ولئن ادعى هذا الحزب ملكيته للشرعية التاريخية للحزب الاشتراكي الدستوري وللحزب الدستوري الجديد من قبله فان التحولات السياسية ما بعد 1988 أكدت خروج التجمع عن كل المرجعيات السابقة.
فما هي المرجعية الفكرية للتجمع ؟ وما مدى صحة القول بان التجمع حزب غير قانوني أصلا ؟ وما هو مصير التجمعيين بعد حل حزبهم ؟
وفي رده على سؤال متعلق بالمرجعية الفكرية للتجمع قال أستاذ القانون قيس سعيد أن التجمع حزب لا مرجعية فكرية له بل انه جهاز للتعبئة الجماهرية وموازي لجهاز الدولة.”
وأضاف سعيد قائلا ” يبدو أن التجمع لم يحترم من الناحية القانونية قانون الجمعيات وقانون الأحزاب إذ انه لم تكن له تاشيرة قانونية ولا قانون اساسي.”
من جهتها اعتبرت الناشطة الحقوقية والسياسية حياة حمدي الوسلاتي ” أن المرجعية الفكرية للتجمعيين قد غابت منذ أن تحول إلى جهاز للتعبئة العامة وبعد أن بعدت المرجعية عن وهج الحركة الوطنية وتحول من حزب اصلاحي متنور مقاوم ضد الاستعمار وباني للدولة الحديثة إلى جهاز لتابيد الاستبداد وحماية المفسدين.”
وحول موقفها كسياسية من قانونية عمل التجمع قالت المتحدثة ” انها برغم عدم اختصاصها في الناحية القانونية فان المتداول لدى الجميع أن النظام الداخلي للتجمع مناف تماما لقواعد التسيير الديمقراطي ومتعارض معه لان زمام اموره بيد رئيسه الذي له سلطة تعيين وتسمية القيادات الجهوية لهذا الحزب علاوة على أن التجمع لا يملك تاشيرة للعمل القانوني وهو ما يشكل اخلالا خطيرا لقانون الاحزاب.”
وبخصوص مال التجمعيين بعد حل حزبهم اكدت الوسلاتي ” أن المبدا هو حق الجميع في ممارسة العمل السياسي بعد التثبت في وضعياتهم القانونية لاثبات عدم تورطهم في الاحداث التي عاشتها البلاد منذ 14 جانفي او تورطهم في مؤاخذات جزائية.”
“لا اعتقد أن للتجمع بنية فكرية ذلك أن الرئيس المخلوع قد افرغه من محتواه ومن اي مبادئ او خلفيات فكرية .” هذا ما اعتبره الاستاذ كريم قطيب والذي اوضح ” أن التجمع مجرد جهاز تعبئة لسياسة بن علي الامنية ويتضح ذلك من خلال تركيبة الحزب وعناصر حضوره طيلة سنوات الحكم.”
وبين قطيب أن التجمع لم يخضع مطلقا إلى قانون الاحزاب وذلك على مستووين على الاقل اولهما أنه كان يمارس نشاطه دون تاشيرة وثانيا عدم التزامه بالموضوع المالي الذي يفترض الاعلام في خصوص الهبات والتبرعات التي يتحصل عليها وهو ما لم يقم به التجمع طيلة سنوات الحكم.”
وتبنى الاستاذ كريم قطيب ذات المبدا الداعي إلى حرمان اعضاء اللجنة المركزية للتجمع من النشاط السياسي لمدة خمس سنوات مع تاكيده على احقية البقية في العمل السياسي وذلك وفقا لما يكفله القانون. خليل الحناشي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 فيفري 2011)
7 مليارات كانت تصرف سنويا تجميد منح اعضاء مجلسي النواب والمستشارين
قضت امس الخميس الدائرة الابتدائية الثانية بالمحكمة الادارية باسم الشعب التونسي بعد اطلاعها على مطلب مقدم من قبل الاساتذة عبد الرؤوف العيادي وعمر الصفراوي وانور الباصي وحافظ البريقي وشركة تجمع المحامين بجربة في حق 13 من محامين وناشطين حقوقيين بالاذن استعجاليا لامري الصرف بمجلس النواب ومجلس المستشارين بتجميد صرف المنح والامتيازات المخولة لاعضاء المجلسين المذكورين الى حين البت في القضية الاصلية المنشورة بشان نفس الموضوع.
وجاء في حيثيات الحكم انه حيث لاجدال في ان الثورة التي عرفتها البلاد افرزت مشروعية جديدة تجد قوامها في القطع نهائيا مع النظام الساسي السابق والغاء دستور اول جوان 1959 وحل المؤسسات الدستورية ذات الصيغة التمثيلية المنبثقة عنه وهو ما استوجب لجوء السلطة اتلتنفيذية الى خيار التنظيم المؤقت للسلط العمومية في انتظار وضع دستور جديد وحيث تم الاذن وقتيا بتجميد صرف المنح والامتيازات للنواب وللمستشارين يغدو اجراء تحفظيا ذي جدوى طبقا لاحكام الفصل 81 من القانون المتعلق بالمحكمة الادارية لما يكفله من حماية للاموال العمومية وذلك الى حين البت في النزاع الاصلي. خليل
بورقيبة ينتقـم من بن علي.. وقطار الثورة يُوضع على السكة
بقلم : صلاح الدين الجورشي – تونس- swissinfo.ch شاءت دورة التاريخ أن ينتقم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة – وهو في قبره – من بن علي، الذي انقلب عليه ذات يوم من أيام شهر نوفمبر 1987 ووضعه تحت الإقامة الجبرية. وعندما وافاه الأجل، حال بين التونسيين ومواكبة جنازته حتى عبْـر التلفزيون. فالباجي قايد السبسي، الوزير الأول لثاني حكومة انتقالية تتشكل في تونس بعد فرار بن علي، ليس سوى أحد المعجَـبين كثيرا ببورقيبة، تربّـى على يديه وتشرب فكره وأسلوبه في مخاطبة الرأي العام، حيث بدا وكأنه صوت الماضي القريب يعود ليلغي الرئيس السابق من ذاكرة التونسيين. وفي الواقع، أحدثت استقالة الوزير السابق محمد الغنوشي رجّـة قوية تجاوزت حدود الأوساط السياسية، لتشمل قطاعات عريضة من التونسيين الذين أطلق عليهم صفة “الأغلبية الصامتة”، لكن لم تمض على تلك الاستقالة سوى ساعتان فقط، حتى فوجِـئ الجميع بتكليف السياسي المُـخضرم الباجي قايد السبسي بتشكيل حكومة جديدة. وقد تعدّدت التعليقات على هذا القرار ولم يطمَـئِـن التونسيون لهذا التعيين، إلا عندما نطق الرجل وأشعرهم في خطاب دام أربعين دقيقة، بأنه قد يكون الرجل المناسب في اللحظة المناسبة. وإذا كان البعض قد استخفّ بسنِّـه، حيث بلغ من العمر خمسة وثمانين عاما، إلا أن ذلك كان مِـيزة، ليس فقط بما يختزنه السِـن من نُـضج وخبرة، ولكن أيضا بحُـكم أن الرجل لم يعد لديه شيء يطمع فيه، سوى أن يختم حياته ومسيرته السياسية بالمساعدة على تحقيق انتقال ديمقراطي هادئ وسِـلمي في بلاده. لقد أعاد الوزير الأول الجديد الإعتبار إلى الخطاب السياسي الذي اختفى تماما منذ تولّـى بن علي السلطة في تونس. فالرئيس السابق لا يُـحسن الحديث مُـطلقا ولا يملك القدرة على الإرتجال وشرح الأفكار أو التحكُّـم في مفردات اللّـغة. كما أن بن علي، حرِص منذ الفترة الأولى من حُـكمه على التخلّـص من مختلف الشخصيات السياسية التي يمكن أن تشكِّـل تهديدا معنوِيا لانفراده بالبقاء وحدَه في الصورة. نص القرار الصادر عن المحكمة الإبتدائية بتونس العاصمة يوم 9 مارس 2011 والقاضي بحل التجمع الدستوري الديمقراطي، حزب الرئيس المخلوع بن علي الإنتقال من الشرعية الدستورية إلى الشرعية الثورية.
من جهة أخرى، اقترن تعيين الباجي قايد السبسي بخارطة طريق كشف عنها الرئيس المؤقت فؤاد المبزّع، وذلك عندما أعلَـن في كلمة توجّـه بها إلى التونسيين، عن تغيير الأجندة والعمل على تنظيم انتخابات مجلس تأسيسي يوم 24 يوليو 2011، بدل الانتخابات الرئاسية التي سبَـق وأن اتَّـخذتها الحكومة السابقة هدفا لها. وبمقتضى ذلك، تم تعليق الدستور وأسدِل الستار عملِـيا على مجلسيْ النواب والمستشارين، رغم استمرار التساؤل حول أسباب عدم حلِّـهما بشكل نهائي. وهكذا، تم الإنتقال من الشرعية الدستورية إلى الشرعية الثورية، دون التخلي النهائي عن المنطق المؤسساتي، وذلك بالحفاظ على استمرارية الدولة من خلال الإبقاء على الرئيس المؤقت، الذي كان يُـفترض أن تنتهي مهمته حسب الفصل 57 من الدستور بتاريخ 17 مارس الجاري، وهو أمر لو تمّ لَـحَـدَث الفراغ الذي بموجبه تنتقل السلطة مباشرة إلى المؤسسة العسكرية. لقد تجاوز الوزير الأول الجديد عَـقبة القصبة، حيث كان يعتصِـم المئات من الشبّـان والفتيات، رافعين عدّة مطالب، في مقدمتها رحيل الحكومة السابقة. فبعد أن تبنّـت السلطة الإعداد لانتخابات مجلس تأسيسي، اعتبرت قوى المعارضة إلى جانب قطاع واسع من الرأي العام، أن قطار الثورة قد وُضِـع على السكة، وهو ما ولَّـد حالة ارتياح وخفف كثيرا من حالة الاحتقان الأمني الشديد، التي ميزت الأيام الأخيرة من حكومة السيد الغنوشي وتسببت في سقوط عدد من القتلى، وذلك في ظروف لا تزال غامضة. الخطوة الأخرى التي اعتبرت استجابة للمطالب التي رُفعت في الفترة الأخيرة، تمثلت في اختيار حكومة تكنوقراط، حيث تمَّ تعيين خمسة وزراء جُـدد من غير السياسيين، بدلا عن الوزراء المستقيلـين، وذلك بحجّـة أن الحكومة الحالية مهمّـتها، تصريف الأعمال إلى حين انتخاب مجلس تأسيسي، وهو الأمر الذي اعترض عليه البعض، مثل الحزب الديمقراطي التقدّمي وحركة التجديد، وهما الحزبان اللذان يعتزمان إقامة تحالُـف بينهما خلال المرحلة القادمة، وذلك بعد الحملة القوية التي تعرّضا لها بسبب مشاركتهما في حكومة الغنوشي. هذه الحملة التي لم تكتفِ باتِّـهامهما بالعمل على “إنقاذ نظام بن علي” والحكم على كلّ السيدين نجيب الشابي وأحمد إبراهيم بالإنتحار السياسي، بل تجاوزت ذلك بإقدام بعض خصومهما السياسيين على إفساد بعض اجتماعاتهما في جهات مثل بنزرت وجندوبة (شمال) وصفاقس (جنوب). وإذ يُـعتبر الحديث حاليا عن خاسِـرين ورابحين بعد أقل من شهرين من نجاح الثورة، أمرا لا يزال سابقا لأوانه، بحُـكم أن السياسة، مثلها مثل عالم البورصة في حالة صعود ونزول مستمِـرّيْـن، إلا أن ذلك لا يمنع القول بأن مشاركة هذين الحزبين في الحكومة الإنتقالية قد جعلتهما يدفعان ثمنا سياسيا قاسيا على الصعيدين، النخبوي والشعبي. حل البوليس وجهاز أمن الدولة
الخطوة الثالثة جاءت نوعية، سواء من حيث طبيعتها أو من حيث طابعها المفاجئ، وذلك بإعلان حل البوليس السياسي وجهاز أمن الدولة. هذا الجهاز الذي نشأ وترعْـرع في عهد الرئيس بورقيبة، لكنه توسع وامتد خلال حُـكم الرئيس بن علي وأصبح بمثابة القاعدة الصّـلبة لنظام اتَّـسم بالاستبداد المُـطلق والهيمنة الكلِـية على المجتمع. يضاف إلى ذلك، أن البوليس السياسي قام بجرائم خطيرة طيلة الخمسين سنة الماضية، وذلك بتعذيبه للآلاف من المعارضين والنشطاء، وهو ما أدّى إلى موت بعضهم داخل أقبِـية وزارة الداخلية. ولم يكن الجلادون يميِّـزون في تنكيلهم بالمعارضين بين يساريين أو قوميين أو إسلاميين، وإن كان أعضاء حركة النهضة هُـم الذين دفعوا ثمنا أكثر كُـلفة من غيرهم في عهد الرئيس المخلوع. ولهذا، ارتفعت الأصوات حاليا بضرورة مُـعاقبة الجلاّدين وكذلك المسؤولين الذين أعطَـوْهم الأوامر وقاموا بحمايتهم. وتملك منظمات حقوق الإنسان التونسية والدولية في هذا السياق قائمات إسمية في هؤلاء، وستقوم بملاحقتهم قضائيا. الآن، وقد كسبت الحكومة الجديدة كلّ هذه النقاط لصالحها، لم يبق سوى أن تتفرّغ الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني للتركيز على المرحلة القادمة، وذلك من خلال فتح نقاشات واسعة حول النظام الانتخابي الأفضل، الذي من شأنه أن يوفر شروط قيام مجلس تأسيسي ممَـثل لجميع مكوِّنات المجتمع التونسي. مؤشِّـر حيوي
هل سيتواصل العمل بنظام القائمات الذي تستفيد منه عمليا الأحزاب القوية أم سيتم الانتقال إلى نظام الأفراد، الذي من شأنه أن يفتح المجال أمام الشخصيات ذات القيمة الاعتبارية داخل الدوائر الترابية المحلية، في مقابل مخاطر تذرير المشهد الحزبي، الذي بلغت مكوِّناته حاليا أكثر من 48 حزبا، حصل منها حتى تاريخ كتابة هذا المقال 21 على التأشيرة؟ لم ينطلق بعدُ الصراع السياسي في تونس حوْل الأفكار والمشاريع المجتمعية المتباينة، وذلك بالرغم من تحرك أوساط من العِـلمانيين بالمطالبة بدولة لائِـكية في محاولة لقطع الطريق أمام الإسلاميين، لكن الجدل السياسي قد لا يتأخر كثيرا مع اقتراب موعد مناقشة وثيقة الدستور الجديد، الذي سيتضمن المعالم الرئيسية لهوية المجتمع والدولة. وقد انطلقت فعلا صياغة العرائض، سواء المدافعة عن اللائِـكية أو تلك المطالبة بالمحافظة على الفصل الأول من الدستور المعلَّـق. كل ذلك مؤشِّـر حيوي على أن التونسيين قد بدؤوا يشقّـون طريقهم نحو بناء نظام سياسي سيكون في كل الاحتمالات مغايِـرا بشكل واسع عن النظام السابق، الذي كان قائما على الانفراد بالقرار. صلاح الدين الجورشي – تونس- swissinfo.ch (المصدر: موقع “سويس إنفو”(سويسرا) بتاريخ 11 مارس2011)
الصباح 9 مارس 2011 تونس و القطع مع “البوليس السياسي”
كمال بن يونس في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس وغير بعيد عن المحلات القديمة لباعة الورود ..وقبالة المباني البلورية الجميلة التي تبيع الحلوياتa وأجمل المشروبات والملابس سرداب مظلم في “الطابق الأرضي” ( أو ” تحت ارضي”) أرغم على ” زيارته” والإقامة فيه عشرات الآلاف من شباب تونس ورجالاتها طوال العقود الماضية : شباب من كل التيارات ذنبهم الوحيد إنهم عارضوا الحكومات ..أو حاولوا أن يعارضوها ..او” اتهموا” بالمعارضة ..
+ شباب من “اليوسفيين”( انصار زعيم الحركة الوطنية صالح بن يوسف ) الذين اضطهدوا ثم قتلوا او حكم عليهم بالسجن مدى الحياة لأنهم اتهموا بمعارضة خصمه الزعيم بورقيبة .
+ وشباب من تيارات يسارية اشتراكية وقومية ناصرية وبعثية برزت في الستينات من ” مجموعة آفاق ” الى تنظيمي ” العامل التونسي ” و” الشعلة” ورفاقهم ..شباب كان ضحية ” تقارير امن الدولة ” DST فكان جزاؤه التعذيب في ” الدهليز” و” السرداب ” ثم أعواما قاسية من السجون بين برج الرومي والناظور ومحتشدات المناطق الداخلية ..
+ شباب من التيارات الإسلامية المختلفة شاءت الأقدار أن يقودوا احتجاجات الطلبة ثم الشارع التونسي منذ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات فكان جزاؤهم سنوات طوال من القمع والاضطهاد بناء على ملفات ” مزيفة ” و” مهولة ” وقعت صياغتها في ” محلات امن الدولة ” و” المصالح المختصة ” وفرق ” الارشاد”.. فتيان وفتيات ..كهول واطفال ونساء وشباب مروا من سراديب وزارة الداخلية ومحلاتها في كل الجهات .. عشرات الالاف من التونسيين والتونسيات اكتووا بنار التعذيب في محلات ” البوليس السياسي ” ..وجربوا هناك ” الفلقة ” والتعليق حسب طريقة ” الدجاح المصلي ” ( الروتي ) ..و” بيت الصابون ” ..وغيرها من الاساليب البشعة ..وكان كثير منهم حاضرا في مسيرة 14 جانفي امام مبنى وزارة الداخلية .. هل يغلق هذا الملف نهائيا ؟ انه فعلا حلم .. وكل حلم يصعب تحقيقه وان شاءت الظروف ان يجسم جزئيا .. وهو حلم لمن عذب واضطهد وهو بريء ..بري ء..لكنه اعترف بعد ان انهار بسبب عصا الجلادين ..
+ من المفيد أن توجه رسائل سياسية تؤكد طي صفحة الماضي .. لكن الاهم عقلنة التعامل مع الملفات .. ففي كل بلدان الدنيا ” بوليس سياسي ” ..بدءا من اعرق الديمقراطيات مثل بريطانيا وسويسرا وامريكا وفرنسا .. ولا مجال للاستغناء عن قوات الامن المختصة في الملفات السياسية .. لكن ينبغي القطع مع الظلم و” فبركة ” الملفات ..والتمييز بين رجال الامن المشهود بنزاهتهم وكفاءتهم والبقية .. فلتمض خطة اعادة هيكلة وزارة الداخلية بواقعية وبعين تحررية ..بعيدا عن عقلية الثار والانتقام ..في هذا الاتجاه او ذاك.. بل برؤية تضع مصلحة تونس ومستقبلها فوق كل اعتبار ..
حكم إداري ينصف التلاميذ، فهل يرتب لهم حقوقا؟ نظام التأديب المدرسي غير قانوني والفراغ التشريعي فيه قائم
لا سلطة ترتيبية مطلقا للوزراء ولا صلاحية لهم في التدخل لسدّ حالة فراغ تشريعي بقلم: محمد بوسنينة كان القضاء الإداري في تونس وما يزال ملجأ حقيقيا يجد فيه المتظلمون من تعسف الإدارة والطاعنون في قراراتها المتسمة بالجور عونا على رفع المظالم واستعادة للحقوق التي تضيع بسبب تجاوز القانون والتصرفات غير الكريمة التي يعمد لها الكثير من العاملين بالقطاع العام الذين أخذتهم العزة بمظاهر المنصب أو المسؤولية ، جهلا منهم بالقانون أو تعسفا على الناس.
وشخصيا وجدت لدي هذا القضاء كما وجد غيري إعلاء للحق واستردادا له.
من ذلك هذه القضية التي أكتب عنها التي أعادت لابني حقوقه، لكنها أخذت بفعل القضاء الإداري منحى أهم وأبعد مدى مما رفعت من أجله. والسبب هو تلك الميزة التي يتصف بها القضاء الإداري في تونس بعدم اكتفائه بالنظر في ظاهر النزاع المطروح أمامه وإنما إكساء الأحكام جانب البحث المعمق في أصول الأمور وترابط الفعل الإداري من حيث التراتبية التي يتأسس عليها.
فلقد سبق لابني أن تعرض في شهر ديسمبر 2006 لمظلمة في مؤسسته التربوية، أصر على إثرها بعض الإطار التربوي على عرضه أمام مجلس التربية. وأراد بعض أطراف ذلك المجلس طرده نهائيا من الدراسة، ولكن بفعل تفهم البعض الآخر تم تسليط عقوبة الرفت لمدة 15 يوما عليه. ثم أصروا على أن تنفذ تلك العقوبة في شهر جانفي 2007 بعد عطلة الشتاء. ولأن القضية كانت ملفقة، وفيها ما فيها من عنف مادي ومن تجاوز للقانون ولحقوق التلميذ، ورفض لمبدإ الدفاع عنه، وما ترتب عن ذلك من رفض الوزارة وهياكلها آنذاك من الإستماع لتظلمنا، وانحيازها للتعسف عملا بالمثل التونسي ” معيز ولو طاروا”، فلم يكن أمامي من ملجإ سوى رفع الأمر في آجاله أمام المحكمة الإدارية التي أنصفتنا بمقتضى الحكم عدد 16293/1 الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2010 والذي تم تبليغه لنا بتاريخ 26 جانفي 2011.
كان كل همي أن ترفع المظلمة عن ابني ويقع إسقاط العقوبة عنه لأنها عقوبة ظالمة. وقد كان من جملة الطعون التي أثرتها اعتباري المنشور الصادر عن الوزارة والمتعلق بالنظام التربوي. كنت أعلم ذلك، لكنني لم أكن أملك النص المثبت له. لكنني فوجئت حقا بالمدى الذي ذهب إليه الحكم والذي يمثل سابقة هامة في القانون لأنها حولت الموضوع من قضية رفت مؤقت من الدراسة إلى قضية قانونية متعلقة بممارسة الحكم في الدولة.
والموضوع هنا ينقسم إلى جانبين:
الجانب الأول، أن العقوبة التي سلطت على ابني استندت مثلها مثل مختلف العقوبات التي سلطت على غيره من التلاميذ في مختلف المعاهد والمدارس، إلى المنشور عدد 93 الصادر عن وزير التربية سنة 1991. وقد بينت المحكمة في حيثياتها أن هذا المنشور جاء تطبيقا للقانون عدد 65 المؤرخ في 29 جويلية 1991 المتعلق بالنظام التربوي. لكن ذلك القانون ألغي سنة 2002 بمقتضى القانون التوجيهي عدد 80 المؤرخ في 23 جويلية 2002 والمتعلق بالتربية والتعليم. وقد اقتضى هذا القانون الجديد في فصله 14 على أن يتم ضبط تنظيم الحياة المدرسية بأمر، وعلى أن نظام التأديب بالمؤسسات التربوية يتم ضبطه هو الآخر بقرار يصدر عن وزير التربية. وقد صدر بالفعل الأمر عدد 2437 الصادر سنة 2004 المنظم للحياة المدرسية. لكن لم يصدر قرار آخر لاحق لقانون 2002 ينظم مجال التأديب بالمؤسسات التروية كما أن ذلك الأمر لم يتضمن القواعد المتعلقة بذلك.
وبذلك يكون مفهوما أن الإجراءات التأديبية والعقابية التي سلطت على التلميذ المعني بمقتضى منشور سنة 1991 هي عقوبات غير شرعية. فكيف يمكن أن يكون الحل في مثل هذا الوضع؟ وما مصير الكثير من التلامذة في مختلف المستويات ممن سلطت عليهم عقوبات تأديبية أو طرد أو حرمان من الدراسة لسبب أو لآخر؟ ما هي الحقوق التي يمكن أن تترتب لهم اليوم؟ وما هو موقف المدرسين أو أهل التربية ممن كان لهم دور في تلك العقوبات، خاصة من خلال التنادي بالتضامن في ما بينهم تحت مسميات مختلفة؟
أسئلة تطرح وتطرح معها إشكاليات حقيقية.
وعلى كل حال نشير هنا إلى أن حالات الإسعاف التي أعلن عنها مؤخرا لفائدة بعض الذين حرموا من اجتياز امتحان الباكالوريا اتخذته الوزارة بعد أن بلغتها النسخة الإدارية من الحكم بتاريخ 26 جانفي 2011. لكن قرار الإسعاف ذاك بقي في تلك الحدود ولا يعرف إن كانت تدرك أهمية الأمر بالنسبة للتلاميذ الآخرين. الجانب الثاني، والذي يكتسي أهمية بالغة، يتعلق بما طرحه الحكم المذكور من أن السلطة الترتيبية هي من صلاحيات رئيس الجمهورية وحده، وأنه يمكن له تفويض هذه السلطة أو جزء منها للوزير الأول فحسب ودون غيره من الوزراء. فليس للوزراء حق إصدار تراتيب وأنهم لا يمتلكون سلطة ترتيبية إلا في صورتين: أن يكونوا مؤهلين لذلك بمقتضى نص تشريعي أو ترتيبي عام، أو عند اقتضاء الضرورة حسن سير المرفق العام، لكن ذلك لا يخول لهم بأي حال من الأحوال التدخل لسد حالة فراغ تشريعي. وينطبق هذا المنع على وزير التربية في تاريخ صدور المنشور المذكور باعتباره غير مفوض صراحة أو ضمنا صلاحية تنظيم مسألة النظام التأديبي بالمدارس والمعاهد الثانوية، في حين أن منشور سنة 1991 هو منشور ترتيبي.
ويستخلص في النهاية أن نظام التأديب والعقوبات المدرسية هو نظام غير قانوني وغير شرعي، وأن الفراغ التشريعي قائم في هذا المجال ليس اليوم فقط ولكن منذ سنة 1991. حيثيات الحكم الإداري 16293/1 ولكني أعتقد أن هذا الحكم يستحق أن يقع الإطلاع عليه. وفي ما يلي حيثياته:
“وحيث قدمت الدعوى في ميعادها القانوني ممن له الصفة والمصلحة واستوفت جميع مقوماتها الشكلية الجوهرية فإنه يتعين قبولها من هذه الناحية، من جهة الأصل:
أولا: عن جهة اختصاص السلطة المصدرة للقرار المطعون فيه لتعلق المسألة بالنظام العام:
حيث يطعن العارض بالإلغاء في القرار الصادر عن مجلس التربية المنعقد بتاريخ 15 ديسمبر 2006 في حقه والقاضي بطرده مدة خمسة عشر يوما من الدراسة،وحيث ينص الفصل 13 من القانون التوجيهي عدد 80 المؤرخ في 22 جويلية 2002 المتعلق بالتربية والتعليم المدرسي بالفقرة الثانية منه على أن التلميذ مطالب باحترام قواعد العيش الجماعي والتراتيب المنظمة للحياة المدرسية وأن كل تجاوز أو إخلال بهذه الواجبات والتراتيب يعرّض صاحبه للعقوبات التأديبية وأنه لا يمكن معاقبة التلميذ لمدة تتجاوز ثلاثة أيام إلا بعد إحالته على مجلس التربية وتمكينه من حق الدفاع عن نفسه،وحيث يقتضي الفصل 14 من ذات القانون أنه يضبط تنظيم الحياة المدرسية بأمر، ويضبط نظام التأديب بالمؤسسات التربوية بقرار من الوزير المكلف بالتربية،وحيث صدر الأمر عدد 2437 المتعلق بتنظيم الحياة المدرسية بتاريخ 19 أكتوبر 2004 دون أن يتضمن قواعد تأديبية أو يتبعه صدور قرار يتعلق بنظام التأديب بالمؤسسات التربوية،وحيث يتضح أنه تم الإستناد في جميع الإجراءات المتعلقة بإحالة العارض على مجلس التربية إلى منشور وزير التربية والعلوم الصادر تحت عدد 93/91 بتاريخ 1 أكتوبر 1991 في إطار تطبيق القانون عدد 65 المؤرخ في 29 جويلية 1991 المتعلق بالنظام التربوي والذي وقع إلغاؤه بالقانون التوجيهي عدد 80 لسنة 2002 المشارإليه أعلاه؟.
وحيث استقر فقه قضاء هذه المحكمة على أن القاضي لا يكتفي عند تفحص مسألة الإختصاص بالنظر في اختصاص السلطة المصدرة للقرار المطعون فيه بل يتعداه للبحث في مدى اختصاص السلطة المتخذة للتراتيب التي تأسس عليها ذلك القرار، وحيث يتبين من محتوى المنشور سالف الذكر أنه تضمن أحكاما عامة تتعلق بضبط النظام التأديبي في جميع جوانبه المتصلة بالأخطاء التأديبية والعقوبات وتركيبة هيأة التأديب ومشمولاتها والإجراءات المتبعة أمامها وتنفيذ القرارات التأديبية، وذلك في إطار سدّ لفراغ تشريعي وترتيبي تام، وحيث أوكل الفصل 53 من الدستور إلى رئيس الجمهورية، السلطة الترتيبية العامة وخوّل له تفويض كامل هذه السلطة أو جزء منها إلى الوزير الأول فحسب دون غيره من الوزراء، وحيث من المسلم به فقها وقضاءا، أن الوزراء لا يمتلكون سلطة ترتيبية عامة ولا يمكنهم إصدار تراتيب إلا متى كانوا مؤهلين لذلك بمقتضى نص تشريعي أو ترتيبي عام، أو في غياب ذلك متى اقتضت الضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحسن سير المرفق العمومي الراجع لهم بالنظر، على أن ذلك لا يخول لهم بأي حال من الأحوال التدخل لسدّ حالة فراغ تشريعي، وحيث يتضح بالرجوع إلى النصوص المتعلقة بتنظيم التعليم الثانوي في تاريخ صدور المنشور سالف الذكر أنها لم تتعرض إلى مسألة النظام التأديبي بالمدارس والمعاهد الثانوية فضلا عن أنها لم تفوض للوزير المكلف بالتربية صراحة أو ضمنا صلاحية تنظيم هذه المادة، وحيث لا يجوز عند اتخاذ القرار المطعون فيه، الإستناد إلى الإجراءات الواردة بالمنشور عدد 93/91 المذكور لعدم شرعيته باعتباره منشورا ترتيبيا ولأن القانون التوجيهي عدد 80 لسنة 2002 نص صراحة على أن النظام التأديبي للمؤسسات التربوية يقع ضبطه بقرار من وزير التربية والذي يكون بالضرورة لاحقا للقانون المشار إليه، وحيث تكون والحالة ما سبق بيانه، كامل إجراءات التتبع التأديبي مخالفة للقانون مما يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه دون حاجة للنظر في المطاعن المثارة لانعدام الجدوى من ذلك. ولهذه الأسباب قضت المحكمة ابتدائيا: أولا: بقبول الدعوى الأصلية أصلا وشكلا وإلغاء القرار المطعون فيه، ثانيا: بحمل المصاريف القانونية على المدعى عليه، ثالثا: بتوجيه نسخة من هذا الحكم إلى الطرفين. وصدر هذا الحكم عن الدائرة الإبتدائية السابعة بالمحكمة الإدارية برئاسة السيد عبد الرزاق بن خليفة وعضوية المستشارين السيدين حمدي مراد ومحمد أمين الصيد. وتلي علنا بجلسة يوم 13 أكتوبر 2010 بحضور كاتبة الجلسة الآنسة سميرة الهرمي.”
رسالة جندوبة
أنور دشراوى :أستاذ تعليم ثانوى مرشد النفزاوى :إطار بوزارة الصحّة سجّلت ولاية جندوبة في الأيّام الأخيرة عدد من محاولات الإنتحار عن طريق حرق النفس تعمّد القيام بها بعض من المواطنين بدافع اليأس. و لسائل أن يسأل عن أسباب هذه المحاولات التي تأتي بعد أن انتهت موجة الإنتحارات بولايات الجنوب و بدأ يحلّ منطق التفاؤل بمستقبل أفضل خاصّة بعد ما أبداه الشعب التونسي بكافة مكوّناته من تعاطف مع سكّان هذه الولايات و ما اتخذته الحكومة المؤقّتة من إجراءات لمساعدتها.
للإجابة عن هذا التساؤل يجب فهم الشعور السائد لدى أغلب مواطني هذه الولاية قبل و بعد الثورة.
تعتبر غالبيّة المواطنين بها و أن ولايتهم بقيت خارج الضوء و لم تستقطب اهتمام الرأي العام السياسي في خضم هذه الثورة و ما أفرزته من وعي لدى الحكومة و الرأي العام بضرورة الإهتمام بالمناطق المحرومة. و يعتبر أهالي هذه الولاية و أنّ الثورة لم تفتح لهم أفق جديدة، و أنّ الحرمان الذي عاشته ربّما سيتزايد. و مما يزيد في غبطتهم و أنّ هذه المنطقة تزخر بالثروات الطبيعيّة و تساهم في توفير الأمن الغذائي للشعب التونسي. و تختزن ولاية جندوبة معظم الثروات المائيّة و الغابيّة بتونس، هذا فضلا عن ما تنعم به من مقومات السياحة بكافة أنواعها، سواء السياحة الشاطئيّة بطبرقة، أو السياحة البيئيّة و الإستشفائيّة بعين دراهم و بني مطير. و قديما كانت جندوبة تسمى أيضا مطمورة روما. و لكن لم تستثمر الدولة بما فيه الكفاية في هذه القطاعات. و لا يزال عالقا في أذهان متساكني جندوبة، كيف كانت محرومة من مياهها العذبة التي كانت تصل إلى ولايات الجنوب، في الوقت الذي كان فيه الأهالي يشربون مياه شديدة الملوحة، قبل أن تتفطّن حكومة العهد البائد و أنّ ذلك الوضع ولّد حرمان كاد أن يتفجّر. إطارات جندوبة مهمّشة
إطارات جندوبة تشكو هي الأخرى من الإقصاء و التهميش سواء على المستوى الجهوي أو الوطني ممّا يجعل مساهمتها في أخذ زمام المبادرة و التعريف بمشاغل الجهة محتشمة، و لا ترتقي إلى ما تنتظره منها القاعدة الشعبيّة. و هذا ولّد نوعا من القطيعة بين النخبة و القاعدة العريضة، بالرغم من أنّ أهالي المنطقة لا يخفون افتخارهم بأبنائهم الذين تألّقوا على الصعيد الوطني في شتى المجالات و يعلّقون عليهم انتظارات و تطلّعات كبيرة خاصّة في المرحلة القادمة. و قد حاولت إطارات الولاية في عديد المناسبات التوحّد و خلق إطار للعمل للمساهمة في تنمية الجهة، و لكن تلك المحاولات لم تعط نتائج تذكر لعدّة أسباب. و يعتبر تواجد إطارات جندوبة ضمن مواقع القرار محتشما للغاية، و يعود ذلك حسب الإعتقاد السائد لدى أهالي هذه الولاية إلى غياب الإرادة السياسيّة لدى حكم العهد البائد. قصّة جندوبة مع الحكومة
بل أكثر من ذلك فإنّ الرئيس المخلوع الذي حاول أن يظهر حرص على ضمان تمثيليّة مختلف الجهات على مستوى المسؤوليّات المتقّدمة سواء، ضمن سلك الولاّة، و الإطارات السامية أو حتى بالحكومة، لم ترق له إطارات جندوبة.
و الأغرب من ذلك و أنّ الإطارات التي دعيت إلى مناصب صلب الحكومة، و التي يقرّ الجميع و أنّها أتت جميعها من باب الكفاءة و ليس الإنتماء الحزبي أو الولاء السياسي، عرفت مصيرا مشتركا و هو الإقصاء المبكّر و غير المبرر، و ذلك بدءا من عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة. فالجميع يتذكّر قصّة الأستاذ القدير محمد اليعلاوي الذي وقعت إقالته لأسباب غامضة بعد سنة و نصف فقط من توليه وزارة الثقافة. و قد قال الأستاذ اليعلاوي بنفسه مازحا وأن بورقيبة أقاله فى إطار سنة التداول على المسؤوليات. و يتمتّع هذا الأستاذ باحترام و تقدير لا فقط لدى أهالي جندوبة و لكن لدى التونسيين جميعا نظرا لكفاءته و تفانيه في العمل و تزاهته.
و ضلّت منذ السبعينات ولاية جندوبة بدون ممثّل صلب الحكومة إلى منتصف التسعينات مع تسمية السيّد مولدي الزواوي وزيرا للفلاحة، و هو مشهود له بالكفاءة. و قد وقعت إقالته بعد مدّة وجيزة في ظروف مهينة بعد أن تعمّد الرئيس المخلوع محاسبته و الإستهزاء به خلال جلسة بثتها القناة التلفزيّة. و كانت رغبة الرئيس المخلوع من تلك المسرحيّة تتمثّل في الظهور بمظهر المدافع عن مصلحة المواطن من خلال تحقير المسؤولين، و تحميلهم مسؤوليّة أخطائه. صالح الحنّاشي أصيل ولاية جندوبة الذي شغل هو الآخر منصب كاتب دولة لم يعمّر أكثر من سنة و نصف. و لا أحد يعرف إلى الآن لماذا وقعت تسميته و إقالته. و هو ذي كفاءة عالية مشهود له بها، حيث تحصّل على دكتوراه بواحدة من أشهر الجامعات الأمريكيّة و حازاحترام التونسيين في مختلف المناصب التي تقلّدها.
السيّد فتحي المرداسي و هو أيضا من الكفاءات التي شغلت منصب حكومة لم يحد عن هذا المصيروإن كان بقى بالحكومة لفترة أطول نسبيا ألاّ انه ضاق ويلات بن على.
قصّة أخرى غريبة الأطوار فى علاقة جندوبة بالحكومة تلك التّى عرفها أحد أبناؤها وهو السيّد كمال العيّادى الذي لم يستمر بالحكومة سوى سنة وأربعة أشهر. وليس هنا وجه الغرابة بالتّحديد ولكن الغريب هو الطريقة التى تمّت بها الإقالة سنة 2007 والتى كانت مريبة للغاية حيث تم أقتحام مكتبه بوزارة التجهيز من قبل البوليس السيّاسى وحجز ما فيه بما فى ذلك أغراضه الشخصية من حاسوب ووثائق.ولم يقدّم النظام أي تفسير لذلك وتم الترويج لإشاعات مفادها ضلوع هذا الأخير في موامرة ضد الدولة ،ولكن لم تنطلى تلك الرواية على الرأى العام نضرا لم عرف به السيد العيّادى من وطنيّة ومسؤولية وكفاءة عالية معترف بها عالميّا ،وسرعان ما أكتشفت خيوط المؤامرة التى تمت بإيعاز من زوجة الرّئيس المخلوع بتأثير من حليفتها وزيرة التجهيز آنذاك لإبعاد هذا الأخير لرفضه لممارسات الفساد. . أخيرا و ليس آخرا و ليس بالعهد من قدم السيّد منجي الخميري من أبناء جندوبة الذي سمي واليا على قابس منذ أسابيع و الذي وقع إجباره على الاستقالة قبل أن يباشر أصلا مهامه رغم إلحاح أهالي قابس على عودته. فقد عرف الجميع مؤخّرا خيوط هذا اللغز المحيّر، من خلال ما صرّح به السيّد منجي الخميري بنفسه لإحدي اليوميات. والامثلة كثيرة ولايمكن بطبيعة الحال أختزال معاناة جندوبة فى هذه العيّنات ولاكن يجب النضر أيظا إلى البطالة والفقر المدقع والفساد السيّاسى الذى تسببت فيه رموز التجمّع بالجهة وكذلك بعض الولاّة الذين أعتبرو تولّيهم على الجهة مناسبة للإسترخاء حيث غنموا مما توفره من مناخ للراحة . أنور دشراوى :أستاذ تعليم ثانوى مرشد النفزاوى :إطار بوزارة الصحّة
دُمُـــــوعُ الفِــــرَاق
منْ شاعر الكاف إلى شاعر جريصة تحيّة ملْؤها المحبّة وأقول لك مرّة اخرى أجارك اللّه في مصيبتك وأخلف لك خيرًا منها ولكن هذه المرّة بطريقتي الخاصّة رجائي ان تكون في مستوى المصاب
كُـــــلّ ابْن أنْثــــــى ذاهِبٌ لِــــزوَالِ قدَرُ الإلَــــهِ الوَاحِدِ الفعَّـــــــــــالِ المَـــــوْتُ حَقٌّ والحَقِيقـــــــــةُ مُرَّةٌ مَهْما ذكَرْتُ فلَنْ يُجِيدَ مَقـــــــالِي ومُصِيبَةٌ وأشَّدُ حَـــــالَ أمُومَــــــــةٍ عَجَز الكَلامُ وقصَّرَتْ أقْــــــــوَالي كُــــلُّ المَصَــائِبِ قدْ تجيءُ صَغيرَةً وتظلُّ تكْبُرُ في ضِعَاف الحَـــــــالِ والمَوْتُ يَأتي فجْــــأةً بضَخـــــامَةٍ ويَظلُّ يَصْغُــــــــرُ ذاهِبًــــا لِزوَالِ قدَرٌ ولَيْسَ لَــــــــهُ مَفرٌّ يَـــــا أخِي إنَّ الحَيَــــــــاةَ قصِيرَةُ الآجَــــــالِ اصْبِرْ فإنِّي قدْ عَهِدْتُكَ صَـــــــابِرًا فلَقدْ صَبِرْتَ بأحْلَكِ الأحْــــــــــوَالِ سَكَبَ الحَبيبُ عَلَى الحَبيبَةِ أدْمُعًا فسَقَتْ فُــــــؤَادًا مُتْعَبًا بثِقــــــــالِ اللَّهُ يَرْحَــــــــمُ أمّنَـــــــا ويُثِيبَــــهَا بجِنَانِــــهِ في أعْيُنٍ وَظــــــــــلالِ كَتَبَ القضَــــــــــاءُ بأنْ رَأيْتَ الأمَّ قبْلَ رَحِيلِهَا نَحْوَ الفنـــــَا وزوالِ فضْلُ الإلَهِ عَلَيْكَ مِنْهُ ورَحْمَــــــةٌ رَبٌّ رَحِيمٌ وَاسِـعُ الأفْـضَـــــــــالِ فاللَّهَ أسْــــــألُ أنْ يُجيرَكَ يَا أخِي فِيمَا أصَابَكَ في العَزيزِ الغـــالِي بُشْرَى لِصَبْرِكَ أنْ ذكَرْتَ مَقالَــــهُ والصَّابرُونَ مَقامُهُمْ في العَــالِي الكَاف 22-02-2011 الأخضر الوسلاتي