To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
مضايقات جديدة ضد المحامي السجين محمد عبو وعائلته
لائـــحـة اجتمــاع عـام
وزراء الداخلية العرب يناقشون اليوم التنسيق في مكافحة الإرهاب
الرئيس التونسي يدعو لمؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب
الرئيس التونسي يدعو اٍلى مراجعة أحكام اللّجوء السياسي
تونس و اٍيطاليا تناقشان سبل تعزيز التعاون العسكري بينهما
رئيس الدولة يؤكد الحرص على مواصلة تطوير الحياة السياسية
رئيس الدولة يقرر دعوة اللجنة المركزية إلى الانعقاد في دورتها العادية السادسة يومي 16 و17 فيفرى 2007
محاكمة 10 متهمين في قضية اتجار في الأسلحة
تصحيح
نشرت “تونس نيوز” المحترمة بنسختها العربية بتاريخ 29/01/ 2007 خبرا حول “إلغاء ندوة علمية بجامعة صفاقس إثر تدخل من وزارة الإشراف ضد مشاركة بعض الأساتذة فيها. وورد في الخبر أن هذا الطلب” لم يسبق أن أبصرت الجامعة التونسية مثيلا له” وللتصحيح نذكر بأن وزارة التعليم العالي قد تعودت على مثل هذا التدخل في جامعة صفاقس بالذات لإلغاء المحاضرة الافتتاحية التي طلبت من الأستاذ الطيب البكوش تقديمها كدرس افتتاحي وموضوعها ” حوار الثقافات واقع أم شعار؟” والتي كان من المفروض أن تلقى بكلية صفاقس يوم 14 نوفمبر 2006
المفكر الشيخ راشد الغنوشي يتكلم:
في الخامس من عيد الفطر لعام 1427 تحدث الشيخ الجليل راشد الغنوشي في مجلس البسام بجده، حيث تعرض في هذه الجلسة الحوارية الى المواضيع التالية:
– تبقى الدولة هي نقطة القوة في المجتمعات الغربية بينما لا تزال الامة مركز القوة وخزان الطاقة في امة الاسلام، وذلك مقابل استمرار الدول العربية وفيها مواطن الخلل والضعف عموما سواء من حيث الفكرة او أدوات التنظيم والعمل.
ولعل من أدلة ذلك ما حدث في العراق فلم تستغرق هزيمة دولة صدام حسين أكثر من 20 يوماً, بينما عجزت أضخم آلة عسكرية معاصرة أمام مقاومة الشعب العراقي، وذلك في غياب حكومة مركزية تقوم على تطويع الشعب. كذلك كانت رائعة تجربة المقاومة اللبنانية ضد العدوان الاسرائيلي في غياب الدولة المركزية الضابطة، وهذا ما أكتشفه حليف إسرائيل الامريكي فكان المطلب الاول هو نشر سلطة الدولة في الجنوب اللبناني حتى تستطيع الدولة اللبنانية كبح جماح المقاومة وتعطيل القدرة الشعبية على الاعداد الذاتي للمعركة القادمة. مثل ذلك حدث ويحدث في فلسطين وافغانستان والصومال.بما يشهد لصحة هذا الدرس: تنتصر أمتنا كلما تخففت من عبء الدولة.
ونقل الشيخ راشد على لسان خالد مشعل من حركة حماس ان سفير الصين في حديث له مع مشعل، أشار الى ان المقاومة العربية في العراق تساعد بما تحققه من إنتصارات على الجيش الامريكي وأعوانه في المنطقة في إرباك بل وتعطيل مخطط الهيمنة الامريكية ليس فقط على العراق ولكن على العالم ضمن إطار مخطط عصر الامبروطورية الامريكية الذي يتزعمه صقور المحافظون الجدد في واشنطن، ولولا الوقفة الشعبية العراقية لزاد التوسع الاريكي في المنطفة وخارجها وهدد حتى الصين.
– ويرى الشيخ راشد ان الدولة وحتى تصلح لا بد ان تبقى أداة من أدوات فعل الأمة لكن الامة يجب ان لا تختصر او تختزل في الدولة كما يحدث الآن، حيث أشار ان الدولة المركزية التي ظهرت في نهاية حقبة الاستعمار هي ظاهرة شاذة في التاريخ الاسلامي حيث كان السلطان مقتصراً على المراكز ولم يكن له سلطة على الاطراف، ولا على مرافق الحياة الاساسية للسكان مثل التعليم او حركة انتقال الناس أو على عمليات الوقف وأساليب إدارته، فكان المجتمع الاهلي او المدني قويا جدا مكتفيا بذاته الى حد بعيد وكثيرا ما كان مزدهرا بينما كانت الدولة مضطربة.
مشكلة الدولة القطرية الحديثة عندنا أنها أنشات في ما يشبه القطيعة مع ارث الامة الثقافي ونسيجها المجتمعي الموروث مستعلية عليه مراهنة على تفكيكه لصالح النموذج الغربي .غير أن الدولة هنا لا تمثل الشعب ولكنها تمثل عليه بل وقد تمثل به . إن الحل لا يكمن في اللجوء الى العنف لان تجربة العنف والانقلابات لم تفضي الا الى دكتاتوريات أخرى ظالمة، كما ان تجارب الوحدة العربية انطلقت من علاقات شخصية ولم تفض إلا لتسويات مؤقتة قامت على وفاق شخصي مصطنع.
الحل كما يراه الشيخ الغنوشي هو السعي لإقرار وترسيخ وإشاعة قيمة الحرية (حق الناس في التعبير والنشر) ومبدأ المساواة وأن السيادة لا بد ان تبقى من حيث الاصل في يد الامة لا ان تختصر هذه السيادة في فرد او فئة بعينها، فذلك سوف يفضي لا محالة الى الحد من حريات “الآخرين” وسيخل في نفس الوقت بموازين المساواة سواء من حيث السلطة السياسية او القوة الاقتصادية.
– هل الحرية تكون للجميع بغض النظر عن المسمى الديني:
الاسلام يجب ان يبقى عامل توحيد وأساس إجماع في الامة لا عامل تفرق وتغذية حروب طائفية . إن من يرفع شعار الحرب ضد الروافض (ممن يقول بذلك من أهل السنة) او الحرب ضد النواصب (ممن يقول بذلك من أهل الشيعة)، سوف يؤدي بالامة لا محالة الى مشروع لحروب أهلية. بل سوف يأتي في هذه الحالة من يرفع علم العلمانية كوسيلة لحل الخلاف من خلال إلغاء الدين من حيث المبدأ الامر الذي نرفضه جميعاً، وهو ما اضطر اليه الغرب في تجربته التاريخية لابعاد شبح الحروب الدينية، بعد أن تحول الدين مثار حروب ، فكانت العلمانية هي الحل والدين هو المشكل، لذلك يجب ان لا ننجرف في سياق النداءات الطائفية ومناهج إجتثاث الطرف الآخر، التي أثبتت عقمها وخطورتها في تاريخ الامة الطويل، بل ان نتجه الى منطق التعددية والحرية للجميع، ولنترك الافكار والآراء تتنافس وتتلاقح، ولتظل الدولة محايدة ازاء الصراعات الفكرية والمذهبية تاركة ذلك للمجتمع الاهلي يتجادل ويختار في حرية.
فلا بد ان يكون الاسلام هو الجامع ولا يكون ذلك الا بقبول التعددية من حيث المبدأ، فالله خلق الناس مختلفين، وهذا الاختلاف بمظاهره المختلفة هو من سنن الله، لذلك فالتحضر يكون بالاعتراف بحق الناس في التنوع وإدارة هذا التنوع بطريقة تسمح للجميع بالتعبير، ومن يسعى لإحتكار سوق الافكار بمنع الآخرين من فتح دكان يعرضون فيه ما لديهم من أفكار هو في الواقع يقف في وجه سنة من سنن الله وسوف يكون مصير هذا الاحتكار الفشل. علينا أن لا نخشى على الاسلام في وضع كهذا لان قوة هذا الدين في قواعده وفكره ولا تحتاج الى وصاية سلطوية، فالاسلام قادر على إقناع الناس بمبادئه وقيمه الايمانية والاخلاقية.
فصحوتنا الاسلامية التي نرى بشائرها، وحتى تنجح في مرحلة بناء المجتمع يجب ان تكون قادرة على قبول وإدارة التعدد لا ان تقودنا الى مشروع للفتن الطائفية او المذهبية.مشروع صحوتنا المجتمعي يجب ان يتسع لاستيعاب كل ما في مجتمعنا من تعدد لا يضيق بها ولا يكل امرها لسلطان الدولة القهري، إذ أن دولة الرشد ليس من مهامها منح شهائد الميلاد لاتجاه وشهائد الوفاة لاتجاهات أخرى لا تروق لها ، وإنما إدارة التعدد القائم قي سماحة واحترام.
يبدو أن الصحوة الاسلامية القائمة واصلة بإذت الى مستقرها في الحكم بعد تمكنها في المجتمع باذن الله وستنهي ما تبقى من وجود عسكري أجنبي على ارض الاسلام ، لكن السؤال يبقى عن مدى قدرتها على إدارة التعدد الناجم عن سنة الاختلاف، حيث أشار الشيخ الى كلمة للترابي يقول فيها أن ملكة هدم الباطل تختلف عن ملكة بناء الحق، لان الاول يقتضي القوة والحسم ام مرحلة البناء فتستلزم الفكر والابداع والقدرة على الاستفادة من تجارب الآخرين. الجزائر وافغانستان مثلان بارزان على القدرة الفائقة والعجز الفاضح:القدرة على هدم الباطل والعجز عن بناء الحق.
– في نفس الموضوع طرح السؤال: هل إبعاد الدين عن الدولة والديموقراطية هما الحل:
أشار الشيخ الى عدم وجود إرتباط بين العلمانية والديموقراطية فالحاكم العلماني قد يكون دكتاتوريا كما هو شان حكام عرب عديدين وغير عرب، وقد يكون ديموقراطيا،كما أن الحاكم المتدين قد يكون عادلا ديمقراطيا شان الخلفاء الخمسة وقد يكون ديكتاتوريا شان حكام عديدين معروفين عندنا وعند غيرنا فلا تلازم بين العلمانية والديمقراطية ولا بين الدين والاستبداد. لكن الفارق يبقى بين نظام وآخر في مساحة الحرية التي يتيحها لمخالفيه وفي وجود أو عدم وجود مؤسسات وقوانين فاعلة تحد من النزوع الطبيعي الى الاستبداد. وجود تلك القوانين والمؤسسات التي تحد من السلطة وتقيدها، وتتيح للمحكومين سلطة القوامة على حكامهم تنصيبا حرا لهم ومراقبة ومحاسبة وقدرة على النقد والتصويب، وصرفهم عن الخدمة عند اللزوم هو الديمقراطية. لذلك رات فيها الشعوب المطحونة بالاستبداد الحل ضمن إطارها الثقافي علمانيا كان أم متدينا بالمسيحية أو البوذية او الهندوسية أو اليهودية أو الاسلام(ماليزيا)،
الشورى قيمة او قاعدة أخلاقية عليا تأكد بأن يكون القرار الذي يخص الجماعة يجب ان لا يتفرد فرد منها أو أفراد باتخاذه دونها، وإنما أن يشترك فيه الجميع (وأمرهم شورى بينهم). هنا تاتي الحاجة الى الآليات المحققة لذلك أي للديمقراطية بما يحقق عمليا هدف الشورى: مشاركة الناس في الأمر والحد من التفرد به، وهو ما تقدمه آليات العمل الديموقراطي.
والحكومات في عالمنا العربي في الغالب الاعم لا تمثل الشعب ولكنها تمثل على الشعب، بل ووصل الامر ببعضها الى التمثيل بالشعب. فتمثيل الشعب له أصول وآليات مؤسساتية تربط ما بين الشعب والبرنامج السياسي الذي تحكم به ونحن لا نرى شئ منها .
– الدولة والاسلام:
وجود الدولة هو أمر ضروري في الاسلام لكن مصير الإسلام ليس مربوطاً بالدولة. فالدولة إذا فسدت فلا يعنى ذلك أن مصير الاسلام الى زوال، لان الاسلام كما شبهه الشيخ هو أشبه بمركبة فضائية متعددة المحركات والدولة هي إحدى هذه المحركات لا أكثر، كما ان هنالك محركات أخرى كالصلاة والزكاة والحج والعمرة والصوم والتلاوة والذكر والصدقة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاخوة..الخ. ان الدولة كلها قد تزول ولكن يبقى الاسلام، وثورة الامام أحمد ابن حنبل كانت في أساسها للوقوف ضد تدخل الدولة لفرض معتقدها على الامة، إذ لا كنيسة في الاسلام. بما ابقى مهمة تفسير النصوص بعيدة عن سلطان الدولة وباب حرية الاجتهاد مفتوحا أمام الامة في إختيار توجهاتهم الفكرية وفهم امورهم الدينية. لنترك للامة حق تحديد إتجاه الاسلام الذي تريده ولا حق لاحد في الوصاية على الآخرين.
– ماهي المشكلة مع الدولة في العالم العربي؟:
المشكلة مرة أخرى هي في ظهور الدولة الشمولية بعد الاستعمار التي تشعر ان من حقها تقرير ما يتعلمه الناس وما لا يتعلمون. وقد يبلغ غرورها حد فرض أزياء محددة على مواطنيها وتقرير أذواقهم وسائر تصرفاتهم وظهرت هذه الشمولية التي لا علاقة لها بالاسلام في السيطرة على الوقف الذي مثل أضخم وأهم مؤسسة استحدثها المجتمع الاهلي لتلبية احتياجاته في استقلاله عن الدولة، ولقد بلغت هذه المؤسسة أن احتوت ثلث الملكية الزراعية في أكثر من بلد اسلامي وأرست قاعدة قوية لاستقلال التعليم والعلماء وكثير من مرافق المجتمع عن سلطان الدولة فكانت تذهب دولة وتاتي أخرى وبرامج التعليم مثلا في الازهر أو جامع الزيتونة وما اليها لا يمسها تغيير بينما اليوم في ظل الدولة وريثة الاستعمار تغيير وزير قد يأتي على القسم الاعظم من من برامج التعليم تحكما في مصير الاجيال. إنها الوصاية الشاملة على المجتع وكأنه ملك خصوصي للدولة وليس العكس، وكأنها الطرف الوحيد الذي يحتكر الحقيقة
– عند حديث الشيخ عن الاختلافات بين المذاهب أشار أن الاتفاق بين المسلمين لا حصر له في اصول الاعتقاد وأركان الاسلام من صلاة وصيام وحج وحلال وحرام وغيرذلك. حتى فقيها سنيا كبيرا معاصرا ذكر في مقدمة موسوعته”الفقه على المذاهب الثمانية”أنه لم يظفر في الفقه الجعفري من المسائل التي لا أصل لها في مذاهب السنة أكثر 19 مسألة ، ورغم ذلك فهنالك من المسلمين من يغفل هذا الحجم الواسع من الاتفاق مما لا نظير له في امة أخرى ويظل أبدا مصوبا الاضواء الكاشفة القوية على تلكم المسائل المختلفة ، منصرفا بالكلية عن مساحات الاتفاق الواسعة الرحبة في سعي محموم لتوسيع رقعة الاختلاف رغم النص القرآني الواضح: “ان أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه…”، وأشار الشيخ أن هذا الكلام أقل ما يقال عنه أنه غير مسؤول ولا يحمل للامة الا نذر الفتن والحروب الاهلية، كمن يسعى لحك دمل في جسده ويستمر دائبا على ذلك حتى يخرب الجسد كله.
ولك اخي أن تقارن بين هذا النهج المتخلف في التعامل مع خلافاتنا رغم الجوامع الواسعة وبين النهج المتحضر الذي انتهجته الامم الاروبية في جمع كلمتها وإخراج تكتل وحدوي عظيم من بين ركام تاريخ أمم متحاربة مختلفة اللغات والمذاهب والاعراق لتقف على فارق مهم بين الامم المتحضرة والامم المتخلفة.
إلا أن الثابت أن التغيير الذي يدوم هو التغيير الذي يصعد من تحت الى فوق حتى ولو تم ذلك بتدرج بطئء عبر الارتفاع بوعي الشعب أولاً، لأن المشروع الاسلامي لا ياتي من فوق وأنما لا بد ان ياتي من الناس، لذلك فالمطلوب الان هو رد الاعتبار للشعب، فهو في الاصل صاحب السلطة عطاء و منعا.
– كان من ضمن الاسئلة التي أجاب الشيخ عليها ملاحظة جاءت من الحضور: أن الديموقراطية قد تؤدي الى وصول فئات معادية للاسلام الى السلطة، فقال الشيخ ان هذا التصور قائم على إفتراض لم يحصل قط: أن منح الخيار لشعب مسلم بين اسلام وعلمانية فإن الشعب سيختار الثانية.وعلى افتراض حصول ذلك فأنا أبقى مع هذا الخيار الشعبي، على أساس ان ثبات النظام الديموقراطي سوف يعطي للمسلمين إحدى فرصتين، الاولي هي ان يصلوا الى السلطة، أما في حال وصول غيرهم فان النظام الديموقراطي سوف يتيح لهم فرصة المحاولة مرة أخرى كما أن الفشل يقود الى إعادة تقييم العمل الاسلامي ودراسة أسباب الفشل.
– رغم ذلك فقد اشار الشيخ الى ان التجربة الديموقراطية في بعض دول العالم الاسلامي أظهرت الى أن الخيار الشعبي يقود عادة الى تغليب التوجهات الاسلامية وليس العكس ولا حاجة بنا الى التخوف، فهذا الدين متين، ويختصر الشيخ حديثه هنا بالقول أنه يطالب بالخيار الديموقراطي غالباً أو مغلوباً مؤكداً على التعددية من حيث المبدأ.
– رد الشيخ أيضا على القول بان الديموقراطية هي إختيار بين حكم الشعب وحكم الله:
الحكم الاسلامي هو في الواقع حكم شعبي ولا تعارض بين الله والشعب، والبديل المطروح في الساحة ليس إختيار بين حكم الله وحكم الشعب، ولكنه إختيار بين حكم الشعب وبين حكم السجون والمنافي وحكم القلة، فالديموقراطية في الاطار الاسلامي الذي نتحدث عنه لا تحل حلالاً ولاتحرم حراماً، وإنما هي آليات عمل لتفعيل دور الشعب في القرار من منطلق قرآني واضح في النص “وأمرهم شورى بينهم”. فهذه الآية تعنى انه لا ينبغى لفرد أن ينفرد بالأمر. لكن السؤال هو كيف يقوم الحاكم بتمثيل رأي الجماعة. هنا نتحدث عن أسلوب أو آلية متروكة لخيار المجتمع المتغير في الزمان والمكان. فالديموقراطية التي نتحدث عنها هي عبارة عن آليات يمكن ان تتحرك ضمن أرضيات ثقافية مختلفة، كما أن نفس هذه الآليات يمكن إخضاعها لتتلائم مع الخيارات الشعبية المطروحة في الساحة.
– هنا كان التساءل: هل من حق الشعب ان يشرع؟
فكان رد الشيخ: نعم من حق الشعب ان يشرع في إطار ثقافة المجتمع، التي عادة ما تتجلي في وثيقة الدستور التي لا يستطيع الحاكم ان يتخطاها، فالجمعية الوطنية (البرلمان) في فرنسا مثلا ورغم أنها تمثل الشعب وتقوم بعملية التشريع، لا تستطيع ان تلغي اللغة الفرنسية أو ان تقرر تقسيم فرنسا او ان تلغي وثيقة حقوق الانسان التي صدرت في أعقاب الثورة الفرنسية،أي أنها لا تغير المقومات الرئيسية لشخصية الامة وإنما تتحرك في دائرتها، وهو ما يسمى بالنظام العام، ونحن حينما نتحدث عن ديموقراطية في المجتمعات العربية والاسلامية نتحدث أيضا عن ديموقراطية نيابية ضمن إطار ثوابت الامة بما فيها الحلال والحرام. أي ضمن مقومات شخصيتها الحضارية التي يمثل الاسلام أساسها.
-التعددية وتجربة الاخوان المسلمين في مصر:
تحدث الشيخ عن تجربة الاخوان المسلمين في مصر وأشار الى أن هذه الحركة تخطت موقف البنا الذي دعا في ظروف معينة الى إلغاء الاحزاب، او موقف السيد قطب، فهنالك الآن وثائق مكتوبة توضح بطريقة أدق موقف الاخوان ونجد فيها النص بوضوح على القبول بالتعددية من حيث المبدأ، وكذلك الاعتراف بدور المرأة في الحياة العامة، فالحركات الاسلامية الشعبية سواء في اندونيسيا او ماليزيا او مصر او تركيا أصبحت تقبل التعددية لا على أساس انها خيار تكتيكي وإنما على أساس أنها مبدأ عام وحق شعبي.
ضمن إطار الحديث هنا أشار احد الحاضرين الى ان نضال الحسين لم يكن كما قال الشيخ البريك لأخذ الحكم وإنما لا ستعادة حق الامة في إختيار من يحكمها.
– بخصوص إستخدام مصطلح الديموقراطية والنظام الديموقراطي:
قال الشيخ علينا ان نتعظ بالقول انه لا مشاحة في الاصطلاح. دعونا نتوقف عن التقاذف بالمصطلحات، ولذلك علينا ان نوضح معنى المصطلح قبل ان نرفضه. لقد سبقنا مثلا التيار الماركسي في نقد الديموقراطية وذلك لإثبات صحة الخيار اللينيني القائم علي دكتاتورية البروليتاريا (الطبقة العاملة)، وهذا الرفض لخيار سيادة الامة ادى الى ظهور دكتاتوريات شمولية ظالمة في ظل حكم الاحزاب الشيوعية في دول أوروبا الشرقية وغيرها.
من ناحية أخرى فإن علينا عند المفاضلة بين النظام الديموقراطي على نواقصه أن نفضله لما يتوفر عليه من آليات كفيلة بتفعيل قاعدة الشورى وبين الانظمة الاخرى ان لا نغفل النسبية في الامور، فالنظام الديموقراطي هو أقل الانظمة سوءاً كما يعرفه أصحابه. الانظمة السياسية تتحرك في إطار النسبي وليس المطلق لا يوجد نظام سياسي كامل ومثالي. وإنما تدرك أهمية النظام الديمقراطي (من حيث آليات تفعيل دور الشورى) عند مقارنته بالانظمة البديلة عنه،الانظمة الفردية في كل صورها. نحن نرى اليوم رئيس أقوى دولة في العالم يمتلك في يده ترسانة القوة النووية لا يحميه ذلك من التعرض للنقد الشديد ومن تهيئة نفسه للرحيل بعد مدة قليلة، وحزبه معرض للخسارة بسبب ما يتوفر في النظام الامريكي الديمقراطي على سوئه من آليات تتيح النقد والتصحيح والتداول، فهذا دليل على أن هنالك نسبة من النجاح في النظام الديموقراطي على تخليص الشعوب من الحاكم مهما بلغت قوة ذلك الحاكم. أما في ظل الدكتاتوريات فقد أنهزم العرب عام 1967 ولم يخرج عبدالناصر من الحكم، كما دخل غيره في حروب طاحنة خسرها وبقي في الحكم لعدم وجود نظام لتفعيل حق الشعب في قول كلمته.
غير أننا معشر العرب قد نفضل الحرمان من الشيئ على أن نحصل عليه ناقصا ً، مصداقا لقول الشاعر :نحن قوم لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين او القبر.وهذا لا يتفق مع نسبية الامور فلا وجود لديموقراطية كاملة لكنها في نهاية المطاف أفضل من دكتاتورية بأي شكل من الاشكال، فالدكتاتورية بطبيعتها تقوم على فكرة تسلط القلة بينما تقوم الديموقراطية على قاعدة الاختيار الشعبي.
والقول بوجود الشورى في ظل الاسلام دون وجود آليات ضابطة لها قاد ويقود الى ظاهرة الحاكم الذي يشاور من يرى متى رأى فيما يرى ليقرر في النهاية ما يرى، وهذا ليس من الشورى في شئ وإنما هو عين التفرد
– حول الحساسية التي يسببها إستخدام مصطلح الديموقراطية قال الشيخ:
إذا كان مصطلح الديموقراطية يسبب حساسيات لا داعي لها فعلينا البحث على مسميات أقرب الى الناس والعبرة بالمعاني لا بالاسماء. المهم ان تكون الشورى منضبطة بآليات تضمن للشعب ان يكون قواما على حكامه فالمطلوب شورى منظمة لا شورى صورية . ولا مشاحة في الاصطلاح سيما إذا لم يكن مسمى لصنم أو أمر كريه، وإنما مسمى لآلة محايدة كفيلة بتحقيق مقصد شرعي أساسي :العدل وإحقاق مسؤولية الحاكم تجاه ما يتخذه من قرارات.
– التجربة السياسية في عهد الصحابة:
أهم خلل أصاب الامة هو خلل الفشل في تقنين طريقة إنتقال الخلافة، السبب أن الصحابة رضوان الله عنهم لم يشعروا بالحاجة لتطوير آليات للشورى تتجاوز إطار المدينة قاعدة الحكم . وظلت تلك الآليات صالحة ما ظلت المدينة تضم قاعدة الحكم حتى إذا اتسعت تلك القاعدة بفعل الفتوح وتحولت المدينة الى جزء صغير من الامة لم يتم تطوير تلك الآليات التي نشات في حيز ضيق فحصل خلل بين الحكم وقاعدته التي اتسعت أضعافا مضاعفة واهتز البناء بالصورة التي نعلم . ففي المدينة كان من السهل سؤال الناس بيتاً بيتاً لتحقيق الشورى والوصول الى ما يمكن ان يوصف برأي للجماعة، ولكن حينما كبرت الامة من خلال الفتوحات، لم تعد تصلح الآليات القديمة في تحقيق الشورى. وحينما جاء الناس ثائرين من الامصار مطالبين بحقهم في الشورى كما علمهم إياها الاسلام ظهرت مشكلة عدم وجود آليات تضمن حق المسلمين الجدد في الشورى فكانت المشكلة.
في هذا الشأن ذكر الشيخ حوارذا دلالة دار بين علي كرم الله وجهه وبين ابنه الحسن رضي الله عنهما:
فقد نصح الحسن والده بأن لا يأخذ الحكم حتى تأتيه البيعة من الأمصاروالقبائل ، فأجابه والده بالقول: هذا الامر للأنصار والمهاجرين. فقال له الحسن لمعرفته بما يدور في الامصار وما استجد من تحولات في بنية المجتمع، يا أبتاه إنك لمقتول.
وهذا القول جاء من وعي الحسن بالاختلاف الذي طرأ في القاعدة الشعبية للحكم، وأن آليات الشورى التي إستخدمت في المدينة لتحديد مكمن رأي الجماعة، لم تعد صالحة للتعامل مع التوسع الذي طرأ على الامة.
فالشورى نشأت في مجتمع صغير ملئ بالخير، لكنه لم يجر تطويرها للتعامل مع النمو المطرد للقاعدة الشعبية التي أصبحت تشكل الامة في المراحل اللاحقة
– بخصوص الحروب المذهبية والطائفية أشار الشيخ الى ان أغلب الحروب في العالم الإسلامي هي حروب على السلطة التي عادة ما يسعى أطرافها لصبغها بصبغة دينية تحشيدا للجماهير وراءهم، فالسياسي سوف يستغل الدين لعلمه بمدى احترام الناس للمعطيات الدينية وهذا الاستغلال في المجتمعات المتعددة الطوائف سوف يؤدي تدريجياً الى تحول الدين اوالمذهب الى أدوات تأجيج ما لم يجري زرغ ثقافة التعدد وحق الاختلاف في عقول الناس كجزء من ثقافة المجتمع
– حول التجربة السياسية الشخصية للشيخ راشد: .
قال الشيخ دخلت عالم السياسة وعمري 8 سنوات حيث كان لأمي شقيق وحيد سجنه النظام، ومن خلال دموع والدتي عرفت معنى الظلم والاستعمار والتسلط، وكان ذلك مدخلي على عالم السياسة، أما يخصوص موقفي الحالي فهو يكاد يكون نفس ما قلت به في كتاب صدر لي عام 1981، يؤكد على الكفاح السلمي والصبر. ورغم ما سلط على الحركة من عنف اعتقالا لعشرات الآلاف وتعذيبا الى حد الموت وحصارا وتجويعا وبالخصوص بعد مجيئ ابن علي وتزييفه لانتخابات 89التي فازت فيها الحركة فعوقبت بالاستئصال وتطبيق خطة تجفيف الينابيع التي حولت الصلاة أساسا لتصنيف الأصوليين ومنع الحجاب والكتاب الاسلامي حتى التراثي .
إلا أن الحركة رفضت الاستدراج الى مستنقع العنف وآثرت سبيل الصلح ودعوة الجميع الى الحوار.رفضت السلطة واستجابت قوى أساسية في المعارضة شكلت مع الحركة الشنة الماضية حركة 18أكتوبر للدفاع عن الحقوق والحريات.وظلت البلاد في ازمة تتفاقم،جراء الاصرار على نهج الانغلاق والانفراد ولم يزد ذلك الحركة إلا قناعة بما ظلت ابدا تدعو اليه من ضرورة القبول بحق الناس في الإختيار (التعددية)، سواء من قبل السلطة السياسية أو الحركات السياسية، وهذه الافكار كانت نشاذاً عندما دعت اليها الحركة في بداية الثماتيتيات ، لكنها اليوم اصبحت ولله الحمد من القضايا المشتركة بين الحركات السياسية الاسلامية وغير الاسلامية، والسبب في ذلك هو فشل التجارب السياسية التي بنيت على الانقلابات والعنف .
– الوضع السياسي في تونس وأزمة الحجاب؟
أزمة الحجاب في تونس هي أزمة الحكم في تونس. الدولة في تونس منذ عهد بورقيبة أصبحت أداة لسلخ الهوية الاسلامية من الشعب التونسي، لذلك كان الشعب هو من ولد الحركة الاسلامية للدفاع عن هويته. منذ عام 1981 بدأت الحرب على الاسلاميين وبلغ عدد السجناء بمجئ بن علي، الذي كان رئيساً للاستخبارات في عهد بورقيبة، الى السلطة الى 30 الف معتقل، ورغم ذلك فقد رفضنا اللجوء الى العنف، وإنما كان طريقنا الصبر والتواصل مع الشباب.
الخطة التي وضعت للحركة في وزارة الداخلية حملت كلمة واحدة بالفرنسية: ERIADICATION ومعناها الاستئصال إستئصال الاسلاميين، ثم تبين لهم ضرورة تجفيف ينابيع الاسلام أو سياسة الارض المحروقة حيث تم إلغاء التعليم الديني في المدارس وكل ما يشير الى وجود نظام في الاسلام وجرى إستبدال ذلك بتدريس الطوائف والفرق في الاسلام، حتى يفقد الطالب الاحساس بوجود نظام يوحد المسلمين، وينظر للاسلام من خلال الملل والنحل التي تفرق كلمة المسلمين.
الصراع اليوم على أشده حول مسالة خلافة ابن علي بسبب المرض. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ولقد عمت البلاد في السنوات الاخيرة وعلى خلاف كل ما خططوا صحوة دينية واسعة أذهلتهم لآنها على الضد من مطلوبهم، وصدق الله العظيم”فسيتفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون”.
المحاضرة الثانية:
مجلس سعود مختار في السابع من شوال 1427
الوضع في إندونيسيا : سقطت الشيوعية وسقط النتصير في اندونيسيا. لقد وصل الامر ان 19 وزيراً من أصل 25 كانوا من المسيحيين، ومر عهد سوكارنو وعهد سوهارتو ولم يحدث تحول حقيقي نحو المسيحية، اما اليوم فالاسلام له أحزابه وأعماله ولم يعد للماضي أثر.
الاسلام يشبب السياسة في اندونيسيا فالعلمانية فت في عضدها الفساد وشاب قادتها، اما الاسلام فهو فتي يحمل أحلام الامة وسعيها نحو العدالة والتحرير.
علينا ان نتعلم ان ننظر الى الجانب الايجابي في التطورات التي تحدث اليوم لامتنا، المسألة مسألة زمن وعمل فالله وعد ان ينصر دينه.
الدين الاسلامي عالمي بالعقيدة لكنه لم يصل الى العالمية، أما اليوم فعالمية الاسلام أصبحت اكثر من أي وقت مضى ووصل الاسلام لكل مدينة في العالم.
اما بالنسبة للعقائد الاخرى التي كانت تقارع الاسلام في الستينات من القرن الماضي فقد سقطت بمجرد سقوط الدولة فكان سقوط الشيوعية بسقوط الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية. لكن الاسلام لم يسقط حينما سقطت الخلافة لان الدولة اداة من أدوات الاسلام لكن الامة هي المستخلفة في الارض.
علينا ان لا نخاف من التشيع:
أول دولة شيعية في العالم قامت في تونس وحكمت لمد 300 عام ولم يعد أهل السنة قادرين على المجاهرة بمذهبهم، لكن وبمجرد سقوط الدولة عاد أهل تونس الى المذهب المالكي.
ثم ظهرت الدولة الفاطمية الشيعية في مصر وتم إنشاء الازهر لكن لم يتسبب ذلك في تحويل مصر الى المذهب الشيعي.
الدولة العثمانية حاولت فرض المذهب الحنفي على الناس في شمال إفريقيا لكنهم فشلوا أيضا لان الدولة لا تستطيع ان تفرض شئ بالقوة اذا لم يكن الناس راغبين فيه
في نهاية الامر علينا ان ننطلق من تقرير الله لسنة الاختلاف والتعددية حتى نحمي أمتنا من الانزلاق الى هاوية الحروب الطائفية وويلاتها. مع عدم التقصير في الاخذ بالاسباب في التخطيط والعمل وتجديد النية لرفعة ما نؤمن به متوكلين في كل ذلك على الله ومن توكل على الله فهو حسبه.
المفكر الشيخ راشد الغنوشي يتكلم: الجلسة الثانية
تابع الشيخ الجليل راشد الغنوشي حديثه عن هموم الامة حيث عالج في حديثه الثاني في مجلس البسام بجده النقاط التالية:
تحدث الشيخ مرة اخرى عن التغير في قاعدة الحكم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام الصحابة الاخيار عن زمن الفتوحات في المراحل التالية حيث تزايدت هذه القاعدة السكانية، لكن لم يجري تطويير لكيفية إستشارة النواحي والامصار التي فتحت والتي شعر أهلها بعدل الاسلام وحقهم في ان يكونوا ضمن إطار الامة وما لها من حقوق ، الامر الذي ادى الى حدوث فجوة في شرعية الحكم، تجلت في نهاية فترة الخلافة الراشدة.
في هذا الشأن أشار الشيخ الكريم الى سهولة مشاروة الناس في الفترة الاولي من الخلافة الراشدة بسبب صغر العدد وتقارب المسافات حيث كانت تتم من بيت لبيت، وكان عبدالرحمن ابن عوف مثلاً يقوم بسؤال النساء في المدينة عن رأيهن عملاً بنص مشاورة المؤمنين،
كذلك لاحظ الشيخ ان ترتيب من هم ضمن إطار السلطة كان واضحاً حيث نجد المهاجرين والانصار في الفئة الاولي ثم ياتي من بعدهم باقي المجتمع، لكن ومع موت جيل الصحابة رضوان الله عليهم لم يعد الامر واضحاً ودخلت فئات جديده من خارج الرعيل الاول كما تضاعف العدد، والمشكلة كما يقول الشيخ هي انه لم يتم تطويير أساليب جديده للشورى تتلائم مع هذه التغيرات، وهذا ليس نقص في الاسلام ولكنه نقص في التراث الاسلامي، حيث نص القرآن والسنة على قاعدة الشورى والجماعة وترك الباب مفتوحاً للتطوير بما يتلائم مع متغيرات كل مجتمع، لكن التراث الاسلامي ندر ما تحدث على كيفية إنتقال السلطة او تغيير الحاكم.
عن رأيه في ملك بني أمية:
ملك بني أمية هو خليط من النظام الامبروطوري والنظام القبلي العشائري والقيم الاسلامية. لقد كان العلماء يشعرون بخطورة ما قامت به بنو أمية في تجيير الحكم لانفسهم دون المسلمين، فقد كانوا يسألون معاوية: أتريدها كسروية؟.
في هذه الشأن فقد حاول علماء المدينة إستعادة حق الحكم للناس وإعادته الى منهج الشورى الذي سبق فترة حكم بني أمية، لكن كانت التجارب قاسية، ففي ثورة إبن الاشعث إستبيحت المدينة وقتل أكثر من 30 الف وأغتصبت النساء.
ومع تكرر الثورات وصل الحكام والعلماء الى صيغة توازن ما بين مطالب الحكم وما بين مطالب العلماء الاحرار مثل الامام أحمد إبن حنبل الذين يمثلون الامة. صيغة هذا التوازن تقوم على:
سوف لا ينازع العلماء الحاكم الحكم ومقابل هذا التفرد بالحكم فإن العلماء حصلوا على :
– سلطة التشريع وحق تفسير النصوص تكون في يد العلماء، وتفرغ العلماء في هذا الجانب لوضع قواعد تفسير النصوص
– سلطة التعليم والعلم أصبحت للعلماء ولا حق للحكام التدخل في هذا المجال فتفرغ العلماء لتطويير حلقات الدروس دون تدخل السلطة
– مهمة القضاء، وتركت أيضا للعلماء شريطة ان يكون العالم مجتهداً، الا في حال الخلاف مع نفس الحاكم
– حق الوقف وإدارة الاوقاف كانت متروكة للناس دون تدخل السلطة، حيث كان الوقف المصدر الأكبر لتموييل العلماء والمجتمع المدني
ويلخص الشيخ راشد نتيجة هذا التوازن بانه اصبح أمامنا في حالات كثيرة حكم ظالم بصفة عامة ولكنه لم يستطع إختراق المجتمع بل بقي للمجتمع إمكانيات كبيرة للتفكير والعمل والتمويل بعيدا عما يحدث من صراع على السلطة وظلمتها.
لكن هذه المعادلة بين العلماء والحكم أنهارت تماماً في فترتنا الحالية، وأصبحت السلطة السياسية تختزل جميع قوى ومقدرات المجتمع فتشترط التصريح منها لكل نشاط من أنشطة المجتع في شمولية عطلت الامة وألغت إرادتها في العمل الجماعي، ووصل الامر الى حد محاسبة الناس حتى على طريقة تفكيرهم. في ظل هذا التوجه سيطر الحكم على العلماء وأصبح العلماء موظفين عاميين يتقاضون راتب يعطيه الحاكم او يمنعه
في ضوء هذا التغير التاريخي العام قسم الشيخ راشد العلاقة بين الحكم والعلماء الى ثلاث فترات:
فترة العلماء هم الحكام (فترة الخلافة الراشدة)
فترة العلماء شركاء: وهي فترة التوازن آنفة الذكر
فترة العلماء أصبحوا أجراء، وهذا ما نراه في العصر الحديث الذي نعيشه حيث ضرب مثالاً من تجربته مع بعض علماء تونس حيث ذهبوا للشيخ الجليل عاشور الذي كان مفتي تونس في فترة بورقيبة وقالوا له ان دعوات التغريب التي تمارسها السلطة وصلت الى حدود إمتناع الشباب حتى عن الصلاة وان عليه ان يقف في وجه ما تفعله السلطة بالشباب، فدعى لهم الشيخ لكنه أخبرهم بأنه لا يستطيع ان يحرك ساكناً لانه ليس له مورد رزق الا الراتب الذي تدفعه له الحكومة، ولذلك فقد أعتذر عن مساعدتهم
– سؤال حول غاية الحكم:
مسألة الحكم يراعي فيها المقاصد وهي دفع الظلم وتحقيق العدل، وهي قصة تكررت في القرآن الكريم في قصة فرعون وظلمه في إشارة مباشرة الى خطورة الفرعنة او الاستبداد، وان تعالي الظالم قد يصل الى حد تأليه الذات، وتاريخ الاسلام في الفترة الاولى للرسالة هو تاريخ الصراع بين النبوية “وفرعنه” من هم في السلطة. كان الصراع بين الفرعون الحاكم قاصر على الاطار المحلي، لكن اليوم أصبح لدينا فراعنه صغار يدعمهم الفرعون الاكبر
– في رده على سؤال حول موضوع تكرار قيام النبي الكريم بطلب البيعة خلال فترة حكمه قال الشيخ، حيث أشار الى ذلك صادق:
– من وجهة منظور التجربة السياسية في زمن الرسول الكريم فإن قيامه صلى الله عليه وسلم بطلب البيعة ثلاث مرات خلال فترة حكمه دليل على سنة لا بد ان نتعلمها في ضرورة العودة للناس بطريقة أو أخرى، للتأكد من رضاهم، ففي غزوة بدر طلب الرسول البيعة مرة أخرى على أساس أن بيعته الاولي كانت لنصرته داخل المدينة، فلما أحتاج للخروج الى بدر خارج المدينة لم يفعل ذلك الا بناء على بيعة جديده، في تأكيد لسنة إعادة سؤال الناس. فإذا كان الرسول الكريم وهو يأتيه الوحي من السماء يفعل ذلك فإن الاولي بنا وضع نظام يجبر الحاكم فيه على سؤال الناس على أساس فترات زمنية محدده .
حول عدم إقبال الشباب على العمل الحزبي والجمعياتي
بلقاسم حسن
طالعت منذ أيام في صحيفة أسبوعية تحقيقا عن عزوف الشباب عن الانخراط في الأحزاب والجمعيات. وقد لفت انتباهي في هذا التحقيق المهم تفسير العزوف الشبابي بعدم نجاح الأحزاب والجمعيات في استقطاب الشباب وإثارة حافزيته للمشاركة والانتظام، أي أن الأحزاب والجمعيات هي السبب في عدم إقبال الأجيال الصاعدة على الانضمام إليها لأن برامجها وخطاباتها وطرق عملها ومحتوى أنشطتها لم تثر لدى شبابنا الاهتمام ولم تخلق فيهم الرغبة ولم تولّد عندهم الحماس… ولئن كان هذا التقدير ظاهريا ـ صحيحا ـ فإن الواقع في الحقيقة غير ذلك ويستدعي الغوص في الأسباب العميقة التي تجعل من الشباب التونسي في قاعدته العريضة ميالا إلى عدم الانتماء التنظيمي.
وفي البداية نشير إلى أننا نستثني من التنظيمات الحزبية والجمعياتية تلك التي لا يثير الانضمام إليها أي إشكال من أي نوع كان مثل الحزب الحاكم والجمعيات الرياضية وبدرجة أقل الفنية. ونحن نستثني الحزب الحاكم لسبب بسيط ولا يخفى على أحد وهو أنه عموما مريح ومفيد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لما فيه من وجاهة وامتيازات واحتمال تقلد المسؤوليات وغيرها مما يمنحه عادة أي حزب حاكم لإطاراته ومنخرطيه… كما أن الانتماء إلى الجمعيات الرياضية والفنية لا يمثل إشكالا ويمنح بدوره وجاهة وامتيازات..
وهذا لا يعني مثلا أن انتماء الشباب إلى الحزب الحاكم من تحصيل الحاصل وأنه حقيقة لا تقبل الجدل، فالانتماء الذي يهمنا في هذا السياق هو الانخراط المتحمس والناتج عن وعي واقتناع… ونحن نعرف أن الشباب بطبعه مشبع بروح الحرية والبحث عن الجديد وكله طاقة حيوية للعطاء وكما أنه عادة أكثر تشبعا بالروح النقدية والتحررية حتى قيل إنه من الطبيعي جدا أن تكون بدايات الشباب الطلابي مثلا في الفكر المعارض ! ولذلك فإنه من الثابت أن انتماء الشباب إلى الحزب الحاكم يبقى بدوره محدودا ولا يفنّد حقيقة قلة الإقبال الشبابي على العمل السياسي المنظم والقانوني وكذلك على العمل الجمعياتي ذي العلاقة بالشأن العام..
ولكن، لماذا هذا العزوف؟
هذا هو جوهر هذا المقال… وهذا ما نريد أن نعرفه كي تكون المعالجة سليمة.. فالتشخيص الصحيح ضروري لمعرفة أسباب الوضع، وهو السبيل الصحيح للتجاوز… أما مجرد الحديث عن مسؤولية الأحزاب والجمعيات عن هذا العزوف فلن يحل المشاكل اللهم إلا نسبيا وبشكل محدود جدا، وليس هذا الحل النسبي والمحدود هو المطلوب.
ولنتّفق كذلك بأننا نطرح هذا الوضع الخاص بالعزوف الشبابي على الانتماء إلى الأحزاب والجمعيات ونغوص في أسبابه العميقة سعيا إلى تجاوزه لأن مستقبل المجتمع ومصلحة المسار الديمقراطي وضمان غرس قيم المواطنة والمدنية والتعددية والعقلانية والتقدم. ومبادئ الاعتدال والحوار والتسامح واحترام الآخر وقبول الرأي المخالف والاعتزاز بالذات وبالهوية الوطنية والتفتح على الحداثة ومواكبة العصر تتطلب بالتأكيد إيمان الشباب بهذه القيم والمبادئ وانخراطهم في الحياة المجتمعية المدنية والديمقراطية وترسي قواعد الحصانة والأمان ضد التطرف والتحجّر والانغلاق والعنف وإلغاء الآخر…
وفي هذا الصدد نلاحظ أن انخراط الشباب في الحياة السياسية والاجتماعية المنظمة لم يكن أبدا ظاهرة عامة في تونس… وكان بالعكس محصورا في أقلية كانت في بعض حقب تاريخ تونس المعاصر نشيطة وبارزة ولكنها كانت دائما أقلية نخبوية رغم تعاطف الغالبية العظمى من الشرائح الشبابية… كما أننا نلاحظ أن كل ما يقال عن برامج الأحزاب وخطاباتها ليس بتلك الصحة التي أصبحت أساليب بمثابة نوع من الإيمان مهما تغيرت لغة الأحزاب و مهما تطورت عملها وتعددت أنشطتها بقيت ـ دار لقمان على حالها ـ وظل اقبال الشباب على الانخراط في صفوفها شبه منعدم…
والحقيقة أن معرفة سبب عدم اقبال الشباب من ناحية وسبب عجز الأحزاب والجمعيات على استقطابهم من ناحية أخرى ليس من الأحاجي والألغاز… والحقيقة أيضا أن السبب يكاد يكون هو نفسه بالنسبة إلى الطرفين… وهو بكل بساطة يتمثل في الحواجز والعراقيل أو على الأقل عدم التشجيع وعدم الرضا وعدم القبول بالانتماء إلى المعارضة والنظرة إلى المعارضين والتضييقات المسلطة على أحزاب المعارضة في المدن الداخلية والأحياء الشعبية والأرياف والحصار المضروب على أنشطتها وصحافتها بل وعدم تمكينها في أحيان كثيرة من تنظيم الاجتماعات العامة وإيصال بياناتها وأدبياتها وتبليغ مواقفها إلى أوسع الأوساط…
إن هذه العراقيل والتضييقات وهذه الممارسات رسّخت في أوساط الشباب ـ الخوف ـ من مخاطر الانتماء إلى أحزاب وجمعيات لا تحظى برضا السلطات ويعتبر المنتمون إليها مشكوكا في وطنيتهم ويشار إليهم بالبنان بأنهم معارضون ينصح بالابتعاد عنهم وعدم مخالطتهم وتجنّبهم قدر الإمكان ! كانت هذه العقلية سائدة أيام الحزب الواحد والمنع القانوني للتعددية وأيام المحاكمات الطلابية والنقابية… وبقيت نوعا من الموروث السياسي والاجتماعي والثقافي لعقلية الحزب الواحد واتهام المعارضة باللاوطنية والتضييق على المعارضين… وبالرغم من إرساء التعددية القانونية ومن قيام العديد من الأحزاب الوطنية المعارضة ذات التوجهات والبرامج المتنوعة… بقي الانتماء إلى صفوفها مثيرا للشبهات وباعثا على المخاوف وسببا لبعض المشاكل الزائدة كما بقي عمل الأحزاب المعارضة منحصرا في المقرات المركزية وبقيت مواقفها وبياناتها وبلاغاتها وأدبياتها منحصرة في صفحاتها مخفية في الأكشاك لا يعرفها الشباب ولا يسمح بها وإن سأل عنها أو لفتت انتباهه قيل له هذه معارضة! فما بالك إن بحث عن شغل أو طلب مساعدة وهو يعرف بعض المعارضين أو يتردد على مقر حزب معارض أو يشتري صحيفته !
بقيت هذه العقلية سائدة مع الأسف رغم كل القرارات والنصوص والقوانين المتعلقة بالتعددية ورغم كل الحرص الرسمي ومن أعلى هرم السلطة على ترسيخ الديمقراطية وإرساء التعددية ودعوة الأحزاب إلى القيام بمهامها التأطيرية والتنظيمية وإشراك المعارضة في العديد من الهياكل والمؤسسات والمنابر…
إن كل هذا الحرص والإجراءات السياسية والقانونية المتولدة عنه بقي في المستويات العليا والنخبوية وكأنه لم يصل إلى الدوائر المسؤولة في الأرياف والمدن الداخلية والأحياء الشعبية وإلى بعض الأجهزة الأمنية والدوائر الإعلامية وأعضاء الشعب في الحزب الحاكم وحتى إلى موزّعي الصحف وأصحاب الأكشاك التي يقتني منها الشباب والمواطنون عموما الصحف بأنواعها ! شباب خائف من الانتماء إلى الأحزاب المعارضة القانونية رغم أن لها مقرات وصحافة وأنشطة… وأحزاب معارضة قانونية منغلقة في مقراتها المركزية أساسا وفي صفحات جرائدها الحزبية نظرا للكثير من التضييقات فماذا ستكون المحصّلة؟ !
عزوف وعجز… ولكن أيضا هروب واختفاء وتطرّف ولا يستفيد من مثل هذا الوضع سوى الذين اختاروا السرية وتبنّوا الخطاب اللفظي المشبع بالرفض المطلق والتطرف وهذا بالضبط هو الخطر وهذه هي النتيجة التي كثيرا ما حذّر منها الذين آمنوا بالديمقراطية الحق والتعددية الفعلية ورفضوا عقلية التضييق على المعارضة الديمقراطية وأكدوا أن الرابح الواحد من هذه العقلية ليس النظام ولا الحزب الحاكم ولا المجتمع المدني بل فقط أعداء الديمقراطية وأنصار التطرف والتحجّر والانغلاق.
أما الرابحون من إرساء الديمقراطية الحق والتعددية الفعلية والتي لا قيام لها إلا برفع كل أشكال العراقيل والتضييقات فهم السلطة والحزب الحاكم والمعارضة الديمقراطية والمجتمع المدني… حاضرا ومستقبلا.. وبكل مناعة وصلابة ويقين.
(المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 532 بتاريخ 27 جانفي 2007)
عُـزوف الشباب عن الشّأن العام: أين الخلل؟
كيف تصنع النخب العربية العزوف عن الشأن العام ؟
لم ننس الاستبداد فالاستبداد لم ينسنا
إلى الشباب المسلم في أوروبا : إن لكم في مريم الرباعي الأسوة الحسنة
النسب الأعظم مكانة في الإسلام
قل يحيا التطرف..فبه تكون :رد على السيد زهير الشرفي
قال لي أحد الإخوة أيام الدراسة الجامعية وقد كانت الجامعة حينئذ تعج بالتيارات السياسة بمختلف تلويناتها وتصنيفاتها الإيديولوجية من (الشبش والمود إلى الوطج والبوكت وغيرهم كثير…) لو غاب الاتجاه الإسلامي والاتحاد العام التونسي للطلبة من الساحة الجامعية ماذا كنا سنسمع في خطابات هؤلاء اليساريين؟..والتي كانت خطاباتهم تعج فقط بالسب والاتهام بالرجعية والخمينية والتحالف مع الامبريالية…
وأعود فأقول ماذا سيتبقى للسيد زهير الشرفي لو تحققت أمنيته في القضاء على الإسلام بمتطرفيه ومعتدليه ؟ هل سيجد ما يقول و ما يتناول؟
كل مقالات السيد الشرفي سواء على أعمدة جريدة الشعب أو تونس نيوز كلها تصب لا في خانة “التحرش” على الإسلام وأهله بل في خانة الداعين إلى استئصاله من الحياة العامة .
اعتقد جازما أن الفضل في تفتق قريحة السيد الشرفي إنما يعود إلى التطرف والى الاعتدال الإسلامي …والى الإسلام بوجه عام… وحري به أن يشجع التطرف باليمنى
وببدع في النيل منه باليسرى ليثبت براعته ووجوده كمفكر لاديني.
لقد تناول السيد الشرفي في مقاله الصادر في تونس نيوز بتاريخ 28-01-2007 بالاتهام السيد احمد نجيب الشابي متسائلا “هل أصبح الرجل إرهابيا”
وذلك على خلفية حواره مع السيد الطاهر بن حسين في قناة الحوار التونسي مؤاخذا عليه قوله “أنت تتحرش بالإسلام” وقوله”أنا مسلم …أنا لست لائكيا”
غني عن البيان القول أن العبارتين لا يستقيم معناهما دون الرجوع إلى تسجيل كامل للحوار الذي دار بين الرجلين ولكن السيد الشرفي ومن خلال مقاله قصد ذلك لا لتشويه السيد احمد نجيب فحسب إنما أيضا لممارسته هوايته في السب والشتم.
وعنوان المقال في حد ذاته يحمل إلى جانب الاستفهام معنى التقرير وتأكيد الاتهام بإرهابية الشابي وذلك من خلال استعماله لصيغة الماضي “هل صار”
لن أكون من المدافعين عن السيد الشابى فتاريخ الرجل ونظاليته و ثباته ورفضه للمقايضات على حساب مبادئه دروس لي وللسيد الشرفي ولكل التونسيين…
تاريخ السيد الشابي ودعوته الدائمة إلى إقامة مجتمع العدل والحرية سواء من خلال تجربته اليسارية أو القومية أو الليبرالية لا تحتاج إلى تدليل، فمواقف الرجل في كل مسيرته السياسية وإيمانه بالعمل المشترك على أرضية القواسم المشتركة ونبذ الخلافات الإيديولوجية من اجل تحقيق وفرض الحريات عبر الأساليب المدنية والسياسية هي من باب المعلوم بالضرورة.
يقول السيد الشرفي”ولكنني لا أظنه ينكر –الشابي-إن تلك القنابل والمتفجرات إنما هي التكملة و النهاية لخطاب الحقد والتكفير واتهام المخالفين ب “التحرش بالإسلام”
وخطاب الحقد والتكفير عند السيد الشرفي هو”كلما عملت عقلك في التراث الإسلامي.. كلما اجتهدت في فهمه.. كلما اتجهت لطلب الحرية والمساواة ولم تتقيد بقيود الفقه القديم أو شرائعه السابقة بل كلما رفضت مسلمات الفكر الأصولي ينهالون عليك باتهاماتهم لك بأنك تتحرش بالإسلام ..هكذا تصير عدوا للإسلام”
لا أظن أن السيد الشرفي جاهل إلى درجة انه لم يقرا القرآن الكريم حتى باعتباره نصا أدبيا لا كتابا مقدسا ليكتشف جملة من الحقائق قد تساعده في تحبير هجماته حتى من باب “اعرف عدوك”.
فالإسلام سيدي يضمن حرية المعتقد بمعنى حق الفرد في اختيار عقيدته بعيدا عن كل إكراه وقد ضمنت الشريعة الإسلامية هذه الحرية كثمرة لهذه المسؤولية فمنعت كل وسائل الإكراه.وتكاد تجمع التفاسير أن آية “لا إكراه في الدين“تمثل قاعدة كبرى من قواعد الإسلام وركنا عظيما من أركان سماحته.
“فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر“وإذا كان الاعتقاد محله القلب فالإكراه ممتنع فيه أصلا.وقد عد مفكرو الإسلام حرية الاعتقاد”اسبق الحريات العامة” (1)لأنها “بمثابة القاعدة والأساس”(2)
ولم يكتف الإسلام بإقرار حق الإنسان في الحياة والحرية وسلامته الشخصية(راجع الطبري)بل اعتبر ذلك واجبا مقدسا على الجماعة والفرد انطلاقا من مبدأ استخلاف الإنسان وتكريمه. جاء في الحديث :”ما من شيء ألزم إلى الله يوم القيامة من ابن آدم”.وهي كرامة ملازمة له حيا وميتا جاء في الحديث الشريف “أن جنازة مرت على النبي(ص)فوقف فقبل إنها جنازة يهودي فقال (ص)أليست نفسا؟ وقال (ص):”إن الله يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا”
أما في حرية التعبير فقد ضرب القران في تقديره لملكة الفكر وحرية التعبير من خلال دعوته لإعمال العقل ومن خلال أمثلة الحوار الرائع الذي كان يديره الأنبياء مع أقوامهم ومع الطغاة منهم تبرز بجلاء اعتماد على حجة العقل إماما مقابل اعتماد حجة القوة سلاحا يلوذ به الطغاة دائما كلما أعيتهم الحيلة وأعجزهم الروغان.
وكان (ص)يقول :”لا يكون أحدكم إمعة ..يقول أنا مع الناس“
بهذا المعنى فالإسلام دين الحرية بكل معانيها ..دين العقل ..دين الكرامة والمحبة والسلام ..لم يكن أبدا دين عنف أو إرهاب أو تطرف “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن” “وان جنحوا للسلم فاجنح له”..
فكيف يتهم الإسلام بقمع الحريات والإسلاميون هم ضحية خوضهم لمعارك الحرية؟
هل من الحرية التهكم والتعريض بالمقدس المشترك للضمير الجمعي؟أليست الحرية في كل التعاريف الليبرالية تنتهي عندما تبدأ حرية غيرك؟
هل كل مطلق لصفة التحرش بالدين مشجع للتطرف وإراقة الدماء؟
أليس هذا من قبيل القياس السفسطائي”الكلب يمشى،الإنسان يمشي..إذن فالكلب إنسان !!!!
أما عن موضوع اللائكية فسأتناوله في رد آخر إنشاء الله..والله الهادي الى سواء السبيل.
هل مازال الوقت لرجل التغيير ليقوم بالتغيير؟
بقلم: التيجاني زروق
ردا على مقال نشر بتونس نيوز(*) طرح فيه سؤال هل مازال الوقت لرجل التغيير ليقوم بالتغيير- في شكل رسالة موجهة لرئيس الجمهورية – و قد بدا كاتب الرسالة متفائلا بأن عهدا جديدا سعيدا من التغيير سوف يهل علينا بعد “الاحتفال بالذكرى العشرين للتحول”. ليحول كل الأنظار عن ما تعانيه تونس ليصبح الجميع في إنتظار هلال السابع من نوفمبر 2007.
و يبدو أن كاتب الرسالة من الحرس القديم للنظام و تم اقصاؤه عن دائرة الأضواء أو القرار فأراد أن يبين في رسالته لـ”رجل التغيير” بأنه لا غنى عن حكمته و علمه بمجريات الأمور و سبل اصلاحها.
و يبدو أن عبد العزيز بن ضياء هو من أقصاه، حيث قالها صراحة في أخر المقال بأنه لا يريد أن يرى بن ضياء رئيسا لتونس و لا حتى مرشحا سنة 2009 و ربما سنراه هو -كاتب الرسالة- من يرشح نفسه.
أراد أن يقول لرئيسه احذر من بن ضياء و في نفس الوقت بأنه يتمنى رؤية رجل التغيير كما يسميه يستغني عن بن ضياء و كل من في القصر و يبدأ ثورة التغيير التي ينتظرها و التي تقتصر فقط حسب رأيه على الإدارة والإعلام أما الباقي فله البحر يشرب منه.
و بلغت به الجرأة الى اتهام المعارضة قبل الحكومة بعدم امتلاك رؤى استراتيجية لمستقبل البلاد فلماذا لم يعطينا هو اقتراحاته بشأن هذه الرؤى الاستراتيجية.
أجيبك على سؤالك هل مازال الوقت لرجل التغيير ليقوم بالتغيير لا و ألف لا لم يعد الوقت يسمح لرجل تغييرك بالتغيير اللهم تغيير بعض أعوانه أو صبغة شعره، حتى إن واصل الحكم ليس الى 2014 فقط بل إلى 2030 فإنه لن يغير شيئا، بل شخصه هو من يجب أن يغير بفتح الياء الثانية، ويقول المثل التونسي “الّي ما يشبع من القصعة ما يشبع من لّحيسها” و لوكان رئيسك فالحا لظهر من البارحة، و لن ينتظر هلالك المجيد ليقدم على التغيير.
و على كل حال فنحن – معشر المعارضة بالخارج – بصدد مشاهدة ظاهرة جديدة وهي لجوء
أطراف من النظام لمواقعنا على الانترنت لتبدي آراءها و تنشر مواقفها في حين أنهم هم من يمنعون هذ المواقع في تونس.
(*) المصدر: تونس نيوز 28 جانفي 2007
رد على مقال ورد في تونس نيوز بتاريخ 07/01/2007
إلى عماد حبيب
كتبه أحدهم ونقله عنه بأمانة: عبدالحميد العدّاسي.
كتب الأستاذ عماد حبيب، الشاب ذو السبع وثلاثين سنة، عاشق البحر، صاحب ” الإرهاب والحجاب وحفرة طالبان”، مقالا نشره على صفحات تونس نيوز بتاريخ 29 يتاير / جانفي 2007، عقّب فيه على أحدهم وقد كتب موضوعا مختصرا حول تشيّع بعض ” المسلمين “، إلى غير المسلمين ممّن لمع نجمهم بين أناس يختلفون عن المسلمين في المعتقد وفي القيم والمفاهيم. فلعلّ أحدا يلمع لشذوذه وتشجيعه للشذوذ وآخر لكرهه للإسلام والمسلمين وثالث لتشجيع الصهيونية العالمية ورابع لجهوده التبشيرية وخامسا لرسوم مسيئة للرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وهكذا… وأحدهم هذا، لمّا كتب عن الموضوع، لم يزد على أن بيّن حقيقة مفادها أنّ للمسلمين رموزهم التي يمكن الاقتداء بها، وقد ندب إلى ذلك المسلمين ولا أحد غيرهم، كما أورد نقل ملخّص باللغة الفرنسية عن حياة القسّ أو الأب بيار ليخرج به من منطقة النكرات. غير أنّ صاحب الحفرة لم يتمالك نفسه – إزاء حبّه الكبير للقسّ بيار المعروف حقيقة بتضامنه المنقطع النظير مع المحرومين بل وحتّى مع الشواذ الجنسيين – فانطلق يتّهمه ( أحدهم ) بالانحياز إلى قومه ودينه عندما نسب إليهم كلّ الخير، كما اتّهمه برفض الآخر، وعدم تقبّل النصح أو النقد من الآخر. دون أن ينسى رفضه المطلق لنصيحته التي قدّمها للمسلمين بعدم الترحّم على غير المسلم، حيث هبّ في ردّ فعل هستيري يترحّم على بيار، رغم أنّه ( صاحب الحفرة ) لا يهتمّ كثيرا للربّ الذي منه تُطلب الرّحمات. فقد قال في بلوغه ( ولدت خريفا و السماء تتقيّأ طوفانا (*)”، سأموت يوما ما (**). ولا أريد أن أعرف أين ولا كيف ولا متى (***). وما بين هاذين الحدثين، وقبلهما وبعدهما، كان هناك بحر.(****)
يبدو أنّ صاحب الحفرة لا يحمل قضيّة غير كرهه – الذي لم يستطع إخفاءه – للمسلمين ولعلمائهم. وإلاّ فأيّ إنسان – مهما كان – لا يستطيع مساعدة الآخرين في غياب الوسائل، فكيف لهذا الرجل ” الفذّ ” الذي عاش فقيرا ومات فقيرا حسب تعبيره – دون أن يجاري شيوخ الإسلام ” المترفين الفاسدين “- أن يستطيع مساعدة هذه الملايين التي أحبّته؟!… إنّه الجهل المطبق بالمعطيات وبالمجريات… إنّه الجري اللاّعث وراء أسماء أحبّها وسوّقها أناس نرى فيهم الأفضلية نظرا لقدرتهم على استعبادنا وإذلالنا وتتفيهنا ( من التفاهة)…
أحدهم هذا، لم يكن ضدّ الأب بيار ( كما فهم صاحب الحفرة ) بل لقد كان يتمنّى له حسن الخاتمة كي يصلح أعماله الخيّرة التي اشتهر بها. ولكن راعه عدم انتباه بعضهم إلى الخير المكنون فينا، فديارنا وآباؤنا وأمّهاتنا رغم ما فينا ورغم الظلم المقترف بيننا هم أفضل بكثير كثير عندنا وعند ربّنا رغم أنف صاحب الحفرة وغيره من الواردين على بلادنا المنكوبة في هذه الأيّام الكالحة التي شهدت غياب الفضيلة وانتحاب المروءة. وملاحظته في ذلك الردّ لم يكن من ورائها إلاّ هذا التنبيه، وإلاّ فالأب بيار لم يكن يوما خصما له، فانتبه صاحب الحفرة ولا يؤثّر عليك كثيرا دوران البحر…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): شدّني هذا الإصرار على تخيّر اللفظ (تتقيّأ، ومن؟.. السماء ).
(**): لله درّك ما أكمل إيمانك!…
(***): من منّا يعرف أين ومتى وكيف يموت، ولكنّ المسلم يعمل من أجل أن تكون نهايته سعيدة، وفي الدّعاء: اللهمّ اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيّامنا يوم نلقاك أو يوم لقاك. ولكنّ الرّجل، لا يريد فالموضوع لا يهمّه أصلا. ومع ذلك فهو يبكي لموت بيار…
(****): وبعدها البحر: أي الغرق، وقد كذّبت هذه سابقتها، فقد بيّن أنّه يعرف مآله، وهو البحر…
غباء الحكومة، حمق المعارضة
مقتل 15 في هجوم مُـحـبـط للجماعة السلفية بالجزائر
قناة المستقلة ترصد ردود الفعل العراقية والعربية على تقرير تلفزيوني “مرعب” عن أوضاع السنة في العراق
مصارحة ضرورية قبل اندلاع الفتنة الكبرى
صراع السنة والشيعة المفتعل والتنازع علي مقاعد التايتانيك
نقد أصول التشيع (2)
الشيعة بين الحرب والسلم
خالد بن سليمان
رأينا في المقال السابق كيف اعتمد (الداعية الشيعي) السيد الهاشمي بن علي على مجموعة من الأحاديث النبوية المفبركة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الأحاديث الضعيفة التي لا يُحتج بها،وكيف نقلها من مراجع أوردتها كأمثلة على ضعف ونكارة الرواة لكن دعاة التشيع يروجونها على أنها ثابتة وحجة لمعتقداتهم. ونتناول اليوم مثالا آخر من الأحاديث التي يستعملها الشيعة للتدليل على معتقداتهم في (الخصوصية الإلهية) لآل البيت النبوي ننقله حرفيا كما جاء في مقاله ثم نعلق عليه:
(أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم
سنن الترمذي – المناقب عن رسول الله – ماجاء في فضل فاطمة ( ر ) – رقم الحديث : ( 3805 )
– حدثنا سليمان بن عبد الجبار البغدادي حدثنا علي بن قادم حدثنا أسباط بن نصر الهمداني عن السدي عن صبيح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم أن رسول الله (ص) قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم ، قال أبو عيسى هذا حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه وصبيح مولى أم سلمة ليس بمعروف)(انتهى).
ولا تعليق لدينا أبلغ من التعليق الوارد في نفس النص المذكور (وهو الجزء الملون) وفيه تعليق أبو عيسى الترمذي الذي أخرج الحديث فقال:حديث غريب( أي انفرد بروايته راو واحد).ويواصل تعليقه:وصبيح مولى أم سلمة(أحد رواة هذا الحديث) ليس بمعروف!!أي أن الإسناد به شخص غير معروف وهذا يجعل الحديث ضعيفا،ولذلك علق عليه الشيخ الألباني فقال: ضعيف (سنن الترمذي ج5 ص 699).
تبقى الإشارة إلى نقطة لافتة وهي أن السيد الهاشمي هذه المرة نقل النص كاملا ولم يحذف منه التعليق القادح المشار إليه، بخلاف المرات السابقة مما أوقعه سابقا في عمليات تدليس مكشوفة.وهذا النقل الكامل يحسب له لكن بشرط:أن يكون قصد النقل الحرفي الأمين رغم علمه بالعلة القادحة.لكني أستبعد هذا لأنه لو كان قاصدا لكان واعيا بمحتوى النص والعلة التي فيه ولما خلا أمره عندها من
احتمالين:إما الاستشهاد بالنص والتعليق عليه وتقويته بما يخرجه من الضعف إلى القوة حتى يصير مفيدا كحجة،أو عدم إيراده بالمرة لأنه ليس بحجة،لكن السيد الهاشمي لم يفعل هذا ولا ذاك!!!.والسؤال هنا:لماذا أورد السيد الهاشمي هذا الحديث إذن و معه بل وفي داخله التعليق القادح في حجيته؟هل هي الغفلة –مرة أخرى- بإيراد نصوص لا يفقه ناقلها معناها؟وهل يعقل أن يكون السيد الهاشمي ينقل ما قدمه له غيره هكذا دون تمحيص ولا تدقيق؟أم هي محاولة متعمدة لاستغفال القارئ بالإكثار من إيراد النصوص وتكثيفها في محاولة لتمريرها وجعلها حججا لمقولات واهية؟أم هي مراهنة على تعقيدات مصطلح الحديث بحيث لا يستوعبها القارئ غير الملم بهذا المجال؟.ومهما يكن فإن استعمال هذا النص بهذه الطريقة مؤشر آخر على مستوى تعامل أتباع هذا المذهب مع النصوص النبوية.
على أنه وبالتمعن في مضمون الحديث نجد أنه يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المسلمين إلى حسن التعامل مع آل البيت المذكورين في الحديث وهم علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ومسالمتهم وعدم محاربتهم وهو معنى صحيح وإن كان الحديث ضعيفا.ولذلك جاءت رواية أخرى ثابتة وإن لم تبلغ درجة الصحيح لكن بلغت درجة الحديث الحسن لتؤكد هذا المعنى، وقد وردت في الجامع الصغير وزيادته للشيخ الألباني(ج1 ص235 ) برقم 2342 (أنا حرب لمن حاربتم و سلم لمن سالمتم)عن زيد بن أرقم وقال الشيخ الألباني:حسن.
ولذلك كان على السيد الهاشمي ألا يستعجل أو يتلهف في استعمال نصوص واهية للتدليل على معان صحيحة، وكان الأولى أن يتريث ويجتهد في البحث فسيعثر بالتأكيد على نصوص ثابتة تسعفه.لكن في كل الأحوال لن يسعفه هذا الحديث في التدليل على(الحق الإلهي) في الإمامة أو (العصمة) التي هي من خاصيات الأنبياء وحدهم فيما يبلغونه من رسالات، ولا هو شامل للأئمة الإثني عشر الذين حددوهم حسب فرقتهم الاثني عشرية، بل الحديث يحدد 4 شخصيات من البيت النبوي معينة بالاسم ولا يتعدى المعنى المتضمن في الحديث إلى غيرهم إلا بنص، إلا أن بقية الأئمة وكل المؤمنين المتقين يشملهم المعنى العام الوارد في الحديث الصحيح(من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)(البخاري). وغاية ما يدل عليه الحديث أن الحروب التي خاضها علي والحسن والحسين كانت حروبا عادلة وأن الحق كان إلى جانبهم،وهو ما يراه أهل السنة والجماعة بلا خلاف.فالإمام علي قاتل من موقع الحاكم الشرعي للمسلمين المختار بالشورى وكذلك فعل الحسن، أما الحسين فقد كان خروجه على يزيد مبرَّرا بعد إخلاف الأمويين لعهدهم بإرجاع الأمر لشورى المسلمين عند وفاة معاوية.لكن التطرف الشيعي يلجأ للغلو والتشدد فيجعل من هذه الحروب ومن هذا الحديث دليلا على تكفير كل من قاتل علي والحسن والحسين في حين جاء في القرآن الكريم(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات:9).فالآية تفيد أن الاقتتال بين المسلمين وإن كان من الكبائر -كما ورد في نصوص أخرى- فإنه لا يُخرج الناس من الإسلام لذلك سمتهم الآية(طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ):فهل بعد القرآن وكلام الله رأي لمتكلم سواء كان من الشيعة أو من الخوارج أو من غيرهم؟؟إذا كان الشيعة يحتكمون للقرآن فهذا هو القرآن!!.وفي الآية أيضا إشارة للصلح وفي الحديث إشارة للمسالمة وهو ما وعاه وفهمه الأئمة من آل البيت وعملوا به:فقد اتفق الإمام علي ومعاوية على التحكيم،وعقد الإمام الحسن بن علي صلحا تنازل بموجبه عن الخلافة لمعاوية حقنا لدماء المسلمين على أن يرجع الأمر بعد وفاة معاوية إلى الشورى بين المسلمين، وقد سمي ذلك العام (41هـ) بـ(عام الجماعة) أي العام الذي توحدت فيه كلمة المسلمين وتوقفت فيه الحرب وهدأت فيه الأوضاع. وإلى ذلك أشارت نبوءة الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: فقال صلى الله عليه وسلم ذات مرة وقد رأى الحسن بن علي رضي الله عنه وهو صغير:(ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين). وقد التزم الحسن بعهده إلى أن توفي، وكذلك التزم الحسين رضي الله عنه بهذا الصلح طيلة حياة أخيه الحسن أي لمدة 9 سنوات.و بعد وفاة الحسن سنة 50 هـ واصل الإمام الحسين التزامه بذات الصلح -الذي أبعد آل البيت عن الخلافة/(الحق الإلهي) حسب معتقدات الشيعة- التزاما رغم الضغوط الكثيرة التي مورست عليه من طرف الشيعة بالخروج على معاوية بحجة أنه في حل من العهد بعد وفاة مبرمِه أخيه،وظل على التزامه السلمي الوحدوي لمدة 11 سنة بعد وفاة أخيه أي إلى سنة 61 هـ تاريخ وفاة معاوية واعتلاء ابنه يزيد الحكم ناكثين بذلك عهدهم بالرجوع للشورى.هؤلاء هم أئمة آل البيت الذين يعرفهم المسلمون ويحبونهم: يجنحون إلى السلم كلما كان هنالك فرصة، ويسعون إلى المصالحة لأن(الصُّلْحُ خَيْرٌ )(النساء: من الآية128) حتى ولو كان الثمن التنازل عن الحكم والسلطة مادام ذلك يوحد المسلمين ،ويلتزمون بعهودهم ومواثيقهم امتثالا لأمر الله تعالى :(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)(الإسراء: من الآية34) وحقنا لدماء المسلمين، وليس كما يحدث في العراق الآن باسم (أئمة آل البيت) حيث يقتل المسلمون الشيعة إخوانهم المسلمين السنة على الهوية، ويتركون المحتلين(الشيطان الأكبر)و(أئمة الكفر)!!.فهل هذه هي العلاقة المطلوبة شرعا من وجهة النظر الشيعية بين أتباع (أئمة آل البيت) و(أئمة الكفر)؟؟؟.
إذن القرآن يعتبر المسلمين وإن تقاتلوا فيما بينهم مؤمنين لا يُخرجهم القتال عن الإسلام، والشيعة يعتبرون كل من قاتل عليا أو الحسن أو الحسين كافرا!! إذن القرآن في واد والتطرف الشيعي في واد!! بل الإمام علي في واد والشيعة في واد!!فالإمام علي لم يكفّر حتى الخوارج الذين كفّروه عندما قبِل التحكيم وخرجوا عليه وحاربوه فحاربهم،ولما سئل عنهم أثناء حربهم له:أ كفار هم؟قال:(مِنَ الكفر فرّوا، بل إخواننا بغوا علينا).أي أنهم بلا شك ظالمون لكنهم لم يخرجوا عن الإسلام.هذا هو الإمام علي ومثله الأئمة:علم وفهم وتوازن وعدل واعتدال مع المخالف وإن كان محاربا،لكن آفة المذاهب أتباعها وإن ادّعوا العلم.والحديث الذي ذكره السيد الهاشمي يتحدث عن الحرب و لكن أيضا عن السلم، إلا أن الشيعة يركزون على الحرب فقط ويجمدون عندها ويعكفون عليها وكأن التاريخ قد توقف عند تلك الأحداث المتأزمة والمحزنة والمؤلمة!!.تصوروا أن الشيعة يحمّلون كل مسلم منذ استشهد الحسين إلى الآن ذنب مقتله!!وللتدليل على ذلك لن أذهب للنصوص الشيعية حتى لا يقال إنها غير معتمدة أوقديمة أو ضعيفة أو ليست حجة أو هي من نقول (الإخباريين)، بل دليلي على ذلك كلام من عند السيد الهاشمي نفسه من مقاله بتاريخ 18/1/2007 أنقله حرفيا (بالنسخ واللصق) فيقول الهاشمي:(آذينا فاطمة وقتلنا عليا ونحرنا الحسين وسممنا حسنا ولم يمت منهم إمام إلا مسموما أومقتول)!!!.
من تقصد يا سي الهاشمي بضمير(نحن) في (آذينا) و(قتلنا)و(نحرنا) و(سممنا)؟أُقسِم وأنا جازم وصادق أن لا أحد (منا) (نحن) قراء هذا المقال أو بقية الناس ممن لم يقرأه سنيا كان أو شيعيا أو من أي مذهب آخر أو من أي دين آخر ممن يعيشون الآن أقسم أنهم أبرياء من تهمة (الإذاية)و( القتل)و(النحر) و( التسميم) التي اتهم بها السيد الهاشمي هذه الـ(نحن) الكبيرة المجهولة!!ودليل البراءة واضح، لأنهم ببساطة لم يكونوا حاضرين لتلك الأحداث!!يقول تعالى(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(البقرة:134)، لكن الشيعة لهم رأي آخر غير البراءة الأصلية التي يولد بها المسلم السني والشيعي، بل إن غير المسلم -في عقيدتنا الإسلامية الصحيحة- يولد بريئا على الفطرة.فمنذ الاستشهاد المأساوي للإمام الحسين والشيعة يحمّلون أنفسهم وغيرهم وزر هذا المقتل.والسبب في ذلك تخاذل الشيعة الذين بايعوا الإمام وهم بالآلاف بعد أن دعوه من المدينة إلى العراق ثم انسحابهم من المعركة وتركه يموت مع بضع عشرات من الرجال ومعه أهله بيته الأطهار.وقد قامت على إثر ذلك ثورات من طرف هؤلاء الشيعة المتخاذلين للتكفير عن ذنبهم وكانت أبرزها(ثورة التوابين) بقيادة المختار بن عبيد الثقفي،وهي أحداث مذكورة ومعروفة في كتب التاريخ لمن أراد التفصيل.ولئن كان رد الفعل التائب هذا مفهوما وربما مطلوبا في حينه بحكم جسامة الحدث وجلالة المصاب، فإن من غير المفهوم بل المرفوض عقلا وعقيدة أن يتواصل هذا (المد الثأري) إلى الآن فيُقتل المسلم العراقي -مثلا- ثأرا للحسين لأن سني يحمل اسم عمر أو عثمان أو أبوبكر بدعوى أن هؤلاء الخلفاء-بزعم الشيعة- قد غصبوا آل البيت حقهم!! (غصْب الإمامة) سنة 11 هـ واستشهاد الحسين سنة 61 هـ والثأر سنة 2007 بالعراق وإيران!!! ومن يدري فقد يكون غدا في أي بلد آخر يصله هذا الفكر المتعصب الذي عششت فيه الأحقاد والضغائن التاريخية لأكثر من ألف سنة.لقد تحولت الأحزان والثارات من حدث سياسي وإنساني -رغم أنه مزلزل لكنه ظرفي ومرتبط بأوضاع تاريخية معينة- إلى عقيدة متأصلة في المذهب الشيعي، فدخل بذلك المتحول صلب الثابت فسيطر عليه وأعطاه وجهته المتشددة التي نراها الآن.أقول حدث تاريخي ظرفي -على أهميته- وليس حدثا فريدا أو نهاية التاريخ وإلا فإن الإمام علي نفسه مات مقتولا:فأين الدليل الشرعي من النصوص الثابتة على (تميز)حدث مقتل الحسين على حدث مقتل علي؟.مصدر(الامتياز)-إن صح هذا التعبير-ليس النصوص الدينية بل هو التفاعل العاطفي والاختيار الإنساني نتيجة اختلاف درجات المأساوية التي حفت بكلا الحدثين، وهذا الميل أو الاختيار مشروع ولا غبار عليه.لكن المرفوض شرعا وعقلا أن يتحول الحدث -أي حدث مهما كانت درجة أهميته-بعد ختم النبوة إلى جزء من منظومة الأحكام الدينية بل وفي أعمق أعماق هذه المنظومة متمثلة في العقيدة،إذ العقيدة عند أهل الإسلام عموما لا يؤسسها إلا النصوص القطعية ورودا ودلالة وهي القرآن الكريم والسنة الصحيحة المتواترة.فتأسيس معتقدات التشيع لم تحكمه النصوص بل الأحداث الدامية وإنما جاءت النصوص تاليا للتبرير أو البحث عن المشروعية لتلك المعتقدات، فإن لم توجد نصوص وُضعت وفُبركت.ولذلك امتلأت العقيدة الشيعية بمعاني التأثيم أي الاحساس بالإثم وعقدة الذنب وذلك بتحميل كل مسلم ذنب دم الحسين وبأن لا مغفرة لهذا الذنب إلا بالدعوة للثأر للحسين .وبما أن السنة لا يتبنون هذا المفهوم فإنهم صاروا المستهدفين بهذا الثأر التاريخي المزمن، أضف إلى ذلك أن الشيعة يحملون كل مسلم سني نتائج أي حاكم منسوب للسنة سواء في الحاضر أو في التاريخ(قارن هذا بما تفعله ميليشيات الموت الشيعية في العراق ضد السنة الأبرياء).وهذا (الشحن التأثيمي للذات وللآخر) وهذا (التحريض الثأري التطهري) ضد الآخر لا يزال يمارَس بأقصى درجات عنفوانه في الطقوس الشيعية سواء في ما يسمى بالزيارات أو في احتفالات عاشوراء ولا يتسع المقام لذكر نماذج من ذلك.وهذا الشعور المزمن بالذنب والتأصيل المتواصل للإثم الكربلائي على مر الأجيال ومن منطلق عقائدي راسخ: بالإضافة لكون هذا غريب عن الفهم الإسلامي باعتباره يناقض مبدأ عقديا هاما وهو( البراءة الأصلية)التي يولد بها الإنسان -أي إنسان-، فإنه يشبه إلى حد بعيد فكرة (الخطيئة الأولى) المسيحية حيث يعتبر المسيحيون أن خطيئة آدم التي أخرجته من الجنة أورثها لكل بنيه من بعده وتولد مع الإنسان ولا سبيل للنجاة منها إلا بالارتباط بالمسيح (المخلّص) الذي فدى البشرية بنفسه حسب اعتقادهم.كما أن هذا الطَّرْق المستمر باسترجاع المآسي وعرضها بأساليب طقوسية عاطفية دموية وكأنها وقعت البارحة، والتذكير المتواصل بالذنب لهو أسلوب دعائي طالما استعملته الصهيونية ضد العقل الغربي لابتزازه جراء مسؤوليته المفترضة فيما عرف بالمحرقة اليهودية.
وفي العقيدة الإسلامية الصحيحة التي نجدها في القرآن الكريم- كتاب الله المحفوظ غير المحرف- أن الإنسان مسؤول مسؤولية فردية وشخصية عن أفعاله:(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (النجم:39)وأن الذنب لا يتحمله شخص عن شخص مهما كانت الصلة أو القرابة بينهما: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى )(فاطر:من الآية18)وأن الإنسان إذا أذنب وتاب غفر الله له وقبل توبته بل يجعل الله سيئاته حسنات:(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:70)،وأن أعمال أسلافنا وأجدادنا بحلوها ومرها ليست مسئوليتنا: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(البقرة:134). فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء ليحرر الإنسان من أغلال الأديان القديمة وعقائدها كالعبودية لغير الله والوهم والدجل والأساطير التي كانت تعيشها الإنسانية:( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ )(لأعراف: من الآية157)،لكن بعض المسلمين وتحت وقع مصيبة أو حدث ما يرجعون العقائد/الأغلال التي سادت سابقا:فالقرآن يقول أن النبوة ختمت (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (الأحزاب:40) والشيعة يقولون أن النبوة والوحي لم تنته فينسبون” لأبي عبد الله (وهو جعفر الصادق أحد الأئمة الإثني عشر حسب اعتقادهم) في تفسير قوله تعالى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ )(الشورى: من الآية52) قوله:الروح :خَلْقٌ من خلْقِ الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل ،كان مع رسول الله يخبره ويسدده، وهو مع الأئمة من بعده” (الكافي:باب ذكر الأرواح التي في الأئمة ج1 ص271-272 وباب الروح التي يسدد الله بها الأئمة ج1ص273-274).والقرآن يقول أن الدين اكتمل وتم:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً)(المائدة: من الآية3) والشيعة يقولون إن الدين لم يكتمل ويحتاج إلى أئمة ليكملوا و يواصلوا مهمة التشريع النبوية: يقول أحد علمائهم المعاصرين في تعريفه للسنة النبوية:(السنة في اصطلاح الفقهاء(ويقصد من أهل السنة): قول النبي أو فعله أو تقريره…أما فقهاء الإمامية بالخصوص فلما ثبت لديهم أم المعصوم من آل البيت يجري قوله قول النبي من كونه حجة على العباد واجب الاتباع فقد توسعوا في اصطلاح السنة إلى ما يشمل قول كل واحد من المعصومين أو فعله أو تقريره،فكانت السنة باصطلاحهم:قول المعصوم أو فعله أو تقريره)(أصول الفقه لمحمد رضا المظفر 3/51-52 نقلا عن موسوعة الشيعة للسالوس).والقرآن يقول إن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن ربهم لكن قد تصدر عنهم بعض الاجتهادات بحكم أنهم بشر يقول تعالى(وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى،ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى)(طـه:121/122)) ويقول تعالى عن نبي الله موسى عليه السلام بعد أن قتل المصري وفر من مصر:(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(القصص:16).هكذا يتكلم القرآن عن الأنبياء لكن الشيعة يقولون في أئمتهم ما لم يقله القرآن في الأنبياء:يقول المجلسي وهو من كبار علماء الشيعة:”أصحابنا(أي الشيعة الإمامية)أجمعوا علىعصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة ،عمدا وخطأ ونسيانا، قبل النبوة والإمامة وبعدها، بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله تعالى“(بحار الأنوار ج25 ص350-351).فإكمال الدين وإتمامه وختم النبوة وبالتالي انقطاع الوحي والعصمة بعد محمد صلى الله عليه وسلم عقائد ثابتة بالنص القرآني القاطع والشيعة يخالفون صريح القرآن بالاستناد إلى أحاديث موضوعة مفبركة أو إلى تأويلات متعسفة فاسدة لا تحتملها اللغة ولا مجمل النصوص الأخرى.
لتعارفوا (5)
في النقاش العلمي وأصوله…
إثبات صحة حديث :
“مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق”
صدق رسول الله “ص”
الهاشمي بن علي
بداية ليسمح لي فريق تونس يوز بتوجيه الشكر لهم بعد أن أفرجوا على النص الذي بعثته لهم أياما كثيرة إثر قرارهم المفاجئ بقطع الطريق على النقاش المذهبي. كنت قد بعثت بهذا النص على أمل أن يسهم في توضيح مسار النقاش ووضعه في سياقه الصحيح.
قررت في داخلي أن يقف الأمر عند تلك النقطة على أمل أن يفتح مجال النقاش في ظرف أكثر هدوءا ورصانة كي نتجاوز بعض السلبيات التي شابت الحوار في هذا الحقل الحساس.
لم تمض إلا أيام قليلة إلا وقد عادت النصوص التي تغمز من قناة الشيعة من قريب وبعيد وتعيد استهدافهم بأوصاف ومواقف عدائية وتحريضية لا خلق في ذهن قارئها سوى الحقد والرغبة في الانتقام.
صحبت تلك النصوص نزعة تعميمية و إطلاقية وثوقية يعرف كل من يقرؤها ماذا تخلف في نفوس الناس من بواعث البغضاء التنافر.
المهم أن المشرفين على النشرة حجبوا النص في توقيت اختاروه وها هم يعيدونه إلى ساحة النشر في توقيت آخر الله وحده يعلم الحكمة منه وإنني في كل الأحوال أنزه فري4ق تونس نيوز عن الانحياز في رسالتهم الإعلامية الشريفة.
الملاحظة الثانية تتعلق بالقارئ الكريم الذي أجعله الحكم بين يدي النصوص على مستويين أولهما الجدل العلمي وما يستحضره من أدلة تحتاج صبرا وتأنيا، وثانيا على مستوى نوعية الخطاب في معاملة المختلف وهو ما يستدعي في تقديري البقاء على الأدب وتجنب تجريح الآخرين بالكلمات النابية التي إن تلتها ردود أفعال من جنسها قامت معارك هي أبعد ما يكون عن مقاييس العلم وعن أخلاق الإسلام.
وأنا هنا أستميح القارئ ليقف معي أمام هذا المعجم في مخاطبتي ومخاطبة المدرسة التي أتشرف بالانتماء لها ويحكم بنفسه.
أيها السادة والسيدات، هذا هو أدب السيد خالد بن سليمان في حوار من يختلف معه في الفكر..هذا معجمه وهو الذي بح صوته بالمناداة بحق الاختلاف وبأدب الحوار ولكم أن تقيسوا المسافة بين الشعار والممارسة:
” لغة براقة /تدليسات / تزويرات / انحرافات / ضلالات / انبتات عن القرآن والسنة / الفتنة يتحمل وزرها الأكبر الشيعة / تأسيس الدين على الغفلة والتدليس / مذهب يعج بالأحاديث الموضوعة المفبركة / أنا (الهاشمي) إما مغفل أو كذاب ..هكذا !!!! / أراء خرافية /استغفال / وقاحة / دناءة / جريمة / تزييف / مصائب / غش وخداع / أساليب بعيدة عن الدين / افتقاد العلم والأمانة “
شخصيا ليس عندي تعليق على هذا المستوى من الخطاب، فقط أقول للأخ خالد بن سليمان سامحك الله و أود أن يكون واضحا في ذهنك أنني وعن مبدأ لن أنزلق إلى حيث تقود كلماتك..هذه لغة أترفع عنها وأدعوك لتترفع عنها لأنها لا تليق بشخص متحضر فضلا عن أن يكون مسلما ممن دعاهم النبي الكريم وأوصاهم أن يسلم الناس من أيديهم ومن ألسنتهم كذلك.
مهما قلت في، تبقى أخا في الدين والإنسانية ومن واجب الأخ أن يتجاوز عن أخيه فغفر الله لك ولي وهداني وإياك إلى ما يعطي صورة مشرقة عن علاقة المسلمين ببعضهم البعض.
ولا يفوتني أن أوجه تحية حارة خالصة لموقع الحوار نت الذي أعطى صورة من أروع صور النزاهة العلمية والإعلامية عندما اكتفى بنشر ردود السيد خالد بن سليمان دون نصوصي وبالتالي جعل قراءه يتابعون مباراة يلعب فيها فريق ضد نفسه..فهل هذا معلم أساسي من مشروعكم الحضاري يا جماعة الحوار؟
أهذا هو الحوار كما تفهمونه و تنادون به وتقيمون المنحات لأنكم مقصون من المشهد الوطني محرومون من التشريك في أي حوار ممكن؟
لن أحكم على ما تفعلونه فبيني وبينكم ضمائركم والتزاماتكم الشرعية والمهنية وقبل ذلك وبعده مصداقيتكم يا معاشر المنافي ..يا ضحايا الإقصاء !! عيب أن تتحولوا في المنافي وفي ضيافة أنظمة ليبرالية لن يضق صدرها بتطرفكم إلى شلة إقصائية تقدم نموذجا بغيضا للتطرف والتعمية على من يختلف معكم !!!!
عيب والله ليس من بعده عيب.
أعود إلى المفيد وأحسب أن نصي هذا سينشر وأنت مستغرق في حديث الثقلين تقلب روايتيه المشهورة وتلك “المطمورة” المعتم عليها..وأدعو الله أن يدلك إلى الحق والصواب وأن يبعدك ويبعدني عن عقلية المراء والمكابرة.
بعد ذلك أعود إلى نقاشك في حديث السفينة وقد انتقيته دون غيره و لك الحق فيما تشاء أن تكون منه بداية الحوار العلمي من تلك النقطة.
حسنا فعلت أخي خالد عندما قدمت بعض التعريفات فيما يتعلق برواية الحديث وروايته لأنها ستكون فيصلا بيننا في بعض منعرجات البحث هذا إن لم يتدخل مشرفو نشرة تونس نيوز ليقطعوا حبل النقاش ذات لحظة بداعي غلق الباب أمام النقاش المذهبي ( وهو باب يفتح حينا ويغلق أخرى حسب منطق لم أفهم إيقاعه إلى الآن ) أو لحفظ النسيج الاجتماعي التونسي من التعددية (علما أن هذا النسيج لم يتأثر بوجود اليهود أو الإباضية أو الشيوعيين أو البعثيين أو الملاحدة وغير ذلك ن التيارات الاجتماعية والفكرية).
بالعودة لما كتبته وجدتك ركزت على رأي الذهبي صاحب ميزان الاعتدال في بعض رواة حديث السفينة ومنهم مطر بن ميمون وذكرت أنه قال (إنه باطل أيضا) وسردت بعد ذلك أراء بعضا ممن روى عنه كأنس وعكرمة ويونس بن بكير، بينما ذهب البخاري وأبو حاتم والنسائي إلى أنه منكر الحديث.
وذكرت حكم الذهبي على روايتين أخريين بالوضع (هكذا إطلاقا دون استدلال وفق ما نقل)
الأول يتعلق برواية النظر لوجه علي عبادة والثاني خبر الوصية الواضحة بعلي كرم الله وجهه.
ونقلت إبطال الذهبي للحديث الذي فيه قول النبي عن علي عليه السم: هذا حجتي يوم القيامة.
ثم ذكرت قول عدد من العلماء في الحسن أبي جعفر وأردفت الأقوال المتضاربة فيه برواية علق عليها الذهبي بأن أحمد بن حنبل رواها في حين قال فيها صاحب المشكاة إنه ضعيف.
والملاحظ هنا أن صديقنا خالد لم يذهب إلى ما هو أعمق من مجرد ذكر رأي الذهبي فالذهبي هو على جلالة قدره أحد علماء الجرح والتعديل يخضع هو نفسه للنقد والمتابعة. فقول الذهبي وتعليقه على الخبر بقوله مفضل خرج له الترمذي فقط ضعفوه حجة على الذهبي وليست له لأنه كذب في هذا المقام (للأسف نقول ذلك) إذ الحق هو أنمفضل لم ينفرد به (نص السفينة) عن أبي إسحاق ، بل رواه الطبراني في ( المعجم الكبير ) (1) عن الأعمش عن أبي إسحاق عن حنش ، وكذلك في ( الأوسط ) (2) ، وفي ( الصغير ) (3) .
وذكره الطبراني في ( الأوسط ) (4) عن عمرو بن ثابت عن سماك بن حرب عن حنش ، وكذلك بهذا السند في ( الصغير ) (5) .
ورواه في ( الأوسط ) (6) عن عطية عن أبي سعيد الخدري .
ورواه أبو نعيم في ( الحلية ) (7) عن ابن جبير عن ابن عباس .
ورواه الخطيب في ( تاريخ بغداد ) (8) عن أنس بن مالك .
ورواه الدولابي في ( الكنى ) (9) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة .
|
(1) المعجم الكبير – ج3 ص45 (2) المعجم الأوسط – ج4 ص10 (3) المعجم الصغير – ج1 ص240 |
(4) المعجم الأوسط – ج5 ص355 (5) المعجم الصغير – ج2 ص84 (6) المعجم الأوسط – ج6 ص85 |
(7) حلية الأولياء – ج4 ص306 (8) تاريخ بغداد – ج12 ص91 (9) الكنى – ج1 ص76 |
فإذا لم يكن ( فضائل علي لأحمد ) و ( المستدرك على الصحيحين ) و ( تهذيب الآثار )
و ( مسند أبي يعلى ) و ( مسند البزار ) و ( المعجم الصغير ) و ( مشكاة المصابيح )
و ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ) وأمثالها ( من كتب الحديث التي يعتمد عليها ) فأي كتاب عندهم يعتمدون عليه ؟ !
وإذا كان ( الأعمش ) و ( أبواسحاق السبيعي ) و ( مسلم بن الحجاج ) و ( الشافعي )
و ( الطبراني ) و ( الدار قطني ) و ( أبوداود ) و ( أحمد بن حنبل ) و ( البزار ) و ( الطبري ) و ( الحاكم ) و ( أبو نعيم الأصفهاني ) و ( الخطيب البغدادي ) و ( ابن حجر العسقلاني ) وأمثالهم ( ممن قال ابن تيمية عن رواة حديث السفينة إنهم حطاب الليل يروون الموضوعات ) فمن هوا لمحدث الذي يعتمد عليه القوم ؟ !
رواة حديث السفينة :
والآن يستحق منا السيد خالد “المتبحر” في نقض فضائل أئمة الهدى أن نرسل له وجبة تحصي رواة حديث السفينة من غير الطرق التي اقتصر عليها في تكذيب الرواية..فهل كان يعرف بهذه الطرق أم كان لا يعرف؟
لقد روى حديث السفينة جماعة كبيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن أتباعهم الكرام ومن أئمة أهل السنة وحفاظهم بطرق متكاثرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، نذكر منهم:
من الصحابة :
1 – أمير المؤمنين علي عليه السلام .
2 – أبوذر الغفاري .
3 – عبد الله بن عباس .
4 – أبوسعيد الخدري .
5 – أبوالطفيل عامر بن واثلة .
6 – سلمه بن الاكوع .
7 – أنس بن مالك .
8 – عبد الله بن الزبير .
من التابعين:
هم كثيرون ، يمكن الوقوف على أسمائهم بمراجعة
أسانيد الحديث ، ومن أشهرهم :
1 – زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام .
2 – سعيد بن جبير .
3 – حنش بن المعتمر .
4 – سعيد بن المسيب .
5 – عطية بن سعيد العوفي .
6 – عامر بن عبد الله بن الزبير .
7 – إياس بن سلمه بن الاكوع .
8 – رافع مولى أبي ذر .
من العلماء:
1 – محمد بن إدريس الشافعي ، صاحب المذهب المعروف ، المتوفى سنة
204 .
2 – أحمد بن حنبل الشيباني ، صاحب المذهب والمسند المشهور ، المتوفى سنة
241 .
3 – مسلم بن الحجاج القشيري ، صاحب الصحيح ، المتوفى سنة 261 .
4 – أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، المتوفى سنة 276 .
5 – أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري المعروف بالبزار ،
صاحب المسند ، المتوفى سنة 292 .
6 – أبو يعلى أحمد بن علي التميمي الموصلي صاحب السند ، المتوفى سنة
307 .
/ صفحة 22 /
7 – أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ والتفسير ، المتوفى
سنة 310 .
8 – أبوبكر محمد بن يحيى الصولي صاحب الأوراق ، المتوفى سنة 335 .
9 – أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني صاحب المعاجم المشهورة ، المتوفى
سنة 360 .
10 – أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي ، المتوفى سنة 375 .
11 – أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري ، صاحب
المستدرك على الصحيحين ، المتوفى سنة 405 .
12 – أبوسعد عبد الملك بن محمد النيسابوري الخركوشي ، المتوفى سنة
407 .
13 – أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني ، المتوفى سنة 410 .
14 – أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، المتوفى سنة 427 .
15 – أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي ، المتوفى سنة 430 .
16 – أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني ، المتوفى سنة 430 .
17 – أبو عمرو يوسف بن عبد الله المعروف بابن عبد البر النمري القرطبي ،
المتوفى سنة 463 .
18 – أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت ، المعروف بالخطيب البغدادي ، المتوفى
سنة 463 .
19 – أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن متويه الواحدي ، المتوفى سنة
468 .
20 – أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الجلابي ، المعروف بابن المغازلي ،
المتوفى سنة 483 .
21 – أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني ، المتوفى سنة 489 .
22 – أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي ، المتوفى سنة 558 .
/ صفحة 23 /
23 – عمر بن محمد بن خضر الموصلي ، المعروف بالملا ، صاحب السيرة ،
المتوفى سنة 570 .
24 – أبو الحسين محمد بن حامد بن السري صاحب السنة .
25 – أبو محمد أحمد بن محمد بن علي العاصمي .
26 – أبو عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي .
27 – أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعيد الأصفهاني .
28 – مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد ، المعروف بابن الأثير
الجزري ، المتوفى سنة 606 .
29 – فخر الدين محمد بن عمر التيمي البكري ، المعروف بالفخر الرازي ،
المتوفى سنة 606 .
30 – أبو سالم محمد بن طلحة القرشي النصيبي الشافعي ، المتوفى سنة
652 .
31 – شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزعلي ، المعروف بسبط ابن
الجوزي ، المتوفى سنة 654 .
32 – أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، المتوفى سنة 658 .
33 – محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله الطبري المكي الشافعي ،
المتوفى سنة 694 .
34 – جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم الأنصاري ، المتوفى سنة
711 .
35 – صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد بن المؤيد الحموي ، المتوفى
سنة 722 .
36 – شهاب الدين محمود بن سلمان بن فهد بن محمود الحلبي ، المتوفى سنة
725 .
37 – نظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين النيسابوري ، المعروف
/ صفحة 24 /
بالنظام الأعرج ، كان حيا سنة 728 .
38 – ولي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي ، صاحب
المشكاة ، كان حيا سنة 740 .
39 – حسن بن محمد ألطيبي ، شارح المشكاة ، المتوفى سنة 743 .
40 – جمال الدين محمد بن يوسف بن الحسن الزر ندي المدني الأنصاري ،
المتوفى سنة بضع وخمسين وسبعمائة .
41 – السيد علي بن شهاب الدين الهمداني ، صاحب كتاب المودة في
القربى ، المتوفى سنة 786 .
42 – نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي ، المتوفى سنة 807 .
43 – السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني ، المتوفى سنة 816 .
44 – أبو العباس أحمد بن علي القلقشندى ، المتوفى سنة 821 .
45 – محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري ، المعروف بخواجة
بارسا ، المتوفى سنة 822 .
46 – أبوبكر علي الحموي ، المعروف بابن حجة ، المتوفى سنة 837 .
47 – ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي ،
المتوفى سنة 849 .
48 – نور الدين علي بن محمد ، المعروف بابن الصباغ ، المالكي ، المتوفى
سنة 855 .
49 – كمال الدين حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي ، كان حيا سنة
890 .
50 – اختيار الدين بن غياث الدين الهروي ، كان حيا سنة 897 .
51 – عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري .
52 – محمود بن أحمد الكيلاني .
53 – شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي ، المتوفى سنة
/ صفحة 25 /
902 .
54 – حسين بن علي الكاشفي ، المتوفى سنة 910 .
55 – جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، المتوفى سنة 911 .
56 – نور الدين علي بن عبد الله السمهودي ، المتوفى سنة 911 .
57 – أحمد بن محمد بن علي الهيتمي المكي ، المعروف بابن حجر ، المتوفى
سنة 973 .
58 – علي بن حسام الدين المتقي ، المتوفى سنة 975 .
59 – محمد بن طاهر الفتني الكجراتي ، المتوفى سنة 986 .
60 – شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني ، المتوفى سنة 990 .
61 – كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي ، صاحب ترجمة الصواعق
المحرقة .
62 – جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي ، المعروف بالمحدث .
63 – علي بن سلطان الهروي المعروف بعلي القاري ، المتوفى سنة 1013 .
64 – عبدالرؤف بن تاج الدين المناوي ، المتوفى سنة 1031 .
65 – أحمد بن عبدالاحد العمري السهرندي المعروف بالمجدد ، المتوفى سنة
1034 .
66 – محمد صالح الترمذي .
67 – أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي ، المتوفى سنة 1047 .
68 – الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي ، المتوفى سنة 1052 .
69 علي بن محمد بن إبراهيم العزيزي ، المتوفى سنة 1070 .
70 – محمد بن أبي بكر الشلي ، المتوفى سنة 1093 .
71 – محمد بن محمد بن سليمان المغربي ، المتوفى سنة 1094 .
72 – محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري ، كان حيا سنة 1094 .
73 – حسام الدين بن محمد بايزيد بن بديع الدين السهارنبوري ، كان حيا
/ صفحة 26 /
سنة 1106 .
74 – الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشي ، كان حيا سنة 1126 .
75 – محمد صدر عالم ، كان حيا سنة 1146 .
76 – ولي الله أحمد بن عبد الرحيم العمري الدهلوي – والد ( الدهلوي ) –
المتوفى سنة 1176 .
77 – محمد بن سالم الحفني المتوفى سنة 1181 .
78 – محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني ، المتوفى سنة 1182 .
79 – محمد بن علي الصبان المصري ، كان حيا سنة 1185 .
80 – محمد مرتضى بن محمد الو اسطي البلجرامي ، المتوفى سنة 1200 .
81 – أحمد بن عبدا لقادر بن بكري العجيلي ، كان حيا سنة 1203 .
82 – محمد مبين بن محب الله الأنصاري اللكهنوي ، المتوفى سنة 1220 .
83 – محمد بن ثناء الله العثماني النقشبندي المجددي ، المتوفى سنة 1225 .
84 – محمد سالم الدهلوي البخاري .
85 – جمال الدين محمد بن عبدالعال القرشي الهاشمي .
86 – ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي ، المتوفى سنة 1270 .
87 – محمد رشيد الدين خان الدهلوي ، وهو تلميذ ( الدهلوي ) .
88 – الشيخ حسن العدوي الحمزاوي .
89 – أحمد بن زيني دحلان المكي .
90 – السيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي .
91 – سليمان بن إبراهيم البلخي .
92 – حسن الزمان التركماني .
وكمثال واحد لأسانيد لا غبار عليها تصحح رواية السفينة إليك أستاذ خالد رواية ابن عبد البر:
فقد روى حديث السفينة حيث قال : ( وذكر ابن سنجر في مسنده ، حدثنا
القاسم بن محمد ، قال : حدثنا خالد بن سعد ، قال : ثناأحمد بن عمرو بن
منصور ، قال : ثنا محمد بن عبد الله بن سنجر ، قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ، قال
ثنا الحسن بن علي أبي جعفر ، قال : حدثناأبوالصهباء عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة
نوح ، من ركب فيها نجا ومن تخلف هلك ) ( 1 ) .
ترجمته :
وابن عبد البر هو : أبوعمر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي ، المتوفى
سنة 463 ، صاحب الاستيعاب في معرفة الاصحاب وغيره .
قال الذهبي : ( كان فقيها عابدا متهجدا . قال الحميدي : أبوعمر فقيه
حافظ مكثر ، عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال ، قديم السماع
. . قلت : كان إماما دينا ثقة علامة متبحرا صاحب سنة وأتباع . . )
أما فيما يتعلق بالطعون التي أوردها الذهبي وغيره على سند الحديث فاعلم أولا أن للحديث طرقا كثيرة رويت عن غير من طعن فيهم، لكن الملاحظة الأهم هي أن الذهبي نفسه وقع في المقاييس التي اعتمدها في تمييز رواته في شطط أبرز موازينه هي الابتعاد قدر المتاح له عن رواة فضائل علي فلم يكن يتسامح مع أي كان يوصم بالتشيع لأهل البيت علما أن هذه الصفة كانت في الأزمان الأولى لا تعني المعنى المذهبي الخاص الذي اتخذ شكلا مدرسيا (سكولاستيكيا كما هو الآن) وإنما هو مطلق تفضيلهم على غيرهم أو التبرؤ ممن أجال السيف في رقابهم الشريفة، وإلا فإن الذهبي مقابل هذه الشدة مع من يوزع عليهم صفة التشيع ليسقط رواياتهم أبدى تساهلا كبيرا مع من عرفوا بمناصبة العداء لأهل البيت وبشن الحروب عليهم بالسيف وبالتشويه وغير ذلك من الطرق التي تدخل في باب إيذائهم الذي نهى عنه رسول الله باتفاق المسلمين.
ومع ذلك نقول ما يلي في الروايات التي ردها الذهبي:
هذا ملخص ما ذهب إليه مسقطو الرواية:
(رواه الحاكم في المستدرك 3 / 151 عن أبي ذر . وفي سنده : مفضل ابن صالح ، وهو منكر الحديث كما قال البخاري وغيره . وضعفه المناوي في فتح القدير . وقال ابن عدي : أنكر ما رأيت له حديث الحسن بن علي ، و سائره أرجو أن يكون مستقيما . وقال الذهبي في الميزان : وحديث سفينة نوح أنكر وأنكر . ومن رواته أيضا : سويد بن سعيد ، قال البخاري : هو منكر الحديث ، ويحيى بن معين كذبه وسبه . قال أبو داود : وسمعت يحيى يقول :هو حلال الدم . وقال الحاكم : ويقال إن يحيى لما ذكر له هذا الحديث قال : لو كان لي فرس ورمح غزوت سويدا .
وأما حنش فقد وثقه أبو داود ، وقال أبو حاتم : صالح ، لا أراهم يحتجون به ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وقال البخاري : يتكلمون في حديثه ، وقال ابن حبان : لا يحتج به ، ينفرد عن علي بأشياء ، ولا يشبه حديثه حديث الثقات .
وروي الحديث من طريق أخرى فيهاضعيفان : الحسن بن أبي جعفر الجفري . وعلي بن زيد بن جدعان . أما الحسن بن أبي جعفر ، فقد قال فيه الفلاس : صدوق منكر الحديث . وقال ابن المديني : ضعيف ضعيف ، وضعفه أحمد والنسائي ، وقال البخاري :منكر الحديث ، وقال مسلم بن إبراهيم ـ وهو تلميذه ـ : كان من خيار الناس رحمه الله ، وقال يحيى بن معين: ليس بشيء .
ثم ذكر له الذهبي أحاديث منكرة فيها هذا الحديث ، ثم قال : قال ابن عدي : هو عندي ممن لا يتعمد الكذب . وقال ابن حبان : كان الجفري من المتعبدين المجابين الدعوة ، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث فلا يحتج به (الميزان) .
وأما علي بن زيد بن جدعان ، فقالالذهبي : اختلفوا فيه. ثم ذكر من وثقه ثم قال : وقال شعبة : حدثنا علي بن زيد (وكان رفاعا ، أي : كان يخطئ فيرفع الحديث الموقوف) وقال مرة : حدثنا علي قبل أن يختلط ، وكان ابن عيينة يضعفه ، وقال حماد بن زيد : أخبرنا ابن زيد وكان يقلب الأحاديث . وقال الفلاس : كان يحيى القطان يتقي الحديث عن علي بن زيد . وروي عن يزيد بن زريع قال : كان علي بن زيد رافضيا . وقال أحمد العجلي : كان يتشيع وليس بالقوي . وقال البخاري وأبو حاتم : لا يحتج به . فهل ـ يا ترى ـ يصلح مثل هذا الحديث الهالك أن يأخذ بالأعناق ؟ ! !)
بداية يلوح واضحا أن طرق الرواية كثيرة غير أن ما تناوله الذهبي إنما يتعلق برواة اختلف أهل الجرح والتعديل في الحكم على وثاقتهم وضبطهم وهذه هي عادتهم في أغلب سنة النبي حيث أنك لو تتبعت ما أجمعوا عليه في رأيهم في الرواة لذهبت سنة النبي هباء منثورا تشتد به رياح اختلافاتهم التي تبدأ ولا تنتهي.
الملاحظة الثانية هي أن خلفية هذا التقييم هي في أغلبها مذهبية كما هو ملاحظ من قوله وقول غيره : إنه كان يتشيع وهي عند الذهبي المسقطة التي لا تقوم معها قائمة.
والأكيد أن هذا المنهج معارض بما اعتمده الإمامان مسلم والبخاري في الرواية عن رجالهما حيث رووا عن عشرات الشيعة واصفين إياهم بالوثاقة والصدق فأخذوا عنهم ما وجدوه من صدقهم وردوا ما اعتبروه من “بدعهم”.
ومن ثمة نفهم أن بعض ما استند إليه الذهبي لا يقوم دليلا ولعله لذلك حرص على ذكر الموثقين لمن ضعفهم مما يدل على أن ما ذهب إليه رأي من جملة أراء في طرق للحديث هي غيض من فيض طرق أخرى .
وهذا هو بيت القصيد :
فقد ورد بطرق ليس فيها أحد من الرواة الذين حاول تضعيفهم . . ومن ذلك :
رواية البزار في (مسنده) عن عبد الله بن الزبير . ورواية الخطيب البغدادي في (تاريخه) عن أنس . ورواية الدولابي بالإسناد عن أبي الطفيل عامر بن واثلة . . . (1) . ورواية أبي عبد الله القضاعي الأندلسي ، الشهير بابن الأبار ، في (معجمه) بالإسناد عن زاذان عن أبي ذر . . . (2) .
ثم إنه يشهد بصحة حديث السفينة روايات أخرى : كالذي أخرجه ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : (إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح، وكباب حطة في بني إسرائيل)(3) . والذي رواه المتقي الهندي عنه عليه السلام أنه قال في كلام له : (والله إن مثلنا في هذه الأمة كمثل سفينة نوح في قوم نوح ، وإن مثلنا في هذه الأمة كمثل باب حطة في بني إسرائيل) (4) .
يشار أيضا إلى أن الحاكم أخرج هذا الحديث بطريقين(5) : أحدهما : (أخبرني ميمون بن إسحاق الهاشمي ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، ثنا المفضل بن صالح ، عن أبي إسحاق ، عن حنش الكناني ، قال : سمعت أبا ذر يقول ـ وهو آخذ بباب الكعبة ـ : أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ، ومن أنكرني فأنا أبو ذر ، سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق . وهذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) (6) .
والثاني : (أخبرني أحمد بن جعفر بن حمدان الزاهد ببغداد ، حدثنا العباس بن إبراهيم القراطيسي ، ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، ثنا مفضل ابن صالح ، عن أبي إسحاق ، عن حنش الكناني ، قال : سمعت أبا ذر ـ وهو آخذ باب الكعبة ـ : من عرفني فأنا من عرفني ، ومن أنكرني فأنا أبو ذر ، سمعت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومثل حطة لبني
إسرائيل) (7) . والحافظ الذهبي ـ وهو من أتباع ابن تيمية وإمام أتباعه ـ لم يخدش في السندين إلا من جهة (المفضل بن صالح) .
فقد جاء في (تلخيص المستدرك) في آخر الحديث الأول : (م . قلت : مفضل خرج له الترمذي فقط . ضعفوه) (8)
وفي آخر الحديث الثاني : (صحيح . قلت : مفضل واه) (9) . لكن صاحبنا أضاف التكلم في (حنش الكناني) التابعي المشهور ، وكأنه أشد تعصبا من الذهبي ! !
وسابعا : إن المفضل بن صالح ـ الذي ضعفه الذهبي ـمن رجال الترمذي كما اعترف . . .
وهو على شرط مسلم كما نص عليه الحاكم واعترف الذهبي به أيضا . والذي أوجب التكلم فيه منهم ما ذكره الترمذي بقوله : (ليس عند أهل الحديث بذاك الحافظ) فهم غير قادحين في ثقته ، ولا في حفظه ، إلا أنه ليس بذاك الحافظ ! وظاهر كلماتهم أن ذنب الرجل رواية فضائل أهل البيت : قال ابن عدي ـ بعد أن أورد له أحاديث ـ : (أنكر ما رأيت له حديث الحسن بن علي ، وسائره أرجو أن يكون مستقيما) . فابن عدي يوثق الرجل ، وإنما ينكر بعض أحاديثه ، وقد جعل أنكرها حديث الحسن . قال ابن حجر : (يعني : أتاني جابر فقال : اكشف لي عن بطنك . الحديث) ! (10) . إذن ، فالرجل لا مجال للقدح فيه ولا في رواياته ، وما ذكره الذهبي ليس إلا تعصبا ، وهو مشهور بالتعصب كما عرفت سابقا .
وثامنا : قوله : (وروي الحديث من طريق أخرى فيها ضعيفان : الحسن بن أبي جعفر الجفري ، وعلي بن زيد بن جدعان) فيه : إن (الحسن بن أبي جعفر الجفري) يروي هذا الحديث عن (علي بن زيد) كما عند المحدث الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، حيث رواه بإسناده عن (الحسن بن أبي جعفر ، ثنا علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي ذر. .) (11) .
لكن قال الحافظ الهيثمي صاحب مجمع الزوائد : (عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومنقاتلنا في آخر الزمان كمن قاتل مع الدجال . رواه البزار والطبراني في الثلاثة . وفي إسناد البزار : الحسن بن أبي جعفر الجعفري . وفي إسناد الطبراني : عبد الله ابن داهر .
وهما متروكان) (12) .
فيظهر أن الطريق التي فيها (الحسن) لا يوجد فيه (علي بن زيد بن جدعان) أو يوجد ولا كلام فيه . ومثله الحديث الآخر . قال الهيثمي :
(وعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها غرق . رواه البزار والطبراني . وفيه : الحسن بن أبي جعفر . وهو متروك) (13) .
وذكر الحافظ الهيثمي الحديث بسند آخر ليس فيه واحد من الرجلين المذكورين . قال:
(وعن عبد الله بن الزبير : إن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها سلم ، ومن تركها غرق . رواه البزار . وفيه : ابن لهيعة : وهو لين) (14) .
وتاسعا :
لنا أن نحتج بكل من :
الحسن بن أبي جعفر الجفري .
وعلي بن زيد بن جدعان .
* أما (الحسن) فقد روى عنه : أبو داود الطيالسي ، وابن مهدي ، ويزيد ابن زريع ، وعثمان بن مطر ، ومسلم بن إبراهيم ، وجماعة آخرين من مشاهير الرواة والأئمة ، وروايتهم عنه تدل على جلالته ، بالإضافة إلى :
أن مسلم بن إبراهيم قال : كان من خيار الناس .
وقال عمرو بن علي : صدوق منكر الحديث .
وقال أبو بكر بن أبي الأسود : ترك ابن مهدي حديثه ثم حدث عنه وقال : ما كان لي حجة عند ربي .
وقال ابن عدي : والحسن بن أبي جعفر أحاديثه صالحة ، وهو يروي الغرائب وخاصة عن محمد بن جحادة ،
له عنه نسخة يرويها المنذر بن الوليد الجارودي عن أبيه عنه . وله عن محمد بن جحادة غير ما ذكرت أحاديث مستقيمة صالحة ، وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب ، وهو صدوق .
وقال ابن حبان : من خبار عباد الله الخشن ، ضعفه يحيى وتركه أحمد ، وكان من المتعبدين المجابين الدعوة ، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم قلب الأسانيد وهو لا يعلم ، حتى صار ممن لا يحتج به ، وإن كان فاضلا .
هذه هي الكلمات التي أوردها الحافظ ابن حجر بترجمته ، في مقابلة كلمات الجرح (16) .
فنقول:
1ـ الرجل من رجال الترمذي وابن ماجة .
2ـ روى عنه كبار الأئمة .
3ـ شهد بعدالته : مسلم بن إبراهيم فقال : كان من خيار الناس .
فقال المعترض : (وهو تلميذه) .
قلت : كأنه يريد إسقاط هذه الشهادة ، لكون الشاهد تلميذا ، وكأن الرجل لا يدري أن هذا المورد ليس من موارد عدم قبول الشهادة ، بل الأمر بالعكس ، إذ المفروض عدالة الشاهد ، فإذا كان تلميذا كان أكثر معرفة
بحال المشهود له من غيره .
4 ـ شهد بعدالته : عمرو بن علي الفلاس إذ قال : صدوق . وسيأتي الكلام على قوله بعد ذلك : (منكر الحديث) .
5ـ شهد بعدالته : ابن عدي .
6 ـ قال ابن حبان : من خيار عباد الله الخشن ، وكان من المتعبدين المجابين الدعوة ، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهو لا يعلم ، حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلا .
أقول : هذه عبارة ابن حبان . . . فقارن بينها وبين ما أورده المعترض :
(وقال ابن حبان : كان الجفري من المتعبدين المجابين الدعوة ، ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث ، فلا
يحتج به) .
ولاحظ ! ممن هذا التحريف والتصرف ؟ !
يقول ابن حبان ـ بعد الشهادة بكون (الحسن) من خيار عباد الله الخشن ، وأنه كان من المتعبدين المجابين الدعوة ـ : ولكنه ممن غفل عن صناعة الحديث وحفظه ، فإذا حدث وهم وقلب الأسانيد وهو لا يعلم حتى صار ممن لا يحتج به وإن كان فاضلا .
فغاية ما كان من (الحسن) أنه : (إذا حدث وهم وقلب الأسانيد) لكن (وهو لا يعلم) أي : فهو ـ كما قال ابن عدي ـ : (ممن لا يتعمد الكذب ، وهو صدوق) . ولذا قال عنه الفلاس (17) ـ بعد أن قال : (صدوق) ـ : (منكر الحديث)
فظهر :
أولا : لم ينقل المعترض كلمات التعديل والثناء .
وثانيا : دق حرف بعض الكلمات في حق الرجل .
وثالثا : قد ظلم الرجل إذ لم يتحقق كلمات الجرح ، وأنها إنما ترجع إلى وهم الرجل في روايته عن غفلة ،
وأما هو في ذاته فصدوق جليل من خيار عباد الله الخشن .
* وأما (علي بن زيد) فقدأخرج عنه : البخاري في (الأدب المفرد) ، ومسلم ، والترمذي والنسائي وأبو
داود وابن ماجة ، كما ذكر ابن حجر (18) ، وهؤلاء أرباب الصحاح الستة عندهم .
وذكر ابن حجر كلمات عدة من الأئمة في وثاقته وصدقه والثناء عليه . . . ونحن لا نحتاج إلى الإطناب في
ترجمته لأمرين :
الأول : كونه من رجال مسلم والأربعة والبخاري في (الأدب المفرد) ، وهذا فوق المطلوب .
والثاني : إن السبب الأصلي لجرح من جرحه هو التشيع ! فلاحظ عباراتهم في (تهذيب التهذيب) ونكتفي بإيراد واحدة منها :
(وقال يزيد بن زريع : رأيته ولم أحمل عنه لأنه كان رافضيا) .
وقد جعلوا أنكر ما روى : ما حدث به حماد بن سلمت ، عنه ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، رفعه :
إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه . قاله ابن حجر .
قلت : فإذا كان هذا الأمر ـ الحق الذي وافقه في روايته كثيرون ، وهو من الأحاديث الصادرة قطعا ـ هو أنكر ما روي عنه ، فاعرف حال بقية أحاديثه !
وعاشرا : لنا أن نحتج بكل من :
عبد الله بن داهر .
وابن لهيعة .
* أما (عبد الله بن داهر) فذنبه عند القوم أنه : (رافضي خبيث) وأن : (عامة ما يرويه في فضائل علي وهو متهم في ذلك) .
وقد أورد في (الميزان) و (لسان الميزان) أحاديث عنه في فضل علي وأهل البيت عليهم السلام ، منها ما رواه بإسناده عن ابن عباس :
(ستكون فتنة فمن أدركها فعليه بالقرآن وعلي بن أبي طالب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ـ وهو آخذ بيد علي ـ : هذا أول من آمن بي ، وأول من يصافحني ، وهو فاروق هذه الأمة ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو خليفتي من بعدي) (19) .
* وأما (ابن لهيعة) فقد روى عنه كبار الأئمة من المتقدمين ، كالثوري ، والشعبي ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وابن المبارك .
وهو من رجال : مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة .
قال أبو داود عن أحمد : ومن كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه ؟ !
وعن الثوري : عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع ، وحججت حجا لالقى ابن لهيعة .
وقال أبو طاهر بن السرح : سمعت ابن وهب يقول : حدثني ـ والله ـ الصادق البار عبد الله بن لهيعة .
وقال يعقوب بن سفيان : سمعت أحمد بن صالح ـ وكان من خيار المتقنين ـ يثني عليه .
وعنه أيضا : ابن لهيعة صحيح الكتاب . . .
وعن ابن معين : قد كتبت حديث ابن لهيعة ، وما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات .
وقال الحاكم : استشهد به مسلم في موضعين .
وقال ابن شاهين : قال أحمد بن صالح : ابن لهيعة ثقة ، وما روي عنه من الأحاديث فيها تخليط يطرح ذلك التخليط .
وقال مسعود عن الحاكم : لم يقصد الكذب ، وإنما حدث من حفظه بعد احتراق كتبه فأخطأ .
وقال ابن عدي : حديثه كأنه نسيان ، وهو ممن يكتب حديثه (20) .
أقول : ألا يكفي هذا للاحتجاج بما رواه ؟ !
بقي الكلام :
في : (حنش الكناني) و (سويد بن سعيد) .
* أما (حنش) فقد عرفت أنه من التابعين المشاهير ، وقد دأب القوم على تعديل التابعين أخذا بما يروونه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أحاديث : خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم . . . بل ذكره ابن مندة وأبو نعيم في الصحابة كما ذكر ابن حجر .
وأورد ابن حجر كلمات التوثيق له عن أبي داود والعجلي وغيرهما .
وقد أخذ عليه أنه كان ينفرد عن علي بأشياء لا تشبه حديث الثقات ! ! حتى صار ممن لا يحتج بحديثه ! !
(21) * وأما (سويد بن سعيد) فهو من رجال صحيح مسلم وصحيح ابن ماجة . قال ابن حجر :
(وعنه : مسلم ، وابن ماجة ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، ويعقوب بن شيبة ، وعبد الله بن أحمد ، ومطين ،
وبقي بن مخلد ، وأبو الأزهر . . .) .
قال ابن حجر : (قال عبد الله بن أحمد : عرضت على أبي أحاديث سويد عن ضمام بن إسماعيل فقال لي :
اكتبها كلها فإنه صالح . أو قال : ثقة . وقال الميموني عن أحمد : ما علمت إلا خيرا . وقال البغوي : كان من الحفاظ ، وكان أحمد ينتقي عليه لولديه فيسمعان منه . وقال أبو داود عن أحمد : أرجو أن يكون صدوقا . وقال : لا بأس به . وقال أبو حاتم : كان صدوقا وكان يدلس ويكثر . وقال البخاري : كان قد عمي فيلقن ما ليس من حديثه . وقال يعقوب بن شيبة : صدوق مضطرب الحفظ ولا سيما بعد ما عمي . وقال صالح بن محمد : صدوق إلا أنه كان عمي فكان يلقن أحاديث ليست من حديثه . . .) (22) .
وقال الذهبي : (الحافظ الرحال المعمر ، حدث عن مالك بالموطأ وعنه : م ، ق ، ومطين ، وابن ناجية ،
وعبد الله بن أحمد ، والباغندي ، والبغوي ، وخلق كثير . قال البغوي : كان من الحفاظ ، كان أحمد بن حنبل ينتقي عليه لولديه . وقال أبو حاتم : صدوق كثير التدليس . وقال أبو زرعة : أما كتبه فصحاح ، وأما إذا حدث من حفظه فلا) (23) .
وقال ابن حجر : (صدوق في نفسه ، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه . وأفحش فيه ابن معين القول) (24) .
أقول : تلخص :
1 ـ هو من رجال مسلم وابن ماجة ، ومن مشايخ كثير من الأئمة .
2 ـ هو (صدوق) عند أحمد وجماعة من أئمة الجرح والتعديل .
3 ـ عمدة ما انتقد عليه أنه لما عمي لقن ما ليس من حديثه .
4 ـ أفحش القول فيه يحيى بن معين . . . فقوله مردود عند الأئمة .
واعلم أن هذا المعترض ذكر العبارة التالية :
(وقال الحاكم : ويقال إن يحيى لما ذكر له هذا الحديث قال : لو كان لي فرس ورمح غزوت سويدا) .
لكن ما هو المراد من (هذا الحديث) ؟ !
حديث السفينة ؟ !
لا ، بل حديث آخر . . . لكن الرجل دلس وحرف ! !
قال ابن حجر : (وقال ابن حبان : كان أتى عن الثقات بالمعضلات : روى عن أبي مسهر ـ يعني عن أبي يحيى القتات ـ عن مجاهد ، عن ابن عباس ، رفعه : من عشق وكتم وعف ومات مات شهيدا . قال : ومن روى مثل هذا الخبر عن أبي مسهر تجب مجانبة رواياته . هذا إلى ما لا يحصى من الآثار وتلك الأخبار .
وقال فيه يحيى بن معين : لو كان لي فرس ورمح لكنت أغزوه . قاله لما روى سويد هذا الحديث .
وكذا قال الحاكم أن ابن معين قال هذا في الحديث) (25) .
أقول :
هكذا يريدون الرد على كتبنا ، فاعرفوهم أيها المنصفون واحذروهم أيها المسلمون ! !
* قال السيد رحمه الله :
(وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ا لنجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف (في الدين) فإذا خالفتها قبيلة من العرب (يعني : في أحكام الله عز وجل) اختلفوا فصاروا حزب إبليس)
قال في الهامش : (أخرجه الحاكم في ص 149 من الجزء الثالث من المستدرك عن ابن عباس . ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه) .
قيل :
(رواه الحاكم 3 / 149 . وفي سنده ابن أركون ، قال الذهبي : ضعفوه . وكذا خليد ضعفه أحمد وغيره .
وهو حديث موضوع كما ذكر الذهبي) .
أقول :
قال الحاكم : (حدثنا مكرم بن أحمد القاضي ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا إسحاق بن سعيد بن أركون الدمشقي ، ثنا خليد بن دعلج أبو عمرو السدوسي ، أظنه عن قتادة ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله . . . هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) .
وقد رواه عن الحاكم أعيان علماء الحديث المتأخرين عنه وارتضوا تصحيحه ، ومنهم :
الحافظ السيوطي ، في : الخصائص الكبرى 3 / 364 ، وإحياء الميت بفضائل أهل البيت : رقم 29 .
والحافظ السمهودي ، في : جواهر العقدين ـ مخطوط .
و الشبراوي ، في : الإتحاف بحب الأشراف : 20 .
والحمزاوي ، في : مشارق الأنوار : 86 .
والصبان ، في : إسعاف الراغبين ـ هامش نور الأبصار : 130 . فنحن نستدل برواية هؤلاء . . .
أما الذهبي فقد عرفنا حاله وطريقته ، ولا يعتد بكلامه إلا من كان على شاكلته . . .
ثم إن لهذا الحديث الشريف مؤيدات كثيرة . . . كقوله صلى الله عليه وآله وسلم : (النجوم أمان لأهل الأرض ،
وأهل بيتي أمان لأمتي) . أخرجه : ابن أبي شيبة ، ومسدد ، والحكيم الترمذي ، وأبو يعلى ، والطبراني ، وابن عساكر وعنهم المتقي الهندي (26) .
ولهذا نجدهم يعقدون في كتبهم أبوابا بهذا العنوان :
قال الحافظ محب الدين الطبري : (ذكر أنهم أمان لأمة محمد صلى الله عليه (وآله) وسلم . . .) .
وقال الحافظ السخاوي : (باب الأمان ببقائهم والنجاة في اقتفائهم . . .).
وقال الحافظ السمهودي : (الذكر الخامس : ذكر أنهم أمان الأمة ، وأنهم كسفينة نوح . . .)
فهل في هذا كفاية عزيزنا خالد أم أن المدلس الكبير “فيصل نور” ينجدك بغوث ما؟
خذ وقتك ولذ بمن صنعته محاربة فضائل آل البيت، ثم انضم إليهم بعد ذلك في ادعاء حب النبي والعترة الشريفة..وللحديث صلة
(1) الكنى والأسماء 1 / 76 .
(2) المعجم ـ لابن الأبار ـ 87 ـ 89 .
(3) الدر المنثور 1 / 71 ـ 72 .
(4) كنز العمال 2 / 277 .
(5) ويلاحظ أنه يصحح أحدهما على شرط مسلم ، ويسكت عن الآخر ، وهذا مما يدل على دقة الحاكم وتثبته في الحديث ، وأنه لم يكن متساهلا في كتابه ـ كما يدعي بعض القوم ـ
(6) المستدرك على الصحيحين 2 / 343 .
(7) المستدرك على الصحيحين 3 / 151 .
(8) تلخيص المستدرك ـ المطبوع بذيل المستدرك ـ 2 / 343 .
(9) تلخيص المستدرك ـ المطبوع بذيل المستدرك ـ 3 / 151 .
(10) تهذيب التهذيب 10 / 242 .
(11) مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام : 132 .
(12) مجمع الزوائد 9 / 168 .
(13) مجمع الزوائد 9 / 168 .
(14) مجمع الزوائد 9 / 168 .
(15) تهذيب التهذيب 2 / 227 .
(16) ولا يخفى أن (عمرو بن علي الفلاس) هو نفسه من رواة حديث السفينة ، عن طريق (الحسن ابن أبي جعفر الجفري) أخرجه عنه أبو بكر البزار في مسنده ، وهذا مما يشهد بما ذكرناه .
(17) تهذيب التهذيب 7 / 283 .
(18) ميزان الاعتدال 2 / 417 ، لسان الميزان 3 / 283 .
(19) تهذيب التهذيب 5 / 327 . (20) تهذيب التهذيب 3 / 51 .
(21) تهذيب التهذيب 4 / 272 ـ 275 .
(22) تذكرة الحفاظ 2 / 454 .
(23) تقريب التهذيب 1 / 340 .
(24) تهذيب التهذيب 4 / 241 .
(25) كنز العمال 13 / 88 .
(26) ذخائر العقبى : 17 .
(27) استجلاب ارتقاء الغرف ـ مخطوط .
(28) جواهر العقدين ـ مخطوط .