المجلس الوطني للحريات بـتونس:نشرية شهر ماي 2007
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: بــلاغ إعلامي
حزب ” تونس الخضراء”: بيان حول التقرير الأخير “واقع الحريات الصحفية في تونس”
جمعية الحقيقة والعمل:انعقاد الجمعية العمومية لسنة 2007
بيان من أجل مزيد من التصالح – تعديل لقائمة الإمضاءات
محمد بن سلطان الزغلامي: توضيح وتنديد
عزالدين محمود: توضيح
الشروق: قضية ما يعرف بـ “خليّة الجنوب” – إيقاف 15 عنصرا… والأبحاث تكشف عن محاولات لصنع متفجرات!!
القدس العربي:وفد من الكونغرس الامريكي يزور تونس لبحث مكافحة الارهاب
الصباح :تونس – الولايات المتحدة:مستوى متميّز للعلاقات.. صداقة عريقة وثقة واحترام متبادلان وتعاون مثمر
موقع الحوار.نت:في ظلال الذكرى العاشرة لرحيل الشيخ مبروك الزرن
في الذكرى الثانية لتأسيس “اللقـــاء”:الدكتور خالد الطراولي في حوار شامل مع صحيفة “الوقت” البحرينية [1/2]
مرسل الكسيبي: تعليق هام على بيان “من أجل مزيد من التصالح”…
د. محمد الهاشمي الحامدي: أجران للمجتهد المصيب وللمخطئ أيضا أجر
فتحي حاج بلقــاســم: المصالحة..؟
أبو عمر المهاجر: المصالحة و ما أدراك مالمصالحة
عبدالحميد العدّاسي: مشكلة حقيقية بوعبدالله بوعبدالله: مؤتمرات المعارضة التونسية ترقص على دبكة اليسار عامر عياد: نظرة على واقع الحركة الطلابية محمد العروسي الهاني: مشاغل و هموم المواطنين تضجع و تعكّر حياة الاحرار و أصحاب القلوب الرحيمة و العقول السليمة و الوطنية النبيلة الصباح: الرئيس الموريتاني السابق ولد محمد الفال لـ«الصباح»:«لا ندعو إلى تصدير «النموذج الموريتاني»… ولكل بلد ظروفه» رضوان المصمودي: الإسلام و الديمقراطيّة – الأمّة العربيّة أمام مفترق الطرق عبدالباقي خليفة: مشكلنا مع الاستبداد أولا وأخيرا توفيق المديني: العدوان على غزة كتعبير عن أزمة الكيان برهان غليون: في الجذور العميقة لسياسات التوريث والتمديد فهمي هويدي: دعوة لوقف تدهور صناعة الفتوى
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
زيارة محمد عبّو : محاصرة وتهديد
قامت السيدة سامية عبّو بزيارة زوجها المحامي السجين محمد عبّو يوم الخميس 31 ماي 2007 تحت محاصرة بوليسية وتهديد من إدارة السجن. فقد وجدت حضورا غير عادي للبوليس السياسي في انتظارها أمام السجن المدني بالكاف كما اعترضها مساعد مدير السجن مرفوقا بعدد من الأعوان وهدّدها بقطع الزيارة عليها في صورة عدم امتثالها لتعليماته بالحديث في الزيارة عن الشؤون العائلية فقط. وقبل دخول قاعة الزيارة استوقفتها إحدى حارسات السجن لتفتيش حقيبتها اليدوية وأصرّت حتى على تفتيش حافظة نقودها. وقد تركت سامية عبّو في الانتظار ساعة كاملة جاءها بعدها مدير السجن السيد شاكر العاشوري لينبّه عليها بأنّ الزيارة يجب أن تختصر في المسائل العائلية دون التطرق إلى أخبار المنظمات والتحركات الحقوقية والسياسية. وقد واجهته السيدة عبّو بكون النظام السجني لا يحدد موضوعات الزيارة وأنّ الإدارة هي التي تخرق القانون. كما أبلغ محمد عبّو زوجته أنّه خضع لنفس التهديد من طرف مدير السجن قبل مجيئه للزيارة. وطلب محمد عبّو أن لا يتم اصطحاب أبنائه لزيارته في المستقبل خشية عليهم من أية آثار سلبية ممّا يتعرضون له كل يوم زيارة أثناء الزيارة وخلال رحلة التنقل من تونس إلى الكاف من ضغوطات أمنية. وقال محمد عبّو إنّه قد رفع شكاية في الاعتداء المعنوي والمادي إلى وزير العدل بعد الاعتداء الذي تعرض له في الزيارة السابقة عند قطعها ودفعه خارج القاعة مما تسبب له في جرح يده. وقد تلقى على إثر ذلك زيارة من مسؤول من التفقدية العامة للسجون لم يقم بالتحقيق في الاعتداء الذي تعرض له بل سأله عن أمور عامة تخص الإقامة. وتمت الزيارة بحضور 11 عون سجون موزعين بين سامية ومحمد والحاجز الذي يفصلها، فيما كان أحد الأعوان يدوّن كل ما دار في الزيارة. وتحتجز إدارة سجن الكاف جزءا من بحث الأستاذ محمد عبّو لنيل الدكتوراه يقع في 60 صفحة كان قد طلب تسليمه لعائلته ولم يقع ذلك.
محمد عبّو شاهد على حالات تعذيب في سجن الكاف
طلب الأستاذ محمد عبّو من سجنه في الكاف إبلاغ الرأي العام بوقوع حالات تعذيب داخل السجن. لا تعرف إلى حد الآن هوية الضحايا لكنّ معظم المساجين عاينوا أصوات الصياح والضرب الذي تتعمد الإدارة أن يجري بمسمع منهم.
الحالة الصحيّة لوليد العيوني تزداد سوءا
ازدادت الحالة الصحيّة والنفسيّة للسيد وليد العيوني المحال ضمن قانون مكافحة الإرهاب سوءا بعد مغادرته مستشفى الأمراض العقليّة والنفسيّة بالرازي وإرجاعه لسجن المرناقيّة، هذا وقد قامت والدته السيدة فطيمة بوراوي بإضراب عن الطعام بعد استنفذت كل اتصالاتها بكل الجهات المسؤولة من أجل الحصول على سراح مؤقت لفائدة ابنها.
خالد العيوني مضرب عن طعام احتجاجا على الاعتداءات التي يتعرّض لها
دخل السجين السياسي خالد العيوني (شقيق السجين وليد العيوني) يومه التاسع عشر من إضرابه عن الطعام احتجاجا على الاعتداءات الجسديّة والإهانات التي يتعرّض لها داخل سجن المرناقيّة، حيث قام عدد كبير من أعوان السجن المذكور بالاعتداء بالضرب العشوائي على كامل جسده بعد أن نزعوا له ثيابه، وذلك من أجل إجباره على حضور جلسة يوم 12 ماي 2007، ثم عقابا له على عدم الوقوف لهيئة المحكمة أصبح يمارس عليه أعوان السجن مختلف أشكال التعذيب والإهانة مثل الضرب واللطم و”البصاق على وجهه”. كما عاين الأستاذ عبد الرؤوف العيادي في زيارته له يوم 30 ماي أثار التعذيب وتدهور حالته الصحيّةسفيان رزيق يدخل يومه الخامس من إضرابه عن الطعام
دخل السيد سفيان رزيق المحكوم ضمن قانون مكافحة الإرهاب بخمس سنوات سجنا و5 سنوات مراقبة إدارية يومه الخامس من إضرابه عن الطعام احتجاجا على الظروف السيئة والمعاملة اللاإنسانيّة داخل سجن الكاف، حيث تم نقله يوم 25 ماي 2007 من سجن المرناقيّة إلى سجن الكاف. هذا وقد تعمّد أعوان السجن يوم الأربعاء 30 ماي قطع الزيارة بينه وبين عائلته عندما حاول إخبارهم بالظروف السيئة داخل سجن الكاف.الاعتداءات على السجين علي الحرزي لازالت متواصلة
علم المجلس الوطني للحريات بتونس أن الاعتداءات على السجين علي الحرزي المحال ضمن قانون مكافحة الإرهاب لازالت متواصلة، إذ تعمّد أعوان سجن المرناقيّة الاعتداء عليه بالضرب واللطم والشتم.
أعوان فرقة أمن الدولة يواصلون إعادة بحث المساجين والموقوفين
تمّ يوم 2 ماي 2007 إعادة بحث السجين أسامة عبادي الموقوف في القضية عدد 7717/1 داخل سجن المرناقيّة بمكتب قاضي تنفيذ العقوبات من قبل أعوان فرقة أمن الدولة بعد أن وجّهت له تهمة نشر رسالة من داخل السجن يحرّض فيها المجتمع التونسي ضد السلطة ويدعو لتبني الفكر السلفي الجهادي. كما تمّت إعادة بحث السجين وائل العمامي الموقوف بسجن المرناقية ضمن قانون مكافحة الإرهاب ثلاث مرّات متتالية في شهر أفريل 2007 وذلك يوم 23 أفريل ويوم 25 ويوم 27، وأجبروه على التوقيع على محضر بحث.حالات الإيقاف والاختفاء لم تنتهي
تمّ يوم 24 ماي 2007 إيقاف كل من الشاب عبد الله بوالقتاتي (19 سنة)، والطالب أنيس بن عيسى (22 سنة) من طرف أعوان البوليس السياسي، وظلّ مصيرهم مجهولا من قبل عائلاتهم رغم كل المجهودات والاتصالات التي قاموا بها. كما رحّلت السلطات السويسريّة يوم الأربعاء 24 ماي 2007 السيد الصحبي السلامي (26 سنة) باتجاه تونس، ولازالت عائلته تجهل مصيره. وقد تقدم محاميه الأستاذ عبد الرؤوف العيادي يوم 31 ماي 2007 إلى وكيل الجمهورية بتونس بعريضة للاستعلام عن مصيره سجلت تحت عدد 7029588/2007.
ترهيب متواصل لسجين الانترنت رمزي بالطيبي
لا يزال سجين الانترنت علي رمزي بالطيبي محلّ مضايقة مستمرة داخل سجن المدينة ببنزرت. فقد تكررت الاعتداءات الجسدية عليه ومضايقته أثناء الزيارة لمنعه من الحديث عن ظروف إقامته وعن تحركات المحامين والمنظمات بشأن قضيّته. وكان رمزي بالطيبي قد رفع شكايتين في التعذيب ضد إدارة السجن لم يتم النظر فيهما. وقد عبّر لعائلته عن خشيته على حياته من زيارة موظفين بالزي المدني يقومون باستنطاقه من حين إلى آخر. وقد حكم على بالطيبي بـ4 سنوات سجنا في ماي 2005 من أجل إعادة نشر بيان لمنظمة غير معروفة على موقعه على الانترنت.
1. مسألة المعطلين الذين تخضع وضعياتهم للمقاييس التي وضعتها الوزارة للانتداب خاصة حاملي الشهادات من العائلات المعوزة المنخرطين بالإتحاد والذين استثنوا من دورتين سابقتين للانتداب. 2. مطلب التغطية الصحية والنقل المجاني كمطالب آنية أعلن هذا الأخير أنهما يعودان بالنظر إلى كل من وزارة الصحة ووزارة النقل. 3. تمسك الإتحاد بالحوار الجدي مع المسؤولين ومع كل المؤسسات بعيدا عن كل مظاهر التشنج التي تتسبب فيها وتغذيها المتابعة اللصيقة والاعتداءات المجانية من قبل البوليس لمناضلي ومناضلات الإتحاد. 4. حث الوزارة على ضرورة النظر في ملفات المعطلين عن العمل والتي قدمت في مناسبات سابقة وانتداب الحالات الأكيدة والملحة منها. 5. تحديد موعد لاحق للنظر في ما تمت مناقشته.
وإذ يثمن إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل الظروف التي تمت فيها هذه المقابلة وما ترتب عنها ولكنه يؤكد على أن العمل حق مشروع وما على هذه المؤسسات إلا البحث عن آليات جديدة والقطع مع الممارسات اللامسؤولة التي أصبحت تسمها كالرشوة والمحسوبية وعقلية الإقصاء على خلفية الانتماء السياسي أو ما شابه،وعلى مواصلة النضال من أجل حق المنظمة في الوجود القانوني والتمويل العمومي كحق يكفله قانون الجمعيات لسنة 1992 . كما يوجه الإتحاد دعوة أكيدة إلى كل مكونات الحركة الديمقراطية بالبلاد إلى المساندة الفعلية والعملية للإتحاد في ظل غياب الموارد المادية التي تضمن تواصل الإتحاد مع المعطلين في الجهات واستكمال خطوات تأسيس هذه المنظمة الوطنية. إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل التنسيقية الوطنية المكلف بالإعلام الحسن رحيمي 21918197
حزب ” تونس الخضراء”
بيان حول التقرير الأخير “واقع الحريات الصحفية في تونس”
تلقينا ككل التونسيين التقرير السادس المعد من طرف جمعية الصحافيين بتاريخ 3 ماي 2007 بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة ولا يفوتنا بهذا المناسبة أن نبدي الملاحظات التالية :
1/ أن التقرير الأخير وإن كان عاما وشاملا لم يتمكن (خاصة وأنه يصدر من هيئة مهنية إعلامية ذات خبرة) من التعمق في أهم القضايا التي تعيشها البلاد والمتعلقة أساسا بواقع الحريات العامة والصحفية في تونس الذي لم يتغيّر منذ عشرات السنين باستثناء بعض المبادرات المضيئة التي برزت في الصحف الغير رسمية وصحف المعارضة .
2/ أن هذا التقرير جاء مغاير لما سبقه من تقرير تضمن كثيرا من الجرأة في نقد واقع الحريات الصحافية الشيء الذي جلب له معاداة بعض الجهات التي أوكلت لنفسها احتكار العمل الصحفي والتصرف الشخصي في شؤونه على غرار ” العزبة الخاصة” أو بالفرنسية Chasse gardée » « ولا نبوح بسر لأحد عندما نقول أن كبرى الصحف الرسمية أصبحت مصدرا أساسيا لهذه التصرفات، حيث يتم تعيين رؤوسها من المقربين في “الديوان ” أو غير ذلك من أصحاب العلاقات الخاصة نظرا للولاء وإسداء الخدمات الإعلامية الأخرى.
إن هذه التصرفات هي المسؤولة عن واقعنا الإعلامي المتدهور رغم ما تزخر به البلاد من طاقات خلاقة ومؤسسات تكوين وصحف كبرى تخرج منها إعلاميين أفذاذ مشهورين .
لقد أصبح إعلامنا محنطا لا روح فيه و لا تجديد ولا حركية خلاقة، الشيء الذي ترك المجال واسعا لفضائيات الشعوذة والتدجيل للتأثير في الرأي العام في بلادنا وخاصة الشبابي منه.
أما عملية “كراء” حصص في فضائيات خارجية وإيهام الرأي العام بمناظرات كبيرة على غرار فضائيات عربية، فإن هذا يعد إهدار للمال العام ونتائجه سوف تكون عكسية لمن يتصور أن هذا الأسلوب كاف لكي نعوّض لدى التونسيين قناعتهم الحالية وفقدانهم لثقتهم بمصادر الخبر في بلادنا ولنا عبرة في الأحداث الأخيرة المتمثلة في المحاولة المسلحة السلفية والتي وقع التعتيم عليها منذ اللحظات الأولى .
3/ لقد تعرّض التقرير السادس إلى ظاهرة انتهاك أخلاقية للمهنة مؤكدا أن ” أسلوب التشخيص والتخوين وهتك الأعراض جاء نتيجة عدم تطبيق القانون والتمادي في ممارسات مخلّة بشرف المهنة”. وأننا نسجل بكل ارتياح إدانة التقرير لهذه التعديات والتي نالت السيدة “كاتزاراس”، فلا يفوتنا أن نذكر ( لأن السهو جائز) بما صدر في حق المنسّق العام لحزب تونس الخضراء” من ثلب وتخوين في جريدة الشروق(والتي يعد السيد جمال الكرماوي المتصدر للجنة التقرير من أبرز المشرفين عنها)، بتاريخ 01/11/2006. ورغم تسليمنا حق الرد في نفس اليوم للسيد عمر الطويل أحد مسئولي الجريدة لم تمكنّنا الجريدة من حق يكفله لنا القانون – الشيء الذي دفعنا إلى اللجوء إلى القضاء وتظلّمنا لدى السيد وكيل الجمهورية بتاريخ 20 نوفمبر 2006 تحت عدد 295/كص
ولقد مكّنتنا جريدة الموقف مشكورة من نشر حق الرد بتاريخ 10 نوفمبر 2006.
هذه بعض الملاحظات عن التقرير السادس لجمعية الصحافيين والتي نحيّيها لهذا العمل المتواصل ونرجو لها التوفيق وكذلك ” الجرأة …. الجرأة مزيدا من الجرأة” في معالجتها لقضايا الحريّات والإعلام في بلادنا.
تونس في 1 جوان 2007 .
المنسق العام لحزب ” تونس الخضراء”
عبد القادر الزيتوني
انعقاد الجمعية العمومية لسنة 2007
تعديل لقائمة الإمضاءات
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان
من أجل مزيد من التصالح
مرّت سنة تقريبا على بيان أصدرناه كمجموعة من التونسيين بالمهجر تحت عنوان “من أجل إنهاء ماساة طالت“، جوهره الدعوة إلى استخلاص الدروس من تجربة عشناها في إطار “حركة النهضة” و تعبيرا عن تبايننا مع منهجية تعاطي قيادة هذه الحركة مع قضايا جوهرية تهم جميع التونسيين أهمها موقع الإسلام في الصراع السيـاسي و الحـزبي، و قضية المساجين و عودة المغتربين.
و إننا إذ نعود اليوم لهذه المواضيع لاعتقادنا بأن ما أثارته من جدل يجب أن يرتقي إلى مستوى الحـوار الجـاد و البنـّاء، و لا يبقى في مستوى ردود الأفعال التي تراوح في أغلبها بين التشهير و المغالطة.
نعود اليوم لنذكّر بما طرحناه من قضايا و لنسجل ما تحقق من نقاط ايجابية و لو جزئيا:
1- بالنسبة للمساجين تم إطلاق العديد من قيادات حركة النهضة بموجب عفو رئاسي على دفعات متتالية، نعتبر ذلك رغبة في إنهاء هذه المأساة و طيا لصفحة الماضي. في مقابل هذا التوجه شنّت قيادة النهضة حملة تشكيك في مسار التسوية و محاولات تشويهه، تارة بالسباب و أخرى باتهام السّلطات التونسية بالمناورة و المغالطة.. و يكفي مراجعة المقالات التي صاحبت فترة إطلاق سراح هؤلاء الأخوة، للتأكد من أنها كانت في مجملها سلبية. مثلما يردّد رئيس الحركة في العديد من المناسبات أن خروجهم لا يعدو أن يكون انتقالا من سجن صغير إلى السجن الأكبر.
و بمناسبة هذا البيان، نرجو من سيادة رئيس الدولة أن يوسّع دائرة العفو لتشمل من تبقى من المساجين و تمكين المسرحين من استرداد حقوقهم.
2- فيما يتعلّق بقضية العودة إلى أرض الوطن، فانه برغم الحملات الغوغائية، التي حاولت إفشال هذه المبادرة التي طرحت في إطار لجنة مكلفة من رئيس الجمهورية، و ذلك بالتشكيك في مصداقيتها و اتهام كل من انخرط فيها بالخيانة أو السذاجة، فإننا نسجل أن خيار العودة يتقدّم يوما بعد يوم، خاصة و أن السلطات التونسية تعاملت بكل ايجابية في معالجة هذا الملف، و فتحت الباب أمام العديد من الأخوة لاسترداد جوازاتهم و الرجوع إلى أهلهم و وطنهم.
أمام هذا التطور الإيجابي لا يسعنا إلا أن نؤكد أن الإسراع بتسوية وضعية اللذين تقدموا بمطالب للحصول على جوازاتهم و فتح الباب أمام الراغبين في العودة إلى وطنهم العزيز تونس سيساعد من لا يزال في نفسه شكّ أو تردد على أخذ قراره بيده و أن لا يترك للأحد وصاية على مصيره و مصير أبنائه، فتونس لكل أبنائها.
3- نؤكد من جديد أن سياسة المغالبة التي تنتهجها قيادة حركة النهضة في علاقتها مع السلطة تساهم في تمديد مأساة من تبقى من المساجين، كما أن إصرار هذه القيادة على نهج التشهير و التشكيك في أي مبادرة يعتبر هروبا من المحاسبة و تنصلا من المسؤولية و تأبيدا للاحتقان السياسي. ذلك أن تلخيص تاريخ الحركة الإسلامية السياسية بتونس في “ضحية و جلاد” دون التطرق بعمق إلى جوهر الأزمة و تفكيك رموزها، لن يسمح للأجيال القادمة ولا الحاضرة بالفهم الدقيق لتدافع الأحداث على الساحة في تونس. فالسياسة لا تقوم على حسن النوايا و العواطف الجيّاشة، و لا أيضا على الحقد الأعمى و حجب الحقائق.
إن مراهنة هذه القيادة على بعض التحالفات الوهمية مع بعض الأطراف، مهما قدمت من تنازلات، فإنها لن تكسب منها سوى مزيد من العزلة عن واقع تونس و الإنبتات عن هويتها، فمتى يدرك هؤلاء حجم المأساة التي ساهموا في تأبيدها؟
4- نعتقد أن الوقت قد حان لرسم قواعد مبدئية حول موقع ديننا الحنيف في حياتنا الجماعية و الحيلولة دون توظيفه في الصّراعات الحزبية.
إن الإسلام يعتبر بمقتضى الانتماء التاريخي لبلادنا و المرجعية الدستورية لدولتنا دين الجميع و القاعدة المشتركة بين كل التونسـييـــن و بالتالي لا يحق لأي جـهة سياسية أن تحتكره أو تسعى لاحتكاره لغاية توظـيفه لفرض وصاية فكرية أو عقائدية، تشرّع بها لإدانة غيرها.
كما لا يحقّ لأي جهة أو تيّار القيام على أساس معاداة الإسلام بدعوة حرية المعتقد، المحفوظة لكل تونسي بحسب الدستور.
و نرى أن هذا الوفاق الاجتماعي حول إدارة الشأن الديني، لا يتم إلا عبر إعادة الاعتبــــار للمؤسسة الدينية الرســـــمية و تفعيل كل هيأتها و وظائفها كي تقوم بدورها في التوجيه التربوي و الأخلاقي الذي يضمن تحصين شبابنا ضدّ ظاهرة الغلو و التطرف الذي اكتوت بناره مناطق عديدة من امتنا العربية و الإسلامية، كما تحفظ مجتمعنا من ظواهر التسيب الأخلاقي و الإنبتات الحضاري.
والله وليّ التوفيق.
الأربعاء 30 ماي 2007
|
الإمضاءات الأولية : |
|
|
فرنسا |
عبعاب |
الأزهر |
1 |
فرنسا |
العماري |
محمد |
2 |
دنمارك |
التونسي |
رضا |
3 |
فرنسا |
الأسود |
د.عبد السلام |
4 |
فرنسا |
بصيد |
محمد الهادي |
5 |
فرنسا |
الخليفي |
ياسين |
6 |
دنمارك |
بن علي |
مصطفى |
7 |
فرنسا |
العرضاوي |
د.محمد بن الطاهر |
8 |
فرنسا |
بسرور |
كمال |
9 |
فرنسا |
الخليفي |
علي |
10 |
فرنسا |
القنطاسي |
محمد الطاهر |
11 |
فرنسا |
العزابي |
عمر |
12 |
فرنسا |
ضو |
محرز |
13 |
فرنسا |
الرياحي |
خالد |
14 |
سويسرا |
العونلي |
صالح |
15 |
سويسرا |
بن حسين |
بو لبابة |
16 |
فرنسا |
زيد |
منصف |
17 |
فرنسا |
درين |
لزهر |
18 |
فرنسا |
العويني |
نورالدين بن الشادلي |
19 |
سويسرا |
بالنور |
محمد علي |
20 |
فرنسا |
ڤزارة |
محمد |
21 |
فرنسا |
البعطي |
ماجد بن علي |
22 |
فرنسا |
الماجري |
احمد بن عمّار |
23 |
فرنسا |
الزغلامي |
محمد بن سلطان |
24 |
فرنسا |
الفطناسي |
مختار بن احمد |
25 |
سويسرا |
محمود |
عز الدين |
26 |
فرنسا |
بن رمضان |
مهدي بن محمد |
27 |
فرنسا |
القليعي |
فؤاد |
28 |
فرنسا |
المناعي |
د.احمد |
29 |
فرنسا |
الماجري |
خميس بن علي |
30 |
لندن |
الحامدي |
د.محمد الهاشمي |
31 |
سويسرا |
الشابي |
منصف |
32 |
فرنسا |
الهمامي |
معز |
33 |
فرنسا |
بن عكاشة |
عكاشة |
34 |
فرنسا |
بوغطاس |
منير |
35 |
ندعو الأخوة و الأخوات الراغبين في دعم هذا النداء، إرسال التّوقيعات على العنوان التالي: bayenmai2005@yahoo.fr
متابعة لقضية “القنبلة الهيدروجينية”(؟) في جنوب البلاد التونسية!
قضية ما يعرف بـ “خليّة الجنوب”: إيقاف 15 عنصرا… والأبحاث تكشف عن محاولات لصنع متفجرات!!
صحيفة: تونس تحقق مع مجموعة حاولت صنع قنبلة
هيدروجينية
وفد من الكونغرس الامريكي يزور تونس لبحث مكافحة الارهاب
تونس – الولايات المتحدة: مستوى متميّز للعلاقات.. صداقة عريقة وثقة واحترام متبادلان وتعاون مثمر
تونسي يعود للسجن بسبب طريقته للاحتفال بالخروج منه
ثلاث حلقات تلفزية في قناة المستقلة مع د. عبد الجليل التميمي
في ظلال الذكرى العاشرة لرحيل الشيخ مبروك الزرن
(يونيو حزيران 1997 ـ يونيو حزيران 2007)
الدكتور خالد الطراولي في حوار شامل مع صحيفة “الوقت” البحرينية [1/2]
الجزء الأول
هذا الحوار يؤكد قيمة المعرفة في فهم الحركة الإسلامية وظروفها المتبدّلة، فالطراولي ساهم بشكل جاد في الكتابة الفكرية لقضايا الحركة الإسلامية، ومؤلفاته تقدّم نموذجاً مهماً في معالجة مأزق الإسلاميين المعاصرين بروح كشفيّة ومتوازنة، وتبرز أهمية ذلك أكثر مع انخراط الطراولي في الممارسة العملية للفكر الإسلامي السياسي عبر حركة ‘’اللقاء الإصلاحي الديمقراطي’’ الذي يقوده من خارج تونس. ما هو توصيفك الحالي لواقع الحركة الإسلامية في! المغرب العربي عموما؟ من حيث التقانة الفكرية، والتسديد الواقعي، والقدرة على إنجاز المشاريع والشعارات؟
– لا يخرج حال الحركة الإسلامية الإصلاحية المغاربية عن واقع الحركة الإسلامية عموما والتي يجتمع فيها المغرب والمشرق على السواء، رغم بعض الخصوصيات التي يفرضها عامل التاريخ والجغرافيا والبيئة السياسية والاجتماعية المحيطة. فالحركة الإسلامية تعيش ولا شك فترات خصب وجدب، مثل كلّ الحركات السياسية التغييرية، حسب علاقتها بالواقع الخارجي وعلاقتها بذاتها عبر بلورة برامجها ومشروعها، وعلاقتها بمؤسسات المجتمع المدني، وبالسلطة الحاكمة، وعلاقتها بالصحوة الدينية. ونجاحها أو فشلها مرتبط بإيجاد نقطة التوازن التي تؤهلها أن تلعب دوراً أساسيا وفعّالا داخل المشهد العام لبلدانها، وبتحكيم ذكي وراشد لفقه الأولويات الذي كثيرا ما شابهه عدم وعي بالمرحلة وضروراتها، وغياب فكر نقدي وميكانيزمات مؤسساتية لمراجعة التنظير والممارسة.
معضلات الحركة الإسلامية إذا أردنا الإطلال على المعضلات التي واجهت مشروع الإصلاح داخل الحركة الإسلامية، فماذا يمكن القول؟ – لقد رافق مشروع الإصلاح الذي حملته الحركة الإ! سلامية هناتٌ ومعضلات في مستوى المنهجية والماهية والهدف، رجّت أطراف الم شروع وساهمت في ضبابيته عند أصحابه وذويه، قبل خصمه ومنافسيه، وساعدت على انتكاسة بعض الأطراف، وتهميش البعض الآخر، ودخول البعض في متاهات العنف والمواجهة. فعلى مستوى منهجية الإصلاح، فإذا كانت السلمية منهجاً ظاهراً للخطاب في مفهومه للتغيير، إلا أنّ واقع الممارسة قد أخلّ بهذا الطرح ووقعت الحركة الإسلامية في فخّ المواجهة وردّات الفعل، وحملت ولا شك نصيباً في هذا الانحراف في بعض بطونها، فأصبحت منهجية الإصلاح عند البعض تغييراً قسرياً، أو انقلاباً عسكرياً، أو مواجهة شاملة رغم عدم توازن القوى، فوقع المحظور ودخلت الحركة الإسلامية في بعض المواقع والأزمنة أنفاقا مظلمة من التشريد والنفي والجور. وفي مستوى الماهية، فقد غلب على مشروع الحركة الإسلامية إجمالاً التذبذبُ والفراغ وحتى العدم في بعض الأحوال، وعوّضت الشعاراتُ والرموز عبء الاجتهاد والبناء، وكانت الإضافات والإبداع نابعاً من خارجها، وكثيراً ما عقًم الداخل عن الإنجاب والإنشاء إلا ما ندر. أما عن الهدف، فكثيرا ما كانت إسلامية الدولة وتطبيق الشريعة في مستواها الجزائي، هو الهمّ الأكبر والهدف الأسمى، حتى اختُزِل مشروع الإصلاح عند بعض الحركات ا! لإسلامية في تغيير عنوان القصر وقطع الأيادي ورجم الزاني، وأصبح شعارها ‘’إن الله يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن’’، ومن أجل ذلك هيمن السياسي وهُمِّشت أبعاد الثقافة والنفس والاجتماع.
وكيف تطبّق هذه النظرة النقدية على الواقع المغاربي عموماً؟ – الواقع المغاربي يحمل هذه المواصفات بنسبيةٍ معينة ولا شك، مع لافتاتٍ أخرى تكاد تميّز الحركة الإسلامية في المغرب العربي عن مثيلاتها الشرقية من جهة، وعن بعضها البعض من جهة أخرى، فتجربة الحركة الإسلامية التونسية هي غير الجزائرية وغير المغربية من حيث الخصوصية التاريخية والتقانة الفكرية والإنجاز الواقعي والقدرة على بلورة شعاراتها إلى واقع ملموس، هذا إذا سمح الواقعُ بذلك. فالتجربة الجزائرية مخضرمة، بعضها واجه السلطة وبعضها هادنها، وهي تجربة مريرة وحزينة على أكثر من باب، لأنها حملت معها صناديق الموت ومسارات حمراء، وطرحت أسئلة أكثر مما أجابت عليها وتركت أسئلة معلقة ونقاط استفهام كثيرة. ولا يمكن استرجاع ثقة الجمهور- ومن ورائها عوامل الجدوى والنجاح- إذا لم يتبلور خطابٌ مدني واضح المعالم والأهداف ينبني على تقييم كامل لتاريخ التجربة وتحمّل مسؤو! ليات المراجعة والمحاسبة حتى يتمّ التجاوز على أسس سليمة دون مناطق ظل.
الزخم المعرفي ميزة الحركة الإسلامية المغربية؟ وفي هذا الاتجاه، كيف تحلّل التجربة الإسلامية المغربيّة؟ – التجربة المغربية لها خاصيّاتها، أقلها الإطار السياسي الملكي المنفتح نسبيا، ووجود تعدّدية سياسية فتحت الباب -ولو ببطء أحياناً- لتمثيل سياسيّ ذي مرجعية إسلاميةٍ ووجود أربعة أحزاب في هذا الِشأن. كما تميّز الوضع المغربي بوجود مناخ تديّني أصيل يعبّر عن كلّ أطياف المجتمع، مما شكّل عنصراً ضاغطاً ويسّر هذه القفزة النوعية نحو التمثيل السياسي. ولعلّ الخاصيّة المهمة التي تحملها الحركة الإسلامية المغربية بكلّ أطيافها والتي مكّنت للتجربة وأعطتها نوعاً من الجدّية والفعالية؛ فهو وجود زخم فكري ومعرفيّ يحمله إطارها السياسي، وهي كما يقول الدكتور الريسوني -أحد أعمدة الحراك السياسي والدعوي الإسلامي في المغرب- إن الحركة الإسلامية المغربية تشكّل أكثر الحركات الإسلامية تمكناً معرفياً وفكرياً وثقافياً وذلك نتيجة ما عاشته من مواجهاتٍ وتحدياتٍ وتجارب تجاه أطروحات اليسار المهيمنة والضاغطة في بعض الفترات السابقة. وهي في الحقيقة فلتة في المشروع الإسلامي عموماً نظرا لضموره في بقاع كثيرة أخرى، ! وهذا الإلمام المعرفي والفكري، وحتى لا نبخس الناس أشياءهم، ليس محصوراً في الحركة الإسلامية المغربية ولكنه يعبر كل المشهد السياسي المغربي
وأخيراً، ماذا يمكن القول في هذا الشأن حول بلدك تونس؟ – إن انغلاق المشهد السياسي في تونس عسّر على الحركة الإسلامية التواجد الفعلي وجعل موطنها الأساسي إما المهجر مشرّدة بين المنافي، أو السجن والملاحقة. وليست الحركة اٌلإسلامية نشازاً في عدم السّماح لها بالوجود القانوني، فأحزاب أخرى لا تزال خارج المشهد رغم جماهريتها وتاريخها. والحقيقة أنّ التدافع المرير الذي وقع منذ عقد السبعينات من القرن الماضي بين السلطة والحركة الإسلامية والذي أدّى إلى مآس كبيرة؛ أضعفَ كلّ البناء وجعل كل همّ الحركة موجّهاً إلى القضية الحقوقية في لمّ شمل أبنائها وإعانة المشرّدين منهم وأُسَر المسجونين. ولعلّ ارتهان الفكري والمعرفي بالحقوقي أضعفَ البناء النظري، وهي إحدى الهنات الكبرى التي يحملها المشروع ولا يزال. ولعل خصوصية التجربة التونسية أيضا تكمن في أحادية التمثيل الإسلامي في المشهد السياسي، مما ساهم ولا شك في تعميق المأساة وجعلتها أكثر إيلاماً وتجاوزاً، فلم يتوا! جد خطابٌ آخر بديلٌ يلملم الجراحَ ويسعى إلى التلطيف ويطرح رؤيا وتصوراً وقراءة مغايرة ويتجاوز المأزق الذي ساهمت فيه السلطة بالنصيب الأكبر، ولكن لا يلغي نصيب الحركة الإسلامية ممثلة حينذاك في حركة النهضة. لقد وقعَ المحظورُ ودخلت البلادُ في سنين من الجمر.
مشكلة الحركة الإسلامية في تونس؟ هل يمكن الحديث الآن عن فارق تأخري كبير بين الحركة الإسلامية في تونس وتلك التي تتحرك في المغرب مثلا؟ ما هي مقارنتك للحركة الإسلامية في تونس وتلك في المغرب؟ – كما قلت لك آنفا؛ فالحركة الإسلامية عموماً لها مواصفات موحّدة تجمعها وتتجاوز الإطار الزماني والمكاني، كما أن الإطار الجغرافي والتاريخي يجعلها تتميّز عن بعضها البعض. وبين الحركة الإسلامية في تونس وشقيقتها في المغرب اجتماعُ المرجعية والعمل المدني الإصلاحي، مرجعية الإسلام والمنهجية الديمقراطية، فالجميع يلتقي على العمل السّلمي والإصلاحي من خلال قوانين الدولة واحترام مؤسساتها، وهو التزامٌ مبدئي لا يتزحزح وليس موقفاً تكتيكياً يعيش اللحظة بتقلباتها ولكنه موقفٌ حضاري واستراتيجي ثابت. غير أن خصوصيات الواقع الذي يتحرك فيه كلّ طرفٍ جعل أحدهما يتقدّم نحو مواطن الفعل كتجربة حزب العدالة والتنمية في المغرب وما ينتظرها في الاستحقاقات الانتخابية المستقبلية. أما الحركة الإسلامية التونسية الحالية بطرفيها الاثنين حركة النهضة واللقاء الإصلاحي الديمقراطي؛ فإنها بقيت خارج إطار الفعل السياسي المباشر نظراً للحظر المضروب على كلّ نفَسَ إسلامي. وهذا الاختلاف هو في الحقيقة اختلافُ درجة عمل، نظراً للواقع المحيط والبيئة الحاضنة، وليس اختلاف جدوى أو فعالية، رغم أني لا أنكر أو أهمّش نسبية هذا الطرح حيث تدخل عوامل المرونة السياسية وفهم مستجدات المرحلة وفقه الأولويات على الخط لتشكّل حسب نظري عواملَ مهمة لا يجب استنقاصها في فهم التمايز بين التجربتين، والتي نجدها أكثر بروزاً عند الطرف الإسلامي المغربي بكل أطيافه.
هل يعني ذلك أنّ الحركة الإسلامية التونسية يمكن أن تتقدّم لو ارتفع الإشكال السياسي فيها؟ – أكاد أجزم أنّ مناخ الحريات والتعدّد السياسي غير المغشوش لو توفر في تونس بالشكل المرضي لتمكّنت الحركة الإسلامية من إثبات وجودها وتجاوز نقائصها بسرعةٍ، ولأضحت الفعّالية والجدوى من مميزاتها نظراً لتجاربها السّابقة في التدافع السياسي، شريطة أن تعي بكلّ رصانةٍ تاريخها بسلبياته وإيجابياته وتبتعد عن التفسير التآمري لأمْسها، ولا تغفل عن الأسباب الذاتية للسقوط والفشل. و’’اللقاء الإصلاحي الديمقراطي’’ رغم حداثة تأسيسه سنة 2005 وعدم تحمّله لرواسب المراحل السابقة؛ إلا أنه يسعى بكلّ جهدٍ إلى إرساء عقلية وثقافة المؤسّسة داخل كيانه، الكفيلة حسب زعمنا بتجاوز الكثير من السلبيات التي يحملها خطابُ ومشروع الحركة الإسلامية، وهو الطريق الصّواب نحو حركةٍ معاصرة لا تعيش على هامش اللحظة وهامش الحدث وعلى ردّات الفعل.
ركائز لحركة إسلامية معاصرة؟ إذا وصلنا هذه النقطة، فما هي تصوّراتك للإمكانات الفكرية والمناهجية المطلوبة لتأسيس حركة إسلامية معاصرة؟ – الحركة الإسلامية ليست ‘’روبنسون كريزوي’’ في جزيرته النائية! وهي ليست حركة تعيش خارج التاريخ، ولا تعيش منبتة عن واقعها، بل هي وليدة تاريخ وجغرافيا، وتعيش هذا التاريخ وهذه الجغرافيا بكلّ رشدٍ وأريحية. هذه هي الركيزة الأولى نحو بناء هذه الحركة الإسلامية المعاصرة غير المنبتة وغير المسقطة على واقع لا يتوقف عن الحراك، حيث يجب استشعار هذا الحراك ومعايشة التحدّي المتجدّد والمنبثق عنه. ومن هنا تتجلى أهمية تلازم البعد المبدئي والبعد البراغماتي في أطروحاتها، هذا التلازم الذي أخفقت فيه نسبياً الحركة الإسلامية، حيث لا يزال! البعضُ يرى أن هناك تضارباً بين المصلحة والمبدأ، بين البراغماتية والثوابت، بين النظرية والواقع. ويوم تحسمُ الحركة الإسلامية هذه المفارقة تكون قد قطعت جزءاً من طريق الوعي والرّشد وفهمت فقه الأولويات الذي كما قلتُ لك سابقا لا يزال يعيش تشوّشاً في العقول وتهميشاً في الممارسة، وتدفع من جرائه الحركة في بعض الأزمنة والمواقع ثمناً باهظاً. الركيزة الثانية الأساسية لبناء هذه الحركة الإسلامية المعاصرة- وهي مرتبطة بالأولى- هو التعويل على البناء الفكري والمعرفي والإنتاج العلمي، فلا يمكن أن تكون الحركة واعية بمرحلتها إذا هيمنت الأمية الشرعية والمدنية في صفوفها. وأنا أزعم أنّ هذا الجانب المعرفي والفكري يشكل خللاً مهماً في البناء وله مضاعفاته وتأثيراته على الحركة نفسها وعلى مسار التغيير الذي تهدف إليه. ألا ينال الإنسان الاستغراب حين يجد أن أكثر الكتابات السياسية والفكرية لبعض الحركات الإسلامية يكاد ينحسر في بعض قادتها أو في رئيسها، ولذلك في تونس مثلا تكاد تنحسر الاجتهادات الشرعية والفكرية لحركة النهضة في كتابات زعيمها الشيخ الفاضل راشد الغنوشي.
الضّمور المعرفي في الحركة الإسلامية ؟ ما هي في رأيك عوامل هذا الانحسار والضمور المعرفي في أبنية الحركة ا لإسلامية؟ – اعتبارات كثيرة ساهمت في ضمور الجانب المعرفي لدى الحركة الإسلامية. نعم ساهمت السلطات الحاكمة في استنزاف طاقات الحركة ودفعها إلى الإنكباب على معالجة قضاياها الحقوقية من تشريد وسجون، والتفرّغ للكرّ والفرّ السّياسي الضيق، ولكن وحتى لا نقع مجدّداً في التفسير التآمري للتاريخ، فإنّ نصيب الحركة الإسلامية لا يجب تجاهله، ويتجلى ذلك خاصة في الهيمنة النسبية للتنظيم وانحسار مساحات الحرية، حيث لا يجتمع الإبداع والتضييق تحت سقفٍ واحد. ولكي أكون أكثر وضوحاً فإني أرى أن الإبداع بصفةٍ عامة يهاب مناطق الحذر المغشوش والتقييد الخاطئ المبني على قلة علم أو وعي. فالإبداع منازله الحرية وفي هذا الباب نرى أن الحركة الإسلامية لا تزال تعيش صولة التنظيم وهيمنته. ألا يمكننا أن نتعجّب حين نرى إبداع الكثير من طاقات الحركات الإسلامية وهم خارج تنظيماتهم بعد انسحابهم أو تواجدهم خارجها! فتجربة البنوك الإسلامية قد نجحت نظراً وفعلاً من قبل إطاراتٍ خارج تنظيماتهم، وعديد التنظيرات والاجتهادات التي تملأ مكتباتنا وتغطي الصّحف والمجلات والفضائيات تعود إلى وجوهٍ لا تعيش التحزّب والتنظيم، من أمثلة الشيخ ا! لجليل يوسف القرضاوي والدكتور محمد عمارة والأستاذ طارق البشري.
ـ يتبع ـ
صحيفة “الوقت” البحرينية بتاريخ الجمعة 1 جوان 2007 / 15 جمادى الأولى 1427
تعليق هام على بيان “من أجل مزيد من التصالح”…
مرسل الكسيبي*-:
قرأت في تمعن البيان الصادر بتاريخ 30 ماي 2007 عن مجموعة من التونسيين المقيمين بالمنفى والذين نشط أغلبهم سابقا ضمن تيار حركة النهضة التونسية , ووددت بمناسبة اصدار هذا الموقف السياسي الذي أعلن أصحابه في صراحة : “تباينهم مع منهجية تعاطي قيادة هذه الحركة مع قضايا جوهرية تهم جميع التونسيين أهمها موقع الإسلام في الصراع السيـاسي و الحـزبي، و قضية المساجين و عودة المغتربين” , وددت حينئذ ابداء مجموعة من الملاحظات العامة حول توقيت ومضامين البيان : 1- أسجل عدم اعتراضي على مبدأ المصالحة الوطنية العادلة والشاملة والاخذة بأسباب العدل واسترجاع الحقوق ورفع المظلمة عن شرائح واسعة من أطياف المجتمع الأهلي في تونس أو خارجها , وهو مايعني بوضوح بأن تصالح الدولة مع المجتمع بات أمرا ضروريا ومستعجلا لايحتمل التسويف أو المماطلة أو التأجيل . 2- أعتبر توقيت اصدار البيان المشار اليه توقيتا غير متناسب مع الظرف السياسي والحقوقي العام الذي تمر به تونس ,حيث أنه لابد من تأسيس مثل هذه البيانات على خطوات ايجابية تعبر من خلالها الأجهزة السياسية والأمنية عن حسن نيتها تجاه المجتمع وقواه الحية وهو مالم يحصل على مدار الأشهر الأخيرة , اذ شهدت البلاد على مدار الفترة المنقضية مجموعة من الاعتقالات والمحاكمات والخروقات والتجاوزات الخطيرة التي بدى من الواضح أنها رسالة جد سيئة في توقيت حرج كنا نأمل فيه كتونسيين وضع حد لحقبة الاعتقال والمحاكمة على خلفية سياسية كما وضع حد لتدخل الدولة في قناعات الناس الشخصية والدينية كما هو حاصل مع قضية المحجبات . 3- بدى البيان في صيغته العامة غير متوازن في النظر الى أسباب الأزمة السياسية والحقوقية في تونس ,حيث اتجه بأصابع الاتهام الى حركة النهضة التونسية ,ليعبر أصحابه في نبرة اتهامية عن رغبة في رفع المسؤولية التقصيرية والقانونية والدستورية عن صانعي القرار الرسميين : ” نؤكد من جديد أن سياسة المغالبة التي تنتهجها قيادة حركة النهضة في علاقتها مع السلطة تساهم في تمديد مأساة من تبقى من المساجين، كما أن إصرار هذه القيادة على نهج التشهير و التشكيك في أي مبادرة يعتبر هروبا من المحاسبة و تنصلا من المسؤولية و تأبيدا للاحتقان السياسي ” . ان المتأمل في هذه الفقرة المقتبسة من نص البيان ليخال الحزب الحاكم في تونس هو حركة النهضة والحزب المضطهد أو الذي يقبع مناضلوه في السجن هو التجمع الدستوري الديمقراطي , وهو مايعني بأنه كان على أصحاب البيان عدم تحميل المسؤولية في مسألة الاعتقال السياسي لغير من بيده السلطة , اذ لايعقل أن نضع الالاف من شباب وقادة الرأي في تونس في غياهب السجون أو ممارسة أشكال وحشية من التعذيب عليهم لاعتماد قيادتهم نهج المغالبة أو التشكيك أو التشهير . ليس هناك تهمة جنائية تستحق العقاب وسلب الحرية والتنكيل عبر ممارسة التعذيب المتوحش على مستوى العالم المتحضر كله تسمى “اعتماد نهج المغالبة” , والا فانه يتوجب علينا وضع العشرات من الملايين والمناضلين السياسيين في مختلف أقطار الدنيا في السجون والمعتقلات و وهو مايعد في تقديرنا سقطة كبيرة وخطأ فادح واستراتيجي وقع فيه المحررون والممضون على نص هذا البيان . بهذا المنطق المفتقد لحصافة العبارة واحكام التفكير قبل الصياغة يتوجب وضع كل المتظاهرين سابقا في أقطار أوربا الشرقية وجنوبي اتحاد الكونفيديرالية الروسية , وكذلك عشرات الملايين من سكان أمريكا اللاتينية المنتظمين ضمن حركات مغالبة يسارية في السجون والمعتقلات …!!! اعتماد نهج المشاركة أو نهج المغالبة يعد أمرا مشروعا في العمل السياسي , وان كنا من أصحاب النهج الأول-أي المشاركة- عندما يكون هناك مناخ طبيعي للمساهمة في الحياة العامة وهو مانعتبره غير متوفر أصلا في المرحلة الحالية من تاريخ تونس المعاصر . 4- فيما يخص التحالفات التي نسجتها حركة النهضة مع هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات , أورد أصحاب البيان المذكور الفقرة الاتية : ” إن مراهنة هذه القيادة على بعض التحالفات الوهمية مع بعض الأطراف، مهما قدمت من تنازلات، فإنها لن تكسب منها سوى مزيد من العزلة عن واقع تونس و الإنبتات عن هويتها، فمتى يدرك هؤلاء حجم المأساة التي ساهموا في تأبيدها؟ ” . تجدر الاشارة في هذا السياق بأن تحالف النهضة كتيار مع بقية مكونات الطيف السياسي ضمن اطار الهيئة المشار اليها انفا قد انبنى على أساس مبادئ ثلاثة نذكر بها : – حرية التنظم والاجتماع -اطلاق سراح المساجين السياسيين وسن العفو التشريعي العام – حرية الاعلام أما ماعدى ذلك من قضايا خلافية فلا يعتبر ملزما لأبناء حركة النهضة أو أبناء التيار الاسلامي الوسطي والمعتدل عموما , اذ أن ماسمي ببيان 8 مارس لايعتبر في تقديرنا متوجب شروط الاجماع والاستشارة الواسعة ولاسيما في ظل الظروف السياسية والأمنية الحالية التي تمر بها البلاد التونسية – أقصد بذلك انعدام شروط الحريات الأساسية التي تخول موقفا واضحا وصارما من قضايا خلافية لم تتأسس عليها أعمال هيئة 18 أكتوبر . 5- فيما يخص الفقرة الأخيرة من البيان والتي أورد فيها محرروها مايلي : ” نعتقد أن الوقت قد حان لرسم قواعد مبدئية حول موقع ديننا الحنيف في حياتنا الجماعية و الحيلولة دون توظيفه في الصّراعات الحزبية. إن الإسلام يعتبر بمقتضى الانتماء التاريخي لبلادنا و المرجعية الدستورية لدولتنا دين الجميع و القاعدة المشتركة بين كل التونسـييـــن و بالتالي لا يحق لأي جـهة سياسية أن تحتكره أو تسعى لاحتكاره لغاية توظـيفه لفرض وصاية فكرية أو عقائدية، تشرّع بها لإدانة غيرها. كما لا يحقّ لأي جهة أو تيّار القيام على أساس معاداة الإسلام بدعوة حرية المعتقد، المحفوظة لكل تونسي بحسب الدستور. ” . -أثمن بوضوح ماورد في هذه الفقرة وأعتبر أن ماجاء فيها يعبر بصدق عما يتوجب فعله في حياتنا السياسية وأعتبر أن احترام الاسلام قيما وتشريعات ثابتة متوائمة مع خصوصيات قطرنا ضمن اطار تحقيق المناط هو مما يتوجب فعله من قبل الحاكم والمحكوم , غير أنه لابأس لدي بل من المطلوب تأسيس خياراتنا السياسية والثقافية والاجتماعية على احترام مخزوننا وتوجهاتنا الحضارية ذات العمق العربي والاسلامي , وهو مايعني أنه ان الأوان لرفع عقدة النخبة الحاكمة مع الاسلام ضمن اطار الخطة الفاسدة التي حملت تسمية تجفيف الينابيع , كما أنه يعني بالمقابل ضرورة رفع الوصاية عن ظاهرة الصحوة الاسلامية وعدم احتكارها من قبل أي حزب معارض بما في ذلك طبعا وقطعا حركة النهضة التونسية . وبخصوص الاشارة الأخيرة في البيان الى ضرورة اعادة الاعتبار الى المؤسسة الزيتونية وأهل العلم الشرعي المتخصص فذاك مما سبق لي التحبير فيه لمرات عدة وقد فصلت فيه القول والحديث من باب ايماني بضرورة وجود سلطة علمية شرعية ومرجعية اسلامية سنية يحتكم اليها في أوقات النزاع والخلاف في القضايا ذات المنزع الديني المباشر
. في الأخير بناء على ماأوردته من ملاحظات هامة بشأن هذا البيان فانني أدعو كل المنفيين والمنفيات من أبناء التيار الاسلامي الوسطي كما أبناء حركة النهضة الى عدم الانخراط في عملية الامضاء على وثيقته وذلك على خلفية أن السلطة لم تبدي مؤشرات حقيقية جادة وصادقة تعبر من خلالها على الدخول فعلا وعملا في طور حقيقي من التطوير السياسي والاصلاح والانفتاح وفي مقدمة ذلك اطلاق سراح كل من اعتقل في محاكمات ذات صبغة سياسية ,وايقاف موجة الاعتقالات الجديدة الواقعة خارج اطار القانون ,وكذلك رفع القيود عن كل المفرج عنهم في قضايا الرأي ,مع التعبير علنا في مواقف سياسية واضحة أمام الرأي العام الوطني والدولي عن رغبة قاطعة في طي صفحة الماضي والشروع في التأسيس لحقبة سياسية اصلاحية جديدة من تاريخ تونس المعاصر . الامضاء : مرسل الكسيبي بتاريخ 1 جوان 2007-16 جمادى الأولى 1428 ه تم الانتهاء من تحرير هذا الموقف على الساعة العاشرة ونصف صباحا بتوقيت وسط أوربا . للمراسلة : reporteur2005@yahoo.de
(المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 1 جوان 2007)
بسم الله الرحمن الرحيم
أجران للمجتهد المصيب وللمخطئ أيضا أجر
د. محمد الهاشمي الحامدي
بتوفيق من الله تعالى وفضل وعون منه، عاد موضوع المصالحة بين الإسلاميين التونسيين وحكومة الرئيس زين العابدين بن على إلى صدارة اهتمامات قطاع معتبر من النخبة التونسية ومن ومنابرها الإعلامية.
صباح اليوم، صدر بيان وقعه ما يقرب من ثلاثين من الإسلاميين المقيمين في الخارج، تحت عنوان “من أجل مزيد من التصالح”، هذا نصه:
“مرّت سنة تقريبا على بيان أصدرناه كمجموعة من التونسيين بالمهجر تحت عنوان “من أجل إنهاء ماساة طالت“، جوهره الدعوة إلى استخلاص الدروس من تجربة عشناها في إطار “حركة النهضة” و تعبيرا عن تبايننا مع منهجية تعاطي قيادة هذه الحركة مع قضايا جوهرية تهم جميع التونسيين أهمها موقع الإسلام في الصراع السيـاسي و الحـزبي، و قضية المساجين و عودة المغتربين.
و إننا إذ نعود اليوم لهذه المواضيع لاعتقادنا بأن ما أثارته من جدل يجب أن يرتقي إلى مستوى الحـوار الجـاد و البنـّاء، و لا يبقى في مستوى ردود الأفعال التي تراوح في أغلبها بين التشهير و المغالطة.
نعود اليوم لنذكّر بما طرحناه من قضايا و لنسجل ما تحقق من نقاط ايجابية و لو جزئيا:
1- بالنسبة للمساجين تم إطلاق العديد من قيادات حركة النهضة بموجب عفو رئاسي على دفعات متتالية، نعتبر ذلك رغبة في إنهاء هذه المأساة و طيا لصفحة الماضي. في مقابل هذا التوجه شنّت قيادة النهضة حملة تشكيك في مسار التسوية و محاولات تشويهه، تارة بالسباب و أخرى باتهام السّلطات التونسية بالمناورة و المغالطة.. و يكفي مراجعة المقالات التي صاحبت فترة إطلاق سراح هؤلاء الأخوة، للتأكد من أنها كانت في مجملها سلبية. مثلما يردّد رئيس الحركة في العديد من المناسبات أن خروجهم لا يعدو أن يكون انتقالا من سجن صغير إلى السجن الأكبر.
و بمناسبة هذا البيان، نرجو من سيادة رئيس الدولة أن يوسّع دائرة العفو لتشمل من تبقى من المساجين و تمكين المسرحين من استرداد حقوقهم.
2- فيما يتعلّق بقضية العودة إلى أرض الوطن، فانه برغم الحملات الغوغائية، التي حاولت إفشال هذه المبادرة التي طرحت في إطار لجنة مكلفة من رئيس الجمهورية، و ذلك بالتشكيك في مصداقيتها و اتهام كل من انخرط فيها بالخيانة أو السذاجة، فإننا نسجل أن خيار العودة يتقدّم يوما بعد يوم، خاصة و أن السلطات التونسية تعاملت بكل ايجابية في معالجة هذا الملف، و فتحت الباب أمام العديد من الأخوة لاسترداد جوازاتهم و الرجوع إلى أهلهم و وطنهم.
أمام هذا التطور الإيجابي لا يسعنا إلا أن نؤكد أن الإسراع بتسوية وضعية اللذين تقدموا بمطالب للحصول على جوازاتهم و فتح الباب أمام الراغبين في العودة إلى وطنهم العزيز تونس سيساعد من لا يزال في نفسه شكّ أو تردد على أخذ قراره بيده و أن لا يترك للأحد وصاية على مصيره و مصير أبنائه، فتونس لكل أبنائها.
3- نؤكد من جديد أن سياسة المغالبة التي تنتهجها قيادة حركة النهضة في علاقتها مع السلطة تساهم في تمديد مأساة من تبقى من المساجين، كما أن إصرار هذه القيادة على نهج التشهير و التشكيك في أي مبادرة يعتبر هروبا من المحاسبة و تنصلا من المسؤولية و تأبيدا للاحتقان السياسي. ذلك أن تلخيص تاريخ الحركة الإسلامية السياسية بتونس في “ضحية و جلاد” دون التطرق بعمق إلى جوهر الأزمة و تفكيك رموزها، لن يسمح للأجيال القادمة ولا الحاضرة بالفهم الدقيق لتدافع الأحداث على الساحة في تونس. فالسياسة لا تقوم على حسن النوايا و العواطف الجيّاشة، و لا أيضا على الحقد الأعمى و حجب الحقائق.
إن مراهنة هذه القيادة على بعض التحالفات الوهمية مع بعض الأطراف، مهما قدمت من تنازلات، فإنها لن تكسب منها سوى مزيد من العزلة عن واقع تونس و الإنبتات عن هويتها، فمتى يدرك هؤلاء حجم المأساة التي ساهموا في تأبيدها؟
4- نعتقد أن الوقت قد حان لرسم قواعد مبدئية حول موقع ديننا الحنيف في حياتنا الجماعية و الحيلولة دون توظيفه في الصّراعات الحزبية.
إن الإسلام يعتبر بمقتضى الانتماء التاريخي لبلادنا و المرجعية الدستورية لدولتنا دين الجميع و القاعدة المشتركة بين كل التونسـييـــن و بالتالي لا يحق لأي جـهة سياسية أن تحتكره أو تسعى لاحتكاره لغاية توظـيفه لفرض وصاية فكرية أو عقائدية، تشرّع بها لإدانة غيرها.
كما لا يحقّ لأي جهة أو تيّار القيام على أساس معاداة الإسلام بدعوة حرية المعتقد، المحفوظة لكل تونسي بحسب الدستور.
و نرى أن هذا الوفاق الاجتماعي حول إدارة الشأن الديني، لا يتم إلا عبر إعادة الاعتبــــار للمؤسسة الدينية الرســـــمية و تفعيل كل هيأتها و وظائفها كي تقوم بدورها في التوجيه التربوي و الأخلاقي الذي يضمن تحصين شبابنا ضدّ ظاهرة الغلو و التطرف الذي اكتوت بناره مناطق عديدة من امتنا العربية و الإسلامية، كما تحفظ مجتمعنا من ظواهر التسيب الأخلاقي و الإنبتات الحضاري.
* * *
اجتهاد سابق
* * *
كنت بدأت قبل أكثر من شهر، باختياري الحر، واجتهادي الشخصي، ومن دون طلب من أحد، حملة دفاع عن مبدأ الصلح بين التجمعيين والإسلاميين في تونس، واقترحت على الإسلاميين، أو مائة منهم على الأقل، التوقيع على مثل هذه العريضة:
“إن المواطنين التونسييين الموقعين على هذا البيان يجددون الإعلان عن تأييدهم للمبادئ التي تضمنها بيان 7 نوفمبر 1987، ويشيدون بالإنجازات التي تحققت لبلادهم خلال العقدين الماضيين تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي، وبالمكانة المرموقة التي حققتها تونس في المحافل الإقليمية والدولية بسبب السياسات الخارجية الرصينة والحكيمة التي انتهجتها الحكومة.
كما يشيد الموقعون بما تضمنه خطاب الرئيس زين العابدين بن علي في اليوم الوطني للجمعيات من دعوة لتوسيع دائرة الحوار والتشاور والوفاق بين التونسيين، وتأكيد على أن المساهمة في الشأن العام حق لكل تونسي وتونسية، وتأكيده في خطاب عشرين المارس الماضي على الأهمية القصوى للولاء لتونس والتمسك بهويتها العربية والإسلامية.
وفي هذا السياق يدعو الموقعون على هذا البيان لتصحيح مسيرة العلاقة بين التونسيين المنتمين للتيارات الإسلامية المعتدلة والتجمع الدستوري الديمقراطي، وإخراجها من دائرة الصدام والقطيعة والمواجهة، ومعالجة آثار المرحلة السابقة، وفتح صفحة جديدة من العلاقة تحكمها قوانين البلاد، وقيم التضامن والمحبة والتسامح بين أبناء الوطن الواحد.
يعرب الموقعون على هذا البيان عن استعدادهم للمساهمة بكل ما في وسعهم وكل ما يطلب منهم للمساهمة في تحقيق هذا الهدف الوطني النبيل، وفي تعزيز الخيار الديمقراطي والوفاق الوطني ومواجهة تيارات العنف والتعصب والإرهاب.
كما يعلن الموقعون على هذا البيان عن ثقتهم الكاملة في الرئيس زين العابدين بن علي ويأملون أن يلقى هذا البيان تقديره الشخصي واهتمامه ودعمه”.
وكتبت عند نشر هذا المقترح يوم 6 ماي الماضي، أنني أتوقع، بناء على قراءتي للمعطيات المتاحة لديّ ودروس التجارب السابقة، أن يلقى إصدار البيان ترحيبا من الرئيس بن علي والحكومة التونسية، وأن يضع الأرضية السياسية والنفسية التي تيسر انطلاق حوار مباشر حول الهدف المركزي، وهو إعادة صياغة العلاقة بين الإسلاميين والسلطة في المرحلة المقبلة.
وكتبت أيضا:
“عندما ينطلق هذا الحوار، فإن موضوعاته الرئيسية التي تفرض نفسها فرضا هي الآتية:
1 ـ الإفراج عن المعتقلين الإسلاميين وإلغاء أحكام الرقابة الإدارية للسجناء السابقين وإدماج الجميع في الدورة الإجتماعية من جديد. ومثل هذا الهدف أمامه فرصتان ذهبيتان ليرى النور بعفو رئاسي كريم من الرئيس بن علي، في العيد الخمسين للجمهورية يوم 25 جويلية، أو في العيد العشرين لتحول السابع من نوفمبر.
2 ـ الحصول على رخصة للعمل الثقافي ضمن قانون الجمعيات. وهذا أيضا أمر ممكن، وبوسع السلطة أن تسمح بتكوين منتدى الإمام مالك أو منتدى ابن خلدون، على شاكلة منتدى الجاحظ الذي يديره عدد من الإسلاميين التقدميين.
3 ـ توضيح المسارات المتاحة للعمل السياسي لمن أراد ذلك من مناصري التيارات الإسلامية. فإذا كان التجمع الدستوري الديمقراطي مستعدا لاستيعاب الراغبين منهم في الإلتحاق بصفوفه فهذا هو الخيار الأفضل للجميع.
أما الخيارات الأخرى بعد ذلك فكثيرة: يستطيع مناصرو التيارات الإسلامية المتمسكون بالعمل السياسي أن ينضموا فرادى لأي حزب آخر من الأحزاب المرخصة لأن القانون لا يمنعهم من ذلك.
وهناك موضوعات أخرى سيكون علاجها نتيجة منطقية لهذا الإنقلاب المنشود في العلاقة بين التجمعيين والإسلاميين.
المنشور 108 لن يبقى له داع لأنه صدر أول مرة عام 1981 في أجواء المواجهة الأولى بين الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وحركة الإتجاه الإسلامي.
والمتدينات المتحجبات اليوم لسن أعضاء في جمعيات سياسية محظورة برنامجها السياسي الأول معاداة السلطة والكيد لها.
كل ما يتصل بالحياة الدينية وحرية العبادة سيتأثر بأجواء الصلح والوفاق.
وستوفر هذه المصالحة خيارات آمنة للشباب المتدين، تقيه من الوقوع في حضن التيارات العنيفة والتنظيمات السرية والنزعات الإرهابية.
هكذا تفتح الصفحة الجديدة التي أدعو إليها في العلاقة بين التجمعيين والإسلاميين. وسيؤدي هذا الإنفراج إلى تعزيز المسيرة الديمقراطية في البلاد، وتحرير هذه المسيرة من الإشكاليات التي تعلقت بها بسبب التوجه السياسي الحالي للإسلاميين، وإلى مصالح أخرى عظيمة لتونس الجميلة وشعبها وقيادتها”. (انتهى النقل).
* * *
يستطيع القارئ للوثيقتين المعروضتين آنفا أن يجد أنهما تعبران عن رؤيتين واجتهادين للتعامل مع حالة القطيعة والصدام بين السلطة والإسلاميين.
وهناك اجتهادات أخرى مهمة حول هذا الموضوع، قائمة في الساحة، لها أنصارها وكتّابها.
لا ضير أبدا أن يدور الحوار بين المجتهدين في شأن إصلاح ذات البين بين السلطة والإسلاميين في تونس، بجرأة وشفافية وأدب.
كل يعرض آراءه واقتراحاته، ويقدم حججه وأدلته، وللناس عقول يزنون بها الأمور. والمؤمن مأمور أن يستعين دائما بربه سبحانه ليهديه الصراط المستقيم، ويريه الحق حقا ويرزقه اتباعه، ويريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه.
(لندن: الفاتح من جوان 2007)
المصالحة و ما أدراك مالمصالحة
مشكلة حقيقية
برزت في الأيّام الأخيرة محاولات لــ”تبغيض” الجلوس أمام شاشات الحاسوب بغية القضاء على هذا الحراك المحدث عبر الفضاء الافتراضي الذي ساهم بأقساط كبيرة في كسر الطوق الإعلامي الذي ضربه أعداء حريّة التعبير على الصحف والأقلام، سيّما في عالمَينا العربي والإسلامي. وقد اتّخذ أصحاب هذا التمشّي سياسة جدّ متخلّفة تمثّلت أساسا فيما يلي:
– اتّهام العديد من الكتبة المدافعين عن المبادئ: اتّهامهم بإشاعة ثقافة السّباب والخروج عن الآداب (هكذا)، محاولة من المتّهِمين (بكسر الهاء) الهروب من مناقشة أفكار المتّهَمين (بفتح الهاء)، وهو لعمري تصرّف غير واع (سيسمّون هذه شتيمة) لا يقترفه إلاّ مفوّت في مصلحة عامّة. بل وقد يتصرّفون كذلك تكبّرا متعمّدين عدم الانصاف والتجاهل البغيض، كما فعل معي ومع بعض من اخوتي (أبو أنيس مثلا) صاحبُ دعوة المصالحة الذي ضلّ يتخيّر مِن الكتبة مَن طمع في استمالتهم دون جدوى ولا جدّية، وأغفل كلّ الأفكار التي دعته إلى الواقعية وإلى الفعل الرّاشد سواء كان ذلك ممّن حاول استمالتهم أو من غيرهم…
– اتّهام الذين اختاروا عدم الكتابة بأسمائهم الصحيحة – لأمر يرونه ونقدّره – بالجبن والعمل على خلخلة الصفّ وإشاعة الشكوك، وغير ذلك من التّهم التي لا يوردها إلاّ متجرّئ على الأعراض… نعم نحن جميعا ضدّ من يتخفّى بالأسماء المستعارة لنفث السّموم (كما فعل ذلك البعض ويفعلون، وسنكون لهم بالمرصاد إن شاء الله، وسنردّ عليهم حتّى نُلزِمَهم جُحورَهم) ولكنّنا لا نتّهم من كتب ليطرح فكرة أو ليناقشها، وصدق أخي صابر التونسي، التونسي الصابر، عندما قال: من لم يمنعه خُلقه لن يمنعه اسمه، صحّ ذلك الاسم أو استُعير. وصدق المصطفى، سيّد الخلق، صلّى الله عليه وسلّم من قبله حيث يقول: ” … ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه“…(*)
– محاولة إشاعة ثقافة “التتفيه”، كما يفعل ذلك مثلا الدكتور خالد شوكات الذي لمّا ضاقت عليه الدنيا لم يجد إلاّ النهضة للاحتماء بها والانتساب إليها، ولمّا فُتحت له الدنيا (أسأل الله ألاّ يكون ذلك استدراجا له) لم يجد إلاّ النهضة وشيخها (الشيخ راشد حفظه الله وبارك في وقته وجهده) ليُظهرهما سببا أوحدا في أشاعة الظلم والتكلّس والرجعية في البلاد التونسية. وهي لعمري محاولة خسيسة لتمرير ما عجز عنه وفيه أعداء النهضة ممّن كرهها وكره ربّها (وربّها الله)… وسنظلّ بإذن الله نحترم أصحاب السبق فينا كما سنظلّ نوقّر الكبير ونرحم الصغير حتّى يموت “أعداء” الشيخ بكيدهم وحسرتهم… وسبحان الله، لماذا لا نجد مِن هؤلاء مَن يناقش الأفكار التي وردت في حوارات مشايخنا بالدّاخل، كالشيخ اللوز والشيخ المنصف بن سالم والشيخ بن عيسى الدمني وغيرهم ممّن بيّن الحقائق وناقش الأفكار وانتقد المسار وصوّبه وتحدّث عن الواقع المعيش بعين المسؤول غير المغرق في الهيام بالسياحة؟! لماذا هذا الإصرار على الإساءة إلى الرّجل؟! ولماذا هذا الإصرار على الإساءة إلينا بجعلنا فاسقين وإظهارنا “تافهين”؟!
– محاولة القضاء على مناصرة بعضنا البعض في الحقّ: فمن دافع عن عرض أخيه كان متعصّبا ومن نصح لأخيه كان “لامزا” ومن أغلظ القول بعض الشيء كان شتّاما بذيئا سبّابا. في الوقت الذي نجد فيه القوم يتخيّرون من الألفاظ بل من الحروف ما يُتقرّب به إلى ظالم تتأذّى الأرض من وقع أقدامه فوقها…
أقول: مَن كان قد رغب في الكلمة الطيّبة فقد كان رغب في مصاحبة الشخص الذي يُنتظر منه قول تلك الكلمة. على أنّ هذه الكلمة لا تنطق بها الشفاه ولكن تسرّ بها القلوب فتُسمع واضحة بيّنة سهلة مستساغة، كتلك التي قيلت مثلا من قلب الشيخ الحبيب اللوز حفظه الله ورعاه.. وانظروا كم كتب “أهل الكلمة الطيّبة” هذه الأيّام وانظروا كم سمع لهم من القوم لتتحقّقوا أنّ كلمتهم لم تنطق بها قلوبهم بل نطقت بها شفاههم دون حرص كبير منها على طيبتها… بل لقد كانت في بعض المنعطفات سيّئة قبيحة، ويكفيها (الكلمة) سوءا وقبحا اعتمادُها على القدح في سيرة ومسيرة رجل عرف الكثير منّا الله عن طريقه… ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله…
عبدالحميد العدّاسي
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): هذا نصّ الحديث كاملا رجاء الفائدة: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نفّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه” وروى أبو داود والنسائي والدارمي والترمذي.
مؤتمرات المعارضة التونسية ترقص على دبكة اليسار
مع حلول صيف 07 تكون معظم او كل احزاب المعارضة المعترف بها وغير المعترف بها قد انهت مؤتمراتها
لكن ما تمتاز به هذه المؤتمرات الأخيرة هي تقاربها في المواعيد واختلاف و غياب توجهات البعض ووضوحها عند الأخرين .
مؤتمر الحركة الإسلامية لم يخيب امال اليسار – او بعض اطراف اليسار- الذي يعادي الإسلام و لا يريد ان يرى في الساحة اي شخص او جماعة او حزب له توجهات اسلامية , فغايته ان تكون القطيعة والعداوة دائمة بين السلطة والإسلاميين . فهو يريد ان تبقى الجماعة على حالها التي هي عليه – ليس بالإمكان خير مما هو كائن- و ان يحافظ دائما على الموازنة القائمة بين الطرفين سلطة رافضة وحركة غير قادرة . وكان له ما اراد وصدقت تنبؤاته وخابت تنبؤات الإسلامين الذين توقعوا ان يكون مؤتمر تجديد وفك القيود واستلام وتسليم , لكن الجماعة اقرت القيادة وغيّبت اهم المضامين الأساسية.
مؤتمر الحزب الديمقراطي التقدمي حزب معترف به عقد مؤتمره الرابع في ديسمبر 2006 هذا الحزب جذوره يسارية لكن في مؤتمره الأخير تخلى عن اليسارية وجعل من نفسه حزبا وطنيا , معتبرا ان المعتقد فردي وليس للحزب معتقد والحزب ينص في لائحته انه يحترم عقيدة الشعب التونسي ويرفض المساس بها . احسن هذا الحزب المعارض التصرف آمن بضرورة التغير والتغيير ونجح في ذلك فاصبح اكثر احزاب المعارضة منخرطين واتباعا ومصدقية. واعلنها صراحة انه يتخلى عن اليسارية فادخل عدة تغييرات على سياساته وبياناته وقيادته اربكت اليسار فانضم اليه العديد من الوجوه اليسارية التي آمنت ان الشيوعية والفكر اليساري اندثر وان معادات الدين ومظاهر التدين امر يجب التخلي عنه . وان تونس للجميع.
اما مؤتمرات الأحزاب اليسارية فقد شهدت كلها نقلة في المضمون مما يؤكد لنا ان اليسار التونسي له من الذكاء ما يجعله صامدا لسنوات اخرى مهيمنا على اللعبة السياسية في البلاد – بسبب غياب الخصم الإسلامي الذي انشغل بمعاداة السلطة – فهو اعد نفسه كي يتاقلم مع كل الظروف فإن بحثت عنه في المعارضة تجده وان بحثت عنه في السلطة تجده , ومع المعارضة هو طرف يعادي الإسلاميين وهو طرف ايضا يريدهم ان يتواجدوا. فاليسار بكل اطيافه احسن اللعبة . وما هو ظاهره للمشاهد اختلاف بينهم فهو في باطنه انسجام وتكامل وتبادل للأدوار . وان ظهر عليهم الإختلاف او الفرقة فهي لم تصل الى مرحلة العداوة والتخوين والسب والشتم كما هو حال الإسلاميين ونظرة سريعة على اهم مؤتمرات اليسار الأخيرة تبرز لنا مواقفه من الإسلاميين
مؤتمر حزب الوحدة الشعبية وهو حزب معترف به مرجعيته يسارية اشتراكية انهى مؤتمره الأخير في مارس 2006 ونص في لائحته السياسية ان المبادئ الإشتراكية وحقوق الإنسان والحرية التي يقوم عليها الحزب تجعله يرفض بل يناهض الأصولية والسلفية ويرفض اي حزب له مرجعية دينية , مقابل ذلك فهو يدعو الى التحالف مع كل قوى اليسارية للوقوف ضد التيار الإسلامي.
مؤتمر حزب العمل الوطني الديمقراطي تأسس 2005 توجهاته ماركسية يراسه عبدالرزاق الهمامي وهذا الحزب غير معترف به منشق عن حزب العمال ورئيسه معروف بحقده الدفين لكل ماهو اسلامي او يمت بصلة للإسلام , موغل في الماركسية الى حد الجهل بالعلاقات الإنسانية واساس انسحابه هو موقف حزب العمال من حق الإسلاميين في العمل السياسي. وحزب العمل الوطني الديمقراطي يسعى للتحالف مع حركة التجديد بغية سد المنافذ امام الإسلاميين ويريد للقطيعة بين الإسلاميين والسلطة ان تستمر ولا تشهد اي تقارب فعلى هذا قام الحزب . وعبدالرزاق الهمامي واتباعه يرفضون اي حركة او حزب اسلامي لأنه يعتبر المسلمين مستبدين وهو يقاطع كل من يتعامل مع الإسلاميين ويؤيد كل من يعمل على استئصالهم ولقد نص الحزب على هذا الأمر في لائحته السياسية التي صدرت في مؤتمره التاسيسي. هذا الحزب له اتباع في السلطة.
مؤتمر حركة التجديد وهي الحزب الشيوعي سابقا .هذا الحزب من الأحزاب اليسارية الإستئصالية معروف بعداه للإسلام فهو يقوم على ايديولوجية شيوعية اساسها نكران وجود الإله. هذا الحزب كان يتوقع من الصراع الطبقي ان يزيح الغييّات من الوجود على راسها الدين , فإذا بالغييّات تزيح ماركس وافكاره . سقطت ايديولوجيتهم ولم يبقى لهم منها الا عداهم للدين. هذا الحزب تم الإعتراف به باعتباره ملحدا. عله يقف في وجه التيار الإسلامي ويحد من اشعاعه. و اتباع هذا الحزب يحسنون التلون والتأقلم .
وهذا الحزب هوآخر من سيعقد مؤتمره في 2007. فهو يدعو الى تحالف جديد لكل قوى اليسار المعادية لكل ماهو ديني وتاسيس جبهة تتصدى لكل تقارب بين السلطة والإسلاميين . وهذا الحزب له اتباع في السلطة.
وهذه الأحزاب اليسارية المعادية للدين ومظاهر التدين تعيش اليوم مرحلة حرجة خصوصا من ناحية المنخرطين فهي آمنت بان لا مستقبل لها في البلاد بحكم سن الشيخوخة التي يتميز بها منخرطيها, خصوصا وان القلة القليلة من الشباب الذين يعتنقون المذهب الشيوعي يخيرون العمل في اجهزة الدولة على التحزب . والبعض الاخر من مثل برهان بسيس يخير وينصح بعدم تحزب كل اليساريين في حزب او تنظيم واحد وليبق البعض في مواقع مختلفة حاميا للفكر والثقافة اليسارية.
مؤتمرحزب العمال حزب غير معترف به توجهاته ماركسية لينينية, مؤتمراته سرية وفي مؤتمره الأخير ابقى حمه الهمامي على راس الحزب وغير في موقفه من الإسلاميين فاصبح يعلن في بياناته انه يريد ان يتعامل مع الإسلاميين كخصم سياسي ولا يمانع في الإعتراف بهم ومشاركتهم العمل السياسي لكن عدد من منخرطيه خصوصا الجناح الطلابي عداوته للإسلام لاتزال قائمة فهم يرونه مصدر تاخر للأمة , البعض من اتباعه يتواجد في حركة التجديد وبعضهم التحق بالسلطة .
الحاصل :اليسار التونسي متقلب ويعد نفسه الى مرحلة جديدة , وهو اليوم في ظل نمو التيار المتدين بالبلاد ونمو روح التصالح مع القيم الدينية تاقلم مع الوضع وبين انه لا يعادي الدين وانه يحترم دين الشعب ويرفض وصفه بالإلحاد , يدخل رموزه الى المساجد للقيام بحركات, عند غيرهم صلاة وعندهم مشاركة لأبناء الشعب , وهذه المشاركة لا تنقص من ايمانهم بالشيوعية شيئا , وهم اليوم يروجون لإسلام تونسي على طريقتهم بغية جلب بعض المتدينين ورفع “تهمة” عداهم للدين فهم اتقياء يخفون الحادهم . فاليسار بتلونه و يخدم بعضه بعضا و يكمل بعضه بعضا فاينما التفت تجدهم وحتى اختلاف بعضهم مع تحالف 18 اكتوبر هو مجرد “تكتيك” يؤكد ان في سياستهم العامة يرفضون ان يتواجدوا جميعهم في جهة واحدة ومع عموم الناس يخفون الحادهم ولا يعتبرون ذلك تنكرا للشيوعية وانما هو امر واقعي وجب التاقلم معه وهذه من نقاط القوة التي تحسب لليسار التونسي
ومؤتمراتهم الأخيرة هي تاكيد على ضرورة ان يتواجد اليساريون في كل زاوية يمكن من خلالها صد اعداء فكر الإلحاد . وها هي حركة التجديد وقبل موعد مؤتمره الذي اقترب تدعو كل الفعاليات اليسارية حزبية كانت ام مستقلة للإتحاد وبناء تحالف. هذا التحالف
الذي اطلقوا عليه اسم “الإئتلاف الديمقراطي والتقدمي” ففكرة تكوين هذا القطب او التحالف ليست جديدة وانما هي تعود إلى سنة 1989 فترة التقارب بين السلطة والإسلاميين، يؤكد أصحاب الدعوة للحزب الجديد على أن الخلاف الأساسي بينهم وبين باقي مكونات الساحة السياسية هو الموقف من تيار الإسلام السياسي – ويخفون موقفهم الأصلي من الدين – . فهو تحالف مرحلي مهمته الأساسية تفعيل خطط مواجهة الإسلاميين والإستعداد لي تغيرات تحصل حتى يتمكنوا من استعاب ما هو قادم. فشتان بين مؤتمراتهم ومؤتمراتنا.
فهذه اهم المؤتمرات الأخيرة للمعارضة التونسية المعترف بها وغير المعترف بها كلها ترقص على دبكة اليسار .
بوعبدالله بوعبدالله
نظرة على واقع الحركة الطلابية
ولمن يدرك حقيقة مكونات الاتحاد واليات عمله لا يفاجئه مثل هذا التطور بل المفاجأة أن ينجح هذا” الرجل المريض” في عقد مؤتمره التوحيدي والتي عجزت جميع لجان الحكماء و القدماء و” الأذكياء”عن الوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف و المكونات المتنافرة والتي تعكس حقيقة تشتت تيار اليسار و عدم اتجاهه إلى اليوم صوب التوحد رغم استيعابه لمقولة الكتلة التاريخية القادرة على منافحة الاستبداد. و بالرجوع إلى التاريخ نستخلص أن هذا الاتحاد لم يتوحد قط لقناعة داخلية بضرورة العمل المشترك لصالح الجامعة أو الأمة إلا حين مواجهة ” عدو خارجي”.
فسنة 1972 توحد الطلبة لمواجهة مؤامرة السلطة السياسية الحاكمة التي حاولت تدجين الحركة الطلابية و عملت على تنصيب قيادة لا شرعية خلال المؤتمر 18 وفي تواجد مثل هذا “العدو”تكاتفت جميع الجهود لمنافحة المشروع السلطوي و الدفاع عن وجود الاتحاد كمنظمة طلابية مستقلة فكانت حركة فيفري عنوانا ورمزا لهذه المرحلة و تعبيرة صادقة على قوة التحدي ..فكانت المواجهة عنوانا لوجود الاتحاد العام لطلبة تونس و الذي استطاع أن يعقد المؤتمر 18 الخارق للعادة ويعيد للاتحاد مساره ولكن بعد هذا المؤتمر عاد الاتحاد إلى أمراضه المزمنة و انقساماته و صراعاته الإيديولوجية و التي طبعت تاريخه و بأقل حدة تاريخ اليسار التونسي. ولم ينهض الاتحاد من كبوته وسباته إلا لمواجهة جديدة وعند بروز “خطر”جديد قد يهدد كيانه ووجوده و المتمثل في ” التيار ألظلامي” الذي أسس الاتحاد التونسي للطلبة الذي وجد فيه الطلبة خير معبر على مشاغلهم وهمومهم وتطلعاتهم إضافة إلى الالتصاق بالقضايا الوطنية والقومية..حينها فقط تناسى فرقاء الاتحاد العام لطلبة تونس خلافاتهم و صراعاتهم و مصالحهم وتناقضاتهم فاتحد القوميون بجميع فصائلهم و اليسار بجميع تشكيلاته لمواجهة هذا الغول ألظلامي الذي استطاع أن يفتك مواقعهم و يسرق “نضالاتهم” ويسيطر على أرجاء الجامعة من خلال اكتساح المجالس العلمية في كل الانتخابات .. فكان الاتحاد العام لطلبة تونس فاعلا لا في الدفاع عن مصالح منظوريه بل في محاربة هذا المنافس بجميع الوسائل ..و قد قام بدور مشبوه بالتنسيق مع أطراف استئصالية داخل السلطة للقضاء على “عدوه الأيديولوجي”قبل و بعد مؤتمر بئر الباى في صيف 1991 وقد نجح في ذلك أيما نجاح ، فحل الاتحاد وسحبت منه التأشيرة القانونية و لوحقت عناصره ومناضليه و مازال البعض منهم يقبع في السجن و البعض الأخر منفى خارج وطنه منذ أكثر من عقد ونصف.
إذن فالاتحاد العام لطلبة تونس لم ينهض خلال مسيرته إلا عند تمثل عدو من خارج منظومة اليسار المشتت فبه يتوحد وبه يكون. و عوض أن يتجه مناضلو الاتحاد إلى البحث في أسباب الفشل و إنهاء حالة التشرذم التي وصلت إلى حد الصراع و التكفير المتبادل و الجهل بالتحولات إلى جانب عدم القدرة على تجديد الآليات الأيديولوجية ومحاولة معالجتها و النهوض بهذا الاتحاد حتى يكون جامعا وممثلا لكل الحساسيات الفكرية و السياسية بالجامعة ومن اجل أن تكون الحركة الطلابية ملتصقة بهموم الطلبة و رافدا من روافد التغيير،اتجه البعض إلى تفسير الفشل تفسيرا تآمريا متهمين السلطة تارة والتيار” ألظلامي” تارة أخرى و بعض قوى اليسار المتحالف مع السلطة حينا ومع الرجعية تارة أخرى. إن تعليق شماعة الفشل على الآخرين دون النظر إلى عوامل الوهن والضعف لا يمثل علاجا ناجحا وترياقا نافعا للنهوض بهذا الكيان المريض و الذي بمرضه خسرت الحركة الديمقراطية إحدى روافدها.
هذه الوضعية المأزومة للحركة الطلابية اثر على مستقبلها و عزلها عن محيطها الاجتماعي و السياسي و الطلابي و حولها إلى نواد أو حوانيت هزيلة البنية ، فقيرة المعرفة و عديمة النضالية،كما اثر على الحركات السياسية التي خسرت وتضررت من حال الجزر والتقوقع التي ألت إليه الحركة الطلابية و التي حرمت الأحزاب السياسية من ذلك الزخم البشري والنضالي الذي كان يمدها بالحماسة و الاندفاع و الوقود و الكوادر المستقبلية،فعزوف الطلاب عن السياسة زاد من هشاشة التعددية الحزبية و ضالة المعارضات المترنحة و قلل من أهمية الفعل السياسي. وهذا يؤثر مستقبلا على نوعية المسئول الإداري و الحكومي الذي ستعتمد عليه الأنظمة السياسية في المستقبل، فبمقدار ما يكون المرشح لمسؤولية رسمية قد مر بخبرات ميدانية وثيقة الصلة بهموم الآمة و التحديات التي تواجهها بقدر ما تكون ثقافته السياسية ثرية و معتمدة على منظور أوسع لمعالجة القضايا و الملفات، فالذي لم ينشا في محاضن نضالية و اجتماعية و لم يتعلم كيف يؤمن بقضية اكبر من مصلحته الضيقة من جهته او قبيلته ولم يتعود بالعمل الاجتماعي أو لم يتشرب قيم العطاء والتضحية لن يكون في رصيده سوى مجموعة من الشهائد و الدراسات المهنية و ثقافة عامة محدودة ووعي سياسي مسطح و فقر مدقع في مجال الإحساس بالناس ومشكلاتهم العامة و الخاصة و هكذا تكون إضافة المسئول محدودة فلا تتجاوز عادة الجوانب التقنية ،لذلك فمن مصلحة الجميع سلطة و معارضة المساهمة في إحياء الحركة الطلابية بما لا يتناقض و استقلاليتها و هنا تبرز الإشكالية المعتادة:هل الاتحاد العام لطلبة تونس هو الهيكل المؤهل لاستيعاب الحركة الطلابية المنشودة ، المتميزة بالوحدة والنضالية والاستقلالية؟
لا احد يستطيع إنكار رمزية هذا الهيكل و تاريخه سواء عند مساهمته في الحركة الوطنية آو دوره في تاطير جموع الطلبة في ستينات القرن الماضي لكن لا يمكن في المقابل لا يمكن أن ننكر أن سرطان الفساد والتعصب قد استشرى في جميع أوصاله وجميع العمليات الجراحية التي أجريت عليه لم تنجح في استئصال الداء و بقى الجسد منهكا معذبا ،يتلوى أمام أنظار كل الأحرار. وقد جربت في السنوات الخيرة جل الحلول ولم يبقى إلا حلان لا ثالث لهم أما حل وقتي يتمثل في صناعة أعداء مفترضين حتى يستطيع المارد لملة جراحه و النهوض في رقصة الديك المذبوح كي يدافع عما تبقى من كينونته وقد بدا فعلا أنصار هذا الحل بالترويج لهؤلاء الأعداء المفترضين فهم تارة السلطة وأخرى أنصار المشروع التخريبي . ولن يكون هذا الحل إلا انتحارا وتوقيعا رسميا على شهادة هذا المريض.
أما الحل الثاني فهو أن نتمتع بالجرأة اللازمة و نعلن أمام الملا تبنينا لمنظومة الموت الرحيم فنعلن وبدون خسائر أو حسابات عجز هذا الاتحاد عن القيام بوظائفه ونحقنه حقنة الموت الرحيم ونؤسس لعمل متوسط ألمدي وعلى أسس سليمة وعقلية متيمة بحب الوطن ولا يكون ولاءها إلا له بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة والمنافع المادية الزائلة ” وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
تونس في 31/05/2007
الرسالة رقم 240 على موقع الانترنات
بقلم محمد الهروسي الهاني
مناضل دستوري
رئيس شعبة الصحافة سابقا
مشاغل و هموم المواطنين تضجع و تعكّر حياة الاحرار و أصحاب القلوب الرحيمة و العقول السليمة و الوطنية النبيلة
على بركة الله نواصل الحديث حول مشاغل أهلنا و ابناء شعبنا و أخواننا في الله و الوطن. وقد تعلمنا في مدرسة حزبنا العتيد حزب التحرير و البناء و السيادة و الحرية و الكرامة كيف نفكر في إخواننا و اصدقائنا و ابناء وطننا. و كيف نبلغ مشاغلهم و همومهم و كيف نساعدهم و نرعاهم و كيف نفتح قلوبنا و عقولنا للإصغاء إليهم و كيف نعالج مشاغلهم و نجد لها الحلول و كيف نبلغها إلى السلطة الجهوية و المركزية و إلى أعلى هرم السلطة إن لزم الأمر. و ذلك في إطار إبلاغ الأمانة و خدمة مصلحة المواطن أقدس و أنبل الواجبات الوطنية عند مناضلي الحزب و أسود النضال و صقور الوطن.و جنود الخفاء و التضحية و خدمة الشعب بروح وطنية عالية و صدق هؤلاء الاسود عاشوا لغيرهم متأثرين بالزعيم الراحل الذي عاش لغيره ..
و شعاره عشّ لغيرك
و المناضلون كما سماهم المناضل الكبير الزعيم الطيب المهيري في محاضرته على منبر مدرسة الإطارات الحزبية عام 1961 بالمعذبون في الأرض. و سماهم و نعتهم بمصباح الشمعة التي تضيىء على البيت و أهله و تحترق … تلك هي صفات المناضل الدستوري الذي تربى في مدرسة الحزب على هذه الثوابت و القيم و عاش على ذلك و لا غرابة في ذلك فجلّ المناضلين عاشوا فقراء مستورين سخروا حياتهم لإسعاد الآخرين إقتداءا بزعيمهم الحبيب بورقيبة رحمه الله .
و لا غرابة اليوم أن نشاهد و نقرأ و نطالع و نسمع و ننكشف مناضل دستوري يكتب و يدافع من أجل الثوابت و يتحمس لمشاغل الشعب. و يكتب من أجل لفت النظر و يسعى لمدّ يدّ المساعدة لإخوانه و إرشادهم و مساعدتهم و السعي لقضاء حاجتهم طبقا لما تحلّوا به من خصال الإثارة و حبّ الخير و التعاون و إسعاد أخوانهم حسبما تسمح به الظروف و الإمكانيات … و لا غاية لهم إلا إرضاء الضمير وراحة القلب و إسعاد الناس و الأخذ بأيديهم و بعضهم يضحي بوقته و صحته و ماله. و راحته و منزله مأوى لإخوانه كما كان يفعل المرحوم الطيب المهيري وزير الداخلية السابق. و المرحوم المنجي سليم وزير الخارجية في عهد بورقيبة و غيرهم … وقد تأثر المناضلون القدامى بخصال الزعماء و نسجوا على منوالهم و الحمد لله.
و اليوم نطالع و نقرأ لبعض الاقلام النزيهة و العقول النظيفة مازالت تسعى للتذكير بهذه الخصال و حب الإثارة و الدفاع عن مشاغل الناس و مساعدتهم على الاقل بالكلمة الصادقة إذا تعذر مساعدتهم بأكثر من ذلك و في هذا الإطار تتنزل هذه الخواطر و الآراء و الملاحظات فقد عشت الاسبوع المنصرم يومين في منطقتي الاصيلة الريفية في اعماق الريف و حصل لي لقاء مع بعض الأخوة و أبناء العمومة و العشيرة و الأحباء و الأصدقاء الذين يعرفون جيدا مناقبي و خصالي و أعمالي الخيرية و مواقفي طيلة 47 سنة من عام 1960 أول عام إنتخبت فيه عضوا ناشطا لحزب التحرير ثم رئيسا للشعبة عام 1962 و يدركون ما قمت به لفائدة الجهة و المواطنين و حسب التجربة و المصداقية أخبروني ببعض المشاكل الشائكة أحدهم حكى حكايته الغريبة و هو مواطن في سنّ الأربعين قال تعرفون أني عاطل عن العمل و متواضع الدخل . و قد فكرت في إمكانية ضمان لقمة العيش بكرامة و عزة نفس و هذا المواطن المسكين من منطقة رياض بوهلال الجم تبعد 3 كلم على منطقتي و نحن اصهار . قال لي إقترضت من الأهل مبلغ 3 آلاف دينار لشراء شاحنة سلسلة 30 لأستعمالها يوميا في نقل البضائع لعلّ أحصل على 8 دنانير يوميا في ريفنا الجميل للعيش بعرق الجبين و لكن بعد عامين نظرا لعدم الطلب و الظروف الاقتصادية و إعتبارا للوضع الاجتماعي و أقدمية الشاحنة و المصاريف التي تتطلبها للإصلاح. عدلت عن مواصلة العمل و اوقفت الشاحنة منذ 3 أعوام.
ولم يكن يدور ببالي أنّ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يتابع خطواتي و يرافقني في عيشي و يطلب مني أن أعطيه 156 دينار لكل 3 اشهر كإنخراط في الصندوق وبعد 6 أعوام أصبح المبلغ 3600 دينار و أخيرا طلب مني الصندوق دفع المبلغ و انا عاجز عن تسديد هذا المبلغ ولم أقدر على توفير قوة أفراد اسرتي و رغم الإلحاح لم يحسّ بي أحد و أخيرا جائني العدل المنفذ و حجز الشاحنة التي لا تسوى ألف و خمسمائة دينار أقل من نصف خلاص الصندوق هذه وضعيتي مع صندوق الضمان الاجتماعي وقصتي و الله يبكي الحجارة و الجبال … و آخر شاب من نفس الجهة حكى حكايته أنه إقترض مبلغ 500 دينار لشراء بعض الاحذية المتواضعة بأثمان متواضعة في الجم.
و توكل على الله و عرض بضاعته في الاسواق قصد ربح دينار في الحذاء لكن عندما شرع في البيع جاء أعوان المراقبة و حجزوا البضاعة ثم طلبوا منه دفع خطيئة بـ840 دينار زيادة على حجز البضاعة قال لي و الله حار عقلي و منذ 3 ايام لم يدخل جوفي الطعام … تذكرت ما قاله لي الصديق الكبير و الاخ العزيز مصطفى بدر الدين المدير العام السابق للديوانة حيث حكى لي قصة حصلت عام 1986 مع الزعيم الراحل الرئيس الحبيب بورقيبة رئيس الجمهورية حول عدم خلاص الديون قال دعانا الزعيم بورقيبة ذات يوم من عام 1986 مجموعة من الإطارات الكبار بحضور السيد وزير المالية آنذاك السيد إسماعيل خليل و قال لنا لماذا لم تتحمسوا و تتعاونوا مع وزارة المالية لخلاص ديون الدولة قال الأخ بدر الدين فهمت الأمر.
و طلبت الإذن بإعطائي الكلمة لأعبّر لسيادة الرئيس بصراحة و سمح له الرئيس و قلت له علمتنا يا سيادة الرئيس في مدرسة النضال و تأثرنا بخطبك الاسبوعية و نحن صغار و شبان و طلبة و ذكرت إلينا و للشعب أنّ سبب الحماية هو ظلم البايات و زروق و غير ذلك ففهمنا المقاصد النبيلة و الدروس الوطنية و اليوم في عهدكم السعيد أردنا تقدير الظروف و عدم التسرع و إجبار الناس لأنّ العام جفاف و الوضع الاجتماعي صعب و انت الاب الحنون فتاثر الرئيس بورقيبة بكلام الاخ بدر الدين و أذن فورا بإيقاف كل العمليات و الديون تقديرا و مراعات لظروف المواطنين نرجوا أن تتفهم مؤسستنا هذه الاوضاع و تساعد رئيس الدولة على تحسين المناخ الاجتماعي السليم و خاصة وزارة الشؤون الإجتماعية و الصناديق التابعة لها و من المفروض أن تكون خدماتهم الإجتماعية للفئات و الشريحة التي تحتاج إلى الدعم و المساعدة حتى يقوى عودها قبل التهميش و الترهيب.
قال الله تعالى : فستذكرون ما اقول لكم و أفوّض أمري إلى الله إنّ الله بصير بالعباد . صدق الله العظيم
ملاحظة هامة : هذه عينتان من العينات التي تحصل يوميا في أعماق الريف و في المدينة حتى أنّ الإنسان أصبح يعيش يوميا على مشاغل الناس و قال لي أحد الاقارب الذين ضحوا 38 سنة في سلك عتيد أنه حظي بمقابلة مدير عام و بمؤسسة حديثة و طلب من السيد المدير العام تشغيل نجلته المجازة فإعتذر له . و لكنّ السيد ذكي و عمل في سلك ممتاز قال له لماذا نجل فلان يشتغل أجابه تعليمات السيد الوزير فعلا فهو إبن مسؤول… و بدون تعليق
قال الله تعالى : بل الساعة موعدهم و الساعة أدهى و أمرّ. صدق الله العظيم
محمد العروسي الهاني
الرئيس الموريتاني السابق ولد محمد الفال لـ«الصباح»: «لا ندعو إلى تصدير «النموذج الموريتاني»… ولكل بلد ظروفه» لا بد من توفر شروط عديدة لنجاح الانتخابات التعددية
مشكلنا مع الاستبداد أولا وأخيرا
نص الكلمة التي ألقاها الدكتور رضوان المصمودي في الجلسة الافتتاحية للملتقى الثاني للديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي في الدوحة يوم 27 ماي 2007
الإسلام و الديمقراطيّة – الأمّة العربيّة أمام مفترق الطرق
العدوان على غزة كتعبير عن أزمة الكيان
في الجذور العميقة لسياسات التوريث والتمديد