TUNISNEWS
6 ème année, N° 2150 du 11.04.2006
جمعية صوت حرّ: البوليس يحاصر المناضل الحقوقي السجين السياسي سابقا السيد الأسعد الجوهري لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر: لا يزال الحصار متواصلا على المناضل لسعد الجوهري الجمعية الدولية للصحفيين الأفارقة تتضامن مع الزميل سليم بوخذير الجزيرة نت: المعارض المرزوقي يدعو لانتفاضة شعبية بتونس إسلام أون لاين: استياء من نشر أشرطة جنسية لمعارض تونسي .. الحزب الديمقراطي التقدمي: البيان الختامي للمجلس الوطني “نواة: حوار مع البروفسور المنصف بن سالم (القسم الأول) المنجي بن منصور: لماذا ينكل بن علي بالعلماء والمثقفين؟ غسّان بن خليفة:الإتّحاد العامّ لطلبة تونس..أيّ توحيد نريد؟ أحمد العويني: زُر غُبًّا.. تزدَد حُبًا !!! محمد العروسي الهاني: في ذكرى مولد الرسول الأعظم خميس قشة: حماس واللاءات الخمس توفيق المديني: إخفاق الدولة القُطْرية جراء عدم توظيف الديموقراطية الطاهر الأسود: نشأة وتطور استراتيجية الحرب الاستباقية: مراجعة لـ التاريخ القصير للنيومحافظين رشيد خشانة: قلب العالم ينتقل إلى آسيا؟ محمد السيد ولد أباه: موريتانيا والرئيس المشكل
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
تجمع عام ببـاريس يوم الأربعاء 12 أفريل 2006 على الساعة السابعة مساء
عاجل تونس البوليس يحاصر المناضل الحقوقي السجين السياسي سابقا السيد الأسعد الجوهري
لا يزال الحصار متواصلا على المناضل لسعد الجوهري
لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر
اتّصلنا الآن بالأخ لسعد الجوهري للإطمئنان على صحّته فأكّد لنا أنّ الوضع ما زال كما هو ،فالحصار لا زال مضروبا على العمارة حيث يسكن.
كما تعرّض شقيقه للإستفزاز من طرف أحد عناصر البوليس عند نزوله من العمارة .
توافد البارحة عدد من الحقوقيّين على منزل السيّد لسعد لمعاينة حالة الحصار و الاطمئنان على صحّته من بينهم الأستاذ العيّادي والأستاذين البحيري والعكرمي.
لا تكسروا القلم الحرّ
اليوم السابع من إضراب سليم بوخذير عن الطعام
يواصل الصحفي المضطهد سليم بوخذير إضرابه عن الطعام لليوم السابع على التوالي بعد حرمانه من حقّ العمل بقرار حكومي عقابا له على آرائه.
وقد شرعت السلطات في قطع المكالمات الدوليّة عليه ولذلك وضع مساندو بوخذير خطا ثانيا له فضلا عن الخطّ الأوّل لتلقّي مكالماته.
ولذلك يمكن التواصل مع بوخذير على الخطّ الثاني في حالة تعذر الإتصال به على الخطّ الأوّل.
والرّقمان هما :
0021697556844
0021621859307
الجمعية الدولية للصحفيين الأفارقة تتضامن مع الزميل سليم بوخذير
المعارض المرزوقي يدعو لانتفاضة شعبية بتونس
استياء من نشر أشرطة جنسية لمعارض تونسي ..
الجلالي: “فقط الجهات المتنفذة وحدها القادرة على هذا الفعل”
تونس – خدمة قدس برس
أثار توزيع مجهولين، لـ “أشرطة فيديو ملفقة”، تحتوي على لقطات جنسية لمعارض تونسي، حملة استنكار شعبية واسعة، وسط أنباء عن وجود بصمات جهات متنفذة، خلف كواليس القضية.
وأكّد مختار الجلالي، النائب السابق بالبرلمان، وعضو المكتب السياسي السابق للاتحاد الديمقراطي الوحدوي المعارض، في تصريح لوكالة “قدس برس”، حقيقة أنباء الشريط، قائلا: “إن هناك أطرافا بصدد إعداد ترويج هذه الصور، والأشرطة، كما قاموا بإرسال بعضها إلى زوجتي وإلى الحزب الذي استقلت منه”. مشددا على أن ذلك “لن يؤثر على مسيرته السياسية والمهنية، وأن هذه الأساليب الدنيئة، التي خبرتها الساحة السياسية أصبحت ممجوجة”، على حد وصفه.
وحول أسباب هذه الحملة، التي وصفها بـ “التشويهية”، قال الجلالي: “زوجتي أم زياد مستهدفة في نشاطها الحقوقي والإعلامي، كما تهدف هذه الأفعال في نفس الوقت إلى الانتقام مني، لأنّي تجرأت على محاولة تصحيح مسار الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، وإخراجه من بوتقة التبعية للسلطة، ثم الاستقالة احتجاجا على إصرار قيادته على مواصلة نهج الموالاة والتملّق للحكومة، كما أن نيتنا الإعلان عن تكوين حزب سياسي جديد، كانت السبب المباشر الذي سرّع في تنفيذ الجماعة لتهديدهم“.
وأكد النائب السابق في البرلمان، أنه رفض الرضوخ لهذا الابتزاز، بعد أن طلب منه دفع فدية تقدر بـ “100 ألف دينار تونسي”. وقال “إن كل من لهم حسّ أخلاقي جعلتهم هذه الممارسة يتقززون“.
وحول الجهات التي تقف وراء الشريط، قال الجلالي: “ليس هناك غير الجهات المتنفذة، تقدر على مثل هذه الأفعال، التي تتطلب قدرات كبيرة وتجهيزات لا يملكها مجرمون عاديون، وهذه الممارسات لا يمكن أن تنمو وتترعرع إلا في مناخ سياسي متعفن، وهذا الأسلوب يدلّ على العجز، ولذلك تجدهم يسارعون للتخوين والتشويه، والحال إنهم هم الذين يعملون ضد مصلحة الوطن، ويحرمون الناس من حقوقهم، ويسمحون بانتشار الفساد الذي بلغ حدّا لم تعرفه البلاد منذ خروج المستعمر“.
من جهتها اتهمت مصادر حقوقية، جهات متنفذة بالوقوف وراء هذه “الحملة التشويهية” التي تستهدف الجلالي، وقالت الرابطة التونسية، للدفاع عن حقوق الإنسان، إن “الجلالي المحامي والعضو السابق بمجلس النواب، تلقى في المدة الأخيرة تحذيرا صريحا بأن الأجهزة الأمنية تعد له “ضربة موجعة”، وقد جاء هذا التهديد عن طريق الهاتف، ثم عن طريق رسالة وصلت إلى مكتبه بالعاصمة.
وأضافت الرابطة، في بيان لها، أن هذه التهديدات تزامنت مع مراقبة أمنية مستمرة لمكتب الجلالي، ومنزله، وملاحقته في كل تحركاته، مما جعله مقتنعا بضلوع أجهزة رسمية فيما يتعرض له.
ولاحظت الرابطة أن بعض الصحف التونسية، درجت على استهداف أعراض بعض النشطاء، والمعارضين، والذين يبدون آراء مخالفة لمواقف السلطة، دون أي رادع، كما ظلت الشكاوى المقدمة ضد هذه الصحف دون نتيجة، وهو دليل إضافي، كما تقول الرابطة، “على الحماية والتشجيع الرسميين اللذين تحظى بهما هذه الصحف“.
ودعت المنظمة الحقوقية، السلطات إلى وضع حد لهذه الممارسات، وللإفلات من العقاب الذي يتمتع به مرتكبو هذه الجرائم.
يذكر أن المعارضة التونسية، “نائلة شرشور حشيشة”، كانت قد استهدفت بشكل مماثل، حيث قام مجهولون بتوزيع صور عارية لابنتها.
ويقول معارضون تونسيون، “إن استهداف النشطاء بتشويههم أخلاقيا، عمل مدان، وغير مبرر، ويهدف إلى ثنيهم عن ممارسة أنشطتهم السياسية، كما يعكس الواقع المزري الذي تتعامل به الحكومة مع خصومها، بدلا من المنافسة الشريفة التي تتهرب منها، من خلال صناديق الاقتراع الحر، وإطلاق الصحافة الحرة“.
وقد أثارت هذه الممارسات، ردود فعل استنكارية على الساحة السياسية التونسية، خصوصا أن من قاموا بتوزيع الشريط، كما تؤكد مصادر الشرطة، لم يتم إعلان القبض عنهم حتى الآن.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 11 أفريل 2006)
وصلة التقرير: http://www.qudspress.com/data/aspx/d46/18266.aspx
الحزب الديمقراطي التقدمي
10 نهج ايف نوهال – تونس
الهاتف و الفاكس:71332194
تونس في 11 افريل 2006
البيان الختامي للمجلس الوطني
عقد المجلس الوطني للحزب الديمقراطي التقدمي دورته الثانية لسنة 2006 بنزل “الدبلوماسي” بالعاصمة يومي 8 و 9 افريل الجاري تحت شعار “إرساء النظام الديمقراطي : استقلالنا الثاني “.
وفي جلسة افتتاح أشغاله التي دعي إليها ممثلو الأحزاب و الجمعيات المستقلة والشخصيات الوطنية ألقى الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي كلمة تناول فيها تطور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين دورتي المجلس الوطني وشدد على الدلالة الرمزية لموعد هذه الدورة التي تتزامن مع احتفال التونسيين بخمسينية الاستقلال وإحياء ذكرى 9 افريل ( عيد الشهداء ) الذي خرج فيه التونسيون مطالبين ببرلمان وطني متحدين الاستعمار الغاشم . كما تطرق إلى خصوصيات المرحلة وما تفرضه من تحديات مبينا اتجاهات سياسة الحزب في المرحلة القادمة حتى موعد انعقاد مؤتمره الوطني الرابع في الشتاء القادم . وبعد المداولات التي استمرت على مدى اليومين حسب جدول الأعمال المقترح من المكتب السياسي انتهى أعضاء المجلس الوطني إلى البيان الختامي التالي:
على الصعيد السياسي الوطني :
شهدت تونس بين الدورة الماضية للمجلس الوطني التي انعقدت في فيفري 2005 وهذه الدورة ثلاث محطات وطنية هامة كانت جميعها فرصا مهدورة فوتت السلطة على التونسيين الاستفادة منها للتقدم بأوضاعهم نحو الأفضل بسبب إصرارها على نهجها في الانغلاق السياسي و التنكر لمطالب المعارضة والمجتمع المدني وتطلعات عموم المواطنين إلى الديمقراطية والكرامة. فالانتخابات البلدية التي جرت في شهر ماي 2005 كانت مهزلة جديدة تعمدت فيهات السلطة إقصاء المعارضة المستقلة وانتهت نتائجها المقررة مسبقا إلى تأكيد هيمنة الحزب الحاكم وزيف التعددية السياسية وفقدان المجالس لأي شرعية انتخابية . وكان ذلك استمرارا لنفس النهج الذي سلكته السلطة في الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية لأكتوبر 2004 وبإخراج أكثر رداءة. وبمناسبة احتضان تونس للجزء الثاني من القمة العالمية لمجتمع المعلومات في نوفمبر 2005 و خلافا لتوقعات جل المتابعين بالداخل و الخارج لم تقدم السلطات على أية إجراءات لتحرير الإعلام ووسائل الاتصال و الحياة الجمعياتية والسياسية بل عملت على استثمار هذه الاستضافة للدعاية السياسية وإظهار رضى المجتمع الدولي على ادائها السياسي ومكافأتها على ذلك. فتمت دعوة مجرم الحرب شارون لحضور القمة في استفزاز غير مسبوق للمشاعر الوطنية والقومية للتونسيين وكان اهتمام السلطة منصبا على الإعداد المادي و الاتجاه بالقمة إلى طابعها الاحتفالي. و جاء إضراب 8 شخصيات من قادة الأحزاب والجمعيات يوم 18 أكتوبر 2005 ليكمل جهود المجتمع المدني التونسي في استغلال القمة لتسليط الأضواء على واقع الحريات بالبلاد المضيفة . واستطاع هذا التحرك الرمزي أن يخلق الحدث ويجلب الاهتمام ويحظى بالتعاطف ويصرف أنظار الإعلام عن القمة كما أرادتها السلطة ليتركز على إضراب 18 أكتوبر وواقع الحريات في تونس فكان إخفاق السلطة مدويا وكان نجاح المعارضة في عزل الحكم باهرا.
وفي خمسينية الاستقلال أعرضت السلطة عن استغلال هذه المناسبة الوطنية المجيدة لتحقيق انفراج سياسي وتنفيس حالة الاحتقان وفتح حوار حول مطالب المجتمع في الإصلاح فكانت فرصة أخرى مهدورة، حاول الحكم استغلالها للهجوم على المعارضة والانتقام لفشله الإعلامي في قمة المعلومات. فكانت الحملة السياسية التي قادها أعضاء الديوان السياسي للحزب الحاكم والحملة الصحفية التي سخرت لها الأقلام المأجورة للتهجم على قادة الأحزاب والجمعيات وثلبهم وتشويههم وتخوينهم دون تقدير للعواقب التي قد تستهدف أولئك الرموز، لما قد ينجر عن تلك الحملات من تبرير للجريمة السياسية، وكانت الحملة استمرارا لحالة القمع و تكميم الأفواه التي واجهت بها السلطة تحركات المجتمع المدني ومختلف القطاعات التي تصاعدت احتجاجاتها ونهضت للمطالبة بحقوقها الدنيا. فبين دورتي المجلس الوطني تمت إدانة المحامي محمد عبو في محاكمة سياسية جائرة بسبب ممارسته لحقه في التعبير، وتمت مواجهة تحركات الجامعيين من اجل مطالبهم المهنية و القطاعية المشروعة بالتهديد والتجويع ، وتم الانقلاب على جمعية القضاة التي تعاطفت مع المحامين وصعدت من مطلبها في استقلال القضاء، وقوبلت مختلف تحركات المحامين و خاصة اعتصامهم بالتشويه والتهديد و الحصار. ومنع عقد مؤتمر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين، واستمرت معاناة مئات المساجين السياسيين في ظروف سجنيه قاسية كما استمرت محنة المسرحين منهم و التضييق عليهم.
وبقدر ما ساهمت هذه المواجهات بين السلطة والمجتمع المدني في مزيد تدهور سمعة النظام بالداخل والخارج وفقدانه للمبادرة السياسية و تعويله فقط على الحلول الأمنية، ساهمت تلك المواجهات من جهة أخرى في تنامي مظاهر الاحتجاج وأكدت صمود المعارضة وإصرارها على تحقيق مطالبها في الإصلاح السياسي مهما كانت التضحيات.
لقد فتح تشكيل هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات عقب فك الإضراب أفقا واعدا للمعارضة التي بلورت مطالبها في الحد الأدنى الديمقراطي المتمثل في حرية الإعلام وضمان حرية التنظّم ألجمعياتي و المدني وإطلاق سراح المساجين وسن قانون العفو التشريعي العام، وعزمت على توحيد صفوفها في أعمال مشتركة في مواجهة القمع والاستبداد .كما مثلت تحركاتها الميدانية نقلة نوعية في عمل المعارضة.
وقد عبر أعضاء المجلس الوطني عن دعمهم الكامل لهذا الخيار الذي انخرط فيه الحزب الديمقراطي التقدمي ولعبت جريدة “الموقف” دورا رياديا في دفعه والتقدم به، ورأوا في خمسينية الاستقلال( الذي أنجزه التونسيون بكفاحهم ونضالاتهم ودعموه بإنجازاتهم الرائدة في مجالات الاقتصاد و الصحة والتعليم والأسرة…)، وفي ذكرى 9 افريل (التي تؤصل حيوية المجتمع التونسي وتطلع نخبه منذ وقت مبكر إلى الديمقراطية والمشاركة السياسية و الدفاع عن المبادئ التحررية وفي مقدمتها برلمان وطني ممثل و شرعي)، رأوا في ذلك حافزا لمواصلة مسيرة المعارضة التونسية التي قدمت تضحيات جسيمة عبر العقود الماضية من اجل إقامة نظام ديمقراطي تحقيقا للاستقلال الثاني.
وإذا كانت مطالب حركة 18 أكتوبر الثلاث ضرورية لفتح مجال العمل السياسي السلمي و الحرّ، فإنها لا تستوعب كامل برنامج الانتقال الديمقراطي الذي يشمل في نظر الحزب الديمقراطي التقدمي ثلاثة مطالب أساسية أخرى:
أولها تعديل جوهري للدستور يعيد له مكانته ووظيفته وينهي الحكم الفردي ويضمن استقلال القضاء ومسؤولية الحكومة أمام البرلمان وينص على محكمة دستورية ترعى علوية الدستور.
ثانيها مراجعة القوانين المنظمة للحياة العامة بما يتفق مع المبادئ التحررية للدستور وينهي السلطة التقديرية التي تمنحها تلك القوانين لوزير الداخلية في مجال ممارسة الحقوق و الحريات الطبيعية للمواطن.
ثالثها الاحتكام للمواطنين في اختيار من يقوم على شؤونهم بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تعيد للمؤسسات شرعيتها المفقودة.
وإذا كانت إرادة السلطة تتجه إلى منع بروز قوة معارضة حقيقية و فسح المجال مجددا للخلافة وليس للتداول السلمي على الحكم، فان المعارضة مدعوة إلى مزيد التوحد وإنضاج برنامجها السياسي في التغيير ووضع العهد الديمقراطي و عقد مؤتمرها الوطني، حتى تحمل السلطة على القبول بمطالبها من خلال العمل الميداني الشرعي و الجريء و إشراك أوسع الجمهور و التحلي بالتأني و الصبر اللازمين والاستعداد للتضحيات لمواجهة كل الطوارئ في هذه المرحلة الدقيقة التي تقدم عليها بلادنا .
وقد تكون الظروف الدولية والإقليمية التي أصبح فيه النظام التونسي يمثل حالة استثنائية، عوامل مساعدة على تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود إذا أحسنت المعارضة الاستفادة منها من موقع التبصر و الاقتدار و التمسك بالثوابت الوطنية.
على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي
تباهي الحكومة في مختلف المناسبات بنجاحها في تحقيق نسبة نمو سنوية بحوالي 5% وهذا مؤشر أعمى لا يعكس حقيقة التنمية البشرية ببلادنا ومؤشراتها التفصيلية مثل استمرار الأمية بنحو 20% وارتفاع معدلات الإجرام و الآفات الاجتماعية وتردي مستوى العيش لسكان أحزمة المدن الكبرى خاصة…و الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يسجل كل إنجاز إيجابي فانه يرى أن نسب النمو المسجلة لا تكفي للاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية وخاصة للتخفيض من مستوى البطالة، كما بهمه أيضا أن تكون التنمية شاملة و وان توزع نتائجها على المجتمع بالعدل.
كما توقف أعضاء المجلس الوطني عند مؤشر ارتفاع المديونية الذي بات يفوق 60 %من الناتج الوطني، مؤكدين على أن اعتماد الحكومة على المديونية لتجاوز المصاعب الاقتصادية من شانه أن يرهن الاقتصاد الوطني والقرار السياسي المستقل كما يغطي المشاكل الحقيقية للاقتصاد ويثقل أعباء الأجيال القادمة.
كما توقفوا عند تراجع الاستثمار الداخلي و الخارجي وارجعوا الأسباب الرئيسية لذلك إلى عدم اطمئنان المستثمرين على المستقبل وضعف ثقتهم بالحكومة وفقدان الشفافية في المعاملات المالية وأكدوا على أن الإصلاحات السياسية وفي مقدمتها ضمان استقلال القضاء وحرية الإعلام وشفافية المعاملات وحياد الإدارة شروط لا غنى عنها لدفع الاستثمار و النهوض بالاقتصاد، وان الحوافز التي تمنحها الحكومة للاستثمار الخارجي والتي تكلف المجموعة الوطنية أموالا طائلة لن تكون بديلا عن الإصلاحات السياسية.
أما على الصعيد الاجتماعي فقد شدد أعضاء المجلس الوطني على أن البطالة التي تمس نحو نصف مليون من المواطنين النشطين والتي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة خاصة في صفوف أصحاب الشهادات العليا من مختلف لاختصاصات، تمثل اكبر المعضلات الاجتماعية ببلادنا ويجب أن تتصدر اهتمامات الحزب في المرحلة القادمة.
وإن المعالجات التسكينية التي تعمد إليها الحكومة و التلاعب بتقدير نسب البطالة لن تنجح في رفع هذا التحدي في ظل المعضلات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد التونسي.
ومما يزيد معضلة البطالة المزمنة تعقيدا ما يتعرض له العمال في قطاعات مختلفة وخاصة في قطاع النسيج من طرد وغلق للمؤسسات في ظل قوانين لا تحفظ حقوق المسرحين لأسباب اقتصادية ولا تساعد على حماية عائلاتهم، وفي هذا الإطار يجدد الحزب الديمقراطي التقدمي مطلبه في بعث صندوق وطني للتامين على البطالة وفقدان مواطن الشغل تساهم الدولة والمؤجرون في تمويله.
من جهة ثانية توقف أعضاء المجلس الوطني عند مظاهر التفاوت الاجتماعي المجحف الذي آلت إليه بلادنا في ظل تنامي الاستثراء الفاحش لفئات قليلة من الشعب مقابل توسع قاعدة المفقرين من الأجراء و الفئات المعوزة والمحرومة، واقترحوا تعديلا للسياسة الضريبية باعتماد سياسة جبائية عادلة ترتفع مع ارتفاع الدخل ومقاومة التهرّب الضريبي بما يساعدعلى تقليص الفوارق الاجتماعية ويدفع التنمية .
كما أكدوا على وقوف الحزب الديمقراطي التقدمي إلى جانب الأجراء و التصدي لنزيف تدهور القدرة الشرائية لعموم المواطنين، والمطالبة بزيادات ذات بال خاصة في الأجور الدنيا الفلاحية والصناعية ودعم القدرة الشرائية للفئات الشعبية في مواجهة الزيادات المطردة في الأسعار ودعم الطابع الاجتماعي للخدمات الصحية و التعليمية و النقل و والماء و ا لكهرباء التي يجب أن تبقى بيد الدولة، وهو ما لا يتنافى مع دعم المؤسسات الخاصة التي تحتفظ بدورها المتميز في الاستثمار و التنمية.
وشدد الأعضاء على أن أية معالجة للمشكلات الاجتماعية و تداعياتها على مستوى تنامي الانحراف والجريمة والهجرة السرية والتوفّق إلى حلول ناجعة في مجال الشغل والتنمية البشرية، لن يكون إلا بتزامن الإصلاحات الاقتصادية مع مراجعة جذرية للمنظومة التروية التي أخضعتها الحكومة لإصلاحات متلاحقة زادت في تدهور المؤسسة التربوية وكان من نتائجها ارتفاع نسب النجاح ذات الأهداف الدعائية مقابل تدني المستوى وانسداد أفق الخريجين بما يؤكد فشل تلك الإصلاحات بشهادة المدرسين من مختلف مستويات التعليم.
على الصعيد العربي و الدولي
توقف أعضاء المجلس الوطني على تزامن انعقاد دورتهم مع ذكرى سقوط بغداد والاحتلال الانجلو-أمريكي للعراق يوم 9افريل 2003 وعبروا عن إدانتهم الشديدة وسخطهم على سياسة التدمير المنهجي لهذا البلد بتحطيم بنيته التحتية و استهداف تراثه ومعالمه وتقتيل علمائه وصحافييه وكوادره و نشر الفتنة الطائفية بين فئاته وإعمال آلة الحرب الجهنمية في الفتك بشعبه والتنكيل به في المعتقلات التي أثارت ذهول العالم وصدمت المشاعر الإنسانية .
كما أدانوا العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني من طرف الجيش الإسرائيلي وبتزكية أمريكية. وحيّوا الخيار الديمقراطي لهذا الشعب الصامد ودعوا إلى دعمه بمختلف الوسائل الممكنة في ظل التهديدات بتجويعه .
وشددوا على دعمهم لخيار المقاومة المشروعة في فلسطين والعراق حتى التحرير الكامل ودعوا مختلف الفصائل الوطنية في فلسطين والعراق ولبنان للوحدة والتضامن في مواجهة الاحتلال. كما دعوا إلى التضامن مع سوريا و إيران في مواجهة التهديدات.
من جهة أخرى أكد أعضاء المجلس الوطني أن العنف المستشري في العالم لا يتغذى فقط من الاستبداد و الفساد الداخليين كما تروج لذلك الدوائر الغربية، بل أيضا من المظالم السياسية الدولية ومن غطرسة الولايات المتحدة الأمريكية واختلال التوازن في آليات الأمم المتحدة.
ورفضوا المعادلة المقلوبة في السياسة الغربية التي تعطي الأولوية للأمن والاستقرار في البلدان العربية والإسلامية، خلافا لخيارها في دعم التنمية والديمقراطية التي اعتمدت في أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية .
وشدد أعضاء المجلس الوطني على أن مطلب الإصلاح ليس أجندة دولية أو أمريكية بل مطلب عربي وإسلامي أصيل ومتأكد في ربوعنا. وان إنجازه يتوقف على المجهودات الداخلية أساسا. وحيوا مختلف التحركات العالمية المساندة للقضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها الدعوة إلى خروج قوات الاحتلال من العراق ونصرة الحقوق الوطنية الفلسطينية.
على الصعيد التنظيمي
سجل أعضاء المجلس الوطني بارتياح توسع الحزب وانتشاره وتأسيس جامعات جديدة له، بفضل ما يحظى به من مصداقية وما تلقاه مواقفه الوطنية والقومية من تأييد وما يضطلع به من دور في المسيرة النضالية المشرفة لمختلف القوى الحية لمجتمعنا. وحددوا أيام 22 و 23 و 24 ديسمبر القادم موعدا لعقد المؤتمر الوطني الرابع للحزب الديمقراطي التقدمي. وعبروا عن أملهم في أن يكون هذا المؤتمر فرصة لإحداث نقلة نوعية إيجابية على المستويين السياسي والتنظيمي وان يشكل لبنة أخرى في بناء صرح المعارضة الديمقراطية. فهو موعد للتداول على المسؤولية في القيادة وإصباغ المشروعية الديمقراطية على مختلف هياكله ودعم البناء المؤسساتي. وهو فرصة لتحبين البرنامج السياسي وتعميق اللوائح المختلفة. وهو فرصة أيضا للتوسع و الانتشار في الجهات والقطاعات، وفي هذا السياق شدد أعضاء المجلس على أهمية التشبيب في الحزب ودعم هيكل الشباب الديمقراطي التقدمي تاطيرا وتنظيما وتوسعا، كما شددوا على مزيد تفعيل الحضور النسائي في الهياكل الحزبية وتحذير الحزب في الأوساط الشعبية والتحامه بالهموم اليومية للمواطنين .
عن المجلس الوطني
محمد القوماني
عريضة مساندة لعالم الرياضيات والفيزياء البروفيسور المنصف بن سالم
الإمضاءات الأولى
Monseigneur Jacques Gaillot Eveque de Partenia شخصية سياسية فرنسية بارزة
Claudio Procesi, عالم في الرياضيات من روما ايطاليا
Dipartimento di Matematica, G. Castelnuovo
Universita` di Roma La Sapienza,
جون فرانسوا بوارياه -Jean-François Poirier –فيلسوف فرنسي وأستاذ جامعي
الدكتورة فيوليت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان جامعية وعالمة نفس ورئيسة اللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور المنصف بن سالم
الدكتور هيثم مناع مدير بحوث ومحرر رئيسي في تقرير التنمية العربية وعضو باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
الدكتور منصف المرزوقي أستاذ جامعي ومفكر تونسي ورئيس المؤتمر من أجل الجمهورية وعضو باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
الدكتور متروك الفالح أستاذ جامعي وباحث- الرياض من قيادة اللجنة العربية لحقوق الإنسان وعضو باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
الأستاذ حسين العودات المحاضر في المعهد العالي للصحافة والمستشار في اللجنة العربية لحقوق الإنسان من دمشق وعضو باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
الد.محمد المسفر –أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر وشخصية بارزة في الاعلام الفضائي العربي
الد.أحمد القديدي- برلماني تونسي سابق وأستاذ جامعي وعضو باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن.منصف بن سالم
الد.نبيل أبو شقرا – رئيس المنتدى العربي لبنان وعضو اللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
محمد المسقطي – رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان
الد.خالد الطراولي- رئيس اللقاء الاصلاحي الديمقراطي وعضو شرفي باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
الاستاذ ناصر الغزالي – رئيس مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية
الد.نجيب العاشوري عضو بمنظمة صوت حر -فرنسا
الد.محمد بوعلي الأنصاري –أستاذ جامعي ماليزيا وعضو شرفي باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
الد.منذر صفر ناشط سياسي وحقوقي ومؤرخ ورئيس جمعية تعنى بشؤون التونسيين في أوربا
جينات هاس اسكندراني – جمعية النجدة تونس – فرنسا
Ginette Hess Skandrani
الد.أحمد العش – عالم نفس –باريس
البروفيسور عارف المعالج – استاذ تعليم عالي بالمدرسة القومية للمهندسين صفاقس
د.محمد بن سالم أستاذ جامعي – ياريس
الحبيب أبو وليد : كاتب و باحث ، ألمانيا وعضو باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
مرسل الكسيبي:كاتب وباحث في قضايا الاعلام ومنسق اللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور د.منصف بن سالم
نور الدين الخميري :أستاذ رياضيات ومناضل حقوقي,ألمانيا وعضو باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
محمد بوريقة: مترجم – منتريال – كندا
الاستاذ نورالدين البحيري محامي وعضو المكتب التنفيذي لمركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة
الاستاذة سعيدة العكرمي محامية الكاتبة العامة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
الأستاذ سمير ديلو محامي ومدافع عن قضايا حقوق الانسان وناشط في اطار العديد من منظمات المجتمع المدني -تونس
نور الدين العويديدي :مسؤول اعلامي وصحفي بوكالة قدس برس للأنباء -المملكة المتحدة
العربي القاسمي مهندس ورئيس جمعية الزيتونة بسويسرا
عبد القادر رئيس تحريرموقع الحوار نت ومؤسس منتدياته– ألمانيا
زهير لطيف: صحفي ومنتج تلفزي -المملكة المتحدة
فتحي نصري: محامي وحقوقي تونسي وعضو باللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور بن سالم
عماد الدايمي:مهندس ومديرموقع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية –فرنسا
نور الدين الختروشي:كاتب ومناضل سياسي -فرنسا
سالم خليفة:موظف بمؤسسة خاصة – تونس
سيف بن سالم:باحث بالجامعة الفرنسية ومكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني الفرنسي ضمن اللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور المنصف بن سالم
فتحي عبد الباقي:ناشط حقوقي ورئيس جمعية تعنى بقضايا المساجين وعائلاتهم في تونس -باريس
عبد الوهاب العمري :قابس -تونس
فريق صحيفة تونس نيوز اليومية
هيئة تحريرمراسلات18 أكتوبر–ألمانيا
رشدي بن حسين باحث بالجامعة الألمانية
عبد الوهاب الرياحي تاجر– باريس
الأستاذ جابر العلوي أستاذ فيزياء بسويسرا وأحد الدارسين سابقا بكلية العلوم بصفاقس* –* أسسها البروفيسور المنصف بن سالم
الهادي بريك كاتب ومتخصص في العلوم الاسلامية -ألمانيا
عمر صحابو رئيس تحرير مجلة المغرب العربي –فرنسا
عبد الناصر نايت ليمام رئيس منظمة الدفاع عن ضحايا التعذيب في تونس – سويسرا
محمد الجريبي متخصص في الاعلامية وعلوم الاقتصاد– لوزان -سويسرا
محسن الشريف أوربا
رمزي بن فرج حقوقي وباحث تونسي مقيم بسويسرا
مراد راشد سويسرا
حسن محمد الأمين ناشط حقوقي ليبي ومدير موقع ليبيا المستقبل
عمر غيلوفي – سويسرا
فتحي الناعس الكاتب العام لجمعية التضامن التونسي – باريس
محمد طنيش ناشط حقوقي ألمانيا
بوكثير بن عمر –سويسرا
شامخ بن شامخ- سويسرا
طارق السوسي- أستاذ تعليم ثانوي إختصاص فيزياء وسجين سياسي سابق
منجي الفطناسي – مناضل سياسي وخريج علوم تجارية –ألمانيا
كوثر الجزار- أستاذة انجليزية – ألمانيا
الأمين الحناشي – مناضل حقوقي –ألمانيا
فضيلة الحناشي – مناضلة حقوقية ألمانيا
عبد الحميد الصغير– طالب
عبد الله النوري – ألمانيا
كمال العبيدي – صحفي تونسي
خليل بن المرحوم نورالدين المصمودي – صاحب مؤسسة –الولايات المتحدة الأمريكية
امال الرباعي –أستاذة علوم اقتصادية وأستاذة في العلوم الاسلامية -ألمانيا
أنور الغربي – مدافع عن حقوق الانسان – جنيف – سويسرا
رضا عثمان – نقابى سابق جامعة الكهرباء والغاز
حبيب الرباعي – أستاذ في الدراسات الاسلامية– ألمانيا
طارق شماخ – صحفي وباحث بالجامعة الأسترالية
فوزي الصدقاوي – مناضل اسلامي – تونس
أسامة اللموشي – كندا
رضا الانوبلي – سجين سياسي سابق مقيم بألمانيا
ابراهيم نوار – سويسرا
المنجي المدب – مهندس تونس
عبد العزيز نوار – سويسرا
خديجة خراز – سويسرا
عمار بوملاسة – باحث – تونس
محسن الذهيبي – متخصص في علوم الحاسوب – باريس
نبيل الرباعي – سجين سياسي سابق
عز الدين شمام –أستاذ – فرنسا
عمر علية الصغير– فني قيس أراضي – ايطاليا
فاضل سلاق- شاعر وكاتب – تونس
جنات بن رجب- استاذة فلسفة وباحثة في علوم التربية – لندن
عادل النهدي – مستشار اقتصادي – سويسرا
الهام طيب – سويسرا
ادريس بن حارث – سويسرا
سيد فرجاني – منسق منظمة ضحايا التعذيب ضد الحصانة في تونس
أحمد بن محمد – لندن المملكة المتحدة
فرج بلحاج عمر أستاذ فلسفة – ألمانيا
عمر الصيداني – مهندس – سويسرا
لسعد الجوهري – عضو بالجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين ومنظمة ضحايا التّعذيب ضدّ الإفلات من العقاب
علي بوراوي – صحفي باريس
عبدالرحيم بن عينوس – أستاذ باحث ومدير منظمة خيرية
ناصر الغمراسني- مربي سويسرا
اسماعيل القوت- طالب
ابراهيم التاوتي- محامي الرئيس السابق لمنظمة العدالة الدولية
خالد طه- محامي رئيس منظمة محامون بلا حدود
هادي شلوف – محامي
باسل العودات- صحفي
بسام بونني – صحفي –الدوحة
عبد الحميد العداسي – كاتب –الدنمارك
سليم بوخذير- صحفي تونسي – ومراسل اعلامي من تونس
منجي سليم- مدير مؤسسة – فرنسا
لطفي الهويدي – اطار تربية وطنية – فرنسا
منير دبور- اعلامي ومناضل حقوقي وناشط في الدفاع عن الأستاذ محمد عبو ومبحر في شبكة الانترنيت
خالد الفرشيشي – متخصص في الاعلامية
منصف الحداد- أستاذ بالكيباك –كندا
عبد الحميد حمدي- أستاذ تربية اسلامية – الدنمارك
أنور طرودي – كالغري –كندا
غسان بن خليفة – طالب مناضل من شباب الحزب الديمقراطي التقدمي –تونس
مريم حكيمي –طالبة – ألمانيا
الهادي شعبان- متخصص في علوم الحاسوب وعضو بمنظمة صوت حر فرنسا
المنجي بن عقيل – ألمانيا
حبيب الخليفي أستاذ – ألمانيا
عبد الغني الزهواني – أستاذ- ألمانيا
المنجي بن عقيل –ألمانيا
محمود المرزوقي –سويسرا
علي المشرقي –مناضل سياسي من حركة النهضة-ألمانيا
نوفل العيادي –مناضل حقوقي ألمانيا
المعز بوخريص –مسرحي – بلجيكا
مي الزعبي –باحثة – سوريا
مجدي عبد القادر –مهندس – سويسرا
فيصل اليعقوبي –أوربا
الهادي اللجمي –مناضل حقوقي – سويسرا
الهادي نصري –مناضل حقوقي ألمانيا
حسيبة الخميري –مناضلة حقوقية ألمانيا
عادل لطيفي –مؤرخ وكاتب صحفي باريس
علي المشرقي –مناضل من حركة النهضة -ألمانيا
عبد الحفيظ خميري – استاذ ومدير مجلة “أجيال” التي تصدر في باريس باللغة الفرنسية
علي سعيد – أستاذ – النرويج
طاهر المستيسر –سويسرا
……………
…………………………….
…………………………….
…………………………….
ملاحظة
يرجى بالحاح من كل من اطلع على نص هذه العريضة واقتنع بما أوردته من مطالب عادلة, ضم اسمه وصفته لقائمة الممضين.
**ترسل الامضاءات على عنوان منسق اللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور المنصف بن سالم على العنوان الاتي: reporteur2005@yahoo.de
حوار مع البروفسور المنصف بن سالم (القسم الأول)
أجرى الحوار: محمد الفاضل
حين يعلن البروفيسور منصف بن سالم الدخول في إضراب عن الطعام فإنه يكون قد أعلن الخروج عن صمته و أعلنت معه الحكمة متضامنةً خروجها عن عقال الأكاديميات، ليضعك، أنت الذي يحجب عنك مكر الاستبداد في تونس، ما لو انكشف كان لك أبلغ من خطب السياسيين وتقارير خبراء السياسة، و حين تباغتُ، أنت الذي تنتمي إلى الألفية الثالثة بمفارقات الحداثة المغشوشة، و تضع نفسها، دولة المؤسسات والقانون أو هكذا يقال، في مواجهة رجل علم بقامة البروفسور بن سالم، وحين تتحالف الأنتليجنسيا الرثة التي ابتليت بها البلاد مع أنظمة الاستبداد السياسي في تونس لضرب هويتك تحت ألوية مكافحة فكر قيل عنه دونما إنصاف أنه متطرف، حين تـُحشَد كل تلك التحالفات ضد رجل العقلانية العلمية في تونس. فإن هكذا مواجهة ستضعك دفعة واحدة أمام الحقائق التونسية الأربعة: محنة المستضعفين، محنة المعرفة، محنة السياسة ومحنة الدين.
مع كل حدث تجري فيها انتهاكات بالغة الأهمية لحقوق الإنسان في تونس تقوم كعادتها السلطات التونسية بحجبها عن وسائل الإعلام قدر ما تستطيع وتغري أو تحاول أن تضغط على وسائل الإعلام لحجب حقيقة تلك الأحداث عن التونسيين وعن الرأي العام العالمي، فكيف تعامل الإعلام مع قضيتكم؟
يخشى النظام التونسي من الإعلام الذي أصبح في تقديري سلاح العصر في أيدي المعارضة لذلك يسعى النظام اليوم في كتم أنفاس الحقيقة… لم يكن هناك في السابق فضائيات وحين يصادف أن يكون هناك خلاف حول الرؤية في رمضان مثلاً أو أيام العيد كانت القناة التونسية تبث تسجيلاً قديماً للوقوف بعرفة وتقول أن هذا يحدث الآن، وكان يُـظن أن هذا يمكن أن ينطلي على الشعب التونسي لأنه لم يكن هناك قناوات أخرى يمكن مشاهدتها قد تكذب القناة الوطنية فيما إدعته.لذلك يتمنى النظام اليوم أن لو لم تكن هذه الفضائيات موجودة. فسنة 1996 على سبيل المثال، صدر عن وزير الداخلية أمر بجمع كل الصحون اللاقطة paraboles للقناوات الفضائية بتونس التي كان يبلغ عددها نحو خمسين ألف صحن لاقط لكن تحت الضغط أعيدت إلى أصحابها وأجبر أصحابها على دفع ضريبة قدرت بمائة دينار سنوياً.فهذه الخشية من الإعلام من لدن النظام دفعته إلى تكوين اللجنة الوطنية للإتصال الخارجي الذي ترأسها صلاح الدين المعاوي وهوايضا وزير للسياحة وهذه اللجنة لها من مزانية الدولة مخصصات هامة جداً ،وقد ظلت مهمتها تكذيب المعارضة و التعتيم عن الفضائح في الداخل والخارج، إضافة إلى سب المناضلين الشرفاء والتشهير بهم كذباً وزوراً…. لقد أصبحت تونس أول دولة في العالم تمنع الإبحار في الأنترنات وأول دولة تحاكم مستخدمي الشبكة.وهي أيضاً تُـسَجل من بين دول العالم لأعلى عدد مواقع تقوم دولة بحجبها عن المبحرين في الشبكة، إذ قامت ولاتزال تقوم بحجب 4000 موقع أنترنات. إذن فتونس تخشى الإعلام لما قد يكشفه عنها من حقائق، وقد وجدت من الأقلام المأجورة ومن الألسن المسيئة من يتطوع للدفاع عنها من أمثال: برهان بسيس ورضا الملولي وغيرهما، كما أن لتونس حساسية تجاه القنوات الفضائية الرائدة في العالم العربي مثل قناة الجزيرة و قناة العربية حتى أنهم خصصوا برنامج في قناة تونس7 لسب الجزيرة، وقد دعي الدكتور المنصف المرزوقي مرة للمشاركة في إحدى برامج قناة الجزيرة، فـطَلبت منه الحكومة القطرية بصورة مباشرة أن يحد خلال البرنامج من انتقاداته المعتادة للنظام التونسي وأن يخفف من تجريحا ته، فوعدهم بذلك وسافر من باريس إلى دولة قطر ليحضر البرنامج وفي المطار تم استقباله من طرف السلطة القطرية حرصاً منها على أن تكون توصياتها قد بلغته وأخذت منه وعداً بلزومها، لكن مع ذلك منع من المشاركة في البرنامج. كما أن الشيخ راشد الغنوشي دعي أيضا للمشاركة في إحدى البرامج وتم الإعلان عنه في الومضات الإشهارية وفي آخر وقت تم إلغاء البرنامج أيضا ففي برنامج أكثر من رأي لسامي الحداد بقناة الجزيرة تحدث أحد المتدخلين من الدنمارك فذكر خلال حديثه تونس فرفع سامي حداد يده وقاطعه قائلاً: أرجوك يا أخ لا تذكر تونس فلنا معها مشاكل كثيرة.
وتحضرني الآن كلمة وزير الصناعة الإسرائيلي و هو من حزب كاديما المنشق عن حزب اللكود يرد على سؤال وجه له:فيما لو فاجأكم حزب اللكود بالانتصار في الانتخابات ؟ فأجاب: أن اللكود لن ينتصر حتى ولوكان على رأسه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي…! وفي البرلمان الأوروبي أيضا طرح سؤال عما إذا كانت إنتخابات أوكرانيا قد وقعت فيها خروقات؟ فقال نعم وقعت خرقات كبيرة إلى حد يمكنني أن أصفها بانتخابات تونس أو كوبا أو كوريا الشمالية. لقد أصبح العالم يتندر بتونس بسبب حجم الانتهاكات الحقوقية.
أنتم دُعيتم من قبل قناة العربية لتُـجري مع سيادتكم حديثاً لكن لم يتم ذلك، فماذا حدث بالضبط؟.
نعم، تحديداً في يوم الخميس 06.04.2006 هاتفتني قناة العربية عدة مرات وطَلبت مني الحديث إليها على الساعة السادسة بتوقيت غرينيتش، وطلبـت مني صورة شخصية فبعثت بها إلي القناة، وانتظرت إلى أن انتهت نشرة الأخبار ولم يتصل بي أحد، حاولت بعدها الإتصال برئيس تحرير القناة الذي وعدني بالحوار لكن ظل الهاتف يرن طويلاً دون أن يرفع أحد السماعة !! أرجو أن يكون المانع خيراً، كما أرجو أن تتدارك قناة العربية هذا الخطأ وتجري الحوار نصرة للحق، فمن لا ينصر الحق يُخشى أن يكون شيطان أخرس.
نريد أن نفهم، تدخلات السلطات التونسية هذه لدى وسائل الإعلام والفضائيات كانت تحد ث دائماً من أجل حجب الحقيقة، لكن حين يحدث هذا بصورة متكررة مع شخصكم، هل يمكن أن يكون لهذا السلوك من مدلولات جديدة ؟
في ما يخصني، الحقيقة لم يحدث تدخل السلطات التونسية لدى وسائل الإعلام فقط بل حدث أيضاً لدى وفد من الكنغرس الأمريكي، ففي التسعينات جرى مخابرتي من الولايات المتحدة الأمريكية ثم السفارة الأمريكية لاستقبال وفد من الكنغرس الأمريكي كان يرغب في زيارتي، وقد جرى هذا تحت ضغط من المؤسسات العلمية أهمها كانت الأكاديمية القومية للعلوم بأمريكا ومنظمات حقوقية عديدة وبعض الزملاء الأمريكيين الموجودين في مواقع متقدمة في الإدارة الأمريكية، بعد مدة خابرتني السفارة الأمريكية تسأل إن كنت موجوداً بالمنزل لأن وفداً من الكنغرس الأمريكي يرغب في زيارتك يوم كذا للإطلاع على وضعي ميدانياً.بقيت في الإنظار طوال اليوم لكني فوجئت من خلال النشرة المسائية للأخبار بقناة سبعة ،أن رئيس الدولة يلتقي بمجموعة من الكنغرس الأمريكي ولم يزوروني ..وعلى هذا المنوال حدث ذلك لثلاث مرات تفصل بين الزيارة والتي تليها نحو سنة تقريباً، كل مرة يأتي فيها وفد الكنغرس قصد مقابلتي فيلتقي بالرئاسة ثم يغادر فوراً. سمعت على إثر ذلك أنه كان يقال لهم أن وفد الكنغرس إن زارني فقد يتسبب في إفساد العلاقات الطيبة بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية. والولايات المتحدة كانت طبعاً تتفهم موقف تونس !! لأنها كانت مشغولة بالتسابق من أجل السيطرة على شمال إفريقيا.
حين يتعلق الأمر بالحجب عن الأستاذ الدكتور منصف بن سالم فإن الأمر قد يختلف عن الحجب عن شخصيات وطنية أخرى، فمثلاً السادة نجيب الشابي وحمة الهمامي ومحمد النوري ولطفي الحجي…وغيرهم من رموز18 أكتوبر، والجميع مقاماتهم عندنا محفوظة، زارهم السفير الأمريكي وسفراء أخرون و زارتهم شخصيات دبلوماسية وشخصيات بقامات دولية، ولم يتم منع أحد دون الوصول إليهم، لكن أن يتم تحويل وجهة وفد الكنغرس الأمريكي ثلاث مرات وكان قد عزم الوفد كل مرة على زيارتكم والإطلاع على أحوالكم في إقامتكم الجبرية، هذا يجعل أن المسألة مع شخصكم تعني بالنسبة للسلطات التونسية أكثر من معنى وربما أكثر من المعنى السياسي ذاته، فهل لكم أن تفسروا لنا ذلك؟
هذا صحيح، حين كنت في السجن، علمت أن ملفي كان يشار إليه بعلامة حمراء، وأن هذا السجين، كما يقال عني: من نوع خاص ويجب أن يبقى في غرفة ليس بها أي سياسي. وقد سجنت مرتين متتاليتين: الأولى من 1987إلى1989 إيقاف بدون محاكمة يرتبط الأمر وقتها بلجنة الإنقاذ الوطني والمناسبة الثانية بين 1990إلى1993 إثر تصريح صحفي أدليت به للصحافة. في الواقع ما حدث معي له تفصيلات كثيرة ولا يمكنني الآن أن أسرد الأحداث من الأول، لكن يبدو أنني في تقدير السلطة أمثل خطراً كبيراً عليها فقد بلغني أن مسؤولاً في وزارة الداخلية كان يلقي درساً على أعوان الأمن المكلفين بمراقبتي بمحل سكناي يقول لهم: أنتم الآن في حراسة فلان وفي الأثناء سمعتم أن باخرة دخلت إلى الميناء بها أسلحة مهربة كما سمعتم أن منشوراً يوزع في مكان ما من قبل المنصف بن سالم ولم يكن لكم من عناصر الأمن ما يكفيكم فبأي الأهداف تهتمون، الباخرة المهربة للأسلحة أم منشور منصف بن سالم ؟ فقالوا له جميعاً نهتم بباخرة الأسلحة فقال لهم مسؤول الداخلية بل عليكم أن تهتموا بمنشور منصف بن سالم ..!!! حدث هذا في وزارة الداخلية.
فالتدخلات لدى أعلى هرم في السلطة وردود الفعل عن تلك التدخلات يُـفسَر عندي بتشنج رأس النظام بالذات لما يتعلق الأمر بشخصي. فوزير التعليم العالي سابقاً العالم الكبير في الرياضيات (Laurent Schwartz) جاء إلى تونس والتقى برئيس الدولة فوعده أن يسوي وضعيتي بصورة نهائية فقام هذا الوزير بتسميتي بجامعة: (Pierre et marie curie) بباريس 6 لكن لم يحدث من تلك الوعود شيئاً وقد حدثني الوزير بعد ذلك قائلاً: لأول مرة أتلقى وعوداً من أعلى مسؤول في دولة ثم يتم التراجع عنه.
ثم الشخصية البارزة البروفسور محمد عبد السلام الحائز على جائزة نوبل والذي كان من وراء صناعة القنبلة النووية الباكستانية، يأتي مرتين إلى تونس ويتلقى وعود بحل مشكلتي لكن لا يتم الوفاء بتلك الوعود.
و يتدخل الأمير عبد الله أيضاً ولي العهد السعودي حينها ويقوم بتسميتي أستاذ بجامعة الرياض ويطلب من السلطة التونسية أن يفسحوا لي طريق السفر وقد ذهبت إثرها إلى سفارة السعودية واستلمت إستمارة التعيين والعلاوات وغيرها وأوراق السفر على أساس أن موعد سفري قد تعين حينها ليوم الأربعاء وأعلمتهم أنه ليس لي و لا لعائلتي جوازات سفر فقالوا لي أن هذا أمر بسيط، فخلال ساعة ستكون الجوازات في حوزتك لكن لم يحدث من وقتها أي شيء.
ورغم هذه التدخلات الثقيلة لم تحل مشكلتي والرئيس ذاته بعث إلي مستشاره ووعدني بأن يحل مشكلتي في أقرب وقت لكن لم يحدث شيء.والواقع انه لا يمكنني أن أفسر هذا السلوك المغالي تجاهي إلا لكوني والحمد لله نظيف وليس للنظام علي أي مَمْسك سياسي يؤاخذني عليه، فالنظام يعلم أني لم أتراجع ولن أتراجع عن كلمة الحق وقد كان ينتظر مني أن أضعف أمام الإغراء المادي.
ففي سنة1994 منعني النظام من حضور مرض والدتي، وهي مقيمة على مسافة 50كلمتر من محل سكناي كانت والدتي حينها على فراش الموت وكنت في المنزل تحت الإقامة الجبرية وكانوا قد اشترطوا علي للذهاب لزيارتها أن أهتف فقط قبل مغادرة المنزل إلي رئيس مركز الشرطة بمنطقة سكناي لأستأذنه في الذهاب، قلت أبداً، لن أرضخ لهذه الأوامر، إما أن أذهب إلى والدتي بكل حرية وإلا فأنا باق بالمنزل، وبلغت أمي ساعاتها الأخيرة من الحياة فهتف إلي المحافظ ليبلغني أن والدتي قد ماتت وأنه علي فقط أن أبلغهم حال ذهابي قلت أبداً لن يحدث هذا، توفيت والدتي ودفنت ولم أحضر جنازتها، ولعلمك فطيلة حياتي لم أوقع للنظام أو للسلطة على أي شيء.فإن كنت على حق فلماذا أوقع لهم أو أستأذن منهم والإقامة الجبرية المضروبة علي ليست قانونية فلم يصدر في حقي حكم بهذا وإنما هم يمارسونها علي بقرار من الشرطة ودون أساس قانوني.ربما أدرك النظام أنني إذا كنت قد ضحيتُ برؤية والدتي في ساعاتها الأخيرة من أجل حريتي، فلن يكون له معي بعدَها حوار يرجى.
في إحدى أيام السجن كانت لي زيارة من زوجتي.. فمازحت الحارس بالقول: لما لا تتركوني أغادر مع زوجتي؟ وكان مدير السجن على مقربة مني وسمع حديثي هذا، فأسرع إلي قائلاً: والله ستعود إلى منزلك حالاً لو كتبت فقط رسالة إلى سيادة الرئيس، قلت: والله لن يكون هذا، فلو خدرتموني ثم حملتموني على التوقيع وأنا على تلك الحالة فسأقطع يدي حالما أستفيق.
ماذا يمكن أن نفهم من معاملة بهذا الشكل في حقك من قبل جهات مسؤولة عرفت بمحدوديتها المعرفية والعلمية ؟
لنأخذ وزير العدل الصادق شعبان كان أستاذاً جامعياً وهو يعرفني جيداً ويعرف سمعتي في الجامعة يوم كانت سمعته في الحضيض، ويعلم هو أي صورة كانت له عند الطلبة، كيف يرضى هذا أن أكون حراً، الأمر نفسه مع بن ضياء كيف يمكن لهؤلاء أن يتركوني حر، الواقع لولا التدخلات الأجنبية لكانوا قتلوني منذ سنين والحمد لله جعل لي الله حماية من حيث لا أحتسب.
عندما بعث من إسرائيل 400 من كبار العلماء في العالم منهم الحائزين على جائزة نوبل للسلام بإمضاءاتهم مطالبين بإطلاق سراحي، أحالوا الخبر إلى جريدة الشروق لتنشر مقالا طويلاً يثير التساؤلات حول علاقة المنصف بن سالم بإسرائيل…!
يتبع
(المصدر: موقع “نواة” بتاريخ 10 أفريل 2006)
وصلة الموضوع: http://www.nawaat.org/portail/article.php3?id_article=964
لماذا ينكل بن علي بالعلماء والمثقفين؟
المنجي بن منصور
إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في تونس فعليك أن تعرف شخصية من يحكم تونس.
سألت نفسي كثيرا عن الاسباب التي جعلت حاكم تونس ظالما و دكتاتورا على الدوام لا يرجى منه أي خير وميؤوس من الإصلاح في عهده.
وجدت العديد من الإجابات منها طبيعته العدوانية التي شب عليها وتاريخه الأسود الملطخ بدماء الأبرياء والدعم الغربي السخي الذي لقيه ويلقاه بسبب حربه على الإسلام (وقد تأكد ذلك من خلال شهادة سفاح العراق رامسفيلد أثناء زيارته الأخيرة لتونس.سفاح يوسم سفاحا)، وبطانة السوء المحيطة به والمتكونة من اليسار الإنتهازي ورجال الأعمال الفاسدين وعصا البوليس.
إلا أن هناك سببا رئيسيا ومهما يغفل عنه الكثير في تحليلهم للوضع السباسي التونسي وهو المستوى الثقافي البسيط والمحدود والمتدني لرئيس الدولة.
هذا السبب هو وراء موت الحياة السياسية ووراء انحطاط الأخلاق وتفشي الفساد والجريمة في البلاد.
هذا السبب وراء الحقد الدفين لحاكم تونس على ذوي الكفاءات وأصحاب الشهادات، فالسجون تعج منذ مجيئه إلى السلطة بالدكاترة والاساتذة والأطباء والمهندسين والطلبة ورجال الأعمال والخبراء.
هذا السبب وراء حملة القمع والتنكيل التي يتعرض لها منذ سنوات عالم الرياضيات والفيزياء البروفيسور المنصف بن سالم، هذا العبقري الذي لو وجد في دولة متقدمة لتبوا أعلى المناصب ولنال أرقى الرتب ولأكرم كل أنواع الإكرام ولساهم مساهمات علمية عظيمة.
ومن نكد الدنيا على المرء أن يقبع العلماء والمثقفون في السجون ويشردوا في المنافي وأن يسكن الجهلاء في القصور و أكبر كارثة حلت بشعب تونس الأبي المثقف المتفتح أن يتسلط عليه رجل أمي خال سجله الثقافي من أي شهادة. وقد تجلت محدودية مستواه في عديد المظاهر منها:
– أن جلاوزته سارعوا مباشرة بعد التغيير المشؤوم إلى إخفاء ملفه الدراسي عن الأنظار.
– أن الرجل لا يتقن أي لغة لا العربية ولا الفرنسية ولا الانجليزية ناهيك عن لغات أخرى.
– أن الرجل منذ اعتلاءه سدة الحكم لم يعقد أي ندوة صحفية ولم يدلي بأي تصريح لا للصحافة المقروءة ولا المسموعة ولا المرئية والسبب واضح ، حتى الخطابات والبيانات التى يلقيها في المناسبات يكتبها له المستشاران عبد الوهاب عبدالله ومحمد الجري ويتدرب عليها أياما وليال أمام شاشة كبيرة يبلغ طول الحرف فيها طول الرخيص برهان بسيس، ورغم ذلك فإنه يلقيها مليئة بالأخطاء ولو تسأله بعد خمس دقائق عما حوته لما تذكر شيئا.
وأحلى ما في رئيسنا صوته الدافئ الحنون الذي يعشق سماعه كل تونسي، هذا الصوت مدحه القرآن في الآية 19 من سورة لقمان.
– أن الرجل ليس له أي موقف من قضايا الأمة وحضوره وعدمه في القمم العربية والملتقيات الدولية يستويان، لذلك تجده يتغيب في أغلب الأحيان ويرسل مكانه رئيس الوزراء أو وزير الخارجية.
– لا موقف له من قضية الصحراء المغاربية ولا موقف له مما جرى ويجري في الجزائر ولا موقف له من سنوات الحصار الجوي التي تعرضت لها ليبيا بل كان من السباقين لتطبيق هذا القرار الجائر، الإتحاد المغاربي انتقل إلى جوار ربه منذ أن تسلمت تونس رئاسته، ولا موقف له من الأوضاع الدائرة في السودان والعراق وأفغانستان وسوريا ولبنان.
– سمعته يقول في أحد خطاباته أن القضية الفلسطينية قضيته الخاصة وأنا أساله بالمناسبة ماذا قدم للقضية الفلسطينية سوى الجبن والكذب والضحك على الذقون، حتى الاستنكار أصبح محرما عليه، وماذا فعل لصديقه ياسر عرفات (الذي كان يناديه بزين العرب) والذي حوصر ثلاث سنوات ثم قتل مسموما.
– لم يتجرأ إلى حد الآن على تهنئة حركة حماس التي فازت بأنزه انتخابات عرفها العالم العربي.(لأنه يخاف من أسياده) وأظن أن أعضاء حماس سيزورون كل البلاد العربية والإسلامية إلا تونس لعلمهم المسبق أن حاكمها لا خير فيه.
– وقد عاين الشعب التونسي بأم عينيه في نشرة الأخبار مدى جهل رئيسه، ففي إحدى زيارته الفجئية التي كان يموه بها على الناس أعلمه المدير العام لإحدى المؤسسات أن نسبة النمو في مؤسسته بلغت % 114 فما كان من الرئيس إلا أن استغرب واحتج صارخا هذا غير معقول آخر نسبة % 100 مافيش نسبة تفوقها.
– كما أن المتابع لحركات يديه خلال المجالس الوزارية التي تعقد في القصر يتبين له أنه يردد نفس الكلام مهما كانت المواضيع المطروحة للنقاش.
– ويروي رئيس حزب سياسي التقاه: كنت أعطيه فكرة عن نشأة الحزب وتطوره وأهدافه ووسائله فكان رده إيه إيه طيب شنيه طلباتك.
_ وفي خبر نشرته مجلة الجرأة لسان حال المعارضة أن أحد الوزراء أخبره أن الإيطاليين مستاءون جدا من تواجد رئيس الوزراء السابق كراكسي المطلوب للعدالة في ضيافة تونس. فكان رده حضاريا للغاية (بول عليهم).
– ويجمع أغلب الذين عرفوه أنه بذيء اللسان لا ينطق إلا كفرا ولا يقول إلا فحشا.
– رئيسنا ليس له إلا وظيفة واحدة جالس في القصر ويلسع كالعقرب والذين يطمعون في الإصلاح في عهده طامعين في العسل من بوفرززو، فالرجل لو يقرأ كتابا عن الديموقراطية أو حقوق الإنسان لا يفهمه.
– ووصلت به عقدة الشهادات إلى أنه يدفع أموالا طائلة لبعض الجامعات الغربية حتى تمنحه دكتوراة فخرية.
– أخيرا هناك أمنية غالية لأبناء الشعب التونسي يا ليت سيادة الرئيس يلبيها لهم وهي أن نراه في مناظرة تليفزيونية مع كوكبة من أعلام تونس من أمثال الشيخ راشد الغنوشي والدكاترة المنصف بن سالم والمنصف المرزوقي وأحمد المناعي والمنذر صفر والأستاذات سهام بن سدرين وراضية النصراوي وأم زياد حتى نشبع ضحكا على مستوى رئيسنا.
(المصدر: موقع “الحوار.نت” بتاريخ 11 افريل 2006)
الكلمة شراع:
الإتّحاد العامّ لطلبة تونس..أيّ توحيد نريد؟
غسّان بن خليفة
كثُرت الأحاديث والتصريحات في الآونة الأخيرة حول مايُوصف ب “توحيد هياكل الإتّحاد” تحت يافطات قديمة متجدّدة من قبيل ” اخراج الإتّحاد من أزمته”، و”الحرص على استقلاليّته” ، “والإحتكام للخيار الديمقراطي للطلبة”..وغيرها من الشعارات التّي ملّ الكثيرمن المناضلين تكرار ترديدها على كلّ الألسنة الصادقة منها والمنافقة..فما بالك بعموم الطلبة الذين لم يعد أغلبهم مهتمًا لا بأزمة الإتّحاد ولا بتشتّت الحركة الطلابيّة وضعفها..مولين جلّ اهتمامهم وجهدهم نحو الخروج بأسرع وقت ممكن من “محتشدات” الجامعة التونسيّة..ليلقوا بأنفسهم في أتون جحيم “سوق الشغل” ..حيث تزداد قيمة شهائدهم ..العليا!!! ..أو بضائعهم (حتّى نبقى في أجواء السوق…) تدهورًا يومًا بعد يوم…
ونحن في الشباب الديمقراطي التقدّمي شاركنا كغيرنا من الأطراف الطلابيّة التّي يهمّها شأن الإتّحاد والحركة الطلاّبيّة في مختلف محطّات التقاش التّي جمعت الأطراف المناضلة بالجامعة منذ بداية هذه السنة قبيل انتخابات المجالس العلميّة الى حدود الإجتماعات الأخيرة التّي توقّفت مع عطلة الربيع..وطبعًا أعني هنا النقاشات التّي جرى أغلبها في كليّة منّوبة بين التيّارات السياسية المنتمية أو المساندة لمؤتمر التصحيح مع التيّارات المنادية بالمؤتمر الإستثنائي وتلك التّي تقف خارج هياكل التصحيح وال24..، وأعتقد انّه وقد وصلت النقاشات الى منعرج حاسم ومع تصاعد التصريحات والتسريبات الإعلاميّة..فإنّه صار لزامًا علينا أن نوضّح أكثر موقفنا من كلّ ما يدور من جدل ولغط حول “التوحيد”.
لا يختلف اثنان على أهميّة وضرورة توحيد كلّ الهياكل النقابيّة المنضوية تحت لواء الإتّحاد الع.ط.ت حفاظًا على وحدة العمل النقابي ونجاعته..لكن ما نختلف فيه مع غيرنا هو..”كيف؟.. ولماذا؟” ..أو بعبارة أخرى..على أيّ أرضيّة ووفق أيّ “شروط” يجب ان يتمّ هدا التوحيد؟ وخاصّة وقبل كلّ شيء..ماهي الأهداف المبتغاة من التوحيد؟
تعمدّت وضع الأسئلة بشكل نعتبر انّه مقلوب للإشارة الى خطأ في التقدير تقع فيه بعض الأطراف الطلابيّة حيال معالجتها لأزمة الإتّحاد..وفي قرائتها لإشكاليّة التوحيد..، هذه الأطراف التّي لا يمكن لأحد ان يشكّك في صدقيّتها ونضاليّتها تتسرّع حسب رأيي في الإجابة على “كيف؟” ..قبل ان توضحّ مع نفسها قبل غيرها موقفًا استراتيجيًا متماسكًا من السؤال المحوري..”لماذا؟”
وحتىّ لا أطيل ودون أن ندخل في تكهنّات وقراءات لا لزوم لها في نوايا وأهداف هذا التمشّي..أمرّ الى بسط رؤيتنا الخاصّة للمسألة في المرحلة الراهنة مع التأكيد على انفتاحنا وقبولنا التفاعل بشكل مرن لا يفرّط في الثوابت. نحن نعتقد انّه لا يمكن قراءة المشهد الطلاّبي قراءة سليمة دون الأخذ بعين الإعتبار المشهد السياسي والإقتصادي والإجتماعي بالبلاد..، ففي وقت تشتدّ فيه أزمة المصداقيّة لدى النظام الحاكم، ويزيد فيه هذا الأخير من محاصرة وقمع كلّ أطراف المعارضة الديمقراطيّة الوطنيّة وهيئات المجتمع المدني المستقلّ وكلّ تعبيرات الإحتجاج الإجتماعي مع بداية تعمّق الأزمة الإجتماعيّة والسياسيّة، لا نعتقد انّ هذا النظام الرافض لإبداء أدنى قدر من المرونة تجاه الملفّات المتراكمة لخشيتة من تعودّ المجتمع على الإحتجاج والنضال كوسيلة مجدية لإفتكاك حقوقه، لا نعتقد انّ هذا النظام الذي ألزم نفسه ب”نصائح” البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في مجال التعليم العالي وغيره من المجالات الإستراتيجيّة الحسّاسة يريد او يستطيع أن يتحمّل حركة طلابيّة قويّة أو نقابة طلابيّة مناضلة وديمقراطيّة سترفض حتمًا مشروع “اصلاح” التعليم العالي “إمد” الذي رفضه الأساتذة قبل الطلبة كما سترفض وتناضل حتمًا ضدّ كلّ الإجراءات الرامية الى تخلّي الدولة عن مسؤليّاتها الإجتماعيّة تجاه الطلبة وعن مكتسباتهم من (معاليم ترسيم منخفضة، منح، حقّ السكن بالمبيتات، صيانة المؤسّسات الجامعية ودعمها أكاديميًا ولوجستيًا..الخ)، فما بالك بقدرته المحدودة أصلاً على تحمّل مطالبات الحركة الطلابيّة بالحريّات الجماعيّة والتمسّك بالثوابت الوطنيّة والقوميّة… وعليه، فإنّنا لا نرى انّ السلطة يمكن أن تكون بعيدة أو غير مهتمّة بمجريات الشؤون الطلابيّة سيما منها تلك المتعلّقة بموضوع “التوحيد”..ولا نعتقد أنّنا في حاجة الى اثبات نوايا “التغطيات” المُوجَّهة سياسيًا لبعض الصحف “المستقلّة جدًا..جدًا”..، فهدف السلطة ومصلحتها هي حتمًا في اتّحاد طلبة موحَّد..في طاعته ومهادنته لها، اتّحاد لا يهتمّ ولا يبالي بما يجري خارج أسوار الجامعة..ويهتمّ بشكل سطحي بيروقراطي بما يجري داخلها..، اتّحاد يعمل على محاصرة “تغلغل” المعارضة في صفوف الطلبة…، ولذلك فهي لن تقبل أبدًا ان يفضي “مسار التوحيد” الى مكتب تنفيذي مناضل..أو حتّى ذي تشكيلة ذات أغلبيّة مناضلة..، وحتّى لو صدّقنا أكثر التحاليل تفاؤلاً بإمكانيّة فرض مؤتمر ديمقراطي فإنّ السلطة لن تتخلّى حتمًا عن عاداتها العريقة في عدم الإعتراف بنتائجه..اذا أفضت أعماله الى قيادة لا تستجيب تمامًا الى كرّاس شروطها السياسي والنقابي..فإضافة الى خصوصيّة الوضع الطلاّبي وعدم قدرته على مجاراة نسق السلطة في الإلتجاء الى القضاء “المستقلّ” أو على اكساب قضاياه زخمًا اعلاميًا داخليًا وخارجيًا كما هو الحال الى حدّ مع المنظّمات الأخرى كرابطة حقوق حقوق الإنسان أو المحامين..فإنّ هذه السلطة بيّنت بشكل واضح في الفترة الأخيرة أنّها لم تعد تعبأ بإدانة الرأي العامّ (الذي لا يتعدّى النخب) ، أو بتضامن واحتجاج المنظّمات غير الحكوميّة بالخارج..ما دامت الأنظمة الوازنة دوليًا تغضّ عنها الطرف وبحاجة الى خدماتها (الجليلة ..والحقّ يقال). فبعد أن جمّدت بشكل غير مُعلن نشاط الرابطة..رأينا جميعًا كيف تنكّرت لحقّ نقابة الصحفيين في الوجود..وخاصّة كيف انقلبت بكلّ “بساطة” على المكتب التنفيذي الشرعي لجمعيّة القضاة..وأخيرًا مواصلتها “اختطاف” جمعيّة المحامين الشبّان…، ومن هنا يطرح السؤال نفسه: هل يمكننا ان نتوهّم للحظة أنّ هذه السلطة التّي لم تُعر أدنى اهتمام لتاريخ ومكانة الرابطة ولقدر وهيبة القضاة..وانقلبت على هيئاتهم المُنتخبة..فقط لأنّها مستقلّة عن ارادتها..، هل يمكنها أن تفعل عكس ذلك وتعترف بقيادة اتّحاد طلبة مستقلّ ومناضل لتحقيق الأهداف التّي خّلق من أجلها؟!!!
بصراحة..لا نعتقد بإمكانيّة حدوث ذلك، ونعتقد في المقابل أنّ هدف السلطة وأذنابها المتقاطع مع انتهازيّة البعض وسوء تقدير البعض الأخر هو اعادة انتاج أزمة الإتّحاد بأشكال جديدة ومنع امكانيّة معاودته النهوض على أسس نضاليّة تقطع مع عقليّة “الطائفيّة” السياسيّة ، والقسمة والحسابات الضيّقة، وخاصّة منعه من تبوّء موقعه الطبيعي في نضالات الحركة الطلابيّة وسعيها الى لعب دورها التاريخي في نضال الشباب التونسي الذي يجب أن يكون في طليعة الفئات الإجتماعيّة المناضلة من أجل الديمقراطيّة والعدالة الإجتماعيّة وحماية الهويّة الوطنيّة.
انّنا نؤمن بأنّ خلاص الإتّحاد العامّ لطلبة تونس هو في خلاص الحركة الطلاّبيّة، وانّ حركة طلابيّة قويّة، مناضلة، جماهيريّة وتعدّديّة هي الشرط الذي لا بدّ منه لوجود اتّحاد مناضل، جماهيري، ديمقراطي، غير مهادن وغير مخترق أو موظّف سياسيًا من ايّ طرف…، ونعتقد أنّ اعادة بناء حركة طلابيّة قويّة هي بالأساس مسؤوليّة الأطراف السياسيّة بالجامعة..التّي يجب أن تتحلّى بالنضج واتسّاع الأفق الكافيين لرؤية المشهد العامّ بشكل بانورامي واضح ولا تغرق في تفاصيل الحسابات الصغيرة، ولا تستنزف طاقتها المحدودة في نقاشات طويلة ومناورات مضنية مع بعض الأطراف التّي لا تسعى بالتأكيد الى اتّحاد مناضل وديمقراطي، وتتّجه عوض ذلك الى العمل على تفجير طاقاتها الكامنة الهائلة..وهو الأمر الذي يقتضي منها قبل كلّ شيء الإلتفات الى عموم الطلبة الذين انفضّ أغلبهم عنها وعن الإتّحاد ومخاطبتهم باللغة التّي يفهمونها والعمل على الإرتقاء التدريجي بوعيهم ، ولا سبيل الى تحقيق كلّ هاته المهام الضروريّة والمستعجلة من دون أن نغيّر صورة الإتّحاد في مخيّلة الطلبة وأن نعمل على تعميق الفرز في أذهانهم بين اتّحاد مناضل ، ديمقراطي تحتضنه حركة طلابيّة قويّة، وبين اتّحاد (وربّما اتّحادات اذا ارتأت السلطة ضرورة لذلك ) مهادن، انتهازي تدعمه سلطة ديكتاتوريّة معادية لمصالح الطلبة وطموحاتهم.
وحتّى نكون عمليّين، فإنّنا نقول انّ هذا الفرز الضروري لا يمكن أن يتمّ الاّ اذا عدنا الى الوضع الطلاّبي الذي اعقب انقلاب قربة 71 حيث اصبحت المعادلة واضح في ذهن الطالب العادي، فمن جهة “هياكل نقابيّة مؤقّتة” مناضلة ذات شرعيّة نضاليّة وجماهيريّة، ومن جهة اخرى “هياكل منصّبة” لا تمتلك من الشرعيّة سوى اعتراف السلطة بها، وعليه فإنّ الأطراف الساعية حقًا الى اخراج الإتّحاد والحركة الطلابيّة من الأزمة التّي يترديّان فيها منذ عقود يمكنها ان تختار الطريق الأسلم والأصعب والأطول..والوحيد لذلك ..من خلال العمل على توحيد نضالاتها ميدانيًا على القضايا المشتركة والتصدّي بشكل جماعي للأطراف المشبوهة والمخرّبة بالجامعة، ومن ثمّة تحضير الأرضيّة السياسيّة والميدانيّة المناسبة للوصول الى حلّ هيكلي للمسألة النقابيّة..يمكن ان يكون في مؤتمر انتقالي (أو استثنائي..ولن نختلف على التسمية)، تقوم به الأطراف الطلابيّة المناضلة الى جانب المستقلّين المتمسّكين بالخطّ النضالي، يكون ديمقراطيًا تُمثّل فيه كلّ التيّارات (والمستقلّين أيضًا) بشكل وفاقي على قاعدة التمثيليّة النسبيّة العاكسة لوزن كلّ الأطراف المشاركة، وهذا المؤتمر الذي لا يجب استعجال تنفيذه وانّما جعله من جديد هدفًا نضاليًا للحركة الطلابيّة يُعقد متى استوفيت شروطه الذاتيّة والموضوعيّة، يجب أن تسبقه تعبئة ميدانيّة شاملة على المستوى الوطني في الجامعة وخارجها..، وان تتفّق الأطراف الحاملة لهذا المشروع الطموح على ارضيّة سياسيّة/نقابيّة تحدّد قواعد التنافس والقواسم المشتركة، وتضع برنامجًا نضاليًا ميدانيًا جماعيًا، وان تُجمع فيما بينها بشكل مبدئي ولا رجعة فيه على عدم التعامل بأيّ شكل من الأشكال مع الأطراف المشبوهة، وأن لا تقبل بالتعامل مع الأطراف الإنتهازيّة الاّ اذا صحّحت موقفها بشكل واضح وعلني من مسألة دخول طلبة السلطة الى الإتّحاد، والتزمت بقطع كلّ صلاتها بالأطراف المشبوهة، وغيّرت رموز الحقبة الماضية المتورّطين سياسيًا ونقابيًا في تخريب المنظّمة وهدر أموالها.
قد يقول البعض أنّنا مغالون في رؤيتنا أو ربّما نزايد ونطلب المستحيل..ولكنّنا نؤمن أنّ النضال والنضج السياسي والنقابي ووضوح الرؤية هي الشروط الأساسية التّي لا غنى عنها للخروج من الأزمة..وخاصّة لإيماننا انّ الشباب الطلاّبي التونسي الذي صنع ملحمة فيفري 72 قادر اذا وجد القيادة الكفؤة على اعادة أمجاد الحركة الطلابيّة..ذلك المارد الذي آن الأوان كي ينتفض من جديد على القيود التّي تكبّله..ويساهم في صنع ربيع الوطن.
(المصدر: الشراع، تصدر عن شباب الحزب الديمقراطي التقدمي)
زُر غُبًّا.. تزدَد حُبًا !!!
أحمد العويني
تطالعنا بعض وكالات الأنباء العالمية أحيانا في بعض الزيارات التي يقوم بها بعض المسؤولين الأمريكيين إلى تونس و أخرها زيارة وزير الدفاع الأمريكي “دونالد رامسفيلد” أثناء جولة مغاربية قادته إلى كلّ من تونس و لجزائر و المغرب و جاءت تحت عنوان التعاون الأمني المشترك بين هذه البلدان و الولايات المتحدة و دعم ما يسمّى بمكافحة الإرهاب “مسمار جحا” الجديد الذي تستعمله هذه الأخيرة لتكريس ابتزازها السياسي وتدخّلها في الشؤون الداخليّة للدول العربيّة, و هذه الخطوة لا نتوسّم منها خيرا و هذا شخص غير مرغوب فيه على أرض وطننا لا لشيء سوى انّ ” دونالد رامسفيلد” ينتمي إلى إدارة أمريكية لا تتحاور مع العرب إلا بالقوَة العسكرية من خلال قاذفات “ب52″و مقاتلات “اف16” و تدعم أنظمة دكتاتورية قمعية. ولهذا فانّ هذه الإدارة قد تكسب حروبها العسكرية الى حين إلاّ أنّها أبدا لن تكسب عقول و قلوب سكان المنطقة العربية بما أنها تعتمد سياسة إذلال العرب و المسلمين و تساند أعدائهم و تمدّهم بكلّ أساليب القوة و الدعم الذي يحضى به الكيان الصهيوني المقيت و كيف تكسب قلوبهم و هي التي اعتبرت كلّ عربي ومسلم مشروع إرهاب. يجب انّ يتعرّض لأبشع أنواع المضايقات ثمّ كيف تكسب عقولهم وهي التي تنظرالى المنطقة من زاوية النفط الرخيص(المنطقة العربية و النفطية منها على وجه الخصوص تحصل على ما يقارب 250 مليار دولار عوائد نفطية سنوية و هو رقم لو أُنفق لخلق مصانع و فرص عمل تحوّل هذه المنطقة إلى الأغنى و الأكثر اعتدالا في العالم) ولكنّ هذه الثورة تتركّز في أيدي فئة محدودة حاكمة تنفقها على ملذّاتها أو في صفقات تسلّح نحن في غنى عنها و إنّما هي لمصلحة الشركات الرأسمالية الأمريكية و حلفاءها(صفقة الشركة البريطانية مع السعودية بخصوص الطائرات العسكرية مؤخرا).
يجب أن تدرك الإدارة الأمريكية أن مصداقيتها في المنطقة العربية وصلت إلى الحضيض خاصّة عندما تتحدّث عن الإصلاحات الديمقراطية فالرئيس الأمريكي لا يريد انتخابات في لبنان في ظلّ ” الاحتلال السوري” على حد تعبيره ويروّج للإنتخابات العراقية تحت الاحتلال الأمريكي!!! ويرفض نتائج الإنتخابات الفلسطينية رغم ديمقراطيّتها عندما لاتجاري رؤاها الإمبرياليّة المنحازة دومًا للكيان الصهيوني. الشعوب العربية تتطلع الى الديمقراطية و لكن ليس ديمقراطية النفاق و امبريالية” الصليبيّين الجدد”. إنّما ديمقراطية تحقّق لهم طموحهم في العدالة والتوزيع العادل للثروة و التسوية الحقيقية المنصفة للقضايا المصيرية.
(المصدر: الشراع، تصدر عن شباب الحزب الديمقراطي التقدمي)
الشراع الثقافي:
خشخاش
خولة الفرشيشي
خشخاش اسم حمله فيلم تونسي عُرض مؤخرا بقاعات العاصمة بإمضاء المخرجة التونسية”سلمى بكار” التي حاولت الولوج إلى عالم المرآة في فترة الاحتلال و فيه رصدت حياة الطبقة البرجوازية التونسية من خلال نماذج متعددة من شخوص الفيلم و تركزت القصة حول حياة” زكية” و علاقتها بزوجها المثلي جنسيا، علاقة الرغبة الملتهبة التي تضطرم بداخلها و تصطدم بعجز زوجها و لامبالاته بها وهي تستخدم كل الطرق الأنثوية لاستدراجه و تلبية رغباتها الطبيعية، فتستنجد بالخادم الشاب بعيدا عن عين “حماتها” لإطفاء ضمأ الصرخات المكبّلة بداخلها. تلجأ “زكية” إلى الخيانة التي أثمرت طفلة حملت اسم “مريم” و كبرت هذه البنت الصغيرة مع إدمان أمّها على الخشخاش.. زهرة النسيان.. نسيان الكبت و العجز ..وتكون النهاية في أروقة مستشفى المجانين و هنالك رحلة جديدة في التعرّف على شخصيات مقيمة بالمستشفى… هذه بإختصار قصة الفيلم الذي تميّز على مستوى تقنيات الصورة وفي أسلوب الاسترجاع و التذكّر الذي ليس بجديد على السينما التونسية و نقطة القوة كانت بالتأكيد في الأداء الجيّد لأبطال الفيلم.
ببساطة، أعتقد أنّ شريط “خشخاش” رغم قيمته الفنيّة لم يضف الكثير إلى خزينة السينما التونسية حيث انّه لم يخرج من دائرة المدينة العتيقة(العربي) و حياة “البلديّة” و تناول الحديث عن الجنس بإطناب و اظهاره وكأنّه الهمّ الوحيد للمرأة في تلك الفترة و إلى حدّ الآن. و كان بلإمكان تجاوز هذه العقدة من طرف أرباب صناعة السينما التونسية و التخلي عن السائد المألوف الذي ملّه الجمهور و الغوص في مشاغل و هموم المواطن التونسي الذي لديه شواغل أخرى غير الجنس مثل الهموم الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية التي لم يسبق لعمل سينمائي أن تناولها بشكل عميق أو اهتم بتفاصيل الحياة اليوميّة للمواطن وطرحها بأسلوب فنّي و واقعي بعيد عن المُثُليّة والطوباويّة. وذلك ليس بعزيز على فنّاني تونس إذا توفّر لهم الجوّ المناسب للإبداع بلا خنق لحريّة خلقهم الفنّي.. بعيدًا عن مقصّ رقابة وتدخّل المموّل الأجنبي.
(المصدر: الشراع، تصدر عن شباب الحزب الديمقراطي التقدمي)
قصور
شاهين السّافي
قصور
بنينا قصور العدالة
فلم نلقَ غير قصور العدالة
عن أن تكون العدالة
******
إلى نادل
يا من سجَرت سهامك في كأسي
وسجدت لباقي النُدمان
حاذرْ.. !
في سفر الحانة جاءت موعظة:
“انّ الجبلين على عِظمٍ
لا يلتقيانْ
لكنْ…
يتلاقى في اليوم الحالِك
الرَجُلانْ
******
خزرجة
أوسيّة هي أرضنا..
جنّاتها
من تحتها الأنهارُ تجرِ………………..
………..فُ ماءها
وسماءها
أوسيّة هي أرضنا
أوسية “تتخزرج”
(المصدر: الشراع، تصدر عن شباب الحزب الديمقراطي التقدمي)
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة الله عليه والسلام على اشرف المرسلين
تونس في 9 افريل 2006
الموافق 11 ربيع الانور 1427 هجري
على بركة الله تعالى وعونه وتوفيقه
تسعدني المساهمة بقسط متواضع في ذكرى مولد الرسول الأعظم سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم. من بعثه الله تعالى رحمة للعالمين الإنس و الجن.
ولد صلى الله عليه وسلم فجر يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام 570 ميلاديا ووضعت آمنة بنت وهب وليدها المبارك احمد كما بشر به سيدنا عيسى عليه السلام وكانت ليلة خفقت فيها بدار آمنة الأضواء والأنوار. وكانت أفواج الملائكة تغدو بين السماء والأرض يبشّر بعضها بعضا. ولد عليه صلى الله عليه وسلم مختونا .ووقع من بطن أمه ساجدا .
وحمل النبأ إلى جده عبد المطلب الذي فرح به غاية الفرح وأشرق وجهه واقبل إلى بيت آمنة ودخل قائلا: اروني ابني ..وحمله بين يديه برفق وحنان ..وترقرقت في عينيه دموع الفرح امتزج فيها حنان الأبوة بحنان الذكرى واسماه محمدا.
الرضاع
وكان في عادة العرب أن يسترضعوا أولادهم في البوادي حيث تتوفر أسباب النشأة البدنية الجيدة. وكانت مكّة أم القرى محط أنظار أعراب البادية يأتونها ليحملوا منها المواليد الجدد مع وافر الأجر وجزيل العطاء. وذلك لغنى قريش ومكانتها . في ذلك الوقت نزل بمكة جماعة من البادية من بني سعد وراحة النسوة منهن يطفن البيوت. وكن جميعا يعرضن عن محمد صلى الله عليه وسلم لفقره ويتمه وكانت حليمة بنت ذويب المعروفة بالسعدية واحدة منهن فأعرضت كما اعرضن. ولكنها بعد طوافها على أكثر البيوتات لم تظفر بغرضها، ولم تجد طفلا رضيعا تحمله معها عسى أن يخفف عنها أجره ما تعانيه من شظف العيش وقسوة الحياة وخاصة في سنتها المجدبة تلك، فكرّت راجعة الى بيت امنة راضية بالطفل اليتيم و الأجر القليل.
بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في طريق العودة وهي تضع رسول الله صلى الله عليه في حجرها كانت الأتان تعدو سريعا خلاف طريق الذهاب إلى مكّة، وتنشط حتى تخلفت وراءها كل الدواب مما جعل رفاق الطريق يعجبون كل العجب. وتحدثت حليمة أيضا ان ثديها لم يكن يدر لبنا وان طفلها الرضيع كان دائم البكاء من شدة الجوع فلما ألقمت ثديها فم الرسول صلى الله عليه وسلم در الحليب غزيرا . كما تحدثت حليمة أيضا عن جدب أرضها في ديار بني سعد . فلما حظيت بشرف حضانة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنتجت أرضها وكثر خيرها وتبدل حالها من بؤس وفقر إلى هناء ويسر بفضل كرم وبركة الرضيع محمد صلى الله عليه وسلم
وفاة أمه آمنة ويصبح الرسول يتيم الأبوين
وهو في سن الرابعة من عمره ودّع الحبيب صلى الله عليه وسلم صدرا حنونا وأمّـا عطوفا. ولا تسال أيها العاشق لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن موقفه وحاله ..طفل صغير فتح عينيه على الدنيا دون أن يحس بحنان الأبوة. ثم يفقد الأم الحنون وكان جده عبد المطلب يحاول ان يعوضه عما فقده …فرعاه وكفله وحنا عليه بكل ما أودع الله في قلبه من عاطفة كريمة طيبة. ولا ننسى مكانة عبد المطلب قي بني هاشم بل في قريش كلها إذ لم تكن قد مضت سنوات قلائل على وقفته الرائعة الجبارة في وجه أبرهة الحبشي الذي قدم من اليمن في جيش ضخم يسوق أمامه فيلا يريد أن يهدم به الكعبة. ويواجه عبد المطلب أبرهة الحبشي لا بسلاح السيف والرمح بل واجهه بسلاح التوكل على الله رب البيت الحرام فهو الذي يحميه ويحرسه وقال له قولته المشهورة ارجع لي الإبل أما البيت فله رب يحميه .
ويذكر الله تعالى نبيئه محمد صلى الله عليه وسلم و العرب و البشرية قاطبة بذلك اليوم فيقول عز من قائل ” الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل و أرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ” صدق الله العظيم
خديجة والزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد فكان زواج عقل راجح إلى عقل راجح وخلق كريم واخذ صلى الله عليه وسلم في إدارة شؤون الزوجية وفي إدارة شؤون ثروة خديجة زوجته بعد تجربة التجارة و كان يسمى عند قومه بالصادق الأمين قبل الرسالة المحمدية . وتولى المهمة بتفويض منها وثقة واثبت كفاءته ومقدرته وهنئ كل منهما بالآخر وسعدت به أيما سعادة .
ومضت بينهما سفينة الحياة في نعيم هادئ لا تعكر صفوته موجة نزاع او عاصفة شجار وتتابع حمل خديجة وولادتها فكان لها من البنات زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء أما الصبيان فقد ماتوا جميعا . القاسم وبه يكنى صلى الله عليه وسلم و الطاهر و عبد الله .
وكان الصادق الأمين محمد ابن عبد الله موضع احترام كل الناس وتقديرهم حتى الكبار منهم والسادة في قريش كانوا يعظمون رأيه ويقدسون كلمته ويرون فيه الحكمة و الصواب الذي لا يزيغ .
إعادة بناء الكعبة
وحدث في بعض السنين أن هدم سيل عرم بعض جدران الكعبة وحين أرادت قريش إعادة بناء الكعبة وشمرت على ساعد الجد ومضت قدما في العمل حتى إذا بلغت موضع الحجر الأسود تنازعت فيمن سيكون له شرف ذلك واختلفوا إلى حد الاستنفار وسل السيوف والتقاتل ثم قال احدهم “يحكم في خلافنا هذا أول داخل علينا من هذه الجهة” . و الأمر قدره الله وقضاه، فكان الداخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا هذا هو الأمين ورضينا به حكما . فقام صلى الله عليه وسلم ببسط ردائه ووضع الحجر الأسود في وسطه وطلب من الزعماء والقادة ان يمسك كل واحد منهم بطرف ويرفعوه الى الأعلى فلما قاربوا مكانه تناوله صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة وأعاده الى مكانه وهكذا ساهم الجميع بهذا الشرف وانتهى النزاع وحسم الموقف وكان له صلى الله عليه وسلم من العمر حينها 35 عاما
النبوة
ومع اقتراب سنه الشريفة من الأربعين كان عليه الصلاة والسلام قد أصبح خلقا آخر فيه شفافية وصفاء وارتفاع عن مادية الأرض إلى روحانية السماء وكثر انقطاعه وعزلته وإمعان في التدبر و التفكير و التأمل و الخلوة في غار حراء في جبل يقع في ضاحية بمكة و اصبح يقضي هناك الأيام والليالي ..
هذه العزلة كانت تسمى : التحنث وكان يمارسها بعض الذين هجروا سوء اقوال المجتمع القرشي الجاهلي لكن الله يعلم حيث يضع رسالته.
ولقد مر عليه صلى الله عليه وسلم قبل ليلته العظيمة ليلة القدر التى بشر فيها بالنبوة وانزل فيها القران الكريم عن طريق الروح الامين سيدنا جبريل عليه السلام . وقد مر باطوار من الدنو والتقرب من الله فقد كان يحس بوهج من الإشراق في القلب و النفس و الوجه ويحدثنا صلى الله عليه وسلم بأنه كان يتراءى له بان الجمادات من حجر وشجر تسلم له بالنبوة .
كانت ليلته صلى الله عليه وسلم ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك. ففي تلك الليلة وبينما كان صلى الله عليه وسلم في تحنّثه في غار حراء وقد بلغ كما قلنا الاربعين وبلغ من الصفاء الوجداني اسمى حالاته وارفع درجاته اتاه الروح اللامين سيدنا جبريل عليه السلام في حالة من النورانية الشديدة لا يطيقها بشر ليقول له اقرأ وقال الرسول الاكرم في لهفة ورجفة والعرق يتصبب منه ” ما انا بقارئ ” فعاوده جبريل للمرة الثانية و الثالثة ” اقرأ باسم ربك الذي خلق .خلق الإنسان من علق اقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ” صدق الله العظيم .
ثم انصرف الروح الأمين عليه السلام ولم يطق الرسول البقاء في غار حراء أكثر من ذلك فعاد إلى بيته وأهله وقال لهم ” دثّروني دثّروني ..” و بعد أن استراح وهدأ عاوده الروح الامين جبريل عليه السلام وهو يقول : يا أيها المدثّر قم فانذر و ربك فكبّر و ثيابك فطهّر و الرجز فاهجر ” صدق الله العظيم .
و عاودته الرجفة وصبيب العرق وعرفت الزوجة الفاضلة الطاهرة خديجة ما به و ما يأتيه فهدّأت من روعه وخففت عنه قلقه وذهبت إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل تنبئه وتستفتيه فقال لها انه و الله الناموس الأكبر الذي يأتي نبي الله موسى عليه السلام فعادت خديجة رضي الله عنها و في رأسها من المعاني ما ينوء به رهط من العلماء و الحكماء ، وفي قلبها من المشاعر و الأحاسيس المختلفة المتشابكة ما تنخلع له قلوب العصبة أولي القوة ولكنها كانت رابطة الجأش متماسكة .
يأيها المزمل
وما لبث جبريل عليه السلام أن جاءه ليقول له : يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القران ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ” صدق الله العظيم.
فقام عليه الصلاة والسلام وقد ذهبت عنه دورة الوحي ليقول لزوجته خديجة الرؤوم الحنون لقد مضى أوان الراحة يا خديجة ولبّت الزوجة الفاضلة نداء الايمان فشهدت له بالوحدانية ولزوجها الكريم الطاهر بالنبوة و الرسالة فكان الخلية الاولى في امة الإسلام قال تعالى ” وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ” صدق الله العظيم .
وكان اول الصبيان وأول الموالي الرجال إسلاما وفي هذا الجو العطر بالوحي الزاخر بالأنوار القدسية المنزلة على الرسول الكريم ابن عمه الصبي على بن ابي طالب كرم الله وجهه وتلقى كلمة الإسلام ونطق بالشهادتين وهو في العاشرة من العمر .
وكان الثالث في الإسلام صديق النبي صلى الله عليه وسلم ابا بكر الصديق ابن ابي قحافة فما اسرع ما تجاوب من غير تردد و لا تلكؤ.
قال تعالى ” الا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ”
صدق الله العظيم
ملاحظات لحكامنا المسلمين في مولد النور
هذه الحلقة الأولى من مولد النور صلى الله عليه وسلم الذي بلّغ الرسالة وادّي الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في الله حق جهاده . وفي الختام اشير الى احتفالاتنا الدينية بمولده صلى الله عليه وسلم. واقول ان هذه الاحتفالات تحتاج الى وفقة تامل ومراجعة و محاسبة للنفس والسلوك وهل نحن بحق نحيي ذكرى رسول النور و الهداية الربانية و نتمسك بسنته . اذا كنا بحق على سنته ونحتفل بمولده بصدق ووفاء و محبة ورفعة لقدره علينا جميعا في كل الدول العربية والاسلامية التمسك بشريعته المحمدية و ان نفتح قلوبنا للرحمة و نتّبع منهجه وطريقه، واول مبادرة في ذكرى مولده الكريم هي ان نفتح السجون لاطلاق سراح المساجين الذين يقبعون فيها ونصفح عن المسلمين ونساعد المساكين وناخذ بايديهم ونعيدهم الى عملهم ونرفع الرقابة عنهم و عن الكتب ونسمو في معاملتهم اقتداء بالرسول الكريم وقد قال صلى الله وعليه وسلم يوم فتح مكة لقريش التى عذبته وطردته ” اذهبوا فانتم الطلقاء ” وردد قولة يوسف عليه السلام “ل اتثريب عليكم اليوم ” هذه اخلاق المصطفى الذي مدحه القران اذ قال جل من قائل “وانك لعلى خلق عظيم ” صدق الله العظيم
فليبادر حكامنا في المشرق و المغرب الى تصفية الاجواء واصدار عفو شامل عن المحكوم عليهم ورفع راية التسامح و التضامن و المحبة في العالم العربي والاسلامي حبّا في الرسول وتعلقا به في مولده الكريم مولد النور و الرحمة والعزة و المجد و العظمة و الشرف الاخلاق العالية و التواضع و الرحمة و الصفا و المحبة قال تعالى ” اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا”ّ صدق الله العظيم
فهل يتحقق هدف المصالحة و الاخوة في مولد الخير للبشرية محمد بن عبد الله رسول الله ويعود الاسلام الى الصفا هذا ما نتمناه اذا خلصت النوايا وتعلقت الهمم بحق بحب الاسلام ورسالته الخالدة قولا وعملا وسلوكا بعيدا عن المظاهر و الدعاية حتى يكون الاصلاح صادقا و لوجه الله وحده وتمسكا بسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم “ولله العزة ولرسوله و المؤمنين “صدق الله العظيم
العاشق لرسول الله
محمد العروسي الهاني
حماس واللاءات الخمس
خميس قشة – هولندا
لم يبق من يقول لا في هذا الزمان للقوى العظــمي التي تتلاعب بالقوانين الأممية والدولية، والتي لا تتورع عن إعلان وفرض املاءاتها بكل فضاضة وعنجهية دون تحفظ أو رفض صريح من حكامنا بعدما أوصلونا إلى هذا التردي والضعف المذل في ظل نظم تغتال السيادة الوطنية والحريات وتمارس سياسة التبعية، تقودها شهوة البقاء في السلطة لا غير.
إن اللاءات التي نسمعها من حماس تعبر عن مواقف ومشاعر أبناء الأمة العربية والإسلامية المقهورة والمسحوقة، الرافضة للسياسات الأمريكية المنحازة إلى جانب الإسرائيليين وأعمالهم الإجرامية ضد الشعب الفلسطينيٍ.
قد تُرجع للأمة قدرا من عزتها و ثقتها بنفسها، وتعطي فرصة أخيرة لهذه الأنظمة المتهافتة لمراجعة سياساتها وتصحيح مسارها وتدارك ما فات من تفريط في قضيانا المصيرية التي كانت مصدر شرعيتهم طوال كل هذه العهود ففرطوا فيها تدريجيا باتفاقات ومعاهدات غير منصفة، فهل يستغلوا هذه الفرصة لتصحيح المسار ضمن معادلة جديدة ترجع الحق لأهله وتسترجع شيئا من كرامتهم التي أهدرت وخاصة أن الأمة الإسلامية والعربية تزخر بالإمكانيات والطاقات والقدرات المتنوعة..
وخير دليل على ذلك ما قدمه الشعب الفلسطيني العظيم من دروس مشرفة في الصمود والصبر والمقاومة والجهاد فقد اصطفاهم الله من بين الشعوب لما توفر فيهم من المقومات فحملوا هذا الحمل الثقيل بأمانة ودافعوا نيابة عن الأمة لعقود طويلة وأخيرا أعطو درسا ديمقراطيا في انتخابات اجمع الجميع على نزاهتها وشفافيتها، فاختيار الشعب الفلسطيني لحركة حماس تتويج لمسيرتها الحافلة من العمل المؤسساتي المتنوع الذي أدير بكفاءة عالية وقدرة فائقة وتجربة طويلة غنية تمزج بين المقاومة والسياسة، قدمت خلالها خيرة قياداتها وأبنائها بين شهداء وأسرى ومشردين ومتضررين، هذا الاختيار الشعبي تتويج لهذه المسيرة الموفقة وبيعة لمواصلة النهج، ولسان حالهم يقول كما قال* شيخ الشعراء الدكتور عبد الرحمان بارود في قصيدته “حماس”
أََقْدميْ يا حماسُ فالصُبح أَسفرْ وصهيلُ الجياد رَجَّ المُعسكرْ
لا تُراعي إنْ قيصر الرُومِ أََرغى قيصرُ الروم عن قَريبٍ سيُعقرْ
في شَراييننا المثاني تُدوِّي: من يُحاربْ ربَّ السّماوَاتِ يُكسرْ
في يمينِ الجبار من كان سيْفًا يرَ أَعتى العُتاةِ أَوهَى من الذُّرّ
كبِّري يا حماسُ فالكون كَبَّرْ توَّجتْك السَّماَ بتاجٍ من الدُّرّ
لم تَضع في الثرى دماؤك هدْرًا فدمُ الأولياءِ في الشرق نَوَّرْ
نرى من خلال طرح حماس فلسفة جديدة للسياسة حيث ترى أن السلطة ليست مغنما بل وسيلة تسعى أن تطوعها لتحقيق مكاسب للشعب الفلسطيني مؤكدة على ثوابتها بلاءاتها الخمس…
لا تفريط في حق المقاومة كخيار استراتيجي لان لغة القوة هي الضامن والرادع الحقيقي لرجوع الحق لأهله.
لا للتفريط في استرجاع الحقوق كاملة غير منقوصة من حق تحرير الأرض و العودة اللاجئين…
لا للاعتراف بإسرائيل والاتفاقات المذلة السابقة التي فرطت في الحقوق الفلسطينية…
لا للتنازل عن المرجعية الإسلامية التي هي مصدر عزتنا وقوتنا الحقيقة…
لا لتجزئة الصراع فالقضية الفلسطينية قضية إسلامية عربية وعالمية لدعاة الحق والعدل.
وحتى الذين شاركوا حماس فرحتها بهذا الانتصار يبدون مشفقين عليها لأن التحديات كثيرة وكبيرة جدا وصعبة في هذا الزمان، زمن القطب الواحد، فقد بدأت الضغوطات والتصريحات والتهديد والوعيد منصبا على حماس للرضوخ لمنطق الظالم رغم المرونة والمناورة والتكتيك السياسي الذي تبنته حماس في إدارتها يبقى الموقف الدولي متحاملا ضاربا عرض الحائط بخيار الشعب فهم يلوحون بالحصار الاقتصادي وتجويج الشعب الفلسطيني عقابا له على اختياره الديمقراطي، ويبقى الشعب الأبي صابرا ومحتسبا وصامدا وصارخا.
قادة الغربِ لا تجُورُوا علينا جَورُكم ألف مرةٍ قد تَكررْ (2)
الهَوى والعَمى قَرِينان فيكم والهَوى يصرعُ العقول ويسحَرْ
أَتُذِلُّوننا بحفنة يُورو ؟ أم نَبيعُ الحِمى برزٍّ وسُكَّرْ
اغلقوا بابكمْ فأبوابُ رَبي مشرعاتٌ لخلقهِ لا تسكَّرْ
رزقُنا في يَديهِ لا في يَديكمْ عزَّ في ملكهِ فأغنى وأفقرْ
قُل لقارونَ يا غبيُّ تَغَوَّرْ لا يبيعُ العَرين شِبلُ الغضنفرْ
واعلموا أنَّ في فلسطين شعبًا من عبودية العباد تحررْ..
إن هذه المواقف تكشف زيف الشعارات التي ترفع لنشر الديمقراطية و العدالة التي يبشرون بها وتكرس سياسة الظلم والحيف التي تشرع لاحتلال الدول وتسلم للغة القوة والغطرسة بكل وحشية فعلا انه عالم قانون الغاب الذي لا مكان للضعفاء فيه
عالمُ الغابِ دينُه القتل لمَّا أَرعدَ الجوُّ بالصواريخِ أَمطَرْ (3)
عَالَمٌ بالسياطِ أدمَوه يَجري كقطيعِ المعزى إلى حيث يُجْزَرْ
سرقوا منه لقمةَ الخُبزِ حتى بَيَّتُوهُ على الطوَى يَتضوَّرْ
و3 لشيخ الشعراء الدكتور عبد الرحمان بارود في قصيدته “حماس” 2 *
إخفاق الدولة القُطْرية جراء عدم توظيف الديموقراطية
توفيق المديني (*)
لا يزال الفكر السياسي العربي بكل تلاوينه لا يميز بين الفكر القومي، والايديولوجية القومية ، والأحزاب والحركات القومية التي تتبنى إيديولوجية قومية، والتي وصلت إلى السلطة، و يحمل مسؤولية وأزمة الأوضاع الراهنة المزرية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية في العالم العربي الى الفكر القومي العروبي الوحدوي، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك حين يعتبر أن الهزيمة التي منيت بها الأمة العربية هي هزيمة الفكر القومي. يقينا أن هزيمة الأمة العربية اليوم هي هزيمة تشمل الأفراد والجماعات، والطبقات، والأحزاب السياسية على إختلاف مرجعياتها الايديولوجية، والحركة القومية العربية لأنها لم تكن ديموقراطية، حيث يمثل إخفاقها وعجزها عن تحقيق أطروحاتها في الوحدة والنهضة العربية – على رغم التأييد الأدبي و السياسي للجماهير الشعبية العربية لها – إخفاقاً تاريخياً عادلاً.
لكن الذي يتحمل وزر هذا الإخفاق التاريخي والهزيمة السياسية للأمة ليس الفكر القومي العروبي ولا المشروع القومي، وإنما الحركة القومية، الذي يعتبر انهيارها وهزيمتها هي ذاتها هزيمة المجتمع المدني وضموره، وتهميش الشعب ، و إخراجه من السياسة، وتسيد الدولة القطرية التسلطية، التي حطمت كل المبادئ والنماذج الثابتة في الوجدان الاجتماعي (الديموقراطية، الرابطة القومية، التنمية بشروطها الوطنية والقومية) إشباعاً لنزواتها وخدمة لذاتها… فالدولة القطرية إذن هي التي تتحمل وزر هذه الأوضاع لأنها أدارت ظهرها للإيديولوجية القومية ولايديولوجيا الإسلام فصنعت لنفسها ايديولوجيا منغلقة متأخرة أوصلت الأقطار إلى حالة البؤس. فهي لا تطيق الوضع الذي تصبح فيه ممارستها الخاطئة موضوعا للنقاش والجدل العلمي والوطني والقومي والديني البناء.
الدولة القطرية العربية التي تروج لها بعض التوصيفات أنها «الدولة القومية» أو «الدولة الوطنية الحديثة» هي حالة تعبر في الصورة العامة عن رهانات ورغبات ايديولوجية، أكثر مما تعبر عن حقائق واقع هذه الدولة القطرية ذاتها ، التي تبقى نشأتها التاريخية مختلفة جذرياً عن السياق التاريخي – السياسي الذي نشأت فيه الدولة القومية الغربية، ولأنها أيضا ظلت بعيدة كل البعد عن الفتح البورجوازي الحديث. بل لأنها تجهل كلياً هذا الفتح البورجوازي المسمى بالحداثة السياسية والثقافية، التي تقوم على ركيزتين اساسيتين هما: الديموقراطية السياسية الحديثة، والعلمانية والعقلانية.
فالمظهر الخارجي الحديث للدولة القطرية العربية يخفي واقعاً داخلياً ذي بنية تقليدية ومتخلفة من حيث الجوهر، تهيمن فيها ايديولوجية تقليدية، لا تزال ترى الى السياسة باعتبارها شأنا من شؤون شخص الحاكم أو الزعيم أو القائد الملهم، الذي يستمد مبدأه وفعاليته من الواجهة المؤسسية لسلطة بيروقراطية الدولة، ونظام الحزب الواحد، و إيديولوجية بيروقراطية الدولة، التي تفهم وتمارس السياسة في بعدها التقني البراغماتي وترفض منطق الصراع الفكري، و الجدل الثقافي والمعرفي، وتعمل على إخضاع تنظيمات المجتمع المدني لمنطق هيمنة أجهزة الدولة التسلطية.
إن سيرورة تشكل الدولة القطرية العربية الحديثة في علاقتها بالمجتمع المدني من جهة، وبالقوى الاجتماعية من جهة أخرى، لم تتم في نطاق القطيعة مع ميراث الدولة الكولونيالية التي تمثل الاستمرار التاريخي للدولة البيروقراطية الحديثة، التي ولدت في أعقاب الثورة الديمقراطية البورجوازية في الغرب من ناحية، مثلما لم تتم القطيعة مع الدولة السلطانية التي سادت العالم الاسلامي من ناحية أخرى.
وهذه الدولة القطرية العربية التي اضطلعت بتطبـــيق مشروعها التحديثي في نطاق علاقته بالمجتمع التقليدي الــذي دمرت الرأسمالية الكولونيالية توازنه العرضي الذي كان سائداً، والذي وسم المجتمع العربي الكولونيالي بالتجزؤ والتذرر، و التباعد، و التنافــر، بين مختلف اطرافه، قد خلقت بيروقراطيتها الحديثة ذات الطابع المركزي المهيمنة على هياكل ومؤسسات السياسة، والاقتـصاد، والمتغلغلة فـــي بنى ومؤسسات المجتمع المدني الوليد، حيث أصبحت هذه الدولة القطرية التي توحدت مع جهازها وبيروقراطيتها الحديثة خارجة عن المجتمع المدني، ومنفصلة عنه.
وكانت هذه الدولة القطرية تمثل في الوقت عينه العنصر التكويني الرئيس للعلاقات الرأسمالية وكونها، «العلاقات الرأسمالية»، باعتبارها دولة كانت تبحث دائماً عن ممارسة سياسة وسط معينة بين النموذج الليبرالي ونموذج رأسمالية الدولة ، و كانت تجسد رأسمالية الدولة التابعة للمراكز الرأسمالية الغربية بامتياز . لكن بعد تضخم هيمنة الدولة على المجتمع المدني وصولا إلى تدويله، و إلغاء دور القوى الاجتماعية والشعب على صعيد إنتاج السياسة في المجتمع ، انبثقت الدولة البيروقراطية التسلطية الحديثة، وامتلكت ناصية الاستبداد المحدث، من «مصادر الاستبداد التقليدي باحتكار الحكم مركز السلطة» من ناحية، ومن خلال «احتكار مصادر القوة والسلطة في المجتمع» عبر اختراق المجتمع المدني على مختلف مستوياته ومؤسساته، و «بقرطة» الاقتصاد إما خلال توسعة القطاع العام، وإما بإحكام السيطرة عليه فالتشريع و اللوائح (أي رأسمالية الدولة التابعة) وكون شرعية نظام الحكم تقوم على القهر من خلال ممارسة الدولة للارهاب المنظم ضد المواطنين من ناحية اخرى.
وتكمن خصوصية التحديث في الدولة القطرية العربية في انفصاله الكلي عن المسألة الديموقراطية، والحداثة السياسية، سواء في مفهومها الليبرالي الغربي المتعلق بإحلال مفهوم المواطنة، والإعتراف بسلطة الفرد الحر المسؤول، و بناء المؤسسات السياسية والدستورية التمثيلية، وما تقتضيه من إحلال قيم المشاركة السياسية من جانب الشعب في الشأن العام، بما في ذلك حق الانتخاب وحق الرقابة على مؤسسات الدولة وعلى رجال الدولة باعتبارهم وكلاء المصلحة العامة، أم ببعدها المتعلق بالتوزيع العادل للثروة الوطنية وتوحيد التنمية وفق اختيارات اقتصادية اجتماعية تخدم مصالح الطبقات والفئات الشعبية.
وفي هذه المعادلة غير المنطقية التي تقيم جداراً صينياً بين مشروع التحديث ونمط الديموقراطية، تكمن أزمة الدولة القطرية العربية في ديناميات بناء السلطة وقضايا التحرر والتحديث على اختلاف مسمياتها، ونعوتها، وشعاراتها، من حيث أنها أصبحت في صورتها العامة دولة الزعيم أو العائلة أو الطائفة، أو القبيلة، لا دولة الأمة بمعنى سيادة الأمة، وسيادة الشعب تمارس الاحتكار الفعال لمصادرالقوة والسلطة في المجتمع بعد أن أفرغت العملية السياسية من المعارضة، حين ألغت المجال السياسي بهيمنتها المطلقة على المجتمع المدني، وإخضاعها النقابات لهيمنة الحزب الحاكم، وترييف المدن من خلال تهميش فئات الفلاحين وإبعادها عن كل تأثير سياسي، وخلقها مجالها السياسي الخاص بها، الذي قصر المساهمة السياسية على بيروقراطية الدولة المتكونة من أجهزتها الأمنية الضخمة: أي اجهزة العنف المنظم والرقابة والعقاب الجماعي التي تستخدم لتفكيك المجتمع المدني والإجهاز عليه، والحزب الشمولي الأوحد، وعلى المؤيدين والموالين من التكنوقراطين والمنتفعين بالسلطة.
إن الفشل التاريخي للدولة القطرية نموذج الدولة والايديولوجية القومية، وانتشار ظاهرة الشعبوية وانعدام تقاليد الحوار الديموقراطي في ظل تغييب كامل للديموقراطية من جانب الدولة التسلطية، التي حلّت سلطة الرئيس أو الزعيم أو القائد العام للحزب الواحد أو الملك، أو الحزب الواحد في أعماق نفسية المجتمع العربي محل المذهب الواحد او الدين الواحد، الذي لم يكن يسمح بما عداها، و انفصال الدولة القطرية عن المجتمع الذي هو أبرز مظهر من مظاهر الدولة الاستبدادية، والهزائم المتلاحقة التي منيت بها الأمة العربية، وإخفاق المشروع النهضوي العربي ، شكلت جميعها الأرضية الخصبة، والأسباب الرئيسية للعودة الضخمة والصارخة للعامل الديني، والاستخدام الشديد السياسي والاجتماعي والثقافي لهذا الإسلام السياسي من جانب الحركات الإسلامية المتطرفة التي تطلق على نفسها اسم «الصحوة الاسلامية» باعتبارها أحد إفرازات الهزيمة المذلة للدولة العربية أمام العدو القومي الاميركي-الصهيوني من جهة، وأمام همجية الإستبداد من جانب الدولة التسلطية من جهة اخرى.
(*) كاتب تونسي، دمشق.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 11 افريل 2006)
نشأة وتطور استراتيجية الحرب الاستباقية: مراجعة لـ التاريخ القصير للنيومحافظين
** لم ينجح المحافظون الجدد بالتأثير علي كلينتون ولكنهم ملأوا مراكز القرار في ادارة بوش الابن
** عقيدة بوش ظهرت فعليا علي السطح بعد هجمات ايلول ولكنها تشكلت مباشرة بعد نهاية الحرب الباردة
الطاهر الأسود (*)
كتبت هذا المقال أساسا في صيف سنة 2003 وذلك في إطار تحضير مسودات للحفر في ماضي النيومحافظين. وفي الواقع كلما تعمقت أكثر حينها اكتشفت أن دراسة شمولية في الموضوع ليست بالسهولة المتوقعة خاصة عندما تيقنت من الأهمية الكبيرة للخلفية الايديولوجية والفلسفية في تكوين التيار مقابل التضخيم الاعلامي المعتاد لواجهته السياسية بفعل طابعها العملي وتأثيرها علي المجريات اليومية. وانتهيت الي الاكتفاء حينها بالتركيز علي أن يكون المقال استعراضا للـ تاريخ القصير short history أي السياسي للنيومحافظين بعكس التاريخ الطويل long history الذي يشمل البنية الفكرية حسب التقسيم المرجعي لفرناند بروديل.
ما يدفعني الي الرغبة في نشر هذا المقال تحديدا الآن في هذا الموقع مجموعة من الأسباب وهي : (أولا)، ملاحظتي في مقال أخير ( تشارلز كراوثمر بطل ايديولوجي من زماننا القدس العربي 18 كانون الثاني/يناير 2006) كيف أنه وبالرغم من الكتابات المتكاثرة حول النيومحافظين فإنه يتم تناسي الدور المحوري الذي لعبه ويلعبه كراوثمر خاصة كمثال نموذجي للنيومحافظين بفعل التداخل بين الفكري والسياسي في مساهمته داخل التيار. وكما يمكن ملاحظته من المقال فإنه يتم تبين الدور التأسيسي الذي لعبه الأخير في تشكيل التاريخ القصير للنيومحافظين. (ثانيا) أؤكد في المقال علي أهمية عمليات 11 أيلول (سبتمبر) في توحيد النيومحافظين خاصة بين جناحي المنظرين والمسؤولين التنفيذيين وهي مسألة كثيرا ما يتم تجاهلها وهذه مناسبة لوضعها في إطارها وإعادة التأكيد عليها لمزيد فهم الظاهرة النيومحافظة وخاصة التقسيم الطوعي في الغالب بين وجهتين مختلفتين يؤثر الصراع بينهما في المظاهر الفعلية للسياسة النيومحافظة. (ثالثا) أعتقد أن المقال يبقي عملانيا في دراسة التشكل السياسي للظاهرة النيومحافظة حتي هذه اللحظة وتحديدا في علاقة بموقع الحرب الاستباقية ضمن استراتيجيتهم السياسية والعسكرية الراهنة. ويطرح هذا بالتحديد موضوع النوايا الأمريكية تجاه كل من سورية وإيران، حيث يوجد غموض كبير فمن جهة اولي لا يبدو أن الجدال حاليا يكمن في ماهية هذه النوايا بقدر ما يتعلق بإمكانيات الولايات المتحدة في الظرف الراهن للاستمرار في استراتيجية الحرب الاستباقية خاصة بعد الصعوبات في العراق والاعلان الرسمي للبنتاغون عن عدم قدرة الولايات المتحدة في الدخول في حرب أخري في الوقت الراهن. ولكن من جهة أخري يبدو أن الطابع الانفعالي الذي يميز فريق النيومحافظين الآن بالإضافة الي المشروع غير الواضح للـ الانسحاب من/في العراق والتسخين الناجح للجبهة اللبنانية الحساسة جدا للطرفين الايراني والسوري مقابل الجمود المتزايد في صفوف الطرفين الأخيرين، كلها أسباب توفر احتمالا متوسط المدي لمعاودة تجربة الحرب الاستباقية خاصة وأن المفهوم الأخير مطاط من الزاوية العسكرية ولا يستدعي ضرورة اجتياحا شاملا واحتلالا مماثلا للتجربة العراقية. (رابعا) يؤكد المقال علي مسألة لم ألحظ أن هناك الانتباه المناسب لها ويتعلق ذلك تحديدا بمرونة التيار النيومحافظ في علاقة بالأطراف السياسية الأمريكية ويعني ذلك تحديدا قدرتهم علي اختراق الحزب الديمقراطي ومن ثمة عدم ارتباطهم الأزلي ولا الأبدي بالحزب الجمهوري وهذه نقطة أساسية لمن يراهن علي انتهاء التيار النيومحافظ بخروج الجمهوريين من البيت الأبيض بفعل أن صعود النيو محافظين ارتبط أساسا بصعود الرئيس بوش الي السلطة. وأبين في هذا المقال ليس فقط المحاولات المعروفة للتأثير الاعلامي علي الرئيس الأمريكي بيل كلينتون خلال عهدتيه الرئاسيتين (رسالة تشيني وغيره لكلينتون) بل والأهم من ذلك (وهو ما لا يقع ذكره عموما) نجاحهم في اختراق البنتاغون وارساء قواعد أولية لسياستهم منذ كان الرئيس كلينتون في السلطة. وكنت قد أكدت علي التأثير النيومحافظ في ادارة كلينتون عبر حلفائهم النيوليبراليين من زاوية ايديولوجية عامة تخص تحديدا الرؤية الاقتصادية. إن مسألة الحرب الاستباقية لن تكون مبدأ جمهوريا حصرا بعد الآن حيث اخترقت صفوف المقربين من الحزب الديمقراطي في السياسة الخارجية حيث أن المكلفين بالأخيرة في الحزبين يتقاسمان آراء متقاربة جدا علي خلفية علاقاتهم الوثيقة باللوبي الاسرائيلي (السيناتور الديمقراطي ليبرمان مثال جيد علي الاختراق النيومحافظ للديمقراطيين). وهنا أعتقد أن هذا هو المعني الأساسي لما أشار اليه أخيرا كراوثمر في مقالاته حول نضج التيار النيومحافظ من خلال انضمام واقعيين الي صفوفه. وتمكن هنا الاشارة بالخصوص الي التغير الذي طرأ علي شخص مثل رتشارد هاس Richard Haa والذي كان كادرا كبيرا في وزارة الخارجية وهوالآن رئيس مجلس العلاقات الخارجية الذي أصبح معقلا أساسيا للـ الواقعيين . وكانت الكتابات الأخيرة لهاس بما في ذلك مؤلفه الأخير الفرصة ـ 2005 في اتجاه يريد الاستفادة أكثر من استراتيجية الحرب الاستباقية حيث يدافع عنها ولو أنه يؤكد علي ضرورة إقحام أكبر لقوي دولية أساسية في مثل هذا السياسة ومن ثمة العمل بنشاط أكبر علي تفادي سياسة القطبية الأحادية، أي العمل عل جعل أسلوب الحرب الاستباقية أكثر واقعية ، وهو ما يتطابق مع تلميحات كراوثمر أعلاه حول نضج التيار النيومحافظ من خلال التبني المتزايد للواقعيين لأسسه التي من ضمنها طبعا مبدأ الحرب الاستباقية .
عقيدة بوش
اثر أيام قليلة من الذكري السنوية الاولي لاحداث 11 ايلول (سبتمبر) وتحديدا يوم 17 ايلول (سبتمبر) 2002 اصدرت الادارة الامريكية وثيقة لم تلق بعد القدر الكافي من الاهتمام. الوثيقة (من 31 صفحة) تحمل عنوان استراتيجية الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية ممضاة من الرئيس الامريكي، الذي قام بتقديم موجز لها، وهي رسميا من انجاز مجلس الامن القومي، احد الدوائر الرئيسية المحددة للسياسة الخارجية الامريكية. وبسبب التبني الرسمي للوثيقة من قبل الرئيس الامريكي فقد اختارالمحللون السياسيون لهذه الوثيقة اصطلاح عقيدة بوش . غير انه من المرجح ان تكون كوندوليزا رايس المشرف الرئيسي علي انشطة مجلس الامن القومي هي المسؤولة الرئيسية عن كتابتها. ان الاعلان عن مثل هذه الوثائق أمر نادر. فليس من المعتاد ان تنشر الولايات المتحدة وثيقة رسمية تعلن فيها بشكل تفصيلي عن المبادئ الرئيسية لاستراتيجيتها العسكرية.
يدافع كاتب عقيدة بوش عن ثلاث افكار اساسية: (أ) إن القوة الامريكية تتميز بتفوق غير مسبوق: اليوم تتمتع الولايات المتحدة بموقع قوة عسكرية لا يوجد لها مثيل (مقدمة الرئيس) (ب): ان المعضلة الامنية الموجودة منذ ما قبل نهاية الحرب الباردة اي الارهاب اضحت التهديد الرئيسي للامن العالمي الراهن، غير انها لا ترقي الي مرتبة التهديد الرئيسي الا لانها تتوفر حسب نص الوثيقة علي حلفاء في مرتبة دول مارقة تتوفر علي عداء للولايات المتحدة وعلي اسلحة دمار شامل. وهكذا يشكل هؤلاء مجموعة واحدة من دون إبراز الأدلة علي ذلك:
تحديات جديدة وقاتلة ظهرت من الدول المارقة والارهابيين (…) خلال سنوات التسعينات شهدنا ظهور عدد صغير من الدول المارقة (…) التي تشترك في عدد من الصفات(…) ( منها) ترهيب شعوبها(…) لا تولي أهمية للقانون الدولي (…) وهي مصممة علي حيازة اسلحة الدمار الشامل (…) وتمول الارهاب حول العالم (…) وترفض القيم الانسانية الاساسية وتكره الولايات المتحدة والمبادئ التي تؤمن بها. (ص13 و14).
(ج) وفي النهاية فان المواجهة العسكرية ضد هذه المجموعات الارهابية ليست هي الهدف العسكري الرئيسي بل ان تحطيم السيطرة السياسية المعادية للولايات المتحدة في مجالات جغرافية محددة، ممثلة في دول بأسرها الدول المارقة ، هي المهمة العسكرية الاكثر الحاحا. غير ان طبيعة العدو حسب الوثيقة تفرض التخلي عن مفهوم الردع Deterrence والذي لا يستلزم التدخل العسكري المباشر وقد كان مفهوما اساسيا يتحكم بالسياسة الخارجية الامريكية طيلة الحرب الباردة. وفي المقابل فان هذه المرحلة الجديدة تفرض ضرب هاته الدول دون انتظار تورطها في اعمال معادية، اي اعتماد سياسة الحرب الاستباقية :
يجب علينا ان نكون متهيئين لوقف الدول المارقة وأعوانها من الارهابيين قبل ان يصبحوا قادرين علي التهديد او استعمال اسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة وحلفائها واصدقائها (…) لقد مضت حوالي العشر سنوات حتي استطعنا ان ندرك الطبيعة الحقيقية لهذا التهديد الجديد(…) فلا يمكن ان نترك اعداءنا يضربوننا اولا (…) وكان (خلال الحرب الباردة) اسلوب الردع دفاعا ناجعا. لكن هذا الاسلوب المرتكز فقط علي التهديد بالرد اصبح اقل نجاعة لمواجهة قادة الدول المارقة والذين هم اكثر تصميما علي المخاطرة والمراهنة بحياة شعوبهم وثروات اممهم(…) وعلي مدي قرون اعترف القانون الدولي بان الامم لا تحتاج للتعرض الي اعتداء قبل ان يتمكنوا شرعيا من الرد للدفاع عن انفسهم ضد قوات تمثل خطرا وشيكا للاعتداء. لقد اشترط علماء القانون والقضاة الدوليون شرعية الاستباق بوجود تهديد وشيك كثيرا ما يتمثل في استنفار بيّن للجيوش والاساطيل والقوات الجوية استعدادا للهجوم. يجب علينا ان نحيّن مفهوم التهديد الوشيك مع قدرات واهداف اعداء اليوم. الدول المارقة والارهابيون لا يعملون علي مهاجمتنا باستعمال الوسائل التقليدية (…) عوضا عن ذلك يعتمدون علي اعمال ارهابية وفي امكانهم ان يستعملوا اسلحة الدمار الشامل (…) ولمنع او استباق مثل هذه الاعمال المعادية من قبل اعدائنا ستتصرف الولايات المتحدة، اذا دعت الضرورة، بشكل استباقي. (ص 14 و15).
من البديهي ان تكون احداث 11 ايلول (سبتمبر) فاعلا رئيسيا في التبني الرئاسي لهذه الاستراتيجية والاعلان عنها. غير انه من الخطأ الاعتقاد انها وليدة ما بعد 11 ايلول (سبتمبر). لم تكن هذه الرؤية تحتاج لتلك الاحداث لتتبلور، فقد تكونت اهم ملامحها منذ الاشهر الاولي لنهاية الحرب الباردة، وصاغ المؤمنون بها تقارير وقع تبنيها رسميا منذ 1992.
كراوثمر ومفهوم القطبية الأحادية
في محاضرة القاها تشارلز كراوثمر الصحفي بالواشنطن بوست لاول مرة يوم 8 ايلول (سبتمبر) 1990 اي اشهر قليلة قبل الحرب الامريكية الاولي علي العراق، تم الترويج بشكل واسع ولاول مرة لمفهوم جديد: القطبية الأحادية . لن نتعرض هنا لجميع النقاط الواردة في هذه المحاضرة لكننا ندعوللترجمة الكاملة لنصها لاهميتها الخاصة. نكتفي هنا بالقول إنها من اهم واول النصوص التي تفسر الاستراتيجية الامريكية الجديدة. من أهم النقاط التي يتعرض اليها كراوثمر هي مسألة: هل ان سقوط الاتحاد السوفييتي يعني نهاية أية تهديدات جدية للولايات المتحدة ؟ ويري الكاتب أن هناك تغيرا أساسيا طرأ علي العالم مع بداية انهيار الكتلة الشرقية يتميز بحيازة دول صغيرة و مغامرة علي اخطر الاسلحة:
تتسم (مرحلة ما بعد الحرب الباردة ب) ظهور بيئة استراتيجية جديدة تتميز برواج اسلحة الدمار الشامل (…) وقبل خمسين سنة كانت ألمانيا ـ المتمركزة وسط العالم، وعالية التصنيع، وكثيفة السكان ـ تشكل تهديدا للامن العالمي وللقوي الكبري الاخري. وقد كان من غير الممكن لاحد ان يتصور ان دولة صغيرة نسبيا من الشرق الاوسط كل قاعدتها الصناعية مستوردة يمكن ان يكون لديها القدرة علي تهديد مجال يتجاوز محيط جيرانها. فالحقيقة المركزية المميزة للعصر القادم أن مثل هذا التوقع لم يعد صالحا: دول صغيرة نسبيا وهامشية ومتخلفة سيكون بامكانها البروز بسرعة كتهديد ليس علي المستوي المحلي فحسب بل ايضا علي مستوي الامن الدولي. إن العراق ـ الذي اذا لم يتم نزع اسلحته في عاصفة الصحراء سيحوز صواريخ عابرة للقارات خلال عشر سنوات ـ هوالنموذج لهذا التهديد الاستراتيجي الجديد، وهو الذي يمكن ان يطلق عليه اسم (الدولة السلاح) (ص 30).
لمواجهة هذا التهديد يقترح كراوثمر اعتماد استراتيجية جديدة تتميز بالهجوم وبالتالي استباق التهديدات المحتملة لهذه الدول: مع بروز الدولة السلاح ليس هناك بديل عن مواجهتها، وصدها، وفي حالة الضرورة، نزع اسلحتها…) ص 32). ومن المثير ان الكاتب استنجد آنذاك بارقام قدمها وزير الدفاع الامريكي آنذاك ديك تشيني لدعم اطروحة الانتشار السريع لاسلحة الدمار الشامل بين دول العالم الثالث. لكن بالرغم من الضجة التي احدثتها محاضرة كراوثمر بما في ذلك في الاوساط المقربة من دوائر الحكم لم يكن واضحا ان المنعرج الذي ينادي باحداثه كان يلقي اي صدي في الوسط الرسمي الامريكي.
تقرير وولفويتز
في عددها الصادر يوم 8 آذار (مارس) 1992 نشرت نيويورك تايمز خبرا غير عادي حمل عنوان استراتيجية امريكية تدعو لضمان عدم نمو قوي منافسة: عالم القطب الواحد . ويقول المقال الذي يقدم لتقرير اشمل ما يلي:
تؤكد وزارة الدفاع الامريكية في اعلان سياسة شامل وجديد في مرحلة تحريره الاخيرة ان رسالة الولايات المتحدة السياسية والعسكرية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ستكون العمل علي ضمان عدم بروز اي قوة عظمي منافسة للولايات المتحدة(…) وتشير الوثيقة المكونة من 46 صفحة والتي هي بصدد المتابعة في اعلي مستويات وزارة الدفاع منذ اسابيع، والتي يتوقع وزير الدفاع ديك تشيني نشرها اخر هذا الشهر، ان جزءا من رسالة الولايات المتحدة سيكون اقناع المنافسين المحتملين انهم لا يحتاجون التطلع الي ادوار اكبر . وتم تحرير هذا التقرير تحت اشراف بول وولفويتز نائب وزير الدفاع المكلف بالتخطيط (…) لقد تم توفير هذه الوثيقة للنيويورك تايمز من قبل مسؤول يعتقد انه من الافضل ان تتم مناقشة استراتيجية ما بعد الحرب الباردة علي مستوي الرأي العام (ص 1).
في ثنايا التقرير الذي يلخص وينشر فقرات من الوثيقة التي حررها وولفويتز، نقرأ ما يلي: إن التركيز الكبير في هذه الوثيقة وغيرها من وثائق التخطيط العسكري التابعة لوزارة الدفاع يقع علي استعمال القوة اذا دعت الضرورة لاستباق انتشار الاسلحة النووية واسلحة اخري للدمار الشامل في دول مثل كوريا الشمالية والعراق(…) وفي مقتطف من الوثيقة نقرأ ما يلي: إن هدفنا العام في الشرق الأوسط وجنوب غرب اسيا هو البقاء في مستوي القوة الخارجية المهيمنة في المنطقة وتأمين السيطرة للحفاظ علي الوصول الامريكي والغربي لمنابع نفط المنطقة(…) وكما برهن علي ذلك الغزو العراقي للكويت يبقي من المهم منع قوة او مجموعة من القوي من السيطرة علي المنطقة . (ص 14).
الي حد الان لم يقع نشر الوثيقة نفسها. في حين تجنبت ادارة بوش الاب انذاك تبنيها، وخاصة سكووكروفت Scowcroft مستشاره للامن القومي، الذي رفض الموافقة عليها. وقد استمر الأخير في رفضه لعناصر هذه الاستراتيجية عند احيائها مع بوش الابن في سلسلة من المقالات خلال النقاش الساخن الذي جري حول ضرب العراق صيف 2002.
الحرب الاستباقية وتصاعد صوت النيومحافظين
لن نتعرض هنا الي ظروف نشأة ونمو تيار النيومحافظين حيث يستحق ذلك ان يكون موضوع مقال خاص ولكن من الضروري ملاحظة ارتباط هذا التيار القوي بتصاعد الدعوة الي استراتيجية الحرب الاستباقية. فقد بدأ تيار النيومحافظين بالبروز بشكل مميز بداية من أواسط التسعينات بظهور سلسلة من المقالات والمحاضرات تدافع عن الأفكار الأساسية لهذا التيار. ومن أهم المنظرين النيومحافظين الذين كان ولا يزال لهم تأثير كبير علي الملامح النظرية العامة لهذا التيار نذكر ويليام كريستول وروبرت كاغان . تخرج الاول من هارفارد بدكتوراه في العلوم السياسية وهو اهم منظري تيار النيومحافظين حاليا وابن ارفينغ كريستول المؤسس الفعلي لهذا التيار. أما كاغان فقد تخرج من مدرسة كينيدي للادارة التابعة لهارفارد وهو المفكر التوأم لويليام كريستول اذ ينشر الاثنان اهم مقالاتهما بشكل ثنائي. ويكتب كاغان حاليا تعليقات شهرية في واشنطن بوست ويشرف علي مركز مشروع قيادية الولايات المتحدة بينما يشرف كريستول علي عدد من مراكز البحث اهمها مشروع القرن الامريكي الجديد كما يشرف علي عدد من الدوريات اليمينية أهمها.
وقد نشر الاثنان في عدد تموز (يوليو) / آب (اغسطس) 1996 لدورية مقالا مشتركا بعنوان من أجل سياسة خارجية نيوريغنية vيدعوان فيه الي تغيير جذري وواضح في السياسة الخارجية الامريكية
بالرغم من عدم تعرضهما بشكل صريح لاستراتيجية الحرب الاستباقية فإن اراء كليهما حول الاستراتيجية العامة الخاصة بالمحافظة علي الهيمنة الامريكية بالاضافة الي تركيزهما علي ضرورة اعتماد ميزانية دفاع كبيرة كلها خصائص شكلت وستشكل أهم الاسس التي ستنبني عليها اطروحة الحرب الاستباقية. وهو ما يفسر التبني العلني والواضح في وقت لاحق من قبل الكاتبين لهذه الاستراتيجية.
تقرير كوهين المراجعة الرباعية للدفاع
لسنة 1997:
اختفت مع الفترة الرئاسية الاولي للرئيس بيل كلينتون اي مؤشرات علي تفكير الاوساط المحددة للسياسة الخارجية الامريكية في استراتيجية الحرب الاستباقية. وعادت هذه الرؤية للبروز في أوساط الادارة الامريكية مع حلول 22 ماي 1997 تاريخ بداية عرض ومناقشة تقرير المراجعة الرباعية للدفاع من قبل وزير الدفاع الامريكي ويليام كوهين امام الكونغرس.
وقبل التطرق لمحتويات التقرير نشير الي انه قد سبـــقت اعداده مراحل مختلفة كانت نقطة البدء التي مهدت للانقلاب الذي حدث مع ادارة بوش الابن.
أصدر الكونغرس الامريكي في جوان 1996 توجيه ليبرمان لتصحيح الدفاع وهو بمثابة توصية من الكونغرس الي وزارة الدفاع اقترحها علي التصويت النائب ذاته. تنص التوصية علي انشاء مجلس للدفاع الوطني لاحزبي يراجع ويحور الاستراتيجية الدفاعية للولايات المتحدة، وبنيتها العسكرية، وخطط تحديثها، والبنية التحتية وعناصر البرنامج العسكري الاخري للقرن القادم .
رسالة الي كلينتون 1998
كان الاعتماد الرسمي والعلني للمرة الاولي لاستراتيجية الحرب الاستباقية انتصارا صامتا ولكنه انتصار كبير للغاية لتيار النيومحافظين الذي كان بصدد التشكل. غير ان هؤلاء فهموا ان التبني الرسمي لوزارة الدفاع والكونغرس سيكون حتما ذا طابع شكلي إن لم تسر مؤسسة الرئاسة الامريكية في نفس الاتجاه. هكذا وبعد اسابيع قليلة من تاريخ تبني تقرير كوهين من قبل الكونغرس في 15كانون الاول ( ديسمبر) 1997 وفي رسالة علنية موجهة الي الرئيس الامريكي كلينتون دعا انصار الحرب الاستباقية الرئيس لتبني استراتيجيتهم الهجومية ووضعها موضع التنفيذ من خلال العدوان علي العراق، ذلك المثال الذي ما فتئت كل الوثائق اعلاه من الرجوع اليه عند الدعوة لاستراتيجيا الحرب الاستباقية. لقد أُمضيت هذه الرسالة من قبل ثمانية عشر شخصية سياسية وفكرية كشفوا فيها لاول مرة عن وجود تيار واضح المعالم يتبني استراتيجية الحرب الاستباقية، غير أن هذا التيار لا يزال محدودا انذاك حيث بقي يطلب حتي ذلك الوقت الدعم الكامل للأطراف السياسية الأساسية. إن أغلب هؤلاء سينظّرون ويباشرون التنفيذ الفعلي لهذه السياسة خلال ادارة الرئيس الذي تبناها، بوش الابن. ولا توجد ضمن هؤلاء الشخصيات اي شخصية عسكرية.
لقد شملت قائمة الشخصيات الممضية علي الرسالة والتي لعبت ادوارا سياسية في الحرب الاخيرة علي العراق: دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الحالي وقبل ذلك المسؤول البيروقراطي والمخضرم في وزارة الدفاع والنائب المتنفذ في الكونغرس، وبول وولفويتز، نائب وزير الدفاع الحالي، وريتشارد بيرل كبير مستشاري وزير الدفاع حتي الحرب علي العراق والذي بدأ حياته السياسية ضمن دواليب وزارة الدفاع في السبعينات رفقة صديقه وولفويتز، وبيتر رودمان مساعد وزير الدفاع الامريكي المكلف بشؤون الامن الدولي حاليا والذي عمل في وزارتي دفاع ادارتي ريغن وبوش الاب؛ وريتشارد ارميتاج مساعد وزير الخارجية الامريكي حاليا؛ وجون بولتون وهو الآخر مساعد وزير الخارجية الامريكي حاليا؛ وباولا دوبريانسكي نائبة وزير الخارجية الامريكي المكلفة بالشؤون الدولية؛ وزلماي خليل زاد والذي كُلف كمبعوث رئاسي في مهام حساسة في حروب الرئيس بوش الابن سواء في افغانستان او العراق والذي له ارتباطات قوية بعدد من الشركات النفطية الأمريكية خاصة منها Unocal؛ وايليوت ابرامز كبير مستشاري الرئيس بوش الابن في مجلس الامن القومي في شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا؛ وروبرت زوليك والذي يشغل حاليا منصب الممثل التجاري الأعلي للولايات المتحدة ضمن مكتب الرئيس بوش الابن والذي عمل فيما قبل ضمن دواليب وزارة الخارجية خاصة عهد الرئيس بوش الاب.
كما ضمت قائمة الممضين علي الرسالة تشكيلة منوعة من مفكري الظل منهم بالخصوص: فرنسيس فوكوياما المحسوب عادة علي الليبراليين ؛ وويليام كريستول اهم منظري تيار النيومحافظين حاليا؛ وروبرت كاغان المنظر الثاني في مجموعة النيومحافظين؛ ثم جيمس وولسي مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية خلال اواخر الثمانينات والعضو في عدد من مراكز البحث الامريكية وأحد اهم الوجوه التي تتصدر منظري النيومحافظين، وويليام بينيت أحد المفكرين الأساسيين لتيار النيومحافظين والذي يرجع تأثيره الي عهد الرئيس ريغن خيث شغل منصب وزير التعليم وهو حاصل علي دكتوراه في الفلسفة السياسية من جامعة تكساس. بالاضافة الي هؤلاء فان عددا من الوجوه السياسية مثل وولفوويتز وبيرل ورودمان ودوبريانسكي تلعب في الواقع دورا تنظيريا وتملك عموما خلفيات اكاديمية في مجال العلوم السياسية.
مجموعة الحرب الاستباقية
في ادارة بوش الابن قبل 11 ايلول (سبتمبر)
إن لم تنجح هذه المجموعة في اقناع الرئيس كلينتون فقد نجحت في التحكم في طاقم ادارة الرئيس بوش الابن. فكما اوضحنا اعلاه فان عددا هاما من الممضين علي الرسالة عُينوا في مناصب حساسة من قبل بوش الابن وهو ما عكس سيطرة كاملة علي وزارة الدفاع -حيث يجب اضافة اسم دوغلاس فايث الي المجموعة أعلاه ـ بالاضافة الي سيطرة جزئية علي وزارة الخارجية. تجب الاشارة هنا الي ان سرعة التغيرات الميدانية دفعت بالبعض الي التراجع او تبني مواقف هذه المجموعة. وينطبق ذلك بالنسبة للوضع الراهن علي كل من كولن باول وريتشارد ارميتاج. فالاول قد أظهر تقلبا كبيرا في مواقفه وبالرغم من إعلانه المناهض للتوجه الجديد الذي عبر عنه في مذكراته اواسط االتسعينات ورغم تهديداته بالاستقالة خلال النقاش الحامي الذي دار حول ضرب العراق في صيف 2002 فانه قاد العمل الديبلوماسي الذي هيأ للحرب وذلك ضمن الاطر التي حددتها مجموعة وزارة الدفاع. مقابل ذلك فإن ارميتاج الذي كان من بين الذين ساهموا بشكل حثيث في احياء رؤية الحرب الاستباقية من خلال تقرير كوهين لسنة 1997 يبدو انه ليس مرتاحا للوضع الراهن كما تدل علي ذلك نيته في الاستقالة الان مع باول.
غير ان اهم المؤشرات التي تدل علي الاضطراب الذي يمكن ان يحدث داخل هذه المجموعة ويعكس وحدتها الهشة كان الصراع الذي دار بين مجموعة السياسيين ومجموعة المنظرين صيف 2001 اي اسابيع قليلة قبل أحداث 11 ايلول (سبتمبر)، يوم كانت إدارة الرئيس بوش الابن تمر بحالة صعبة جدا حيث استمر بشكل واسع الجدال حول مدي شرعية الرئيس الامريكي اثر واحدة من اكثر الانتخابات الرئاسية إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة. كان لذلك تأثير أكيد علي البرامج الاولية التي قررها طاقم الادارة الامريكية والتي تأثرت بالشعبية الضعيفة للادارة الجديدة. فمن جملة التغييرات الطارئة كان التخفيض في ميزانية وزارة الدفاع مقارنة لما نادي به في السابق أقطاب النيومحافظين المسيطرين علي وزارة الدفاع.
فقد نشر كل من كريستول وكاغان في عدد 23 تموز (يوليو) 2001 من دورية (ويكلي ستاندرد) مقالا مشتركا بعنوان بدون دفاع . يبدأ المقال كالتالي: هذه نصيحة ضرورية الي صديقين قديمين، هما دونالد رامسفيلد وبول وولفويتز: استقيلا. ولتفسير هذه الدعوة المفاجئة يقول الكاتبان:
حسب مصادر قوية الاطلاع في ادارة بوش، توجه دونالد رامسفيلد الي البيت الابيض في الاسابيع القليلة الماضية ليعرض احتياجاته من ميزانية العام الضريبي 2002، وبعد حوالي خمسة اشهر من المراجعة، استخلص رامسفيلد انه بحاجة الي حوالي 35 بليون دولار كتمويل اضافي للعام الضريبي 2002، مع تمويل اكبر بحلول العام الضريبي 2003 .
واعتبر المعلقان ان ذلك اقل بكثير مما اثبتته دراسات جدية ويتهمان رامسفيلد بانه: يعطي لنا لمحة عن المستقبل ـ مستقبل من التراجع والتقلص الامريكي . ويري كلاهما ان ذلك ليس مجرد تخفيض في الميزانية وانما هو مؤشر علي التراجع عن استراتيجية القدرة علي خوض حربين في نفــس الوقت وهو ما يعني بالنسبة اليهما رسالة خطيرة من الولايات المتحدة الي المتربصين بها تحثهم علي تحدي مكانتها. ختاما يقول الكاتبان:
وولفويتز للقول (في الاجتماع الذي دار في البيت الابيض) من التهور المخاطرة بحظوظنا الراهنة وبمستقبل اطفالنا من خلال صرف 3 بالمئة من الناتج الداخلي الخام علي الدفاع (…) والمشكل ان الرئيس الذي يخدمه وولفويتز اقر ميزانية للدفاع تساوي 3 بالمئة من الناتج الداخلي الخام ويمكن ان تنزل تحت هذا الرقم العام القادم. فكان كل الشرف لوولفويتز قوله للحقيقة حول ميزانية ادارته ‘المتهورة’. فهل يوافق رامسفيلد نائبه؟ وماذا عن موقف القائد الاعلي، جورج بوش الابن؟ .
هنا نذكّر ان مسألة الزيادة في ميزانية الدفاع عنصر جوهري في الرؤية الاستراتيجية العامة للكاتبين كما يوضح مقالهما المكتوب سنة 1996 المذكور اعلاه. لكن ما هو مؤكد انه مع حلول أحداث 11 ايلول (سبتمبر) والحرب علي افغانستان ثم القيام بـ الحرب الاستباقية علي العراق قفزت ميزانية وزارة الدفاع الي ارقام خيالية لا يبدو ان كريستول وكاغان نفسيهما حلما بها.
عندما يُواجه المؤمنون بالحق الامبراطوري للولايات المتحدة بأنه لم توجد بعد إمبراطورية أبدية فإنهم يجيبون بأنهم يدافعون عن إمبراطورية من نوع جديد ليس في الدفاع عنها مصلحة قومية أمريكية فحسب بل مصلحة دولية أيضا. وضمن هذا الاطار تُقدم الحرب الاستباقية علي العراق كاستمرار للحرب علي ألمانيا النازية ومن ثمة كمواجهة عسكرية من أجل تحرير البشرية. بيد أن هؤلاء العقائديين يتجنبون التفكير في أن الاستراتيجية الألمانية كانت مبنية علي مفهوم الحرب الاستباقية. وفي الواقع فإن هذا المصطلح ما هو إلا التسمية الامريكية للحرب الامبراطورية. وأكثر من ذلك فإنه ليس مفهوما جديدا تماما لدي أوساط الاستراتيجيين الامريكيين. فالآباء الروحيون لوولفويتز وبيرل مثل أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو أواسط القرن الماضي ألبرت ووهلستتر دافعوا عن أفكار مشابهة، كما أن الحروب الامريكية علي المكسيك ثم كوريا وفيتنام تحمل في أقل الاحوال المؤشرات الجنينية علي مفهوم الحرب الاستباقية.
(*) باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 11 افريل 2006)
قلب العالم ينتقل إلى آسيا؟
رشيد خشانة
لم تحُل المنافسة اليابانية – الصينية على زعامة آسيا دون التخطيط لإقامة ثالث أكبر تجمع في العالم بعد تجمَعي الإتحاد الأوروبي في القارة العجوز و»ألينا» في شمال أميركا. ودلَت المبادرة اليابانية الأخيرة الموجهة الى 15 عاصمة في جنوب شرق آسيا والرامية الى إنشاء منطقة تبادل حر اقتصادية، أن هذا المشروع بات مطروحاً على الأجندة الآسيوية أكثر من أي وقت مضى، وهو سيصبح إن كُتب له أن يُبصر النور، التجمع الأول في العالم بالنظر الى وزنه الإقتصادي والسكاني (3 بلايين شخص). وتضم المنطقة الإقتصادية المزمع إقامتها، إلى الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، البلدان الأعضاء في «آسيان» أي ماليزيا وأندونيسيا والفيليبين وفيتنام وكمبوديا وسنغافورة ولاوس وتايلندا وبيرمانيا وبروناي. ورأى الصينيون في هذه المبادرة اليابانية محاولة لتكريس زعامة طوكيو للمنطقة في وقت يبدو الإقتصاد الصيني المتميَز بحيوية كاسحة أكبر تهديد لمكانة اليابان في المنطقة والعالم.
لكن اليابانيين لم يُغفلوا الصين من مبادرتهم، فمن دونها لا يعود هناك معنى لأي تكتل إقليمي في آسيا. لكن جديد المبادرة يتمثل في المسافة التي أخذتها طوكيو تجاه الولايات المتحدة والتي تُعارض المشروع في حدة، انطلاقاً من خشيتها أن يستغني حلفاؤها الآسيويون عنها لو اندمجوا في تجمع إقليمي، ما يؤدي حكماً إلى إضعاف دورها على الصعيدين القاري والدولي. بل إن السفير الأميركي في اليابان توماس شيفر لم يُخف أن واشنطن لن تقبل باستبعادها من التجمع الإقليمي المنوي إقامته كونها تعتبر نفسها واحدة من أمم… المنطقة، ربما اعتباراً لهيمنتها الطويلة عليها.
طبعاً يدرك الأميركيون أن هناك مرتكزات موضوعية لتشكيل منطقة قوية للتبادل الحر في آسيا فهي ستضم نصف سكان العالم ورُبع الثروات العالمية ويتوقع لها الخبراء أن تستأثر وحدها بـ56 في المئة من الناتج العالمي الخام اعتباراً من السنة 2020، ما سيُهمَش أوروبا وأميركا معاً. وعلى هذا الأساس أجمعت الدراسات الإستشرافية على أن مركز العالم لن يبقى في أوروبا أو أميركا وإنما سينتقل إلى شرق آسيا. وهذا ما يعزز مخاوف واشنطن من المشروع ويدفعها إلى إحباطه مثلما عطلته لدى وضعه على بساط البحث في مناسبات سابقة. وتجلى القلق الأميركي في شكل صريح لدى اجتماع القمة الآسيوية الأولى في ماليزيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي والتي خُصَصت لدرس فكرة إنشاء منطقة تبادل حر اقتصادية. لكن لا يمكن تحميل مسؤولية تأخير المشروع للأميركيين وحدهم، فبين رأسي القطار الآسيوي طوكيو وبيكين خلافات عميقة لا تقتصر على إرث الحقبة الإستعمارية التي يستحضرها الجانبان كلما نشب نزاع جديد بينهما، وإنما تشمل خاصة مضمون تحرير الأسواق الآسيوية. فاليابانيون الذين يخشون من المدَ الصيني الكاسح متمسكون بسياسة حمائية ترفض فتح السوق المحلية للسلع الأجنبية في مقابل سعيهم لتصدير منتوجاتهم إلى الجيران. وتُضاف إلى المناكفة الصينية – اليابانية خلافات قديمة وجديدة مع الركنين الآخرين للمبادرة الهند وكوريا الجنوبية، ما يُقلَل من دور المعارضة الأميركية في تعطيل المشروع.
واللافت هنا أن اليابانيين استبعدوا تايوان من المبادرة التي أرسلوها إلى جيرانهم بدافع الحذر من إثارة غضب الصين. وواضح أن اليابان المرتاب من تعاظم القوة العسكرية الصينية يسعى لإذابة الخلافات مع العملاق الآسيوي الصاعد في بركة السوق القارية المشتركة. وليس خافيا أيضاً قلق طوكيو من حيوية الصينيين والكوريين الذين يتخذون مبادرات متلاحقة لإبرام شراكات جديدة في قارات العالم المختلفة ما يحمل اليابانيين على تدارك بطء حركتهم وتفادي اتساع الفجوة بين الجانبين.
مع ذلك يُنظر إلى مبادرة تشكيل تجمع آسيوي أيا كان أصحاب الفكرة أو المتحمسون أكثر لتنفيذها، على أنها ممرَ إجباري للإقتصادات المحلية، من فيتنام إلى إندونيسيا، كي تقدر على مجابهة تحديات العولمة والمحافظة على كياناتها. وسواء استمر الأميركيون بمعارضتهم للمبادرة أم أذعنوا للأمر الواقع فالقطار سينطلق إن لم يكن في الأمد القريب ففي المتوسط. والظاهر أن بعض الزعماء العرب أدركوا الدور المستقبلي لشرق آسيا فشدوا الرحال إليه منذ الآن استباقا للتطورات المرتقبة وتوصلوا مع الآسيويين إلى اتفاقات تقيم جسوراً مع هذا العالم الجديد. غير أن الخطى العربية غير متناسقة لأنها لا تنطلق من رؤية مشتركة للمسارات الدولية ولا من قراءة لآفاقها وموقع العرب منها، كي يكون التعاطي مع تشكيل تلك الأقطاب العالمية مبنياً على مصالح مشتركة. ويكفي أن ننظر إلى القمم الأوروبية أو الآسيوية ومثيلاتها العربية حتى ندرك أننا بعيدون عن الإنطلاق من رؤية جامعة وإرادة مشتركة. وهذا ما يزيد من تهميش العرب على المسرح الدولي.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 11 افريل 2006)
موريتانيا والرئيس المشكل
محمد السيد ولد أباه (*)
قدم أحد الأحزاب السياسية الموريتانية للحكومة العسكرية الانتقالية، مقاربة جزئية لإحداث إصلاح دستوري جذري، في سياق الحوار الدائر حاليا في البلاد، حول المسألة الدستورية التي تشكل أحد الاهتمامات الأساسية للمجلس العسكري الحاكم.
ولئن كانت الإصلاحات التي قدمت للاستفتاء الشعبي العام لم تتجاوز مراجعة بعض المواد المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية بالنص على تحديد الدورة الرئاسية في دورتين غير قابلتين للزيادة، مدة كل واحدة منهما خمس سنوات، (فضلا عن إلغاء كل القيود التي تحد من حرية التعبير والتنظيم الأساسي)، إلا أن التعديلات المذكورة، أعادت إلى واجهة النقاش الإشكالات الجوهرية ذات الصلة بشكل النظام السياسي نفسه وبنيته الدستورية.
والمعروف أن موريتانيا على غرار كافة الدول العربية تقريبا، اعتمدت منذ استقلالها نظاما رئاسيا، لرئيس الجمهورية فيه الدور المحوري في عملية صنع وإصدار القرار، في الوقت الذي قلص فيه دور الحكومة ورئيسها إلى الحد الأدنى وأعطي للرئيس حق حل البرلمان مؤقتا، في حين يحتفظ بكامل السلطة في الشؤون الخارجية والدفاعية.
ومن الواضح أن أغلب البلدان العربية، تأثرت في المسألة الدستورية بالتجربة الفرنسية المعاصرة، أي ما يسمى بنظام الجمهورية الخامسة، الذي وضعه الجنرال ديغول بعد الحرب العالمية الثانية، لتأمين الاستقرار السياسي في بلد عانى طويلا من الفوضى السياسية، في حقبة الجمهورية الرابعة التي لم تكن تعمر فيها الحكومات البرلمانية طويلا.
والمقترحات البديلة التي يقدمها الحزب الموريتاني المذكور ـ حزب الصواب ـ هي استبدال النظام الرئاسي القائم نظام برلماني ـ رئاسي، يتقاسم فيه رئيس الجمهورية والبرلمان المنتخب والمجالس البلدية المحلية السلطات والاختصاصات، تفاديا لأن يتحول موقع الرئاسة إلى آلية تحكم مطلق في بلد ليست له تقاليد ديمقراطية عريقة.
ويرمي الإصلاح المطروح إلى المحافظة لمركز الرئاسة على موقعه الرمزي بتحريره من أعباء الحكم المباشرة، وإناطة المسؤولية التسييرية بالحكومة التي يعينها البرلمان، في الوقت الذي يعيد تصور صيغة ودور المجالس الإقليمية، التي كانت تعيد انتاج الموازين القبلية القائمة، (يقترح الإصلاح تغيير النظام الانتخابي للمجالس بتحويل المحافظة إلى دائرة واحدة).
وليس من همنا دخول هذا النقاش الدستوري، الذي يخرج بنا عن دائرة اهتمامنا الذي تطرحه راهنا في الساحة الموريتانية ـ وفي الساحة العربية جمالا ـ معضلة «الحكامة» حسب الاصطلاح الجديد.
ولا تعني «الحكامة» مجرد التدبير الرشيد للموارد الاقتصادية حسب مفاهيم المؤسسات المالية الدولية، بل تتعلق بتسيير الدولة بمفهومها الأوسع، بما فيه نظام الحكم وإدارة العلاقات بين السلطة والمجتمع.
ولا شك أن الاشكالية المحورية التي يطرحها حقل الحكامة العربية تتعلق بالضوابط القانونية والتنظيمية لسلطة الحكم التي تختزل عادة في موقع الرئاسة.
ولهذه الظاهرة خلفية مزدوجة: تراثية تحيل إلى نموذج «السلطان المطلق» وحديثة تحيل إلى مفهوم الزعيم القائد.
ففي الحالتين، يتحكم الحاكم في دائرة السلطة التي تلتبس بالإطار العمومي للدولة.
صحيح أن جل الدول العربية اعتمدت الآليات الدستورية والتشريعية التي بلورتها الأنظمة الديمقراطية العريقة، للحد من محاكم السلطة التنفيذية، الا أن هذه الآليات تظل غير فاعلة ولا مجدية في غياب سلطة مضادة حقيقية (تشريعية وقضائية وإعلامية).
ذلك أن الامتيازات الدستورية والفعلية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية تؤهله في ظل الاختلالات الفادحة، التي تعاني منها الحياة السياسية لإعادة صياغة وبناء تركيبة دوائر السلط المضادة بحسب مقتضيات توطيد سلطاته الخاصة المطلقة..
وهكذا لا حظنا في عدة بلدان عربية، كيف تتغير الاغلبيات البرلمانية، بل طبيعة البينة السياسية والحزبية للدولة نفسها بتغير واجهة الحكم.
ففي مصر استطاع الرئيس السابق نوار السادات، بعد أقل من سنتين من رحيل الزعيم عبد الناصر من تأسيس نظام سياسي بديل، في الوقت الذي تحول الحزب الناصري إلى تنظيم صغير تتنازع السيطرة عليه قيادات متنافرة.
وفي الجزائر استطاع الرئيس بوتفليقة، إعادة تشكيل جبهة التحرير التي أقصت من رهان السلطة وتقلص دورها بالتالي في البرلمان بعد الانفتاح الديمقراطي، الذي بدأ عام 1991، وبذا أعادها إلى موقعها المركزي من خلال بوابة السلطة.
وغني عن البيان، أن محورية موقع الرئاسة في الحياة السياسية وفي الشأن العام إجمالا، تشكل عائقا أساسيا من عوائق التحول الديمقراطي في البلدان العربية، في مستويين هما.
أولا: تحكم الماسك بخيوط السلطة في كل الحراك السياسي، مما يمكنه من كبح كل آفاق التغيير، بإضعاف خصومه ومحاصرة منافسيه، بشتى أساليب القمع والإقصاء المتاحة لديه.
ثانيا: تحويل مركز الرئاسة إلى بؤرة الصراع والمنافسة، بحيث يشكل دائرة استقطاب وحيدة تشل النسيج السياسي، وتعرض البلاد للفوضى وعدم الاستقرار.
صحيح أن هذه العقدة السياسية لا تحل بمجرد الآليات التشريعية والدستورية الشكلية، لكن مثل هذه الضوابط تساعد دون شك في معالجتها، إذا وضعت ضمن صيغة إجماع سياسي وطني.
إن المطلوب ليس أكثر من تطبيع حقل الحكم في الساحة العربية، حتى يكون بمقدورنا أن نجد في البلاد العربية، رئيسا سابقا لم يخرج من قصر الحكم إلى السجن أو المنفى في الخارج
(*) كاتب موريتاني
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 11 أفريل 2006)