الثلاثاء، 22 مارس 2011

  Home – Accueil

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3955 du 22.03.2011  

archives : www.tunisnews.net


يو بي أي:شاب تونسي يحرق نفسه بوسط مدينة سيدي بوزيد

المعتصمون بمقر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت:بيــــان

حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي تتحصل على التأشيرة

الجبهة الوطنية لمقاومة العدوان على ليبيا:بيان تأسيسي

بمناسبة تشريع حزب العمّال الشّيوعي التونسي :لتستمرّ المسيرة حتّى تحقيق أهداف الثّورة

كلمة:الندوة الدولية عن  » الانتقال الديمقراطي في تونس » تختتم أعمالها

السبيل اولاين:هيئات دولية تدعو الامارات للتحقيق في تحويلات نقدية لابن علي

كلمة:حزب الوفــاق، ثوب جديد يرتديه التجمعيون في باجة

الصباح:اليوم الجلسة الثانية للهيئة العليا لحماية الثورة..الجدل حول التركيبة والمهام مستمر.. ومشروع قانون انتخاب المجلس التأسيسي في آخر الاهتمامات

الصباح:26 مارس يوم وطني لاستقلال القضاء المطالبة باشراك القضاة في استحقاقات الانتقال الديمقراطي

رويترز:رئيس الوزراء التونسي يطالب بعودة صحافي تونسي محتجز في ليبيا

الصريح:أحمد الاينوبلي في حديث مطول  لصحيفة « الصريح ّ » اليومية: الغرب حوّل ثورة ليبيا إلى نزاع مسلح لمحاصرة الثورات العربية

عادل السمعلي:إلى السيد مدير الاتصال بقناة نسمة

رضا المشرقي :من صنع الثورة في تونس؟

عبدالسلام الككلي:في فن الجلوس

مرسل الكسيبي:  العين الثالثة على تونس (5) : متآمرون على اللغة والدين !

جلبير الأشقر في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: نحو بناء حركة يسارية جديدة في سياق الانتفاضات الجماهيرية

رياض الجوادي:بين « علمانية الدولة » و »ثوابت المجتمع »… أو « فنّ الاستعصاء » على « الوعي المستورد » والإقصاء

لبيب الفاهم:حول الفصلين 4 و15 من المقترح

الجزيرة نت:بسبب تردده في الأزمة الليبية واشنطن بوست تنصح أوباما بالسكوت

الجزيرة نت:أردوغان: البترول يحرك أحداث ليبيا

القدس العربي:العاهل السعودي يطلب من الجميع عدم مخاطبته بكلمة (ملك)

عبدالباري عطوان:رسالتان لعقيدي ليبيا واليمن


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديدأخبار تونسنيوز على الفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141

 


 

شاب تونسي يحرق نفسه بوسط مدينة سيدي بوزيد


تونس, تونس, 22 (UPI) — أقدم شاب تونسي اليوم الثلاثاء على إحراق نفسه بوسط مدينة سيدي بوزيد جنوب تونس العاصمة، في حادثة هي الثانية من نوعها في غضون أقل من أسبوعين.
وقال الناشط الحقوقي كمال الجلالي المقيم في سيدي بوزيد في اتصال هاتفي مع يونايتد برس انترناشونال،إن الحادثة وقعت صباح اليوم داخل منتزه المدينة بوسط سيدي بوزيد ،حيث عمد الشاب أحمد الزعفوري الى سكب مادة حارقة،ثم أشعل النار في جسمه.
وأشار إلى أن أسباب إقدام هذا الشاب البالغ من العمر 32 عاما،على حرق نفسه « ليست واضحة ،ولكن سرت إشاعات تقول إنه عمد إلى ذلك للاحتجاج على زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتونس ».
يشار الى ان بان بدأ اليوم زيارة رسمية إلى تونس التي وصل إليها الليلة الماضية آتيا من القاهرة.و أجرى اليوم محادثات مع الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع، وعدد من أعضاء الحكومة التونسية،حول المرحلة الانتقالية في تونس ،والأوضاع في ليبيا.
وبحسب الجلالي،فإن ربط انتحار هذا الشاب حرقا بزيارة بان كي مون لتونس »تبقى غير مؤكدة،بإعتبار أن البعض من سكان المدينة ربط أيضا هذه الحادثة بتظاهرة إحتجاجية نظمها عدد من حاملي الشهادات العلمية الجامعية العاطلين عن العمل أمام مقر محافظة سيدي بوزيد ».
وقال مصدر من الحماية المدنية (الدفاع المدني) بمدينة سيدي بوزيد ليونايتد برس انترناشونال أن الزعفوري أصيب بحروق من الدرجة الثالثة،ما أستوجب نقله بسرعة إلى مدينة صفاقس حيث لفظ أنفاسه.
وتُعتبر هذه الحادثة الثانية من نوعها التي تُسجل في تونس في غضون أقل من أسبوعين،حيث لسبق لوكالة الأنباء التونسية الرسمية أن أشارت إلى أن شابا تونسيا يبلغ من العمر 18 عاما كان أقدم في العاشر من الشهر الجاري على إحراق نفسه غير بعيد عن مقر محافظة قابس الواقعة على بعد نحو 400 كيلومتر جنوب شرق تونس العاصمة.
يشار إلى أن محاولات الانتحار حرقا تكررت في تونس منذ إقدام الشاب محمد البوعزيزي(26 عاما) على إحراق نفسه في السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي،ما فجر إحتجاجات شعبية شملت مختلف أنحاء البلاد،انتهت في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي بفرار الرئيس زين العابدين بن علي إلى السعودية. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 22 مارس 2011)  


المعتصمون بمقر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت

بيــــان اعتصام بنزرت (اليوم الثالث)

ميليشيا الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت تعتدي على المعتصمين  


  تعرض المعتصمون منذ 19 مارس 2011 بمقر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت إلى إعتداء سافر نفذته مليشيات استقدمها الكاتب العام عبد الكريم الخالقي والكاتب العام المساعد المكلف « بالمليشيات » فتحي التليلي.
كانت الساعة تشير إلى التاسعة والنصف صباحا من يوم الاثنين 21 مارس عندما فوجئ النقابييون والنقابييات المعتصمون بعصاية متكونة من حوالي 80 معتديا مسلحين بالعصي والسكاكين اندفعوا يعنّفون المعتصمين متسلحين بالكلام البذيء والسب والشتم والحركات ذات الإيحاءات الجنسية.
لم يثني المعتدين عن فعلتهم تدخل عم علي بن سالم شيخ المناضلين و رئيس فرع الرابطة التونسية لحقوق الانسان ببنزرت الذي تعرض بدوره إلى العنف اللفظي والبدني .   يطالب المعتصمون بـ:   أولا: الإيقاف الفوري للكاتب العام عبد الكريم الخالقي وعضو المكتب التنفيذي فتحي التليلي عن النشاط النقابي. ثانيا: محاسبة المسؤولين عن الاعتداء الذي تعرض له المعتصمون والتهديدات عبر المكالمات الهاتفية التي تلقوها بعد تسليم الكاتب العام أرقام هواتفهم الشخصية إلى المليشيات .   يعبر المعتصمون عن إصرارهم على مواصلة النضال من أجل الإطاحة برموز الفساد داخل الإتحاد الجهوي وتصحيح مسار العمل النقابي بالجهة .   يدعو المعتصمون كل المناضلين الغيورين على ثوابت المنظمة الشغيلة والمناصرين للقضايا العادلة إلى الالتحاق بالاعتصام ,   يحذر المعتصمون من خطورة الوضع بالجهة ويحملون الكاتب العام ومليشياته مسؤولية تسميم الأجواء بجهة بنزرت وما قد ينجر عن ذلك من اهتزازات وانفلاتات بالجهة قد لا تحمد عقباها.    عاش الإتحاد الاتحاد العام التونسي للشغل عاشت نضالات الشغالين   عن المعتصمين  بمقر الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت  
 بيــــــان    اعتداء سافر على شيخ المناضلين « عم علي بن سالم »   
 
نحن المعتصمون بمقر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت منذ 19 مارس 2011 للإطاحة برموز الفساد في الاتحاد الجهوي :  ·نندد بما تعرض له عم علي بن سالم رئيس فرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ببنزرت من تعنيف لفظي ومادي عندما دعي لمنع اعتداءات المليشيات على المعتصمين بمقر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت يوم الاثنين 21 مارس 2011.   ·نعتبر هذا الاعتداء جريمة في حق شيخ المناضلين بالجهة ورمز من رموز النضال الوطني في القطر.   · نؤكد على تمسكنا بمحاسبة المسؤولين عن الاعتداء تحريضا وتنفيذا.     عاش الإتحاد الاتحاد العام التونسي للشغل عاشت نضالات الشغالين   عن المعتصمين  بمقر الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت  


حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي تتحصل على التأشيرة


بسم الله الرحمان الرحيم تحصلت حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي اليوم 22 مارس 2011 على التأشيرة القانونية من وزارة الداخلية، وبهذا تكون الحركة قد دخلت مشوارا جديدا من مسارها الذي انطلق منذ 6 سنوات. فقد تأسست حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي يوم 23 ماي 2005 من قِبَلِ مجموعة من الشباب المهاجر والمنفي، الذين حملوا همّ البلاد وسعوا إلى خدمتها ولو من بعيد، حيث منعهم الاستبداد من التواجد على أرض الوطن وسعى إلى تكميم أفواههم وأقلامهم. ولقد بنت الحركة مشروعها المجتمعي وبديلها السياسي المنطلق من المرجعية الإسلامية والديمقراطية، على قراءة مدنية لهذا التراث الممتد لقرون، والذي حملته عاليا هذه الحضارة الإسلامية في أيام مجدها وعزها.
ويتركز مشروع الحركة الإجرائي والحضاري على نواة صلبة وجوهرية، تشكل أساس بناءه النظري، والمتمثلة في البعد الأخلاقي والقيمي، حيث يعمل اللقاء الإصلاحي الديمقراطي على جعل هذه المنظومة الأخلاقية والقيمية أساسا لحراكه وتصوراته وممارسته، في إطار مدني تدرجي وحضاري.
وتسعى الحركة إلى تبني مشروع الإسلام الحضاري الذي يرتكز على مفهوم إدماج السياسة بالقيم، ولقاء الروح بالمادة، حيث تصبح القيم مشروع حياة. إن حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي وهي تدخل هذه المرحلة الجديدة من أيام تونس المجيدة، تبقى مدينة لهذه الثورة المباركة ولهذا الجيل الواعد من الشباب الذي دفع باهضا من أجل مواطنة كريمة للجميع، مما يعظم المسؤولية أمام الله والشعب والوطن، وهي تعد هذه الجماهير الأبيّة رجالا ونساء، شبابا وكهولا على خدمتها بإخلاص وتفان، حتى تكون تونس عزيزة مزدهرة تعيش حياة طيبة شعارها « تونس للجميع والتونسي للتونسي رحمة ».
 
تونس في 22 مارس 2011/ 17 ريبع الثاني 1432 عن اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net د.خــالد الطراولي  


تونس في 22/03/2011

الجبهة الوطنية لمقاومة العدوان على ليبيا بيان تأسيسي


انطلق العدوان الغربي الصهيوني منذ يوم 19 مارس 2011 لتنفيذ عدوانه على القطر العربي ليبيا وذلك بتفويض من أنظمة الخيانة والعمالة العربية ويأتي هذا العدوان لتركيع قلعة من قلاع الصمود العربي بعد أن احتل العراق وقُسم السودان ومحاصرة المقاومة في فلسطين، ويأتي الدور الآن على ليبيا لاستكمال المشروع الاستعماري القديم الجديد لتجزئة المجزأ ونهب ثروات الأمة العربية وخيراتها وتركيع قواها المناهضة للاستعمار والهيمنة.   وأمام هذا العدوان الامبريالي الصهيوني السافر على ليبيا للمساس بوحدة أرضيها وتدجين موقفها نعلن نحن القوى والشخصيات الوطنية المجتمعة اليوم الثلاثاء 22 مارس 2011 ما يلي:   أولا: تكوين جبهة وطنية في تونس لمقاومة العدوان الغربي على ليبيا وهي جبهة مفتوحة على كل القوى الوطنية المناهضة لجميع أشكال الهيمنة والعدوان ومقاومة الصهيونية والرجعية العربية الخائنة.   ثانيا: تعلن الجبهة الوطنية لمقاومة العدوان على ليبيا أنها تميز بين مسارات الحرية والديمقراطية العربية الناشئة وبين مسارات الخيانة والعمالة لفتح بوابات الوطن العربي أمام جحافل الاستعمار والصهيونية والهيمنة الأجنبية إذ تساند الجبهة كل نهوض ديمقراطي شعبي مستقل وتناهض الاستعمار والاستقواء بدوائره المشبوهة والذي يستهدف وحدة الوطن وقواه المقاومة وحصون ممانعته الصامدة.   ثالثا: تدعو الجبهة الوطنية لمقاومة العدوان على ليبيا كل أبناء الشعب العربي في تونس إلى ضرورة الوقوف في وجه العدوان الغربي على ليبيا ومحاولات الغزو المباشر المدعوم بالإعلام العربي المشبوه والمسلط على جميع الأمة العربية، كما تدعوه إلى ضرورة التنبه إلى محاولات جره إعلاميا لخدمة الأجندات الأمريكية والأطلسية وعملائهم في المنطقة من أنظمة رجعية عميلة وأحزاب ومنظمات ونخب انخرطت في طابور الأمركة وصهينة المنطقة العربية لحماية دولة العصابات الصهيونية وتثبيت وجودها.   رابعا: تنبه جبهة مقاومة العدوان على ليبيا أبناء الشعب العربي إلى أن هذا العدوان الأطلسي ما هو إلا حلقة أولى تمهد الطريق للعدوان على سوريا وإنهاء دورها الحاضن للمقاومة في لبنان وفلسطين وكذا الإعداد للعدوان على الجزائر أحد حصون العروبة في منطقة المغرب العربي  كما تدعوه للنهوض باستحقاقات أمن الأمة العربية وفضح المؤامرة الاستعمارية الملتحفة برداء الدمقرطة والمدعومة من أنظمة الرجعية العربية المتحالفة مع الاستعمار.   –        الاتحاد الديمقراطي الوحدوي –        الحركة الشعبية من أجل الديمقراطية المباشرة –        حركة الوحدويين الأحرار –        حزب الوحدة الشعبية –        الوحدويون العرب بتونس –        منظمة الشباب الديمقراطي الوحدوي –        تحالف الوسط الديمقراطي   الشخصيات الوطنية
1.   نوال الهميسي 2.   أحمد الكحلاوي: مناضل قومي ونقابي 3.   عمر الكوز: كاتب صحفي 4.   الخياري النوري: صحفي 5.   محمد نزار قاسم: محامي 6.   عبد الفتاح كحولي: أستاذ 7.   عبد الرزاق بن رجب 8.   فتحي الحنيفي 9.   محسن المؤدب 10. محمد الفارح 11. البشير الثابتي 12. محمد الودرني 13. فتحي بن موسى  


بمناسبة تشريع حزب العمّال الشّيوعي التونسي : لتستمرّ المسيرة حتّى تحقيق أهداف الثّورة


 
بعد 25 سنة من النضال السري، تمّ أخيرا تشريع حزب العمال الشّيوعي التونسي. إن هذا التشريع لا يمثل انتصارا لمناضلات الحزب ومناضليه فحسب بل كذلك للعمال والكادحين والشعب التونسي عامة. وما يعطي مغزى خاصا لهذا التشريع هو أنه جاء ثمرة من ثمار ثورة 14 جانفي التي أطاحت ببن علي وفتحت عهدا جديدا لتونس وشعبها وفرضت حق التنظّم. وإنه لشرف لنا أن يكون الاعتراف بحزبنا موشحا بدماء الشهداء الذين فدوا الحرية بحياتهم.
لقد تأسس حزب العمال يوم 3 جانفي 1986 أي في الذكرى الثانية لانتفاضة الخبز المجيدة وفي ذلك تصميم على الربط بنضال الشعب التونسي وعلى الدفاع عن مصالحه وطموحه المشروع إلى حياة كريمة فيها الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وقد ترجم حزب العمال ذلك في برنامجه السياسي وممارسته النضالية وصاغه في شعار « الثورة الديمقراطية الوطنية والشعبية »، وظل يدافع عنه بتماسك رغم ما كلفه ذلك من تضحيات جسيمة، فاستشهد نبيل البركاتي واعتقل المئات من مناضلاته ومناضليه وعذبوا وسجنوا وحرموا من أبسط الحقوق، وعرف العديد منهم المنفى.
لقد رافق حزب العمال الشعب التونسي خلال ربع القرن الأخير وجعل على رأس أهدافه إسقاط الدكتاتورية، العائق الرئيسي أمام تحرر الشعب ونهضة الوطن. وقد وثق الحزب بالشعب التونسي وقاوم الأفكار الرجعية التي تستهين به وتتهمه بالعجز والاستكانة وظل يعمل على توعيته وتنظيمه بقدر ما تسمح به ظروف النشاط السري وانعدام الحريات وحضر في كل النضالات التي خاضها ولم يدخر أي جهد في الإسهام في توحيد صفوف المعارضة لضمان الانتصار على الدكتاتورية.
لقد جاءت ثورة 14 جانفي تتويجا لأكثر من 20 سنة من النضال والتضحيات لأبناء الشعب التونسي وبناته من مختلف النزعات الفكرية والسياسية المعارضة للدكتاتورية سواء كانوا منظمين في أحزاب وجمعيات ومنظمات وهيئات نقابية وحقوقية أو غير منظمين. ولقد كسبت هذه الثورة أبعادا عدة فهي ثورة سياسية ضد الاستبداد والقهر، وثورة اجتماعية ضد الاستغلال والفساد، وثورة وطنية من أجل الكرامة والعزة. ولم تتوقف الثورة في تونس بل امتد تأثيرها إلى باقي البلدان العربية التي ما انفكت شعوبها تنتفض ضد أنظمة الاستبداد والفساد التي تحكمها وتطيح بها الواحد بعد الآخر.
إن ثورة 14 جانفي لم تنته لأنها لم تـُكمل مهامها بل إنها ما تزال، رغم الخطوات المقطوعة، قي منتصف الطريق وما تزال القوى الرجعية تتربص بها وتعمل على إجهاضها بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وحصرها في مجرد عملية إصلاح للنظام القديم دون المساس بأسسه وبقاعدته الاقتصادية والاجتماعية. إن المسألة الأساسية في كل ثورة هي مسألة السلطة، وطالما أن الطبقات والفئات التي قامت بالثورة لم تستلم السلطة فإن الثورة لا يمكن اعتبارها قد انتهت أو انتصرت. و هذا هو الحال في تونس إذ ثار الشعب دون أن يحصل بعد على الحكم.
لقد أطاح الشعب التونسي بالدكتاتور في الطور الأول من الثورة. وفي الطور الثاني منها المتعلق بالإطاحة بالدكتاتورية تمكن الشعب بفضل يقظته وإصراره من إسقاط حكومة محمد الغنوشي ومن فرض شعار المجلس التأسيسي وحل التجمع الدستوري والبوليس السياسي، كما فرض مساحات هامة من حرية التعبير والتنظم الحزبي والجمعياتي. ولكن السلطة ما تزال مع ذلك بيد القوى الرجعية المتغلغلة في مختلف الأجهزة والمؤسسات علاوة على أن مصالحها الاقتصادية لم تمسّ. إن هذه القوى ترتكب الجرائم في حق الشعب (اعتداءات، تخريب، بث الفوضى…) وتحاول ضرب وحدته عبر إثارة النعرات القبل ية والجهوية والعقائدية وبث الخوف والرعب بينه لثنيه عن مواصلة الثورة و تحقيق أهدافه.
إن الرئاسة المؤقتة والحكومة الانتقالية الحاليّتين تعملان على ضرب الشرعية الثورية وترفضان أيّة رقابة على ما تتخذانه من إجراءات وقرارات تصبّ في مصلحة أعداء الثورة (تعيين المعتمدين والمسؤولين الأمنيين وفي القضاء…). وقد رفضتا التعاطي مع « المجلس الوطني لحماية الثورة » وعوّضتاه بـ »هيئة » عيّنتا أعضاءها دون أيّ تشاور أو توافق خدمة لأهدافهما. وحتّى ما قرّر من حل للحزب الحاكم فقد يجهض بعودة هذا الحزب في أشكال جديدة وكذلك الأمر بالنسبة إلى حل البوليس السياسي الذي تحوم شكوك حول مدى جدية تنفيذه.
إن جماهير الشعب وخصوصا في المناطق الداخلية أصبحت تشعر بأن لا شيء تغيّر في حياتها السياسية كما في واقعها الاجتماعي وبأن ثورتها تفتك منها، وهو شعور له ما يفسّره وما يبرّره، إذ أن النظام القديم مازال قائما بأجهزته وإدارته كما أن الحكومة لم تتخذ من الإجراءات العاجلة والضرورية بما من شأنه أن يخفف وطأة البطالة وغلاء المعيشة وتردّي الخدمات الاجتماعية في تلك المناطق التي تضرّرت فوق ذلك من القمع والنهب أيام اندلاع الثورة، وحتى قبلها، كما هو الحال في منطقة الحوض المنجمي والصخيرة وبن قردان وغيرها.
إن حزب العمال يعتبر أن الثورة لم تنته وأن الشعب التونسي مدعوّ إلى الانتباه إلى المخاطر المحدقة بثورته لدرئها. إن مواصلة التعبئة والحفاظ على « المجلس الوطني لحماية الثورة » وتفعيله وعلى المجالس الجهوية والمحلية التابعة له وتدعيمها، هي من أوكد المهام اليوم. إن الرئاسة المؤقتة والحكومة الانتقالية لم يبق من رقيب عليهما سوى الشعب الذي من حقه أن يراقب ويحاسب. ويمثل انتخاب « المجلس التأسيسي » لحظة مهمة في الفترة القادمة بإمكان العمال والكادحين والشعب عامة تحويلها، بمعية حزب العمال وبقية القوى الثورية والديمقراطية،إلى محطة حاسمة لفرض الإرØ �دة الشعبية وتوجيه ضربة فاصلة لأعداء الثورة.
ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالعمل السريع من أجل تأجيل موعد الانتخابات وإبعادها عن موعد الامتحانات وتمكين الشعب ومختلف القوى السياسية من الاستعداد الجيّد لها بالنظر إلى أهمية القضايا التي سيحسمها المجلس التأسيسي، ومن أجل إعداد المناخ السياسي المناسب لإجرائها من تطهير للإدارة والقضاء والإعلام وحل فعلي لجهاز البوليس السياسي وسن قانون انتخابي وحسم مسألة تمويل الانتخابات لضمان الشفافية والإنصاف بين مختلف المشاركين وسد الباب أمام إفسادها بالإرشاء.
إن طبيعة الفترة الانتقالية لا تنفي ضرورة اتخاذ إجراءات اقتصادية واجتماعية عاجلة لفائدة الشعب وخصوصا لفائدة المعطلين عن العمل والجهات المهمشة رغم ما فيها من ثروة وطاقات. إن الحكومة الانتقالية مازالت متشبثة بالميزانية التي كانت أُقرّت في عهد بن علي والتي تخصّص قسما كبيرا لوزارة الداخلية ولتسديد الديون التي اقترضتها الدكتاتورية. فلماذا لا تـُلغى هذه المديونية أو على الأقل يقع تعليقها لمدة كما حصل في عدة بلدان و تصرف قيمتها للنهوض بأوضاع الشعب؟ ولماذا لا تراجع الميزانية وفقا للأولويات الجديدة؟
إن الثورة التونسية امتدّ تأثيرها إلى عدة أقطار عربية أخرى. فقد أطيح بدكتاتور مصر وتشهد اليمن والبحرين انتفاضات شعبية عارمة تصدّت لها السلطات المحلية بالحديد والنار حفاظا على نفسها مستعينة كما هو الحال في البحرين بالرجعية السعودية. وفي جوارنا انتفض الشعب الليبي ضد جلاديه ولكن الأمور تتخذ الآن منحى خطيرا بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بغطاء أممي وبذريعة حماية المدنيين. إن الإدارة الأمريكية لم تثر مسألة تقتيل المدنيين لا في البحرين ولا في اليمن كما لم تثرها في السابق في غزة أو لبنان أو في العراق وأفغانستان اللذين تحتلهÙ �ا. وساركوزي ألم يساند دكتاتور تونس إلى آخر لحظة؟
إن ما يدفع أوباما وساركوزي وكاميرون إلى التدخل هو السعي المحموم إلى اقتسام النفط الليبي بعد الالتفاف على الثورة. إننا مع الشعب الليبي في انتفاضته ولكننا ضد أي تدخل أجنبي من شأنه أن لا يضر الثورة في ليبيا فحسب ولكن في تونس وفي كافة البلدان العربية أيضا كما أننا ضد أي استعمال لأراضينا أو مجالنا الجوي في العدوان على ليبيا. إن الاستعماريين الأمريكيين والفرنسيين والإنجليز ليست لهم أية مصلحة في انتصار الثورة في البلدان العربية لما فيها من خطر على مصالحهم.
 عاشت ثورة الشعب التونسي  لتستمر الثورة حتى تحقيق أهدافها  لتكون السلطة للشعب  عاشت انتفاضات الشعوب العربية من أجل الحرية و الكرامة
تونس في 23 مارس 2011 حزب العمال الشيوعي التونسي  
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 23 مارس2011)


الندوة الدولية عن  » الانتقال الديمقراطي في تونس » تختتم أعمالها


حرر من قبل التحرير في الأثنين, 21. مارس 2011 اختتمت أمس الندوة الدولية عن  » الانتقال الديمقراطي في تونس » التي عقدتها الفدرالية الدولية لحقوق الانسان بالاشتراك مع الشبكة العربية لحقوق الانسان والتي شارك في جلستها الافتتاحية الوزير الأول في الحكومة المؤقتة. وقد عبر المشاركون عن تضامنهم مع الانتفاضات الشعبية التي تشهدها عدد من الدول العربية ودعوا المؤسسات الدولية الى رصد ما أسمته  » جرائم القمع التي ترتكبها الحكومات ضد شعوبها. كما دعوا مؤسسات الاتحاد الاوروبي و المجلس الدولي لحقوق الانسان إلى اتخاذ التدابير الضرورية التي تؤمن المراقبة و الرصد الفعّال والتحقيق في جرائم قمع الاحتجاجات.  وحيّى المشاركون في الندوة الشعبين التونسي و المصري اللذان أطاحا بأعتى الديكتاتوريات في المنطقة العربية ودعوا إلى أن تؤسس عملية الانتقال الديمقراطي على القطيعة الكاملة مع ما أسمته مرتكزات التسلط وأدواته من أجل تقويض نسق كامل من انتهاك حقوق الإنسان والإفلات من العقاب وجرائم الفساد. وركزت توصيات الندوة في خصوص الانتقال الديمقراطي بتونس على ضرورة الاتفاق على دستور للبلاد يضمن كافة الحريات وشددت على الاحترام المطلق لحرية الاعتقاد واستقلالية القضاء و حرية الإعلام وتنظيم إقتصادي واجتماعي يكفل للجميع الحصول على الحاجات الأساسية والعدالة الاجتماعية. كما دعا المشاركون في الندوة إلى ضرورة الحضور المكثف لمنظمات المجتمع المدني في الجهات الداخلية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 مارس 2011)

هيئات دولية تدعو الامارات للتحقيق في تحويلات نقدية لابن علي


السبيل أونلاين – وكالات طالبت منظمتان تدعوان لمكافحة الفساد سلطات دولة الامارات العربية المتحدة باتخاذ اجراءات بشأن احتمال تحويل اموال الى الامارات من جانب الرئيسين السابقين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك ، الذين أطاحت بهما ثورات شعبية . وطلبت منظمة الشفافية الدولية ومجموعة شيربا الحقوقية هذا الشهر من وحدة غسل الاموال والحالات المشبوهة التابعة لمصرف الامارات المركزي تعقب اي اموال خاصة بالرئيس التونسي المخلوع واسرته. كما ابدت منظمة الشفافية الدولية قلقها بشان اصول الرئيس المصري المخلوع واسرته والمقربين منه في الامارات وهي احدى الوجهات التي يشتبه دعاة مكافحة الفساد بتحويل اموال اليها في الايام الاخيرة قبل الاطاحة بمبارك او في انها مودعة هناك منذ سنوات. وفر بن علي من تونس في 14 جانفي في مواجهة انتفاضة ضد الفساد والقمع السياسي مما حدا بدول الاتحاد الاوروبي الاعلان عن تجميد اي اصول تخصه لديها. ومنذ ذلك الحين طالبت توتس باسترداد تلك الاموال التي تعتبرها مسروقة. وبعد الاحتجاجات التي قادت لاستقالة مبارك في 11 فيفري اتخذت السلطات المصرية اجراءات لتجميد امواله في الخارج. وذكرت اروى حسن كبيرة منسقي برنامج منظمة الشفافية الدولية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ان المنظمة تحاول تشجيع الامارات ودول اخرى على اجراء تحقيق. وقالت « نحاول ان نمارس ضغوطا على جهات معنية للتحرك » مضيفة انه لا توجد اسباب محددة للشك في تحويل اموال للامارات في الايام الاخيرة من حكم كل من بن علي ومبارك. ولم يعلق المسؤولون في الامارات على الامر ولم يرد المسؤولون بالوحدة على اتصال هاتفي ورسالة الكترونية من رويترز. وفي جانفي اصدرت سلطة دبي للخدمات المالية وهي جهاز الرقابة المالية في دبي تعليمات للشركات المالية للتأهب لاي تحويل محتمل لاموال من تونس مبدية قلقها من خروج اموال في اللحظات الاخيرة. وتسعى دبي وهي مركز للتجارة في الخليج لتغيير صورتها كملاذ لانشطة غسيل الاموال منذ ان وجهت هجمات 11 سبتمبر بالولايات المتحدة الانظار للسهولة النسبية لتحويل الاموال عبر المدينة. وقال كارلو فدريجولي المحامي في شركة دي.ال.ايه بايبر التي تقدم الاستشارات لشيربا ان دول الاتحاد الاوروبي كانت قاطعة بصورة أكبر في اعلان اجراءات لتعقب اموال بن علي. وتابع « اتخذت سلطات اخرى تابعة لدول اخرى اجراءات فورية » مضيفا ان الامارات لم ترد بعد على الطلب المقدم لوحدة المصرف المركزي. وقال « لكن ثمة اجراءات موضوعة وربما يشعر مصرف الامارات المركزي بانه غير مطالب بالكشف عما يقوم به. » ولكن فدريجولي اشار لتحرك الامارات في العام الماصي ازاء جيمس ايبوري السياسي النيجيري المطلوب في بريطانيا في قضايا فساد والذي القت امارة دبي القبض عليه في ماي الماضي. (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس)، بتاريخ 22 مارس 2011)

حزب الوفــاق، ثوب جديد يرتديه التجمعيون في باجة


حرر من قبل التحرير في الأثنين, 21. مارس 2011 أفادت مصادر عليمة أن قيادات من حزب « الوفاق » شرعت في الاتصال بإطارات تولوا مسؤوليات قيادية في الحزب الحاكم سابقا، وببعض الشخصيات في أرياف مثل سيدي إسماعيل ونفــزة ومجاز الباب وتيبار وتبرسق، وقد شمل الاتصال ما بات يعرف بالصف الثاني من هياكل التجمع المنحل. ويسعى الحزب المذكور إلى تجنيد أنصار جدد من الشباب، وتهيئة من تحملوا مسؤوليات حزبية خاصة في المناطق الريفية معتبرين أن تلك المناطق يمكن أن تمثل المجال الحيوي لانطلاقة جديدة. وحسب ذات المصادر فإن الحزب وعد بتقديم دعم لوجستي وصف بالكبير لخوض انتخابات المجلس التأسيسي.  ويرى مراقبون أن أحزاب جديدة متكونة من إطارات تجمعية قديمة من بينها حزب الوطن والوفاق وغيرهما تسعى للاستفادة من تعدد التراخيص والعودة من جديد في أثواب جديدة على أن تشكل ائتلاف قادر على التموقع في المشهد السياسي الجديد. فيما يرى آخرون أن السرعة في حل التجمع هي التي دفعت بعديد الإطارات والهياكل والمنخرطين للتفكير مجددا في التنظم تحت يافطات أخرى. وعلمنا أن من بين الإطارات التي تسعى لتحقيق هذا المشروع كتاب عامين من بينهم كاتب عام جامعة باجة الشمالية ونظيره بباجة الجنوبية وبعض ممن تولوا مسؤوليات قيادية في الحزب الحاكم سابقا. وأفاد شهود عيان أن لقاءات جهوية وإقليمية تعقد بإحدى المقاهي الريفية بولاية باجـة تابعة لمراسل صحفي عرف بدفاعه عن النظام السابق عبر مؤسسات حزبية وإدارية وإعلامية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 21 مارس 2011)

اليوم الجلسة الثانية للهيئة العليا لحماية الثورة.. الجدل حول التركيبة والمهام مستمر.. ومشروع قانون انتخاب المجلس التأسيسي في آخر الاهتمامات


تنعقد اليوم الجلسة الثانية للهيئة العليا لحماية أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، في ظل جدل مستمر حول تركيبتها والمنخرطين بها والمهام المنوطة لعهدتها، وبعد جلسة أولى لم توفق في إتمام برنامج العمل الذي كان مقررا لها. غير أن هيئة الحكماء تواصل عملها بجهد، وقامت بتوزيع وثيقة مشروع القانون المتعلقة بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي، كما أن الحكومة الانتقالية تعمل على »التشاور المستمر، وخلق وفاق سياسي بين مختلف الأطراف » حسب مصدر حكومي، وذلك لإنجاح عمل الهيئة وإتمام مهام الحكومة التي طرحتها على نفسها في هذه المرحلة الانتقالية. ويتوقع الإعلان عن تعزيز للهيئة العليا بعدد من الشباب وممثلين عن الجهات، وأيضا ممثلين سياسيين. وسيناقش مشروع المرسوم الذي شرعت اللجان الفنية بقيادة عياض بن عاشور في بلورته منذ أن تم الإعلان عن قيام مجلس تأسيسي في البلاد وحتى قبل التئام أول اجتماع للهيئة العليا، بحضور الشخصيات الوطنية وممثلي الأحزاب ومكونات المجتمع المدني. ويتركب مشروع القانون المنظم لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي 70 فصلا، ويقترح مشروع هذا النص التشريعي طريقتين لاقتراع الأولى عن طريق الاقتراع على الأفراد والثانية فتتمثل في الاقتراع على القائمات وفق قاعدة النسبية، وتوزيع المقاعد وفق قاعدة المتوسطات.   مشاورات   لم تنته المشاورات بعد الإعلان عن تركيبة الهيئة العليا، إذا أن النقاش الحاد الذي دار في أول جلسة للهيئة حول تركيبتها، جعل الحكومة تواصل المشاورات مع عدد من الأحزاب والمنظمات للتشاور حول مواقفها ومطالبها. وعلمت « الصباح » أن اتصالات حصلت بين ممثلين عن الحكومة وعدد من الأحزاب السياسية مثل « حركة النهضة » وحزب « حركة الوطنيين الديمقراطيين » التي يقودها شكري بالعيد. كما يواصل الدكتور عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا، مشاوراته مع مختلف ممثلي الجهات والشباب المشارك في الثورة إضافة إلى مكونات سياسية أخرى لإتمام تركيبة الهيئة العليا، واستجابة لمطالب الشارع السياسي. ويتوقع أن يجتمع بن عاشور، إضافة إلى ممثلين عن الحكومة الانتقالية أوكلت لهم مهام متابعة هذا الموضوع، مع الوزير الأول الباجي قائد السبسي اليوم لإتمام تركيبة الهيئة. هذا الجهد من الحكومة لخلق جو وفاقي، مازال تشوبه بعض النقائص إذ أنها تقر بتواصل وجود بعض عدم التوازن في تركيبة الهيئة يجب أن يتم تجاوزه، وقد أكد السيد رضا بالحاج كاتب الدولة لدى الوزير الأول لـ »الصباح »  » أنه لا يمكن إرضاء الكل فعدد الأحزاب السياسية المقننة بلغ 44 في تونس، وشدد على وجوب توفر الإرادة السياسية من قبل مكونات الهيئة حتى يتقدم العمل فيها، وأن الهيئة مفتوحة لا لمنخرطيها والممثلين بها فحسب وإنما للجميع للابداء برأيهم والتواصل مع الهيئة ».   آخر الاهتمامات    أبدت مختلف مكونات الهيئة العليا رأيها في ما يتعلق بتركيبة هذا الهيكل، كما خرجت مواقف في شكل بيانات وتصريحات سياسية من قبل عدد من الأحزاب الممثلة أو التي لم تشارك. وطالبت مكونات جبهة 14 جانفي بتشريك الجهات والشباب المشارك في الثورة وعدم الالتفاف على مجلس حماية الثورة. كما أن عددا من الأحزاب جديدة العهد، نشرت مواقف تندد بتركيبة هذا الهيكل وتطالب بتشريكها. وأكد رضا بوزريبة عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد العام التونسي للشغل وممثل المنظمة الشغيلة بالهيئة العليا لـ »الصباح »، أن مشروع القانون واضح في العموم وأن هناك نقاطا يجب التطرق لها، غير أنه قال « مازال المكتب التنفيذي للاتحاد لم يجتمع ليصيغ موقفا من هذا المشروع ». وعقدت جمعية القضاة التونسيين مجلسها الوطني وتطرق القضاة في لائحة المجلس لنقطتين في مشروع المرسوم. ولحدود مساء أمس، لم تكن أغلب مكونات الهيئة قد شرعت في قراءة مشروع القانون المتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي المطروح للنقاش، إذ يبدو أن مهاما أخرى إما حزبية، أو تخص منظمة أو أخرى كانت في سلم أولويات مكونات الهيئة العليا لا هذا القانون الذي يعد من أوكد مهامها. إذ يعد الإجراء التشريعي الحاسم للتحضير لانتخاب مجلس تأسيسي هو الضامن الوحيد في هذه المرحلة لانتقال ديمقراطي يستمد شرعيته من الشعب عبر صناديق الاقتراع. وللتذكير ينص الفصل الثاني من المرسوم المتعلق بإحداث هذا الهيكل على أن « الهيئة تتعهد بالسهر على دراسة النصوص التشريعية ذات العلاقة بالتنظيم السياسي واقتراح الإصلاحات الكفيلة بتجسيم أهداف الثورة بخصوص المسار الديمقراطي، ولها إبداء الرأي بالتنسيق مع الوزير الأول حول نشاط الحكومة ».   موعد الانتخاب   وخلافا للنسق البطيء في قراءة مشروع القانون المنظم لانتخابات المجلس التأسيسي، فان مختلف الأحزاب تخوض نقاشا حول موعد إجراء هذا الاستحقاق المفصلي في البلاد، رغم أن هذا المطلب كانت تتبناه مختلف مكونات المشهد السياسي وأيضا أغلب القوى التي شاركت في الثورة. وقررته السلطة السياسية الانتقالية استجابة للمطالب الشعبية ليتم يوم 24 جويلية القادم. ويرى الملاحظون أن الخوض في مثل هذا النقاش -وان كان حقا من حقوق الجميع- فانه بمثابة  » تحضيرات انتخابية، لا تشمل سوى المصالح الحزبية لهذا الجسم السياسي أو ذاك لتدعيم حضوضه في هذا الاستحقاق الانتخابي ». وفي المقابل وأمام الجدل المتواصل في تونس، انتهى الشعب المصري الشقيق، الذي أنجز ثورته بعد التونسيين من حيث زمن تحقيقها، أولى الخطوات العملية بموافقة أغلب المصريين على تعديل مواد في الدستور المصري عن طريق استفتاء. وبغض النظر عن نتائج هذه العملية، فان الملاحظين أكدوا أن خطوات بل أشواطا كبيرة حققها المصريون نحو التحول الديمقراطي، وأن الرابح من هذا الاستحقاق هو الشعب المصري دون غيره..ورغم الخطوات التي يحققها التونسيون أيضا في مسار تحقيق مهام ثورتهم التي كانت المبادرة والأولى في مختلف البلاد العربية إلا أن الطريق مزال طويلا لإتمام هذه المهام التي لن تتحقق إلا بتغليب مصالح الشعب لا غيرها. أيمن الزمالي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 مارس 2011)

26 مارس يوم وطني لاستقلال القضاء المطالبة باشراك القضاة في استحقاقات الانتقال الديمقراطي


دعا القضاة المجتمعون في المجلس الوطني الذي عقد يوم الأحد 20 مارس بسوسة لإعلان يوم 26 مارس 2011 يوما وطنيا لاستقلال القضاء وذلك بتنظيم مسيرات واحتجاجات. واعتبر المشاركون في المجلس من ناحية أخرى أنّ إسناد بعض الصلاحيات القضائية المتعلقة بنزاعات انتخابات المجلس الوطني التأسيسي لهيئات قضائية استثنائية، « يعدّ ضربا لاستقلالية القضاء والتفافا على مشمولاته »، ونادوا « بإسناد الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية للمجلس المذكور إلى دائرة المحاسبات ». ويذكر أن الهيئات القضائية الاستثنائة التي تطرق لها القضاة، وردت بمشروع المرسوم المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي الذي عرض للنقاش بين مكونات الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. كما عبر القضاة على تمسّكهم بطلب إشراك القضاة في استحقاقات الانتقال الديمقراطي بما في ذلك إقرار تمثيليتهم في المجلس الوطني التأسيسي، بما يضمن مساهمتهم في المرحلة التأسيسية. وسجل القضاة المشاركون في هذا المجلس، في اللائحة المنبثقة عنه، « استنكارهم رفض السلطة التنفيذية التفاعل مع مطالب القضاة التي تعتبر امتدادا لتطلعات ثورة الشعب ويحمّلونها مسؤولية ذلك بما يشكل محاولة مكشوفة للالتفاف على المطالب الأساسية في قضاء مستقل ونزيه وشفاف ». وأعلن المجتمعون عن انتخاب لجنة منبثقة عن المجلس الوطني لإعداد مشروع تنقيح الفصل 13 من القانون الأساسي للقضاة والفصول المرتبطة به في أجل أقصاه شهر وتكوين لجنة قضائية يعهد لها النظر في الوضع الدستوري للسلطة القضائية.اضافة الى تكوين لجنة قضائية تتولى إعداد مشاريع قوانين السلطة القضائية والتشاور في ذلك مع سائر الأطراف المعنية بالشأن القضائي وتفعيل مبدأ إحداث مكاتب جهوية لجمعية القضاة التونسيين بما يضمن التمثيل الجغرافي والقطاعي للقضاة وعرض تركيبتها على أول مجلس وطني. كما شكلوا لجنة لمقابلة رئيس الجمهورية المؤقت لعرض مشاغل القضاة. من ناحية أخرى اعتبر المجلس الوطني للقضاة « أنّ المجالس العليا للقضاء بتركيبتها الحالية تفتقد للمشروعية بالنظر إلى مخالفة تركيبتها لمبدأ الانتخاب ولكونها من مخلفات النظام القضائي البائد، ويطالبون وجوبا بانتخاب مجالس عليا وقتية تحدث صلب كل واحد منها لجنة وقتية كضمانة إضافية للنظر في الحركة القضائية ». ودعوا إلى مراعاة المعايير الدولية في اختيار الرئيس الأول لدائرة المحاسبات دعما لاستقلاليته. وعبروا عن رفضهم لما أسموه ب »تمادي السلطة التنفيذية في انتهاج نفس الأسلوب بخصوص التعيينات الأخيرة بوزارة العدل ومحكمة التعقيب والمحكمة العقارية، خارج كل استشارة لممثلي القضاة ويدعون إلى مراجعتها ». أيمن الزمالي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 مارس 2011)
 

رئيس الوزراء التونسي يطالب بعودة صحافي تونسي محتجز في ليبيا


طلب رئيس الوزراء التونسي المؤقت الباجي قائد السبسي الثلاثاء من السفير التونسي في ليبيا الاتصال بالسلطات الليبية لتامين عودة صحافي تونسي يعمل لقناة الجزيرة محتجز في ليبيا « في اقرب الآجال »، على ما افادت وكالة تونس افريقيا للانباء الحكومية. واوضحت الوكالة ان قائد السبسي اتصل هاتفيا بالسفير التونسي في ليبيا صلاح الدين الجمالي ليؤكد « ضرورة بذل كل الجهود الممكنة واجراء اتصالات مكثفة بالسلطات الليبية المعنية لتامين عودة الصحافي لطفي المسعودي في اقرب الآجال الى تونس ». واكد الباجي قائد السبسي « وقوفه الكامل الى جانب الصحافيين والاعلاميين التونسيين في ادائهم لمهنتهن داخل البلاد وخارجها ». وكانت قناة الجزيرة اعلنت ليل السبت الماضي أن السلطات الليبية تحتجر فريقا من صحافييها مكونا من أربعة افراد في طرابلس، بينهم التونسي المسعودي، بعد ان اعتقلوا أثناء عملهم غرب ليبيا. ونقلت القناة عن مصدر مسؤول فيها قوله ان « السلطات الليبية تحتجز فريقا من فرقنا العاملة في ليبيا منذ عدة ايام ». واشار المصدر الى ان « الفريق الذي يضم المراسلين لطفي المسعودي تونسي الجنسية، واحمد فال ولد الدين، موريتاني الجنسية، والمصورين عمار حمدان نروجي الجنسية، وكامل التلوع بريطاني الجنسية، قد تم احتجازهم اثناء قيامهم بواجبهم المهني غرب ليبيا ». واوقفت السلطات الليبية عددا من الصحافيين الاجانب العاملين لدى عدد من المؤسسات الصحافية الدولية، كان اخرهم فريق لصحيفة نيويورك تايمز افرج عنه الاثنين.  

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ  22 مارس2011)  


أحمد الاينوبلي في حديث مطول  لصحيفة « الصريح ّ » اليومية: الغرب حوّل ثورة ليبيا إلى نزاع مسلح لمحاصرة الثورات العربية


  ·        في عهد بن علي إما أن ندخل العملية السياسية أو أن ننقرض   ·        طالبت بن علي في 2007 بجمهورية برلمانية فتم تهميشنا   ·        هناك من يدعي اليوم البطولة وقد كان في 13 جانفي يطالب بن علي بالبقاء   ·        الغرب يريد الاستيلاء على ثروات ليبيا   ·        لم أتلق مليما واحدا من بن علي ونظامه     أجرى الحوار: محمد عبد المؤمن   تونس- الصريح  
الأستاذ أحمد إينوبلي المحامي هو الأمين العام « لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي » وهو أحد الأحزاب التي مارست العمل السياسي في النظام السابق معتبرة أن خير وسيلة للتأثير هي المشاركة وأن المقاطعة تفسح المجال للانفراد دون أي صوت معارض أو ناقد. هذا الحزب عرف بتوجهاته القومية العربية لذلك كانت برامجه دائما تجعل من القضية الفلسطينية من أوكد الاهتمامات باعتبارها قضية كل العرب وكل المسلمين.   مسائل كثيرة طرحت مع الأستاذ الاينوبلي حول نظام الرئيس المخلوع وتعامله مع أحزاب المعارضة وخاصة مواقف الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الذي رأى فيه البعض انه من أحزاب الموالاة للنظام السابق وهو ما يفنده أمينه العام بالأدلة والحجج التي يقدمها بين يدي المواطن التونسي ليترك الحكم له ومع هذا يبقى ما يدور حليا في ليبيا أمرا لا يمكن المرور عليه. ومن هنا فتحنا هذا الملف مع الأستاذ الاينوبلي لنعرف رأيه وموقفه. في البداية سألناه:   هل كان الانخراط في العملية السياسية في فترة الرئيس المخلوع بن علي اختيارا أم اضطرارا؟   في الفترة السابقة ليس هناك تعدد الخيارات فإما أن تمارس العمل السياسي في الحد الأدنى المتاح أو أن تنقرض لذلك اختارت العديد من القوى في العهد السابق عدم ممارسة العمل السياسي على أساس الجلوس على الربوة أسلم من ممارسة العملية السياسية واليوم هي غير قادرة على خوض غمار السياسة على الأقل بالحجم المطلوب أو بالمستوى المطلوب وبالتالي أنا أحد الأشخاص الذين اعتقدوا في العمل السياسي منذ سبع سنوات وبالنهاية خيرت أن أكون ناشطا داخل الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وهي تجربة بكل ما فيها من معاناة وسلبيات فان فيها الكثير من الايجابيات. فالذي استطاع أن يمارس العمل السياسي في أصعب الظروف ففي أيسرها تكون قدراته اكبر وفعلها أكثر.   تحدثت عن ايجابيات في ممارسة العمل السياسي في الفترة السابقة ما هي؟   على الأقل استطاع حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن يطرح برامجه وبدائله المنحازة للشعب ولقضايا الأمة العربية في تلك الظروف كما استطاع أن يطرح عدة مبادرات أهمها مبادرة الحوار الوطني وثانيها مطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويض للشعب التونسي عن فترة الاحتلال وأيضا إعلان مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني في تونس كما قمنا عام 2009 بإطلاق برنامج انتخابي نعتقد انه برنامج مهم جدا حين أطلق في ذلك الوقت خاصة وأننا نرى أن كل ما عرضناه حينها هو الذي جاء في مطالب ثورة الشباب.   وما هي أهم هذه المطالب؟   يمكن الاطلاع عليها في كتيب أصدرناه عام 2009 حول البرنامج الانتخابي « من أجل التضامن بين الفئات والتكافؤ بين الجهات » ففيه كل ما كنا نطلب تحقيقه لكنني سأذكر للقارئ الكريم بعض النقاط وهي للذكر لا للحصر : » توسيع مجال تدخل البرلمان في مراقبة نشاط الحكومة ومسؤوليتها أمامه والفصل بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية واصدرا قانون يمنح نشاط الأحزاب السياسية داخل مقرات المؤسسات الإدارية العمومية وبمنع هياكل الإدارة من توفير أي مساعدات مادية أو معنوية مباشرة أو غير مباشرة للأحزاب.
إقرار الإشراف القضائي على الانتخابات في كل مراحلها وإقرار التسجيل الآلي في قوائم الناخبين لكل مواطن ومواطنة باعتماد العنوان المدرج في بطاقة التعريف وكذلك ضرورة الفصل بين قضايا الأمن الداخلية وقضايا التنمية المحلية وهو ما اعتمد بعد الثورة وغير ذلك كثير لكن أهم ما طالبنا به حينها هو إقامة جمهورية برلمانية وأظن أن هذا المطلب هو الذي يرفع حاليا من الأغلبية دون أن أمر على مطلب آخر مهم وهو المطالبة بتأمين القطاع العام الذي وقت خصخصته.   هناك من يتهمكم بأنكم « شرعنتم » نظام بن علي بمشاركتكم في العملية السياسية حينها؟   هذا الحزب اعتبر من بين أحزاب الموالاة كما يحلو للبعض أن يقول وأقصد حزبين يحاولان بهذه الاتهامات والمواقف موقعة أنفسهم فعليها أن تجعل معيارا آخر لهذا الموال أم لا وهذه الأحزاب التي اعتبرتنا موالين لم تقدم ولو جزء بسيطا مما قدمه الاتحاد الديمقراطي الوحدوي في برنامجه ونحن نشرنا برنامجنا وأعلناه فليأتوا هم ببرامجهم في عهد النظام السابق ولنقارن بين ما قدمناه وما قدموه.
فالاتحاد الديمقراطي الوحدوي كان يطرح المضامين الحقيقية في زمن قيام الديكتاتورية والدليل على ذلك أنه أثناء الثورة كان منحازا لانتفاضة الشعب وهو ما يؤكده بياننا الذي صدر يوم 09 جانفي 2011 والذي طالبنا فيه بمحاكمة ومحاسبة من أعطى الأوامر بإطلاق النار أو من نفذ هذه الأوامر وقتل أبناء شعبنا وبعد هذا البيان تعرضنا لضغوط كثيرة وتهديدات جراء هذا الموقف وهذا البيان أعلنته وكالة الأنباء الفرنسية إلى جانب بيانات الأحزاب الأخرى التي تسمى راديكالية ويمكن المقارنة بين موقفنا من الثورة ومواقفهم هم.   فنحن طالبنا بوقف الرصاص في الحين والكف عن قتل الشعب بينما هم قالوا في بياناتهم نحن مصدومون مما يحدث ويوم 13 جانفي كانوا يشكرون بن علي وهذا أمر يعرفه القاصي والداني لأنه سيمكنهم من المشاركة في الحكومة ويوم 14 جانفي كانوا يمسكون بتلابيبه وهو يستعد للفرار وعبرت له استعدادها للعمل معه والذي يريد التأكد من هذا فليراجع برقية « فرانس براس » بتاريخ 09 جانفي 2011 ليطلع على مواقف الأحزاب التونسية من الثورة ليعرف أن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي كان مواليا للشعب في مطالبه ومشاغله وثورته وليعلم الشعب أن الأحزاب القانونية التي تسمى راديكالية والأحزاب التي تصنف على أنها أحزاب موالاة وقع استدعاؤها إما من قبل الرئيس المخلوع أو الوزير الأول محمد الغنوشي باستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الذي لم يستعد زمن الثورة.   هل كنت تطرح هذه المطالب على الرئيس المخلوع؟   نعم. كنا نطرح مطالبنا بوضوح وهي أساسا لتحقيق الديمقراطية والحرية.   وكيف كان رده؟   كان يستمع وعادة كان يردّ عليّ سننظر وسنرى.   هل كنت تصدقه؟   في البداية كنت أصدقه لكن بعد ذلك وبداية من 07 نوفمبر 2007 أدركت انه لن يتبع الخيار الديمقراطي.   ولماذا هذا التاريخ بالذات؟
لأنهم طلبوا منا أن نقدم رؤية للإصلاح السياسي وقدمناه ولكن كل ما عرضناه من رؤى ومنها الجمهورية البرلمانية وفتح المجال أمام التنظيم السياسي الحرّ كانت الاستجابة منعدمة وكانت مجرد أمور شكلية اتخذها النظام.
وقد عبرنا عن ذلك في بيان معروف نشرناه قلنا فيه إن هذه الإصلاحات يعتبرها حزبنا إجراءات كمية لا تمس جوهر المعادلة التي تحكم علاقة السلطة والحكم بالمعارضة وقوى المجتمع السياسي والتي لا بد أن تنبني على أسس حياد الإدارة وكل مؤسسات الدولة والفصل بين مؤسسة الرئاسة والحزب الحاكم وعلى قاعدة الحوار الجدي لا الإقصاء والتهميش كما طالبنا في هذا البيان بشراكة فعلية بين مختلف القوى الوطنية. ومنذ ذلك التاريخ أخذ الحزب مسافة من النظام وعمق هذه المسافة في انتخابات 2009 وبعدها لم نتلقى أي دعوة أو لقاء من بن عليه منذ 2008.     هل كان نظام بن علي يتعامل معكم بالإغراءات أم بالتهديدات؟   لم يكن يتعامل معنا بالإغراءات بل بالتهديد والضغوطات. وهنا أقول إننا في حزبنا لم نتلق مليما واحدا من بن علي ونظامه ولا من السفارات الأجنبية وأنا لم أمارس أي ممارسة فاسدة تمس من شرفي السياسي وحتى الأخلاقي. فأنا محام محدود الإمكانيات ورغم ذلك لم أتلقى أي أموال من نظام بن علي وأنا إلى الآن أسكن في شقة بالإيجار مثلي مثل الكثير من التونسيين واجتهد لتخرج صحيفتنا رغم إمكاناتنا المادية المحدودة. وهنا أنا أدعو أبناء شعب تونس إلى التثبت فيما يروج ويشاع لان الغرض منه هو محاولة الإقصاء السياسي بطرق خسيسة وسيأتي الوقت بل مازال الوقت كافيا حتى تنكشف كل القوى السياسية.   ماذا مثلت الثورة لكم؟   الثورة تمثل حركة تحرير شعبي قام بها الشعب وهدم بها منظومة الديكتاتورية التي بنيت منذ الاستقلال في تونس إلى الآن. فالشعب حرر كل القوى السياسية والنخب ولا أحد منهم يستطيع أن يدّعي اليوم بأنه قام بالثورة أو قادها بل أقصى ما يمكن أن يثبته أي تيار سياسي هو انحيازه للثورة.   ما هو موقفكم مما يحد في ليبيا اليوم؟   ما يحدث في ليبيا اتضحت خيوطه. فبعد ثورة تونس والمفاجأة التي أحدثتها عربيا ودوليا سارعت كل القوى الدولية إلى محاولة وأدها أخذة عبرة  من ثورة تونس التي نأت بنفسها عن محاولات التدجين والالتفاف ونلاحظ أن ثورة مصر نفسها لم تسلم من التدجين والدليل على ذلك أن الثورة في مصر وقع الالتفاف عليها من القوى العالمية (الأمريكان وغيرهم) وقطع الطريق أمامها حتى لا تنهض لإسقاط معاهدة « كامب ديفيد » فاقتصرت على إسقاط رأس النظام دون أن تلج إلى جوهر المطالب الحقيقية التي تعيد مصر إلى دورها الريادي في الوطن العربي وفي المنطقة فما حصل هو المحافظة على معاهدة « كامب ديفيد » وعلى ارتباطها بمعاهدة الاستسلام للكيان الصهيوني وما حصل في ليبيا لا يمكن مقارنته بالثورة التونسية لان الثورة في تونس نهضت سلميا أي منزوعة السلاح وأنجزت مهماتها في تصديها لمحاولات الالتفاف عليها في الداخل ومن الخارج (اعتصام القصبة 1و2) في حين أن ليبيا كانت القوى الخارجية حاضرة منذ البداية واندلع نزاع مسلح منذ الوهلة الأولى مما حول ليبيا إلى ساحة قتال القوى الغربية طرفا فيه وما العدوان الغربي على ليبيا عسكريا إلا محاولة للاستيلاء على مقدرات هذا البلد تحت يافطة الثورة لذلك فحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يرى أن القوى الغربية والأمريكية تستهدف وحدة ليبيا من خلال دعمها لشق مسلح ضد شق آخر وهذا يذكرنا بما حصل في العراق وهذه القوى نفسها لم تدعم بالأمس القريب الشعب الفلسطيني الأعزل ولم تحمه من الصهيونية في غزة ولم تحم لبنان من الأسلحة المحرمة دوليا كما أن هذه القوى حمت النظام في البحرين بعسكرته لقمع الثورة السلمية من أجل الديمقراطية والحرية هناك.   لكن هذا الموقف يخالف كليا مع الموقف الرسمي العربي وموقف الشارع العربي؟   لا أتحدث عن النظام الرسمي العربي فهو ليس المحرار والمعيار الذي يحتذى به لان ما عرف عن النظام الرسمي العربي انه نظام باع فلسطين والعراق بأبخس الأثمان. أما الشارع العربي فهو اليوم واقع تحت تأثير إعلامي مغشوش وتحت فعل الثورة الحقيقية التي حصلت في تونس وسيستفيق بعد حين حينما تنكشف أمامه خيوط المؤامرة الغربية.   لكن البعض يرى في هذا الموقف انحيازا لنظام القذافي؟   هذا الموقف ليس دفاعا عن نظام القذافي لأننا في بياننا الأول تحدثنا فيه عن حق الشعب الليبي في أن يحيا حياة ديمقراطية وحرة ولكن حين يتبين لنا أن النزاع تحول إلى حرب مسلحة وبتدخل القوى الغربية بكل ثقلها العسكري توضحت الصورة وأصبح استهداف ليبيا واضح الغرض وهو محاصرة الثورة المصرية من خلال السيطرة على ليبيا حتى تبقى الحدود التي رسمت لها حفاظا على أمن إسرائيل.   كيف تقيم الخارطة السياسية في تونس اليوم؟   الخارطة السياسية في تونس مازالت في حالة فرز والمحدد في هذا هو الشعب رغم أن عملية الفرز لم تتضح ملامحها بعد لأسباب عدة أهمها حالة الإرباك التي تعم القوى السياسية وهناك محاولات للتصفية غير الديمقراطية.   وماذا تقصد بذلك؟   اقصد بالتصفية غير الديمقراطية الاتهامات المتبادلة ومحاولات تصفية الحسابات.   وهل الحكومة متورطة في هذا؟   تورطت في هذا حكومة الغنوشي الأولى ثم الثانية ومع الحكومة الحالية بدأت الأمور تسير نحو الأهداف الحقيقية للثورة من خلال الإعلام عن الموعد الانتخابي للمجلس الوطني التأسيسي وهو موعد أمام الشعب ليختار.   وهل ستشاركون فيها؟   لدينا النية في المشاركة إذا توفرت الظروف الملائمة لذلك فنحن لدينا برنامج مجتمعي سنطرحه واهم ما فيه قيام دولة مدنية ذات مرجعية حضارية عربية إسلامية نظامها جمهوري برلماني.   كلمة أخيرة؟   اليوم إذا أراد الشعب أن يبني دولة مدنية ديمقراطية تحقق مطالبه في العدالة الاجتماعية لابد أن يتصالح مع تاريخه ومع انتمائه وهويته بعقلية حداثية دون السقوط في الانبهار والتقليد حتى لا يقع في الانبتات ودون انغلاق على الذات حتى لا يسقط في الرجعية والسلفية كما عليه أن يسطر مستقبله بإرادة حرة بعيدا عن التبعية والاملاءات الخارجية وان يضع شعبنا نصب أعينه أن تونس مستقلة وهي لم تعد تابعة لفرنسا والغرب مثلما يحاول البعض رهنها في ذلك المحيط بعيدا عن محيطها العربي الإسلامي.    (المصدر: صحيفة  » الصريح » الصادر بتاريخ 22 مارس 2011)  


تونس في 22 مارس 2011 عادل السمعلي إلى السيد مدير الاتصال بقناة نسمة  


إني الممضي أسفله مواطن تونسي وناشط إنترنيت أوجه لك هذه الرسالة لأعبر عن استنكاري واستغرابي الشديدين مما ورد على لسان أحد منشطي قناة نسمة وهو المسمى سفيان بن حميدة بخصوص الوقفة الاحتجاجية التي قمنا بها بتاريخ 21 مارس 2011 أمام مقر القناة بشارع محمد الخامس مونبليزير إن اتهام هؤلاء المحتجين بعبارات نابية وخارجة عن الموضوع يؤكد أن هذه القناة لم تستفق بعد من غفوتها وتصر على المضي قدما في استغفال واستبلاه الشعب التونسي وذلك باعتمادها المتعمد على الصوت الواحد والرأي الواحد وسياسة معيز ولو طاروا  كما أن إصرارها على إعتماد وجوه تلفزيةلا تحظى بإحترام المشاهدين نظرا لتاريخها السابق للثورة في مساندة الرئيس المخلوع والسير في ركابه  ما هي إلا إمعان منها في إتباع سياسة الهروب إلى الأمام وتبني منهج اتصالي وتواصلي يسبح ضد التيار. ولعلي أذكركم  إن كنتم لا تعلمون أن كلمة فرخ المبتذلة والرديئة والقبيحة التي أستعملها وجهكم التلفزي سفيان بن حميدة  تستبطن معاني أخرى خلاف صغر السن أو قلة الخبرة فإن كنتم تجهلون أن كلمة فرخ تطلق في بعض المناطق التونسية على الأبناء غير شرعيين الذين ولدوا من سفاح فهذا يعني أن من تفوه بهذه الكلمة القذرة أمام ملايين المشاهدين لا يفقه شيئا من علوم الاتصال والتواصل وعليه أن يرجع إلى مقاعد الدراسة ليتعلم أصول الكلام . وأنا باعتباري أحد المحتجين على محتوى قناة نسمة والحاضرين في الوقفة الاحتجاجية وتشملني كلمات التحقير والسب والشتم لمنشطكم التلفزي أطلب منكم كمدير اتصال وتواصل بهذه القناة  أن يقدم لنا سفيان بن حميدة اعتذارا تلفزيا أمام الملايين كما شتمنا وأهاننا أمام  الملايين . وفي صورة تجاهل هذه الرسالة وعدم الرد فسنستعمل كل الطرق الاحتجاجية القانونية السلمية والمدنية لرد الاعتبار لنا كتونسيين وطنيين أحرار وفي انتظار ذلك لكم سيدي مدير الاتصال بقناة نسمة احترامي ومودتي والسلام على من أحترم الإنسان عادل السمعلي مشرف ومؤطرمجموعات على الفيسبوك مدير فرع بنك تجاري تونس العاصمة  


من صنع الثورة في تونس؟


ربما يبدو سؤال من صنع الثورة في تونس غريبا عن سامعه أو ربما يكون من الأسئلة « الصعب الممتنع »، فهو التساؤل الذي يمكن أن يجيب عليه أي مواطن بالقول أنني شاركت في الثورة و صنعتها أنا… حتى أنه أصبح أشد أعداء الثورة من الذين كانوا يسبّحون بحمد العهد البائد و يقتاتون من فتاته بالتملق و التزلف يعتصمون و يحتجون مدعين أنهم كانوا ضحايا لهذا العهد و ما الوقفات و الاعتصامات التي قاموا بها المعتمدون أخيرا منّا ببعيد. و قد لا نستغرب اذا رأينا في ساحة القصبة تجمّعيون معتصمون للمطالبة برد الاعتبار للحزب المنحل بدعوة أنه ظلم سابقا فالثورة تعتبر للبعض فرصة يمكن أن تحقق لهم ما لا يحلمون به. لقد سميت الثورة بثورة الشباب، بالرغم من أننا لم نرى الى يومنا هذا أي من هؤلاء الشباب يستشاروا في أمور البلاد و العباد، غير أن حتى هذه الصفة وجب التوقف عليها فقد رأينا الثورة و قد ضمت الصغار و الكبار النساء و الرجال، الشباب و الشيوخ و نسبتها الى فئة دون أخرى هو اجحاف في حق البقية و لكن يمكن أن تسمى بثورة الشباب من باب التحفز و الايحاء بالقوّة و الشدّة كما سمّاها البعض من قبل بثورة الياسمين نسبة لعطرهذا البلد لا أن يصبح الشباب الممثل الشرعي و الوحيد للثورة فهذا ما كنا نخشاه لما سيترتب عليه من مطالب و استحقاقات لم تكن من خصائص الثورة كما أنها لم تكن من متطلباتها. و قبل أن نجيب عن سؤال من صنع الثورة في تونس؟ لابد أن نرجع الى الوراء قليلا لما يسمى بسنوات الجمر بداية التسعينات و حتى سنوات قليلة من الاطاحة بالرئيس الفار عندما بلغ عدد المعتقلين من حركة النهضة أكثر من ثلاثون ألف كان آخرهم الدكتور صادق شورو الذي قضى أكثر من عشرون سنة وراء القضبان في ظروف أقل ما يقال عنها أنها لا انسانية اضافة الى عشرات الشهداء و مئات المهجّرين قبل أن يأتي الدور على الحزب الديمقراطي التقدمي و قيادته و جريدته التي كانت تمنع قبل توزيعها أو تسحب من الأكشاك مرورا بأعضاء المجتمع المدني كالدكتور منصف المرزوقي الذي ذاق الأمرين من تصرفات صبيانية كالاعتداء عليه بالسب و الشتم و تسليط عليه أراذل القوم ليتهموه بالعمالة بل ليضربوه بالبيض في بلده أمام مرأى و مسمع من السلطات الأمنية بل و بتواطئ منهم ليختار مرغما الهجرة خارج بلاده و كذلك المحامية الفاضلة النصراوي و زوجها حمة الهمامي وصولا الى السيدتين الشامختين سهام بن سدرين و أم زياد و ما كانا يلاقيانه من اعتداءات سخيفة عند مغادرتهما مطار تونس قرطاج و أيضا الأستاذ عبد الرؤوف العيادي و الأستاذ طارق السويسي و الأستاذ محمد عبو و الأستاذة العكرمي و القاضي اليحياوي و كذلك أصحاب القلم الحر الفاهم بوكدوس و زهير بن مخلوف الذي لفقت له تهمة كيدية و سليم بوخذير الذي أطرد من عمله بجريدة الشروق و عبد الله الزواري الصحفي المنفي في وطنه حتى نصل الى ضحايا قانون الارهاب من خيرة شباب تونس أخرجوا من معاهدهم و جامعاتهم ليساقوا الى السجون و ما ثورة المنطقة المنجمية التي أخمدت بالنار و الحديد عنا ببعيد و ما لاقاه عدنان الحاجي و الأستاذة زكية الضيفاوي كقيادة لهذه الاحتجاجات و لتصل عبرهم الرسالة لمن يريد أن ينتفض ضد الدكتاتورية لابد أن يتحمل مسؤولية ذلك ولا ننسى عمي علي بن سالم الذي حارب الاستعمار فجاء بن علي ليضعه رهن المتابعة و التضييق. ربما لا يتسع المجال الى ذكر كل من اكتوى بنار العهد البائد من أحرار تونس بل ربما لم نسمع بكثير منهم لأنهم فضلوا الانسحاب أو المقاومة دون أن يسمع بهم أحد حتى أصبحت كلمة تونس مرتبطة، في المحافل الدولية، ارتباطا وثيقا بالاعتداء على حقوق الانسان و بالعداوة لحرية التعبير. و عندما أضرم محمد البوعزيزي، (نسأل الله له الرحمة و المغفرة)، في نفسه النار اعتبره البعض مفجر الثورة في حين اعتبره البعض الآخر « القشة التي قصمت ظهر البعير » فقد تعود الشعب التونسي أنه اذا وقع عليه الظلم من طرف الطغمة الحاكمة أن يحتسب أمره لله حتى شاع عنه أنه شعب جبان لا يستطيع أن يدافع عن نفسه في حين ذهب من يقرأ وراء السطور أن الشعب التونسي يستجمع أسباب ثورته حتى اذا جاءت ساعتها لن يقف أمامها أحد بل وجب الوقوف اليها احتراما حتى في الكنغرس الأمريكي و هو فعلا ما وقع… و خلاصة القول أن الثورة التونسية لم يقم بها أحد دون غيره و من الاجحاف و الظلم بل قل من التبسيط المخل اعتبار الفيسبوك أو المظاهرات التي أقيمت قبل هروب الرئيس السابق، بالرغم من اكبارنا لتلك الأعمال و تقديرنا لها، هي من صنعت الثورة، فهي تراكمات لعقدين كاملين من الظلم و القهر و الاهانة كانت تنتظر أمر الركوب في السفينة التي صنعتها بالرغم من اختيار البعض الايواء الى الجبل لطلب العصمة و هو ما لاحظناه في مقاومة الثورة من طرف أفول العهد البائد و من التجمعيين و غيرهم ممن أصبحت مصالحهم الشخصية محل سؤال و تتبعات عدلية و لكن الثورة تنسج مسارها بهدوء و خطا ثابتة و يحرصها في ذلك أصحاب الهمم العالية من شباب و شابات و كهول و شيوخ وأحزاب صادقة مع مجتمعها و جمعيات حقوقية و مدنية و اعلامية لا تبغي الا ازدهار تونس و مناعتها و ستكون لهم الكلمة باذن الله لانه كما قال أبو القاسم الشابي: اذا الشعب أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر … و لذا وجب التصدي للتصريحات التي لا يقصد منها الا بث الشك في الوطنيين و محاكمة نوايهم و التي تخرج علينا من حين الى آخر لاتهام أناس كانوا أول من وقف في وجه الظلم لسنوات طويلة وتصدوا بصدورهم العارية في حين اختار البعض السلامة لسبب أو لآخر. فكما اجتمعنا أيام الثورة و أصبح الشعب كله ملتحما يواسي بعضه البعض و يؤثر بعضه البعض و لم ترفع غير راية الوطن فانصهرت الأحزاب و الجمعيات و المؤسسات و غيرها وراء تونس لابد أن نحافظ على تلك اللحمة و تلك الهبة فنختلف و نتحاور و نتجادل لكن دون أن نحاكم النوايا أو نكيل التهم فكل منا يخدم تونس من وجهته و حسب قناعته لأن الاختلاف لا يفسد للود قضية و تونس فوق الجميع. حفظ الله تونس و ثورتها من قوى الردة و الرجعة … رضا المشرقي / ايطاليا (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس)، بتاريخ 19 مارس 2011)
 


في فن الجلوس


بعض المثقفين من » الشخصيات الوطنية »  غضبوا أيما غضب لما دخل القضاة إلى مجلس حماية الثورة جنبا إلى جنب مع الأحزاب السياسية. حدثونا ببراعة عن استقلالية القاضي وحياده ، فصدقناهم. ذهب المجلس وعوضته  » الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي  والانتقال الديمقراطي  » فوجدناهم جنبا إلى جنب مع القضاة والأحزاب السياسية… لا شك أن هؤلاء سوف يحترزون في أول اجتماع للهيئة على وجود القضاة صلبها انسجاما مع رأيهم وقد يغادرونها إذا رفض القضاة مغادرتها   ولا شك لدينا  أيضا أن المبدأ عند هؤلاء أفضل بكثير من  متعة الجلوس قبل الثورة وبعدها   .                                                                                عبدالسلام الككلي الموقف 18 مارس 2011


العين الثالثة على تونس (5) : متآمرون على اللغة والدين !


مرسل الكسيبي
ربما أبدى البعض من غلاة اللائكية فرحته العارمة بتعطيل العمل بالدستور من باب استبشاره بتعطيل أهم فصل ورد فيه:  » تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة ، الإسلام دينها , العربية لغتها و الجمهورية نظامها  » … فصل أول لخص آلام قادة الحركة الوطنية وتضحيات أجيال مناضلة سبقت في نيل حضوة ورضى الشعب التونسي , حين تنافس على عضوية المجلس القومي التأسيسي سنة 1956 أعضاء عن الحزب الشيوعي التونسي- ممثل في 12 دائرة من جملة 18 ضمّت 69 مترشّحا , مقابل 98 مترشحا عن « الجبهة القومية » التي ضمت عناصر الحزب الحر الدستوري والمنظمات الوطنية , مع منافسة محدودة ل4 مرشحين مستقلين في دائرة سوسة . قاطع التيار اليوسفي بصفته تيارا عروبيا مختلفا مع الرؤية البورقيبية آنذاك تلكم الانتخابات وحرض عليها , الا أن تشكيلة المجلس انبثقت عن ارادة شعبية انتصرت للهوية لغة عربية ودينا اسلاميا … لم يستطع الحزب الشيوعي يومذاك أن يمثل ارادة الناخبين ولاتطلع الشارع , وسقط في اختبار هوية الدستور والدولة ,منذ الأيام الأولى للاستقلال … استمر عمل المجلس القومي التأسيس ثلاث سنوات , ابتداء من 8 أفريل 1956 تاريخ انعقاد أولى جلساته , وصولا الى 1 جانفي 1959 تاريخ الاعلان عن ميلاد أول دستور للجمهورية التونسية … ولئن شكلت موضوعات : طبيعة النظام السياسي , والجمع بين جنسيتين في تقلد المناصب العامة بالدولة , ومشاركة المرأة في الحياة السياسية , وقضية سد شغور منصب رئاسة الجمهورية وحصانة النواب  , محاور جدل هام في أشغال المجلس …, الا أن الرأي العام القومي التأسيسي اجتمع على ضرورة احترام مقدسات البلاد : لغة ودينا وسيادة … فكر البعض من أعضاء مجلس 56 في تطويع نظام البايات وتحويله الى ملكية دستورية , الا أن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة اتجه الى استثمار تراجع السلطة الحسينية وصعود نجم حزب الدستور الجديد لاعلان النظام الجمهوري بتاريخ 25 جويلية 1957 … موضوع الهوية الوطنية كان محل اجماع واسع لدى قادة الحزب الحر الدستوري بشقيه القديم والجديد , اذ رغم تأثر برورقيبة بدراسته الفرنسية وانبهاره الواسع بشخصية مصطفى كمال أتاتورك , الا أنه لم يفتح الباب أمام مقامرات فكرية وسياسية دستورية , كان من الممكن أن تعيد التيار اليوسفي الى تصدر واجهة المشهد السياسي الوطني من باب مزايدة خصمه في موضوع الهوية … بدى المجلس قاطعا وحاسما في الانتصار لدين البلاد واللغة الوطنية , برغم عدم تنصيصه بصريح العبارة على اعتماد الاسلام كمصدر أول للتشريع كما هو حاصل في دساتير عربية أخرى … كانت صيغة الفصل الأول من دستور 1959 صيغة جامعة , في بساطتها مانعة , اذ لخصت أهم ماتطلع اليه التونسيون والتونسيات أيام كفاحهم ضد الاستعمار … وربما لم يخطر على بال جيل الاستقلال الأول أن ينصص في الفصل الأول على أهمية العدل والحرية والكرامة في روح التشريعات ونصوصها الحرفية , الا أن غياب ذلك قد يكون مفهوما في ظل تسليم الجميع بوطنية الدولة وتطلعها بداهة الى تحقيق ماغيبه الاستعمار… غابت الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة عن السياق الوطني الحديث في ظل مااعترى الدولة من انحرافات خطيرة , وتراجعت مكانة الاسلام في حياة الساسة الرسميين في ظل اجتهادات بورقيبية اتسمت بكثير من الاستنساخ للتجارب اليعقوبية الفرنسية . الثابت أن حياة التونسيين والتونسيات امتزجت الى حد بعيد بما سطره بورقيبة من رؤى عن الاسلام والحياة والمعاصرة , الا أن أبناء تونس وبناتها ظلوا الى حد بعيد متمسكين بالهوية الاسلامية وباللغة العربية , رغم عمق ايمانهم بمتطلبات التحديث على صعيد مسالك العلم ومدارج المعرفة وبعض بنى المجتمع … كان بورقيبة في نظر أبناء شعبه زعيما وطنيا مقتدرا , الا أنهم اختلفوا معه في قضايا الحرية والمأسسة والدمقراطية والايمان بالتعدد والاختلاف , كما أنهم خالفوه في تعمده تقزيم دور الاسلام في الحياة العامة , أو في نظرته للمؤسسة الزيتونية التي تحولت على عهده ومن بعده مؤسسة ضعيفة غير قادرة على الاجابة على تحديات الحداثة والمعاصرة … ناور بن علي حين قدم الى السلطة سنة 1987 , وأوهم الكثيرين باعتماد نهج الاصلاح الديني والسياسي , الا أنه سرعان ماكشف عن شمولية أطاحت بتهذيب العلاقة بين الاسلام والدولة , كما أطاحت بتشذيب علاقة الدولة بالمجتمع , حين كشف الأخير عن فردانية الحكم من خلال ركوب صورة بطل مكافحة سراب الارهاب ! تبدو  تونس وبعد أشهر قليلة , أمام تصحيح دستوري استراتيجي وهام , سيكون محور الهوية وعلاقة الدولة فيه بالاسلام واللغة , المدخل الرئيس الى تحقيق الاصلاح أو التعديل الذي أحدثته الثورة في حياة الناس …, فاما أن تستعيد الدولة التونسية حيوية الحرية والكرامة والانتماء الديني والحضاري واللغوي من خلال نصوص تأسيسية حاسمة , أو نترك الدستور في فقراته الفاصلة الى هيامية الاختيار أو تعسفه في تحديد مفاصل وحدود وطنية الوطن وهوية كتلته البشرية المؤسسة لواحدة من أهم عناصر الدولة … هل نحن شعب بلا هوية ؟! , أم أننا شعب بهوية وطنية : أهم مكوناتها العربية كلغة , الاسلام كدين , الحرية كأساس تكريم وتكليف , والكرامة كمشترك جماعي وفردي وتطلع ذهني ونفسي ومادي… معركة الدستور , معركة الهوية , معركة الحرية ومعركة الكرامة والعدل .., معارك لاتقل أهمية في روح ونص الدستور عن معارك أخرى تكمن في المأسسة والتنمية والتأهيل والصحة والتعليم وبناء مكامن قوة الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية … هل يستطيع التونسيون بعد اشهر قليلة كسب مقدمة أم المعارك عبر افراز مجلس وطني تأسيسي معبر عن ارادة الشعب  ؟, ومن ثمة التوافق على صياغات حاسمة لهوية البلاد ومقتضيات الحرية والكرامة والعدل, أم يدب الخلاف الايديولوجي الى نقاشات الساسة ليصبح موضوع الهوية منذرا بثورة وطنية ثانية تعيد تشكيل المنطقة على أساسي الحرية والانتماء ؟ أسئلة تبقى أجوبتها خفية ثم معلنة في أصوات الناخبين … حرره مرسل الكسيبي* بتاريخ 21 مارس 2011 *كاتب واعلامي تونسي مقيم بألمانيا .
 


جلبير الأشقر في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: نحو بناء حركة يسارية جديدة في سياق الانتفاضات الجماهيرية


الحوار المتمدن – العدد: 3311 – 2011 / 3 / 20 المحور: مقابلات و حوارات   أجرت الحوار: منال نصر الله
من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا – 39 – سيكون مع الأستاذ د.جلبير الأشقر حول: نحو بناء حركة يسارية جديدة في سياق الانتفاضات الجماهيرية.     1- ما هي مستلزمات دفع الحركة اليسارية في ضوء احتجاجات وانتفاضات وثورات الجماهير في المنطقة صوب الخلاص من الدكتاتوريات والنظم غير الديمقراطية وبناء مجتمعاتها المدنية وتحقيق العدالة الاجتماعية؟ وكيف تقيم تأثيرات ذلك الحراك الجماهيري الواسع على الحركة اليسارية والعمالية عربيا وعالميا؟
دعني أولاً اشكركم على اهتمامكم وعلى المساهمة القيّمة لموقعكم في مهمة ارساء الأسس لنهوض يساري جديد في المنطقة، وهي مهمة لا بدّ من « حوار متمدّن » في صفوف اليسار في سبيل إنجاحها. وإعذرني ثانياً لأنني هنا، في صدد الردّ على سؤالك وهو يتعلّق بآفاق بناء الحركة اليسارية، سوف اقتبس من المقابلة حول « اليسار العربي » التي أجراها معي وائل عبد الرحيم في خريف سنة 2009 ونشرتها مجلة « الآداب » في عددها الصادر في نيسان/أبريل 2010، أي قبل سنة، وهي متوفرة على موقع المجلة وكذلك على موقعكم. فقد قلت آنذاك:
« إن المسألة الرئيسيّة إزاء البناء المستقبلي لليسار العربيّ هي طبعًا مواقفُه وممارستُه في ساحته. والظاهرة الأساسيّة التي رافقتْ أفولَ اليسار منذ أواخر السبعينيّات هي احتلالُ التيّارات السلفيّة الدينيّة ساحتَي الكفاح الوطنيّ والمعارضة الشعبيّة للأنظمة. هذه هي المعضلة الرئيسيّة التي تواجه اليسارَ العربيّ. فالمشروع اليساريّ في المنطقة العربيّة يصطدم بهذا الجدار على أرض النضال الشعبيّ قبل أن يصطدمَ بالأنظمة. لذلك أقول إنّ على اليسار أولاً، إذا أراد أن يتمكّنَ من بناء ذاته، أن يكون يسارًا كاملَ الهوية. فأيُّ يسارٍ ينتقص من هويّته ويسْتر بعضَ قيَمه بغية التعاون أو التحالف مع قوًى أخرى، دينيّةٍ أو غير دينيّة، فإنّ هذه القوى ستبتلعه. وعلى اليسار أن يكون وفيّاً لكافة القيَم التحرريّة بحيث يؤكّد تمايزَه عن الأطراف المنافسة له في كسب العطف الجماهيريّ. غير أنّ ذلك لا يتنافى مع عقد العلاقة مع الأطراف الأخرى، وإنْ كانت دينيّة، في النضال ضدّ الصهيونيّة والإمبرياليّة، أو في مواجهة قمع الأنظمة، للأسباب التي سبق أن شرحتُها، ومع الالتزام بشروط التحالف كما وصفتُها. ..
.* ما حظوظ هذه المهمّة من النجاح؟
ـ المهمّة صعبة بالتأكيد، وقد كنتُ شديدَ التشاؤم طوال ربع القرن الأخير، بعد أن توصّلتُ إلى إدراك انسداد الأفق أمام اليسار العربيّ منذ أوائل الثمانينيّات. فقد أدركتُ أنّ صعودَ التيّار السلفيّ ناتجٌ من الإخفاق التاريخيّ لليسار القديم، ومن عجز اليسار الجديد عن فرض نفسه بعد العام 1967، علمًا أنّ هناك عواملَ أخرى انضافت إلى ذلك، ومنها استعمالُ الأنظمة للتيّارات الدينيّة في ضرب اليسار الجديد. وقد ترك إخفاقُ اليسار الجديد مجالاً مفتوحًا أمام التيّار الدينيّ بوصفه الحركة الوحيدة التي لم تُجرَّبْ حتى ذلك الوقت: فقد أظهرت القوى الليبراليّة العربيّة تقاعسَها في وجه الإمبرياليّة والصهيونيّة منذ الأربعينيّات، وجُرّب القوميون من بعدها وفقدوا الصدقيّة، وتأكّد العجزُ التاريخيّ لليسار الشيوعيّ التابع للاتحاد السوفياتيّ، وأخفق اليسارُ الجديدُ الذي ظهر بعد العام 1967. وكان تقييمي منذ أول الثمانينيّات أنّ الموجة السلفيّة ليست بموجةٍ آنيّةٍ ستزول بعد ثلاث سنواتٍ أو أربع، بل ستبقى مهيمنة حتى حصول أحد أمرين: ظهور بديلٍ لها ذي مصداقيّة، أو إخفاقها من خلال أزماتها الداخليّة. والحال أنه لم يحصلْ أيٌّ من الأمرين منذ الثمانينيّات. أما اليوم فأرى بوادرَ تحقيق الشرطين بالتزامن: أولاً، ظهرتْ بوادرُ تأزّم التيّار الدينيّ في تجربة غزّة والإمارة الحماسيّة وتناقضاتها الداخليّة. والأهمّ منها، طبعًا، الأزمةُ في إيران، وهي لاتزال في بداياتها، ولا ندري كيف ستتطوّر، لكنّ تعمّقها ليس بالمستبعَد. ومثلما أدّت الثورةُ الإيرانيّة سنة 1979 إلى إعطاء قوة دفعٍ هائلةٍ للتيّارات السلفيّة الإسلاميّة على اختلاف أشكالها، فإنّ تأزّم التجربة الإيرانيّة (إذا تأكّد) سيسهم في تأزيم المشروع السلفيّ برمّته وإفقاده الصدقيّة. ثانيًا، نشهد بدايةً جديدةً لصعود قوةٍ بديلةٍ في الساحة الجماهيريّة، تتجلّى في تصاعد الصراع الطبقيّ والنضالات العمّاليّة في عددٍ من البلدان العربيّة من المغرب الأقصى إلى الأردن والعراق، مع وجود مصر في الصدارة حيث تتطوّر منذ ثلاث سنوات أعظمُ موجةٍ للنضالات العمّاليّة منذ أكثر من نصف قرن. وقد أدّى هذا التحرّكُ الطبقيّ في مصر، للمرة الأولى منذ العهد الناصريّ، إلى قيام نقابةٍ مستقلّةٍ هي « نقابة موظّفي الضرائب العقاريّة، » وهناك محاولاتٌ لتكرار التجربة في قطاعاتٍ أخرى. أما التيّار الدينيّ فشبهُ غائبٍ عن هذه الساحة، والناشطون فيها يساريون بالمعنى الواسع لليسار الذي يَجْمع الناصريين الجذريين إلى الماركسيين.
*أهذه إشاراتُ تفاؤل؟
 ـ إنها بوادرُ لا أكثر، في الوقت الراهن. لكنها كافية لتجعلني أشعر ببعض التفاؤل للمرّة الأولى منذ أكثر من ربع قرن، وإنْ بشكلٍ محدودٍ وحذر. أشعر أننا على عتبة منعطفٍ تاريخيّ، وأمام بداية النهاية للحقبة التاريخيّة التي تلت اندثارَ الحركة القوميّة، وربّما بوادر موجةٍ جديدة. وإذا استمرّت وتعمّقت الظاهرتان اللتان تحدّثتُ عنهما ـ أزمةُ التيّارات الدينيّة وصعودُ الموجة الطبقيّة ـ فعندها يمكن أن تنضج ظروفٌ مؤاتيةٌ لبناء الحركة اليساريّة من جديد. لقد ضاعت الفرصةُ الأولى بعد هزيمة 1967، وعلى اليسار العربيّ أن لا يضيّع الفرصة المقبلة. »
كان هذا كلامي في خريف عام 2009. وها نحن نقف أمام موجة عارمة من النضال الجماهيري لم يكن أحد ليتوقّع مثلها بذلك الإتساع وبتلك السرعة في الإمتداد. وقد تميّزت الموجة الثورية بعاملين أساسيين، بالأخص في تجليها الأعظم حتى الآن في تونس ومصر. العامل الأول هو أن المبادرة لم تكن في يد التيار الديني، بل قاد الحراك الجماهيري ائتلاف من القوى الديموقراطية الليبرالية والإصلاحية واليسارية إنضمّ اليه التيار الديني دون أن يستطيع هذا الأخير فرض هيمنته. والعامل الثاني هو امتزاج الإنتفاضة الديموقراطية بموجة نضال طبقي ودخول الطبقة العاملة المعترك بشتى الأشكال، ولعبها دوراً هاماً في حسم معركة إسقاط رموز الدكتاتورية ومن ثمّ تعميق المكاسب الديموقراطية. وها نحن نقف في مصر أمام إنقسام جليّ بين الأخوان المسلمين الذين يتعاونون مع قيادة المؤسسة العسكرية وبقايا النظام في ضبط « إنتقال منظّم » الى حالة من الديموقراطية البرلمانية تحت رقابة عسكرية، بينما تقف القوى الديموقراطية الليبرالية والإصلاحية واليسارية في الصف المواجه محاوِلةً دفع التغيير الديموقراطي الى الأمام والتصدّي لترقيع النظام تحت إشراف عسكري-إخونجي. وهذا الفرز السياسي الهام بالتضافر مع صعود النضال العمالي يوفّران لليساريين فرصة ثمينة جداً لكي يبنوا قوة معارضة ديموقراطية وطنية طبقية تطمح الى الترقّي الى مستوى بديل ذي مصداقية للنظام القائم، بعد عقود من احتكار التيار الديني لهذا الدور. أما الشرط الرئيسي الأكيد لتحقيق ذلك فهو الذي أشرت اليه قبل أكثر من سنة، ألا وهو أن يكون اليسار وفياً حقاً لكامل القيم التقدّمية واليسارية، أي أن يكون أولاً وفياً بشكل كامل وبلا تجزئة للديموقراطية، بما في ذلك نقد كافة الأنظمة الدكتاتورية، حتى تلك التي تقف في مواجهة الإمبريالية الأميركية أو الصهيونية، اذ كفانا سكوت عن الدكتاتورية بحجة الوطنية وبالمقابل سكوت عن التبعية للإمبريالية بحجة الديموقراطية. وبالتالي أن يكون اليسار ثانياً جذرياً في تصدّيه للإمبريالية والصهيونية وفي نضاله من أجل فك التبعية الإقتصادية والعسكرية والسياسية، وقادراً على اعادة رفع راية التوحيد القومي العربي بعد سقوطها في العقود الأخيرة، وأن يكون كذلك مدافعاً بصرامة عن حقوق الأقليات القومية والإثنية الموجودة في المنطقة العربية. وأن يكون ثالثاً وفياً لمعركة تحرر النساء – وأشدّد هنا على تعبير « تحرّر » (بالقوى الذاتية أولاً) بتمايزه عن « تحرير » – وكذلك وفياً للنضال من أجل العلمانية، بمعنى فصل الدين عن الدولة، وهي شرط أساسي لا ديموقراطية حقيقية بدون توفّره. وأن يقف رابعاً في طليعة النضال ضد الإستغلال ومن أجل مصالح الجماهير الكادحة الآنية في تحسين شروط عيشها، ومصالحها المستقبلية في تحقيق المساواة الإجتماعية. إن الوفاء لهذه الأبعاد مجتمعة بلا إنقاص ولا إغفال تحت شتى الحجج « المرحلية » هو الشرط الذي بدونه لا مجال لليسار ليبني نفسه بديلاً عن الأوضاع القائمة.
2- ثمة تيارات مختلفة ادعت وتدعي انتسابها للماركسية، و يعتقد كل تيار أنه يمثل الماركسية الحق دون التيارات الأخرى، إلام َ يعود هذا التنوع في طيف الماركسيين الواسع؟ و هل تؤمنون بوجود معايير موضوعية لتفكيك هذه التيارات وفرزها وتشذيبها وتوحيدها؟ ووفق ذلك كيف ترون أسس الفهم والاستيعاب الصحيحين للماركسية في الألفية الثالثة؟
سؤالك الوجيه يشير الى شرط آخر من شروط استنهاض حركة يسارية جديدة في منطقتنا، ألا وهو تخطي العصبوية والشرذمة اللتين ساهمتا في إضعاف اليسار في هذه البقعة من العالم. وكيف باليسار أن يقنع اذا كان منقسماً الى جماعات تندّد الواحدة بالأخرى وتدّعي كل واحدة منها أنها تمتلك التفسير الصائب الوحيد لماركسية تغدو أشبه بالديانات مع انقسامها الى شيع شتى كل واحدة منها تدّعي احتكار الإيمان الصحيح. والحال ان التنوّع في طيف الماركسيين الواسع، كما تقول، انما هو ظاهرة طبيعية وصحيّة اذ تعاملنا مع الماركسية بصيغة غير دينية، بل سياسية وعلمية. فإن علم الإجتماع الإنساني ليس بعلم مبني على حقائق ثابتة كتلك التي تستند اليها علوم الطبيعة. ولا بدّ من تنوّع وجدال نظريين في صفوف الماركسيين اذا كان للفكر الماركسي أن يحيى وأن يكون منتجاً. فالحقيقة بنت النقاش، كما قال أحد فلاسفة العلوم، وليست بنت التجانس. كما لا بدّ من تنوّع وجدال سياسيين في صفوف الماركسيين اذا أرادوا أن يتوصّلوا الى رسم سياسات ناجحة. واذا كان الماركسيون عاجزين أن يتعايشوا ديموقراطياً في صفوف الحركة الواحدة، دون اللجؤ الى مرادفات القمع كالتجميد والطرد بسبب اختلاف الآراء وحتى الممارسات في حدود الإتفاق العام على المبادئ الأساسية، فكيف بهم أن يقنعوا الآخرين بأنهم ملتزمين بقيم الديموقراطية غير منقوصة؟ ولا بدّ لصيغ التنظيم المعاصرة أن تضع الديموقراطية  في المكان الأول، وتحيل المركزية الى المرتبة الثانية وبمفهوم غير قمعي للمركزية، بل بمفهوم طوعي. وهذا درس جسّدته الحركات الشبابية التي تطورت عبر العالم في السنين الأخيرة.
3- هل ثمة من أرضية الآن لبناء خيمة تفاهم وعمل مشتركين بين الماركسيين و اللبراليين و إسلاميين معتدلين و قوميين علمانيين، لمرحلة معينة في سبيل إحياء حركة التحديث وبناء الدول المدنية على أنقاض الأنظمة الشمولية والدكتاتورية في العالم العربي؟
ان اتساع مثل هذه الأرضية يرتهن بالزمان والمكان الذي نتكلّم عنهما. ففي المثل المصري الراهن الذي أشرت اليه رأينا كيف انتقلنا من تحالف معارض واسع ضمّ الأخوان (اذا أردت تصنيفهم بين الإسلاميين المعتدلين، وهذا خاضع للنقاش بالطبع) وحزب الوسط الأكثر إعتدالاً الى خروج الطرفين من التحالف وتعاونهما مع المؤسسة العسكرية، في حين لا يزال التحالف قائماً بين اليساريين على اختلاف أنواعهم والديموقراطيين الليبراليين والإصلاحيين في النضال من أجل استكمال سيرورة الثورة الديموقراطية غير المنتهية والتي تسعى القيادة العسكرية الى لجمها. أما أبعد من ذلك، فأرى أن المهمة الأساسية في المنطقة هي بناء أحزاب عمّالية وكادحة عريضة وبالمعنى الواسع لليسار، أي أحزاب تضمّ اليسار الماركسي واليسار القومي وحتى اليسار الديني اذا توفّر، على أن تستند تلك الأحزاب الى أرضية ديموقراطية ووطنية وإجتماعية-طبقية يسارية مشتركة.
4- كان للشباب والانترنت الدور الكبير في الحراك الجماهيري الكبير في العالم العربي، إلا يتطلب ذلك إعادة النظر في الكثير من مفاهيم واليات عمل الأحزاب والقوى الماركسية و اليسارية نحو التحديث بالاستناد إلى التطور المعرفي والتقني؟
بالتأكيد، وهذا ما قصدته في تلميحي في نهاية ردّي على السؤال قبل السابق الى الدرس الذي جسّدته الحركات الشبابية التي تطورت عبر العالم في السنين الأخيرة. وأقصد بذلك الديموقراطية الأفقية والتنظيم الذي يعتمد على شبكات التبادل والحوار والتنسيق والتنظيم. فيمكن أن نقول عن الشكل التنظيمي ما يقوله المنهج الماركسي عن البنية الفوقية بما فيها شكل الدولة. فهذه البنية يعتمد شكلها في التحليل الأخير على طبيعة القوى المنتجة المتمحورة حول التكنولوجيا السائدة. وكذلك فلا بدّ للشكل التنظيمي أن يتكيّف مع التكنولوجيا المتاحة في الإتصال وتبادل المعلومات. فلا يجوز الإبقاء في عصر الإنترنت على أشكال تنظيمية يعود أصلها الى عهد المطبعة السرّية. عن الحوار المتمدن  


الهوية والمواطنة الإسلام والليبرالية بين « علمانية الدولة » و »ثوابت المجتمع »… أو « فنّ الاستعصاء » على « الوعي المستورد » والإقصاء  


رياض الجوادي   التعليقات: 1
نحن في زمان لا وُجود فه لمفاهيم « بريئة »، خاصة تلك التي تفد علينا من المجتمعات التي أضحت علَما على التّفنّن في « صناعة المفاهيم »، وعلى البراعة في « إدارة حروب المفاهيم »، تسندها ماكينة إعلامية دعائية ضخمة، ومراكز دراسات إستراتيجية ترسم الخطط المحكمة لإعادة تشكيل الوعي الإنساني، وتُولي اهتماما خاصّا بالوعي العربي الإسلامي لِما أظهره من « الاستعصاء » على سياسة « التدجين » و »التعليب » العالمي. وقد بدأَت تُدركُ منذ زمن بأنّ مرجع هذا الاستعصاء هو تلك « الثوابت » الإسلامية التي مازالت تفعل فعلَها في شخصية العربي المسلم من « المغرب » حتى « إندونيسيا »، وهي التي مازالت تضمن ذلك الزّخم الهائل والاستثنائي من « الاستنفار » و »التعبئة » في مواجهة كلّ ما يُمكن أن يمَسّ تلك الثوابت. 1/ اللائكية تحييد للثوابت: وأمام هذا النوع « الغريب » وغير المفهوم من « المرابطة » و »الاستعصاء » الذي يكاد يكون تلقائيّا، كان لا بدّ من سياسة « إقصاء » و »التفاف » و »احتواء ». وما رأيناه ومازلنا نراه من محاولات تجفيف المنابع، منابع الدين والثقافة العربية الإسلامية، ما هو إلا تجلّ من تجلّيات « الإقصاء » للمقوّمات الأساسية للشخصية العربية الإسلامية حتى يُضْمَن تسليمُها للوصفات الجاهزة التي تَفِد عليها، وحتّى يُسعَد بأن يُرَى اصطفافُها مع غيرها في « طوابير » الاستهلاك « القيميّ » و »الثقافي » بعد أن شُوهِدت وهي تَكْرع دون قيد أو شرط ما يُملى عليها من موادّ صناعية وفلاحية وخدماتية. ووسط إرادة « التركيع » الثقافي التي يَشِي بها خطابُ الغالب منذ انتدب نفسَه « معمِّرا » لأرض الغير قسرا في حروب « استعمارية » لم تنجح في أن تُبلِّغَه مطالبَه كاملة، إلى أن انتدب نفسَه وصيّا على « حقوق الإنسان » يُوزّع شهاداتها ونياشينَها على من يشاء، ويُعلّقها على صدورٍ لم تكن دائمًا مخلِصة لأوطانها ورسالتها، بِيَدٍ لم تكن أبدًا بريئةً من التّلاعب بمصائر الشعوب، ولا بريئة من دماء الأبرياء في العراق وفلسطين وفي مواطن كثيرة من قبلهما ومن بعدهما، ولا بريئةً حتّى من التفنُّن في انتهاك حقوق الإنسان، وما سجن « أبو غريب » ولا سجن « غوانتنامو » عنّا ببعيد… وسط إرادة التّركيع هذه، كانت « حرب المفاهيم » قائمة على أشدّها، تُهيّئ العقول لاستعمار من نوع جديد، وتحاول اختراق ما تبَقّى من الثقافات المتحصنة خلف « ثوابتها »، وبلغ العبث بالمفاهيم أنّك صِرت ترى من يعتَبر دفاعَ المستضعَفين عن أنفسهم بأجسادهم وبفلذات أكبادهم « إرهابا » لا يُمكن تفهّمُه بحال، بينما يعتبر قصفَ « المستعمَرين » العُزّل والمحاصَرين في كلّ مكان بطائرات لا تُميّز بين كبير ولا رضيع، أو بين حجارة تُنسف ولا كبِد أُمّ يُفتّت، ترى ذلك دفاعا عن النفس مشروعا، واستعمالا للعنف متفهَّمًا، لن يبلُغ أبدا أن يكون إرهابًا، مادامت المصانعُ التي « تصكّ المفاهيمَ » هي التي تُوزّع الحقّ لا بإرادة الحق والعدل، بل بإرادة القوّة والغلبة، إذ في منطق هؤلاء « لا حقّ » ولا « عدل » مطلقان لذات الحقّ والعدل، وإنما الحقّ هو « حقّ الأقوى والغالب » وما تُمليه مصالحه، والعدلُ هو عدل المنتصر والموزّع للمفاهيم كما يشاء، وكأنني بهؤلاء يُحقّقون مصداق ما قاله « ثراسيماخوس » في حواره مع سقراط: « إنني أُعلن أنّ العدالة ليست إلا صالح الأقوى »[1]. ولذلك كان لا بدّ من وجود حقّ وعدل مطلقين ومحايدين في حياة الإنسانية، لا يخضعان لأهواء الطبقة المسيطرة داخل البلاد أو خارجها، وهو ما يُفسّر كما سنرى في فقرات قادمة مشروعية ظهور الأديان بل وحتميّة ظهورها واستمرار ثوابتها راعيةً للحقّ المطلق الذي لا تتنازعه الأهواء، مهما رُفعت شعارات التشويش على هذه الضرورة بمقولات مثل « نسبية الحق » أو « نسبية العدل » أو « نسبية القيم » والتي وإن كانت قد تجد لها بعض المشروعية فيما يتعلّق بالتنزيل في الواقع، وفي تعلّقها بالوقائع المختلفة، ولكنها تبقى في « المستوى المثالي » معانيَ مطلقةً غيرَ قابلة للتّحريف والتزييف، لأنّنا أصبحنا نعيش أيامنا هذه سطوا على « ثوابت » الأمة والبشرية جمعاء، وجرأةً على تحريفها كلِّها سواء في « مثالية معانيها » أو في « واقعية تنفيذها »… من رحم هذا الواقع « المتخَم » بعدل لا يُشبه العدلَ في شيء، والمغرم بحقّ لا يعرف الحقّ في شيء، والمجنّدة فيه كلّ الطاقات حتّى من داخل تلك الأوطان المملوءة جراحا، لا يُمكن أن ننظر إلى أيّ مفهوم مُصدّر على أنّه بريء من ألف معنى ملغومٍ عُبّئت به كلُّ حروفِه لينسفَ ما تبقَّى من شرف « الاستقلال » وشيء من « الموضوعية » في بناء الخيارات داخل مصانعنا الثقافية دون أن تَغِيب عن وعينا تلك التّرسانة المفاهيمية التي تفِد علينا معبّأة بألف فيروس، بعضها جاء عرضا لأنّ إرادة التعقيم لم تكن حاضرة بالقدر الكافي، ولكنّ أغلبَها أُسكن فيها عن وعي بعدما خُبّئ في ثنايا التاريخ لمثل هذه اللحظة التاريخية في تاريخهم وتاريخنا. وسط هذا المحيط الآسن بكلّ معنًى « براجماتي » بلغ حدّ الانتهازيّةِ، والمتفلّتِ من كل ثابتٍ يُضيّق من مساحة حركة « رؤوس الأموال » التي لم تعُد تعرفُ « وطنًا » إلا ذاتَها ولا قيَمًا إلاَّ قيمها، والحريصِ على إعادة تشكيل الوعي والتاريخ والجغرافيا لمصلحة الغالِب والمهيمن طبعا، لا أقدر أن أتَّخذ موقفا حياديّا من اللائكية (العلمانية على الطريقة الفرنسية)، لأنها دعوة إلى القطع مع الثوابت، ولأنها وهي تزعم مُجرَّد الفصل بين الدين والدولة، تلعب « لعبة الحياد » لحجب المقاصد والغايات البعيدة التي ترنو إليها. إنّ هذه الآلية التي تزعم لنفسها الحيادَ، تُخفي وراء حيادها المزعوم موقفا « تَحيِيدِيًّا » خطيرا لكلّ ما هو قيميّ وأخلاقيّ. لقد تراكمت لللائكية مع الأيّام والتجارب دلالاتٌ ومعاني كثيرةٌ حتّى أضحت جدارَ فصل بين « القيم » من ناحية وبين « التشريع » و »القرارات » و »المواقف » من ناحية ثانية، وبذلك فهي ليست آليةً لرعاية الحرية الدينية كما يزعمون، بقدر ما هي أداة لإفراغ الدّولة وكلِّ نظمِها ومؤسساتها من أي مرجعية أخلاقية إسلامية تكفل رعاية تلك الثوابت الإنسانية، وبذلك تضمن لرأس المال العالميّ الممسِك بتلابيب العالَم أن يُصَدّر المفاهيمَ التي يُريد، ويروّج الأنماط الاستهلاكية التي يشاء، ويُشكّل العقول كما يُحبّ دون ممانعة من أحد، ولا اعتراضٍ من مخالف، ولا استعصاء من قيمة ولا قانون أخلاقي. وإذا كنّا من قبلُ نطرح مسألة « الثابت والمتغير » في الثقافة الإسلامية دفاعا عن حقّ « المتغير » في ظل وعي إسلامي دفعته « حمائيتُه » و »خشيتُه من الذوبان » إلى أن يُثَبّت كلَّ شيء، فإنّي اليوم أطرحها لمقصد مغاير تماما، ذلك أنّ بعضَ أهلنا يعملون اليومَ على نسف كلّ ثوابت الأمة من خلال الدعوة إلى علمانية الدولة، غيرَ غافل على أن هذا البعض ليس واحدا في مرجعيّته وأهدافه: – فبعض هذا البعضِ لا يعي أبعادَ دعوته، وإنما يُدافع عنها حرصا على تحديث الفكر الإسلامي وتغيير واقع المسلمين… – وبعضه الآخر يعي فعلا ما يُريد، ويدعو إلى « اللائكية » لتحجيم حضور القيم الإسلامية في الواقع السياسي والاجتماعي لأنه لا يؤمن بجدواها، ويراها تُمارس عليه في حياته الشخصية، أو في واقعه الاجتماعي، ضغطا آن الأوان أن يتخلّص منه. ولكِلا المرجعيّتين أطْرح هذا المعالجة التحليلية لمسألة الثابت والمتغير في سياق التفكير السياسي للمجتمع العربي الإسلامي، تمهيدا لكشف نماذج من المغالطات التي يُرفَع لواؤها في هذا المنتدى الفكريّ أو في ذاك، وهي مغالطات تتّصل بعلاقة العَلمانيّة « مفهوما » و »ممارسةً » بالمسلمين عموما، وبالتونسيين خصوصا… 2/ فلسفة الإسلام في الثابت والمتغير: لا يمكن فهم المسألة الحضارية والاجتماعية والسياسية في الإسلام إلا من خلال معادلة الثابت والمتغير. وللإسلام في هذه المعادلة فلسفةٌ يمكن رسم معالمها في النقاط التالية: – الثابت أساس للوحدة الثقافية والحضارية التشريعية، والمتغير أساس لمواكبة المتغيرات ومراعاة الفروق بين الأفراد والأزمنة والأمكنة والأحوال، في ظل تقديم الإسلام لنفسه دينا خاتما، ورسالةً صالحةً لكل زمان ومكان. – الثابت ضمين لعدم الخروج عن الخيارات الكبرى للإنسان والمجتمع، والمتغير ضمين للحيوية والحركية التي تستدعيها طبيعةُ الحياة. – الثابت يُضفي الخصوصيةَ على المجتمع والفرد، والمتغير يُتيح مساحةً واسعةً لحركة الإبداع والابتكار. – الثابت حق الله ظاهرا، والمتغير حق الإنسان دائما. وقد قلت بأن الثابت حق لله في الظاهر، لأنه بإمعان النظر، تجد أن حقَّ الله غالبا ليس إلا حقّ المجتمع، أو حقَّ الإنسانية، أو حقَّ الفطرة في الإنسان، لأن الله في منظوراتنا الدينية لا مصلحة له فيما نفعل، بل كل المصلحة لنا، أدركنا منها ما أدركنا، وغاب عنا ما غاب. وإذْ قد بلغتُ هذا الحدَّ من تحليل المسألة، فلا بدّ أن أسوق ملاحظتين أساسيتين: 1- الأولى، أن إظهار العبودية لله يكون بتثبيت الثابت بقدر ما يكون بتغيير المتغيِّر، لأنَّ كليهما تجلّ من تجليات الفقه في الدين: – ردا لله وللرسول، إذ أني أفهم قوله تعالى: « فردوه إلى الله وإلى الرسول » (النساء: 59) على أنّه رجوع للثوابت والقواعد الكلية التي هي المرجع والفيصل عند الاختلاف، كما أنها هي الضمين لاتساق التشريع وأساس منظوميته، وجوهر معقوليته. – واستنباطا ممن يملك الآلة، مصداقا لقوله تعالى: « لعلِمه الذين يستنبطونه منهم » (النساء: 83) – واحتكاما إلى حقّ « المقصد » وحق « المآل »[2]. كما أن كليهما رعاية للعبودية من خلال رعاية « منطق » الشرع و »منطوقه ». 2- الثانية، أن « الثابت والمتغير » ليس خصوصيةً مميّزة للفكر الإسلامي، بل هو قاسم مشترك بين أغلب مجالات التفكير الإنساني، القديم منها والحديث. أليست كلّها تحتكم إلى « دستور » أو إلى « قوانين علمية » أو إلى « ثوابت وطنية »؟.. إذن، فالثابت موجود عند الجميع تقريبا باختلاف المجالات والمرجعيات. وبالمقابل، فإنها كلّها تترك فسحة تفكير واجتهاد ونظر لتفسير القوانين أو لتنقيحها أو لتغييرها واستبدالها. وبذلك يظهر أن المتغير –وإن كان أمره أهون- هو كذلك موجود تقريبا في أغلب منظومات التفكير البشري. لا تعجل عليّ، أعي جيّدا أن هناك فرقا جوهريا بين الثابت في التصور الإسلامي، والثابت في التصورات الوضعية، وهو ما سأحاول بيانه في العنصر القادم. 3/ خصائص الثوابت الإسلامية: إنّ أهمَّ ما يميّز بين الثوابت في منظومة التفكير الإسلامي والثوابت في المنظومات الوضعية أمران أساسيان: – اختلاف المرجعية، – الامتداد الزمني للثابت. أولا: اختلاف المرجعية: إذا أخذنا هذا الفرق الأوَّلَ، وسلَّطنا عليه أنظارَنا النقديّةَ بعيني « الإيمان » و »التعقل »، أدركنا أنّ هذه المرجعيةَ ذاتُ الخصوصية في المنظور الإسلامي تهدف إلى تحقيق أمر يشهد لسان حال الواقع البشريّ بأنه من الأهمية بمكان بالنسبة إلى حاضر البشرية ومستقبلها، وليس فقط بالنسبة إلى المسلمين وحدهم، وانظر معي إلى هذا الهدف ثم احكم بعد ذلك كما شئتَ على ما أقول بالمبالغة أو التهويل: إن من أهم ما يُوفّره الدّين (ممثّلا في الإسلام بالنسبة إلى ثقافتنا) للبشرية هو هذه « المرجعية المحايدة » التي تجمع بين « المثالية » و »المعقولية » وتتجاوز التقديرات الاختيارية الآنية للإنسان في حيّز محدود جدّا، ولكنّه خطير جدّا. قد تسألني بأنّ في ذلك مؤشّرا على عدم الثقة في الإنسان بأنه قادر على رعاية مصالحه بنفسه. فأقول: إنّ في ذلك عنايةً إضافيّةً من الخالق بالمخلوق، وتقديرا لإرادة التغيير المتجذّرة في الإنسان، والتي أهلته للخلافة في الأرض، وتقديرا للطموح المتدفّق الذي يسكن نفسَه، كما أنّ فيها اعتبارا لإرادة التسلط التي لم يتوقف الإنسان عن إظهارها لصالح شخص أو مذهب أوفئة، واعتبار مصالحها معيارا لمصالح غيرها باعتبار « أنّ العدالة ليست إلا مصلحة الأقوى »[3] على حد ما مرَّ معنا في بعض نصوص أفلاطون، فجاءت لفتةُ الثّابت هذه رحمةً يمكن أن تُدرِك قيمتَها عندما تُجيل النّظرَ في تاريخ الثّوابت البشرية، وكيف أنها بدأت تتهاوى وسط صيحات « نسبيَّة القيم » و »تاريخية الأخلاق »: – فإذا بظلم المجتمعات لبعضها سياسةً دوليّة مشروعة ونزاعَ مصالح متفهَّم، – وإذا بزواج المثليين حريّةً شخصية تُقنَّن وينبغي أن لا تُستَهْجن، – وإذا بالدِّفاع عن الأرض والعرض إرهابًا ينبغي أن يُنزع من الأرض، – وإذا بالخيانة الزوجية أمرا عاديّا، – وحتى زواج المحارم قابل للنقاش، وهو أمر متوقّع، – وإذا بالاستغلال الفاحش للمعذَّبين في الأرض هو جزء من حرية رأس المال وحقّه في الرّبْح والتنقل…. هل ترك الفكر البشريُّ محظورا أو محرما لم يتجاوزْه أو لم يكن مستعدّا لتجاوزه؟! واطمَئِنَّ، فحتى تلك الغلالة الرّهيفة جدّا من المحرّمات المتبقّية هنا أو هناك احتراما لبعض ما تبقّى من الأيام الخالية، أو احتراما لشيء مما يُسمّى حقوق إنسان، سيُرمَى قريبا باسم حقوق الإنسان تارة، وباسم الحرية الشخصية تارة، وباسم مقتضيات الواقع تارة أخرى. تلك طبيعة الفكر البشري عندما يتخلّص من أيّ « مرجعية حياديّة » ضامنة لرعاية « خيرٍ موضوعيّ » لا يتأثّر بمصلحة فردٍ أو طبقة أو فئة أو عشيرة أو جيل أو دولة. تلك طبيعة العقل المصلحيّ عندما يُحكّم المصلحةَ دون ضابطٍ مرجعيّ يُوازن بين مصلحة حقيقيّة ومصلحة موهومة، وبين مصلحة فرديّة ومصلحة جماعية، وبين مصلحة آنيّة ومصلحة مستمرة مستقرّة… ثانيا: الامتداد الزمني: الامتداد الزمني للثابت في المنظور الإسلاميّ كبير، بل وغير محدود. وهذه الخاصية في تناغم كلي مع نظرة الإسلام إلى المسألة الإلهية من ناحية، وإلى المسألة الإنسانية من ناحية ثانية. إنها بعبارة أخرى عيْنُ الوفاء للتفسير الإسلامي للألوهية من ناحية وللطبيعة البشرية من ناحية ثانية: 1- فبالنسبة إلى الأولى، فإن المنظور الإسلامي قائم على أنّ علم الله بالأمور يتّسم بالكمال، فيكون التّسليم للثوابت التي أقامَها اللهُ للبشرية، وهي محدودة جدّا في كمّها، أمرا عاديّا، وكمالاً في ذاته، وعنوانَ « عناية » ومادّةَ « اختبار » بالنسبة إلى المؤمن… ومثل هذه المعادلة سهلةٌ وواضحة في منطق « الإيمان » و »العقل » إذا سلّم بالألوهية منطلقا: إنّ ما يُدركه عالِمٌ متميّز من حقائقَ وقواعدَ يُضحي حقيقةً وثابتًا من ثوابت البشرية لِمدى قرون، وربما لمدى التاريخ كلّه تسليمًا للخبرة والتخصّص والمعرفة العميقة والعلم. وما تتوصّل إليه مراكزُ بحوث أو مجالسُ نيابيَّة قد يبقى مرجِعا للأُمَّة على مدى زمني طويل، بناء على أنّ الدّساتير لا بدّ لها من فترات ضرورية من الاستقرار والثبات حتّى تُنتج وحتّى يتطوّر المجتمع. فلا غرابة إذن أن يقول العقلُ المؤمن بأنّ ما أعلنه خالق الكون ثابتًا، ينبغي أن يبقى ثابتا أبدَ الدّهر لأنّنا لن نتصوّر مخلوقا أو مؤسسة أو فئة قادرين على أن يأتوا بأحسن مِمّا قدّره الخالق قانونا أبديًّا. مع ضرورة التأكيد على أنّ عنوان التميّز في هذا الثابت داخل التفكير الإسلامي هو أنه ثابت « قابل للتعقّل » و »غير متعال » على التفكير، احتراما للعقل البشري، وتأسيسا لدين خاتم يعتبرُ الإنسانَ ذاتَه رسالةً إلى الأرض ويشدُّ أزره بوحيٍ « متعقّل » و »متفكّر فيه »…. 2- وأما الثانية، فمرجعها إلى أنَّ جوهرَ الإنسان لا يتغيّر، وفطرتَه واحدة، أو ينبغي أن تكون واحدةً، وإلا اختلّّ توازنُ هذا الكائن المتفرّد، وقامت قيامتُه بما تجنيه يده. ولذلك تأتي الثوابتُ في التشريع الإسلامي قصد رعاية هذا الجوهر حتّى يستمرّ في العطاء، بل حتّى يستمرّ في البقاء. انظر إلى أي شيء حرّمه الشارع بيقين ممّا تضافرت عليه الأدلة قرآنا وسنّة، هل تجد شيئا واحدا لم يهدف بوضوح إلى رعاية الإنسان قبل رعاية أي شيء آخر، والإنسان بين « العفّة » و »الإيدز » خير مثال على ذلك.[4] فإذا أضفنا إلى هذه التفسيرات ما تتّسم به التشريعات الإسلاميّة من معقولية في ثوابتها ومتغيِّراتها، خفّت حدّةُ الفروق بين ما هو شرعيّ وما هو وضعيّ، وتقلَّصت المسافة إلى حدّ كبير، إذ تُضحي كلّ مصلحة يَحتفي بها التشريع الوضعيّ، وكانت مصلحةً يقينيةً عامَّة أثبتت مشروعيتَها الخبرةُ والتجربةُ والبحثُ العلميّ، تُضْحي من هذه الجهة مصلحةً شرعيَّة يرعاها الإسلام ويدعو إليها. وبنفس الاعتبار فإنّ كلّ طريق يُوصل إلى تحقيق العدل في حياة البشرية هو من الشَّريعة ولو لم ينصّ عليه قرآن ولا سنّة على حدّ تعبير « ابن القيم » الذي يقول: « إن الله أرسلَ رسلَه وأنزل كتبه ليقوم النَّاس بالقسط، وهو العدل الذي قامت به السمواتُ والأرض، فأينما ظهرت أماراتُ الحقِّ وقامت أدلةُ العدل وأسفر صُبحُه بأيِّ طريق، فثَمَّ شرعُ الله ودينُه ورضاه وأمرُه. والله تعالى لم يحصر طرقَ العدل وأدلّتَه وأماراته في نوع واحد وأبطل غيره من الطرق. إنَّ مقصدَه إقامةُ الحق والعدل وقيامُ الناس بالقسط، فأيّ طريق استُخرج بها الحقُّ وعُرف العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها »[5] وبالمقابل فإنّ كلّ حكم شرعي من حيث معقوليتُه ومواتاتُه للاحتياج الحقيقي للإنسان وواقعيته ومراعاته للمصلحة البشرية ومخاطبتُه للوعي البشري هو تشريعٌ وضعيّ ذو طبيعة مدنية صرفة وإن كانت مرجعيّتُه أو منطلقاته دينيّةً، لأنّ البشريََّ كلَّ البشريّ: فكرَه وجسدَه ليس نجِسا في طبيعته أو في أصله!، بل الأصلُ فيه الطهارةُ والإيجابيّة، وإنما الحاكم على ما يبتكره هو مدى مواتاته للمصلحة الحقيقية للإنسان، وتحقيقِه لمعايير العدل، وليس أدلَّ على ذلك من موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من « حلف الفضول » حيث « تداعت قبائل قريش على حِلف، فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسنّه، وتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلَمه حتّى تُردّ عليه مظلمته، فسمّت قريش ذلك الحلف « حلف الفُضول »[6]. وقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ ابْنِ جَدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَم[7]، ولو أُدعى به في الإسلام لأجَبْت »[8] وقد مشى على هذه السجية عمر بن الخطاب في شأن « دواوين » فارس، بل ومشى كلّ أسلافنا غالبا مع كلّ « إنجازات » العقل البشري. 4/ مغالطات حول الدين واللائكية: المغالطة الأولى: « ثوابت الأمة تضييق على الحرية!! » المشكلة ليست في وجود الثَّوابت في حياة المجتمعات والأفراد… بل إنّ الأزمة إنّما تكمن في أن تكون تلك الثوابت متعاليةً على التفكير… سواء أكانت ثوابتَ مرجعيّتها قناعات دينية أم قناعات حزبية أم مذهبية وحتى قناعات شخصية يُراكمُها المرء (حتى المثقف) من خلال تجارب شخصية… ويرصفها على بعضها لِتُصبح بناءً متكلِّسا من المفاهيم يُمارِس عمليات الحجب على التفكير الحر، من حيث يزعم ذلك الشخص بأنه حرّ في تفكيره. وبهذا الاعتبار، فإنّنا لا نتصور حريةً دون ثوابت، لأن الحرية التزام واع بثوابت ما، ولو رُحتَ تُحاكم كلّ الخيارات السياسية والفلسفية والدينية بهذا المعنى، فإنك ستبلغ النتيجة ذاتها، وهي أن الالتزام الواعيَ بثوابتَ ما، هو عنوان الحرية الفكرية ومظهره: فالحرية عند الديمقراطي هي التزام واع بثوابت الديمقراطية… لأنك إذا قلت بأنه لا ثوابت للديمقراطية، فكأنك تقول ضمنيا بأنه لا ديمقراطية… والحرية عند الليبرالي هي التزام واع بثوابت الليبرالية… والحرية في كل مجتمع، هي التزام جمعي واع بما وقع التوافق عليه باعتباره ثوابت لهم… بل إن العقل ذاته لا يقدر أن يفكر إلا من خلال ثوابت… سواء أكانت في المرجعية أم في الآلية… ورغم هذا الوضوح في العلاقة بين « الثوابت » و »الالتزام » و »الحرية »، فإن كثيرين إذا بلغوا الثوابت « الإسلامية » اعتبروا الالتزام بها ضرْبا من التضييق على الحرية… وفي ذلك ما لا يخفى من الوصاية على الحرية وعلى المجتمع في آن: – وصايةٍ على الحرية يمارسها محتكرو الفهم عندما يُحدّدون متعلّقاتها ومجالاتها تحكُّما دون معايير قطعيَّة تحسم مادّة الخلاف… – وصايةٍ على المجتمع عندما تُحاكم الأغلبين الذين تعاقدوا على ثوابتَ ما، ومارسوا حرّيّتهم من خلالها، على أن اختيارَهم قاصرٌ ويحتاج إلى تدخّل من جهابذة الدّاخل الذين احتكروا الحرية الحقيقية فهماً وممارسةً. كما يحتاج إلى تدخّل خارجيّ من آلهة الحرية الذين يحتكرون توزيع صكوك التحرير على المجتمعات، ويقمعون الحرية باسم رعاية « الحرية ». مفارقات غريبة ما فتئت تؤرّق التاريخَ مُذْ عرف هذه « الحداثةَ » الفجّة التي تكاد تستأثر بالمعايير النهائية في كلّ شيء، وهي التي ترفع الشّعار وراءَ الشعار بأنّ الحقيقة في حالة صُنع دائم، وبأن النمطيّةَ قاتلةٌ للحداثة، إلا إذا بلغ الأمرُ « أنماطهم » في الحياة وفي التفكير، فما عليك حينها إلا أن تُلقي قلمَك وتغتالَ عقلَك، لأنّ هناك من يُفكّر لك. وإنّ هؤلاء الذين يمارسون التفريق المتعسّف بين « حرية » و »حرية »، إذا حسَّنا الظن في أدائهم، فإننا سنقرأ موقفهم على أنه مظهر من مظاهر الخضوع لسلطان العادة (العلمية أو التخصصية، وهي لا تقلُّ خطورة عن العادة التي تحكم غير المتخصّص، إن لم تكن أخطر منها، لأنها تَحْجب ذلك المدى من « اللاّعلمي » في المنهج والذي يختفي خلف بهرج الألقاب والعادات والمكانات، وكأن إرادة الاستجابة والخضوع إلى النسق أحب إلينا أو أيسر علينا من الاستجابة لإرادة الحقّ، أو الحقيقة ولو في نسبيتها. إن الربط بين « الثوابت » و »عدم التفكير » مغالطة منهجية لا يستسيغها لا العقلُ العلمي الذي لا يُفكّر إلا من خلال ثوابت، ولا التّجربة العادية للثقافات أو للأفراد. فما عملُنا في كلّ أوقاتنا، وما أسئلتنا في هذه الصفحات وفي كل صفحات تاريخ الفكر البشري إلا أحد أمرين: – إما تفكير في الثوابت… – وإما تفكير بالثوابت… وقد سبق أن أشرت في بعض الدراسات السابقة بأنّ التفكير الإسلامي، بما ينطوي عليه من النضج المنهجي، لا يفتر عن كلا النوعين من التفكير: – التفكير في الثوابت حتى نضمن موثوقيتَها الدائمة في ضوء المتغيرات الفكرية والعلمية… وحتى نُقْدرها على التعبير عن ذاتها بالطريقة التي تتناسب والتحديات الجديدة المطروحة على الحياة… وفي ذلك خدمة حقيقيّة للثوابت وللذات في آن… – التفكير بالثوابت ضمانا للحد الأدنى الضروري للتوافق الاجتماعي الذي من دونه لا يقدر أي مجتمع على الاستمرار في الحياة… والذي من أجله يسعى كل مجتمع إلى أن يحفظ خصوصيته المحددة لماهيته بمعنى ما، ومثاله ما تفعله كل المجتمعات بل حتى الأقليات من محاولات الحفاظ على لغتها وترويجها كثابت من ثوابت كينونتها الحضارية… وهو ما عبّر عنه دوركايم بقوله: « لا يقدر المجتمع على الحياة والاستمرار إلا إذا توفر حدّ أدنى من التوافق بين أفراده »[9] ومثل هذا المنهج في التعامل مع « الثوابت » يبرّئ ساحة « الثوابت الإسلامية » من كلّ دوغمائية، لأن العقلَ الإسلامي الذي شُكّل في أحضان « البرهان » و »التثبت » و »النظر » و »التفكر » و »التعقل »لا يمكن أن يكون « دوغمائيا ». أما الثوابت « الدوغمائية » التي هي فوق التفكير، والتي يُريد بعض هواة التّعميم أن يصِمُوا بها كلّ تفكير ديني، جامعين الأديان كلّها في سلة واحدة، فإن ثقافة الأمة العربية الإسلامية حتى في أصولها العقدية لا تعرف الدوغمائية، فما بالك إذا بلغ الأمر مسائلَ المعاملات وشؤونَ السياسة… لأنها كلَّها تطرح نفسها على أنها مشروع مفكّر فيه… وعلى هذا الأساس قال كثير من علماء العقائد في الإسلام بأن أوّل واجب على العاقل هو « النظر » أي البحث في الأدلة والتحليل والتمحيص… وعليه كذلك ناقشوا « إيمان المقلد » وذهب كثيرون إلى أنه غير مُجز، لأنه لا ينبني على دليل… وعليه كان خطاب القرآن استدلاليا وتعليليا في كل ما يطرحه من أحكام ومشروعات فكرية وتشريعية… وعليه كان العلماء يقولون بضرورة الموازنة بين « منطق » النص و »منطوقه »… وعلى أساسه يقول القرافي: إذا عارض خبر الآحاد القياس القطعي، قُدم القياس القطعيُّ على خبر الآحاد… لأن خبر الآحاد يرعى الحكمة… والقياس القطعي الموافق للقواعد يرعى الحكمةَ… وما يرعى الحكمة أولى بالاعتبار ممّا يرعى الحكم… وعلى هذا الأساس كان القرآن يدعُو قارئيه في شجاعةٍ كبيرة واستثنائية في تاريخ النصوص المقدسة إلى أن يتدبروه « أفلا يتدبرون القرآن » (محمّد: 24) ولو كان دغمائيا كما تفعل مقولات أخرى قديما وحديثا، لقال: إنِّي فوق التفكير، متعالٍ على العقول، فلا تُتعبوا أنفسكم بالتفكير في… بل على العكس صرّح في أكثر من موطن بأنه « معقول » و »متفكّر فيه »… ولذلك كان يعيب الذين يقولون: « إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون » (الزخرف: 23) ولذلك حرّم فقهاء كثيرون التقليد في الأحكام الشرعية، وميّزوا بين التقليد والاتباع، والفرق أن الثاني مبني على النظر في الدّليل واتباعه بعكس الأول… وكلّ هذا بعض تجليات معقولية « المرجعية الفكرية » لهذه الأمة… المغالطة الثانية: « يرفض الناس العلمانية لأنهم لا يعرفونها!! » هذا زعم رأيته في أكثر من مكان، وادّعاء سمعته من أكثر من شخص، وهو خطاب تبسيطي للواقع، لا يخلو من نزعة « ادعائية » مبنية على مغالطات محضة: كيف يجهل المجتمعُ التونسيّ العلمانيةَ وقد مُورست عليه قصرًا أكثر من ستين سنة، ولم يَجن منها إلا تضييقا على الحرية الدينية، في حين …فُتح الباب على مصراعيه لكلّ مُتلاعب بالهوية، ولكل مُسْهم « بصدق » في تجفيف منابع الإسلام… ثمّ تتساءل بعد ذلك من أين جاء الخوف من العلمانية؟؟؟ كيف يجهل المجتمع التونسي العلمانيّةَ، وقد اتُّخذ القرار دونَه من الذين اعتبروه قاصرا، ونصَّبوا أنفسهم أوصياءَ على المجتمع، وفكّروا عنه، وألزموه بما أرادوا له، منكّلين بكلّ معارض ومعبّر عن التردّد أو الرفض، ومسارعين إلى إظهار الولاءِ وفروض الطاعةِ لنظام القيم ونظام التفكير الفرنسيّ، غير متردّدين قبل ذلك في إعلان كلّ الإعجاب بالثقافة الغربية، وكلّ مظاهر الازدراء للثقافة العربية الإسلامية… ففي نظرته للغرب –كما يقول الجورشي- « بقي بورقيبة مبهورا بأوروبا، ولا سيما فرنسا، ويشعر بأن العروبةَ مغرِقةٌ في التقاليد اللاعقلانية، وأن الوحدة العربية فكرة ديماغوجيّة. »[10]وقد ترجم هذا الولاء وهذا الازدراء في مواقف تجرَّأ فيها على الدّين وعلى الشّعب، حيث أنّه لم يتورّع في دعوة الشّعب التونسي إلى « التخلي عن صيام رمضان، والضغط على المسؤولين والموظفين وطلاب المدارس للاقتداء به، عندما رفع كأسَ الماء، وتجرّعها أمام دهشة الجميع، وذلك بحجة التفرّغ لحسن إدارة معركة التنمية الاقتصادية »[11] كيف يجهلها المجتمع وهو يرى فرنسا تمنع الفتيات من لبس الحجاب في المدارس باسم اللائكية؟ علما بأن العلمانية الفرنسية هي رائدة العلمانيات. ومثلها كانت العلمانية التركية تفعل مع نسائها ومازالت تفعل في مؤسساتها التربوية والإدارية. لم يكن المجتمع التونسي ولا المجتمعات العربية التي عانت كثيرا من تسلُّط النظم العلمانية غافلة عن أهداف العلمانية، راضية عن وجودها وأدائها، لأنها كانت حلاّ مُسقطا على واقعهم، لم تنشأ فيه، ولا نبتت في أرضه ولا أملتها احتياجاته، بل أُسقطت عليه إسقاطا ورغْما عن أنفه لمجرد انبهار الطبقة الحاكمة حينَها بالآخر واستمراء التّبعية له، ومساندة بعض من يعتبرون أنفسهم نخبةً له… ومازالت أغلب المجتمعات العربية تنظر إلى الحل العَلماني على أنّه حلٌّ وُلد في المجتمعات الغربية للفصل بين الدّولة وسلطة الكنيسة وتعسّفها، وهو ما قد يجد مبرّره بسهولة في تلك المجتمعات، في حين أنه: – لا كنيسة في الإسلام، – ولا تسلط للمسجد أو لعلماء الدين على السلطة السياسية في « المنظور النظري المبدئي » ولا في « الممارسة الواقعية »: فمن الناحية النظرية المبدئية، فإن المسألة السياسية باعتبارها من مجال المعاملات، تَحكمها قواعدُ غير التي تحكم العبادات: فإن حقَّ الإنسان فيها غالب على حقّ الله، وإن مجال الاجتهاد فيها واسع، والقياسات فيها طبيعية، وإن اعتبارَ المصالح فيها أساسي، وإن الأعرافَ فيها معتبَرة بدرجة كبيرة، وإن تغيّرَ الأحكام فيها وارد، وإن الاستفادة من تجارب الآخرين فيها مفتوح إذا تحقّقت المصلحة، وإن الخبرةَ فيها مطلوبة بدرجة عالية، « أنتم أعلم بشؤون دنياكم ». وإن « العدل » فيها هو الأساس… وأما من الناحية العملية، فقد كانت شريحةٌ كبيرةٌ من علماءِ الإسلام يُمثّلون على مدى تاريخ المسلمين المعارضةَ المحقِّقة للتوازن في مسيرة القرار السياسي، يقفون غالبا إلى جانب « المجتمع » وحقّ « الأمة » بعيدا عن القرار السياسي التنفيذي، بل ويرفُضون ذلك الموقعَ التنفيذيَّ أو القضائيَّ في أكثر من حادثة رغم التضييق والسجن والتعذيب، حتى يضمنوا لأنفسهم الاستقلال في الموقف الفكري والقرار الشخصي، ولكنهم في الوقت نفسه لم يختاروا الابتعاد الكليَّ عن نبض أُمّتهم وآلامها وآمالها لأنّ « من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم ». كما أنّ المسجد لم يكن قطُّ في « الوعي الجمعي الإسلامي » عنوانَ التّسلّط السياسي أو الاجتماعي، بل على العكس من ذلك تماما، كان المسجدُ دائما موئلَ المحزونين والمحرومين والمظلومين أفرادا كانوا أو جماعات، وكمْ من حركاتِ تحرُّر ومواقف انتصارٍ للمظلوم انطلقت شرارتُها الأولى منه، حتّى لكأنّه البوادر الأولى لمنظّمات المجتمع المدني في واقع لم يعرف وقتَها مثل هذه المنظّمات، وداخلَ ثقافة ترى المدنيَّ في تضافر كلي مع الروحي، لأنهما يصنعان الوحدة الاستثنائية المزدوجة والمتفاعلة، في تاريخ الرسالات السماوية، وفي تاريخ الحضارات ذات المرجعية الإيمانية، ولقد عبّر « توماس جولدشتاين » عن هذا المعنى في المجال العلمي فقال: « كان ما تعلّمته العصور الوسطى من الإسلام هو هذا الابتهاج بتنوّع تفاصيل الطبيعة واستخداماتها من أجل المجتمع. وبتأثير هذا الالتقاء اتخذ الغرب الخطوة نحو غرس العلوم المتخصصة انطلاقا من اللبّ الفلسفي الأصلي. وكلّ علم متخصّص على حِدَة في الغرب يَدين بأصوله إلى الدّافع الإسلامي- أو على الأقل باتجاهه منذ ذلك الوقت فصاعدا… »[12] إنه على العكس تماما ممّا وقع في المجتمعات الغربية، فإنّنا بمقتضى تجربتنا مع « السياسة » ومع « الإسلام » كدين لأغلب هذه الأمّة، كان علينا أن نُفكّر في إعادة الاعتبار للإسلام بعد أن تسلَّطت عليه الدولةُ العلمانية أكثرَ من ستّين سنة، وسلبته كلَّ تأثيره، وحجّمته لصالح تيّارات فكريّة غريبة لم تجد مشروعيتَها داخل المجتمع العربي الإسلامي رغم كلّ التأييد الذي تجده من لدن أصحاب القرار داخل البلاد وحتّى خارجَها. لقد ابتُكرت العلمانية في المجتمعات المسيحية كآلية للحدّ من تسلُّط الكنيسة بعدما عانى النّاسُ من الكنيسة الوسيطة الويلات، أمّا مجتمعاتنا العربية عموما، والمجتمع التُّونسي خصوصا فقد عانى من الدولة العلمانية الويلات. فقل لي بالله عليك، كيف نجعل « العلمانية » الحل لهذه المجتمعات بعد كلِّ هذه المعاناة التي جنتها منها وانتهت بِحرْق الناس أنفسَهم احتجاجا على واقعهم؟ إنّ إرادة الرفض التي يُعرب عنها أغلبُ العرب والمسلمين تجاه « العلمانية » موقف واع جدّا، وناضج منهجيًّا إلى حدّ كبير: – فهو يُعرّي خللا منهجيا -لدى دعاة العلمانية- في معالجة واقعنا، لأنهم يُعالجون واقعا إسلاميا بوعي مسيحي… – وهو يُعرب عن إدراكه بأنّ العلمانية ليست مجرد الفصل بين الدّين والدولة، بل هي في عُمقها فصل بين القيم الدينية والدولة… إنها محاولة لتحييد « القيم الإسلامية » لصالح « الربحية » المجحفة، والتحرّر الفجّ الذي يتجاوز كلَّ القيم، حتى يسهل على الشركات الرأسمالية أن تبتزَّ الناس في كل شيء: في حريتهم الحقيقية، وفي أجسادهم، وفي أموالهم لصالح القابضين على رؤوس الأموال بوحشية لا تخفى على أحد عبر العالم كلّه… – وهو يستبطن القناعة بأنّ مقولة البراءة « للعلمانية » من كلّ توجيه سلبي غير مُقنعة، لأنّ « العلمانية » -كما ينبئ به تاريخها في كل المجتمعات تقريبا- ليست سوى الطريق المُعبَّد لنسف كل الثوابت في حياة المجتمع، وتمزيق كل الخيارات الجوهرية التي تُعطي التونسيَّ خصوصيتَه… فالمتوقَّع -كما تنبئ مسيرة الشعوب كلِّها- أننا بعد ذلك لن نستغرب أبدا أن يُصبح زواج المثليين جائزا باسم « العلمانية ». وأن يصبح عباد الشياطين يرتعون في أرضنا ويعبثون بفلذات أكبادنا باسم « العلمانية ». وأن يكون زواج المحارم جائزا باسم « العلمانية ». وأن تكون الخيانة الزوجية معقولة باسم « العلمانية ». وهل نقدر أن نقول « لا » مادمنا قد سلّمنا بالفصل الكُلّي بين « القيم الدينية » و »الدولة »… – كما يستبطن وعيا واضحا بأنّ المجتمعات العربية الإسلامية تملك من داخل ثقافتها أدواتها التي بها تقدر على أنتكفل الحريةَ الدينية لكل إنسان دون الحاجة إلى استيراد حلول خارجية مسقطة… – وهو ترجمة لما أُشربَتْه المجتمعات العربية الإسلامية، واستقرّ في رُوعها قناعةً راسخةً حاكمةً لكلّ موقفها، وهو أنَّ جوهرَ الثقافة العربية الإسلامية يرفض « الحاكمين بأمر الله »والذين لم يُعرفوا في تاريخنا إلا في دولتي الفاطميين والصفويين من الشيعة، ولكنّه كذلك يَرفُض « الحاكمين بأمر أنفسهم » أو « الحاكمين بأمر فرنسا » أو غيرها… لأنّ الاستقلالَ الحضاريَّ والثقافيَّ منسوبُه عند هذه المجتمعات عالٍ جدًّا ويأبى « الاصطفافَ » السلبيَّ، دون أن يكون مانعا –طبعا- من كلّ تعاونٍ واعٍ أو تفاعل متوازن مع كلّ مشروع فكري إنساني لأنّ الحكمةَ ضالّتُه. وإذا كانت هذه إرادة الأغلبية داخل المجتمعات العربية الإسلامية، فإنه من التعالم أن نُشكّك في نُضج هذا الاختيار الحضاريّ المصيري، وهو ضرب من ضروب الوصاية أن يزعم كثيرون هنا أو هناك أنهم يعرفون العلمانية بينما لا يعرفها غيرهم إلا لِماما، لأن ذلك ممّا يُضاعف نفورَ هذه المجتمعات من العلمانية المتعالية ومن العلمانيين المتعالمين الذين يُنصّبون أنفسَهم حكَما على درجة وعي مجتمعاتهم، وقد أظهرت الثَّورة التونسية أن الشعوبَ أكثرُ وعيا من نُخبها، وأكثرُ حيويَّةً، وأعمقُ قدرةً على تحقيق مشاريعها، وقد آن الأوان لهذه التي تعتبرُ نفسَها نُخَبًا أن تتواضع وأن تُنصِت مليّا لنبضِ الشُّعوب، فقد تحدّثت الشّعوبُ « لو كانوا يسمعون أو يعقلون!! »، علّهم يتعلّمون من شعوبهم ما قد فاتهم من فنّ الوعي للواقع، وفنّ التغيير له، وفنّ رعاية الذات وتطويرها داخل أرضها لا خارجها وبوسائلها لا بوسائلَ وُرّدت من هنا أو هناك… علَّهم يتعلّمون منهم فنّ الاستعصاء على « الوعي المستورد » والإقصاء… الهوامش: [1] أفلاطون، الجمهورية، ترجمة فؤاد زكريا، ص.ص. 194-195 [2] قال الشاطبي في الموافقات: « الأدلة الشرعية والاستقراء التام أن المآلات معتبرة في أصل المشروعية.‏ » (4/179) [3] أفلاطون، الجمهورية، ترجمة فؤاد زكريا، ص.ص. 194-195 [4] والحقيقة أن الأمثلة في واقعنا الراهن أكثر من أن تُحصى وفي المجالات كلّها: – فقد أبتت الأزمة الاقتصادية أيّامنا هذه إفلاس النظم الاقتصادية الليبرالية المتوحشة والمبنية في جوهرها على الربا الفاحش وعلى بيع المعدوم… وغيرها من صور المعاملات التي لم يُخف الإسلام تحذيره منها ومن عواقبها، وقد رآها العالم كله كيف أنها تأكل رأس ماله وتهدّد دولا بأكملها في مصيرها واستقلالها…. – كما تثبت الدراسات العلمية يوما بعد يوم بأنّ ما نغمض عنه أعيننا من « المحرمات » في عرف الدين يبقى داءً حقيقيا يفتك بالبشرية مهما أخذنا له أسباب الحيطة عنادا، وليس أدلّ على ذلك مما تؤكّده المؤسسات الصحية هذه الأيام من أن الخمر أكبر « قاتل » أكثر حتى من الإيدز والسل… (Stephanie Nebehay: L’alcool tue plus que le sida ou la tuberculose, prévient l’OMS, Reuters, Vendredi 11 février, 16h27) [5] ابن القيم: إعلام الموقعين: 4/267 [6] حلف الفضول أي حلف الفضائل والفضول هنا جمع فضل للكثرة كفلس وفلوس… (تفسير القرطبي: 10/151) [7] حُمْرُ النَّعَم: كَرَائِم الإبل، وهو مثل يُطلق على كلّ نفيس [8] سيرة ابن هشام: 1/264 – الطبقات الكبرى: 1/128-129 [9] « La société ne peut vivre que s’il existe entre ses membres une suffisante homogénéité » [10] صلاح الدين الجورشي: المشهد الإسلامي في تونس [11] المرجع نفسه [12] توماس جولدشتاين: المقدّمات التاريخية للعلم الحديث: 116
 


حول الفصلين 4 و15 من المقترح

قدمت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي مقترح قانون انتخاب المجلس التأسيسي. وإني لي اعتراضين على فصلين مما جاء في المقترح، وهما الفصل الرابع الفقرة الأولى والفصل 15، والفصلان يستندان غلى مبدآن انتخابيان قد يتكرران في المستقبل، أي في انتخابات اخرى قادمة، وارى أنهما غير عادلين ويجب حذفهما إلى الأبد. وفيما يلي نص الفصلين ثم مناقشتهما في فقرتين أو ملاحظتين:
الفصل 4:
 لا يتمتع بحقّ الانتخاب
1. العسكريون الممتهنون والعسكريّون مدّة قيامهم بواجبهم العسكري وأعوان قوات الأمن الداخلي حسبما وقع تعريفها بالفصل الرابع من القانون عدد 70 لسنة 1982 المؤرّخ في 6 أوت 1982 والمتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي كما وقع تنقيحه. الفصل 15:
تقدّم الترشّحات على أساس مبدأ التناصف بين النساء والرجال، على أن يتمّ ترتيب المرشحين صلب القائمات على أساس التناوب. وإن تعذّر ذلك، تحتوي وجوبا كلّ قائمة بالنسبة للدوائر التي يخصّص لها أكثر من مقعدين على مترشّحة على الأقل.
الملاحظة الأولى
حسبت أن تستند مادة القانون إلى بديهيات لا نختلف عليها، دون اجتهاد أو توجيه للعملية الانتخابية الأولى، فهل أن الفصل 4 في فقرته الأولى قد استند فعلا إلى بديهة أو سلوك قانوني منبثق من رؤى الشعب التونسي الحقيقية؟ إني اشك في ذلك كثيرا، فما المانع من مشاركة العسكريين في الانتخاب؟ أليسوا مواطنين وطنيين من الشعب وإليه؟  ألم يكن دورهم رياديا في أحداث الثورة؟ ما الذي يجعلنا ننفي عنهم الاهتمام بدستور البلاد، والتطلع لمن سيصوغه، وما سيفرزه من انتخابات بعده؟
ومن قال أن العسكريين لا يفهمون في أمور السياسة أو لا يتذوقونها أو أنهم أغنياء عنها؟ من قال أن الانتخابات تضر بانضباطهم أو بأدائهم واجباتهم العسكرية أو الوطنية؟ هل هم مقدسون أم أن أصواتهم الانتخابية تخيف السياسيين، فلم يجز أن يقترب أحدهما من الآخر؟ وهل خُيِّرَ العسكريون واختاروا ألا يصوتوا حتى لا تسوء أخلاقهم؟ أم أن العسكريين لا يحسنون الاختيار ويعرفون الاختيار لأنهم فئة لا تتحرك إلا بالأوامر كما يظن البعض، فحس الاختيار عندهم متوقف؟
أليس من الظلم أن تتغير الدولة والشعب والدستور وتبقى العسكرية كما أرادها بورقيبة القائد الأعلى للقوات المسلحة والمجاهد الأكبر، وكما حبكتها فرنسا الاستعمار، وكما احتقرها بن علي وأقبرها؟ ما لعقولنا لا تزال متحجرة؟ وما لنفوسنا لا تزال متوهمة استيلاء جيشنا الوطني على السلطة وتسليط الأحكام العسكرية على رقاب التونسيين الأحرار؟ ما هذه الخصومة الأبدية بين الساسة والعسكر؟ من صنعها ومن فرضها؟ ولماذا التخويف من الجيش بين الحين والحين؟
ألم تُثبِت ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين والبقية قادمة أن الجيوش العربية ناضجة بما يكفي لتتعاون مع شعوبها؟ أليس الفرق واضح بين أجهزة أمن السلط والجيش؟ ألم تكن الأجزة الأمنية قولا واحدا مع الحكام والجيش في الضفة المقابلة مع الشعب.
نعم إني أتفق مع القائلين بتجنيب العسكريين الترشح للانتخابات، فلا ينبغي للمؤسسة العسكرية أن تتشظى إلى أحزاب وتكتلات، لأن خلاف الرأي بين الجند يفسد اجتماعهم وتوحدهم وعلاقة السمع والطاعة التامة بين الرئيس والمرؤوس. لكن إذا جرت الحملة الانتخابية خارج أسوار الثكنات فما المانع أن يدلي العسكريون بأصواتهم؟ وينتخبوا من يقرر في الخيارات الكبرى التي تخصهم أولا وبالذات؟ وهم المطلوب منهم قبل الجمع السمع والطاعة.
نعم لتحييد الأجهزة الأمنية حتى تفقه معنى المواطنة ومعاني الحرية والأمن والأمانة والصدق والكرامة الوطنية، فما كان منها أثناء الثورة يشهد بأن الثورة ما قامت إلا على الأجهزة الأمنية. فهي أجهزة هجينة متوحشة بالنشأة، وتحتاج إلى رسكلة وتغيير جذري. نعم تستثنى القطاعات التي لم تفقه بعد الاختيار الحر ولم تع مسئولية الاختيار، كما يستثنى تجار الانتخابات الذين يوظفون أموالهم ومناصبهم لشراء الأصوات والذمم. أما الجنود الذين في الخدمة الدائمة أو المؤقتة فليس هناك ما يدعو لاستثنائهم من الانتخاب.
الملاحظة الثانية
ارتأت اللجنة التي وضعت الدستور أن تقدَّم الترشّحاتُ على أساس مبدأ التناصف بين النساء والرجال، ولا أدري لما فرضت اللجنة أن يكون هذا النص مبدأ، فالمبدأ لا بد أن يستند إلى مبادئ أو أن يكون بديهة من البديهيات، فما هي المبادئ التونسية المجمع عليها التي بني عليها هذا المبدأ؟ لعله مبدأ سيداو أي: الاتفاقية العالمية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي وقع عليها النظام البائد بلا تحفظ، وتحفظت فيها الدول العربية على كثير من بنودها. هل استشار نظام بن علي المتخلف التابع والمقلّد للغرب عن عمَى، هل استشار الشعب التونسي للتوقيع على تلك الاتفاقية بلا تحفظ؟ وهل كان الشعب أصلاً ليشير على أبو العُرِّيف العبقري بن على؟ ولو كان بن علي مرضياًّ فلماذا ثارت في وجهه النساء في جميع البلاد؟ دعونا نَسمعها من النساء أولاً في استفتاء عام لا يشارك فيه الرجال حتى نستثني المعارضة الذكورية « لحقوق المرأة »، دعونا نستفتي النساء إن كُنّ مع تلك الاتفاقية المظلمة أم عليها؟ هل ضاقت نساؤنا بظلم الرجال في مواقع القرار؟ وهل الرجل التونسي محرَج بتلك الوثيقة أو هل سمع بها أصلاً؟ هل « قضية المساواة » بالغة مبلغها حتى تصبح مبدأً في انتخاب المجلس التأسيسي للثورة؟ لماذا نكذب على الناس؟ ولماذا نعقِّد معاملاتهم بنصوص لا يعلمون منطلقاتها ولا منتهاها؟ ولماذا نسير في ركب التائهين الأنانيين باردي الحس الغربيين؟
أرجوكم دعُوا التلفيق على المرأة التونسية، ولا توهموها بجنة المرأة الغربية وبحقوقها، فالتونسي العربي المسلم يختلف كليا عن الغربي، وإنكم إذا أردتم أن تقلد التونسية الغربيات فستُلجِئون الرجل التونسي إلى التمثل بالغربي، وساعتها ستبكي التونسية دماً على عفة التونسي وأمانته وشهامته وغيرته ونفقته وتضحيته ودينه وحبه وإخلاصه وصحبته وحنانه ووو…. لقد عشنا مع الغربيين وعرفناهم، عرفنا بيوتهم وأسرهم ودوائرهم ونساءهم ورجالهم، عرفنا همومهم وطموحاتهم وديوثتهم وأنانيتهم، عرفنا شخصياتهم وآلامهم ومتعتهم وآدابهم ووحشيتهم. ولا ننصح فتياننا وفتياتنا بتقليدهم أو السير على خطاهم، وقد يطول الحديث في ذلك فأعود لنص الفصل 15 من المقترح.
اقترح ألا تثار مثل هذه الإشارات التي في الفصل 15 في الشئون العامة، وأن تترك الأمور على سجيتها دون إلهاب لعقول النساء ومغالطتهن، فلا مانع من مشاركتهن في أي عمل فيه نفع لأهلهن وأنفسهن وشعبهن إذا كان يحفظ خصوصيتها كامرأة. فقَلَّ من الرجال من يمانع في مشاركة قرابته من النساء بالرأي والنصيحة، وقلَّ من النساء من تنادي بذلك فلا تجد من يساعدها. وإنما هي بالونة ينفخ فيها بعضٌ قليلٌ من الرجال أو النساء ليجعلوها قضية القضايا، بينما الأغلبية الغالبة لا تلقي لهذا العبث بالاً.
ولذلك أطالب بحذف هذا الفصل من أساسه، لأننا قادمون على مرحلة جادة من العمل الإصلاحي، فلا نضيع وقتنا وجهدنا في عد الرجال والنساء وتناوب أسمائهم. ولذلك أقول: لا لتضييع الأهم والحرص على إرضاء الغرب وبعضاً من عديمي الحياء، لا لتضييع أوقات النساء وتمييع أمور الشعب الهامة والمستعجلة والضرورية، لا لإفساد أخلاق الناس وطبائعهم، لا لإيهام التوانسة ببركة وفضل الاختلاط ومزاحمة النساء للرجال في جميع الأندية، لا لتشتيت الأذهان والاستخفاف بعقول الرجال.
وقفوا حيث أنتم أيها المؤتَمنون على قوانين الدولة الجديدة وكونوا توانسة بحق، فالتونسي لا هو ديوث ولا هو لاهث على اصطحاب النساء أينما حلّ وهلّ. فلا تخلطوا الحابل بالنابل وتدَّعوا العدالة والمساواة، لأننا نعلم ما تريدون حقيقة وسنكشفه إذا أردتم.  
           لبيب الفاهم  


بسبب تردده في الأزمة الليبية واشنطن بوست تنصح أوباما بالسكوت


نصحت واشنطن بوست الرئيس باراك أوباما بالصمت فيما يتعلق بالأزمة الليبية، وهذا بسبب ما أظهره من تردد وعجز. وقالت آن آبلبوم بمقال كتبته بالصحيفة إن الرئيس أثبت عجزه عن تحريك القوة الأميركية، ربما لأنه يعتقد أن حربين تكفيان، أو أن الأمر يعود لخفض النفقات.
وتتساءل آبلبوم: ماذا لو أن أوباما استدعى قدراته الخطابية والبلاغية وقارن القذافي بهتلر، كما حدث بالماضي وقارنت الإدارة الأميركية الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بهتلر أو سلوبودان ميلوسوفيتش، أو تحدث عن الخطر الذي يمثله النظام الليبي للعالم الحر، وماذا لو أنه استحضر لغة الدستور الأميركي وقال إن ليبيا تستحق الديمقراطية، وهذا أمر حقيقي.
وقالت أيضا: لو أنه فعل هذا لتحرك عدد أقل من الحلفاء الأوروبيين لمنع القذافي من محاولة دخول بنغازي، وربما لم يكن هناك تحالف عربي، فبمجرد أن ظهرت الطائرات الأميركية بالأجواء الليبية وبدأت صور الدمار تظهر على شاشة الجزيرة حتى قالت الجامعة العربية إنها يمكن أن تنسحب من دعم منطقة الحظر الجوي، حيث بدا أمينها العام مصدوما من الدمار الذي أحدثه القصف بين المدنيين.
وأوضحت الكاتبة أن البلاغة الخطابية الآن تقيد أميركا وحلفاءها بسلسلة من الالتزامات، فمقارنة القذافي بهتلر تعني ضرورة إقصائه، وإذا كانت الديمقراطية هي الحل لليبيا فهذا يعني أنه يجب البقاء حتى إقرار الديمقراطية.
وأكدت أنه بما أن الحظر الجوي والقصف قد بدآ فلا مجال الآن للحديث عن تأييد أو معارضة التدخل، لأن أميركا تدخلت وانتهى الأمر وعليها تحمل النتائج جزئيا.
كما أشارت الكاتبة إلى ما وصفها قائد عسكري أميركي بأنها مشكلة تتعلق بالمرحلة التالية، فقالت « إذا كنا محظوظين فستنهار قوات القذافي بعد أيام من القصف الجوي، مثلما كان الأمر مع طالبان، ولكن ماذا لو يحدث الأمر؟ ماذا سنفعل فقد وعدنا بعدم إرسال الجنود إلى ليبيا؟ » وتمضي متسائلة « ولكن ماذا نفعل لو لم يكف القصف الجوي لهزيمة القذافي؟ فأميركا تدخلت لحماية المدنيين ».
وقالت إن هذا أسوأ ما يمكن أن يحدث، وعلى الرئيس أوباما ألا يعطي وعودا زائفة أو تقديم التزام لا يستطيع تنفيذه، ولهذا، تنصح آبلبوم، يجب على الرئيس أوباما أن يظل صامتا، سواء كان ذلك أمرا مقصودا أم خطأ، ولا يجب إعطاء أي تشجيع لمن يريد من أميركا المضي قدما والقتال من أجل الديمقراطية وكسب الحرب.            المصدر:واشنطن بوست (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 22 مارس 2011)

أردوغان: البترول يحرك أحداث ليبيا


قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن البترول والثروات الطبيعية الموجودة في الأراضي اللبيبة هي السبب فيما تعيشه ليبيا من أحداث. وأضاف أردوغان في خطاب له أمام البرلمان التركي اليوم الثلاثاء والذي تطرق فيه للتطورات التي تعيشها المنطقة العربية، أن بلاده خائفة من أن تتحول الاحتجاجات التي تعرفها البحرين إلى « صراع طائفي ».
وقال إن اهتمام تركيا بما يقع في ليبيا هدفه « إنقاذ أرواح المدنيين وليس الحصول على الثروة ».
وقال ما نحاول فعله هو مساعدة الليبيين على حل مشاكلهم « لا أن يقتل الأخ أخاه »، مشددا على إصرار تركيا على أن يكون التغيير في ليبيا « سلميا وليس دمويا ».
وانتقد في هذا الإطار الطريقة التي تتم بها معالجة الأزمة الليبية، مؤكدا أن بلاده لن تكون طرفا يوجه السلاح إلى الشعب الليبي.
وأشار أردوغان إلى أن التدخلات العسكرية لم تكن مفيدة في السابق، وقال إنها ساهمت في أكثر من مرة في تقسيم عدة بلدان.
وشدد رئيس الوزراء التركي على أن الأمم المتحدة وحدها فقط يجب أن تكون المظلة لأي عملية إنسانية في ليبيا، داعيا الأطراف الدولية إلى الاهتمام بالجانب الإنساني « لا بدعم قتل الناس بعضهم بعضا ».
كما تطرق أردوغان في خطابه إلى ما يشهده العالم العربي من غليان شعبي، ذاكرا بالاسم كلا من سوريا واليمن والبحرين التي حذر من أن ينحى الصراع فيها نحو الطائفية.
ودعا المسؤول التركي جميع الأطراف في المنطقة إلى تحمل المسؤولية و »إدراك حساسية الوضع ودقته ».
وقال إن « التاريخ تتم صياغته مرة أخرى في المنطقة »، في إشارة إلى الثورات التي يعيشها العالم العربي.           (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 22 مارس 2011)

العاهل السعودي يطلب من الجميع عدم مخاطبته بكلمة (ملك)


2011-03-22  
الرياض- طلب العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الثلاثاء من جميع المسؤولين والشعب عدم مخاطبة بكلمة (ملك) وقال « الملك هو الله، ونحن عبيد لله عز وجل ». ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) الثلاثاء عن العاهل السعودي قوله « إخواني هناك كلمتان مادام المشايخ حاضرين وهي للشعب أجمع.. يقال، ملك القلوب، أو ملك الإنسانية، أرجوكم أن تشيلوا هذا اللقب عني، الملك هو الله، ونحن عبيد لله عز وجل، أما هذه أرجوكم تعفوني منها ». وجاء كلام العاهل السعودي الثلاثاء خلال لقائه مع مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ والعلماء والمشايخ وأمين عام مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية والوزراء وكبار المسؤولين وأعيان مناطق الرياض وحائل وعسير والباحة ووفداً من منسوبي وزارة التربية والتعليم ورئيس وأعضاء مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض وجمعاً من المواطنين الذين قدموا للسلام عليه. وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز طلب في العاشر من ايلول/ سبتمبر من العام 2005 من مواطنيه عدم تقبيل يده أو يد أفراد العائلة المالكة، مؤكدا أن هذه العادة أمر دخيل على تقاليد المملكة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 مارس 2011)

رسالتان لعقيدي ليبيا واليمن


عبد الباري عطوان 2011-03-21 بعد متابعة التطورات الدموية للاحداث في ليبيا واليمن، واصرار زعيمي البلدين على التشبث بالحكم حتى لو كان الثمن سقوط المئات بل الآلاف من الضحايا، نكتشف كم كان الرئيسان التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك ‘رحيمين’ بشعبيهما عندما قررا الانسحاب من السلطة بأقل قدر ممكن من الخسائر البشرية واكبر قدر ممكن من المليارات. من المؤكد انهما كانا يودان البقاء لاطول فترة ممكنة ولهذا مارسا كل انواع المناورة والتضليل، مثل الحواة تماما، سواء من حيث طرد الوزراء ذوي السمعة السيئة، وخاصة وزراء الداخلية والاعلام، او حتى حل الوزارة برمتها، والتقدم بتعهدات بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن اصرار المتظاهرين الثائرين في الميادين الرئيسية للبلدين اجبرهما على الاستسلام، ورفع الرايات البيضاء، والهروب الى اقرب ملاذ آمن. في الحالة الليبية لا يتورع العقيد معمر القذافي عن قصف شعبه بالدبابات والطائرات، ويتصرف كما لو انه معبود الجماهير، ويرفض ان يصدق ان الغالبية العظمى من ابناء شعبه لا تريده، بعد ان حول البلاد الى خرابة، فقد كان كل ما يهمه هو الاهتمام بشخصه، وصورته، وزعامته العالمية المزورة، اما الشعب الليبي فقد كان آخر اهتماماته، واهتمام نسله الذي اكل الاخضر واليابس. اما في الحالة اليمنية فالوضع لا يقل سوءا، فالرئيس علي عبدالله صالح اختصر البلاد كلها في مجمع قصره الجمهوري، واعتقد انه باستقدامه داعية مثل عمرو خالد ليؤم بالمصلين في الجامع الجمهوري، ويتحدث عن الوسطية والاعتدال في خطبة الجمعة، يمكن ان ينزع فتيل الثورة من عزائم اليمنيين، وكم كان مخطئا في تصوراته البسيطة هذه، وكرر الخطأ بطريقة افدح عندما امر قناصته بذبح المعتصمين في مسجد ميدان التغيير اثناء صلاة الجمعة دون شفقة او رحمة. العقيد علي عبدالله صالح اعتقد ان اتباعه سنّة عقيد ليبيا في قتل المتظاهرين، وعدم مغادرة السلطة بطريقة اقل دموية مثل نظيريه التونسي والمصري، يمكن ان يوقف عجلة تاريخ المد الثوري الحقيقي القادم من رحم المعاناة الشعبية ولكن اجتهاده هذا جاء في غير محله تماما، فالشعب اليمني، مثله مثل كل الشعوب الثائرة الاخرى، لا يمكن ان يقف في منتصف الطريق، وسيواصل ثورته حتى تحقيق جميع اهدافه دون اي نقصان، اي رحيل النظام ورأسه. ‘ ‘ ‘ رسالتان بليغتان ارسلتا يوم امس الى الزعيمين الليبي واليمني، الاولى وجهتها الدول الغربية التي تدخلت في الملف الليبي لخدمة مصالحها تحت غطاء حماية المدنيين، وتمثلت في قصف مقر العقيد الليبي في قاعدة باب العزيزية، لتقول له انه مستهدف شخصيا بالاغتيال، وللشعب الليبي في طرابلس بان عليكم ان تتحركوا مثل اشقائكم في بنغازي، فالرجل الذي يلتف بعضكم حوله، او مضطرون على الصمت تجاهه خوفا، ها هو يغادر العاصمة بحثا عن مكان سري آمن، يقود معركته النهائية في البقاء في خندق تحت الارض بعد ان اغلقت كل الابواب في وجهه. أما الرسالة الاهم التي وصلت الى العقيد اليمني فكانت مزدوجة، شقها الاول والابلغ جاء من خلال انشقاق اللواء علي محسن الاحمر قائد المنطقة الشمالية والاخ غير الشقيق للرئيس اليمني، وانضمامه للثوار مع عدد كبير من الضباط الكبار والسفراء في مختلف انحاء العالم. اما الشق الثاني الذي لا يقل اهمية فيتجسد في استقالة الشيخ صادق عبدالله الاحمر شيخ قبيلة حاشد (قبيلة الرئيس) من الحزب الحاكم، وشقيقه حميد الاحمر من منصبه كنائب لرئيس البرلمان، الامر الذي يعني ان القبيلة الاضخم في اليمن سحبت غطاءها القبلي عن النظام، مما يعني عملياً ان فرص بقائه في السلطة باتت محدودة ان لم تكن معدومة. الرئيس علي عبد الله رجل داهية، ولا اشك في ذلك ابداً، ليس لانه استطاع البقاء لاكثر من ثلاثين عاماً في بلد قال عنه الشاعر اليمني الراحل عبد الله البردوني ‘ركوب الليث ولا حكم اليمن’ وانما لانه نجح في تحييد جميع خصومه، والنجاة من ازمات خطيرة ابرزها حرب الانفصال عام 1994 ناهيك عن العديد من محاولات الانقلاب او الاغتيال، ولكن هذا الدهاء خانه عندما فشل في قراءة الثورة الشعبية في بلاده قراءة صحيحة. اعترف بانني ولاكثر من عقدين كنت من المعجبين في قدرته على البقاء، ولعب اوراقه الداخلية والاقليمية بذكاء، خاصة مع السعودية جارته الشمالية القوية التي لا تكن الكثير من الود لليمن وتعتبره مصدر خطر على امنها واستقرارها، واذكر انه قال لي في العيد العاشر للوحدة اليمنية عندما كان يقود سيارته في خارج صنعاء وانا الى جانبه حيث مررنا بقرية الرئيس الراحل ابراهيم الحمدي ان لم تخنِي الذاكرة، انه اخذ الحكم بهذا الخنجر (مشيراً الى وسطه) ولن يغادره الا بالخنجر، اي مقتولاً. لا اتمنى هذه النهاية الدموية للرئيس علي عبد الله صالح، فالنصف المملوء من كأسه يقول انه حقق الوحدة، والكثير من الاستقرار لليمن، الذي لم يعرف الاستقرار مطلقاً طوال تاريخه الحافل بالحروب والمؤامرات والصراعات القبلية والاقليمية، بل اتمنى له خروجاً آمناً الى جدة غرب المملكة العربية السعودية ليقضي ما تبقى من حياته، اسوة بالكثير من معارضيه، مثل ابو بكر العطاس وعلي سالم البيض واحمد النعمان، وعبدالله الاصنج والامام البدر، والقائمة تطول. ‘ ‘ ‘ العقيد علي عبد الله صالح يختلف عن نظيره الليبي من حيث كونه يستطيع التنعم بتقاعده كرئيس مخلوع في اي مكان يختاره دون مطاردات الانتربول كمجرم حرب، مطلوب للمثول امام محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي اسوة بالرئيس الصربي سلوبودان ميلوسفيتش، او العقيد معمر القذافي اذا بقي (اي القذافي) على قيد الحياة، فلديه من الملايين ما يكفيه حتماً، واذا كان الحال غير ذلك فإن اصدقاءه السعوديين لن يبخلوا عليه، وفي اسوأ الحالات يمكنه الاقتراض من صديقيه المخلوعين الآخرين، التونسي زين العابدين بن علي المقيم في جدة او المصري حسني مبارك في الضفة الاخرى من البحر الاحمر (شرم الشيخ). نريد، ونتضرع الى الله ان تزول هاتان العقبتان (القذافي وعلي صالح) من طريق الثورات العربية حتى تواصل امتداداتها للاطاحة بمن تبقى من الطغاة، وبما يؤدي الى بزوغ فجر ديمقراطي وطني عربي جديد، يغير وجه المنطقة، ويوقف مسلسل الهوان والاذلال والهزائم الذي تعيشه منذ ستين عاماً على الاقل. الشعوب العربية تستحق زعامات جديدة شابة تنهض بها، وتكرس حكم القانون، والعدالة الاجتماعية والمؤسسات المنتخبة، فقد اهينت بما فيه اللازم واكثر، من قبل انظمتها الديكتاتورية التي قادتها الى التخلف والفقر والبطالة والحكم القمعي البوليسي، والفساد في الرأس والبطانة معاً. طالبنا بالاصلاح في كل الدول العربية، ملكية كانت ام جمهورية دون استثناء، وسنظل، ولكن مطالبنا هذه قوبلت بالمنع والمصادرة، وما زالت، لان الانظمة اعتقدت انها في مأمن من الثورة الشعبية، ومحصنة امام مطارق التغيير. نصيحتنا للعقيدين في اليمن وليبيا بالرحيل حقناً للدماء، ورأفة بشعبي البلدين، قبل ان يجبرا على الخروج بطريقة مهينة او دموية، فلا مكان لهما في البلاد، ونأمل ان يستمعا الى هذه النصيحة قبل فوات الاوان. مشكلتنا الوحيدة اننا يمكن ان نتكهن بالمكان الذي يمكن ان يتوجه اليه العقيد صالح، ولكننا من الصعب ان نتكهن بأي ملاذ آمن للزعيم الليبي، ولهذا لن نفاجأ اذا كان خياره القتال حتى الانتقال الى الدار الآخرة، والله اعلم. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 مارس 2011)

Lire aussi ces articles

30 mai 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2199 du 30.05.2006  archives : www.tunisnews.net A PROPOS DE LA SANTE

En savoir plus +

6 mars 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2479 du 06.03.2007  archives : www.tunisnews.net AISPP: Pour mettre fin aux

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.