الجمعة، 4 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2537 du 04.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــيـــــان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:بــلاغ اللجنة الطلابية للمطالبة بفتح مسجد المركب الجامعي الحوار نت: تونس: مداهمات مستمرة وترويع للآمنين  نسيج : قتلى وجرحي في ازدحام جماهير حضرت حفل غنائي لنجوم ستار أكاديمي واتهامات للسلطة سويس إنفو: بدء احتفال ديني يهودي نادر بتونس في هدوء  الجزيرة.نت: معرض جنيف للكتاب يستضيف مطبوعات ممنوعة بتونس البديـل عاجل : مرّة أخرى:هل مازال للمفاوضات من معنى؟ سليم بن حميدان:الإسلاميون التونسيون وأطروحات التطبيع السياسي   مرسل الكسيبي: لا مصالحة دون فك قيود سجناء الرأي وإيقاف المحاكمات السياسية شكري الحمروني و عماد الدائمي: الدور الثاني للرئاسيات الفرنسية :المعادلة الصعبة !! عبدالحميد العدّاسي : برّالوالدين «الصباح» في زيارة إلى البنك الدولي بواشنطن: مسؤول بالبنك: الوضع الاقتصادي التونسي مريح.. والديون الخارجية لا تتجاوز 18 مليارا ونصف دولار الصباح: لم لا جائزة وطنية كبرى للمخطوطات في تونس؟ سويس إنفو : مسؤولون: سوريا تشن حملة لقمع المتشددين الإسلاميين ياسر الزعاترة: مخاطر واقعية تهدد المقاومة في العراق  محمد نور الدين: بعد إنذار منتصف الليل: تركيا على مفترق طرق رضوان السيد : تركيا على مفترق طرق: الدولة العلمانية العتيقة أم الدولة النموذج؟! “قنطرة: تركيا تقف على مفترق طرق بين الإسلاميين والعلمانيين:صراع حول انتخابات رئيس الجمهورية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 
بسم الله الرحمان الرحيم ” لتكونوا شهــــداء على النـــــــاس”

نداء تقديم معلومات

عما قريب تحل بنا ذكرى 08 ماي 1991 و الملحمة الطلابية التي وقعت يومها قرب المركب الجامعي بتونس بين شبان ليس لهم من  اسباب القوة إلا عدالة قضيتهم و حماسهم لها و بين قوات القمع مسلحة ليس بخراطيم المياه أو القنابل المسيلة للدموع كما هو الشان في الأنظمة الوطنية، بل بالرشاشات و الرصاص الحي، فارتفع يومها عدد من المناضلين الذين عرفتهم مدرجات الجامعة التونسية و ساحاتها و حلقات نقاشها   فالرجاء من كل  من عرف أيا من إخواننا الشهداء من  قريب أو من بعيد أن يقدم لنا مباشرة ما يعرفه عنه أو أن يساهم في إحياء هذه الذكرى على المنابر الإلكترونية المختلفة أو غيرها… و لا يحقرن أحدنا من المعروف شيئا..  و الســـلام  03 مـــــــاي 2007 من شهدائنا يومها: 1- الشهيد الطالب أحمد العمري    المدرسة العليا للمهندسين بتونس    أصيل قلعة سنان   الكاف 2- الشهيد chouhadaouna@yahoo.fr chouhadaouna@hotmail.com

بسم الله الرحمان الرحيم ” لتكونوا شهــداء على النـــاس” 

نداء تقديم معلومات

استشهد أخونا عبدالرؤوف العـــريبي يوم 10 مــــــاي [1]1991 فالرجاء من كل  من عرف أخانا من قريب أو من بعيد أن يقدم لنا مباشرة ما يعرفه عنه أو أن يساهم في إحياء هذه الذكرى على المنابر الإلكترونية المختلفة أو غيرها… و لا يحقرن أحدنا من المعروف شيئا..     و الســــــلام    12 أفريل 2007

chouhadaouna@yahoo.fr chouhadaouna@hotmail.com [1]-  استشهد في محلات أمن الدولة بوزارة الداخلية يوم 9 أو 10 أو 11 ماي 1991 و هناك من يقول يوم 29 ماي وهو بعيد….


أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف /الفاكس:71354984 Email: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 03/05/2007 بــيـــــان
في إطار التحركات التي تقوم بها السيدة فطيمة بوراوي للتشهير بما حصل لابنها السجين السياسي السيد وليد العيوني المعتقل حاليا بسجن المرناقية بموجب قانون الإرهاب و الذي فقد مداركه العقلية نتيجة التعذيب و المعاملة القاسية و نظرا للتصعيد الذي تقوم به حاليا إدارة السجن المذكور و ذلك بمنع والدة السجين من زيارة ابنها الثاني السجين السياسي السيد خالد العيوني أعلمتنا السيدة فطيمة بوراوي أنها قررت الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراح ابنيها وليد و خالد العيوني و فعلا فقد أعلمت محاميتها السيدة راضية النصراوي أنها دخلت يوم أمس الخميس 03/05/2007 في إضراب مفتوح عن الطعام و قد ساندتها في ذلك كل من السيدة زينب الشبلي والدة السجين السياسي السيد خالد العرفاوي والسيدة جميلة عياد والدة السجين السياسي السيد ماهر بزيوش و السيدة فتيحة فراح والدة السجين السياسي السيد محمد فراح اللاتي اجتمعن في إطار لجنة أمهات ضحايا قانون الارهاب في مكتب الأستاذة راضية النصراوي الكائن بنهج أم كلثوم عدد 57 مكرر بتونس و ما إن راجت الأخبار عن موعد الاجتماع حتى عمدت قوات البوليس السياسي بأعداد غفيرة لمحاصرة المكتب الذي لم يتمكن من دخوله إلا بعض المحامين بينما قام أعوان البوليس السياسي بالاعتداء بالعنف الشديد على الصحفي سليم بوخذير و التفوه بعبارات نابية ضده و ضد والدته و اقتادوه إلى شارع بورقيبة بعيدا عن مكان الاجتماع.
و قد أعلمتنا صباح هذا اليوم السيدة فطيمة بوراوي أنها ستواصل إضرابها عن الطعام بمنزلها الكائن بجهة قليبية .
كما أعلمتنا السيدة زينب الشبلي رئيسة لجنة أمهات ضحايا قانون الإرهاب أن اللجنة تساند الإضراب و تعبر عن بالغ انشغالها للوضع المأساوي الذي يعيشه المساجين السياسيون و خاصة منهم المعتقلون بموجب قانون الإرهاب.
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تطالب من جديد بإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين و خصوصا السجين السياسي السيد وليد العيوني الذي لم يعد هناك ما يوجب بقاءه بالسجن بعد فقدانه لمداركه العقلية.             رئيس الجمعية                                                                                الأستاذ محمد النوري


 
أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف /الفاكس:71354984 Email: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 04/05/2007 بــلاغ
علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن عددا غفيرا من أعوان البوليس السياسي حاصروا صباح اليوم الجمعة 04/05/2007 مقر المجلس الوطني للحريات مانعين المواطنين و الناشطين الحقوقيين من الدخول إلى المقر طيلة هذا اليوم دون إعطاء أي سبب لذلك المنع.
رئيس الجمعية                                                                                الأستاذ محمد النوري


تونس 3ماي 2007

اللجنة الطلابية للمطالبة بفتح مسجد المركب الجامعي

الرئيس الشرفي : السجين السياسي الطالب عبد الكريم الهاروني قال تعالى : “إنما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر”

مثل خبر وفاة الدكتور مختار العتيري مؤسس ومدير المدرسة الوطنية للمهندسيين سابقا والوزير السابق, صدمة داخل المؤسسة الجامعية . وقد كان للمختار العتيري فضلا كبيرا في تأسيس مسجد  المركب الجامعي بتونس العاصمة ذو الصومعة الحلزونية التي استوحى تصميمها من صومعة  سامراء التاريخية الشهيرة وكان آنذاك  مدعوما بمجموعة من الطلبة تخطيطا وتنفيذا. وقد قامت اللجنة الطلابية للمطالبة بإعادة فتح مسجد المركب الجامعي التي تأسست في السنة الفارطة بمجموعة من التضاهرات داخل كلية العلوم بتونس والمدرسة الوطنية للمهندسين تمثلت في رفع لافتة كتب عليها  ” الدكتور مختار العتيري في ذمة الله … ومسجد المركب الجامعي في ذمتكم  ” إلى جانب اجتماعات عامة , اعترافا للدكتور العتيري لما قدمه اللجامعة  وبهدف تحسيس الطلبة بمسؤوليتهم تجاه المطالبة بإعادة فتح المسجد الذي وقع غلقه في ظروف غامضة منذ 21 جويلية 2002 والله ولي التوفيق اعضاء اللجنة : زياد بن سعيد احمد العويني حافظ الجندوبي عبد الحميد الصغير زياد بو مخلاء  عبد الفتاح التاغوتي كريم الصيفي رحمة عيسى جوهرة التيس حنان الكوكي امنة عرفاوي هالة بن يحيي  البريد الالكتروني للجنة : E- mail : moscampus@yahoo.fr منسق اللجنة عبد الحميد الصغي


 تونس: مداهمات مستمرة وترويع للآمنين

 

خاص بالحوار نت تواصل السلطة البوليسية التونسية سياسة الترويع وبث الرعب وإرهاب الناس بدون سبب. …وقد تمت البارحة مداهمة منزل المناضل ناصر بن علي الفطناسي من سكان دوار هنشير منوبة والسجين السياسي السابق المحاكم ظلما في قضية حركة النهضة ( 1992) . للتذكير فإن سلطات الأمن التونسي شنت مداهمات سابقة ومتكررة على منزله، مما أحدث رعبا لدى أطفاله وعائلته بسبب الطرق الهمجية المتخلفة التي تتبعها تلك القوات في الدخول الى بيته لمجرد السؤال عنه… وتمت ليلة البارحة محاصرة بيته بسيارتين الأولى مدنية والثانية تابعة للشرطة بأعوان من الأمن منهم من يلبس الزي الرسمي وبعضهم من البوليس السياسي التونسي.. ويتزعمهم المدعو فوزي الرزقي . وكالعادة امطروا العائلة المسكينة بوابل من السب والشتم. وقاموا بالعبث بمحتويات البيت وتكسير بعض أثاثه . كما قاموا بالإعتداء على ابن السيد ناصر الشاب سلمان (17سنة) …. وغادروا المكان بعد عبثهم بدون ان يأخذوا اي شيئ… الحوار نت 03/05/2007


قتلى وجرحي في ازدحام جماهير حضرت حفل غنائي لنجوم ستار أكاديمي واتهامات للسلطة

باريس – خدمة قدس برس/حمّل حزب معارض تونسي السطات التونسية مسؤولية ما قال إنها “فاجعة صفاقس” مساء الإثنين 30 نيسان (أبريل) من الشهر الماضي، والتي سقط فيها عديد الضحايا من الأطفال والشباب بالمسرح الصيفي بصفاقس، خلال الحفلة التي نظمتها السلطات المحلية تحت إسم “حفل فرحة شباب تونس”، وأحياها مجموعة الشباب العربي المتنافسين في ستار أكاديمي اللبناني.
واتهم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في بيان له الثلاثاء (1/5) أحد أصهار الرئيس التونسي بأنه هو من كان متعهد الحفل، الذي راح صحيته سبعة أشخاص، وجرج العشرات، بعد حصول ازدحام واختناق في قاعة الحفل، التي دخلها عدد تجاوز بكثير طاقة استيعابها.
وقال الحزب على لسان نائب رئيسه المحامي عبد الرؤوف العيادي إنه “إذ يترحّم على أرواح الضحايا فإنه يحمل السلطة مسؤولية تلك الأرواح للإهمال و “التسيّب و تكريس عدم المحاسبة للجهات المتنفّذة”، على تعبيره.
واعتبر الحزب أن “إدّعاء رأس النظام بـفتح تحقيق في االموضوع، لا يعدُو أن يكون محاولة مفضوحة للتضليل بهدف إمتصاص غضب التونسيين تجاهه، كما يُنبّه الحزب أنّه لا مجال لأخذ أيّ حديث عن تحقيق  مأخذ الجدّ في بلد لا تتوفّر فيه ظروف و شروط  التحقيق النزيه ولا النيّة الحقيقيّة في تكريسه في مثل هذه القضايا، في ظلّ إنعدام قضاء مستقل وإعلام حرّ وحياد إدارة”، على حد قوله.
وقال الحزب المذكور أن ما جرى بصفاقس، وسط البلاد، يعتبر على درجة كبيرة من الخطورة وجاء ليكشف القصور الأمني و يُعرّي شعار “بلد الأمن و الأمان”، متهما السطات بأنها لا تسخّر “ترسانتها الأمنية الكبيرة لحماية سلامة وأمن المواطنين وأرواحهم  و إنّما فقط لحماية نفسه”.
واتهم الحزب أن أنّ المسؤول الحقيقي عمّا جرى في صفاقس “هو النظام الحاكم الذي يمارس حماية لأصهار بن علي من أيّة مُحاسبة، ويُحيطهم بحصانة تجعلهم فوق القانون، وفوق كلّ مُساءلة ومن ضمنهم المدعو حسام الطرابلسي المسؤول عن الكارثة”، بحسب زعم البيان.
وقال شهود عيان إن التدافع بين الجمهور بدأ مع دخول النجوم لكنه زاد حين بدأت التونسية مروى وصلتها الغنائية، قبل أن يقطع الحفل بعد أن عمت الفوضى. هذا وتحدثت “إذاعة صفاقس المحلية” أن الفوضى حصلت بسبب وجود مئات الأشخاص فوق طاقة استيعاب المسرح. وقد اضطرت السلطات إلى إلغاء حفا آخر كان من المقرر أن ينظم لـ”نجوك ستار أكاديمي”.  المصدر 🙁 موقع وكالة “نسيج”  الصحفية ، نقلا عن وكالة “قدس براس” بتاريخ 2 ماي 2007 )
 

بدء احتفال ديني يهودي نادر بتونس في هدوء

تونس (رويترز) – بدأ بجزيرة جربة التونسية الواقعة جنوبي العاصمة تونس يوم الجمعة بشكل هادئ احتفال ديني يهودي نادر الحدوث في بلد عربي بمشاركة نحو خمسة الاف يهودي. وقال بيرز الطرابلسي المسؤول الاول عن الجالية اليهودية بتونس لرويترز “اتخذت اجراءات أمنية مكثفة لكنها ليست استثنائية في جربة بشكل يمكن كل اليهود من أداء فرائضهم بشكل امن ومطمئن”. وانتشر عشرات من قوات الامن في الجزيرة وحول محيط المعبد الذي تقام فيه الصلوات. شهد مزار الغريبة اليهودي عام 2002 هجوما انتحاريا دمويا خلف 21 قتيلا غالبيتهم من الالمان. وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الهجوم وقضت محكمة تونسية بسجن التونسي بلقاسم نوار بالسجن عشرين عام بتهمة التخطيط لتفجير المعبد. وزاد هذا العام عدد اليهود الذين جاءوا للقيام بطقوسهم الدينية في أحد اقدم المعابد اليهودية في افريقيا بعد ان تراجع خلال السنوات الثلاثة التي تلت تفجير المعبد. وقال بيرز الطرابلسي “خمسة آلاف يهودي قدموا للمشاركة في الصلوات الدينية السنوية بجربة اي بزيادة باكثر من 30 بالمئة مقارنة بالعام الماضي”. ومن بين هؤلاء المشاركين حل بجربة 700 يهودي اسرائيلي عبر رحلات غير مباشرة من تركيا ومالطا وباريس. تستمر الاحتفالات اليهودية ثلاثة ايام هذا العام. ولم يتبق من حوالي 100 الف يهودي كانوا يعيشون في تونس منذ نصف قرن سوى نحو الفين استقر أكثر من نصفهم بجزيرة جربة بعد أن هاجر أغلبهم لاوروبا والبعض الاخر لاسرائيل. ويشرف وزير السياحة التونسي كل عام على الاحتفال في اشارة قوية الى ان بلاده ترعى حوار الاديان والحضارات وتدعو للتسامح. ولاتقيم تونس علاقات دبلوماسية مع اسرائيل لكنهما تبادلا في العام فتح مكتبتين لرعاية المصالح وعينت كل منهما مندوبا دائما في الاخرى. وقد اوقفت تونس هذا التمثيل خلال اكتوبر تشرين الاول عام 2000 احتجاجا على اعتداءات الجيش الاسرائيلي ضد الفلسطينيين. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 4 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  


معرض جنيف للكتاب يستضيف مطبوعات ممنوعة بتونس

  

تامر أبوالعينين-جنيف يشاهد زوار معرض جنيف الدولي للكتاب هذا العام أول جناح خاص بعرض أغلب الكتب الممنوعة من التداول في تونس والتي تنتقد النظام الحاكم وسياسة الدولة، وذلك بمبادرة من جمعية “الحقيقة والعمل” السويسرية المعنية بالشأن التونسي. وقالت رئيسة الجمعية صفوة بن عيسى للجزيرة نت إن هذا العام يواكب ذكرى مرور 20 سنة على حكم زين العابدين بن علي، الذي تميز بوضع سيف الرقابة الحاد على الصحافة والعاملين فيها -حسب قولها- حتى باتت مجرد محاولة الوصول إلى موقع على الإنترنت يناقش قضايا الحرية والديمقراطية جريمة يعاقب عليها القانون. ويعرض الجناح أكثر من 33 عنوانا لكتب باللغتين الفرنسية والعربية، ودراسات نشرتها منظمات دولية حول أوضاع حقوق الإنسان في تونس في السنوات الأخيرة، حيث استندت الجمعية في اختيار الأعمال المعروضة إلى تقارير وضعتها المنظمة العالمية لحرية الصحافة وجمعية الكتاب الأحرار في تونس، إلى جانب شهادات المؤلفين أنفسهم الذين يعيشون معاناة المنع من الكتابة ومصادرة أعمالهم. ولا تعرض الجمعية أغلب الكتب للبيع لأنها -كما يقول المنظمون- نسخ نادرة للغاية استعيرت من المؤلفين مباشرة, إلا أن الجناح يتيح للمهتمين بالأمر الاطلاع على الكتاب داخل الجناح والاتصال بالمؤلف أو الناشر لتنسيق كيفية الحصول على نسخة منه مباشرة. توعية إعلامية وتتناول الكتب التي يعرضها الجناح قضايا الحريات العامة في تونس والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد وعلاقة الأنظمة الأوروبية بالسلطة التونسية، وكلها أعمال بأقلام مؤلفين من تونس مثل المنصف المرزوقي وسهام بن سدرين وتوفيق بن بريك وألفة لملوم، أو من أوروبا مثل نيكول غريمو وغارون ليس وغيرهما. كما يعرض الجناح التقارير الحقوقية التي نشرتها منظمات مثل العفو الدولية أو مناهضة التعذيب أو الدفاع عن المعتقلين، و12 تقريرا أعدتها جمعية “الحقيقة والعمل” بنفسها، استنادا إلى أقوال الضحايا أو شهود العيان. وتتمتع هذه التقارير بثقة المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وتم الاستشهاد بفقرات منها في التقارير الدولية. وتقول صفوة بن عيسى إن رسالة هذا الجناح توعية الرأي العام الغربي -وبالأخص شريحة المثقفين- بما يحدث في تونس، “لأن خلف الصورة التي يروجها النظام الحاكم أوضاعا بشعة من المعتقلات والسجون وأقصى أنواع الظلم وجميع انتهاكات حقوق الإنسان، وهذا ليس رأيا فرديا بل سجلته أقلام وعدسات الصحفيين والإعلاميين الباحثين عن الحقيقة، فما كان جزاؤهم إلا السجن أو النفي أو التشريد، ومصادرة أعمالهم ومحاربتهم في أرزاقهم”. كما يقدم الجناح أيضا عبر أشرطة الفيديو بعضا من الوثائق التسجيلية لشهادات واعترافات ضحايا التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان ومعاناة أسر الضحايا. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 4 ماي 2007)

مرّة أخرى:

هل مازال للمفاوضات من معنى؟

تنعقد اليوم الخميس 03 ماي الجاري الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي [1] لتدارس أوضاع القطاع بعد الإضراب الذي شنه الأساتذة والمعلمون يوم 11 أفريل الماضي من أجل جملة من المطالب المادية والمهنية أهمها منحة العودة المدرسية والقانون الأساسي ومدارس المهن وحركة النقل بالنسبة للأساتذة.
ومن المعلوم أن وزارة الإشراف كانت أوصدت إثر هذا الإضراب باب التفاوض مع نقابة الأساتذة ودخلت في حملة تحريض ضدها موجهة برقيات شكر للأساتذة الذين لم يضربوا. وهي حركة رأى فيها النقابيون عموم الأساتذة سابقة خطيرة ومسا بالحق النقابي.
ومن المعلوم أيضا أن اتصالات حصلت بدلا عن جلسات التفاوض جمعت الأمين العام ببعض أعضاء الحكومة والوزير الأول بخصوص مطالب الأساتذة من أجل “تهدئة الأجواء” و”زحزحة الأمور” لتلافي التصعيد والاصطدام مجددا. وكان قد راج خبر مفاده أن الأمين العام اقترح على الحكومة خلال هذه الاتصالات الترفيع في مقترحات مقادير منحة العودة المدرسة إلى 180 دينار حتى يقبل نقابيو القطاع بالاتفاق في ذلك وعدم العودة للإضراب. ويؤكد مسؤولون نقابيون من التعليم الثانوي ومن الأساسي على حد السواء أن الأمين العام لم يستشرهم مسبقا في مقترحه هذا فيما يبرره هو ومعاونوه بأنه أراد بذلك التأكيد على أن النقابيين لا يرفعون مطالب تعجيزية وأن مقترحاتهم معقولة وفي متناول الحكومة الموافقة عليها لتنقية الجو الاجتماعي والحفاظ على السلم والاستقرار.
ويفيد نفس الخبر الذي راج منذ أيام أن الحكومة رفضت هذا المقترح لذلك وافقت القيادة النقابية على منح قطاعي التعليم فرصة عقد هيئاتهم الإدارية يوم 03 ماي بالنسبة للتعليم الثانوي و05 ماي بالنسبة للمعلمين.
فحسب الموعد المحدد إذن تنعقد اليوم الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي التي يشرف عليها السيد محمد شندول عضو القيادة النقابية ولكن أساسا للنظر في المستجد الذي حصل صبيحة يوم غرة ماي على هامش إحياء ذكرى عيد العمال العالمي في قصر قرطاج. فقد سرب السيد عبد السلام جراد عبر أحد معاونيه (عبيد البريكي) أن رئيس الدولة أعلمه أنه وافق على منح المعلمين والأساتذة مقدار 180 دينارا مقسطة على ثلاث سنوات بعنوان منحة العودة المدرسية ولكن تحت اسم آخر غير هذا المسمى احتراما لمبدأ عدم إحداث منح جديدة بالتوازي مع الزيادات العامة في الأجور التي سيصرف خلال شهر ماي الجاري آخر قسط منها.
وبطبيعة الحال أوحى الأمين العام للرأي العام النقابي أنه حقق انتصارا ثمينا وأن نقابات التعليم ليس أمامها من خيار غير المسارعة بإمضاء اتفاق في الغرض بما أنه ما عاد هناك من مجال لمزيد النقاش للقبول أو الرفض. وقبيل انعقاد الهيئة الإدارية تباينت ردود الأفعال حيال هذا الخبر ومرد ذلك أن مآل بقية المطالب (مدارس المهن والقانون الأساسي وحركة النقل) مازال غامضا. ويبدو أن الكثير من مجالس الإطارات في الجهات تنبهت لهذا الأمر فاشترط بعضها الموافقة على أي مقترح وأي مبلغ مالي لهذه المنحة بضرورة الاستجابة لحلول مرضية بخصوص الثلاث مطالب الأخرى المذكورة.
لكن الأمر الذي لم يقع طرحه إلا نادرا هو هذا الأسلوب المعتمد من طرف السلطة في التفاوض حول المطالب المهنية مع الهياكل النقابية. فمن جهة وفي إطار التصعيد ضد النقابات تصدر توصيات للوزارات في مثل هذه الحالات بغلق باب التفاوض والدخول في حملات تضييق على القواعد وعلى النقابيين، ومن جهة أخرى يحال الأمر على رئيس الدولة وبذلك تصبح اتصالات الأمين العام بالرئاسة تعوض المفاوضات وتأخذ قرارات رئيس الدولة على أنها حلول مفروضة لا سبيل لنقاشها.
والأمر الأخطر من كل هذا هو أن القيادة النقابية الحالية وأمينها العام، عبد السلام جراد، مازال مستمرا في النهج الذي كان أرساه سلفه الأمين العام السابق، إسماعيل السحباني، في تغييب هياكل الحوار الاجتماعي والتفاوض بين ممثلي العمال والأعراف والدولة واستبدال ذلك بالقرارات الفوقية بين رئيس الدولة والأمين العام بشكل يجعل الحلول والاتفاقيات في هذا القطاع أو ذاك حول هذا المطلب أو ذاك هو منة من رئيس الدولة “الذي يكن عطفا خاصا على الشغالين” ومزية من الأمين العام “حلال الصعاب” والقادر الأوحد على إيجاد الحلول.
فمثل هذا الأسلوب الذي علاوة على انه يكرس وبجلاء منطق الحكم الفردي وغياب هياكل وسياسة حوار وتفاوض اجتماعي يضرب في الصميم العمل النقابي ويقزم الهياكل المنتخبة ويقدمها لقواعدها على أنها عاجزة على توفير وبلوغ الحلول. وكان من الأجدر أن يقع التفطن إلى هذه الظاهرة التي تشكل إلى جانب مظاهر أخرى سببا من أسباب تراجع وزن النقابات ومصداقيتها لدى القواعد والعمال.
[1] سنوافيكم في أقرب الآجال بنتائج الهيئة الإدارية. (المصدر:البديـل عاجل – قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ  4 ماي 2007)  


لجنة النظام تعمل

يحال في الأيام القليلة القادمة خمسة من أعضاء النقابة الجهوية للتعليم الثانوي ببنزرت على لجنة النظام بعد أن أصدروا يوم 10 أفريل الماضي أي ليلة الإضراب القطاعي (11 أفريل) بيانا انتقدوا فيه تمشي وأداء النقابة العامة لقطاعهم وأعلنوا فيه أيضا استقالتهم من مهامهم الجهوية احتجاجا على ذلك.
وقد رأى الكثير من النقابيين، بما في ذلك زملائهم في الجهة وحتى في نفس التشكيلة، في هذه الحركة موقفا غير مسؤول ومضرا بالاضراب وبالحركة النقابية في الجهة.
وقد سارع المسؤول عن النظام الداخلي – على غير العادة – بإعلان حل النقابة الجهوية وإعلام الاتحاد الجهوي بذلك وإحالة المستقيلين على لجنة النظام. وكان من المفترض أن تقع دعوة كافة أعضاء التشكيلة لنقاش أسباب ودواعي الاستقالة ومحاولة إثنائهم عن ذلك حتى وإن كان هؤلاء ليسوا من الموالين لأن الأمر يتعلق بمصلحة المنظمة وجماهير الأساتذة هناك. فقسم النظام الداخلي له علاوة على مسؤوليته في السهر على تطبيق القانون دور توعوي، لكن ومنذ مدة أخذ العمل في هذا القسم منحى الردع والصرامة فيه كلما تعلق الأمر بوجوه مخالفة في الرأي.
وللتذكير فأن هياكل نقابية أخرى وفي فترات سابقة غير بعيدة (كان فيها مسؤول النظام الداخلي الحالي عضوا في القيادة)من قطاع التعليم عامة ومن الثانوي خاصة كانت وقفت ضد إضرابات قررتها الهياكل بموافقة القيادة (المنستير مثلا) بل ونددت بنقابتها العامة (نقابة سجنان السنة الفارطة مثلا) ولم تحرك القيادة والنظام الداخلي ساكنا ضدها.
فهل إحالة المستقيلين من النقابة الجهوية على لجنة النظام أمر بريء تمام البراءة؟ نتساءل عن ذلك رغم أن هذه الاستقالة موقف خاطئ ومدان. (المصدر: البديـل عاجل –  قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ  4 ماي 2007)  

الإسلاميون التونسيون وأطروحات التطبيع السياسي

  

سليم بن حميدان (*) انقسام جوهري يخترق أوساط المعارضة الإسلامية التونسية منذ سنوات عديدة، عنوانه الكبير هو الموقف من النظام الحاكم والأسلوب الأفضل للتعامل معه حاضرا ومستقبلا. فبعد الإجماع السياسي شبه الكامل الذي انعقد حول فكر حركة النهضة (حركة الاتجاه الإسلامي سابقا) وإستراتيجية المواجهة الشاملة ضد الدولة وسياساتها العلمانية طيلة عقد كامل (الثمانينيات)، تتجه الأمور تدريجيا نحو تشتت الحالة الإسلامية وانشطارها الفكري والسياسي، فيما يشبه الاستنساخ الكامل لأوضاع الإسلام السياسي في أغلب الأقطار العربية. ولادة الانقسام المتأمل في مسيرة الحركة الإسلامية التونسية يلاحظ بلا شك تميزها الفكري عن سائر التنظيمات الإسلامية الفاعلة في الساحة العربية، فهي رغم حداثة النشأة (أواخر السبعينيات) وشبابية النخبة (قيادة وقاعدة)، قد تمكنت من إحداث رجات فكرية وفقهية يمكن وصفها -دون مبالغة- بأنها قطيعة إبستمولوجية في مستوى العقل السياسي الإسلامي. وقد كان لزعيمها المخضرم الشيخ راشد الغنوشي دور محوري في عملية التجديد الفقهي والسياسي التي طالت مساحات كانت -وربما لا تزال- تعتبر لدى مثيلاتها من الثوابت والقطعيات الدينية التي لا يجوز تغييرها أو الاجتهاد فيها استنادا إلى القاعدة الفقهية “لا اجتهاد في مورد النص”. ورغم التكوين الحداثي للغنوشي كخريج لقسم الفلسفة ونصير للحركة القومية الناصرية في ربيع العمر، فإنه فرض نفسه كمجدد إسلامي تناول بجرأة قضايا المرأة وحقوقها الكاملة في المشاركة السياسية ترشحا وانتخابا، ومسألة التعددية السياسية غير المشروطة بوحدة المرجعية الإسلامية. وتزخر تصريحات الرجل وأدبيات الحركة منذ إعلان التأسيس يوم 6 يونيو/ حزيران 1981 بمصطلحات الاعتراف بالآخر مهما كانت مرجعيته الأيدولوجية إلى حد القبول بحكم الأحزاب الشيوعية “الملحدة” إذا كانت مستندة إلى إرادة المواطنين الحرة والنزيهة. كما دعا الغنوشي إلى مراجعة حكم الردة السائد في الفقه الإسلامي -كحد شرعي لا شفاعة فيه- على ضوء مبدأ الحرية الدينية الكاملة التي تؤسسها الآية الكريمة “لا إكراه في الدين”، مؤصلا اجتهاداته في تواضع علمي شعاره “رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه”. شكلت الدولة البورقيبية موضوعيا حاضن الحركة الإسلامية التونسية، رغم امتدادات هذه الأخيرة في العمق المشرقي لحركة الإخوان المسلمين الضارب بدوره في بواكير الإصلاح الإسلامي، من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبد الرحمان الكواكبي وخير الدين التونسي وعبد العزيز الثعالبي، وغيرهم من مفكري ما اصطلح على تسميته بعصر النهضة العربية. كانت الحركة التونسية إذن مخضرمة كزعيمها بين نزعة إسلامية أصيلة وبرغماتية ليبرالية عقلانية وجريئة هي عنوان الدولة الحديثة طيلة الحقبة البورقيبية، على ما صاحبها من فساد واستبداد. وهذا الأمر هو الذي يفسر تمحور خطاب الحركة الإسلامية التونسية حول موضوع حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية وابتعاده عن الإشكاليات التقليدية المرتبطة بالفقه وعلم الكلام الإسلاميين. حاضن النشأة -أي دولة الاستقلال والتحديث- كانت هي ذاتها دولة الاستبداد والتغريب، ما خلق وعيا ثوريا تقاسمته كل النخب الصاعدة والمتلهفة إلى دخول عالم الحداثة بجميع أبعاده الحضارية، تجديدا وإبداعا وأمنا ورفاها. كان حظ الحركة الإسلامية في ذلك شبيها بنظيراتها القومية واليسارية التي تداولت على سيادة الحقل السياسي الرافض لتغول الدولة واحتكارها للفضاء العام، فاتجهت تدريجيا نحو المطلبية المتشنجة والمنافسة الشرسة للنظام الحاكم طعنا في شرعيته السياسية (التبعية) ومرجعيته الأيدولوجية (العلمانية). أحدثت هذه الإستراتيجية اختلالا في أداء الحركة الإسلامية بين خطاب نظري معتدل وحالم بالحريات والديمقراطية والسلم الأهلي من ناحية، ومنهج راديكالي صارم فرضته سياسة العمى والصمم والأبواب الموصدة إلا على مراكز التحقيق والمعتقلات، من ناحية أخرى. فكان طبيعيا أن يفضي التلاعن والصراع إلى المواجهة الشاملة بين الطرفين، حيث استنفرت الحركة الإسلامية المجتمع في حربها ضد دولة غريبة، لأنها متغربة وخائنة لدينه وهويته، كما استنفرته الدولة ضد ما تعتبره حركة أصولية وإرهابية لأنها تريد -حسب زعمها- نسف مكاسب الحداثة والعودة إلى شريعة القصاص والحدود وتعدد الزوجات والعبيد. ظلت الجبهة الداخلية للحركة الإسلامية متماسكة وموحدة في رؤيتها وتصوراتها من ناحية العلاقة مع السلطة، ليبقى الخلاف الوحيد الذي اخترقها خلافا فكريا حول إشكالية العقل والنقل. وقد حسم هذا الخلاف مبكرا بخروج ما يسمى بمجموعة الإسلاميين التقدميين بقيادة الدكتور حميدة النيفر وتبني وثيقة “الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي” المضمنة في كتاب بعنوان “خلافة الإنسان بين الوحي والعقل” للقيادي في الحركة والكاتب الإسلامي الدكتور عبد المجيد النجار. غير أن بذور الانشقاق والتصدع الداخلي بدأت تظهر للعلن مع بدايات المواجهة الأخيرة بين الحركة ونظام الرئيس الحالي زين العابدين بن علي بعدما أصبح الشعار الرئيسي لحقبة حكمه هو تجفيف الينابيع واستئصال الإسلام السياسي. منشقون أم عقلاء؟ مثل ربيع عام 1991 خريفا عابسا ومنعرجا حاسما في مسيرة الحركة الإسلامية التونسية، إذ أعلن فيه ثلاثة قياديين من الصف الأول تجميد عضويتهم في الحركة متهمين إياها بالانحراف عن خطها السلمي وانجرارها إلى مستنقع العنف -عبر خطة “فرض الحريات”- بغض النظر عن مشروعيته السياسية كعنف مضاد، ومبرراته الأخلاقية كآلية للدفاع عن النفس. ورغم شراسة النظام في قمع الحركة وملاحقة قياداتها وأنصارها داخل البلاد وخارجها، فإنها تمكنت من الصمود والبقاء بل وحتى الإشعاع -خارجيا على الأقل- بفضل الشعبية العربية والإسلامية التي يتمتع بها رئيسها الذي أصبح رمزا عالميا من رموز الإسلام السياسي، وأحد أكبر قيادات العمل الإسلامي في أوروبا. غير أن قسوة الضربة وانتقال ثقل الحركة إلى أوروبا وعجز النظام التونسي -رغم المحاولات والمؤامرات- عن خلع صفة الاعتدال وإثبات تهم الإرهاب والعنف في حقها ابتغاء التضييق عليها.. كل ذلك وفر لجيل الهجرة ممن أصبحوا لاجئين سياسيين مساحات واسعة للالتقاء والحوار والنقد، أفضت إلى تبني تقييمات متناقضة ووجهات نظر متضاربة تردد صداها في كثير من المنابر والفضائيات الإعلامية. لم يمنع انعقاد مؤتمر عام للحركة عام 1995 وصدور نقد ذاتي لتجربة المواجهة وبرنامج عمل مستقبلي قائم على الدعوة للمصالحة ومد اليد للنظام الحاكم من أجل طي صفحة الماضي على أساس العفو التشريعي العام.. لم يمنع من تناسل الانشقاقات وتصاعد لهجة الانتقاد ضد قيادة الحركة خطابا وأداء. المنشقون الجدد -إذا جاز التعبير- يتموقعون سياسيا على يمين الحركة بما يحمله مصطلح اليمين في القاموس السياسي من معاني المحافظة والحذر. واللافت للنظر أن الحركة الإسلامية التونسية لم تفرخ على يسارها تنظيمات جهادية عنيفة على غرار ما حدث للحركات الإخوانية في مصر وسوريا ودول إسلامية أخرى، بل إنها أفرزت نخبة إسلامية من طينة جديدة ما فتئت تثير حولها الظنون والتساؤلات. هذه النخبة تتبنى وجهة نظر قائمة على تحميل المسؤولية كاملة للحركة الإسلامية عن الكارثة التي ألحقتها بأبنائها وبالبلاد، وتعتبر السلوك السلطوي للنظام مبرَّرا وطبيعيا في مواجهة خطاب الاستعداء والاستفزاز الذي انتهجته قيادتها. كما أنها تبرئ النظام الحاكم -في عهده الجديد- من تهم العدوانية ضد هوية البلاد العربية والإسلامية، وتحمل مسؤولية انتهاك المقدسات والحرمات إلى فئات أو شخصيات علمانية متطرفة تمكنت من اختراق أجهزة الدولة بفضل سذاجة الحاكمين وحماقة الإسلاميين، وتدعو هؤلاء إلى التطبيع الكامل مع أولياء الأمر ووجوب طاعتهم ونصرتهم والاهتداء بهديهم. لا أحد ينظر إلى هذه النخبة الجديدة على أنها من العقلاء، بل إنها تتعرض يوميا إلى نيران الإخوة من الإسلاميين ونبال الأعداء من العلمانيين. فالإسلاميون ينظرون إليهم على أنهم ثلة من الآبقين وأنهم بيادق تحركهم أياد خفية للعبث بما تبقى من جذوة نضال وصمود في وجه سلطة غاشمة. والاستئصاليون المتترسون بجهاز الدولة يرون فيهم خطرا ماحقا يهدد وجودهم إذا ما استهوى خطابهم يوما فؤاد صاحب القصر. عندما تصبح الضحية جلادا أحداث المواجهات المسلحة التي هزت تونس أواخر السنة الماضية ومستهل السنة الجارية، أعادت السجال حول الأسلوب الأمثل للتعاطي مع ظاهرة الإسلام السياسي إلى واجهة الساحة السياسية والإعلامية. ولعل تجدد الاشتباك الإسلامي بين القيادة التقليدية للحركة الإسلامية والمنشقين عنها يمثل المظهر الأبرز لبقاء الإشكال عالقا دون حل. فالحركة الإسلامية ترى في اندلاع أعمال العنف دليلا على براءتها وسلامة نهجها، إذ وقعت الواقعة في غيبة منها، بل إنها تعتبر ذلك نتيجة منطقية لإخفاق السياسات التنموية في بعديها الاقتصادي بسبب استشراء الفساد، والسياسي بسبب التهميش والإقصاء وانسداد النظام أمام مطالب الهوية والحرية، لتشرع أبواب الجحيم على مصراعيها أمام عنقاء الإرهاب التي لا دين لها ولا وطن. أما دعاة المصالحة من المنشقين فيرفضون هذا التفسير ويتجنبون تحميل السلطة أي مسؤولية، لأن ذلك يناقض ادعاءاتهم المتكررة حول سلامة نهج السلطة ونجاح خياراتها التنموية. يعتبرون الأمر مجرد كارثة “طبيعية” أصابت أكثر عواصم العالم أمنا ورخاء، ويرون في المصالحة الشاملة وخفض الجناح للسلطة ومحاولة الإصلاح التدريجي الهادئ -ولو عبر الانخراط في الحزب الحاكم- الطريق الأسلم للخلاص الوطني، وأن خط المبدئية والإدانة لتجاوزات النظام والذي تنتهجه قيادة الحركة الإسلامية، لن يزيد هذا الأخير إلا شراسة وتعنتا لتُصَوَّرَ الضحية -بمفهوم المخالفة- جلادا أو ساذجا جنى على نفسه كما جنت براقش. وعلى الجبهة الأخرى من الخارطة السياسية التونسية تنشط حركة حوار وطني تحت مسمى “هيئة 18 أكتوبر/ تشرين الأول للحقوق والحريات”، المنبثقة عن إضراب جوع شنته مجموعة من الشخصيات الوطنية المعارضة قبيل وأثناء قمة مجتمع المعلومات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، لتصدر بعد عام من المخاض والحوار نصاًّ حول المساواة بين الجنسين يجعل من مجلة الأحوال الشخصية مكسبا “مقدسا”، أي قابلا للمراكمة دون المراجعة. زاد ذلك من تعقيد الأوضاع الداخلية للحركة الإسلامية التي وجدت نفسها أمام ابتلاء جديد يهدد هذه المرة نقاءها الفكري والعقدي وربما يمهد لتفريخ جماعات متشددة أو انتهازية لا تتنافس في خدمة الدين والوطن بل في تخريبهما ميوعة أو تطرفا. لا يغوص الناقمون على الحركة الإسلامية التونسية إذن في الأسباب العميقة الكامنة وراء فشل الحل الأمني في التعاطي مع الظاهرة الإسلامية، بل يصرون على تحميلها مسؤولية الإخفاقات والشرور، جاهلين أو متجاهلين أن مكافحة الإرهاب إستراتيجية أميركية وصهيونية تجترها أنظمة حكم مأزومة ومهزومة في كل شيء عدا تدمير أوطانها وتعذيب مواطنيها. (*) كاتب تونسي (المصدر: ركن “المعرفة” بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 3 ماي 2007)  


لا مصالحة دون فك قيود سجناء الرأي وإيقاف المحاكمات السياسية

مرسل الكسيبي (*) شهادة للتاريخ أنقلها للرأي العام التونسي والعربي والدولي بصفتي شغلت مهمة مؤسس ومنسق اللجنة العالمية للدفاع عن البروفسور المنصف بن سالم ,وهي أمانة أنقلها في نفس الوقت الى من تنقصه بعض المعطيات السياسية بخصوص ثلاثة عشر- 13-رسالة وجهها العالم والمعارض التونسي البارز الدكتور المنصف بن سالم الى رئيس الجمهورية التونسية زين العابدين بن علي , وقد عبر له فيها عن الاستعداد التام للتعاون في خدمة الشأن الوطني في أكثر من مناسبة ,ليجدد في وقت لاحق وفي حديث مباشر مع كبار المسؤولين الأمنيين للدولة رغبته الجادة في ايقاف نزيف التردي السياسي والحقوقي الذي بدأت تعيشه تونس منذ دخولها طور المحاكمات السياسية والعسكرية بداية التسعينات من القرن الماضي ,غير أن  بعض هذه الرسائل وقع في أيدي الفرق الأمنية قبل وصوله الى القصر الرئاسي ليقع بعدها التحقيق مع البروفسور المناضل العلامة بن سالم بموجب خطابات دعت الى الصلح والخير والاصلاح والتعاون على النهوض بالوطن في أكثر من مناسبة …! لقد أردت بهذه الاشارة السريعة وبهذا المعطى التاريخي الهام التقديم لوضع عام تعيشه تونس منذ أن دخل “التغيير” طور تأسيس الشرعية على عمود القبضة الأمنية بدل من تأسيسها وتعضيدها بمنطق الشرعية الانتخابية والسياسية . ليس من العيب بمكان بأن يخضع كل فرد فينا تجربته السياسية للنقد والمراجعة ,وهو مادعونا اليه غيرنا في المنتظم الأهلي والحزبي في تونس وفي المنطقة العربية ,ولسنا من الذين يخجلون من القول بأننا دعونا في مناسبتين على الأقل وعلى مدار أقل من ثلاث سنوات الى تجديد الأمل في الخطاب الوفاقي وقطع الطريق على دعاة التصعيد والتأزيم السياسي بالجمهورية التونسية ,غير أننا وللأمانة والتاريخ كنا نكتشف وعن قرب ومن خلال الاحتكاك بمستشاري صناعة القرار الرسمي بأن السلطة التونسية سلطة مركبة تشقها أجنحة متعددة ,وأن الصقور النافذين فيها كانوا أشد وطأة وأعلى شأنا من دعاة الاصلاح فيها ,وهو مادفع بمبادرتين في هذا الاتجاه كنا طرفا مساهما فيهما الى الاجهاض بمجرد انتقال الموضوع من الوسيط الى الأطراف المعنية باكراهات  موضوعات الاحتكاك بالجسم المعارض. من هذا المنطلق حصلت لدينا قناعة بأن اعادة الخوض في موضوع المصالحة وبشكل ملح ودون توفر شروط اعادة التوازن الى قوى المجتمع المدني من خلال احياء أجندة العمل الوطني المشترك ,قد يبدو للطرف النافذ في السلطة وهو الأقل احساسا فيها بمعاناة الوطن والمواطن من قبيل التذلل والانكسار على أعتاب أسوار الصين قبل اكتشاف علوم الطيران …! لاأشك في حسن نية بعض الاخوة الصادقين الذين طرحوا موضوع المصالحة للنقاش الفكري والسياسي مجددا ,فقد تحدثت في هذا الموضوع ونسقت مع الأخ الاعلامي والأكاديمي البارز الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مرارا وتكرارا ,كما اجتهدنا في فترات سابقة من أجل تذليل جسر من جسور العبور  مابين ضفتين لازمتا لفترة طويلة حالة النفور والقطيعة , وهو جهد لابد أن نقدره للأخ الحامدي من منطلق وطني حتى وان اختلفنا معه في تقديرنا السياسي لطبيعة الحالة التونسية , ولاأظن نفسي حين دافعت عنه منذ سنتين وهو يتعرض لحالة هجوم تصل الى حد التخوين من قبل اخوة الأمس القريب الا منتصرا للقيم الوطنية والاسلامية والانسانية النبيلة , اذ أن بذل الوسع من أجل فك حالة الاشتباك بين أبناء الوطن الواحد حرصا على سلامة هذا الوطن واستقراره وأمنه وحرصا على سلامة أجياله من دمار السجن والسجان وأقاصي المنافي يعد في تقديري مما ينبغي تثمينه وان أثبتت التجربة في الحالة التونسية أن العملية السياسية ومكوناتها مازالت بعيدة كل البعد عن هذه المحصلة الوفاقية والصلحية التي نطمح اليها من باب أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح . وحينئذ لاأخجل اليوم من القول بأن محاولاتنا السابقة في هذا الاتجاه ,وقد كانت الأولى نهاية شهر مايو 2005 والثانية في رمضان المنقضي من أواخر سنة 2006 ميلادية والتي أشرفت شخصيا في الثانية منها على خيوط الاتصال فيها ,أن هذه المحاولات لم تلق حظها المرتقب من النجاح بل ان السلطة أو الوسطاء فيها كانوا سرعان مايتبرمون من اعادة الاتصال بنا نتيجة ضغوطات كانوا يتعرضون لها أي الوسطاء من جهات يبدو أنها أمنية … أقصى ماتوصلت له من نجاحات في هذا الموضوع وفي مبادرته الثانية هو حل بعض الوضعيات الفردية المستشكلة أو التمكن من حديث مع أشخاص مثلوا أجنحة سياسية اصلاحية داخل هرم الحزب الحاكم ,غير أنهم عبروا وبصريح اللفظ حين اتصالهم بنا عن حالة التجاذب التي تعيشها السلطة من داخل هياكلها القيادية ,مؤكدين في هذا السياق على حسن النوايا ومراهنين على مزيد من الوقت قصد تمرير بعض الاصلاحات المأمولة . جاءت أحداث الضاحية الجنوبية العنيفة والمستقبحة كنهج في منازعة عنف الدولة بعنف الجماعات  لتقدم هدية على طبق من ذهب للجناح الأمني المتحكم في القرار السياسي التونسي , ثم مالبثت أحداث الجزائر الأخيرة  وأحداث مدينة الدار البيضاء لتعزز من مناخات الهواجس الداخلية والخارجية في الشأن الاقليمي والقطري وهو ماسيشكل في تقديرنا ورقة رابحة وبشكل مؤقت في سلة أطروحة الحل الأمني التونسي في مواجهة المعارضة السياسية المدنية  . ليس أمام المعارضة التونسية في ظل هذا الوضع الجامد ومستجدات وضع اقليمي ودولي يخلط بين الارهاب والعمل السياسي المدني والمشروع في التغيير ,ليس أمامها الا التمسك باليات العمل السياسي المدني والسلمي وبمطلب العفو التشريعي العام وليس أقل من اخلاء السجون التونسية من سجناء الرأي وكذلك الكف عن أي محاكمات سياسية جديدة كشرط أساسي ورئيس يسبق  الدخول في أي عملية تفاوضية تهدف الى ترتيب البيت التونسي على أساس المصالحة الوطنية العادلة والشاملة والجادة التي نرتقبها جميعا على أحر من الجمر  . (*) رئيس تحرير صحيفة “الوسط التونسية” (المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 3 ماي 2007)

الدور الثاني للرئاسيات الفرنسية :

المعادلة الصعبة !!

تعيش فرنسا هذه الأيام على وقع حملة انتخابية صاخبة بين المترشحين الفائزين في دور أول من الانتخابات حفته كل أنواع المخاوف . ويحبس الفرنسيون أنفاسهم في انتظار اليوم الفصل الذي ستتجسد فيه إرادتهم ويحسمون فيه الصراع على قيادتهم. ويشتد التنافس، في ظل تقارب الحظوظ في الفوز بين نيكولا ساركوزي (اليمين) وسيغولان رويال (اليسار)، على كسب أصوات المترددين ونيل ثقة المنسحبين من الدور الأول، خاصة من قيادات تيار الوسط (برئاسة فرانسوا بايرو) وأنصاره.
والأكيد أن الغالبية العظمى للناخبين قد حددوا خيارهم. بل أن جلهم قد اختاروا منذ البداية تجاوز شكلية الدور الأول معتبرين إياه غير مجدي  وانخرطوا مباشرة في جو الدور الثاني باعتمادهم “التصويت المفيد) “التصويت للمترشح الأقل سوء ا والأقرب للفوز). وذلك لتجنب الوقوع في وضع شبيه بسيناريو 21 أبريل 2002 الكارثي، عندما اضطروا للعودة في الدور الثاني لإصلاح خياراتهم الانتخابية “غير المفيدة” التي سمحت لممثل أقصى اليمين (جان ماري لوبان) بالوصول إلى الحلبة الأخيرة. وبعد تردد الناخبين، الذي يبدو أنه ترك مكانه لوضوح وانسجام، ها نحن نشهد ترددا واضحا للمترشحين للجولة الأخيرة. حيث أصبحا يبدوان في حيرة من أمرهما، لا يعرفان على أي رجل يرقصان، وفي أي إتجاه يسيران لتجميع أصوات مبعثرة ومتخاصمة. فرانسوا بايرو .. حتى النهاية في الوقت الذي بدا فيه الكثيرون مسرورين بعودة الصراع الأبدي بين اليمين واليسار، وبعودة التنافس بين مشروعين مجتمعيين متضادين تماما، جاءت النتيجة الباهرة التي حققها فرانسوا بايرو 7) ملايين ناخب صوتوا له) لتمنع هذا الصراع من البروز بحدة في الخطاب السياسي لكلا المترشحين، الذين وجدا نفسيهما  مضطرين لإعادة النظر في برنامج حملتيهما للدور الثاني من أجل الفوز بود وسط يسعى للإحتفاظ لآخر لحظة بدور حاسم.
لا سيما وأن ساركوزي مثله مثل رويال قد استنفذ كلاهما مخزون الأصوات على تخوم معسكره في أعقاب الدور الأول الذي بدا أشبه بانتخابات أولية داخل العائلتين الإيديولوجيتين الكبريين انتهت باندحار “صغار المترشحين” وحماية “الكبار ” من أي آثار سلبية قد تهدد “مصيرهم الوطني”. إن فرانسوا بايرو ، رغم سقوطه من السباق ، هو بصدد بيع الهزيمة الانتخابية الأغلى ثمنا، حيث أصبح قبلة الطرفين المتنازعين وهدف إغراءاتهما بفضل موقعه الذي يؤهله لحسم الصراع الرئاسي.
إن الفوز في هذا الدور سوف يمر، صراحة أو ضمنا، إما عبر التحالف مع الوسط أو الاقتراب منه على الأقل. لذلك فمن المنتظر أن تكون تنازلات الطرفين لهذا الخاسرـ الرابح بحجم التحديات والآمال المعلقة. وهكذا ستكون الأفكار الوسطية الرابح الأكبر في هذه الإنتخابات بتخطيها للحدود الحزبية. أما بايرو فإنه، وإن عجز عن استلام السلطة هذه المرة، فقد أعد نفسه جيدا وأعد الأرضية الخصبة للمحطات الانتخابية القادمة. ساركوزي رئيسا … للدور الأول ما كادت نتائج الدور الأول تعلن حتى تعالت تهليلات بعض المحللين المستعجلين لمنح فوز ساركوزي حجما قياسيا بتحول ميزان القوى بين اليسار واليمين لمصلحة التيار الأخير، مسارعين إلى مقارنة جملي الأصوات المحصلة من أحزاب اليمين مجتمعة) الجمهورية منها والوطنية) مع أصوات كل أطياف اليسار. غير أن هؤلاء المحللين تناسوا أن تلك الأرقام تعكس تراجعا للحجم الإجمالي للتصويت اليميني مقارنة مع الانتخابات السابقة ( 59,16% في سنة 1995 ثم 48,41 في 2002 مقارنة ب 45,05 في الانتخابات الأخيرة.(
وفي الحقيقة فقد كسب ساركوزي بجدارة الانتخابات في صفوف اليمين. ولعل سبب فوزه يكمن في نجاحه في أمرين رئيسين :
ـ تمكنه بالترغيب حينا والترهيب أحيانا من فرض ترشح وحيد في العائلة اليمينية الجمهورية للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الخامسة. ـ تمكنه من مغازلة قطاع عريض من أنصار الجبهة الوطنية (أقصى اليمين) بتبنيه لجملة من القضايا والشعارات المحسوبة على جان ماري لوبان الذي سجل في المقابل نتيجته الأخفض منذ سنة 1988
وهكذا توج الدور الأول ساركوزي رئيسا لقوى اليمين والآن يفترض عليه أن يبحث عن أصوات أخرى وأن يظهر كزعيم لكل الفرنسيين وهو ما لا يبدو قادرا على التألق فيه. لقد نجح ساركوزي في إخماد أصوات منافسيه كما نجح في عزل المجموعات الدينية والطبقات الاجتماعية عن بعضها البعض وفي تأجيج الفوارق والاختلافات ) الذين يستفيقون باكرا للعمل مقابل الآخرين، والذين يحبون فرنسا والآخرين، و”الذين يحملون في جيناتهم بذرة الشر”   والآخرين  .(.. ولهذا السبب ربما تألق في الدور الأول حيث يتعلق الأمر ب “اختيار مرشح وبرنامج” والتأكيد على الخصوصيات أكثر من الجوامع.
أما في الدور الثاني فالأمر مختلف تماما، فالمطلوب ليس إبراز الاختلاف وتأجيجه بل البحث عن الوفاق والتجميع. لذلك فساركوزي مطالب بمراجعة سياسته وتليين خطابه. أولا تجاه فرانسوا بايرو والملايين السبعة الذين صوتوا له، حيث لن يمكنه وصمه مجددا ب”الضبابية السياسية” لأنه صار مضطرا مثله لأن يقطع مع “الخيارات الأيديولوجية والحزبية”. ثم تجاه سيغولان رويال، حيث لن يمكنه إتهامها بعدم الكفاءة كما لا يجوز له مهاجمتها بشدة أو السخرية من أفكارها) كما كان يفعل في الدور الأول) نظرا لحساسية الفرنسيين الشديدة من تعنيف النساء ونقص الأدب تجاههن.
وقد يبدو الأمر غريبا ولكننا نشهد اضطرار المنتصر لتغيير إستراتيجيته وتكييفها للتوجه نحو اللعب على ميدان المهزومين. وقد يكون ساركوزي بسعيه الكبير للتميز عن الآخرين وبميله الجامح نحو اليمين في الدور الأول، قد رهن حظوظه في الفوز بالدور الثاني، حيث يجب التجميع وأخذ مسافة عن الانتماءات والاختلافات. ولعله أسهم ببثه للفرقة وتكريسه طيلة السنوات الأخيرة لفكرة “الأنا في مقابل الآخرين” في تجميع أعداد متكاثرة من الفرنسيين حول شعار “الكل ما عدى ساركوزي” الذي قد يكون له دورا حاسما في المعركة النهائية. عندئذ قد يجد ساركوزي نفسه مهددا بالاكتفاء في أعقاب هذه الانتخابات باللقب الشرفي “رئيس الدور الأول”. سيغولان رويال أو الهزيمة المؤجلة إذا كان نيكولا ساركوزي قد حقق تفوقا جليا على منافسته في الدور الأول، فإنه لا يمتلك هامشا كبيرا للمناورة و  المبادرة لتوسيع دائرة أنصاره. أما رويال فإنها رغم تأخرها عن غريمها، فهي تتمتع بآفاق وإمكانيات سياسية أوسع. غير أنها مطالبة بإستثمار الفرصة الجديدة التي منحها إياها الفرنسيون بعد حملة إنتخابية غير موفقة بدت فيها مرتبكة ومحاصرة بين رغبتها في التغيير من ناحية وخشيتها من التصادم مع قوى المجتمع المحافظة من ناحية أخرى، وبين حرصها على التحرر واستقلال القرار وإرتباطاتها الإيديولوجية والحزبية. إنها مطالبة أيضا بإسترجاع التحكم في نسق حملة فرض فيها مرشح اليمين أحيانا كثيرة مواضيع النقاش ومراكز الإهتمام، مما إضطرها للمغامرة بعيدا وصولا الى ميدان أقصى اليمين (عند طرح قضايا الهوية والروح الوطنية.(
إن رويال تعرف جيدا أنها تعرضت لهزيمة مؤجلة، مؤهلة للتأكيد والتفاقم إن لم تنجح في قلب الأوضاع وتغيير تقييم الرأي العام السلبي لحملتها. إن على رويال أن تبدو أكثر تلقائية وطبيعية وأن توجه خطابها بدون عقد ومركبات لكل الفرنسيين كما فعلت بنجاح مع أبناء حزبها أثناء الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح الاشتراكي وأثناء ورشات الديمقراطية التشاركية (التي كادت تتحول إلى “ديمقراطية استعراضية”). 
يجب عليها أن تتحرر من العراقيل الايديولوجية والسياسية والشخصية التي تشدها الى الوراء لكي تقترب أكثر من الفرنسي العادي ولكي تحرر اختيار الناخبين الذين لا يزالون يشكون في قدراتها. من أجل كل هذا، يجب عليها أن تقوم بحملة جديدة تقطع مع سلبيات الدور الأول. أما منافسها فمن مصلحته الحفاظ على تفوقه والإبقاء على الوضع كما هو عليه حتى السادس من مايو.
ولتقريب الصورة ، يمكننا إستعارة مشهد رياضي وتشبيه وضع المترشح المتقدم بوضع فريق كرة تقدم في الشوط الأول على منافسه ويسعى طيلة الشوط الثاني للحفاظ على النتيجة بكل الوسائل : بإضاعة الوقت، والابتعاد عن المغامرة والخطر، وتجنب التشابك، والتحول من خطة هجومية إلى خطة دفاعية. وقد تؤتي مثل هذه الخطة أكلها مانحة الفريق المتقدم نصرا نهائيا بدون بريق. غير أنها كثيرا ما تفشل، حيث ينسى ذلك الفريق أن مقابلة الكرة تلعب في تسعين دقيقة كاملة، ويتعرض بسبب إنكماشه لهجومات المنافس مما قد  يعرضه للانهيار في أي وقت. إ ن على رويال، إن شاءت الفوز، أن تدفع بساركوزي نحو الخطأ، وأن تأخذ بزمام المبادرة وتفرض نسقها ومجالات إهتمامها ونقاط قوتها. خاصة وأن ساركوزي قد إستعمل كل ورقاته الصالحة أصلا لدور واحد.
وبإعتبارها أكثر قدرة من غريمها على التجميع وعلى مخاطبة كل الفرنسيين بدون إستثناء، فإن عليها أن تسحبه إلى هذا الميدان. كما عليها أن توقعه في مواضيع يخشى ولوجها كخشيته الدخول إلى الأحياء الشعبية (من مثل قضايا العدالة الإجتماعية والتعليم والتضامن والمساواة ..). بهذا تحقق رويال إنجازا مضاعفا : كسب قواعد تيار الوسط الحساسين تجاه هذه القضايا، وإبهار أكبر نسبة من الناخبين المترددين بإنتزاع الأسبقية عن المنافس. يكفي رويال أن تقنع الفرنسيين الراغبين، في أغلبيتهم العظمى، في التغيير، من أقصى يسارهم إلى أقصى يمينهم مرورا بالوسط، أنها تمثل أملا حقيقيا في التغيير ورمزا للعيش المشترك ولنبذ الفرقة والتشابك.
إن الاشتراكيين يجدون أنفسهم اليوم في منعطف تاريخي حاسم : الهزيمة قد ترمي بهم في أتون أزمة داخلية عاصفة، والنصر هم عاجزون على تحقيقه بمفردهم. لذلك فإن عليهم مراجعة أفكارهم واستراتيجيتهم والانفتاح على تيار الوسط وصولا إلى بناء تحالف استراتيجي يفتك الحكم ويغير قواعد اللعبة. وإن لم يقوموا بتلك المراجعات، فستجبرهم الهزيمة على إعادة بناء مؤلمة وتدفع بهم ربما لرحلة عبور صحراء مستعصية. وهكذا بين مرشح غير متأكد من الفوز ومرشحة لم تخسر بعد، لا تزال فرنسا معلقة تنتظر نتائج هذه الانتخابات. وبقطع النظر عمن سيفوز، سيحتفل المواطنون، الذين سيقبلون بلا شك بكثافة كبيرة على صناديق الاقتراع، مجددا بإنتصار الديموقراطية في درس آخر وليس أخير للمدنية والتحضر. غرة مايو 2007 شكري الحمروني و عماد الدائمي كاتبان تونسيان مقيمان بباريس
 

برّالوالدين بسم الله الرحمن الرّحيم
وبعد فهذا الموضوع هو موضوع خطبة جمعة أردتّ نشره طمعا في أن يجعل الله به خيرا لنا ولذرّياتنا، والله من وراء القصد.

قال الله تعالى: “واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا“. فقرن تعالى ذكرُه إلزامَ برِّ الوالدين بعبادتِه وتوحيدِه، وأمر به كما أمر بهما. كما قرن شكرَهُما بشكره في قوله تعالى: “أنُ اشكُرْ لي ولوالديك إليّ المصيرُ“. وكفى بذلك دلالة على تعظيم حقّهما ووجوب برّهما والإحسان إليهما. وقال تعالى: “ولا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما” وقال تعالى: “ووصينا الإنسان بوالديه حسنا“. سواء كان هذا الوالد مسلما أو مشركا. وقال في الوالدين الكافرين: “وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا“. وروى عبدالله بن أنيس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “أكبر الكبائر الإشراكُ بالله وعقوقُ الوالدين واليمينُ الغموسُ، والذي نفس محمّد بيده لا يحلف أحدٌ وإن كان على مثل جناح البعوضة إلاّ كانت وكتة (أي بقعة) في قلبه إلى يوم القيامة“.

عن سعد بن إيّاس قال: حدثني صاحب هذه الدار وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلّم: أيّ العمل أحبّ إلى الله عزّ وجلّ؟ قال: “الصلاة على وقتها” قلت: ثمّ أي؟ قال: “برّ الوالدين“. قلت: ثم أيّ؟ قال: “الجهاد في سبيل الله“. قال: حدثني بهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولو استزدّته لزادني. ورواية ابن مسعود رضي الله عنه متّفق عليها. فأخبر صلى الله عليه وسلم أنّ برَّ الوالدين أفضلُ الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظمُ دعائم الإسلام.

ولذلك فقد رُوي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنّه قال: جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، فقال أحيّ والداك؟ قال: نعم. قال ففيهما فجاهد. واللفظ لمسلم

قال علماؤنا: أحقّ النّاس بعد الخالق المنّان بالشكر والإحسان وإلتزام البرّ والطاعة له والإذعان، مَن قرن اللهُ الإحسانَ إليه بعبادتِه وطاعتَه وشكرَه بشكرِه، وهما الوالدان، فقال تعالى: “أن أشكر لي ولوالديك إليّ المصير” وقال جلّ وعلا: “وقضى ربُّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحسانا” ، ورُوي عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رضى الربّ في رضى الوالدين  وسخطُه في سخط الوالدين“.

فالشكر للخالق على نعمه الكثيرة العميمة والشكر للوالدين على أن جعلهما الله سبحانه سببا لخروجك من العدم إلى الوجود وعلى بذل الجهد من أجل تنشئتك على طريق الإسلام ومحاولتهما وقايتك النّار استجابة منهما لربّهما: “يا أيّها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون“. والشكر والإحسان لهما: برّهُما وحفظُهما وصيانتُهما وامتثال أمرهما والإذعان لهما وإزالة الرقّ عنهما وترك السلطنة عليهما، ومعاشرتهما بالمعروف والتواضع لهما، بل والتذلّل لهما، فقد قال تعالى: “واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة“، والدعاء لهما بالمغفرة بعد مماتهما وصلة أهل ودّهما، والنظر في مصالحهما دنيا ودينا وجلب المنفعة إليهما. قال قتادة في قوله: “وقل لهما قولا كريما”  قولا لينا سهلا. وقال هشام بن عروة عن أبيه: “واخفض لهما جناح الذل من الرحمة” قال لا تمنعهما شيئا يُريدانه(*). وروى هشام عن الحسن أنّه سئل ما برّ الوالدين؟ قال أن تبذل لهما ما ملكتَ وأطعهما فيما أمراك ما لم يَكُنْ معصية.

قال عروة بن الزبير: مَا برَّ والدَه مَن أحدَّ النظر إليه (قلت: ولقد رأينا الكثير من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يقوى على وصفه لقلّة ما ينظر في وجهه الكريم، تعظيما وإجلالا، ولا ضير في التشبّه بالكرام وإن كنت لا أدعو هنا إلى عدم التملّي في وجوه أمّهاتنا وآبائنا). وسُئل سعيد بن المسيب عن قوله: ” قولا كريما“؟ قال: قول العبد الذليل للسيد الفظ الغليظ (قلت: والتشبيه هنا ليس لاستعباد الولد أو تفحيش الوالد، ولكن فقط لاستعارة موقف الذلّ، على أنّ ذلّ العبد للسيّد مذلّة وذلّ الولد لوالده عزّة وعلوّ ما بعده علوّ إلاّ ما كان من تذلّله لخالقه الذي لا بدّ أن يكون أبلغَ). وعن عبدالله الرصافي قال حدثني عطاء في قوله تعالى: “واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة” قال: يداك لا ترفعهما على أبويك ولا تحدّ بصرك إليهما إجلالا وتعظيما. قال أبو بكر: قوله تعالى “واخفض لهما جناح الذل من الرحمة” هو مجاز، لأنّ الذلّ ليس له جناح ولا يوصف بذلك ولكنه أراد المبالغة في التذلل والتواضع لهما. ولقد رأيت من أولادنا مَن لا يهنأ ولا يهدأ إلاّ إذا أفحم أباه أو أمّه في مناقشة عمومية تزهّد السامع فيه وتكثر من العتاب على أبيه الذي لم يفلح في تربيته. بل لقد رأيت مِن أولادنا مَن إذا طلب منه أبوه خدمة على الوجه الذي يحبّ غضب منه ومن ربّه فامتنع عن أداء الصّلاة معه، وحسبنا الله ونعم الوكيل…  

ومن البرّ – كما سلف- الدّعاء للوالدين، لقوله جلّ وعلا: “وقل ربّ ارحمهما كما ربّياني صغيرا” ففيه الأمر بالدعاء لهما بالرحمة والمغفرة إذا كانا مسلمين. لأنه “ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى“. والنبيّ  صلى الله عليه وسلم قد عظّم حقّ الأمّ على الأب. فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله مَن أحقّ الناس بحسن صحابتي (وفي رواية: من أحقّ النّاس بحسن الصحبة)؟ قال: أمّك. قال: ثمّ مَن؟ قال: أمّك. قال: ثمّ من؟ قال: أمّك. قال: ثمّ مَن؟ قال: أبوك.

ومن البرّ النفقة عليهما، بل النفقة على الوالدين واجب متأكّد لقول النبي  صلى الله عليه وسلم مبيّنا: “ابدأ بمن تعول: أمَّك وأبَاك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:  دينار أعطيتَه في سبيل الله ودينار أعطيته مسكينا ودينار أعطيته في رقبة ودينار أنفقته على أهلك، فإنّ الدينارَ الذي أنفقته على أهلك أعظمُها أجرا. وقد رُويَ ذلك مرفوعا إلى النبي  صلى الله عليه وسلم.

ولا يختص برّ الوالدين بأن يكونَا مسلمين، بل إن كانا كافرين يبرّهما ويحسن إليهما، وفي صحيح البخاري عن أسماء قالت: قدمت أمّي وهي مشركة، فاستفتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: إنّ أمّي قدمت وهي راغبة أفأصلها قال: “نعم، صلي أمّك“.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يبايعه على الهجرة، وترك أبويه يبكيان فقال: “ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما“. رواه البخاري.

قال ابن المنذر: في هذا الحديث النهيُ عن الخروج بغير إذن الأبوين ما لم يقع النفير… بل لقد ناقش علماؤنا واختلفوا في الوالدين المشركين، هل يخرج بإذنهما إذا كان الجهاد من فروض الكفاية؟ فكان الثوري رحمه الله يقول: لايغزو إلاّ بإذنهما. وقال الشافعي رحمه الله: له أن يغزو بغير إذنهما.

ومن لم يبرّ والديه وقع في العقوق، عياذا بالله تعالى، وهو من أكبر الكبائر: عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (أعادها ثلاثا)؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور“، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متّفق عليه.

والعقوق ينزع مِن مقترفه الإيمان فتوجَبُ له النار – عياذا بالله تعالى – فقد جاء في ذلك أثرٌ، أنّ رجلا كان عاقّا لوالديه يقال له علقمة فقيل له عند الموت: قل لاإله إلاّ الله، فلم يقدر على ذلك حتّى جاءته أمّه، فرضيت عنه. كما أنّ من الأعمال الموجبة للنّار قطيعة الرّحم وأكل الرّبا والخيانة. وسمّى الله تعالى آكل الرّبا بالكفّار الأثيم وبيّن أنّه لا يحبّه عياذا بالله تعالى: “يمحق الله الرّبا ويربي الصدقات، والله لا يحبّ كلّ كفّار أثيم“.

وروى أبو سعيد الخدري عن النبي  صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “لا يدخل الجنة عاقّ ولا مُدمن خمر“.

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من الكبائر شتمُ الرجل والديه. قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم! يسبُّ أبَا الرجلِ فيسبُّ أباه، ويسبُّ أمَّه فيسبُّ أمَّه. متّفق عليه.

وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال:  قال النبيّ صلى الله عليه وسلم أحضروا المنبر، فلما خرج رقَى إلى المنبر فرقى في أول درجة منه قال آمين، ثم رقى في الثانية فقال آمين ثم لما رقى في الثالثة قال آمين. فلما فرغ ونزل من المنبر قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه منك! قال: وسمعتموه؟ قلنا: نعم! قال: “إنّ جبريل عليه السلام اعترض فقال بَعُدَ مَن أدرك رمضان فلم يُغفر له. فقلت آمين! فلما رقيت في الثانية قال بَعُدَ مَن ذُكِرتَ عنده فلم يصلّ عليك، فقلت: آمين! فلما رقيت في الثالثة قال بَعُدَ مَن أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة! قلت: آمين!“… والكيّس الذي يبادر اغتنام فرصة برّهما لئلا تفوته بموتهما، فيندم على ذلك، والشقي الشقيّ مَن عقّهما وهو يعلم الأمر ببرّهما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*): لا أجد أحسن ممّا يريد الوالدان من أن يريا ولدهما (ذكرا كان أو أنثى)، على سبيل الله مخبتا، ناجحا في عمله، نافعا في علاقاته ومعاملاته، هيّنا ليّنا سمحا بعيدا عن التقليد المهلك. وقليل من الأولياء من يقنع من ولده بالمال الوافر، وهي لعمري علاقة ماديّة لا خير فيها حسب ظنّي، وإن كان الإنفاق واجبا في حقّ الأبناء على الآباء والأمّهات.

عبدالحميد العدّاسي


لم لا جائزة وطنية كبرى للمخطوطات في تونس؟

بقلم: د. جمعة شيخة كنت قد اشرت في مقال لي سابق الى امكانية ان تبعث الدولة معهدا عاليا لتحقيق المخطوطات والكوديكواجيا (1). وذكرت ان المكتبة الوطنية بكنوزها التراثية وبمقرها الرائع الجديد يمكن أن تكون سندا لهذا المعهد. وهكذا تتظافر جهود وزارتين: الثقافة والمحافظة على التراث، والتعليم العالي والبحث العلمي على تمكين الشباب الجامعي من فرص للشغل عديدة بتونس وبالخارج. ومما لا شك فيه ان عدد عناوين المخطوطات بالمكتبة الوطنية هام ومُغر في مجال البحث والتحقيق لكن هذا العدد يجب اثراؤه. فنحن على يقين ان بلادنا شمالا ووسطا وجنوبا فيها من المخطوطات ما يمكن ان يصبح رافدا اساسيا لرصيدنا في المكتبة الوطنية، فهناك مخطوطات مازالت مهملة في بعض الزوايا والمساجد والمراكز. وهذه نتساءل لم لم يقع تحويلها الى المكتبة الوطنية بموجب قانون 1967؟ وهناك من العائلات والافراد من يملكون انفس المخطوطات شكلا وأهمها محتوى. وهذه كلها روافد يمكن ان تثري المكتبة الوطنية. والسؤال هو كيف يمكن ان نجعل هذه الروافد تصب في الرصيد القومي دون المس بالملكية العائلية او الشخصية؟ للاجابة عن هذا السؤال نتقدم ببعض المقترحات قد تساعد على تحقيق هذا الغرض: 1 ـ تجميع كل المخطوطات في المكتبات المختلفة التي هي على ملك الدولة في مكان واحد هو المكتبة الوطنية تطبيقا لقانون 1967 زيادة على ذلك: كل ما يصور من مخطوطات من مكتبات خارج الوطن، باموال الدولة يجب ان يوضع ويستفاد منه في نطاق المكتبة الوطنية لا غير حتى لو قامت بعملية التصوير مؤسسات تونسية على حسابها الخاص لان مال تلك المؤسسات هو مال الدولة. وخير مثال على ذلك بيت الحكمة بقرطاج فقد وقع تصوير مخطوطات لابن خلدون من خارج تونس باموال عمومية وفرطت فيهم هذه المؤسسة بدون موجب شرعي. 2 ـ احداث جائزة للمخطوطات على النطاق الوطني نطلق عليها «جائزة رئيس الجمهورية لاحسن مخطوط» ويتقدم للمشاركة في هذه الجائزة لنيلها كل من يملك مخطوطا من الخواص وتعرض كل المخطوطات المشارك بها على لجنة مختصة وتسند الجائزة لاحسن  مخطوط بالنظر لنفاسته من حيث المحتوى او الشكل. وقد تسند الجائزة لمخطوطتين او ثلاث اذا توفرت فيها شروط تضبطها الجهات العلمية والتقنية المختصة. وحتى نشجع كل من يملك مخطوطة على المشاركة يقع تطمين المشاركين ان مخطوطاتهم سترجع اليهم مباشرة اثر الاعلان عن النتيجة. ولمالك المخطوط الحرية في بيع مخطوطه للمكتبة الوطنية او السماح لها ـ بعد اتفاق الطرفين ـ بتصويره بمقابل يدفع له. وبهذه الطريقة ستزود المكتبة الوطنية كل سنة، وبهذه الجائزة، بالجديد من المخطوطات التي ستقتنيها او تصورها المكتبة من هؤلاء المشاركين ولنفترض ان بعض المشاركين امتنعوا عن البيع وعن الاذن بالتصوير وهو أسوأ الافتراضات فما هي الفائدة من هذا العمل؟ رغم رفض المشاركين بعضهم او كلهم البيع والتصوير معا، هناك فائدة وفائدة كبرى: ذلك ان اللجنة التي ستنظر في هذه المخطوطات لاسناد الجائزة ستضع قائمات بعناوين المخطوطات واسماء مؤلفيها ومواضيعها وتاريخ نسخها، واسماء ناسخيها اذا امكن وبعناوين مالكيها، وهذه معلومات ثمينة تقدم خدمة جليلة للباحثين التونسيين والاجانب. فقد اصبح  عن طريق هذه القائمات، معرفة ان لمخطوط كذا نسخة ثانية بتونس يملكها فلان عنوانه معروف. فما على الباحث اذا كان متيقنا من قيمة المخطوط في بحثه ودراسته ان يسعى بنفسه للاطلاع عليه ولو كان ذلك في بيت مالكه وتحت نظره. ان هذه الفكرة الاولية قابلة للتنقيح والاثراء من طرف المسؤولين والمختصين معا. وانا على يقين انه لو تظافرت الجهود لتطبيقها فان البحوث المتعلقة بالتراث دراسة وتحقيقا ستقدم كثيرا والله الموفق والمعين. (1)  الكوديكولوجيا codicologie: علم يهتم بالمخطوط من حيث الشكل (الورق، الحبر، التسفير، التذهيب، الفهرسة)، اما تحقيق المخطوط فيهتم به من حيث المحتوى العلمي له. بطبع نصه محققا ومعلقا عليه. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 ماي 2007)  


اتـفـاقـيـة..
تم في الآونة الأخيرة، التوقيع على اتفاقية بين الشركة التونسية الأندلسية للاسمنت الأبيض ومؤسسة (بوليزوس) الألمانية.. وسيتم بموجب هذه الاتفاقية، تجهيز الوحدة الإنتاجية الثانية بالشركة الصناعية للاسمنت بالمعدات الفنية.. وستمكن هذه الاتفاقية من تأهيل الشركة التونسية الأندلسية للاسمنت الأبيض، ورفع إنتاجها من 340 ألف طن إلى 700 ألف طن بما يرتقي بها إلى رابع مؤسسة من نوعها في العالم. ومن المنتظر أن تصدر الشركة نحو 80 بالمائة من إنتاجها من الاسمنت الأبيض ومشتقاته، إلى عدد من الدول المغاربية والإفريقية والأوروبية.. تعزيز إنتاج الغاز.. ينتظر خلال هذا العام، إنتاج نحو 2.538 مليون طن مكافئ نفط، أي بزيادة طفيفة تقدر بحوالي7،0% عن السنة المنقضية… ويأتي هذا التطور في سياق البحث عن مصادر بديلة للنفط في تونس، في ضوء ارتفاع أسعار البترول في السوق العالمية، علما أن الغاز الذي يجري البحث عنه، يرتكز بالأساس على الغاز الطبيعي ذي التكلفة المنخفضة.. وتفسر الجهات المسؤولة هذه الزيادة في إنتاج الغاز الطبيعي، بتحسن مردودية حقل ميسكار ودخول حقلي الشرقي وآدم حيز الإنتاج.. إصلاح الخارطة الصحية.. ينتظر أن تشهد الفترة القادمة، إجراءات تصب في اتجاه إصلاح الخارطة الصحية وتحسين خدماتها إلى جانب المحافظة على القطاع الصحّي العمومي وتحقيق إمكانية الاستجابة السريعة لحاجات المرضى..                    في قطاع المصوغ… يطالب مهنيّو قطاع المصوغ في تونس، بمراجعة القوانين المنظمة للقطاع، وتكريس الشراكة بين التجار والصناعيين كأحد الشروط الأساسية لتطوير القطاع، وذلك من خلال تكوين شركات لاستغلال الذهب الموجود حاليا ضمن الدورة والحركة التجارية…وكانت التأمت مؤخرا اجتماعات في إطار مهنيي القطاع لبحث هذه الموضوعات.. ملتقى اقليمي ينعقد بداية من امس وعلى مدى يومين في احد نزل الضاحية الشمالية الملتقى الاقليمي «القانون الاجتماعي المغاربي في حالة تبادل» تحت اشراف وتنظيم مؤسسة «كونراد اديناور-ستيفتنغ» و«جمعية مسؤولي التكوين والتصرف البشري في المؤسسات». انتـــداب ترغب مؤسسة خاصة بدولة الامارات العربية المتحدة في انتداب رئيس حلواني مختص في صناعة الحلويات التونسية والفرنسية والشكلاطة له خبرة لا تقل عن 10 سنوات في هذا المجال وقادر على تسيير فريق عمل على ألا يتجاوز عمره 45 سنة. فعلى الراغبين في الترشح موافاة الوكالة التونسية للتعاون الفني ـ المركز العمراني الشمالي، نهج صلاح الدين العمامي قرب مدينة العلوم ـ اريانة ـ عن طريق البريد او موقع الوكالة على الواب www.atct.nat.tn بمطلب ترشح وسيرة ذاتية مفصلة ومرقونة باللغتين العربية والانقليزية على وثيقة رقمية ونسخ من الشهادات العلمية وشهادات الخبرة باللغة العربية او معربة في اجل اقصاه 07 ماي 2007. والي مقاطعة 9010 بصفاقس وبئر بالجنوب ادى السيد علي راجح والي مقاطعة 9010 بالمغرب العربي لمنظمة روتاري زيارة الى ولاية صفاقس حيث كانت له لقاءات مع المسؤولين عن نادي روتاري واطلع بالمناسبة على انشطته الخيرية في المناسبات الوطنية والدينية ومنها بناء مقر له يخصصه لتقديم المساعدات للعائلات المعوزة وخاصة في شهر رمضان فضلا عن نشاطه الاجتماعي والاقتصادي ومنه اعداد مشروع تزويد بئر عمومية بالجنوب التونسي بمضخة تعمل  بالطاقة الشمسية وفعلا استقبل النادي خبراء ايطاليين في الغرض في مطلع الاسبوع الحالي. جمعية البحوث والتنمية تنظم جمعية البحوث للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بصفاقس اليوم بالتعاون مع جامعة صفاقس والغرفة التجارية والصناعية بها يوما للتعاون التونسي البلجيكي بمشاركة ثلة من المسؤولين الكبار في السفارة البلجيكية بتونس والاساتذة الجامعيين والخبراء وخاصة في مجال العلاقات التونسية والبلجيكية وسوف تلتئم الحصة الصباحية بمقر الجامعة والمسائية بمقر الغرفة. «راصدون» ستشهد بلادنا قريبا تركيز برنامج «راصدون» وهو برمجية الكترونية متطورة للترصد الوبائي ولنقل وتبادل وتحليل المعلومات المتعلقة بالاوبئة والامراض المنقولة مع مختلف دول العالم. وستكون تونس اول دولة عربية وافريقية تجرب هذا البرنامج النموذجي على ان يتم تعميمه بعد مدة على عدة دول اقليمية اخرى. مؤسسات فلاحية مختلطة يبلغ عدد المؤسسات المختلطة في قطاع الفلاحة والصيد البحري 77 مؤسسة مقابل عشر مؤسسات سنة 1990 وتطورت استثماراتها الى حوالي 5،176 مليون دينار وتتولى 30 مؤسسة توجيه منتجاتها كليا نحو التصدير. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 ماي 2007)  


«الصباح» في زيارة إلى البنك الدولي بواشنطن

مسؤول بالبنك: الوضع الاقتصادي التونسي مريح.. والديون الخارجية لا تتجاوز 18 مليارا ونصف دولار

من مبعوثتنا الخاصة سعيدة بوهلال واشنطن – الصباح: أجرت «الصباح» مؤخرا زيارة ميدانية إلى مقر البنك الدولي بواشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك في إطار برنامج ادوارد مورو الذي شارك فيه صحفيون من مختلف بلدان العالم.. وبهذه المناسبة استفدنا من مصدر مسؤول بالبنك أن الديون التونسية لدى البنك الدولي تقدر بنحو مليار ونصف دولار.. وبين نفس المصدر أنه بفضل شركة اتصالات تونس تم استخلاص نسبة هامة من الديون.. وقال إن الوضع الاقتصادي التونسي مريح وإن الديون الخارجية الجملية لتونس لا تتجاوز 18 مليارا ونصف دولار. وأضاف أن الوضع الاقتصادي لتونس جيد لأن لها مدخرات مريحة ولكن يمكنها تحسين هذا الوضع أكثر فأكثر بالنفاذ إلى مصادر تمويلية أخرى.. وعن سؤال يتعلق بإحصائيات البنك الدولي حول البطالة في تونس بين  المصدر نفسه أن البنك الدولي لا يهتم بإجراء الإحصائيات وليست له الإمكانيات ولا الوقت  الكافي لإجرائها بل هو يعمل على دعم قدرات البلدان التي يتعامل معها على القيام بالإحصائيات، ويقول إن تحديد نسبة البطالة أمر صعب. وبين أن البنك الدولي يتعامل بحذر عند اختيار القطاعات التي سيمولها وقال إن الدول تطلب من البنك الدولي الكثير ولكن هذا الأخير غير قادر على تلبية كل الرغبات.. وذكر مصدر ثان بالبنك الدولي إجابة عن سؤال يتعلق بسبب رفض البنك تمويل مشروع مطار النفيضة أن البنك قرر منذ سنوات عدم تمويل مشاريع البنية الأساسية. ولكن هل هناك إملاءات من البنك الدولي على البلدان التي يمولها؟ عن هذا السؤال أجاب المصدر نفسه أن البنك الدولي حينما يلتزم بإصلاح معين فإنه يأخذ الأمر بمنتهى الجدية وهو إذا أراد تمويل مشروع يتعلق بالإصلاح الزراعي على سبيل الذكر فيجب أن تتجاوب معه الحكومة ويجب أن تعمل هذه الأخيرة على الالتزام بالشفافية تجاه البنك.. ومن جهته يعمل البنك على الالتزام بالعمل على إيجاد سياسة جديدة لتحسين التصرف في الموارد المتاحة ويعمل على إيجاد اتفاق مع الدولة المعنية حول بعض المسائل ويمكن تسميتها بالشروط لأن البنك على حد تعبيره لا يلتزم مع الدولة حينما لا تستجيب لبعض الخاصيات، إذن فهي التزامات متبادلة ولها انعكاسات جيدة على اقتصاديات البلدان.. مشاريع في تونس أطلعنا مصدرنا على ورقة تختصر أهم المشاريع الممولة عن طريق البنك الدولي في تونس سواء عن طريق القروض أو المساعدات ونجد على سبيل الذكر مشروع الاستثمار في قطاع الماء ومشروع تحسين جودة النظام التربوي ومشروع دعم القطاع الفلاحي ومشروع التصرف في التراث الثقافي ومشروعا ثانيا للاستثمار في قطاع النقل ومشروعا للتصرف في المناطق المحمية ومشروعا لتنمية المناطق الجبلية والغابية بالشمال الغربي ومشروع التنمية البلدية ومشروع تنمية الصادرات ومشروع حماية الثروات البحرية الساحلية بخليج قابس ومشروع النجاعة الطاقية في القطاع الصناعي ومشروع تنمية قطاع تكنولوجيا الاتصالات وبرنامج مساعدة الدول الإفريقية على جمع المبيدات التالفة ومشروع التطهير بالمناطق الحضرية. وفي تقرير للبنك الدولي حول تونس يتبين لنا «أن تونس ومنذ أن نالت استقلالها عام 1956 تتبع استراتيجية لتحقيق تنمية عادلة حتى في أوقات الأزمات وأنها سجلت تقدما ثابتا في مجال التنمية على المدى الطويل.. وكانت السمة المميزة لاستراتيجية التحرير الخارجي لتونس هي التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995 الذي يخلق منطقة تجارة حرة بين تونس والاتحاد الأوروبي للسلع المصنعة خلال فترة تطبيق تمتد على اثني عشر عاما». ويمثل تحقيق مزيد من التقدم بالنسبة للنمو الاقتصادي والتنمية البشرية والعدالة أحد التحديات الرئيسية التي تواجه تونس. ويذهب التقرير إلى أن تخفيض البطالة في تونس يتطلب زيادة هامة في سرعة النمو وتزايدا في استثمارات القطاع الخاص. وتقترح استراتيجية البنك الدولي الممتدة على الفترة المتراوحة بين شهر جويلية 2004 إلى شهر جوان 2008 دعم قدرات تونس لبلوغ ثلاثة أهداف استراتيجية وهي تقوية مناخ الأعمال بهدف تنمية القطاع الخاص ليكون أكثر تنافسية وأكثر اندماجا في الاقتصاد العالمي وتحسين تنافسية الاقتصاد التونسي.. ويتمثل الهدف الثاني في تحسين خبرات خريجي التعليم العالي وتشغيليتهم وتحسين مهارات العاملين في مجتمع المعرفة، ويتمثل الهدف الأخير في تطوير جودة الخدمات الاجتماعية بترشيد النفقات العمومية. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 ماي 2007)  


مسؤولون: سوريا تشن حملة لقمع المتشددين الإسلاميين

دمشق (رويترز) – قال مسؤولون سوريون يوم الخميس إن قوات الامن السورية قتلت عشرات الاشخاص يشتبه في أنهم متشددون اسلاميون منهم كثيرون مرتبطون بتنظيم القاعدة في العراق في اطار حملة تصاعدت في الاسابيع الماضية. وذكر عضو في حزب البعث على دراية بالعمليات التي لم يعلن عنها ان شخصية كبيرة واحدة على الاقل في تنظيم القاعدة اعتقلت الشهر الماضي ضمن مئات المتشددين الذين احتجزوا. وقال عضو الحزب مشيرا الى حملة شرسة شنتها الدولة على الاخوان المسلمين في سوريا في الثمانينات “عضو القاعدة ليس من سوريا. تذكر أن سوريا لها خبرة بهذا النوع من الارهاب.” واضاف أن العديد من المتشددين المشتبه بهم وبينهم شخص كان يرتدي حزاما من المتفجرات وضابطا كبيرا في قوات الامن قتلوا خلال اشتباك في الاونة الاخيرة باحدى ضواحي دمشق يعيش فيها كثير من اللاجئين العراقيين. وأضاف “المفجر كان في مكان عام. كان تحت المراقبة وأمكن تفادي كارثة.” وقال المسؤول ان خمسة أشخاص قتلوا خلال مواجهة أخرى بوسط سوريا وان عمليات أخرى نفذت في أنحاء البلاد خلال العام الجاري واستهدفت متشددين في سوريا واخرين يعبرون حدودها مع العراق. وبعكس عمليات متفرقة أوردت عنها الصحف الحكومية تقارير العام الماضي لم تغط وسائل الاعلام الرسمية أنباء هذه الحملة. لكن دبلوماسيين غربيين في دمشق قالوا إنهم رأوا أدلة جديرة بالتصديق على وجود حملة قمع منسقة. وأقر الجيش الامريكي أيضا بأن سوريا تبذل المزيد من الجهود لمنع مقاتلين من عبور حدودها الى داخل العراق. وقال المتحدث العسكري الامريكي الميجر جنرال وليام كولدويل في مؤتمر صحفي يوم الخميس في بغداد “كان هناك بعض الحركة من السوريين… حدث انخفاض في تدفق المقاتلين الاجانب الذين يدخلون العراق كما لاحظنا هنا خلال الشهر الماضي.” لكن وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ذكرت في أعقاب اجتماع مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم الخميس في أعلى مستوى للاتصال بين الولايات المتحدة وسوريا خلال عامين أنها حثت سوريا مجددا على منع المقاتلين الأجانب من دخول العراق. ونفت دمشق اتهامات أمريكية بأنها تسمح لمقاتلين بعبور الحدود الى العراق وقالت إن مقاتلي تنظيم القاعدة الذين يعتقد أنهم ضالعون في هجمات على مدنيين عراقيين من الشيعة يمثلون تهديدا لسوريا يماثل تهديدهم للعراق. وقال مسؤول كبير “نحن متيقظون الان أكثر من أي وقت مضى. كلما تدهور الوضع في العراق كلما كان لذلك تداعيات على سوريا.” وأضاف “هذه النار المشتعلة في العراق سينتهي بها الامر بتدمير بقية المنطقة اذا استمرت. سوريا تفرق بين مقاومة للاحتلال الامريكي ومذابح طائفية.” لكن المسؤول ذكر أن سوريا لا تنوي ابلاغ الولايات المتحدة بأحدث جهودها الامنية. وكانت دمشق قدمت معلومات لواشنطن في أعقاب هجمات 11 سبتمبر أيلول لكنها أوقفت التعاون في مجال معلومات المخابرات قبل عامين عندما ساءت العلاقات بسبب دور سوريا في لبنان والعراق. وقال المسؤول “لم يرجع الامريكيون الفضل الينا في أي شيء حتى عندما أدت مساعدتنا الى انقاذ أرواح أمريكية.” لكن سوريا سعت في الاونة الاخيرة الى تحسين العلاقات مع حكومة العراق التي تساندها الولايات المتحدة وعلى رأسها رئيس الوزراء الاسلامي الشيعي نور المالكي المقرب من ايران. وقال مسؤول عراقي يزور دمشق “بدأت سوريا يساورها قلق حقيقي من تنظيم القاعدة. لا تريد أن ينهار العراق وأن ترى محافظات اسلامية على حدودها.” من خالد يعقوب عويس (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 4 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  


مخاطر واقعية تهدد المقاومة في العراق

  

ياسر الزعاترة (*) تنهض المقاومة العراقية كواحدة من نماذج المقاومة الفريدة في التاريخ، ليس فقط بسبب مواجهتها لأكبر إمبراطورية في التاريخ البشري (الولايات المتحدة) وهي في ذروة قوتها، وإنما بانطلاقها واستمرارها من دون إسناد من قوة كبرى، بل ولا حتى إسناد من قوة إقليمية مهمة، من دون أن يعني ذلك الغياب الكامل للدعم الخارجي، لكنه دعم لا يساوي الكثير إذا ما قورن بحجم التآمر الذي تتعرض له من قبل قوى داخلية وخارجية. إلى جانب هذا البعد، يمكن القول إن المقاومة العراقية قد تمردت على واقع داخلي بالغ الأهمية، لا يتمثل فقط في غياب الإجماع الشعبي من حولها، بل فيما هو أسوأ ممثلاً في استهدافها على نحو محموم من قبل كثيرين وجدوا فيها خطراً على طموحاتهم. ويشكل هؤلاء كتلة كبيرة من السكان الذين انخرط أبناؤهم عملياً في الأجهزة الأمنية المتخصصة في مطاردتها. لم يتوقع كثيرون في الداخل والخارج أن تندلع مقاومة في العراق، وحين اندلعت لم يتوقعوا استمرارها، فضلاً عن تصاعدها. وقد سمعنا الكثير من السياسيين -العرب السنّة فضلاً عن الآخرين- ينظرون بالكثير من الازدراء إلى تلك المقاومة عند اندلاعها أو وضوح اندلاعها خلال الشهر الثاني من نهاية الحرب. والسبب هو قوة الخصم وشراسته من جهة، إضافة إلى غياب الإجماع الشعبي واستهداف الآخرين لها من جهة أخرى. لكن كثيراً من هؤلاء السياسيين ما لبثوا أن غيّروا موقفهم، فيما تابعنا بعضهم يكيل لها المديح، الأمر الذي تطور وصولاً إلى الدعوة للحوار معها. الآن، وبعد نحو أربع سنوات على اندلاع المقاومة العراقية يبدو المشهد صعباً إلى حد كبير، ليس لجهة قدرتها على ضرب العدو، وإنما لجهة الظروف الموضوعية التي تهدد استمرارها. مع العلم أن البعد الأول قد تطور على نحو لافت للنظر خلال العامين الماضي والحالي، إذ تبدت القدرة على استهداف الطائرات، إلى جانب العبوات الناسفة القادرة على ضرب الدبابات والآليات، بما في ذلك كاسحات الألغام، فضلاً عن صعود دور القناصة القادرين على اصطياد جنود الاحتلال من دون التعرض للأذى. قوة القاعدة وعلاقتها بالمقاومة ليس بوسع أي مراقب منصف إنكار الدور الذي لعبه عناصر القاعدة (التوحيد والجهاد قبل ذلك) في إطلاق الشرارة الأولى للمقاومة في الفلوجة وما حولها. يومها لم يكن لهؤلاء أي دور آخر خارج سياق استهداف القوات الأميركية، الأمر الذي جرّأ الآخرين على إطلاق الفعل المقاوم، وأفسح المجال لظهور فصائل المقاومة، الواحدة تلو الأخرى، وصولاً إلى تبلورها في عدد من الفصائل الكبيرة، مع ضرورة لفت الانتباه إلى ما تقوله بعض الفصائل من أن عملها قد بدأ قبل التوحيد والجهاد. بعد ذلك بدأت التحولات في خطاب القاعدة وفعلها على الأرض، فمع أنها واصلت استهداف القوات الأميركية، فإن الكثير من جهدها قد تحول نحو استهداف الجيش والقوات الأمنية العراقية، قبل أن يطال عموم الشيعة، وهو الموقف الذي برّره الزرقاوي بقوله: إنهم هم الذين “بدؤونا بالقتال”، إلى أن تطور في الآونة الأخيرة ليطال بعض المنضوين في العملية السياسية من العرب السنّة، وأحياناً فصائل المقاومة الأخرى بعد رفضها مبايعة ما عرف بدولة العراق الإسلامية. ما تنبغي الإشارة إليه هنا أن هذا التحول في عمل القاعدة وفعلها لم يأت فقط بسبب الخطاب والخلفية الفكرية، وإنما بسبب الظروف الموضوعية المحيطة، وهي ظاهرة معروفة في الحركات السياسية، إذ لا يتحدد السلوك على الأرض تبعاً للأفكار وحدها، وإنما -وهو الأهم- تبعاً لتأثير الظروف المحيطة. من أهم الظروف التي صاغت التحولات المشار إليها ما يتعلق بالشعور الطاغي بالقوة، إذ لا شك أن القاعدة في العراق اليوم هي الأقوى مالياً وعسكرياً بين التنظيمات الجهادية، وهي الأقدر على فرض شروطها. ولا يحدث ذلك بسبب المدد الخارجي، وإنما الداخلي أيضاً، حيث أصبح معظم عناصرها من العراقيين، الأمر الذي يبدو طبيعياً في سياقه العام، فحين تنتشر فرق الموت ويغدو القتل بطبعاته الأكثر بشاعة هو قوت العراقيين في مناطق العرب السنّة، لا يمكن إلا أن يذهب أبناؤهم نحو الخطاب الأكثر شراسة في الرد والثأر، فالدم يستسقي الدم والعنف يستجلب العنف. والحال أنه لو وجد العرب السنّة فيما يسمى العملية السياسية ملاذاً لهم لما احتضنوا خيار المقاومة على هذا النحو الحاسم، فضلاً عن خيار العنف بكل أشكاله، كما يتجلى في سلوك القاعدة. شكوى الجيش الإسلامي من القاعدة بعد شكوى كتائب ثورة العشرين من تجاوزات القاعدة، جاء بيان الجيش الإسلامي الذي تحدث عن تجاوزات مماثلة بحق كوادره وكوادر قوى المقاومة الأخرى، وتحدث بالطبع عن رفض الاعتراف بدولة العراق الإسلامية. والجيش الإسلامي واحد من أهم فصائل المقاومة في العراق، بل لعله أهمها على الإطلاق وأكثرها تأثيراً على صعيد استهداف قوات الاحتلال، وحين يجأر بالشكوى فلا شك أن الأمر يستحق التوقف. جاء رد القاعدة على بيان الجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين في ثنايا بيان مطول لأمير الدولة أبو عمر البغدادي بمناسبة مرور أربع سنوات على الغزو، وكان لافتاً للانتباه أن يأتي الرد مهذباً وتوفيقياً بحق الجيش والكتائب وجيش المجاهدين وجيش أنصار السنة، وهي المجموعات الكبيرة كما هو معلوم، الأمر الذي يبشر بنزع فتيل الفتنة بين القاعدة وتلك المجموعات. استهداف المنضوين في العملية السياسية بقتل واستهداف العديد من العاملين في الحقل السياسي من العرب السنة، كما هو حال سلام الزوبعي نائب رئيس الوزراء، ومن بعده عملية المنطقة الخضراء (تفجير كافتيريا البرلمان)، وبعد ذلك استهداف بيت مسؤول جبهة التوافق العراقية عدنان الدليمي، يمكن القول إن نهجاً جديداً قد كرسته القاعدة يتمثل في استهداف مبرمج للناشطين في العملية السياسية. وما من شك أن ذلك كله سيؤثر أيضاً على الحاضنة الشعبية للمقاومة. صحيح أن العملية السياسية لم تقدم الكثير للعرب السنة، لكن ذلك لا يعني أنها لا تحظى بدعم أحد، إذ تنضوي فيها العديد من الفعاليات المهمة وأبناء العشائر. وما من شك أن جعل هؤلاء أهدافاً برسم القتل لن يؤدي إلا إلى تعميق الخلافات في أوساط هذه الفئة المجروحة من جراء استهداف الاحتلال والمليشيات الشيعية في آن. ليس من العقل ولا من المنطق أن يبادر المعنيون بملف المقاومة واستهداف الاحتلال إلى تكثير أعدائهم على هذا النحو، لاسيما أن كثيراً من العاملين في الميدان السياسي -خاصة الكوادر- يناصرون المقاومة، وكم من هؤلاء من استشهد بيد قوات الاحتلال وبيد فرق الموت، وكم منهم من استشهد وهو في سياق مواجهة عملية مع قوات الاحتلال. بل لعل الميزة الأهم للعملية السياسية هي منحها العديد من الناس فرصة الابتعاد عن ميدان الاستهداف رغم مساعدتهم للمقاومة أو انخراطهم فيها. صحيح أن لبعض العاملين في السياسة موقفا سلبيا من برنامج المقاومة، لكن هؤلاء لا يشكلون الغالبية. الذي يعنينا فيما سبق هو تأثيره على الحاضنة الشعبية للمقاومة، إذ يعلم المعنيون أنه من دون تلك الحاضنة لن يكون بوسع المقاومة -بما فيها القاعدة- المضي في العمل، وحين تكثر الخلافات وتندلع التصفيات سيتعب الناس وسيشرعون في التخلي عن رجال المقاومة، ما سيتركهم في العراء ويسهل على الأعداء اصطيادهم. ويخطئ البعض إذا اعتبروا أن بوسعهم المضي في عملهم بمجرد الحصول على دعم بعض القلة من الناس، أكانوا من الداخل أم من الخارج، إذ ما من مقاومة على وجه الأرض تمكنت من الاستمرار والنمو من دون حاضنة شعبية. ولعلنا نشير هنا إلى التضحيات الكبيرة التي دفعها العرب السنة من جراء احتضانهم للمقاومة، بدليل عشرات الآلاف من الأسرى والشهداء والجرحى، فضلاً عن أشكال المعاناة الأخرى. في ذات السياق يمكن القول إن بيان البغدادي، وإن لم يشر صراحة إلى هذه القضايا، فإن روحيته العامة ربما بشرت بنفس جديد في التعامل مع الفعاليات الأخرى في المجتمع العربي السني، من سياسيين ورجال عشائر، لكن حقيقة الموقف ستتبدى لاحقاً على الأرض. التفجيرات العبثية من المخاطر التي تتهدد المقاومة عبر الإساءة إليها وتشويه صورتها ما يتعلق بالتفجيرات العبثية التي تطال الأسواق والحسينيات، إذ لا تكتفي هذه بجلب ردود الفعل الثأرية من قبل الأطراف الأخرى، الأمر الذي يكلف العرب السنة المزيد من الدماء والمعاناة.. بل تضيف إلى ذلك أيضاً إساءة واضحة لبرنامج المقاومة الذي لا يمكن أن يستهدف الأبرياء، أكانوا من الشيعة أم من سواهم. ولو فكر القوم على نحو أفضل لاكتشفوا أن ألف تفجير وتفجير لن تغير في واقع الحال على الأرض شيئاً، وأن حقائق الديمغرافيا والجغرافيا أكبر من أن تغير بهذه الطريقة. والأسوأ هو ما أشرنا إليه، أعني العمليات الثأرية التي دفعت أعداداً كبيرة من العرب السنة للهجرة من مناطقهم إلى خارج العراق، بدليل أن الجزء الأكبر من المهاجرين هم من هذه الفئة. على هذا الصعيد أيضاً لم يكن بيان البغدادي واضحاً في تجلية الموقف، لكن تركيزه على عصمة دماء “من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا” قد يشير إلى نهج جديد، وإن بدا أن تغيير الموقف على هذا الصعيد ليس مرجحاً إلى حد كبير، لكنه غير مستبعد أيضاً عندما تعمل قاعدة المصالح والمفاسد. خطر الحوار مع الأميركان من المخاطر التي تهدد المقاومة في العراق ما يتعلق بالحوار مع الأميركان، ولا شك أن العديد من القوى السياسية ما زالت تلعب أدواراً سلبية على هذا الصعيد، إذ تميل إلى إقناع بعض قوى المقاومة بمقولة أن إيران هي الخطر الأكبر وليس الاحتلال، في حين تميل من جانب آخر إلى إقناعها بأن الأميركان في صدد الانسحاب ولا بد من الحوار معهم من أجل قطف الثمرة. والحال أن كلا البعدين خطير، فبينما لا تشير أغلب المعطيات إلى أن الأميركان بصدد الانسحاب حتى لو جاء الديمقراطيون إلى السلطة بسبب تداعيات ذلك على نفوذ وهيبة الإمبراطورية الأميركية، يفضي التركيز على الخطر الإيراني إلى دفع الناس نحو القناعة بأن الأميركان هم الحضن الدافئ الذي ينبغي اللجوء إليه هرباً من المليشيات المدعومة من إيران، الأمر الذي سيضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة. لا يعني ذلك غياب الخطر الإيراني، لكننا ندرك أن استدراج المقاومة نحو التوقف عن فعالياتها من أجل تشجيع الأميركان على ضرب إيران كما تريد بعض الدول العربية، تؤيدها في ذلك بعض القوى السياسية العربية السنية.. ندرك أن أمراً كهذا قد يؤدي إلى اندلاع مقاومة شيعية قد تبدأ في استنزاف الأميركان، وإذا ما انسحبوا بعد عجزهم عن تحمل الخسائر كما هو متوقع، فستربح المليشيات الشيعية معركة الغالبية السكانية التي تبشر بها. كما ستربح صورة المقاومة أمام العالم الإسلامي بعدما خسرت صورتها في المرحلة الماضية، في ذات الوقت الذي ستربح معركة التحرير، بينما يخسر العرب السنة كل شيء. لذلك ينبغي أن يكون واضحاً أننا لا نتحدث في البعد الإيراني خوفاً على إيران، مع أن ذلك ليس عيباً، وليت الأوضاع كانت سليمة وكان الحوار سبيل التفاهم بين المسلمين، لكننا نتحدث خوفاً على جميع العراقيين وعلى العرب السنة وعلى وحدة البلد وهويته العربية والإسلامية. ولعل من العبث القول إن ثمة لقاء في الأهداف بين الإيرانيين وبين الأميركان في العراق، لأن أميركا لن تستوعب تحول العراق إلى فضاء إيراني من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية، بما يحول إيران إلى دولة إقليمية كبرى، لاسيما في ظل احتمال نجاحها في الاحتفاظ ببرنامجها النووي، فيما نعلم أن أصل مشروع الغزو كان ينص على أن تكون طهران هي المحطة التالية قبل أن تفشله المقاومة. كيف تستوعب قوى المقاومة الموقف؟ في ضوء ما تقدم يمكن القول إن مخاطر حقيقية ما زالت تواجه برنامج المقاومة، وإن من الضروري الانتباه إليها والرد عليها بالوسائل الناجعة كي لا تذهب كل تلك الجهود والتضحيات هدرا. لعل أهم وسائل الرد على تلك المخاطر ترشيد المقاومة من حيث الأهداف، وذلك بالتركيز على قوات الاحتلال والعاملين بشكل مباشر تحت ولايتها ممن يتخصصون في استهداف رجال المقاومة. ولن يحدث ذلك دون قدر من التنسيق بين الفصائل المجاهدة، ودون التركيز على الإشكالات القائمة بينها وبين تنظيم القاعدة، أو ما يعرف بدولة العراق الإسلامية. على أي حال، فإن ما ينبغي أن يتفق عليه الجميع هو عدم توفر قطاف يستحق العراك، لاسيما أن جميع الفصائل إسلامية المنهج، وهو ما يعيدنا إلى مسألة الحوار مع الأميركان، وهو حوار ينبغي أن يتم -في حال إقراره- من خلال مجلس تنسيق موحد، ومن خلال شروط واضحة، أهمها جدولة انسحاب القوات الأميركية، إلى جانب الاعتراف بالمقاومة كممثل للعراقيين، فضلاً عن شروط أخرى لعل أهمها إعادة الجيش السابق. أما العاملون في الميدان السياسي فعليهم أن يثبتوا أنهم سند للمقاومة وليسوا متخصصين في استدراجها إلى الحوار العبثي مع الأميركان، الأمر الذي لم يثبت عملياً خلال المرحلة الماضية بدليل عدم تحقيق أي تقدم في ملفات المعتقلين واستهداف مناطق العرب السنة، فضلاً عن التهميش السياسي لهم في أروقة الدولة. خلاصة القول أن المقاومة هي الضامن الأساسي لحرية العراق ووحدته وهويته العربية الإسلامية، وهي الضامن لإفشال المشروع الأميركي الذي يستهدف الأمة بأسرها، ما يعني أن على أي مخلص أن يدعم وحدتها واستمرارها حتى تتحقق جميع أهدافها بعون الله. (*) كاتب فلسطيني (المصدر: ركن “المعرفة” بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 أفريل 2007)  


بعد إنذار منتصف الليل: تركيا على مفترق طرق

محمد نور الدين (*) فعلها الجيش التركي… للمرة الخامسة. لم يخلّ بالمواعيد: بين الانقلاب والانقلاب عشر سنوات أو أكثر بقليل. ليس مهما. المهم أنه نجح كعادته في إعادة عقارب الساعة في تركيا إلى الوراء. «إنذار منتصف الليل». بهذه الكلمات أجمعت الصحف التركية على وصف بيان المؤسسة العسكرية الذي صدر قبل منتصف ليل الجمعة ـ السبت بقليل. والبارز، في البيان، أن الجيش لا يزال يستند في كل حركته الاعتراضية الى النص نفسه الذي يعطيه منذ عقود «حق» التدخل العسكري، أي المادة 35 من نظام المهام الداخلية للجيش، الذي يقول إن على الجيش واجب التحرك لحماية وصيانة الجمهورية في حال تعرضها للخطر. خمس سنوات من الإصلاح التاريخي ذهبت بجرة قلم. لم يُقم الجيش أي اعتبار لشيء، فقط كانت أمامه صورة واحدة: منع دخول الحجاب إلى القصر الجمهوري حتى لو كان زوج المحجبة شخصية معتدلة مثل عبد الله غول.
قد يكون في ذلك بعض التبسيط، فالبلاد كانت ذاهبة إلى استكمال الإمساك بالآليات الكاملة للقرار التنفيذي، وكان المطلوب وقف المشروع بذريعة الحجاب. والسؤال الذي يطرح: لو أن المرشح كان وجدي غونيل، وزوجته غير محجبة، فهل كان الجيش سيقوم بانتفاضته غير الشرعية هذه؟. على الأرجح نعم، لكن من خلال مهزلة أن النصاب يجب أن يكون الثلثين. وفي هذه الحالة، مع اختلاف التفسيرات القانونية، تتم العودة إلى السوابق، فطورغوت اوزال وسليمان ديميريل لم يُنتخبا بنصاب الثلثين، ومع ذلك لم يعترض احد. إذا كان البعض يتخذ من نصاب الثلثين حجة لمنع انتخاب غول فهذا يعني أن عشر سنوات من حكم اوزال وديميريل غير شرعية. إذا كان الجيش يتصرف بعقلية قطّاع الطرق في بلد ذاهب إلى الاتحاد الأوروبي، فإن المدنيين لا يقلون عنه لصوصية. كان باستطاعة حزب «الطريق المستقيم» وحزب «الوطن الأم»، وهما صغيران لا يتجاوز عدد نوابهما الـ24 نائبا أن يساعدا على استكمال النصاب، واستكمال ترسيخ الروح الديموقراطية، إلا انه بدلا من ذلك تحالفوا، وهم اليمينيون، مع حزب «الشعب الجمهوري» اليساري العلماني المتشدد من أجل الإطاحة بانتخابات الرئاسة. كانوا جزءا من إثارة نصاب الثلثين غير المبرر. كانوا الوجه الآخر للعقلية العسكرية.
ما قبل 27 نيسان 2007 هو غير ما بعده. أضيف تاريخ جديد على روزنامة الانقلابات العسكرية: 27 أيار 1960؛ 12 آذار 1971؛ 12 أيلول 1980؛ 28 شباط ,1997 واليوم 27 نيسان .2007 لم يستطع حتى اكبر العلمانيين من المعلقين تحمّل ذلك. ويقول ارطغرل اوزكوك، رئيس تحرير صحيفة «حرييت»، الذي يعلن تأييده وافتخاره بتحرك الجيش في العام ,1997 «إنني كصحافي أيّد من قبل 28 شباط ,1997 لا يمكنني أن اقبل اليوم إنذار 27 نيسان الجديد». يجمع المعلقون على أن إنذار الجيش أعاد تركيا سنوات إلى الوراء. ويكتب الصحافي العلماني حسن جمال «بكلمة واحدة: لا لإنذار منتصف الليل. الانقلابات لم تفعل سوى تخسير تركيا الوقت. إنها خسارة للديموقراطية وللحريات والتنمية، وتضع الناس في مواجهة بعضها البعض، وتقسم البلاد إلى محاور. كنا نخدع أنفسنا بالانقلابات. الجمهورية والعلمانية تُحميان فقط بالديموقراطية وليس بالتدخل العسكري. موقف الحكومة سليم، وعدم سحب ترشيح عبد الله غول صائب وفي مكانه».
ويقول الأكاديمي علي بيرم اوغلو، في صحيفة «يني شفق»، إن الجيش سقط في امتحان الديموقراطية، وبيانه لا معنى له سياسيا ولا سند اجتماعيا أو قانونيا. وتساءل كيف يمكن لبلد في وسط مفاوضات عضوية مع الاتحاد الأوروبي، ولبلد في مركز العالم ومنتصف القرن الحادي والعشرين أن يأتي الجيش ويعيق انتخابات رئاسية فيه؟. ويشدد على ان الوضع خطير، لكن هناك شيئا مهما، وهو أنه للمرة الأولى توجد حكومة تتصدى وتقول لا للجيش، وبمواجهة «العزيمة التي لا تلين» للجيش لحماية العلمانية تقول «إن عزيمتها هي أيضا لا تلين لحماية الديموقراطية». ويتساءل ماذا لو لم يقف الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين ويواجه الانقلاب العسكري؟، أي روسيا كانت ستكون عليه اليوم؟. ويدعو إلى المواجهة لحماية الديموقراطية، وبدلا من الخوف يجب امتلاك الشجاعة. وينهي «لا للعسكر، لا للإنذار». وتساءل المعلق البارز فهمي قورو لماذا انتظر الجيش إلى ما بعد بدء العملية الانتخابية، وتحديد هوية المرشح للرئاسة ليعلن موقفه؟. من الواضح أنها للتأثير في قرار المحكمة الدستورية. ويقول إنه سواء قبلت المحكمة الدستورية اعتراض حزب «الشعب الجمهوري» أم لا، فإن البلاد ذاهبة إلى انتخابات مبكرة. ويشير إلى أن الجيش يريد أن يوجّه رسالة إلى الناخبين بعدم إعادة تأييد حزب «العدالة والتنمية»، لأن ذلك يعني استمرار التوتر. لكن قورو يضيف أن بيان الجيش قد تكون له مفاعيل معاكسة، وهو أن يتكتل الناخبون أكثر من قبل وراء «العدالة والتنمية» والمرشح الذي يريده للرئاسة. ويتابع إن موقف الجيش، كما حزب «الشعب الجمهوري» مفهوم، لكن ما لا يُفهم هو موقف حزبي «الطريق المستقيم» و«الوطن الأم».
إنها الموسيقى التي لا تتغير للديموقراطية التركية: أصوات الجنرالات، يقول متين منير في صحيفة «ميللييت». لكن ماذا بعد؟، يتساءل فكرت بيلا في «ميللييت»، وهو مقرّب من المؤسسة العسكرية، موضحا أن الأهم أن بيان العسكر لا يتعلق فقط بانتخابات الرئاسة بل أفقه مفتوح على كل المحطات والقضايا. واعتبر أن المخاطَب الأول من البيان هو رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، الذي يدير بنفسه العملية السياسية لحزب «العدالة والتنمية»، وهو بيان ضد الذهنية التي تقف خلف الحجاب، وضد كوادر الدولة ولا سيما وزيري التربية والداخلية اللذين شجعا على إقامة احتفالات ضد العلمانية ارتدت فيه الفتيات الصغار الحجاب في يوم احتفال البلاد بيوم الطفل والسيادة الوطنية، وهو بيان ضد كل من تسوّغ له نفسه من الأقليات العرقية (الكردية) والدينية التي تريد محو شعار «هنيئا لمن يقول أنا تركي»، وهو ما عناه بيان العسكر بـ«أعداء الجمهورية».
وتقول أوساط «العدالة والتنمية» إن الحزب سيستمر في ترشيح غول. وإذا اعلنت المحكمة الدستورية انه لا ضرورة للثلثين فسيتم انتخاب غول في الدورة الثالثة بالغالبية المطلقة، أما إذا حكمت بغير ذلك، فلا مناص من التقيد برأيها، لكن عندها ستذهب البلاد إلى انتخابات مبكرة، والبرلمان الجديد هو الذي سينتخب الرئيس الجديد. يأمل الجيش في ظل هذا السيناريو أن تنجح ثلاثة أحزاب على الأقل، إلى جانب «العدالة والتنمية»، في دخول البرلمان، على أمل أن يفقد حزب العدالة والتنمية الغالبية المطلقة ويبتعد عن السلطة والقرار، ويعيد الجيش الإمساك بخيوط اللعبة. هل يمكن أن يذهب الجيش إلى انقلاب عسكري؟. أحد نواب رئيس «الشعب الجمهوري» قال إن هذا الاحتمال وارد جدا، إن لم يتعظ الآخرون من البيان. مرة أخرى حصل الذي ظن انه في طريقه إلى الأفول النهائي.
إنها ساعة الامتحان للديموقراطية التركية، بل للديموقراطيين الأتراك. وتشاء الأقدار أن يكون رأس حربة الديموقراطية تيارا إسلاميا. ولا مجال للتنازل بعد الآن. النظام التركي لم يتحمّل نجم الدين اربكان بذريعة انه متشدد، وها هو النظام نفسه لا يتحمّل النموذج الأكثر اعتدالا، وحتى «تهاونا» من الناحية الدينية. تركيا على مفترق طرق، وهي الفرصة التي لن تتكرر لديموقراطيي «العدالة والتنمية» وكل ديموقراطيي تركيا، ليحوّلوا هذه المواجهة إلى تغيير جذري لمرة واحدة ونهائية، فيطووا صفحة العسكر، وصفحة أسوأ علمانية عرفتها النماذج العلمانية في العالم. أما التهاون فستكون نتائجه كارثية على أنقرة. (*) خبير لبناني في الشؤون التركية (المصدر: صحيفة “السفير” (يومية – لبنان) الصادرة يوم 30 افريل 2007)  


تركيا على مفترق طرق: الدولة العلمانية العتيقة أم الدولة النموذج؟!

رضوان السيد (*) أود منذ البداية أن أُنحّي ما يمكن أن يثيره هذا العنوان المثير من توقعات لا أقصدها. وكي لا يقال: اذا كنتَ لا تريد الإثارة فلماذا اخترت هذا العنوان؟! اجيب: «إنني أعتقد أن مضمونه صحيح تماماً في الشكل الذي سأوضحه، وليس بما تقتضيه مفردات اللغة! فأنا لا أقصد ان التوتر الحالي بين العلمانيين والإسلاميين سيجلب إما الخلاص أو الاضطراب، بل إن الخيار هو بين تركيا الدولة ذات النظام الشرقي العادي، والمنفتح بحدود، أو تركيا الدولة النموذج في العالم الإسلامي، وفي منطقة الشرق الأوسط على الخصوص. وصل الإسلاميون (المعتدلون) الأتراك الى الأكثرية البرلمانية، والى تشكيل الحكومة الحالية بعد آلام وشدائد قاربت العقدين. وقد تغيرت أسماء تنظيماتهم الحزبية خمس مرات على الأقل، بعد ان غيّروا جلدهم بالفعل، وليس بالقول وحسْب. وكانوا قد أصروا، ولمدة عشر سنوات على «تزعيم» نجم الدين أربكان، ووصل بالفعل الى رئاسة الحكومة أواخر عام 1995، لكن الجيش هدده وارغمه على التنحي عام 1997، أو مواجهة انقلاب كالانقلابات السابقة في ما بين الستينات والثمانينات. ولذلك فإن «حزب العدالة والتنمية» الذي تكوّن بالتدرج بعد العام 1998 ما احتفظ بالفعل الا بالرمز الضروري في أي حزب عقائدي، ومن أجل الجمهور، وليس بالبنية أو الشخصيات المعروفة منذ ايام أوزال وأربكان. وأكبر توفيق ناله الحزب الجديد: القيادة الكارزماتية لرجب طيب أردوغان، الذي لم يطرح مطالب تغييرية كبرى، باستثناء الاصرار على حق النساء في ارتداء غطاء الرأس في المجالات العامة والرسمية. القيادة الكارزماتية نصّبت رمزاً مناظراً ومناقضاً ليس للسياسيين العلمانيين الأتراك من عسكريين ومدنيين فقط، بل ولمصطفى كمال (أتاتورك) نفسه مؤسس الجمهورية العلمانية. والحجاب الذي ظل مطلباً ما أمكن تحقيقه بالكامل، مثّل اللغة السرية الحميمة والعلنية في الوقت نفسه، بين الحزب والجمهور المتدين في الأرياف والمدن! وحققت حكومة أردوغان نجاحات كبرى في الداخل، بالازدهار الاقتصادي البارز، وبالنظافة المقبولة، وبالاستقرار الذي ما عرفت الحياة السياسية التركية مثيلاً له (في طوله وراحته) لأكثر من عقدين. بيد أنني أكاد أجزم ان تلك النجاحات الداخلية، ما كانت هي وحدها التي حسمت الأمر لصالحه بالداخل على الخصوص، وبالخارج الأوروبي والأميركي، والشرق أوسطي. ولننظر في «الإصلاحات» التي أدخلها أردوغان في النظام التركي، ولنبدأ بالاقتصاد. فقد مضت حكومة أردوغان باتجاه تحرير الاقتصاد، الذي كان اقتصاداً شبه موجه، ومليئاً بالعقبات والعراقيل والفساد والمحسوبية واضطراب النقد، دونما قدرة على تحقيق نمو معتبر. وقد لقيت تلك التغييرات ترحيباً في الخارج قبل الداخل، وشجعت استثمارات كبرى خارجية وداخلية، بحيث جرى وبالنموّ المضطرد والسريع، تجاوز الآثار والتضخم لانطلاقة السوق غير المنضبطة، وللإصرار على استقرار سعر النقد في التداول، وحرية انتقال السلع والأموال. وقد انهال الثناء على السياسات الاقتصادية التركية من جانب المؤسسات الدولية، واطمأن الشركاء الغربيون الى تسارع اقتصاد السوق والعولمة، والى صدقية وعود الحكومة التركية في الاستجابة لمطالبهم. أما الملف الآخر الذي كسب فيه أردوغان الرهان، مع أنه ما حقق اهدافه المعلنة، فهو الاندفاع باتجاه أوروبا، الى الحدود التي أرضت اليونان بحيث لم تعد تعارض دخول تركيا الى الاتحاد الأوروبي، والى الحدود التي أفضت الى تجاهل الانحياز الأوروبي في المسألة القبرصية. وما حققت تلك السياسة الاندفاعية أي كسب اقتصادي أو سياسي حتى الآن، أي أنها لم ترض أي طموح تركي، بيد أنها حققت سمعة حسنة لحكومة أردوغان ولدى الأوروبيين جميعاً حتى أولئك الذين لا يريدون إدخال تركيا الى الاتحاد! فقد ضغط هؤلاء من ضمن الشروط لبدء التفاوض على ملف الدخول الى الاتحاد الأوروبي، باتجاه ازالة القوانين والممارسات المعيقة للحريات، والمخترقة لحقوق الانسان، التي كان النظام العلماني التركي يصر عليها تقليدياً خلال الحرب الباردة. وكان الأوروبيون والأميركيون يتحملون حتى الانقلابات على النظام من أجل الاحتفاظ بحليف قوي على خاصرة الاتحاد السوفياتي ثم روسيا الاتحادية، وجمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز الجديدة. وسار معهم أردوغان الى الآخر حتى في موضوع محتدم تماماً في تركيا من قبل وهو الموضوع الكردي. وقد كسب من وراء تعديل القوانين، وكفّ غائلة الجهات الأمنية والقضائية على المعارضين لاربع جهات وليس لجهة واحدة: رضي الأميركيون والأوروبيون ومؤسسات حقوق الانسان، وهدأ الأكراد بعض الشيء، وقلّم أظافر الجيش والجهات الأمنية، وحقق سمعة حسنة للإسلاميين الذين ما عرف عنهم أي مكان وصلوا فيه الى السلطة عناية بالمجتمع المدني أو مسائل حقوق الانسان والأقليات. والمعروف انه في ملفات تسربت الى الصحافة التركية والأوروبية في الشهور الماضية، تبين ان هناك جهات أمنية واستخباراتية (وقضائية) في النظام العلماني و «الديموقراطي» التركي مهتمة بمراقبة المعارضين السلميين واغتيالهم، وإرهاب الموالين للحكومة الدستورية القائمة، والتخطيط لانقلاب محتمل، او التفكير باغتيال اردوغان نفسه. ولذلك فعندما هدد رئيس أركان الجيش أخيراً بالتدخل لحماية الطبيعة العلمانية للنظام في تركيا اذا كان ذلك ضرورياً، كان الأميركيون والأوروبيون هم الذين سارعوا الى استنكار ذلك، قبل ان يتذمر أردوغان، ويوقف رئيس الأركان عند حده «في مهاتفة صريحة» كما قال! … وساعدت البيئات المضطربة في المنطقة في السنوات الخمس الماضية، أردوغان، على تحقيق انجازات وانتصارات ما كان هو نفسه ينتظرها بحيث يبدو الآن ان الجميع في المنطقة محتاجون اليه، وكذلك الأوروبيون والأميركيون. رفض أولاً – وساعده في ذلك البرلمان الذي يملك أكثرية فيه – الإسهام في الحرب الأميركية على العراق في أي شكل، ولو بالسماح باستخدام القواعد والمطارات الأطلسية في تركيا بهذا الاتجاه. وقد غضب عليه الأميركيون وقتها لكنهم يعتبرونه الآن الامكانية الرئيسة في سياساتهم الجديدة للخروج من المأزق العراقي. وقد أحدث ذلك ارتياحاً لدى العرب، وبخاصة ان إخوانهم واشقاءهم في ايران وسورية دخلوا في المسألة العراقية بطرق غير ملائمة. بل إن جهات أوروبية وعربية قوية ومتعددة، تعتبر تركيا الآن العنصر الرئيس للاستقرار في المنطقة، للتوازن مع إيران. وهذا في الوقت الذي تريد فيه إيران الاحتفاظ بالعلاقة الوثيقة مع تركيا وسط الضغوط والحصار بعد الخلاف مع الولايات المتحدة منذ مطلع عام 2006، وفي الوقت الذي تلتمس فيه سورية رضى تركيا خوفاً من الملف الكردي عندها، والجزع من الخلاف مع أميركا. وتركيا ذات العلاقات القديمة باسرائيل، ما قطعت علاقاتها بها أيام أردوغان الإسلامي، لكن العلاقات السياسية وحتى العسكرية بردت، وارتفع الصوت التركي بالدعوة لانهاء الاحتلال في فلسطين وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، وتأييد المبادرة العربية للسلام. ولتركيا اردوغان اليوم جنود في أفغانستان ضمن قوات الأطلسي، وأخرى في جنوب لبنان ضمن القوات الدولية والأتراك يريدون منطقة شرق أوسطية خالية من اسلحة الدمار الشامل، ويريدون حل المشكل بين ايران والمجتمع الدولي بالطرق السلمية. لقد كانت تركيا حتى عام 2000 ذات نظام سياسي مضطرب تحكمه المخاوف من الأكراد، والأرمن، واليونان، والقبارصة اليونان، ويلجأ جيشها القوي للحلول العسكرية والأمنية العنيفة في الداخل والخارج، ولا ضمان لنظامها غير وجودها في الحلف الأطلسي. وهي اليوم ركن من اركان الاستقرار في المنطقة، ودولة يُخطب ودّها من دول الجوار، ومن أوروبا والولايات المتحدة. إضافة الى ذلك أو من أسباب ذلك: الاقتصاد القوي، وحكومة الأكثرية الديموقراطية المستقرة. ولا شك ان ذلك لا يعود لأردوغان وحكومته فقط، لكن الواقع ان ذلك كله حصل في عهد اردوغان في رئاسة الحكومة، وفي ظل إسلامييه! … وبعد هذا البيان كله، قد يمكن تعليل ماذا أردت بالعنوان القائل إن تركيا على مفترق الطرق، وتعليل مجازفة أردوغان بترشيح رئيس «محجَّب» لجمهورية تركيا العلمانية القاسية، بل آخر العلمانيات من هذا النوع في العالم! فبعد خمس سنوات من هجمة الولايات المتحدة على الارهاب الإسلامي، وعلى الدول الفاشلة (التي ما غزتْ منها وبالمصادفة البحتة طبعاً غير أفغانستان والعراق!) تصل ادارة بوش الى واقع فشلها في الأمرين. «القاعدة» ما تزال قائمة، وزعيماها طليقا السراح، وعملياتها متوالية. والعراق، وبعد ان خُرّبت كل بناه، يسقط من جنودها فيه يومياً قتلى وجرحى، وخمسة ملايين من العراقيين بين قتلى ومهجرين، ولا يختلف الأمر في أفغانستان على رغم اختلاف الوضع هناك، والسياسات إزاءه. ولذلك لا بد من مخرج ذي شعبتين، احداهما سريعة في العراق، والأخرى استراتيجية تتمثل بمحاولة لملمة الأوضاع المتردية مع الإسلام السني. أما العراق فالذي يبدو ان تقرير بيكر – هاملتون، هو الذي يراد تنفيذه فيه. ولست هنا في معرض الحديث عن فرص النجاح او الفشل. وأما الاسلام السني فإن ادارة بوش، والمنظّرين الاستراتيجيين من حولها، تحدثوا دائماً عن إسلامين، أحدهما أصولي متطرف، والآخر مستنير ومعتدل. وقالوا ايضاً في معرض مناقشة «حرب الافكار» التي يريدون شنها على المتطرفين، إن المطلوب ان يسارع المعتدلون المسلمون الى انقاذ الطائرة التي خطفها المتطرفون. وعلى أثر فشلهم في الحربين: العسكرية المباشرة، والفكرية الايديولوجية، بدأوا يتحدثون عن بدائل أهمها التصالح بالفعل مع الاسلاميين المعتدلين من طريق تمكينهم في العالمين العربي والإسلامي من المشاركة في السلطة كي يكسبوهم في حرب الافكار من جهة، ومن جهة أخرى كي يساعدوا الأنظمة القائمة في تجديد شرعيتها بالزخم الجماهيري الذي يتقدم الاسلاميون موجاته الزاخرة. وحددوا بالفعل من يقصدون بالإسلام المعتدل في العالم العربي: التيارات الرئيسة غير العنيفة في «الاخوان المسلمين». لكن ليس هناك نموذج ناجح للاسلام المعتدل في السلطة حتى الآن غير حكومة «حزب العدالة والتنمية» في تركيا، التي اختبرها الاميركيون والأوروبيون في السراء والضراء طوال السنوات الأربع الماضية. وهي حكومة تتوافر فيها الشروط المطلوبة في شكل مثالي: فهي حكومة غير عميلة لا لهم ولا لغيرهم، وهي حكومة وصلت الى السلطة في انتخابات ديموقراطية، وهي حكومة تملك صدقية لدى المجتمع الدولي ولدى الغرب لتلاؤمها في سائر المجالات، وهي حكومة تملك صدقية لدى المسلمين وكثير من الإسلاميين لشدة تشبثها بالرموز التي يحبها المسلمون البسطاء من دون ان تملك النخب ما تستطيع تعييرها به، وهي حكومة تملك زعيماً كارزماتياً لا تعرف مثله اليوم غير الديموقراطيات الشعبوية في أميركا اللاتينية غير الناجحة كثيراً، ولكن أهم أسباب ظهورها توازنها في وجه الولايات المتحدة! وليس من الضروري ان تكون الولايات المتحدة، ويكون الأوروبيون، قد حدثوا أردوغان ومشابهيه في كل ذلك. بيد ان تركيا التاريخ والموقع والفعالية والمظهر والاستحسان الداخلي والخارجي، كل ذلك لعب بالتأكيد دوراً في دفع أردوغان الى ترشيح زميله «المحجّب» (زوجته هي المحجبة طبعاً واسمها خير النساء!) لرئاسة الجمهورية التركية العلمانية، وليس أي سياسي بارز آخر لكن غير محجب من حزبه وقريب منه! ولهذا كله، تقف تركيا اليوم على مفترق طرق: بين ان تتحول الى نموذج إسلامي ناجح وشعبي وصديق للغرب، أو يتشبث بعنقها عسكريو أتاتورك العتاق، الذين ما عادت لهم وظيفة غير عرض ميدالياتهم التي صارت ثقيلة على صدورهم وعقولهم وعلى الشعب التركي! وكي ندرك كم «يحب» الغرب العرب، وكم «يكره» تركيا، فلننظر طريقة «حرصه» على النظام الاسلامي في تركيا، وطريقة «حرصه» على النظام «العلماني» العظيم والناجح في سورية! ولله في خلقه شؤون. (*) كاتب لبناني (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 ماي 2007)  


تركيا تقف على مفترق طرق بين الإسلاميين والعلمانيين:

صراع حول انتخابات رئيس الجمهورية

تشهد تركيا حاليا صراعا حول منصب رئيس الجمهورية الذي يعكس حقيقة التصادم الفعلي بين القوى الدينية والقوى العلمانية التي تتصدى لها بدعم واضح من الجيش. حوار مع الصحفي آرطغرل كوركجو، المنسق في موقع بيانت هل عاشت تركيا في حياتها السياسية مرحلة تشبه المرحلة التي تمر بها الآن؟ أم انها تعيش انتخابات مثيرة للجدل لأول مرة؟ أرطغرل كوركجو: في حقيقة الأمر عاشت تركيا عموما مرحلة الشد والجذب في كل فترة قامت فيها بانتخاب رئيس الجمهورية. ولو قمنا بتقييم هذه المرحلة على المدى البعيد، بعد أتاتورك وعصمت اينونو وجلال بايار الذين تولوا رئاسة تركيا، للاحظنا أن انتخابات رئاسة الجمهورية صارت مسرحا للصراعات الداخلية أو أن ثمة من تولى هذا المنصب بموافقة الجمعية الوطنية التركية بعد الانقلابات العسكرية. عندما نقيم الموضوع من هذه الزاوية ستواجهنا مسألة حدوث انتخابات في ظل ظروف سياسية حرجة، حيث أدلى الزعماء السياسيون خلالها بتصريحات تشبه تصريحاتهم الحالية. فعند فترة اختيار تورغوت أوزال لرئاسة الجمهورية لم يتردد زعيم حزب الشعب الجمهوري الحالي دنيز بايكال في القول “سنرغمه على ترك كرسيه بطريقة مهينة” وهو الشخص نفسه الذي يردد اليوم “لن ادعه ( يقصد أردوغان) يستلم هذا المنصب”، ويواصل قائلا ” كيف تزعمون أن عبدالله كول هو الشخص المناسب لهذا المنصب؟” من أين يستقي رئيس الجمهورية أهميته إلى هذا الحد؟ كوركجو: بالنسبة لي يعد منصب رئيس الجمهورية منصبا غير ديمقراطي إلى درجة كبيرة. وأعده منصبا ديكتاتوريا بحكم الصلاحيات القانونية الممنوحة له. لا يمكن لمن يشغل هذا المنصب أن يقوم بأي عمل فيه خير ورفاهية المجتمع. ولا مفر بالنسبة لكل من يشغل هذا المنصب في ان يتصرف بصورة عامة مثل رئيس محكمة العقوبات. انطلاقا من هذا الواقع فلا مفر من قيام النظام الدستوري بإجراء تغييرات جذرية على هذا المنصب. وشخصيا اعتقد أن وجود رئيس جمهورية بصلاحيات رمزية هو الأفضل، وتمتعه بصلاحيات تنفيذية مجردة عبث لا غير، حيث تتطلب الضرورة أن يكون هناك برلمان قوي، بعلاقة متوازنة مع السلطتين التنفيذية والتشريعية. عندما نقيم الدستور التركي سنرى تشابه السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية حيث يبدو القضاء خاضعا لسيطرة هاتين السلطتين (التشريعية والتنفيذية)، الأمر الذي يساعد على تكوين نظام ديكتاتوري واوليغاركي. رئيس الوزراء إردوغان ووزير الخارجية والمرشح لرئاسة الدولة عبد الله غول لقد تم ترسيخ هذا النهج في الدستور بعد انقلاب 12 أيلول العسكري، في محاولة لتنصيب شخصية مثل قائد الانقلاب كنعان اورهن في قمة الدولة. أما القوة التي كانت تقف خلف نظام 12 أيلول، أي الجيش فتبدو اليوم مصابة بسلاحها الذي طالما شهرته في وجه الآخرين سابقا إزاء تصاعد نفوذ القوى الاجتماعية والأحزاب السياسية. فلو كان البرلمان التركي قد تشكل بموجب انتخابات عادلة وليس على ضوء قوانين 12 أيلول لما كان بامكان حزب العدالة والتنمية اليوم أن يتمتع بالأغلبية فيه. كيف تقيمون إعلان رئاسة أركان الجيش التركي وقرار المحكمة الدستورية عقب الإعلان المذكور؟ كوركجو: في رأيي لو لم تقم المحكمة الدستورية بإعلان قرارها لقام الجيش بالاستيلاء على السلطة، وقد جاء قرار المحكمة الدستورية لقطع الطريق أمام الجيش للقيام بمثل هذه الحركة. وكان رئيس حزب الشعب الجمهوري يقصد ذلك بقوله ” إذا لم يصدر قرار إلغاء جلسة البرلمان فستحدث أزمات مستفحلة”. لقد أصدرت المحكمة الدستورية التركية قرارا شاذا لا علاقة له بروح الدستور تحت ضغط العسكر في سبيل إنقاذ البلاد من الأزمات والعواصف المنتظرة. وسوف يكون لهذا القرار تعقيدات كبيرة، حيث ستكون مصداقية انتخابات رئيس الجمهورية محل نقاش وجدل. في المحصلة النهائية ، يمكننا القول ان النظام الدستوري يرغب بمواصلة طريقه الذي يعمل على الوصول إلى ضفة ساحل هاديء، لكنه يواصل طريقه هذا بتناول حبوب مهدئة تخفف من أزمته وتعينه على مواصلة السير. جرت مسيرات جماهيرية حاشدة في أنقرة أولا ثم في استانبول، ماذا سيكون تأثير الجماهير على انتخابات رئاسة الجمهورية؟ كوركجو: ردود الفعل الشعبية مؤثرة وكبيرة، وهي ستقلل من حدة الأزمة. ان تطلع البعض إلى رئيس جمهورية قوي يكشف عن حاجة البعض إلى الديكتاتورية. إننا نعيش كل هذه الأزمات بسبب اختيار قلة من الناحبين للكثرة في البرلمان التركي. ما الذي يتحتم عمله لتغيير هذا الواقع؟ كوركجو: ثمة حاجة إلى إرادة شعبية لتغيير ما تقدم الحديث عنه. لقد كنت أتوقع من حزب الشعب الجمهوري باعتباره حزبا رئيسيا للمعارضة في البرلمان ان يبادر إلى جمع كافة القوى اليسارية إلى جانبه للبدء منذ بداية هذه المرحلة بالإصلاحات المقترحة من قبل الاتحاد الأوربي والالتزام بشروط معاهدة كوبنهاغن، والقيام بدور رائد في إجراء الإصلاحات الدستورية. كان من الممكن لتركيا أن تقوم بكل ذلك، إلا أن حزب الشعب الجمهوري اختار أن يكون لسان حال القوى التي تريد المحافظة على الأوضاع الراهنة. وفي الحقيقة ان الحزب اليمني الديني الحاكم يقوم بشكل نسبي بتطبيق الإصلاحات التي تتلاءم مع مصالحه. بينما تعمل الأحزاب اليسارية إلى الحد من هذه التطبيقات. موقف يدعو للسخرية إلى درجة كبيرة. ثمة أزمة تعيشها تركيا في هذا الجانب. وشخصيا اشك في أن يتم الحد من ذلك في الانتخابات. المشهد التركي الحالي، يعكس أن ثمة تمردا للعلمانيين ضد مخاطر الدولة الدينية، بينما يبدو مثل هذا الخطر بعيدا حاليا. بطبيعة الحال هنالك دفع لتطبيق سياسة إسلامية، إلا أن الخطوات التي سيتم تنفيذها في هذا الجانب تبدو محدودة أمام الإرادة الشعبية القوية، لذلك تبدو خطوات الحكومة في هذا المجال محدودة للغاية. لولا خوف الفئة العلمانية من الأكراد، لما استطاع حزب العدالة والتنمية الحاكم الحصول على 40 من نوابه من المنطقة الجنوبية الشرقية. يتم اليوم الإصرار على ضرورة حصول الأحزاب التي ستخوض الانتخابات على نسبة 10% من مجموع أصوات الناخبين كحد أدنى. ويؤدي ذلك بطبيعة الحال بكل أسف إلى عدم انعكاس إرادة وتطلعات الشعب على مجلس النواب. وهو ما يقف حائلا أمام عدم قيام العديد من الأحزاب بدورها من خلال عدم دخولها البرلمان. ولست متأكدا من تغير هذا المنظر والمشهد في الانتخابات العامة المنتظرة. هل ترشيح عبدالله كول من قبل اردوغان له دلالة في هذا الاتجاه؟ كوركجو: بشكل جازم نعم .بالنسبة لي فان أمام جميع القوى التقدمية والمسحوقة والباحثة عن العدالة الاجتماعية مشكلة مستعصية. فالبرلمان ورئاسته ورئاسة الوزراء تنظر إلى الأحداث من وجهة نظر ميتافيزيقية، وتعمل على إبراز العناصر والعوامل الدينية إلى المقدمة دائما. ففي التعليم والتربية يتم إبراز نظرية الخلق والاهتمام بها، إضافة إلى تحديد الحياة الاجتماعية للمرأة، وهذا مما يؤدي إلى التأثير بشكل سلبي على قطاع التربية والعمل في تركيا. وقد بدأ من الآن إهمال تشغيل المرأة وتفضيل الرجل عليها، بشكل مقصود ومتعمد، حيث لا يشجع عمل العنصر النسوي، كما يتم تلقين النساء بأن البيت هو مكان المرأة الطبيعي ، ودورها المهم في الحياة هو الإنجاب. ان عدم اكتمال جميع عناصر هذا النمط من الإدارة يخلق للجميع مشاكل بالغة. ولإزالة كل ما تقدم ذكره من سلبيات ، تعتبر دعوة الجيش إلى التحرك خيارا خطيرا على اقل تقدير. لأننا سبق وأن عانينا من مثل هذه الخطورة عندما تحرك الجيش للنضال ضد الشيوعية. ما هي التغييرات المنتظرة في المنظر السياسي في تركيا بعد الانتخابات؟ كوركجو: لا أنتظر تغييرا جذريا. ربما سيحدث انفتاح في السياسة الخارجية، وتغييرات في التقييم بالنسبة لهذا الموضوع. مثلا: هل يمكن قبول الطالباني من قبل الحكومة التركية؟ هل سيتم التعمق في قضية قبرص؟ وفي موضوع التعاون مع الاتحاد الأوربي هل سيتم تعميق صلات التعاون أم لا؟ قد تحمل الانتخابات نوعا من الرد على هذه التساؤلات بعد الانتخابات المرتقبة. ولعل أهم ما يمكن توقعه أيضا تخفيف حدة الصراع بين الجيش والحكومة. كما أن ثمة تناقضا بين القوة التي يمتلكها اليوم حزب العدالة والتنمية وبين حجمها كقوة اجتماعية، وتجاوز ذلك مرتبط بعدم اختلاقه المشاكل مع الجيش وحصوله على ثقة المجتمع الدولي. أجرى الحوار أتيلا أزرق ترجمة نصرت مردان حقوق الطبع قنطرة 2007 (المصدر: موقع “قنطرة” (ألمانيا) بتاريخ 4 ماي 2007) الرابط: http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-554/i.html

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.