؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين لاستجلاء تعليقها على هذا الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بتونس في قضية مسرحية «في هاك السردوك نريشو» باعتباره «سابقة» في تاريخ القضاء التونسي في نزاعات حقوق التأليف وخصوصا فيما يتعلق باقرار الحق الادبي للمؤلف اكتفى مخاطبنا بالقول بان المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين تنظر الى الحكم الصادر على انه حكم قضائي محترم ـ لا اكثر ولا اقل ـ وهي لا يمكنها الخوض في اكثر من ذللك نظرا لان المسألة هي بين الجهات القضائية.

 

حيثيات قانونية

 

على أن مصدرا قانونيا افادنا بان المحكمة الابتدائية ربما تكون قد اعتمدت في اصدار حكمها الابتدائي هذا لصالح المنصف ذويب على مجموعة قرائن تجمعت لديها من بينها ـ على سبيل الذكر لا الحصر ان الطرف الآخر المدّعى عليه الممثل الأمين النهدي معروف  عنه انه ممثل اكثر من كونه كاتبا مسرحيا..

 

اما بخصوص قيمة مبلغ التعويض المالي (348 الف دينار) فان طريقة تقديره وضبطه تتم ـ عادة ـ بواسطة خبير يعتمد ـ فيما يعتمد ـ على احصا ء عدد العروض الجماهيرية التي تم تقديمها من مسرحية «في هاك السردوك نريشو» على مدى السنوات الخمس الماضية وعلى نسبة مداخيلها المالية ـ اجمالا ـ..

 

محسن الزغلامي

 

(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 8 جوان 2007)


 

تعليق هادئ على رد متوتر:

هل يمكن نقد المعارضة وصحفها؟

 

.. فوجئت لدى عودتي من ندوتين عالميتين عن الديموقراطية والإصلاح السياسي وتطوير الاعلام في العالم العربي ـ الأولى في إسبانيا والثانية في الدوحة ـ حضرتهما بصفتي الأكاديمية مع مئات من كبار الجامعيين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان في الوطن العربي بمقال نشر في صحيفة الموقف تضمن تعليقا غريبا على مقال نشرته في صحيفة الصباح (يوم الجمعة 25 ماي الماضي) تناول بعض ملامح الحياة الإعلامية والسياسية والحزبية  في تونس على هامش عدد من الأحداث منها الاحتفال باليوم الوطني والعالمي لحرية الصحافة..

 

المقال نشر تحت عنوان مثير تعودنا عليه في بعض الصحف “الصفراء” “من كان بيته من زجاج”.. وتضمن ردود فعل متوترة ومتشنجة واتهامات مجانية للمقال وصاحبه بأسلوب عصبي مع تقديم معلومات واستنتاجات توحي بأن ” المسؤول الحزبي” في الحزب الديموقراطي التقدمي الذي كتبه  لم يقرأ مقالي أصلا..

 

ولا أعتقد أن المقال تعمد التقليل من الدور السياسي النسبي للحزب الديموقراطي التقدمي ولا من مساهمة صحيفة الموقف.. لكن “عيبه” أنه قدم ملاحظات نقدية محدودة لواقع بعض الصحف المعارضة والمستقلة التي تحسن هامش الحرية السياسية فيها منذ أشهر.. (وهذا مكسب كبير) لكن مستواها المهني يمكن نقده لأنه يوجد فرق كبير بين الصحيفة و”النشريات الحزبية”.. والملاحظات النقدية (التي يمكن تقديم نقد لأسلوب صياغتها وملابساته المهنية والسياسية) لا تقلل من الأهمية النسبية لصحف المعارضة ـ وخاصة صحيفة الموقف ـ في تكريس حق الاختلاف وتقديم جانب من “الرأي الآخر”.. خاصة اذا سلمنا بضرورة التطرق للعوامل الذاتية للازمات وليس فقط للعوامل الخارجية ..

 

ولا أعتقد أن المقال يستحق تعليقا على مضمونه لأنه لم يتضمن ردا على مقالي ـ بل اتهامات متوترة ومجانية لا تخدم مصلحة أحد ـ تصدر أحيانا عن عدد من الساسة و”زعماء المعارضة”.. الذين يطالبون الحكومات بقبول النقد ويرفضونه عندما يشملهم ويطالبون بالتداول على المسؤوليات ويحتكر بعضهم زعامة حركات وأحزاب وهيئات نقابية وحقوقية منذ عشرات السنين..

 

وقد يكون من المفيد أولا الاتفاق على أنه يجوز نقد “زعماء” المعارضة والنقابات ومنظمات المجتمع المدني مثلما يمكن نقد الرسميين.. مع الاجابة عن سؤال قديم جديد هو: هل يمكن نقد المعارضة وصحفها أم لا؟

 

مع فائق التقدير

 

كمال بن يونس

 

(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 8 جوان 2007)

 


هزيمتنا!!

بقلم: برهان بسيس

 

 هزيمة يونيو 67 المرسّمة في الذاكرة العربية تحت عنوان النكسة لم تكن مجرّد انكسار عسكري سمح لإسرائيل في ظرف ستة أيام بقلب خريطة الشرق الأوسط واسقاط حلم التحرير الوطني الذي رعته الناصرية صحبة كمّ شيّق من التطلعات والأحلام، هزيمة 67 لم تكن فقط ضربة قاسية في حق نظام أو أمة أو ثقافة أو انسان إنما كانت في بعد من أبعادها إعلان انهيار لنموذج رؤيتنا وتحققنا الحضاري والوجودي في الحياة كعرب مازالوا يتحسسون طريق النجاة من إقامة طال مداها في قعر الهاوية.

 

من الخطأ استحضار ذكرى الهزيمة كمجرّد استنهاض لوقائع غابرة في التاريخ خاصة وأن التداعيات والأسباب والملابسات والنتائج والمقدمات بل وكامل ديكور الهزيمة لازال قائما بكل قوّة على مسرح التحقق العربي دون أن يكون للعقل السياسي أو الثقافي العربي القدرة النقدية الصارمة في عرض جرد موضوعي في حجم ألم النكسة وصدمتها.

 

يتصرف بعض المساهمين في لعبة التحيّل الفكري والسياسي بنفس أدوات المخاتلة في تهميش العمق الحقيقي للهزيمة ويذهب التهميش بعيدا حين يختلط مع الميل الطبيعي للجمهور أو النخب لمعادلات التبسيط العقائدي، تارة بالتذكير بأن نظام عبد الناصر دفع ثمن علمانيته وايديولوجيته الاشتراكية الرافضة لعباءة الإسلام السلفي وطورا بالتركيز الشديد على غياب الديموقراطية  والحريات في المشروع الذي قاد معركتنا مع إسرائيل.

 

لا أعتقد أن مصر الناصرية كان بإمكانها أن تنتصر حتى لو خلت سجونها لحظة المعركة من مساجين الرأي وضحايا الاستبداد ولا أعتقد أيضا لو أن أعلام مصر كانت ستخفق نصرا وعلوّا لو أنها تزينت كغيرهالاحقا بجمل الالتزام الديني.

 

هزيمتنا أعمق من اختزالها في قوالب تبسيطية تتمايل مع نزوات الخلفية العقائدية لأصحاب سلطة التعليق والتحليل لأنه من المضحك أن تستمع لأصولي يردّ كل أسباب الهزيمة لصدام ناصر مع الأصوليين أو يساري يفسّر ويعلل النكسة بغياب النضج الطبقي والسياسي  لمشروع اشتراكية عبد الناصر!!!

 

صور الأسرى في صحراء سيناء تماما كما صدور الجنود العراقيين في صحراء العراق تلخص سيميائيا عمق الهزيمة ومقدماتها الحقيقية.

 

الجوع، الكبت، الفقر، الأميّة، المرض، المجتمع المزيّف، كلها عناوين رئيسية لأسباب الهزيمة، من يريد التعمّق أكثر ما عليه – وهذا من باب المفارقات – إلا أن يقرأ تقريرالتنمية البشرية حولّ العالم العربي سيدرك حينها أن نكستنا في السابق طبيعية جدا وأن النكسات اللاحقة، الحاضرة والقادمة ليست سوى أقدار منسجمة مع ما أردناه.

 

الحرب امتداد للسياسة لكنها أيضا معارك بين مجتمعات قبل أن تكون معارك بين جيوش!

 

(المصدر: ركن “البعد الآخر” بجريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 8 جوان 2007)


اللعب على الحبل الخطير

بقلم: آمــال موســى

 

رغم كل مظاهر التدهور التي نعيشها في البلدان العربية، مازال الكثيرون يراوغون ويكرسون خطابا واهما وزئبقيا مستفيدين من نظرية تقاطع المصالح ذات المردود الظرفي العاب وأسلوب المراوغة لا يشمل مع الأسف التفاصيل الصغيرة بل أنه يأتي على معضلة الشعوب العربية ويحاول التمطيط في أمدها الزمني ونقصد بذلك قضية الديموقراطية والاصلاح السياسي، التي تلقى الكثير من المراوغة من طرف فئات تعتبر نفسهامن النخبة وانها ذات توجهات طلائعية.

 

وكي ندرك الى اي درجة تبدو هذه الفئات غير مسؤولة بالمعنى الاخلاقي والسياسي والحضاري فانها لاتدخر جهدا في عملية الخلط بين المفاهيم والوقائع بين الحابل والنابل، ذلك أنهم يخلطون بشكل فادح بين فشل الديموقراطية في العراق وأفغانستان وبين عدم الجدوى من الديموقراطية اي انهم يوظفون فشل تجربة الديموقراطية الى حد الآن في البلدين المذكورين لتهميش الدعوات التي ترفعها قوى وطنية عربية من اجل الديموقراطية والحريات والاصلاح

 

من هذا المنطلق فهو خطاب يحول وجهة الأمور ويفتقد الى المنطق وهو ما لا يجب ان يتوفر في خطاب يحمل امضاء نخبة معينة من المفروض انها في غنى عن الأساليب المسيسة والتي لا تخدم أحدا في نهاية المطاف فصحيح أن الديموقراطية فشلت في العراق، ولكن هل يعني هذا بان المشكل في الديموقراطية ذاتها؟

 

إن الديموقراطية مفهوم واضح القيم والدلالات والاستحقاقات وهي طموح كل الشعوب التي تحترم الانسان ونعني اهمية المواطنة وضرورة تامين ما يسميه عالم الاجتماع الايطالي باريتو عملية دوران النخب.

 

لذلك فان الخطاب حول فشل الديموقراطية في اوطاننا من المهم ان يراجع مقولاته وأن يركز في انتقاداته على الطريقة الخاطئة التي فرضت بها الديموقراطية في العراق، حيث ان استعمال الغزو كاشد وسائل القوة والاستعانة بقوى تحركها نزعة الانتقام والتشفي من النظام السابق، هو ما افضى الى حالة الفوضى وانهار الدم التي يغرق فيها العراق كل يوم.

 

بل أن ما حصل في العراق بعيدا عن كل التفسيرات الأخرى الموضوعية والهامة، يعود بالأساس إلى عدم تحصنه بتجربة ديموقراطية قوية في الداخل تجعل البلد في مأمن من أي أجندة خارجية مع العلم أن الاجندات الخارجية نفسها لا تملي سوى على الدول غير المتصالحة مع شعوبها وبالتالي من السهل جدا اختراقها.

 

لذلك فإن المنطق يستوجب علينا ان نميز بين القيم في مضامينها الثابتة والايجابية وبين ممارسة المفاهيم والقيم والتي يمكن ان يشوبها الخطأ والمناورات.

 

فالديموقراطية كمنظومة قيمية تظل المطلب الاول والجوهري للشعوب العربية، حتى ولو قامت كل النخب السياسية بافشالها بالقوة وبالمكر، وباللعب عن الحبل الخطير

 

ولا نظننا نبالغ اذا قلنا ان أصحاب الخطاب الذي يهمش مطلب الاصلاح والديموقراطية هم أكثر عداء لنا من أي طرف آخر، ولعل عدم وصولنا إلى مرحلة الالتفاف حول هذا الاستحقاق وسعي شق واسع إلى التشرذم هو وراء تأخر بلوغ مسألة الديموقراطية مستوى القضية الكبرى وشكل المطلب المجتمعي الأكثر الحاحا.

 

(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 جوان 2007)


 

 

الوثائقيات العربية، المضامين و العراقيل

إيهاب الشاوش من تونس

 

رغم طفرة الأفلام الوثائقية، في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة و التي بدأت تتوج بظهور قنوات متخصصة، و مهرجانات و دورات تدريبية، إلا ان وضع الفيلم الوثائقي، لم يرتق بعد الى مستوى، نظيره، في الغرب. سواء من حيث الشكل أو المضمون. و قد ساهمت عديد العقبات في “تخلف”، الفيلم الوثائقي العربي، منها ما هو متعلق بغياب ثقافة الوثائقي، و منها ما هو مرتبط بالمناخ السياسي او بغياب الدعم الحكومي لهذا الجنس، الحديث على المجتمعات العربية. و ما زال المشاهد العربي يفتقد إلى قنوات متخصصة، و أفلام تخاطب همومه و مشاغله، على غرار ما يقدم في قناة”arte” او “tv5” الدولية او أخرى تهتم بالطبيعة مثل قناة ” ناشيونال جيوغرافيك و بلانيت…

الملتقى الذي نظم على هامش الدورة 13 للمهرجان العربي للإذاعة و التلفزيون في تونس، و تحت عنوان” في سبيل النهوض بصناعة الوثائقيات العربية”، تناول قضية مضامين الفيلم الوثائقي العربي، إلى جانب، العقبات و المشاكل التي تواجهه.

 

واقع الأشرطة الوثائقية العربية:

 

تقول المنتجة التونسية، هاجر بن نصر، في مداخلتها” ان الفترة التي سبقت العولمة اتسمت بغياب يكاد يكون تاما للأشرطة الوثائقية في القنوات العربية ما عدا ما يقع استيراده من دول أوروبا و أميركا من أشرطة تتم دبلجتها. و هذه الأشرطة تتناول في أغلبها، مواضيع اقتصادية او بيئية. تغيب فيها خصوصيات بيئتنا العربية. و لا تعكس واقعنا و لا تطرح مشاكلنا و لا تهتم بمشاغل المواطن العربي”.

اما بشأن، مضامين الوثائقيات العربية، بعد العولمة، تشير المنتجة التونسية إلى ان التطورات التي أحدثتها العولمة، في كل المجالات، كان من المفترض ان تدفع مؤسسات الإنتاج العربية الى تطوير مضامينها، و تنويعها للتأقلم مع هذا الوضع الجديد، مثل البطالة و رصد اهتمامات الشباب و تعامله مع التكنولوجيات العصرية، و خاصة منها ما يتعلق بوسائل الاتصال الحديثة و التحسيس بمشاكل البيئة و التلوث و ندرة المياه، و عدة مواضيع أخرى هامة لها انعكاس مباشر على المواطن و المشاهد العربي أينما كان.

و تورد هاجر بن نصر بعد الإحصائيات تعكس قلة اهتمام التلفزيونات العربية بالفيلم الوثائقي. فاليمن لا تخصص سوى 30 ساعة بث سنويا للوثائقيات، و المغرب 62 ساعة و السعودية 50 ساعة و السودان 212 ساعة.

 

تزايد الإهتمام بالمادة الوثائقية:

 

أسباب الاهتمام، عديدة كما تؤكد على ذلك مخرجة الأفلام الوثاقية، المصرية هالة جلال، أهمها تنامي الوعي بأهمية الصورة الحقيقية، و الدور الذي تلعبه، بداية من إشباع الفضول الإنساني وصولا الى عمل أرشيف و ذاكرة للأفراد و المجتمعات كما الأمم.

و تضيف هالة جلال” و هذا الوعي بأهمية الصورة الحقيقية خلق في العالم كله اهتمام بالوثائقي، في كل أشكاله. فشركات الإنتاج السينمائية تنتج أفلاما تسجيلية، و المهرجانات الكبرى مثل “كان” تمنح الفيلم الوثائقي فرصة للتسابق مع الروائي…

 

العوائق التي تحول دون تطوير مضمون الوثائقيات العربية:

 

يعتبر العاملون في مجال الفيلم الوثائقي ان هذا الجنس، يعاني من أزمة دعم و إنتاج و توزيع، و غياب المناخ السياسي و الثقافي الذي يسمح بازدهار الوثائقيات.

الياس بكار، المخرج التونسي الشاب، يقول لإيلاف” ثلاث نقاط تنقص الوثائقيات. اولا القنوات التلفزيونية، لا تعطي مساحة مهمة للفيلم الوثائقي. ثانيا لا يمكن ان يكون الإنتاج عشوائيا، بل يجب إرساء خطة واضحة، فالوثائقي هو رؤية إخراجية و كتابة و هو ليس ريبورتاجا. كما يدعو المخرج التونسي الى اعادة تاهيل العاملين في المجال الوثائقي، و إعطاء حرية أكثر للمخرج. وهو حسب رأيه ما سيمكن من تواجد جميع الأجناس الوثائقية”.

و تحدث اسعد طه، صحفي الجزيرة، عن نقص الكفاءات و ضعف الميزانيات المرصودة من قبل الهيئات و المؤسسات العربية لشراء و تبني الأعمال الوثائقية، هذا الى جانب ضعف الحريات و الرقابة و الرقابة الذاتية.

 

عوائق موضوعية:

 

و ترصد المنتجة التونسية هاجر بن نصر اهم عوائق و مشاكل الفيلم الوثائقي العربي، اذ ترى ان جل التلفزيونات العربية لم تقتنع تماما حتى الآن بأهمية الأشرطة الوثائقية. لذلك فهي لا تقبل و لا تشجع على إنتاجها إضافة لوجود صعوبات في ترويجها. و تضيف بن نصر” يمكن القول انه ليس هناك ثقافة للفيلم الوثائقي في العالم العربي حتى الآن لأنها مصدر خوف او إزعاج. لذلك فهي لا تحظى بأي اهتمام. و تبعا لذلك لا تخصص لها التمويلات اللازمة و لا تؤخذ بعين الإعتبار عند إعداد الميزانيات و لا يقرأ لها حساب في مخططات الإنتاج”.

و تقول المخرجة المصرية هالة جلال” أما في عالمنا العربي، فهناك غياب للوعي بأهمية المادة الوثائقية لدى القيادات الإعلامية، و غياب للسياسات التي تدعم إنتاجها و توزيعها. ما ادى الى ما يشبه اختفاء هذه المادة التسجيلية من على الشاشات العربية، حتى ظهور قناة الجزيرة”.

 

(المصدر: موقع “إيلاف” (لندن) بتاريخ 7 جوان 2007)


بعد أيام من صدور قانون ينظم ممارسة العبادات لغير المسلمين..

تدنيس قبور في الجزائر بعبارات مهينة للعرب وممجدة لفرنسا وإسرائيل

 

الجزائر ـ يو بي آي: فتحت الشرطة القضائية بولاية باتنة شرق الجزائر تحقيقا في حادثة غريبة تمثلت بتدنيس مقبرة للمسلمين بعبارات تهجمت علي الاسلام ومجّدت اسرائيل ويسوع المسيح.

وذكرت صحيفة الشروق اليومي امس الخميس نقلا عن حارس المقبرة أن القبور كتب عليها تبّا للمسلمين الارهابيين مرفوقة برسم نجمة داوود الاسرائيلية تحت تلك الكلمات.

واضافت أن أحد رجال الشرطة القضائية الذين جاؤوا لمعاينة وتدوين تلك العبارات واحصاء القبور المدنسة، أشار الي شعار آخر كتب فوق قبر آخر قيل فيه تحيا اسرائيل، الاسلام الشيطان الفعلــــــي والأكبــــر ، معلقا الشيطان الأكبر هو الذي يدنس القبور ويصف الموتي بعبارات عنصرية .

وامتدت العملية الي قبور عدة تعدته الي عبارات ايحائية للتنصير، حيث كتب علي قبر عبارة اليسوع هو السعادة .

وأشارت الصحيفة الي أن كل العبارات المدنسة للقبور كتبت بلغة فرنسية راقية وبخط جميل وبلا أخطاء، ما يؤكد حسبها أن الفاعل يملك حظا من الثقافة والعلم.

وقد استهدفت تلك العبارات نحو سبعة قبور.

وكتب علي بعض القبور عبارة العرب حثالة الأرض ، وعبارة تحيا فرنسا الوطن الغالي وتسقط جبهة التحرير الوطني (حزب رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم) الصعاليك والحثالة .

وتأتي الحادثة بعد أربعة أيام من صدور قانون تنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين في الجريدة الرسمية والذي صوت عليه البرلمان في شباط (فبراير) 2006.

ويفرض القانون الجديد قيودا صارمــــة لممارسة الشعائر الدينية لغيــــر المسلمين في الجزائر حيث يخضع لرخصة تسلمها السلطات الرسمية.

وجاء هذا القانون بعد حملات التنصير التي عرفتها بعض الولايات وكانت محل انتقاد من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

ومنح القانون السلطات الآليات اللازمة لتأطير ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، وأقر عقوبات صارمة ضد المخالفين تتراوح ما بين سنة وخمس سنوات سجنا بالاضافة الي غرامات مالية.

كما يمنح القانون القضاء حق طرد الأجانب المخالفين لهذا التشريع من الجزائر بصفة نهائية أو لمدة لا تقل عن عشر سنوات.

ويؤكد القانون علي أن ممارسة الشعائر الدينية لا بد أن يتم في اطار جمعيات ذات طابع ديني معتمدة وفق القانون المعمول به للجمعيات، ووضع اجراءات قانونية تحد من النشاط الفوضوي للأشخاص الأجانب والجمعيات الدينية، في تعاملها مع الجزائريين باستعمال وسائل غير مشـــروعة والدعاية المغرضة واستغلال الظــــروف الاجتماعية أو غيـــــرها لتحويل الجزائريين عن دينهم.

وفي هذا الاطار اتهم رئيس المجلس الاسلامي الأعلي التابع للرئاسة الجزائرية الشيخ بوعمران المحافظين الجدد في أمريكا بالوقوف وراء حملات التنصير في بلاده.

وقال الدكتور بوعمران في تصريح سابق ان حملات التنصير التي يقف ورائها المسيحيون البروتستانتيون في الجزائر فيها شبهات كبيرة وان المحافظين الجدد المسيطرين علي الادارة الأمريكية يقفون وراء ذلك .

 

(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 جوان 2007)

 


 

 

اسلاميون لبنانيون يسعون لاستسلام مقاتلي فتح الاسلام

 

طرابلس (لبنان) (رويترز) – سعى اسلاميون لبنانيون يوم الخميس الى استسلام مقاتلي جماعة فتح الاسلام التي تستلهم نهجها من تنظيم القاعدة وتخوض معارك دموية مع قوات الجيش عند مخيم للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان.

 

وقال زعيم جبهة العمل الاسلامي فتحي يكن إن عنصرين من الجبهة ذهبا الى مخيم نهر البارد لاجراء محادثات مع القائد العسكري لجماعة فتح الاسلام شاهين شاهين.

 

وقال يكن لرويترز في مدينة طرابلس الى الجنوب من مخيم نهر البارد “هم (فتح الاسلام) وصلوا الى طريق مسدود. ليس امامهم سوى الاستسلام. الشيء الوحيد الذي سيقنعهم هو الشرعية والحجج الدينية.”

 

وتضم جبهة العمل الاسلامي سياسيين سنة ورجال دين قريبين من المعارضة اللبنانية المدعومة من سوريا والتي تهيمن عليها فصائل شيعية ومسيحية.

 

ولم تتضح على الفور نتيجة محاولة الوساطة. وكانت مساع سابقة قامت بها قيادات فلسطينية قد فشلت في انهاء القتال الذي بدأ في 20 مايو ايار.

 

وتعد المعارك اسوأ عنف دموي داخلي في لبنان منذ الحرب الاهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

 

وقالت مصدر أمنية إن جنديا لبنانيا قتل يوم الخميس ليصل مجموع القتلى الى 115 شخصا بينهم 47 جنديا و38 مسلحا. كما اصيب ثلاثة جنود.

 

وفي مخيم نهر البارد الذي نزح معظم سكانه البالغ عددهم 40 الف نسمة استعان الجيش مساء الاربعاء بالمدفعية والاسلحة الرشاشة لمهاجمة مواقع جماعة فتح الاسلام.

 

ويقول الجيش والحكومة إن جماعة فتح الاسلام هي التي بدأت الصراع ويصران على ضرورة استسلام رجالها وهو ما ترفضه الجماعة.

 

وهذه الاشتباكات هي أحدث هزة لاستقرار لبنان الذي يعاني بالفعل من أزمة سياسية منذ ستة اشهر.

 

ومنذ بدأ القتال في مخيم نهر البارد انفجرت اربع قنابل في منطقة بيروت مما ادى الى مقتل امرأة واصابة عشرات بجروح.

 

وفي مخيم عين الحلوة اكبر المخيمات الفلسطينية قال بعض السكان انهم يخشون المزيد من العنف عقب الاشتباكات التي وقعت في وقت سابق من هذا الاسبوع بين الجيش ومسلحي جماعة جند الشام.

 

وانتشر نحو 40 عنصرا من جماعة حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وثلاثة فصائل اسلامية اخرى عند المدخل الشمالي لمخيم عين الحلوة في جنوب لبنان حيث قتل جنديان واثنان من المسلحين في اشتباكات اندلعت يوم الاحد الماضي.

 

وقال نبيل الجمال وهو بائع خضار في المخيم “انا غير مطمئن لانتشار القوة لانها لا تستطيع ردع جند الشام. لو كانت تستطيع لكانت ازالتهم منذ البداية.”

 

واضاف “المدارس خاوية لان الناس مازالوا خائفين مما سيحصل.”

 

وتلقى فتح الاسلام معارضة من جانب فصائل فلسطينية منها فتح وحماس. وتتبنى الجماعة نهج تنظيم القاعدة وتجند مقاتلين من دول عربية أخرى.

 

وفر نحو 27 ألفا من بين 40 ألف لاجيء في مخيم نهر البارد من منازلهم ولجأ العديد منهم الى مخيم البداوي المجاور. ووجهت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة (اونروا) نداء لتخصيص 7 ر12 مليون دولار لتلبية احتياجات النازحين.

 

ويمنع اتفاق عربي أبرم في عام 1969 الجيش اللبناني من دخول 12 مخيما فلسطينيا في لبنان.

 

من توماس بيري

 

(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 7 جوان 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


 

 

هيئة الأمر بالمعروف السعودية تراجع إجراءاتها بعد وفاة محتجزين

 

الرياض (رويترز) – قالت هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية يوم الأربعاء إنها ستراجع اجراءاتها بعدما تعرضت لانتقادات من جانب نشطاء في مجال حقوق الانسان ووسائل اعلام محلية بشأن وفاة محتجزين اثنين خلال أقل من شهر.

 

وتتمتع الهيئة بسلطات واسعة في السعودية لفرض حظر على المخدارات والمشروبات الكحولية والدعارة الى جانب منع الاختلاط بين الجنسين.

 

غير أن الهيئة التي يقول رجال دين متشددون انها ضرورية للدولة التي تطبق احكام الشريعة الاسلامية تتعرض بشكل متزايد لانتقادات من صحف ونشطاء يشكون من سلوك مفرط في التعصب من جانب أفرادها.

 

وذكرت صحيفة ديلي اراب نيوز في تقرير لها هذا الاسبوع ان خمسة من أفراد الهيئة في منطقة تبوك بشمال المملكة يخضعون للاستجواب بعدما توفي المواطن أحمد البولوي (50 عاما) اثر اصابته بأزمة قلبية بينما كان رهن الحبس لدى الهيئة.

 

واضافت أن أفراد الهيئة كانوا اعتقلوا البولوي وهو سائق للاشتباه في أنه كان في حالة “خلوة غير شرعية” مع امرأة اتضح أنها قريبة لمشغليه.

 

وكانت الشرطة قد فتحت تحقيقا قبل ذلك بأسبوع في وفاة سلمان الحريسي (28 عاما) بينما كان في حبس الهيئة في العاصمة الرياض. واتهم أقارب له الهيئة بضربه وقالوا انه أخذ من منزله.

 

وابلغ الاقارب صحيفة الوطن أن أفرادا اخرين من الاسرة كانوا احتجزوا مع الحريسي شاهدوه يضرب حتى الموت في الحبس. واتهمت الهيئة المحتجزين بتداول مشروبات كحولية.

 

وقالت وكالة الانباء السعودية ان الرئيس العام لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ابراهيم بن عبدالله الغيث أمر بتشكيل لجان لمراجعة الاجراءات وسيكشف قريبا عن اجراءات من أجل “تقليص الاخطاء ورفع مستوى الرقابة على الاعمال.”

 

ونقلت الوكالة عن مسؤول بالهيئة قوله انها “تقف بحزم تجاه أي تجاوز يقع من منسوبيها.”

 

وترفض وزارة الداخلية دعوات لحل الهيئة رغم تزايد الانتقادات الشعبية لاعضائها.

 

غير أنه وفقا لقواعد استحدثت العام الماضي فلا يحق لاعضاء الهيئة المستقلة التي تخضع للملك مباشرة اتخاذ اجراءات بحق مواطنين الا في وجود ضباط من وزارة الداخلية.

 

وذكرت صحيفة عكاظ السعودية الاسبوع الماضي أن امرأة أصيبت بجروح بالغة بعدما قفزت من الطابق الرابع من مبنى بمدينة جدة المطلة على البحر الاحمر عندما اقتحم أفراد من الهيئة شقتها للاشتباه في تورطها في أنشطة مشينة.

 

وقال ابراهيم المقيطيب الناشط في الدفاع عن حقوق الانسان ان الانتهاكات نتيجة للتفويض غير الواضح للهيئة.

 

واضاف أن الهيئة ليس لها امتيازات واضحة واعتبر أن هذا هو مصدر المشكلة. وتابع أنها تقوم بدور السلطة القضائية والشرطة وانها حتى ليس لها زي مميز ومن ثم فان أي شخص يمكن أن يتظاهر بأنه عضو بها.

 

من سهيل كرم

 

(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 7 جوان 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


تجدد الجدل حول قضايا فساد ورشاوي. بي اي ايه سيستمز تنفي والحكومة تدافع

صحيفة: الامير بندر راكم مليار جنيه استرليني في حسابات سرية كعمولة من صفقة اليمامة

 

لندن ـ القدس العربي : قالت صحيفة الغارديان البريطانية ان شركة بي. ايه. اي. سيستمز أكبر شركة لتصنيع انظمة دفاع في اوروبا قد دفعت للامير بندر بن سلطان، سفير السعودية السابق في واشنطن ومستشار الامن الوطني الحالي اكثر من مليار جنيه وضعت في حسابات سرية للامير فيما نفت الشركة ارتكاب أي اخطاء ردا علي التقارير الاعلامية.

وقالت الصحيفة ان الاموال التي حولت عبر بنك امريكي في واشنطن يخضع لسيطرة الامير بندر الذي اصبح شخصية رئيسية في صفقات اليمامة مقابل اسلحة بين بريطانيا والسعودية التي تم توقيع الاولي منها في عام 1985 والتي حققت ايرادات تقدر بمليارات الجنيهات سنويا لبريطانيا.

 

وقالت شركة بي. ايه. اي. سيستمز في بيان برنامج اليمامة هو اتفاق بين حكومة وحكومة وجميع المدفوعات التي تمت بموجب تلك الاتفاقات جرت بالموافقة الصريحة للحكومتين السعودية والبريطانية.

وجاءت التقارير الجديدة بعد ان تدخل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي سيغادر منصبه نهاية الشهر الحالي لوقف تحقيقات قام بها مكتب الجرائم الخطيرة عن رشاوِي دفعت لامراء سعوديين لتسهيل توقيع الصفقة وذلك علي خلفية حماية الامن القومي، وانتقد قرارا من منظمة مكافحة الفساد والشفافية الدولية. وكان بلير قد قال انه يتحمل المسؤولية الكاملة عن القرار.

وكشفت الصحيفة ان المناقشات التي تمت داخل الحكومة حذرت من ان دور وتواطؤ بريطانيا في الصفقة سيتم الكشف عنه حالة لم تتم فيه ايقاف التحقيقات، وذلك حسب تحذيرات لورد غولدسميث النائب العام. وقالت ان الاتهامات الجديدة قد تسبب لشركة بي اي ايه مشاكل في امريكا التي لها مصالح فيها حيث يمنع القانون الرشوة والصادر عام 1977.

ومن المتوقع ان تثير الاتهامات الجديدة للامير ودوره جدلا حول الصفقة الاصلية. وبحسب مصادر قانونية فقد قامت بي ايه. اي. سيستمز بتحويل 30 مليون جنيه لبندر كل 3 اشهر ولمدة 10 اعوام.

وقامت الشركة بسحب الاموال من حساب سري في بنك انكلترا خصص لغرض تسهيل توقيع صفقة اليمامة. وقد تم تحويل ملياري جنيه منه كل عام وذلك كجزء من ترتيبات معقدة يسمح فيه للنفط السعودي بالبيع مقابل نقل شحنات الاسلحة البريطانية.

وقد كانت كل اذرع الدفاع التابعة للحكومة تملك حقا التصرف في الاموال التي حفظت في حسابات خاصة. وقالت مصادر مقربة من منظمة خدمات التصدير الدفاعية ديسو انهم اطلعوا علي دفعات مالية حولت لحساب الامير بندر في بنك ريجيس الامريكي، ولم يتم التعامل مع الاموال باعتبارها عمولات ولكن مقابل خدمات تسويق. ويعتقد ان الدفعات تواصلت حتي بعد عام 2002.

وقالت الغارديان ان الامير الذي يحب تدخين السيجار الكوبي ويملك طائرة خاصة مدهونة باللون الفضي والازرق وذلك علي لون فريق كرة القدم الامريكي المفضل لديه دالاس كاوبوي ، ويعتبر الامير معروفا لصناع السياسة في بريطانيا وامريكا حيث تعامل مع عدد منهم خلال خدمته في واشنطن التي زادت عن عشرين عاما، ويملك حقوق هبوط واقلاع في مطار برايز نورتون التابع لسلاح الجو البريطاني. وتحدثت عن شخصية الامير المحبوبة الذي صعد في سلم السلطة داخل المملكة علي الرغم من وضعه في داخلها حيث ان والدته كانت خادمة لوالده وزير الدفاع، الامير سلطان. وقد تلقي تعليمه كطيار عسكري في بريطانيا والسعودية. وذكرت ان شركة بي اي ايه قامت بتوقيع ثلاثة عقود مع السعودية عام 1967 والتي تم فيها تخصيص 15 بالمئة كعمولات لعدد من الامراء السعوديين وذلك بموافقة ورضي الحكومة البريطانية.

وقالت ان التعامل مع الامير بندر لم يكن والحالة هذه مختلفا. فقد تم الحديث معه بناء علي طلب من مارغريت تاتشر رئيسة الوزراء في حينه وذلك عام 1984 من اجل المساعدة في تأمين عقود تسلح جديدة، ومن هنا بدأ الامير العمل، وقد كان في بداية عمله في واشنطن، وقام بالحصول علي موافقة ادارة ريغان التي لم تكن تستطيع بيع السلاح للسعودية خوفا من الجماعات الموالية لاسرائيل في امريكا وبعدها طار للندن للاجتماع مع تشارلس باول كبير مستشاري تاتشر، وكولن تشاندلر مسؤول وحدة المبيعات في وزارة الدفاع. ونقلت عن باول قوله ان الامير بندر دخل حياتنا كمبعوث يثق به الملك ، وهو ما تحدث به باول الي كاتب سيرة بندر البريطاني ويليام سيمبسون، والذي اعد الكتاب بتعاون من الامير.

ويصف الكتاب كيف طار الامير الي سالزبيرغ مع السيدة تاتشر، حيث كانت تقضي عطلتها الصيفية، ومع رسالة من الملك فهد تقول.

وينقل الكتاب اخبرتها عن الارقام المطلوبة، وصافحتها وتمت الصفقة . وكانت اول مرحلة من صفقة اليمامة التي ستستمر لمدة 20 عاما، وقد قدمت للشركة البريطانية 43 مليار جنيه استرليني.

وقالت انه منذ تلك المصافحة وردت الكثير من الاتهامات والشائعات حول دور الامير بندر.

وكانت مجلة عربية تصدر في لندن قد تحدثت عن تلقي الامير بندر عمولات مالية من الصفقة، ووضع عدد من المجلة علي مكتب باول، سكرتير تاتشر الخاص سابقا واحد مستشاري الشركة الا ان الدبلوماسيين قرروا عدم نشر تكذيب للقصة.

وقد احتفل الامير بندر بعلاقته البريطانية من خلال شراء مزرعة تبلغ مساحتها 2 هكتار.

وقالت ان الحكومات البريطانية المتعاقبة عملت علي ابقاء الصفقة مع الامير بندر سرية، الا ان الاتهامات الجديدة قد تزيد الضغوط علي الحكومة من اجل الكشف عن تفاصيل الصفقة بالكامل. وكان الامير بندر اثناء عمله الدبلوماسي في واشنطن قد اقام علاقة شخصية مع عائلة بوش، الاب والابن كما كشف عنها بوب وودورد مؤرخ البيت الابيض في كتابه حالة انكار.

وقالت انه بعد تعيينه سفيرا في واشنطن فتح حسابا في ينك ريجس عام 1983. وكان مكتب التحقيقات الفدرالي اف بي اي قد نقل مئات الصناديق من البنك بعد ان فتح تحقيقا في امكانية استخدام حساباته لتمويل هجمات ايلول (سبتمبر) 2001.

وقد تمت تبرئة بندر وعائلته الا ان المحققين اكتشفوا نوعا من عدم الانضباط في حسابات البنك الذي كشف انه كان لديه حسابات سرية لعدد من الديكتاتوريين بمن فيهم اوغستو بينوشيه، حاكم تشيلي السابق. ويكتب سيمبسون كاتب سيرة الامير ان الاخير يشعر بالرضا من المنافع التي حققتها السعودية من الصفقة.

واكد الامير ان اخراج صدام حسين من الكويت يثبت ان صفقة اليمامة نافعة بعيدا عن كل الاتهامات بالفساد التي تحيط بها.

من جهة اخري امتنع مدير مكتب الامير بندر في الرياض عن التعقيب قائلا ان الامير خارج البلاد.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان الخميس وزارة الدفاع في المملكة المتحدة لا يمكنها التعقيب علي هذه المزاعم لان ذلك سيتضمن افشاء معلومات سرية بشأن صفقة (اليمامة) ويمكن ان يسبب الاضرار التي كان وقف التحقيق يهدف الي منع حدوثها .

وقالت شركة بي. ايه. اي. سيستمز اننا ننفي كل المزاعم بارتكاب اخطاء فيما يتعلق بهذا البرنامج الاستراتيجي والمهم .

وقال بلير في وقت لاحق الخميس هذا التحقيق لو كان تم لكان اشتمل علي أخطر مزاعم وتحقيق يجري عن الاسرة الحاكمة السعودية ووظيفتي هي تقديم النصح بشأن ان كان هذا الشيء معقولا في ظروف لا اعتقد ان التحقيق كان سيقود فيها الي شيء سوي التدمير التام لعلاقة استراتيجية حيوية لبلدنا .

وقال بلير للصحافيين في المانيا ان المعركة ضد الارهاب كان ستضار وكنا سنخسر الالاف والالاف من الوظائف في بريطانيا .

وكانت تقارير صحافية قد كشفت قبل أيام من إعلان النائب العام أن السعودية هددت بقطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا في حالة استمر مكتب الاحتيالات الخطيرة في إجراء التحقيق ومنحت بريطانيا مهلة لوقفه وهددت بإلغاء عقد تسلحي بقيمة مليارات الجنيهات الإسترلينية لشراء مقاتلات من طراز يوروفايتر .

وقالت هيئة الاذاعة البريطانية التي تخصص برنامجها التلفزيوني بانوراما الاثنين القادم لهذه القضية ان الرشاوي دفعت في حسابين للسفارة السعودية في واشنطن.

وقال ديفيد كاروزو المحقق في المصرف الامريكي الذي فتح فيه الحسابان لهيئة الاذاعة البريطانية ان الامير بندر بن سلطان الذي لعب دورا محوريا في المفاوضات مع رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر لابرام صفقة الاسلحة استخدم هذه الاموال لاغراض شخصية.

ونقلت البي بي سي عن كاروزو قوله انه لم يكن هناك فارق بين حسابات السفارة او الحسابات الرسمية للحكومة او تلك الخاصة بالاسرة المالكة .

 

(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 جوان 2007)

 


مصري يطالب الحكومة السويدية بتعويضات عن طرده

 

ستوكهولم (رويترز) – قال محامو مصري طرد من السويد وسُلم الي عملاء أمريكيين في عام 2001 انه يطالب الحكومة السويدية بتعويضات قدرها 30 مليون كرونة (4.35 مليون دولار).

 

وكان محمد الزيري ومصري آخر من طالبي اللجوء يدعى احمد حسين عجيزة قد طردا من السويد ونقلهما عملاء أمريكيون جوا الى مصر حيث قضى الزيري فترة في السجن بدون محاكمة وحيث يقول محاموه انه تعرض للتعذيب.

 

وقال المحامون في بيان يوم الخميس ان دعوى التعويضات التي سلمت الي مستشار العدل في السويد ستساعد “في علاج جزئي للاصابات التي عاناها الزيري بسبب طرده قبل خمسة أعوام ونصف العام.”

 

وفي وقت سابق من هذا العام ألغت الحكومة السويدية طرد الزيري وعجيزة وطلبت من مستشار العدل النظر في أي دعوى للتعويضات.

 

وانتقدت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ترحيل عجيزة الذي تقول أُسرته انه تعرض للتعذيب قبل ان تحكم عليه محكمة عسكرية مصرية بالسجن المؤبد.

 

وقالت لجنة الامم المتحدة انه كان يجب على السويد ان تعلم ان مصر تستخدم التعذيب ضد المعتقلين وانه لا يجوز للحكومات ان تستخدم الحرب على الارهاب التي تقودها الولايات المتحدة لتبرير تعريض أشخاص للتعذيب.

 

ونفت مصر إساءة معاملة أي من الرجلين.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 8 جوان 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


الرئيس الموريتاني والوزراء يتنازلون عن 25% من رواتبهم

 

 أبلغ الرئيس الموريتاني السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أعضاء الحكومة اليوم خلال اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي عن أنه سيتنازل عن 25% من راتبه كما دعا الوزارء بالقيام بخطوة في نفس الإتجاه وذلك في إطار ترشيد انفاق الحكومة في ظل العجز الحاصل في الميزانية.

 

وبرر ولد الشيخ عبد الله هذه الخطوة بأن هناك فرقا شاسعا بين الرواتب المخصصة للرئيس ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة وبين بقية رواتب موظفي ووكلاء الدولة.

 

ولقي اقتراح الرئيس ترحيبا وقبولا من قبل الوزراء المجتمعين اليوم حيث وافقوا جميعهم على التنازل عن نسبة 25% من رواتبهم لصالح خزينة الدولة التي شهدت عجزا بلغ حوالي 30 مليار أوقية بسبب انخفاض مذهل في عائدات النفط بلغ حوالي 17 مليار أوقية إضافة إلى عجز آخر في الميزانية بقرابة 14 مليار أوقية يرجع إلى زيادة في النفقات ويرى البعض أن للحكومة الانتقالية دور بارز فيه.

 

(المصدر: وكالة “الأخبار” المستقلة للأنباء (موريتانيا) بتاريخ 6 جوان 2007)


 

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

2 juillet 2008

Home – Accueil   TUNISNEWS  8 ème année, N° 2962 du 02.07.2008 archives : www.tunisnews.net Comité de Soutien aux Habitants du

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.