TUNISNEWS
10ème année, N°3650 du 21.05.2010
الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
ولضحايا قانون الإرهاب
أنور الغربي:الإرهاب المنظم:عصابات مجرمة تضرب من جديد
حــرية و إنـصاف:إلى متى يظل الصحفي التونسي علي بوراوي محروما من جواز سفره؟
كلمة:مجلس أوروبا يعبر عن استيائه لترحيل إيطاليا لتونسيين
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس :السلطة تمنع الرابطة من الاحتفال بالذكرى 33 لتأسيسها:
النقابة الجهوية للتعليم الاساسي بقابس:برقية
بيان حزب الخضر للتقدّم بمناسبة اليوم العالمي للتنوّع البيولوجي
عبدالحميد العداسي:أعوان مرض السكري في مواجهة منصف بن سالم من جديد
الاجتماع الدوري لأعضاء الهيئة العلمية للمعهد العربي لحقوق الإنسان
مُداخلة متشنجة ل أبوبكر الصغيرعلى قناة “فرانس 24”: لماذا تشدد تونس الرقابة على الإنترنت؟
كلمة:الرئيس التونسي يعرض مشروع قانون لتخوين المدافعين عن حقوق الإنسان
الصباح:نقل محمد مزالي للعلاج في فرنسا على نفقة الدولة
كلمة:قائد القوات الأمريكية “أفريكوم” في زيارة لتونس
صبري ابراهم:أقولها وأمضي الرابطة.. ومعارضة الشتات
عماد الدين الحمروني :نصر من الله وفتح قريب
الحبيب بوعجيلة:خطاب الاصلاح وعوائقه بين تصورات المعارضة وطبيعة السلطة
خميس الخياطي:الثقافة… مصيبة لذيذة (1)
الحبيب ستهم:دعم وزارة الثقافة للإنتاج السنمائي التونسي: وين فلوسك يا عمار .. في الصفيحة والمسمار
محفوظ البلدي:السادة المستمعون٬ فاصل…”قصير“!!! ثم نعود بعده….للوطن
خالد الغرايري:في العودة : الحقيقة الإنسانية و الوهم السياسي
الصحبي عتيق: تصحيح مقاصد المكلّف:النية أوّلا -1/5
د. احميده النيفـر:مرايا الكتاب.. طوق النجاة (3 من 3)
محمد العروسي الهاني :لمسة وفاء لروح المناضل الحسين الحاج خالد السلامي التي أسندت إليه بطاقة رقم 1 للنضال الوطني
العفو الدولية تدعو السلطات الليبية للتحقيق في وفاة المعارض فتحي الجهمي
القدس العربي:نواب فرنسيون من الحزب الحاكم يتظاهرون في ‘كان’ ضد فيلم عن جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر
فيوليت داغر :ماذا بعد النقاب؟
منير شفيق :الاتفاق التركي – البرازيلي – الإيراني وأبعاده
(Pourafficher lescaractèresarabes suivre la démarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
أفريل 2010
https://www.tunisnews.net/15Avril10a.htm
الإرهاب المنظم عصابات مجرمة تضرب من جديد
إني الممضي أسفله أعلن للرأي العام المحلي والعالمي عن تعرضي لمحاولة اعتداء آثمة مدبرة من عصابات مجرمة موجودة بجنيف وفرنسا المجاورة. فصباح يوم 19/05/2010 وكعادتي امتطيت دراجتي النارية للتوجه إلى العمل وكانت العصابة بانتظاري وعلى بعد حوالي 150 مترا من محل سكناي كانت سيارة تحمل لوحة فرنسية متوقفة عند إشارة المرور وبمجرد أن مررت أمامها سعى السائق إلى دهسي لولا ألطاف الله ولم يبخل علي راكبو السيارة الثلاث بعبارات سوقية حقيرة تليق بمخزونهم اللغوي. هذا وقد كلفت في الحال مكتب محاماة لمتابعة القضية وهرع البوليس الفدرالي للتحقيق في الموضوع خاصة وأن هذه ليست المرة الأولى التي أستهدف فيها. هذا وأعلن بأن المعتدين يتكلمون اللهجة التونسية الشارعية البذيئة وحتى أن كثيرا من عباراتهم لم أفهمها لأني لم أتعلمها ولا يشرفني أن أعرفها وإنى أحمل هؤلاء المجرمين ومن يقف وراءهم ويمدهم بالأوامر المسؤولية كاملة عما جرى وما سيجري سواء لي أو لعائلتي. وقد جاء هذا الاعتداء سويعات بعد محاولة تدخلي في محاضرة أقيمت بجنيف كان يلقيها كل من المسؤول الأول والثاني في قناة الزيتونة التونسية. وبما أن عدد الحضور كان من أناس غرباء عن المسجد وبما أن أغلب أبناء الجالية التونسية المهجرة قاطعت الندوة فإنه سهل عليهم التشويش على مداخلتي ومقاطعتي ووصل ذلك إلى حد تهديدي بعد خروجي من الندوة رغم أني رحبت بهم في مستهل كلامي وتمنيت أن تكون هذه بادرة خير لهم بأن عرفوا أخيرا عنوان المسجد فكان الرد المعتاد أن حضروا إلى عنوان بيتي… أحدهم علق على الأمر متهكما:”يا أخي ربما سمع الجماعة بأنك قمت بطلب لبناء مئذنة في بيتك بعدما رفض الشعب السويسري بناء المآذن فوق المساجد… فاختلط الأمر عليهم وظنوا بأن بيتك أصبح مسجدا”. هذا وسأعلن للرأي العام نتائج التحقيقات حال توفرها كما أعلن عن عزمي نشر مداخلتي التي كنت أنوي طرحها على الضيوف القادمين من تونس ومنعت من ذلك. وبهذا التصرف الأرعن، يثبت هؤلاء الأوغاد أنهم لا يتحملون أي رأي مخالف مهما كان مصدره وأجدد عزمي على المضي قدما في التعبير عن قناعاتي بالطرق السلمية التي لا يمكن أن يفهمها هؤلاء. وأذكر في هذا المجال بأني تعرضت في السابق للاعتداء عدة مرات ولا زالت 3 قضايا مرفوعة لدى المحاكم السويسرية ..
http://www.tunezine.com/article.php3?id_article=456 http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=5435&Itemid=26
الإمضاء أنور الغربي جنيف
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 05 جمادى الثانية 1431 الموافق ل 19 ماي 2010
إلى متى يظل الصحفي التونسي علي بوراوي محروما من جواز سفره؟
تواصل السلطات التونسية حرمان الصحفي علي بوراوي المقيم حاليا بباريس من حقه في جواز السفر رغم تقديمه لطلب لتجديد جواز سفره لدى القنصلية التونسية ببانتان (باريس) بتاريخ 24 جويلية 2007 مسجل تحت عدد 08387، ورغم اتصاله بالقنصلية عدة مرات للسؤال عن مآل طلبه إلا أنه كان في كل مرة يتلقى نفس الرد:” ستتسلمه خلال أيام قليلة”. علما بأنه كاتب رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية ووزارة العدل لكن دون جدوى، ومما يجب التأكيد عليه هو أن السيد علي بوراوي لم يسبق أن حرم من جواز سفره، حيث أن آخر جواز استخرجه كان بتاريخ 26 نوفمبر 1999 صادر عن القنصلية التونسية بالرباط (المغرب) يحمل عدد M550623. وتجدر الإشارة إلى أن السيد علي بوراوي سبق وأن وقع اعتقاله سنة 1987 قضى بالسجن مدة 7 أشهر ثم صدر ضده حكم بالسجن مدة ستة أشهر مع تأجيل التنفيذ من أجل تهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها تتعلق بنشاطه السياسي في الفترة ما بين 1980 و1984. وحرية وإنصاف: 1) تندد بحرمان الصحفي التونسي علي بوراوي من حقه الدستوري والقانوني في الحصول على جواز السفر وتعتبر ذلك اعتداء على هذا الحق الذي تكفله كل المواثيق والعهود. 2) تطالب السلطة بالاستجابة لطلب السيد علي بوراوي وتمكينه من الحصول على جواز سفره وعدم معاقبة أي مواطن تونسي، مهما كان انتماؤه الفكري أو السياسي، وذلك بحرمانه من الحقوق المشروعة والثابتة.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
مجلس أوروبا يعبر عن استيائه لترحيل إيطاليا لتونسيين
حرر من قبل التحرير في الخميس, 20. ماي 2010 عبّر مجلس أوروبا يوم الخميس 20 ماي 2010 عن استيائه لتسليم ايطاليا تونسيا لسلطات بلاده رغم تحذير المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان من ذلك. وأعرب الأمين العام للمنظمة” ثورنيبيون ياغلاند” عن أسفه الشديد لعملية الترحيل والاعراض عن طلب المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان بعدم التسليم لتوقعها أن يتعرض لسوء معاملة في تونس. جدير بالذكر أن ايطاليا سلمت السيد محمد المناعي الذي قضى خمس سنوات بأحد سجونها بتهم تتعلق بقضايا الارهاب إلى السلطات التونسية يوم 3 ماي الفارط، وقد كانت السلطات الايطالية سلمت تونس مراد الطرابلسي وسامي بن خميس في جوان 2008 واللذان أدينا لنفس التهمة. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 ماي 2010)
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 07 جمادى الثانية 1431 الموافق ل 21 ماي 2010
أخبار الحريات في تونس
1) السلطة تمنع الرابطة من الاحتفال بالذكرى 33 لتأسيسها: منعت السلطات التونسية مساء اليوم الجمعة 21 ماي 2010 الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من الاحتفال بالذكرى 33 لتأسيسها، حيث عمدت أعداد كبيرة من أعوان البوليس السياسي إلى غلق الأنهج المؤدية إلى المقر المركزي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بحواجز حديدية ومنع رؤساء الفروع والضيوف من داخل تونس وخارجها إلى الالتحاق به، ولم يسمح إلا لأعضاء الهيئة المديرة بالدخول. وحرية وإنصاف تدين بشدة منع الناشطين الحقوقيين والأصدقاء والضيوف من الالتحاق بالمقر المركزي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للاحتفال بالذكرى 33 لتأسيسها وتعتبر ذلك اعتداء على الناشطين الحقوقيين ومحاصرة للنشاط الحقوقي وتدخل سافر في وضع الرابطة الداخلي وتناقض صارخ بين ما أمضت عليه تونس من مواثيق دولية تلزمها بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وبين واقع هذه الحقوق. 2) حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
الاتحاد العام التونسي للشغل الاتحاد الجهوي للشغل بقابس **** النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بقابس النقابة الجهوية للتعليم الاساسي بقابس قابس في 21 ماي 2010 برقية
ان النقابة الجهوية للتعليم الاساسي والنقابة الجهوية للتعليم الثانوي بقابس واثر الانتهاك الخطير لحرمة المؤسسة التربوية الابتدائية حي المنارة الذي حدث مساء يوم الخميس 20 ماي 2010 عند اقدام اعوان امن بالزي المدني على اقتحام المدرسة وايقاف زميلنا اسامة الصيد مدرس التربية البدنية وتعنيفه في ساحة المدرسة بحضور المدير وعلى مرأى ومسمع من المعلمين والمعلمات والتلاميذ مما اثار رعبا على أعضاء الاسرة التربوية , تعبران عن تنديدهما لهذا الانتهاك المشين لحرمة المؤسسة التربوية . وتعلنان دخولهما في اعتصام داخل المؤسسة لمدة ساعة بداية من الساعة العاشرة صباحا دفاعا عن كرامة المربين وتطالبان كل الجهات المعنية بالتدخل العاجل وفتح تحقيق لتحديد المسؤولية عن هذا الاعتداء .
عن النقابة الجهوية للتعليم الاساسي بقابس الكاتب العام احمد المبروك عن النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بقابس الكاتب العام عبد الجبار الرقيقي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
تونس، في 21 ماي 2010 بيان حزب الخضر للتقدّم بمناسبة اليوم العالمي للتنوّع البيولوجي
تحتفل بلادنا، يوم22 ماي من كل سنة، مع سائر الدول باليوم العالمي للتنوّع البيولوجي تحت شعار “التنوّع البيولوجى والتنمية وتخفيف حدّة الفقر”، ويأتي هذا الاحتفال كجزء من إحياء السنة الدولية للتنوع البيولوجى 2010.
باعتباره من أسس ومقوّمات التنمية الشاملة، فإنّ حزب الخضر للتقدّم يرى في هذا اليوم مناسبة عالميّة ووطنيّة يتجدّد خلالها الاهتمام بكل مكوّنات التنوّع البيولوجي والإجراءات الكفيلة بضمان الحماية المستديمة له، خاصّة في ظلّ فشل الجهود الدوليّة الرامية للحد بمستوى معقول من تدهور التنوّع البيولوجي حتى هذه السنة وهو التعهُّـد الذي سبق أن قطعته الدول على نفسها سنة 2002، وهو ما تضمّنه التقرير الأممي الثالث الصادر يوم 10 ماي الجاري، ولذلك فإن حزب الخضر للتقدّم يحذّر من وصول فقدان التنوّع البيولوجي إلى نقطة تحوّل لن تكون قادرة بعدها على أداء وظائفها الحيويّة، وهو ما سيترتّب عنه من آثار سلبيّة ستنعكس حتما على السير الطبيعي للمنظومة الايكولوجيّة وعلى العديد من المجتمعات خاصّة الفقيرة منها. كما يدعو الحزب المجموعة الدولية إلى تبنّي رؤية جديدة من شأنها أن تشجّع على الحفاظ وعلى الاستخدام المستدام للتنوّع البيولوجي والتوزيع العادل للثروات المتأتية من توظيفه في عملية التنمية. كما يجب على الحكومات أن تعمل على “تسخير التنوع البيولوجي لأغراض التنمية وتخفيف حدة الفقر” وذلك عبر الفصل بين الموروث الطبيعي وأهدافه التنموية والتعديل من السياسات الاقتصادية على الشكل الذي يعكس القيمة الحقيقية للأنواع الحيوية فـ “التنوّع البيولوجي هو الحياة وهو حياتنا” (شعار السنة الدوليّة للتنوّع البيولوجي – 2010-).
إنّ حزب الخضر للتقدّم يتطلّع إلى المؤتمر العاشر للدول الأعضاء في معاهدة التنوّع البيولوجي في مدينة “ناغويا” باليابان، وإلى القمّة الدولية التي ستعقد على هامش الموعد السنوي لانعقاد الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك حول التنوّع البيولوجي، لحثّ المجموعة الدولية على اتخاذ خطوات عملية، كتوسيع رقعة المناطق المحمية وحماية الفئات والأصناف المهدّدة والتخفيض من التلوّث ومن العناصر المدمِّـرة، وتغيير أساليب الصيد والاستهلاك والاستخدام الرشيد للأراضي والمياه والموارد الطبيعية بشكل يسمح بالإيفاء بمتطلبات عدد السكان المستمرة. إضافة إلى العمل على تمكين الجميع من الاستفادة من المزايا المستخلصة من الوصول إلى المخزون الجيني إلى تعزيز التوعية والتكوين في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي والالتزام بذلك في الحياة اليومية.
لقد نجحت تونس في تحقيق نتائج ومؤشرات إيجابية للمحافظة على التنوّع البيولوجي وإحكام استغلاله استغلالا رشيدا، وذلك انطلاقا من إيمان سياسة الرئيس زين العابدين بن علي بضمان ديمومة هذه الثروات للأجيال القادمة، وعبر إرساء أسس تشريعية وتنظيمية ترنو إلى إحكام التصرف في الموارد الطبيعية التي تعتبر جزءا من الموروث الطبيعي والتاريخي الذي تزخر به بلادنا وموردا أساسيا لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بجميع القطاعات ومختلف الجهات، انطلاقا من التزام بلادنا باتفاقية التنوّع البيولوجي واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بحفظ التنوّع البيولوجي ومكافحة تغير المناخ.
وإيمانا منه بأهمية مزيد الحفاظ على التنوّع البيولوجي، واعتبارا لحساسية الموقع الجغرافي للبلاد التونسية يهمّ حزب الخضر للتقدّم الإشارة إلى جملة من النقاط التالية: üتزخر تونس بمنظومة إيكولوجية متنوّعة وغنيّة جدّا، إلا أنّ مخابرنا الوطنية لا تمتلك جردا كاملا ومفصّلا ومحيّنا عن كافّة الأصناف النباتيّة والحيوانيّة التي تنتمي للمناطق الرطبة والبحريّة، والتي يتهدّدها الانقراض. üإلى جانب دورها الاقتصادي والاجتماعي المتمثّل في حماية المناطق العمرانية من الفيضانات وتغذية الطبقات المائية الجوفية والمحافظة على الترسبات، تلعب المناطق الرطبة دورا هاما في المحافظة على التنوّع البيولوجي فهي تعتبر مأوى لآلاف الطيور والحيوانات البريّة والمائيّة، لذلك فإننا ندعو إلى ضرورة الإسراع في القيام بدراسة لتقييم وضع مختلف المناطق الرطبة والمحميّة وتحيين طرق التدخّل في هذه المناطق الحيويّة وإدخالها في عجلة التنمية عبر تشريك جميع المتدخلين في إعداد وتنفيذ أمثلة للتهيئة والتصرف وذلك ترشيدا لاستغلال هذه المناطق، وفقا لاتفاقية “رامسار” الدولية. üبالرغم من تطوّرها إلاّ أن الأطر القانونية، للتشريع البيئي التونسي في مجال التنوّع البيولوجي، تبقى غير محيّنة وملائمة للتطوّرات الاجتماعية والاقتصادية والديمغرافيّة التي تعرفها البلاد. üيعتبر العنصر البشريّ أكبر مهدد للتنوّع البيولوجي من حيث الأنشطة الفلاحية والصناعية والسياحية، إلى جانب التوسّع الحضري. üضرورة مزيد التنسيق بين مختلف الأطراف المتدّخلة في هذا المجال من أجل توفير قاعدة بيانات حول ثراء المخزون الحيوي للبلاد والسهر على الحفاظ عليه. وأخيرا ينادي حزب الخضر بضرورة انخراط بلادنا في “حملة المليار شجرة” التي تقودها الدكتورة “وانجاري ماتاي” الحائزة على جائزة نوبل للسلام ومؤسسة حركة الحزام الأخضر الكينية تحت شعار “فلنزرع الأرض” وبإشراف برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى جانب ضرورة مشاركة تونس بوفد رفيع المستوى في أعمال المؤتمر العاشر للدول الأعضاء في معاهدة التنوّع البيولوجي الذي ستحتضنه مدينة “ناغويا” باليابان خلال شهر أكتوبر المقبل.
حزب الخضر للتقدّم الأمين العام منجي الخماسي
أعوان مرض السكري في مواجهة منصف بن سالم من جديد
عبدالحميد العداسي
ذات يوم من سنوات خلت اضطرّ البروفيسور المنصف بن سالم وعائلته إلى الإضراب عن الطعام من أجل ابنه أسامة الذي طرد من مقاعد الجامعة في محاولة لمنعه من مواصلة الدراسة… واليوم يعاود السكّري مهاجمة بدن البروفيسور بعد أن شفي منه أو كاد، بفضل الله ثمّ بفضل أهل الخير الذين وفّروا له الدواء النّاجع والكافي… والسبب في ذلك ليس حرصا من منصف بن سالم على مرافقة مرض أقضّ مضجعه السنوات الطويلة ولكن كرها بسبب ما يعانيه ابنه أسامة الذي تعمّدوا ترسيبه رغم نبوغه أربع مرّات على التوالي حتّى تمضي رغبة الوزير في قطع نفس وأثر وذكر المنصف بن سالم من الجامعة ومن المجتمع التونسي… صعدت آهات المنصف في الهاتف محدّثة بما يجد من ألم منقطع النّظير ممّا يتعرّض له من حرب إبادة تستهدف الفكر والعلوم والأخلاق الحميدة، فأرته تلك الآهات مشاهد من التاريخ غير البعيد… فهناك في سنة 1986 أي قبل اعتقاله بسنة واحدة، كان المنصف يتجوّل بجوازه الديبلوماسي نظرا لقيمة منصف العلميّة والمعنوية… وكان أن عُرضت عليه العروضُ المغرية والمذهبة – عند البعض – للبّ: مرتّب رفيع ومركز اجتماعي أرفع ومهمّة نبيلة (وهل هناك أنبل من العلم)، ولكنّ المنصف – وهو يستعرض حديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: “إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلّا من ثلاثة: إلّا من صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له” أبى إلاّ أن يكون المنتفع بعلمه من أهله كي يكون النفع بدءً بأهله، وهو الذي علم وعلّم أنّ الإحسان إنّما يكون للأقرب فالأقرب فالأقرب حتّى يشمل النّاس جميعا، فاختار الرّجوع إلى بلده رغم دردشة السفير يومئذ المتحدّثة عن إفناء فئة في البلاد يعلم المنصف أنّه أحد أفرادها بل أحد عناصرها البارزين!… عاد المنصف يومئذ، فباشر كما باشر من قبل مواصلة الغرس النّافع دون إصرار منه على إظهار الزبد المدلّس على النّاس الحقائق… غير أنّ “النّاس” الذين لم يتصدّقوا صدقته ولم يعلموا علمه ولم يعلّموا ما علّم ولم يلدوا من الصالحين ما ولد كبر عليهم تواجده وصغرت تونس في أعينهم حتّى ما رأوا بها ولا لها مصلحة فيه وفي أمثاله فرموه في السجن دون ثمن، ثمّ انطلقوا يحاولون – كما فعل فرعون من قبل – منع نسله من حمل رايته وقد أعماهم الله عن رؤية راياته مزروعة في طلاّبه الأساتذة الجامعيين الذين منهم من برّ فأعلن ومنهم من برّ فأخفى وقليل منهم من اجتنب – خوفا ربّما – الاعتراف بالجميل، وجميعهم ينمّون رصيد منصف عند الله سبحانه وتعالى رغم أنوف الحسّاد وأبناء الحرام الذين لم يبرّوا أمّهم تونس… قلت لمنصف مهوّنا صادقا: عزاؤك أخي في أنّ هذه الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة كما أخبر بذلك الصادق الأمين صلّى الله عليه وسلّم، فهي ذليلة قصيرة لا تستوقف ذا همّة متعلّق بالآخرة عندها… ووالله لن يصلك من خير أو خلافه إلاّ ما قدّره الله لك أو عليك!… فما هم بك فاعلون؟… إنّهم إذا ضايقوك وحاصروك في نفسك أو أهلك أو ولدك كثّروا حسناتك ورفعوا درجاتك عند الله سبحانه وتعالى مُرغَمين، فهم في النّهاية عبيد أذلّة يخدمون مصلحتك بجهل!… ولو علموا ذلك لأقلعوا عن مضايقتك ومضايقة أبنائك لحسدهم وكرههم رؤيتك في منازل العلى التي أرادها الله لك بإذنه!… فابشر أخي واقتبس من معنويات أسامة ما به تهوّن على نفسك… وبارك الله لكم في آمنة بنت مريم (رزقت مريم بنت منصف – وقد كانت تزوّجت السنة الفائتة – بنتا سمّوها مريم) وحفظكم الله ورعاكم وسلمكم وأنزل عليكم السكينة والطمأنينة ورزقكم الرزق الطيّب الحسن… وعسى الله أن يهدي متسبّبي الضيق والشرور إلى الحقّ فيعلموا كم أساؤوا لأنفسهم دون انتباه من أنفسهم، فيأتوك راجين الصفح الذي به تتمّ التوبة!…
الاجتماع الدوري لأعضاء الهيئة العلمية للمعهد العربي لحقوق الإنسان ” من أجل دعم استمرارية المعهد كبيت خبرة إقليمي في مجال التربية ودعم ثقافة حقوق الإنسان”
يعتزم المعهد العربي لحقوق الإنسان تنظيم اجتماعه الدوري لأعضاء الهيئة العلمية ( هي هيأة فنية استشارية تساعد المعهد في آداء مهامه وتتكون من عدد من الخبراء والفنيين الأكفاء في جميع المجالات المتصلة بنشاط المعهد . وتقدم المشورة في رسم سياسات المعهد وتخطيط نشاطه ومتابعته ويعين رئيس المعهد أعضاء الهيأة العلمية بعد استشارة المكتب التنفيذي وتجتمع مرة في السنة قبل اجتماع مجلس الإدارة.) ، وذلك يومي 25 و26 ماي 2010 بالجمهورية التونسية ، ويهدف هذا الاجتماع إلى التشاور حول كيفية دعم التوجهات الجديدة للمعهد العربي لحقوق الإنسان في إطار خطته الاستراتيجية 2008-2011 واستمراريته كبيت خبرة إقليمي.في مجال التربية على حقوق الإنسان، ومناقشة إمكانيات تفعيل دور هياكله المختلفة، من ضمنها الهيئة العلمية الاستشارية وتعزيزها بهياكل قطاعية متخصصة تعطي قيمة مضافة في مجال التخطيط والبرمجة والتفكير الاستراتيجي حول قضايا التربية على حقوق الإنسان. وعلى اثر الاجتماع ينظم المعهد ندوة إقليمية حول ” إشكاليات حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وإعمالها في البلدان العربية” وذلك يومي 26 و27 ماي 2010 بالتعاون مع مؤسسة فورد ومؤسسة المستقبل. وتتناول هذه الندوة مجموعة من الموضوعات الهامة حول أهمية تطوير السياسات من أجل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وإشكالاتها في ضوء الوضع الدولي والإقليمي الراهن. روضة المعلاوي مسؤولة برنامج الموقع والإعلام بالمعهد العربي لحقوق الإنسان — Raoudha MAALAOUI Arab Institute for Human Rights Information & Website officer Tél: +21671767889/003 Fax: +21671750911 E-mail:maalaoui@aihr-iadh.org W
مُداخلة متشنجة ل أبوبكر الصغيرعلى قناة “فرانس 24”: لماذا تشدد تونس الرقابة على الإنترنت؟
مراسلة خاصة(بتصرف)
الرئيس التونسي يعرض مشروع قانون لتخوين المدافعين عن حقوق الإنسان
حرر من قبل لطفي الحيدوري في الخميس, 20. ماي 2010 بحثت الحكومة التونسية في مجلس وزاري انعقد يوم الأربعاء 19 ماي بإشراف رئيس الدولة مشروع سنّ قانون يعاقب على ما سمي “التحريض على الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد التونسية” المتعلقة بالأمن الاقتصادي، ويُقصد بذلك كل تونسي يتعمد ربط الاتصالات مع جهات أجنبية، حسب ما ورد في بلاغ صحفي رسمي. وسيضاف هذا القانون إلى الفصل 61 من المجلة الجزائية المتعلقة بالاعتداء على الأمن الخارجي والتخابر مع دولة أجنبية وإفشاء الأسرار العسكرية، والتي تصل عقوباتها إلى 5 سنوات سجنا نافذا زمن السلم. وبحسب وكالة تونس إفريقيا للأنباء فإنّ الرئيس ابن علي أكّد خلال المجلس الوزاري المذكور على “ضرورة حماية مصالح البلاد الحيوية من كل طعن وانتهاك”، مضيفا أنّ ذلك يُعدّ “مسؤولية وطنية موجبة لكل التونسيين في ظل ما يشهده العالم من تطورات كرست البعد الاقتصادي كأولوية أساسية في دعم مقومات الاستقرار والمناعة”، حسب تعبيره. ويأتي هذا القانون المتوقع عرضه قريبا على البرلمان على إثر ما اعتبره المراقبون فشلا لاجتماع مجلس الشراكة بين تونس والإتحاد الأوروبي الذي انعقد يوم الثلاثاء 11 ماي الجاري في بروكسيل. حيث لم تتقدم المفاوضات على النحو الذي يأمله الجانب الحكومي التونسي باتجاه منح تونس مرتبة “الشريك المتقدم”. كما يتزامن الإعلان عن هذا القانون مع حملة تشهير بمعارضين ومدافعين عن حقوق الإنسان أطلقتها منذ أيام صحف مقربة من الحكومة واتهمت المعنيّين بالخيانة وطالبت بمعاقبتهم. وما تزال قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة هي حجر العثرة أمام تعزيز مكانة تونس ضمن الشراكة الأورومتوسطية، وهي القضايا التي طالما طرحتها منظمات حقوق الإنسان التونسية والأوروبية باتجاه دفع الجانب الأوروبي لممارسة مزيد الضغوط على الحكومة التونسية حتى تلتزم بتعهداتها المتعلقة بحقوق الإنسان والتي ينصّ عليها البند الثاني في اتفاقية الشراكة. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 ماي 2010)
نقل محمد مزالي للعلاج في فرنسا على نفقة الدولة
علمت “الصباح” أنه تم نقل السيد محمد مزالي الوزير الأول الأسبق إلى فرنسا للعلاج على نفقة الدولة بعد تدهور فجئي لحالته الصحية وهو يقيم حاليا في مستشفى فرنسي تحت الرقابة الطبية في انتظارالقرار النهائي للاطباء حول اجراء عملية جراحية عليه من عدمها. وكان السيد محمد مزالي شعر بتوعك في مستوى جهاز الكلى والمجاري البولية خلال مهمة رياضية في كندا ثم توعكت صحته مجددا في تونس بدرجة أثرت في الدورة الدموية والقلب مما استوجب نقله إلى مستشفى مختص في الكلى والمجاري البولية في فرنسا مصحوبا بطبيب خاص. وعلمت «الصباح» أنه بمجرد أن بلغ نبأ التوعك الذي ألم بالوزير الأول الأسبق إلى مسامع رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي، حتى أذن بايلائه العناية اللازمة، ونقله للتداوي بالخارج على نفقة الدولة…ومتابعة حالته الصحية عن كثب. ويذكر أن السيد محمد مزالي قد شغل عدة مناصب عليا في الادارة وفي الحكومة التونسية,كان اخرها وزيرا أول في الفترة الممتدة بين 1980 و1986.
(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 ماي 2010)
قائد القوات الأمريكية “أفريكوم” في زيارة لتونس
حرر من قبل التحرير في الخميس, 20. ماي 2010 يزور تونس خلال الأسبوع المقبل قائد القيادة العسكرية في إفريقيا “أفريكوم” الجنرال ويليام وورد، وهي الزيارة الثانية من نوعها منذ 2008. وكانت مسؤولة رفيعة بقيادة “أفريكوم” قد زارت تونس قبل أشهر والتقت وزيري الخارجية والدفاع. وسيكون الجنرال وُورد على رأس وفد عسكري أمريكي رفيع. جدير بالذكر أنّ القوات الأمريكية أفريكوم يوجد مقرها بقاعدة شتوتغارت الألمانية وقد تم الإعلان عن تأسيسها بداية العام 2007 من قبل الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش. وتتمثل مهام هذه القوات مثلما أعلنت عنه الإدارة الأمريكية في المساعدة على ترسيخ الاستقرار والحيلولة دون امتداد شبكات الإرهاب وتدريب العسكريين الأفارقة. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 ماي 2010)
أقولها وأمضي الرابطة.. ومعارضة الشتات
صبري ابراهم بحساب عدد السنين تكون الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في طور النضج السياسي الذي يؤهّلها للفعل والتأثير في المجتمع المدني، والتفاعل مع السلطة ومع مختلف مكوّنات المشهد السياسي. ولكن بالنّظر إلى ما تعيشه من تجاذبات طالت عتمتها وآن فجر انبلاجها، فإن الرابطة التي يحتفل مؤسسوها وأعضاؤها اليوم بالذكرى الثالثة والثلاثين لانبعاثها، مازالت لم تتجاوز مرحلة الوجود بالقوة.. إلى الوجود بالفعل، في حين تبدو الساحة السياسية مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لاحتضان هذا المكوّن الأساسي من مكونات المجتمع المدني وهو ما يفسر تفاؤل الجميع ببوادر الانفراج التي قد تبدو ملامحها جلية اليوم بمشاركة جميع الأطراف في الاحتفال الرابطي، حتى تولد الرابطة من جديد، وإن كانت ولادة قيصرية يَسَّرَتْهَا جهود الوساطة من جهة، ورغبة الجميع في الخروج بالرابطة من أزمتها من جهة أخرى. ولكن ما الذي يفسّر ترحيب الجميع بعودة الحوار الرابطي، وبظهور دلائل ربيع خصب بعد عشر سنوات عجاف؟ بصرف النظر عن أسباب الأزمة، ومن اختلقها وإلى ما آلت، يبدو أن الجميع يعي اليوم أهمية حضور الرابطة في المشهد السياسي. وقد يكون في ضعف ما يسمّى بمعارضة الموالاة من جهة، وإصرار راديكالييها على سياسة «الكل أو لا شيء» من جهة أخرى ما يبرّر وجودها. ولكن الثابت (والمؤمل) أن يكون في حضور الرابطة ما يعطي وجها جديدا عن المعارضة غير الذي ألفناه، وخاصة غير الذي شاهدناه في الأيام الأخيرة من طرف بعض مناصري «معارضة.. الشتات» الذين يقيمون معارضتهم بحجم الجزرة التي يلوّح بها مؤيدوهم من وراء البحار، حتى وإن كان ثمنها محاولة إجهاض مشاريع وأهداف وطنية كبرى قد تسمو على خلافاتنا. وقد يكون في الانتصار لمعارضة جادة، ما يزيح عن المشهد السياسي الفصول الرديئة للمعارضة المناسباتية، التي تلتهب درجات حرارتها كلما اقترب موعد سياسي أو اقتصادي وطني أو إقليمي أو حتى دولي. وقد يكون في بصيص نورها ما يضيء عتمة معارضة الفضائيات، ويزيح الصورة القاتمة التي يعطيها بعضهم عن المعارضة وعن المشهد السياسي عموما، في منابر إعلامية أُذِنَ لها أن تُفتح ويُذكر فيها أسماء لزعماء من ورق يتلحفون بغطاء حقوقي تارة وإعلامي تارة أخرى، يسعون للإساءة للبلاد والعباد.. ولكن.. بدون توفيق. لكل هذا نبتهج لبوادر انفراج أزمة الرابطة، ونبارك عودة حوارها ولو بعد حين. رئيس التحرير (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 ماي 2010)
نصر من الله وفتح قريب
بسم الله الرحمن الرحيم الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله وسدّد خطاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد يسرّنا في الذكرى العاشرة لعيد التحرير والإنتصار أن نرفع لكم ولرجالكم الأوفياء لخط الأنبياء والمرسلين، خط الإسلام المحمدي الأصيل ، خط الجهاد والمقاومة والعزة والشرف والكرامة و إلى كل أبطال المقاومة الإسلامية والوطنية و إلى شعب لبنان فخر العرب والأحرار، أحلى التهاني وأرفع التبريكات ونعبر لكم نحن إخوانكم وأبناءكم من بلاد الشّمال الإفريقي ، أحفاد الأمير عبد القادر و السيد عبد الكريم الخطابي مؤسس المقاومة الشعبية والشيخ المجاهد علي بن خليفة وشيخ المجاهدين الشهيد السيد عمر المختار ، عن سعادتنا و تأييدنا لخطكم ونهجكم ، نهج الوحدة والتوحيد و خط العدل والحرية . المقاومة الإسلامية في لبنان و منذ إنطلاقتها رسمت أفقا و حددت سقفا كما ذكرتم في عام ١٤٠٧يجب أن تزول إسرائيل من البين، والبين أعم من الوجود المادي الخارجي والتاريخي وبالتالي لا بدى أن يمحى ذكر إسرائيل، المقاومة الإسلامية فتحت الساحة لقتال العدو وجعلته هما له حضوره اليومي على الجبهات وفي وجدان الأمة وأحاسيسها و حتى في طموحات الكثير من الأفراد والجماعات و حتى دول. إنّ ما حقّقته تجربتكم الجهادية على إمتداد ثلاث عقود من إنتصارات ميدانية جعلتكم من صنّاع الحدث والفاعلين الأساسيين على مستوى المنطقة والعالم ، إستطاعت المقاومة أن تصنع ثقافةجديدة ، لأن الحالة الحضارية للأمة لا تصنع بالخطاب الفكري فقط. فحركة الحدث اليومي المؤثر أشد فعالية من التلقين الثقافي ، إنّ الإحتذاء والإستفادة من تجربتكم إختصارا للتاريخ وقوة دفع لإعادة الثقة إلى القدرة الذاتية والمدد الغيبي. أنتم اليوم حبل الله المتين ، فاز من إعتصم بكم و جاهد تحت رايتكم ، نصر من الله وفتح قريب ، نرجوا أن نكون معكم من الفاتحين لعهد جديد ، عهد الإنتصاروالتحرير ونقول لك ، إذهب أنت وإخوانك فقاتلوا إنّا إن شاء الله معكم مقاتلون. السيد عماد الدين الحمروني 21تونس 2010ماي
خطاب الاصلاح وعوائقه بين تصورات المعارضة وطبيعة السلطة
بقلم الحبيب بوعجيلة انتهيت في مقال سابق إلى الوقوف عند استخلاص أساسي مفاده تحول خيار الإصلاح إلى ضرورة تقتضيها اكراهات واقعية ونظرية – داخلية وإقليمية ودولية .وبينت أن ما يثبت هذه الضرورة إجماع الخطابين الرسمي والمعارض على هذا المطلب غير أنني أكدت في المقابل أن هذا المطلب لن يخرج من مرتبة الطموح النظري إلى التحقق الفعلي ما لم تعمد السلطة والمعارضة معا إلى مراجعات موجعة في مستوى هيكليتها وخطاباتها ومناهج تحركها للتمكن فعلا من تفعيل مطلب الإصلاح السياسي . إن ما نشهده الآن هو تحول الطموح إلى الإصلاح السياسي إلى معضلة حقيقية إذ تتبناه السلطة على مستوى خطابها دون أن تحوله إلى واقع ملموس ولن تقدر على ذلك ما لم تعمد إلى تغيير عميق في بنيتها وطبيعتها وأشكال تعاطيها مع المجتمع أي بعبارة أخرى ما لم تتمكن من مغادرة صورتها الموروثة من مرحلة تشكلها وتطورها غداة الاستقلال . إن السلطة الحالية والتي لا يغيب عنها الإحساس بضرورات الإصلاح الفعلي تبدو حبيسة نزعة محافظة موروثة عن طبيعة نشأتها الأولى مما يجعل خطابها وفعلها الإصلاحي لا يتجاوز أفق الديماغوجيا السياسية والإجراءات القانونية التي بقيت حبيسة النص المنطوق والاستعراض المشهدي المحدود .ولا شك أن هذا التحول الفعلي من سلطة محافظة إلى سلطة محكومة بجاذبية الإصلاح يحتاج وعيا حقيقيا بواقعية الاكراهات وهو ما عجزت عن تفعيله معارضة متعددة الأطياف مشدودة بوعي أو بدونه إلى ماضيها الأيديولوجي ومناهجها التقليدية في الممارسة و مفتقرة إلى القدرة على صياغة واستيعاب نظرية الإصلاح الضرورية لكل فعل نافع ومنتج فقد علمتنا دروس السياسة النظرية انه لا حركة مجدية بدون نظرية دقيقة تفقه الواقع واليات الفعل فيه وتحدد الغايات والوسائل بوضوح ولعل ضمور الجهد النظري للمعارضة الإصلاحية هو ما جعل نضالها لا يتجاوز مرتبة النشاط بما تعنيه الكلمة تدقيقا في مقابل مفهوم الحركة . أن كل ما يفعله طلاب الإصلاح الذين لا يدركون معناه وشروطه الواقعية لا يتجاوز الآن كتابة بيانات التشهير التي لا يقرؤها غير كتابها والضغط عبر اجتماعات لا تنعقد أو باختزال للمطلوب السياسي في المربع الحقوقي المفصول عن واقعه الجغرافي والاجتماعي و المجتزأ عمدا أو سهوا من سياقه الإصلاحي السياسي العام . وبناء على هذا التوصيف افترض أن أولى خطوات الإعداد لتحول المطلب الإصلاحي إلى مشروع فعل يتقدم باستمرار نحو مراسي تحققه تقتضي قراءة الواقع السياسي سلطة ومجتمعا ومعارضة للمرور تاليا إلى ضبط مبررات الإصلاح السياسي وصولا إلى تحديد غاياته الحقيقية ومعانيه الفعلية بما يسمح أخيرا بتحديد آلياته ووسائله وحوامله أي القوى المؤهلة إلى تبنيه وفي هذا السياق تحضرني فكرة رشيقة للدكتور” محمد عابد الجابري” حين يعتبر أن دراسة تشكل المجتمع والدولة في الأقطار العربية وتحديد المقصود بقوى المجتمع المدني وضبط معاني الإصلاح أو الانتقال إلى الديمقراطية هو السبيل الوحيد لترشيد الفعل الإصلاحي وهو ما يقتضي خلفية نظرية تربط الباحث والمناضل من اجل الإصلاح بمعطيات مجتمعه وأنواع الصراع فيه واتجاه الحركة داخله بدل أن نبقى مشدودين إلى مفاهيم وأساليب في الإصلاح صيغت وفعّلت في واقع آخر غير واقعنا العربي .وهذا لا يعني أن نتغافل على أهمية الممارسة السياسية والنضال العملي ولكن فعلا بلا تصورات يبقى ضحية لما يمكن أن أطلق عليه اسم العمى الاستراتيجي . إن أهم ما يجب أن يدركه المناضل الإصلاحي في تونس أن السلطة الحالية هي بطبيعة الحال استمرار للدولة التونسية الجديدة التي تشكلت غداة الاستقلال كغيرها مما يسمى “بالدول الوطنية ما بعد الكولونيالية “التي أسستها نخب الحركات الاستقلالية بعد أفول حقبة الاستعمار القديم أواسط القرن المنصرم . ولا سبيل اليوم لتجاوز معضلة التعثر التي يشهدها مسار الإصلاح والانتقال الديمقراطي كحاجة ناشئة ومعاصرة دون أن نفهم طبيعة هذه الدولة وخصائصها بعيدا عن التصورات الجاهزة المعدة سلفا لتفسير طبيعة الدولة /الأمة التي نشأت في الغرب بعد الثورات البرجوازية الحديثة بداية من القرن 18 حين ندرك الطبيعة الحقيقية لدولتنا التونسية نستطيع أن ندرك طبيعة علاقتها مع المجتمع وكيفية الاشتغال على الانتقال بها من خاصية تسلطية لا تاريخية إلى خاصية ديمقراطية بالمعنى والمضامين التونسية . لاشك طبعا أن مقولة “الدولة القطرية والرجعية التابعة” كما حددتها التيارات القومية في نصوصها الأساسية تبدو مقولة ضعيفة لا تستطيع أن تتطابق بطبيعة الحال مع القوى التي قادت وحققت الاستقلال الوطني وقادت معركة بناء المجتمع وعملية التنمية كما أن التحليل الماركسي يبدو قاصرا في تقديري على تحليل طبيعة الدولة الوطنية ومن بينها دولتنا التونسية (سواء اعتبرنا نظرية الدولة عند “ماركس” كما بلورها في كتابيه “نقد فلسفة الحق” عند “هيغل” و “البرومير 18للويس نابليون” ..أو نظريته كما ظهرت في كتاباته الخطابية مثل “البيان الشيوعي” (انظر “العرب ومشكلة الدولة” /نزيه الأيوبي / دار الساقي /بيروت – لندن 1992 ) حين أؤكد على ضرورة القطع مع نظرية الدولة كما صيغت لدى هذه التوجهات الأيديولوجية الجذرية فانا المح إلى أن عديد القوى المشتغلة اليوم على مطلب الإصلاح تبدو مشدودة إلى هذه التصورات الكلاسيكية التي لا تستطيع أن تكون خلفية نظرية لفعل إصلاحي .إذ لا شك أن قراءة سريعة لأعماق مطالب وشعارات ومناهج فعل عدد من القوى المسماة إصلاحية اليوم تجعلنا ندرك أن الفكرة الإصلاحية لم تتبلور في رؤى وبدائل ومناهج هذه القوى لتبقى قشرة خارجية وليبقى السؤال لماذا لم نحقق الإصلاح سؤالا قريبا للغباوة لان العديد ممن يطرحون هذا الإصلاح لم يتحولوا إلى إصلاحيين فعلا …. نحسم القول بالتأكيد أن المطلب الإصلاحي يتوجه إلى تطوير وضع سياسي شكلته ما يسميه علماء معاصرون “بالدولة العضوية في العالم الثالث” .أن المقصود بالدولة العضوية هي دولة الاستقلال الوليدة التي تصدت أواسط القرن الماضي لمهمة ثلاثية تتمثل في بناء النظام السياسي وبناء المجتمع وبناء الاقتصاد .هذه المهمة التاريخية التي اعتمدت على نظريات “التنمية الدولتية” في ذلك الوقت شغلت بطبيعة الحال وسائل عديدة تفضي بالضرورة إلى الانزياح نحو مظاهر التسلط السياسي وهي وسيلة الزعيم والحزب القائد ومفهوم الوحدة الوطنية عبر احتكار إعادة التوزيع للثروة وتعيين منظمات التمثيل الاجتماعي .من هذا المنطلق نفهم تماما طبيعة المجتمع الذي انشاته هذه الدولة من حيث هو مجتمع مندغم في الدولة مشدود إلى العلاقات الزبائنية في مستوى طبقاته الوسطى والدنيا أما طبقاته العليا فهي طبعا ليست برجوازية حديثة يمكن أن تكون حاملة لمطلب الانتقال الديمقراطي كما حدث في دول المركز الغربي بل إنها في الغالب قوى ثرية أو منتمية إلى بيروقراطية الدولة مما يجعلها بطبعها محافظة شديدة الارتباط بأجندة السلطة الحاكمة .في ظل هذه الوضعية يبدو المطلب الإصلاحي على العموم مطلبا ناقص الإغراء أو محدود الأفق ويبدو السير به إلى أقاصيه دون إعداد الشروط اللازمة له ضربا من ضروب المغامرة يحول النضال الإصلاحي إلى نوع من أنواع الاستمتاع الوهمي أو الكفاحية الملحمية المورثة للإحباط والتراجعات ( لمزيد التعمق في طبيعة الواقع السياسي والاجتماعي يمكن العودة إلى الدراسة القيمة التي نشرها قسم الدراسات /اتحاد الشغل /الديمقراطية والتنمية والحوار الاجتماعي /الأستاذ الرديسي وآخرون….تونس أكتوبر 2006 ) إن فهم المبررات الحقيقية للتسلط وضمور أو فشل السير الجاد نحو الإصلاح هو وحده الذي سيسمح لقوى المعارضة الإصلاحية بتعيين مبررات الإصلاح ومضامينه وغاياته وصولا إلى آلياته وسائله بما يحول هذا المطلب إلى شعار مشترك تلتقي حول ضرورة التسريع به كل القوى الاجتماعية والسياسية بالبلاد وهو ما نهتم به في مقالات لاحقة
ملاحظة تونس نيوز
يعتذر الفريق عن الغفلة التي حصلت مما تسبب في نسيان إدراج المقالين المتبقيين بعد نشر المقال الأول ونحن إذ نرجو ان يتقبل إعتذارنا من صاحب المقالات الثلاث السيد الحبيب بوعجيلة خاصة وأنه لاول مرة يتواصل معنا وكذلك من السادة القراء فإننا نحيطكم علما أننا نضع على ذمتكم رابط المقال الأول للاطلاع عليه والذي تم نشره يوم 15 ماي عدد 3644
خميس الخياطي (*) ذات يوم في أحد شوارع العاصمة، مررت أمام عجوز متسول يختلف عن الآخرين لمحافظته ولو على قدر قليل من الكرامة، فمددت له ما قطفت يداي من محفظة نقودي. تعجب العجوز للقطعة النقدية وفرح بها، فشكرني بدعاء فريد قائلا:«الله يزيدك معرفة وثقافة»… أسرعت الخطى بعيدا عنه وأجبته دون أن يسمع: «إنشاء الله في راسك»… هي المرة الأولى التي استمع فيها إلى مثل هذا الدعاء وهي المرة الثانية التي أجيب فيها بمثل هذا الجواب، إذ كانت المرة الأولى مع صديق صحفي إذاعي سألني خارج التسجيل: «ما هي الدواعي لهرولتك وراء الثقافة؟» أجبته دون تفكير: «كم التعاسة التي من حولي»… تذكرت هذه الحادثة عند قراءة حديث لعالم الاجتماع التونسي الصديق الطاهر اللبيب المقيم ببيروت، يتعجب فيه من ميولات المجتمعات العربية لبعثرة جهود مثقفيها في زمن أصبحت فيه الثقافة ليست ترفا فقط، بل الخندق الأخير لمقاومة التسطيح الشائع وتشيئ المعرفة… وهو ما جعل أهل تونس يتندرون على من يفرط في التفكير بقولهم « هذاكا يخدم في مخو»… الأميّة المثقفة أعود إلى الأيام الأولى لإحدى سنوات الدراسة الابتدائية بتلك القرية من الشمال الغربي في منتصف الخمسينيات… أمام تزايد التلاميذ، قررت إدارة ما بعد الاستقلال الداخلي بناء مدرسة جديدة فصولها في الدور الأرضي، وفي الدور الأول إقامة المدير الفرنسي أصيل مدينة «سانت إتيان» السيد «موراتان» وعائلته اللذين تركا لدينا نحن، أهل القرية كما هائلا من الذكريات الحسان جعلت البعض منا يتعجب حينما قيل بأن بلادنا كانت «مستعمرة»… طبعا، شاهدنا الجيش الفرنسي يمر من القرية متجها إلى ما لا ندري ولكن لم نكن نخاف إلا من «سينيغاليته»، لا لشيء إلا لأن قريتنا لم تكن تعرف من السود إلا تونسيا واحدا وحيدا هو عامل البريد، ولم يكن بسواد بشرتهم الداكن… كانت المدرسة في قلب البساتين، تحيط بها أشجار التين والتفاح والتوت – الذي كان في يوم ما سببا في دخولي السجن ولم يتعد عمري 8 سنوات، وتلك قصة أخرى- وقريبا منها ساقية ماء صافية… ونحن نركض قبل دخول الفصل الأرضي، حدث أن دفعني أحد التلاميذ، ومن سوء الحظ سقطت محفظتي في ساقية ماء إلا أن الماء لم يحترم حرمة المحفظة، فأتى على ما فيها من مناهج ودفاتر، فأمتزج الحبر البنفسجي بالورق وشربت الكتب الماء وكانت النكبة كما لوحة للفنان «ميرو»… أمام الكارثة، ما كان للطفل الذي كنت إلا الاستسلام… فحكم علي القدر في شخص المدير أن أبقى «خبزا شائحا» بعد الدراسة، بمعنى ألاّ أعود للمنزل إلا مع الساعة السابعة ليلا… لا داعي لذكر الفضيحة التي سرت في القرية: «يا ناس، ولد فلان مربوط في المدرسة» ولم أتمكن حينها من جلب «قضية العشاء»… بقيت بعد الدراسة ألعب مع أحد أبناء المدير في شرفة إقامته بالطابق العالي… كانت المرة الأولى التي أرى فيها المدير وزوجته المعلمة يتعاملان بلطف مع ابنيهما لأنهما كانا لا يميزان بين التلاميذ في الفصل… كانت المرة الأولى كذلك التي أرى فيها سيارات صغيرة الحجم بألوان زاهية يلعب بها إبناهما… وكانت المرة الأولى أيضا التي استمع فيها إلى أصوات تأتي من الراديو وكانت صراخا وعويلا، ندبا وبكاء، نهيقا ونقيقا. فنفرت منها نفسي… وحينما حلت الساعة السابعة وأطلق سراحي، عدت إلى الواقع وما يترقبني بالمنزل… ولم أخطئ… كانت جدتي وراء الباب تترقبني وبيدها أنبوب مطاطي أسود نستعمله عادة لاستخراج الماء من البرميل… بين قوسين، لم أكتشف أن جدتي، رحمها الله، لم تكن تعرف القراءة والكتابة إلا في السنة الثانية أو الثالثة ابتدائي. كانت تطلب مني الكراس أو المنهج مفتوحا. وبصرامة وثقة في النفس تأمرني أن أعيد عليها ما حفظت من الدروس… وما أن يتلعثم اللسان ويتعثر إلا وتعيد إلي الكراس أو الكتاب آمرة : «برة عاود أحفظ»… فخلتها تعرف القراءة والكتابة وما كانت تعرفهما قط… ويوم اكتشفت الخدعة، كان شعوري بين الفخر والمهانة… أما الوالد، فأتذكر أنه صفعني في الأيام الأولى لدخولي المدرسة وأمام الناس لا لشيء إلا لأني لم أكن أعرف كلمة «فلفل» بالفرنسية… كان، رحمه الله، يتصور أن المعرفة نفعية أو لا تكون وإن لم أكن أعرف أسماء الخضار التي يبيع بالفرنسية، فالمسؤولية ليست مطروحة على المناهج المدرسية بل علي أنا… لا داعي لوصف الغضب والشرر اللذين كانا يتطايران من عيني جدتي وهي تفتح الباب المتهالك أصلا وتمسك بي كريشة يهزها الريح… لقد أكلت من الأنبوب المطاطي ما يأكل الطبل في الأيام والليالي السبع للأعراس القروية مضافا إليها أيام العيد… بت ليلتها بدون عشاء… تدخلت عمتي والجيران ولم ينفع تدخل هذه ولا هؤلاء… كانت جدتي، كما حملني والدي عدم معرفة كلمة فلفل بالفرنسية، تحملني مسؤولية سقوط المحفظة في الماء و تأخر تحضير وجبة العشاء ولم لا جوع العائلة لفترة طالت… الذاكرة الموشومة ومرت السنون وكتمت الذاكرة أثار العنف الطبيعي الذي نشأنا عليه، نحن أبناء القرى حيث من حق أي كان من المتساكنين أو الأقارب أن يصفعك من دون أن تدري ويأمرك إما بالذهاب إلى المدرسة أو بالعودة إلى الحوش… وأنت في الحقيقة لست بذاهب لتلك ولا عائد منها… إلا أن الحدود بين القرابة والجيرة، بين الداخل والخارج كانت شفافة لحد الذوبان… أن تكون في مكان ما، فيطلب منك من يرى في نفسه السلطة عليك، إما أن تخرج من الحوش أو أن تدخل الغرفة… أو العكس كذلك وكلهم يريدونك أن تقرأ أو أن تبقى حبيس المنزل لحين يأمرك بالخروج منه… وذات يوم من السنين الأولى في باريس، وكنت في مأدبة عشاء عند عائلة صديقة فرنسية… كانت على الطاولة جميع أصناف المأكولات والمشروبات الفرنسية والإيطالية لأن الصديق إيطالي الأصل ويتابع دراسته في الآداب الإنقليزية ويتهيأ ليختص في أدب «شكسبير»… ونحن حول الطاولة، قام صديقي ليغير الأسطوانة التي انتهى دورانها ووضع أسطوانة أخرى… ومرت برهة من الزمن قليل… وفجأة، جاء نغم فأعادني بعنف إلى ذاك اليوم المشؤوم، وانتفضت الذاكرة وفتحت صناديق «باندورا» ورأيت وجه ابن المدير والسيارات الصغيرة التي كان يلعب بها ولم أمسسها ومحفظتي بكراساتها التي طرحتها أرضا لتجف وباب منزلنا المتهالك و…الأنبوب المطاطي الأسود… تحكمت في أعصابي وقمت كمن يريد أن ينظر من النافذة إلى نفسه وهو يشق الشارع… وتوجهت لمديرة الأسطوانات 33 دائرة وأمسكت بالغلاف الأزرق أتأمله وأنا خائف من أن أهوى أرضا. فكانت أسطوانة أوبرا «كارمن» لـ»جورج بيزي» (1838/1875) التي أدت الدور الرئيسي فيها العملاقة «ماريا كالاس» والمعروفة بمقطوعة «الحب عصفور متمرد». فعلمت منذ ذاك الحين الكثير الكثير عن هذه الأوبرا… لم أكن أعرف أن ما استمعت إليه صدفة في قرية من الشمال الغربي التونسي بعد الاستقلال الداخلي هي إحدى أهم الأعمال الفنية الأوبرالية في العالم والتي سترتبط إلى الأبد في ذاكرتي الموشومة بالأنبوب المطاطي الأسود وبالألم المخفي الذي تركه داخلي… رحم الله جدتي، لقد مكنتني، دون أن تدري، من أن أتذوق جنسا فنيا لم أكن أتصور وجوده قبل أن تسقط محفظتي في جدول ماء صاف… (*) إعلامي تونسي (المصدر: “الصباح” (يومية – تونس) بتاريخ 21 ماي 2010)
دعم وزارة الثقافة للإنتاج السنمائي التونسي: وين فلوسك يا عمار .. في الصفيحة والمسمار
نشرت جريدة الصباح بتاريخ 20-05-2010 وعنها نقلت نشرية تونس نيوز تصريحا للنوري بوزيد تحدث فيه عن فيلمه الجديد “ميل فوي” وعن الدعم الذي ينتظره من وزارة الثقافة والذي لن يرضى بأقل من مليار من المليمات. وبصفتي مواطن في هذا البلد يهمني كبقية المواطنين التساؤل حول الوجهات التي ينفق فيها المال العام والمعايير التي على أساسها يتم منح هذه الأموال، رأيت من واجبي طرح بعض التساؤلات ومناقشة ما تم نشره وتبيان منزلته من المصلحة العامة وبالتالي أحقيته بالدعم المالي من عدمه . – يقول النوري بوزيد”لا..لن يكون هناك «مايكينغ أوف» هذه المرة, ولكن موقف النوري بوزيد من مسألة الحجاب سيكون جليا من خلال المضمون الذي سأعرضه في هذا العمل.” فهل تقديم دعم بمليار من المليمات لشخص من أجل أن يقدم لكل التونسيين وجهة نظره حول موضوع ما يعتبر من المصلحة العامة؟ – يقول النوري بوزيد “فقد أضعت فرصة التواجد في «كان» للترويج لمشروعي عله ينال الدعم الأجنبي الضروري” ثم يقول”أرفض التمويلات الأجنبية المشبوهة, فالنوري بوزيد لا ينتمي الى أي من الأحزاب أو «اللوبيات» التي ستتحكم في مضمون أعماله” فهو هنا يريد إقناعنا بأن الكرم الحاتمي للغرب والذي يعيش أزمة مالية واقتصادية لا يتوانى في دعم مشاريع النوري بوزيد السنمائية دون قيد ولا شرط ومهما كان الموضوع. – موضوع الفيلم يتمحور حول الحجاب وبالأساس نظرة النوري بوزيد لهذه المسألة بعد أن أتحفنا بريح السد ومايكينق أوف وأسكت عيب الذي رفض لضعف السيناريو وهي كلها تتمحور حول هواجسه و ومشاكله الشخصية فهل أن قضية الحجاب في تونس وما تشهده المحجبات من معانات وإكراه من أجل خلع غطاء الرأس أو تحويره وبالخصوص داخل المؤسسات الحكومية دفع بالنوري بوزيد لتصدر الدفاع عن حقهن الشخصي والدستوري في لبس ما يردن ما دام لا يخدش الحياء والذوق العام أم هو انخراط في جوقة العنصرية الجديدة لبعض الدول الغربية والتي جعلت من كل رمز يشير للإسلام والعروبة عدوّا لها، ليقل بوزيد ما يشاء ولكن لا بأس أيضا أن يطلع التونسيون على رأي العلماء والمشائخ ودار الإفتاء وهيئة المجلس الإسلامي الأعلى في مسألة الحجاب بعيدا عن كل توظيف سياسي أو حزبي أم أن الأولوية لتجار الفن ومحترفي الأفلام ذات المنحى الربحي والتجاري الصرف. – يقول النوري بوزيد حسب ما ورد في الصحيفة أنه يحتاج لدعم بمليار ويلمح لوزارة الثقافة بأنه لن يقبل بأقل من 500 ألف دينارا وهو يعلم أن وزارة الثقافة خصصت 3 مليارات لدعم 8 مشاريع فبأي صفة يطالب هو بنصيب الأسد ثم المال هو مال راجع للمجموعة الوطنية فهل استشارها في ذلك؟ -أن تدعم الوزارة العمل السنمائي وتساهم في تطويره هذا من صلب نشاطها ولكن في مواضيع تنعش الذاكرة الوطنية وتبعث فينا الاعتزاز بالوطن وبأمجاده ورجالاته مثل الحركة الوطنية ومقاومة المستعمر الفرنسي والحصول على الاستقلال وطرد الغزاة الأسبان والجلاء عن التراب التونسي وسيرة بعض أعلام تونس مثل الثعالبي وأبو القاسم الشابي ومحمود الماطري وبيرم التونسي وابن خلدون ومحرز ابن خلف وعلي بن غذاهم وخير الدين باشا وغيهم كثير… – إن مثل هذا النوع من الدعم تحت يافطة النهوض بالقطاع السمعي والبصري لوجوه وأشخاص لازالت هي نفسها مهيمنة على دواليبه خبر التونسيون وحفظ عن ظهر قلب أفكارهم وتوجهاتهم التي يدل عليها انتاجهم كان الأولى صرف هذه الأموال على مؤسسات التنشيط الثقافي ومعاهد المسرح مثل درمش وبير الباي وغيرها حيث يشتكي الطلبة من الحرمان من السكن وانعدام المنحة ومصاريف المواصلات وانعدام التجهيزات التقنية علما وبعملية حسابية بسيطة يمكن بالمليار الذي يطالب به النوري بوزيد توفير منحة جامعية لمدة 12 شهرا بقيمة 50دينارا شهريا لأكثر من 1650طالبا، فما بالك لو أضفنا لهذا المبلغ بقية الثلاثة مليارات عندها يمكن أن نتحدث عن الاستثمار في المجال الثقافي – إذا كانت الدولة متجهة نحو الخوصصة في جميع الميادين وكل سنة تضع جدولا لمزيد التفويت في المؤسسات الرابحة من العام إلى الخاص يحق لنا أن نتساءل حول جدوى ضخ الدولة عبر وزارة الثقافة جزءا من المال العام في مشاريع يشهد الجميع بتأخر تونس وعدم قدرتها عن المنافسة المصرية والسورية والهندية والعالمية وهو ما يجعل مردودية العمل من حيث توفير دخل من العملة الصعبة ضعيفا جدا. – في الأخير مسألة الحجاب في تونس والجدل الذي صاحبها إنما هو نتاج قرار سياسي في ظرف سياسي وليس خلاف إيديولوجي أو إسقاط من خارج الهوية العربية الاسلامية لتونس وهو تمظهر لمنظومة القيم الأخلاقية يتغير في الشكل ولكن الجوهر واحد وهو العفة والحياء أما من يريد أن يجعل منه مشكلة العصر فهي مشكلته هو حتى لا أقول سعيه وهرولته لمشاركة الغرب في نزعته العنصريته بإثارة زوبعة الفتن والقلائل تجاه الجالية الاسلامية التي قامت على أكتاف وسواعد أجدادهم وآبائهم الحضارة والمدنية الغربية الجديدة حيث أكلوهم لحما ويريدون رميهم عظاما.
الحبيب ستهم
السادة المستمعون٬ فاصل…”قصير“!!! ثم نعود بعده….للوطن
حاولنا أن نعيش في ارض غير أرضنا٬ وتربة غير تربتنا٬.وفضاء يختلف تماما عن فضاء أوطاننا٬ لكننا وبدوافع فطرية بالأساس٬ صعب علينا ”الثّبات“ بعيدا عن الوطن وأهل الوطن وهامة الوطن…ونسيم الوطن. عاد الحنين وعاد اليقين وهذا اليمين منّي٬ يا وطني٬ أنّي عائد…عائد….عائد٬ بعد قليل٬ بعد يوم٬ بعد يومين ….﴿يوم الثلاثاء 25 مايو2010 على الخطوط الوطنية التونسية إن شاء الله﴾ وجيل. اليوم 17 مايو وبحمد لله قد حصلت على جواز سفري وكما أني افخر دوما واعتزّ بانتمائي إلى هذا الوطن٬ فإنّني أيضا٬ افخر اليوم باستكمال هويّتي. فالجواز – كوثيقة سفر- يعد مكسبا و مغنما لا في طبيعته المادية الورقية فحسب وإنما تبرز قيمته أكثر في صبغته النفسية والروحية التي تجعلك تشعر بالولاء بقوة إلى وطن بعينه والانتماء إليه باعتباره المكون الأساسي في تشكيل هذه الهوية. ويزيد من شدة هذا الفخر والاعتزاز تجند العديد من الوطنيين العاملين في التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية و الأصدقاء٬ ليجعلوا من مطلب عودتك الآمنة والكريمة شيئا ممكنا وواقعيا بما يدحض عديد الادعاءات والقصص التي تصور هؤلاء في أبشع صورة…وهذا مكسب وطني ثان مكسب أن أرى من إخواننا وأحبائنا حرصا دءوبا وعملا متواصلا ونشاطا جليّا في تسوية أوضاع المغتربين٬ وأتوقّع أن يشكّل هذا السّلوك المتحضّر والتعامل الرّصين لطاقم الدبلوماسية بقنصلية بونتان٬ وبعض الإخوة الغيورين على بلدهم وأبناء بلدهم٬ دافعا قويّا لمن يجول في خاطره حبّ وطنه٬ ويتمنّى العودة إلى أرضه وأرض أجداده بكرامة وأمان٬ ولا يزال مترددا أو له بعض الشّكوك في نيّة تطبيع أوضاع كل التّونسيين٬ أن يتوجّه للدّوائر المعنية مباشرة عن طريق القنوات الرسمية المفتوحة والبعد عن المزايدة والملا سنة٬.فانتماؤنا و ولاؤنا واحد٬ والحفاظ على البلاد ومكاسبه والدفاع عنهما واجبنا جميعا. وإذا كانت حكمة الله الماضية فينا٬ قد قضت أن نكون مُستخلفين في الأرض……….أنا وأنت والآخرين……﴿بمعنى الإنسان﴾٬ فالإنسان محور القيمة٬ والذي لا يعي قيمته في هذا الوطن لا يمكن أن ينجز أي قيمة لدى الآخرين٬. و من لا يغضبه أن لا تكون له قيمة فبطن الأرض أولى له من ظهرها٬ وتبقى قيمته بمقدار ما ينجزه. فيا أخي و يا ابن بلدي….. عد للوطن الحاضن٬ لا للفئوية والحزب٬ عد لخدمة النّاس٬ لا سيدا على النّاس٬ عد كما عاد الفاتحون بالفتح واسهم بما أسهم المبدعون٬ وكن عونا لإخوانك لا عليهم. أما أنا٬ فسأكون اسعد النّاس إذا اكتملت فرحة المنتظرين للعودة٬ وحصل جميع هؤلاء على جوازاتهم وعادوا إلى تونس٬ وطن عزيز…غال…ومتّسع لكّل التونسيين مهما اختلفت آراؤهم. ولتبقى تونس نهر حب…ونبض قلب ….حاضنة لي٬ ولك ولمن تغنّى بها…..إلى ابد الآبدين. محفوظ البلدي باريس – فرنسا
في العودة : الحقيقة الإنسانية و الوهم السياسي
العودة إلى الأصل فضيلة , و العود أحمد , و العودة إلى حضن الوطن نعمة من الله و فضل و عودة للروح التى أعيتها الغربة و أنهكها النأي و الفراق و الشوق والحنين إلى مراتع الصبى و مرابع الشباب المبكر و ذكريات الأهل و الأصحاب … من منا لا يعتصر قلبه , ولا يجد في حلقه غصة و في قلبه كدمة وهو يذكر تونس الخضراء : أبا فارقه كهلا يرى صورته و يسمع صوته اليوم شيخا تقدمت به سنين العمر , والدة حملته وهنا على وهن تراه يكبر بين عيونها ذخرا لأيام الشيب و العجز و ذات ليلة حا لكة يتسرب بين يديها و يستحيل مجرد صوت يحمله الهاتف لا يزيدها إلا حرقة أودت بالكثيرات إلى مثواهن الأخير و أحالت المتبقيات إلى قوائم العجزة و أصحاب الأمراض المزمنه , أخا و أختا تركهم أطفالا و صبيانا في ساحات اللهو و اللعب وها هو يسمعهم أو يسمع عنهم رجالا و نساءا يتحسرون عليه مغتربا أبديا لا يعود و لا يطل … تونس الخضراء : ولدا أو بنتا تقول له مذ ولد : يا وليدي إحنا توانسة . و هو يسألك و يسأل نفسه مذاك لمذا يحمل جنسية بلد لم يعرفه و لا يزوره أهله … من منا أيها المغتربون لا يحرقه كل ذلك و غيره … من منا نجا من ندوب الغربة و لم تحفر في أعماقه خطوب الفراق و لوعة الأشواق يكابدها عيدا بعد عيد و عرسا بعد عرس و ميلادا بعد ميلاد و مرضا بعد مرض و عزاءا بعد عزاء … كل هذا و كل المسكوت عنه يجعل من العودة إلى الوطن أو قل زيارة الوطن فضلا و فضيلة , و إن فتح للعودة بابا فلا ضير أن يسعى إليه , و إن فتح شباك فلا عيب أن يوقف أمامه , و إن فتحت كوة فلعلنا منها نطل على الوطن . إن درس الغربة الأول الذي تعلمناه هو أن لا بلد يشبه بلدك فضلا على أن يكون له مثيلا , حتى ولو كان أناسه ينطقون بلسانك و يدينون بدينك , لا شيء يعوض أهلك و ناسك و تربة بلادك مضمخة بذكرياتك و أنفاسك و معلقة فيها أعماقك ,,, العودة إلي تراب الوطن من الأماني الغالية لكل مغترب محروم لسنين طويلة و لابد للأماني الغاليات من ثمن , و لابد لها من مهر , فإذا ما كانت السياسة لها بدلا كفؤا فإنها لعمرى تجارة رابحة لمن تعلم درس الغربة , ووعى درس السياسة الملتحفة بكل مقدس سعيا للسلطة لترميه على أول درجات العرش تدوسه بأقدامها … ليس هناك في السياسة شياطين و ملائكة , كل الذين إحتشدوا في صنف الملائكة و عارضوا تحت صيحات التكبير فضحتهم شياطينهم على كراسي السلطة في العراق و في السودان و تحت قباب البرلمانات في بقاع أخرى و لن يكونوا إلا كذلك لو قدر لهم أن يكونوا في تونس أو غيرها … ذلك أن المحكوم بالفشل هو المشروع لا الأشخاص و فيهم بالتأكيد مخلصين و فضلاء كثر . . . ليس أسهل على المرء _ إلا من أدمن فكان مريضا _ من أن يعتزل السياسة و يعلق على باب عقله أن لا سياسة بعد اليوم , في حين أنه ليس أمر على المرء من أن ينتزع من وطنه أو ينتزع منه وطنه تحت أي عنوان كان . و لأن الوطن هو أنانا التي نقف بها قائمين و تمثل شرطنا الإنساني كبشر , كجزء أصيل من هويتنا الأدمية في حين تبدو السياسة و التحزب و أدلجة المأسي الإنسانية هي أقرب إلى مملكة الحيوان , فإنه من نافل القول أن نرمي ببقايا الجنائز الأديولوجية في مقابر التاريخ و نصفي رئانا من دخان السياسة و ننفض عن عقولنا غبار البيانات و المعارك الوهمية , و حسابات الغنائم و الإنتصارات و الهزائم الخيالية … إنتهى المشروع منذ سنين طويلة حينما كان مزهوا بغرور الطفرة و توجه أو وجه إلى القفز على كرسي السلطة بدل المشاركة في بناء المجتمع , و حينما أصر على خطاب العنترية _ وحاشا لعنتر فقد كان بحجم خطابه _ في إدارة الصراع السياسي قذف بنفسه خارج اللعبة السياسية الحقيقية فكان أن إستبدل ذلك بوهم التحالفات الكرتونية محاولة لصناعة جعجعة توهم بالبقاء على قيد السياسة و لو بالوقوف بيافطات التخوين على مطارات أروبا لأي لاجئ أعيته الغربة و وهم السياسة فإختار الوطن , لا لأنه جنة و لكن لأنه وطننا .
خالد الغرايري .بريطانيا
تصحيح مقاصد المكلّف:النية أوّلا -1/5
الصحبي عتيق*
تمهيد:
خلق الإنسان للفعل وركبت طبيعته على أساس المكابدة والمشقة والجهد والكد الكفاح والكدح- “لقد خلقنا الإنسان في كبد”( البلد/ 4) فمنذ اللحظات الأولى للوجود يبدأ الكبد والكدح والنصب، يبدأ الجهد الأشق والكبد الأمرّ.
وهكذا تفترق الطرق وتتنوع المشاق، هذا يكدح بعضلاته، وهذا يكدح بفكره، وهذا يكدح بروحه، وهذا يكدح للقمة العيش وخرقة الكساء، وهذا يكدح ليجعل الألف ألفين وعشرة آلاف… وهذا يكدح لملك أو جاه، وهذا يكدح في سبيل الله، وهذا يكدح لشهوة ونزوة، وهذا يكدح لعقيدة ودعوة، وهذا يكدح إلى النار وهذا يكدح إلى الجنة، والكل يحمل حمله ويصعد الطريق كادحا إلى ربه فيلقاه- “يا أيها الإنسان إنك كادح أإلى ربك كدحا فملاقيه”(الانشقاق/ 6) إنه الكبد طبيعة الحياة الدنيا، تختلف أشكاله وأسبابه ولكنه الكبد في النهاية، والإنسانية- بمجموعها- تكدح نحو الله سبحانه وتعالى، مما يعني السير المستمر بالمعاناة والجهد والمجاهدة، لأن هذا السير ليس سيرا اعتياديا، بل هو سير ارتقائي، هو تصاعد وتكامل، سير تسلق. فهؤلاء الذين يتسلقون الجبال ليصلوا إلى القمم يكدحون نحو هذه القمم، يسيرون سير معاناة وجهد، كذلك الإنسانية حينما تكدح نحو الله فإنما هي تتسلق إلى قمم كمالها وتكاملها وتطوّرها إلى الأفضل باستمرار (انظر محمد باقر الصدر: مقدمات في التفسير الموضوعي للقرآن). واليُسْر في أعماق الشدّة ومقارن للمكابدة والعُسر- “فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا” (الشرح /5، 6) فالعسر لا يخلو من يسر يصاحبه ويلازمه، واليسر مصاحب للعسر، يرفع إصره ويضع ثقله. فالشدائد والمشاكل مقدمة للكمال والتقدم، وإن للفيلسوف الألماني هيجل كلاما دقيقا في هذا المجال، هذا نصه: “النزاع والشر ليس خيالييْن ولا سلبييْن وإنما هما أمران واقعيّان ويشكّلان سُلما للخيْر والتكامل.”
فالوجود الإنساني يتحدد إذن بفعاليّته في العالم، وبمعاناة الإنسان ومكابدته وكدحه يتسلق دروب التكامل والتقدّم نحو الله- “يا أيّها الإنسان إنّك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه”- لغة الآية لغة التحدّث عن واقع ثابت وحقيقة قائمة وهي أنّ كلّ سيْر وكلّ تقدّم للإنسان في مسيرته التاريخيّة الطويلة الأمد هو تقدّم نحو الله. لكن هناك فرق بين تقدّم مسؤول وتقدّم غير مسؤول. وحتى يكون التقدّم مسؤولا من جهة، وأكثر وضوحا في الذهن والواقع، وأشدّ ثباتا، وأعظم اندفاعا وتواصلا. لا بدّ من وضوح الهدف ومن تعلق الهمّة بالله وحده، والكفر بكلّ الآلهة والأرباب من دونه، لا بدّ من وجود الباعث الأخلاقي وانطلاق الدافع من داخل النفس التي تبتغي رضاء الله وتحقيق القرب منه سبحانه قرب مكانة لا قرب مكان. فمهمّة الإنسان في الأرض، إذن، أن يبتكر فيها وقائع موضوعية ممكنة ودوره الأخلاقي أن يطوّع هذا الابتكار لفكرة الخيْر، حتى يجعل الدّنيا من مرحلة إلى أخرى أكثر كمالا. وإنّ الوضع المبدئي للواجب يقتضي عملا كاملا، يلتزم به الإنسان بكليّته ويمتزج فيه العنصر الأخلاقي بالمادي، والملكة التي تبدع وتنظم بالقوّة التي تحقق. ويتلاقى فيه العقل الذي يفكّر، والقلب الذي يخلص، واليد التي تعمل.
1) إنما الأعمال بالنيات:
تناول الإمام الشاطبي – صاحب كتاب الموافقات- مقاصد المكلف ضمن تناوله لمقاصد الشريعة وجعل موضوع النية تمهيدا للقواعد التي ستعقبها فقال في خلاصة جامعة:(كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شُرعت له فقد ناقض الشريعة، و كلّ من ناقضها، فعمله باطل…)(الموافقات) لذلك ذكر الفقهاء تفصيلات كثيرة في التفريق بين ما يمكن إشراك النية فيه وما لا يمكن، وأثاروا قضايا مهمة في التفريق بين من يريد التوجه إلى الله حقا وصدقا، وبين من يعدّدون النوايا للفعل الواحد، أو يعدّدون الأفعال بالنية الواحدة، ومن لا يريد ذلك. فكل عمل اختياري يفعله العبد لا بد له من نية باعثة على هذا العمل , و أن صحة هذه الأعمال وفسادها , وقبولَها وردَّها , والثواب عليها وعدمه لا يكون إلا بالنية لأنّ الميزان الرباني في تقييم العمل البشري، هو العمل القلبي وسريرة الإنسان بشكل أساسي، حتى غدا موضوع النية، في الفقه الإسلامي وعلم السلوك، من الموضوعات التي تدخل في كل باب من أبواب الفقه والتشريع والآداب والتربية والتوجيه، وفي كل فصل من فصوله.. ويندرج تحت هذا الأصل العظيم، الذي يتضمنه الحديث جملة من القواعد والضوابط القانونية والفقهية، أضحت من المسلمات في النظم الإجتماعية والمنظومات الفكرية والقانونية خصوصا، ومن هذه القواعد والضوابط، قولهم “لا ينسب لساكت قول”، و”الأمور بمقاصدها”،و”نية المرء خير من عمله”، وما إلى ذلك من الضوابط والمقرَّرَات.
وهكذا تحتل النية مركزا مرموقا في التصور الإسلامي على ما جاء على لسان النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ منكم ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه” (البخاري ومسلم). ولعل لفظ الهجرة الوارد في الحديث الذي يعني اللجوء والاحتماء والغائية، يعبّر في مثل هذا الموقف عن معنى الهدف والغاية ، وكلما كانت النية مدققة كلما كان العزم أدعى لاستجماع كل الطاقات واستفراغ الجهد والإبداع في العمل ممّا يفتح على النفس باب النجاح في الفعل والظفر بتوفيق الله “إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما”( النساء – 38)
وهكذا نلتقي بالنية التي تمنح العقل حق الحياة (محمد عبد الله دراز: دستور الأخلاق في القرآن) وتجلب إليه ما يناسبه من القيمة، والنيّة في دلالتها اللغويّة تعني النهوض والنظر البعيد، فهي تعني الفاعلية بقصد وهدفيّة. ولئن كانت الفاعلية جزء من التركيبة الإنسانية، فإن القصديّة والهدفيّة جزء من تركيبة الأمّة الإسلامية. هذه الأمّة التي أريد منها أن تتحمّل الرّيادة الرساليّة في العالم فتنبعث للناس بوحي الله وهدْي رسوله آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، محرّرة للشعوب وسائر الطاقات المعطلة، حتى تنطلق من معاقلها للإبداع ودفع مسيرة التكامل- “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”-( آل عمران 110) كما أريد من هذه الأمّة أن تتولى الشهادة لله على النّاس وتلفت انتباه العقل البشري إلى موقف العدل ودفعه، للتطلع إلى الكمال،.. إلى الله- “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” (البقرة-134) وخاصّة القصديّة والهدفيّة سارية في سائر أفراد الأمّة المدعوّين في القرآن على لسان لقمان وهو يعظ ابنه بالقصد في كل حركة- “واقصِد في مشيك”( لقمان- 19) وهم الذين يحملون حملا عينيّا أمانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (علي جريشة: أركان الشريعة الإسلامية) كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان” (رواه مسلم). …يتبع —————————– *كاتب وباحث من تونس
(المصدر: “العرب” (يومية – قطر) بتاريخ 21 ماي 2010)
مرايا الكتاب.. طوق النجاة (3 من 3)
د. احميده النيفـر (*) هل يهدد خطاب الصورة وثقافتُـها مستقبلَ الكتاب وثقافة القراءة؟ للإجابة ينبغي أن نستحضر عدة عناصر يتعلق أوّلها بحالة التشكّل الحضاري الجديد الذي تعيشه الإنسانية منذ ما يزيد عن عقد من الزمن. بهذا الخصوص لا يتردد عدد من الباحثين والمفكرين في التأكيد على أننا بصدد المرور المتسارع من طور حضاري إلى آخر مختلف بفضل الثورة المعلوماتية التي تحتل الرقمنةُ فيها بمعية الصورة محلاّ رفيعا. جسّد هذا التغيير الغلاّب « طوفانُ المعلومات» بما يعتمده من قدرة رقمية تبرز الصورة فيه كأحد أهم مقوماته وأحد أبرز أسبابه. من هنا، يمكن أن نفهم اختيار القائمين على ندوة عُقدت في مكتبة الإسكندرية أخيرا موضوع الثورة المعلوماتية باعتبارها أحد ثلاثة محاور كبرى تمثّل أهم التحديات التي تواجه العرب في سعيهم إلى دخول هذا العالم الجديد الذي يشكّل مجالات الحياة الإنسانية المختلفة. لقد أضحت الصورة تملأ حياتنا من كل جانب، تجدها زاحفة في المنازل ومواقع العلم والتعلم إلى جانب فضاءات السفر ومنتجعات الراحة، هذا فضلا عن ليل الشوارع ونهارها. هي حاضرة عبر صور التلفاز الموجه للكبار والصغار وعبر شاشات الحواسيب الشخصية المحمولة والهواتف الجوالة التي تقضم مساحات هائلة من خطاب الحياة الأسرية والمجتمعية معبرة عن أزمة عميقة في التواصل مغيرة لمعنى تنمية الإنسان والحياة. في الشارع تتضخم ثقافة الصور حيث تغدو جدران المدن والقرى بشوارعها موطنا لا تخطئه العين للملصقات الإشهارية بما تستعمله من استراتيجية اتصالية و ما توظفه الصورة من نسيج سيميلوجي يأسر ويوجّه. من جملة هذه المؤشرات يتأكد أن مجال الاتصالات قد مكّن للصورة أن تقتطع جانبا هاما من التأثير الموجه لحياة الأفراد والمجتمعات. من هذا العنصر الأول الذي يعلن عن ولادة مجتمعات المشاهدة وثقافة الصورة يبرز عنصر ثان متعلق بطبيعة الصورة ذاتها ودلالتها الثقافية والنفسية. في هذا المستوى ينبغي إدراك الفرق بين أثر الصورة وأثر الكلمة المكتوبة. تقوم الصورة المعروضة بتحديد المجال الذي يراد للناظر إن يتجه إليه قصد ترويضه ذوقيا و تسييره فكريا وقيَميا. ذلك يتم بفضل ما يحذقه فن الصورة من تنقيته للعناصر المرئية و ما يستطيع تضمينه من رسائل وإيماءات تُنتج استيهامات لدى الناظر المتلقي. ثقافة الصورة تصبح بذلك أقرب إلى التلقين من العرض الحافز على التفكّر الواعي و حسن الاختيار. أهم ما في ثقافة الصورة هو أنها في تحديدها لمجال النظر تختزل الواقع في منحى مقصود يفتح الباب للتخيل، لذلك يصدق عليها وصف أحد الباحثين حين قال إنها لا تكذب ولا تقول الحقيقة. أما القراءة فإن لها شأنا آخر. هي في جوهرها عملية بناء يقوم بها القارئ ذاتيا من خلال ما يفتحه خطاب الكلمة المكتوبة من آفاق. في ثقافة القراءة يوجد مقول الكاتب و معه قراءة القارئ الذي يتوصل إلى المعنى باستصحاب ما لديه من فكر ومعطيات وتساؤلات. بتعبير آخر في خطاب الكتاب توجد وجهة نظر صاحبه التي يريد أن يبلغها ممثَّلة في بناء فكري تحملها رؤية مصاغة في تعبير استدلالي. لكن مع هذه المواد والمفاهيم التي يقع إيرادها في النص من أجل إثبات علاقات معينة يوجَد القارئ الذي يتلقى الفكرة معيدا تركيبها حسب ما يستخلصه من النص ومختارا لنفسه فهما ورؤية خاصين به. لهذا فإنه إذا كانت ثقافة الصورة تقوم على استحضار للانفعالات لتنتهي من ورائها إلى أن يُحجم الناظرُ عن التدبر و التفكير فإن ثقافة الكتابة على عكس ذلك تحقق قدرا هاما من الاختيار والبناء. عند المقارنة يتبين إن ثقافة الكتاب قائمة على علاقة بين طرفين لهما ذات الحصانة والنديّة بينما آلية التواصل في ثقافة الصورة تقوم على قدر من كبير من انتهاك مكانة المتلقي و تراجع وعيه لكونه يصبح طرفاً منفعلا فقط. يبقى في النهاية عنصر ثالث يعين على فهم مستقبل الكتاب وما يرسيه من خصوصيات عقلية ونفسية ومجتمعية. يرتبط هذا العنصر بعلاقة الثقافة الصاعدة للصورة بمستقبل النخب في البلاد العربية. هذا ما يؤكده الباحث والمفكر السعودي عبد الله الغذامي حين يعتبر أن أثر ثقافة الصورة على المجتمعات الإنسانية سيكون حاسما في تغيير قوى التأثير الاجتماعية. هو تحوّل مهمّ لن يبقى معه للفلاسفة والأدباء والعلماء دور ريادي أو قيادي للثقافة والمجتمع نتيجة ظهور قوى جماهيرية قيادية أخرى تعوضهم مع ضمور ثقافة النص والقراءة وما تتطلبه من مكابدة و تدبر ونقد. ثورة الصورة عند الغذامي تفضي إلى سقوط النخبة وبروز الشعبي الذي يعني سرعة تأثر الناس وتغيّرهم بشكل جماعي وبتوقيت واحد. من ثم تتزايد مخاطر تفشي العنف واستشرائه رديفا لهيمنة الثقافة البصرية وما تجره من خطاب الانفعال والسيطرة وما تدعو إليه الحاجة بعد ذلك من إحكام الضبط والتسيير عبر انتظام شمولي قاهر. عند هذا الحد يصبح الكتاب طوقا للنجاة ورمزا للحرية بما يحققه الرهان عليه من توازن حيوي بين نوعين من الثقافة وبما تفضي إليه القراءة من بناء ذاتي للفرد بثقافة المجتمع المتفاعل مع قيم العالَم وإيقاعه. (*) كاتب وجامعي تونسي (المصدر: “الصباح” (يومية – تونس) بتاريخ 21 ماي 2010)
تونس في 14/05/2010 بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على افضل المرسلين بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل كاتب في الشان الوطني والعربي والاسلامي الوفاء من قيم المؤمنين الرسالة 803
لمسة وفاء لروح المناضل الحسين الحاج خالد السلامي التي أسندت إليه بطاقة رقم 1 للنضال الوطني
في مثل يوم 12 ماي عام 1987 عيد الفلاحة والجلاء الزراعي رحل المناضل الكبير الحسين الحاج خالد السلامي عن الدنيا الفانية الى الدار الباقية وذلك عن سن تناهز 54 سنة. حيث ولد المرحوم في ديسمبر 1933 بقرية الحنشة من ولاية صفاقس وتاثر بنضال والده المرحوم الحاج خالد السلامي الذي كان عام 1946 رئيسا لشعبة الحنشة وبعد ان احرز التلميذ الحسين الحاج خالد على شهادة الابتدائية في الحنشة انتقل عام 1946 الى المعهد الثانوي بصفاقس لمواصلة تعليمه الثانوي بصفاقس. وعندما وجد الكبت وعدم الحرية والظلم والطغيان والخصاصة والحرمان من ابسط مرافق الحياة من طرف السلطات الاستعمارية تحمس وتسلح بسلاح الإيمان وثار في وجه الاستعمار الفرنسي الغاشم مثل المناضلين وانضم لإخوانه الشبان الدستوريين في سن مبكر عام 1948 وشرع في توزيع المناشير السرية التي يسهر على كتابتها الحزب وقادته وأبطاله وقام بالمشاركة في المظاهرات ضد سياسة الاستعمار حتى أصبح عضوا بارزا مؤثرا في الحياة الشبابية. وفي عام 1949 عندما زار المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة مدينة صفاقس المناضلةالقى التلميذ الناشط الحسين الحاج خالد قصيدة شعرية بالفصحى مجدا فيها كفاح الشعب التونسي والزعماء وقد أعجب بها الزعيم الراحل أيما إعجاب وأوصى بهذا الشاب خيرا. وفي عام 1951شارك المناضل الكبير في عدة لقاءات ومظاهرات واجتماعات كبرى باشراف الزعيم الشهيد الهادي شاكر. وكان الاخ الحسين الحاج خالد متاثرا بالزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله. وفي عام 1952 ألقت السلطات الاستعمارية القبض عليه ضمن مجموعة من الزعماء والدستوريين وزج به في السجن وهو في سن 17 سنة وكان اصغر سجين سياسي في الوطن وحكمت عليه فرنسا بالسجن لمدة 20سنة. وفي عام 1955 بعد الحصول على الاستقلال الداخلي أفرجت عليه فرنسا وأطلقت سراحه بعد أن قضى 3 أعوام ونصف في سجن تونس والحراش بالجزائر. ومن عام 1956 إلى تاريخ وفاته تحمل رئاسة شعبة الحنشة الدستورية وأسس عشرات الشعب الدستورية بجبنيانة الكبرى وانتخبت عام 1956 كاتبا عاما لجامعة جبنيانة نظام لجان التنسيق حاليا وفي عام 1959 انتخبت عضوا بلجنة التنسيق بصفاقس وبقى يجدد انتخابه حتى عام 1987 تاريخ وفاته. وانتخب 4 دورات لعضوية المجلس الملي للحزب (نظام اللجنة المركزية حاليا) وساهم المناضل في نشر الوعي السياسي في ربوع ولاية صفاقس وكذلك ولاية المهدية وقام بجهود كبيرة لانجاز عشرات المدارس والمعاهد والمساكن وناضل من اجل تطوير الجهة اقتصاديا واجتماعيا وتربويا. وكان مثال المناضل الغيور الذي عاش لغيره نظيفا عزيزا لم يجر وراء المناصب وكان من السهل أن يصل إلى أي مركز هام في الإدارة أو في المجالس النيابية ولكن أتاح الفرصة لغيره ولم يفكر في الامتيازات. وقد رفض إسناده ضيعة فلاحية ورفض قبول صك مالي بـ 500 دينار عام 1987 عندما زاره الأخ المناضل الهادي البكوش مدير الحزب آنذاك وهو طريح الفراش ولم يقبل الصك وهو في اشد حاجة إليه لكن عزة النفس كانت اكبر وهو يحمل بطاقة المقاومة رقم 1 في الجمهورية التونسية. وفي الذكرى 18 لوفاته علم الرئيس بن علي بنجاح نجله الدكتور الحبيب السلامي فأذن سيادته بتتويجه وزكاه لرئاسة بلدية الحنشة في دورة عام 2005 وكانت لفة الرئيس بن علي لها أبعاد حضارية وفي عام 2010 وباجتهادات جهوية لا يعلمها الا الله وقد حصل لهذا الاجتهادات المفرطة انعكاسات وضغوط لسحب نجل المناضل ترشحه لست ادري لماذا؟ كيف الرئيس يكرم ويتوج ويعطف على ابناء المناضلين والآخرين لهم حسابات أخرى وطموحات وانشغالات للبروز وربما حتى الحلم للدخول لمجلس المستشارين ولا يتم ذلك حسب تصورهم إلا بإبعاد أبناء المناضلين. أردت ذكر هذه الصورة حتى نستيقض ونعطي الذكرى أبعادها ونكون أوفياء لروح المناضل الحسين الحاج خالد الذي دخل السجن في سن 17 سنة من اجل تونس والعلم التونسي و أن لا نرد الفعل مع نجله الطبيب الدكتور الحبيب السلامي وقد تزامن الضغط عليه في الشهر وذكرى وفاة والده وهذا لا يتماشى مع بيا ن السابع من نوفمبر1987 وتوجهات واختيارات الرئيس بن علي. حان الوقت لتحمل كل مسؤول جهوي أو وطني المسؤولية حتى تبقى شعلة النضال حية في قلوبنا بعيدة عن تصفية الحسابات. ولو كان المناضل الحسين الحاج خالد على قيد الحياة لقال للمسؤول الجهوي اتقي الله في هذا الوطن وبدون تعليق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ رحم الله الفقيد العزيز والله ولي التوفيق قال الله تعالى هل جزاء الإحسان إلا الإحسان صدق الله العظيم
محمد العروسي الهاني 22 022 354
العفو الدولية تدعو السلطات الليبية للتحقيق في وفاة المعارض فتحي الجهمي
5/21/2010 لندن- دعت منظمة العفو الدولية السلطات الليبية الجمعة إلى فتح تحقيق حول أسباب تدهور صحة المعارض البارز فتحي الجهمي ووفاته لاحقاً في العاصمة الأردنية عمان قبل عام. وقالت المنظمة إن سجين الرأي الجهمي توفي في 21 أيار/ مايو 2009 بعد احتجازه بصورة غير قانونية لأكثر من خمس سنوات، دون أن تكشف السلطات الليبية عن سبب وفاته على الرغم من الطلبات المتكررة من قبلها. وأضافت أنها اعتبرت الجهمي سجين رأي عام 2002، بعد اعتقاله بسبب مطالبته بإجراء إصلاحات سياسية خلال جلسة للمؤتمر الشعبي الأساسي الذي يعادل البرلمان المحلي في طرابلس، قبل إدانته والحكم عليه بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ في محاكمة غير عادلة وإخلاء سبيله في آذار/ مارس 2004، واعتقاله في وقت لاحق بعد أن كرر مطالبته بالديمقراطية. وأشارت المنظمة إلى أن الجهمي احتُجز في الحبس الانفرادي وحُرم من الزيارات المنتظمة من قبل عائلته وسُمح له فقط بالحصول على رعاية طبية غير منتظمة، على الرغم من أنه كان يعاني وقتها من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم ومشاكل في القلب. وقالت العفو الدولية إنها عبّرت مراراً وتكراراً عن قلقها للسلطات الصحية الليبية بشأن صحة الجهمي وحثتها على إطلاق سراحه فوراً ودون قيد أو شرط، لكنها بدلاً من ذلك احتجزته في المركز الصحي بطرابلس من ثم نقلته إلى عمان بعد تدهور صحته. وأضافت إن الجهمي خضع لعملية استئصال المرارة لكنه لم يستعد وعيه وتوفي بالمركز الطبي العربي في العاصمة الأردنية في 21 أيار/ مايو 2009، ونُقل إلى ليبيا حيث دُفن في مدينة بنغازي. وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن الجهمي تجاوز الخطوط بانتقاده العقيد معمر القذافي، وكان اعتقاله ووفاته المبكرة بمثابة رواية تحذيرية لدعاة الإصلاح في ليبيا. وأضافت صحراوي أن السلطات الليبية وبعد مرور عام على وفاة الجهمي لم تحقق بدقة في الظروف التي أدت إلى تدهور صحته ووفاته لاحقاً، ولم تجر أي محاسبة لاحتجازه غير القانوني، ودعت هذه السلطات إلى الكشف عن الحقيقة الكاملة لوفاة الجهمي، وتعديل القانون الذي يوجه عقوبات شديدة، بما في ذلك عقوبة الإعدام والسجن والمؤبد، لمجرد التحدث عن الإصلاحات الديمقراطية.
(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 ماي 2010)
نواب فرنسيون من الحزب الحاكم يتظاهرون في ‘كان’ ضد فيلم عن جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر
كمال زايت 5/21/2010 باريس ـ ‘القدس العربي’: يعتزم عدد من نواب حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (الحاكم) في فرنسا تنظيم مظاهرة صامتة في مدينة ‘كان’ اليوم الجمعة على هامش مهرجانها السينمائي الشهير. ورغم أن الهدف المعلن من المظاهرة هو تخليد ذكرى الفرنسيين الذين سقطوا في حرب الجزائر، إلا أن الهدف الحقيقي هو الاعتراض على فيلم ‘خارجون عن القانون’ للمخرج الجزائري ـ الفرنسي رشيد بوشارب الذي أثار جدلا حتى قبل عرضه. ورغم أن الفيلم الذي يشارك في مهرجان ‘كان’ السينمائي باسم الجزائر عرض رسميا في المنافسة، إلا أن الجدل الذي صاحب الإعلان عنه لا يزال متواصلا، خاصة بعد الحملة التي قادها النائب ليونال لوكا منذ الإعلان عن السيناريو، مبررا موقفه بما أسماه ‘المغالطات التاريخية’ التي تضمنها الفيلم، خاصة وأنه يروي أحداث 8 أيار/مايو 1945 بالجزائر التي راح ضحيتها ـ حسب الأرقام الجزائرية ـ 45 ألف قتيل نتيجة القمع الذي مارسته سلطات الاستعمار الفرنسي. وذهب هذا النائب إلى أبعد من ذلك بالتأكيد أنه حتى وإن كانت السلطات العسكرية الاستعمارية مارست قمعا في تلك الأحداث، إلا أن هذا القمع كان ردا على اعتداء قام به ‘مسلمون جزائريون’ ضد مواطنين فرنسيين! وجاءت مبادرة برلمانيي حزب الرئيس ساركوزي والتي يشارك فيها نواب من الحزب الاشتراكي (المعروف بمواقفه العدائية من الجزائر) بهدف التصدي للبعد الذي بدأ الفيلم يأخذه في المجتمع الفرنسي. وحسب أصحاب المبادرة فإن المظاهرة ستكون صامتة وتنتهي بوضع إكليل من الزهور تخليدا لذكرى الفرنسيين الذين سقطوا في حرب الجزائر. وسيشارك في المظاهرة الوزير الفرنسي المكلف بقدماء المحاربين هوبير فالكو، إضافة إلى مشاركة جمعيات ‘الحركى’ (الجزائريين الذين تعاونوا مع السلطات الاستعمارية ورحلوا إلى فرنسا بعد الاستقلال). وذكر بيان صادر عن النواب المشاركين في المظاهرة أن إعلان الرئيس ساركوزي عن إنشاء مؤسسة لذاكرة حرب الجزائر، لا يعني أن تاريخ الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر يجب أن يقرأ من زاوية واحدة فقط. وحتى وإن سعى وزير الثقافة الفرنسي فريديريك ميتران إلى الدفاع عن الفيلم، بالتأكيد على الطابع الروائي الجميل، ودعا إلى عدم تنظيم مظاهرة والعمل على تهدئة النفوس، إلا أن دفاعه كان عبارة عن ‘قبلة مسمومة’، لأنه قال ان الفيلم ليس له طابع تاريخي، مستشهدا بأن الكثير من الأفلام الأمريكية التي تناولت حرب فييتنام كانت مليئة بالمغالطات التاريخية. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 ماي 2010)
ماذا بعد النقاب؟
فيوليت داغر يحاول الباحث جاهداً ألا يغوص في معارك السطح ليبحر في عمق الحدث علّه يتمكن من الوقوف على ما ينطوي عليه من معاني والخروج باستنتاجات، خاصة عندما يراقب لسنوات عديدة أحداثاً بدت كحلقات في مسلسل كان له تداعيات كثيرة على النفوس والعقول. دوافعها لم تختلف لكن أماكنها وعناوينها تنوعت، بدءاً من حجب الحجاب على من تدثرن به في المؤسسات العامة بحجة مخالفته لروح الدولة العلمانية، إلى الترويج للرسوم الكاريكاتيرية المستفزة للمشاعر في الدانمارك باسم حرية التعبير، إلى الاستفتاء الشعبوي الذي أذن بمنع المآذن في سويسرا لعدم تقبلها عند الرأي العام، إلى استهداف المرأة التي ترتدي النقاب مؤخراً تحت ذريعة الدفاع عن حريتها هي نفسها، أو محاربة التطرف، أو لدافع أمني يتطلب كشف الوجه في عالم ينتابه عصاب الخوف من القريب والغريب. الأمر الذي يتيح لكائن من كان أن يطرح السؤال المشروع: ما السيناريو القادم وماذا سيكون بعد الذي كان؟ ففي حين يُصدر مثلاً البرلمان البلجيكي أحد أسرع قراراته القاضي بمنع تغطية الوجه سواء للمتظاهرين ضد العولمة أو للذاهبات إلى المسجد، ولا ينطق بكلمة عن المعتقد أو الإسلام أو حرية الملبس والاختيار والحركة، يصّر الرئيس الفرنسي -الذي للتذكير يمر بأسوأ انخفاض له في استفتاءات الرأي- على أن المعركة هي مع التطرف الإسلامي الذي يزداد خطره يوماً بعد يوم على قيم الجمهورية الفرنسية. فهل هناك حقاً تطرف إسلامي في أوروبا؟ وهل توجد مشكلة مجتمعية اسمها النقاب؟ وهل تتناسب الضجة المفتعلة حوله مع حجم الظاهرة وتأثيرها في المجتمعين الفرنسي والأوروبي؟ ألا يبدو التناغم شديداً مع تحركات جبهة الرفض لتشكيل جالية عربية ومسلمة ذات تأثير سياسي ومدني واقتصادي واجتماعي يتناسب مع حجمها في أوروبا؟ لنعد للوراء ثلاثة عقود ونيف من عمر وجودي في المنطقة الباريسية، عندما كان غطاء الرأس التقليدي هو السائد للنساء المغاربيات المتقدمات في السن خاصة، ولم يكن ما يسمى بالحجاب محسوباً بعد الإبن الطبيعي لصعود النشاطية الإسلامية الاجتماعية والسياسية. إلى أن جرى الانعطاف بعلاقة مع ظاهرتين: الأولى، صعود عام في التدين، لا يخص المسلمين فقط، عبّر عن نفسه بشكل واضح، من ناحية، في الجالية اليهودية التي تتشابه مع الجالية المسلمة في التعبير الخارجي عن تدينها، سواء بطقوس يوم السبت أو الكيبا (زي متدينين يهود) للأطفال واللبس المحافظ للمرأة وفتح أماكن تجارية لبيع المنتجات اليهودية “الكاشير”. ومن ناحية ثانية، بروز جماعات مسيحية تدق أبواب مساكننا داعية للعودة للنقاء والطهارة النصرانية الأولى، علاوة على الاهتمام بالفاتيكان والبابا. أما الظاهرة الثانية فكانت تدهور ظروف الحياة والعمل إثر الأزمة الاقتصادية في منتصف السبعينيات وإقفال الحدود وزحف البطالة وما ترتب عن ذلك من انحسار في العلاقة مع شبيبة خرجت لسوق العمل لتجد أفقاً تسده عليها رأسمالية متأزمة. ثم لا ننسى أن ذلك حصل بتناغم مع وسائل إعلام لا تنأى عن وصف أحياء المهاجرين بالصعبة ورؤية الأمر مدعاة للخطر على الجمهورية، بدءاً من بيع المخدرات وتعابير العنف وانتهاء بما يصور على أنه تطرف ديني. فشل المجتمع الغربي المستقبِل للآباء المهاجرين، في منح الأبناء فرص الكرامة عبر العمل وشروط الحياة المقبولة، كان له أن يفتح الباب واسعاً لكل أشكال الرفض لأنموذج أوصل المراهق المسلم للتعرف على قاضي الأطفال والبوليس باكراً. فأكثر من ثلث المراهقين عموماً يخرج في نهاية كل سنة دراسية دون شهادة أو تحضير جدي للحياة العملية. وقد كانت مطالبة بعض الأحزاب والجمعيات الفرنسية لأبناء المهاجرين بإحداث قطيعة قاسية مع أهلهم، كما كان لعدم احترام المجتمع الغربي للثقافات الوافدة وإتاحة المجال للتعبير عن نفسها أن يترك بالضرورة نتائجه السلبية على الشبيبة. فمن خلال نظرة الآخر له وضمن علاقة جدلية، يرى المرء نفسه ويكوّن صورة عن ذاته. الأمر الذي وضع الجيل الصاعد في مواجهة رد فعلية مع المجتمع الفرنسي، مقابل علاقة أكثر قرباً من الإسلام والدين الذي يطالب بإقامة العدل ومناهضة التمييز ورفض الظلم، فيما يشبه الإنعتاق الروحي الكفيل بتخفيف وطأة التناقض والتوتر بين مجتمعين متداخلين. ضمن هذه الظروف، كان لتصاعد وتيرة الأيديولوجيات العنصرية والمواقف العدوانية المناهضة للإسلام أن يخلق الأرضية الموآتية لإنتاج التطرف في قلب جماعات ذات بنيان هش تشعر بالتهديد والتهميش. وقد ذهب الأمر لأبعد مما يجب عندما غدا المسلم مسؤولاً عن ما آل إليه وضعه، وبات مصدر خوف لا يمكن الاطمئنان له إلا بعد إثبات ولائه ليس فقط للجمهورية، بل لمواقف الساسة ولجماعات الضغط الكبيرة في البلاد. لقد غطت السياسة الرسمية الفرنسية على فشل سياسة إدماج المهاجرين عندما اختزلتها بالاندماج الديني للمسلمين أنفسهم. ولا ننسى في ذلك مسؤولية من يعتبرون أنفسهم حماة قيم الجمهورية الفرنسية ويناصبون العداء من يرونه مهدداً لروحها، مقابل غياب مفكرين كبار ومتخصصين من وسائل إعلام ساهمت في خلق مناخٍ معادٍ للإسلام، عندما ركزت على صورة الإسلاموي الإرهابي والملتحي وجعلته الفزاعة وعممت الجزء على الكل واختصرت غنى وتنوع القضية ببعض الكليشهات. فإذا كان وجود المهاجر يسهم في تنمية مشاعر الخوف من هذا الآخر المختلف، فهو في زمن الأزمات يمكن أن يغدو مهدداً للهوية الوطنية في خطاب اليمين ومن يصطادون في الماء العكر ويعملون على تسويق عالم مطمئن وآمن. أصحاب الرؤوس الحامية يعمدون كما هو معروف لزرع الفوضى في الخارج وإشاعة الخوف منها في الداخل، وتحويله لنوع من الرهاب الجماعي بتغليب العواطف على العقل والمنطق. ولضمان استمرار تحكمهم بالسلطة ولسنّ التشريعات التي يريدون وتعزيز دولة الأمن بدلاً من دولة القانون وتغليب قانون القوة على قوة القانون، يلجؤون لتحريك اللاوعي وكوامن النفس البشرية بتحويل هذا الآخر وما “لا يمكن أن أكونه” إلى “ما لا أريد أن أكونه”. فتستكين الأنا للنحن، بما يسهّل الذوبان بالجماعة التي يفترض أن تتميز بقيمة إيجابية عالية، بمواجهة هذا الآخر الذي يوضع في موقع دوني، ويحمّل المسؤولية عن ما آل إليه وضعه بما يبرر انتهاك حقوقه وكرامته. أما انعدام المحاسبة فيعزز الشعور بتضخم الأنا، ويسهّل الخروج عن القوانين الناظمة والأعراف المتداولة، ويطيل من عمر شريعة الغاب التي يتغوّل فيها القوي على الضعيف. وإذا كان جزء من المسؤولية يقع على الضحية، بلجوء البعض لتصرفات انطوائية أو رد فعلية وتغذية ثقافة الغيتو وتهميش الذات والانفصال عن المجتمع المحيط، علاوة لنظرة بعضهم للغرب كمجتمع كافر يجب اتقاء شره -بما يقدم للتيارات العنصرية المناهضة مادة تستفيد منها لتحريض الرأي العام عليهم- فالتواجد العربي الكمي الذي لم يصبح بعد نوعياً على المستوى السياسي والثقافي يشكو من وجود أفراد تستهوي بعضهم المناصب وتحركهم المنافع الشخصية أكثر منه العمل للجالية. لا بل هناك من اتُخذ وسيلة لتجميل صورة المسؤولين السياسين دون أن يستطيع أو حتى يشاء تجيير منصبه وقوة الأصوات العربية للضغط باتجاه ما تمليه مصالح جاليته. هكذا، وباسم النضال من أجل تحرير المرأة تحتقر المرأة المختلفة وخياراتها، وباسم الجمهورية يُحترم دين ويُؤلب على دين آخر. لا بل يغدو من الصعب استيعاب رفض فتيات، معظمهن ممن اعتنقن الإسلام حديثاً، استخدام المرأة كجسد في الدعاية والتجارة وردّهن بإعلان القطيعة مع المجتمع المشهدي. منهن من يرين في هذا الزي ليس فقط ترجمة لانتمائهن لثقافة أهلهن، وإنما أيضاً نوعاً من التعبير عن الحرية الفردية، لدرجة أن التخلي عنه هو بنظرهن نوع من العنصرية غير المعلنة. تقول إحدى المنقبات الفرنسيات: “لقد تركت قيم الجمهورية للسيدين ساركوزي وكوشنر، لم يعد عندي أكثر من القرف من بلدي الذي سرقوه واتهموا المسلمين بإخفاء الغنيمة”. القرف مضاعف عند الكثيرات أيضاً من إغماض العين عن جرائم قوات الناتو في العراق وأفغانستان وجرائم الجيش الإسرائيلي اليومية والمتعددة الأشكال ضد الفلسطينيين والعرب الآخرين. فحين يصدر قرار عسكري إسرائيلي مثلاً بتحويل سبعين ألف فلسطيني إلى متسلل غريب في وطنه، لا يكتفي الغرب الرسمي بالصمت عنه، بل يكرم إسرائيل، بفضل النشاطية المعهودة لكوشنر ورئيسه، بترقيتها في مؤسساته المالية والاقتصادية والسياسية. أما عندما يجري تهويد القدس على قدم وساق وفي وضح النهار، فيتهم من ينتقد ذلك بإيقاظ النوازع المعادية للسامية. بالتأكيد، لا يغيب عن أحد سعي جماعات الضغط المعادية للعرب والمسلمين لتهميش الجالية الحديثة التكون والتي ستعيد، عاجلا أم آجلا توزيع الأوراق والحصص والأوضاع، لتصبح يوماً طرفاً في السياسة والمجتمع والقرار. لكن يجدر التذكير هنا بأن أوروبا هذه سبق وأن حشرت الجاليات اليهودية القوية الشكيمة اليوم في غيتو كان يغلق كما تغلق أبواب السجون، ثم لم تلبث هذه الأخيرة إلا أن أخذت حقوقها كاملة بالنضال المدني للمحرومين منها كما للمفكرين لرفع الظلم الواقع عليها. بين الساسة هناك للأسف من يبحث عن شعبية رخيصة ويتكئ على مهووسين بإشعال الحرائق في بقعة متأزمة تتخلى يوماً بعد يوم عن أجمل ما نادت به الثورة الفرنسية (الحرية والمساواة والإخاء)، وأقره إعلان حقوق الإنسان والمواطن (1789)، ونص عليه برنامج المقاومة الفرنسية للاحتلال والدستور الفرنسي وتعديلاته، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. ومهما تكن المسوغات، نجد أنفسنا أمام توظيف سياسي شعبوي يتدثر بالقانون، ولم يكن للأغلبية البرلمانية والحكومة أن تقوما بهذا العمل لولا ضمان تواطؤ إعلامي وصمت مراكز قوى وجماعات ضغط أساسية. بالتضاد مع هذه المواقف، أظهرت وجهة نظر المفوضية الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان (التي تم تبنيها في 21/1/2010 بأغلبية 34 صوتا ضد صوتين فقط)، وجود أغلبية في وسط حقوق الإنسان ترفض أي شكل من أشكال التعسف والظلم والتمييز بحق المسلمين، وتقف ضد أية مسوغات للمساس بالحريات عبر تشريع قوانين. ولا يختلف موقف هؤلاء عن رأي مجلس الدولة ومواقف مناضلين يساريين وعلمانيين ديمقراطيين رفضوا -رغم اختلافهم مع فكرة النقاب شكلاً ومضموناً- أن يتحول الموضوع إلى منع قانوني وحظر قسري في تعارض مع قيم حقوق الإنسان. لذا نجد ضرورة لتعاون واسع الأفق على النطاقين القانوني والثقافي لمواجهة عمليات التوظيف الرخيصة للعداء للإسلام، ولتعزيز دور جالية تشكل جزءاً هاماً من النسيج المجتمعي، لا يجوز تحت أية ذريعة تهميشها وإبعادها عن الحياة العامة (نذكّر بأنهم ستة ملايين مسلم، أي ما يقارب 10% من السكان، يتحدرون من 53 بلداً ويتكلمون 21 لغة إلى جانب اللغة الفرنسية). والدعوة ملحة لتكوين حركة من أجل عقد اجتماعي جديد لمجتمع تعددي الثقافة يعتبر ضمان حق الاختلاف الأساس لقيام دولة القانون المؤسسة على احترام حقوق الإنسان والمواطنة. حركة تضم في صفوفها مناضلين من أجل الحقوق الإنسانية والثقافية والبيئية، ومدافعين عن حق العمل واحترام الدستور والالتزامات المتعلقة بالشرعة الدولية والأوروبية لحقوق الإنسان، ومناهضين لما يسمى بالحرب على الإرهاب ولضرب القيم الديمقراطية والحريات، وللعنصرية والإسلاموفوبيا، ولوحشية العولمة وعنف الرأسمال المالي وسيطرة أقلية على المال والإعلام. فتحركات المجتمعات المدنية الواعية والجسورة كفيلة بقطع الجسور تحت أقدام المتصيدين في الماء العكر وتسميم أجواء التقارب بين الشعوب والثقافات، والتقاعس خطيئة لا تغتفر. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 ماي 2010)
الاتفاق التركي – البرازيلي – الإيراني وأبعاده
منير شفيق 2010-05-21 توصُّل البرازيل وتركيا وإيران إلى اتفاق حول دورة تخصيب اليورانيوم الإيراني يحمل عدّة أبعاد ومعانٍ. في المقدّمة نجاح الدول الثلاث في إيجاد حل لمعضلة حوّلتها أميركا إلى دولية تتجّه نحو العقوبات وصولاً إلى الحرب. وقد شاركت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين في تأزيمها بالاتجاه نفسه الذي أرادته أميركا، ولو معدّلاً نسبياً من جانب الروس والصينيين. وبالطبع وقف الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية العالمية وراء هذا التوجّه وقد راحا يصبّان الزيت على ناره. علماً بأن الدول الخمس زائد واحدة (الدول الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن زائد ألمانيا) صنعوا مشكلة دولية من تخصيب إيران لليورانيوم للأغراض السلمية. علماً أنه حق لها كفلته الاتفاقية الدولية للطاقة النووية. منذ قيام الكيان الصهيوني تبنّت استراتيجية الدول الكبرى تثبيت ميزان قوى عسكري يتفوّق فيه الجيش الصهيوني على كل الدول العربية مجتمعة. وهو الذي يفسّر المحافظة على هذا التفوّق طوال مرحلة الحرب الباردة، كما تعدّيه إلى امتلاك الكيان الصهيوني للقنبلة النووية وإنتاجها على نطاق واسع. أما من جهة أخرى فإن الاستراتيجية الدولية التي حافظت عليها الدول الإمبريالية منذ عدة قرون تمثلت في احتكار التكنولوجيا والصناعة ومنع تمكين الدول التي خرجت من عهود الاستعمار المباشر من الوصول إلى العلوم والتكنولوجيا وكسر حاجز التصنيع. وقد خصّت هذه الاستراتيجية الدول العربية والإسلامية بتركيز أكبر من خلال إبقائها مجزأة، متعادية، ممنوعة من دخول عالم التصنيع أو السير في طريق النهضة العلمية. ثمة دلائل واقعية كثيرة على استخدام القوّة العسكرية أو الحصار أو العقوبات على الدول التي حاولت الخروج على هذه الاستراتيجية. فهذا ما حدث مع مصر في الحربيْن اللتيْن شُنتا لإجهاض تجربة النهوض في مرحلتيْ محمد علي في القرن التاسع عشر، وجمال عبدالناصر في القرن العشرين. وطبّق الأمر نفسه على العراق وتركيا وإيران. ولم يشذ في مرحلة الحرب الباردة غير ماليزيا وإندونيسيا لأسباب تتعلق بمواجهة الشيوعية في جنوب شرقي آسيا. فأميركا تعمّدت دعمهما لتصبحا من النمور الاقتصادية ردّاً على ما كان يسمّى الزحف الشيوعي في آسيا. وهو ما سبق أن طبّق مع اليابان كذلك. فالمراحل التي شهدت محاولات ناجحة من قِبَل بعض الدول العربية والإسلامية في كسر الحصار الصناعي والعلمي والتكنولوجي اتّسمت إما باتباع سياسات مناهضة الإمبريالية وانتهاج خط الممانعة، وإما في ظروف دولية أمكن فيها اختراق الحصار وهو ما يحدث الآن مع تركيا وإيران في ما يتعلق بكسر الحصار الصناعي والعلمي والتكنولوجي والسير باتجاه نهضة اقتصادية وعلمية، وإما من خلال قوّة أمّة كبيرة موحدّة مثل حالتيْ الصين والهند. من هنا يجب أن يُفهم التركيز الخاص الذي يوضع ضد امتلاك إيران القدرة على التخصيب النووي. ولو في الحدود السلمية الصارمة، كما يجب أن يُفهم لماذا يُصار من جانب أميركا وهي في مرحلة انحسار نفوذها إلى المساومة مع روسيا والصين لفرض عقوبات على إيران. وقد أثبتت التجربة الإيرانية أن هاتيْن الدولتيْن تبيعان مواقفهما مقابل صفقات تعقد مع أميركا والغرب، ولكن بقي الأمر حتى الآن ضمن حدود لا تصل إلى التوافق التام ضدّ إيران. المعادلة العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تشكلت في العشر سنوات الأخيرة أخذت توسّع الآفاق أمام دول ناهضة من العالم الثالث لتطوّر قدراتها وأدوارها السياسية الإقليمية. وقد وقفت في مقدّمة هذه الظاهرة كل من البرازيل وفنزويلا وجنوب إفريقيا كما تركيا وإيران وسوريا. وبهذا يكون الاتفاق الذي توصلت إليه كل من تركيا والبرازيل وإيران معبِّراً عن خروج هذه الدول المهمة من إطار الهيمنة الأميركية-الدولية التي أرادت أن تحتكر من خلال مجموعة 5+1 (أميركا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، زائد ألمانيا) معالجة موضوع اليورانيوم الإيراني. ففي الوقت الذي تريد فيه كل من أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا انتزاع اليورانيوم كلياً من يد إيران ووضعه تحت رحمتها، وفي الوقت الذي سعت فيه كل من روسيا والصين إبقاء المشكلة بعيدة من الحل لتبقى بقرة حلوباً بالنسبة إليهما، تقدّمت كل من تركيا والبرازيل وبمبادرة إيرانية ذكية لإيجاد حل للمشكلة يقطع الطريق على التأزيم الذي تسعى إليه بصورة خاصة إدارة أوباما ومن ورائها اللوبي اليهودي الأميركي وحكومة نتنياهو، ويجهض ما عقد من صفقات من تحت الطاولة، أو من وراء الظهر، بين أميركا وكل من روسيا والصين. كان من المفترض أن ترحب الوكالة الدولية للطاقة النووية بهذا الاتفاق، وكان من المفترض للدول الـ5+1 أن تقبل به، ولو على مضض، إلاّ أن المجموعة الأخيرة وبتواطؤ مع الوكالة الدولية للطاقة النووية ومع الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة راحت تناور وتضع العصي في دواليب الاتفاق لأن الهدف الحقيقي ليس حل المشكلة، وإنما التأزيم وكل طرف لأسباب تتعلق به فالبعض يريده تأزيماً لخنق إيران وفرض التناولات السياسية عليها ليس في موضوع اليورانيوم فحسب وإنما أيضاً في موضوع سلاحها التقليدي ومواقفها من دعم سوريا والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية. وهذا البعض بالطبع هو أميركا والكيان الصهيوني والدول الغربية بعامّة. أما أمانتا الوكالة الدولية وهيئة الأمم فتمثلان التبعية بأحقر صورها. ولكن المفاجئ فهو قبول روسيا والصين أن يُرّد على الاتفاق بإرسال مشروع عقوبات ضدّ إيران إلى مجلس الأمن، إذ كان من المفترض تأييد الاتفاق ودعمه ولو للإبقاء على ماء الوجه واحترام النفس. على أن ما فعله الاتفاق التركي-البرازيلي-الإيراني، ورغم طرح الموضوع على مجلس الأمن سيراً في طريق العقوبات، كان ضربة جديدة للسياسات الأميركية-الصهيونية، وإحراجاً شديداً لكل من سيوافق على العقوبات ولا يقبل بهذا الحل الذي قدّمه الاتفاق. باختصار، لقد أصبح موقف إيران الآن أقوى بهذا الاتفاق وغدا الدور التركي والبرازيلي أكثر فاعلية في السياسات الدولية والإقليمية به، وبه دخل العالم مرحلة جديدة بغض النظر عما سيقوله مجلس الأمن، الذي راحت سمعته تسوء أكثر فأكثر. إنه قفزة عالم ثالثية ذات أبعاد استراتيجية تاريخية إذا ما صار نهجاً عالمياً. *منسق عام المؤتمر القومي الإسلامي (المصدر: “العرب” (يومية – قطر) بتاريخ 21 ماي 2010)