الاثنين، 3 سبتمبر 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2659 du 03.09.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الهيئة الجهوية لحركة 18 أكتوبر بالقيروان: بــيـــان يو بي أي :تونس:تعديل وزاري جزئي يطال خمس وزارات رويترز: الرئيس التونسي يجري تعديلا وزاريا محدودا وات: الرئيس زين العابدين بن على يدخل تعديلا على الحكومة الصباح الأسبوعي: قضية التونسي المرابط أمام سفارة سويسرا منذ 260 يوما – الإسعاف ينقـل مراد إلى المستشفـى لكنـه يرفض البقـاء فيـه الصباح الأسبوعي: التفاصيل الكاملة لــ «مجزرة قارة النعام» بفريانة الصباح الأسبوعي: وفاة 3 من خيرة «فرسان جلاص» في ظروف مسترابة مرسل الكسيبي: تونس والمنطقة ومراجعات الاسلام التجديدي

سلوى الشرفي: إلى السيدة أم أيمن مرة أخرى و أخيرة صــابر: متى تمارس الصحافة سلطتها في تونس ؟ محمد البشير بـوشوشة : ملاحظات الى من هزه وقع الاعتذار عبد القادر بن عبد الكريم: اعتذار رسمي الناقد السينمائي والإعلامي التونسي خميس الخياطي ل الراية الاسبوعية: تسريب الرمل… ظل محجوزاً سنة كاملة من أجل ثلاث كلمات… سفيان الشورابي: تونس: لكيْ نرتفع بمستوى السجال الفكري الهادي بريك: في ذكرى تحويل القبلة : أي دلالات في الماضي والحاضر؟الحلقة الخامسة الأخيرة الصباح: في منتدى الذاكرة الوطنية – المقاومة الوطنية المسلحة ودور الجنوب التونسي رشيد خشانة: تنافس الجامعات الفرنسية والأنكلوساكسونية في المغرب العربي ميلود بن غربي: دول المغرب تصل متأخرة إلى إعلام العولمة العرب الدولية: الشاعرة جميلة الماجري: الابداع لن يكون ترفا فى هذا الزمن العربى الحزين القدس العربي: وزير الداخلية الجزائري يبدي ليونة ازاء تأسيس قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ لحزب إسلامي الجزيرة.نت: بذكراها الـ38 “قصة الثورة” الليبية في غياب صانعها  ا ف ب: مسلمو السويد يحاولون منع التصعيد بشأن رسم النبي محمد محمد صادق الحسيني: تراجع دور العسكر في تركيا حصاد النخبة العلمانية: الذين استحوا ماتوا

 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

الهيئة الجهوية لحركة 18 أكتوبر بالقيروان

 

القيروان : 02 سبتمبر 2007

 

بــيـــان

 

تتكرر في بلادنا مرة أخرى الإعتداءات الإجرامية التي يقع ضحيتها رموز المجتمع المدني ونشطاء من حقوقيين  وسياسيين.

إن ضحية الإعتداء هذه المرة هو الأستاذ العياشي الهمامي أحد رموز حركة 18 أكتوبر التي تأسست على إثر الإضراب التاريخي عن الطعام الذي دام شهرا كاملا من 18 أكتوبر 2005 إلى 18 نوفمبر 2005 والذي ساهمت في إنجازه شخصيات حقوقية وسياسية من مختلف الإتجاهات رغبة منهم في تجاوز رداءة الواقع السياسي في بلادنا والتي انعكست سلبا على كل المناضلين من أجل الحرية وحقوق الإنسان .

وبهذه المناسبة يهمنا نحن أعضاء الهيئة الجهوية لحركة 18 أكتوبر بالقيروان أن نعبر عن موقفنا كالآتي :

1- ندين هذا الإعتداء الإجرامي على مكتب الأستاذ العياشي الهمامي  كما ندين كل الإعتداءات المماثلة السابقة واللاحقة على رموز المجتمع المدني .

2- نعتبر أن هذا الإعتداء يستهدف أساسا حركة 18 أكتوبر لأن مكتب الأستاذ العياشي الهمامي هو الذي تم فيه الإعتصام التاريخي المذكور .

3 – نعبر عن تضامننا مع الأستاذ العياشي الهمامي وعن تأييدنا له فيما ذهب إليه من توجيه إصبع الإتهام إلى بعض الدوائر ” الأمنية ”  .

4 – نناشد كل المناضلين من أجل الحرية وحقوق الإنسان في بلادنا وفي العالم أن يعملوا على البحث بكل جدية عن الرد المناسب على هذا الإعتداء كما نناشدهم أن يعملوا على تكوين ملف يحتوي على كل الإعتداءات السابقة وتقديمه إلى الدوائر الحقوقية الدولية لمقاضاة المتسببين في هذه الجرائم تخطيطا وتنفيذا .

ونحيط الرأي العام الوطني أن اجتماع الهيئة الجهوية تم في ظروف أمنية صعبة حيث منع العديد من

المناضلين من الإلتحاق بمكان الإجتماع الذي حاصرته قوة ” أمنية ” ضخمة.


 

تونس:تعديل وزاري جزئي يطال خمس وزارات

 
تونس / 3 سبتمبر-ايلول / يو بي أي: أجرى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي اليوم الإثنين تعديلا وزاريا جزئيا على حكومة محمد الغنوشي طال خمس وزارات منها السياحة والتجارة وشؤون المرأة. وعيّن بن علي بموجب هذا التعديل الذي أعلنه رئيس الوزراء محمد الغنوشي، وزير التجارة والصناعات التقليدية منذر الزنايدي وزيرا للصحة العمومية،بدل رضا كشريد،فيما أسندت وزارة التجارة والصناعات التقليدية إلى رضا التويتي. كما عيّن مساعد وزير التنمية والتعاون الدولي خليل العجيمي وزيرا للسياحة بدل التيجاني حداد،و سارة كانون الجراية وزيرة لشؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين بدل سلوى العياشي اللبان،والحاج قلاعي وزيرا لتكنولوجيات الإتصال بدل منتصر وايلي. وشمل هذا التعديل الوزاري عددا من مساعدي الوزراء،حيث عيّن عبد الحميد التريكي مساعدا لوزير التنمية والتعاون الدولي مكلفا بالتعاون الدولي والإستثمار الخارجي،وأحمد ذويب مساعدا لوزير التربية والتدريب المهني مكلفا بالتدريب المهني،ونجوى الميلادي مساعدة لوزير الصحة العمومية مكلفة بالمؤسسات الإستشفائية. ويتّضح من خلال هذا التعديل الوزاري خروج أربعة وزراء من حكومة الغنوشي،دون تعينهم في مناصب أخرى، هم التيجاني حداد الذي كان يتولى وزارة السياحة،ومنتصر وايلي (وزارة لتكنولوجيات الإتصال)،وسلوى العياشي اللبان(المرأة والأسرة والطفولة والمسنين)،ورضا كشريد(وزارة الصحة).
 

 

الرئيس التونسي يجري تعديلا وزاريا محدودا

 

تونس (رويترز) – قال رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي يوم الاثنين إن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أجرى تعديلا جزئيا على حكومته شمل خمس وزارات لكنه لم يشمل ايا من الوزارات السيادية.

واضاف الغنوشي عقب اجتماع مع الرئيس انه تم تعيين خليل العجيمي وزيرا للسياحة خلفا للتيجاني حداد.

وانتقل منذر الزنايدي من وزارة التجارة الى وزارة الصحة العمومية وحل مكانه رضا التويتي وزيرا للتجارة بينما عينت سارة كانون الجراية وزيرة لشؤون المرأة.

كما عين الرئيس التونسي الحاج القلاعي وزيرا لتكنولوجيات الاتصال خلفا لمنتصر وايلي.

ونتيجة للتعديل خرج اربعة وزراء من الحكومة لكنه لم يشمل ايا من الوزارات السيادية مثل الداخلية والدفاع والخارجية.

وكان الرئيس التونسي قد اجرى تعديلا محدودا في بداية هذا العام عين بمقتضاه الازهر بوعوني وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي. وأجري اخر تعديل جزئي شمل عدة وزارات في اغسطس اب 2005.

 

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 3 سبتمبر 2007)

 


الرئيس زين العابدين بن على يدخل تعديلا على الحكومة

قرطاج 3 سبتمبر 2007 (وات) اطلع الرئيس زين العابدين بن علي لدى اجتماعه يوم الاثنين بالسيد محمد الغنوشي الوزير الأول على سير إعداد ميزانية الدولة لسنة 2008 مؤكدا ما يوليه من أهمية لتدقيق المشاريع والبرامج التي سيتم إدراجها ضمن ميزانية السنة القادمة بما يجعلها منصهرة في إطار تجسيد توجهات المخطط الحادي عشر ومنسجمة مع الأولويات الوطنية. وشدد سيادة الرئيس على اخذ مستجدات الظرف الاقتصادي الدولي وخاصة تواصل ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأساسية في الأسواق العالمية في الاعتبار بما يحتمه ذلك من إحكام تعبئة الموارد الوطنية وتوظيفها على الوجه الأفضل وترشيد النفقات والحفاظ على التوازنات المالية. كما أكد رئيس الجمهورية الحرص على مواصلة تجسيم ميزانية الدولة لتلازم البعدين الاقتصادي والاجتماعي للمنوال التنموي. وعلى صعيد آخر توجهت عناية رئيس الدولة إلى الاستعدادات الجارية للموسم الفلاحي الجديد موصيا بتوفير كل الوسائل الضرورية لضمان الاستغلال الأجدى للمساحات الزراعية ومزيد تحسين مردودها. وعرض الوزير الأول على رئيس الجمهورية جدول أعمال مجلس الوزراء الذي ينعقد خلال الأسبوع الجاري. ومن جهة أخرى أعلن الوزير الأول أن رئيس الجمهورية قرر إدخال تعديل على الحكومة عين بمقتضاه السادة والسيدتين: منذر الزنايدي: وزيرا للصحة العمومية خليل العجيمي: وزيرا للسياحة سارة كانون الجراية: وزيرة لشؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين رضا التويتي: وزيرا للتجارة والصناعات التقليدية الحاج قلاعي: وزيرا لتكنولوجيات الاتصال عبد الحميد التريكي: كاتب دولة لدى وزير التنمية والتعاون الدولي مكلفا بالتعاون الدولي والاستثمار الخارجي أحمد ذويب: كاتب دولة لدى وزير التربية والتكوين المهني مكلفا بالتكوين المهني نجوى الميلادي: كاتبة دولة لدى وزير الصحة العمومية مكلفة بالمؤسسات الاستشفائية.

لقد تم حجب منتدى شباب تونس للحوار والإصلاح

  

بسم الله الرحمن الرحيم أخيرا تم حجب منتدى شباب تونس للإصلاح والحوار بعد أكثر من خمسة أشهر من النشاط شارك فيه ثلة من طلبة تونس بمواضيع جد جريئة أثبتت أن سياسة التخويف لم تحقق نجاحا كبيرا في تونس. تم حجبه وكنا ننتظر ذلك منذ الأيام الأولى لإنطلاقه. ربما تأخر حجبه لأن الجهات الأمنية تبحث عمن وراءه أو ربما لأنه لم تتفطن له وهذا مستبعد. أو ربما لسبب نجهله. المهم أن حجب المنتدى أثلج صدورنا كثيرا لأن ذلك دليلا قويا على أننا حققنا شيئا ولو ضئيلا في مقارعة هذا النظام الجائر. هنا ينتهي دورنا لأننا مقيمين داخل الوطن وندرس في جامعاته. وننتظر من يأخذ عنا المشعل ويكمل مسيرة المنتدى من الخارج حيث مجال الحريات أكثر اتساعا. سيستمر نشاطنا في تونس كطلبة اسلاميين هدفنا خلق كيان مستقل وحر للطلبة يعيدنا لعقد الثمانينات حيث قاد الإتحاد العام التونسي للطلبة مسيرة عمل أنتجت الكثير من المكاسب التي لازلنا ننعم بها حتى الآن. الله وكيلنا في ذلك به نستعين وبه نهتدي وعلى منهاجه نسير والله ولي التوفيق ثلة من طلبة تونس

 


القيروان:العائلات توجه أصابع الإتهام إلى ما حقنوا به قبل سفرهم إلى فرنسا لتقديم عروض

وفاة 3 من خيرة «فرسان جلاص» في ظروف مسترابة

الضحايا خلفوا 25 ابنا ينشدون التدخل للـكشف عن مـلابسات موت آبائهم

 

الاسبوعي ـ القسم القضائي

 

لا حديث هذه الايام بمعتمدية سيدي عمر بوحجلة بولاية القيروان والقرى والارياف المحيطة بها الا عن وفاة ثلاثة من خيرة «فرسان جلاص» الواحد تلو الآخر في ظروف اقل ما يقال عنها انها غامضة رغم ان المرض الذي اودى بحياتهم اكتشفه الاطباء.

 

فمن هم «فرسان جلاص؟ وماهي اسباب وفاتهم التي سجلت على التوالي في ظرف لا يتعدى البضعة اسابيع؟ وما حكاية الحقن التي حقنوا بها في ماي 2006 قبل سفرهم الى فرنسا لاجراء عدة عروض لفائدة الجالية التونسية المغاربية؟ «الاسبوعي» بحثت في المسألة وتحدثت الى عائلاتهم فتحصلت على المعلومات التالية:

 

فرسان منذ الصغر

 

في البداية نشير الى ان الفرسان الثلاثة وهم مبروك الناصر الفاتح (60 سنة) وسالم بن الغربي (76 سنة) ومحمد بن عمر الهاني (81 سنة) يعتبرون من خيرة الفرسان بتونس اذ لكل واحد منهم خبرة وتجربة لا تقل عن الـ 35 سنة لاصغرهم و60 سنة لاكبرهم حيث تمرسوا على ركوب الخيول منذ سنوات طفولتهم في ريف القيروان ثم تلقوا التدريبات اللازمة في الفروسية حتى صاروا من خيرة الفرسان وتجلب عروضهم في المهرجانات المختصة بالالعاب الفروسية عددا كبيرا من الجماهير ثم اصبحوا من ذوي الكفاءة في الميدان وشاركوا في عدة عروض في بلدان عربية واوروبية ومنها فرنسا التي كانت المحطة الاخيرة لاثنين منهم قبل ان يصابوا بعلة ادت الى وفاتهم في الآونة الاخيرة الواحد تلو الآخر.

 

اختيروا للسفر الى فرنسا

 

افادنا اقارب الضحايا ان مبروك الناصر ومحمد الهاني وسالم بن الغربي استدعوا للحضور بمركز تربية الخيول بسيدي ثابت للقيام بتدريبات في الفروسية قبل شد الرحال الى فرنسا للقيام بعروض لفائدة الجالية التونسية ومحبي الفروسية بصفة عامة في هذا البلد الاوروبي، وفعلا سافر الفرسان الثلاثة الى العاصمة ومنها الى سيدي ثابت بولاية اريانة حيث التحقوا بمركز تربية الخيول.

 

وذكر احد افراد عائلة الفارس سالم ان الضحايا الثلاثة التحقوا يوم 21 ماي 2006 بالمركز المشار اليه حيث ظلوا يتدربون طيلة عدة ايام قبل ان يتوجه اثنان منهم رفقة عدد من الفرسان والمشرفين عنهم الى فرنسا بعد ان منع المرض الفارس الثالث من المشاركة في الرحلة.

 

حقنة.. فهزال.. فموت

 

سألنا احدهم عن سبب غياب الفارس الثالث عن هذه الرحلة فافادنا بان الاخير وبعد ان تم حقنه بحقنة حقن بها الفارسان الآخران ايضا تدهورت حالته الصحية وخير مغادرة المركز باتجاه مسقط رأسه بينما سافر رفيقاه الى فرنسا ولكن بعودتهما تدهورت حالتهما الصحية دون ان يشعرا باية الام فقط كانا يشعران بالهزال وبالاعياء المتواصل.

 

واضاف احد محدثينا: «بعد المشاركة سواء في التدريبات بمركز تربية الخيل بسيدي ثابت او بفرنسا كان الفرسان الثلاثة يشكون من الاعياء والهزال دون ان تنتابهم اية آلام ومع تواتر الايام تدهورت حالتهم الصحية فتوجهوا الى المستشفى لاجراء فحوصات طبية اكدت اصابتهم بمرض عضال اودى بحياتهم لاحقا الواحد تلو الاخر اذ توفي مبروك الناصر منذ بضعة اسابيع والتحق به يوم 18 اوت الفارط سالم بن الغربي قبل ان يلتحق بهما منذ نحو اسبوع محمد الهاني»

 

شكوك.. قضية وبحث عن الحقيقة

 

وفي السياق ذاته اعلمنا اقارب الفرسان ان شكوكا تنتابهم حول مسؤولية الحقنة التي حقنوا بها قبل المشاركة في رحلة فرنسا في اصابتهم بهذا المرض الخطير الذي اودى بحياتهم الواحد تلو الاخر وفي ظرف زمني قصير. واضاف احد ابناء مبروك الناصر: «الشكوك تحوم حول هذه الحقنة ونحن الان لا نريد سوى الحقيقة لذلك ننتظر من الجهات المسؤولة التحقيق في الغرض لكشف ملابسات موت ابي وصديقيه بهذه الطريقة.

 

وافادنا اخر بانهم سيتقدمون بشكاية الى وكيل الجمهورية بابتدائية القيروان لمعرفة سر هذه الوفايات المتتالية التي غيبت ثلاثة من خيرة «فرسان جلاص» الذين خلفوا مجتمعين 25 ابنا بالتمام والكمال

 

(المصدر: صحيفة “الصباح الأسبوعي” (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2007)


التفاصيل الكاملة لــ «مجزرة قارة النعام» بفريانة

قتلوا صلاح أشد قتلة والصدمة قضت على زوجة أخيه وأحالوا والده وإخوته الأربعة على الإنعاش

القبض على 13 ممن شاركوا في الجريمة والأبحاث مازالت متواصلة

 

فريانة ـ الاسبوعي ـ القسم القضائي

 

شهدت منطقة «قارة النعام» الريفية التابعة لمعتمدية فريانة ولاية القصرين خلال احدى ليالي الاسبوع الفارط «مجزرة» باتم معنى الكلمة استهدفت عائلة الميداني ابو القاسم

 

 اذ قتل ابنه صلاح (23 سنة) وماتت زوجة احد ابنائه وتدعى صفية مخلفة اربعة ابناء بسبب هول الصدمة التي حلت بها وعجزها عن تحمل اثارها السلبية واحيل هو وابناؤه الاربعة (لمجد ورؤوف وعمر ومبروك) على الانعاش قبل ان تتدرج حالتهم الصحية نحو الافضل. فماهي ملابسات هذه القضية التي تشهدها هذه المنطقة الريفية الهادئة للمرة الاولى؟ وماهي دوافعها واطوارها واخر مستجداتها؟ «الاسبوعي» حملت تساؤلاتها وتحولت الى مسقط راس العائلة المنكوبة وعادت بالمعلومات التالية:

 

خلاف حول الارض

 

افادنا احد اقارب هذه العائلة ان خلافات عديدة نشبت بينها وبين عائلة لها قرابة دموية معها بسبب قطعة ارض وهو ما دعاها الى الالتجاء الى العدالة ولكن يبدو ان الحكم الصادر عن المحكمة لم يعجب احد الاطراف وحاول اقتناء تلك الارض ولكن عم الميداني (73 سنة) رفض رفضا قاطعا التفريط في ارض اجداده لذلك ظلت الخلافات على حالها.

 

ثلاث شاحنات واعتداءات

 

تقول الخالة فريحة (63 سنة) والدة الهالك انهم كانوا داخل منزلهم عندما سمعوا صوت محرك شاحنة فخرج ابنها صلاح لاستجلاء الامر ولكنه تأخر في العودة «لذلك سارع اخوته لمجد وعمر ورؤوف ومبروك بالالتحاق به فعثروا عليه طريح الارض وعندما اقتربوا منه لتفقده فوجئوا بمجموعة كبيرة من الشبان يهاجمونهم من الجهات الاربع وينهالون عليهم ضربا بالعصي والشواقير والهراوات والسواطير فألحقوا بهم اصابات بليغة جدا».

 

واضافت الام المكلومة: «حينها سمعنا اصوات استغاثة فهرعنا جميعنا الى خارج الدار حيث وقفنا على بشاعة الاعتداء الذي تعرض له ابنائي الخمسة وهو ما تسبب في صدمة لزوجة ابني صفية فاغمي عليها لنفاجأ انا وزوجي بمجموعة من الشبان يعتدون علينا بالضرب المبرح قبل ان يلوذوا بالفرار على متن ثلاث شاحنات»

 

مأساة

 

كان المشهد فظيعا للغاية.. جثة ابن مشوهة الى جانبه اخوته يتألمون من شدة الاعتداء الذي تعرضوا له امرأة طريحة الارض مغمى عليها.. والى جانبها حماتها تحاول رغم اصاباتها ان تسعفها وبالقرب منهما رب العائلة عم الميداني يتوجع..

 

تفطن الاقارب لاحقا للحادثة فسارعوا بنقل افراد العائلة المصابين الى المستشفى بعد ان عجزوا عن الاتصال باعوان الامن او الحماية المدنية لانعدام «الريزو» بالمنطقة ورغم المجهودات التي بذلها الاطار الطبي وشبه الطبي فان زوجة احد ابناء العائلة فارقت الحياة بسبب الصدمة ملتحقة بالتالي بـ «سلفها» صلاح الذي خرب القتلة جسمه بسبع طعنات فكانت المأساة اعظم.. قتيلان وعدة جرحى من عائلة واحدة..

 

13 موقوفا

 

تولى اعوان فرقة الابحاث والتفتيش للحرس الوطني بالقصرين البحث في القضية وبناء على عدة معلومات القوا القبض على حوالي 13 شخصا للتحري معهم حول مدى مسؤوليتهم فيما جرى واكيد ان الايام القادمة ستكشف المزيد من المعلومات حول هذه «المجزرة» وتحدد هويات المذنبين.

 

صابر المكشر

سعيدة الزارعي

 

(المصدر: صحيفة “الصباح الأسبوعي” (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2007)


تونس والمنطقة ومراجعات الاسلام التجديدي

مرسل الكسيبي (*)

 

ماكتبته في الأيام الأخيرة حول موضوعات المراجعة لدى الحركة الاسلامية التونسية لاقي استحسانا كبيرا لدى بعض الاخوان الذين اتصلوا بي هاتفيا وطلبوا منى مواصلة التطرق الى مثل هذه القضايا في تجرد وجرأة لاغنى للتجربة عنهما .

 

فهمت من خلال متابعتي لبعض البرامج التلفزية على شاشة قناة الجزيرة أن الحوار الذي أداره الأستاذ والزميل مالك التريكي لم يخرج عن نفس الاطار الذي كتبت فيه مقالي المنشور تحت عنوان بين العدالتين :”مراجعات كبرى تنتظر الحركة الاسلامية التونسية” أو مقالات أخرى سابقة تناولت فيها بالنقد بعض محاضرات الأستاذ راشد الغنوشي في برنامجه تأملات في الدين والسياسة-ولو أن مجال النقاش في برنامج الجزيرة المذكور تعلق بتجربة الاتحاد من أجل الحرية الحزب المصري ذي المرجعية الاسلامية – , وهو ماحصل أيضا في وقت لاحق مع نقاش في نفس الاتجاه احتضنه برنامج حوار مفتوح للأستاذ غسان بن جدو حين استدعى لموضوعات متجانسة وشبيهة نخبة من الكتاب والأكاديميين العرب .

 

لفت انتباهي كثيرا من خلال البرامج المذكورة تحمس الكاتب الاسلامي الأردني ياسر الزعاترة الى الدفاع بشكل جد ملحوظ عن طروحات الأستاذ الغنوشي في موضوع تقييمه لأداء الحركة الاسلامية العربية وأسباب تعثر تجربتها السياسية في كثير من الأقطار , وهو مالم أستغربه صراحة بحكم العلاقة الحميمة والروابط الوشيجة التي تجمع بين الرجلين , وبحكم تعودي على نغمة من الخطاب السياسي ذي الوشائج التنظيمية المشتركة في كثير من فضائياتنا العربية التي يسجل فيها التيار الاسلامي الاخواني حضورا قويا .

 

ليس من العيب أن يتحمس البعض الى طرح فكري ما ويدافع عنه ,غير أن استقلالية الرأي وابداعية الفكر الانساني واضافيته لابد أن تبقى هدفا نبيلا يسعى المثقفون الى الحفاظ عليه ولاسيما اذا ماتعلق الأمر برسم رؤية سياسية لواقع ومصير المنطقة في ظرف دولي يتسم بكثير من الحساسية .

 

الواضح في استراتيجية بعض النخب الاسلامية المحافظة والمفتقرة الى روح التجديد في ظل ماتعرفه تجاربها من حالة احباط وتراجع سياسي نتيجة ماتصفه مرارا وتكرارا بالعوامل السياسية الرسمية ,الواضح لدى هذه الأطراف هو أن التعويل على كثافة الحضور الاعلامي فضائيا مع احكام نسيج العلاقات التنظيمية عربيا من خلال استقطاب بعض الأقلام والنخب سوف يكون جسرا نحو اعادة الحضور السياسي والفكري للساحات الوطنية .

 

وفي الضفة المقابلة ينشأ ويتجذر تيار اسلامي وسطي ومعتدل ومجدد لايخشى النقد ولايهابه , بل يعتبره مدخلا رئيسا في ضمان أي حركة اصلاحية عربية ترى أن تجارب الاسلاميين ظاهرة بشرية لاتخضع للتقديس والتنزيه ولا يمكن النظر اليها أداء من منطلق حركة حتمية لاتسير الا ضمن قطار البلاء والابتلاء الذي تبرر به الكثير من الأحزاب الاسلامية قدريا كل اخفاقاتها السياسية أو أكثرها خطورة.

 

ولعلني أكون صريحا اذا قلت بأن توظيف الالة الاعلامية والمالية لبعض الاسلاميين من أجل تسويق الفشل والتعثر على أساس أنه جوهر الحكمة والمصابرة وتفوق التضحية والبلاء , ان مثل هذا التوظيف لهو من مبددات الطاقات والكفاءات وصناعة الوهم في زمن العولمة التي لم تعد تتيح لأصحاب هذا الطرح احتكار الساحة الوطنية والعربية والاسلامية ومن ثمة الترويج لما يشاؤون من بطولات كان من الممكن وضعها بلاء وخلقا وابداعا ونماء وتطويرا في مجالات وسياقات ثانية أكثر نفعا للأوطان والعباد .

 

لا يختلف الاسلاميون التجديديون الذين أتساوق كثيرا مع طروحاتهم وأدافع عن جرأتها .., لايختلف هؤلاء في المطمح الى تهذيب أنظمتنا السياسية ودعم أركانها وتحصينها بالاصلاح في مختلف مناحي ومجالات العطاء البشري , غير أن هدفهم النبيل هذا لايحاط بتقديس لمشائخ ومفكرين وقادة جعل البعض منهم أصناما في طريق مراجعة أداء تجارب الاعتدال الاسلامي .

 

ليس من الحكمة اطلاقا أن يقر الاسلاميون التجديديون بسوية وضعنا العام وسلامة كل منجزاتنا السياسية والتنموية في الحقل الوطني , كما أنه ليس من الحكمة لديهم بمكان أن يعلقوا مسؤولية تعثر تجاربنا السياسية في المحيط العربي والاسلامي على العوامل الخارجية- الاستعمار , الهيمنة…- أو العوامل الداخلية بتصوير كل الأنظمة العربية الة للقمع المتوحش والتعذيب دون تحليل وتفكيك سليم لرموز ومسببات تداعي المشهد السياسي العربي ولاسيما في الحقل الحقوقي.

 

لنتفق كتجديديين ومحافظين على ضرورة تحصين الدولة والمجتمع من ظواهر التسلط والقهر كظواهر منبوذة انسانيا وعالميا بقطع النظر عن اللغة والدين والجنس والعرق واللون, الا أن مساحة الاختلاف كبيرة مع التيار المحافظ الذي يقدم الرموز البشرية على الفكرة, والأشخاص على الابداع المؤسسي ,والأسماء الكبيرة على مصلحة الأحزاب والشعوب والبلدان , والاحتكار الاعلامي وعلو الصوت على الفكرة الناجعة وذات المردودية الوطنية بعيدا عن تشخيص الصراع وتحويل الياته الى معركة للانتقام من رموز السلطة .

 

ان التيار الاسلامي التجديدي الذي يحاصره التيار المحافظ اما عبر التشويش عليه تشكيكا في وطنيته ونواياه الاصلاحية وولائه للقيم الحضارية والاسلامية ,أو عبر عدم اتاحة فرص متكافئة لابلاغ الصوت للجمهور من خلال احتكار قوة الذراع الاعلامية …, ان مثل هذا التيار جدير بأن يكون طرفا فاعلا ومؤثرا في ساحات العرب والمسلمين وفي الساحة المتوسطية من خلال تنزيه الساحة الاسلامية عن مواجهات مستمرة وعقل صدامي نجح في صناعة الأزمة بين النخب الحاكمة والصحوة الاسلامية وجعل منها وقودا لمعارك كان من الممكن تجنبها بأقدار من الحكمة والتجرد عن المطامح الشخصية لفائدة مشروع وطني يتفهم مصالح الطبقة الحاكمة ويراعي تطلعات الأجيال الجديدة في اعتناق مشروع الهوية والانفتاح والمشاركة بعيدا عن تهديد توازنات المربع السياسي القائم .

 

ان النموذج الذي نطمح اليه في اطار تيار الاسلاميين التجديدين هو نموذج النجاح كبديل عن الفشل والمشاركة كبديل عن الاحتكار والتهديد لمصالح الاخرين , وتحصين الدولة والمجتمع ضد تغول الانتهاكات الحقوقية والخروقات القانونية , وهو أيضا نموذج يتفهم التوازنات القائمة في الساحات القطرية عربيا واسلاميا ومن ثمة يجتهد ولايألو من أجل احترام التقاليد السياسية الايجابية في المنطقة في مقابل البحث عن مربعات للتطوير والاصلاح والانجاز المشترك كسبيل لتحصين أمن ونماء وتقدم مجتمعاتنا.

 

التيار الاسلامي التجديدي يريد أن يبحث له اليوم عن علاقة جديدة بالمؤسسة العلمانية الحاكمة في كثير من أقطارنا , من خلال اعتبار العلمانية أمرا مقبولا في اطار احترام الثوابت الدينية والعقائدية للشعب مع تعهد الدولة بحماية المنشات الدينية وصيانتها وانشاء المؤسسات العلمية المستقلة القائمة على ادارة شؤون دور العبادة والتوجيه الديني , وهو مايقتضي منها عدم التدخل في قناعات الناس التزاما دينيا داخليا أو مظهريا يأخذ شكلا تقليديا أو حضاريا في اللباس .

 

ان العلاقة المنشودة بالمؤسسة العلمانية الحاكمة تقوم على ميثاق سلم مدني نطمح اليه جميعا من خلال فتح المجتمع على حقوق المثاقفة بدل الاكراه وحقوق المشاركة بدل القسر على اللون الواحد , وهي علاقة تقوم على اعتبار الدين عموما والدين الاسلامي خصوصا مخزنا حضاريا نفتخر به جميعا ونرشد به حياتنا العامة ونحصنها بقيمه الجمالية والأخلاقية والتوجيهية عبر تنزيهه عن التوظيف الرخيص الهادف الى التسلقية السياسية أو تحقيق المصالح الانية والشخصية على حساب قداسة المصالح العامة والاستراتيجية وقداسة القيم والمثل الدينية والاسلامية نفسها.

 

(*) رئيس تحرير “الوسط التونسية”

 

(المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” (اليكترونية – ألمانيا) تصفح يوم 3 سبتمبر 2007)

 


 

إلى السيدة أم أيمن مرة أخرى و أخيرة

سلوى الشرفي

 

أعتقد أن المقالة الثانية للسيدة “أم أيمن” لا تستحق أكثر من تعليقين.

تقول السيدة أم أيمن في الحلقة الثانية من مقالها عندما يكفر العلمانيون الإسلاميين: ”  إن الحملة التي رافقت هذه المقالة العادية من طرف التيار  العلماني المتطرف كانت عنيفة وخطيرة فلأول مرة وهذه من خصائص اليسار العلماني التونسي، ترون رفع لافتات التكفير والارهاب الفكري من طرف هذا التيار في مقابل من يختلفوا معهم في الفكر والسياسة”

و كإجابة، أحيلها على أمثلة قليلة مما كتب ضدي و الذي يحمل بجلاء صفة التكفير و الشتم.

كتب عبدالحميد العدّاسي في “وقفة خفيفة مع سلوى الشرفي”: إلى غير ذلك من الأمور السافلة التي حشت بها مقالها، ما يجعل كلّ مسلم (مهما قلّ تديّنه) يجزم بأنّ هذه المرأة لا تعرف الله ولا تؤمن به

 

كم قال في “وقفة ثانية مع سلوى الشرفي”:” “فالقرّاء المسلمون وخاصّة أهل تونس يرغبون فيما يعرّفهم بدينهم الذي لبّسه عليهم المغيّرون و”الأنبياء” الذين برزوا في البلاد وعبدة الشياطين. وليسوا في حاجة إلى إعادة سفالات لا يتوقّف عندها إلاّ ناقص عقل ومروءة ودين…”

و كتب ابو حيدر – طالب تونسي في كندا في:” ما بين سلوى وبين نجلاء”:” و لكن نغمة السخرية و الإحتقار التي تحملها تجاه معتقدات مليار من البشر لا تشي باي مستوى اخلاقي دونا عن فكري و تجعلني اتذكر سلمان رشدي ( صاحب الوجه و الأيات الشيطانيين) الذي كتب أياته لينفس عن حقده على الإسلام”

و أضاف:” عن علي(عليه السلام) انه قال وآخر قد تسمّى عالماً << دكتورا >>وليس به ، فاقتبس جهائل من جهّال، وأضاليل من ضلاّل.. يقول أقف عند الشبهات وفيها وقع ، و يقول أعتزل البدع

وبينها اضطجع ، فالصورة صورة انسان ، والقلب قلب حيوان

 

 فهل هذا ما تعتبرينه مجرد تعبير عن رأي ؟

 

أما الملاحظة الثانية فتتعلق بقولك : “وقد خابت آمالي لما رجعت إلى بعض الكتابات والتي سأعلق عليها لاحقا التي قالت عنها السيدة الشرفي أنها تحدثت فيها دفاعا عن المرأة المحجبة وعن الإسلام وقد خاب ظني أذلك تسميه دفاعا. اكتبي مقالا واحدا تؤيدي فيه المحجبات في حقهم قي التحجب ولا تخلطيه بكراهيتك للحجاب وسخريتك منهن”

 

و طبعا هذا الكلام غير صحيح و إلا لكنت أوردت على الأقل مثالا واحدا مما وصفتيه بالسخرية.

و أخيرا أكتفي بسؤالك، طالما أنك أبديت اهتماما خاصا بحقوق المرأة:

 هل كتبت مقالا واحدا تنددين فيه بفرض الخمار على نساء السعودية و إيران و السودان و ملاحقتهن من طرف الشرطة و ضربهن لمجرد ظهور خصلة شعر أو كعب ؟

هل نددت يوما بمن يقول دون حياء بأن المرأة ناقصة عقل؟

هل طالبت يوما بإلغاء القوانين المخجلة لتعدد الزوجات في الدول الإسلامية ؟

هل طالبت يوما بمساواة المرأة بالرجل في الميراث و الشهادة؟

 

و أعتقد أن مواصلة الكتابة في نفس الموضوع لن يكون له معنى إذا لم تجيبي على هذه الأسئلة.

 


متى تمارس الصحافة سلطتها في تونس ؟

صــابر سويســرا

كتب أحد مبعوثي إحدى الصحف التونسية منذ فترة تقريرا حول التجربة المغربية ونوه بالتغيير الحاصل في توجه البلاد نحو الحريات والديمقراطية وقد حمل هذا الإنطباع بعد عودته من سفره إلى المغرب الأقصى , ولكن تقريره كان خاليا من المقارنة بين ما عايشه في المغرب وما يشهده الوضع السياسي في تونس , طبعا الأمر طبيعي فمن من الصحافيين التونسيين العاملين داخل وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية يتجرأ ويتناول بالنقد الوضع السياسي في البلاد , وحتى وإن كتب وحلل فإن نصه لن يرى طريقه للنشر على صفحات جرائد مثل الصباح والشروق وأخبار الجمهورية أو غيرهم , إضافة إلى المتاعب التى يمكن أن تلحقه من وراء ذلك , وهذا ما جعل الرقابة الذاتية على الكتابات الصحفية التونسية بالتحالف مع الرقابة الحكومية تُغيِّب سلطة الإعلام في البلاد وهو ما حول كل وسائل الإعلام  سواء منها من هو تابع للسلطة والحزب الحاكم أو لمن يدعي منها أنه مستقل عنها إلى جوقة تدور في فلك السلطة وتطبل لها . أما الإستثناء فموجود ولكنه محدود مثل صحيفتي الموقف و مواطنون وقناة الحوار التونسي محدودة البث

قد تكون العناوين التونسية المنشورة كثيرة ولكنها غثاء كغثاء السيل , لأنها لا تمارسها دورها الوطني في نقد الإخلالات التى تعيشها البلاد في مستوياتها السياسية والإقتصادية بالذات , وهذا الدور لا يعنى فتح مواجهة مع السلطة القائمة ولكنه يعني ممارسة دور الرقابة الإعلامية على سلوك السلطة لا النظر إلى الواقع من خلال زاوية نظرها أو الوقوف إلى صفها والتساوق معها أو التحالف معها أصلا لتزكية التغيير المغشوش الذى هيمن خاطبه الخشبي على المشهد الإعلامي التونسي منذ بداية تسعينات القرن العشرين

إن دور الرقابة الإعلامية ليس سهلا في واقع الحال , فممارسة هذا الواجب يعرض صاحبة إلى إنتهاكات السلطة التى تنظر إلى كل من يفعل ذلك على أنه غريمها ولعل الإعتداءات التى تعرض لها الصحفيين سليم بوخذير ولطفي حجي وعبد الله الزواري وصحيفتي الموقف ومواطنون وقناة الحوار التونسي والعاملون في هذه المنابر الإعلامية خير شاهد على ضيق السلطة من أي رقابة على سلوكها أو الإختلاف معها , وهو ما جعل العمل الصحفي داخل البلاد مهمة ليست سهلة على الإطلاق , أما من يؤثر السلامة والراتب الشهري فهو بعيد عن هذه المتاعب وإن مارس مهنة المتاعب كما يصفها أصحاب المهنة

لقد أصبح العمل الصحفي الجاد إحدى البوابات الرئيسية لأي تغيير منشود في تونس, لأن سلاح الكلمة الصادقة والأمينة , والهادفة إلى الإصلاح الوطني المطلوب هو القاطرة التى تتقدم قافلة التغيير المنشود  , وما تقوم به بعض وسائل الإعلام التونسية المعارضة للسلطة هو خطوة عملية في هذا السبيل , ولكنها ليست كافية . فما هو مطلوب اليوم أيضا منابر إعلامية تتمتع فعلا بالإستقلالية الكاملة سواءا عن السلطة أو المعارضة تمارس دورا وطنيا ليس لحساب عيون المعارضة وليس نكاية في السلطة وإنما تجعل من رسالتها الأولى تناول الأوضاع في البلاد بحدقة الصحافة المحترفة لتفرض على السلطة وجودها ودورها الوطني الذى تحتاجه تونس , وما من شك فإن ذلك مفروش بأشواك لآت السلطة وممارساتها العدوانية

فمتى تستعيد الصحافة التونسية دورها الوطني , وسمعتها المهدورة داخليا وخارجيا وتقطع مع الرداءة والتزلف للسلطة بعد أن توفرت عصافير تونسية صنعت الربيع في الكثير من وسائل الإعلام الخارجية سواءا كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية ؟؟؟

أم أن الإنتظار سيتواصل !!!؟؟؟

 


الحمد لله وحده

 

اعتذار رسمي

 

ابو شذى سجين سياسي صاحب ولاء- تونس

نحن المساجين السياسيين أصحاب الطاعة و الولاء:

نعتذر الى كل من اذاه او ازعجه ما جاء في مقال الاخ صاحب الاعتذار غير الرسمي 1و2 ولا نبارك ما جاء فيه الا التوبة التي وعد بها و

نسأل الله ان تكون نصوحة ؟؟؟

و يكف عن شق عصا الطاعة و التشكيك.

ما كل هذه الغضبة..عشرات الشهداء (وفي رواية أخرى ضحايا وفي أخرى قتلى وأخرى قضوا) دماء هدرت.أعراض هتكت. أموال نهبت. حرية سلبت.آلاف المساجين. آلاف المهمشين في المجتمع. ماذا يساوي ذلك في تاريخ الشعوب انه ثمن بسيط من أجل الحرية.

نعلم جيدا الى ما يغمز هؤلاء الاخوة و ما يومؤون اليه..

التكليف——التقييم———المحاسبة———الشفافية———التداول———الديمقراطية و كل هذه البدع الضالة و المضلة. نطالب الأخ بأن يثوب الى رشده وأن لا يجحد فضل من سبقونا بالإيمان أصحاب الرؤية الثاقبة والتدبير الحكيم و لا ولن نرضى بغيرهم أسيادا للقبيلة و شيوخا للعشيرة و أن المسؤوليات تشرفت بهم أصحاب الأيادي الخضراء والصنائع البيضاء والمواضي الحمراء و الوقائع السوداء.

نطالب بسد الطريق أمام هؤلاء و كل من تحدثه نفسه بمثل هذا، و نقترح إدراج عصمة الامامٌ كأصل ثابت في الرؤية الفكرية حتى لا ينزغ الشيطان بيننا و يدب الشقاق والاختلاف لا قدر الله.

و نحن على العهد و الولاء و سبق ان حاصرناهم و ملانا عليهم السجون..و في انتظار ملؤ المقابر عليهم…..

لبيك يا إمام…..لبيك….لبيك…..لبيك…

 عبد القادر بن عبد الكريم – تونس

 

ابو شذى سجين سياسي صاحب ولا

 

(المصدر: بريد موقع الحوار نت (ألمانيا) بتاريخ 2 سبتمبر 2007)

الرابط: http://www.alhiwar.net/sms.php?id=56504&db=l-s&srv=com&div=main

 

 


ملاحظات الى من هزه وقع الاعتذار

 

الاعتذار بقلم :محمد البشير بـوشوشة – بنزرت

سجين سياسي ما يزال مقصى من التاريخ الرسمي

 

سيدي الفاضل:

 

أولا لم أكن أنوي أن أرد على أي كان الا أن ردك استوجب بعض الملاحظات.

 

هذه المرة اقدم اعتذارا رسميا على التعميم الذي جاء في كلامي و يخص أهل ٌالمهجرٌ.

 

ثانيا أعيب على سيادتكم استعمال أسلوب الوعظ في غير محله و ادعوكم الى ترك الوعظ الى أهله الذين يعرفون أصوله.

 

ثالثا وأهم ملاحظة وهي اني وجدت نفسي امام أمين محتسبي ديوان الحسنات، و بالمناسبة ارجو مدي بال( كود) حتى أطلع على رصيدي من حين لآخر.

 

رابعا دعونا من المزايدة و الاستعراض و هبوا الى حركتكم ان كان بقي فيها بقية لاصلاحها ان امكن الاصلاح او البحث عن حل حقيقي و جذري للعمل الاسلامي في البلاد.

 

اما عن النظر الى ما في يد غيري فلم نقصد به سوى العدل والمساواة…و الا لما نظرنا الى ما في يد الحكام والملوك….و حسبي الله ونعم الوكيل ولاحول ولا قوة الا بالله……ما عدى ذلك لم اجد في مقالك ما يستوجب الرد اذ خبطت خبط عشواء لتبرير ما لا يبرر و أردت أن تقول كل شئ ولم تقل شيئا.

 

سلاما. . .

 

محمد البشير بـوشوشة – بنزرت

سجين سياسي ما يزال مقصى من التاريخ الرسمي

 

(المصدر: بريد موقع الحوار نت (ألمانيا) بتاريخ 2 سبتمبر 2007)

الرابط: http://www.alhiwar.net/sms.php?id=56506&db=l-s&srv=com&div=main

 


قضية التونسي المرابط أمام سفارة سويسرا منذ 260 يوما

الإسعاف ينقـل مراد إلى المستشفـى لكنـه يرفض البقـاء فيـه

 

متابعة لما نشرناه في العدد الماضي عن قضية المواطن التونسي مراد النفاتي المرابط أمام سفارة سويسرا بتونس في اضراب جوع منذ 14 أوت الماضي نشير الى أن بعض المستجدات قد حدثت في هذه المسألة. فقد تدهورت الحالة الصحية لمراد النفاتي بصفة ملحوظة بعد يوم واحد من صدور المقال

مما استوجب حضور سيارة إسعاف حملته على الفور الى المستشفى حيث قدمت له الاسعافات

 

تحذير الأطباء

 

في المستشفى أجريت على مراد تحاليل شاملة استخلص منها الاطباء أن حالته تنذر بالخطر نظرا لحالة الضعف والهزال التي كان  عليها ونظرا الى حرارة الطقس من جهة أخرى وحذر الأطباء مراد من احتمال تدهور أكبر لصحته وقالوا له: هذه المرة سليمة لكن لا أحد يضمن ماذا سيحصل لك في المرة القادمة»

 

العائلة تطالب والمستشفى يرفض

 

عندما نُقل مراد الى المستشفى طالبت عائلته الاطباء والادارة بإبقائه هناك خوفا على تدهور آخر لصحته. الا أن المعني بالامر رفض وأصرّ على العودة أمام السفارة السويسرية لمواصلة إضراب الجوع الي يصل اليوم الى يومه الواحد والعشرين. عندئذ أعلمت إدارة المستشفى أهل مراد بأنها لا تستطيع إبقاء أي شخص رغم إرادته لأن ذلك مخالف للقانون

 

السفير يعود غدا فهل يأتي الحل؟

 

وحسب مراد فإن السفير السويسري يعود غدا الى تونس وسوف يباشر عمله  بعد غد. وأضاف لنا قائلا: إن السفير قبل خروجه في عطلة قال لي بالحرف الواحد

 

وهذا يعني أن السفير حسب كلامه هذا، لن يعود الى تونس الا ومعه الحل لهذه المعضلة التي طالت أكثر من اللازم. فهل يأتي الحل مع عودة السفير؟ نأمل ذلك بكل صدق

 

ج.م

 

(المصدر: صحيفة “الصباح الأسبوعي” (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2007)

 


 

الناقد السينمائي والإعلامي التونسي خميس الخياطي ل الراية الاسبوعية

تسريب الرمل… ظل محجوزاً سنة كاملة من أجل ثلاث كلمات…

 

** بعض القوي السلفية المتطرفة تقوم بتسريب الرمل إلي عقلية الإنسان العربي

** الصحافة رهبنة وليست وظيفة وللإعلام أخلاقيات لا يجب الحياد عنها

** الجزيرة قناة محترمة جداً.. لكن ما أعيبه عليها أنها تصنع الفرجة علي الطريقة الأمريكية

** ليس لدينا سينما تونسية إنما لدينا أفلام فقط

 

تونس – الراية – إشراف بن مراد:الرجل صاحب تجربة إعلامية ثرية لا تستطيع إلا أن تقف أمامها احتراما وتقديرا لعمقها وخصوصيتها.تشاهده علي الشاشة الصغيرة أو تطالعه في مؤلفاته أو تتحدث إليه، فتتأكد من أنه يكتب بلون واحد استمد منه القوة بأن يسمي الأشياء بأسمائها. انه الأستاذ خميس الخياّطي ناقد وإعلامي تونسي أنهي دراسته الجامعية في علم الاجتماع والأدب العربي بجامعتي Paris X وParis ليعمل لفترة طويلة بإذاعتي France culture وRFI والقناة التلفزيةFR3 .

كما كان عضوا في هيئة تحرير اليوم السابع وبنقابة نقاد السينما بفرنسا وفي لجنة اختيار الأفلام لأسبوع النقاد (مهرجان كان ). فضلا عن تحمله مسؤولية إدارة المكتب الصحفي لمعهد العالم العربي بباريس قبل العودة إلي تونس حيث عمل مراسلا لجريدة (القدس العربي) التي يخصّها بمقال أسبوعي عن الفضائيات.ويعد ويقدم برامج تلفزيونية عن السينما والتلفزة علي الفضائية تونس7. وله عديد من المؤلفات والدراسات (باللغتين العربية والفرنسية) في المجال السمعي البصري العربي. وقد أصدر مؤخرا، عن دار سحر للنشر، كتابه الذي جاء بعنوان تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية . وتقديما لهذا الكتاب، يقول المسرحي التونسي الفاضل الجعايبي: قد تبدو نظرة الخيّاطي في كتابه التقييمي لمجتمعاتنا المتراجعة، المتقهقرة عبر تلفزاتنا “المرآة” نظرة سوداوية، قاتمة، يائسة ومبالغا فيها. هي في الحقيقة في غاية من الواقعية وفي جّل معايناتها موضوعية، بعيدة عن الانطباعية الحسية والاعتباطية التلقائية والتحامل المجاني.. . أما عن العنوان فيوضح الخّياطي ذلك قائلا غرضنا كان وما يزال الإشارة إلي الرمل الذي تسربه بعض القوي السلفية المتطرفة إلي عقلية الإنسان العربي كبديل للكائن السياسي المتشبث بالسلطة في أوطاننا رغم إخفاقه في تحقيق التوازن المعيشي والاكتفاء الاقتصادي والنهضة الفكرية لأنّه في جوهره لم يقبل بالأقليات ورفض الاختلاف ولم يؤسس للمواطنة وللديمقراطية .

 

الراية الاسبوعية تحدثت إلي الاستاذ خميس الخياطي، فكان الحوار التالي:

 

صدر لك حديثا عن دار سحر للنشر كتاب تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية ، فهل أنّ إشكالية الفضائيات العربية هي الخطاب السلفي؟ أم أنّ الخطاب السلفي مقتصر فقط علي الفضائيات العربية؟

– بالنسبة للشق الأول من السؤال أنا لم أختزل الفضائيات العربية في الخطاب السلفي بل اني قلت الخطاب السلفي في الفضائيات العربية وهذا يعني أنّ هناك مجموعة من الفضائيات العربية في ظّل هذه الطفرة من القنوات، وهي قنوات خاصة اعتمدت علي البرامج الدينية التي تدخل في زاوية السلفية. وبالتالي يمكن لنا مثلا أن نعد في المستقبل بحثا آخر عن حرية الجسد في الفضائيات الغنائية العربية.وبالتالي عندما أتكلم عن الخطاب السلفي فانّي لا أعني رؤية شمولية لكل الفضائيات العربية.

أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فانا لم اقل إنّ السلفية مقتصرة فقط علي المسلمين وأوضحت ذلك جيدا في أحد هوامش الكتاب إذ ذكرت أنّ السلفية موجودة قبل ظهور الصورة التلفزيونية. كما أنّ السلفية موجودة في الفضائيات الامريكية والاوروبية.

 

هل تعتقد أنّ التحولات الراهنة التي يعيشها العالم عموما والمنطقة العربية خصوصا هي التي أنتجت مثل هذه القنوات؟ أم أنّ هذه القنوات هي التي أججّت نار هذه التحولات وقادت إلي مثل هذا الوضع؟

– بالاعتماد علي منظور علم الاجتماع، فانّ كلّ شئ متداخل ولا يمكن أن نفصل عنصرا عن عنصر آخر. إذ لا يمكن لنا أن ننكر أنّ الطفرة المادية علاوة علي شعور المواطن العربي بالهون والإهانة،خاصة مع اشتداد تأزم الوضع في فلسطين والعراق.. وحتي في الشارع العربي نفسه ف المواطن العربي لا يمكن له أن يقول لا أو يتظاهر.. كلّ هذا ساعد علي بروز مثل هذه القنوات ذات التوجّه السلفي وانتشارها. كما أنّه من المهم جدّا الانتباه إلي أنّ السياسة مفهوم ظرفي وعلي درجة كبيرة من النسبية. أما الدّين فهو مفهوم مطلق. وعادة ما يحتمي الإنسان بالمطلق من النسبي. إذ أنّ طريق النسبية معبد بالهفوات والشكوك والمتاعب.. هذا إلي جانب فقدان الفرد العربي لمفهوم المواطنة.

 

تحدثت في الكتاب عن القنوات الحكومية وحمّلتها مسؤولية انتشار الخطاب السلفي في الفضاء السمعي البصري. فإلي أي مدي يمكن للقنوات الحكومية أن تتحمّل حقا هذه المسؤولية؟

– يجب في البداية التأكيد علي أنّ ما قدمته في الكتاب يعكس رؤيتي التونسية لهذه القنوات الفضائية،فالمواطن التونسي له اليوم 2500 فضائية موزعة علي خمسة أقمار صناعية.. ولذلك فإنّي تعمدت في الفصل الأول من الكتاب أن أتناول واقع التلفزيون التونسي و طبيعة المشهد السمعي البصري المحليّ (التونسي) لأحمّله (كما قلت) المسؤولية. فإذا كان التونسي يلجأ إلي قنوات فضائية أخري فلأن قناته الفضائية تونس7 والقناة الأرضية 21 والقناة الخاصة حنبعل لا تستجيب لتطلعاته ورغباته ولا تعالج تساؤلاته.

 

تحدثت عن علاقة الإعلام بالخطاب الديني، فكيف تري علاقة الإعلام بالسياسة؟

– للإعلام أخلاقيات لا يمكن أبدا الحياد عنها. شخصيا اعتبر أن الصحافة رهبنة وليست وظيفة ولذلك فعلي الصحفي أن يكون مهيئا لتحمل مختلف الضغوطات والصعوبات من أجل أداء واجبه. وإذا تحدثت بصفة مدققة عن طبيعة المشهد الإعلامي في تونس فإني أري أنه لو يحترم الصحفي أخلاقيات مهنته فإنّ قطاع الإعلام سيتقدم أشواطا كبيرة جدّا خاصة وأنّ الصحفي التونسي يتمتع بكفاءة استطاع أن يبرزها جليّا في القنوات الفضائية الأجنبية بما فيها كبري القنوات العربية.. هذا إلي جانب الدور الذي يمكن أن تؤديه السلطة في تونس إذ من شأنها أن تقوم بدور كبير من أجل الارتقاء بالإعلام.

 

وكأنّ نجاح الإعلام مرتبط بمهاجمة السياسة؟

– نجاح الإعلام مرتبط بالدرجة الأولي بالكشف عن الحقيقة مع العلم أنه ليس هنالك حقيقة واحدة. وعموما أري أنّ الإعلام والسياسة وجهان لعملة واحدة وعلي كل طرف منهما احترام خصوصية الطرف الآخر لانّ الصحفي يتساءل دوما عن نسبية ما يمكن أن يتحقق من أي مشروع سياسي في حين أنّ السياسي ينظر دوما إلي المطلق ،فإذا كان السياسي نظيفا فإنّ الإعلام نظيف. وإذا كان الإعلام نظيفا فهذا يعني أن السياسيّ لا يوّد شراءه.

 

كيف تري أداء قناة الجزيرة؟وهل ستساهم الجزيرة الإنجليزية في جلب اهتمام الرأي العام الغربي وإطلاعه علي الأزمات والضغوطات التي تمرّ بها المنطقة العربية؟

– من المهم القول إنّ الجزيرة قناة محترمة جدّا وعلي درجة كبيرة من الاحتراف وهي تتمتع برواج كبير في الشارع التونسي.. لكن ما أعيبه عليها أنّها تصنع الفرجة السياسية علي الطريقة الأمريكية (برنامج الاتجاه المعاكس أنموذجا). كما أني أعيب عليها تجاهلها للحزب الشيوعي في تونس و لجمعية النساء الديمقراطيات عند تطرقها إلي الملّف التونسي وهنا يطرح السؤال لماذا؟فهل لان هذه الأطراف لها مبادئ تختلف وتوجهات الجزيرة. فعند الحديث عن المعارضة التونسية لا يمكن الاقتصار فقط علي الاتجاه الإسلامي وحركة النهضة الممنوعة في تونس بل من الموضوعي تسليط الضوء علي أطراف أخري علي غرار جمعية النساء الديمقراطيات التونسيات التي عرفت بعلاقاتها المتوترة مع الدولة وهي جمعية قديمة ولا يمكن الحديث عن المعارضة في تونس دون أخذها بعين الاعتبار.

أما بالنسبة إلي الجزيرة الإنجليزية ، فإنّي أري أنّ المسألة ليست لها علاقة باللغة ولكن في تناول الخبر.أي كيف يمكن أن يصل هذا الخبر إلي المتلقي الغربي (أوروبيا كان أو أمريكيا أو..) ولذلك علي القناة أن تعمل علي إيصال رسالتها باختراق نظامه هو (أي المشاهد الغربي) وليس أن تفرض عليه نظاما غريبا عنه.لانّ هذا المشاهد له بيئته الخاصة به وله مصادر أخباره.. ولا بدّ من أخذ تأثيرها بعين الاعتبار عند صياغة الرسالة الإعلامية الموجهّة إليه.

 

كيف تري المشهد الإعلامي التونسي بعد فتحه إلي الخوّاص؟

– أدعو إلي تفعيل دور المجلس الأعلي للاتصال الذي أراه مازال شكلياً. فعلي سبيل المثال منح صاحب قناة حنبعل الخاصة ترخيصا دون استشارة المجلس الأعلي للاتصال. ولا أري أنّها قد حققت إضافة إلي المشهد السمعي البصري. كما أنّه ليس من حقها الاستفادة من الأرشيف السمعي البصري دون مقابل .إذ من الممكن تمتيعها بأسعار تفاضلية وامتيازات أما أن تستغله دون دفع المقابل فهذا غير مقبول بالمرة لان هذه القناة خاصة وصاحبها رجل أعمال وعليه تحمّل مسؤوليته كاملة.

 

انتشرت في التلفزيونات الأجنبية والعربية ما يسمي بتلفزيون الواقع، كيف تري هذه الظاهرة؟ وكيف تفسرها؟

– في البداية لا بد من القول إنه عندما تنقل الصورة الواقع فإن الواقع هنا لم يعد واقعا. وهنا أذكر أنموذج التلفزيون الليبي الذي يقوم بتصوير الساحة الخضراء بكاميرات مفتوحة علي القناة. (إنه أنموذج لتلفزيون الواقع).

إن تلفزيون الواقع قائم بالأساس علي الفرجة وفيه نوع من الإغراء و من البصبصة وحب التطفل.مع العلم أن المشارك في الستار أكاديمي مثلا يعرف جيدا أن كل ما سيصدر عنه سيشاهده الآخرون وبالتالي هناك نوع من الميثاق الأخلاقي بين الطرفين.

 

كيف تقيم المشهد السينمائي التونسي علي ضوء الدورة 21 لأيام قرطاج السينمائية؟

– سأفاجئك بالقول إنه ليس لدينا في تونس مشهد سينمائي تونسي ولا أؤمن بأنه لدينا سينما تونسية بل أقول إنه لدينا أفلام سينمائية تونسية.فلولا المساعدة التي تقدمها الدولة (والتي تقدر عادة ب 500 ألف دينار) لا يمكن للمشروع السينمائي أن ينجز ويري النور. وعلي الرغم من أنه ليس لدينا منتجون في تونس.إذ نقوم بإنتاج فيلمين علي أقصي تقدير في السنة، لكن الأعمال التونسية متميزة برؤيتها الخاصة.

ومع ذلك، لا يمكن غض الطرف عن مميزات السينما التونسية والتي تتصف بتعدد مخرجيها كما أنها تتمتع بحرية الرؤية والمعالجة. ومن هنا، فمن الضروري احترام رؤية المخرج.

إن السينما هي رؤية شخص معين لزاوية معينة وهي ليست واقعا،فالبطلة مثلا ليست أنموذجا لكل النساء في المجتمع. ومن ثمة، لا يجب أن نسحب الخاص علي العام. أتذكر مرة أن المخرج الفرنسي الكبير فرنسوا بريفو تحصل علي جائزة في بيروت عن فيلم الليلة الأمريكية وقبل أن تسند له الجائزة تم عزف النشيد الوطني الفرنسي ورفع العلم الفرنسي، فلم يقم فرنسوا بريفو لاستلام الجائزة وقال لهم إنكم عزفتم النشيد الوطني الفرنسي ورفعتم العلم الفرنسي فاطلبوا من الجنرال (شارل ديجول) القدوم لتسلم الجائزة أما الفيلم فيمثلني أنا و ليس هو الذي أنجزه.

من جانب آخر، هناك من يتحدث عن عزوف المشاهد التونسي عن الذهاب إلي قاعات السينما. وأنا أعتبر أن السبب يكمن في انتشار القرصنة Piratage في المقابل، نستغرب من أن الدولة لا تريد تطبيق قانون تحجير القرصنة والموجود منذ 1984.

 

كيف هي علاقتك بمقص الرقيب؟

– (بابتسامته المعروفة وبقهقهة عالية يقول الأستاذ خميس الخياطي)…إنها علاقة طويلة وكبيرة.. فمعايير الرقابة متغيرة وغير ثابتة فما هو مسموح به اليوم يمكن أن يمنع غدا والعكس بالعكس.. لقد اشتغلت في الإذاعة والتلفزيون الفرنسي وتعودت علي عدم وجود الرقابة لأني لم أكن غبيا فقد كنت أعرف جيدا حدود مهنتي وسقف الحريات التي أتمتع بها.لكن عند عودتي إلي تونس واشتغالي في التلفزيون التونسي،اختلف الأمر فكنت أتعهد بانجاز البرنامج علي درجة عالية من الحرفية أما موضوع الرقابة فأنا أتركه للمسؤولين عن البث.علي الرغم من أني مقتنع شخصيا أنه لا حاجة للرقابة ما دام الصحفي يحترم قواعد مهنته.

أما اذا شئت الحديث عن علاقة الرقابة بكتاب تسريب الرمل ، فلا بد من الإشارة في البداية إلي أن الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات التي سبق أن نشرت في جريدة (القدس العربي) وأعدت صياغتها وتدعيمها بهوامش، دون أن أضع في اعتباري أن الكتاب سيمنع أو سيراقب لأني علي قناعة أن هذه المسألة لا تخصني.

وعلي الرغم من أن الفرصة كانت متاحة أمامي بأن أتعامل مع دور نشر خارج تونس لكني كنت مصرا بأن ينشر الكتاب في تونس لأني أقدم من خلاله رؤية تونسية.. ولذلك اتصلت بمسؤولين رفيعي المستوي لاطلاعهم علي المسألة. هذا علاوة علي المساندة التي حظيت بها من جمعية الصحفيين فضلا عن استعمالي لصحافة المعارضة للفت الانتباه إلي الكتاب الذي ظل محجوزا سنة بأسرها من أجل ورود ثلاث كلمات رأت السلطة المعنية ضرورة تغييرها.

 

تنافست الفضائيات العربية (وخاصة الإخبارية منها) علي بث صور إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ما تعليقك؟

– في البداية لن أقول جديدا أو شيئا غريبا عندما أؤكد أن ما فعلته الحكومة العراقية بإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين يوم عيد الأضحي يعد عارا بأتم ما للكلمة من معني. إذ أن عملية الإعدام في هذا اليوم بالذات تحمل في خفاياها و أبعادها رغبة في تأجيج الصراع الطائفي وما كان للحكومة العراقية بزعامة نوري المالكي أن تصبح طرفا في هذا الصراع.ثم إن السؤال يطرح نفسه :إنها تتهم صدام حسين بالطائفية (ضد الشيعة و الأكراد) لكنها تأتي بمثل تصرفه.فكيف لنا أن نعاقب سلوكا ثم نأتي مثله؟ ولذلك أساند شخصيا الموقف الأوروبي الذي يعارض عقوبة الإعدام .وعلي الدول والحكومات الاعتماد علي طرق أخري للعقاب لأن الحياة والموت بيد الله وحده.

أما في ما يخص عملية التصوير،فنقول أن تصور(بفتح الواو)عملية الإعدام كوثيقة تاريخية فهذا أمر عادي.لكن أن تصور لتبث علي القنوات الفضائية في ما بعد،فهذا مرفوض.تقول الحكومة العراقية إنها لم تعرف من قام بالتصوير وهذا أمر يصعب تصديقه لان الصور التي التقطت بواسطة هاتف جوال تكشف جليا زاوية التصوير L’angle de vue هذا فضلا عن الهتافات المخزية التي تم تسجيلها.. لقد كانت قناة العراقية أول من بث صور عملية الإعدام ثم تولت قناة بلادي بث صور صدام وهو ملقي علي الأرض ثم انتشرت الصور في الفضائيات العربية وسرت فيها سريان النار في الهشيم.

يجب أن نقر أنه استنادا إلي أخلاقيات المهنة ما كان لهذه القنوات أن تمرر هذه الصور لأن القناة بهذا تدخل في اللعبة السياسية لتتعامل بمنطق المزايدات والمنافسة أي من يمرر صورا أكثر، دون الانتباه إلي تأثير ذلك وحجم الشرخ الذي يمكن أن يحدث سواء داخل المجتمع العراقي أو غيره من المجتمعات العربية

 

(المصدر: صحيفة “الراية” (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 مارس 2007)

 


 

تونس: لكيْ نرتفع بمستوى السجال الفكري
سفيان الشورابي   على عكس الفترة الصيفية الموشكة على الانتهاء، و التي تميزت بنوع من الفتور النضالي و الركود السياسي من عدى محطات قليلة التأثير طالت الحقل النقابي، والجانب التنظيمي، عاشت الساحة الإعلامية غليانا كثيفا و نشاطا مثيرا، كانت عدد من المواقع الالكترونية التونسية ( التي لا يمكن الولوج إليها بالأساليب العادية من تونس ) محط رحاه. و بين سجال فكري متنوع و نقاش إيديولوجي ثري من جهة، و بين موجة سباب متدن و التجاء إلى مخزون الشتم و القذف بأشكاله التقليدية، اتسمت معظم الموضوعات التي حبرها كاتبوها من الناشطين في الميدانين السياسي و الجمعياتي، المهجرون منهم و المحليين، ومن مختلف ألوان الطيف السياسي، مستغلين ما مكنتهم منه الوسائط المعلوماتية من إمكانيات غير محدودة لتجاوز جميع أنواع الرقابة و المنع، وذلك للتطرق إلى جميع الطابوهات و تسليط الضوء على جملة من الثنايا الفكرية و الدينية و السياسية و العلمية و الفنية و الأدبية التي طالما وقفت السلطات ( أي كان جوهرها ) عن التفكير فيها حتّى. فلسطيـن مرة أخرى لم يكن موضوع الصراع العربي/ الإسرائيلي و تداعياته المختلفة، من النقاط المستحدثة أو الغريبة عن الشأن الثقافي و الإعلامي التونسي، وذلك على اعتبار تشابك عدد من المؤثرات التاريخية و اللغوية و الدينية و العاطفية مع قضايا منطقة الشرق الأوسط ومحيط الهلال الخصيب. فلا مندوح أن طلقة نار تُطلق ضد أم فلسطينية أو صرخة ألمٍ تصدر عن رضيع عراقي، تمس في العمق أفئدة و جوارح الإنسان التونسي أكثر حتى مما قد يتعرض إليه، هو نفسه، من نتائج سلبية لسياسة معينة. و الأكيد أن هذا التضامن الإنساني النبيل، في مثل هكذا عصر، مطلوب بشدة وبإلحاحية. غير أن نظرة سريعة عن ما صدر مؤخرا من طرف عدد المفكرين التونسيين تكشف أن حدود هذا التضامن تجاوزت الوضعية السليمة لها، لتأخذ شكلا من التعصب المفرط. و ما أزمة الصيف العابرة التي عبَرت المشهد الصحفي خلال الأسابيع الماضية إلا خير دليل. ففي بادرة هي الأولى من نوعها ، أعلنت جريدة الصباح التونسية اليومية، عن مسابقة بعنوان “إضاءة حمامة بيكاسو للسلام”، يشارك فيها أطفال إسرائيليون و فلسطينيون و تونسيون و أسبان و أتراك و غيرهم ل لتعبير عن آرائهم في السلام ، حسب ما ورد في نص الدعوة. و تتركب لجنة التحكيم من ممثلين عن مؤسسة بيكاسو الأسبانية و صحيفة القدس الفلسطينية و مركز بيريز للسلام الإسرائيلي. و أثار هذا الإعلان ردة فعلا سريعة و عنيفة صدرت عن عدد من الكتاب الصحفيين إلى جانب جزء من النخب المثقفة التونسية. و وقّع العشرات على عريضة، اعتبروا فيها ما وقع ” عملا من أعمال التطبيع المباشر مع العدو الصهيوني مغتصب أرضنا ومضطهد شعبنا والمعتدي على أمتنا وقاتل أطفالنا “، و مطالبين ” صحيفة الصباح التونسية وبقية الصحف العربية بالانسحاب من المسابقة الصهيونية “. و عن رأيه حول هذه القضية، أفادنا الصحفي زياد الهاني، أن “نبل قضيتنا و صدق موقعنا، يحثنا، دون مواراة، على المشاركة المكثفة في مثل هذه المسابقات للتأكيد على أننا دعاة سلام فعلا، على عكس ما يأتيه الإسرائيليون من تصرفات و سياسات مضادة للسلام”، معربا عن رفضه لسياسة المقعد الفارغ. و تطورت الأمور في هذا المنحى، إلى درجات عالية الخطورة، بتصريح الصحفي منجي الخضراوي عن اعتزامه ” مقاضاة عدد من رموز التطبيع في تونس ماداموا مستمرين في هذا النهج التطبيعي الذي يخالف الأعراف العربية” ، على حد تعبيره . و هو ما يكشف، أولا و على الأقل، ضمور المستوى الحواري، و تداعي الأسلوب السجالي، ليعوضوهما العودة إلى التهديدات اللفظية و اللجوء إلى الجهات القضائية لتصفية خلاف في الآراء و الطروحات بين فرقاء في الخطوط الفكرية. القضـايا الدينيـة و لم ينحصر ضيق الصدر في تقبل المواقف المخالفة حول المثلث المركزي المعهود؛ العرب/ إسرائيل/ الغرب. بل طال في جانب منه الإشكاليات العقائدية و الجوانب الدينية. فتثير جريدة “الوطن” الأسبوعية التي يصدرها حزب معارض معتدل، قضية تشيّع عدد من التونسيين مؤخرا في بلد عُرف عنه وحدته الدينية، و تبنيه المنهج السني المالكي في غالبية أطوار تاريخه. و إذا اعتمد كاتب التقرير، على الأسلوب الصحفي الإخباري دون سواه، للتعرض لموضوع محرم إلى حد ما في بلد تضيق فيه حرية الإعلام، فان موجات الردود الحادة التي غزت عدد من المواقع الانترنت أكدت، بشكل لا لبس فيه، عدم انحسار سلطان الرقابة و العقاب على الجهات الرسمية، بل امتد انغراس تأثيراتها، و لو بشكل مغاير، داخل البنيان الفكري للنخب الثقافية. فالسيد عماد الدين الحمروني، المسؤول على جمعية آل البيت الثقافية – و هي هيكل معترف به يركز على الجانب الوعظي و الدعوي لفائدة المذهب الشيعي – نعت من تطرق لهذا الموضوع بـ” المنافق ي ن ومن في قلوبهم مرض في حملتهم الإعلامية و السياسية و الاستخبارتي ة”. في حين تهجم الأستاذ الجامعي هشام بن علي على أبناء تلك الطائفة واصف إياهم بكونهم ” يخططون لتكون تونس بعد عقدين أو ثلاثة من الزمن مثل لبنان أو العراق، يتنازع أهلها طائفيا، بين الأغلبية السنية وحزب الله التونسي، ويقسم بعض مواطنيها بالولاء الصادق القاطع للولي الفقيه السيد علي خامنئي، أو السيد علي السيستاني، أو من يقوم مقامهما، ويعتقدون دينيا وشرعيا أن أوامر الولي الفقيه مقدمة على أوامر الحكومة التونسية والقوانين المعمولة بها في البلاد “. و في مقال آخر، بعنوان “خطاب الفتوى على الإنترنت: الذمّي و المرأة في مرآة الاستفتاء و الإفتاء”، استعرضت من خلاله الأستاذة سلوى الشرفي مضامين الفتاوى الدينية الصادرة حديثا و محاورها، في بحث استبياني حام حول عدد من المنابر الالكترونية المختصة في مثل هذا الشأن و نبشت في فحوى اهتمامات المسلم المعاصر بفعل الزمن فقط. و لم يكن الرد على نفس مستوى الدراسة من حيث الصبغة الأكاديمية، بل انعرج إلى منعطف خطير و مخيف، وصل إلى حد التكفير حين اعتبر السيد عبد الحميد الدعاسي ما كتبته السيدة الشرفي ” من الأمور السافلة التي حشت بها مقالها، ما يجعل كلّ مسلم (مهما قلّ تديّنه) يجزم بأنّ هذه المرأة لا تعرف الله ولا تؤمن به، ولو فعلت لخشيته وخافته ووقّرته، ولحسبت لكلّ حرف تكتبه أو تنقله ألف حساب “. و مما لا شك فيه أن التقوقع الإيديولوجي داخل كوسموس مغلق وهمي، باسم عقيدة فكرية أزلية مقدسة لدرجة التأليه، هي عملية التوصيف الوحيدة لأتباع خيار العنف اللفظي كأداة رئيسية للإجابة عن أسئلة مثقفين آثروا ملامسة زوايا قائمة الذات و لكنها مخفية بفعل التأثيرات الما-قبلية المتوارثة، و نتيجة، أيضا، لتقلص فضاءات المبارزة الفكرية التي تنهل من العقلانية منهجا أساسيا دون سواها. و تتقلص الخيارات في هذا الاتجاه من سوى ضرورة الرفض المطلق للنزول بالمقارعات الثقافية و الدينية و السياسية إلى مستوى قُبر ما انبلاج العصور الحديثة. * صحفي من تونس   
 بتاريخ 01 سبتمبر 2007(الكترونية) المصدر: أخبارنا. كوم

 
:الرابط
في ذكرى تحويل القبلة : أي دلالات في الماضي والحاضر؟

الحلقة الخامسة الأخيرة.

 
المعنى الخامس : وحدة الأمة هي أبلغ موعظة إستلها القرآن الكريم من تجربة الإسرائيليين. تدبر معي مليا هذا التأكيد المتتابع المتكرر بصيغ متقاربة : 1 ـ ” فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره “. 2 ـ ” ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام “. 3 ـ ” ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم “. كل من قرأ كتاب الله سبحانه مرة واحدة ليس أكثر يدرك بما لا يدع أدنى مجال لريب أبدا بأن وحدة الأمة فريضة مفروضة وواجب موجوب ومقصد أسنى ومبدأ أعظم وكلية كبرى بل هي من جنس ما لا يتم الواجب إلا به لتغدو إقامتها في النفوس وفي الأرض عبادة وعمارة وخلافة وسيلة وغاية في الآن ذاته. ليت شعري لو يدرك المسلمون اليوم تلك الحقيقة العظمى فيؤمنون بها حتى النخاع ثم يعملون مجتمعين على نقشها في دوائرهم المختلفة دائرة بعد دائرة. لو لم يجن المسلم اليوم من الوحي الخالد غير ذاك لتحررت أرض محتلة سليبة وطرد الإستبداد من أخرى وحل الرغد بدل القحط والإجتماع بدل التفرق وكان التنوع المنشود تنوعا بناء إيجابيا فاعلا لا تتسلل منه مؤامرات العدو ويقع في حبائله ضعاف النفوس. كلما إنجر قلمي أو لساني إلى الحديث عن وحدة الأمة برغم تعددياتها الفطرية والمكتسبة إبتلاء سرت رعدة في أوصالي تكاد تمزق الضلوع إربا إربا ويظل الصاحبان في يعتلجان متخاصمين : تجديد الأمل في نسج خيوط الوحدة ولو لبنة لبنة وتسلل القنوط في جمع أمة نخرتها تافهات الخلافات من رأس الحاكم إلى إخمص المحكوم. ألم يكن كافيا أن يأمر سبحانه نبيه عليه الصلاة والسلام بالتوجه إلى البيت الحرام في الصلاة مرة واحدة في الآيات السالفات؟ ما سر ذلك التكرار المتتابع كأنه نذير عريان يقول بأعلى صوته فما يلبث أن يعيد قالته مرة بعد مرة؟ ما سر ذلك في كتاب أحكمت آياته ثم فصلت جاءت بوظائف كثيرة على رأسها تحدي أمة الكلمة حتى سحرت أمة الكلام سحرا وقالت فيه ما لم تقله في أشعارها التي تعقد لها مؤتمر عكاظ السنوي ” والله إن أعلاه لمورق وإن أسفله لمغدق وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه ليعلو ولا يعلى “. لن تجد تفسيرا لذلك سوى أن وحدة الأمة مقصد مقدس لا يدوسه فيها إلا جاهل يجب أن يعلم فيتعلم أو منافق يجب أن يؤدب فيتأدب أو عدو محارب يجب أن يصد فينصد. لقد قال قبل ذلك ” وما بعضهم بتابع قبلة بعض ” أي أن الإسرائيليين بعد خروجك عن قبلتك الموحدة سابقا مع قبلتهم لن يظلوا على قبلتهم تلك بل سيتفرقون شذر مذر شر فرقة وهو ما حصل بعد ذلك بقليل وتكرر في التاريخ مرات ومرات لعل أشهرها ما عرف بالحروب الدينية في أروبا قبل ظهور ثوراتهم الأخيرة التي كان شعارها ” أشنقوا آخر قسيس بأمعاء آخر ملك “. ولم يكن حالهم قبل ظهور الإسلام بأفضل حال بل كانوا مشردين في الأرض يستعبدهم الرومان وما بعث موسى وعيسى عليهما السلام إلا لتخليصهم من ذلك. لقد إعتبر القرآن الكريم في بعض آياته أن التفرق كفر وذلك ليس من باب صرف المجاز إلى الحقيقة فحسب ولكن من باب التنبيه إلى آثار وعواقب الفرقة التي تؤدي إلى الكفر حقا وهو ما يلتقي بوجه من الوجوه مع حد الحرابة الذي يلتقي بدوره مع حد الردة الخارجة المستعلنة المستقوية. أشعر في أحيان كثيرة بأن الأقلام ولو تأبطتها أنامل صاحب الكشاف والتحرير والتنوير وشوقي والشابي عليهم الرحمة أجمعين لا تسعها الإبانة عن المطلوب في مسألة الوحدة الإسلامية من لدن الأمة جمعاء وبأن الألسنة ولو كانت في مثل بيان لبيد الذي مدح النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام بعض شعره .. أدنى من ذلك كذلك. فريضة الجماعة في الأمة أول فريضة : لكم عانى فقهنا مما عانى لما عبأ العقول ناشئة وشابة بأن أول فريضة هي الصلاة وهي خطأ فادح دون أدنى ريب. ولن تقوم حجة في ذلك مؤداها أن الفقه فقه لا صلة له بالسيرة وأن السيرة سيرة لا صلة لها بالفقه. إنما أوتينا من ذلك : فصل الدنيا والنفس والعلم والتاريخ والأشياء والسنن والأسباب والأقدار بعضها عن بعض فكانت النتيجة الطبيعية المنظورة هي : تشظينا وتفرقنا وقديما قالت العرب : كيف يستقيم الظل والعود أعوج. حركة تدوين العلوم وحركات علمية أخرى كثيرة بسبب نشوئها في عصر الإنحطاط لم تكن لتسلم بالكلية من آثار الإنحطاط وإذا أردت إستيعاب المسألة بأكثر دقة فأنظر إلى بعض حركتنا اليوم لتلفى بأن جزء منها لم يكن ليسلم من آثار التغريب الذي نواجهه. ليس ذلك من جنس اللعنة ولكنه من جنس حسن فقه أيلولات الأشياء والأمور متلبسة بمناخاتها وظروفها سنة مسنونة لا يملك حيالها الإنسان سوى حسن الإستيعاب وتحريك الإرادة لحسن الإصلاح معولا على الصبر الجميل وعامل الزمن بتراكماته وترسباته وتحولاته وأجياله الجديدة. لم تكن الصلاة في الإسلام هي أول فريضة ولكن كانت الجماعة في الإسلام هي أول فريضة بعد فريضة الإيمان بالله واليوم الآخر والدليل هو أن كل من يسلم يومئذ لا يسعه تعبيرا عمليا عن صدق ذلك والتأهل للتضحية في سبيله إلا الإلتحاق بالجماعة الصغيرة المؤسسة الأولى في حضن دار الأرقم إبن أبي الأرقم. لم يكن ذلك على سبيل التطوع أو التبرع ولكن كان على سبيل الفرض والإلزام حتى مع إنتصاب الحواجز دونه والعذابات من حوله وقد وصلت حد خروج شهامة قريش عن طوقها الذي شبت عليه قرونا في إثر قرون مما حدا بها لأول مرة تقريبا في تاريخها إلى قتل إمرأة بسبب إصرارها على حريتها في إختيار دينها فكانت أول شهيد في الإسلام. ألم يكن يسعه عليه الصلاة والسلام أن يرأف بذلك النفر الصغير القليل فيلهمه كلمة التوحيد سرا ثم يدعه حتى لقاء قابل؟ ألم يكن يسعه عليه الصلاة والسلام أن يلقى كل واحد منهم مرة كل يوم أو كل أسبوع فيحدثه بما يريد في غفلة من عيون قريش المتربصة؟ لم يعرضهم للهلاك وهم حديثو عهد بشرك وإسلام معا؟ لم أصر على ذلك ثلاث سنوات متتاليات؟ لن تجد تفسيرا لذلك سوى أنه عليه الصلاة والسلام كان يعلمهم فقه الجماعة مباشرة بعد فقه التوحيد لا بل قل إن فقه التوحيد لا يتم تعلمه سوى بفقه الجماعة وفقه الجماعة هو الفقه الوحيد في الدنيا الذي لا تكفي فيه التوجيهات والكلمات والإشارات والعبارات ولكن لا بد له من ميدان فوق الأرض يزاول فيه لأن حلاوته لا تتم باللسان ولكن بالجنان. أليس مؤسفا أن تسأل اليوم مليارا ونصف مليار من المسلمين عن فرائض الإسلام وواجباته أو عن مقاصده ومبادئه وكلياته وعن عظائمه وكبائره ومقدماته وعن أصوله ومنابته .. فلا تكاد تلفى من يقول لك : الجماعة والوحدة واحدة من ذلك دون ريب؟ ثم تسأل بعد ذلك السؤال الذي نطرحه على أنفسنا في اليوم ألف مرة ومرة : ما هي أسباب تفرقنا؟ ثم تسأل بعد ذلك السؤال الذي نطرحه على أنفسنا في اليوم ألف مرة ومرة : كيف نتوحد من جديد رغم تعددياتنا الكثيرة فطرة وكسبا لنحرر الأرض السليبة ونطرد الدكتاتورية العمياء التي تحكمنا ونرغد بالعيش فوق الأرض حتى حين؟ ألا تسأل نفسك مرة واحدة في الحياة هذا السؤال : ما الذي جعل الفاروق عليه الرضوان يجيب عن سؤال النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام بكلمات أدخلت السرور إلى قلبه وأثلجت فؤاده وهو الجواب الذي لم يدر بخلد صحابي فضلا عن مؤمن من بعدهم أبدا؟ ألا تتدبر ذلك السؤال وتلك الإجابة ؟ سألهم عليه الصلاة والسلام قائلا : هل أنتم مؤمنون؟ فلجمت الحيرة أفواههم لفجاءة السؤال وغرابته وجدته فأطرقوا إلا الفاروق قال : بلى فلما واصل معلم الناس الخير عليه الصلاة والسلام الإمتحان ليطمئن قلبه قائلا : أي دليل على دعواك يا عمر؟ لم يتردد ولم يتلعثم ولكن جاء بجواب بديع عظيم خرق به الصمت المطبق بل جدد به العلم فقال : نؤمن بالقضاء ونشكر في السراء ونصبر على الضراء. جرب بنفسك وإطرح اليوم بعد إنتشار العلم ومنه هذا الحديث الصحيح على مليار مسلم ونصف مليار لتلفى كل الإجابات إلا قليلا جدا هي : الدليل هو إيماني بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والرسل وربما زاد ما زاده الحديث أي الإيمان بالقضاء والقدر أو تجد جوابا آخر هو : الدليل هو أني أقيم الصلاة وأوتي الزكاة وأصوم رمضان وأحج البيت. عندها قل في نفسك : شتان بين تلميذ نجح في الإمتحان لفرط إتساع دماغه الإلكتروني لما يلقى إليه وبين تلميذ نجح في الإمتحان لفرط دقة فقهه لما يلقى إليه. ما ذكره الفاروق مخالف في الصيغة لما تقرر بالحرف في القرآن الكريم والسنة ولكنه موافق أشد الموافقة لفقه الرسالة التي جاء بها الإسلام. إنه الفرق الشاسع بين العلم والفقه ولم تعد أمتنا بحاجة إلى علماء ولكن بألف حاجة وحاجة إلى فقهاء. كفتنا التطورات المعاصرة العلم بأشمله وأجمعه ولكن أبنا إلى قالة إبن عباس ” نحن اليوم في زمن كثير فقهاؤه قليل حفاظه وسيأتي زمان يقل فقهاؤه ويكثر حفاظه”. سوق ذلك الحديث أبغي به فقه سبب تخلفنا وتأخرنا والدلائل على ذينك الأمرين تلفاها عن يمين وشمال. ألست أنت سوى رقم في أرض محتلة أو رقم آخر في أرض يأكلها الإستبداد الأعمى بأسماء كثيرة وعناوين أكثر؟ النكبة الناكبة فينا هي عندما نرجع أسباب ذلك إلى غير أمرين خطيرين ينخراننا نخرا أليما : 1 ـ غياب الحرية رمز كرامة الإنسان التي عبر عنها فقهنا القديم بقوله ” العقل مناط التكليف ” والصياغة المعاصرة المناسبة هي : الحرية مناط التكليف “. 2 ـ غياب الوحدة رمز المرجعية السياسية للأمة. عندما تكون أغلبية الأمة اليوم لا تقر بذاك فلا ترى في غياب الحرية ولا غياب الوحدة خطرا كبيرا محدقا .. عندها لا أمل لك في الخروج من المأزق إلا بالإبتداء ببناء ثقافة الحرية وفقه الوحدة بين المسلمين يوما بعد يوم حتى يأذن الله سبحانه بتحول آخر وعهد آخر وجيل آخر. وحدة القبلة إذن وحدة شعورية كبرى ووحدة دستورية عظمى وليست وحدة جغرافية فحسب : ما ذا كان يضير المسلمين لو توجه كل واحد منهم أو كل جماعة منهم في الصلاة إلى أي قبلة إتفق؟ أليس الله سبحانه لا يحده زمان ولا مكان و” أينما تولوا فثم وجه الله “؟ ما هو دور دقائق معدودات في حياة كل مسلم وكل جماعة تولي وجهها شطر المسجد الحرام في اليوم والليلة ثم تصرف حياتها خارج ذلك على أساس مغاير لذلك؟ في هذا المفصل بالذات من الحديث لا بد من فقه الوعي بقضية الرمزية في حياة الناس. الرمزية معناها الدلالة على الشيء بغير الطريق المعهود أي بالإشارة أو الإقتضاء أو كلمة الجسد وفن التعبير غير المنطوق ولكن في كل الأحوال ليس بالعبارة وإن كانت العبارة ذاتها تحتمل الرمزية دون ريب. لقد ضربت لذلك في مرات كثيرة مثل التيمم. التيمم لا يزيل قذارة أبدا ولا يطهر بدنا بإتفاق العقلاء ولكن رغم ذلك جعل بديلا عن الوضوء والغسل ليس بديل عين كما يقال أي ليس لقضاء ما تقضيه الطهارة المائية ولكن لخدمة مقصد أسنى آخر وهو : التعبير عن الإنقياد والإسلام لله وحده سبحانه من ناحية أما الشق الثاني منه فهو تأهيل النفس دوما حتى في حال عدم القدرة وما يلحق بها على الإستعداد للتطهر بدنا ونفسا ومكانا وثوبا. أمر القبلة شبيه بذلك. المقصد منه توحيد الأمة على قبلة واحدة مما يلقي في النفوس شعورا بالوحدة النفسية والشعورية وهو الشرط المشروط لتفعيل وجوه التوحد الأخرى من مثل التعاون على مقاصد العبادة والعمارة والخلافة وغير ذلك. ذلك يعني أن الإسلام لحريص أشد الحرص على تجميع كلمة الأمة في كل عمل وقول وسلوك إلا فيما لا بد فيه من التعدد والإختلاف والتنوع فذلك لا مجال فيه للوحدة لتنمو الحياة وتسير حركة الكون وتتحقق إرادة الرحمان سبحانه. لا بد إذن من فقه مقصد القبلة الواحدة التي أكد عليها القرآن الكريم في هذه الآيات تأكيدا عجيبا غريبا وحشد لها من أساليب التكرار المتتالي ما يجعل الأفئدة مشدودة إليه. أبلغ درس من فقه القبلة الواحدة هو : الأمة واحدة هي حقيقة عظمى ما يجب تخطيها بحال من الأحوال وهو عمل متواصل لا يني ولا يتردد ولا يتقدم عليه عمل آخر دون ريب. وحدة الأمة من وحدانية الله سبحانه الذي إرتضى لها دينا واحدا ونبيا واحدا وكتابا واحدا وقبلة واحدة وعبادة واحدة وسلوكا واحدا وشريعة واحدة ومنهجا في الحياة واحدا كما إختار لها من قبل مصدرا واحدا ورسالة واحدة  ومآلا واحدا. إنها الوحدة التي لا تزيدها التعدديات الفطرية والمكتسبة إلا قوة وثباتا تحت لواء وحدانية الله سبحانه وتحت سقف الإسلام العظيم. وحتى عيد جديد في ذكرى قبلة قديمة عتيقة أستودعكم من لا تضيع ودائعه ودائعه. الهادي بريك ـ ألمانيا.


 

في منتدى الذاكرة الوطنية:

المقاومة الوطنية المسلحة ودور الجنوب التونسي

 

ضمن منتدياتها الدورية حول «الذاكرة الوطنية» نظمت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات امس السبت 1 سبتمبر القسم الاول للقاء جاء تحت عنوان: “دور الجنوب التونسي في المقاومة المسلحة والحركة الوطنية بين الاعتراف والتجاهل”.

 

تم في فعاليات هذا اللقاء تسليط الاضواء على مرحلة هامة من التاريخ الوطني والسياسي المعاصر للبلاد التونسية. فقد قام الباحثون التاريخيون الجامعيون، الكتاب والمناضلون الذين حضروا هذا اللقاء النبش في الذاكرة ومقاربة وقائع تاريخية وقع اهمالها قصدا حسب بعض الحاضرين او تناسيها لاسباب مختلفة حسب البعض الآخر. وقد كانت اهم الادبيات والوثائق التي مثلت ركائز هذا اللقاء كتاب صادر سنة 2006 تحت عنوان: «ثورة، ثوار وانتصار: تاريخ الحركة الوطنية المسلحة 1952-1954» ألفه بالاشتراك عبيد منصور الشرايطي ضابط أمن متقاعد ومقاوم والبشير نصر زيدي وكيل أول بالجيش التونسي وكذلك تقرير رسمي عن حركة المقاومة الوطنية في الجنوب انجزه ونشره في الصحافة كشهادة الطيب بوعمراني وهو ضابط سابق في الحرس الوطني.

 

كما جاءت الشهادات الشفوية من جانب المقاومين اهمهم المناضل الطيب بن بلقاسم ناجح المولود بالحامة سنة 1914 ومؤسس جمعية «الحديد والنار» الى جانب اشرافه على تدريب ثلة من المناضلين والقياديين اهمهم: يانس بن فالح ومحمود بن حسونة..

 

وقد ارتقى النقاش الذي اداره الدكتور منصف الشابي، الكاتب والناشر الى مستوى عال من الصراحة والشفافية.

 

هل تعاونت لجان الرعاية مع الجيش الفرنسي؟

 

من بين القضايا الهامة التي فجّرها السيد بن خذر احد المقاومين المتدخلين ليطرحها على اهتمام المؤرّخين الحاضرين هو مدى تعاون لجان الرعاية التي انبثقت عن المقاومة الوطنية المسلحة مع المستعمر الفرنسي وجيشه المعتدي متسائلا حرفيا «لماذا يقاتل الجيش الفرنسي الى جانب لجان الرعايا. هل من اتفاقية؟

 

تردد هذا السؤال الحارق عديد المرات على ألسن المتدخلين فجاء الجواب على لسان أحد مؤلفي الكتاب المذكور، عبيد منصور الشرايطي وهو أن لجان الرعاية تحالفت مع الجيش المستعمر وذلك ضد حركة الطالب العربي (أو الزيتوني؟؟؟) التي كانت تنتشر في البلاد. ثم جاء تدخل الباحث الاجتماعي والروائي، الاستاذ نور الدين العلوي ليدفع بالنقاش الى ضفاف ومجالات أرحب.  فقد طرح بوصفه مهتما بهذه المرحلة الهامة من تاريخ النزاع المسلح في تاريخ الحركة الوطنية ويعد عنه رواية قادمة اسئلة مهمة من قبيل التالي:

 

ـ لقد اتهمت القيادات السياسية للحركة الوطنية وعلى رأسها الزعيم بورقيبة ان المناضلين يمثلون العروش بجهلهم وبالتالي فهم لا يستطيعون النضال الا عندما ينزل القائد. وبالتالي فكيف استطعتم وأنتم تمثلون الحركة المسلحة في الجنوب بشرقه وغربه لملمة الخلافات الجهوية المزعومة؟

 

ـ اصدرت منطقة الحامة نوعا من «الفارمان» او الامر باعدام  كل من يتعاون مع الاستعمار. اريد تفاصيل عن اعدام الخونة كما أطالب بأرشفة اسمائهم والتأريخ لهم.

 

ـ كيف كانت تتم تغذية المناضلين وتموينهم لاستمرار جهدهم في النضال والقتال؟

 

ـ كيف قبلتم كمناضلين بتسليم السلاح والمقاومة لا تزال في أوانها ولم نجن ثمار نضالها؟ وبعد ان تدخّل اغلب الحاضرين مستثنين الزعيم الراحل مرددين: «الا الطاهر الاسود لم يسلم سلاحه»، تدخل كبير الحاضرين وشيخ المناضلين في الجنوب الطيب بن بلقاسم ناجح مجيبا حول هذه الاسئلة ومبينا ان الحزب الحر الدستوري درس هذا الموضوع، وسعى لدعم  معنويات  والشد على ايادي المقاومين في كل مكان وتوعيتهم اطراف النهار والليل.

 

اما عن الوشاة والعملاء «القوادة»، فقد بعث احد المراقبين عن طريق أحد اعوانه افادة ان الزعيم لزهر الشرائطي سيقع القبض عليه في العميرة واعدامه.

 

اما من وشى بالشهيد لزهر الشرائطي فهو المدعو ابراهيم بن نصر اثر ذلك تم اقالة ابراهيم بن نصر من الحزب بعد ان مُنع المقاومون الاحرار من الحصول على امر سياسي من الحزب وقادته آنذاك احمد المستيري، جلولي فارس وسلايمية من تنفيذ حكم الاعدام في شخص العميل ابراهيم بن نصر، ثم وقع الخلاف في امر اطلاق سراح المقاومين له فتدخل القائد يانس بن فالح يأمر باطلاق سراحه. لكنه ومع ذلك فقد تم تتبعه من بعض المقاومين الرافضين العفو عنه ليتم رميه في بئر  ليموت.

 

ومن جهة اخرى فقد تم اعدام عملاء آخرين من قبل  القائد الطاهر لسود (2 من القوادة)، القائد يانس بن فالح (4 قوادة)، بذلك تم القضاء على القوادة من تطاوين الى خمير كما اوضح المتدخل.

 

وعن تموين الثوار بالغذاء ذكر كبيرهم من مدينة الحامة المتدخل الاخير ان الهادي عبد الكريم تطوع لتمويل الثورة المسلحة بمائتي دينار في كل مناسبة وهو مبلغ هام عندما كان ثمن الخروف 5 دنانير.

 

ومن جهته تفاعل أحد المناضلين السيد فرحات الشرائطي مع سؤال الاستاذ نور الدين العلوي فبين ان مسألة العروش لم تكن بالشكل الذي هولته قيادات سياسية ذكرها في سؤاله: «لقد كان المناضل الساسي شائبي ابن الحامة ضيفي في العميرة بولاية قفصة لمدة هامة. اما عن تموين المقاومين فانهم كانوا ينقسمون لفرق تضم ستة او سبعة افراد ينزلون في كل مرة لدى عائلة من مساندي الثورة.

 

اما عن تسليم السلاح فقد واصل السيد فرحات الشرائطي بياناته بان «المقاومة لم يصبها الكلل لتلقي بالسلاح وانما استجابت لنداء القيادة السياسية» اثر اجتماع ديسمبر 1954» موضحا ان «المقاتلين لم يعطوا السلاح الحقيقي وذلك لاجتناب خديعة المفاوض الفرنسي المستعمر بل لقد كنت صعدت في سيارة أحد المقاومين احمد دوري لانقل السلاح الحقيقي الثقيل للمناضل الشهيد لزهر الشرائطي واخفائه بمدينة صفاقس.

 

كما اعطى منشط الحوار>> الشابي الكلمة للأستاذ محمد بن ساسي جابر عضو نادي البحوث والدراسات في الحامة، هذا النادي الذي ينظم سنويا مؤتمر الطاهر لسود للحركة الوطنية ليثير مسائل تتعلق بالاضافة الحقيقية التي يقدمها البحث التاريخي في اثارة المسائل التاريخية وتدقيق الروايات الشفوية.

 

بعث متحف لتاريخ المقاومة

 

 تدخل الدكتور عبد الجليل التميمي باعث مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ليطالب ويتساءل عما يلي:

 

ـ ضرورة الحذف من مصطلحاتنا وقاموسنا اللغوي كلمة «عصابة» لانها لا تليق بالمجاهدين او الفلاّقة.

 

ـ غياب استراتيجية للمقاومة المسلحة وهو ما أضرّ بها متسائلا في نفس السياق عمّن اقنع المقاومين من الحزب بترك السلاح بعد ان أمر بورقيبة وزيره السابق مصطفى الفيلالي تجميع السلاح من القيروان الى الجنوب

 

ـ هل للمقاومة قائمة واضحة ومفصلة في هؤلاء المتواطئين مع الاستعمار الفرنسي خاصة وان الامر في فرنسا واضح حول هذه القائمة.

 

وهنا عاد المناضل فرحات الشرائطي ليجيب عن اسئلة الدكتور التميمي مبينا ان «من كلفه الحزب بالتدخل لدى المقاومين لتسليم السلاح هو حسين بوزيان مؤكدا على ان السلاح الصحيح لم يسلم الى فرنسا وغياب التذبذب بين المقاومين.

 

كما استعاد انفاسه شيخ المقاومين الطيب ناجح الذي حضر هذا المنتدى الهام رغم تقدمه في العمر

(94 سنة) وصحته المتداعية ليتدخل معلقا على تدخلات الحاضرين وخاصة تلك التي اشار لها الدكتور التميمي مشيرا الى ان احد المناضلين وهو محمد بن عدنان دُعي في السنين الاخيرة لتمثيل المقاومين الوطنيين التونسيين في مؤتمر عقد ببلد المليون ونصف شهيد (الجزائر) عن الحركات التحررية. اكتشف هذ الاخير والدهشة تعتمله ان متحف المقاومة يتكوّن من خمس طوابق يضم كل البيانات والشهادات عن كل مقاوم وشهيد من هؤلاء المليون ونصف.

 

هنا عاد الدكتور عبد الجليل التميمي ليشكر المناضل الكبير الطيب بن بلقاسم عن هذه الملاحظة الهامة مبرزا اهتمام المؤسسة بسجل المناضلين مشيرا بدوره الى هذه المتاحف التي يضمّها بلد مثل تركيا عن تاريخ البلاد، متسائلا عن عدم بعث الدولة التونسية لمتحف خاص عن المقاومة.. كما اوضح ان مؤسسته التي بعثها للوجود تقوم بمجهود للحفاظ على جزء بسيط من الذاكرة الوطنية للأجيال القادمة التي ستسائلها ذات يوم عن تغييبها لهذه الانجازات. ثلاث ساعات ونيف من النقاشات الثرية كانت حصيلة هذا الجزء الاول من المنتدى الهام في سياق الذاكرة الوطنية عن دور الجنوب في الحركة الوطنية في انتظار مواعيد قادمة.

 

المنذر شريط

 

(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس)، الصادرة يوم 2 سبتمبر 2007)


تنافس الجامعات الفرنسية والأنكلوساكسونية في المغرب العربي

رشيد خشانة – تونس

 

اشتد وطيس التباري بين الجامعات الناطقة بلغة فولتير وغريمتها الناطقة بلغة شكسبير في منطقة المغرب العربي، على رغم ترجيح استمرار سيطرة الفرنسية في الأمد القريب.

 

في هذا السياق، أفادت مصادر فرنسية أن مشروع إنشاء فرع لجامعة “دوفين” الباريسية في تونس باستثمارات خاصة بات جاهزا من النواحي المالية والإدارية والتربوية (البيداغوجية)، وأكدت أن الإفتتاح سيتم في الفترة القريبة المقبلة من دون إعطاء ميقات مُحدد.

 

تشترك في تمويل المشروع كل من مجموعة مبروك (التي تملك سلسلة سوبرماركات “مونوبري” و”جيان” ومصانع منسوجات وعقارات) ومجموعة الشايبي (التي تملك سلسلة سوبرماركات “كارفور” و”شامبيون” وفنادق فخمة) ومجموعة “بنك تونس العربي الدولي“.

 

وأوضحت المصادر أن إقامة فرع جامعة “دوفين” أتى نتيجة اتفاق كامل بين الحكومتين وأن الشهادات التي سيسلمها الفرع ستكون لها قيمة علمية معادلة لشهادات الجامعة الأم، خاصة أن كثيرا من أساتذة الجامعة الفرنسية رحبوا بالتدريس في تونس لأسباب مناخية أولا، ثم لتضاؤل طلاب الدكتوراه الذين يحتاجون لتأطير أكاديمي، وهو ما سيكون متاحا لهم بنسبة أعلى في تونس.

 

وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أكد في تصريحات أدلى بها بمناسبة جولته المغاربية الأخيرة، أنه “على فرنسا، أكثر من أيّ وقت مضى، أن تكون بجانب تونس في «المعركة من أجل الذكاء»”، مُعتبرا أن هذه المعركة تدور أولاً في مجال التعليم العالي وواعدا بـ “شراكة مُهيكلة” بين فرق البحوث والمؤسسات الجامعية في البلدين “في المجالات الواعدة، مثل تكنولوجيات الإعلام والاتصال أو البيوتكنولوجيا“.

 

ويُعتبر مشروع إقامة فرع لجامعة “دوفين”، الأول من نوعه في شمال إفريقيا، إذ ظهرت مشاريع مماثلة في الخليج، بالنظر للإمكانات المالية التي أتاحت إقامة فروع لجامعات بريطانية وأمريكية وفرنسية عريقة، خاصة في دبي والدوحة، لكن طلاب المغرب العربي لم يتمتعوا بالإمكانات المتاحة لزملائهم الخليجيين فاتجهوا منذ بواكير القرن الماضي إلى فرنسا أساسا لمتابعة دراساتهم العليا.

 

ويوجد حاليا عشرة آلاف طالب تونسي مُرسمين في الجامعات الفرنسية على سبيل المثال وأعداد الجزائريين والمغاربة أكثر من ذلك. وفي إطار سياسة الهجرة الجديدة التي تنتهجها أوروبا لإقفال المنافذ أمام تدفق الشبان المغاربيين عليها، صار الفرنسيون يستخدمون جميع الوسائل لتطويق مصادر الهجرة، وفي مقدمتها الطلاب الذين أخضعت إجراءات منحهم التأشيرة إلى قيود صارمة بدعوى أنهم سيصبحون طُلاب شغل بعد التخرج.

 

ورغم أن فرنسا، أسوة بباقي البلدان الغربية، تستفيد من الكفاءات العليا المهاجرة التي تكون عادة قد تلقت تكوينا لا بأس به في بلدانها الأصلية قبل الهجرة، فإنها تتضايق من “المتساقطين” الذين يخفقون في دراستهم ويتحولون إلى مصدر ضغط إضافي على سوق العمل. بهذا المعنى، يشكل نقل مُدرجات الجامعات الفرنسية (وربما الأوروبية الأخرى في مرحلة لاحقة) إلى هؤلاء الطلاب في بلدانهم أفضل سد أمام “هجوم” المهاجرين، لأنه يستبقيهم في مواطنهم ويقضي على مبررات الهجرة، فلا تعود المشكلة فرنسية – مغاربية وإنما قضية داخلية للبلدان المُصدرة للمهاجرين. أكثر من ذلك، تتيح هذه الصيغة فتح باب الهجرة بشكل انتقائي على نحو يستقطب النوابغ في جميع التخصصات للعمل في المخابر والمستشفيات ومراكز البحوث والجامعات الفرنسية والتخلي عن الأقل نبوغا.

 

وتم اختبار نجاعة هذه “المصفاة” من خلال المعاهد التحضيرية للدراسات الهندسية، التي ساعدت فرنسا على إقامتها في بعض البلدان المغاربية وبذلت من أجل إنشائها مساعدات مالية وفنية سخية، وقدمت لها البرامج والمُقررات والكتب كي تكون قادرة على فرز الصفوة التي تستحق متابعة الدراسة في معاهدها الهندسية من جهة، والجمهور الباقي الذي لا خيار أمامه سوى التسجيل في معاهد البلد، من جهة ثانية.

 

وجامعة بالإنكليزية

 

غير أن جامعة “دوفين” لن تكون التجربة الجامعية الأولى في تونس، فقبلها أنشأ رجال أعمال معروفون، على رأسهم الدكتور محمود التريكي، خريج الجامعات الأمريكية، جامعة على ضفاف بحيرة تونس تُدرس جميع المواد بالإنكليزية، وتمنح الجامعة، التي أطلق عليها اسم “الجامعة الخاصة لجنوب المتوسط”، الماجستير في إدارة الأعمال بالإنكليزية.

 

وشكلت هذه التجربة أول شرخ في مرآة الهيمنة الثقافية للغة الفرنسية على النظام التعليمي التونسي، وإن سبقتها إلى اعتماد الإنكليزية “جامعة الأخوين” في المغرب الأقصى. وسعى الدكتور التريكي، رئيس الجامعة من خلال زيارات مكثفة إلى بلدان الخليج إلى زيادة عدد المساهمين في المشروع، وخاصة من الممولين السعوديين، بُغية تحويلها إلى جامعة دولية تستقطب الطلاب العرب.

 

وطبقا لمصادر مطلعة، استطاع تحقيق تقدم مُـهم في هذا السبيل، بما سيعطي الجامعة وجهة جديدة تستثمر عزوف الأثرياء العرب عن إرسال أبنائهم للدراسة في أمريكا وأوروبا بعد موجة العنصرية المضادة للعرب، التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر 2001، لاجتذابهم إليها.

 

وتُعتبر الجامعة التونسية على مقاس هؤلاء، لأنها تتيح لهم استكمال التعليم الذي تلقوه بلغة شكسبير في بلدانهم الأصلية، من دون إحداث قطيعة في مساراتهم والإستفادة في الوقت نفسه من وجودهم في بيئة عربية إسلامية أليفة. وليست “الجامعة الخاصة لجنوب المتوسط”، الجامعة الخاصة الوحيدة في تونس، فهناك 21 جامعة خاصة ومعهد عال آخر، إلا أنها الوحيدة التي تعتمد الإنكليزية بدل الفرنسية في مقرراتها ومناهجها الدراسية.

 

أما على الصعيد المغاربي، فإن “جامعة الأخوين” في منطقة إفران الجبلية المغربية كانت ولا زالت هي الأولى التي تعتمد المناهج الإنكليزية وتُدرس جميع المقررات بلغة شكسبير في بيئة مغربية تُهيمن عليها لغة فولتير. وتسمية الأخوين أتت من رعاية الملكين الراحلين الحسن الثاني وفهد بن عبد العزيز لهذا المشروع، الذي أشرفا على تدشينه في سنة 1992 وجعلا منه مؤسسة جامعية للنخبة، إذ لا يتجاوز عدد الطلاب المسجلين حاليا 1200 طالب من 17 بلدا، وهم ينتمون إلى العائلات الموسرة، لأن رسوم الدراسة مرتفعة (حوالي 6000 دولار في السنة).

 

واعتُبرت هذه الجامعة، التي يُدرِّس فيها أساتذة أمريكيون وبريطانيون لامعون “هارفارد العرب”، أسوة بأعرق الجامعات الأمريكية، وهذا مؤشر واضح على التعالي على سُلم التصنيف الفرنسي واعتماد مرجعية أنكلوساكسونية خالصة. ويُدرس في الجامعة، التي أنشئت على مساحة 40 هكتارا وعلى ارتفاع 5000 قدم في جبال إفران السياحية الشهيرة، نحو مائة أستاذ نصفهم من الأجانب ونصفهم الآخر من المغاربة ذوي الجنسية المزدوجة (هذا الإعلان مجاني).

 

واللافت، أن مجلس إدارة الجامعة، الذي يرأسه محمد منير المجيدي، مدير المكتب الخاص للملك محمد السادس، يضم إلى جانب شخصيات حكومية وأكاديمية مغربية، شخصيات أكاديمية مرموقة من الولايات المتحدة وسويسرا وألمانيا وفرنسا، بالإضافة إلى الرئيس السابق للبنك الدولي جيمس ولفنسون.

 

الخاسر الأكبر

 

مع ذلك، لم يشكل هذا المنحى الرامي للقطيعة التدريجية مع اللغة الفرنسية والعالم الثقافي الفرنكوفوني عموما، خطرا جديا على لغة فولتير في المغرب، وإن اقتحم أحد معاقلها الرئيسية خارج فرنسا، إذ تُصنف المنظمة الدولية للفرنكفونية هذا البلد بوصفه أكبر دولة يتحدث سكانها الفرنسية في إفريقيا قبل الجزائر.

 

ومن هذه الزاوية، يمكن القول أن “جامعة الأخوين” لا زالت مثل الجامعة الخاصة لجنوب المتوسط، جزيرة صغيرة في بحر واسع يسبح في اللغة الفرنسية. أكثر من ذلك، يأمل الرئيس الفرنسي ساركوزي أن يؤدي مشروعه المُـسمى الإتحاد المتوسطي إلى “تأمين بناء تدريجي لمجال أوروبي متوسّطي حقيقي للتعليم العالي والبحث”، يمكن لفرنسا أن تلعب فيه دوراً محرّكاً”، ومن هذه الزاوية اعتبر أن “مشروع الجامعة الفرنسية التونسية، الذي سيقوم مع جامعة باريس “دوفين” يكتسي أهمية كبرى”، مثلما أكد لدى زيارته الأخيرة لتونس.

 

غير أن الخاسر الأكبر من المسارات المعتمدة حاليا في التعليم العالي، هي اللغة العربية التي تراجع مستواها بين الطلاب، على رغم تعريب كثير من المقررات في الجامعات المغاربية خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في تخصصات العلوم الإنسانية.

 

واعتبر أكثر من أستاذ جامعي أن الطلاب أصبحوا “جالسين بين كرسيين” مثلما يقول المثل الفرنسي، فلا هم متشبعون بلغتهم وثقافتهم العربية، ولا هم مسيطرون على لغة أجنبية واحدة على الأقل، ويتجلى ذلك في عزوفهم عن قراءة المراجع بأي لغة كانت واستسهال اعتماد الملخصات والجذاذات التي توفرها شبكة الإنترنت لدى تحضير الفروض أو إلقاء العروض أمام زملائهم.

 

وما من شك في أن لجوء الحكومات طيلة العقدين الماضيين إلى التجريب وتطبيق مخططات “إصلاح” متعاقبة، يجُب على كل واحد منها ما سبقه، لعبا دورا أساسيا في فقد الجامعات المغاربية الإستقرار وإخفاقها في بلورة شخصيتها الأكاديمية والثقافية المتميزة. وزادت ضغوط المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي، المشهد تعقيدا، إذ فرضت التخفيف من القيود السابقة لربط الجامعات بالسوق، وتحديدا بمتطلبات القطاعين، الصناعي والخدمي، وزعزعت مجانية التعليم.

 

والنتيجة أن الجيل الذي ولد في ظلال الدولة الوطنية المهووسة بتحديث قشري والمقيدة بـ “نصائح” البنك الدولي، وجد نفسه بلا ماض ولا حاضر وبات كالخشبة التي تتقاذفها المراكز والأقطاب الأكاديمية الغربية، من دون القدرة على الوصول إلى مرساة.

 

(المصدر: موقع “سويس انفو” (سويسرا) بتاريخ 2 سبتمبر 2007)


دول المغرب تصل متأخرة إلى إعلام العولمة
بقلم: ميلود بن غربي

نعم العولمة الاعلامية كانت سلبية على الدول المغاربية بجميع المعايير والمقاييس، فهذه الدول لم تسارع لاتخاذ اجراءات تكفل لشعوبها الحضور والمشاركة الفعلية في عصر الاعلام الا في المدة الأخيرة وذلك في المغرب وتونس أساساً، حيث سمحت الحكومة التونسية بإنشاء قناتين تلفزيونيتين مستقلتين هما: حنبعل ونسمة، أما المملكة المغربية فقد سمحت بدورها لـMedi Sat بالبث من طنجة شمال المغرب وهي قناة تلفزيونية اخبارية رأس مالها 45 مليون يورو على أساس ان تكون المساهمة في رأس مالها بـ 56 % بالتساوي بين المؤسستين المغربيتين “صندوق الايداع والتسير”، و”اتصالات المغرب”، و30 % للشركة الدولية للاذاعة والتلفزة cirt و14 % لاذاعة Medi 1 الدولية.

فبالرغم من أن أولى الاذاعات والتلفزات في العالم العربي عمومية ومن إنشاء الدولة، بما فيها تلك التي وجدت في لبنان، فإن الأمر مختلف في المغرب. فعلاوة على أن الاذاعة المركزية التي ورثها المغرب الأقصى عن الاستعمار الفرنسي، كانت هناك كذلك اذاعات حرة تبث من مدينتي تطوان وطنجة في شمال البلاد قضت حكومة عبدالله ابراهيم باغلاقها سنة 1958 بموجب مرسوم للكتابة العامة، أما عن التلفزة فان اولى القنوات في المغرب كانت تجارية ومن مبادرة متمولين انشأوا قناة telma سنة 1953 تغطي برامجها مدينتي الدار البيضاء والرباط، لكنها سرعان ما أغلقت بعد سنة من الاشتغال ثم ظهرت مرة أخرى مع استقلال المغرب ثم اختفت نهائياً.

يعزى عدم استمرار التجربة المغربية الرائدة آنذاك لقانون الاعلام السمعي والبصري في المغرب، والذي كان يقوم على نص من نصف صفحة يقضي بالاحتكار العمومي لوسائل الاعلام السمعية والبصرية، والذي تم الغاؤه في ظل التحولات السياسية الراهنة التي يشهدها المغرب، بينما ما زالت دول الشمال الأفريقي تتمسك بتلك النصوص التي عفا عنها الزمن وعزلت تلك البلدان في فضاء العولمة الواسع.

يعتبر لبنان أول بلد عربي يسن قانوناً عملياً لتنظيم البث التلفزيوني والاذاعي وقد استغرق اعداد هذا القانون نحو اربع سنوات حفلت بجهود متواصلة بذلها أهل الاختصاص من قانونيين واعلاميين، حيث افضى ذلك القانون إلى تنظيم الحياة الاعلامية في لبنان، بعدما بلغ عدد المحطات التلفزيونية 42 محطة لا تلتزم جلها الأنظمة والقواعد الدولية في استخدام القنوات والموجات وتجهيزات البث والارسال وفي الامكانات المادية والتقنية والمهنية وفي نوعية البرامج ومستوى الاداء الاعلامي.

وبالرغم من أنه لم يقدر لكل تلك المحطات التلفزيونية أن تستمر في اداء رسالتها الاعلامية فان المحطات التي بقيت على الساحة اظهرت قدرة فائقة على اظهار صورة لبنان في الوطن العربي، وهي تتوجه إلى العالم العربي بما فيه المغرب العربي الذي تلقى فيه هذه القنوات نسبة مشاهدة عالية اذ اضحت تنافس أقوى القنوات التلفزيونية الفرنسية الكثيرة التي خصت المغرب العربي بالبرامج والحصص منذ زمن بعيد خصوصاً القناتين الخامسة والثانية.

الأكيد ان المغرب العربي ساحة خصبة للتنافس الاعلامي الأجنبي وذلك في ظل عدم تواجد اعلام خاص. ولا مجال للحديث طبعاً عن منظومة الاعلام الموجه التي طالما أرقت المواطنين في الدول المغاربية وما زالت، وهو ما أدركته القنوات التلفزيونية اللبنانية والعربية التي كرست اهتماماً اكبر لمنطقة المغرب العربي. فخلال الأشهر القليلة الماضية اطلقت عدة تلفزيونات في المشرق قنوات فضائية خاصة لتلك البلدان، وكانت قراراتها مبنية على دراسات تتعلق بحالة السوق إلا انه وكما يبدو، وبالرغم من تلك الدراسات، فإن الاهتمام بهذه المنطقة يعود لاعتبارات سياسية ولا يحمل أبعاداً اقتصادية في ظل وجود تنافس في ما بين دول الخليج العربي الرائدة في تمويل تلك القنوات.

ولكن السؤال الذي يطرح هو: هل الالفتاتة الطيبة التي قامت بها القنوات التلفزيونية المشرقية لتشمل افريقيا بفتحها مكاتب لها في تونس وموريتانيا والمغرب كفيلة بأن ترفع العزلة وتشبع نهم المشاهد المغاربي وتلبي حاجاته للترفيه والمعلومات والأخبار؟ اما ان ذلك لا يغدو الا أن يكون مغامرة بلهاء، وأن السلطات الجزائرية كانت على صواب حين أغلقت مكاتب القنوات التلفزيونية الفضائية المشرقية والعربية لأنها تسيء للقيم وأخلاق المجتمع ببث الرذيلة والاشاعات والأكاذيب! وإن القنوات العمومية وحدها هي المؤهلة والقادرة على تفهم آمال وآفاق المواطنين، فالسلطة الرابعة يجب أن تبقى تابعة للدولة ـ لماذا سميت سلطة اذاً؟ ـ وتؤدي خدماتها وفقاً لذلك المفهوم الذي لم يتمكن الشعب الجزائري من استيعابه؟ برغم “عشرية” (سنوات الحرب الأهلية العشر) الدمار والنار والتعتيم التي عاشها!!

 

(المصدر: صحيفة “المستقبل” (يومية ـ لبنان) الصادرة يوم 2 سبتمبر 2007)

 

الشاعرة جميلة الماجري:

الابداع لن يكون ترفا فى هذا الزمن العربى الحزين

حوار: عبد المجيد دقنيش

 

هى غادة قيروانية أطلت علينا ذات ربيع بـ”ديوان الوجد” فأسرتنا من النظرة الأولى، وتواصلت رحلة الشعر والكلمة من خلال “ديوان النساء” ثم تلاه ديوان “ذاكرة الطير” المتوج بجائزة أبو القاسم الشابى للشعر التى تتبناها احدى المؤسسات الاقتصادية.

 

تكتب الشعر والقصة القصيرة والمقال الأدبى وتنشر بالصحف التونسية والعربية منذ مطلع السبعينات. هذه هى الشاعرة جميلة الماجرى المتحصلة على العديد من الجوائز الوطنية والعربية مثل جائزة وزارة الثقافة عن أحسن ديوان شعرى لسنة 1994 وجائزة الطاهر الحداد الرئاسية فى اليوم الوطنى للثقافة سنة 2003 وجائزة زبيدة بشير عن “الكريديف” لسنة 1994 وجائزة سعيد عقل اللبنانية بيروت2001. متحصلة أيضا على وسام الجمهورية ووسام الاستحقاق الثقافى الصنف الثالث والرابع، وفى سجلها عديد المشاركات العربية والعالمية من خلال الأمسيات والقراءات الشعرية فى مصر ولبنان والجزائر والامارات واسبانيا وفرنسا والأردن والعراق وليبيا وألمانيا. مقلة فى أحاديثها الصحفية ولكنها رحبت بهذا الحوار الخاص للعرب وفتحت قلبها وعقلها وتحدثت كما لم تتحدث من قبل.

 

* متى اكتشفت أنك لا يمكن أن تكونى إلا شاعرة؟

أكاد أجزم بأننى منذ وعيت وبدأت أتهجى الحروف فى المدرسة الابتدائية وأحسست بجمال المحفوظات والأناشيد وإيقاعها أدركت بل أيقنت بأننى لا يمكن أن أكون إلا شاعرة.

 

*الابداع بالنسبة إلى جميلة الماجرى هل هو وجع وضرورة حياتية أم ترف؟

لم يكن الابداع لدى ترفا أدبا، بل هو وليد المعاناة وترجمان الهموم الخاصة منها والعامة وهل يمكن أن يكون الابداع ترفا فى هذا الزمن العربى الحزين؟

 

* ما هى طقوس الكتابة لديك؟

للكتابة لدى طقوس مقدسة منها الاختلاء بالقصيدة، والتفرغ لها واختيار أوقات تجليها مثل ساعة الفجر. فالقصيدة أنانية ومدللة تتطلب الهدوء والتأمل وإلغاء كل مشغل سواها.

 

* فزت أخيرا عن ديوانك “ذاكرة الطير” بجائزة شاعر تونس الكبير أبو القاسم الشابى فما هو شعورك كأول إمرأة تونسية تفوز بهذه الجائزة؟

أكيد إنه شعور خاص خاصة أن هذه الجائزة التى كانت مخصصة فى دورتها الأخيرة للشعر فزت بها هذه السنة من بين أكثر من 140 مشارك وكنت بذلك أول إمرأة تونسية تفوز بها فيما فازت بها عن الرواية فى الدورة السابقة الخاصة بالرواية كاتبة أردنية وفى دورة سابقة أخرى كاتبة سورية عن القصة القصيرة.

 

* “ذاكرة الطير” هو عنوان فيه كثير من الايحاء والرمز فلماذا “ذاكرة الطير” تحديدا؟

للطير ذاكرة قوية وعجيبة فالطيور تهاجر كل موسم وتعود إلى أوكارها ولا تنساها ولا تخطئ طريقها إليها رغم قطعها آلاف الكيلومترات من مشارق الأرض إلى مغاربها. وأنا كنت مأخوذة منذ صغرى بعودة طيور الخطاف “السنونو” كل ربيع إلى أعشاشها الصغيرة التى تبنيها فى سقوف البيوت العتيقة فى القيروان. وفى هذا كثير من الايحاءات فالطير وفيّ للمكان، وذاكرته رمز لقوة الذاكرة التى لا يقهرها النسيان ولا يخذلها الزمن.

 

* تجربة “البنك التونسي” كمؤسسة اقتصادية تتبنى الثقافة هى تجربة رائدة ورغم وجود تجربة أخرى فى “الكومار الذهبي” إلا أننا مازلنا فى تونس والعالم العربى نفتقر إلى تشجيع الشركات الخاصة والمؤسسات الاقتصادية للأدب والثقافة، فما رأيك فى مسألة دخول المؤسسات الاقتصادية الخاصة فى مجال الاستثمار الثقافى حتى يتطور الانتاج؟

ليت المؤسسات الاقتصادية تدرك أن دعم الأعمال الابداعية جزء من دورها الوطنى والحضارى وحتى دورها الأساسى الاقتصادى والتجارى إذ يمكنها أن تستثمر فى الأعمال الابداعية والمنتوج الثقافى فتستفيد وهذا من حقها وتفيد وتساهم فى النهوض بالعمل الفنى والثقافى وتطويره مع العلم أن الدول والأنظمة فى العالم العربى تشجع المؤسسات الاقتصادية على ذلك لكن رغم ذلك فهذه المؤسسات مازالت للأسف لم تع هذا الدور ولم تنخرط فيه كما يقتضى واجبها الوطني، ولم تدرك بعد أن ذلك يمكن أن يتحول إلى استثمار إذ أن الثقافة منتوج مثل أى منتوج تجارى عادي.

 

* تعاملت مع الفنانة سنية مبارك فى تجربة ناجحة من خلال ديوانك السابق “ديوان النساء” فهل ستتواصل هذه التجربة خاصة مع ما يتردد من افتقار المشهد الغنائى التونسى والعربى إلى الكلمات الجيدة أم أن الأزمة برأيك مفتعلة؟

لى أعمال أخرى مع الفنانة سنية مبارك هى بصدد الاشتغال عليها. وهناك تجربة جديدة مع مطربة أخرى طلبت منى قصائد للتلحين.

أما الأزمة ففى اعتقادى لا تتعلّق بالكلمات إنما بهبوط مستوى الأغانى وضعف الكلمات يعود إلى عدم اهتداء الملحنين والمغنين إلى النصوص الجميلة والتعامل مع شعراء مقتدرين وهذا عائد إلى أسباب عديدة منها أنهم تعودا على التعامل مع من يسمون أنفسهم “الشعراء الغنائيين” وهذا أوقعهم فى التكرار والتشابه وجعل تجارب أولئك الشعراء المطلوبين مهترئة ومستهلكة. كما أن الملحنين والمغنين غالبا ما يعدون أعمالهم بارتجال وتسرع ولا يتأنون ولا يجتهدون كثيرا فى البحث عن النصوص الجيدة وهى موجودة كما أن هناك قطيعة بين الشعراء والموسيقيين فهما طرفان يجهلان بعضيهما.

 

* جميلة الماجرى الأم والمربية والكاتبة هناك سؤال يفرض نفسه وهو افتقار الأطفال فى العالم العربى إلى أدب وأغان موجهين يبتعدان بهم عن ترديد أغانى الكبار ويحبّبانهم القراءة والمطالعة. فما رأيك فى هذه الظاهرة؟

صحيح، هناك تقصير كبير من كتابنا العرب وحتى من السينمائيين والمسرحيين والموسيقيين فى الاهتمام بالانتاج للأطفال. وهى ظاهرة خطيرة لأن ذلك يجعل أجيالنا من الأطفال الذين هم رجال ونساء الغد، ينشأون بلا ذاكرة ولا هوية ولا ثقافة وطنية تؤصلهم وتجذرهم فى أصولهم وبالتالى يغدو من السهل ذوبانهم فى ثقافات أخرى وهويات أخرى، علينا جميعا أن نفكر بجدية فى هذه المسألة. فهذه قضية كبيرة نحن لا نقدر خطورتها خاصة فى عصر العولمة هذا الذى أصبح فيه العالم قرية. إذا لم نوجه أطفالنا ولم نعرّفهم بخصوصيات حضارتهم وهويتهم فستجرفهم رياح أخرى.

 

* إذا كانت مفردة “لا” خارج الوزن، فهل بإمكان قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية التى تكتبها جميلة الماجرى أن تقول “لا” فى زمن الانحناء؟

قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية لدى الشاعر الحقيقى المتمرس بفن الشعر والمتشبع بايقاعاته قادرة على احتواء كل المعانى بفنيات راقية تستعصى على أدعياء الشعر الذين يركبون موجة السهولة ولا دراية لهم بأسرار هذا الفن فيجنحون إلى إتهام قصيدة التفعيلة أو القصيدة العمودية بالتقصير ويعتقدون أن الوزن قيد وأن تلك القصيدة غير قادرة على الثورة وقول “لا” وهذا اعتقاد ناتج عن جهل وقصور ورغبة فى تغطية العجز. فانظر إلى ما يحفظ من أشعار الثورة والرفض وما يغنى منها وما نردده فى أوقات الشدة وما هو خالد فى هذه المعانى فستجده شعرا موزونا موقعا ولا تجد خارج هذا النمط من الشعر الحديث من قال “لا” ورفع صوته بها أبدا.

 

* الشاعر والمبدع الحقيقى فمه ملىء بالمستقبل ولكن هناك عدة إتجاهات ومدارس شعرية تكرس الاتكاء على الماضى والموروث الحضارى واستلهام جغرافيا الأمكنة لكتابة النص الحديث. ألا يكفى القصيدة العربية حنينا وتكرارا واجترارا؟ أنترك بغداد ولبنان و….ونتغنى بالأندلس والقيروان فى زمن السقوط المدوي؟ الاتكاء على الموروث ألا يقتل النص الحديث برأيك؟

الشعر والابداع عموما لا يمكن أن ينتج عن عدم ومن دون ثقافة موسوعية ثرية ولا يمكن أن يكون لقيطا منبتا بلا جذور معرفية وثقافية ضاربة فى العمق ومن دون قراءة ومعرفة للموروث الثقافى والشعرى والتاريخى لأن الابداع وتواصل بين الأجيال، بل بين كل فئات الانسانية ليفيد من تجاربها ويكون عليما بها حتى يستطيع أن يحقق الاضافة. ولا أعتقد أن استلهام التراث واستحضار التاريخ والجغرافيا والأمكنة أمرا سهلا وإتكاء على الجاهز، بل فى ذلك معان وأبعاد كثيرة جدا يضيق المجال عن عرضها والحديث عنها. وسأكتفى بالقول إن فى ذلك عملية فنية منها اللجوء إلى ما يسمى فى النقد الأدبى وفنيات الكتابة “بالقناع”، وإذا استحضر الشاعر اليوم القيروان والأندلس لا يعنى أنه يتجاهل بغداد ويقف على الاطلال ويجتر الماضي. بل إن العملية أشد تعقيدا وأعمق وأبعد مدى من هذه التهمة التى يرمى بها أدعياء الحداثة ما يعجزون عن الاتيان بمثله. فالحداثة لا تعنى الانبتات وضياع المعنى والهذيان ورجم كل لفظ قديم يحتويه النص وذلك كله عائد إلى الفراغ الثقافى الذى يأتى منه هؤلاء. فهل تجد حضورا لمعاناة شعب العراق اليوم وانتهاك الحضارة وتهميش الأمة فى قصيدة “حديثة” من التى يدعون إليها يرددها الناس فى الشوارع وتحرك السواكن وترتج لها المنابر وتكون فاعلة؟!

 

*ألهذا علاقة بمطالعاتك وما نلاحظه فى نصوصك من ذوبان وتناص مع عديد النصوص الكلاسيكية من عيون التراث العربي؟

غير صحيح، فليس هناك تناص فى نصوصى مع نصوص قديمة أو حديثة وليس هناك ذوبان لنصوص شعرية أخرى من التراث فى شعرى وأتحدى أيا كان أن يجد ذلك فأنا أستطيع أن أدعى أن تجربتى متفردة لا تشبه تجربة أحد إنما أنا أستقى من التراث العربى الاسلامى واستوحى كثيرا من قصائدى من أحداث وشخصيات أستحضرها أو أوظف تجاربها لأثرى خيالى الشعري. وإذا اشتركت مع غيرى فى ذلك فأنا كتبت بأسلوبى وبرؤيتى المختلفتين. أما عن مطالعاتى فأنا أقرأ كثيرا كثيرا من القديم وأمهات الكتب العربية والشعر القديم كله ومن الحديث شعرا ورواية، كما أقرأ أحيانا بالفرنسية.

 

* ذاكرة المكان والقيروان كثيرا ما تحضر فى قصائدك فهل لهذا علاقة بالنشأة؟

القيروان موحية وملهمة لكل أبنائها الشعراء قديما وحديثا بمخزونها التراثى الكبير وبتاريخها وخصوصياته الحضارية وأنا أؤمن كثيرا بتأثير المكان وإيحاءاته.

 

* كثرت التظاهرات والتسميات التى تحاول أن تنحو بالأدب وتقسمه إلى نسائى ورجالى فهل يمكن أن يخضع الأدب لمثل هذا التصنيف؟

أنا ضد هذا التقسيم، فالأدب عمل إنسانى يكتبه ويتناول قضاياه المشتركة كاتب رجل أو كاتبة امرأة. فقد كتب رجال على لسان المرأة وكتب نساء على لسان الرجل ونجحت تجاربهم. فليس هناك أدب رجالى وأدب نسائى بل هناك خصوصيات للمواضيع المتناولة يمكن أن تثرى التجربة ولا تستنقص منها مثلما يذهب إلى ذلك البعض الذين يدعون إلى هذا التصنيف المجحف والذى وراءه مقاصد ناتجة عن نظرة خاطئة ونوايا مبيتة يريد أصحابها من ورائها اقصاء ما تكتبه النساء عن دائرة الأدب ككل. كما أننى لا أؤمن بأدب شباب وأدب كهول أو شيوخ فالشابى وطرفة بن العبد ورامبو ماتوا وهم شباب وتركوا إنتاجا لم يرق إليه ما كتبه أناس عاشوا طويلا وكتبوا وهم كهول وشيوخ، وعبروا عن تجارب أكبر من أعمارهم، فالكتابة ليس لها عمر ولا تحدد قيمتها أو محتواها بأعمار أصحابها.

 

* كثيرا ما حضرت مفردات وقاموس الحب والعشق والهوى فى قصائدك فما هى تيمة الحب عند جميلة الماجري؟

الحب فى نظرى هو ما بلغ من العواطف أرقى مراتب الانسانية. الحب بمعناه المطلق الانسانى الواسع، تلك العاطفة النبيلة نحو كل ما هو جميل وكل كائن حي، وهو التجاوز عن أخطاء الآخرين وتجاوز الذات.

 

* هل أنت متفائلة بمستقبل الأدب التونسى وخاصة الأصوات الشعرية فى ظل الميل الكبير إلى كتابة الرواية الذى تشهده الساحة الأدبية؟

نعم أنا متفائلة جدا بمستقبل الأدب التونسى شعرا وسردا أى فى مجال الرواية، عندنا إنتاج جيّد وتجارب متفردة وقامات مديدة، ما ينقصنا هو المشروع الاعلامى حتى نأخذ المكان الذى نحن جديرون به فى الساحة العربية والعالمية.

 

(المصدر: صحيفة “العرب الدولية” (يومية ـ لندن) الصادرة يوم 1 سبتمبر 2007)

 


وزير الداخلية الجزائري يبدي ليونة ازاء تأسيس قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ لحزب إسلامي

 

الجزائر ـ القدس العربي من مولود مرشدي: لم يغلق وزير الداخلية يزيد زرهوني أمس الباب أمام إمكانية تأسيس حزب إسلامي جديد علي أنقاض الجبهة الإسلامية للانقاذ المحظورة.

وقال زرهوني علي هامش افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان الجزائري في رده علي سؤال بخصوص رغبة قياديين سابقين في الجيش الإسلامي للإنقاذ (الجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة) انه بإمكانهم ايداع ملف في هذا الشأن وسنري بعد ذلك .

واذا كان وزير الداخلية لم يعط أية توضيحات أخري إلا أنها تعد المرة الأولي التي يتخذ وزير الداخلية الجزائري موقفا أكثر ليونة إزاء نية قيادات الحزب المحظور تأسيس حزب سياسي جديد.

وسبق لزرهوني ان اكد في العديد من المرات استحالة تأسيس حزب إسلامي حتي وان كان بتسمية مغايرة لخلافة الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تم حلها بداية سنة 1992 مباشرة بعد إلغاء نتائج أول انتخابات عامة تعددية في الجزائر.

وجاءت تصريحات وزير الداخلية تعليقا علي تصريح أدلي به أمير ما كان يسمي بالجيش الإسلامي للإنقاذ مدني مزراق نهاية شهر تموز (يوليو) اكد فيه حق مناضلي الجبهة الإسلامية تأسيس حزب يؤطرهم ويمكنهم من دخول الانتخابات المحلية القادمة.

وقال انه لا احد بإمكانه الوقوف في وجه هذه الرغبة تكريسا لمبادئ الصالحة الوطنية. وكان رابح كبير العضو القيادي السابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ عبر لدي عودته الي الجزائر العام الماضي من منفاه بألمانيا عن رغبته في تأسيس حزبي إسلامي جديد سيكون وعاء لتجميع أنصار الحزب المحظور ولكن دون القيادات السابقة له في اشارة الي عباسي مدني وعلي بلحاج. ولكن كبير الذي ترأس اللجنة التنفيذية للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الخارج عاد الي منفاه بمبرر ان الظروف غير مواتية ومواصلة مسعاه انطلاقا من ألمانيا.

 

(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2007)

 

 

بذكراها الـ38 “قصة الثورة” الليبية في غياب صانعها

إلياس تملالي

 

لو تعلق الأمر ببلد آخر لبدا الأمر عاديا, لكن ألاَّ يظهر الزعيم الليبي معمر القذافي إلا لماما في ذكرى ثورة قادها قبل 38 عاما, ولا يلقي خطابا بات تقليدا, فهذه مسألة تطرح أكثر من سؤال, تحديدا لأن الحديث عن ليبيا, حيث الشخص له معنى, ورمزية تفوق رمزية المؤسسات أحيانا.

 

عوّد القذافي الليبيين على التغيب فترات لينعزل في خيمته في سرت, لكن لم يعودهم على التغيب عن احتفالات الفاتح. هذا التاريخ في ليبيا رمز لمشاريع يدشنها “القائد” ويراد لها أن تكون “عظيمة مثله”.

 

هذه المرة, اكتفى “القائد” بحفل عشاء حضره ضيوف ليبيون وأجانب في سرت، وبدل الخطاب السنوي, اكتفت وسائل الإعلام ببث “قصة الثورة” كما كتبها صانعها, رغم أنه موضوع خيض فيه مرات ومرات.

 

غير أن نجل الزعيم الليبي, سيف الإسلام (35 عاما) -الذي لا يملك منصبا رسميا- ظهر خلال شهر أغسطس/آب وهو يدشن مشروعا هنا ومشروعا هناك, ووراءه كل طاقم الحكومة, تماما كما يليق برئيس دولة. إلا أنه لم يكن له أي حظور يوم ذكرى الثورة الليبية.

 

المحرمات

وقبلها دعا سيف الإسلام في خطاب في بنغازي إلى فتح منابر التعبير, لكنه حدد المحرمات أيضا وهي الشريعة والقرآن، وأمن ليبيا واستقرارها, ووحدتها ومعمر القذافي, وذكر بأن النظام السياسي في ليبيا بحادجة إلى دستور ينظم العلاقة بين الليبيين, في خطاب حرص على أن يستلهم فيه من بيان الثورة.

 

الظهور المتزايد لسيف الإسلام يعود إلى سنوات, بدا خلالها أقرب إلى وزير خارجية منه إلى رئيس مؤسسة خيرية هي مؤسسة القذافي, وقاد خلالها ما يمكن تسميته بدبلوماسية الأزمات, فكان حاضرا في أزمة رهائن غربيين في الفلبين وفي لوكربي وفي قضية أطفال الإيدز, حين تحدث للجزيرة بجرأة عن تعذيب تعرض له المتهمون البلغار, لكنه لم يشرح لماذا لم يتدخل بحكم السلطة –التي أتاحت له كشف الانتهاكات- لمنعها.

 

والشهر الماضي التقى المبعوثُ الأميركي ديفد وولش الذي كان يحضّر لزيارة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس, سيفَ الإسلام ولم يستطع لقاء القذافي الذي تردد أنه رفض الاجتماع به, وترك أمر الحديث إلى الضيف الأميركي لنجله.

 

ليس له ما يقوله

يقول الصحفي إدريس بن الطيب الذي يكتب في صحيفة “ليبيا اليوم” الإلكترونية إن القذافي غاب بهذا الشكل لأنه ربما أحس بضرورة التخلص من أشياء تقليدية من قبيل الخطاب التقليدي الذي يلقيه في المناسبة, أو “فقط لأنه لم يجد ما يقوله”.

 

ويقول للجزيرة نت إنه لا يستبعد أن يكون حضور سيف الإسلام البارز تحضيرا مرحليا لانتقال السلطة “حتى تضبيط الأمور”, بحيث يقدم نجل القائد الليبي ليتعود الناس عليه.

 

ويلاحظ بن الطيب أن الدبلوماسية التي يتعاطى بها سيف الإسلام مع الغرب ذات سقف عال, لكن هذا الغرب –كما يقول- يبحث في نهاية الأمر عن مصالحه ولا تهمه الإصلاحات الداخلية ما دامت العلاقات الاقتصادية مع ليبيا تسير على ما يرام.

 

فتح المنابر الذي تحدث عنه سيف الإسلام في أغسطس/آب الماضي تلاه في 1 سبتمبر/أيلول الجاري قرار بإنشاء محكمة خاصة بأمن الدولة ونيابة أمن الدولة, وورد في قرار إنشاء المحكمة بأن من اختصاصتها حماية الثورة والعمل بقانون تجريم الحزبية.

 

أقل سوءا

غير أن ابن الطيب لا يرى الإشكال في المحكمة لكن في حزمة القوانين غير الدستورية –وإن لم يكن هناك دستور في ليبيا- ويقول إنه يرى إنشاءها “أقل سوءا”, لأنها على الأقل تلغي المحاكم التخصصية –التي عوضت محكمة الشعب الاستثنائية- التي كانت تنظر في جرائم يحيلها عليها النائب العام.

 

كل الجهات الرسمية أو شبه الرسمية التي من شأنها تقديم تفسير لغياب الزعيم الليبي لم تستطع الجزيرة نت الوصول إليها رغم المحاولات العديدة, وكانت أغلب هواتف أصحابها ترن دون رد, ومن ردوا لم يعيدوا الاتصال كما وعدوا.

 

في الذكرى الـ38 للثورة, بثت وسائل الإعلام الليبية “قصة الثورة” كما كتبها العقيد, لكن هذه المرة في غيابه, دون أي تفسير لهذا الغياب, الذي قد يكون مؤشرا على تغير مرحلي, لكنه قد يكون أيضا –في غياب مفاتيح حقيقية لمعرفة ما يجري في الداخل الليبي- مجرد مزاجيةُ من معمر القذافي قد لا يترتب عليها بالضرورة أي شيء.

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 3 سبتمبر 2007)


مسلمو السويد يحاولون منع التصعيد بشأن رسم النبي محمد

 

ستوكهولم ـ ا ف ب: ذكرت الصحف السويدية الاحد ان المنظمات الاسلامية الكبري في السويد تسعي لمنع حصول تصعيد بعد قيام صحيفة سويدية بنشر رسم كاريكاتوري للنبي محمد.

وكتبت صحيفة سفنسكا داغبلادت ان مجلس مسلمي السويد والرابطة الاسلامية في السويد شكلا خلية ازمة مشتركة لتجنب نشوب ازمة عالمية جديدة شبيهة بالازمة التي وقعت قبل حوالي سنتين اثر نشر صحيفة دنماركية رسوما كاريكاتورية عن النبي محمد.

ونددت ايران وباكستان ومنظمة المؤتمر الاسلامي ورجال دين افغان بشدة هذا الاسبوع بنشر رسم كاريكاتوري في 18 اب (اغسطس) في صحيفة نيريكيس اليهندا المحلية يصور الرسول مع جسم كلب.

واحرق مسلمون في باكستان الجمعة العلم السويدي ودمية تمثل رئيس الوزراء فريدريك راينفلد، علي ما ذكرت وسائل الاعلام السويدية.

وقالت رئيسة مجلس مسلمي السويد هيلينا بن عودة لصحيفة سفنسكا داغبلادت اننا نواجه هذه المسألة علي انها مسألة محلية يترتب علينا تسويتها في السويد .

كذلك تسعي منظمات شبابية اسلامية سويدية الي التهدئة.

وذكرت الصحيفة ان راينفلد عبر عن امتنانه للجهود الذي يبذلها مسلمو السويد، بعد ان كان شدد الجمعة علي اهمية ان تكون السويد بلدا يمكن فيه للمسلمين والمسيحيين (..) ان يتعايشوا في اجواء من الاحترام المتبادل ، مدافعا في الوقت نفسه عن حرية التعبير التي ينص عليها دستورنا .

وتأتي هذه القضية بعد سنتين من ازمة الرسوم الكاريكاتورية عن النبي محمد التي نشرت في ايلول (سبتمبر) 2005 في صحيفة يلاندس بوستن الدنماركــــية واثارت موجة احتجاجات وتظاهــــرات عنيفة عمت العالم الاسلامي طــــوال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) 2006 وتسببت بمقاطعة المنتــجات الدنماركية.

وتم احراق اعلام دنماركية ومهاجمة بعثات دبلوماسية ونهبها.

 

(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2007)


تراجع دور العسكر في تركيا حصاد النخبة العلمانية: الذين استحوا ماتوا

محمد صادق الحسيني (*)

 

رغم ان المراقب للحدث التركي الكبير منذ مدة يلحظ بوضوح تراجع دور العسكر في هذا البلد التاريخي العريق رغما عن انفه وتقدم تيار انصار الهويات المدنية والشعبية المدنية بالمقابل ممن يحسبون علي الاسلاميين بشكل عام.

 

ويكاد الامر نفسه يحصل قريبا او يقترب من ملامسة نفس الحقيقة المشار اليها، علي التراب الباكستاني ايضا مع اختلاف الظروف والحيثيات.

 

وهو الامر الذي تعيش مخاضاته اكثر من عاصمة عربية او اسلامية اذا ما تابعنا مجموع التطورات المتلاحقة بتأمل وتأن عميقين.

 

ولكنني مع ذلك وانا اتابع تطورات الاحداث العامة من زاوية اخري في امصار بلادي من الوطن العربي الكبير والعالم الاسلامي الأكبر من طنجة الي جاكرتا، نعم بلادي في هذا العالم الاسلامي لمن قد يكون مستغربا وهو يقرأ مثل هذه اللغة في هذه الايام الغريبة علي الامة وهي تلحظ تململات جنرالاتها اللابسين للملابس العسكرية منهم و المدنيين علي حد سواء ومعهم عساكر الخارج من النوعين ايضا وهم يتباكون علي الديمقراطية مرة والحريات مرة اخري وعلي حقوق الانسان دوما.واخيرا وليس آخرا علي العلمانية والنظام العلماني وعملية سلام الشرق الاوسط الموهومة والمصطنعة.

 

لا يسعني هنا الا ان استذكر ذلك القول الشهير لاحدهم اذ قال: اذا رأيت الحكام علي ابواب العلماء فقل نعم الحكام ونعم العلماء واذا رأيت العلماء علي ابواب الحكام فقل بئس الحكام وبئس العلماء !

 

والمعنيون اليوم بهذا القول اكثر من غيرهم البتة هم تلك الفئة البائسة من المثقفين الذين يطلق عليهم تعديا وتجاوزا بـ النخبة والتي لا هم ولا غم لها الا الاعتداء علي مشاعر جمهور الامة في كل شيء وفي كل باب وعلي كل المستويات ولا يراعون في ذلك تلك الكتل الجماهيرية الكبري من الناس لا في مشاعرهم ولا في احاسيسهم ولا في معتقداتهم. بعد ان اصبح المهم لديهم مراعاة ذلك الحاكم الظالم لشعبه او المستبد برأيه ومداراته وتسويق حاجاته في سوق البيع والشراء لاسهم البورصة او سوق النفط العالمي او سوق النفايات من الفن الهابط والمفاهيم والمقولات التافهة في فضائيات ستار اكاديمي والخلع لكل اشكال الهوية الثقافية والدينية والمحلية والوطنية واستبدالها بهويات عولمية راقية وتقدمية ومن ثم الضرب من تحت الزنار كما يقال لكل من او ما هو رمز لهذه الامة، نعم الامة بكل ما تعني كلمة الامة في ضمير ووجدان الناس من الكتل الجماهيرية الكبري وتحطيم صورة المقدس في المشهد العام بحجة ان لا مقدس في عالم الواقعية السياسية والفكرية الجديد الذي يلف العالم المعاصر، لكن سرعان ما يتم استبداله بكل ما هو قادم من الخارج المعلوم بحجة انه البديل الواقعي والوحيد المتاح. ويصبح هو المقدس الذي لا يقبل النقد ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والعياذ بالله!

 

والا ما معني ان تصبح قضية فلسطين بنظر هؤلاء بين ليلة وضحاها هامشية وطوباوية ومعكرة المزاج التصالحي الشرق اوسطي؟!

 

او ما معني ان تصبح الوحدة العربية والفكر العروبي حلما رجعيا يعكر المزاج السياسي العام لمدرسة الحداثة والعلمانية التقدمية التي ترفض التقوقع علي الذات؟!

 

او ما معني الترويج بان عالم القيم الدينية والاعراف والتقاليد والتراث هو عالم لا يصلح لزماننا الراهن الذي تجاوز عصر الايديولوجيات؟!

 

اليس هذا مقدمة يراد من ورائها تهيئة الاجواء لضرب فكر المقاومة والممانعة ومن ثم تشويه صورة المقاومين والممانعين في اعين العامة من الناس واظهارهم وكأنهم هم العقبة امام تقدم هذه الامة؟!

ومن ثم تصبح هذه النخبة من بطانة الحاكم المستبد والظالم هي العربة التي يراد لها ان تعيد العسكر الي سابق مجده!

 

ومن ثم يصبح السيد حسن نصر الله هو العقبة امام الحل الداخلي اللبناني وهو من يصادر قراره وتصوروا لصالح من؟ لصالح دمشق وطهران كما يروجون صباح مساء، من اجل حرف الانظار عن حقيقة من يمعنون يوميا في مصادرة قراره لصالح امريكا وسائر القوي العظمي المنحازة لاسرائيل وان عليه، اي علي نصر الله ان يعيده الي اهله! ومنذ متي اصبح الشاميون العرب الاقحاح والمسلمون الايرانيون العائدون الي هويتهم الحضارية المشتركة مع العرب اغرابا يعرضون استقلال لبنان للخطر وينزعون المواطنة والوطنية عن كل من يتضامنون معه فيما يصبح الاجنبي المستعمر القادم من وراء البحار هو الذي يوزع شهادات الوطنية والمواطنة ويصبح المجتمعون تحت راية كوندوليزا رايس في عوكر اثناء قصف القنابل الذكية الامريكية للبيوت اللبنانية وهي تتألم من اجل ولادة شرق اوسط جديد من خلال بقر بطون الامهات الشهيدات في قانا، هم السياديون والاستقلاليون واللبنانيون الحقيقيون؟!

 

وحتي تكتمل الصورة المدهشة واللوحة البديعة فلا بد من تشويه صورة البلد العربي العريق والممانع والمتصدي لمحاولات زرع الشقاق والنفاق بين الاقوام والاعراق والطوائف والمذاهب مبكرا عندما ادان الحرب الصدامية علي الايرانيين ليصور اليوم بانه الاداة الطيعة بيد الايرانيين وانه المرتهنة ارادته لهم علي حساب ارادة العرب البتة! ومن ثم يصبح الايرانيون هم الخطر الحقيقي الذي يهدد الامة العربية والامن القومي العربي وهم المخربون لعملية المزاج التصالحي الشرق اوسطي مع الدولة العبرية التي جنحت للسلام وما تزال لولا هذا التحالف الشرير من غزة الي بيروت الي دمشق وصولا الي طهران التي يصفها المحافظون الجدد اليوم بكل صلافة بانها المصرف المركزي للارهاب ورأس الحية في المنطقة!

 

 

ومن ثم يصبح الحماسيون والجهاديون والفتحاويون الشرفاء مجرد ادوات اولئك الذين يهددون الامن القومي العربي و عملاء ليس اكثر لايران! ومن بعد ذلك يتحفك اولئك النخبة بمزيد من التحشيش الفكري الخبيث عندما يقولون لك وما معني ان تتضامن ايران او غير ايران مع قضية اكل الدهر عليها وشرب ! وما دخل ايران وغير ايران من الاغراب اصلا في قضية هي ملك الفلسطينيين وهم احرار في التصرف بها وهل تريد ايران او غير ايران ان تكون ملكية اكثر من الملك نفسه كما يقول المثل.

 

وهكذا يصبح احمدي نجاد رجلا طوباويا و مجنونا وخطرا يهدد الامن الدولي، لانه يناقش المسألة اليهودية ويطالب الاوروبيين في ايجاد الحل لها علي ارضهم وليس علي اراضي وحساب الغير ويتهم بانه يريد شطب دولة من الخريطة في الوقت الذي قاموا هم بارتكاب جريمة العصر بشطبهم شعب وامة من الخـــريطة منذ مـــا يزيد علي نصف قرن بطريقة حرب الابادة الشامـــلة ولا يزالون مصرين علي الاستمرار في فعلتهم النكراء.

 

وعندما يريد ان يتصدي لهم نصر الله وامثال نصر الله من العرب والمسلمين يصبحون هم المعتدين وهم الاغراب وهم الطارئين ومن قبل من؟ من قبل اناس من ابناء جلدتنا باسم التقدمية والعالم الحر والمتمدن! ممن يحسبون علي النخبة المشار اليها ليبعث فريقا منه الي بيروت عاصمة الوفاء للمقاومة والمقاومين ليعقد مؤتمرا صحافيا يراد منه ادانة المقاومة ويطالب بالتحقيق مع شخصيات من حزب الله لانهم اعتدوا علي اسرائيليين وتسببوا في ايذائهم، والله صدق المثل القائل: اللي استحوا ماتوا وفهمكم كفاية!

 

(*) كاتب إيراني

 

(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2007)

 

 


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.