الجمعة، 5 سبتمبر 2008

TUNISNEWS
8 ème année,N°3027 du05.09.2008
 archives : www.tunisnews.net 


Vérité-actionوالجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:  حملة  إنقاذ حياة « مساجين العشريتين  » 🙁 اليوم الواحد والعشرون)

حـــــــــــــــــــــرية و إنـصاف: بيـــــــــــــــــــــان

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : محاكمة أخرى .. بلا دفاع  ..!

 الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان  : بيـــــــــــــــــــــــان 
المجلس الوطني للحريات :اعتقال مدافع عن حقوق الإنسان بسبب فضحه التجاوزات الأمنية
مرسل الكسيبي : اعلان هام جدا من صحيفة الوسط التونسية
 لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس : الحملة على المحجبات في تونس تستعر مع بداية العام الدراسي
الاساتذة المطرودين عمدا:رسالة إلى السيد وزير التربية و التكوين
مواطن تونسي : تونس في حاجة إلى التصالح مع..هويتها
صالح عطية : حسب مصادر نقابية:تعثّر في مفاوضات الوظيفة العمومية
معز الجماعي : مشاهد من معاناة أهالي ولاية قابس (3)
سليم بوخذير : الرئيس التونسي يرفع الحجب عن « فايس بوك » وحقوقيون ينتقدون حجب المواقع العربية

وات : الرئيس زين العابدين بن علي يقرر التركيبة الجديدة للديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي

وات:حرص رئاسي متجدد على تأمين الاحاطة المثلى بالحجيج والمعتمرين التونسيين
وات : 16500 تونسي وتونسية يؤدون مناسك العمرة في شهر رمضان
أبو جمال عبد الناصر: تحــــــــــــــــــــــــــــــــــدي « التحدي »
عبد السّلام بو شدّاخ :حوار الطرشان وصمت الأموات بين السلطة والمعارضة:(الجزء السادس )
النفطي حولة : لا للحــــــــــــــــــــوار مع من لا شرعية له
خالد الحدّاد : منطق الناس يتغــــــــــــــــــــــــــــــيّر في ليبيا
عدنان المنصــــــــــــــــــــــــــــــــر: تأبـــــــــــــــــــــــط نفطا

شريف عبدالغني  : على غرار ليبيا سياسيون مصريون يدعون حكومتهم لطلب تعويضات بريطانية

ياسر الزعاترة: حول انتصار النموذج الإسلامي العلماني التركي
ريتا فرج: السلفية الإسلامية الجديدة الحالة الإخوانية المصرية أنموذجاً
بسام البدارين : بديع عارف: قاضي صدام يشعر بالذنب!


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو


أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس  aispptunisie@yahoo.fr  Vérité-action Case postale 1569  CH – 1701  Fribourg, Suisse    Tél: ++41 79 703 26 11   Fax: ++41 21 625 77 20   info@verite-action.org            
   

حملة  إنقاذ حياة « مساجين العشريتين  » :                           من أجل وضع حد لسياسة الموت البطيء..!

( اليوم الواحد والعشرون)

                                               يقضي سجناء سياسيون تونسيون عقوبات قاسية بالسجن منذ ما يقارب العشرين سنة على خلفية أنشطتهم السياسية و قناعاتهم الفكرية ، و قد أجمعت كل المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية المستقلة على أنهم لم يتمتعوا بمحاكمات عادلة و أن الملفات التي اعتمدت لإدانتهم شابها التزوير و انبنت على اعترافات منتزعة تحت وطأة التعذيب الشديد ، كما أصدرت هيئة الدفاع عنهم  تقريرا مفصلا يعدد الخروقات المرتكبة و يؤكد الطابع السياسي للأحكام و بطلان الإدعاء الرسمي لتورط بعض المتهمين في التخطيط للعنف أو التورط في ارتكابه . و قد ترسخت القناعة لدى كل من تابع المحاكمات أن القضاء ، كما الإعلام و بعض أحزاب الموالاة ، قد وظفت لإقصاء خصم سياسي من الساحة و إضفاء لباس قضائي على التصفية الأمنية ، و رغم أن أغلبية المحاكمين في بداية عشرية التسعينات السوداء قد غادروا السجون ، بعد أن قضى أكثرهم ما يجاوز العشرية في ظروف مأساوية ، فإن انحسار الأضواء عن العشرات الباقين لا يجب أن يحجب معاناتهم ، و عائلاتهم ، منذ ما يقارب العشرين سنة  حيث تعرضوا منذ إيقافهم ، فضلا عن التعذيب ، إلى سياسات تستهدف تدمير بنيتهم الجسدية و المعنوية من خلال تعريضهم لصنوف الإهانات و التجويع  و التعتيم  و التشفي ( بعقوبات العزل الإنفرادي المطول و الإبعاد عن العائلات و بالحرمان من وسائل التثقيف و العزل التام عن مستجدات الأحداث بالعالم الخارجي و الحرمان من الحق في العلاج  ) و تقطيع أواصر الروابط العائلية بالضغط على الزوجات لطلب الطلاق و حرمان الأقارب من العمل .. و هو ما درجت تسميته بـ  » سياسة القتل البطيء  » .. ! لم يعد مقبولا تواصل  الصمت على معاناة متواصلة منذ بداية العشرية الأخيرة من …القرن الماضي .. ! إن في وسع كل من يسلم بعدالة قضية ضحايا  » الموت البطيء  »  أن يساهم بكلمة أو رسالة أو مقال أو مكاتبة أو عريضة في  الحملة التي تطلقها ( ابتداء من اليوم و حتى إطلاق آخر سجناء  » مساجين العشريتين  » ..) الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيينAISPP  و جمعية action – Verité ( سويسرا ) و بالتزامن مع إطلاق حملة وطنية و دولية من المكاتبات و الإتصالات  و التحرك بملفات المصابين بأمراض خطيرة و ضحايا الأحكام المكررة تشرع الجمعيتان في التعريف تباعا بالمساجين السياسيين الذين قضوا زهرة أعمارهم ..من أجل أفكارهم .. و هم على التوالي : منذر البجاوي و رضا البوكادي و نور الدين العرباوي و محمد نجيب اللواتي و الصادق شورو و حسين الغضبان و عبد الكريم البعلوش و إبراهيم الدريدي و عبد النبي بن رابح و الهادي الغالي و منير الحناشي و بشير اللواتي و هشام بنور و وحيد السرايري و الشاذلي النقاش و عبد الباسط الصليعي و الصادق العكاري و منير غيث و بوراوي مخلوف و وصفي الزغلامي و إلياس بن رمضان و البشير رمضان و فتحي العلج و كمال الغضبان . كما تناشد الجمعيتان كل المنظمات و الجمعيات و الشخصيات الوطنية و الدولية  أن تساهم في هذا الجهد بالتعريف بضحايا هذه المظلمة التي لم يعرف لها تاريخ البلاد مثيلا  ، و بتقديم  ما في وسعها من دعم مادي أو معنوي لهم و لعائلاتهم …    عن الجمعيـة الدولية                              Verité – action  لمساندة المساجين السياسيين       الرئيــــــــــــــــــس                              الرئيـــــــــس     الأستاذة سعيدةالعكرمي                           صفوة عيسى   
 

إلياس بن رمضان سلمته السلطات الليبية   .. لينال حكما بالسجن مدى الحياة .. و3 أمراض مزمنة  .. !

بطاقة تعريف سجنية   الاسم و اللقب : إلياس بن رمضان . تاريخ الولادة : 1968 . الحالة الاجتماعية : متزوج  وله بنتان. المهنة : تاجر . السجون التي مر بها : 9 افريل بتونس  +    الناظور ببنزرت  +   برج الرومي ببنزرت  +القصرين  + المهدية  +  صفاقس + حربوب + قابس . (سلمته السلطات الليبية ) . تاريخ الدخول للسجن :  1994 .. الحالة الصحية : مصاب  بمرض الكلى + روماتيزم العظام  + قرح المعدة  .. الحكم :  مدى الحياة للمراسلة و المساندة : إلياس بن رمضان ، السجن المدني بالكاف ، الجمهورية التونسية . نداء لكل من يتعاطف مع سجين رأي يقبع خلف القضبان منذ قرابة العشريتين : بادر بكتابة كلمة .. أو مراسلة منظمة وطنية أو دولية .. أو مكاتبة الجهات الرسمية … أو مكالمة عائلته ..أو مساعدة أبنائه … حتى لا نقول أننا لم نكن نعلم ….!

حملة الإفراج عن  » مساجين العشريتين « 


          

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :  liberte.equite@gmail.com
تونس في  5 رمضان 1429 الموافق ل 05/09/2008
 بيـــــــــــــــــــــان  
 

1)    إقرار الحكم الابتدائي ضد المناضل محمد الهادي بن سعيد:

أحضر يوم الخميس 4 سبتمبر 2008 بحالة إيقاف المناضل السياسي محمد الهادي بن سعيد أمام الدائرة الصيفية بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي فوزي الجبالي للنظر في مطلب الاستئناف المقدم من طرفه طعنا في الحكم الصادر ضده عن محكمة الناحية بتونس التي قضت في شأنه بالسجن مدة شهرين و قد وقعت إحالته أمامها لمقاضاته حسبما ورد بنص الإحالة من أجل عدم الامتثال لإشارة عون المرور الذي أمره بالوقوف و هي تهمة نفاها المناضل السياسي المذكور الذي تم إيقافه على خلفية جملة الاعتقالات التي حدثت في مدينة بنزرت خلال شهر أوت 2008 و التي شملت عددا من المناضلين الحقوقيين إثر مظاهرة سياسية وقعت بمدينة بنزرت يوم 25 جويلية 2008. و قد انسحب لسان الدفاع احتجاجا على عدم استجابة المحكمة لطلبه المتمثل في الاستماع لشهادة الشاهد الوحيد في القضية ، و قد قضت المحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي فوزي الجبالي بإقرار الحكم الابتدائي ضد السيد محمد الهادي بن سعيد.

2)    اعتقال الأمن السوري للمواطن التونسي عبد المجيد الأسود:

علمت حرية و إنصاف أن سلطات الأمن السورية اعتقلت المواطن التونسي السيد عبد المجيد الأسود عندما داهمت فجر يوم الخميس 28 أوت 2008 منزله الكائن بحي الزاهرة بدمشق و قاموا بمصادرة بعض الكتب و حاسوبه الشخصي ، علما بأن السيد عبد المجيد الأسود ( 61 عاما ) متزوج من سيدة سورية و يعيش بدمشق منذ ثمانية و عشرين سنة لم يغادرها منذ إقامته فيها. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس  e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 05 سبتمبر 2008

محاكمة أخرى .. بلا دفاع  ..!

  نظرت  الدائرة الجنائية الصيفية  بالمحكمة الإبتدائية بتونس التي ترأسها اليوم 05 سبتمبر 2008 القاضي عبد الرزاق بن منا  في  :  * القضية عدد 15944 التي يحال فيها: ماهر عبد الحميد بتهم الإنضمام خارج  تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي خارج تراب الجمهورية و استعمال اسم وكلمة و رمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و بنشاطه و أعضائه ، و قد طالب الدفاع في بداية الجلسة بتمكينه من الإطلاع على كامل أوراق الملف و خاصة المحاضر التي تم تحريرها في إدارة أمن الدولة بعد تسلم المتهم من السلطات السورية فضلا عن الإطلاع على التحريرات المكتبية التي أجراها القاضي المقرر يوم 27 أوت 2008 و أمام إصرار القاضي على البت  » استعجاليا  » في الملف و الإعتداء على حقوق الدفاع  قررت هيئة الدفاع ( ممثلة في الأستاذة إيمان الطريقي و الأستاذ سمير ديلو الإنسحاب من الجلسة بعد مطالبة القاضي بتسجيل سحب نيابتهما من الملف )  و قد واصل القاضي ، رغم ذلك ،  النظر في الملف … علما أن إنابة المحامي وجوبية في المادة الجنائية .. و أنه سبق للمتهم أن حوكم غيابيا بالسجن لمدة 3 سنوات .. مسلسل يومي من الإنتهاكات : الإعتداء على طارق السوسي في سجن بنزرت ثم محاكمة محمد بن سعيد و ماهر عبد الحميد بدون محامين  ..  أما آن للظلم أن ينجلي .. !؟         عن الجمعيـــة الهيئـــــــــــــــة المديــــــــرة


La Ligue Tunisienne pour la Défense des Droits de l’Homme
                                          الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان   
تونس في 05 سبتمبر2008     بيـــــــــــــــــــــــان 

إقرار الحكم بشهرين سجن نافذة ضد المناضل محمد الهادي بن سعيد بعد انسحاب الدفاع

أقرت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي فوزي الجبالي يوم 04 سبتمبر2008 الحكم الذي كانت أصدرته محكمة ناحية تونس يوم 06/08/2008 والقاضي بسجن المناضل محمد الهادي بن سعيد عضو فرع الرابطة ببنزرت مدة شهرين من أجل عدم الامتثال لإشارات أعوان المرور. وكما كان الشأن لدى محكمة الدرجة الأولى(محكمة الناحية) حرم المناضل محمد الهادي بن سعيد أمام المحكمة الاستئنافية من حقه في درء التهمة عنه إذ رفضت الدائرة الجناحية سماع شاهد براءة كان مرافقا له أثناء إيقافه وكان مستعدا للإدلاء بشهادته لنفي  الأفعال التي نسبتها الشرطة لمحمد الهادي بن سعيد . وقد منع أعوان البوليس للمرة الثانية هذا الشاهد من دخول المحكمة التي حوصرت منذ الصباح الباكر، ورفضت المحكمة طلب سماعه رغم إلحاح لسان الدفاع وتقدمه بمطلب كتابي في الغرض مما أبرز تحيزا لا مبرر له ضد المتهم. واحتجاجا على هذا حرمان منوبهم من حقه في الدفاع عن نفسه قرر المحامون الانسحاب من القضية لافتقارها للشروط الدنيا للمحاكمة العادلة. وعليه، فإن الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ تعبر عن تضامنها مع سجين الرأي المناضل محمد الهادي بن سعيد وعائلته فإنها تستنكر محاكمته لعقابه على نشاطه الحقوقي المتواصل وتطالب السلطة الإذن بإطلاق سراحه فورا. كما تطالبها بوضع حد لظاهرة تلفيق ملفات حق العام لمعاقبة النشطاء من اجل آرائهم وأنشطتهم السلمية  ولممارستهم لحقوقهم الأساسية، كما تدعو إلى الكف عن توظيف القضاء من اجل ذلك.
 

اعتداء جديد على كرامة المناضل طارق السوسي ورفض إطلاق سراحه

 

وتعلم الرابطة أن المناضل الحقوقي طارق السوسي الذي يشكو من شلل بساقيه ويستعمل عكازين للوقوف والمشي، أحضر يوم الأربعاء 03/09/2008 من السجن المدني إلى مكتب التحقيق بالمحكمة الابتدائية ببنزرت محمولا من طرف أعوان الأمن عنوة بعد منعه من أخذ عكازيه اللذين يستعين بهما على المشي ، وذلك رغم احتجاجه ورفضه لهذا التصرف المشين الذي يعد من باب التنكيل بمعاق. وقد حصل هذا التصرف معه  وبنفس الشكل المهين مرة أولى عند اختطافه من داخل منزله أثناء اعتقاله من طرف مجموعة من الأعوان داهموا المنزل بعد انتحال صفة أعوان من شركة الكهرباء والغاز. والمعلوم أن طارق السوسي موقوف بالسجن المدني ببنزرت منذ يوم 27 أوت 2008 ومحال من أجل تهمة نشر أخبار زائفة إثر تصريح أدلى به لقناة الجزيرة الفضائية حول مجموعة من الاعتقالات حصلت خارج نطاق القانون بمدينة بنزرت. وقد صرح لقاضي التحقيق أن الأخبار التي أدلى بها لمحطة الجزيرة كلها صحيحة، ولم يستجب القاضي لحد الآن لطلب إطلاق سراحه بعد استنطاقه ومرافعة محاميه؛ رغم ثبوت صحة الأخبار التي نقلها. إن الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تندد بشدة بالإهانات والانتهاكات التي يتعرض لها طارق السوسي وتطالب بتتبع المسؤولين عنها أمرا وتنفيذا وتعتبر أنه سجين رأي يعاقب من أجل التشهير بممارسات تمت خارج نطاق القانون وتكررت بشكل لافت وغير مقبول في السنوات الأخيرة ولم تنقطع الرابطة وغيرها من المنظمات الحقوقية عن  التنديد بها، وتطالب بوضع حد لها وتتبع المسؤولين عنها ومعاقبتهم. وهي  تجدد مطالبتها بإطلاق سراحه فورا وحفظ الملف القضائي المفتوح في شأنه.  عـن الهيئـة المديـرة  المختـار الطريفــي  رئيـــس الرابطــة           ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 21 ، نهج بودلار – العمران – تونس الهاتف : 280.596 71 –الفاكس: 892.866 71


 

اعتقال مدافع عن حقوق الإنسان بسبب فضحه التجاوزات الأمنية

 
تونس في 05 سبتمبر 2008  
 
أحيل السيد طارق السوسي عضو الهيئة المديرة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بحالة إيقاف على قاضي التحقيق ببنزرت يوم 3 سبتمبر الجاري بتهمة  « ترويج عن سوء نية لأخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام   »  طبق الفصلين 42 و 49 من مجلة الصحافة على خلفية تدخله في النشرة المغاربية لقناة الجزيرة يوم 26 أوت 2008 حول اختطاف البوليس السياسي لسبعة شبان بمدينة بنزرت.  وتعضد الخبر الذي نشره طارق السوسي وورد في بيان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين شهادات موثقة من عائلات الضحايا كما أكّد الخبر بيان فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. وقد نقل السيد طارق السوسي الذي يعاني من إعاقة عضوية دائمة على مستوى رجليه إلى المحكمة محمولا من قبل عوني أمن وحرم من استعمال عكّازيه، ورغم سوء حالته الصحية قبل قاضي التحقيق أكرم المنكبي باستنطاقه وواصل الاستنطاق رغم احتجاج لسان الدفاع. وقد انسحب المحامي أنور القوصري احتجاجا على تعمد انتهاك أبسط حقوق المتهم. وبحسب أعمال التحقيق فإنّ اللوم الموجه إلى طارق السوسي لا يتعلق بصدق الخبر الذي أورده من عدمه. وكان طارق السوسي قد اعتقل من محل سكناه يوم 27 أوت المنقضي بعد اقتحام منزله من قبل مجموعة من عشرة أعوان أمن وترويع عائلته وأجواره ثم تم إيداعه بسجن بنزرت حيث يخضع لمعاملة مهينة تستهدف عجزه البدني حيث أصبح يضطر داخل السجن للزحف أرضا بعد حرمانه من استعمال عكّازيه.   والمجلس الوطني للحريات : – يعتبر أنّ السيد طارق السوسي يعاقب من أجل القيام بواجبه كمدافع عن حقوق الإنسان واستخدام حقه في حرية التعبير. وعوض محاسبة مرتكبي الانتهاكات يعاقب من كشفها. -يطالب بإطلاق سراحه فورا ووقف جميع التتبعات في شأنه وفتح تحقيق بخصوص المعاملة السيئة التي يتعرض لها وجبر أضراره. -يذكر السلطات التونسية بالتزاماتها الدولية وخاصة الفصول 6 و9 من إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان الذي يضمن « حق النشر والاتصال وتبادل المعلومات والأفكار والمعارف حول كل ما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.     عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين   


اعلان هام جدا من صحيفة الوسط التونسية

 

 
تونس/فرنسا/ألمانيا-الوسط التونسية-: تعلن صحيفة الوسط التونسية عن تعديل رسمي في هيئة تحريرها المضيقة لتصبح بذلك مقالاتها ونصوصها المنشورة خاضعة لخط عام يهدف الى تحقيق المصلحة الوطنية العامة وازالة حالة الاحتقان الحاصلة بين السلطة ومكونات المجتمع المدني وهو مايعني أن هذه الهيئة ستضم شخصيات تعرف بقربها من مؤسسات القرار أو مستقلة حافظت على مسافة نقدية من مكونات الفضاء العام . هذا وستحتفظ الوسط التونسية برئيس تحريرها الأستاذ مرسل الكسيبي مع الاعلان في وقت قريب جدا عن أعضاء الهيئة التحريرية الجديدة.  
مرسل الكسيبي
(المصدر: صحيفة الوسط التونسية ( ألمانيا) بتاريخ 5 سبتمبر 2008)


 

        بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس

الحملة على المحجبات في تونس تستعر مع بداية العام الدراسي

تلقت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس صباح يوم الجمعة 05 سبتمبر 2008 , اتصالا هاتفيا من الطالبة اسماء الكسوري أبلغتنا فيه , أن الكاتب العام للمدرسة العليا للتكنولوجيا والاعلامية بمنطقة الشرقية بالعاصمة تونس, المدعو محمود العويني , عمد إلى منع كل الطالبات المحجبات من دخول الكلية من أجل الترسيم مما اضطر الكثير منهن الى التراجع عن القيام بالترسيم للسنة الجامعية الحالية. ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، تؤكد أن الحادثة دليل جديد ، على تجدد الحملة وبقوة ضد المحجبات في تونس , كما جرت العادة مع انطلاق كل سنة دراسية وكذلك مع بداية كل شهر رمضان , وتدين بشدة الإستهداف الممنهج الذى يتعرضن له ، وتدعو أصحاب الشأن إلى الكف عن الإنتقاص من حرية النساء المحجبات والتخلي عن وسائل الإكراه والتخويف والضغوط التى تمارس عليهن لإقصائهن من الحياة العامة ، وإبتزازهن في حقهن في التعليم مقابل التخلى عن لباسهن الذى إخترنه عن قناعة , ويراد من خلال تلك الوسائل تغيير قناعتهن بالإكراه . تطالب الكاتب العام للكلية محمود العويني ، بتمكين الطالبات المحجبات من حقهن في الترسيم ، وتحمله شخصيا مسؤولية تعطيل ترسيمهن وتعطيل سير دراستهن , وتطالب مندوبية التعليم ووزارة التربية والتعليم التدخل , وتحمل السلطة التونسية إلى اعلى هرم الدولة مسؤولية الإنتهاكات بحق المحجبات . تناشد كل المنظمات والهيئات والشخصيات الحقوقية , والدعاة والعلماء الوقوف بحزم ، في وجه إدمان السلطات التونسية إستضعاف النساء المحجبات وترويعهن , وتسخير هياكل الدولة ومؤسساتها العمومية لتكريس التمييز والغبن والتخويف بحقهن . عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr 

 

بسم الله الرحمان الرحيم 2008 تونس في 6/8/ رسالة إلى السيد وزير التربية و التكوين السيد الوزير تحية طيبة و بعد:

           

 نحن الممضون أسفله : أساتذة معاونون صنف –أ- انتدبنا للعمل بهذه الصفة في بداية السنة الدراسية 2006\2007 و قد أثبتت تقارير التفقد كفاءتنا و جدارتنا بتعزيز صفوف المربين، لكن ما راعنا و على خلاف انتظارنا وقع التخلي عنا أياما قليلة قبل ابتداء السنة الدراسية الفارطة، و رغم اتصالنا بمصالح وزارتكم لم نتصل باي رد يفسر ما تعرضنا إليه من ظلم رغم تدخل المركزية النقابية و الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل شخصيا، الأمر الذي اضطرنا للمخاطرة بحياتنا من خلال إضراب عن الطعام دام 39 يوما في مقر نقابتنا. سيدي الوزير: إننا إذ نتصل بكم عبر هذه الرسالة المفتوحة فبغرض توضيح ملفنا و لنطلب منكم إنصافنا بإعادتنا إلى سالف عملنا في مفتتح هذه السنة خاصة انه لا يوجد أي مسوغ بيداغوجي أو إداري لطردنا. و إن إجراءا مثل هذا من شانه أن يشعرنا بالأنصاف و يعيد لنا حقنا المسلوب. و في انتظار ذلك تقبلوا سيدي الوزير فائق الاحترام.   الاساتذة المطرودين عمدا: – محمد مومني استاذ فلسفة – على الجلولي استاذ فلسفة – معز الزغلامي استاذ انجليزية   المصدر: مدونتنا المحجوبة في تونس:http://moumni.maktoobblog.com/http://3profexclu.blogspot.com/

تونس في حاجة إلى التصالح مع..هويتها

مواطن تونسي ونحن في الأيام الأولى لشهر رمضان الكريم، تجدر الإشارة إلى مسألة بالغة الأهمية وهي أن تونس أصبحت « بدون لون ولا طعم »، « اختلط فيها الحابل بالنابل » و جمعت بين متناقضات في السلوكيات والأخلاقيات لا يمكن تبريرها بالتنوع والتعددية و لا يمكن تصنيفها في خانة الثراء الثقافي والحضاري، وإنما هي أوضاع تعبّر عن حالة من الضبابية في الرؤية والتوجّه، ومن الاهتزاز والاضطراب والاختلال في الهوية. فتونس اليوم تسير في نهجين مختلفين إن لم نقل متناقضين: نهج عنوانه الالتزام بالتدين والعفة والآداب والأخلاق الإسلامية، ونهج مناقض عنوانه الانحلال والميوعة والتمرّد على الدين وعلى الضوابط الأخلاقية في المعاملات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها. قد يقول قائل إن هذا الوضع ليس خاصا بتونس، وإنما هو عامّ في جلّ البلاد الإسلامية، نتيجة للتداعيات السلبية لسياسة العولمة.الإشكال أن المتأمل في الوضع التونسي يلاحظ استثناءً غير طبيعي من حيث تكريس النهج الثاني مقابل التضييق والتشديد على أصحاب النهج الأول الذين يجدون عنتا كبيرا في ممارسة شعائرهم التعبدية بحرّية وفي الالتزام بمظاهر التدين. وأبرز الأمثلة ما يتعلق بحرّية لبس الحجاب ووصفه بالزي الطائفي، ومراقبة الشباب الذي يرتاد المساجد خاصة في صلاة الصبح، وإغلاق المساجد مباشرة بعد الصلوات، وتوظيف المساجد للدعاية السياسية للحزب الحاكم (تحويل خطبة الجمعة إلى مدح لإنجازات عهد التغيير)… مقابل ذلك تنتشر ظواهر مهددة لهوية المجتمع مثل ظاهرة الكلام البذيء والفاحش على أفواه الصغار والكبار، حكاما ومحكومين، وظاهرة التسيب والانحلال في العلاقة بين الذكور والإناث من الثانويات إلى الجامعات، وارتفاع نسبة عمليات الإجهاض بل أكثر من ذلك تزايد الممارسات غير الأخلاقية من عمل قوم لوط، وما نتج عنه من ارتفاع نسبة المصابين بمرض فقدان المناعة (ايدز- سيدا) وأمراض أخرى يدفع المجتمع ثمنها باهضا، إضافة إلى ظواهر شاذة كانت محصورة في الغرب فانتقلت عدواها إلى بعض البلاد العربية والإسلامية ، مثل عبدة الشياطين.. وتنقل وسائل الإعلام  جرائم أخلاقية ومظاهر للانحلال لا يصدق سامعها أحيانا أنها تحدث في تونس التي يلتقط فيها الشباب آخر ما أنتجته الثقافة الأمريكية على مستوى « الموضة » في اللباس وغيره قبل أن تصل إلى أوروبا. أضف إلى ذلك  انتشار الغش والتدليس والرشوة وتعاطي المخدرات بأنواعها والتي أصبحت شائعة وظاهرة شرب الخمر على قارعة الطريق والجهر بالمعصية ومعلوم أن السكوت عن الشئء هو رضى عنه، وبالتالي نوع من التشجيع المقصود أوغير المقصود.إن إشاعة الفاحشة منهي عنه وعواقبه وخيمة ومن ينشر الفساد قد يصله شر هذا الفساد إلى عقر داره كالذي يشعل النار قد تحترق ثيابه يوما ما بهذه النار.    لو حصلت هذه التجاوزات في تركيا البلد العلماني دستوريا، لهان الأمر، أما أن تحصل في بلد ينص دستوره بوضوح على أن دينه الإسلام ولغته العربية فهو التناقض بعينه.إذ لا يمكن أن تتحول الحرية إلى فوضى وتمرّد على المبادئ والعرف والأخلاق والدين. تجدر الإشارة إلى أن هذه الظواهر الخطيرة لم تولد من فراغ، وإنما هي نتيجة مسار لم يبدأ منذ اليوم وإنما هو وليد سياسة ممنهجة وتخطيط واعي لخلخلة الهوية العرية الإسلامية لتونس، انطلق مع  العهد  البورقيبي في إطار  مشروع تغريبي مفروض على بلد الزيتونة والقيروان شعاره « اللحاق » بركب الحضارة (الغربية) بغثّها وسمينها. وأراد أصحاب هذا المشروع أن يجعلوا من تونس مخبرا للتجربة العلمانية ذات التوجه المحقّر والمهمّش لدور الدين، مع التظاهر بخطاب يحترم الدين والقيام بتشييد المساجد الضخمة. ما الفائدة من النهضة العمرانية إذا كان المرء يعيش تذبذبا أو فاقدا لهويته ؟ النتيجة هو ما نراه اليوم في الواقع. نعم إن تونس أصبحت بدون طعم ولا لون، كل شىء جائز فيها (بالطبع عدا المعارضة الجادة والتدين ).حتى تغيّرت صورة تونس لدى الكثير من أبناء الراي العام العربي المسلم.فبعد أن كانت رمزا للاشعاع الديني والحضاري بفضل جامع الزيتونة، أصبحت  تُعرف في الستينات والسبعينات بسبّ الجلالة (الخالق سبحانه وتعالى) والإفطار في رمضان والسماح بفتح المقاهي في رمضان بحجة احترام الحريات الفردية، و مسابقة ملكة الجمال، ونزع الحجاب.. كل ذلك في ظل دعاية كبرى عنوانها  التحرر  وتوظيف شعار تحرير المرأة. ماذا  ننتظر في المستقبل  في ظل تكريس سلبيات العولمة ؟. إن حالة الشباب اليوم هي مؤشر لحالة تونس الغد. وإذا بقيت الأمور  على هذه الحال فمعنى ذلك أنه ستنشأ في تونس أجيال مهزوزة الهوية، ممسوخة الثقافة غير عارفة بتاريخها  وتراثها ودينها، وغير معتزة بل غير قادرة على فهم اللغة العربية التي  -أبينا أم كرهنا- هي اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لكتابه العزيز ، بل تفضل الأجيال الناشئة الحديث  باللغة العامية  أو بلغة مستهجنة وهي نوع من الخليط بين العامية واللغة الفرنسية.وهناك من يشجع الشباب على ذلك باسم التمدّن والتطور والحداثة..وبحجة أن تونس تنتمي إلى فضاءات مختلفة:المتوسطي الافريقي العربي الإسلامي. ليس هناك اختلاف بحول هذا التنوع في الانتماء  من حيث المبدأ، لكن الإشكال في التنزيل وترجمة الانتماء الإسلامي على أرض الواقع وفي البرامج التعليمية والإعلامية.      إن هدم المنظومة الأخلاقية وإحداث اهتزاز كبير في الهوية يعنيان  تيسير الأمر لاختراق البلاد من الأعداء وتفريق الشمل وإشعال نار الفتنة التي تأتي على الأخضر واليابس مهما كانت القوة الأمنية.فبقاء الأمم ببقاء أخلاقها كما قال الشاعر شوقي:  فإنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت *  فإن همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا وبالتالي، فإن كل الضمائر الحية والغيورة على بلدها مطالبة بالضغط على السلطة من أجل التعجيل باتخاذ التدابير والإجراءات لاحترام هوية تونس العربية الإسلامية التي لا يمكن المساومة فيها لأنها شأن وطني يندرج في إطار مصلحة البلاد والعباد التي يجب أن تتجاوز  كل الاعتبارات السياسية والحزبية و الايديولوجية.  


حسب مصادر نقابية: تعثّر في مفاوضات الوظيفة العمومية

تونس ـ الصباح: علمت «الصباح» من مصادر عليمة، ان المفاوضات في القطاع العمومي تشهد تعثرا في الوقت الراهن، على خلفية خلافات بين الطرف النقابي والجانب الحكومي، حول حجم الزيادة في الاجور.. وحسب المعلومات المتوفرة، فان اتحاد الشغل قدم دراسات اقتصادية تخص تطور انتاجية الموظفين واعوان الدولة ونسبة التضخم في البلاد، واقترح بموجبها نسبة زيادة في الاجور تتراوح بين 4 و5 في المائة، من اجل استدراك التدهور الحاصل في القدرة الشرائية للاجراء. وكان المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل الذي التأم اول امس، ناقش تعثر هذه المفاوضات وتدارس اسبابها. واعرب بيان للمكتب التنفيذي تلقت «الصباح» نسخة منه، عن انشغال اتحاد الشغل لتعثر المفاوضات بالوظيفة العمومية، ووصف المقترحات التي قدمها المسؤولون على الوظيفة العمومية بكونها «غير واقعية» معتبرا ان هذه المقترحات «لا تستند لاي معطى موضوعي مثل نسب التضخم وتطور انتاجية الموظفين واعوان الدولة ونسبة النمو المسجلة بالبلاد». ودعا اتحاد الشغل في هذا السياق الى «ضرورة التعامل بجدية» مع مقترحات المنظمة النقابية من اجل انجاح هذه المفاوضات، والتوصل الى النتائج التي يترقبها الموظفون. خطوة ايجابية لكن قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، وصفت من جهة اخرى، قرار رئيس الجمهورية بصرف تسبقة على الزيادات المقبلة للاجور، بـ«الخطوة الايجابية»، باعتبارها ستساهم في الحد من تدهور الطاقة الشرائية للأجراء.. واكد المكتب التنفيذي على «ضرورة ان يضبط مقدار هذه التسبقة وآليات صرفها»، من خلال الحوار بين اطراف الانتاج المعنية، وعلى ضرورة «انهاء التفاوض في القضايا الترتيبية والمهنية والمادية في اقرب الآجال ووفق الاتفاقيات الموقعة بين الاطراف الاجتماعية». حول عضوية مجلس المستشارين على صعيد اخر، تدارس المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، مسألة دخول السيد محمد شندول مجلس المستشارين وهو الموضوع الذي شكل مصدر انتقادات النقابيين على خلفية وجود قرار للهيئة الادارية وللقيادة النقابية بعدم دخول هذا المجلس. واعتبر بيان اتحاد الشغل ان دخول شندول الى مجلس المستشارين للدورة الحالية، «موقف فردي وشخصي لا يلزم الا صاحبه»، مشددا على التزام المنظمة بقرار الهيئة الادارية الوطنية، الذي كان موضوع مراسلة من الامين العام للاتحاد الى الحكومة في ماي الماضي. وكان السيد شندول عين في القائمة الوطنية، بوصفه شخصية وطنية وليس بصفته النقابية. وجدد اتحاد الشغل بهذه المناسبة، دعوته للحكومة «بفتح حوار جدي» مع المنظمة النقابية حول تمثيلية الاتحاد بمجلس المستشارين» في كنف احترام استقلالية الاتحاد ومنظمات المجتمع المدني وحرية اختيار ممثليها» وفق ما جاء في بيان المنظمة الشغيلة. صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 سبتمبر 2008)


 

مشاهد من معاناة أهالي ولاية قابس (3)

*معاناة المعطلين عن العمل : إتصل بنا عدد من أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل ، و عبروا لنا عن غضبهم حول التجاوزات الحاصلة  في المكتب الجهوي للتشغيل بقابس المتمثلة  في عدم توفير قصاصات تمكن المعطل المسجل بالمكتب من السفر مجانا على متن القطار للمشاركة في مناظرات المؤسسات العمومية . و إعتبروا أن هذه الخدمة ليست صدقة أو هيبة و إنما حق من حقوقهم من واجب المكتب الجهوي للتشغيل توفيرها حسب ما ينص عليه القانون. *تجاوزات أمنية : وصلتنا رسالة ممضاة من طرف عدد من الفلاحين في معتمدية الحامة ، إتهموا فيها رئيس مركز الشرطة بإسغلال منصبه و توظيفه لتحقيق مصالح شخصية تدر عليه أموال طائلة ، و ذلك بتعمده التدخل في عملية بيع و توزيع علف الحيوانات و العمل بالتعاون مع عدد من المسؤولين بالمندوبية المحلية للفلاحة على حجب  كمية العلف من السوق ثم إخراجها و بيعها في السوق السوداء بأسعار تفوق سعرها الأصلي بنسبة كبيرة. و سنعود للموضوع بتفاصيل أدق في مقال منفصل عن هذه الصفحة . *تجاوزات تجمعية : أمر رئيس الدولة بإقامة موائد إفطار خيرية خلال شهر رمضان ، و هو ما إستجابت له المندوبية الجهوية للشؤون الإجتماعية بقابس لكن بطريقة خاصة و إستغلال المناسبة لمواصلة حملة الإنتخابية للرئيس الحالي التي أطلقها الحزب الحاكم قبل موعدها بسنتين في كل الولايات . فقد تعمد إطارات الشعب الترابية للتجمع الدستوري الديمقراطي الإشراف على موائد الإفطار و توظيفها للعمل السياسي بتزويق الفضاء المخصص للمناسبة (مركز تربصات) بمعلقات تتضمن شعارات دعاية للحزب الحاكم و ضرورة التمسك ب « بن على » رئيسا دائما للجمهورية التونسية. *البلدية و السوق الموازية : تشن بلدية قابس خلال هذه الفترة بالتنسيق مع مصالح وزارة الإقتصاد حملة مراقبة إستهدفت تجار الملابس المتجولين و تمثلت في مطاردتهم و منعهم من الإنتصاب مع حجز البضائع الموجودة في حوزتهم ، و أتت هذه الحملة بعد العريضة التي أرسلها أصحاب المراكز التجارية للملابس و الأحذية إلى والي الجهة طالبوه فيها بالتدخل للحد من زحف الإنتصاب العشوائي لهذا النوع من التجارة التي تصنف ضمن نشاط السوق الموازية للإقتصاد الوطني. و يأمل التجار المتجولين المتضررين من العملية أن لا تدوم هذه الحملة نظرا للظروف الإجتماعية الصعبة التي يمرون بها بعد عجز السلطة عن دمجهم في سوق الشغل. تنسيق : معز الجماعي (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 05 سبتمبر 2008) الرابط : www.pdpinfo.org 


الرئيس التونسي يرفع الحجب عن « فايس بوك »

وحقوقيون ينتقدون حجب المواقع العربية

 
تونس – المصريّون – كتب سليم بوخذير  أعلن الرئيس التونسي الأربعاء 3 سبتمبر – أيلول قراره رفع الغلق المسلّط في تونس على موقع « فايس بوك » ، فيما إنتقدت دوائر حقوقيّة في تونس تواصل حجب عديد المواقع الإعلاميّة في تونس و إعتقال ناشط على خلفيّة مقابلة بثّتها له قناة « الجزيرة » .  و قالت صحيفة « الشروق » اليوميّة التونسية القريبة من الحكومة في عددها الصادر أمس الأربعاء أنّ « رئيس الدولة (زين العابدين بن علي) تدخّل شخصيّا بإعطاء تعليماته بإعادة فتح موقع « فايس بوك » أمام مستخدمي شبكة الانترنت في تونس » .  و لم تضف الصحيفة أي تفاصيل أخرى للخبر الذي لم يحمل توقيع كاتبه .  و أتى رفع الحجب المسلّط في تونس بعد أسابيع عانى فيها مستخدمي الأنترنت من حجب هذا الموقع الذي حقّق فرصا كبيرة لروّاد الشبكة العنكبوتيّة للمعلومات فرصا واسعة للتواصل و تبادل المعلومات و الآراء ..  كما أنّ قرار الرئيس التونسي فتْح « فايس بوك » في تونس أتى بعد أيام قليلة جدّا من بثّ آخر حلقة من برنامج قناة « الجزيرة » الشهير « منبرالجزيرة » التّي خُصّصت لموضوع حجب مواقع الأنترنت في الدول العربيّة و إحتلّت تونس صدارة الدول التي ناقشت الحلقة موضوع حجب مواقع الأنترنت فيها بإعتبارها من أشهر الدول العربيّة في هذا السياق ، ممّا جعل حلقة « منبر الجزيرة » تُثير جدلا في تونس .  و تدخّل عدد هام من المشاهدين إنتقدوا توجّه الحكومة التونسية إلى حجب موقع « فايس بوك » وعديد المواقع ك »شكل من أشكال التضييق على مخالفيها الرأي » ، مثلما جاء في وصف أحد المتدخّلين .  من جهتها إنتقدت دوائر حقوقيّة في تونس إكتفاء الرئيس التونسي برفع الحجب عن موقع « فايس بوك » بالذات واصفة إيّاه ب »القرار المنقوص » .  و قال الحقوقيّ التونسي محمد عبو عضو المجلس الوطني للحرّيات « قرار السلطة رفع الحجب عن « فايس بوك » إقرار منها بأنّها هي من حجبته وأنّ قرار الحجب كان منافيا للإتفاقيات الدوليّة في هذا المضمار » .  و تابع في تصريح ل »المصريون » مساء الأربعاء أنّ « قائمة المواقع الإعلاميّة المحجوبة في تونس لا تُحصى ورفع الحجب عن « فايس بوك » فقط لا يكفي ، فهناك مواقع إعلاميّة عربية و تونسيّة ومواقع لمنظمات دوليّة يتواصل حجبها منذ سنوات و الحكومة تُمعِن في حجبها كسلاح تستخدمه لحجب المعلومة عن التونسيين مع أنّها وقّعت معاهدات تمنع هذا السلوك » .  و طالب عبّو الحكومة التونسية برفع الحجب عن كلّ المواقع الإعلامية و الحقوقيّة لأنّ « حرية تبادل المعلومات حقّ لكلّ التونسيين » و ندّد ب « سلاح الحجب الذي طال عددا كبيرا المواقع المحترمة في تونس » ، حسب تعبيره .  و تحجب تونس منذ سنوات عديد المواقع على شبكة الأنترنت في مقدّمتها مواقع عديد الصحف التونسية بالخارج وموقع قناة « العربية » ومواقع عديد المنظمات الحقوقيّة الدولية بينها منظمة العفو الدولية و الإتحاد الدولي للصحافيين والشبكة الدولية لحرّية التعبير « إيفيكس » و غيرها . * تواصل إعتقال ناشط على خلفيّة مقابلة مع « الجزيرة »   من جهة أخرى ، أعلنت مصادر حقوقيّة الأربعاء ل »المصريون » رفض قاضي التحقيق بمحكمة مدينة بنزرت (60 كلم شمال العاصمة تونس) الإفراج عن الحقوقي التونسي المُعتقل طارق السوسي .  و قالت المصادر إنّ أحد المحامين إنسحب صباح الأربعاء من حضور محضر إستجواب السوسي إحتجاجا على ما وصفه ب »سوء معاملة السوسي من قبل الأعوان حيث إستقدموه من السجن على المحكمة بغير عُكّازيْه مع أنّه معاق « .   وإعتقلت السلطات التونسية منذ الثاني و العشرين من أغسطس الماضي طارق السوسي عضو الجمعيّة الدوليّة لمساندة المساجين السياسيين عقب مقابلة بثتها له قناة « الجزيرة » إنتقد فيها إعتقال السلطات ل7 شبان في مدينة بنزرت .  و وصفت منظمة « مراسلون بلا حدود » إعتقال السوسي ب »التعسّفي » و إعتبرته « ضربا جديدا من الحكومة التونسية لحرّية التعبير » . (المصدر : صحيفة « المصريّون » (يوميّة – مصر) بتاريخ 5 سبتمبر 2008 ). الرابط :  http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=53484&Page=5

 

 الرئيس زين العابدين بن علي يقرر التركيبة الجديدة للديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي

قرطاج 5 سبتمبر 2008 (وات) – كان نشاط التجمع الدستورى الديمقراطي منذ مؤتمر التحدى والاستعدادات للفترة المقبلة ابرز محاور اجتماع الرئيس زين العابدين بن علي يوم الجمعة بالسيد محمد الغنوشي نائب رئيس التجمع. واهتم سيادة الرئيس في هذا الاطار بمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر وما اقره سيادته من اجراءات ومبادرات بخصوص التجمع ونشاطه السياسي. واعلن السيد محمد الغنوشي ان سيادة الرئيس قرر ان تكون تركيبة الديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي على النحو التالي: السادة / محمد الغنوشي :  نائب رئيس التجمع / محمد الغرياني : امين عام / عبد الله القلال : امين مال أعضاء السادة والسيدة / فؤاد المبزع / عبد العزيز بن ضياء / احمد عياض الودرني / عبد الوهاب عبد الله / رفيق بلحاج قاسم / اليفة فاروق
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 5 سبتمبر 2008)
 
 


حرص رئاسي متجدد على تأمين الاحاطة المثلى بالحجيج والمعتمرين التونسيين

تونس 5 سبتمبر 2008 (وات) – اكد الرئيس زين العابدين بن علي يوم الخميس لدى استقباله الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للاقامات والخدمات على تامين افضل ظروف الاستقبال والاقامة للمعتمرين خاصة خلال شهر رمضان المعظم وعلى ضرورة الاستعداد من الان لموسم الحج وما يستوجبه من توفير كل العوامل الملائمة على اصعدة النقل والاستقبال والاقامة لتيسير أداء الحجيج لمناسكهم. ويبرز هذا الاهتمام المتجدد بالحجيج والمعتمرين التونسيين ما تحظى المناسبات والمواسم الدينية في تونس من عناية فائقة ومتابعة مستمرة تعكس حرص رئيس الدولة على ايلاء هذه المناسبات المنزلة الرفيعة والمكانة المستحقة كاحداث متميزة في وجدان التونسيين وحياتهم الاجتماعية. وتكريسا لحرص الرئيس زين العابدين بن علي الشخصي على أن يؤدى الحجيج والمعتمرون التونسيون مناسكهم في افضل الظروف وباقل مشقة ممكنة تعمل مختلف الجهات والهياكل المتدخلة على توفير ارقى الخدمات لضيوف الرحمان ولا تدخر جهدا لاحكام التنسيق وطنيا من جهة ومع السلطات السعودية من جهة اخرى قصد تامين كل عوامل نجاح تنظيم اداء هذه المناسك. ويتوجه خلال الموسم الحالي اكثر من 30 الف تونسي وتونسية للبقاع المقدسة لاداء مناسك العمرة.وقد انطلقت اولى الرحلات يوم 20 مارس الماضي.  


16500 تونسي وتونسية يؤدون مناسك العمرة في شهر رمضان

ويشهد شهر رمضان المعظم هذا العام اداء 16500 تونسي وتونسية لمناسك العمرة من بينهم 9 الاف سيقضون العشر الاواخر في البقاع المقدسة منهم حوالي 8500 سيقضون ليلة السابع والعشرين من رمضان في مكة. وقد امنت الشركة الوطنية للاقامات والخدمات الحجوزات في افضل الظروف وعملت على المحافظة على نفس المواقع السكنية قرب الحرمين الشريفين والتي تتوفر على كامل مقومات الرفاه. والملاحظ انه لم يجر الترفيع في اسعار الاقامة بالنسبة للتونسيين على عكس عديد البلدان الاخرى وهو ما يؤكد السمعة الطيبة لتونس وقيادتها وما يحظيان به من احترام وتبجيل ويبرهن على الانطباعات الحسنة عن سلوك التونسيين في اقاماتهم. وترافق المعتمرين بعثة ادارية متكاملة تسهر على التاطير الادارى وتقديم الخدمات اللازمة في هذا المجال وبعثة طبية وشبه طبية تتكون خلال شهر رمضان المعظم لهذا العام من 18 طبيبا و22 ممرضا الى جانب مؤطرين يسهرون على راحة المعتمرين من حيث النظافة والصحة ومختلف الخدمات الاخرى. ويشار الى ان الشركة الوطنية للاقامات والخدمات قد شرعت في الاستعداد لموسم الحج لهذا العام منذ نهاية الموسم الفارط وذلك في اطار حرص الرئيس زين العابدين بن علي على ان يؤدى الحاج التونسي مناسكه في افضل الظروف وأيسرها.
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 5 سبتمبر 2008)

تحدي « التحدي »    
  بقلم أبو جمال عبد الناصر   سأل أحدهم ثلاثة مواطنين عرب من أقطار مختلفة:  – ما رأيكم في أكل اللحم؟:    -أجاب المصري: ماهو اللحم ؟    – رد السوداني : ماهو الأكل؟ –  وقال التونسي: ماهو الرأي؟     « ….إن مؤتمركم هذا أراده سيادة الرئيس أن ينعقد تحت شعار (التحدي) وهو الرجل الذي عودنا دائما برفع التحديات وبالنجاحات وأهمها تحدي إنقاذ الدولة والمؤسسات وتحدي إستقلال القرار الوطني وتحدي مصالحة تونس مع هويتها العربية الإسلامية وتحدي الإستقرار الإجتماعي والسياسي وتحدي التقدم بثبات وبحكمة القائد الرمز المنتصر دوما لوطنه المنحاز لشعبه والحاضن لقضايا أمته العربية وأهمها قضيتها المركزية فلسطين في زمن يعز فيه الحاضن والنصير … » ، من تفوّه بهذه الكلمات ليس أمين عام التجمع الدستوري الديمقراطي وليس عضو شعبة دستورية بل أمين عام أحد الأجهزة الحزبية للنظام – أو ما يعرف « بأحزاب المخزن » التي أسسها لإحتواء العمل الحزبي وإفساد الحياة السياسية-  في إفتتاح المؤتمر الخامس للحزب الحاكم بأمره التجمع الدستوري الديمقراطي المنعقد بالعاصمة من 30 جويلية إلى 02 أوت 2008  تحت شعار  » التحدي ». وبعد أن تمخض عن ذلك المؤتمر ما تمخض من قرارات وهيكلة جديدة أفرحت الأعداء وأغاضت الأصدقاء وبعد أن هدأت كواليس الإنتخابات الداخلية ،لم يبق في مفتتح هذه السنة السياسية الجديدة من ذلك المؤتمر سوى ذلك الشعار العظيم « التحدي  » ،فماهي المعارك التي تحدى فيها الحزب الحاكم الجميع ؟ لأن التحدي يفترض منطقا وجود قوة مماثلة وخطر داهم يهدد كيان الدولة ومستقبل المواطنين تستوجب التدابير الإستثائية والإستنفار (الفصل 46 من الدستور)،ورفع شعار »التحدي »،فجحافل قوات العدو ليست على ثغور البلاد! وبوارجه الحربية لم تقترب من شواطئ البحر الأبيض المتوسط ،مما يستوجب إشهار الحرب(الفصل 48 من الدستور) للذود عن الوطن رافعين شعار التحدي في مواجهة قوات الغزو الباغية وكل من يفكر في المساس بأمن البلاد ووحدة شعبها!والمسألة بالنسبة للحزب الحاكم ليست مصارعة لطواحين الهواء أومعركة دنكشوتية ،بل معركة حقيقية خاضها وكسبها رغم كيد الكائدين وضعف المعارضة وتشتتها،فهو اللاعب الوحيد على المسرح السياسي في القطر،وحصوله على المرتبة الأولى في السباق من البديهيات،فلا ولم ولن يوجد من ينافسه ،والأمر لا يستحق كل هذا الضجيج والعجيج ولا يستحق رفع شعار التحدي ،فهو دائما الأول بالضرورة لأنه يعدو بمفرده،ومن يتحدى الحزب الجماهيري الحاكم بأمره ؟،المالك للبلاد والعباد بفضل عدد منخرطيه الذي قارب المليوني منخرط (اللهم لا حسد) ،ومن يجرؤ أو يستطيع تحدي الحزب العتيد العنيد ، الواحد الجبار القهار الذي يسيطر أعضاؤه على جميع مؤسسات الدولة وجميع الإدارات ،له ما على الأرض وما تحتها …بإختصار إنه الدولة !ومن تسوّل له نفسه الآمارة بالسوء تحدي هذا الحزب/الدولة الذّي برع في خلق أجهزة تدعي زورا وبهتانا أنها « أحزاب معارضة » عوضته في القيام بمهام الأجهزة الحكومية والإدارية الأخرى بل وتفوقت عليها …وفي ظل غياب هذه القوى المقابلة لقوة الحزب الحاكم والتي تحداها وربحها كاسبا للرهان  وجب البحث عنها وكشفها لأن الحزب الحاكم بأمره لا يتحدى الفراغ والوهم فأعماله وشعاراته وقراراته منزهة عن التزيد والإعتباط ،إذ هناك تحديات تحداها ،واجهها بكل شجاعة ،وإن لم توجد هذه التحديات يجب خلقها … 1)     تحدّى الحزب الحاكم بمجلسي النواب والمستشارين و »أحزابه المخزنية » الطبقة السياسية في تونس إن كانت تستطيع فرض تغيير سياسي سلمي في القطر عبر التداول على السلطة والمشاركة في إدارة شؤونه بين مختلف مكوناته وأطيافه ،فهو الوحيد الذي يملك سلطة تحديد عدد المرشحين ونوعيتهم وصفاتهم للإستحقاقات الإنتخابية المقبلة وبالتنقيحات المتتالية على الدستور صارت تونس مضرب الأمثال في تحديد الحزب الحاكم من ينافسه في الإنتخابات !وهو لعمري بدعة في العمل السياسي وضرب للديمقراطية كما أجمع على ذلك فقهاء القانون الدستوري. 2)     تحدّى الحزب الحاكم الجمعيات والمنظمات داخل القطر وخارجه وجميع المواثيق الدولية التي طالبت جميعا ونصت على إطلاق سراح بقية المساجين السياسيين لديها الذين يعيشون ظروفا سيئة وضرورة سن قانون العفو التشريعي العام وضرورة عودة المغتربين إلى موطنهم 3)     تحدّى الحزب الحاكم بأجهزته المروعة التي لا روعة فيها أهالي الحوض المنجمي وحقهم في العيش بكرامة وعزة وأنفة وحقهم في نصيبهم من الثروة الوطنية وفق توزيع عادل إن كانوا يقدرون على ذلك ،وتحدى العشرات من المحالين والمحكومين في قضايا ملفقة التي لم تحترم أبسط حقوق الإنسان وحرياته إن كانوا سيغادرون السجن قبل إنقضاء مدة محكوميتهم … وتحداهم إن كانت ستجرى لهم محاكمات عادلة علنية تحترم فيها أبسط القوانين الإجرائية..وتحدى إمكانية تحقيق الإستقرار السياسي والإجتماعي. 4)     تحدّى الحزب الحاكم الهوية العربية الإسلامية لشعبنا  بضربه للغة العربية عبر تشجيعه للهجات المحلية واللغات الأجنبية التي تبثها الإذاعات التابعة له كالسموم بين الشباب وإنخراطه المتواصل في دعم أركان الفرنكفونية وخلق جيل من الشباب مستلب من الهوية العربية الإسلامية ،كافرا بها ،معتزا بإنتماءه إلى النادي الإفريقي والترجي الرياضي مستعدا أن يضحي من أجلهما بالغالي والنفيس عوضا عن إعتزازه بإنتماءه إلى الهوية العربية الإسلامية وأمتنا العربية المجيدة و تونسنا الحبيبة جزء لا تتجزأ منها. وتحدى المحجبات عبر مطاردتهن في الشوارع والأنهج  والإدارات ومدارج الكليات وقاعات المعاهد والمدراس الإعدادية ولعبة الكر والفر معهن إن كن يستطعن السير بالشوارع  محجبات أو سافرات الوجه !. 5)     تحدّى الحزب الحاكم أهالي شهداء تونس من أجل فلسطين ومن ورائهم مشاعر الملايين من أبناء شعبنا كون هؤلاء أنجبتهم أرض تونس العربية من خلال المعاملة المهينة لهم يوم دفنهم والتعتيم والظروف الغامضة والإجراءات المشددة التي صاحبت تسلمهم وكأنهم قتلوا في حادث سير أو أثناء مباراة لكرة القدم ومازال شعبنا إلى اليوم يتساءل عن مصير جثمان الشهيد البطل خالد الوسلاتي ،فماهو مصيره؟. 6)     تحدّى الحزب الحاكم القضية المركزية لأمتنا وشعبنا العربي قضية فلسطين عبر إنخراطه المفضوح العلني والسري في مسار التطبيع مع العدو الصهيوني ،فمن  توجيه دعوة لمجرم الحرب شارون لحضور قمة المعلومات في نوفمبر 2005  إلى سماحه لمجرم الحرب الصهيوني سلفان شالوم بزيارة قابس موطن رأس الشهيد فيصل الحشايشي الذي أستشهد دفاعا عن فلسطين وصولا أخيرا قبوله مشاركة جغرافيين صهاينة في المؤتمر الــ31 الإتحاد الجغرافي الدولي المنعقد بتونس أيام 12،13 ،14 و15 أوت 2008  والذي كان سببا لمقاطعة الجمعية الجغرافية الفلسطينية  له وقد صرح مديرها  مسلم أبوالحلو، إن الجغرافيين الصهاينة يحملون رتبتين؛ الأولى عسكرية دموية، والثانية علمية جغرافية عنصرية،وتحدى أن خطواته هذه تلقى مباركة وترحيب من الفلسطينيين أنفسهم وتحدى أننا لن تكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم . 7) تحدي آلاف المعطلين عن العمل المجازفين بحياتهم في قوارب الموت السرية إن كانوا سيتحصلون عن موطن شغل قار في تونس بين أهلهم ،يضمن لهم العيش الكريم وتحداهم إن كانوا سيصلون إلى ضفة المتوسط الأخرى سالمين ،فأكل البحر منهم من أكل ووصل من كتبت له حياة أخرى ودخل الحزب الحاكم في معركة التحدي مع البحر :من يأكل أكثر من الشباب المعطل وكانت الغلبة للبحر الذي كان له لوحده شرف منافسة الحزب الحاكم ،فهنيئا له بهذه المنافسة!.      (المصدر: الموقف بتاريخ 05 سبتمبر 2008) أطلقوا سراح مدونتي المحجوزة: »الحرية أولا وأخيرا » على الرابط: http://jamelnaceur1952.maktoobblog.com


 
بسم الله الرحمان الرّحيم

حوار الطرشان وصمت الأموات بين السلطة والمعارضة:(الجزء السادس ) كيف تحقيق الأمن والسلم الأهلي في رمضان العودة حق واسترداده واجب لا حياة كريمة بدون المحافظة على الهوية العربية الاسلامية الحكمة تقتضي ترك عقلية تبسيط الأمور واستعجال النتائج والاستخفاف بالآخر لا تنمية بدون ضمان حقوقّ المواطنة (الجزء السادس )

« واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم » (آل عمران 103) « قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)  » ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة »(النحل – 125)  » يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا ونساء، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا،  » (النساء – 1) باريس في 5 سبتمبر  2008 بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس قول في الكارهين للمصالحة: تحت هذا العنوان كتب الاخ فاضل البلدي:  » إذا كانت الطريق إلى المصالحة هي بيان إمكانيتها وجدواها ثم إشاعة ثقافة المصالحة وتعبئة  الرأي العام من أجلها ودفع كل ما من شأنه أن يعيقها. وإذا كنت مؤمنا بالمصالحة وحريصا على تحقيقها فلن يثنيني أو يفل في عزيمتي ، تشكيك أو تثبيط أو مزايدة ، فأنا أعلم أن هذا المركب صعب وأن الكارهين للمصالحة كثيرون. وسأحاول في مقالتي هذه أن أفصل الحديث في ذلك ملتزما ما استطعت بالموضوعية والأدب دون أن أجامل أو أظلم. ولكن قبل ذلك ، يحسن التنبيه إلى أني ملتزم بمنهاج واضح يقوم على تحديد كسب الحركات والأحزاب والأشخاص وفي مقدمتهم الإسلاميين أي مسؤولية هؤلاء فيما يقع من خصومة أو تدافع أو تشابك. وهذا لا يعني بأية حال أني أقلل من مسؤولية السلطة أو النظام فذلك أمر بديهي وهو من سنن التدافع وشواهد التاريخ. وكل سلطة – من الناحية الموضوعية – تدافع عن سلطانها وهيبتها وأشخاصها ومنافعها – ودفاعها يتدرج بين اللين والبطش بحسب وعيها وثقافتها ومسؤوليتها الدينية أو الحضارية والأخلاقية من ناحية. ومن جهة أخرى بحسب وعي المعارض وثقافته ومنهاجه وسلوكه في المعارضة ومسؤوليته أيضا وحتى أكون أكثر وضوحا أقول أ- إن مما يعين الفاعلين أو المعارضين أو الطالبين للإصلاح والتغيير هو أن يتفهموا موقف الأنظمة والأحزاب الحاكمة في الدفاع عن نفسها وعن مصالحها وامتيازات المرتبطين بها. وأن يدركوا أن ذلك من طبيعة الأنظمة وجبلة فيها. ب- إن المعارض أو الطالب أو المصلح سواء كان شخصا أو حزبا أو منظمة أو حركة مدعو لأن يحسن تقدير السلطة التي أمامه ويعرف ما يحكمها من توازنات ويقدر الظروف الموضوعية التي يعمل فيها ويبحث عن مفاتيح التغيير الفاعلة ويتقن فن الممكن إحسانا للمعارضة والمطالبة وابتعادا عن تضييع الوقت والجهد في غير وقته أو محله واهتداءا لأفضل الطرق والمناهج حتى يبلغ بها هدفه في الإصلاح أو التغيير بأقل الخسائر. ج- إن المعارضة لا تعني بالضرورة شتيمة أو سبابا أو إبرازا مغلظا للعورات أو حدة وعنفا في المطالبة فذلك يسد النفوس ويدفع إلى المكابرة ويستدعي الصلف والبطش ويستعدي الأنظمة فلا تعود قادرة على حسن الإصغاء أو الفهم فضلا عن أن تستجيب للنصائح والمطالب. د- إن الرفق يزين الأعمال وإن الكلمة الطيبة العادلة تبلغ القلوب والعقول وإن حسن الطلب حري بالإجابة وهذا إذا كان الطالب أو المعارض أو المصلح مؤمنا بقضيته ملتزما بها مستعدا للتضحية من أجلها غير قابل للشراء لا يتعب ولا يكل قادرا على الصبر والمصابرة والمرابطة دون استعجال ولا استعداء. يحسن استغلال الفرص والظروف. وهذا لا يعني سكوتا على الظلم أو قبولا بالدنية أو تفريطا في الحقوق أو كسلا في المطالبة ولكن تعديلا في المنهاج ونهوضا بالمسؤولية وتقليلا للأخطاء. أعود بعد هذه التوضيحات إلى تفصل الحديث في الكارهين للمصالحة فأقول أول الكارهين للمصالحة هم المستفيدون من التشابك وتأبيد التدافع أي الذين استفادوا ولا يزالون مستفيدين ماديا وهؤلاء لا تعنيهم غير أنفسهم ولا يكترثون بآلام وجراحات الغير ولا يهمهم الاستقرار والوئام الاجتماعي لأن هذا يذهب بالحوافز ويقلل الحاجة إليهم. ويدخل في هؤلاء رجال الأمن وتجار الحروب وصناع مناخات التشابك مثلهم مثل أصحاب شركات المال والسلاح في الشأن الدولي الذين يدفعون بالسياسيين لصناعة الحروب والأزمات حتى تزدهر صناعتهم وتجارتهم. ثاني الكارهين للمصالحة هم الذين يريدون للإسلاميين أن يبقوا ملاحقين متابعين منهوكين مشغولين بتضميد الجراحات خائفين مهمومين لا يكادون يفرغون من محنة حتى تأتي أخرى لأن ذلك كله يحرمهم من فرص التعافي وإصلاح البناء واستثمار النتائج المتراكمة عبر الزمن ، والتفرغ للعطاء فتتوسع حركتهم ويتضاعف تأثيرهم ويغدون طرفا أساسيا في الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي ، مقبولا بهم حبا أو كراهية ويدخل في هؤلاء الكارهين كل الخصوم السياسيين وعلى رأسهم اليسار لأنهم لا يثقون في قدرتهم على المنافسة الديمقراطية لو توفر مناخها وكان للإسلاميين حضور ودور فيها. وهؤلاء الكارهون قادرون على صناعة أجواء التوتر ومناخات التشابك متوسلين في ذلك بالاندساس وتوظيف الدولة أو بركوب مركب حقوق الإنسان والجمعيات الاحتجاجية أو بالمعارضة « الجذرية » إلى غير ذلك من الفنون التي أتقنوها واستدرجوا الإسلاميين المضطهدين إليها. وثالث الكارهين للمصالحة دعاة الفسق والفجور وطلاب الشهوة والمنادون « بالحرية » في الدين والأخلاق والقيم أي الذين يحرجهم وجود حركة اجتماعية أو ثقافية أو سياسية قوية تشيع قيم الدين والأخلاق والطهارة والنظافة نظافة القول ونظافة السلوك. ولا أحد يستطيع أن ينكر ما أصاب المجتمع في غياب الحركة الإسلامية كما أنه لا أحد ينكر ما كانت عليه الأوضاع عندما كان للإسلاميين حضور قوي في واقع البلاد لذلك فالكارهون للمصالحة من هذا الصنف يسوؤهم أن تتعافى الحركة الإسلامية وأن تتم مصالحة تكون هي أكبر المستفيدين منها إشاعة للقيم وحضورا معنويا وواقعيا يفرض الحياء ويمنع طلاب الشهوة من إشاعة الفساد فضلا عن الدعوة إليه. ورابع الكارهين للمصالحة هو الأجنبي وإن بدا أنه ينادي بالديمقراطية ويبشر بها ويسند جمعيات حقوق الإنسان والمدافعين عن الحرية ويفتح بلدانه للمضطهدين طلاب اللجوء السياسي. وهذا الأجنبي يكره المصالحة لأن المصالحة توفر الوئام والسلم الاجتماعي وتقي الوطن من الهزات وتوفر مناخ البناء وهذا يساعد على النهوض والتطور والتحرّر. والتحرّر يعني استقلالا حقيقيا وقرارا سياديا وحسن استغلال للطاقات والإمكانات فيما ينفع الأوطان دون غيرها. وقد يبدو أن الفاعل الأجنبي يستفيد من وضعية الاستقرار التي عليها الوطن رغم هشاشتها وهو ما يجعله يدعم النظام ويحسن الموازنة بين هذا الدعم وما يظنّ أنه مساندة لدعاة حقوق الإنسان والمنادين بالديمقراطية. ولكن الحقيقة أن لا أحد يحب الخير للوطن أكثر من أهله وهو ما يحتاج إلى وعي وفهم كبيرين ولا أظن الناس قاصرين على إدراك ذلك. وخامس الكارهين للمصالحة بعض الإسلاميين وإن ادعى هذا البعض أنه سعى إليها وطلبها ووسط الوسطاء من أجل تحقيقها. لأن المصالحة في فهمي اقتناع وتقدير دقيق للمصلحة ثم سلوك يظهر في القول والممارسة وسعي مطرد من أجل ذلك بكل شجاعة وجرأة ومسؤولية دون إصدار أحكام مسبقة على النتائج أو اتهام للنوايا أو تعلل بمراعاة مشاعر القاعدة إلى غير ذلك من الحجج والعلل. ولا أحب أن أتحدث عن المنافع وغيرها لأن هذا موضوع حساس ومؤذ وأنا لا أريد أن أؤذي نفسي وأصحابي. وفي الأخير أنا أحب لهؤلاء الكارهين جميعا أن يكونوا في مستوى المسؤولية التاريخية والوطنية وأن يتحولوا من موقع الكاره للمصالحة إلى موقع الطالب لها والساعي من أجلها توفيرا لشروطها وإعدادا للوطن للمحطات المقبلة حتى تتوفر له شروط الانتقال الديمقراطي في كنف من الوئام والسلم والأمن والعطاء والوطن مؤهل ذلك وأهل له. مسؤولية السلطة في الواقع التونسي :   كتب الاخ غبد المحيد الميلي من فرنسا في 30 أوت 2008  عن النقد الواقع للحركة الاسلامية  وما وقعت فيه منذ عقدين من الزمن الربع والمحنة التي يعيشها أعضاء الحركة وأنصارها مع العلم أن أبناء الحركة الإسلامية لا يرون أن تجربتهم وقعت في أخطاء و يرون ببساطة أن مسؤولية ما وقع تقع كاملة على الطرف ألأخر. وكانت قيادة النهضة في المهجرالتي نصبت نفسها طيلة المرحلة الماضية منذ 1995 من هذا الموضوع خطا أحمر, أما الذين أصروا على ضرورة المراجعة والتقييم والوقوف على الأخطاء كمقدمة للخروج من مأزق المواجهة وفتح أفاق جديدة للتيار الاسلامى غير آفاق السجون والمنافي تعرضوا للمحاصرة والتجميد والتهميش والاتهام بالتساقط والتواطى الموضوعي مع السلطة و كنت من المصنفين في هذا الصنف. أما اليوم يقول الخ عبد المجيد الميلي فالمطلع على ما يدور من حوارات داخل الصف الاسلامى يدرك أن صفحة من تاريخ الإسلام السياسي في تونس قد طويت وأننا اليوم أمام مرحلة جديدة, تشكل محاكمة المرحلة السابقة وخيارات وأداء أحد العناصر المؤسسة لها و منهم من يضع المسؤولية الكاملة عليه. بل منهم من يذهب ابعد من هذا فمنهم من يرى هذا العنصر المؤسس لم يبقى له الا احد الخيارين اما الخيار الذي اختاره الاستاذ احمد المستيري بعد هزيمته في انتخابات 1989 أو الخيار الثاني وهو الخيار الاشد وهو خيار الرئيس الباكستاني مشرف اذ خيّر بين الاستقالة بهدوء او المحاكمة والمسائلة على جميع الاخطاء التي ارتكبها و هو اعلم بها. و كلا الخيارين صعيبان على النفس. وبقطع النظر عن الأسماء, إن كان هذا الأمر تصحيحا داخليا أو انشقاقا أو انقلابا فإننا حتما أمام ميلاد تيار جديد سواءا لمضمون هذه الأدبيات بما فيها من إقرار بقصور وخطا ألمرحلة الماضية وما تضمنته من دعوة إلى خيارات وأداء مغاير لها جذريا ثم للطيف الذي التف حولها في الداخل والخارج متمثلا في القطاع الأوسع من الإطارات الإسلامية والكوادر التنظيمية. مع العلم ان تسعة من عناصر مجلس شورى الحركة لم يذكر الاخ عبد المجيد أسمائهم انضموا لهذه المبادرة وهذا أمر لم يسبق أن حصل في الماضي. والفكرة الأساسية لهذا التيار ومشروعه السياسي هو إخراج علاقة الحركة الإسلامية مع السلطة من معادلة المغالبة والصراع و تطبيع وجودها حركة وطنية إسلامية تقوم بدورها في خدمة الوطن ضمن قوانين البلاد وقواعد العيش المشترك . إن اغلب ابناء الحركة الإسلامية سواء في الداخل او الخارج اصبح لديهم قناعة ان الخركة لم تجن شيئا من هذه المواجهة بل هي باعدت بينها وبين أهدافها و عزلتها عن ساحة فعلها و شوشت على علاقاتها مع مكوّنات المجتمع التونسي عموما. إذا الهدف هو تفكيك أصول هذه ألازمة وقطع اوصالها بالتخلص من المنظّر و منفيذيها و تطهير الحركة من الداعمين و الداعين لمثل هذا التوجه الفاشل و قد اثبتت الايام فشله اذ لا بدّ لكل توجه من رجال يسهرون عليه و يخولونه الى واقع معاش. ولهذا اننا نرى ان الأسلوب هو طريق الحوار و إقناع الأخر نعني به السلطة الحاكمة بالبحث عما يمكن أن يكون  القاسم المشترك و عن المصالح المشتركة التي تخدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وتساهم في خدمة البلاد و العباد. فالحركة الإسلامية حسب ما كتبه الاخ عبد المجيد هي قد قطعت مع التصور الذي يعتبر السلطة هي الخصم وهى العدو ولم تعد تر نفسها بديلا عنها بل ترى فيها شريكا يجب التعاطي معه من اجل دفع البلاد نحو مزيد من التنمية البشرية والاقتصادية في ظل احترام الحقوق الأساسية للمواطن وهوية البلاد العربية الإسلامية. و يواصل الاخ عبد المجيد في التوضيح اذ يكتب : »الحركة الإسلامية ليست حركة ترتسكية تقوم على الاحتجاج والمزايدة وتعيش على وهم الثورة المستمرة بل هي حركة بناء واعمار تتعاطى بايجابية مع وضعها.وهى تعمل على تحرير السياسي من ربقة المطلق وإعادته إلى دائرة الممكن والمستطاع ضمن مقاربات واقعية تجعل مصلحة تونس والتونسيين فوق كل اعتبار ». و هذ كلام جديد يصدر عن صاحبه و لم يكن معهودا عنه في السابق. كما كتب الاخ محمد شمام بتاريخ 28 أوت 2008 ضمن سلسلة متواصلة من الحلقات بعنون : » حتّى لا يشوش على الواجب الشرعي » في الحلقة رقم 11 (بتصرّف):  » خلاصة ومحاكمة :ما يحتاج إلى التوقف ثلاث: ثبات وصمود مسيرة النبوة في الدعوة إلى الله حتى أثناء وعقب خطة الاستئصال / وسر هذا الثبات والصمود / وضرورة فهم التكامل للأحداث ومراحل السيرة لسلامة الاستفادة منها.  » ثبات وصمود مسيرة النبوة على محورية الدعوة إلى الله في أثناء وعقب خطة الاستئصال: رأينا ماذا كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم تجاه آخر محاولات القريشيين قبل وفاة أبي طالب حيث قال ‏:‏ ‏(‏أرأيتم إن أعطيتكم كلمة تكلمتم بها، ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم‏)‏ ، فقال أبو جهل‏:‏ ما هي‏؟‏  » وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها، قال‏:‏ تقولون‏:‏ ‏(‏لا إله إلا الله ، وتخلعون ما تعبدون من دونه‏)‏‏.‏ فقالوا يأسا من تحوله عن دعوة الإسلام :‏ (إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئًا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه‏.‏)  » كان هذا مشهد آخر من ثباته صلى الله عليه وسلم وأبو طالب على فراش الموت، وقد كان بعد خطة استئصالية  كانت لها أضرارها الكبيرة، ومنها حال عمه أبي طالب طريح الفراش. ومع ذلك لم يحدثهم إلا في القضية الواحدة، قضية الدعوة وقضية الإسلام حتى عبر عليها بالكلمة الواحدة، رغم أنهم عبروا بوضوح  أنهم جاؤوا للأخذ والعطاء، فلم يأخذ ولم يعط بل عرض دعوة الإسلام في كلمة واحدة.  » إنه نفس الثبات الذي رأيناه في أول مشهد وأبو طالب في عنفوانه. وما بينهما كان ثباتا كله ، مع ثبات الصدع بالحق كاملا وتبليغه، بعيدا عن كل أساليب المراوغة والكذب والخداع التي يمارسها أهل السياسة اليوم، والتي بدأت تأخذ طريقها حتى لدى حركة النهضة.  » لقد اشتهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصدق والأمانة حتى لقّب في الجاهلية بالأمين. وبعد بعثته تعامل وفي ظروف الشدة وغيرها بذلك الصدق وبتلك الأمانة ، بكل وضوح وبكل الصدع المطلوب منه، حتى وصفه المولى سبحانه وتعالى  » وإنك لعلى خلق عظيم  » (سورة القلم) « إن السياسة من ساس يسوس ، أي قاد يقود ، فلا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم – وخاصة وأنه مسدد بالوحي – كان أمهر القادة أي أمهر الساسة والسياسيين، وكذلك  كانت سياسته في الفترة المكية ، رافضا أي سياسة لا تحفظ المبدأ أو تضره أو تأتي عليه ؟  » فأين هذه المحورية للدعوة في حركة النهضة ؟  » بل على العكس من ذلك فقد تحولت هذه المحورية للعمل السياسي مجردا عن المبدأ ، بل قد بدأ يراودها الأخذ والعطاء فيه والمساومة به كما مر ذكره في الجزء السابق .  » تضييع حركة النهضة لمصادر ثباتها وصمودها وقوتها الأساسية : لقد تعرضت حركة النهضة إلى خطة استئصال سرعان ما انصرف في أثنائها عنها كل نصير خارجي، وانهارت كافة امكانياتها وقواها الذاتية، واستنزفت إلى حد الشلل والعجز، ونال منها الاستئصاليون ما لم ينالوا منها في أي وقت سابق، وانغلقت الأوضاع وانسدت إلا من الله سبحانه وتعالى. ومع ذلك فماذا فعلت هذه الحركة؟ هل لجأت إليه سبحانه أم طفقت تجاهد في الأبواب المغلقة ؟  » لقد كان ثبات هذه الحركة وثيات أبنائها عموما في الجملة ثباتا بطوليا إلا أنه كان ثباتا في السياسة، فلماذا لم يكن ثباتا بنفس الدرجة في الدين؟  » إن أكبر الأبواب الذي دخل منه على حركة النهضة الضعف والوهن والخلل، ليس مجموع ما أصابها من البلاءات مما سبق ذكره، ولكن تفريطها في القرآن ومدده وشحنه وفي العمق الإيماني للأحداث والأعمال.  » لقد رأينا أن سر ثبات وصمود مسيرة النبوة هوعيشها مع القرآن ، بكل أعماقه وآفاقه بما في ذلك آفاق التمكين في الآخرة وأيضا في الدنيا، ليس بالمعنى العجول الذي يعاصره المبتلون ولكن بالمعنى المجرد عن حظوظ المعاصرة له.  » لقد حرمت حركة النهضة نفسها من المصدر الحقيقي للزاد والطاقة خاصة في وقت الشدائد، وهو المصدر الذي لا يقدر أحد أن يحول بينه وبينها بخلاف كل ما سواه. وهذا الزاد وهذه الطاقة كما هما قوة ثبات وصمود هما قوة وصل وصهر ووحدة للحركة، وهما أيضا قوة دفع وعمل. إنه بحرمان هذه الحركة نفسها منه آل حالها إلى نفاذ الطاقة لدرجة العجز والشلل، وأصبحت مهددة في وحدتها، وأيضا في ثباتها وصمودها حتى في الجانب السياسي نفسه. وأخطر من كل ذلك أصبحت مهددة في هويتها وصفتها الإسلامية.  » لقد سجنت نفسها في عالم السياسة مجردا عن عمقه الإسلامي فأصابها الإحباط وسكنها اليأس. ولامخرج لها مما تردت فيه إلا بتوبة إلى الله صادقة تقوّم الزيغ وتستعيد ما ضاع….  » وهذا التضييع للقرآن والعمق الإسلامي لم يعرض حركة النهضة إلى ما ذكرنا فقط ، ولكن أيضا إلى انغلاق أبواب الانفراج دونها، وانسداد الآفاق أمامها. لقد كانت الأبواب – بمنطق الأسباب الظاهرة – مغلقة أمام مسيرة النبوة، ولكن أتى الله لها بالفرج من حيث لم يحتسب أحد، فرجا فتحت معه آفاق عظيمة. ولم يكن لها ذلك إلا بعد عمل دؤوب في الدعوة وفي العبادة وفي تلك الأغوار والأعماق الإيمانية … و هنا يستخلص الاخ محمد شمام  » فأين حركة النهضة من كل هذا بعد تضييعها وإهمالها تلك الأعماق والأغوار، وسجن نفسها في تسطيح سياسي غير منفك عن كثير من عفونات الواقع، والذي لا يمكن أن يفلح في شيئ يرضاه الله بحال؟ »([1]) ويتسائل الاخ عبد المجيد الميلي فيما نشررته تونس نيوز يوم 30 أوت 2008 كيف ستتعاطى السلطة مع هذا التيار الجديد؟ يقول :  » لا يخفى على أحد أن السلطة تمسك بكل أوراق الحياة السياسية في البلاد فالعمل الثقافي والسياسي لا يمكن أن يتحرك في فراغ  أو في عالم النات الوهمي بل لا يتحرك إلا في مساحة الحرية التي تتيحها السلطة . « من هنا فهي تتحكم في حياة وموت الأفكار والتيارات وتتحمل بذلك مسؤولية ما يمكن أن يؤول إليه الوضع بالبلاد. « فهل ستختار المصلحة الوطنية التي تقتضى تمكين التيار الاسلامى من أن يتحول إلى قوة بناء وطني يساهم في التنمية وفى تأكيد هوية البلاد والحفاظ على مكاسبها وترشيد ظاهرة التدين وحماية الشباب من الانزلاق نحو خيارات اليأس و تقوية الصف الداخلي في مواجهة تحديات العولمة وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية. « أم ستركن إلى الخيار الأسهل, خيار الانغلاق وتجاهل هذا العمل الشجاع الذي استطاع أن يتعالى على جراحاته وآلامه ويقدر مصلحة البلاد العليا و ترد هذه اليد الممدودة. السلطة في تونس اعتادت المعالجة الأمنية للملفات السياسية ولكنها اليوم تقف عند محدودية هذا الأسلوب فهل ستجد في نفسها الشجاعة للبحث عن معالجة سياسية لا مناص منها أم ستستهويها سياسة الهروب إلى الإمام والتمنع من تلبية استحقاقات المرحلة القادمة في الانفتاح والمصالحة الوطنية وهى بذلك تغامر بدفع البلاد في دوامة من اليأس تضع مكاسب البلاد ومصالحها على كف عفريت. يواصل الاخ عبد المجيد الميلي  » في مطلع التسعينات رفضت السلطة يد الأستاذ عبد الفتاح موروو الممدودة وأجبرته هو وثلة من إخوانه على اعتزال العمل السياسي وترتب على ذلك استمرار هذه ألازمة عقدين كاملين ولو قبلت به (الاستاذ عبد الفتاح مورو) شريكا لامكن إذابة جليد الأزمة ولما تواصلت المأساة الإنسانية ولما انتظر التونسيون عقدين حتى يصبح لهم الحق في إذاعة للقرآن الكريم وبنك اسلامى وقناة تلفزية تعمل على ترشيد وعيهم الديني. وإذا اغترت اليوم السلطة بقوتها واختارت ردّ اليد الممدودة لهذا التيار الجديد و أجبرت بذلك دعاته على اعتزال العمل السياسي والتخلي عن الاهتمام بالشأن العام فهي تغامر بان لا تجد بعد ذلك في كل هذا الجيل الاسلامى من يقبل أن يمد لها مرة أخرى يده أوان يقبل يوما يدها الممدودة ولن تجد بذلك أمامها إلا دعاة المزايدة والغوغائية إن لم يكن دعاة المواجهة والصدام. ثم يواصل الاخ عبد المجيد  » فسياسة التيئيس من المساهمة في الشأن العام لن تخدم إلا أصحاب الأفكار الهدامة والمصلحة الوطنية تقتضى إيجاد قنوات للتاطير الشعبي في ضل الشعور بالمسؤولية الوطنية وخدمة المصلحة العليا للبلاد. فالتيار الاسلامى لا يريد استجداء السلطة واستعطافها ولكنه يريد تحريك حسّها السياسي ويستحثها لمغادرة الاستئناس بالحلول الأمنية ويتعاون معها في معالجة سياسية وحضارية لازمة الحريات وتمثيل قطاع واسع من التونسيين في الحياة العامة. فالمأزق الذي وقعت فيه البلاد صنعه طرفان كذلك الخروج من هذا المأزق لا يصنعه طرف لوحده فهذه ايدى الإسلاميين ممدودة وثقتنا بان التونسيون قادرون على تقدير المصلحة العليا لبلادهم ولنظامهم السياسي. » مع العلم ان الاخ تراجع عن خيار جرّبه و اكتشف فشله و قد ذهب ضحية هذا الخيار الاخوين محرز بو دقة و بو لبابة دخيل اذ نفذ فيهما حكم الاعدام. ان الحركات الإسلامية في العالم كسبت كل هذه الشعبية لتبنيها المنهج الذي يلتقي مع توجهات الغالبية من أبناء الأمة، ليس من زاوية الدين والتدين فحسب بل من زاوية رفضها للفساد والاستبداد، وسعيها لاستعادة أمجاد الأمة ومقاومة الهجمة الصهيونية والغربية عليها، وإذا كان ذلك كله سينتهي لسلطة في دولة قطرية بائسة، مع التبعية للغرب الحقود والغاصب للأرض و الثروة، فلماذا ستتبعهم الجماهير إذن؟! وصدق الله العظيم اذ قال في كتابه العزيز من سورة المائدة : » يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ اذا إهتديتم » (المائدة -105) و صدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: « ولتكن منكم أمّة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون » (آل عمران 104) و قال تعالى « مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (النحل:97).  و الله هو الهادي إلى سواء السبيل لا رب غيره و لا معبود سواه. وللحديث بقية ان شاء الله. باريس، في 5 سبتمبر 2008 بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس [1] – حتى لا يشوش على الواجب الشرعي (الحلقة الحادية عشرة) أدعو إلى محاكمة للأحداث وفق المنهج القرآني(6) فشل خطة استئصال مسيرة النبوة ثم انفراج وانفتاح الآفاق- 28 أوت 2008 –


لا للحوار مع من لا شرعية له

صمت آذاننا بالدعوة التي وجهها الاتحاد الديمقراطي الوحدوي  للحوار وكثر حولها النقاش والردود وكأن الذي يحدث أمرا غير مسبوق  من حزب يعلم القاصي والداني أن ميلاده كان اثر عملية قيصرية  من رحم السلطة  كانت في الأصل  لضرب التجمع الوحدوي الديمقراطي الذي كان يسمى التجمع القومي الذي كان يتزعمه الأستاذ بشير الصيد . وكانت نشأته المستمدة من أجهزة مخابرات السلطة تستهدف أيضا كل القوميين الناصريين المؤمنين باستقلالية حركتهم عن الأنظمة العربية  ولو كانت في مثل نظام مصر عبد الناصر الزعيم الخالد للأمة العربية . وإذ احيي بالمناسبة كل الإخوة والأخوات الناصريين و الناصريات الذين  عبروا عن رفضهم لهذه الدعوة وهم جادين في ذلك من اجل توعية و إقناع ضعاف النفوس من بعض الإخوة بعدم الدخول لمستنقع الحوار الديماغوجي المصطنع  حتى لا يحشرون في حزب لا يكتسب أدنى المشروعية  للحديث باسم الناصريين فاني أتوجه بكل لطف ومحبة لهم ولكافة القوميين الذين لا يريدون الجلوس على الربوة والساعين من اجل بناء المشروع الناصري المستقل الديمقراطي والمناضل بالملاحظات التالية :                                                                           -لا تحسبوه ندا لكم بردودكم الصادقة والحقيقية لأنه لا شرعية له.                                                                                   – لا تعطوا  أهمية  بغيرتكم على المشروع القومي الناصري لمن لا أهمية له إلا كرقم في خارطة طريق السلطة وديكورها .                                                                                                       -لا ترهقوا أنفسكم وتكلفوها عناء الرد  عن دعوة مشبوهة صادرة من حزب لا يكتسب الشرعية التاريخية ولا النضالية ولا الجماهيرية  لتمثيل القوميين الناصريين بل يستمد وجوده من ظل السلطة وخيالها .                                                          – لا داعي  للرد  على  مبادرة  مشبوهة كل الناس يعلمون أنها مرتبطة بأجندة انتهازية لملا بعض الكراسي التي ستمنحها لهم السلطة كعربون  تأييد وولاء لسياستها المنتهجة داخليا وخارجيا .فسياسة أحزاب الديكور هي سياسة النعامة  يعني  لا يكفيها الرضاء وشهادة الزور مع السلطة ضد ما يحاك للجماهير من انتهاكات لحقوقها وحرياتها  بل تزيد على الطين بلة بان تدك رأسها في التراب  وهذه سياسة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي التي يمارسها منذ نشأته الغير طبيعية إلى الآن والى الغد وبعد غد .                                                                فكيف نصدق دعوة حزب مصيره ومستقبله رهينة تسمية فلان آو علان في موقع دبلوماسي أو تسديد مقعد شاغر في هذه المؤسسة أو تلك ؟                                                                                          لماذا نكلف أنفسنا ونخسر من وقتنا وجهدنا الرد على ما سمي بالمبادرة المهزلة ؟ إن موقع الاتحاد الديمقراطي الوحدوي قد اختاره بنفسه وهو العزلة عن الجماهير وقضاياها  وإدارة ظهره عن قضايا الأمة  في التحرر والوحدة .                                                                                                       و لا تغرينا بعض مواقفه الاستعراضية في المناسبات القومية في شكل بيان أو تعليق أو ندوة طالما أنها لا تحرج السلطة في شيء. كما لا تغرينا بعض الدراسات النظرية أو البيانات السياسية ذات الصيت القومي البراق من هنا وهناك  لأنها مستمدة من الكتب والدراسات وهي لا يمكن أن تكون إلا زيادة في خداع الجماهير العربية .                                                                                                           و الآن اخلص للسؤال التالي :هل ما زال بعد هذا من مبرر للاتحاد الديمقراطي الوحدوي لإطلاق حوار مع من يعتبرونه ليس أهلا للحوار ؟ إن الحوار السياسي يكون في الأصل بين القوى الوطنية  والتقدمية . إن الحوار يكون أساسا بين من يملكون الشرعية  ونحن نعتبر أن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي فاقد للشرعية منذ أن تأسس .  وبناء على ذلك لا يستحق منا أي حوار فهو آخر من يتكلم عن الحوار                                   2008 سبتمبر 5 النفطي حولة : (المصدر: موقع  ناصريون اون لاين  بتاريخ 05 سبتمبر 2008) www.Nafti.1952maktoobblog.com


منطق الناس يتغيّر في ليبيا
  بقلم : خالد الحدّاد صحفي تونسي وباحث في علوم الإعلام والاتصال  

1. مؤسّسات الدولة والشعب يتنازعان السيطرة على « الثروة »:

    عدّة مسائل تعيشها الجماهيريّة هذه الأيّام ، في فترة إحياء الذكرى التاسعة والثلاثين لقيام الثورة ، مسائل تؤشّر إلى واقع من الحراك والتغيّر منها ما بدا سريعا واضحا ومنها ما ينتظر ربّما فترة أخرى ليكون جليّا.  مرور حوالي أربعين سنة عن « الثورة » مكّن الجماهيريّة من الاستعداد إلى مرحلة جديدة، بعد سنوات العواصف الداخليّة والخارجيّة وسنوات القلاقل الاجتماعيّة والسياسيّة ، جاءت سنوات المصارحة والمصالحة والهدوء ومدّ علاقات الشراكة والتعاون مع كلّ دول العالم ، سنوات الانتظارات الكبرى لتغيير الأوضاع في الجماهيريّة نحو الأفضل نحو تطلّعات شعبها بمختلف فئاته ونخبه إلى المستقبل إلى  » ليبيا الغد « .   وبعيدا عن ملف العلاقات الدوليّة والّذي أخذ الكثير من الحظ على مستوى التناول الإعلامي ، وهو الملف الّذي يتّجه إلى وضع الجماهيريّة موضعا دوليّا جديدا بعيدا عن كلّ التوتّرات الّتي سبق للبلاد أن عرفتها لعقود طويلة ، بعيدا عن ملف العلاقات مع إيطاليا والولايات المتّحدة الأمريكيّة والتوجّهات الداعمة للاتحاد الإفريقي ، يتواتر الحديث داخل الجماهيريّة حول موضوعين هامّين متّصلان بمستقبل البلاد وآفاقها الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتنمويّة. أمور تتغيّر   هناك أمور تتغيّر في ليبيا ، منطق الناس وحديثهم لم يعد كما هو ، كما عرفته شخصيّا وعرفه بالتأكيد عديدون خلال سنوات فارطة ، عندما كان الواحد في ليبيا يخاف الحديث علنا ويخشى حتّى أقرب المقربّين إليه ، يخشى الوشاية والعقوبات الشديدة من أجهزة اللجان الثوريّة وغيرها ، ويخشى الطرد من عمله والتهجير والمنفى ، الناس اليوم في ليبيا يتحدّثون عن كلّ شيء عن الفساد الإداري والمالي في مؤسّسات الدولة ، عن توسيع قاعدة المشاركة الاقتصادية والتفريط في أملاك الدولة للخواص ، عن الثروة وحجمها ونصيب كلّ فرد منها بل وحقّ الجميع فيها ، عن الاستثمارات النفطيّة وآفاقها ،عن مشاغل الشباب ، عن عذابات سنوات السجون والمنافي وغيرها من التجاوزات الأمنيّة المتعسّفة والرغبة في طي صفحة الماضي وتحقيق المصالحة . صراع واتهامات   الشعب الليبي اليوم يُتابع كلّ شيء ويُبدي رأيه في كلّ الموضوعات وله اهتمامات محليّة كبيرة وسط الأحاديث المتواترة عن مآل توزيع الثروة وواقع الفساد المالي والإداري الّذي يضرب مختلف مؤسّسات الدولة ويلقي بظلاله حول العديد من الروايات الّتي تؤكّد نهم البعض وتمعّشهم من أملاك الشعب دون محاسبة أو رقيب  ، والصراع بين الجدد والقدامى أو صراع الجيلين جيل الشباب وجيل الشيوخ.   وأنت تتصفّح الجرائد الليبيّة أو تستمع إلى أحد البرامج الحواريّة في سيل القنوات الليبيّة الفضائيّة الجديدة تستشعر هذا التحوّل وهذا التغيّر الحاصل في منطق الناس في ليبيا في تناولهم لمختلف القضايا والملفات والمواضيع ، هناك نوع من التحرّر والحريّة لم يكن موجودا في السابق ، هذا مؤكّد وقد أتاح العقيد القذافي لهذا الجدل وهذا الحوار أن يتواصل ويتدعّم ولكنّه – أي العقيد – كان يتدخّل كلّما لزم الأمر ذلك ليوضّح ويشرح ويبيّن ولكن كذلك ليكون في موضع الحكم يُصدر القرار الّذي تلتزم به في آن واحد مؤسّسات الدولة والشعب ، لأنّ العقيد هو كذلك وكما يقول كلّ الليبيّين: » أبُونا ». حماية نفوذ ومخاوف متواصلة   مؤسّسات الدولة المتعدّدة لم تقف مكتوفة الأيدي سارعت هي الأخرى إلى حماية نفوذها وسيطرتها وبدأت في انجاز عدّة خطوات لردم الهوّة بينها وبين الشعب ساعية إلى بيان حسن التصرّف في الثروة ونفي الاتهامات الموجّهة إليها بخصوص قضايا الفساد المالي والإداري ، هناك اليوم عدّة مشاريع اجتماعيّة تنفّذ منها المتعلّق بالسكن حيث تُبنى أحياء جديدة لتوزّع لاحقا على الشباب والفئات الفقيرة والمحتاجة ، هناك مساعدات نقديّة تُصرف للعائلات المعوزة ، هناك إعانات للباحثين عن شغل والراغبين في الزواج ، بالإضافة إلى ذلك هناك مشاريع وخطط كبرى لإنجاز مشاريع كبرى في البنية الأساسيّة ، من فنادق فاخرة وفضاءات تجاريّة ومركبات سكنيّة وترفيهيّة عصريّة، هناك اليوم بدايات لمشاريع في كلّ ناحية وكلّ مكان من مدينة طرابلس حسبما عاينت شخصيّا ولكن في كلّ جهات ومدن الجماهيريّة حسبما رُوي لي وما تتضمّنه بعض الوثائق والبيانات الرسميّة للدولة الليبّية تحت يافطة « ليبيا الغد » . شكوى وانتظار  لكن الناس يشُكّون ، يُلاحقون المؤسّسات التنفيذيّة وهيئات الدولة ، يتّهمونها بالفساد وبعدم القدرة على إتمام المشاريع والخطط والبرامج ، ينتقدون إهدار ثروة بلادهم من قبل مسؤولي الدولة ومؤسّساتها ويُطالبون العقيد قائد الثورة بالتدخّل ليمنحهم حقّهم من « الثروة » وملاحقة هؤلاء المفسدين العابثين بـ »الثروة » و »الثورة » في آن .    العقيد لمّا تكلّم مؤخّرا كال للشعب صاعين ، اتّهمهم بالكسل والخمول وعدم الرغبة في العمل والنشاط الجدّي والتواكل على الدولة برغم ما وفّرته لهم من فرص وإمكانيات ، قالها القذافي مؤخّرا لشعبه : لم تحسنوا فعل الكثير خلال السنوات الفارطة، وهذا ما ألومكم عليه، وتتحدّثون دوما عن الفساد المالي والإداري في مؤسّسات الدولة  » .   وربّما هي من أفكار اللحظة الراهنة وتداعياتها وربّما قد لا ترى التنفيذ ، قال القذافي إنّ أفضل شيء لمكافحة الفساد المالي والإداري في مؤسّسات الدولة هو تخلّي هذه المؤسّسات عن خدماتها المجانيّة وإلغاء البعض منها مرّة واحدة وفي المقابل يمنحُ المواطن جزء من الثروة يتولّى به تسيير شؤون حياته وحياة أسرته بما فيها التربية والتعليم والصحّة والسكن ، أي تحويل التصرّف في الثروة الوطنيّة من مؤسّسات الدولة إلى الأسر والأفراد، بلغة الرياضيّين وضع العقيد الكرة في ملعب الشعب : تراهم هل يُحسنون التصرّف؟ وماذا عساهم هم فاعلون؟.   مقترح العقيد القذافي فيه الكثير من التحديات والصعوبات وقد أشار العقيد نفسه إلى أنّ الأمر لو طبُق سيوجد حالة من الفوضى في مرحلته الأولى .   الثروة والأموال موضوعة في البنوك والمصارف المحليّة والدوليّة ،والناس في الشوارع والساحات والمقاهي والمحلات بدؤوا يحسبون  منابهم من الثروة كم سيكون ؟  وكيف سيتصرّفون فيه  ؟ ومؤسّسات الدولة تخطّط وتبرمج وتضع الدراسات ولكن هل تنفّذ فعلا كلّ تلك المبادرات؟ ، لحظة للتفكير. ….ولكن مهما يكن فالحياة تسير في ليبيا ولا تتوقّف لأنّ هناك الثروة وكذلك الشباب.      

2. الشباب والثروة يُهدّدان الثورة أم يحميانها؟:

 « الثروة » في ليبيا هي مدار الحديث في كلّ الأركان والزوايا وبين كلّ الليبيّين، بل هي موضع اهتمام ورصد في كلّ أوساط المال والأعمال في العالم.  « الثورة الليبيّة » انتهت بعد أربعين سنة إلى تكديس ثروة طائلة ترقى اليوم عن كلّ حصر وهي تقع في عمق انتظارات الشعب الليبي للسنوات والعقود المقبلة. حالة الهدوء والاستقرار الّتي تعرفها الجماهيريّة خلال العقد الأخير خاصّة في إطار علاقاتها الدوليّة مكّنها من استجماع قواها والنهوض من جديد لمُغالبة الصعاب ورفع تأثيرات الحصار والحدّ من انعكاساته على مسار تنمية الثروة في البلاد وتحقيق رفاه الشعب ونهضته العلميّة والثقافيّة. عواصف وسلامة   عرفت « ثورة الفاتح » تطوّرات عديدة وصعوبات لا تعدّ ولكنّها غالبت كلّ العواصف والأعاصير وتمكّنت من بلوغ اللحظة الّتي هي فيها الآن على أبواب الأربعين سنة، تجربة ليست بالقصيرة معبّأة بالدروس والمحطّات والمفاصل المتعدّدة، وربّما كان من أبرز الأسئلة إلى سنوات قريبة: هل تقدر الجماهيريّة على فكّ الأغلال والخروج سالمة من مخطّطات الاستعمار الجديدة ؟  حقّقت ليبيا ما يُشبه المعجزة ، انطوت على خصومها تٌقارعهم واحدا واحدا ، تفكّ عنهم حججهم وتُبطل اتهاماتهم وترسم معهم معالم واضحة لعلاقات متساوية ونديّة تنفع الجميع، فكّت كلّ القضايا وعادت الجماهيريّة شامخة الرأس إلى محيطها الدولي والإقليمي أكثر فعل وأكثر قدرة على الانجاز ومزيد التحدي لكلّ الصعاب والعراقيل، بل وكسبت ما أصبح يُعدّ سابقة في أعراف السياسة والعلاقات الدوليّة (الاعتذار الإيطالي العلني عن الحقبة الاستعماريّة). أربعينيّة وتحدّيات  هناك ما يُشبه القناعة وربّما يذهب إلى الإجماع على أنّ ما يقف اليوم تحدّيا حقيقيّا أمام الثورة وهي على أبوب الأربعينيّة هي هذه « الثروة » و »الشباب الليبي ». ثنائيّة مزعجة مقلقة ولكنّها تحمل كذلك الآمال العريضة وتباشير الخير للمستقبل.  والتساؤل عندها هو: هل يكون « الشباب » و »الثروة » قادرين على مواصلة حماية الثورة من كلّ الأغوال والمخاطر؟ أم إنّهما سيكونان موضع خطر حقيقي على الثورة ومكاسبها ؟.  هناك اليوم في ليبيا جدل واسع حول دور الشباب في الحركة نحو المستقبل ، نحو « ليبيا الغد » ، وفي هذا الصدد هناك معطى لا بدّ من الإشارة إليه وهو أنّ الجماهيريّة تعيش هي الأخرى كالبلدان المتاخمة لها عصرها الديمغرافي الذهبي بما يعني أنّ الفعل والانجاز اليوم وفي الغد القريب موكل للشباب ، الشباب الليبي ما يزال ينشدُ خلاصه ويبحث عن آليات وهياكل وميكانيزمات يكون بها قادر على انجاز المطلوب والمساهمة في حماية نجاحات الثورة، صراع الأجيال جائز وهو من تحصيل الحاصل ولكن ربّما مبادرة جديدة من العقيد معمّر القذافي في اتجاه مزيد فتح الطريق أمام الشباب ورفع العراقيل من أمامه ربّما ستدفع إلى مسارات أخرى تؤدّي إلى الفعل المنتظر والمطلوب. حركة شبابيّة وانتظارات  المتمعّن في رؤى وتصوّرات وبرامج حركة الشباب الليبي اليوم والّتي يرعى الجانب الأهمّ منها نجل العقيد سيف الإسلام معمّر القذافي يُلاحظ أنّها تستجيب إلى انتظارات ورهانات الفترة الراهنة ، مبادرات تمسّ كلّ مناحي الحياة الشبابيّة : برنامج لتمكين 15 ألف شاب خلال السنوات القليلة القادمة من منح دوليّة للدراسة ، وهؤلاء بحسب عديدين سيكونون خير سند للحركة الشبابيّة ومن ثمّ للثورة خلال السنوات القليلة القادمة ، مبادرة لتمكين الشباب من فرص مواكبة الثقافة الرقميّة وآخر التقنيات التكنولوجيّة من خلال عديد البرامج ومنها توزيع مليون جهاز حاسوب لمليون طفل ليبي خلال سنة ونصف وانجاز 5 آلاف مدرسة نموذجيّة وفقا لأفضل المستويات العالميّة ، بالإضافة إلى التحفيز على العمل والاستثمار وذلك من خلال توسيع قاعدة إنشاء الشركات الوطنيّة وتسهيل إجراءات التسجيل وإرشاد الشباب وتشجيعهم على إنشاء شركات مجدية إقتصاديّا وتطوير النظام المصرفي وتحديثه وتسهيل الحصول على الفروض الاستثماريّة وتحويل ملكيّة بعض الشركات العامة إلى الشباب بهدف تطويرها وتحسين خدماتها لتشكّل موردا للمساهين فيها. لأوّل مرّة… عيد للشباب     20 أوت الفارط كان حدثا في الجماهيريّة ، فيه انعقد أوّل ملتقى للشباب بمدينة سرت ، تجمّع ما يزيد عن 15 ألف شاب وألهب « رمز حركة الشباب » (سيف الإسلام) فيهم حماسة العمل والنظر بتفاؤل إلى المستقبل والكد والجهد لإنجاح برامج « ليبيا الغد ».   لكن حركة الشباب لن تكون يسيرة وسهلة فهناك ككل دول العالم من يرصد خطاها ويترصّدها عند كلّ منعطف ، وتحتاج تلك الحركة في ما تحتاج لتنمو وتواصل نهضتها حماية ورعاية من رجل الدولة والحكم ، وهو ما يتشوّق إليه الشباب الليبي اليوم من « قائد ثورة الفاتح » « أبوهم » كما يقولون ، عندما يأملون منه التدخّل الحاسم لمعاضدة مسيرة حركة الشباب وتمكين سيف من صلاحيات وسلطات إضافية تُنجح التحرّك الشبابي نحو « ليبيا الغد » ، ليبيا أكثر نجاعة وفعل وأكثر قدرة على حماية الثروة والثورة في آن.  أمّا تلك « الثروة »فلها مخاوف لا تعدّ ولا تُحصى وعليها العديد من الاحترازات والمخاطر. حماية أم تهديد  النزاع الدائر اليوم في ليبيا بين مؤسّسات الدولة والشعب حول اقتسام الثروة وطريقة توزيعها أمر مزعج لأنّه قد يؤدي وكما قال ذلك العقيد بنفسه إلى حالة من الفوضى، هذا الوضع الدقيق يتطلّب حصافة وروية كبيرتين، وربّما يكون الشباب هو أوّل المطالبين بالتفاعل بإيجابيّة مع هذا المنحى لأنّ الانتظار وتواصل الأحلام بالحصول على منابات من هذه « الثروة » قد يكون مدعاة للتراخي وقلّة النشاط والحركة ، نعم قد تكون تلك « الثروة » بما يُقال عنها وربّما ما يُروّج عنها باطلا وبُهتانا مُـضرّة بـ »الثورة » مهدّدة لديمومتها وتواصل نجاحاتها.   من حقّ الشباب الليبي أن يحلُم بحياة مترفّهة وهو يحيا على أطرافها اليوم ، ولكن عليه أن يُوقن أنّ دوره مهمّ في حماية مستقبل بلاده والعمل والحراك الدائم والحرص على تحقيق الإضافات في كلّ الميادين ، والنظر إلى تلك « الثروة » بنظرة عقلانيّة تجنّبُ حدوث الفوضى وتمنح الفرصة إلى مزيد نموّ تلك « الثروة » لا إلى عكس ذلك لا قدّر اللّه. تساؤلان متلازمان   الشباب والثروة ثنائيّة تمنح طريقا سالكة لـ »الثورة الليبيّة »حتّى تعرف المزيد من النجاحات والمكاسب:  فهل يعني هذا ضرورة أن يُمنح التصرّف في أكبر نصيب من « الثروة الحالية  » إلى الشباب ؟  ولكن عندها ينطرح سؤال آخر:  هل بمقدور هذا الشباب تجديد الثروة وإنتاج ثروة بديلة وإضافيّة باستمرار لمزيد تأمين المسيرة نحو « ليبيا الغد » لأنّ الثروة الحالية إلى زوال وتناقص خاصّة لو تمّ تقسيمها وتوزيعها إلى أكثر من 6 ملايين ليبي ؟  


 تأبط نفطا
عدنان المنصر أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة سوسة   تاريخية بحق كانت زيارة برلسكوني لليبيا، ليس لأنها نادرة ومهمة، بل لحضور التاريخ المكثف فيها. جاء الرجل حاملا معه، »كبادرة حسن نية »، تمثال حورية شحات (Vénus de Cyrène) الذي عثر عليه علماء آثار إيطاليون في ليبيا في 1913 وظل منذ ذلك الزمن معروضا في متحف ماسيمو (Palazzo Massimo) بروما. كما جاء الرجل معتذرا عن عقود الإستعمار الثلاثة التي عانت خلالها المستعمرة الإيطالية السابقة أبشع أنواع الإستغلال والتقتيل والتخريب. ولأننا عرب ومسلمون ومستعمرون سابقون، فإننا نعفو عند المقدرة. من هذا المنطلق لا يمكن أن نرد الرجل خائبا وقد جاء إلينا معتذرا، حزينا أسفا.   إن تتبعا بسيطا لتفاعل الصحافة العالمية مع الزيارة ودلالاتها ليثير ملاحظة هامة. ففي حين ركزت الصحف العربية على مسألة الإعتذار واعتنت برمزية إعادة التمثال وانساقت في اعتبارات تعطي الأولوية للماضي، فإن الصحافة الغربية أكدت على المغانم الإيطالية من هذه الزيارة إلى الحد الذي بدت معه وكأنها غزوة جديدة تعطي لإيطاليا بالسلم ما عجزت عن أخذه بااضغط والقوة. والأمر في الحقيقة لا يعبر عن توصيف أحادي الجانب للواقع بقدر ما يعبر عن انتظارات كل طرف من اتفاقية الصداقة الايطالية-الليبية الموقعة في بنغازي يوم 30 أوت الجاري. ففي حين عبرت الصحافة العربية عن عمق الجرح الإستعماري وعن حاجتنا إلى ما يخفف عنا وطأة الظلم التاريخي، فإن الصحافة الغربية لم تول أهمية لغير الجانب الإقتصادي فانساقت في تعداد المكاسب الإيطالية من هذه الإتفاقية: عقود الطاقة، الإستثمارات، مكافحة الهجرة السرية، والحرب على الإرهاب. جاء برلسكوني إلى ليبيا بعد ساركوزي وقد أسالت لعابه دون شك العقود التي فازت بها فرنسا إن في مجال التسلح أو في ميدان الطاقة. لكن الرجل الذي لم تسمح له تقلبات السياسة الداخلية الإيطالية دائما بإنهاء كل المهام التي بدأها ظل يعتبر تحسين العلاقات مع ليبيا إحدى أهم أولويات سياسته حتى عندما لم يكن في سدة رئاسة الحكومة. فهو الذي بدأ مسار إعادة تمثال حورية شحات بإمضائه كوزير للثقافة على القرار منذ 2002 ذلك القرار الذي أثار الكثير من اللغط داخل إيطاليا وبخاصة داخل أوساط علماء اللآثار والمؤرخين. وكما فعل ساركوزي ولكن بصراحة أكبر، اعترف برلسكوني دون مواربة بالجريمة التاريخية ملقيا بالمسؤولية عنها على الأجيال السابقة. وفي كلتا الحالتين كان اليمين الأوروبي الذي يتحمل تاريخيا المسؤولية السياسية والأخلاقية للإستعمار هو المبادر للإعتذار في حين أن اليسار الأوروبي، الأقرب موضوعيا من هذا « الفعل الحضاري » لم يجرؤ على السير في دربه. ليس في نيتنا أن نفاضل بين اليمين واليسار فليس هذا مجال المفاضلة، وإنما أن نبين مقدار براغماتية أوروبا في التعامل مع أكثر المسائل حساسية، وأهمها بلا شك المسألة الاستعمارية. ينظر اليمين الأوروبي إلى الوضع بطريقة جد بسيطة: هناك تنافس اقتصادي يشتد، هناك حاجة متزايدة لتأمين إمدادات الطاقة مع تصاعد نذر مواجهة جديدة قد توقف تدفق نفط الخليج، هناك جحافل من الحفاة العراة يغزون سواحل أوروبا من الجنوب يجب ردعهم، وهناك إرهاب يجب أن يكافح. الأمر بهذه البساطة، فلم المكابرة؟ بعض الأرقام يمكن أن تجعلنا نتفهم هذه الطريقة في النظر إلى الوضع: تمثل ليبيا المنتج الثاني للنفط في إفريقيا بعد نيجيريا (قبل الجزائر) وهي تملك طاقة إنتاج تقارب المليوني برميل يوميا، في حين أن مخزونها النفطي يناهز الخمس وأربعين مليار برميل. أما بالنسبة للغاز الطبيعي فإن المخزون المعلوم لا يقل عن 1300 مليار متر مكعب بغض النظر عما ستسفر عنه أعمال التنقيب الجديدة. من هذا المنطلق يمكن أن نفهم لماذا اعتذرت إيطاليا للشعب الليبي ولم تعتذر للشعب الأثيوبي، فالأمر هناك لا يستحق العناء. عندما جاء الإستعمار إلى بلادنا، كان يحلو للدول الأوروبية أن تردد أن الأمر استدعته ضرورات تمدين الشعوب الهمجية، وبذلك الداعي أبيدت أجيال كاملة من الجزائريين والليبيين في معسكرات الإعتقال والمنافي والمحتشدات، كانت « الحضارة » تستحق ذلك العناء. وفي أثناء ذلك كانت خيرات أرضنا تنهب وتهرب إلى مصانع أوروبا وأسواقها، ومزارع أجدادنا تصادر وتوهب للمعمرين الفاتحين. من جانب أوروبا كانت هناك أيضا « تضحيات »، فقد أنفقوا الكثير لإخضاعنا والمحافظة علينا مقهورين. وعندما فاقت تكلفة الإخضاع مرابيح الغزو حملوا متاعهم (ومتاعنا) ورحلوا. ولأن أوروبا واقعية وعقلانية فإنها تخضع سياساتها دائما لمصالحها، فعندما استوجب الأمر تمجيد الإستعمار كضرورة للتمدين وكحاجة للحضارة، كان خطابها مسخرا، إن يمينا أو يسارا، لترسيخ ذلك في أذهاننا. أما اليوم، فلم يعد هناك من يقبل بمثل تلك التبريرات. ولأنهم يدركون عقدنا، ما ظهر منها وما بطن، ويعرفون جيدا ما يحتاجون إليه وكيف يبلغونه، فقد دخلوا بيوتنا من أبوابها: أقبلوا معتذرين أسفين وعيونهم على ما غفلوا عنه في الماضي من الخيرات. في كلتا الحالتين لم يكونوا صادقين وفي كلتا الحالتين أيضا كانوا يسخرون من ذكائنا. إن الإعتذار الحقيقي والحضاري فعلا هو ذلك الذي يكون قد وقر في القلب وصدقه العمل. ليس من الضروري هنا أن نذكر بنظرة الغرب لنا، وهي نظرة لم تتغير منذ قرن ونصف إلا قليلا. بالنسبة إليهم لا نزال همجيين، في حين لا زالوا يعتقدون أنهم الناطقون باسم الحضارة والمدنية. ولأن عالم اليوم لا يولي قيمة لما يخرج عن نطاق المصلحة، فإن من مصلحتنا أن لا نعول على يقظة الضمير هذه تعويلا كثيرا ولا أن نجعل من الإعتذار عن الإستعمار عقدة وجودنا. لا يفيد كثيرا أن نظل متشبثين باعتذار نعلم أنه قد لا يعني في نظر الناطقين به شيئا، في حين من المتاح الإصرار على ترسيخ التفهم لخصوصياتنا الحضارية لدى الأجيال الأوروبية الشابة. كما لا يفيد كثيرا أن ننظر للحاضر بمرآة الماضي دائما، في حين أن الأمر أصبح يستدعي، مثلما فهم ذلك الأوروبيون، النظر إلى الماضي بمرآة الحاضر. لا يبدو تحقيق ذلك متاحا في المدى المنظور، لأن المسألة، كما تتجلى لنا في كل مرة، هي قبل كل شيء « مسألة كرامة ».  
(المصدر: صحيفة الموقف لسان حال الحزب اليمقراطي التقدمي( أسبوعية معارضة – تونس) العدد 463 بتاريخ 5 سبتمبر 2008)


على غرار ليبيا سياسيون مصريون يدعون حكومتهم لطلب تعويضات بريطانية

القاهرة – شريف عبدالغني  أثار اتفاق إيطاليا مع ليبيا على تعويضها عن الخسائر الناتجة عن حقبة الاستعمار تساؤلات عديدة في الساحة المصرية حول حقوق مصر الدولية المختلفة ، والتعويضات المستحقة لها في العديد من القضايا المشابهة، ومن بينها الحصول على تعويض من بريطانيا وإيطاليا وألمانيا، بسبب زراعة آلاف الألغام في الساحل الشمالي الغربي، وما نتج عنها من خسائر بشرية ومالية ومعنوية أصابت مصر على مدار الخمسين عاما الماضية بخسائر باهظة «وفقا للتقديرات الدولية والمحلية» ولا تزال آثارها مستمرة حتى الآن. واتهم سياسيون الحكومة بالتقاعس عن المطالبة بحقوق مصر من الدول التي استعمرتها وخاصة بريطانيا وفرنسا، وتسببت في زراعة الألغام بأراضيها خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، مؤكدين أن موقف مصر القانوني في مثل هذه القضايا جيد، وأن إعلانها دخول الحرب العالمية الثانية لا يسقط حقها القانوني في أي تعويض. وطالب السياسيون، في تصريحات لـ «العرب»، الحكومة المصرية بالعمل على حشد الرأي العام العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للوقف بجوارها للحصول على حقوقها في هذه المنطقة، ودعوا إلى استغلال السياحة في منطقة العلمين شمال غربي البلاد، أثناء زيارة ضحايا الحرب العالمية الثانية، وعمل حملات دعائية قوية لتوضح للعالم حجم الخسائر البشرية التي لحقت بأهالي المنطقة. لكن وزارة التعاون الدولي المكلفة بملف الألغام تؤكد عدم جدوى اللجوء إلى القضاء الدولي في مثل هذه القضايا. واعتبر محمد البدرشيني عضو مجلس الشعب (البرلمان) بالإسكندرية، أن الحكومة تقاعست عن المطالبة بحقوق مصر في هذه القضية، وقال إن «موقفنا القانوني من قضية التعويضات عن الألغام في الساحل الشمالي الغربي جيد. وأعرب عن تعجبه من عدم عضوية مصر في منظمة الدول المضارة من الحربين العالمية الأولى والثانية رغم الخسائر التي تتكبدها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن بسبب الألغام، سواء كانت خسائر مالية أو بشرية أو معنوية». ورفض البدرشيني القول بأن إعلان مصر دخولها الحرب، يسقط حقها القانوني في أي تعويض، وقال: «هذا الكلام غير قانوني»، وأضاف لقد تقدمت بالعديد من الاستجوابات في مجلس الشعب على مدار خمس سنوات لمناقشة موضوع التعويضات عن الألغام وعن قتلى الأسرى المصريين، إلا أن هذه الاستجوابات لم توضع على الجدول، وما شفع لي تأكيدات وصلتني باهتمام الرئيس حسني مبارك نفسه بهذه القضية. كما رفض البدرشيني لجوء الحكومة إلى أسلوب المنح من الدول المتسببة في الألغام كنوع من المشاركة الدولية في حل الأزمة، وقال: «ليس من المنطقي أن أتجه إلى التسول بدلا من المطالبة بحقي»، موضحا أن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن أية منحة دائما تكون مشروطة بشروط غير مقبولة، ويكون فيها تدخل في الشؤون الداخلية، وقال إنه كعضو مجلس شعب كان يوافق على القروض، أما المنح فكان يرفضها نظرا للشروط المرافقة لها. وأرجع كمال أحمد، عضو مجلس الشعب، تراجع موقف مصر من قضية التعويضات إلى عدم امتلاكها أوراق ضغط على الغرب، وقال إن التعويضات التي أعلنت إيطاليا عنها بمثابة مفتاح للشركات والاستثمارات الإيطالية للتوسع في ليبيا، معتبرا أن مبلغ التعويضات من الناحية العملية زهيد إذا ما قورن بالمكاسب التي يمكن أن تحققها إيطاليا، مشيرا إلى أن مصر لا تملك ورقة ضغط مماثلة ضد الدول المتسببة في زراعة الألغام. وأوضح أن ملف الألغام مطروح على طاولة الحكومة المصرية منذ سنوات طويلة، وأن الحكومة فشلت خلال الفترات السابقة في إثبات حقوقها الأمر الذي دعى إلى تغيير أسلوب المطالبة بهذه الحقوق وتحويله إلى وزارة التعاون الدولي لنقل الصورة الحقيقية الناتجة عن هذه الألغام من إصابات ووفيات، وخسائر اقتصادية. وطالب أحمد الحكومة المصرية بالعمل على حث الرأي العام العالمي والأمم المتحدة للوقف بجوارها للحصول على حقوقها في هذه المنطقة، ودعا إلى استغلال السياحة في منطقة العلمين أثناء زيارة ضحايا الحرب العالمية الثانية، وعمل حملات دعائية قوية لتوضح للعالم حجم الخسائر البشرية التي لحقت بأهالي المنطقة وبشاعتها، وتوضيح القيمة الحقيقية لهذه الأرض والثروات الموجودة فيها والعائد الاقتصادي المتوقع لمصر في حالة نزع الألغام الموجودة بأراضيها. من جانبه اعتبر أمين الشرقاوي مساعد الممثل المقيم للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، قضية الألغام في مصر، قضية تنمية، وقال: «الألغام تعد عقبة من عقبات كثيرة أمام تنمية المنطقة»، وذكر أن برامج الأمم المتحدة تعمل على تحويل منطقة الألغام في الساحل الشمالي الغربي إلى منطقة تنموية وتوفير الدعم الإنساني والاجتماعي والاقتصادي لضحايا الألغام وأسرهم. وأضاف أن هذا المفهوم «التنمية» دفع العديد من الدول والجهات الخارجية إلى المشاركة في تنمية الساحل الشمالي والعمل على إزالة الألغام الموجودة به. إلى ذلك بدأت وزارة التعاون الدولي المصرية تنفيذ خطة لتوفير حوالي 250 مليون دولار لتنفيذ خطط الوزارة في المنطقة وإزالة الألغام الموجودة بها، وتعتمد الوزارة في سياستها على مساهمات الدول المتسببة في الألغام مثل بريطانيا وإيطاليا وألمانيا من خلال منح أو قروض أو مساعدات مالية أو فنية مختلفة. ووفقا للوزارة فإن حجم المساعدات التي تقدمت بها هذه الدول إلى مصر حتى الآن لا ترتقي إلى مستوى الخسائر التي تعرضت لها من الألغام، إلا أنها تعلن دائما أن مطالبة هذه الدول للمشاركة في تنمية الساحل الشمالي الغربي تنبثق من الصداقة القائمة مع هذه الدول ودورها في عملية التنمية، مؤكدة عدم جدوى اللجوء إلى القضاء الدولي في مثل هذه القضايا. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 5 سبتمبر 2008)


حول انتصار النموذج الإسلامي العلماني التركي

ياسر الزعاترة لا شك في أننا فرحنا، خلافا لما يعتقده البعض، بنجاة حزب العدالة والتنمية من قرار الحل الذي كان مرجحا بحسب المحللين والمراقبين الأتراك وغير الأتراك في الداخل والخارج. وهذا الأمر الذي لا صلة له بالحماسة لما يسمونه النموذج الإسلامي التركي الذي يجسده حزب العدالة والتنمية، بقدر صلته بالحرص على تركيا كدولة مسلمة لها دورها في هذا المحيط الإقليمي المضطرب، وبالضرورة الحرص على الحد الأدنى من الهوية الإسلامية لتركيا في وقت يريد فيه جحافل العلمانيين المتطرفين نزع ما تبقى من معالم تلك الهوية. الذين يتحمسون لتجربة العدالة والتنمية ليسوا سواء من حيث الدوافع والخلفيات، فهم يتوزعون على طيف واسع من البرامج والأفكار، يتصدرهم إسلاميون يعتقدون أن قادة الحزب يمارسون « التقية »، وأنهم مقيمون على برنامجهم الإسلامي، لكنهم يناورون من أجل التخلص التدريجي من سطوة العسكر والنخبة السياسية العلمانية المتطرفة. ويشمل هذا الفريق؛ إلى جانب عدد من الإسلاميين، الكثير من جماهير الشارع العربي والإسلامي التي تتعاطف مع مفردات الظاهرة الإسلامية بكل تلاوينها، لا سيما تلك التي تتعرض لهجمات من أطراف خارجية وداخلية مناهضة للإسلام. الطرف الآخر المتحمس للتجربة يمثله فريق كان يتبنى الرؤية الإسلامية للدولة والمجتمع، وهو سليل التجارب الإسلامية الحركية في العالم العربي، لكنه ما لبث أن ارتد عنها، أو راجعها، بحسب تعبير البعض، معللا ذلك بعدم وجود شيء اسمه دولة إسلامية، وباكتشافه لعبثية فكرة تطبيق الشريعة التي قامت على أساسها الحركات الإسلامية أو ما يعرف بقوى الإسلام السياسي. وهذا فريق يستحق التوقف لأنه عمليا وواقعيا يطالب الحركات الإسلامية بتغيير طبيعتها وهويتها من جماعات تنادي باستعادة المرجعية الإسلامية للدولة والمجتمع إلى مجموعات من السياسيين الشطار الذين لا يحللون ولا يحرمون، لا في السياسة (الاعتراف بالكيان الصهيوني والارتماء في حضن أميركا، والتحالف مع الأنظمة الفاسدة)، ولا في القضايا الأخرى ذات الصلة بالمنظومة الاجتماعية والاقتصادية. ويبقى أن عناصر هذا الفريق ليسوا سواءً في دوافعهم، إذ منهم مجتهدون لم يغادروا مربعات التدين الحقيقي، ومنهم دون ذلك ممن استقطبتهم الأنظمة فداروا في فلكها. الفريق الثالث المؤيد للتجربة هو فريق علماني حقيقي بصرف النظر عن خلفيته الأيديولوجية السابقة، وأحيانا يساري ما زال على فكره، كما أن من عناصره من ليسوا مسلمين، وأكثر هؤلاء لا يحبون الإسلام ولا الإسلاميين، ويريدون جر الحركات الإسلامية إلى لغة جديدة ليس فيها أية نكهة دينية إسلامية، لا في الاجتماع ولا في الاقتصاد ولا السياسة، وهم يفعلون ذلك تبعا للاعتقاد بأن هذا المسار هو الذي سينهي الحركات الإسلامية من الوجود، ومعها منظومة التدين التي تسيّدت الساحة العربية والإسلامية، بخاصة في العشرين سنة الأخيرة. والخلاصة أن هذا الفريق يمارس عمليا الاستدراج للحركات الإسلامية أكثر مما يمارس النصيحة التي تؤدي بتلك الحركات إلى تحقيق النجاح في الوصول إلى السلطة، لا سيما أنه يدرك تمام الإدراك أن مشكلة الإسلاميين مع الأنظمة العربية القائمة لا صلة لها بالأيديولوجيا، بقدر صلتها بالمعارضة ومنافسة النخب الحاكمة التي استأثرت بالسلطة والثروة. وهي منافسة لن تكون مقبولة من أي أحد حتى لو تنازل عن كل ثوابته الأيديولوجية، بل حتى لو كان من أبناء المؤسسة الحاكمة وأقرب المقربين إليها. والحال أن وضع تركيا لا يتوفر بذات التفاصيل في الحالة العربية والإسلامية، حيث لا وجود لعلمنة قسرية أو إقصاء للدين على الصعيد الشخصي، وربما المجتمعي إلى حد ما، وإن توفر على صعيد بناء الدولة، وثمة رؤساء وزارات وحكام متدينون أكثر من أردوغان، كما كان حال عبد العزيز بلخادم في الجزائر على سبيل المثال، إلى جانب بعض أركان الحكم في دول أخرى. كما أن المثال التركي لا يتوفر كذلك على صعيد البناء الديمقراطي، إذ إن ما يتوفر من معالم ديمقراطية في العالم العربي لا يتعدى ديمقراطية ديكورية لا تسمح لحزب من خارج اللعبة بالفوز حتى لو تزعمه قديس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. في تركيا، ثمة حزب علماني اسمه العدالة والتنمية، وآخر إسلامي اسمه السعادة يتبع شيخ الحركة الإسلامية التركية نجم الدين أربكان، وإذا كان العدالة هو صاحب الصدارة هذه الأيام، وبالطبع لأن قطاعا من الأتراك يتبنون اعتقاد الفئة الأولى التي أشرنا إليها، أعني تلك التي تؤمن بأن قادته إسلاميون يمارسون التقية، فإن ذلك قد يتغير في المستقبل، وقد يأتي يوم يتصدر فيه السعادة المشهد، أو ربما حزب آخر يستعيد فكرة المرجعية الإسلامية للدولة والمجتمع على ذات النسق المعروف. وتكفي الإشارة هنا إلى الاستطلاع الأخير لمعهد غالوب حول موقف الناس من تطبيق الشريعة، وأجري في مصر وإيران وتركيا، فكانت النتيجة أن أكثرية الأتراك لهم موقف إيجابي من تطبيق الشريعة (كانت النسبة تتفاوت بحسب السؤال). إن ما ينبغي قوله هنا هو إنه إذا لم يكن ثمة نموذج إسلامي للدولة والمجتمع تتبناه الحركات الإسلامية، فلا داعي لإطلاق هذه الصفة عليها، ولتسمي نفسها بأي اسم آخر، ولتطرح برامج مختلفة يحاكمها الناس على أساسها، وليعلن هؤلاء وهؤلاء من « الإسلاميين السابقين » أنهم يقودون أحزابا هدفها السلطة وليس شيئا آخر. أما أن يجري استقطاب الناس على أساس برنامج معين ثم يجري التنكر له بعد ذلك، فتلك لعبة لا تليق بالشرفاء. وهنا تحديدا كان قادة العدالة والتنمية منسجمين مع أنفسهم حين أعلنوا أنهم حزب علماني، ورفضوا ولا يزالون يرفضون بعنف مقولات البعض بأنهم حزب إسلامي، حتى لو أضيفت إليه عبارات مثل معتدل أو متنور أو ما شابه، كما ذهب أردوغان في أحد تصريحاته. نحن بدورنا نحترم هؤلاء ولذلك نصدقهم، فضلا عن أن ما يفعلون يؤكد تصريحاتهم، حيث لا صلة لبرامجهم بالرؤية الإسلامية، لا في الاجتماع ولا الاقتصاد ولا السياسة، بما في ذلك موضوع الحجاب الذي جاء على أساس من احترام الحريات وليس تطبيق الشريعة، كما جاء استجابة للجماهير. والخلاصة أننا نتعامل معهم على هذا النحو، بينما نصر على أن استعادة المرجعية الإسلامية للدولة والمجتمع ليست برنامجا عبثيا أو سخيفا، بل هي حقيقة سيطاردها أناس آخرون، وإذا كان الكثير من الأحزاب الغربية ما زال يضع كلمة المسيحي في اسمه، ويتبنى المرجعية المسيحية للدولة، فأين العجب في حدوث ذلك في الساحة الإسلامية؟! الفرق بيننا وبين الكثير من أولئك أننا ما زلنا، تماما مثل الكثير من الإسلاميين والعلماء، نصر على وجود نموذج إسلامي للدولة والمجتمع، وإذا كان ذلك النموذج لم يتبلور بعد بصورته الأفضل، أقله في سياق الدولة، فإن ذلك لا ينفي وجوده، فهذا النص الإسلامي المقدس والخالد (القرآن الكريم) والكثير من التطبيقات في السنة المطهرة، ليس كلاما يتلى في المآتم، وإنما تعاليم كانت وستبقى صالحة للتطبيق، يمكن تنزيلها على حياة البشر بحسب ظروف الزمان والمكان. وإذا كان الغرب قد استهلك قرونا من المساومات والحروب الأهلية حتى استقر (نسبيا) على نموذح معين، فلا عجب أن يستغرق المسلمون بعض الوقت لكي يستقروا على نموذج يستلهم رؤيتهم الخاصة. هذا الكلام قد يعجب البعض، وقد لا يعجب البعض الآخر، لكنه الرأي الذي نعتقده ونتبناه، ولم نكتشف عبثيته كما اكتشف آخرون، بصرف النظر عما إذا كان اكتشافهم تعبيرا عن قناعة عقلية بالفعل، أم تبعا لتحولات من آخر، أو ربما بسبب وطأة الهزيمة التي يعاني منها العالم الإسلامي، وكذلك فشل الحركات الإسلامية، مع أننا نعتقد أن هذه الظاهرة الإسلامية بكل مسمياتها هي التي تتصدى لهذه الحالة البائسة وتسعى للخروج منها. لقد كسبت الحركات الإسلامية كل هذه الشعبية بسبب تبنيها للمنهج الذي يلتقي مع توجهات الغالبية من أبناء الأمة، ليس من زاوية الدين والتدين فقط، ولكن من زاوية رفضها للفساد والاستبداد، وسعيها لاستعادة أمجاد الأمة ومقاومة الهجمة الصهيونية والغربية عليها، وإذا كان ذلك كله سينتهي لحساب البحث عن السلطة في دولة قطرية بائسة، مع تصالح مع الصهاينة وتبعية للغرب، فلماذا ستتبعهم الجماهير إذن؟!

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 5 سبتمبر  2008)


السلفية الإسلامية الجديدة الحالة الإخوانية المصرية أنموذجاً
ريتا فرج (*)   تطرح تجربة الإسلام السياسي الكثير من الإشكاليات حول الأسباب المؤدية إلى تعثرها في تحقيق أهدافها، لاسيما ما يتعلق بإقامة الدولة الإسلامية، وبصرف النظر عن الأصولية الشيعية الإيرانية، فإن التحولات البنيوية التي شهدتها نتيجة السياسات الدولية، وعلاقتها المتوترة مع النخب الحاكمة داخل الكيانات الحاضنة لها، وفشلها في وضع مشروعات سياسية وإنمائية فاعلة، أحدث تحولا نوعيا في ماهيتها يمكن أن نطلق عليه السلفية الإسلامية الجديدة. وعليه ما هي خاصية هذا التحول عند حركات الإسلام السياسي؟ وهل الفقه الذي أنتجته هذه الحركات عاجز عن مواكبة العصر نتيجة دمجه الشديد بين الديني والسياسي؟ يعرف أوليفية روا السلفية الإسلامية الجديدة بأنها «دعوة إلى أسلمة المجتمع من جديد عبر القاعدة الجماهيرية وليس عبر الدولة، والسلفية الجديدة تهدف إلى جعل الأفراد يعودون إلى ممارسة الإسلام في الحياة اليومية كالصلاة والصوم، على أن يرافق ذلك حركة مجتمعية من تحت من دون المرور بالدولة والسلطة. ففي الحالة المصرية نجد الكثير من الإخوان المسلمين يغادرون المسرح السياسي لينصرفوا إلى الدعوة والوعظ والعودة إلى الممارسة الدينية الصارمة وممارسة الضغوط من أجل تطبيق الشريعة، ومن المعروف أن السلفية تدعو إلى تطبيق صارم للشريعة ولا تعطي اهتماما للمسائل السياسية». في موازاة التعريف الذي تقدم به روا، يرى حسن الترابي أن الفكر الإسلامي شهد نكوصا مميزا، فقد انطلق من السياسي وها هو يعود إلى شكل من أشكال السلفية الجديدة، أي إلى نفي المسألة السياسية، «فالدولة الإسلامية لا يمكن توفرها إلا بمقدار ما يتوفر لنا مجتمع إسلامي، فالدولة تنشأ وتدول، أما المجتمع الإسلامي فيسعه أن يوجد، وجد طيلة قرون من الزمن دون أن تكون له دولة». (المصطلحات السياسية في الإسلام، دار الساقي، بيروت، ص 53). إلى ذلك يؤكد رضوان السيد أن فشل الأصولية السنية على المستوى السياسي أدى إلى ظاهرة الأسلمة الاجتماعية التي تجتاح موجاتها اليوم الكثير من الفئات الاجتماعية في البلدان العربية والإسلامية، الأمر الذي دفعها إلى التخلي عن مصطلحات اعتادت على استخدامها كالحاكمية والجاهلية. من هنا فإن معظم حركات الإسلام السياسي أجرت العديد من المراجعات المتعلقة بحقلها الاصطلاحي السياسي، فهي ما عادت تطالب بالحاكمية بل تدعو إلى تطبيق الشريعة وإلى الانخراط في العمل السياسي داخل دول لا ترفع شعار الدولة الإسلامية. إذا انتقلنا من المستوى النظري إلى المستوى التطبيقي يمكن رصد هذا التحول في المبادرة التي أطلقتها الجماعة الإسلامية المصرية، والتي أكدت فيها على عدم جواز القول بتكفير الأنظمة الحاكمة أو كفر النظام الحاكم، وبالنسبة إلى جاهلية المجتمعات المعاصرة والكفر بالطاغوت خلصت الجماعة إلى أن القول بجاهلية المجتمعات كلام مطلق وغامض، فخروج بعض المسلمين عن دائرة الإسلام ووجود بعض المظالم والمعاصي في المجتمع المسلم لا يبرر القول بجاهليته، ولا يسوغ القول بتكفير أبنائه، «فلم يخل عصر من عصور الإسلام من مظالم، ومع ذلك لم نسمع أن أحدا ممن عاصر تلك العصور أطلق القول بجاهلية المجتمع أو النظام، فحقيقة الجاهلية مع عصيان أمر الله تعالى ومخالفته لا علاقة له بالكفر ولا يصح أن يستخدم لتكفير المجتمعات المسلمة لوجود بعض المعاصي والمظالم وإلا لقلنا بكفر كل المجتمعات المسلمة على مر عصور المسلمين». (إبراهيم ناجح: الحاكمية نظرة شرعية ورؤية واقعية، دار الشروق، القاهرة). من جهة أخرى أحدث دخول حركة الإخوان المسلمين العمل السياسي منذ أواسط التسعينيات تغييرات أساسية في إطارها العقائدي خاصة فيما يتعلق بإقامة الخلافة الإسلامية وتطبيق الحاكمية، فقد تبين أن هناك غيابا لهذه المعطيات في خطابها، وبدل التشديد على دولة إسلامية كبرى، طغى على منهجها التركيز على دولة مصر، فالانتخابات التي جرت عام 2005 لم ترفع فيها شعار الخلافة الإسلامية. وبالنسبة إلى رؤيتها للعالم الغربي لم يعد هناك ترديد لمقولة مواجهة الغرب الصليبي، وبذلك ألغت من خطابها السياسي مفردات من قبيل: الحروب الصليبية، والطاغوت، وجاهلية العالم. لم تقدم حركات الإسلام السياسي عامة والإخوانية المصرية خاصة الأجوبة العملية لمشروعاتها مما دفعها لطرح نظرية جديدة في فهمها السياسي نتيجة علاقتها الصدامية مع النظام الحاكم ومؤثرات السياسة الدولية، وبذلك دخلت في مرحلة التطويع الذاتي بحيث أسهمت العوامل الداخلية والخارجية على تسريع وتيرتها، ولهذا تبين أن الثورة الإسلامية والدولة الإسلامية والاقتصاد الإسلامي هي مجرد مفاهيم لا يمكن تجسيدها في عالم يتجه إلى إعطاء الأولوية للعمل السياسي البرغماتي البعيد عن المفاهيم الإيديولوجية الجاهزة، فالشيوعية أثبتت فشلها ، و»الإسلاموية» أحدثت انقلابا على أهدافها وهذا ما يحدث فعلا ولو بشكل تراكمي بطيء، رغم التسييس الحاد للمعطى الديني عند كافة تيارات الإسلام السياسي. إن العلاقة بين حركة الإخوان المسلمين في مصر والسلطة لم تتشكل إلا في إطار العنف التبادلي، ولذلك عمدت الحركة إلى إدخال العديد من التأويلات على خطابها السياسي، فلم تعد تطالب بالحاكمية رغم عدم تخليها بوضوح عن هذا المطلب، وطرحها «لشعار الإسلام هو الحل»، لكن فشلها السياسي الجزئي دفعها إلى بناء إمبراطوريتها الاجتماعية، وذلك من خلال الجمعيات والمدارس والمنتديات، فالإخوانية المصرية كشفت عن قدرات هائلة للتواصل مع الناس عبر أساليبها في جمع التبرعات وتقديم الخدمات الاجتماعية المجانية للفقراء وبذلك انخرطت في المجتمع المصري وكونت قاعدة شعبية مهمة نتيجة عاملين: الأول، غياب الدور الفاعل للدولة في تقديم الخدمات الاجتماعية، والثاني، فشل الفكر الإخواني المصري في تطبيق أجندته وانتقال خطابه من المستوى السياسي إلى المستوى المجتمعي. قصارى القول أن فشل الإسلام السياسي في بناء الخلافة المنشودة وانتقاله إلى السلفية الإسلامية الجديدة القائمة على أسلمة المجتمع عبر الدعوة إلى تطبيق الشريعة سيدفعه مستقبلا إلى مزيد من الانحسار والتراجع عن الخيار السياسي مقابل تقدم الإسلام كظاهرة اجتماعية، أي استبدال الخطاب حول الدولة بالخطاب حول المجتمع. ولكن رغم هذا التراجع الظاهري هل ستنجح منهجية أسلمة المجتمعات في خلق دعائم جديدة يمكن أن تؤسس لقيام دولة إسلامية يكون المجتمع محركها الأساسي؟ هذا التساؤل لا يمكن الإجابة عليه بشكل قطعي أقله في المدى المنظور. (*) باحثة لبنانية (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 4 سبتمبر 2008)  


بديع عارف: قاضي صدام يشعر بالذنب! ذكريات محامي طارق عزيز عن السيد النائب وصراعات المحكمة والمنطقة الخضراء

بسام البدارين قابل المحامي العراقي بديع عارف الرئيس الراحل صدام حسين خلال فترة احتجازه ومحاكمته وقبيل اعدامه عشر مرات علي الاقل في دائرة تلفزيونية ضيقة وضعها الامريكيون، كما قابله خلال المحاكمة مرتين علي الاقل وجاهيا. وقبل ذلك وقف المحامي عارف مع الرئيس صدام في عشرات المحطات طوال الثلاثين عاما التي شهدها حكمه، فقد كانت تربطه به علاقة خاصة منذ كان صدام نائبا لرئيس الجمهورية ومسؤولا عن الملف النفطي. لذلك يمكن القول ان المحامي عارف، وهو احد المراجع القانونية في العراق يحتفظ بذكريات كثيرة عن مواقف وتحولات ومنعطفات لها علاقة بالعراق المعاصر قبل تخريب البلد، كما يقول، من قبل الاحتلال والطائفيين، وهي تحولات من المنتظر ان يوثقها الرجل بصيغة كتاب يقدم فيه شهادته وذكرياته علي المرحلة والحالة العراقية قبل وأثناء الإحتلال، كما خلال وبعد المحاكمات الشهيرة في المنطقة الخضراء. لدي عارف الكثير مما يقوله في اسرار وروايات ما حصل في العراق مؤخرا، بالاضافة الي ما جري في الماضي. وقد مكنه وضعه القانوني كمحام لعائلة صدام اولا ولطارق عزيز ونخبة من عائلات كبار أركان الحكم السابق ثانيا، من الاطلاع علي الكثير خلف كواليس المحكمة التي شكلها الاحتلال لمحاكمة رموز النظام العراقي السابق، وعلي ما يحصل بصورة محددة داخل المنطقة الخضراء. يورانيوم الكردي وصدام حسين اصبح رأس المحامي عارف مطلوبا الآن في العراق، فالرجل علي نحو او اخر مطارد، وانتهي به الامر بعد ان طرده القاضي من قاعة محكمة طارق عزيز مع عائلته في عمان بحثا عن قليل من الراحة والامان وسعيا كما يقول للكشف عن فضائح العدالة بنسختها العراقية الحالية في ظل الاحتلال. وقد سرد المحامي عارف في حديث مطول لـ القدس العربي بعض تفاصيل ما لديه من معلومات وافكار وبعض حكاياته الشخصية المباشرة مع الرئيس الراحل صدام حسين وتحدث الرجل عن محطتين اساسيتين له مع صدام في بداية عقد السبعينيات تتعلق الاولي باكتشاف اليورانيوم في العراق والثانية بملف النفط. وحسب رواية عارف جاءه عام 1971 شقيق زوجته واسمه زيد ياسين وتحدث معه عن عجوز كردي عمره ثمانون عاما واسمه الحاج توفيق برواري الذي يعود في اصله لمنطقة بروارة الشهيرة بزراعة التفاح حيث حصلت الحادثة قبل مرحلة النفط، وقال العجوز الكردي ان لديه مجموعة من احجار اليورانيوم رافضا عرضها الا امام نائب رئيس الجمهورية صدام حسين. وجلس عارف مع العجوز الكردي للتباحث في امر احجار اليورانيوم في مطعم (العش الذهبي) في الساحة التي تسمي الان ساحة الفردوس وسط بغداد وطلب العجوز من عارف ايصاله بالسيد النائب لعرض الاحجار التي يحملها باعتبارها من خام اليورانيوم، فيما روي لاحقا قصته مع هذه الاحجار وتعود جذورها لعام 1954، حيث حضرت لمنطقة الشمال بعثة انكليزية لتنفيذ حفريات بالجبال وبسبب عدم وجود فندق في المنطقة كان افراد البعثة ينامون عند الحاج برواري مقابل قليل من المال ولاحظ في الاثناء انهم يجمعون بعض الاحجار ويهتمون بها ويخبئونها. وفي الليل يقدم برواري لضيوفه الانكليز مشروب العرق فيسهرون وينامون ثم يندفع المضيف لسرقة بعض الاحجار. وفي احد الايام قال الانكليز لمضيفهم الكردي انهم بصدد اقامة مطار في المنطقة. ويروي عارف أنه اتصل بصدام حسين واعطاه نبذة عن الموضوع فطلب الاخير تأجيل الامر الي ان يعود عبد الرزاق من سفرة له الي اوروبا. ولم اكن اعرف من هو عبد الرزاق وقتها، لكن في اليوم التالي ذهبنا جميعا لمقابلة صدام انا والعجوز الكردي ونسيبي الذي لم يسمح له بالدخول ووجدنا صدام في المجلس الوطني العراقي حيث مكتبه الدائم يتناول طعام الافطار برفقة قيادي بارز في ذلك الوقت، ودخلنا لقاعة الاجتماع بالترتيب مع سكرتير صدام علي العبيدي وبدون تفتيش. وبسرعة استقبل صدام الشخص الكردي بحفاوة وعالجه بأحاديث خاصة عن التاريخ بهدف احتواء انفعاله ثم قال له فجأة: كاكا توفيق هاي الاحجار شنو ؟ وروي الكردي القصة التي سمعها عارف سابقا ثم قام باخراج الاحجار من جيوبه وفردها علي الطاولة امام صدام الذي رفض لمسها ثم بادر لتغيير الموضوع مع الضيف الكردي بحديث سريع عن تركيا والحدود معها، فيما حمل السكرتير العبيدي الاحجار وهو حي يرزق . لم اتابع بعدها ـ يقول عارف ـ مصير ملف اليورانيوم بشكل محدد لكن بعد ايام جاءني العجوز الكردي وقبلني وابلغني بان الدولة ستحسب له راتبا شهريا مقداره 300 دينار وهي تقارب آنذاك 900 دولار وبان صدام قرر تعيينه مختارا في قريته وبين قومه، ثم علمت لاحقا بان نجل هذا المواطن الكردي اصبح عضوا في المجلس الوطني، ورغم ان اذاعة صوت امريكا كانت تتحدث عن اكتشاف اليورانيوم شمال العراق الا اني لم اعرف ماذا حصل لاحقا في هذا الموضوع، وكل ما عرفته في النهاية هو اتصال عبد الرزاق الهاشمي رئيس المؤسسة العامة للمعادن بي بعد عدة ايام واستقبالي بشكل فاتر حيث قال لي ان الاحجار عادية وليست يورانيوم فاستغربت آنذاك سبب استدعائي ما دامت المسألة عادية لكني عموما في وقتها لم اكن اهتم بهذه الاشياء كثيرا وكنت حريصا كبقية الشباب في سني علي المرح والمتعة. .. مقابل الاعتراف بألمانيا الغربية محطة ثانية يعتبرها المحامي عارف اساسية في خبرته بالرئيس الراحل صدام حسين ووقف عليها بعد قرار القيادة بتأميم النفط عام 1972 حيث قرر عارف الانسحاب من وظيفته في احدي الوزارات والعمل في سلك المحاماة، وجاءه شخص صديق وابلغه بوجود وفد الماني وبريطاني مشترك يضم ايضا شخصا لبنانيا يرغبون باللقاء به. ويروي: قابلتهم في فندق كبير في بغداد وقالوا لي ان علي العراق حصارا وحظرا بعد تأميم النفط، وان احدا في السوق الدولية لن يشتري منا النفط وطلبوا مني ترتيب لقاء بينهم وبين صدام حسين علي اساس ان لديهم عرضا لشراء النفط قد يستمر لعشر سنوات، وقد كان المرحوم عدنان الحمداني مسؤولا مباشرا عن ملف النفط الذي يشرف عليه نائب الرئيس صدام حسين، فاتصلت به وابلغته بقصة هذا الوفد، وبعد نصف ساعة خابرني وقال بان صدام حسين ينتظرنا جميعا في المجلس الوطني . ويتابع عارف: جلست عند عدنان الحمداني وناداه صدام مع اعضاء الوفد واجتمعوا لاكثر من ثلاث ساعات، ولم احضر هذا اللقاء وبقيت منتظرا في مكتب الحمداني الي ان غادرت. وفي نفس اليوم عصرا ابلغني الوسيط بان اعضاء الوفد يريدون دعوتي علي العشاء فحضرت وقدموا لي هدية هي عبارة عن 15 الف دينار وطلبوا مني اختيار سيارة حديثة لكي يشتروها لي، وفعلا اخترت سيارة حمراء كانت قد اعجبتني سابقا ولم الجأ لاختيار سيارة فارهة بسبب ضعف اهتمامي بالمال والوجاهة، وكان سعرها 1300 دينار، وفوجئت بالالمان والبريطانيين وهم يتحدثون عن استعدادهم لشراء نفط بمبلغ كبير آنذاك يصل لـ475 مليون دينار عراقي (الدينار بثلاثة دولارات) علي مدي عشر سنوات وفوجئت اكثر عندما سألني الضيوف السؤال التالي: من برأيك اقوي عندكم النائب صدام حسين ام رئيس الجمهورية احمد حسن البكر؟.. بطبيعة الحال ارتبت بالسؤال وقلت ان هذا رئيس الجمهورية وذاك يمثل الحزب، وتهربت من نقاش سياسي تحت هذا العنوان، وحدثوني عن تخصيص 15 سنتا علي كل برميل نفط يشترونه كعمولة لي، واقترحوا تكليفي كوسيط رسمي، لكن عند هذه اللحظات انكمشت جدا عندما طرحوا علي سؤالا اخر.. ما هو الثمن الذي يريده العراقيون لقاء الاعتراف بألمانيا الغربية؟ قلت لهم لماذا لم تسألوا صدام حسين مباشرة عن ذلك؟ ثم قالوا ان الامور سيتم تسويتها. وسألوني بعد ذلك ما اذا كنت اعرف ناظم كزار مدير الامن العام الذي كان من الشخصيات المهمة والمتنفذة معربين عن استعدادهم لقاء الاعتراف بالمانيا الغربية تزويدنا بأجهزة تنصت ونظام مخابراتي وبوليسي علي المستوي العالمي، كما وجهوا اسئلة تتعلق بشخص اخر مهم جدا حينذاك اغتيل في وقت لاحق. تصرفي الصحيح أنقذ رأسي هذه الاسئلة أثارت ارتيابي وارتباكي ـ يقول عارف ـ فاتصلت بناظم كزار مدير الامن العام وبعدنان الحمداني وبأحد اعضاء فرع قيادة حزب البعث في بغداد ووضعتهم بصورة مفصلة عن الحوار ثم وضعت المبلغ الذي منحوني اياه بين يدي مدير الامن العام فقد خفت من اساءة تفسير ما حصل. وبعد عشرة ايام استدعاني النائب صدام حسين وقال لي بالحرف: بديع انت رجل سأعتز بك دائما وسأحترمك، وارجو ان تتصل بي اذا احتجت لاي شيء. ثم سمعته وهو يتحدث علي الهاتف مشيرا لوجود مواطن لبناني ضيف علي الدولة مع الاجانب لا بد من مراقبته بسبب وجود خطر علي الدولة، وفهمت لاحقا من هو هذا اللبناني فقد كان تاجر اسلحة مشهورا ونطق اسمه الرئيس صدام بعد سنوات خلال الحرب مع ايران حيث قال في خطبة له مع اعضاء القيادة ان هذا الرجل اللبناني الذي كشفه لنا بديع عارف يزود ايران بالاسلحة، وهو لبناني من عائلة مشهورة، وقبل ذلك كان الضيوف الذين تحدثت عنهم قد عرضوا علي عقدا وراتبا شهريا لكني رفضت، فاهتمامي منصب في الواقع علي ما يهتم فيه الشباب من متعة ومغامرات، ومستوي الارتياب من هؤلاء الضيوف مقلق، وقد كنت صادقا في ارتيابي، فبعد عامين جلست في نادي المنصور في سهرة خاصة مع جماعة ولاحظت بان احدهم يتقرب مني ويتودد الي ولا اذكر اسمه الان لكنه قال لي عبارة لا انساها وهي (كنا نراقبكم وصدام حسين ابعد الالمان والبريطانيين واللبنانيين) وحمدت الله كثيرا علي اني تصرفت بالطريقة الصحيحة والا لما كنت موجودا حتي اللحظة. القاضي الفرد وتيارات المحكمة ومن الماضي ينتقل بديع عارف للحديث عن واقع المحاكمات التي تجري في المنطقة الخضراء قائلا: اننا قانونيا ووطنيا واخلاقيا امام محكمة تختلف عن كل المحاكمات السابقة التي عهدناها في العراق من حيث الشخوص والأداء، ومن حيث الوضع السياسي، فقد بدأت في المحكمة مؤخرا محاولة تصفية رموز التيار الصدري، وهناك اجنحة وتيارات متصارعة داخل اطار المحكمة وبين قضاتها والعاملين فيها، فالغرفة القضائية المخصصة للتجار مثلا تتنازعها عدة تيارات من بينها التيار الصدري والمجلس الاعلي للثورة وتيار المهنيين والتيار الكردي . ومن الواضح لعارف ان القاضي الشهير رؤوف رشيد عبد الرحمن الذي حكم باعدام صدام حسين لا يتأثر كثيرا بالضغوط التي تخضع لها بقية الاجنحة في المحكمة، والسبب بسيط، هذا الرجل لديه منطقة آمنة في الشمال يمكنه العودة اليها ويستطيع الاستغناء عن البقاء في المنطقة الخضراء المحمية وهو امتياز اساسي في الواقع لا يملكه بقية من يعمل في دائرة المحاكم داخل المنطقة الخضراء، فكل ممثل لاي جناح او تيار يهتم بالبقاء في المنطقة الخضراء ويعتقد بان حياته مهددة في حال الخروج منها، الامر الذي يغذي جذوة الصراع . ويؤكد المحامي عارف وجود جناح يمثل البعثيين السابقين مقابل وجود تيار يقوده قاضي التحقيق محمد العريبي الذي يطالب بنقل المحسوبين علي التيارات الأخري، والعريبي نفسه ينظر الان بملف احداث انتفاضة الجنوب التي تسمي بالانتفاضة الشعبانية وهو نفسه شارك في قتل بعض الضحايا في هذا الامر. ولدي المحامي عارف وثيقة موجهة من فدائيي صدام الي العريبي تدعوه للتحقيق مع اثني عشر شخصا بتهمة الانتماء لاحزاب دينية مناهضة لصدام حسين، وقد كان الرجل قاضيا للتحقيق في الامر واصدر بشكل موثق القرار التالي: يلقي القبض علي المجرمين التالية اسماؤهم ثم ينفذ حكم الاعدام بحقهم حيث ذبح هؤلاء بقرار من القاضي نفسه في اليوم التالي ولاحظوا ـ يقول عارف ـ استخدامه لتعبير المجرمين قبل تجريمهم، وهذا يعني ان العريبي يجب ان ينزل عن منصة الحكم ويدخل للقفص في القضية التي كلف بالتحقيق فيها . وبالنسبة للقاضي رؤوف تثقل كاهله نفسيا واخلاقيا مسألة اعدام الرئيس صدام حسين والوضع عموما داخل المحكمة عشوائي ولا مجال لاثارة قضايا العدالة والقانون بسبب هذا الوضع العشوائي . وبرأي عارف فان المساحة المتاحة هي فقط اثارة القضية امام الرأي العام العالمي. وفي المحكمة هناك جناح جعفر الموسوي الذي اعلن بان المحكمة يسودها الفساد الاخلاقي والقانوني الامر الذي ينبغي ان يدفع باتجاه تحريك دعوي ضده لو كانت الاجواء سليمة من الناحية القانونية . أمراض كثيرة وعلاجات قليلة الإقامة في المنطقة الخضراء بالنسبة لشخص من طراز المحامي بديع عارف أشبه بالإقامة في الجحيم وعند الشيطان ووسط الكارثة والفضيحة وهي بكل الأحوال إقامة متنازع عليها عند المحامين والعاملين والقضاة في المحكمة لان الخروج منها يعني الإستعداد لمواجهة الموت والتصفية . يقول عارف: أسوأ ما يمكن ان يحصل للمرء هو الإضطرار للإقامة في السجن الكبير الذي يحمل إسم المنطقة الخضرا.ء بصراحة كل زقاق وجدار ومرفق في المكان يذكرني بالرئيس صدام حسين، فالمكان يحمل روحه وعلاماته وإشاراته مما يعني ان إقامة رجل مثلي في هذه الظروف مسألة معقدة تماما، فبصمات صدام وصوره تقفز للجميع خلال التنقل في المكان خصوصا عندما تشاهد القصور الرئاسية ومن يجلس فيها الآن ومرافق الدولة العراقية . وأكثر ما يغيظ المحامي عارف هو الإمتناع القصدي عن تقديم خدمة طبية إنسانية لمن يقيم في المكان، فالمعتقلون والأسري وممثلوهم القانونيون يخضعون للفحص عند طبيب عام، ولا يوجد أطباء إختصاص والخيار الوحيد لتلقي فحص طبي متخصص هو المغادرة للكويت او لعمان او للدوحة.. هذا ما يقوله لنا الفريق الطبي المتواضع الذي يلجأ دوما للمسكنات والمخدرات بسبب عدم وجود تشخيص فعلي لأي مرض حتي ان طبيبا وضع في فمي حشوة من المخدر لتمكيني من إحتمال آلام أحد أسناني وإكتشفت بان معالجة السن مسألة صعبة في منطقة خضراء معزولة يشرف عليها الأمريكيون في بلد تميز بالطب وبين أبنائه عمالقة في عالم الطب . هذا الوضع الطبي السيئ أصبح عنوانا للمعاناة بالنسبة لمن تبقي من أركان الحكم العراقي السابق وأقرباء الرئيس صدام حسين ورجال الدولة العراقية السابقين، فهناك الكثير من الأمراض والقليل جدا من العلاج.. يقول عارف وهو يتنهد مستذكرا وحش السرطان وغيره من الأمراض المستعصية التي فتكت بشخصيات عراقية بارزة قبل ان تخرج من خلف القضبان بدون علاج وبدون إفراج عملا بتعليمات وقوانين التعاهدات الدولية والصليب الأحمر. ويستذكر قائمة بأسماء عراقيين بارزين قضوا داخل المعتقلات بسبب عدم وجود علاجات أو في طريقهم للموت والهدف واضح ان يموتوا في الزنازين كطارق عزيز مثلا.. ثم وزير التجارة السابق محمد مهدي صالح وهو رجل فاضل ومحترم وموكلي أصيبت إحدي عينيه بالعمي والثانية ضعفت وعلي شفا ان يفقدها والرجل يوجه نداء لأي طبيب عيون متبرع يمكن ان يقدم له المساعدة.. غازي العبيدي وهو قيادي مهم توفي بالسرطان بعد سنة من الإفراج عنه إثر إعتقاله بدون تهمة محددة. وداخل السجن توفي محمد الجبوري بالسرطان بعد إعتقاله لإنه كان مديرا في جهاز المخابرات أيام صدام حسين، فيما يعاني فاضل عباس العامري أحد كبار موظفي هيئة التصنيع العسكري من متاعب سرطان القولون داخل سجنه.. وهناك أصيب داخل السجن رئيس الأركان الأسبق الجنرال سعدي طعمة بمرض السرطان وأصيب مدير الإستخبارات العسكرية الأسبق زهير النقيب بحالة عمي كلية وأصبح ضريرا داخل السجن . وبرأي عارف فان هؤلاء جميعا بالمعيار الدولي والقانوني والأخلاقي كان ينبغي الإفراج عنهم او توفير العلاج الطبي المعقول لهم لكن هذا الوضع مفتعل ومقصود بحد ذاته ولا يمكن قراءته إلا في سياق الرغبة في الإنتقام والتصفية عند حكام العراق الجدد. صدام لمحاميه: لا تغضب من رغد يعرف المحامي بديع عارف الكثير عن تفاصيل وخلفيات وحوارات التمثيل القانوني التي برزت عندما بدأت محاكمة الرئيس الراحل صدام حسين. في وقت مبكر كان صدام قد إختار محاميا محددا لتمثيله في المحكمة هو صديقه الشخصي المحامي طلال فلير الفيصل الذي رفض الطلب وإبتعد عن المحكمة برمتها. ومن بين جميع أعضاء هيئة الدفاع عن صدام وكبار أركان حكمه لوحظ ان الرئيس الراحل كان يثق بالمحامي بدر العواد البندر الذي كان يمثل والده أيضا، لكن صدام لم يكن يرغب في تهديد حياة اي محام عراقي يتقدم للدفاع عنه وبنفس الوقت رفض اي تمثيل اجنبي من الناحية القانونية وأصر علي وجود تمثيل عراقي اولا . وللخروج من المأزق تقرر إستقدام طلبات للدفاع عن صدام حسين في مقر نقابة المحامين العراقيين ومن قبل هيئتها بعد الإحتلال، فتقدم للمهمة الصعبة 23 محاميا فقط وجرت قرعة وكان الأساس إختيار واحد فقط، فحملت ورقة القرعة في النقابة إسم المحامي خليل الدليمي. آنذاك كان صدام معزولا تماما عن العالم ويتحمس لأي إتصال من أي نوع بأي شخص عراقي، ووجد في المحامي الدليمي الذي قبلته المحكمة فرصة طيبة لممارسة الإتصال بشخص عراقي ووضع مصيره بين يدي محاميه الشاب. وبين الحين والآخر كان المحامي بديع عارف يدخل في سجالات قانونية بين صدام والدليمي عندما تتوفر الفرصة. يشهد عارف بأن صدام رفض لقاءه في إحدي المرات بعد ان طلبه هو للقاء بدون محاميه الدليمي مع ان اللقاء الفردي كان يحتاج لتوكيل خاص موقع من صدام لعارف وهو توكيل لم يحصل عليه الطرفان لأكثر من شهرين ويشهد الأخير بأن صدام وفي وقت مبكر وضع خيار المغادرة بين يدي الدليمي إذا كان خائفا علي حياته كما دافع عن الأخير عندما حاول البعض دق أسافين بينه وبين محاميه الدليمي قائلا بأنه لا يطلب من احد التضحية بحياته من أجله ويتفهم الظروف الصعبة التي تحيط بعمل المحامين. وفي إحدي المرات وصلت لصدام أخبار نقاشات ساخنة قليلة بين الدليمي وإبنته في عمان رغد فقال صدام للدليمي أرجوك لا تغضب من أم علي وتفهم الضغط النفسي عليها . حوار طريف في المحكمة يروي عارف تفاصيل حوار طريف دار في المحكمة بينه وبين صدام حسين: قلت له أني سأغادر للشمال لمقابلة مسعود البارزاني فسألني بإستياء بالغ عن سبب الزيارة وعن حاجتي لمقابلة البارزاني مع إشارات إستنكار، فأبلغته بأن الزيارة لها علاقة بوكلاء لي هم أفراد عائلة المرحوم عدنان خير الله، فهؤلاء لهم بيت وحيد سيطر عليه أفراد حزب البارزاني وعندي امل بتفكيك البيت وإعادته للعائلة… ثم قلت لصدام : سأقابل البارزاني، فهل تود إرسال اي رسالة له عبري؟.. فقال صدام: إسمع يا بديع لن أرسل رسالة لأي مخلوق في الأرض ما لم أكن حرا طليقا. وفي حادثة أخري إستقرت في وجدان المحامي عارف لها علاقة بجلال الطالباني الذي عرض علي إبنة صدام رغد الإقامة في منطقة الشمال الكردي حيث ناقشتها أنا ـ يقول بديع ـ في الأمر، وكان ردها قاسيا جدا حيث إستخدمت كلمات قاسية وأبلغت صدام حسين في السجن بأني تحدثت مع أم علي بشأن عرض الطالباني لها فسألني بشغف: ماذا قالت بصورة محددة؟.. وأجبته بالعبارة التي قالتها، فإبتسم صدام حسين وقال لي وهو في حالة إسترخاء: الآن أستطيع الموت وانا مرتاح الضمير. وأضاف: انا أعتز بكل نساء العراق لكن أم علي أثلجت صدري وأحسبها بآلاف الرجال. ويؤكد عارف ان صدام طلب منه الرأفة بمحاميه خليل الدليمي لإنه يخشي علي حياته بعد أن أثيرت تسريبات حول إحتمال مغادرة المحامي بعد قرار إعدام صدام حسين. ويشير عارف الي انه غادر خلال المحاكمة للتفاوض مع جلال الطالباني وعامله الأكراد بلطف شديد وبعضهم كان يرسل عبري الرسائل الودية في الطائرة والشارع للرئيس صدام حسين . وكشف المحامي عارف النقاب عن أنه أصلا أول من فكر بتأسيس هيئة للدفاع عن الرئيس الراحل ورفاقه من قادة العراق وكبار مسؤولي وأركان الحكم، وانه يمثل عائلة الرئيس قانونيا من عدة سنوات، مشيرا الي انه بقي علي تواصل مع بنات صدام وعائلات المحتجزين جميعا وقدم نصائحه ومشاوراته دائما بكل امانة ووفقا لما يقتضيه الواجب، معتبرا ان سوء فهم مع المحامي الأردني زياد الخصاونة الذي كلف برئاسة هيئة الإسناد ساهم في إبعاده عن الهيئة في البداية، وإن بقي متواصلا مع الهيئة في كل التفاصيل ومستعدا للمساعدة عندما تطلب منه. ہوما هو سبب سوء الفهم هذا؟ إعترض الأخوة علي رسالة وجهتها لإياد علاوي عندما كان رئيسا للوزراء وقد كان صديقا لي في الماضي وقالوا بان هذه الرسالة بمثابة إعتراف مني بحكومة وضعها الإحتلال، وقدرت وقتها بأن الإبتعاد قليلا عن تقديرات من هذا النوع قد يكون الأفضل ليس لي ولكن للهيئة ولعائلة الرئيس ولصدام نفسه، فقد قمت بواجبي في النصيحة وركزت علي بقية الموكلين الذين قبلت التوكل عنهم. ويصف عارف الرئيس صدام بانه دقيق ومتواضع وشفاف وصادق حتي في أحلك ظروف الإعتقال والمحاكمة، وبعد قرار الإعدام إضافة الي انه تصرف بإحترام شديد مع الممثلين القانونيين له ولم يسئ لأي منهم، وانه كانت لديه إهتمامات خاصة جدا في الكتابة وتلاوة القرآن الكريم وتوثيق بعض الملاحظات . ومن المفارقات التي يستذكرها عارف إهتمام صدام خلال سجنه بإعادة نفس الساعة التي كان يلبسها وأرسلها مع المحامين لعمان لإصلاحها ورغم عرض ساعات اخري عليه إلا أنه رفض مصرا علي إستعادة الساعة التي كان يحملها.
(*) إعلامي من أسرة القدس العربي (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 4 سبتمبر 2008)

 

 

Home – Accueil الرئيسي

Lire aussi ces articles

10 juin 2009

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année, N° 3305 du 10.06.2009  archives : www.tunisnews.net   Touansa Responsables: APPEL AU PRESIDENT CANDIDAT

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.