11 ème année, N°4176 du 05 .12.2011
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
تابعواجديد أخبارتونس نيوز على الفايسبوك
http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141
أخي العزيز المناضل السلام عليك ورحمة الله
أنت صابر في سجنك رغم ما أحسسته من ظلم ذوي القربى عندما إنتفضت ضد الحرق والإتلاف والإفساد لأنك رجل إصلاح كما عرفته فاعتقلوك وسجنوك وأبعدوك عن أبنائك في يوم عيدك أخي الثورة التي حلمت بها بعد سنوات عجاف من الظلم والقهر ذقت خلالها التعذيب والسجن والمنع من الشغل قد تحققت وهم سيحتفلون بذكراها الأولى خلال أيام وأنت الأولى بها لا تزال في سجنك أخي الذين ناضلت معهم من أجل هذه الثورة يحتفلون على تقسيم المناصب ويبدعون في النقاش والحوار والمدن تحترق من القصرين إلى قفصة ونسأل الله أن الفتنة إنتهت أخي لقد آمنت أن أصحاب المبادئ مهما كانت الظروف والأحوال فهم على مبادئهم وهذا إمتحان من الله لك ومن المؤسف أن حقوق الانسان لا تتجزء وأنت سلطت عليك مظلمة ولكن الأقلام لم تتحرك للدفاع عنك كثيرا والمواقف لم نسمعها كثيرا وإنه ليحز في القلب أن من سجنت معهم من أجل نفس القضية وعلموا بسجنك وكانت لهم الفرص في الدفاع عن قضيتك ولكنهم لم يفعلوا أخي لا أدري هل هي الحسابات السياسية أم الملفات الأخرى أنستهم قضيتك ولكن الحمد لله في تونس رجال صدقوا في إيمانهم بالقضايا العادلة مثل قضيتك وقد دافعوا عنك باستبسال وهم مشكورون أخي ستخرج من سجنك وستعود إلى مدينتك وأبنائك فأرجو لك السلامة وأذكرك أن القضايا التي ناضلت من أجلها لا زالت قائمة وأنت الآن أكثر عزيمة وإصرارا على النهوض بمدينة الثورة وأنت أعلم بمشاكلها مني فكن أخي على ثبات واعلم أخي أن البناء لا بد له من حكمة وحوار بين أبناء المدينة لأن سيدي بوزيد لن ينهض بها إلا أبناؤها.
رياض الحجلاوي
<
لقيت فتاة من مواليد 1992 وتدعى كاهنة حسيين اصيلة منطقة تقاسيم بسليمان من ولاية نابل حتفها بعد سقوطها من الطابق العاشر لنزل الهناء الدولي ..وحسب مصادر من داخل النزل فإن الضحية قدمت الى النزل منذ الساعة الثانية بعد الظهر صحبة مرافقها للمشاركة في حفل عيد ميلاد هذا وقد تم القاء القبض على مرافقها..ومن جهة اخرى فقد اوردت نفس المصادر انه تم العثور على قطع مخدرة داخل علبة سجائر بالقرب من جثة الضحية !!!
وتبذل الوحدات الامنية مجهودات خاصة ومكثفة لالقاء القبض على ليبيين يشتبه في أنهما شاركا الضحية ومرافقها الجلسة بالطابق العاشر…
وشهدت ساحة النزل على مستوى شار الحبيب بورقيبة احتجاجات شديدة من قبل المواطنين التونسيين على ما يأتيه الليبيون من سلوكات واعتداءات متكررة كما وقع التنديد بتسيب بعض التونسيات من اللاتي يعرضن خدماتهن بمقابل …ويبدو أن صبر التونسيين على تجاوزات الليبيين بدأ ينفد حيث لم يقدر جيراننا حسن الوفادة وكرم الضيافة في ربوعنا واساؤوا فهم طبيعة التونسي بل لم يقدروا عواقب غضبه !…
أحمد فضلي (المصدر: صحيفة “التونسية” الإلكترونية(تونس) الصادرة يوم 4 نوفمبر 2011)
<
تونس – يو بي أي التاريخ: 04 ديسمبر 2011 اندلعت مظاهرات ليلية غاضبة تخللتها أعمال عنف وشغب، وسط تونس العاصمة أمس (السبت)، إحتجاجاً على ممارسات بعض الليبيين، وذلك على خلفية سقوط فتاة تونسية من الطابق الرابع لأحد الفنادق الذي يقطنه عدد من الليبيين.
وتجمع مئات من التونسيين أمام فندق (الهناء) المطل على شارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة، حيث يقيم عدد من الليبيين وخصوصاً الجرحى منهم، رافعين شعارات مناهضة لليبيا، وحاولوا مهاجمة الفندق، وذلك بعد موت فتاة تونسية (18 عاماً) أشيع أن أحد الليبيين دفعها من الطابق الرابع للفندق.
وحضرت قوات الأمن التونسية الى مكان الحادث، وحالت دون وصول المحتجين الى الفندق، مستعملة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الغاضبين الذين كانوا يريدون “الإنتقام من الليبيين”. الى ذلك، قال مالك علوش مدير مركز الأمن في منطقة باب البحر، في تصريحات إذاعية أنه تم فتح تحقيق لتحديد ملابسات الحادث.
وهذه الحادثة هي الثانية من نوعها في غضون أقل شهر، حيث سجل في منطقة حي النصر الراقي في تونس العاصمة حادثة مماثلة ذهبت ضحيتها فتاة في مقتبل العمر عندما سقطت بشكل مريب من شقة مفروشة يقطنها ليبيون. يذكر أن عدد من المظاهرات خرجت في أنحاء متفرقة من تونس مؤخراً، إحتجاجاً ممارسات بعض الليبيين داخل الآراضي التونسية، وُصفت بأنها “إنتهاك صارخ” لأمن البلاد.
وكانت مظاهرة ليلية غاضبة إندلعت ليلة الخميس- الجمعة في مدينة مدنين في أقصى الجنوب التونسي إثر دهس سيارة يقودها ليبييون رجلاً تونسياً ما أدى الى وفاته، وإقدام بعض الليبيين المسلحين على إطلاق الرصاص صوب دورية أمنية تونسية حاولت إيقاف سيارتهم للتثبت في هوياتهم.
يشار إلى أن أجواء من التوتر والإحتقان تسود حالياً العلاقات بين التونسيين والليبيين وخصوصاً في مناطق جنوب تونس، ما دفع بالسلطات التونسية إلى غلق المعبرين الحدوديين مع ليبيا “الذهيبة” و”رأس جدير”.
(المصدر: صحيفة “البيان” (يومية – الإمارات) الصادرة يوم 4 ديسمبر 2011)
<
تونس – بناء نيوز – أنيس العرقوبي صرّح مصدر اعلامي ليبي لـ”بناء نيوز” أن شخصا على الأقل قتل صباح اليوم الأحد 04 ديسمبر 2011 في اشتباكات دارت في أحياء العاصمة الليبية طرابلس بين فرق أمنية ومجموعة خارجة على القانون يشتبه أن يكونوا عناصر فرّت سابقا من السجون.
وأكّد محمود المصراتي رئيس تحرير صحيفة “المنارة” في اتصال هاتفي مع “بناء نيوز” أن شخصا يشتبه في انتمائه إلى عناصر خارجة على القانون قتل جرّاء تبادله اطلاق النار مع قوات الأمن في الساعات الأولى من صباح اليوم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن أجهزة الأمن الليبية تسعى جاهدة لفرض مناخ أمني ومنع بعض التجاوزات.
وعن تأزم الاوضاع الأمنية على الحدود التونسية – الليبية قال محمود المصراتي إن “جيوب النظام المقبور المتمركزة خاصة في منطقتي جميل ورقدانين هي المتسبب الرئيسي في هذه الأحداث”، مضيفا أن فلول النظام السابق لا تزال تعمل إلى حد لآن على إحداث البلبلة واختراق الصحراء التونسية وإطلاق النار على قوات حرس الحدود التونسية.
وتمنى المصراتي أن يفعّل دور الجيش والقوات الأمنية الليبية إضافة إلى الجمارك في القريب العاجل حتى تتسنى مراقبة الحدود بين البلدين والقضاء على هذه الممارسات والخروقات. في مقابل ذلك شدّد محمود المصراتي على أن الشعب الليبي لن ينسى الوقفة البطولية والتاريخية للشعب التونسي إبّان معارك تحرير ليبيا من دكتاتورية معمر القذافي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن صحيفته “المنارة” لقيت الدعم الكامل عند انطلاقتها الأولى على الأرض التونسية سواءً من الحكومة أو من التونسيين.
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 4 ديسمبر 2011)
<
طرابلس/تونس (رويترز) – قالت ليبيا يوم الاحد انها ستؤمن المنطقة القريبة من حدودها مع تونس بعدما اغلقت تونس معابرها الحدودية لتسد طريق الامداد الرئيسي لطرابلس بعد اشتباكات بين رجال ميليشيات وحرس الحدود. وقال مسؤولون تونسيون ان اغلاق المعبر الحدودي الثاني يوم السبت كان ضروريا بعدما تبادل مسلحون ليبيون اطلاق النار مع حرس الحدود وحاولوا دخول تونس سرا. وتبرز هذه الوقائع حالة غياب القانون في ليبيا بعد ثلاثة اشهر من دخول الثوار طرابلس. ولم تنزع الحكومة الانتقالية بعد السلاح ولم تشكل جيشا وطنيا واحدا من الميليشيات التي لا تزال تجوب البلاد وتشتبك مع بعضها بعضا. وقال نائب رئيس الوزراء مصطفى ابو شاقور في مؤتمر صحفي ان وزيري الداخلية والدفاع يضعان خطة لتأمين هذين المعبرين الحدوديين وكذلك لضمان عدم حدوث ذلك مرة اخرى. واضاف عبر مترجم ان افرادا غير مسؤولين يتحملون المسؤولية عن هذه الوقائع عند الحدود خلال اليومين الماضيين. وتدخل اغلب السلع طرابلس عبر الحدود التونسية. كما انها نقطة عبور رئيسية لاشخاص كثيرين يسافرون من والى العاصمة الليبية. وقال مسؤولون تونسيون ان قوات حرس الحدود ومواطنين اخرين يتعرضون لهجمات من رجال ليبيين مسلحين. وقال شرطي تونسي يعمل في معبر رأس جدير الذي اغلق قبل اسبوع لرويترز “لك ان تتصور المسلحين المخمورين والواقعين تحت تأثير المواد المخدرة يهددوننا بأسلحتهم.” واضاف “يعتقدون اننا لا نستطيع الرد. هذا غير صحيح.” وقال مصدر امني في الذهيبة وهي معبر حدودي يقع على مسافة ابعد نحو الجنوب والذي اغلق يوم السبت انه وقعت معركة بالاسلحة النارية مع رجال الميليشيات. وقال المصدر “الليلة الماضية تبادلنا اطلاق النار مع سيارات ليبية حاولت الدخول سرا” مضيفا انه “يجب استتباب الامن قبل اعادة فتح هذا المعبر الحدودي.”
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 4 ديسمبر 2011)
<
نفذت عائلة الشاب البشير بالسنون الذي حكم عليه بالإعدام يوم 28 نوفمبر الماضي بمالي وقفة احتجاجية صباح أمس أمام مقر ولاية تطاوين للمطالبة بالتدخل السريع لفائدة ابنها الذي سينفّذ فيه الحكم قريبا… إذا ما لم تتحرك الحكومة ومكونات المجتمع المدني وخاصة عمادة المحامين والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والجمعيات الإنسانية والحقوقية. وعبرت العائلة التي انضمّ إليها أصدقاء ابنهما وعدد من المواطنين عن غضبهما واستيائهما لعدم التحرك لانقاذ ابنهم والوقوف الى جانبهما من اجل الدفاع عنه قبل تنفيذ الحكم عليه مثلما وقع مع سمير الطريفي. وشدد إخوته وأصدقاؤه على ضرورة تدخل السفارة التونسية بمالي وتمكين شقيقهم من محاكمة عادلة . ويذكر أن الشاب البشير بالسنون حسب ماأفادنا به والده السيد المكي بالسنون متهم بإلقاء قنبلة يدوية على سفارة فرنسا ببامكو وكان قد غادر تونس أواخر سنة 2008 في اتجاه موريتانيا لمواصلة تعليمه الذي انقطع عنه من السنة الثانية بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بقابس ويرجع تاريخ آخر مكالمة هاتفية له معهم في شهر ماي 2010. وتتكون عائلة البشير من 12 عشر فردا ووالده عاطل عن العمل بعد أن تعرّض إلى حادث مرور جعله عاجزا.
محمد هدية (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 نوفمبر2011)
<
أعلن الرئيس التونسى المؤقت فؤاد المبزع أمس السبت، أنه لن يوقع “مرسوما” بتسليم بغدادى المحمودى، آخر رئيس وزراء فى نظام العقيد الليبى الراحل معمر القذافى، إلى السلطات الليبية خشية تعرضه إلى “التعذيب”. وطلبت ليبيا من تونس تسليمها المحمودى الذى تلاحقه العدالة الليبية من أجل تهم تتعلق بالفساد المالى خلال فترة حكم معمر القذافى، وبـ”التحريض” على اغتصاب نساء ليبيات خلال ثورة 17 فبراير التى أطاحت بنظام القذافى. وأصدرت محكمة الاستئناف التونسية يومى 8 و25 نوفمبر 2011 حكمين منفصلين بتسليم بغدادى المحمودى إلى العدالة الليبية. وبحسب القانون التونسى، فإن قرارات محكمة الاستئناف المتعلقة بتسليم أشخاص مطلوبين للعدالة خارج تونس غير قابلة للطعن، لكنها لا تصبح نافذة إلا بعد توقيع الرئيس التونسى “مراسيم” (أوامر قانونية) بشأنها فى أجل لا يجب أن يتعدى شهرا من تاريخ نطق المحكمة بها. وصرح فؤاد المبزع فى مقابلة بثها التلفزيون الرسمى التونسى مساء السبت، بأن “المرسوم” لم يصله بعد، وأنه لن يوقع عليه إن وصله وسيترك النظر فى هذه المسألة إلى رئيس تونس القادم. وينتظر أن ينتخب أعضاء المجلس الوطنى التأسيسى المنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر 2011 رئيسا جديدا لتونس خلفا للمبزع الذى تسلم رئاسة تونس بشكل مؤقت إثر هروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن على إلى السعودية يوم 14 يناير 2011 . وقال المبزع (78 عاما) فى المقابلة التلفزيونية “أنا لا أسلم شخصا ليعذب” فى إشارة إلى احتمال تعرض بغدادى المحمودى إلى التعذيب إن تم ترحيله إلى ليبيا. كانت تونس اعتقلت المحمودى واثنين من مرافقيه فى 21 سبتمبر الماضى ببلدة “تمغزة” التابعة لمحافظة توزر الحدودية مع الجزائر المجاورة. وكان الثلاثة يحاولون ساعة اعتقالهم التسلل إلى التراب الجزائرى على متن سيارة رباعية الدفع. وتجيز اتفاقية تعاون قضائى وقعتها تونس وليبيا سنة 1961 تسليم المطلوبين للعدالة فى البلدين. ووجه بغدادى المحمودى مطلع نوفمبر “نداء استغاثة” إلى المنظمات الحقوقية الدولية مثل “هيومن رايتس ووتش” الأمريكية ومنظمة العفو الدولية “أمنستي” حتى لا يتم تسليمه إلى ليبيا. وعبر المحمودى- فى وقت سابق وعبر محاميه- عن خشيته من أن تتم تصفيته حال تسليمه إلى ليبيا لأنه “الوحيد الذى يملك الأسرار الداخلية والخارجية لليبيا بعد مقتل معمر القذافى”. ودعت منظمات حقوقية تونسية ودولية وزارة العدل التونسية والرئيس التونسى فؤاد المبزع إلى عدم تسليم المحمودى إلى ليبيا خشية تعرضه إلى التعذيب أو القتل مثلما حدث مع معمر القذافى وابنه المعتصم اللذين قام الثوار بتصفيتهما.
(المصدر: صحيفة “اليوم السابع” (يومية – مصر) الصادرة يوم 4 ديسمبر 2011)
<
يعقد المجلس الوطني التأسيسي يوم الثلاثاء المقبل جلسة عامة لمناقشة مشروع قانون تنظيم السلط العمومية والمصادقة عليه. وينتظر أن يتركز النقاش خلال الجلسة العامة التي ينتظر أن تشهد أيضا انتخاب رئيس الجمهورية، وفق الفصل9 من مشروع قانون السلط العمومية، وتعيين رئيس الحكومة وفق الفصل 14 من نفس القانون.. (تكليف مرشح الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد) على الفصول المتعلقة بكيفية اعطاء الثقة للحكومة وسحبها منها… إذ يقترح مشروع القانون لنيل الحكومة المقترحة ثقة المجلس التأسيسي اغلبية الأعضاء، لكنه يشترط لتوجيه لائحة لوم وسحب الثقة من الحكومة أو أحد الوزراء موافقة أغلبية الثلثين حتى تعتبر مستقيلة. كما ينتظر أن يحوز الفصل 16 المتعلق بمهام رئيس الحكومة وخاصة في الفقرة المتعلقة بتعيين محافظ البنك المركزي حيزا من النقاشات فضلا عن الفصول المتعلقة بالحالات التي يجوز فيها الجمع بين عضوية الحكومة وعضوية المجلس التأسيسي. والفصل المتعلق بالسلطة القضائية. يذكر أن اللجنة توصلت وبعد نقاشات طويلة تواصلت لأسبوعين إلى اعداد نص قانوني حظي بموافقة غالبية أعضائها خاصة بعد ادخال تعديلات على فصول خلافية على غرار الفصل 11 المحدد لمهام رئيس الجمهورية والفصول المحددة لعلاقة بين الرئاسات الثلاث، بعد أن أبدى ممثلو المؤتمر والتكتل اعتراضا على بعض فصول النسخة الأولى المقترحة من مشروع القانون. على أن اللافت للنظر أن رئاسة المجلس الوطني التأسيسي قررت تسبيق النظر في مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية، عوضا عن مشروع قانون التنظيم الداخلي للمجلس وذلك ربما للإسراع في سد شبه الفراغ في السلطة، علما ان المصادقة على قانون التنظيم المؤقت للسلط من شانه ان يسمح مباشرة وفي نفس الجلسة بانتخاب رئيس الجمهورية الذي سيعين مباشرة بعد انتخابه رئيس الحكومة.. وبالتالي قد تصبح الرئاسات الثلاث محسومة في انتظار تشكيل الحكومة المقبلة التي باتت شبه جاهزة وينتظر الإعلان عنها في غضون الأسبوع القادم. من سينافس المرزقي لمنصب رئيس الجمهورية؟ لكن من سينافس المنصف المرزوقي أمين عام حزب المؤتمر الذي سيترشح لمنصب رئيس الجمهورية وفقا لتفاهمات التحالف الثلاثي؟ مؤشرات عديدة تشير إلى أن المعارضة قد تقدم أحمد نجيب الشابي مرشحا لها لمنافسة المرزوقي. لكن عصام الشابي عضو المكتب السياسي للحزب الديقمراطي التقدمي الذي يتزعم تيار المعارضة داخل المجلس التأسيسي (16مقعدا) نفى أن تكون تحالفات قوى المعارضة قد اتفقت على مرشح نهائي لرئاسة الجمهورية. وقال :” ما يزال ترشيح أحمد نجيب السابي من عدمه محل تشاور مع ممثلي القوى الدميقراطية”. قبل أن يضيف :” لم نقرر بعد ما زالنا بصدد التباحث مع حلفائنا في المجلس التأسيسي”. وكشف أن قوى المعارضة ستتفق قريبا على إما مرشح لمنصب رئيس الجمهورية أوعلى صيغة أخرى بصدد التشاور والدرس، دون ان يعطي مزيدا من التفاصيل.. على أن الشابي عبر عن استغرابه من أسبقية مناقشة مشروع قانون السلط العمومية على النظام الداخلي، وتسائل :”عن أي أسس ووفق أية آليات سيتم تنظيم الجلسة العامة ليوم الثلاثاء.. لا بد من التوافق على نظام خاص بالجلسة العامة المرتقبة؟ وعن موقفه من ترشح وحيد ذياب رئيس حزب 14جانفي لمنصب رئيس الجمهورية، عبر الشابي عن استغرابه من هذا الترشح الذي جاء قبل أن يتم المصادقة على قانون السلط العمومية.. رفيق
(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 نوفمبر2011)
<
قام أمس أكثر من مائة محام بوقفة إحتجاجية بقصر العدالة بالمحكمة الإبتدائية بتونس 1 وطالبوا بالتطهير والمحاسبة في مجال المحاماة والقضاء وكشف كل الملفات للرأي العام دون خداع ولا تصرف ولا تسييس كما طالبوا مساواة الجميع أمام القانون وفسح المجال أمام القضاء للعمل بكل استقلالية والكف عن تهميش السلطة القضائية وإعطائها الدور الذي وجب عليها القيام به من إرساء للعدالة وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء. كما طالبوا بضرورة محاسبة المجرمين بكل شفافية وبعث دوائر صلب المحاكم تنظر في ملفات الفساد والكسب غير المشروع وإعلام الجميع دون استثناء مع القطع مع منظومة الفساد في كل مجالاته خاصة في قطاع المحاماة وإرساء منظومة عدلية متطورة ومستقلة تفتح ملفات المحاسبة بدون الوسائل القديمة المعتمدة التي أفضت الى هضم الحقوق وضياعها وبقاء المجرمين الحقيقين دون عقاب الى حد اليوم. وطالبوا أيضا بالتوزيع العادل لقضايا الدولة والمؤسسات الخاضعة لها وعموما المؤسسات المتصرفة في المال العام والتصدي لظاهرة السمسرة التي تفشت كثيرا في سلك المحاماة.
صباح الشابي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 نوفمبر2011)
<
تونس – بناء نيوز – رمزي أفضال تمّ منذ قليل انتخاب المكتب الكونفدرالي للجامعة العامّة التونسيّة للشغل التي انعقد مؤتمرها في مدينة نابل يومي السبت 3 والأحد 4 ديسمبر 2011. وبعد اجتماع الهيئة المديرة المتكوّنة من 41 عضوا تمّ اختيار المكتب الكونفدرالي التالي: قائمة المكتب التنفيذي: – الأمين العام حبيب قيزة – بلقاسم عوينة – فوزي زغلامي – أيمن العلوي – صبيحة بن عمّار – عثمان العلوي – يسرى صميدة – نور الدين مسعود – ناصر الرديسي – رضا ابراهيم – فيصل الطرابلسي لجنة النظام: – مروى القطوفي – عادل الدقي – محمد علي قيزة – فتحي ندّاري – حاتم شريف لجنة الماليّة: – ياسين العيادي – سمية العيادي – سمير التزغدني – زهيّر الشكواي – صباح طقطق هل ترغب في التعليق على الموضوع؟ “بناء نيوز” ترحب بتعليقات القراء، وترجو من المشاركين التحلي بالموضوعية وتجنب الاساءات الشخصية والطائفية، ولن يتم نشر اي رد يحتوي شتائم. كما ترجو الصحيفة من المعلقين ادخال الاسم الاول واسم العائلة واسم الدولة وتجنب الاسماء المستعارة. ويفضل ان تكون التعليقات مختصرة بحيث لا تزيد عن 200 كلمة.
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 4 ديسمبر 2011)
<
تعمق الجدل خلال الأسبوع المنصرم حول أشغال اللجان صلب المجلس الوطني التأسيسي خاصة فيما يتعلق بلجنة إعداد مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية، في علاقة ببعض فصول المشروع التي لقيت معارضة من أغلب أعضاء اللجنة ووجدت حركة النهضة نفسها وحيدة في الدفاع عن هذين الفصلين!!! يقول وليد البناني عضو اللجنة وممثل حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي عن دائرة القصرين أن “النهضويين تفاجؤوا بنتيجة التصويت حيث من المفترض أن يصوت ممثلو حزب المؤتمر والتكتل مع حركة النهضة لصالح الفصلين”، ولكن على عكس ذلك تم التصويت ضد الفصلين مما حدا برئيس اللجنة إلى إيجاد صيغة توافقية بين جميع الأطراف ولكن بعد أن امتد ذلك على بضعة أيام. وتتمثل الصيغة النهائية للفصل الخامس الذي يتعلق بالمصادقة على الدستور والذي أصبح الفصل الثالث من مشروع القانون، يتمثل في الصيغة التالية “يصادق المجلس الوطني التأسيسي على مشروع الدستور فصلا فصلا بالأغلبية المطلقة من أعضائه، ثم تتمّ بعد ذلك المصادقة عليه برمّته بأغلبيّة الثلثين من أعضاء المجلس، وإن تعذّر ذلك فبذات الأغلبيّة في قراءة ثانية في أجل لا يزيد عن شهر من حصول القراءة الأولى، وإن تعذّر ذلك مجدّدا يتمّ عرض مشروع الدستور برمّته على الاستفتاء الشعبي العام للمصادقة الإجماليّة عليه أو رفضه وذلك بأغلبية المقترعين”، حسب ما جاء على لسان الحبيب خذر رئيس اللجنة في حوار خاطف مع راديو كلمة، بعد أخر جلسة من جلسات اللجنة والتي تمت خلالها المصادقة بالأغلبية على مشروع التنظيم المؤقت للسلط العمومية. فيما كانت الصيغة الأولية التي خلقت اختلافات في صفوف أعضاء اللجنة تتمثل في الأتي “يصادق المجلس الوطني التأسيسي على الدستور فصلا فصلا بالأغلبية المطلقة من أعضائه ثم تتم بعد ذلك المصادقة على الدستور برمته بأغلبية الثلثين من أعضاء المجلس. وعند تعذر الحصول على الأغلبية المذكورة تتم قراءة ثانية خلال شهر على الأكثر من حصول القراءة الأولى وتتم حينها المصادقة على الدستور بالأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس”. ومن المنظور القانوني، فإن الأغلبية المطلقة تعني 50% زائد1 ، وما استنتجه السياسيين من رغبة حركة النهضة في تمرير هذا الفصل ماهو إلا “مزيد تكريس للاستبداد والديكتاتورية والتفرد في إصدار القوانين التي تخدم مصلحتها” حسب رأي حمه الهمامي الأمين العام لحزب العمال الشيوعي التونسي، الذي أكد ضرورة عرض الدستور بعد استكمال صياغته على الاستفتاء العام لأخذ رأي الشعب التونسي على دستور سيحكم البلاد عقودا من الزمن أن لم نقل قرونا منه… لذلك، فإنّ ما يطالب به الحقوقيون والسياسيون من خارج أسوار مجلس النواب سابقا مقر اجتماعات أعضاء المجلس الوطني التأسيسي هو إما المصادقة بالثلثين على الدستور، وهي نسبة معقولة في نظرهم لأنها ستمثل اغلب أعضاء المجلس من مختلف الأحزاب السياسية ولا تتم هيمنة حزب معين على البقية، وان لم يتم ذلك، يعرض الدستور على الاستفتاء العام. مطالب عبر عنها أصحابها لراديو كلمة يوم الإضراب الوطني للجامعة العامة للتعليم العالي المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل، حيث تواصلت أشغال لجنة إعداد مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية وتوصلت إلى توافق حول الفصلين الخامس والثامن خلال ذلك اليوم. الفصل الثامن من مشروع القانون تعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وجاءت الصيغة الأولية في الآتي “للمجلس التأسيسي، في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها بالفصل الحادي عشر في نقطته السادسة بموافقة أغلبية أعضائه، أن يفوض اختصاصه التشريعي أو جزءا منه لرئيس الحكومة”. وبعد التصويت ضد هذا الفصل بثلاثة عشر من ضمن اثنين وعشرين صوتا، تم التوصل بعد إلى الصيغة التالية “يمكن للمجلس الوطني التأسيسي إعفاء رئيسه من مهامه بموافقة أغلبية الثلثين من أعضائه على الأقل بناء على طلب يقدّم لمكتب المجلس من ثلث الأعضاء على الأقل. وعلى المجلس برئاسة النائب الأوّل للرئيس المعفى في أجل خمسة عشر يوما من الإعفاء أن ينتخب رئيسا وفقا لصيغة الانتخاب الواردة بالفصل التاسع من هذا القانون. ويتولى النائب الأول لرئيس المجلس الوطني التأسيسي مهام رئاسة المجلس مؤقتا إلى حين انتخاب رئيس جديد”. وتحول هذا الفصل في الترتيب من الثامن إلى الخامس من مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية. ورغم ما تم تناقله بين وسائل الإعلام، من تعمق الاختلافات بين أعضاء اللجنة حول التصويت بين الفصلين، وانفضاض الوفاق الثلاثي (حركة النهضة، حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) إلا أن أعضاء من اللجنة على غرار الحبيب خذر والحبيب اللوز وهشام بن جامع أكدوا أنه، رغم تعارضهم في التصويت، تم في إطار من الديمقراطية وعدم التصلب في الآراء. وقال السيد وليد البناني عضو الهيئة أن وسائل الإعلام الأجنبية هي من قامت بتهويل الأمور وتضخيمها وعدم موضوعيتها في نقل الأخبار. ورغم ما شهدته الساحة من حراك، فقد أكملت اللجنة مهامها ولم تتأثر بالأحداث التي كانت قريبة جدا منها. يقول السيد وليد البناني في هذا الصدد “هذا الحراك يعتبر ظاهرة صحية ولا بد من التعود عليه بحكم طبيعة المجتمع التونسي خاصة بعد ثورة 14 جانفي، بل بالعكس من ذلك لا بد من الأخذ بعين الاعتبار ما يطالب به المحتجون والمعتصمون، وعدم مقابلة مطالبهم باللامبالاة…” ومن بين النقاط التي تطرقت إليها اللجنة في أشغالها فتتمثل في إنشاء هيئة دائمة للانتخابات، “تشرف على الانتخابات والاستفتاءات، والى ذلك الحين يتم إنهاء مهام أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في هيئتها المركزية والفرعية والمحلية ويستثنى من ذلك رئيسها الذي يؤمّن تواصل عملها إلى حين تشكيل الهيئة الجديدة”. كما اهتم الفصل 21 من مشروع القانون إلى السلطة القضائية وأكد استقلاليتها التامة، وأكد وجوب إنشاء “هيئة وقتية للإشراف على القضاء العدلي تحل محل المجلس الأعلى للقضاء ويضبط تركيبتها و صلاحيتها”. وورد في ذات الفصل أن “المجلس الوطني التأسيسي يتولى إعادة تنظيم القضاء وإعادة هيكلة المجالس القضائية العليا العدلية والإدارية والمالية وضبط أسس إصلاح المنظومة القضائية”. بعد انتهاء الأشغال، تقدمت اللجنتان بمشروعي القانونين إلى رئيس المجلس الوطني التأسيسي، ليتم النقاش حوله والمصادقة النهائية عليه خلال الجلسة العامة التي من المرجح أن تكون الاثنين 05 ديسمبر الجاري، حسب ما أفاده السيد أزاد بادي عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والسيد الحبيب اللوز ممثل حركة النهضة في المجلس… في خضم الحراك السياسي والاجتماعي الذي تعيشه الساحة التونسية، يأمل التونسي دائما انتهاء عصر الاستبداد والديكتاتورية وان يبدأ في استنشاق ريح الحرية والديمقراطية… ولكن لن يدوم الانتظار طويلا خاصة مع بدء توضح الرؤية السياسية في البلاد.
سماح التونسية (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 4 ديسمبر2011)
<
دعت رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة وداد بوشماوي أمس مختلف الفاعلين السياسيين و مكونات المجتمع المدني في تونس إلى إطلاق حملات توعية لإقناع المواطنين بضرورة فك الاعتصامات التي ألحقت أضرارا جسيمة بالاقتصاد الوطني. و قالت إن المؤسسات المتضررة تنشط في قطاعات حيوية مثل الطاقة و المناجم و صناعة الأدوية و الأغذية وأضافت أن المؤسسات الاقتصادية صارت اليوم “ممزقة” بين إضرابات عمالها الذين يطالبون بالرفع في الأجور والترسيم واعتصامات العاطلين المتمسكين بانتدابهم في هذه المؤسسات. ودعت بوشماوي المجلس الوطني التأسيسي إلى التعجيل بتشكيل الحكومة وإقرار ميزانية الدولة وقانون المالية لسنة 2012 “لإعادة الثقة إلى الفاعلين الاقتصاديين التونسيين والأجانب وطمأنتهم”. وكان البنك المركزي التونسي حذر من “مخاطر تأزم الوضع الاقتصادي في تونس “نتيجة تواصل الصعوبات الاقتصادية في مختلف القطاعات”. وأكد البنك “أن هامش التحرك على مستوى السياسة النقدية أصبح محدودا جدا” في ظل التأثيرات السلبية لتطورات الوضع الاقتصادي العالمي وخاصة في أهم البلدان الأوروبية الشريكة على نسق الإنتاج والتصدير للقطاعات الأساسية في الاقتصاد الوطني التونسي.
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 4 ديسمبر2011)
<
قال حمادي الجبالي الامين العام لحركة النهضة ومرشحها لرئاسة الحكومة ان الحركة ستدعم قطاع السياحة و طمأن المشاركين في المؤتمر الثاني لمتعهد الرحلات الفرنسي «ا س» الملتئم بالمنستير منذ اول امس بان حركة النهضة سوف تدعم العلاقات مع الاطراف الاوروبية و خاصة الفرنسيين وقال ان تونس بعد الثورة منفتحة و مستعدة اكثر لاستقبال اصدقائها الفرنسيين . وصرح الجبالي في كلمته خلال هذا الملتقى بان حركة النهضة هي حركة مدنية سياسية وليست حركة دينية وبان ما اولته للقطاع في برنامجها يبرز العناية التي توليها الحركة لهذا القطاع واكد ان الهدف الذي سيعمل على تحقيقه هو بلوغ 10 مليون سائح خلال الـ 3 سنوات القادمة ومضاعفة عدد الليالي المقضاة اضافة الى العمل على اعادة هيكلة القطاع. كما اكد الجبالي بان الحركة ستعمل مع المهنيين لكسب الرهان واستقطاب اكبر عدد ممكن من السياح ومضاعفة ميزانية الترويج وتنويع المنتوج السياحي وقال بان النهضة لن تبالي بالادعاءات القائلة بانها ضد القطاع السياحي بل سوف تدعمه بكل الوسائل المادية والترويجية المتاحة. وكان حمادي الجبالي حضر هذا المؤتمر لأحد اهم متعهدي الرحلات الفرنسيين الذي يمر عبر مختلف وكالاته حوالي 100 الف سائح فرنسي يقصدون تونس. وطرح الجانب الفرنسي عدة اسئلة خلال هذا المؤتمر من بينها التخوفات من وصول حركة اسلامية الى الحكم في تونس وكيف ستتعامل هذه الحركة مع قطاع السياحة. وقال احد مسؤولي المتعهد الفرنسي بان وجود اكثر من 650 متعهدا للرحلات بتونس لعقد مؤتمرهم يؤكد على الدعم الذي يولونه لتونس ورغبتهم في مساعدتها والوقوف الى جانبها في هذا التوقيت بالذات . واضاف بان الوجهات الاربعة الاولى التي يحبذها الفرنسيون وهي تونس والمغرب وتركيا ومصر تحكمها الان حركات ذات مرجعية دينية وان السائح لا يهتم في البلد الذي يزوره بحرية التعبير وانما بالامن والرفاهية وهو ما توفره له عادة الانظمة الديكتاتورية ولكن الايمان بالديمقراطية يفترض التعامل مع هذه الحركات وطالب المتحدث هذه الحركات بان تكون معتدلة. ومن جهته قال السيد مهدي حواص وزير السياحة والتجارة ان تونس ستضع كل امكانياتها لتنويع المنتوج السياحي ولخدمة هذا القطاع كي يستعيد نشاطه السابق مهما كان لون الحزب الذي سيحكم تونس مؤكدا ان سنة 2012 ستكون سنة السياحة في تونس بامتياز واشار الى ان مسألة الامن سويت في تونس وان ما يحدث من احتجاجات بين الفينة والاخرى امر طبيعي ويحدث حتى بالبلدان الديمقراطية. ويذكر ان «ا س» يعتبر من اكبر متعهدي الرحلات في فرنسا ويوفر حوالي 8 بالمائة من السياح الفرنسيين القادمين الى تونس و يعتبر حاليا اكبر شبكة لمتعهدي الرحلات بفرنسا اذ يضم اكثر من 1210 وكالة اسفار. انعقدت ندوة صحفية على هامش هذا الملتقى حضرها وزير السياحة و التجارة و مسؤولو المتعهد الفرنسي طرح خلالها خاصة الصحافيون الفرنسيون الموجودون اسئلة تعلقت بكلمة السيد حمادي الجبالي الامين العام لحركة النهضة . و كشفت هذه الاسئلة رغم ما تضمنته كلمة الامين العام للحركة من تطمينات عن مخاوف عديدة و تساءل البعض عن حقيقة الاخبار المتداولة عن منع بيع الخمر بالنزل و عن مدى تاثير وجود حركة اسلامية على راس السلطة على القطاع السياحي. و اوضح السيد مهدي حواص بانه راض عما قاله السيد حمادي الجبالي و ما وعد به بشأن قطاع السياحة معتبرا اياها التزامات من طرف هذه الحركة يجب منحها الوقت للوفاء بها ثم محاسبتها بعد ذلك و قال المهدي حواص بان ما وعدت به الحركة ان لم تكن تعتمد ازدواجية الخطاب سيعود بالفائدة على القطاع السياحي. و وصف وزير السياحة و التجارة الحديث عن منع تقديم المشروبات الكحولية بالنزل بالاشاعات مؤكدا بان ذلك غير ممكن حتى من الناحية الاقتصادية . كما اكد حواص بانه سيغادر وزارة السياحة و بان المهم ليس اسم من سيشرف على تسيير الوزارة في الفترة القادمة و انما قدرته عل استيعاب حساسية المرحلة و متطلبات القطاع . اما الجانب الفرنسي فقد عبر عن رضائه بما قاله السيد حمادي الجبالي واصفا اياه بالمطمئن.
كريمة دغراش (المصدر: جريدة “الصحافة” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 نوفمبر2011)
<
امتدّت حركة المدّ والجزر داخل المجلس التأسيسي بسبب قانون تنظيم السلط العمومية الى أكثر من أسبوع لتستقر في النهاية بعد أن تم يوم أوّل أمس الاعلان عن الوصول الى صيغة أرضت مبدئيا مختلف الأطراف.
فماهي أهمّ الاشكالات التي كانت مطروحة؟ وأين الشق المعارض داخل المجلس من كلّ هذا؟ هذان السؤالان وغيرهما طرحناهما على السيد سمير الطيب عضو المجلس الوطني التأسيسي ممثل عن القطب الديمقراطي الحداثي.
أشكال بين الثالوث بيّن السيد سمير الطيب بأن الاشكال الحاصل كان على مستوى الائتلاف الثلاثي الذي يضم النهضة والمؤتمر والتكتل، أما البقية باعتبارها أقلية فموقفها واضح من مجمل نقاط الخلاف. وقد كان لها دورا أساسيا للتفطن الى هذه النقاط التي أثارت الخلاف باعتبار أنّ هذا الثلاثي وقع على وثيقة أولى تخصّ تنظيم السلط العمومية، لكن خلال النقاشات تفطّنت الأقليات الى مسائل خطيرة مما جعل ممثلو التكتل والمؤتمر يدعمون موقفها ويصوّتون معها ضدّ النهضة التي وجدت نفسها وحدها. وأضاف أنّ المفاوضات التي طالت وتواصلت بين الثلاثي وخاصة بين المؤتمر والنهضة ركّزت على الصلاحيات المفزعة لرئيس الجمهورية والصلاحيات المتوغّلة لرئيس الحكومة ليكون الجدل والنقاش بالاساس حول هذه النقطة. وهاهي لجنة تنظيم السلط العمومية قد أنهت أعمالها، ومن المنتظر أن تلتئم بداية الاسبوع جلسة عامة للمصادقة على مشروع هذه اللجنة ومشروع لجنة النتظيم الداخلي.
من أجل كتلة معارضة أما فيما يخصّ شق المعارضة، فأفاد السيد سمير الطيب أن هذه الاخيرة ورغم اقليتها فهي موحّدة ويوميا هناك اجتماعات بين القطب وآفاق تونس والحزب الديمقراطي التقدمي والمستقلين، والحوارات متواصلة لتشكيل كتلة واحدة رغم امكانية تكوين كتل متعددة. وأكّد على أنّ عمل هذه الكتلة سيكون من اتجاهين مختلفين، فالأول داخل المجلس التأسيسي في اتجاه حزبي المؤتمر والتكتل لكسب موقفهما حتى لا يترك المجال أي طرف ليهمن على بقية الاطراف،أمّا الاتجاه الثاني فسيكون نحو الشعب والمجتمع المدني بصفة أخصّ بدعوته الى اليقظة والمشاركة في النقاشات الدائرة داخل المجلس عن طريق جمعياته ومنتدياته وحضورها أمام المجلس لتحويل البلاد الى حلقة نقاش كبرى لكي يشارك كلّ تونسي في هذه الحوارات التي تهمّ مستقبله وذلك بطبيعة الحال حسب تعبير المتحدث دون حركات استفزازية حتى لا تؤثر من جهة على عمل المجلس وحتى لا تحدث من جهة أخرى شرخا وسط الشعب وتقسّمه. وفيما إذا أثرت الحركات الاحتجاجية والاعتصامات أمام مقر المجلس على موقف النهضة تجاه بقية أطراف الائتلاف، أجاب المتحدث أنّه يبدو أنّ ذلك قد أثر شيئا ما في تعاطي النهضة مع بقية الأطراف ويبدو أنها قدمت شيئا من التنازل لحلفائها حتى لا ينفجر التحالف الثلاثي.
تشبث بالمواقف أما عن علاقة بقية مكونات المجلس الوطني التأسيسي بالنهضة فقد أكّد الطيب على أنها لم تتغيّر وكلّ طرف متشبث بمواقفه، ورغم تبني مشاريع مختلفة فإنّ الحوارات مع هذا الحزب تدور بشكل حضاري. وعن محور الاختلاف في المشاريع أكد السيد سمير الطيب على أنّ المشروع الذي تدافع عنه النهضة مضرّ بالنموذج التونسي أما الكتلة المقابلة فتعتبر أن النموذج التونسي هو نموذج رائد بالنسبة الى المنطقة العربية والافريقية والاسلامية وبالتالي وجب تدعيمه والدفاع عنه. وفي تفاصيل حول مشروع النهضة أكد على أنه مغلّف بمرجعية دينية ويريد العودة بالبلاد الى الوراء وذلك على مستويات عدّة. فمثلا بقطع النظر عن مسألة المساواة بين المرأة والرجل هناك ارتداد عن حداثة المرأة التونسية، ومشروع هذه الحركة الثقافية هو مشروع منغلق ويرفض الانفتاح على الثقافات والحضارات الاخرى وأضاف بأنّه حتى المشروع الاجتماعي للنهضة بالاساس ليبرالي وسيزيد في الفوارق الاجتماعية التي قامت الثورة من أجل التقليص منها .
مسؤولية الأنظمة الاستبدادية وعن رأيه حول الاسباب التي جعلت الحركات الاسلامية تطفو على الساحة السياسية لا في تونس فقط بل في عدد آخر من الدول العربية، اعتبر المتحدث أن الأنظمة الاستبدادية التي كانت قائمة لها مسؤولية كبيرة في هذا التموقع الذي أخذه الاسلاميون في الساحة السياسية العربية لأن المعالجات لم تكن سياسية أو مدنية بل كانت بالأساس معالجة أمنية وقمعية ، جعلت هؤلاء الاسلاميين يمرون بفترات عصيبة من نفي وتعذيب وسجن مما أعطاهم موقع المعارضين لهذه الأنظمة. وأضاف أن هذه المقاربة أضعفت الحركات الديمقراطية المدنية وجعلت المسألة ذات استقطاب ثنائي بين أنظمة استبدادية وحركات اسلامية معارضة،لكنها تحمل فكرا استبداديا بدورها، وأوضح أن لمعالجة هذه الظاهرة يجب أن تكون المعالجة سياسية مدنية وديمقراطية، إذ بالإمكان التقليص من ظاهرة الحركات الاسلامية على مستوى فكري ثقافي حضاري دون اللجوء إلى أساليب القمع التي استعملتها الأنظمة البائدة. وبيّن أن أعضاء المجلس منشغلين أكثر بالسياسي على حساب الاجتماعي والمجتمعي الذي يعتبر أوكد الأولويات معتبرا أنه من الضروري والأوكد اليوم إقامة حوار داخل المجلس وتخصيص جلسة عامة لمسألة البطالة، خاصة الأحداث في الحوض المنجمي والنقاش كذلك حول الحريات الأكاديمية داخل الجامعة التونسية وحماية الجامعيين ومنتجي المعرفة والعلم. وأكد في نفس الإطار على أنه لا يمكن مواصلة الحوار أكثر حول اقتسام المناصب والغنائم على حساب المشاكل الحقيقية للشعب التونسي الذي ينتظر حلولا عاجلة لها، ودعا رئيس المجلس التأسيسي لكي يبادر بالدعوة إلى جلسة عامة تخصص لمعالجة المحاور والمشاكل الاجتماعية التي أثارها.
سناء بن سلامة (المصدر: جريدة “الصحافة” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 نوفمبر2011)
<
رغم أنها لم تتشكل بعد بصورة رسمية، فإن الحكومة المرتقبة، ستتحرك وسط جملة من الألغام، بعضها ناجم عن المرحلة الراهنة وتعقيداتها، والبعض الآخر يجري افتعالها لاعتبارات سياسوية وايديولوجية خارج دائرة الصراع السياسي ومحدداته.. ما من شك في أن التركة ثقيلة، ومجالات الاصلاح متعددة، والمطالب واسعة، وحجم «الخراب» السياسي والاقتصادي والمالي والإداري فوق دائرة المعقول، وقد لا يجود علينا التاريخ بظرفية مماثلة، غير أن ذلك كله، بات من «تحصيل الحاصل»، لأن الأسابيع القليلة الماضية، منذ انتخابات الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي، عرفت «انتاج» ألغام جديدة من شأنها ارباك الوضع الراهن، والحيلولة، ليس دون نجاح الحكومة المرتقبة في الحد الأدنى المؤمل على الأقل، وإنما عدم افساح المجال لها لكي «تتحرك» و«تحاول»، و«تسعى» لتعديل ـ ولا نقول تغيير ـ بعض أدوات الواقع الراهن وملابساته.. استقالة الحكومة.. بداية هذه الألغام، جاءت من رئيس الحكومة الحالي، السيد الباجي قائد السبسي، الذي سارع الى تقديم استقالة حكومته لرئيس الجمهورية، في خطوة وصفت بـ«المتسرعة» و«غير المعقولة» على اعتبار أن الحكومة الجديدة لم تتشكل بعد، ما أعطى الانطباع بوجود حالة من الفراغ السياسي والاداري، وزاد في حجم الضغوط على الفاعلين السياسيين الجدد، وتم تحميلهم في بعض وسائل الاعلام، مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، بل تم اتهامهم بالتحضير للاستبداد وبالتباطؤ في تصريف شأن الدولة، رغم أن المجلس التأسيسي لم يبتّ في مسألة الرئاستين: رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، بل لم ينعقد أصلا منذ الجلسة الافتتاحية (22 نوفمبر)..
لغم البنك المركزي ولم يكد التحالف الثلاثي يهضم «خطوة» استقالة الحكومة، حتى ألقى محافظ البنك المركزي لغما جديدا، عنوانه الوضع الاقتصادي المتدهور جدا، والظرفية المالية الصعبة للاحتياطي التونسي. ورغم ان هذا التقليد معمول به في الدول التي تحترم الرأي العام لديها، الا ان توقيت الاعلان عن ذلك، يطرح العديد من التساؤلات حول الخلفية والمقصد والهدف من وراء ذلك، خصوصا وان التحالف المرشح للحكم يتوفر على الارقام والمعطيات الاحصائية التي تشير الى ذلك.. ولعل اللافت للانتباه حقا، هو صدور بيان البنك المركزي، بالتوازي مع النقاش الذي طرح صلب المجلس التأسيسي وفي الاعلام وفي أوساط المجتمع المدني، حول ضرورة استقلالية محافظ البنك المركزي عن رئاسة الحكومة، وارتباطه برئيس الجمهورية، وهو النقاش الذي كان يصب في موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الوزراء.. ما يعني ان بيان البنك المركزي، لم يكن معزولا البتة عن سياق تحركات بعض الاحزاب وعدد معروف من مكونات المجتمع المدني، التي يتكرر حضورها بذات الوجوه، في تحركات عديدة ومختلفة.. بالاضافة الى ذلك، سجل المراقبون اجتماع ما وصف بـ”المجلس الامني” في القصر الرئاسي قبل يومين، الذي قرر “التنسيق مع الاطراف المعنية، لتأمين عملية تسليم السلطة في أحسن الظروف، وبطريقة حضارية”، وهو ما اعتبر خطوة إضافية، للتخلي عن السلطة، ورسالة إلى الفريق المرشح للحكم بضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة المرتقبة، لكنه صنف في ذات السياق على أنه إجراء في غير توقيته، إذ من شأنه “توسيع دائرة الفراغ” السياسي والأمني في البلاد، رغم أن الإجراء يبدو جزءا من عملية انتقال السلطة للحكم الجديد. وفي كل الأحوال شكلت هذه الألغام الثلاثة، ورقات ضغط، تكمن أهميتها في كونها جاءت من الحكومة التي يفترض أن تبعث برسائل اطمئنان للرأي العام المحلي والدولي، وليس إعطاء الانطباع بأن الدولة التونسية في مرحلة “بين بين”، الأمر الذي أدخل الناس في حيرة وقلق.. “فخـاخ”.. وألغـام.. على أن الحكومة الجديدة المرتقبة، وبصرف النظر عن تشكيلتها، تبدو في الواقع في غنى عن هذه “الخطوات” التي أقدمت عليها حكومة السيد الباجي قائد السبسي، فهي تواجه ـ بطبيعتها ـ جملة من الألغام و”الفخاخ”، حتى قبل أن تبدأ “ماكينتها” في الدوران بشكل رسمي.. ويمكن اختزال هذه “الفخاخ” والألغام في النقاط التالية: ٭ لغم التشكيك في الجدوى من التحالف الثلاثي بين النهضة والمؤتمر والتكتل، ومحاولة الدفع ـ من داخل بعض هذه المكونات ومن خارجها ـ باتجاه فك الارتباط بينها وإفشال أي إمكانية لنجاحها واستمرارها.. ٭ التشجيع على القيام “بعملية جراحية” لملفات الأمن والقضاء والفساد الإداري في المؤسسات العمومية، بحيث يدخل التحالف في مواجهة ليس توقيتها، مع أكثر الأجهزة تعقيدا، والتي تحتاج معالجتها مدة طويلة، علاوة على أن المساس بهذه الملفات في هذا الظرف الدقيق، قد يفجر الوضع السياسي والحكومي والأمني برمته. ٭ الحديث عن ضرورة إحداث تغيير واسع في تركيبة المديرين العامين للمؤسسات العمومية والوزارات، وهو لغم أشد خطورة، لأن الاقتراب من هذا الملف بلا خارطة زمنية، ومن دون أجندا واضحة وبعقل اجتثاثي، من شأنه إرباك الإدارة التونسية، التي أثبتت الثورة ومجرياتها وتطوراتها، أنها الحلقة المهمة في جسم الدولة التونسية، بحيث حافظت على هذا الكيان رغم سقوط النظام، وساهمت في انجاح الثورة.. فهل يقدم التحالف الثلاثي على فقء عينيه بنفسه؟! ٭ “تلغيم” الوضع الاجتماعي، سواء عبر الاحتجاجات هنا وهناك، التي تتخذ لبوس الحرص على ديمقراطية الدولة ووضع خريطة طريق للمجلس التأسيسي، أو من خلال الاضرابات والاعتصامات التي يبدو بعضها مفتعلا بغاية ارباك المشهد الاجتماعي، وهنا لا نقصد الاضرابات المشروعة التي تخضع لأجندة قطاعية نقابية واضحة. ٭ لغم الدفع باتجاه مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي، وهو ما يعني وضع الحكومة المقبلة أمام فوهة تناقضات مع شركاء تونس الاوروبيين، بما يضع نسق المبادلات التجارية وخلق الاستثمار الاجنبي في البلاد، أمرا معطلا خلال المرحلة المقبلة.. قد تكون مراجعة الاتفاقية ضرورة، لكن التوقيت مرة أخرى، ينبغي مراعاته وعدم العجلة في هذا المجال. ٭ لغم الانسياق خلف الاستفزازات وعمليات التجييش التي يمارسها البعض تحت مسمى «الحراك المدني»، أو ضمن سياق «الرأي العام الحذر»، كما يردد البعض، وهي عمليات ضرورية اذا أخذت في اطار الرقابة على الحكومة والمجلس التأسيسي، لكن أسلوبها وسياقها وعناوينها، لا تبدو كذلك.. من الصعب على الحكومة المرتقبة، إن لم يكن مستحيلا أن تغير نظاما كان «أوهن من بيت العنكبوت»، واستبداله بنظام ديمقراطي على طريقة «الفاست فود»، لأن الديمقراطية سيرورة زمنية، وفعل تاريخي، أما من يعتقد عكس ذلك أو خلافه، فهو لا يفعل سوى التعسف على السياسة والتاريخ وعملية التحول في المجتمعات، وتلك مسألة أخرى، نأمل أن لا تنخرط نخبنا فيها.. فالوقت والظرف والاطار والسياق التاريخي، لا تسمح بذلك..
صالح عطية (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 نوفمبر2011)
<
صالح عطية ـ توقع محافظ البنك المركزي، السيد مصطفى كمال النابلي أمس، تسجيل نسبة نمو تساوي صفرا بالمائة مع موفى السنة الجارية.. ويأتي هذا التصريح في أعقاب بيان كان البنك المركزي أصدره قبل يومين، حذر فيه من خطورة الوضع الاقتصادي والمالي، ومن استمرار عملية الركود وضعف الاستثمار الداخلي والخارجي، وانعكاساته على الموازنة التونسية وعلى احتياطي العملة الذي سجل تراجعا غير مسبوق.. صحية الفزع هذه، تبدو في واد غير ذي زرع، ليس لأنها تأتي في وقت تبدو الدولة بلا حكومة بعد استقالة أعضائها، والاكتفاء بفريق لتصريف الأعمال، ما يجعل الدولة بلا شرايينها الطبيعية، ولكن لأن «العملية السياسية» جارية على قدم وساق، والتشكيل الحكومي الجديد لم يتم بعد، وهو وضع يعرفه محافظ البنك المركزي جيدا.. قد يكون السيد مصطفى النابلي، أراد من خلال ذلك اشعال الضوء البرتقالي أمام الفاعلين السياسيين، بحيث يدفعهم نحو تسريع خطوات الاعلان عن الحكومة، لكن الانطباع الحاصل لدى الرأي العام المتابع لتطورات الوضع، أن الدولة باتت تعيش فراغين: الأول سياسي بعد استقالة الحكومة، والثاني اقتصادي ومالي اثر المعطيات التي أفصح عنها البنك المركزي، وفي كلتا الحالتين، لا يبدو مفيدا للتونسيين المحتقنين أصلا، بفعل الأوضاع المعيشية والسياسية المتفاقمة، ايجاد فراغات جديدة من شأنها التشويش على الوضع، وارباك الأذهان.. لا شك أن هذا أمر مطلوب في اطار شفافية الاعلام، والعلاقة المفتوحة بين الساسة والرأي العام في بلادنا، بما يجعل الحكومة كتابا مفتوحا، بعيدا عن تلك السرية التي اكتشفنا لاحقا مع المخلوع، أنها خربت البلاد وأفسدت كل شيء، لكن مصارحة الرأي العام. لها ظروفها و«زمنها» واطارها السياسي.. فنحن نريد مصارحة تتقدم بنا خطوة الى الأمام، وليست من نوع تلك المصارحات التي تحبط المجتمع وتشوش العقول، وتزيد في معدل الانفلات الاجتماعي وتخيف المستثمر الأجنبي قبل ابن البلد..
صالح عطية (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 نوفمبر2011)
<
آمال قرامي المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع إن كان العهر في شرعكم هو هذا …فأنا عاهرة من المُضحكات المُبكيات أنّني كتبت بتاريخ27/11/ 2011 مقالا حول عنف ما بعد الثورة وما كنت أعلم أننّي في اليوم التالي سأعاين صور عنف أخرى :انتهاك حرمة الجامعة: كليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنّوبة . لقد فوجئنا صبيحة يوم الإثنين بغرباء يحتلون مداخل الأقسام ليمنعوا قسما كبيرا من طلبتنا من اجتياز اختباراتهم بالقوّة بعد أن غلّقوا الأبواب. ورويدا رويدا تحوّلت الساحات إلى منابر لتكفير عدد من الأساتذة وللتهجّم على المنهاج الجامعي لأنّه تمثّل ثقافة الاستعمار وانطلقت الحوارات والمشادات الكلامية بين الطلبة المؤيدين والرافضين للاعتصام، وبين الطلبة والأساتذة حول النقاب و المصلّى واختلط الحابل بالنابل واستعصى علينا معرفة هويّة المعتصمين…وكم كنّا نتمنّى أن تكون الجامعة فضاء لإنتاج أفكار جديدة وتصوّرات قد تساهم في فهم قضايا جوهرية تتعلّق بالتهميش والعدالة الاجتماعية والفقر والبطالة والارتقاء ببرامج التعليم في الجامعة حتى يكون حظّ المتخرّجين الجدد من الكليات أحسن ممن سبقهم ولكنّ الحوارات دارت حول مشروع أسلمة المؤسسات التعليمية. وهكذا تحوّلت ساحات الجامعة إلى مجال مفتوح للمتنافسين على الزعامات والمتقمّصين شخصيات الدعاة: رجال في سنّ الاكتهال وشباب بلحى طويلة وأزياء أفغانية يدعّون الدفاع عن الثقافة الوطنية والحال أنّهم يتمشرقون زيّا وخطابا ولغة ، يجترّون نفس أساليب التعبئة الدينية المتداولة على الأنترنت وفي المواقع التكفيرية. لم تكن القضيّة مرتبطة باحتجاج سلميّ فالعنف بدا واضحا منذ اللحظات الأولى التي انتصب فيها هؤلاء للخطابة وحالوا دون أداء الأساتذة مهمّتهم التربوية والتعليمية بل إنّ المسألة مرتبطة بمخطّط مسبق إذ سرعان ما جاءت التعزيزات : رجال ونساء من مختلف الشرائح الاجتماعية والأعمار: أكل وشرب وأغطية وغيرها … وبدا واضحا أنّ الجماعة قرّرت احتلال مقرّ العمادة . لم تكن القضية مرتبطة بحقّ المنقّبات في إجراء الامتحانات فقد حضرت هؤلاء وعددهن لا يتجاوز أربع فتيات، منذ انطلاق السنة الجامعية وقَبلن بضوابط القانون الداخلي الذي سنه المجلس العلمي يوم 2 نوفمبر المنقضي : الجواز لهن بدخول الكلية والساحة والمكتبة بالنقاب دون أن يعترض سبيلهن أحد والالتزام بكشف الوجه عند تلقّي الدروس ضمانا لشروط التواصل البيداغوجي ومساهمة منهن في توفير الأمن داخل الحرم الجامعي في فترة حرجة تمرّ بها البلاد، صار فيها أولياء الطلبة ، وخاصة الطالبات يعيشون حالات قلق على مصير أبنائهم. غير أنّنا فوجئنا بعد ظهور نتائج الانتخابات بتغير الموقف والسلوك إذ اخترقت طالبة منقبة الميثاق الأخلاقي الذي ينظّم علاقة المدرّس/ة والطلبة فإذا بها ترفض كشف وجهها لأنّها في موقف قوّة وستفرض ما تريد ولم تكتف بذلك بل طالبت أساتذتها بالمغادرة إن لم يعجبهم الحال، وشيئا فشيئا بدأ التصعيد الممنهج. والأمر لا يختلف بالنسبة إلى حقّ المصلّى إذ جرت حوارات بين العميد ووفد من الطلبة وأعلمهم أنّ الكليّة تعيش وضعا خاصّا بسبب قلّة توفّر القاعات للتدريس ممّا جعل بعض الأساتذة يدرّسون في أجزاء من المكتبة ولذا اقترح مراسلة سلطة الإشراف حتى تبني جامعا يتردّد عليه الطلبة والأساتذة والموظفون والعملة في المركّب الجامعي بمنوبة . هذه المفاوضات لم تعجب الجماعة فاستنصرت واستقوت بالإخوان والأخوات من خارج المجال الطلابي وانطلق مسلسل العنف اللفظي فالرمزي فالمادي. جحافل من الملتحين والمنقبات يسطون على مقرّ العمادة: الجزء العلوي أمام مكتب العميد مخصّص للفتيات، والجزء السفليّ يحتله الشبان ، يستبيحون لأنفسهم تصوير العميد والأستاذات والاعتداء اللفظي و المادي عليهم. ليس ما حدث بكليّة الآداب بمنوبة معزولا عمّا وقع في كليّة الآداب بسوسة وما حدث في كلية الآداب بالقيروان وببعض معاهد الفنون الجميلة وما حدث ولا يزال يحدث في عدد من المدارس الابتدائية والمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية . ولمن اعتبرها فزّاعة وحادثة معزولة نقول: اسأل الإطار التدريسي والأولياء يأتوك بالخبر اليقين. ولمن وعد أمام الجميع بأنّه سيدين الاعتداء بالعنف على الأساتذة أقول: هذا ما عشته يوم الإثنين 28 نوفمبر إذ كفّرت في ساحة الكلية، وفي يوم الثلاثاء انهالت عليّ وعلى غيري من الأساتذة الذين حاولوا التحاور مع الطلبة الشتائم ثمّ جاء يوم الأربعاء وفيه لاحقتنا بعض الفتيات المحجّبات والمنقبات لتصويرنا وعندما احتججت على هذه الممارسات قوبلت بمزيد من الإصرار على كشف سيئات الأستاذات بحثا عن الثواب وفوجئت وأنا في طريقي إلى المكتب بمجموعة من المنقبّات يهتفن نقابي عفتّي ….وأنت يا عاهرة . وانتهى اليوم بخروجي من الكليّة بهتاف جماعي Dégage » وعلى مقربة من موقف السيارات فوجئت بأحدهم يهدّدني بالاغتصاب. وأتساءل موجّهة حديثي إلى زميلاتي وزملائي في اختصاص القانون كيف أثبت ما حدث والحال أنّ من شتمنني يختفين وراء نقاب؟ وهو سؤال ستطرحه أخريات في الشارع وفي عديد الفضاءات… ما العمل اذن ؟ أنؤسس جمعيّة للدفاع عن غير المنقّبات؟ ما حدث لي ولغيري من الأساتذة ليس هيّنا أو مبالغا فيه بل خطير ولئن تحرّجت بعض وسائل الإعلام فلم تذكر التفاصيل فها إننّي قد قدّمت شهادتي … أنا من الجيل الذي حفظ عن ظهر قلب آداب المتعلّم والمعلّم ومنها من علمّني حرفا صرت له عبدا و قم للمعلّم وفّه التبجيل …كاد المعلّم أن يكون رسولا …. وأنا من الجيل الذي نشأ على تحمّل المسؤولية فلم اختر الاعتكاف ببيتي حفظا لكرامتي ولم أردّد إنّ للكلية وزيرا يحميها . لم الازم برجي العاجي لأشاهد عن بعد وعبر الحاسوب والتلفاز ما يقع في كليّة… كنت فيها طالبة ثمّ انتدبت للتدريس فيها بل آثرت أن أقوم بدوري التربوي فأقنعت طلبتي الذين أبادلهم الحبّ والاحترام بتجنّب الانسياق وراء التعبئة أو اللجوء إلى العنف لمواجهة الموقف . وإن كان الانضمام إلى زملائي وزميلاتي للدفاع عن استقلالية الجامعة وعلوية قرارات الهياكل المنتخبة فيها وتحييدها عن التجاذبات السياسية الدينية …فعلا شائنا في نظر من اعتدوا عليّ …فليكن كذلك وإن كان أدائي لواجبي المهني والتربوي الذي انتدبت من أجله يعدّ “عهرا” في شرعكم فأنا “عاهرة ” .وسيشهد التاريخ أنّ من نساء تونس ورجالهاالذين نالوا الاعتراف و حازوا الأوسمة في المحافل العلمية الوطنية والدولية وأنجزت حولهم الأطاريح قد اهينوا وانتهكت كرامتهم في تونس ما بعد الثورة … ليست القضيّة مرتبطة إذن بنقاب ومصلّى بل هي متصلّة بمشروع مجتمعيّ: فصل بين الجنسين ، وتكليف الأساتذة الرجال بتدريس الذكور فقط والأستاذات بتدريس الإناث كلّ ذلك يفرض بطريقة قسرية تعتمد التكفير والترويع والشتم وتهدّد الحريّات الأكاديمية وأمن المؤسسات الجامعية. وبدل التشكيك في النوايا والتقليل من شأن ما حدث وتأويله تأويلات سياسية تعالوا إلى كلمة سواء : لنعالج ظاهرة التطرّف التي ستنسف مشروع الدولة المدنية كافلة الحقوق وضامنة الحريات ومحدّدة ضوابط المعاملات حتى لا يساء فهم قيم الحريّة والكرامة وغيرها ، لنحاول باعتبارنا أولياء وأساتذة مع ممثّلي المجتمع المدني وصناع الرأي العام والفاعلين السياسيين حماية أبنائنا من آراء دخيلة على مجتمعنا تقوّض السلم الاجتماعي وتشوّه الإسلام وتروّج لثقافة الكره. وليتحمّل كلّ من موقعه مسؤوليته ولنسمّ الأشياء بمسمياتها. فما حدث له صلة وثيقة بالتطرّف فكرا وممارسة ، وهو أمر مفهوم. فهؤلاء ضحايا النظام السابق تربّوا على القهر والذلّ والهوان ولم يجدوا سوى الإبحار في عالم “الجهادية” على اختلاف تلويناتها وإن كنّا نتفهّم ما حدث ولنا ألف قراءة وقراءة تحليلية لخطب القيت على مسمعنا تدعو إلى “الموت في سبيل حماية وجوه نسائنا من الكلاب” فإنّنا نستغرب بنية علائقية قائمة على كره الأساتذة رجالا ونساء والاعتداء عليهم والدعوة إلى طرد عدد منهم وفي المقابل تطلب العودة إلى مقاعد الدراسة والحقّ في نيل المعرفة. ألسنا إزاء تصدّع نمط العلاقات بين الكبير والصغير، الرجل والمرأة، المعلّم والمتعلّم، المتديّن وغير المتديّن……. وفي اعتقادي لا يمكن فصل بناء مسار التحوّل نحو الديمقراطية عن عمل آخر يتمثّل في إعادة النظر في نمط العلاقات التي تربطنا بعضنا ببعض وفي تصوّرنا لمشاريع مجتمعيّة مطروحة اليوم وتتطلّب نقاشا معمّقا ونزيها يتسّم بالجرأة وتحمّل المسؤولية.
<
كريم السليتي غريب أمر “حداثيوا و علمانيوا و الحاديوا” تونس، غريب أمر اعلاميوا تونس و صحافييها، غريب أمر الأحزاب السياسية و بعض المنظمات النقابية و الجمعيات – يطالبون بحرية اللباس، و يقيمون الدنيا و لا يقعدوها عندما تلبس أستاذة جامعية ملابس فاضحة و تتلقى بعض العتاب، في حين يمنعون الطالبة المنقبة من حضور الدرس و اجتياز الامتحان، ألا يعلمون بأن جامعة كامبريدج تسمح للمنقبات بالدراسة وكذلك تفعل جامعة هارفرد و جامعة حيفا و جامعة تل أبيب بإسرائيل. ألم تستنكر منظمة العفو الدولية بشدة منع المنقبات من الدراسة و اجتياز الامتحانات. – ألم يتشدقوا علينا بتمسككم بحقوق المرأة ، أليس التعليم من أبسط حقوقها الطبيعية و الدستورية، أم أنهم لا يريدون للمرأة التونسية المسلمة المتمسكة بدينها أن ترتقي في سلم العلم فتنافسهم في ميادينهم. هل يضيقون عليها في المعاهد و الكليات ليجبروها على الاكتفاء بالتعليم الابتدائي. – ينادون بحرية التظاهرو يستنكرون اعتصام عدد بسيط من الطلبة في كلية الاداب بمنوبة- تونس وهو من أبسط الحريات. بل و يعتبرونه عنفا و يجيشون الاعلام و الرأي العام ضدهم. بل و يقلبون الحقائق فيصبح الحق باطلا و الباطل حقا. أليس من المروءة و الأخلاق التزام الحقيقة. – يطالبون بحرية المعتقد و يصفون الطلبة المسلمين الملتزمين (ببعض السنة النبوية الشريفة كاللحية و الصلاة في وقتها )يصفونهم بأبشع الأوصاف الطائفية، و يكادون ينفون عنهم صفة المواطنة، ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم مُلتحيا و كذلك صحابته، ألم يُذكر في القرآن ب “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا”. أليس من حرية المعتقد احترام معتقدات الغير و الدفاع عنها. – ينادون بحرية التعبير، و لا يسمحون للتونسيين الملتزمين بدينهم وخاصة الشباب منهم، بالادلاء برأيهم في التلفزات و الاذاعات و الجرائد، و ينكرون عليهم مطالب بسيطة و أساسية كالحق في اللباس و الصلاة. – ينادون بالرأي و الرأي الآخر و هم منحازون تماما للمنبتين عن هويتهم و حضارتهم و دينهم. – ينادون بالمساواة التامة وهم يميزون بين الطالبة المتبرجة و الطالبة المنتقبة أو المحجبة، و يقسّمون التونسيين الى طوائف : “حداثيين يساوي مواطنة كاملة، و سلفيين لا يحق لهم التمتع بصفة المواطنة”. – يقولون بأن النقاب دخيل علينا و على مجتمعنا و هل نسوا أن جداتنا ومن قبلهن كن يلبسن “الخامة” و “السفساري” ليغطين به وجوههن، ثم أليس اللباس الفاضح الكاسي العاري دخيلا علينا أيضا. – يقولون ليلا نهارا بأنهم مسلمون و ايمانهم في قلوبهم و لم نراهم ولو لمرة واحدة يدافعون عن أبسط حقوق المسلم في توفير مكان للصلاة في الجامعة أو في العمل، ألا ينظرون الى العالم من حولهم ، فمعظم الجامعات في العالم المنفتح و المتحضر توفر أماكن للصلاة. – يطالبون بالانفتاح، وهم منغلقون على فكر جامد متحجر مأتاه الثورة الفرنسية و أدباؤها في حين أن العالم لا يقتصر على فكر التنوير للفرنسيين بل أشمل و أوسع من ذلك، و تجدهم جاهلين تماما بأبسط أحكام الدين أو تاريخ المسلمين. تراهم يستشهدون بمقولات فولتير و روسو و سارتر و لا يستشهدون أبدا بآية أو حديث أو مقولة من التراث الاسلامي أو عن أعلام الحضارة الاسلامية، بل لا يستشهدون حتى بالمفكرين العالميين، لأنهم ببساطة لا يفقهون سوى بعض الأدبيات الفرنسية. ان الحق يعلو و لا يعلى عليه، و الانحياز من قبل الساسة و الصحافيين و الجمعيات و غيرهم للاساتذة الجامعيين رغم أخطائهم ، لا يبشر بالعدالة و المساواة بين المواطنين. فالاساتذة الجامعيون مثلهم مثل الاعلاميين، أو الحقوقيين أو الفنانين أو النقابيين ليسوا مواطنيين فوق العادة. اذا أخطؤوا يجب أن نصوّبهم و الا تمادوا في الخطأ. و انه من الأخلاق و المروءة الوقوف مع المظلوم و خاصة اذا كان ضعيفا، لا الوقوف مع الظالم و تبرير ظلمه، بل و الاستنكار على المظلوم الضعيف دفاعه الشرعي عن حقه في الدراسة و التعلم. ملاحظة أخيرة هي أن هذه الحوادث لا تحدث الا في الجامعات ذات الاختصاصات الادبية و الحقوقية، لأن بعض الاساتذة الجامعيين في هذه الاختصاصات ليسوا مشغولين بالبحث العلمي كبقية الاختصاصات الأخرى. و الدليل على ذلك هو: أين منشوراتهم العلمية في المجلات المصنفة اذا كانوا فعلا يستحقون صفة “استاذ جامعي”؟ بل ان عددا كبيرا منهم لم يحصل حتى على درجة الدكتوراه. و لذك ننصح أساتذتنا الافاضل أن يتركوا السياسة لأهلها و أن يتفرغوا للبحث العلمي، أو أن يتركوا التعليم العالي و يتفرغوا للسياسة. كما ننصحهم بأن ينفتحوا على محيطهم و مجتمعهم لأننا لسنا في الستينات و السبعينات زمن الايديولجيات اليسارية و اليمينية الجامحة في الخيال، بل نحن في أواخر سنة 2011 زمن مابعد العولمة و ما بعد الحداثة و مابعد الايديولوجيا، انه زمن الاسلام العالمي.
(المصدر: موقع الوسط التونسية الإلكتروني ( ألمانيا ) بتاريخ 4 ديسمبر 2011)
<
نورالدين الغيلوفي كلية الآداب… أيامَ الوجد والوعد… أيام كنا وكان الشباب لنا جناحا… أيّام اجتماع العلم والحِلم والحُلم… قبل هجوم الجراد على الحصاد… كانت قبائل اليسار غيلانا تسرح بمفردها وتصرخ فلا يُسمع غير صوتها والصدى… هناك في الأنحاء… وحده العنف الثوري كان يملك حقّ القول وحقّ الردّ… ولا ردّ ولا رادّ… أيامئذ كان الاتجاه الإسلامي فصيلا مفردا يكافح العدم لينحت اسمه على التربة الخصيبة ويعطف عليه القلوب النجيبة… * * * سنة 1985 كانت السنة الأولى التي يفوز فيها الاتجاه الإسلامي بانتخابات مجلس كلية الآداب العلميّ آنذاك… يومها صلّى الطلبة جماعتهم على العشب فكانت صلاة الشوق والشكر والتوق والانعتاق… تحرّرت العبارة والعبادة من دكتاتورية العنف الثوري وتكلّم ضحايا العنف الرهيب ذات 30مارس من سنة 1982… * * * 1982 سنة المذابح الشهيرة… في مارس مذبحة كلية الآداب… بطولة اليسار الثوريّ كان يستهدف استئصال تيار إسلاميّ وليد من الوجود… اليومَ الثلاثين من الشهر الربيعيّ… تمهيدا لاحتفال الأبطال بكذبة أفريل وكانت تطرق بابهم… وفي سبتمبر من السنة نفسها كانت مذبحة صبرا وشاتيلا بلبنان بطولةَ شارون الصهيونيّ ضدّ اللاّجئين الفلسطينيين… تلك سنة الصوت والصدى… وذاك يسارنا العتيق يلهم شارون أصول الذبح ويعلّمه سبل السلخ… * * * أيام المجزرة المروّعة كنت، بعدُ، على مقاعد الدرس الثانوي بمعهد مدينة الحامّة البطولة والرجولة… بلغَنَا وقتها بطرائق الوصل القديمة أنّ طلبة اليسار دبّروا بليلهم البهيم غدرا… كادوا للطلبة الإسلاميين كيدا وعاثوا في الكلية فسادا بمباركة من أبيهم البيولوجيّ المجاهد الأكبر وقد أخلى لهم الساحة يفعلون ما يؤمرون، وجعل أصابعه في آذانه من صراخ المظلومين المغدورين حذر الفضيحة… لقد كان تدريبا على الجَلْدِ والذبح والسلخ لقوم سيصيرون من أعمدة وزارة الداخلية يوما يستكملون المهمّة… مهمّة الاستئصال المقدّس… قدمت فلولهم المطهّمة إلى كلّية الآداب… قدموا إليها من كلّ حدب ينسلون… يطلبون القضاء المبرم على طائر من غير جنس الغربان المستبدّة… أنجزوا عملهم الرهيب تحت أجنحة الظلام… وقبل أن يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر غادروا الكلية هربا خوفا كما تهرب الخفافيش متى داهم ظلمتَها الضياءُ… * * * وبعد سنتين اثنتين دخلنا كلية الآداب ندرس في أكنافها ونعانق شوقا قديما سكننا إليها ونعاقر عشقا لها قبل الحلول بها قدوما من بلد البعد الجنوبي… خاض الطلبة انتخابات المجالس وقتها وخسرت قبائل المتوحّشين القدامى الجدد… وغادرهم الفوز إلى غير رجعة حتّى قيّضت لهم المهزلة بنَ علي مخلوع شعبنا بعد حين فاتخذهم له أعوانا وأعادهم إلى قديم سطوتهم وقد رضوا بأن يكونوا طوع يديه: جعلهم في يدٍ سياطا تلهب ظهور المعذّبين وفي يدٍ أخرى معاول لتجفيف الينابيع… لقد استعان بهم على إظماء البلاد والعباد…ومَطْرِ المصائب… ناموا بين ذراعي الوحش دهرَه وجُعلت لهم البلاد مرتعا… فمنهم الأمن والخوف… ومنهم الفكر وأدلّته والثقافة وسدنتها ومنهم التربية وينابيع العرفان… صاروا هم البيان والتبيين يكتبون تحت حراسة سيدهم يتيمة الدهر وخريدة العصر… تونس الحداثة والأغنيات… تونس المنجَزات والمعجِزات… وصاروا هم الموصوف والصفة يعبر بهم سيّدُهم عجزه… يقولون ما لا يستطيع ويقبضون من الثمن الفتات راضين مرتضين… ولسان حالهم يقول لعطايا محمودهم ممدوحهم: أمطري حيث شئت فبقاياك من نصيبي ! * * * وتحوّلت كلية الآداب بعد طهورها كهفا لصنع الشهادات المشتهاة… وبعد الأساطين الألى من حصون المعرفة الأصيلة: توفيق بكّار المعجب وعبد القادر المهيري شيخ العبارة ومحمد عبد السلام سيّد الشعر الجاهلي والقادر عليه… بعد عبد المسدي وعلوم اللسان… بعد هؤلاء وأضرابهم يرتقي المنصّة الأشباه والأشباح وتلبس الغيلان أقنعة العارفين وتتصدّى لصناعة المعرفة فنجد من أثرها ما يربك الأمنيات ويردّ البلاد إلى الحسرات… ويلعن الكلّ ما تُخرج الجامعة المانعة… وتفوح روائح العبث المعتّق والعته المنمّق: أستاذ ينجز بقلمه أطروحة طالبة! وثان يصير بما اكتسب رهين المقاولات… وثالث تلبّست به قصيدة عمر بن أبي ربيعة: ليت هندا أنجزتنا ما تعد ! ورابع وخامس… ثمّ ينهمر… * * * اليوم يجعلون الكلية مخبرا لتجريب الانقلاب على الشعب وقد صار عكس ما يشتهون… بعد فقد العاقلة تحركت الانفعالات… لقد صار دعاة التطبيع مع أعداء الأمّة شهودا على علمنا والمعرفة… يطلبون تطبيعا مع العدوّ ولا تتسع صدورهم لفتاة رأت من شأنها ما لم يشتهوا… قمعوها بدعاوى مخجلة… فهل من العلم وسعته أن ينطق رئيس جامعة الشكر القديم هُجْرًا فينعت طلبته بكتل الظلام؟ أليس من العيب أن تضيق صدور المعلّمين فلا تتسع لما ترى من هرطقة المتعلّمين… هبني خالفتك الرأي يا سيد اللسان وسادن البيان وراهب العرفان… أفلا أكون أهلا لحِلمك وجديرا بعطف علمك ورحابة عرفانك؟ هبني أقبلت عليك مريضا مهيضا أفليس من درو الأستاذ مداواة الجراح والتخليّ عن مواقع النواح والنباح؟ في فرنسا لم يصنع الفرنسيس صنيعكم ببناتنا في ديارهم يا دعاة الحداثة والعقل والعفّة الهاربة… أتدري لماذا؟ لأنّ العقل هناك أداء… يعرف الحدود فلا ينطق بغير ما ينفع الناس ويمكث في الأرض… وأمّا هنا… فعقلكم ادّعاء… محض ادّعاء… لذلك من الحَتْمِ أن يذهب جفاء… سلام على العقل حين يغتاله لا بسوه !
نورالدين الغيلوفي
<
لقد دأبت بعض الفئات داخل الأمة و كانت حثيثة العمل- بوسوسة و تحريض خارجيين في الغالب- على إبراز مظاهر المبالغة و التشدد و الرعونة فيما يتصل بهذا اليوم من ممارسات شكلية كاللطم و الندب وصولا إلى الضرب و إراقة الدماء حزنا و كمدا على الحسين عليه السلام و ربطها بالتشيع مع أن في ذلك تحريفا كبيرا لجوهره و جرى تطفيح هذه الأفعال بل و تجريفها على السطح لغم لب المسألة -لاعتبارات سياسية منطوية على أغراض أخرى-و كل ذلك على حساب منظار قيمي عميق لمضمون يكاد يكون انسانيا بل هو كذلك فعلا بشهادة الكثير من فلاسفة و مؤرخي العالم و مناضيله من غير العرب المسلمين ترجمانا لنموذجية الحسين في النضال البشري و الثبات على الحق و رمزية هذه الملحمة في مجابهة الظلم و الباطل..
و مع وجوب استنكار كل الطقوس العنيفة و اللاعقلانية التي قد تصاحب هذه الذكرى الخالدة والتي ليس لها بالدين أي صلة فإنه لا يجب أن نحرم تأملا فكريا ووجدانيا في ما سطره هذا اليوم من ترق انساني فريد بتجرد الذات من استحقاقاتها المادية الدنيوية نحو استحقاقات روحية سامية فكانت حقا رسالية التبليغ لهدف الانسان في الحياة..
إن التناول التاريخي لهذه الواقعة يبدو مطردا و هو من الأكيد ضروري و مجال بحث و تمحيص لمزيد التدقيق الدائم لكل ما أحاط بها من سياقات و حوادث علاوة على الإمعان في درس مسارها اللامنفصل عن كل ذلك طبعا و لكن تبقى استخلاصاتنا لنواتها المشحونة بكل المعاني الألقة والمضطبنة على صميم التمايز الانساني عن سائر المخلوقات أجدى ما يمكن حوزته…
لقد كانت ثورة على الظلم و الاستبداد بكافة أشكاله و ما يخلفه الأخيران من فقر و تجهيل و إذلال جابهت في شجاعة و جأش رغم قلة القائمين بها يقودهم الحسين عليه السلام بطش الطغيان رغم كثرة السالكين له مقدمة بذلك أمثل العبر في التضحية و الإيثار والدفاع عن حقوق المستضعفين و التمسك بالمبادئ الشريفة من خلال قائدها الشهيد الكبير ..
كان بالإمكان توخي طريق آخر ..طريق السكوت و تكفين أصوات المحرومين بل و الاتجار بها و لكن النفس الأبية المهمومة بأوجاع الناس فضلت الموت على الاستسلام ناحتة بذلك سبيلا يكاد يكتمل في الرفعة الانسانية .. إنها النفس المتحررة من أناها من جهة و من رضوخها للظلم من جهة ثانية تعالت عن سفاسف الحياة لتخط في صفحة التاريخ دربا مستقيما فيه كل المشقة و ذلك شأن كل دروب الحق فياله من درس عظيم حقا في إسراء النفس و ليس مجرد صعود متدرج إلى الحرية المكتملة..
كان المبتغى هو الإصلاح..إصلاح أحوال الناس و التوفيق بينهم بالسعي إلى نشر الكرامة و العدالة و محاربة الفساد و الاستئثار بالنفوذ و السلطة تشتري الذمم و تبتاع الضمائر لكن الحسين عليه السلام كان ضمير أمته الحي حينها و كان قبسا من نور لكل من يئس من حلكة الظلم أن تنجلي و لكل من استكان للاظطهاد و الجور..
إنها لأجل كل ذلك ذكرى انسانية عظيمة متبتلة بكل معاني الشرف و الإباء و التحرر أولا من براثن المادية الأنانية فمن ضيق الافق أن نربطها بأي مذهبية تفريقية ..هي دعوة للانسان ان يتأمل و يعاود مراجعة نفسه عساه يستطيع اقتفاء أثرهذا النهج في سعيه إلى الحق و عدم الخنوع للظلم و أن يبتكر له وفق معطيات زمانه و إحداقات عصره أدوات تحفظ له سيره في ذات المسلك و من الأكيد أن التحرك الشعبي اليوم له أن يستلهم من هذه الملحمة الخالدة ما انطوت عليه من تحرر الانسان داخليا لعله يساعدها على التحرر الفعلي ..
يسرى بن ساسي
<
زهير إسماعيل الاستحقاق الانتخابي رهان الحريّة ونشأة المجال السياسيّ الجديد البورقيبيّة ورهان الحريّة مثّل انعقاد المجلس الوطني التأسيسي يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في جلسته الأولى تتويجا لمرحلة مهمّة من مسار الثورة في تونس، وحدّا فاصلا بين عهدين. فمن التأسيسي 1956 إلى التأسيسي 2011 هو عمر البورقيبيّة بصفتها بناء سياسيّا وطريقة في الحكم، رغم اعتقاد كثيرين أنّ البورقيبيّة رؤية للعالم ونموذج مجتمعي باق وإن زالت رافعته السياسيّة. ورغم تباين المواقف من هذه التجربة المثيرة فإنّه لا اختلاف حول تمفصلها مع الثورة. فلئن مثّل المجلس التأسيسي في 1956 خطوة في سبيل بناء دولة الغلبة، فإنّ المجلس التأسيسي في 2011 كان الأساس لدولة التعاقد الجديدة. وقد لا يكون الفارق بيّنا، فالدولة هي الدولة بأجهزتها ومؤسّساتها. غير أنّ فحص البناء السياسي في التجربتين من شأنه أن يجلو الأمر.
الاستحقاق الانتخابي كان الوصول إلى استحقاق يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 الانتخابي عسيرا. وكان للثورة قوّة دفع ذاتي مكّنت من إسقاط حكومتي محمّد الغنّوشي وإفشال 7 نوفمبر ثان، فكانت القصبة 2 نقطة تحوّل مفصليّة في مسيرة الثورة. وكان إعلان مبدأ المجلس التأسيسي تحوّلا جذريّا في مسارها رغم تواصل التجاذب بين الاحتفاظ والتجاوز داخل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، وتلك سمة كلّ وضع انتقالي. خرجت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة من رحم مجلس حماية الثورة، وكانت هيمنة لون أيديولوجي عليها مقدّمة إلى فرض قانون لاقى اعتراضا من أهل الاختصاص قبل أهل السياسة. ولقد اعترف رئيس الهيئة، عشيّة إعلان نتائج الانتخابات، بأنّ القانون كان الأسوأ وأنّ حركة النهضة ظُلمت باعتماده. وكان القانون الانتخابي ونسبة المشاركة الضعيفة المتوقّعة رهانين خسرهما من كان يخشى فوز حركة النهضة وعمل على توقّيه. فقد كانت التوقعات حول النسبة التي ستحصل عليها في حدود العشرين في المائة، غير أنّ المشاركة الشعبيّة الواسعة مكّنتها من تخطّي الأربعين في المائة. ولو كان القانون الانتخابي أعدل قليلا لكان لها الأغلبيّة المطلقة. غلب على تحليل الانتخابات اعتبار التصويت كان على قاعدة الهويّة بمضامينها الدينيّة واللّسانيّة والاجتماعيّة، غير أنّ النتائج لا تُسعف وجهة النّظر هذه، فهي أقرب ما يكون إلى القناعة العاميّة يؤتى بها لتفسير حالات مختلفة وسياقات متباينة. ولقد كانت نتائج حركة الشعب ذات التوجّه القومي النّاصري هزيلة جدّا، ولم يكن حال بعض الأحزاب ذات المرجعيّة الإسلاميّة بأفضل. والأمر نفسه كان مع الأحزاب الماركسيّة الأيديولوجيّة، كما أنّ الاقتراع لم يكن على قاعدة البرامج لتشابهها وكثرة القائمات المترشّحة. وكان معدّلها في الدائرة الواحدة يربو على الستّين. لم يكن إغراق الساحة السياسيّة بالأحزاب -حتّى فاق عددها المائة- بالإجراء الخالي من القصد. وهي كثرة كافية لتفرز الانتخابات مجلسا فسيفسائيّا. ولكن هل يعني هذا أنّ الهويّة والبرامج كانت غائبة؟ أبدًا. ولكنّها لم تكن معطيات مفصولة عن الكلّ السياسي. لقد صوّت الشعب التونسي للمجال السياسيّ الجديد.
رهان الحريّة ونشأة المجال السياسيّ الجديد من المهمّ التذكير بأنّ الثورة كانت امتدادا لحركة 18 أكتوبر التي نعدّها مفتاحا لفهم ما حدث في تونس انطلاقا من 14 يناير/كانون الثاني. ومثّلت هذه الحركة مرحلة نضج في الحركة الديمقراطيّة في تونس، وبداية انتقال مثير في بنيتها من الجماعة الأيديولوجيّة إلى الحزب السياسي. كان انقلاب 7 نوفمبر/تشرين الأول 1987 نتيجة منطقيّة لصدام بين حركة الاتّجاه الإسلامي والبورقيبيّة المأزومة، امتدّ على مدى تسعة أشهر من سنة 1987. وكانت دوائر دوليّة متنفّذة في بلادنا والمنطقة ترقب بتركيز شديد صراع اللّدودَين الدّامي وتستعدّ لقطف ثماره. فكان بن علي وكان تزوير انتخابات 1989 كافيا ليعود الصدام بين الحركة -التي صار اسمها النهضة- ونظام بن علي أشدّ ممّا كان عليه في عهد بورقيبة. فبن علي الذي قاد المواجهة وزيرًا لداخليّة بورقيبة هاهو يقودها رئيسا للنّظام. وكانت أطروحة بن علي الأمنيّة تقوم على استبعاد الإسلاميين بعد أن ظهر ثقل القائمات الانتخابيّة المدعومة منهم في الساحل والعاصمة. ولكنّه أعطى لهذه الأطروحة الأمنيّة وجها سياسيّا فكريّا قوامه أن لا ديمقراطيّة مع الإسلاميين طرفًا في اللعبة السياسيّة. وأنّ استبعادهم مقدّمة لتأسيس بناء ديمقراطيّ سليم. فكانت الاستجابة من النّخبة بما فيها بعض الوجوه القوميّة والإسلاميّة المعروفة، غير أنّ الاستجابة الكبيرة التي ترتقي إلى مرتبة الظاهرة كانت من قبل اليسار الأيديولوجي واليسار الثقافي الفرنكفوني. وكان هذا الحلف غطاء لمحرقة حقيقّة عاشتها البلاد في صمت في التسعينيّات، وزادتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر حجْبا. وصار بن علي نموذجا في محاربة التطرّف والإرهاب. ووجدت فرنسا، داعمة الاستبداد في تونس، الفرصة سانحة لمباركة المحرقة بالإشادة بنظام بن علي، بخطاب اجتماعيّ حيناً يتعمّد المقارنة بين حال المرأة في تونس وفي السعوديّة، النموذج الأوفى لبؤس المرأة باسم الشريعة، وبلغة اقتصاديّة حيناً آخر بالحديث عن معجزة اقتصاديّة موهومة. وجد اليسار بمكوّناته المختلفة فرصته مع بن علي لتصفية ثأر قديم مع التيّار الإسلامي. وقد كان بين الاتّجاهين صراع قويّ في الثمانينيّات على قيادة الحركة الطلابيّة. وكان اليسار يجد صعوبة في تفسير ظاهرة الإسلام السياسي. فكيف السبيل إلى التعامل مع تيّار هو في التصنيف المرجعي يمينيّ ولكنّه في الفعل السياسي ومواجهة استبداد النّظام يقف على اليسار؟ كان هذا المعنى يخامر التيّار الإسلامي نفسه، فكان لا يسلّم لليسار بصفة يساري. وكان بعض من وجوهه في الحركة الطلابيّة يلحّون على أنّه إذا كان لا مناص من التسليم الإيجابي لعبارة يسار، فإنّ اليسار التقليدي ليس يسارا بقدر ما هو يسار للسلطة. وأمّا اليسار الحقيقي -يسارُ التاريخ- فهو مسار التوحيد، سلكه الأنبياء ومن ورثهم من العلماء والمناضلين من أجل الحق والحريّة. فسَرَت عبارةُ يسار السلطة في الحركة الطلابيّة ووَجَدتْ مصداقيّتها في مرحلة بن عليّ. لم يكن كلّ اليسار مع بن علي ولا كان كلّ الإسلاميين خصومَه. وكانت حركة 18 أكتوبر عنوان فرز جديد أساسه الموقف من الاستبداد. وضمّت هذه الحركة النوعيّة الحزب الديمقراطي التقدّمي والنهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة وحزب العمّال الشيوعي والتيّار القومي وبعض الشخصيّات الحقوقيّة. وكان من معالم هذه الفترة إضراب الجوع الشهير بمكتب المحامي اليساري العيّاشي الهمّامي أثناء قمّة المعلومات في نوفمبر/تشرين الثاني 2005. ووُفقت الحركة الجديدة في بلورة نصوص حول الدولة المدنيّة والتداول السلمي على الحكم والمرأة والعفو التشريعي ما تزال إلى اليوم نصوصا مرجعيّة. وكان لهذا الفرز صوره في المجال العربي، مثل كفاية في مصر وربيع دمشق في سوريّة والحراك الجنوبي في اليمن، ومن شأنه أن يساعد على فهم جغرافيا الثورة العربيّة وسرعة انتشار النموذج التونسي في الانتصار على الخوف. كانت الثورة في تونس فتحا لمجال سياسيّ استعصى فتحه، ممّا يعني أنّ الشعب صوّت لهذا المجال السياسي ولحركة 18 أكتوبر. غير أنّه عاقب طرفيها: يسارَها الباقي على رسوم الأيديولوجيا وكثافتها المانعة من تبيّن التغيّرات الحاصل، ويمينَها وقد احتلّ الحزب الديمقراطي التقدّمي وسطه بانحيازه إلى القوى السياسيّة والاجتماعيّة العاملة على إعادة إنتاج النّظام. فكانت نتائج المجاميع الأيديولوجيّة التي علا ضجيجها قبل الانتخابات كارثيّة. وكانت هزيمة الديمقراطي التقدّمي مدويّة وهو من قدّم نفسه خصمَ النهضة الرّئيسي. كان التوجّه السياسي العام في تونس ذا ملمحين، تمثّل الأول في ظاهرة التحوّل من الأيديولوجي إلى السياسي. وتبدو أسماء الأحزاب علامة دالّةً، فالحزب الديمقراطي التقدّمي كان اسمه التجمّع الاشتراكي التقدّمي، وبقيت صفة التقدّمي شاهدة على رواسب أيديولوجيا سياسيّة فيه. وتسمّت النهضة عند نشأتها بالجماعة الإسلاميّة ثمّ صارت الاتّجاه الإسلامي واستقرّت عند النهضة، حتّى أنّ المؤرّخ هشام جعيّط ناقش قادتها حين تسمّوا بالنهضة، لمّا طُلِب منهم، في نهاية الثمانينيّات، أن يغيّروا اسمهم باسم يخلو من كلّ معنى دينيّ، ونبّههم على أنّهم جانبوا الصواب لأنّ عبارة النهضة ليست من معجمهم السياسي وإنّما هي من معجم الإصلاحَيْن الديني والفلسفي في أوروبا. كما صار الحزب الشيوعي حزب التجديد. ولم يكن في أسماء الأحزاب الناشئة بعد الثورة ما يشير إلى علامات أيديولوجية. وأمّا الملمح الثاني فكان انسدادَ الأفق عند استحالة النّضال المدني السلمي لغياب الحد الأدنى من حريّة العمل السياسي. ولا يخفى أنّ الحدّ الأدنى المذكور لا يكون إلاّ بالنّضال المدني السلمي العلني، فصار الأمر إلى ما يشبه النقيضة السياسيّة، فكانت الثورة تجاوزا لهذه النقيضة وفتحا لمجال سياسيّ طال غلقه.
البورقيبيّة ورهان الحريّة إنّ ما حصل يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 لم يكن انتخابات عاديّة إنما كان تفويضا من قبل ثورة تعمّ المجال العربي، وتدقّ بثقة أبواب الحداثة المسيحيّة في عُدْوَةِ المتوسّط الشماليّة ويصل صداها إلى وول ستريت. ولا يمكن لهذا الاختيار التاريخي إلا أن يكون مقابلا للبورقيبيّة ونموذجها السياسي. وهي رغم نجاحها في تعميق رؤية غربيّة للعالم وإعداد نخبة كانت أداتها في الحكم على مدى عقود، فقد أخفقت في رهان الحريّة وبناء حياة سياسيّة مرجعها القانون يتداول فيها الفاعلون الحقيقيّون سلميّا على الحكم. استهلكت البورقيبيّة شرعيّة التحرير والبناء. ولم تنجح في تحدّي الحريّة لخلل هيكلي في بنائها السياسي. ولقد استقرّ في الأدب الاجتماعي الحديث انبناء السياسة على معادلة طرفاها الدولة والمجتمع، وقاعدتها ميزان القوة بينهما. كان بورقيبة يدرك هذا -وهو المتحصّل على الإجازة في الحقوق من الجامعة الفرنسيّة في نهاية العشرينيّات من القرن الماضي- ولكنّه جعل البناء ثلاثيّا متأثّرا بالتراث البونابرتي، فإلى جانب الدولة والمجتمع كان بورقيبة الخارج منهما العائد إليهما بسلطة زعيم فوق القانون، فتمّ توظيف الدولة والمجتمع في خدمة المجاهد الأكبر وإرضاء كبريائه وصورته المتوهّمة عن نفسه. ولذلك امتنع قيامُ حياة سياسيّة، وصارت السلطة مدخلا إلى الجاه والارتقاء الاجتماعي السريع بغير وجه حق. ولم يمنع عفاف بورقيبة عن المغنم من أن يكون المغنم من معاني البورقيبيّة الحافّة. وبدأت تتشكّل حول الزّعيم تدريجيّا الشروط الموضوعيّة لأخلاق الفساد، وكان الصراع على خلافته كفيلا بتحويل نصيب القوّة الاجتماعيّة التي أقام عليها حكمه إلى مافيا. فصارت العصبيّة، مع بن علي، عصابة. وفي هذا إساءة بالغة إلى جهة كان لها عطاؤها في التحرير والبناء. لقد كان بن علي بورقيبيّة منحطّة. لقد تجنّبنا الانطلاق من تعريف البورقيبيّة وآثرنا اكتشاف صورتها من سياقات التحليل. ولنا أن نقول إنّ البورقيبيّة، منظورا إليها من جهة البناء السياسي، صارت من الماضي، وهي أوّل نظام عربيّ يتمّ إسقاطه في المرحلة المسمّاة في الثورة العربيّة مرحلة إسقاط النّظام. نجحت الثورة في فتح مجال سياسي ظلّ موصدا من 1956، وأقامت حياة سياسيّة حقيقيّة وصارت السلطة ثنائيّة البناء محكومة بميزان القوة بين الدولة والمجتمع. وهذا ما تجسّد يوم افتتاح المجلس التأسيسي. وتأكّدت أهميّة السياسي في بناء الديمقراطيّة ممّا يحفّز على إعادة النّظر في الصلة بين العلمانيّة والديمقراطيّة، فبورقيبة العلماني لم يكن ديمقراطيّا. ويتكثف المشهد السياسي الحاضر، في مكانين صارا أقرب إلى الأيقونتين، إنهما القبّة والقصبة حيث تجمع الأولى القوى الليبراليّة والعلمانيّة والفرنكفونيّة وأفقها دَمَقْرَطة البورقيبيّة وتمثّل نواة اليمين الجديد، وتجمع الثانية النهضة ومحيطها وجانبا من الفعاليّات الديمقراطيّة والعروبية والليبراليّة وأفقها دمقرطة الإسلام وتمثّل نواة اليسار الجديد. لقد أتيحت فرصة تأسيس الحريّة، في تونس منذ 1956، لعديدين، كان آخرهم اليسار الثقافي مع بن علي. فهل يعود الإخفاق إلى بنية الفكر أم إلى بنية السياسة؟ وهل كان بإمكان الإسلاميين أن يؤسّسوا الديمقراطيّة لو كانوا حلفاء بن علي أوّل عهده بالحكم؟ لقد كان البناء السياسي بمرجعيّته الفكريّة -وقد وقفنا عند عناصره في التجربة البورقيبيّة- مانعا من تأسيس حياة ديمقراطيّة. غير أنّ ما نراه من رفض لنتائج الانتخابات مُتوتّرٍ بين النعومة والعنف، من قبل قوى تُحسب على الحداثة، يُربك وجهة نظرنا ويقلّل من تفاؤلنا. وتُتيح الثورة اليوم أمام حركة النهضة وحلفائها فرصة نادرة، من داخل دولة بورقيبة، لتأسيس الحريّة وبناء العدالة وتحقيق التنمية. لقد كانت ديمقراطيّة أثينا مشروطة بالعبوديّة وكانت ديمقراطيّة الغرب مشروطة بالاستعمار، فهل بإمكاننا تأسيس ديمقراطيّة مشروطة بالحريّة نسمّيها بلغتنا السياسيّة الشورى؟ تلك هي رسالة الثورة.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 4 ديسمبر 2011)
<
القاهرة: خالد محمود
اندلعت أمس خلافات حادة بين رئيس وأعضاء المجلس الوطني الانتقالي الليبي على خلفية الكشف للمرة الأولى عن أسماء المتهمين في قضية اغتيال اللواء الراحل عبد الفتاح يونس الرئيس السابق لهيئة أركان الجيش الوطني الموالى للثوار ورفيقين له، على أيدي مسلحين في شهر يوليو ( تموز) الماضي. وبعد أشهر من القضية التي مثلت تحديا خطيرا للثورة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافى، وشكلت أزمة حقيقية للمجلس الانتقالي الذي تعرض لضغوط من عائلة يونس وقبيلة العبيدات التي ينتمي إليها، أعلن المجلس مساء أول من أمس في مؤتمر صحافي عقده بمقره السابق في مدينة بنغازي أسماء المتهمين في القضية. وفي ما يعتبر بمثابة رد اعتبار رسمي للواء يونس، أعلن المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي تبرئة يونس من تهمة خيانة الثوار والتجسس لصالح القذافي. وقال عبد الجليل خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس برفقة المدعي العام العسكري الليبي يوسف الأصيفر ونائبه أحمد الفاخري، إن مواقف يونس المناصرة للثورة أكدتها مصادر مقربة من القذافي كانت قد وقعت في قبضة الثوار في شهر أكتوبر ( تشرين الأول) الماضي، مشيرا إلى أن كل المحاولات التي جرت لتشويه سمعة يونس لم تنجح لأنه لم يتخل عن تأييده لثورة السابع عشر من فبراير ( شباط) الماضي. ووصف عبد الجليل مصرع يونس على أيدي مسلحين كانوا ينتمون إلى الثوار بأنه عمل طائش وغير مبرر لمن قاموا به. وكان اللواء يونس نفسه قد نفى لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا قبل مصرعه بساعات معدودة أن يكون قد أجرى أي اتصالات مع مبعوثين للقذافي، وهى التهمة التي أخذها البعض عليه وجرى على أساسها استدعاؤه من جبهة القتال المشتعلة آنذاك للمثول أمام تحقيق مثير للجدل من قبل أعضاء في المجلس الانتقالي. وكشفت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن يونس اغتيل على خلفية مستندات مزورة تزعم قيامه بإجراء اتصالات مع نظام القذافى عبر مسؤولين عسكريين، كما اتهمه بعض الثوار بتعمد عدم التنسيق معهم وعدم توفيره العتاد العسكري المطلوب لمواجهة قوات القذافى سابقا. وكشف المدعي العام العسكري الليبي ونائبه عن أسماء ستة مواطنين ليبيين هم يحيى عبد السلام الزوي، ومحمد بن عيسى، وأحمد علي منصور الجهانى، وسالم محمد علي العبيدي، وعلي عبد القادر زوبي، بالإضافة إلى شخص يدعى إبراهيم لم يتوافر اسمه بالكامل، قال إنهم جميعا متهمون بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. لكن المفاجأة كانت في الإعلان أن الدكتور علي العيساوي نائب رئيس المكتب التنفيذي بالمجلس الانتقالي ومسؤول الشؤون الخارجية سابقا والمستشار جمعة حسن الجازوي العبيدي رئيس اللجنة المكلفة بالتحقيق مع يونس والقادة الميدانيين أحمد سالم بوختالة، وفرج ميلاد، وحسن البكوش، ومحمد فرج بن حميد، هم أيضا مشتركون في القضية نفسها وبالاتهامات نفسها. وقال الأصيفر إن علي العيساوي مشتبه به رئيسي في القتل، لكن العيساوي استغرب هذه الاتهامات، وقال إنه سيلجأ للقانون لتبرئة سمعته، نافيا في مكالمة هاتفية مع محطة تلفزيونية ليبية محلية أي دور له في مقتل اللواء يونس وقال إنه لم يوقع أبدا أي قرار يتعلق بيونس. وقال العيساوي إنه كان من أوائل المطالبين بالكشف عن المتورطين في هذه القضية، مشيرا إلى أنه التقى عدة مرات مع رئيس المجلس الانتقالي لكشف كل الحقائق أمام الرأي العام الليبي، وأضاف: «أدعو كل الليبيين إلى إنصافي وإلى إنصاف كل متهم بريء في هذه القضية، لم أكن على علم بقرار المجلس وأنا مندهش مما يحدث». وكان العيساوي قد سرب مذكرة قدمها قبل عدة أسابيع إلى أعضاء المجلس الانتقالي يلمح فيها إلى مسؤولية مصطفى عبد الجليل عن اغتيال يونس، مشيرا إلى أن عبد الجليل وقع على مذكرة لجلب يونس للتحقيق وأمر باعتقاله. وبدا أن الكشف عن القضية التي تمت إحالتها إلى المحكمة العسكرية العليا في ليبيا محاولة أخيرة من المجلس الانتقالي ورئيسه لاحتواء غضب وتذمر عائلة يونس وقبيلته العبيدات. وتحدث عبد الجليل عما وصفه بحكمة هذه القبيلة في التعامل مع ملف اغتيال يونس حفاظا على استمرار الثورة ضد نظام القذافى ولتفادي حدوث أي انتكاسة لها. لكن عبد الجليل سعى أيضا لاستباق أي عمليات انتقام محتملة ضد المتهمين في القضية، حيث دعا الشعب الليبي إلى التسامح والعفو وإلى التحلي بالصبر وضبط النفس والركون إلى القانون وتقديم المتهمين للمحاكمة العادلة. ومثلت القضية جدلا إعلاميا وسياسيا في الشارع الليبي وسط اتهامات متبادلة بين أعضاء المجلس الانتقالي حول المسؤولية الحقيقية عن مصرع يونس. وفاجأ المستشار عبد الجليل الليبيين بنزعه الشرعية عن قناة «ليبيا الأحرار» الفضائية التي تبث من العاصمة القطرية الدوحة ويشرف عليها الإعلامي الليبي البارز محمود شمام. وقال عبد الجليل في مداخلة مع قناة محلية أخرى عبر الهاتف إن هذه القناة التي كان يعتقد أنها الناطق الرسمي باسم المجلس الانتقالي تعمل ضد المجلس وضد مصالح الشعب الليبي، متهما القناة نفسها بتعمد إغفال بقية أسماء المتهمين في قضية يونس حتى يشار بأصابع الاتهام إلى العيساوي فقط. وفور انتهاء المؤتمر الصحافي للمجلس الانتقالي، أطلق أنصار يونس وأفراد من عائلته وقبليته النار في الهواء ببنغازي أمام فندق «تيبستي»، تعبيرا عن سعادتهم بقرار المجلس، علما بأن قبيلة العبيدات اعترضت في السابق على ما وصفته بتباطؤ المجلس الانتقالي في إنهاء القضية، ودخل أفرادها في اعتصام مفتوح اعتبارا من يوم الجمعة الماضي للمطالبة بإعلان أسماء الجناة ومحاكمتهم. وقالت القبيلة في بيان لها إنها امتنعت عن الخوض في تفاصيل القضية حتى لا تؤثر بالسلب على الثورة ضد القذافى، معتبرة أن المجلس الانتقالي قد تراخى في التحقيق، ولفتت إلى أن بعض أعضاء المكتب التنفيذي المدانين في الشق الإداري يمارسون أعمالهم، ويثيرون استفزازا، ومشاعر الشعب وعائلة يونس. كما هددت القبيلة باستخدام القوة والسلاح، وملاحقة الجناة بالإضافة إلى إحالة ملف القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية بدعم دول أوروبية وأميركا. وأعلن فوزي بوكتف رئيس تجمع سرايا الثوار التابع لوزارة الدفاع الليبية في تصريحات له أمس أنه سيقدم دعوى قضائية ضد كل من يتهمه بقتل يونس.
(المصدر: صحيفة “الشرق الأوسط” (يومية – لندن) الصادرة يوم 4 ديسمبر 2011)
<
القاهرة (رويترز) – دفع الناخبون المصريون الاسلاميين الى فوز كاسح يهمش الليبراليين وينذر بصراع مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر حاليا والحريص على الاحتفاظ بصلاحياته على الرغم من سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. ولن تسير الامور على هوى الاسلاميين الذين ينقسمون الى فصيلين رئيسيين. واذا ضغطوا بقوة لتنفيذ أجندة دينية فانهم يجازفون بتنفير الكثير من الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد والذين قرروا أن يعطوهم فرصة. كما أن رجال الجيش الذين حكموا مصر لستة عقود لن يتنازلوا عن سيطرتهم بسهولة. ربما لا تكون نتيجة الانتخابات محل ترحيب من الغرب او من الكثير من المحتجين الشبان الذين أطاحوا بمبارك الذي حكم مصر 30 عاما لكنها تؤكد اتجاها حدده فوز الاسلاميين بالانتخابات في تونس والمغرب في الشهرين الاخيرين. وقال شادي حامد مدير قسم الابحاث بمركز بروكنجز الدوحة “هذا له تأثيراته على المصالح الامريكية والغربية في المنطقة. لن تسير الامور بطريقة طبيعية. “لكن القضية ليست قضية الاسلاميين تحديدا. العرب لا تعجبهم سياسة الولايات المتحدة وبالتالي فان الحكومات التي ينتخبونها لن تعجبها السياسة الامريكية. انه مجرد واقع جديد في المنطقة.” واكتسبت جماعة الاخوان المسلمين والسلفيين شرعية شعبية من خلال اكثر الانتخابات حرية التي تشهدها مصر منذ أطاح الجيش بالملك فاروق عام 1952 ويبدو أنهما في طريقهما للهيمنة على البرلمان متى تنتهي مراحل الانتخابات الثلاث في يناير كانون الثاني. وقال عادل سليمان مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية ان الناخبين المصريين كانت امامهم ثلاثة اختيارات اما فلول نظام مبارك او التيار الاسلامي الذي كان أقوى معارض له او الاحزاب الجديدة التي تأسست بعد الثورة. وأضاف أن المصريين رفضوا الاختيار الاول وأن الاحزاب الجديدة لم تتبلور بعد وبالتالي أصبح الاسلاميون خيارهم الوحيد. وقالت جماعة الاخوان التي باتت اقرب الى النفوذ السياسي من اي وقت مضى منذ تأسيسها عام 1928 لكل من يلزمون انفسهم بالديمقراطية ان عليهم احترام ارادة الشعب. لكن من غير المرجح أن تسارع حركة اكتسبت حنكة من جراء عقود من العمل الدؤوب بين صفوف القاعدة العريضة من الناس الى فرض قيود على الحياة الاجتماعية او تلغي معاهدة السلام بين مصر واسرائيل او تواجه واشنطن التي مازالت تقدم لها مساعدات عسكرية قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا. وقال حامد “نحن نتحدث عن ساسة براجماتيين. لا يريدون فجوة في العلاقات مع الولايات المتحدة او اوروبا. ولا يريدون عاصفة دبلوماسية” مشيرا الى اتصالات غير رسمية بين جماعة الاخوان ومسؤولين أمريكيين في الاشهر القليلة الماضية. لكن الانتخابات التي جرت في 28 و29 نوفمبر تشرين الثاني والاحتجاجات العنيفة ضد الحكم العسكري التي سبقتها هزت ما يصفه المحلل العسكري المصري صفوت الزيات بأنه اتفاق مستتر بين جماعة الاخوان والمجلس العسكري الذي يتصور نقل السلطة لمدنيين ربما في عام 2013 بمباركة أمريكية. وقال الزيات ان احتجاجات ميدان التحرير لعبت دورا محوريا في اجبار المجلس عن التراجع وتحديد موعد لنقل السلطة في أوائل يوليو تموز في اشارة الى مظاهرات بميدان التحرير بوسط القاهرة واماكن أخرى قتل خلالها 42 شخصا وأصيب الفان. وأضاف الزيات أن الجيش استعاد قدرا من رصيده لادارته انتخابات حرة لكن الانتخابات في حد ذاتها أضعفت فرصه للتدخل بوصفه صاحب القول الفصل في اي قضية. وقال الزيات ان السلطة العسكرية لن تستطيع تجاوز دورها الحالي او تكريس دورها في الدستور. وأضاف أن جماعة الاخوان اصبحت الان أقوى من قبل لان لديها قوة التصويت والجيش لا يستطيع تحييدها الان لان لديها شرعية بالبرلمان والعلاقة تغيرت. وتظهر نتائج المرحلة الاولى من الانتخابات حصول حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان على نحو 40 في المئة من الاصوات وكانت المفاجأة حصول حزب النور السلفي على 20 بالمئة وحصلت الكتلة المصرية الليبرالية على 20 في المئة. وأشار حزب الحرية والعدالة الى أنه لن يتحالف مع السلفيين مفضلا شركاء ليبراليين في التحالف ليشاركوه مهمة التعامل مع الازمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر ولطمأنة المصريين وغيرهم من القلقين من نوايا الاسلاميين. وقال سليمان ان حزب الحرية والعدالة ربما يضطر الى تبني اتجاه اكثر اعتدالا ويوسع من نطاق خطابه ولو من أجل المراحل المتبقية من الانتخابات. وأضاف أن حزب الحرية والعدالة سيضطر لتقديم نفسه كقوة مدنية تركز على الديمقراطية والحريات لان من صوتوا لهم ليسوا من أتباع تيارهم وقد يتراجعون عن قرارهم. وفي الوقت الحالي لايزال المجلس العسكري هو المسؤول عن ادارة البلاد فيما يشكل رئيس الوزراء المكلف كمال الجنزوري الحكومة الجديدة. لكن البرلمان الجديد سيريد دورا كبيرا في وضع الدستور الجديد الذي يفترض أن توضع مسودته ويطرح للاستفتاء قبل الموعد المقرر لانتخابات الرئاسة في يونيو حزيران. وكانت الحكومة التي عينها الجيش قد اقترحت وثيقة للمباديء فوق الدستورية قبل الانتخابات وكانت ستعزل الجيش عن سيطرة الحكومة المدنية وتعطيه دورا قويا في صياغة الدستور. ونتيجة لهذا نظم الاسلاميون احتجاجات ضد الحكم العسكري أشعلت بدورها المواجهات التي شهدتها الشوارع المحيطة بميدان التحرير الشهر الماضي. وقال حامد “سيكون هذا برلمانا قويا وحازما يتحدى سيطرة الجيش على السياسة” مضيفا أن إحدى النقاط المحتمل أن تثير خلافات ستكون رغبة الاخوان في تحويل نظام الحكم في مصر الى النظام البرلماني بدلا من النظام الرئاسي الذي يفضله الجيش وبعض الليبراليين. وأضاف “أحد المخاوف هي أن ينجذب الليبراليون للجيش بسبب الخوف المشترك من الاسلاميين. لن يكون هذا في مصلحة الديمقراطية في مصر وسيقوض المسوغات الديمقراطية لليبراليين في مصر.” وقال حامد ان على الليبراليين أن يمنحوا الاسلاميين فرصة ليحكموا خاصة وأنهم يعلمون أن المستقبل الاقتصادي السيء يعني أنهم “سيفشلون في تحقيق آمال الناس لا محالة.” وقد تضع الازمة الاقتصادية الجيش تحت مزيد من الضغط ليفتح ميزانيته ومشاريعه التجارية للتدقيق العلني وهو ما سيرفضه القادة العسكريون بشدة. وربما تريد جماعة الاخوان البراجماتية أن تسمح للمجلس العسكري بلعب دور مهم من وراء الكواليس. وقال حامد “ستصل جماعة الاخوان الى تفاهم مع الجيش اذا كان هذا في مصلحتها. هل سيكون هذا كافيا بالنسبة للجيش ام انه سيطلب المزيد؟”
من اليستير ليون (المصدر: موقع “سويس إنفو”(سويسرا) بتاريخ 4 ديسمبر 2011) وصلة هذا المقال
http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=31694042
<
د. محمد مورو لا أدري لماذا لا يتعامل المحللون مع البديهيات، ويبحثون عن تبرير أو تحليل ظاهرةٍ ما، مع أن الظاهرة طبيعية وبديهية، لا أكثر ولا أقل!. ترى البعض مثلًا يسأل عن هُوية مصر، وكأن مصر دولة غير معروفة، وشعب ظهر فجأة. إنه سؤال مراوغ، فمصر إسلامية، وهذا أمر واضح للعيان. أو يتحدث البعض عن أسباب فوز الإسلاميين في الانتخابات، مع أن هذا لا يحتاج إلى تفسير، فإذا كنت أمام شعب مسلم، دينه إسلامي الحضارة والثقافة، فإن أي انتخابات حرة سوف تأتي بالإسلاميين، أما القياس على أوضاع معينة ظهرت فيها أحزاب في الثلث الأول من القرن الماضي، فهذا كان عقب سقوط الخلافة، وخروج الأمة مذهولة من هذا الحدث الجلل والخطير، وما أن تستعيد – وقد استعادت – الأمة توازنها حتى يعود الأمر إلى سابقةِ أوَاصِلِه، فكانت الأحزاب الإسلامية هي التعبير الطبيعي والحقيقي عن وجدان الأمة. نحن هنا لا نقول إن الأحزاب الإسلامية تقية وطاهرة ومعصومة؛ بل يمكن لمن شاء أن ينتقدها، فهم بشر يخطئون ويصيبون، ومنهم المثالي والانتهازي والنفعي والمبدئي. ولكن في النهاية فإن الشعب سيختار من هو متاح أمامه من الأحزاب الإسلامية، أيًا كانت، ولن يختار أحزابًا علمانية، أيًا كانت أيضًا، لأن هذا ضد ثقافة الشعب وحضارته ووجدانه وتراثه. كنت أقول دائمًا للعلمانيين في الندوات: إنه بصرف النظر عن الرأي في المشروع الإسلامي، وحتى أيًا كان الرأي في الأحزاب الإسلامية، فإن الشعب وجدانه إسلامي، ومن شاء أن يحظى بثقة الشعب فعليه بالخطاب الإسلامي، وإلا فالبديل أن يتم غسل أدمغة الشعب وتغيير وجدانه وثقافته، وهذا يحتاج على الأقل لأكثر من ألف عام، وربما لن ينجح أيضًا، وأن أي مشروع للنهضة سيفشل تمامًا إذا لم يستند إلى الوجدان الإسلامي، ولاستكمال المنطق، فإن من يحقق مشروع النهضة هو الإنسان، وهذا الإنسان ليس مصمتًا، بل هو عميق الثقافة والحضارة، وإذا تجاهلت هذا كان الفشل والتراجع هو المصير. وفي المقابل، فإن المشروع الإسلامي لن ينجح لمجرد أن الشعب إسلامي، بل يحتاج إلى جهد وعرق وتفكير ورجال صادقين يحملونه، أي أن البداية الصحيحة هي الاستناد إلى وجدان الناس والعمل بجدية أيضًا، ولا يصلح جزء من هذا الأمر دون الجزء الآخر. نأتي إلى الانتخابات المصرية فنقول.. الواضح أن التيار الإسلامي (الإخواني والسلفي) قد حقق نتائج حاسمة. ومعه الكتلة المصرية، التي حصلت على أصوات المسيحيين بتوصيات من الكنيسة. وحتى لو كان ذلك لا يروق للبعض، أو من المفروض ألا ينقسم الناس على قاعدة مسلم ومسيحي، فالواقع أن هذا ما يحدث عادة، وعلينا عدم تجاهله. الطبيعي أن يفوز الإخوان والسلفيون، ولو كان الإخوان أو السلفيون محملين بالأخطاء والخطايا فإن الشعب سيختارهم، حتى تظهر اتجاهات وأحزاب إسلامية أخرى، ولن يختار الشعب العلمانيين مهما كانوا. الأمر لا يحتاج إلى جهد كبير لفهمه، فقد فاز الإسلاميون في كل مكان من الدول العربية والإسلامية تمت فيه انتخابات نزيهة، في تونس والمغرب وقبل ذلك في تركيا، أما الحديث عن تجارب مثل الأردن وباكستان، فالأمر محكوم إما بالملك أو العسكر، أي أنها مساحة ضيقة من الحرية. كان الشعب المصري ولا يزال إسلاميًا حتى النخاع، شاء من شاء وأبى من أبى، وكذلك الأمر في كل الدول العربية والإسلامية، والشعوب تعبر عن نفسها، وقبل ذلك فازت جبهة الإنقاذ في الجزائر بـ 80 % من المقاعد، وحدث انقلاب عسكري. إذا كنتم تريدون الحرية، فإن الأحزاب الإسلامية هي التي ستفوز. فإما حكم إسلامي، وإما ديكتاتورية، وعليكم أن تختاروا. أما إذا كانت الأحزاب الإسلامية لا تعجبكم، فاصنعوا أنتم أحزابًا إسلامية أخرى، وانزلوا بها إلى الشارع، وإلا فلا فائدة. مرة أخرى.. الشعب إسلامي حتى النخاع، وعلى الجميع التعامل مع الحقائق، وليس الهروب منها أو التعالي عليها.
(المصدر:موقع البشير للأخبار بتاريخ 4 ديسمبر 2011)
<
عبدالعزيز الحيص الربيع العربي أتى مصحوبا بفرح عربي كبير، فرغم أن الثورة الشعبية تخللتها مشاهد مروعة من تقتيل ومجابهات عنف، فإن الحس العربي -في عمومه- كان فرحا بها لأنه رأى أنها اقتلعت ما في طريقة من عقبات استبداد، جثمت على أنفاسه لمدة طويلة. لقد وصلت الأوطان العربية إلى مرحلة انسداد بلغت الذروة مع مطلع العام 2011، وبدأ الأمر بأن العرب تراجعوا وتراجعوا حتى لم يعد أمامهم من شيء سوى الصعود. مع مطلع العام 2011 بلغ الانسداد العربي ذروته، حين تم التصويت على “تقسيم” السودان، واستمرت موجة التشاؤم من العنف والطائفية، التي تجددت مع مطلع هذا العام في مصر عبر تفجير “كنيسة القديسين” في الإسكندرية. وقبل ذلك، كانت تقارير المنظمات الحقوقية تتوالى وفي جعبتها “الأنباء المتواترة” عن تردي حالة الدولة العربية في جوانبها المختلفة. وكان العقد الأخير عقدا مقلقا ومعطلا لأي نشاط وحراك مدني، فهو عقد ما سمي بـ”الحرب على الإرهاب”، وفيه حدثت موجات أمنية وقمعية ومتطرفة كادت تشعل حروبا أهلية في بعض مناطق الشرق الأوسط. لا أزال أذكر مقالين كتبا أواخر العام الماضي، قبل الربيع العربي بفترة بسيطة، كانا من أعظم ما يمكن أن يعبر عن تلك الفترة. كتبهما اثنان من أهم المفكرين في عالمنا العربي على موقع “الجزيرة نت”. الأول كان مقال فهمي هويدي “تحرير بعض الذي جرى في مصر.. في نوفمبر/تشرين الثاني 2010″، ووصف فيه هويدي كيف أن مرحلة الانحدار والانسداد انتقلت إلى “منظومة القيم” في المجتمع المصري، وأصابتها بالتفلت، وهذه المنظومة من القيم هي خط الدفاع الأخير لأي مجتمع، فإن انتفت، لن يعود لدى المجتمع أي شيء سوى انتظار مزيد من الأزمات والمشاكل. أما المقال الآخر فكان لبرهان غليون “في أسباب تفكك عالم العرب وبؤس أحوالهم.. في أكتوبر/تشرين الأول 2010″، وفيه يشرح غليون بعدا آخر في مسألة الانسداد العربي، وهي كيف أن النظام الاجتماعي الجديد في العالم العربي أصبح خاضعا مستديما في تشكله الجديد، لطبقة أصحاب المصالح المتحالفة مع السلطة. ولا أنسى أبدا طعم المرارة التي حملها المقالان، اللذان عكسا بعمق حالة التردي والانسداد التي وصل إليها عالمنا العربي. لقد كان وضع الانسداد والمأزق الخانق الذي عاشته الدولة العربية محتما لحدوث تغير جوهري في طبيعتها. ومن حسن الحظ أن التغير الذي حدث تم في المسار الصحيح، فالربيع العربي يستحق الاحتفاء والفرح، ليس فقط لأنه أزال عقبات جاثمة، وإنما أيضا لأنه اتخذ المسار المناسب. فمسار هذا التغير مع الربيع -حسب شعارات الثورة- كان قد تم في سبيل “دولة مدنية ديمقراطية”، تكفل المساواة والعدالة لجميع المواطنين في وطنهم. بينما الطريق الآخر المحتمل أمام هذا الانسداد كان تغير “الدولة العربية القطرية”، عبر تجزئتها وتفتيتها، في سبيل الارتداد إلى كيانات وبنى تقليدية سابقة مثل القبيلة والطائفة. ولأن الإيمان بالربيع، يقتضي الإيمان بما سواه من الفصول، فإن الصعوبات تتعدد أمام “دولة الثورة” في مرحلة الربيع العربي. أولى هذه الصعوبات تتمثل في الاحتياجات الأساسية للفرد العربي، مثل توفير الأمن، وتحقيق الكفاية الاقتصادية. ولا توجد دلائل على أن الثورة أحدثت اختلالات اجتماعية وأمنية، كما كانت تشي بذلك انطباعات متخوفة راجت نسبيا في العالم العربي. فلم نشاهد انقسامات وحروبا أهلية أو طائفية في البلدان العربية التي وقعت فيها ثورات. وبخصوص الأمن، يذكر مركز “غالوب أبو ظبي للبحوث” أن معدل الجريمة في مصر في شهور ما بعد الثورة، بقي مماثلا لمستواها قبل الثورة. وفي العموم، مواجهة هذا النوع من الصعوبات الأمنية والاقتصادية، التي تعد موجودة ومستمرة منذ وقت طويل قبل الثورة، هي أوفر حظا بعد الربيع العربي، فالثورة إنما هدفت لحفظ البلاد من استغلال عصابات المال والسلطة، ولجعل القانون فوق الجميع. الصعوبة الملحة والمتجددة بفعل الربيع العربي اليوم هي صعوبة الانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة، وإلى أوطان الشراكة الفعلية بين المواطن وحكومته، فالقدرة على احتواء ظهور الأغلبيات الصامتة وتفعيل مشاركتها هو أولى أولويات الدولة المدنية الحديثة. على أن أهم تحدياتها يتمثل في تطبيق شعار “إرادة الشعب” الذي رفعته الثورة، خصوصا أن صوت الناس الذي سيظهر، قد يكون مكبوتا، ولديه حمولة تاريخية ذات إرث صراعي وفئوي وإيديولوجي متباين، وقد يرتد إلى مناطق صراع لا تخدم الدولة المدنية ولا مبدأ المساواة والمواطنة. في كتابها “في الثورة”، تذكر المفكرة “حنه أرندت” أنه من حسن طالع “الثورة الأميركية” في أواخر القرن الثامن عشر أنها حدثت في بلد لديه خبرة واسعة في الحكم الذاتي (ص 225). وبالفعل، اكتمال نضوج الثورة الشعبية، وتتميم مراحلها، يعتمد بشكل كبير على نجاح المعطى المدني، ومدى نضجه وقوة فعاليته في البلد. وصعوبات أي ثورة تزداد بحجم الفقر المدني والمؤسسي الموجود في البلد. في بلدان عربية، تكون الصعوبة مضاعفة، لأن الثورة عندما تقوم، تهدف للتحول إلى دولة مدنية والتأسيس من جديد، وليس لتطوير هيكلية مؤسسية موجودة مسبقا، لذا من الواضح أنه من حسن حظ الثورة العربية أنها حصلت في البداية في تونس ومصر. فالبلدان من أعرق البلدان العربية في الممارسة المدنية، فمنذ ما يقارب القرن، بدأ بهما العمل الحزبي والنقابي الذي كانت له جولات حتى أمام الاستعمار، ورغم أن تلك التجربة الحزبية والنقابية كانت مقيدة، وتعرضت للحل والإيقاف أحيانا تبعا لوطأة الاستبداد، فإن الهيكل التنظيمي، والحس المدني وحس المشاركة كان لهم وجود على نطاق واسع في البلدين. لقد كان من الملاحظ كيف أن البنية المدنية في مصر وتونس، ساهمت مباشرة في إنجاح الثورة، وإعلاء حس الوطن، وتمثل هوية وطنية منسجمة وقت اشتداد لحظة الأزمة. ولاحظنا أيضا كيف أن الدكتاتور في حالة مصر وتونس، ورغم قوة جهازه القمعي، فإنه وجد نفسه محدودا في قدرته تجاه الثورة، واضطر أن يرحل. أما في حالة البلدان الأخرى كحالة ليبيا واليمن وسوريا فهو يفيد من الركون إلى صراع البنية التقليدية في البلد، ويتصرف في الدولة كأنها لا دولة، ويقاتل حد الفناء. وكما أنه ساهم في إنجاح الثورة، فإن البعد المدني يكون قادرا على إنجاح مرحلة ما بعد الثورة. وفي هذه المرحلة، تكون الأولوية لتقوية الآلة المدنية والدستورية. فالبلد حتى بعد الثورة سيظل يرزح تحت وطأة مشاكله، وهيمنة نخب وسلطويات سابقة (غير السلطة السياسية) تجذرت فيه عبر انسجامها مع نظامه السابق، مثل نخبة رجال المال، أو النخبة العسكرية. وهذه النخب متنوعة، لو كان الأمر بيدها لساندت النظام السابق، فهي قد أصبحت نخبا تحت ظله، لكن الأغلب أنها وجدت نفسها أمام غضب شبابي وشعبي قاهر، لذا صارعت للبقاء بعد الثورة، وتحاول التموضع في ذات المكان الذي يضمن استمرار مصالحها.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 4 ديسمبر 2011)
<