حرّية و إنصاف: أحمد البوعزيزي على فراش الموت
حرّية و إنصاف:نقلة تعسفية من أجل نشاط نقابي
حرّية و إنصاف: اعتقال العوينتي و ستهم و العريبي بنابل
الأساتذة المضربون عن الطعام – لجنة الإعلام والاتصال: بلاغ عــــاجل الجامعة العامة للمهن والخدمات: لا لهشـاشـة الشّـغـل لا للطرد التعسّـفـي رابطة الشباب القومي العربي: تظاهرة احتفالية بمدينة بني حسان بالساحل التونسي في اطار الاحتفال بالذكرى الاولى لاستشهاد البطل الفجر نيوز: يوم التدوينة البيضاء في تونس يو بي أي: البرلمان التونسي يصدق على البروتوكول بشأن المتفجرات من مخلفات الحرب وكالة نوفوستي الأنباء :سفن من الأسطول البحري الحربي الروسي تصل قاعدة تونس البحرية الرئيسية
رويترز: مهرجان دولي يحتفي بالزيتون في تونس
شبكة الأخبار العربية محيط :تونس تمنح ترخيص جديد للتنقيب عن النفط الصباح: أمام ارتفاع الكلفة – هل أضحى امتلاك مسكن صعب المنال؟
مغاربية:عائلات تونسية تدفع أبناءها نحو ممارسة كرة القدم الطاهر العبيدي: تونس نيوز .. أيها الباقون كالقمح كالزرع في أراضينا.. عزالدين محمود: الحزب الإسلامي زوبعة سياسيّة وأن أسّس عبدالحميد العدّاسي: المعاق والحيّ المهدّم مرسل الكسيبي: في تونس : رياح جديدة تهب داخل هياكل التجمع محمد العروسي الهاني: في الصميم وضع النقاط على الحروف معضلة التشغيل حلولها مازالت بعيدة والتعقيدات متواصلة د/ بشبر عبد العالي شمام:رؤية تقويمية لإسهامات الشاطبي وابن عاشور المقصدية:الجزء الثاني الهادي بريك: تبادل التهاني بين المسلم وغير المسلم.
جمال الدين أحمد الفرحاوي: كم ضاع فيك المكان
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
كشف الحساب..لقضاء ..”يكافح الإرهاب “: تواصل مسلسل المحاكمات ..و سيل الأحكام ..!
أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير
حرّية و إنصاف
سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي
33 نهج المختار عطية تونس 1001
الهاتف/الفاكس : 71.340.860
Email :liberté_équité@yahoo.fr
***
تونس في 25 ديسمبر 2007
أحمد البوعزيزي على فراش الموت
دخل السجين السياسي السابق السيد أحمد البوعزيزي مرحلة متقدمة و خطيرة جدا من مراحل مرضه العضال ( السرطان ) حيث أنه لم يتناول الطعام منذ أسبوع كامل و تتم تغذيته عبر الحقن serum واكتفى الطبيب بإعطائه جرعات عالية من المسكنات.
و حرية و إنصاف تحمل مسؤولية وصول الحالة الصحية للسجين السياسي السابق السيد أحمد البوعزيزي إلى حافة الموت للسلطة التي تباطأت في علاجه و لم تفرج عنه إلا بعد أن استفحل مرضه كما تحمل المسؤولية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي ثبت تقصيره في الإبطاء بمده بالدواء في الوقت الضروري و تحمل المسؤولية أيضا لكل المنظمات و الهيئات التي لم تهتم بالحالة الصحية المتدهورة للسجين السياسي السابق و تذكّر الجميع بأن وضعيات مشابهة و مماثلة يعيشها مساجين سياسيون داخل و خارج السجن تعدّ بالمئات يجب الاهتمام بوضعياتهم حتى لا يكون مصيرهم كمصير الهاشمي المكي و لخضر السديري و عبد المجيد بن طاهر …و غيرهم كثير.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة
السيد زهير مخلوف
أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير
حرّية و إنصاف
سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي
33 نهج المختار عطية تونس 1001
الهاتف/الفاكس : 71.340.860
Email :liberté_équité@yahoo.fr
***
تونس في 25 ديسمبر 2007
نقلة تعسفية من أجل نشاط نقابي
قررت النقابة الجهوية للتعليم الأساسي بنابل الاعتصام بالمقر الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل و ذلك يومي الجمعة و السبت 28 و 29 /12/2007 تضامنا مع الكاتب للنقابة الجهوية للتعليم الأساسي بنابل السيد الفهري الغول معلم تطبيق بالمدرسة الأساسية 2 مارس 1934 بنابل الذي سلطت عليه بقرار من المدير الجهوي للتعليم الأساسي بنابل نقلة تعسفية إلى ريف نوال قرب مدينة بني خلاد على خلفية دوره في إضرابات النقابة التي وقعت في شهري أفريل و ماي من السنة الفارطة.
و حرية و إنصاف تعتبر أنه ليس من حق الادارة تسليط العقوبات على الناشطين النقابيين لا لشيء إلا لأنهم مارسوا حقهم المشروع في الاضراب للمطالبة بحقوقهم المهنية كما تستنكر لجوء الادارة إلى عقوبات عفا عنها الزمن من أجل التشفي و الانتقام من الناشطين النقابيين.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة
السيد زهير مخلوف
أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير
حرّية و إنصاف
سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي
33 نهج المختار عطية تونس 1001
الهاتف/الفاكس : 71.340.860
Email :liberté_équité@yahoo.fr
***
تونس في 25 ديسمبر 2007
اعتقال العوينتي و ستهم و العريبي بنابل
وقع إيقاف كل من أيوب بن رفيق العوينتي ( تلميذ ) و محمد بن أحمد بن محمد ستهم ( مهندس أول خريج المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس) و ابراهيم بن محمد العريبي ( طالب بالمركب الجامعي بنابل ) أصيلي منطقة دار شعبان الفهري و ذلك يوم الاثنين 17/12/2007 و قد تم التحقيق معهم طيلة يوم كامل بمنطقة الأمن بنابل قبل أن يفرج عنهم ، و تتواصل معاناة الشبان الثلاثة الذين يقع استدعاؤهم باستمرار للمنطقة المذكورة في مناسبات مختلفة ليفرج عنهم بعد ذلك ، و قد طلب من ابراهيم بن محمد العريبي التعاون مع البوليس السياسي كشكل من أشكال الضغط النفسي .
و حرية و إنصاف التي طالما نددت بالاعتقالات العشوائية و المضايقات المستمرة التي يتعرض لها خيرة شباب تونس من تلامذة و طلبة و إطارات تعتبر أن هذه المضايقات فيها تعدّ صارخ على الحقوق الأساسية للمواطن و من شأنها تعميق شدة الاحتقان الحاصل في البلاد.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة
السيد زهير مخلوف
برقيـــــــة مسانــــــدة إلى الإخوة الأساتذة المضربون عن الطعام في مقر النقابة العامة للتعليم الثانوي
تونس في 24/12/2007 بـــــــلاغ عــــــــاجل
إلى السيد وزير الشؤون الاجتماعية التضامن والتونسيين بالخارج
دعـوة
تكريما لروح الشهيد الخالد شهيد الأمة والوطن الرئيس صدام حسين المجيد رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه وفي اطار الاحتفال بالذكرى الاولى لاستشهاد البطل ووفاء لأرواح كل من قضوا في سبيل الدفاع عن شرف هذه الامة الصامدة ودعما للجبهة الوطنية والقومية الاسلامية بقيادة القائد المجاهد السيد عزت ابراهيم حفظه الله ونصره على القوم الظالمين سوف يتم القيام بتظاهرة احتفالية وذلك يوم الجمعة 28/12/2007 بمدينة بني حسان بالساحل التونسي وذلك ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال. وهي مبادرة من طرف لجنة مساندة المقاومة في العراق وفلسطين وتشترك فيها العديد من المنظمات والأحزاب والشخصيات الوطنية والقومية. والدعوة موجهة للجميع من أجل نصرة قضايا الوطن العادلة المجد للمقاومة الموت للخونة الخلود للشهداء المنسق العام عبدالرحمان الدريدي
يوم التدوينة البيضاء في تونس
البرلمان التونسي يصدق على البروتوكول بشأن المتفجرات من مخلفات الحرب
سفن من الأسطول البحري الحربي الروسي تصل قاعدة تونس البحرية الرئيسية
تونس تمنح ترخيص جديد للتنقيب عن النفط
مهرجان دولي يحتفي بالزيتون في تونس
اقتصادي / تونس / تحرير العملة المحلية
عائلات تونسية تدفع أبناءها نحو ممارسة كرة القدم
مع تضاعف رواتب لاعبي كرة القدم للملايين، تدفع الأسر التونسية أطفالها لممارسة كرة القدم عوض الدراسة.
أمام ارتفاع الكلفة هل أضحى امتلاك مسكن صعب المنال؟
الحزب الإسلامي زوبعة سياسيّة وأن أسّس
كثر الحديث عن تأسيس الحزب إسلامي لكن ……
من السّذاجة السياسيّة من يتصوّر أن ترخيص لحزب إسلامي ترسم له السلطة ملامحه وتفرض أشخاصه وتحدّد له أفكاره وبرامجه أن يستوعب التيّار الإسلامي أو يحلّ المشكلة المستعصيّة في تونس. ممكن أن يوجد مع بقيّة التيّارات الإسلاميّة لكن لا يكون بديل على تيّار أخذ شرعيّته بوطنيّته ونضالاته وتضحياته وهذا واقع الحال و لا ينفيه احد.
كذلك من السّذاجة المرفوضة من يتصوّر أن يقع إصلاح سياسي في تونس قبل عمليّة إصلاح داخلي للتجمّع (حزب السلطة) بمراجعات عميقة لأفكاره وبرامجه تتماشى مع متطلّبات الشعب وهذا لا يتحقّق إلاّ بالتراجع الواضح والمعلن عن أفكار و ممارسات وفتح ملفّات للتحقيق ومحاسبة الأطراف عليها حتّى يكسب المصداقيّة يضمن بها أنصار و يضمن بها تحالفات ويستعد لخوض المنافسات السياسيّة الشريفة إذا ما لم يطرح النظام (التجمّع) مصالحة مع الشعب لا ننتظر إنفراج سياسي من طرفه = بماذا سيتنافس مع التيّارات الأخرى؟
مع هذا ومن باب المسووليّة ومصلحة البلاد يحتّم علينا مع الإستقرءات والتشخيص والتحليل أن نطرح أفكار على السلطة وعلى المعارضة ولا يهمّ من يستجيب.
الآن نستطيع أن نجزم أن حركة النهضة نجحت وطنيّا في معركتها مع السلطة بالتحمّل والصبر و الإحتساب في سبيل سلامة البلاد والعباد مقابل ما تعرّضت له من محنة عظيمة.
ونجحت سياسيّا في الحفاظ على وجودها والتمسّك بمنهجها السلمي الموصّل ولو لا تأصيل سياسة الحركة وفكرها لما ثبت هذا المنهاج رغم الجرح العميق. ونجحت في توطيد علاقتها بالمجتمع المدني والأطراف السياسيّة داخليّا وخارجيّا.
وكما شاهدنا سعي ثلّة من أبناء النهضة في تقصير عمر المحنة بطرح مشاريع مصالحة بل قل مشاريع صلح لانّ المصالحة تكون نتيجة تفاهم والإتفاق بين طرفين لكن ما طرحه ثلّة من أبناء الحركة وأنا منهم مشاريع صلح أيّ القبول بالحدّ الأدنى لإيقاف المحنة والنزيف لكن السلطة تجاهلت و صفعتنا وردّت علينا بمواصلة المحنة والتنكيل بإخواننا وأخواتنا رغم مرور أكثر من 15 سنة لكن الى أين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
و لا زلنا نواصل ونبحث في حلّ لمصلحة البلاد ولا يهدّد أحد.
لا بديل للسلطة من حسن التعامل مع أمر الواقع الموجود للنّجاح في إقناع كلّ الأطراف المضطهدة من اليمين الى اليسار لنسيان الماضي الأليم والدخول في بداية صفحة جديدة=
بالبدء في مشروع وطني ويتبنّاه رئيس الدولة والمخلصين من أركان النظام في ما تبقّى له في فترته الرّئاسيّة وهذا خاضع أوّلا لمراجعة جذريّة لسياسة التجمّع لو فكّر في التمسّك بالسّلطة ديمقراطيّا.
— بإصدار عفو رئاسي على كلّ المساجين السياسيين.
— بالموافقة لكلّ التيّارات من أقصى اليمين الى أقصى اليسار بالعمل السياسي بما فيهم تيّارات إسلاميّة أخرى غير النهضة.
— بالموافقة للنهضة بالعمل العلني (النهضة لها شرعيّة وليست في حاجة الى تأشيرة) وهنا أقول من صالح السلطة القبول بتيّارات إسلاميّة اخرى مع النهضة حتّى تكون تعدّديّة إسلاميّة مع باقي التيّارات العلمانيّة.
لا يفوتنا تشخيص الواقع في تونس
اليوم نحن في بداية 2008 من أولويات الشعب التونسي (9 ملايين مواطن)
— البحث عن الحياة الكريمة بالإطعام من الجوع وما يتطلّبه من شغل وزيادات في الأجور أو مساعدات إجتماعيّة أو منح بطالة للعاطلين و الخرّجين.
— والأمن من الخوف و ما يتطلّبه من إيقاف الإضطهاد والقمع الذي يمارس بالشبهة والنيّة (التيّار السلفي ) أو بالسّوابق(السجناء من أبناء النهضة) وباقي تيّارات المجتمع المدني و من إعلاميين وحقوقيين.
أذا الشعب التونسي في أمسّ الحاجة الى العدالة الحقيقيّة حتّى يتحقّق الأمن وهذا لا يتحقّق إلاّ ب
سياسيّا = البدء في الإصلاح الجدّي كما ذكرت سلفا
أمنيّا = بإيقاف كلّ أشكال التتبّعات الغير قانونيّة وإعطاء الأمان الى سلك القضاء حتّى يطبّقوا القانون.
إقتصاديّا = بإيقاف إستنزاف إقتصاد البلاد بإرجاع ممتلكات الدولة الى الدولة من مشاريع مفوّت فيها بطرق غير سليمة و أرجاع المشاريع الخاصة الى أصحابها وبدفع الأداءات والضرائب المستحقّة للدولة وعدم رضوخ السلطة للمحتكرين حتّى تتوفّر متطلّبات الشعب من المواد لتنخفض الأثمان و ترتفع المقدرة الشرائيّة للمواطن.
السؤال
هل سيستفيد بن عليّ ممّا تبقّى له في فترة رّئاسته حتّى نراه يسلّم السلطة لرئيس منتخب حتّى لو كان من الحزب الحاكم ما المانع يا ترى؟؟؟؟؟؟؟؟
أشهد الله أنّ ما كتبته بدون خلفيّة فهو في مصلحة تونس وبالأخصّ مصلحة الحزب الحاكم بالدرجة الأولى الذي تورّط في حقبة سوداء. وسيأتي يوم يشهد فيه بهذا السواد برهيان بسيّس قبل غيره الذي تورّط في تضليل السلطة في جميع الميادين سياسيّا وإقتصاديّا وإجتماعيّا وثقافيّا وإخلاقيّا الى غير ذلك.
لا نريد أن نشاهد مثل ما شاهدنا آخر أيّام بورقيبة المسيرات والتأييد الى يوم الجمعة 6 نوفمبر 87 , نفسهم وجدناهم معنا في تأييد التغيير يوم السبت 7 نوفمبر87.
أتمنّى أن يلتقي العقلاء من السلطة والمعارضة على مصلحة البلاد والعباد للمساهمة في تأمين مستقبل أفضل حسب إمكنيات الشعب التونسي.
عزالدين محمود
تونس نيوز* .. أيها الباقون كالقمح كالزرع في أراضينا..
المعاق والحيّ المهدّم
لم يُعد يخفى على كلّ متابع أنّ السيّد الطاهر بلحسين مدير قناة الحوار التونسية قد وطّن نفسه على معارضة التيّار الإسلامي في تونس معارضة ترقى في بعض مراحلها إلى “البغض المهذّب”. وهو – حسب بعض التحليلات – ما يجعله يصمد في وجه الآلة التونسية الظالمة ويمرّر بعض ما يهمّ الشأن التونسي العام تحت قاعدة “هذه بتلك”.
وما يهمّني في هذه العجالة ليس الـتأنيب أو المؤاخذة وإنّما الشكر على الملفّات التي ما فتئت قناة الحوار تنكبّ عليها. وهي ملفّات تهمّ الشأن العام دون تفرقة بين هذا وذاك أو بين جهة وأخرى إلاّ بما كان من ميل قلبيّ مسموح به في المحبّة، قد تبرزه في بعض الأحيان المدد الممنوحة لهذا الموضوع أو ذاك.
تهديم حيّ
أبرزت القناة – مشكورة – أوضاع تونسيين تعرّضت منازلهم إلى الهدم، بحجّة وجود الحيّ (حيّ فطومة بورقيبة ببوسالم) الذي يسكنونه تحت طائلة وادي مجردة الذي قد يعمّهم بمياهه إذا ارتفع منسوبه.
التفكير في ترحيل هؤلاء الأهالي إلى أماكن مرتفعة (ربوة الروماني) أكثر أمانا، تفكير صائب وأمر جيّد يُشكر عليه المسؤولون رغم اعتباره من صلب مهامّهم التي ينتظرها الشعب منهم ورغم اللوم على البناء مبديّا ودون تخطيط في الأماكن الواقعة في مرمى الأنهار وغيرها من الجنود الطبيعيّة أو المستحدثة. غير أنّه لا بدّ لهذا التفكير أن يكون قد سُبِق بالإجراءات التالية:
– التفكير في تعويض مالكي تلك المنازل وخاصّة إذا لم تكن مصالح النّظام التونسي قد حذّرتهم أو منعتهم قبل الشروع في البناء في المواقع المنحفضة (وفي التقرير إشارة إلى وعد بالتعويض لم يوف به).
– تخصيص المكان الذي يقع إليه الترحيل (وقد عيّنت ربوة الرّوماني لذلك)، والتخصيص هنا يعني إنجاز حيّ جديد على ربوة الرّوماني بعدد المنازل التي تقع في حيّ فطّومة بورقيبة أو أكثر، قبل البدء بتهديم منزل واحد. ولئن يأتي الماء على البيوت (يراه المواطن قدر الله) أفضل من أن تأتي الآليات الهادمة والتي ذكّرت أهلنا في فطومة بورقيبة وقبلها في قفصة بما يجري على أيدي الصهاينة في فلسطين المحتلّة.
– إلزام مالكي المنازل بحيّ فطومة بورقيبة المزمع تحطيمه باحترام عقود الإيجار الممضاة بينهم وبين المستأجرين الحاليين حتّى بعد النقلة إلى ربوة الرّوماني وذلك بنفس الشروط السابقة كي لا يقعوا (المستأجرون) فريسة الجشع الذي صار يأكل من الكثير من التونسيين دون مراعاة لحالة المستأجر المسكين.
– إحداث المدرسة أو الوسيلة الموصلة إلى المدرسة القريبة كما التفكير في تقريب كلّ المرافق الضرورية من حيّ ربوة الرّوماني ممّا يجعل عمليّة الترحيل لا تؤثّر على أبنائنا المتمدرسين أو غيرهم من المرحّلين.
وأمّا أن يكون الارتجال والتحبّط المفضيان إلى الفوضى كما أظهره التقرير، فذلك ممّا يزيد من شقاء وحسرة الفقير وممّا يذكي كراهيّتة – ربّما – للغنيّ الجشع وللظالم المتهوّر، وهو السبب الذي سيزيد – دون قصد من الفقير أو المظلوم – من إرهاب الظالم. وهو ما يحدث في تونس اليوم، وهو ما يجب تغييره. وتغييره لا يتطلّب منّا جهدا كبيرا إذ أنّه يتلخّص في “وأحبّ للناس ما تحبّ لنفسك تكن مؤمنا وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما”!…
المُعاق
جاء في التقرير كذلك الحديث عن شابّ وسيم قد بلغ من العمر 28 سنة يشتغل فيما أتيح له رغم أنّه حاصل على بطاقة إعاقة، يبدو متأدّبا ومسؤولا عن تصرّفاته، غير أنّ دورية “الحاكم” رأته غير منضبط وغير مرغوب فيه سيّما وقد انتسب إلى “ورغمّى” التي دعا عليها صاحب الزيّ المدني (والعسكريون في بلدي يلبسون الزيّ المدني) بقوله: “ايطيّح (وفي رواية يكبّ) سعدك وسعد ورغِمّى متاعك”، فأمروه بأن “هبّط راسك” إذ رفع الرأس نذير عزّ لا ينشدونه، وفهم منهم أنّ حرّيته تنتهي عند السابعة مساء. فليس له الحقّ في الخروخ بعد ذلك الوقت، لأنّ الجولان ليلا يُعدّ “تسكّعا”. فالليل ليس للمعوّقين وإنّما هو للعوّاق من المثمولين بمفعول الخمر أو الحشائش السامّة والسرّاق و”الحاكم” والنساء “المتحضّرات” ممّن تجاوز تعليمات المجتمع الأبوي. وقد ختم الشابّ المظلوم المكلوم قوله بـ”ان شاء الله ياخذوا جزاهم”. وأحسب أنّه لا يقصد جزاء “الحاكم” للـ”حاكم” ولكنّه يعني جزاء من الحاكم الديّان، ربّما يستعمل فيه عبادا من عباده أمثال هذا الشابّ الجيّد الذي وزّعوا عليه صفة وشهادة إعاقة لم يروه قد بلغ مستوى التعامل معها…
عبدالحميد العدّاسي، الدّانمارك
في تونس : رياح جديدة تهب داخل هياكل التجمع
بسم الله الرحمان الرحيم تونس في 2007/12/25 والصلاة والسلام على أفضل المرسلين بقلم محمد العروسي الهاني الرسالة رقم 364 مناضل كاتب في الشأن التونسي و العربي على موقع تونس نيوز
في الصميم وضع النقاط على الحروف معضلة التشغيل حلولها مازالت بعيدة والتعقيدات متواصلة
كم ضاع فيك المكان
وترحل لست تدري عدد المرات التي صرت فيها تعيد الرحيل ولا كم مسارا سلكت تحاول عودا ودرب المجيء يحيد بدربك عنك يميل وترحل نحو الجنوب تهيم بقلبك تعانق بالبصر المستحيل شموخ النخيل وشمس ِهناك يصافحك الدفء تمتد إليك الخيوط شعاعا يردك عشقا لذاك الأصيل وترحل لا لست تدري كم مرة توغل في السفر كم يا تسافر كم يا يخالفك المستقر كم ضاع فيك المكان كم تاه منك المقر كم يا تسافر تبحث عنك كم يا تتيه تضيع العناوين فيك…..كم يا يوزعك اللآمقر وترحل لمراكش لأرض هناك يطرزها عبق الذكريات لساحة الفناء تجيــــئ لباب دكالة لباب الرب للدوديات يصافحك النخل أنى حللت وتهوى الكتابة في الأمسيات وترحل تنسحب نحو الهنا من هناك تحاول تخرج من برد غربتك تبحث الدفء حيث النخيل حيث الصباح يجيء يعانقه النور وتملؤه من عطرها قطرات الورود وترحل ونأيا تجيء لذاك الوجود رحيلا تجيء ونأيا يعانقه المستحيل وينتفي السمت تغيب بخاصرة الصمت كل الحدود ووحدك تمضي هناك وتأبى أناك تجيء لدرب يعود وحدك ويسحبك النص يمتصك من ثنايا الحروف مدادا يوزعه الآخرون سؤالا تعددت الإجابات فيه وغابت عن الرد فيه الـــردود سترحل ثم يا ستجيء وتمضي تعود ولكنك لا تعود يبعثرك الحرف في الكلمات وينأى بك الصمت عبر الوعود سترحل عائدا من هناك ولكنِك في المدى لا تعود جمال الدين أحمد الفرحاوي مراكش /لندن 14/19 ديسمبر 2007
رؤية تقويمية لإسهامات الشاطبي وابن عاشور المقصدية
الجزء الثاني
تبادل التهاني بين المسلم وغير المسلم.
كتبه: الهادي بريك – ألمانيا
لا شك أن مثل تلك الأسئلة هذا زمنها وهذا موسمها. زمنها هو زمن تقديم الذيول على الرؤوس أي زمن إنخرام سلم فقه الأولويات عند المسلم ( فقه مراتب الأعمال كما سماه إبن القيم ) وهو زمن يسألك فيه ألف ألف سائل عن حكم تهنئة جاره الكتابي بعيد ميلاد المسيح عليه السلام ولا يسألك فيه ربما سائل واحد عن حكم الدعوة إلى الإسلام في هذه البلاد وعن منهاجها القيم الذي فصله سبحانه في كتابه بما يحفظ به ذكره الحكيم. وهو موسمها لأننا نعيش في هذه الأيام الأخيرات من عامنا الميلادي الجاري 2007 إحتفالات أعياد الميلاد التي تطبق الآفاق شرقا وغربا حتى أضحت في أيامنا هذه أكبر حدث عالمي تقريبا.يمكن لك أن تصرف سائلا عنها بإختصار جوابك بالإباحة والجواز وربما تفلح في ذلك مع عشرة من مثله ولكن لا بد أن يعترض طريقك من يشغب عليك بقول إبن تيمية عليه الرحمة والرضوان وهو ما وقع لي قبل لحظات فكان سبب كتابة هذه الكلمات ذلك أن صديقا عزيزا في مدينة ( فولفسبورغ الألمانية ) إتصل بي لتوه يشكو أحد أحداث الأسنان سفهاء الأحلام ممن تشبث بقول إبن تيمية بعدم جواز ذلك. قلت لصديقي : عليك بمجلد ” فتاوى معاصرة ” للإمام القرضاوي تجد فيه ضالتك وزيادة. ولكنه أصر علي أن ألخص له المسألة وأن أبعث بها إليه مكتوبة ثم قلت في نفسي : لم لا يكون الأمر منشورا لعل ألف سائل وسائل آخر بقي في نفسه من هذا الأمر شيء فهي مناسبة إذن لا لبيان الحكم الشرعي فيها فحسب ولكن ـ وهو الأهم عندي مطلقا ـ لبيان الدليل الشرعي الجامع بين الثابت الأصلي والمتحول العصري ومن لم يرعو للدليل ساطعا كالشمس في ضحاها فلا يليق بك سوى قول ربك سبحانه ” سلام عليكم ” لئلا تقع من حيث لا تشعر في إستخفاف من لا يوقنون وكثير منهم منا لحما ودما.
هذه آفة أحداث الأسنان :آفة أحداث الأسنان أنهم يتخذون مرجعهم الأول قول هذا وذاك وأكثر من يتخذون هم من غير الأصحاب الكرام ولا حتى من التابعين المعروفين بل والأنكى من ذلك أنهم من غير أهل الرأي الفقهي السديد ممن بقي أو إندثر من مثل المذاهب الثمانية المتعبد بها إلى يوم الناس هذا بإجماع الأمة كلها دون أدنى نكير من صاحب علم وحامل فقه. آفة أولئك أنهم يهملون أم الكتاب من الكتاب أي القرآن الكريم رغم أن الله تعالى قال فيه بصريح العبارة ” فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ” وقال العلماء بإجماع صريح ثابت : الرد إلى الله يعني الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول يعني الرد إلى السنة.آفة أولئك أن تراتبية المرجعية الشرعية في أذهانهم مصرمة مشوشة فهي لا تبدأ بالقرآن ثم بالسنة ثم بالإجماع ثم بالقياس ثم بالإستصلاح ثم بالإستحسان ثم بالإستصحاب ثم بالعرف ثم بسد الذرائع ثم بما إختلف فيه من بعدها .. ولكن تبدأ بقول فلان في القرآن الكريم ورأي فلان في السنة ويا ليت فلانا هذا أو فلانا ذاك من الأصحاب أو من التابعين أو حتى من المجتهدين المقبولين بإجماع الأمة من أهل القرون الأولى.آفة أولئك أنهم يتخذون من إبن تيمية مرجعا فيما يناسب أهواءهم وينبذونه فيما لا يرضي نزواتهم ولقد صدق من قال بأن من علامة عظمة الرجل أن يختلف فيه الناس فريقان من مثل ما وقع لسيد فدائيي الإسلام علي كرم الله وجهه وللفقيه المجاهد إبن تيمية عليه الرحمة. آفة أولئك أنهم يتجاهلون أهم قاعدة فقهية أصولية لا يشم رائحة الفقه من جهلها أو تجاهلها وهي ” لا ينكر تغير الأحكام أو الفتاوى بتغير موجباتها ” وموجباتها أضحت في زماننا هذا : عشرة. آفة أولئك أنهم يتجاهلون الزمن الذي أفتى فيه إبن تيمية بعدم جواز تبادل التهاني بين المسلم وغير المسلم وهو جهل فادح مسقط في حق من يتصدى للفتوى بل في حق من يتصدى لنقل الفتوى. إبن تيمية كان يعني بذلك زمانه أي ظهور التتار المتغلب على العاصمة العباسية بغداد فكان لا يسعه سوى أن يفتي بعدم جواز ذلك لبناء جدار صد منيع بين محتل معتد وبين مؤمن جارت عليه عاديات الليالي فإستبيحت عاصمته وديست بيضته.آفة أولئك أنهم لا يميزون بين الحكم الشرعي وبين الفتوى ولا بين الحكم الشرعي المبني على دليل صحيح صريح قطعي ثابت متيقن فهو لا يتبدل أبدا إلا لضرورة أو حاجة يتأخر عنها بقدرها ثم يعود إلى سالف عهده .. وبين الحكم الشرعي المبني على دليل صحيح غير صريح أو صريح غير صحيح أو غير صحيح غير صريح وكل تلك المستويات الثلاثة هي منبت الفتوى في الإسلام.آفة أولئك أنهم لا يدركون أن الفتوى إنما سميت كذلك ولم تسم حكما شرعيا لمناسبة زمانها ومكانها وحالها وعرفها وصاحبها وكل أسباب متغيراتها وهي : عشرة بالتمام والكمال.آفة أولئك أنك إذا سألت واحدا منهم عن الدليل : يقول لك : الدليل قول فلان أو علان. من ذا تعلم أن الفقه بعيد عنهم بسبب أن إجتهادت وأقوال وآراء الناس كائنا من كانوا ولو كانوا الأصحاب أنفسهم فضلا عمن دونهم .. لا يحتج بها ولكن يحتج لها. أي أن الدليل إما أن يكون من قرآن أو من سنة أو من إجماع أو من قياس أو من مصلحة أو من إستحسان أو من غير ذلك مما هو معروف عند العلماء وطلبة العلم من مصادر التشريع الإسلامي.آفة أولئك بإختصار شديد جدا هي : إنقلاب مراتب العلم عندهم ليضحى قول فلان مقدما وقول رب فلان مؤخرا.هذه هي منهجية الفقيه المسلم لإستنباط حكم شرعي ( مسألة تبادل التهاني بين المسلم وغير المسلم نموذجا ) :القرآن الكريم : سؤالان لا بد منهما : أولا :
هل أن تلك المسألة كلية أو فرعية وإذا كانت فرعية فما هي كليتها؟
ثانيا : هل ورد في شأنها في القرآن الكريم شيء سواء كانت كلية أو فرعية وما هي طبيعة الوارد فيها أصوليا؟
الجواب : أولا : المسألة فرعية دون أدنى ريب فالتهنئة جزء من العلاقة وليس العكس وكليتها هي العلاقة بين المسلم وغير المسلم.
ثانيا : ورد في العلاقة بين المسلم وغير المسلم ( ورود جماعة ينطبق على الإفراد ) آيتان في سورة الممتحنة قال فيهما الفقهاء أنهما من أجمل ( أجمل من الإجمال وليس من الجمال ) وأصرح ( الصراحة مما يسمى قديما قطعي الدلالة ) ما ورد في العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين ومما يؤكد ذلك أن السورة مدنية ( لئلا يقال بنسخها حكما لو كانت مكية ) وورودهما بصيغة العموم ( وهو ما يتكفل به الإسم الموصول ” الذين ” ) وكون الصيغة وردت بالنفي ( أداة النفي ” لا ” ) أما النهي فقد تكفل به فعل النهي لحما ودما ( ينهاكم ) ومما يزيد كل ذلك تأكدا ورودها بصيغة تفيد الإستمرار والدوام أبدا ( صيغة المضارع ).لو توقفت برهة قصيرة لتحوصل معي المؤكدات اللفظية التي إختارها الوحي لتأكيد المسألة وفي الآن ذاته تحديا بلسان عربي مبين لمشركي قريش .. لألفيت عجبا : إجتماع النفي ( أقوى من النهي لأنه عام مطلق لا يقيد ولا يخصص ) مع النهي ( الوارد بكلمة النهي لحما ودما لتأكد المسألة ) في حال دوام مستمر لا ينقطع ( المضارع ) ولك أن تضيف إيراد إسم الجلالة الأعظم سبحانه فاعلا مرفوعا لتبين مصدر الأمر وتعظيمه وطاعته وورود الصيغة بالإسم الموصول العام ( الذين ).
السؤال هو : هل أن جار صديقي العزيز من ( فولفسبورغ ) هو ممن قال فيهم سبحانه ” الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ” أو هو ممن قال فيهم سبحانه في الآية التالية ” الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم”؟.يسمى ذلك في الفقه : تحقيق المناط.ومعلوم أن تنزيل الحكم الشرعي يجب أن يكون كما يقول الفقهاء بالإفراد وليس بالجملة. أي إذا كان كل جيران صديقي العزيز من ( فولفسبورغ ) ممن قاتلوه في الدين وأخرجوه من داره وظاهروا على إخراجه ولم يكن جاره الذي يريد تهنئته بعيد ميلاد المسيح عليه السلام من أولئك .. فإن تطبيق قوله سبحانه الذي تكرر مرات في القرآن الكريم ” ولا تزر وازرة وزرة أخرى ” يقتضي أن يستثنى ذلك الجار غير المقاتل في الدين وغير المظاهر على الإخراج من الدار من ذلك الحكم أي المنع من تبادل التهاني.هل يدعي عي اليوم بأن الألمان يقاتلون المسلمين في الدين أو أنهم أخرجوهم من ديارهم أو ظاهروا على إخراجهم؟ حتى لو قام الألمان بالقتل فإن الحكم لا ينطبق لأن الله سبحانه عندما إستخدم هنا كلمة ” قاتل ” يعني مرادا محددا لأنه إستخدم في مواضع أخرى من الكتاب نفسه كلمة ” قتل “. طبعا هو يوجه خطابه إلى العرب وليس إلى أشباه العرب ممن يرطنون بلغات هجينة لا هي إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ثم يقولون عليه سبحانه بغير علم.بل إنه يمكن القول كذلك بأن إجتماع تلك الأفعال كلها هو القاضي بتبدل الحكم في الآية أي : فعل القتال ( وليس مجرد القتل ) وفعل الإخراج من الديار أو المظاهرة على ذلك. أرأيت معي كيف أن العملية ليست بسيطة كما يتصورها أحداث الأسنان لأنها مرتبطة باللغة وبتراكيبها وبالشرع وبمستوياته ثم بالواقع وتعقيداته وتوصيفاته. أرأيت كيف أن اللغة دون غيرها أخذت هنا صفحة كاملة ولما يطأ الإنسان شطآنها؟
الجواب هو إذن : إذا كان جار صديقي ذاك بالتحديد في مدينة ( فولفسبورغ الألمانية ) لم يقاتله بالمعنى العربي المعروف للقتال حقيقة وليس كناية ولا مجازا ولم يكن ذلك القتال في الدين ولم يخرجه من بيته ..
إذا كان ذلك كذلك فإن الحكم الشرعي هو : 1 ــ صديقي غير منهي من الله سبحانه عن بذل البر لجاره ذاك والبر ورد في شأن الوالدين حتى إرتبط بهما في الثقافة الإسلامية إرتباط حق لأن البر هو أعلى درجات الإحسان ومنه إشتق سبحانه له إسما ” إنه هو البر الرحيم “. أليس عجبا أن توصف العلاقة التي يبذلها المسلم لوالديه وحقهما عليه لا يرجحه سوى حق الله عليه .. بالوصف ذاته الذي وصفت به العلاقة مع غير المسلم غير المقاتل وغير المخرج من الديار أو المظاهر على ذلك؟ هو عجب دون أدنى ريب. ولكن السؤال هو فقه مكمن العجب. مكمن العجب هو : إبراز كرامة الإنسان عند الله سبحانه كائنا ما كان دينه ما لم يكن محاربا أو مقاتلا أو ظالما معتديا. المقصد من ذلك هو : تعليم المسلم ثاني ثابت في دينه بعد ثابت التوحيد الخالص : أي ثابت كرامة الإنسان ـ كل إنسان مطلقا ـ وفتح أبواب العلاقة مع الناس كافة لعل أسباب الهداية تأخذ إلى قلوبهم سبيلا فيكون صاحب تلك المبادرة من أرفع الناس عند الله ” ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين “.
2 ــ صديقي غير منهي من الله سبحانه بعد بذل البر لجاره غير المسلم ذاك بمثل ما يبذل البر لوالديه حيين وميتين .. عن بذل القسط إليه. القسط أبلغ من العدل. إذا تحمل العدل بين الناس مثقال حبة خردل في كفة هذا مما تعم به البلوى ويخرج عن نطاق الإنسان لدقته .. فإن القسط لا يتحمل ذاك والقسط منسوب إلى الله سبحانه لأنه أبلغ وأدق وأرق من العدل ” يوم نضع الموازين القسط ليوم القيامة ” و ” القسطاس المستقيم “. معنى ذلك هو : أن صديقي غير منهي بتحري كل صور وأشكال ووجوه القسط مع جاره غير المسلم ذاك دو غبنه في حقه ولو بمثقال حبة خردل.
3ــ ما معنى غير منهي عن كذا وكذا؟ بعض الناس يفهمون ذلك على أنه مستحب وليس واجبا بسبب وروده بصيغة ” لاينهاكم”. وهو خطأ. سبب الخطأ هو عدم فهم القرآن بحسب سياقه. السياق هنا هو سياق عام قد تجد فيه جارا غير مسلم فيكون شأنك معه كذلك وقد لا تجد وقد يسكن المسلمون جيرانا لغير المسلمين وقد لا يكون منهم ذلك ولو أمر به سبحانه بصيغ الأمر الأخرى لكان على المسلمين أن يبحثوا عن أولئك في أي مكان ليطبقوا قول ربهم ذاك ولكن لما كان الأمر محتمل الحدوث في الدنيا وليس محتوم الحدوث جاءت الصيغة ” لا ينهاكم “. أي أنها صيغة إخبارية والصيغة الإخبارية ملزمة مثلها مثل الصيغة الأمرية عند الحاجة إليها. الدليل الثاني على أن صيغة ” لاينهاكم ” رغم أنها إخبارية فإنها تفيد الوجوب حال الحاجة إليها هو أن عدم النهي لم يتوقف عند حد الإحترام أو عدم الظلم أو القيام بالواجب ولكن تجاوزت الصيغة كل ذلك مما هو مأمول ومنظور من صيغة ” لا ينهاكم ” .. تجاوزت كل ذلك إلى حدود البر والقسط أي أعلى درجات الإحسان والمعروف وأعلى درجات العدل. لو كانت صيغة ” لا ينهاكم” لا تفيد سوى الإستحباب عند الحاجة ـ وليس عند إنعدام الحاجة ـ لما كان مناسبا أن تبدأ الآية بصيغة قد يفهم منها قليل الفقه تهوينا ثم ترقى إلى أعلى درجات البر والقسط حيال المخالفين في الدين.
4 ــ كيف يتجسد البر والقسط بعد أن أضحيا واجبين في حق صديقي العزيز من ( فولفسبورغ ) إزاء جاره غير المسلم؟ هل أن تهنئة صديقي جاره بعيد المسيح يدخل ضمن البر والقسط أم يخرج عنه؟ قال لي صديقي بالحرف الواحد : أنا أريد أن أهنئ جاري بقولي باللغة الألمانية ” frohe weihnachten ” وهي كلمة لا تحمل أي بعد ديني أبدا. لا يعني ذلك أن التهنئة بالعيد الديني لغير المسلمين محرم ولكن يأخذ حكم الجواز والإباحة مطلقا ويتحقق بالوجوب في حال الجار الذي تنطبق عليه المواصفات آنفة الذكر كلما كان مقيدا بضابط واحد هو : عدم إقرار غير المسلم على دينه لا بالحرف نطقا ولا بالعمل حركة وليس هناك تهنئة بحسب علمي تحمل إقرارا مثل ذاك بين شعوب وأمم الأرض كلها. صديقي إذن مكلف ـ بسبب طروء الحاجة ـ ببذل البر والقسط إلى جاره ولا شك أن أدنى درجات البر والقسط هي تهنئته بعيد الميلاد بل يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلك لو شاء صديقي ذلك ورأى فيه مصلحة تحقق لدعوة الإسلام نصرا ويفتح على نفسه أغلى باب يمكن أن يفضي به مباشرة إلى جوار سيد المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام في فراديس الجنة أي بهداية ذلك الجار غير المسلم من خلال الأسوة الحسنة : له أن يهديه هدية في عيده ويزوره في بيته ويأكل من أكله إلا ما كان حراما قطعا من مثل لحم الخنزير والخمر وغير ذلك مما هو معروف عند كل مسلم بالضرورة ويصافحه ويبتسم في وجهه ويخدمه في يوم عيده ويفعل معه وله كل شيء إلا شيئا لنا فيه نص من القرآن الكريم أو من السنة ( وليس من سواهما أبدا أبدا أبدا مطلقا ) .. نص صحيح صريح فيه نهي عن فعل كذا أو قول كذا وهذا نادر جدا جدا جدا.لا تنس أنه مكلف بالبر وليس مجرد الإحسان والمعروف ولا تنس أن المناسبة مناسبة عيد ولا تنس أن الرجل جار ولا تنس أنه جار كتابي وليس وثنيا ولا تنس أنه لا هو مقاتل ولا مخرج من الدار ولا مظاهر على ذلك ولا تنس أن صديقي داعية إلى الإسلام بكل ما أوتي : كلمة وبسمة وهدية وتحية وسلاما وزيارة وقدوة وإعانة …
الخلاصة الأولى هي إذن : القرآن الكريم بصريحه المباشر يأمر بالبر والقسط مع كل مخالف في الدين لم يقاتل ولم يظاهر على الإخراج من الدار. الإنسان العاقل الذي هو مكلف بفهم القرآن الكريم يفهم بالضرورة إن كان عربيا أو متعربا على الأقل أن التهنئة هي فرع من تلك الكلية الكبرى التي جاءت بها آية الممتحنة. لكن أهم شيء هنا هو أن القرآن حاكم على كل ما سواه ولو كانت السنة نفسها فما وجدناه بعد ذلك في السنة مخالفا لهذا أولناه أو صرفناه مصرفه المناسب أو بحثنا في سنده أو في متنه أو في مختلف مقامات قالته وتنزله لنلفى بعد ذلك أن القطعي من القرآن الكريم لا يعارضه شيء فإما أن تجد سنة تعزره أو تبين مجمله أو تفسره وإما أن تجد سنة لا تفعل ذلك أي تخصص عمومه أو تقيد مطلقه وهو قليل جدا ولا يدخل مجال أم الكتاب من المحكمات القطعيات من مثل هذا الأمر.
السنة النبوية : 1 ــ أخرج الشيخان عن أسماء بنت أبي بكر أنها جاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقالت له : يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي مشركة وهي راغبة ( أي في صلتها والإهداء إليها ) أفأصلها؟ قال : صلي أمك.هذا دليل أولي من السنة القولية ( أقوى من العملية بسبب ما قد يخترم هذه من مقامات إنما يميزها أهل التحقيق العلمي ) يؤكد المحكمات القرآنية التي وردت آنفا في شأن صلة المخالفين في الدين. المرأة هنا مشركة والكتابي في دين الله سبحانه أقرب إلينا وأولى من المشرك قطعا لأننا ننكح من هؤلاء ولا ننكح من أولئك وإشتراكات أخرى عقدية وعملية أخرى كثيرة. الحديث يكاد يكون في مستوى القرآن الكريم من حيث الصحة بسبب أن الشيخين هما راوياه وهما أصح كتابين بعد كتاب ربنا.كلمة ” صلي أمك ” هنا عامة لم يشأ عليه الصلاة والسلام تخصيصها حتى تؤوي إليها كل بر وإحسان ومعروف.
تنبيه لطيف جدا : بعض المتعجلين الذين إذا إنهزموا في مجال الدليل يحملون البر والقسط على محمل المادة أي أنه إذا جاز البر والقسط مع المخالفين في الدين تعاملا ماديا فإنه لا يجوز تعاملا معنويا وهي سخافة لا تستحق ردا في الحقيقة ولك أن تتصور دينا يأمر أتباعه بأنه لا بأس عليهم أن يهدوا الكافر غير المحارب هدية في عيده أو يزفون إليه تهنئة ولكن بشرط أن يكون ذلك في رداء خلق من تكشير الأنياب فلا بسمة ولا ضحكة ولا مصافحة ولا بشاشة ولا هشاشة. هؤلاء أجدر بهم حماقة نصارى تغلب الذين أقرهم الفاروق عليهم الرضوان على مسمى الجزية دون إسمها. هؤلاء فقدوا البوصلة الإسلامية لأن المقصد من تحالف مبنى الرجل الهادي المهنئ ضاحكا مبتسما مصافحا هاشا باشا مع معناه الذي يريد الهداية حقيقة وفعلا لذلك الضال أو المغضوب عليه .. المقصد من ذلك هو : بذل دعوة الإسلام للناس كافة سخية معطاءة في ثوب جميل سخي لعل الله يفتح قلوبهم بنا لدينه فيفوزون ونفوز جميعا. تصور معي بحسب فقه أولئك أن مسلما متزوجا من نصرانية يعيش معها في ألمانيا مثلا لا يهنئها بعيد الميلاد بينما تتوافد عليها التهاني والهدايا من كل صوب وحدب. هل طبق هذا قوله سبحانه ” وجعل بينكم مودة ورحمة “. أي مودة وأي رحمة بينهما وأي آية في النكاح بعد ذلك كما ورد في سورة الروم؟ النكاح يظل بعد ذلك آية سخيفة وليس آية عظيمة.لا بل تصور معي ألمانيا أسلم فقاطع أهله وأشقاءه ذكورا وإناثا بسبب أعياد الميلاد. أي معنى يصبح للإسلام عند أولئك؟ أليس هي المعاني التي تروجها أمريكا وحلفاؤها من الصهيونية والمادية والشيوعية والعلمانية والإلحاد والصليبية وغير ذلك؟تصور معي أن ألمانيا أسلم فلم يصاحب أمه الكتابية ( ولو كانت يهودية من قوم محاربين ) لقوله سبحانه ” فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا “؟ وذلك بمناسبة إحتفالها بعيد الميلاد في مثل هذه الأيام. هي تحتفل بها وتدعوه صباح مساء ليل نهار إلى الردة عن الإسلام والإسلام ينهاه عن أمر ويأمره بآخر والنهي والأمر متلازمان بالضرورة فإن إنسلخ أحدهما عن الآخر فإن الله تعالى يغضب : نهاه عن طاعتها وأمره بمصاحبتها بالمعروف. هل مصاحبتها بالمعروف لا تعني تهنئتها بعيد الميلاد وعدم إهدائها في هذه المناسبة شيئا محببا إلى قلبها؟
2 ــ أخرج الشيخان عن عائشة عليها الرضوان أن نفرا من اليهود دخلوا على النبي عليه الصلاة والسلام فلووا ألسنتهم بالتحية وقالوا ” السام ” عليك يا محمد. معنى السام : الموت. فقالت لهم عائشة : وعليكم السام واللعنة يا أعداء الله فلامها النبي عليه الصلاة والسلام. فقالت : ألم تسمع ما قالوا؟ قال : سمعت وقلت : وعليكم. ( يعني : الموت يجري علينا وعليكم جميعا ). ثم قال لها : يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله.أليس هذا دليلا آخر من السنة يعزر القرآن الكريم في وجوب ملازمة أقصى درجات البر والقسط مع غير المسلم الذي ليس في حالة حرب؟ لا بل إن هذا النفر من اليهود يحارب بلسانه تحايلا وليا وطعنا في الدين ولكن رغم ذلك إلتمس لهم عذرا عليه الصلاة والسلام وأوصى بالرفق حتى مع أمثالهم ممن يلوي الحديث ليغش الناس كلما لم يحمل السلاح ولم يقاتل.أليس ذلك دليلا على أنه إذا جاز ـ بل وجب ـ الرفق مع الغاش في حديثه وتحيته فإنه أوجب وأفرض مع من لم يفعل ذلك؟
3 ــ لقد ثبت في السنة أنه عليه الصلاة والسلام عاد شابا يهوديا في مرض موته وفي الأثناء دعاه إلى الإسلام فأستأذن الشاب المريض أباه بعينه فقال له أبوه : أجب أبا القاسم فنطق بالشهادة ثم مات فقال عليه الصلاة والسلام : الحمد لله الذي نجاه بي من النار. ألا تقيس عيادة المريض من مرضى اليهود يومها على جار كتابي مسالم ربما أسدى خدمات لا حصر لها لصديقي في ( فولفسبورغ )؟ كيف يعود عليه الصلاة والسلام مريضا من مرضى اليهود ويمنعنا من بذل كلمة طيبة وتهنئة لكتابي آخر هو لنا جار بمناسبة عيده الشخصي الخاص أو عيده الوطني العام؟ ألا تقول في نفسك : ترى ماذا عساه قال له عليه الصلاة والسلام لما عاده وهو مريض؟ هل يمكن أن يقول له غير كلام طيب يرجو له فيه الشفاء والسلامة والعافية؟ هل تراه يزوره عابسا قمطريرا مقطب الحاجبين مدلهم الوجه؟ حاشاه عليه الصلاة والسلام.عجبا عجابا ورب الكعبة. بأي مقياس يدخل هذا الدين إلى أفئدتنا؟ أهل بالمقياس العربي المبين صاحب التحدي والمقياس العقلي الذي إستخدمه الوحي فقال ” أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ” أم هو مقياس عنوانه : أعيش في ألمانيا في القرن الحادي والعشرين أو الخامس عشر هجريا وأفكر بعقل ذاك الذي عاش في الشام في القرن السابع؟
الخلاصة الثانية هي إذن : السنة تعضد القرآن الكريم وتعزره في وجوب بناء علاقة إسلامية ملؤها البر والقسط مع المخالفين في الدين ما لم يكونوا محاربين ظالمين معتدين. وهل بعد قول الله وقول رسوله عليه الصلاة والسلام من قول؟ أجيبونا يا أحداث الأسنان وسفهاء الأحلام.
3 ــ فقه الصحابة الكرام :روي أن مجوسيا قال لإبن عباس : السلام عليكم. فقال له إبن عباس : وعليكم السلام ورحمة الله. فقال له أصحابه : تقول له : رحمة الله؟ فقال : أوليس في رحمة الله يعيش؟ إبن عباس هو ” ترجمان القرآن ” وهو ” حبر هذه الأمة ” أي بذلك وصفه الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.
4 ــ مصلحة الدعوة الإسلامية المعاصرة : قال تعالى : ” وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها “. هل يمكن أن يقال هنا أن التحية يجب أن تكون من مسلم فإذا كانت من غير مسلم فلا سمع ولا طاعة ولا ردا بمثل ولا بأحسن منه؟ لقد روي عن شيخ الفقهاء أبي حنيفة أن له جارا يهوديا يضع في طريقه الشوك طيلة أربعة عقود كاملة فلم يبذل له سوى الصبر وذات يوم لم يجد الإمام في طريقه شوكا كعادته فسأل عن جاره اليهودي فقيل إنه مريض فذهب يعوده وظل يسأل عن حاله طيلة أيام مرضه فلما شفاه الله سبحانه نطق بالشهادة التي أخرجته من النار بإذنه سبحانه. التوجه بالحديث في مصلحة الدعوة الإسلامية المعاصرة مخصوص بالدعاة الذين يحيون لها ويموتون لها ويصبحون عليها ويمسون عليها فهي التي ملكت زمام التفكير عندهم فلا ينظرون سوى من ثقبها الواسع ولا ينظر كل واحد من أولئك الدعاة في غير المسلم أنى كان إلا مادة للدعوة وطريقا إلى الجنة فإما أن يكون الداعية معه كما كان النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام ” صادقا أمينا ” مع المشركين في مكة قبل البعثة وبعدها فيهدي به سبحانه قلوبا غلفا وآذانا صما وأعينا عميا وإما أن تكون الأخرى فيكون الداعية من خير الناس عند الله ” ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله …”.عندما قال عليه الصلاة والسلام ” تهادوا تحابوا ” هل يقصر الأمر على المسلمين؟ طبعا لا. لأن الحب الناشئ بينك وبين غير المسلم غير المحارب عن طريق الهدية المتبادلة هو خير طريق لك لتكون من خير عباد الله عنده سبحانه وهو خير طريق لغير المسلم ليفوز بالجنة ويزحزح عن النار. الخلاصة هي إذن :
إذا كان القرآن الكريم والسنة الصحيحة الثابتة من أصح كتابين للشيخين .. إذا كان المنبع الصافي للإسلام صحيحا صريحا في أن العلاقة بين المسلم وغير المسلم يجب أن تكون من جانب المسلم علاقة إسلامية أخلاقية طيبة كريمة ملؤها البر والقسط ومن فروعهما التهادي والتهاني والتزاور والتعاون سيما مع أهل الكتاب أقرب غير المسلمين إلينا .. إذا كان ذلك كذلك فإنه لك أن تقول قولة مالك عليه الرضوان ” كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر “.إذا ثبت ذلك وهو ثابت مثبت قطعا لا شك فيه فإن فتوى إبن تيمية عليه الرحمة والرضوان فتوى صحيحة خاصة بزمانه ومكانه وحاله وعرفه ( أي مواجهة الإحتلال التتري ببناء جدار صد نفسي عتيد وهو ما نسميه اليوم المقاومة الصامتة أو المقاطعة الإيجابية وهو أمر ضروري لأنه فتوى مقتطعة مجتزأة من حكم شرعي أصلي كما فعل الفاروق مع حد السرقة عام الرمادة ومع المؤلفة قلوبهم وفعل ذو النورين مع ضوال الإبل وعلي عليه الرضوان مع عقد الإستصناع وغير ذلك مما لا يأتي على حصر).هل نغلب الفتوى على الحكم الثابت؟ لا يفعل ذلك سوى من كانت بضاعته في الفقه أدنى من مزجاة بل لا بضاعة أصلا.هاك مثلا رائعا في ذلك : أفتى اليوم كثير من الفقهاء بكراهة نكاح اليهودية. طبعا تلك هي فتوى وليست حكما شرعيا لأن الحكم الشرعي مخالف لذلك بالضرورة لما ورد صحيحا صريحا في سورة المائدة وهو معلوم من الدين بالضرورة. كيف خالفت الفتوى إذن الحكم الشرعي؟ خالفته بسبب قصرها على ما سماه الفقهاء : تخريج المناط وتهذيبه وهما عمليتان تسبقان تحقيقه. السبب هو إذن : حرب اليهود ضد الأمة بما يخشى من إفضاء ذلك النكاح إلى تقوية جانب المحاربين المعتدين على الأمة بسبب أن أغلب اليهود محاربون وليس كلهم بطبيعة الحال أي لنا في قضية فلسطين. فإذا تحررت فلسطين عاد الأمر إلى نصابه أي جاز الأمر وأبيح دون أدنى نكير إلا قيدا جديدا أو طبيعيا مما تفرزه الأيام من مثل كثرة عوانس المسلمين أو غير ذلك أو لحاجة عمرانية ( ديمغرافية ). معنى ذلك هو : أن إبن تيمية لو عاش إلى زماننا لفعل بكثير من أجزاء فقهه الذي صاغه لمواجهة الإحتلال التتري خاصة فيما يتعلق بحرب الحكام كما فعل الشافعي بفقهه بين العراق ومصر.أليس هو القائل ” ليس العاقل من يعرف الخير من الشر ولكن العاقل من يعرف خير الخيرين وشر الشرين “. أليس هو الذي نهى أصحابه عن نهي مقارعي الخمرة عن إحتسائها معللا ذلك بإحتمال أخف الضررين. إذا كان بعض الساسة اليوم يكيلون في السياسة بألف ألف مكيال فإن كثيرا ممن ينتسب إلى العلم يفعل كذلك فينتقي ما يرضي غروره من فقه إبن تيمية وينبذ ما لا يرضي غروره.الخلاصة هي إذن أن التهاني والتهادي والتزاوز وكل أشكال المعاملة مع غير المسلمين غير المحاربين فيما هو حلال طيب من قول وحركة وعمل وسلعة وخدمة .. أمور لا حرج فيها ولا تثريب لأنه لم يرد فيها مانع شرعي قط من كتاب ولا من سنة ولأن الحاجة إليها ماسة اليوم بسبب حاجة الدعوة الإسلامية المعاصرة إلى إستيعاب الناس إليها ولأنها حاجة من حاجات الناس ولأجل حاجات الناس أباح علي ومن معه من الأصحاب الكرام عليهم الرضوان جميعا حتى أضحى إجماعا .. عقد الإستصناع وهو عقد باطل في الأصل لأنه عقد على مجهول.يستوي في ذلك العيد الشخصي الخاص ( من مثل عيد ميلاد الشخص وأحداث عائلية من ولادة وموت وغير ذلك ) مع العيد الديني العام أو الوطني أو القومي وليس من ضابط في ذلك سوى : إستخدام كلمات بأي لغة كانت مفهومة عند المخاطب المهنإ ليس فيها إقرار لباطل أبطله الإسلام بطلانا شرعيا صحيحا صريحا ثابتا قطعيا متيقنا لا يختلف فيه مسلمان ومعلوم أن كل صيغ التهاني اليوم بكل لغات العالم فيها مجاملات ومكارمات من حسن القول لا تتطرق إلى قضايا الحق والباطل فهي جائزة بالجملة.ولمن أراد التوسع في الموضوع فعليه بكتاب ” فتاوى معاصرة ” للإمام القرضاوي ( الجزء الثالث ـ صفحة 668 ـ 673).والله تعالى أعلم.
الهادي بريك ـ ألمانيا.